مهارات القرن الحادي والعشرين لدى المعلم بين الإعداد وسوق العمل
21st Century Skills for Teachers: Preparation and Job Market
Hanadi Ahmad AlShafee هنادي أحمد الشّافعي([1])
تاريخ الإرسال:14-8-2024 تاريخ القبول: 30-8-2024
تحميل نسخة PDF
المستخلص
يهدف الجزء الثاني[2] من هذا البحث إلى التّعرّف بأثر متغيّرات الجنس، وسنوات الخبرة والمؤهل العلمي على توافر مهارات القرن الحادي والعشرين إضافةً إلى المهارات المكتسبة خلال مدّة الإعداد، وأثناء الخدمة لدى عيّنة من المعلمين في مجموعة من المدارس الخاصّة في لبنان، وذلك من وجهة نظر المعلم نفسه ومن وجهة نظر مشرفي ومشرفات المواد التّعليميّة. وقد تألفت عيّنة البحث من 355 معلمًا ومعلمة ومن سبعة مشرفًا، ومشرفة للمواد التّعليميّة المختلفة في مجموعة من المدارس الخاصّة، والرسميّة في لبنان خلال الفصل الأول من العام الدراسي 2023-2024. ولتحقيق أهداف البحث، اعتُمِد على المنهج الوصفي التّحليلي، وصممت استبانة مكونة من 48 فقرة موزعة على محورين. وقد أظهرت نتائج البحث أنّ الدرجة الكليّة لمتوسطات تقدير أفراد عيّنة الدّراسة من معلمين ومعلمات لمهارات القرن الحادي والعشرين، أتت بدرجة كبيرة جدًا بمتوسط حسابي (3.4313) وبانحراف معياري (0.33). وتبيّن وجود فروق ذات دلالة إحصائيّة تعود لمتغيّر الجنس على درجة توافر مهارات التعلّم والإبداع، وهو لصالح الذكور. ولم تظهر وجود فروق ذات دلالة إحصائيّة عند مستوى 0.05، بالنّسبة إلى درجة توافر المهارات التكنولوجيّة والمعلوماتيّة والمهارات الحياتيّة، والمهنيّة ومهارات القرن الحادي والعشرين ككل تعزى لمتغيّر الجنس (الذكور- الإناث). ولم تظهر أيّة فروق دالة إحصائيًا عند مستوى دلالة 0.05 في مدى توافر مهارات التعلّم والإبداع، والمهارات التكنولوجيّة والمعلوماتيّة، والمهارات الحياتيّة والمهنيّة، ومهارات القرن الحادي والعشرين جميعها باختلاف سنوات الخبرة أو المؤهل العلمي. بينما يشير المشرفون إلى وجود فروق النسبة إلى مدى توافر مهارات القرن الحادي والعشرين تعود لصالح المعلمين الأكثر خبرة؛ ما عدا المهارات التكنولوجيّة التي تتوافر أكثر لدى المعلم الجديد، ولكن يتفوق المعلم الخبير في توظيفه الأنسب لهذه المهارات. كما أكّد المشرفون وجود فروق في مدى امتلاك المعلمين لمهارات التعلّم والإبداع تعود لصالح حملة الدّبلوم التّعليمي أو خريجي كليات الإعداد التّربوي.
الكلمات المفتاحيّة: الإعداد التربوي، مهارات القرن الحادي والعشرين، المشرف التّربوي، الإعداد التّربوي.
Abstract
This study aims to identify the level of twenty-first-century skills among a sample of teachers in private and public schools in Lebanon, considering variables such as gender, educational qualifications, and years of experience. The researcher used a descriptive-analytical approach to achieve the study objectives, designing a questionnaire distributed to 355 teachers and analyzing the collected data using the Statistical Package for the Social Sciences (SPSS). Moreover, seven academic supervisors were interviewed to gather their perspectives on the level of twenty-first-century skills of teachers.
The results showed that the total averages estimated by teachers for 21st-century skills were very high, with a mean of (3.4313) and a standard deviation of (0.33). Statistically significant differences were found due to the gender in the level of learning and creativity skills in favor of the males. However, no statistically significant differences were found at the (0.05) level for the overall level of the twenty-first-century skills, information media and technology skills, and life and career skills, attributed to gender, years of experience or educational qualification.
In contrast, the academic supervisors indicated that there were differences in the level of 21st-century skills in favor of teachers with higher experience, except for information media and technology skills, which were more available among new teachers. However, the experienced teacher excelled in the appropriate utilization of these skills. Supervisors also confirmed the presence of differences in the level of learning and creativity skills in favor holders of the education diploma degree or graduates of educational preparation institutes.
Keywords: Teachers, Twenty-First Century Skills, Academic Supervisor, pedagogical preparation.
المقدّمة
فرضت التغيّرات والتّطوّرات العالميّة منها والمحليّة مسؤولياتٍ كبيرة وجديدة على صعيد تنمية الموارد البشريّة وذلك بهدف إعداد أفرادٍ يمتلكون المهارات والكفايات اللازمة لمواجهة تحديّات الحياة والمجتمع، وهنا تأتي مسؤوليّة النظم التّربوية المسؤولة عن إعداد الأفراد وتسليحهم بالمهارات والكفايات اللازمة. وكانت قد أشارت العديد من الدّراسات إلى أنّ مهارات القرن الحادي والعشرين هي مفتاح النّجاح في التّعليم والعمل. فمهارات القرن الحادي والعشرين من المهارات الأساسيّة التي تمكن الفرد، والمجتمع من النهوض ومواكبة التّطوّرات العالمية وتحديّات القرن (العدواني، الصلاحي، و الفقيه، 2022). ويعتمد إكساب الطلبة للمهارات والمعارف على وجود معلمٍ مؤهلٍ ومعد إعدادًا جيّدًا ومتسلحًا بالمهارات اللازمة ليصار إلى إكسابها للجيل الحالي (القواس و المنصوري ، 2020). وتعود أهمّيّة مهارات القرن الحادي والعشرين إلى عدّة أمور ولعلّ أبرزها (الحربي و الجبر، 2016): تمكين الأفراد من المساهمة في عالم العمل والمشاركة الفعّالة في المجتمع، فهم المواد التّعليميّة وربطها ببعضها لبناء أفكار جديدة، القدرة على استخدام أدوات المعرفة والتّقنيّة لمواصلة التعلّم مدى الحياة، القدرة على العيش في النظام العالمي المفتوح من خلال اكتساب مهارات التّفكير الإيجابي في التعامل مع الآخرين.
وقد ظهرت عدّة أطر لتحديد وتصنيف مهارات القرن الحادي والعشرين، إذ صُنِّف المهارات ضمن إطار الشراكة من أجل مهارات القرن الحادي والعشرين، وهو الإطار الأكثر استخدامًا في البحوث التّربويّة، كما يلي ((P21), 2017):
- مهارات التعلم والابتكارInnovative Skills : هي مجموعة المهارات التي يطلق عليها 4Cs وهي: الإبداع والابتكار، التفكير الناقد وحل المشكلات، التواصل، التعاون والمشاركة.
- مهارات المعلومات والمهارات التكنولوجية والإعلامية Information Media and Technology Skills: وتعني القدرة على صنع المعلومات وتقييمها وتوظيفها من خلال المعرفة بعلم المعلومات والإعلام وتقنية المعلومات والاتصالات.
- المهارات الحياتيّة والمهنيّة Life and Career Skills: وهي المهارات التي تتعلق بمهارات التّفكير والكفاءة للتّعامل في مختلف بيئات العمل والحياة وتشمل المبادرة وتوجيه الذات، المهارات الاجتماعيّة والبين ثقافيّة، الإنتاجيّة والمحاسبيّة، القيادة والمسؤوليّة.
- المحتوى المعرفي: وهي مجموعة من العلوم الأساسية التي يجب اتقانها لتكون وسطًا وجزءًا من المهارات وتشمل فنون اللغة، لغات العالم، الفنون، الرياضيات، الاقتصاد، العلوم، الجغرافيا، التاريخ، الحكومة والتّربيّة المدنية.
فإلى أيّ مدى تتناسب كفايات المعلم مع احتياجات المؤسسات التّربويّة المحليّة وتحديّات القرن الحالي؟ وإلى أيّ مدى ساهمت برامج إعداد المعلم في إكساب المعلم للمهارات والكفايات الضروريّة لبناء أجيال القرن؟ وهل يجري إعداد برامج التدريب المستمر بناءً على تلك الكفايات؟ وهل يكون تقييم هذه الكفايات ومراجعتها بشكلٍ دوريّ خاصّة بعد الأزمات المتلاحقة على لبنان؟ مشكلة البحث وأسئلته: في مواجهة التّغيّرات والتّحديّات العالميّة جميعها، وأبرزها جائحة كوفيد-19، كان على المعلمين في أنحاء العالم جميعه أن يناضلوا لمساعدة طلابهم على الإبحار في عالم التعلّم من بُعد، وكان ذلك غالبًا من دون توجيهٍ أو تدريبٍ أو دعمٍ نفسي أو تقني أو تربوي. وقد تأثّر بالأزمة المتعلّمون جميعهم في المراحل التّعليميّة كافّة ومنهم معلمو المستقبل، فالطلبة المعلمون هم من بين المتعلمين المتأثرين بإغلاق المدارس والجامعات، إذ لم يفقدوا فقط الوصول إلى الدّروس التّعليميّة وجهًا لوجه والإشراف الشّخصي في كليّات إعداد المعلمين، ولكن أيضًا لخبرة التّدريب العملي في الصف الدّراسي الحضوري وهذا ما قد يهدد بتفاقم النّقص العالمي الحالي في المعلمين المؤهلين في المستقبل (UNESCO, 2020, p. 1). فقبل الأزمة، كان العالم يواجه نقصًا في المعلمين المؤهلين والمدربين، وبعد الأزمة، كان ضخ آلاف المعلمين بكفايات متدنيّة أو بإعداد وتدريب سريعين. وفي ظل هذه التحديات والتّطورات برزت تساؤلات حول مدى توافر المهارات، والمعارف والكفايات لدى المعلم للتصديّ لهذه الأزمات ولجني ثمار التعليم في عالم اليوم والغد. لذا جاءت هذه الدّراسة للتّعرّف إلى أبرز المهارات التي يمتلكها المعلمون، مدى ملاءمتها مع حاجات المؤسسات التّعليميّة وسوق العمل، مما قد يساهم البحث في تطوير برامج الإعداد التّربويّ للمعلم بناءً على احتياجات سوق العمل والتّطورات العالميّة.
أسئلة البحث: وفي ضوء ما سبق يمكن صياغة مشكلة البحث في السؤال الرئيس الآتي:
ما درجة توافر مهارات القرن الحادي والعشرين لدى معلمي المدارس الخاصّة في لبنان من وجهة نظر المعلمين أنفسهم ومشرفي المواد التّعليميّة؟
ويتفرع من هذا السؤال الأسئلة الفرعيّة الآتية:
- ما هي أبرز مهارات القرن الحادي والعشرين التي يمتلكها المعلمون؟ وما هي المهارات التي يجب اكتسابها؟
- ما أثر متغيّر الجنس، والمؤهل العلمي، وسنوات الخبرة على درجة توافر مهارات القرن الحادي والعشرين لدى المعلمين؟
- إلى أي مدى تتناسب مهارات المعلّم مع ما تتطلبه المؤسسات التّعليميّة وسوق العمل؟
وبما أنّه نُشِرت نتائج السؤال الأوّل في مقالٍ سابق (العدد الحادي والثلاثون- أيار 2024) سنكتفي في هذا المقال بعرض نتائج ومناقشة السؤال الفرعي الثاني والثالث من البحث.
أهداف البحث: يسعى هذا البحث إلى التّعرّف بمدى توافر مهارات القرن الحادي والعشرين، والتّعرّف على أثر متغيّر العمر والجنس وسنوات الخبرة على تلك المهارات من وجهة نظر المعلم نفسه، ومن وجهة نظر مشرفي المواد التّعليميّة في مجموعة من المدارس الرسميّة والخاصّة. كما سعى البحث إلى التّعرّف بالمهارات المكتسبة من برامج الإعداد التربوي ومُتطلبات سوق العمل أو المؤسسات التربوية من المهارات لدى المعلم.
أهمية البحث: يكتسب البحث أهميته من أهمية مهارات القرن الحادي والعشرين في مجال التّربيّة والتّعليم وفي إعداد المعلم، إضافةً إلى قلّة الدّراسات التي تناولت مهارات القرن الحادي والعشرين في لبنان حسب علم الباحثة وذلك بعد الاطلاع على المقالات، والأبحاث المنشورة في المجالات المحكمة والمواقع المختلفة كموقع شمعة وgoogle Scholar وبعض مواقع الجامعات كجامعة القديس يوسف، إضافةً إلى المؤتمرات ورسائل الماجستير وأطروحات الدكتوراه المنشورة وغير المنشورة خلال السنوات الخمس الماضية، ويُؤمل أن يساهم البحث في سد ثغرة في مجال البحث التربوي ويفتح مجالًا أمام الباحثين لإجراء بحوثٍ ودراسات متعلقة بموضوع الدّراسة.
ويحدد البحث درجة توافر مهارات القرن الحادي والعشرين لدى المعلمين من وجهة نظر المعلم نفسه والمشرف التربوي، ما قد يساهم في التّعرّف إلى ما يتطلبّه سوق العمل أو المؤسسات التّربويّة، وقد يُساهم أيضًا في توجيه اهتمام القائمين على برامج الإعداد الجامعي للمعلم إلى أهمية التركيز على صقل تلك المهارات قبل مزاولة المهنة، إضافةً إلى توجيه برامج التدريب المستمر لرفع مستوى اكتساب تلك المهارات خلال مدّة الخدمة.
حدود البحث :يقتصر البحث على الحدود الآتية:
الحدود الموضوعية: اقتصر البحث على التّعرّف بمدى توافر مهارات القرن الحادي والعشرين لدى المعلم ومُتطلبات المؤسسات التّربوية، أو سوق العمل في لبنان من وجهة نظر مجموعة من المعلمين ومن مشرفي المواد التّعليميّة المختلفة. كما كان التّعرّف إلى أثر متغيّر الجنس، والمؤهل العلمي، وسنوات الخبرة على درجة توافر مهارات القرن الحادي والعشرين لدى المعلمين.
الحدود البشريّة: اقتصر البحث على عيّنة عشوائية من 355 معلم/ة من مختلف المناطق اللبنانية إضافةً إلى سبعة مشرفين لمواد تعليميّة في مجموعة من المدارس الخاصّة التي تعتمد مناهج تربويّة متنوعة.
الحدود الزّمانيّة: طُبِّق البحث خلال الفصل الأول من العام الدراسي 2023-2024.
الحدود الجغرافيّة (المكانيّة): طُبِّق البحث على مجموعة من المدارس الخاصّة من مختلف المحافظات اللبنانيّة.
التّعريفات الاصطلاحيّة:عُرفت مصطلحات البحث تعريفًا اصطلاحيًا وإجرائيًا على النحو الآتي:
مهارات القرن الحادي والعشرين: مهارات القرن الحادي والعشرين ثلاث مجموعات من المهارات المطلوبة في القرن الحادي والعشرين وهي: مهارات التعلّم والابتكار، ومهارات تقنية المعلومات والاتصالات والمهارات المطلوبة للعمل ومُتطلبات الحياة (Trilling & Fadel, 2009, p. 48). وتُعرّف مهارات القرن الحادي والعشرين إجرائيًّا أنّها مجموعة من المهارات التي تساهم في إعداد المعلم القادر وتكوينه على مواكبة متغيرات، وتحديات القرن الحادي والعشرين من أجل النجاح في العمليّة التّعليميّة التعلميّة.
المشرف التّربوي: هو المعلم الذي يشرف على مجموعة من المعلمين، والمعلمات وفاقًا لاختصاصهم العلمي وذلك بهدف مساعدة المعلمين على تطوير أدائهم المهني ومهاراتهم التّعليميّة والتّربويّة.
الدّراسات السّابقة: نظرًا لأهمية مهارات القرن الحادي والعشرين، فقد أجريت العديد من الدّراسات التي اهتمت بتلك المهارات لدى المعلمين، ومن خلال الاطلاع على هذه الدّراسات تبيّن أنّها تمحورت حول مرحلة الإعداد الجامعيّ للمعلم في ظل مهارات القرن الحادي والعشرين، ودور كليات التّربيّة في تنمية هذه المهارات ومدى امتلاك المعلمين الطلبة لتلك المهارات كدراسة المقيميّة وآخرون (2022) ودراسة البحراوي (2015). وتركزت دراسات أخرى حول تقويم أداء المعلم في ضوء مهارات القرن كدراسة الحطيبي (2018)،)، ودراسة العبدالله (2021). وهناك العديد من الدّراسات التي اهتمت بقياس مدى امتلاك المعلمين لمهارات القرن منها دراسة الحويان وآخرون (2023)، ودراسة العدواني وآخرون (2022) ودراسة الرواضيّه (2021) ودراسة الجابريّة وشحات (2021) ودراسة الفيفي (2020) وغيرها. كما لا بُدّ من الإشارة إلى أنّ هناك العديد من الدّراسات التي تناولت درجة تضمين مهارات القرن الحادي والعشرين في المناهج، والمقررات الجامعيّة كدراسة الحارثي (2020)، أو المناهج المدرسيّة كدراسة المحيميد وآخرون (2021). هذا التنوّع في الدّراسات يشير إلى أهمية مهارات القرن الحادي والعشرين، ولكن هذا البحث اقتصر على الدّراسات التي تناولت مهارات القرن الحادي والعشرين لدى المعلم أثناء الإعداد وأثناء الخدمة، فيما يلي بعضٌ من هذه الدّراسات.
دراسات حول الإعداد الجامعي ومهارات القرن الحادي والعشرين
ونظرًا لأهمية برامج الإعداد التربوي كأحد ركائز تكوين المعلم المهمّة، كان من الأولى المساهمة في تضمينها مهارات القرن الحادي والعشرين، فقد أكدت الدّراسات ضرورة إعداد المعلمين الطلبة وفاقًا لمهارات القرن وذلك لولوج عصر المعرفة. ولكشف كيفيّة إعداد المعلم في ظل تحديات القرن الحادي والعشرين، أُعدت دراسة مخزوم وعجمي (2022) عن الدور الذي يؤديه المعلم في إكساب الطُلاب مهارات القرن الحادي والعشرين من خلال أسلوبه في التعليم من بُعد في أربعة من الجامعات الخاصّة في لبنان. واعتمدت الباحثتان على المنهج الوصفي والتّصميم التجريبي، وأُستخدم الاستبيان الذي وُزِّع على طُلاب مقرر “أخلاقيّات الأعمال والمسؤوليّة الاجتماعيّة” مرتين خلال الفصل، المرة الأولى في نهاية الأسابيع الستّ الأولى من المقرر، وقد قام المعلم بشرح الدروس بالطريقة التّقليديّة. وفي بداية الأسبوع السّابع، بدأ المعلم بشرح الدروس باستخدام الوسائل التكنولوجيّة والعصف الذّهني وإعطاء أمثلة من واقع الحياة الاجتماعيّة والبيئيّة، وفي نهاية المقرر أُعيد توزيع الاستبيان على الطلاب. وبينت نتائج الدّراسة أن أسلوب التعليم يؤثر على تنمية مهارات القرن الحادي والعشرين لدى المتعلمين، وأنّ أسلوب المعلم الحديث يرفع من نسبة اكتساب الطلاب للمهارات (مخزوم وعجمي، 2022). ولرصد “آليات تضمين مهارات القرن الحادي والعشرين في برامج الإعداد التربوي للمعلم من وجهة نظر أعضاء هيئة التدريس”، أتت دراسة الحارثي (2020) لتحديد مهارات القرن الحادي والعشرين المهمّة التي يمكن تضمينها في برامج الإعداد التّربوي للمعلم. كما حددت الدّراسة آليات مقترحة وواقع لتضمين هذه المهارات في برامج الإعداد التّربوي للمعلم. وقد استخدم الباحث الاستبانة التي تكوّن من 7 مهارات و42 مهارة فرعيّة. وتألفت عيّنة البحث من 73 عضوًا من أعضاء هيئة التدريس في كليّة التّربيّة في جامعة الملك خالد في أبها. وقد أظهرت النتائج أن المهارات جميعها مهمة بدرجةٍ كبيرةٍ وأنّ أهمها هي: التّمكن من الثقافة المعلوماتيّة، ومهارات فهم الثقافات المتعددة. أمّا المهارات الأكثر توافرًا فهي مهارات الاتصال والتّشاركيّة ومهارات فهم الثقافات المتعددة، بينما الأقل توافرًا فهي مهارات الابتكار والإبداع ومهارات التمكن من الثقافة الإعلاميّة. أمّا دراسة البحراوي (2015) فقد هدفت إلى التّعرّف بدرجة امتلاك الطلاب المعلمين الذين يدرسون في كليّة التّربيّة للمعايير المهنيّة في ضوء مهارات القرن الحادي والعشرين، وكشف الفروق ذات الدّلالة الإحصائيّة بالنسبة إلى بعض المتغيّرات كالجنس والصّف الدّراسي والتّخصص العلمي. وقسّم الباحث معايير الأداء المهني في ضوء مهارات القرن الحادي والعشرين للطالب المعلم إلى خمسة محاور وهي: معايير الأداء المهني الخاصّة بالتّفكير النّاقد وحلّ المشكلات، ومعايير الأداء المهني الخاصّة بالإبداع والابتكار، ومعايير الأداء المهني الخاصّة بالتعاون والعمل في فريق، ومعايير الأداء المهني الخاصّة بالحوسبة ونقل المعلومات ومعايير الأداء المهني الخاصّة بالتعلّم المعتمد على الذات. وتمّ استخدام المنهج الوصفي التّحليلي، وقد شملت عينة البحث 179 طالبًا وطالبة من قسم التّعليم الأساسي بكلية التّربيّة، والعلوم بجامعة القصيم في المملكة العربيّة السّعودية واستخدمت الاستبانة كأداة للبحث. وقد تبيّن توافر معايير الأداء المهني المتعلقة بالتّفكير الناقد وحلّ المشكلات والإبداع والابتكار والتّعاون، والعمل في فريق والتعلم المعتمد على الذات بدرجة عالية لدى الطلاب المعلمين. بينما أتت مدى توافر معايير الحوسبة ونقل المعلومات بدرجة متوسطة. وفي دراسة المقيميّة وآخرون للتّعرف إلى مستوى اكتساب طلبة مؤسسات التعليم العالي لمهارات القرن الحادي والعشرين في سلطنة عمان من وجهة نظرهم أنفسهم، استخدم الباحثون استمارة الكترونيّة وجهت لعينة من 101 طالبًا وطالبةً. وقد تبيّن تقييم الطلبة لمستوى اكتسابهم لمهارات القرن بدرجة كبيرة في مختلف الاختصاصات العلميّة في الجامعات الخاصّة والحكوميّة (المقيمية، المغيرية، و البوسعيدي، 2022).
دراسات حول امتلاك المعلمين لمهارات القرن الحادي والعشرين
وانتقالًا إلى درجة امتلاك مهارات القرن الحادي والعشرين لدى المعلم، فقد تعددت الدّراسات بهذا المجال، ففي لبنان أجريت دراسة حيدر (2022) التي هدفت إلى معرفة مدى ممارسة معلّمي مادة الكيمياء في المرحلة الثانوية لمهارات القرن الحادي والعشرين في محافظة جبل لبنان، وللتحقق من هذا الهدف استخدمت الباحثة الاستمارة كأداة للدراسة، وتكوّنت عيّنة البحث من 155 معلّمًا ومعلّمة من الثانويات الرّسمية. كما استخدمت الباحثة أداة المشاهدة الصفيّة لعيّنة من 9 معلمين للوقوف على دور الطرق التّعليميّة في تنمية مهارات التفكير النّاقد لدى المتعلمين، ثمّ أُجري اختبار واطسون العالمي لقياس التّفكير النّقدي لدى 299 من المتعلمين. وقد أشارت النتائج إلى ممارسة المعلمين لمهارات القرن الحادي والعشرين بدرجة متوسطة، ولم تظهر أيّة فروق ذات دلالة إحصائيّة تعزى لمتغيّر جنس المعلم وسنوات الخبرة، والمؤهل العلمي لدرجة ممارسة المعلم لمهارات التّعاون والتواصل أو مهارات التفكير النّاقد. وتبيّن وجود فروق في مدى توافر مهارات التّفكير النقدي لدى المتعلمين من خلال ممارسة المعلمين بعض الاستراتيجيّات التّعليميّة كالصّف المقلوب (حيدر، 2022).
وفي الأردن، أتت دراسة الحويان وآخرون التي هدفت إلى مدى امتلاك معلمي، ومعلمات اللغة العربيّة والرياضيات لمهارات القرن الحادي والعشرين في لواء ذبيان، وتكوّنت عيّنة الدّراسة من 250 معلمًا ومعلمة وجرى تطوير مقياس لمهارات القرن تكوّن من 33 فقرة. وأتت نتائج الدّراسة لتشير إلى أنّ درجة امتلاك مهارات القرن متوسطة وظهرت فروق دالة إحصائيًا لصالح المعلمات الإناث ولصالح معلمي مادة اللغة العربية (الحويان، الحجوج ، و العميريين، 2023). وأتت دراسة أبوهلال ومنصور (2023) في الأردن أيضًا لقياس درجة ممارسة معلمات الصفوف الثلاثة الأولى لمهارات القرن الحادي والعشرين من وجهة نظر المعلمات أنفسهم. ولتحقيق أهداف الدّراسة، استخدم الباحثون المنهج الوصفي المسحي وطُوِّرت استبانة وُزِّعت على 242 معلمة من معلمات الصّفوف الأولى في محافظة عمان. وأتت النتائج لتبيّن أنّ مهارات القرن الحادي والعشرين بدرجة مرتفعة، وأتت المهارات الحياتيّة بالمرتبة الأولى وفي المرتبة الثانية التعليم وإدارة الصف، والثالثة مهارات التفكير وحل المشكلات وفي المرتبة الرابعة والأخيرة المهارات الرّقميّة والتكنولوجيّة. وأظهرت النتائج عدم وجود فروق دالة إحصائيًا في درجة ممارسة المعلمين لمهارات القرن تعزى لمتغيرات المؤهل العلمي أو السّلطة المشرفة أو سنوات الخبرة (أبوهلال و منصور، 2023). وأشارت دراسة الرّواضيه )2021) التي هدفت إلى التعرف بمدى امتلاك المعلمين لمهارات القرن الحادي والعشرين، وعلاقتها بمدى اكتساب الطلبة لهذه المهارات في محافظة معان في المملكة الأردنيّة. وتكونت عيّنة الدّراسة من المعلمين جميعهم والبالغ عددهم 296 معلمًا ومعلمة أي بنسبة 8% من مجتمع الدّراسة. وباستخدام الدّراسات السّابقة، طوّر الباحث مقياس من 59 فقرة لقياس درجة امتلاك المعلمين لمهارات القرن الواحد والعشرين، ومقياس من 16 فقرة لقياس درجة اكتساب الطلبة لمهارات القرن الحادي والعشرين. وأكدّت النتائج أنّ المعلمين يمتلكون مهارات القرن الحادي والعشرين بدرجة مرتفعة بينما درجة اكتساب الطلبة لهذه المهارات جاءت بدرجة متوسطة. وتبين أنّ المعلمين يمتلكون مهارات الحياة والمهنة بالمرتبة الأولى، ومهارات التّعلم والابتكار بالمرتبة الثانية، ومهارات المعلومات والوسائط والتّكنولوجيا بالمرتبة الثالثة، وكانت النتائج بالترتيب نفسه بالنسبة إلى درجة اكتساب الطلبة لمهارات القرن الحادي والعشرين. وقد أكدت النتائج وجود علاقة موجبة بين امتلاك المعلم للمهارات ودرجة اكتساب الطلبة لها. أمّا في المملكة العربيّة السّعودية، هدفت دراسة الحربي والتونسي (2021) إلى معرفة مدى ممارسة المعلمات لمهارات القرن الحادي والعشرين في مقرر اللغة العربية وذلك من وجهة نظر المعلمات ومشرفات المقرر، وقد استخدمت الباحثتان استبانة مكونة من 45 فقرة، وزعت على عيّنة من 183 معلمة ومشرفة على مادة اللغة العربية. وقد أتت النتائج لتؤكد وجود مهارات القرن بدرجة مرتفعة لدى المعلمات، وأتت المهارات الحياتية بالمرتبة الأولى تلتها مهارات الإبداع والتّعلم، ثم المهارات التكنولوجيّة. وتبيّن من النتائج وجود فروق ذات دلالة إحصائيّة تُعزى لمتغيّر المسمى الوظيفي (معلم أو مشرف) لصالح المعلمات في مهارات القرن الحادي والعشرين ككل. ولم تظهر ايّة فروق دالة إحصائيًا تُعزى لمتغيّر سنوات الخدمة (الحربي و التونسي، 2021). بينما هدفت دراسة الفيفي وآخرون (2019) إلى التعرف إلى مدى امتلاك معلم الصفوف الأوليّة لمهارات القرن الحادي والعشرين والتي استُخدِم فيها المنهج الوصفي التّحليلي وا%D
التعليقات مغلقة.