عنوان البحث: تأثير الهُويّة المجتمعيّة على تنمية قضاء بعلبك
اسم الكاتب: راغدة شمص
تاريخ النشر: 13/05/2025
اسم المجلة: مجلة أوراق ثقافية
عدد المجلة: 37
تحميل البحث بصيغة PDFتأثير الهُويّة المجتمعيّة على تنمية قضاء بعلبك
The impact of community identity on the development of Baalbek District
Raghida shamas راغدة شمص([1])
تاريخ الإرسال:6-4- 2025 تاريخ القبول:20-4-2025
ملخص Turnitin: 6%
يقدم هذا المقال إطارًا منهجيًّا لدراسة انتماء السكان وهويتهم المكانيّة وانعكاساتها على التنمية المستدامة، وقد جرى تحديد الرّموز وتقييمها في أربع نقاط أساسيّة: الرّموز المعنويّة الموزعة في عنواني الشّعور بالانتماء، التجذر ، أمّا الرّموز الماديّة فهي متعددة، وقد أثّرت كلّها على حدود الهُويّة. أمّا النّقطة الرّابعة فقد تناولت تأثير تلك الرّموز على التنمية المستدامة. وبحسب النتائج التي توصلنا اليها، فقد أدّى إهمال الهُويّة وعدم المساواة وضعف الانتماء الى المنطقة، الى ضعف الرّغبة في الاستثمار إذ إنّ غياب الشّراكة الحقيقيّة، وضعف التّعاون وضعف التّحويلات بسبب تراجع التّمسك بالمنطقة، وهذا ما يدفعنا الى تأكيد خطورة تراجع الانتماء في السياسات التنموية، وهذه الخطورة يمكن تجاوزها من خلال ترسيخ الهُويّة المكانيّة، ولا بدّ من إدخال قضايا الهُويّة في المشاريع التنموية كشرط أساسي من أجل تنمية القطاعات الاقتصاديّة كافة.
كلمات المفاتيح: الهُويّة المكانيّة، الانتماء، الرّموز، الهُويّة المجتمعيّة، النزوح.
Résumé
Cet article présente un cadre méthodologique pour étudier l’appartenance de la population, l’identité spatiale et leurs implications pour le développement durable.
Les symboles ont été identifiés et évalués selon quatre points fondamentaux : les symboles moraux sont répartis sous deux rubriques : le sentiment d’appartenance et l’enracinement, tandis que les symboles matériels sont nombreux et tous ont affecté les limites de l’identité. Le quatrième point abordait l’impact de ces symboles sur le développement durable. Selon nos conclusions, La négligence de l’identité, les inégalités et le faible sentiment d’appartenance à la région ont conduit à un faible désir d’investir, en raison de l’absence de véritable partenariat, d’une faible coopération et de faibles transferts de fonds en raison du déclin de l’attachement à la région. C’est ce qui nous incite à souligner le danger du déclin du sentiment d’appartenance dans les politiques de développement. Ce danger peut être surmonté en consolidant l’identité spatiale. Les questions d’identité doivent être intégrées dans les projets de développement comme condition préalable au développement de tous les secteurs économiques.
Mots-clés: identité spatiale, appartenance, symboles, identité communautaire, déplacement

المقدمة: تتميز المنطفة بتنوع ثقاي، يقوم على علاقات وتاريخ مشترك وثقافة وروابط عائليّة وممارسات تنفحهم بثقافة السّلف، وإرث الأجداد، ما ولد شعور السّكان بالإلفة والتّعلق بالمنطقة وإنشاء شبكة من التّفاعلات الاجتماعيّة بينهم والتّماسك والتّعاون، وهذه تُحرك جذور ثابتة ومستقرة وضاربة في التاريخ ، وتُعطي هُويّة إيجابيّة من أجل تنمية المنطقة.
الإشكاليّة
– تعيش المنطقة ويلات التّهميش بسبب السياسات التنموية غير العادلة، وزيادة الفروقات التنمويّة بين المنطقة والمناطق اللبنانيّة خاصة الخدمات الأساسيّة المتدهورة في الكمّيّة النوعيّة، ما أجبر البعض على الامتعاض من انتمائهم.
– وعلى الرّغم من التّغيّرات الكثيرة التي تشهدها المنطقة في سيرورتها بفعل العولمة، والانفتاح الاقتصادي وتحويلات المهاجرين، يشعر سكان المنطقة بالإهمال بسبب تردي مجالاتها الاقتصاديّة والمجتمعيّة، والثّقافيّة وتفاقم مشاكل الزراعة وضيق فرص العمل، هذا الواقع ضعضع ثقة السّكان بالجهات المعنيّة، وزعزع انتماءهم ومنع رغبتهم في الاستثمار.
ما هي مرتكزات الانتماء وكيف يمكن تفعيلها وكيف يمكنها تعزيز التنمية المستدامة للمنطقة؟
الفرضية
– يُعدُّ تفعيل الانتماء وتمكين ارتباط السكان بمكونات المنطقة الماديّة والمعنويّة من مرتكزات تشكيل هويتهم المهمّة.
– يُعدُّ استثمار قوة الشّعور بالانتماء نقطة انطلاق للتنمية، فهو يشجع السكان على تطوير بلداتهم من خلال التّعاون والهجرة الدّائريّة وجذب التّحويلات الماليّة، والاستثمار، علمًا أن البلدات جميعها تشترك في الأهداف، وتجمعها هموم كبيرة وتحديات على الرّغم من الاختلافات الثّقافيّة بينهم.
– وتُعدُ المساواة الحجر الأساسي في نجاح السياسات التنموية وإمكانيّة تطبيق القوانين، ما يجعل من الممكن إعادة بناء هُوية جماعيّة واستعادة الفخر، والمكانة مدفوعة باستراتيجيات البلديات التنموية.
أهمية الموضوع: تُعدُّ الهُويّة المكانيّة في بعدها المجتمعي من المواضيع المهمّة، يضع مداخل لمعالجة أزمة التنمية نظرًا لتأثيرها على القضايا الرئيسة، فهي تكتسب قيمة استراتيجيّة نتيجة سيطرة رموز ماديّة ومعنويّة على فضاء المنطقة تسمح بالتّحكم العملي فيه، تمنح تلك الرّموز قيمة للمنطقة عن طريق التّرويج لها وإعطائها علامة إقليميّة، وتقوي الانتماء المكاني لها وتحقق التواصل الاجتماعي والتّرابط والتّماسك.
الهدف: معرفة العناصر التي تشكل هُوية المجتمعات المحليّة والإقليمية، وتساهم في التعبئة الاجتماعيّة والسياسيّة، معرفة مدى تمثيل المعنيين في ترسيخ الشّعور بالانتماء، تشكيل هوية جديدة لمنطقة، تحديث العوامل الثّقافيّة الأهميّة السياسيّة والتّخفيف من التّحديات الاجتماعيّة.
- منهجية العمل
1.1. تعريف: الهُويّة المكانيّة كنوع من العلاقة بين الأفراد أو المجموعات والمواقع الجغرافيّة. هذا هو ما يسميه Relph الهُويّة المكانيّة. تتراكب فيها أربعة عناصر : الإحساس والشّعور بالانتماء، التاريخ والأحداث والرّمزيّة، وعلاقات معقدة بين سكان المنطقة، فيتفاعلون ويستثمرون من أجل تنمية المنطقة (Guigou, 2002) ترتبط الهُويّة بشكل أساسي بالانتماء، وبديناميات التّفاعل بين الثقافات، وتُعدُّ رافعة ونقطة انطلاق للتنمية في المنطقة، وتتعزز الروابط بين الأماكن والسكان معًا (كالدو، 1996، ص 285 وإدوارد ريلف (1986 -1976]
منهجيّة العمل: سـأتطرق نظريًّا الى العديد من الإشكاليّات المطروحة والمرتبطة بالهُويّة وبواقع السياسات التنموية في ظل عدم الاكتراث للهوية المكانيّة على الرّغم من الصِّلة الوثيقة بها، وهو ما يحتّم علينا التقيد بمستوى التحليل، وعدم الخوض في الاستبيانات التي تتطلبها دراسة الهُويّة، انطلقنا بجملة من التفسيرات والمقاربات أهمها:
– تغير ملامح الهُويّة، تفسيرات نظرية لطبيعة العلاقة بين المكان والتنمية، ومفاهيم الهُويّة تتبع تطور مفهوم الهُويّة ومقاربتها المنهجيّة في مرحلتي القديمة والحديثة من خلال عيّنة من الدّراسات.
تتشكل الهُويّة من خلال التّفاعل بين العناصر الماديّة والعناصر غير الماديّة مثل الديناميكيات الاجتماعيّة والثّقافيّة والاقتصاديّة والسياسيّة (لينش، صورة المدينة 1960) (رالف 1976). و تُعرَّف على أنها الخصائص الفريدة التي تميز منطقة عن أخرى (لينش، صورة المدينة 1960) (رالف 1976).كما ترتبط الهُويّة المكانيّة بتاريخ المنطقة وتراثها، فتعكس ذاكرة جماعيّة وخبرة مشتركة لسكانها (زوكين 1995). (Twigger-Ros and Uzzell 1996). تشمل الهُويّة مجموعة واسعة من الخصائص الفريدة والمشتركة، يعكس التركيز على السّمات المميزة والاعتراف بمجموعة كاملة من الخصائص، وما لا شك فيه أنّ الاتجاهات الاجتماعيّة والاقتصاديّة والتأثيرات الثّقافيّة العالمية تؤدي إلى خصائص مشتركة. وفي الوقت نفسه، تؤدي العوامل المحليّة مثل التاريخ والجغرافيا والثقافة إلى عناصر فريدة تساهم في تحديد الهُويّة المكانيّة (بورديو، 1984؛ كاستيلز، 1997). وهذا يعكس التقاء الخصائص المشتركة لهوية المنطقة، والتّفاعل بين التأثيرات العالميّة والمحليّة في تنمية المنطقة. يطور السّكان شعورهم بالانتماء، بسبب عوامل مختلفة مثل التطورات الاقتصاديّة والتّحولات الثّقافيّة، وهذا يساهم في انتشار هوية المنطقة، ويجب أن تكون السياسات قابلة للتكيف ومرنة لاستيعاب هذه التغييرات (ستابس وليمون ولونجهيرست 2000).
1- اعتماد ثلاث خصائص للهوية في المنطقة: ينطلق العمل من مرتكزين:
تغيير عناصر الهُويّة بين الحداثة والتقليد
– ذاتية المنطقة: يمثل السكان مجال المنطقة الثقافي والذي يُعدُّ المرجعية ذاتية، يفرضون حقّ احترامهم في اﻻﺧﺘﻼف لجهة الأعراف والتّقاليد1996). ، (Cerutti. والمنطقة مشبعة بالمعاني والذِّكريات والهُويّات (جيرين، 2000؛ توان، 1977). تساهم ديناميكية التفاعل بين السكان والبلدات في التنمية و انشاء هُويّات متنوعة (جور وهيداري 2019) (فان إيك 2020) وتعمل كدليل لسياسات التخطيط والإدارة الحضريّة (كرسمانوفيتش 2020)
– تتغير خصوصية المكان: علاقة السكان بالمنطقة هي العنصر الأول في تحديد هوية سكان المنطقة (Raffestin ، 1977: 126). يتكرس الصّراع بين الحداثة والتّقليد فتختلف خصائص المنطقة عما كانت عليه من قبل وللحفاظ على هُوية المنطقة يتطلب الحفاظ على قيمها الأصيلة، وتعميق التنمية الحقيقيّة والارتقاء بمستوى الخدمات ولقد حُدِّدت شخصيّة المكان من تصوُرَين:
تصور غير المتحرك، تحقـق فـي الماضي، والتّصور التّاريخي والديناميكي فتكتسب الهُويّة سمات جديدة وتعدل باستمرار، وقابلة للتحول والتطور، بسبب تاريخ متجـدد وملـيء بالأحـداث.
– مسارات العناصر: دراسة الاستخدامات على مستويي الزّمان والمكان من خلال تحليل خصائص مسارات الأشياء، حيث يتغير المكان على مراحل في الشكل والحجم مع مرور الوقت، (غريغوري ، 2002 ؛ نورمان ، ريس وبويل ، 2003).
عناصر الهُويّة: ﺗﺘﻜﻮن الهُويّة من رموز وعلامات توضح خصوصيات هُوية المنطقة، تكون ملموسة وغير ملموسة ، يحملها السّكان من داخل المنطقة وخارجها، جرى اعتمادها من أجل:
– تقييم الهُويّة: تحديد منحى الهُويّة “الإيجابيّة أو السّلبيّة ذات الصلة بتنمية المنطقة، يمكن على أساسها تنظيم “نقاط القوة” أو “نقاط الضعف” لعناصر الهُويّة المكانيّة بالإضافة إلى التخطيط المتكامل للتنمية بين البلدات:
– الهُويّة تكون سلبيّة: تكون سلبية، عندما تكون صورة المنطقة مهددة بالتّدهور، تحدّ بعض السّياقات الاجتماعيّة والثّقافيّة من تطور الهُويّة الإيجابيّة، او تتطور بعض الرّموز السّلبيّة مثل الثأر، النظرة السّلبيّة وعليه تكون إمّا سلبيّة متطورة أو سلبية متلاشية أو إيجابيّة متلاشية، ( (p56,2001,others, & Pennington
– الهُويّة الإيجابيّة هي الرّموز الإيجابيّة التي تشملها الهُويّة، تكون رموز حديثة أو رموز قديمة بعضها يتطور مثل الانفتاح على المحيط والعالم، تؤدي أدوارًا في التنمية، تعزز انتماء السكان، والتّواصل الخارجي، تساهم في التّماسك الاجتماعي، (غنداني وباسند، 1982: 29) مثل النظرة الإيجابيّة التي تساعد على النّمو والتّوسع والنجاح. يعتمد السكان على هُوية أكثر من هُوية أخرى.
– مصفوفة الخصائص والرّموز: تتضمن معايير المشهدالاجتماعي والثقافي والتي تعبر عن الهُويّة تكون في نموذجين:
أ- وضع المعايير التي تحدد هوية المنطقة، وتحديد أهميتها تبعًا لمكان الإقامة أو التّردد عليه.
ب- آلية العمل: تصنيف العناصر والمفرادات، ثم تحديد طريقة المدخلات والمخرجات من أجل رسم مسار الهُويّة الذي يتراوح بين الحداثة والتقليد، بين الإيجابي، السّلبي، لمعرفة التّطور.
ج- الخيط الذَّهبي: هو خيط يربط بين الاستراتيجيات والأهداف، وتبعًا لتعريفات الهُويّة المطروحة ووفاقًا لتعريف هوية المنطقة الذي وُضِع، جرى تحليل المعطيات التي من خلالها وضع تطور الرّموز ودرجة الإحساس ويكون الرابط بينهما هو اتجاه الهُويّة.
– إعادة تصنيفها وفاق النقاط الآتية: إيجابي متطور، إيجابي متلاشٍ، سلبي متطور، سلبي متلاش
– إعادة تنظيمها، أربع أنواع من الهُويّات لكل هُويّة فرعيّة من الهُويّة المكانيّة:
- حالة الإنجاز: تطورت رموزها وتتعهد بأدوار فاعلة للتطوير.
- حالة التّعليق: تشهد أنشطة بـشكل كبير وتبحث عن بدائل للوصول إلى خيارات الهُويّة.
- حالة الهُويّة المغلقة: المنطقة ملتزمة بمعتقدات يصعب تخطيها (الثأر).
- الهُويّة المشتتة: لا توجد سمات واضخة للهوية
مسارات العمل: انطلاقًا من التّعريفات والمقدمة يمكننا الانطلاق في المقال في أربعة مسارات في نقطتين أساسيتين:
أولا:
أ- المسار التّاريخي للمنطقة : صياغة المعطيات التّاريخيّة في سياق منهجيّة ديناميكيّة مكانيّة من أجل إبراز التّجذر.
ب- المسار الانتمائي: تبيان مؤشرات الانتماء في إطارها المكاني ضمن المنطقة وخارجها، من أجل إبراز واقع الانتماء الحالي.
ج- المسار الثقافي والمجتمعي للأسر: ركيزة التّحولات الحضريّة المبنيّة على الحراك السكاني والانفتاح، ترتب عنها تغيرات انتمائيّة جرى تحديدها في سياقات منهجيّة مؤطرة بالعلاقات المكانيّة ضمن المنطقة، والجوار من أجل إبراز العوامل الآنية المؤثرة في الهُويّة المكانيّة.
ثانيًا:
أ- مسار الخطة الشّاملة: تأهيل المنطقة عبر وضع منهجيّة الرّباعيّة SWOT من أجل وضع خطة متكاملة لتلبية حاجات السّكان التنموية جرى خلالها تفعيل الإيجابيّات، واختزال السّلبيات والخروج بمقترحاتها على أساسها. ثم طرح الرّموز الأساسيّة التي تتميز بها، بهدف معرفة مسار الهُويّة الإيجابي والسّلبي وتداعياته، لنخلص الى إمكانيّة تطوير اقتصاد الأُسر من خلال تعزيز الفرص، ونقاط القوة والتّحكم بنقاط الضعف والمخاطر.
أولًا : تأثير الانتماء في هُويّة قضاء بعلبك
- الرّموز المعنويّة جذور المنطقة وموقعها تحدد ولاءات المنطقة وتؤسس لهويتها المكانيّة
1.1. نشأة المنطقة وتجذر عائلاتها
1.1.1. جذور المنطقة الضاربة في التاريخ وتأسيس الهُويّة المكانيّة : تشكلت المنطقة في بيئة جغرافيّة مفتوحة ومتغيرة، تأثرت بالعديد من الحضارات، كانت المنطقة تابعة لسوريا، وأُلحقت بدولة لبنان الكبير العام 1920، ومن بعدها أُعلنت بعلبك مركز محافظة سنة 1925، تتبعها قرى المنطقة الحاليّة. شهدت المنطقة أحداثًا كبيرة ما زالت متجذرة في نفوس أبنائها، كان لحرب العالميّة تأثيرها الكبير في الحيز الجغرافي على الحدود الشّرقيّة للسلسلة الشّرقيّة الذي خُطِّط فيه إنهاء التّداخل بين الهُويّات، وإدخال المنطقة في اختلافات هُويّاتيّة تقوم على المذاهب، كما أنهكت الحرب اللبنانيّة المنطقة، وأَفقدتها معظم مقوماتها المؤسساتيّة والاقتصاديّة الرديئة أصلًا، فبدأ الاتجاه نحو اقتصاد مبني على الخدمات، خصوصًا التجارة والتمويل، على حساب القطاعات الإنتاجيّة، ما أفقر البلدات وشجع على النّزوح الى بعلبك وبيروت، احتكار العديد من القطاعات الاستراتيجيّة، ما فاقم التنمية غير المتوازنة.
2.1.1. تعدد ولاءات المنطقة متعلقة بالمشهد التّاريخي السّابق: ظهرت دعوات لهُويّات متمايزة تمثلت في الأحزاب، وتواجه المنطقة حاليًّا تحديات غير مسبوقة على صعيد الهُويّة، وتضم المنطقة هُويّات دينيّة ومذهبيّة مختلفة، ما يزيد من التأزم الاجتماعي. علمًا أن كثيرين يختصرون الهُويّة بدين أو طائفة.
ومن أجل إمكانيّة وجود هوية جامعة ومرنة تتلاءم مع تاريخ المنطقة ككل، كانت الحاجة الى بناء هويّة مكانيّة تتداخل فيها الهُويّات الموجودة من خلال الاستجابة الثّقافيّة، والفكريّة والمجتمعيّة والمصالح الاقتصاديّة المشتركة، ما يشجع على تكوين رؤية مشتركة بين مكونات مجتمع المنطقة جميعها لهُويّة مستقبليّة، وتؤسس لجدلية التعدد بينها والغنى الحضاري.
3.1.1. تجذر عائلات المنطقة والتّمسك بأماكنها: تتغير الهُويّة بحسب الأماكن والظروف، يقدم السكان أنفسهم على أنّهم من محافظة بعلبك، أو من المناطق الأكثر جمالًا أو شهرة ، مثل أنا بعلبكي، كما تُحدد الهُويّة في إطار الطبيعة التّاريخيّة الثّقافيّة، فتكون المطالبة بالأسبقيّة أو التّفوق كما تتميز المنطقة بترابط نسيجها العشائري، وتتوزع العائلات داخل المدينة في بعلبك بصبغة الأحياء في القرى، مثل حي الشّراونة الذي تقطنه عشيرة آل جعفر، ومع تمدد البلدات تظهر أحياء جديدة من جيل الأبناء محكومة أيضًا بكانتونات العائلات تربطها العاطفة. وتتميز المنطقة بالهُويّة العشائريّة هي موجودة في كل وقت، وتقوى أثناء ضعف الدولة وتضمحل مع قوة الدولة وتطبيق القوانين.
2.1. موقع المنطقة الطرفي وأهميتها في الهُويّة المكانيّة
1.2.1.أهمّيّة الموقع في دينامية شخصية المنطقة: يشكل موقع بعلبك الجغرافي حلقة وصل بين قضائي زحلة والهرمل، وتتصل الهرمل بمحافظة الشّمال عبر جرود قضاء عكار، ويمكن الوصول الى المنطقة من مدن السّاحل عبر طريق أرز – عيناتا، طريق عيون السّمان- الحدث. إنّ القرب المجتمعي ، القرب الدولي ، القرب الاجتماعي جنبًا إلى جنب يعطي المنطقة مضمونًا لشخصيّة منفتحة قادرة على الارتباط والحوار. تُعدُّ بعلبك المكان المستقطب الأول في محافظة بعلبك الهرمل لسكان، تمكنت البلدات فيها، من تأدية دور كبير، ومعقد على مدى مئات السّنين من خلال امتصاص التأثيرات الخارجيّة والسّيطرة المتباينة على العناصر المكونة للمنطقة.
– بالنسبة إلى موقع لبنان ومنطقة الدّراسة: أدى الموقع الجغرافي للبنان الى تأثر المنطقة باللعبة السياسيّة الإقليميّة، فظهرت دعوات لهُويّات متمايزة عن بعضها البعض، تشكل بآليات طرحها سببًا للصراعات الدّاخليّة مع انقسامات اجتماعيّة داخلها بحكم تناقض هذه الهُويّات وطبيعة الارتباطات المتعلقة بها.
– العلاقة المنطقة مع سوريا: تؤثر سوريا في لبنان بشكل عام في والمنطقة بشكل خاص، نظرًا لما تتمتع به من إمكانيّات بشرية وموارد طبيعيّة واقتصاديّة تزيد عن إمكانيات لبنان، وعليه فهي الأكثر تأثيرًا في أولويات وموازين القوى في ظل ضعف الدّولة اللبنانية، الى جانب وجود مئات العائلات من المنطقة تحمل الجنسيّة اللبنانيّة، وتسكن في سوريا مقابل عشرات العائلات السّوريّة التي وفدت الى المنطقة بعد إعلان دولة لبنان الكبير، من هنا شكّل الموقع الجغرافي للمنطقة ممرًا للعديد من التيارات الفكريّة.
– شكّلت الطبوغرافيا: سببًا في تمركز نويات المجمعات السّكنيّة على السّفوح الجبليّة بنمطها المتكتل، وفرضت نوعًا من الثبات على الموروثات، والمسلمات ما تتسبب في الانغلاق وعدم الانفتاح والتّجديد لحقبة طويلة من الزّمن .
– يتراجع ولاء السكان للدولة ولفضاء المنطقة بسبب إهمال الدولة دور المؤسسات وغيابها فهي التي لا تلبي حاجاتهم، في مقابل تنامي تكتلهم، وتتغطى هويتهم الشّخصيّة على هُوية المنطقة ما يُرسخ العمل الفردي والمصلحة الذّاتيّة لتستمر تنمية المنطقة القائمة تدور في حلقة مفرغة من الجدوى تغيب فيها الشّموليّة والاستدامة والتكامل.
- الرّموز المعنوية: تأثير شعور السكان على هوية المنطقة
* الشّعور بالانتماء يدعم المرساة ويسمح بتشارك السّكان: يُكسب الشّعور بالانتماء المقدرة على التكيف karyn Hall Ph.D. (24-3-2014), وعليه تصبح المنطقة- كشعور بالانتماء- منتجًا عاطفيًا ورمزيًا، أساس الهُويّات، ويمثل مجموعة من السمات الاجتماعيّة والثّقافيّة التي تتراكم في المنطقة من خلال التطور التّاريخي للعلاقات القائمة والمتبادلة 1994) ، Demattei) يتغير الانتماء أو يختفي ويعود للظهور، إمّا في موضع مكاني وزماني آخر، أو في الموقع المكاني نفسه وفي موضع زمني آخر، ويمكن استشراف الشّعور من خلال:
1.2. التّعلق بالمكان: ينبع الإحساس بالمكان من خلال الارتباط بالمنطقة، (Relph 1976) الذي يفعّل الانتماء والتطور الاجتماعي والعاطفي ( Epstein 2009 كذلك يعزز النّازحون علاقاتهم بأماكنهم (Raffestin ، (1983-1995 ، Dematteis) فمجال المنطقة الجغرافي يعمل كوسيلة للتواصل ، وسيلة للعمل، الإنتاج، التبادل، التعاون. و من الأشكال المهمّة للتعلق بالمكان:
– الإلفة اتجاه المكان: يتعمق شعورهم بمناظره الطبيعيّة والأهمية الرّمزيّة للمكان كمستودع للعواطف والعلاقات التي تعطي إحساسًا بالانتماء .
– الإلفة مع الأهل والأجداد وأصدقاء الطفولة: تحملهم عواطفهم إلى مكانهم الأولي، فأصدقاؤهم موجودون، والأجداد والأسرة ومكان الميلاد والمكان الذي يوجد فيه موتاهم، تمتزج فيها الخصائص الماديّة الثّقافيّة والاحتياجات الوظيفيّة ويزيد التّعلق بالمكان لدى كبار السن، ويشعر المقيمون بالإلفة والتماسك.
وتختلف درجة الإلفة والارتباط بحسب مدّة المكوث وتكرار الزيارة الى المنطقة، ويكون:
– التّعلق العاطفي: يزورون المنطقة في المناسبات الاجتماعيّة أو للالتقاء بأصدقاء لهم، يرغبون قضاء العطلة الصيفيّة وسط المناظر الطبيعيّة كونها تلبي احتياجاتهم النفسية والاجتماعيّة.
– التّعلق الوظيفي (أو العملي): يكون محدودًا، وتبدو عمليّة ترسيخ الهُويّة ضعيفة كونهم قضوا جزءًا كبيرًا من حياتهم في مكان نزوحهم بينما تمثل المنطقة فقط مكان الأجداد والأسرة ومكان الميلاد.
2.2. الذاكرة المجتمعيّة تدعم تواصل السكان وتعزز الشّعور بالانتماء.
أ- ذاكرة متينة: يشكل الحدث والتاريخ والنّصب التذكاري للمكان والتّجارب والأحداث والقصص والأشخاص، ذاكرة الناس Relph1976) )، تتراكم ويتوارثها السكان، تجعلهم مرتبطين بأماكنهم وتمثل هذه الأركيولوجيّة غذاء أساسيًّا يُنمي الهُويّة. فتشكل ديمومة أماكنها والروابط فيها ضمانًا لحماية الهُويّة المشتركة ودوام الذاكرة المجتمعيّة.
ب- الذاكرة الوظيفيّة
– الذّاكرة المخزنة: الدّراسات والمقالات التي تتناول قضايا المنطقة هي قليلة جدًا .
– أمّا الذاكرة الوظيفيّة: وهي أخبار الجدود ومآثرهم، يعتزّ بها المقيمون خاصة كبار السن منهم، وهي تمثل أصلهم وجذورهم، كما أن للسكان تجربة في حياتهم الخاصة في الماضي وأسسوا صورة خاصة بهم .
3.2. المعرفة تعطي الطابع الرّسمي لأماكن المنطقة وتعزّز الهُويّة
1.3.2. دورها في هوية المنطقة: تهدف معرفة الأماكن واستخداماتها الى إضفاء طابع رسمي عليها، مع العلم أنّها تتطور وأنّ أماكن كثيرة في المنطقة تحمل أسماء رسميّة بحسب الاستخدامات القديمة فيها، توارثتها الأجيال شفاهيّة على مدى عشرات السنين. تمثل الأسماء مادة ذات قيمة تاريخية، وتشكل جزءًا من الذاكرة مع الأسماء الأحدث لأماكن السّكن والشّوارع والأماكن الطبوغرافيّة والصغيرة،. تؤدي وظيفة أساسيّة على المستوى المعرفي والمستوى العاطفي، المستوى الأيديولوجي، المستوى المكاني، بعض العائلات تقيم في مكان محدد تحمل اسمه فيما بعد، كذلك تبعا للاستخدامات، الأماكن ذات رمزية دينيّة. وتمثل كلّ دائرة معرفة السكان بالأسماء الجغرافيّة التي تمثل عنصرًا وظيفيًّا يعكس التفاعل بين السكان.
رسم (1) صاحبة المقال نفسها
2.3.2. إضفاء الطابع الرّسمي على استخدامات قديمة: إضفاء الطابع الرّسمي الّذي استمرت هويته بعد اختفائه مثل أرض الكروم الخالية من أشجار العنب.
إضفاء الطابع الرّسمي على تطور كائن بمرحلة من عدم الرؤية: مثل طريق الصنوبر الذي أُعطي اسمه قبل تشجير جانبيه، تمثل هذه الخطوة خدعة إحساسيّة بالتنمية.
إضفاء الطابع الرّسمي على الصفة القانونيّة، مثل تصنيف المنطقة أنّها خارجة عن القانون، الأمر الذي يترتب عنه الإهمال المقصود للمنطقة.
المناطق المهمّة التي أُعطيت صفة رسميّة: تتناغم مع الحقائق اليومية، لا يوجد مخطط توجيهي الذي يعطي نوعية الاستخدام المقررة لكل مساحة، لكن يوجد واحدة من العلامات الإقليميّة هي القدرة على تشكيل الهُويّة وتوليد الشّعور بالانتماء مثل اتحاد البلديات، منطقة المحور، منطقة بعلبك .
4.2.. الثقافة التراث العادات والتقاليد مرجعية متعددة وهوية متغيرة
1.4.2. تعدد مراجع الهُويّة: يوجد لهوية المنطقة عدة مراجع: إقليمي، وديني، ولغوي، وثقافي، حيث تنتمي المنطقة إلى العديد من المجالات والمجتمعات في الوقت نفسه، على الرّغم من وجود الأفضليّة بينها وفاقًا للظروف والاحتياجات والقضايا. ووفاقًا للمستويات المكانيّة: الإقليميّة، والمحليّة، العشائريّة، يبرز كالدو أن الدّلالة الجغرافيّة للهوية تمثل علاقات الانتماء التي تبنيها المنطقة، ويُعدُّ المساحة المعيشيّة تكامليّة تجمع بين البعد المادي للمساحة الادارية للمنطقة والبعد الاجتماعي للمساحة الترابطيّة وعلاقاتها مع المحيط. (،2000،PràDai ص17) وعليه يتكون فضاء المنطقة بمجموعة من العلاقات.
رسم (2) صاحبة المقال نفسها
يشكل الاحتفاظ بالرّموز الثّقافيّة المحليّة، أداة لتعزيز هوية المنطقة وتشبيتها وضمان استمراريتها، من خلال الحفاظ على ديناميتها التي تضم رموزًا، ومعاني للمنطقة وتميزها عن الأماكن الأخرى والتي تستوحيها من الثقافة الرّسمية والشّعبيّة، وتُعدُّ الثقافة الشّعبيّة العنصر الأكثر أهمّيّة في تكوين الهُويّة لأنّها نابعة من روح السّكان ومن شعورهم وضميرهم، ولها انتشار واسع بينهم ، ومن أكثر تلك الرّموز أهمّيّة:
– عادات وتقاليد يتفرد فيها السكان وأخرى متشابهة، علمًا أن التطور يفرض عليهم تهذيبها وتشذيبها.
– مكونات المكان التي يعتزون بها بوصفها أحد ملامح هويتهم التي يحافظون عليها.
لدى المنطقة موارد طبيعيّة وثقافيّة فريدة ومتجددة، وتؤدي دورًا محـوريًّا وسريعًا فـي عمليـة التنميـة المستدامة وزيادة في خصوصية المنطقة، وظهر تفرد المنطقة الفني والحرفي، وتخصصاتها، وأذواقها التي تركت أثرًا خصبًا في أذهان النّاس، وعززت ديناميكيّة وروح الفخر والانتماء لدى السكان وبناء العلامة التجاريّة للمنطقة.
3- الرّموز الماديّة: تغيير مساحة الانتماء المرجعيّة تأثير المكان على انزياحات حدود الهُويّة: إنّ لكل مكان هويته الخاصة، له سمات يتميز بها أو يتشارك بها مع أماكن أخرى، ويمكن تصنيفها وتنظيمها من قبل مختلف الجهات الفاعلة([2])، يؤهل سكان المنطقة أماكنهم تبعًا لسماتهم الشّخصيّة ومدى تفاعلهم مع عناصرها الماديّة والرّمزيّة. لذلك تتعدد الهُويّات المكانيّة مع تعدد أماكن المرسى ولها مقاربتان:
1.3. تأثير الإقامة والنّزوح في الهُويّة من خلال مدّة المكوث
1.1.3. المقيمون: تتميز المنطقة باستراتيجيات زراعيّة توسعية على الرّغم من تنامي ظاهرة التّصحر، وتزايد الأنشطة غير الزّراعيّة، يميل المقيمون أو العائدون إلى شغل الوظائف التي تتطلب مهارات متدنية، ويتركزون مكانيًّا على طول الطرقات الرّئيسة.
النّازحون: تمثل الهجرة نظام دائري من العلاقات بمختلف المستويات الماديّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة، فهم يزورون المنطقة بشكل دوري، ولديهم روابط قوية مع أبنائها التي تتعزز مع التحويلات الماليّة للأقارب والاتصالات المستمرة، فتتخطى العلاقات بذلك الحدود المناطقيّة والوطنيّة، تزيد نسبة النزوح في المنطقة عن الـ50% وترتفع في بعض البلدات الى الـ80% كما في اليمونة وعيناتا. تشكل فئة الشّباب 62% من إجمالي النازحين، يحمل معظمهم شهادات علميّة ، ينزحون إمّا لاستكمال تحصيلهم العلمي أو لتأمين فرصة عمل لهم، يتمسك الأكبر سنًا بعقائد الماضي.
2.1.3.سبب الهجرة والنزوح: إنّ الرّغبة في تحسين الوضع الاقتصادي هي أعلى من الرّغبة في الهروب من الوضع الاقتصادي المتردي في المنطقة، ذلك أنّ الأصول الماديّة وتوفر الخدمات أدّت دورًا أقل في الرّغبة بالهجرة من العوامل الجاذبة الأخرى مثل تحسين المستوى المعيشي والتّعليم وغيره (أطروحة)، التطلعات المهنيّة والاقتصاديّة ومنها يتعلق بالظروف السياسيّة والاجتماعيّة والثّقافيّة على الرّغم من الانفتاح، وتتزايد لدى الأُسر التي لديها أحد أفرادها في الخارج، وتكون إمّا لتحقيق نجاح شخصي واجتماعي ومادي، أو لقاء الحصول على جنسيّة بلد الاغتراب أو لإقامة شبكة من العلاقات والروابط الاجتماعيّة بين الأُسر والمهاجرين.
3.1.3. دائرة النزوح والهجرة: يتحرك معظم المهاجرين في مسافات أقصر نسبيًّا خاصة الى الدول العربيّة، ثم الدّول الأوروبية بينما تقل نسبة المهاجرين الى كندا أو دول أميركا اللاتينية واستراليا كثيرًا، وتشهد المنطقة زيادة في النزوح الداخلي من المنطقة باتجاه بيروت، وأقل صوب بعلبك ونادرًا صوب زحلة، ونظرًا لسهولة الوصول إلى بيروت وبعلبك فتعد الخيارات أكثر جاذبيّة لسكان المنطقة من الهجرة الدوليّة، ما يؤدي إلى التّحضر المستمر والتّفاعل المكثف بين البلدات والمدينة ومستويات كبيرة من التنقل الداخلي.
2.3. تختلف العلاقة مع الأماكن بحسب طبيعتها مدة الإقامة فيها
أ- بالنسبة إلى المقيمين في بلداتهم: تنمي ممارسة المكان وبشكل متكرر الشّعور بالانتماء، وتسمح لهم ببناء روابط اجتماعيّة والتي يمكن أن تتطور وتتحول إلى مرجع جغرافي، إضافة الى وجود تفاعل بين المقيمين وبين المقيمين والنّازحين ما يعزز التّراث والتّجديد.
ب- المتنقلون بشكل يومي أو بشكل متكرر: تشهد المنطقة أشكالًا محتلفة من التنقل اليومي إلى التنقل السّكني داخل المنطقة، أو العودة في المناسبات والعطلة، وعليه فإنّ علاقة المتنقلين بمكان الإقامة غير محددة، فهم يمارسون العديد من الأماكن ويتفاعلون معها ما سمح ببناء هويتهم، في أماكن متعددة فرضيّة سبق أن ذكرها لير (1998)، يفضلون العمل عادة ضمن المنطقة بسبب تقارب الثقافة والذكريات الطويلة بين الموظفين، وسرعة التكيف مع المكان والمحيط والتي تولد إحساسًا بالانتماء، فيرسمون هويتهم فيها، ويصبحون أفرادًا بهُويّات متعددة، يكون مكان عملهم المركز الثاني لترسيخ الهُويّة، ويشكل رافعة قوية للرغبة في العمل والشّعور بالانتماء فيعملون على تنظيمه بكفاءة.
ج- النّازحون لديهم هُويّات متعددة في أماكن جغرافية متعددة اضافة الى هويتهم بشكل مؤقت
– يترك النازحون مكان إقامتهم على الرّغم من جذورهم القوية في المنطقة المؤطرة بدائرة مهمّة من الأصدقاء والحنين والذكريات الجميلة، إلّا أنّهم يحافظون على العلاقات من خلال الزيارات وقضاء العطلات بانتظام أو في المناسبات، وينشرون ثقافة مكان نزوحهم في المنطقة.
– تشكل البلدات الأكثر معرفة وتطورًا مرجعًا للسكان، يذكرونها على أّنها منطقة انتمائهم، إضافة الى أماكن ولادتهم خاصة لمن لديه الجنسيّة الأجنبية، ويؤدي طول الإقامة دورًا مؤثرًا في الشّعور بالمكان، ويتخلون عن أماكن هويتهم القديمة، ويبنون علاقاتهم مع الأماكن المستقطِبة لهم والتي تصبح مرجعًا جغرافيًّا لهويتهم من خلال استمراريّة النّزوح اليها والإرساء فيه.
3.3. تتعدد أماكن الإرساء، ويمثل مجال المنطقة هو المكان الأول للانتماء والهُويّة لمعظم سكان المنطقة
1.3.3. المسكن يعزز الانتماء الى المنطقة: إن أكثر من 90% من المقيمين في البلدات وأكثر من 50% من النازحين لديهم مساكن في المنطقة، ما يزيد من تمسكهم بالمنطقة ويقوّي علاقاتهم بالمنطقة ويشكل مكانًا عاطفيًّا ينقل دﻻﻻت وﺻور ورﻣوز، ويحدث فية نسق التفاعلات الاجتماعيّة وتختلف درجة الانتماء بحسب:
– الذين لديهم مسكن واحد: ترسيخ الهُويّة بقوة، لدى الذين يملكون بيتًا في المنطقة فهو يعطي الشّعور بالأمان يدل على الإحساس بالانتماء في مكان الإقامة.
– يشكل الانتقال من المنزل القديم الى الجديد داخل المنطقة ثقافتين: ثقافة الأبناء العصريّة، وثقافة الآباء والأجداد المرتبطة بالتراث، يتشبثون بما هو قديم، يجعلهم الحي السكني دائمًا في حنين وحب للماضي.
– الذين لديهم عدة مساكن: يشغلونها بشكل متقطع، يتنقلون بين منزلين على أساس أسبوعي، خاصة للذين يعملون في المدينة، إلّا أنّ درجة تكيفهم مع مساكن المدينة والتي تختلف بحسب الأماكن فيها.
2.3.3. أماكن مألوفة غير السكن في المنطقة تفرض الهُويّة: يمكن حسبان الأماكن غير السّكنيّة أماكن لتحديد الهُويّة، ليست لها ذات المعنى، فبعضها يمارس لقيمته العاطفيّة، والبعض الآخر لشخصيتها المميزة أو لوظائفها، وهذه الممارسات يمكن أن تتطور وتتحول إلى نقطة مرجعيّة جغرافيّة للهوية. وأنّ تكرار الممارسة للمكان نفسه مع مرور الوقت، يبرز الشّعور بالانتماء الى مكانها.
* أماكن اقتناء الحاجات بشكل متكرر داخل المنطقة مكان للهوية: يتوجه معظم المقيمين إليها من أجل اقتناء حاجياتهم، نتيجة التعود، فيترسخ التفاعل بينهم وتزيد العاطفة، ويُعاد البناء المكاني لإقامة الهُويّة.
– الأماكن التّرفيهيّة هي أماكن أخرى لترسيخ الهُويّة: أماكن قضاء العطلات، وتشمل أماكن المناظر الجميلة، والأماكن الأثرية مع العلم أن النازحين يقومون ببعض الأعمال التّرفيهيّة مثل زيارة الأهل والأصدقاء حضور المناسبات أو يأتون لتفقد ممتلاكاتهم والإشراف عليها.
– أماكن الذاكرة: يساهم السكان في تميّز أماكنهم واستمراريتها، وتبقى الذاكرة متصلة بِحارات المنطقة وطرقها، وساحاتها التي يلتقي أهلها فيها وهي ذات صلة بهويتهم ، يتحدثون عنها بشغف، وأهمها:
– المقابر: يدل على سكان المنطقة القدامى، ويؤصل علاقة أهل المنطقة بهم، ومعظم النازحين لديهم أقارب مدفونون فيها، إضافة الى رفات راحلين وبعضهم من الرّموز أو الشخصيات السياسيّة والفكريّة والفنيّة، ويحمل كل منهم جزءًا من سرديات تاريخيّة تبقى محفورة في الذاكرة .
– الجوامع والمعابد القديمة والكنائس والأديرة: العلاقة الروحيّة بأماكن العبادة من مساجد وكنائس روحانيّة، وهي أحاسيس ووعي بتلك الأماكن وحفظ ذاكرتها، ولها أثر نفسي وسياسي واجتماعي، وثقافي يحمل دلالة رمزية.
3.3.3. تعدد الأماكن التي يتفاعلون معها فيتنمون اليها وتصبح رمزًا لهم وتمثل هويتهم
– في المنطقة الحضريّة: أدى الامتداد المكاني للكتل المبنيّة القريبة من المدينة، وعلاقتها ببلداتها، إلى إبراز الشّعور بالهُويّة على مستوى الأفراد، ويؤدي تجميع مشاعر الهُويّة الفردية الى مشاعر جماعيّة للهوية المكانيّة، يحتفظون بتلك المشاعر وذلك بسبب ضعف الاختلافات الثّقافيّة وصغر المسافات الى المدينة.
– كما يزيد التعلق في الأماكن الأكثر إنماء نسبيًّا، فهي تعمل على جذب القادمين الجدد، وتُشعرهم بالفخر فيه والتّميز والكفاءة الذاتيّة، بينما يضعف التعلق بالمناطق التي تعاني رداءة الخدمات والبنى التحتيّة في الأحواش البعيدة وفي المجمعات العمرنية المتناثرة.
– في النّويات: علاقة وثيقة بأماكنهم المألوفة، مشبعة بالسياق الاجتماعي والثقافي الراسخ.
– المقيمون داخل المدينة: يأخذونها كمرجع للهوية، يدركونها بواسطة الشّعور اتجاه المشهد، الصوت، الرائحة، فهي تكرس ماضي المكان وماضي السكان، يندمجون في محل إقامتهم، ينفتحون على العلاقات الاجتماعيّة مع مكان نزوحهم، ويتمتع بعضهم بقدرة رائعة على التكيف، يدافعون عن الحياة في منطقة نزوحهم، ويفكرون في تطورها.
- 4. التفاعلات بين السكان والمحيط واتساع مساحة الهُويّة: يحقق تأمين الحاجات ﺍﻟﺤﺏ، ﻭﺍﻻنتماء ﻭﺍﻻﺴﺘﻘﻼﻟﻴّﺔ ﺍﻟﺫﺍﺘﻴّﺔ ﻤﻥ ﺠﺎﻨﺏ ﻭﺩﻋﻡ ﻫﻭﻴﺔ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﻭﺘﻭﻅﻴﻑ الرّموز ﺍﻟﺒﻴﺌﻴّﺔ، يكتسب تحديد المناطق الأقرب الى المقيمين أهمّيّة أكبر كلما كانت هويتهم المكانيّة أقوى، ويزيد ميلهم إلى التعبئة للمساهمة في التنمية (كيتنغ، 1998). وتختصر التفاعلات بالمنطقة على الشكل الآتي:
– العلاقات الإدارية: تكون علاقة سكان المنطقة مع الوزارات بين مدينتي بعلبك وزحلة، بينما تكون محصورة في بعلبك مع اتحادات البلديات والشّؤون التّعليميّة والضمان وغيره.
– التفاعلات الخدماتيّة: تعمل على تعبئة الإمكانات الاقتصاديّة والاجتماعيّة والتي تنطوي على تحديات التنمية، تبدأ إدارة هُويّتها بالحفاظ على العلاقة الرّسمية، مع المحيط، في تبادل مستمر خاصة في:
– العلاقات التّعليميّة والاستشفائيّة: تستقطب مدارس بعلبك قسمًا كبيرًا من طلاب المنطقة بينما الخدمات الاستشفائيّة كانت مع زحلة، وبيروت بشكل أساسي وذلك بسبب ضعف هذا القطاع.
– التّفاعلات الثّقافيّة والاجتماعيّة: يتشارك السكان في تنمية المكان واستخداماته ويعد الاسقطاب، وسيلة لإقامة علاقات متبادلة بين البلدات.
– يرتبط السكان المقيمين ببعضهم ومع النازحين فـي حاجاتهم ورغباتهم وطرق معيشتهم واهتماماتهم.
-الحاجات غير الغذائيّة: تتفاعل البلدات مع المدينة لافتناء الحاجات خاصة غير الغذائيّة منها، وذلك بسبب تنوعها وجودتها، بينما تشكل زحلة التي لا تبعد أكثر من 20 كلم عن بعلبك المكان الأول للمزارعين الذين يبعون منتجاتهم الى تجار الجملة، ويستوردون المواد الأولية منها خاصة الأعلاف تجهيزات الأبار وغيره.
– المشاركة في العمل الزراعي، التمسك بأرض الجدود، فهي تؤمن مصدر رزقهم وتحافظ على موطنهم
– التفاعل المكاني الموجود بين المنطقة والمحيط: وجود اتحادات البلديات التي تعزز التكتل ضمن إطار المصلحة المشتركة، وهذا يعطي شعورًا بالانتماء ويرسخ الروابط الاجتماعيّة والعيش المشترك.
ثانيًا: تأثير الهُويّة المكانيّة في تنمية قضاء بعلبك
- منطقة غنيّة بالرّموز الداعمة للهوية تشكل داعمًا أساسيًّا للتنمية المستدامة: تفترض العديد من نظريات التنمية المحليّة أن الهُويّة والانتماء هي من بين الدوافع الرئيسة لعملية التطوير، يتحدد مسار التنمية بمنحى رموزها ومكامنها وهي:
1.4. .المكان
أ- الإيجابيّة المكانيّة
– القرب المكاني: يسمح قربهم من مكان العمل بممارسة أكثر من وظيفة في قراهم، ويشجع غير المقيمين على العودة للاستثمار إضافة الى سهولة تأمين الخدمات من بعلبك، وإنتاج مشاعر إيجابيّة تجاه المنطقة.
– الانفتاح والتواصل: المنطقة صلة وصل بين الساحل والداخل عبر الطرقات الجبليّة القائمة إضافة الى الانتماء والزيارات وقضاء العطلة إضافة الى التمسك بعادات، وتقاليد المنطقة والتنوع الديني والطائفي.
– التّفاخر بالمناطق الأكثر شهرة: يعتز السّكان بها (رسالة الماجستير راغدة). وبهويتها الثّقافيّة، وبذاكرة بعلبك التاريخية، ما عزز ارتباطهم بها وانتمائهم المكاني والعاطفي اتجاهها، وتقاطع مصالحهم معها.
– بسبب الحراك المكاني من داخل البلدات الى أطرافها: يُستَثمر فيها ثم يبدأ الانتقال من التّضامن الميكانيكي إلى التضامن العضوي، وتنشأ استخدامات الاراضي في ظل ديناميكيّة ثقافيّة وسياسيّة واقتصاديّة. ينظرون اليها من ناحية اق وقيمة الاستثمار، يتعاملون معها وظيفيًّا يستفيدون منها في الإقامة أو يقيمون فيها بسبب وجود الخدمات، ضمن أطر ثقافية واجتماعية محددة.
ب- الهُويّة السّلبيّة
– التّهميش المكاني والمناطقي والتّراكمي للجوانب الاجتماعيّة والاقتصاديّة والسياسية، تسبب في تراجع الهُويّة وغياب الولاء للدولة وضعف التّمسك بالمنطقة، من خلال:
– الولاء والتباعد الإنساني: ذلك أن فوائد التنمية محصورة في بعض الأشخاص أو المناطق، ما يؤدي الى بناء ولاءات وطنيّة وطائفيّة تعمل على ضمان حقوقها، ويشعر السكان بالإقصاء ويتراجع ولاؤهم للدولة.
– التّباعد المكاني خاصة تجمعات عمرانيّة عشوائيّة منفردة، بسبب التّمدد العمراني، وصعوبة الوصول ومطالبة بعضها ببلدية لها ما يحجم من التواصل والتعاون، وقد أثبتت فشلها لدى البلدات المستحدثة كلّها.
ج- الخيط الذّهبي: الهُويّة في حالة تعليق، بسط سلطة الدّولة وسهولة الوصول والتّواصل مع مدينة بعلبك و مع أقضية مهمة في ظل التنوع الديني والبيئي، من شأنه أن يكسر الحدود ويشجع على الاستثمار.
2.4. – قوة الانتماء:
أ- الهُويّة الإيجابيّة: تساهم قوة الانتماء في تنمية المنطقة، من خلال حيوية بيئاتها الفنية والثّقافيّة، والتماسك الاجتماعي وارتباطهم القوي بمنطقتهم، والمعرفة الجيدة بتفاصيلها، يعطي صورة إيجابيّة للهُويّة، من شأنها أن تعزز الجاذبيّة.
– تتداخل في الانتماء عوامل عاطفية، تؤدي دورًا في بناء الهُويّة والتي تترجم ب:
– الروابط بين المهاجربن أنفسهم: يجمعهم الشّعور بالانتماء الى المنطقة، أضف إلى التفاعل الثقافي بينهم.
– متمسكون بثقافاتهم الأصليّة، ويتبادلون الثقافات مع المقيمين ما يسهم في إثراء الحوار الثقافي والاجتماعي.
ب- الهُويّة السّلبيّة: هوية هشّة، يضعف شعورهم بالهُويّة عندما تزيد مدّة إقامتهم في الخارج، يصعب خلالها اندماجهم بالمنطقة، ويضعف شعور النازحين تجاه بعلبك الذين لا يهمهم سوى الاستفادة منها، فيزيد التلوث البصري والمخالفات والتعدي على الأملاك العامة وغيرها.
– القوميّة السّامة: يساهم بطء النمو الاقتصادي في ارتفاع نسبة القوميّة والتّشبث بعادات متحجرة ، وتزيد القومية السّامة من بطء الاقتصاد الذي بدوره شجع على ظهورها. ويعتمد الخروج من هذه الدائرة الفارغة، على الانفتاح الكبير والتواصل.
– الإهمال القديم الذي فاقم من حجم القصور الإنتاجي المتراكم منذ سنوات، ما زاد من تخلفها ومن الاستخدام الفوضوي للأراضي، وشجع السّكان على ترك المنطقة، فتراجعت العلاقات الاجتماعيّة وقلَّت فرص الشّعور بالانتماء والمواطنة المرتكزة على تحقيق المنفعة العامة .
ج- الخيط الذهبي: على الرّغم من التّماسك الكبير، الهُويّة في حالة تشتت، بسبب تأثير المستوى المعيشي على الانتماء، ولا بد من الإنماء المتوازن لتغزيز المواطنة وترسيخ الانتماء المهدد.
3.4. الجانب الإيجابي المهاجرين التحويلات
– التّحويلات: رأس المال الاجتماعي يتمثل في الشّعور بالثقة والتّضامن والتواصل، يمكن الحصول عليها بسرعة من دون الحاجة إلى السّفر لمسافات من شأنها تحسين الوضع الاقتصادي للأُسر، يرسل معظم المهاجرين ما متوسطه 200 الى 400 إلى أسرهم كل مدّة من شهر إلى شهرين، أيّ ما نسبته 10 % مما يجنونه ويبقي الباقي في بلد المهجر، ويشكّل 80% من إجمالي دخل الأسرة وأحيانًا يصل الى 100%.
– زيادة كبيرة في المداخيل المتاحة للأسر المعتمدة على تلك التحويلات. وتساعدهم في أوقات الأزمات. وتأتي أهمية زيادة الدخل في :
– المساعدات: تستخدم بشكل أساسي في الإستهلاك ما يؤدي إلى زيادة الإستيراد، وتزيد القدرة الشّرائيّة لدى الأُسر التي تتلقاها، ما يمكنها من تغيير أنماط استهلاكها، وتلبية الاحتياجات، ما يزيد من إنتاج الغذاء المحلي.
– الإنفاق بالدّرجة الأولى للأُسرة من الحاجات اليوميّة على الطبابة والتّعليم ، بناء أو تحسين مسكن .
– الأدوية والكتب والمجلات والأجهزة العلميّة والطبيّة وغيرها من الحاجات الأساسيّة .
– تأمين احتياجات الخدماتيّة الصحيّة والتعليميّة: في بناء مدارس ومستشفيات ومستوصفات وهي من مساعدات التنمية الرّسمية أو الاستثمارات الأجنبية المباشرة المهمّة.
ب- السّلبيّة المكانيّة
– الاستهلاك الاستعراضي: أثر في الهُويّة وجعلتهم يتخلون عن بعض العادات ويتمسكون بعادات جديدة، ما وسّع من شرخ المجتمع، فثنائيّة التقليدي والعصري، وثنائيّة الأصالة والمعاصرة يعكسان استراتيجيات التنمية، إضافة الى الانفاق على البذخ بدل الاستثمار.
– بسبب غياب البيئة الاستثماريّة في المنطقة فإنّ العديد من التّحويلات تخصص للعمل الخيري، أو بناء المساجد وتوزيع الألبسة والحصص الغذائيّة، ويكون لدى المهاجر صعوبة الاندماج في الحياة الاقتصاديّة والاجتماعيّة بعد عودته، لذلك قلما يؤدي دورًا في الممارسات التنمويّة والتنظيم والهيكليّة.
4.4. القدرة على التملك والإدخار ما يُقوي الانتماء:
الإيجابي: – تقوى علاقتهم بالمنطقة: مع امتلاك السكان مساكن أو أراضٍ فيها، ويُعدُّون بيعها عيبًا اجتماعيًّا، يتابعون الأخبار اليوميّة، وتتعمق جذورهم.
– شراء العقارات: ينفق قسم كبير من التحويلات على شراء الأراضي، والشّقق الجاهزة في بيروت كونه مضمون الربح مقارنة بالزراعة والصناعة، اذ يمكن بيعه واستعادة جزء من الأموال ما يعكس استعداد المهاجرين للعودة، فهي تشكل نمطًا من التنمية المكانيّة فهي تجذب المستثمرين في العقارات.
– الادّخار: يربط المهاجرون عودتهم بواقعهم المادي في الغربة والحصول على الأموال والإدخار التراكمي الذّي يخولهم فتح مشاريع في المنطقة، تمول التحويلات، الاستثمار والإدخار وتزداد أهميتها في المشاريع الاقتصاديّة والمجتمعيّة والخدميّة خاصة التي تساهم في خلق وظائف جديدة. مستفيدة من ذوى الخبرات العلميّة والتكنولوجيّة المكنسبة لإقامة مختلف المشروعات في المنطقة.
الاستثمار: الإيجابي: يوجد مبادرات فردية محدودة للعائدين من خلال المشاركة التي تقوم على القوة العاطفيّة والتاريخية والعلاقات الدينية القائمة.
السّلبي
– صرف الأموال في قطاعات غير المنتجة خاصة على شراء العقارات والأراضي .
– ضعف الاستثمار على الرّغم من توفر رؤوس الأموال: يُقتصر على تجارة الألبسة والأحذية، بسبب الفوضى والفساد وغموض المستقبل وعدم الثقة بالمسؤولين وإمكانيّة الحلول، وانتشار فكرة صعوبة الإنماء لارتباطها الوثيق بسمعة المنطقة السّيئة، وتدني مستوى البنى التحتيّة والاستقرار الأمني ودعم الدولة وغيرها، إضافة الى صعوبة اندماجهم الاقتصادي والاجتماعي والخدماتي في المنطقة، وهذه شكلت مناخًا سياسيًّا طاردًا للخبرات، وقيّد السلوك الاستثماري وقلّل من فاعليتهم التنموية، وزاد من توتراتهم النّفسيّة، وأضعفت انتماءهم وضيَقت هُويّاتهم ونمّت الشّعور بالإحباط واليأس.
– فوارق اقتصاديّة ضمـن عملية التحول الهيكلي: إنّ نمو القطاعات الانتاجيّة غير الزّراعيّة في المنطقة كان أقلّ بكثير من نموها في المدينة وأكثر من نمو الزراعة في قرى المنطقة، وبرز ذلك في الفجوة الكبيرة في الأجور والعائد من تلك الأنشطة، فباتت الدورة الاقتصاديّة في المنطقة غير مكتملة، وتدور في حلقة مفرغة من الجدوى.
الخيط الذّهبي: الهُويّة معلقة، صحيح أنّها للاستهلاك لكن فائدتها تعود لأمرين: تُحسن العمل في مجال المواد الاستهلاكيّة الأساسية، وتعزز مستوى المداخيل في المستقبل مثل الإنفاق على التعليم الذي يُعدُّ أولويّة بالنسبة إلى الأسر التي تتلقى تحويلات ماليّة لأنّه يزيد من القدرة على الكسب في المستقبل والثاني: أن معظم أنواع الإنفاق، وخاصة على السلع والخدمات التي تتطلب كثافة اليد العاملة، مثل الإسكان وغيرها سيعود بالفائدة على الاق المحلي.
5.4. . العمالة
1.5.3. دورهم في العمالة
الإيجابي: وتأمين العمالة ورفع دخلها: تزيد من فرص التوظيف بسبب هجرة قسم من العاطلين من العمل التي تؤمن لهم أجورًا أعلى نسبيًّا، وتمكّنهم من تأسيس أنشطة اقتصاديّة بعد عودتهم وتأمين فرص عمل جديدة، تدخل في الدورة الاقتصاديّة، وتضخ أعمالًا أكثر حيوية وديناميكيّة في المنطقة، مع العلم أن معظم التحويلات تُنفق على المنتجات المحليّة ما بشجع على توسيع العمل وتطويره ويقوى الشّعور بالانتماء.
السّلبي: تترك البطالة في ذاكرة العاطلين من العمل الصورة السّلبيّة للمنطقة، فتتبدد تصوراتهم عنها وينعدم اكتراثهم بتراثها ويندمج الانزعاج المجتمعي مع النفسي، ليبرز الشّعور بانخفاض قيمة الهُويّة.
2.5.4. الخبرة
الإيجابي: تسمح بتدرريب اليد العاملة بالخبرات المكتسبة، ويساهمون في رفع إنتاجيتها واستكمال مهارات العمال المحليين، والمشاركة في مشاريع إنمائيّة مشتركة فيؤمنون فرص عمل في الزراعة وغيرها، ويتشجعون على العودة المؤقتة للمساهمة في التنمية أو على الأقل تقسيم الوقت بين المنطقة والخارج.
– السّلبي: عدم وجود عمل لهم: يمتهن العديد من العائدين أعمالًا بعيدة من اختصاصاتهم، يكتسبون خبرة، يفتحون منشآت صغيرة أو متوسطة، وقد انحصرت معظمها في مجال المطاعم، البناء، الكهرباء ما أدى الى منافسة سلبيّة، بينما المهاجرون من أجل استكمال تعليمهم لا يعودون إلّا على شكل زيارات.
الخيط الذهبي: يعزز النزوح والهجرة روابط قويّة، تجمعُ المهاجرين بالمنطقة كما يحتفظ العائدون بعلاقات قوية مع أماكن اقامتهم في الغربة، يمكن الاستفادة من خبراتهم في مجالات تخصصهم في حال جرى الاستثمار في المنطقة.
6.4.. النظرة من خارج المنطقة
– النّظرة الإيجابيّة للمنطقة وتكون منحازة الى المنطقة تعبّر عن هويتها، بسبب تضافر عوامل:
الصداقة والود ومكان الذكريات الجميلة يرون أحياءهم جميلة ولا يلاحظون التلوث البصري بفعل التعود، الاستثمار العاطفي على الجوانب المميزة للمكان (الرّموز، والأماكن، والآثار، والعادات والتفاعل مع الذكريات التجارب والأحداث أو القصص أو الأشخاص ذائعي الصيت في بناء هوية الأماكن وغيرها).
وبفضل الموروث الثقافي الذي يحمل مضامين جميلة، تتطور السّياحة في بعلبك والتي تشكّل جزءًا من قطاعاتها الاقتصاديّة، تنمو ذاكرة جماعيّة تؤثر على المستوى العمراني والاقتصادي، فتصنع المدينة هويتها التّرفيهيّة المكانيّة، يعززها التفاعل الاجتماعي والثقافي، ويدعمها القرب المكاني ومشاركة التاريخ المشترك.
نظرة سلبيّة من خارج المنطقة للمنطقة بعلومات شائعة مغلوطة
– إعطاء المنطقة شخصيّة التّخلف على الرّغم من ارتفاع نسبة الجامعيين فيها نسبيًّا: عزّز الجهل القديم وكذلك قلّة الثقافة، من مشكلات المنطقة والفقر القديم وغياب السلطة الفعلية وغياب المشاريع الإنمائيّة والوظائف وغلبة النّظام العشائري، وانعكس ذلك سلبًا على هويتها التي أُلصقت فيها صفة التّخلف .
– إعطاء المنطقة شخصيّة خارجة عن القانون بمعلومات مغلوطة بسبب
مواجهة سكان المنطقة للدولة بسبب الإهمال القديم والمتراكم وحرمان المنطقة من حقوقها الإنمائيّة، كان التّمرد على القوانين ورسّخ العدائيّة بين سكان المنطقة والدّولة، تجلى ذلك في المشاكل العشائريّة ومواجهة رجال الأمن، ومخالفات البناء بسبب الاجحاف في التراخيص وقوانين الضم والفرز، أو عبر عمليات التهريب عبر الحدود، أو مواجهة عمليات إتلاف الحشيش من دون إعطاء البديل، أو التسيّب الأمني بدل توفيره.
– تضخيم صورة خروجها عن القانون: يوجد في بعلبك 35 ألف مطلوب، لكن عشرين ألفًا منهم مطلوبون بتهمة مخالفات البناء أو ميكانيك سيارة، وغيره، ويمكن لخمسة أشخاص تخريب بلدة بأكملها.
ج- الخيط الذهبي: يمكن معالجة تجاذب سمعة المنطقة وجعلها إيجابيّة من خلال تطبيق القانون وإنماء المنطقة بالخدمات، ونشر رموزها المميزة في ظل التّمسك بها والعاطفة اتجاهها.
7.3. المشاركة
1.7.4. البلدية
أ- الخدمات:الجانب الإيجابي: تأمين الخدمات التّعليميّة والصّحيّة، والمياه النّظيفة والصّرف الصحي والتّخلص من النفايات وغيرها، من خلال الروابط المجتمعيّة يفتح المجال للتمسك بالمنطقة وتطويرها، ويسمح بالحفاظ على التراث، في ظل الانفتاح الذي تشهده المنطقة، وهناك لائحة منسية لعشرات الكتّاب والمفكرين منهم خليل مطران، وتحتوي بعلبك على عشرات المكتبات التي تضم آلاف المجلدات والكتب.
– السّلبي: تردي الخدمات العامة والبنى التحتيّة التي تضعف الهُويّة والقدرة على التنمية وإمكانيّة التجدّد الذاتي بسبب:
– مشكلة إنماء المناطق بالطريقة نفسها: تنمية المناطق جميعها بالطريقة نفسها، بينما بعض المناطق لديها خصوصيات ثقافيّة وتاريخيّة مثل بعلبك بشوات، ويجب إيلائها وضعيّة استثنائيّة أو دمجها في اتحاد بلدي واحد داخل كل قضاء على أساس المعطى الطبيعي والبشري والتاريخي، والاتصال الجغرافي.
– الافتقار إلى الخدمات الاجتماعيّة في المنطقة: تغيير نمط العيش وتفاقم مشاكل الخدمات، خاصة النّقص الكبير في عدد المدارس والثانويات وتردي مستواها، وبُعد الجامعات وارتفاع كلفة الوصول اليها، ما دفع الى النزوح من أجل استكمال التعليم والتوظيف لتعزيز مكانتهم الاجتماعيّة وتقديم هوية إيجابيّة عنهم.
– يعاني قسم كبير من البلدات من رداءة البنى التحتيّة، لذلك لم تنجح في استقطاب الرّساميل، إضافة الى غياب الشّفافية والمساءلة، شكلت عوامل للطرد للخبرات، وعاملًا لإشاعة الإحباط في المستقبل.
ج- الخيط الذهبي: هوية مغلقة تدور المشاكل التنموية في حلقة مفرغة، ولا بدّ من تطوير الخدمات كمًّا ونوعًا.
2.7.4. المهاجرون: الإيجابي: يتشاركون في مشاريع إنمائيّة مشتركة، ومحدودة ما أدى إلى تطوير مشاريع البنيّة الأساسيّة الحيويّة من حفر أبار وتأمين الكهرباء عبر الطّاقة الشّمسيّة، وإنشاء مدارس ومستوصفات وخلق فرص العمل بنسب متفاوتة بين البلدات، تزيد أهميتها في البلدات الأكثر إنماء أو ذات الرّموز البيئية فهي تعطي دافعًا ورغبة في الاستثمار.
السّلبي: ضعف مساهمة المهاجرين في قطاع الخدمات، فتتركز مبادراتهم في التنمية في المناطق التي يشعرون أنهم ينتمون إليها.
3.7.4. أ- مشاركة السّكان: الإيجابيّة: يعد العمل الجماعي ضروريًّا للتنمية (كلاين ، 1997). وهذا قائم من خلال تطوعهم في حملة النّظافة العامة، منع الصيد في المنطقة الحرجيّة، التّشجير،.. والحماس للاجتماعات والتواصل بين البلدات عبر اتحادات البلديات.
– تراجع الأيديولوجيّات ذات المطالب العالميّة التي تهدد تماسك السكان وارتباطهم بالمنطقة وهويتهم.
ب- الجانب السّلبي: عدم وجود مصلحة مشتركة لتعبئة السكان في بناء الهُويّة وذلك بسبب عدم التعاون، في المشاريع التنموية المقترحة، فيعمل مجتمع المنطقة بطريقة فرديّة وكأنّه منفصل عن بعضه، كما تتأزم الهُويّة مع التعددية العشائريّة الدّينيّة التي تسعى كل فئة الى فرض ذاتها .
– التحكم في تعيين رؤوساء الجهات: تضعف مشاركة السكان في الانتخابات البلدية، في ظل غياب مقاربة جهوية خاصة بالتنمية الرّيفيّة، يتبع السكان زعيمهم ويبقى جيل كل عشيرة يتربى على أنّ عشيرته هي الأقوى، فتتنامى فكرة الاستقواء وتبقى العشائر تنوء تحت وطأة الحرمان والخلافات المستمرة.
– ضعف المشاركة في العمل البلدي: تشارك العشائر في العمل البلدي ولها ممثلين،على أمل تأمين خدمة لأبناء العشيرة وليس لمجال البلدة، تعاني من الضعف بمجملها، بسبب فساد المعنيين في البلديات.
ج- الخيط الذهبي: البحث في الشراكة وتوحيد الجهات الفاعلة الخاصة والعامة، وتعزيز العوامل النفعيّة والاقتصادية التي تميز الأراضي وتُطور رموزها التي تتفرد بها، وفاق مقاربتين:
– بناء الشّعور بالتّضامن المحلي والمناطقي قادر على تجاوز الهُويّة الطائفيّة.
– تخليص الهُويّات الصّلبة من نظراتها الاستعلائيّة، ما يساهم في الوصول إلى الخدمات.
4.7.4.- اتحادات البلديّات
الجانب الإيجابي: المطالبة المستمرة والعودة الى البلدية واتحاداتها في تسيير امورهم: تعطي الهُويّة دورًا استراتيجيًا في عمليات التنمية المحليّة على صعيد اتحادات البلديات، من خلال مشاركة مجتمع البلدات والبلديات، عبر الشّعور المشترك والتعاطف بالهُويّة والذي يتأتى من الترسبات الثّقافيّة .
الجانب السلبي: على الرّغم من انتماء بلدات المنطقة الى اتحادات بلديات، تمثل اتحادات البلديات وحدة سياسيّة، لكن بسبب غياب الوحدة الوظيفيّة والاجتماعيّة تفقد أهمية تمثيلها السياسي.
– عدم الجديّة في العمل البلدي: يختلف أداء المعنيين بشكل كبير، يُحصر المرشحون بالأحزاب والعشائر التي اختيروا منها من دون النّظر في مؤهلاتهم الشّخصيّة وأسبقيتهم، مع وجود استثناءات، وتبقى معظم القرارات عالقة نتيجة الجمود والتكلس في آليات العمل، وما يرتبط بها من ركاكة الضوابط الرّسمية وضعف التسليم بأهمية تطبيقها.
– قلة الثقة بالمعنيين: تغيب الثقة أمام فشل المؤسسات ورداءة الخدمات: ما زالت العديد من البلدات كما كانت منذ عشرات السنين، بسبب الهدر في المشاريع التنموية في ظل غياب الرّقابة، فتضعف ثقة السكان بأيّ خطة مقترحة للانماء، إضافة الى تصاعد وتيرة الاحتقان بسبب تركز السياسات التنموية على إنماء مناطق معيّنة على حساب أخرى تعاني التهميش والفقر.
– عدم تنسيق مع مختلف المبادرات المحليّة بسبب التشرذم المحلي والتشتت، وعدم مشاركة الجهات الفاعلة في التنمية والتي من شأنها دعم التوازن بين البلدات وفي التماسك الاجتماعي والتغلب على التقليديّة.
ج- الخيط الذهبي: هوية مغلقة، ولا بد من الإنماء المتوازن وبناء الشّعور بالتضامن المحلي والمناطقي قادر على تجاوز الهُويّة الطائفية والعشائرية.
خلاصة: تقوم الهُويّة المجتمعيّة على التجربة الذاتية للسكان والشّخصيّة للمكان، يتفاعل السكان مع أماكنهم بجوانب مختلفة بعلاقات معقّدة، وهي تؤثر عليهم مشبعة بالمعاني والذكريات والهُويّات التي تشكل تجاربهم وإدراكهم للعالم. تقوم الهُويّة على الثوابت التي تقوم على التراث والفكريّة والدّينيّة والحضاريّة وتوجه تغييرًا تكون إيجابيّة أحيانًا وسلبية يمكن معالجتها أحيانًا أخرى، تعطي إحساسًا بالهُويّة. ويتغير حدود الهُويّة بحسب قوة تأثير الأماكن في حياة السكان، فيزيد الانتماء في الأماكن الأكثر منفعة لهم، ومن هنا يأتي أهمية تطوير المنطقة لتعزيز الاتماء والتشجيع على الحفاظ عليها و الاستثمار فيها وتنميتها.
المراجع
-1Chivallon C. (2004), «Espace, mémoire et identité à la Martinique», Annales de Géographie, n° 638-639, p. 400-424.
-2Gervais-Lambony P. (2004), «De l’usage de la notion d’identité en géographie», Annales de Géographie,n° 638-639, p. 469-488.
-3Guy Di Méo. 2008. Le rapport identité/espace. Eléments conceptuels et épistémologiques.
-4Hichem derraji, (2019) Development Policies in the Arab Region: Between identity challenges and Social equality bets.
-5José Oliveira, Zoran Roca, Nuno Leitão, (2010) Territorial identity and development: From topophilia to terraphilia
-6Pageon, Claude,(1991)L’IDENTITÉ TERRITORIALE : LA DUALITÉ RURALE-URBAINE, DANS LA MUNICIPALITÉ,Université du Québec
-7Pierre Hallot,(2011) Université de Liège
-8Roca, Z., Roca, M.N.O., 2007. Affirmation of territorial identity: a development policy issue. Land Use Policy 24 (2), 434–442.
9- رحال بوبريك، (2018) عودة الهُويّات الجماعية، مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث.
10- محمد محمود خضر سعيد، الهُويّة المكانيّة للدولة المصرية بين العاصمة الادارية الجديدة والقديمة، ( 2023)، المجلة العربية لعلم الاجتماع.
11- مصطفى جليل ابراهيم الزبيدي، البنية المكانيّة وأثرها على سياسة التنمية، معهد التخطيط الحضري، العراق.
[1] – دكتوراه من المعهد العالي للدكتوراه في الجامعة اللبنانيّة الآداب والعلوم الإنسانيّة والاجتماعية – قسم الجغرافيا.
Doctorat de l’Institut Supérieur de Doctorat de l’Université Libanaise des Lettres, des Sciences Humaines et Sociales – Département de Géographie.. Email: Rag.hida@hotmail.com
[2]– (التنظيم المثالي للكائن)” (Lussault ، 2003 ، ص 480) 5.Relph (1986)