عنوان البحث: العربيّة وأخواتها
اسم الكاتب: أ. د باسم ميخائيل جبور
تاريخ النشر: 13/05/2025
اسم المجلة: مجلة أوراق ثقافية
عدد المجلة: 37
تحميل البحث بصيغة PDFالعربيّة وأخواتها
Arabic and its sisters
Dr.Bassem Michael Jabbour أ. د: باسم ميخائيل جبور([1])
اللغة كما عرّفها العلماء العرب القدامى مثل ابن جني والجرجاني هي: “أصواتٌ يعبّر بها كل قوم عن أغراضهم”. ولا شك أن اللغة أعم وأشمل من هذا التعريف البسيط، فهي لا تقتصر على المنطوق من الكلام؛ بل تشمل المكتوب والإشارات والإيماءات والتعبيرات الوجهية التي ترافق الكلام وسلوكه.
ومن الصعوبة الفائقة معرفة أين وكيف بدأت لغة الإنسان الأوّل، لذلك نفترض أنها نشأت مع أوّل جماعة إنسانية في هذا الوجود، أيًا كان طابعها.
وقد استمرت اللغة منطوقة لمراحل طويلة من التاريخ البشري، وانتقلت شفاهًا عبر أجيال كثيرة، حتى ابتدع الإنسان فكرة التدوين في نهاية الألف الرابع ق. م (3200ق. م).
هذا وتمثل الكتابتان السومرية والهيروغليفيّة أقدم أشكال الكتابة التي عرفتها البشرية، ويصعب الجزم بأسبقية إحداها على الأخرى، لأنّ بداية الكتابتيْن تعود إلى الحقبة ذاتها في أواخر الألف الرابع ق. م.
وتنتمي اللغة العربية إلى مجموعة ما يعرف باسم اللغات السامية التي اصطلح على تسميتها بهذا الاسم اعتمادًا على التوراة في الإصحاح العاشر من سفر التكوين، وأول من استخدم هذا المصطلح العالم المستشرق الألماني (شلوتزر) العام 1781م، وتبناه كثير من المستشرقين بعده، حتى أصبح المصطلح الأكثر شهرة في جامعات العالم على الرغم من عدم دقته العلمية.
تقسم اللغات السامية اعتمادًا على أماكن انتشارها إلى شرقية وغربية وجنوبية، كما يأتي:
أوّلًا: المجموعة الشّرقيّة
تتمثل باللغة الأكدية القديمة التي انتشرت في مملكة أَكَد في القرن الرابع والعشرين ق. م، وتنقسم قسمين رئيسين هما (البابلية جنوبًا والآشورية شمالًا)، وقد بقيت الأكدية مستخدمة بإحدى لهجتيها حتى أواخر الألف الأوّل ق. م.
ثانيًّا: المجموعة الغربية: وتقسم بدورها قسمين رئيسين:
أ- الفرع الكنعاني: ويضم عددًا من اللغات المستخدمة في ساحل المتوسط، وهي:
- اللغة الأوجاريتية: وهي لغة النصوص المكتشفة في رأس شمرا في اللاذقية العام 1929م، وعُثِر على نصوص مسمارية ترقى بتاريخها إلى أواسط الألف الثاني ق. م في القرن الرابع عشر ق.م تحديدًا، وهي أوّل كتابة أبجدية متطورة مهذبة في الشرق القديم.
- اللغة الفينيقيّة: لغة الأقوام الفينيقيّة التي أقامت مدنًا لها على سواحل المتوسط، وعُثر على نقوشها في عدد من المواقع الأساسية مثل: جبيل وصور وصيدا، كما عثر على بعض النقوش الأخرى خارج المنطقة الساحلية التي استقر بها الفينيقيون كشواطئ الساحل التونسي، وعُرفت لغتهم باسم اللغة البونية.
- اللغة المؤابية: هي لغة القبائل التي استقرت في شرق نهر الأردن في القرن التاسع ق. م، والمعلومات عنها قليلة إلى حدٍ كبير، نستقيها بالدرجة الأولى من الإشارات الواردة في العهد القديم.
- اللغة العبريّة: إحدى اللهجات الكنعانيّة، وتمثل النصوص المكتشفة على ساحل البحر الميت، والمعروفة باسم (لفائف البحر الميت)، إضافة إلى نصوص العهد القديم، ويعود تأريخها بين القرن الثالث ق. م والثاني الميلادي.
ب- الفرع الآرامي: ترقى النقوش الآرامية إلى القرن العاشر ق. م، وهي قسمان :
- الآرامية الشرقية: أهم لهجاتها:
- الآرامية الدولية: استُخدمت بين القرنين السابع والخامس ق. م، وسميت الدولية؛ لأن الأخمينيين استخدموها لغة رسمية للدولة أضافة إلى الفارسية القديمة.
- آرامية التلمود البابلي: كُتب التلمود بالعبريّة القديمة وشُرح بالآرامية، ولعلّ هذه الشروح تُعرف باسم آرامية التلمود، وهي لهجة خاصة من لهجات الآرامية الأم.
- المندعيّة: لهجة الصائبة المندعيين أو المندائيين أتباع يوحنا المعمدان (يحيى)، تُعرف نقوشهم من القرن الثالث الميلادي وحتى القرن الثامن، وكان أن استوطنوا الأهواز (عربستان) جنوب شرق العراق.
- السريانيّة: لهجة مدينة الزها (أورفا) شمال سوريا، وهي لهجة المسيحيين الآراميين، انقسمت في القرن الخامس الميلادي إلى قسمين شرقية وغربية، وهم: النساطرة واليعاقبة الذين اختلفوا حول طبيعة السيد المسيح، أثنائية كما رآها النساطرة أم أحادية كما رآها اليعاقبة؟
- الآرامية الغربية: لهجاتها المهمّة:
- السّامريّة: السامريون طائفة من اليهود، يؤمنون بالأسفار الخمسة الأولى من العهد القديم.
- التّدمريّة: تعود أقدم كتاباتها إلى القرن الأول ق. م، وتمتد للقرن الثالث الميلادي.
- النبطية: لغة أقوام الأنباط الذين استقروا شمال الجزيرة العربية وجنوب بلاد الشام البتراء، وتعود نقوشهم إلى القرن الأول ق. م وحتى القرن الرابع الميلادي.
- آرامية الحضر: هي لغة سكان جنوب غرب الموصل، تعود نقوشهم إلى القرن الأول الميلادي.
ثالثًا : المجموعة الجنوبية، لغاتها المهمّة:
- العربية الشمالية: وهي قسمان بائدة وباقية، أمّا البائدة فهي لغة انقرضت من التخاطب ولم يبقَ من آثارها إلّا بعض النقوش، وأشهرها النقوش الثمودية واللحيانية والصفوية المتأثرة أصلًا بشكل واضح بالآرامية خطًّا ولغةً، هذا وتعد النقوش الثمودية مادة غنية لدراسة العربيّة الشمالية البائدة، أمّا النقوش الصفوية المسماة بهذا الاسم نسبة إلى جبل الصفاة جنوب شرق دمشق، فيعود بعضها إلى القرون الثاني والثالث وأوائل الرابع الميلادي، في حين تنتسب النقوش اللحيانية إلى قبائل لحيان التي تعود أقدمها إلى مابين القرنين الرابع والثاني ق. م، ولا يتجاوز أحدثها القرن السادس الميلادي، وقد اكتشفت في منطقة العلا شمال الحجاز.
- واللغة العربية الباقية (الفصحى) هي لغة وسط وشمالي الجزيرة العربية، وترقى أقدم نقوشها إلى القرن الرابع الميلادي.
- العربيّة الجنوبيّة: لغة نقوش الممالك والأقوام العربية الجنوبية التي يتراوح تاريخها بين القرن الثامن ق. م والقرن السادس الميلادي، وقد عثر على أغلب نقوشها من النصف الجنوبي من الجزيرة العربية في اليمن، وعثر على بعضها الآخر في صعيد مصر وفي الحبشة، ولهجاتها المهمّة السبئية والحضرميّة والمعينية.
- الحبشيّة: انتشرت في الحبشة نتيجة هجرة بعض القبائل الجنوبية عن طريق باب المندب في القرن السابع ق. م، والقبائل المهمّة التي هاجرت قبيلتا حبشت التي أطلقت اسمها على المنطقة فعرفت باسم الحبشة، وقبيلة أجعازي التي أطلقت اسمها على اللغة الجعزية.
[1] – أستاذ اللغات القديمة في جامعة حلب،وعضو لجنة التحكيم في المجلّة.
Professor of Ancient Languages at the University of Aleppo, and a member of the journal’s arbitration committee. Email: jabbourbasem3@gmail.com