عنوان البحث: الهندسة العكسيّة للذكاء الاصطناعي في الحروب الحديثة: مقاربة سوسيولوجيّة عسكريّة
اسم الكاتب: فادي رضا
تاريخ النشر: 16/07/2025
اسم المجلة: مجلة أوراق ثقافية
عدد المجلة: 38
تحميل البحث بصيغة PDFالهندسة العكسيّة للذكاء الاصطناعي في الحروب الحديثة: مقاربة سوسيولوجيّة عسكريّة
Reverse Engineering Artificial Intelligence in Modern Warfare: A Sociological-Military Approach
فادي رضا([1])Fadi Reda
تاريخ الإرسال:29-4-2025 تاريخ القبول:16-6-2025

الملخص
تناول البحث تحوّل الذكاء الاصطناعي إلى أداة مركزيّة في الحروب الحديثة، ليس فقط لاتخاذ القرار العسكري، بل لإنتاج مفاهيم جديدة للقوة والسّيادة والعدو. عبر مقاربة سوسيولوجيّة عسكريّة، تحلّل هذه الورقة البحثيّة كيفيّة مساهمة الخوارزميّات في إعادة تشكيل الحقل العسكري، مقدمًا مفهوم “الهندسة العكسيّة للذكاء الاصطناعي” كآلية مقاومة تفكك منطق الأنظمة الذكية. يُظهر البحث كيف يمكن للهندسة العكسيّة أن تتحول إلى استراتيجيّة مضادة تُستخدم من فاعلين غير متماثلين لإعادة التّوازن في النّزاعات الحديثة.
الكلمات المفاتيح: الذكاء الاصطناعي العسكري، الهندسة العكسيّة، الحروب الحديثة، الخوارزميات والسلطة، السيطرة الرقمية، الحرب غير المتماثلة، المعرفة والمقاومة، التكنولوجيا والصراع، فواعل شبه ذاتية.
Abstract
This study explores the emergence of artificial intelligence (AI) as a central tool of modern warfare. AI not only supports military decision-making, but also redefines notions of power, sovereignty, and the enemy.
Using a military-sociological lens, the paper examines how algorithms reshape the military field. It introduces “reverse engineering of AI” as a form of resistance aimed at deconstructing these systems.
The study highlights how reverse engineering evolves from a technical process into a counter-strategy employed by asymmetric actors to rebalance power in contemporary conflicts. Finally, it connects technology, knowledge, and authority, asserting that reverse engineering has become a key form of resistance under digital hegemony.
Keywords: Military artificial intelligence, reverse engineering, modern warfare, algorithms and power, digital control, asymmetric warfare, knowledge and resistance, technology and conflict, semi-autonomous agents.
المقدمة
شهدت النّزاعات العسكريّة في القرن الحادي والعشرين تحولات جذريّة، إذ لم تعد الحروب تقتصر على الميادين التقليديّة، بل امتدت إلى الفضاءات الرّقميّة المعقدة التي تؤدي فيها الخوارزميّات دورًا محوريًّا في صياغة الاستراتيجيّات واتخاذ القرارات وتحديد الأهداف. هذا التّحول لا يمكن فهمه بمعزل عن بنيته الاجتماعيّة والسوسيولوجيّة، إذ إن الذكاء الاصطناعي، على الرّغم من مظهره التّقني البحت، يحمل تمثلات اجتماعية وبُنى قوة ومفاهيم للهيمنة والمقاومة.
تبرز هذه الدّراسة مفهوم”الهندسة العكسيّة للذكاء الاصطناعي”كآلية جديدة للتّعامل مع الأنظمة الذّكيّة المعادية، فيتجاوز التّحليل التّقني نحو ممارسة معرفيّة مقاومة تستهدف فهم منطق القوّة الكامن وكشف مكامن الضعف وإعادة توجيه الأنظمة أو تعطيلها.
تهدف هذه المقالة إلى تحليل العلاقة بين التكنولوجيا والقوة في السّياق الحربي من منظور سوسيولوجي، وتفكيك آليات اشتغال الذّكاء الاصطناعي، موضحةً كيف يمكن للهندسة العكسيّة أن تتحول إلى استراتيجيّة مضادة داخل الحقل العسكري المعولم. وبناءً على ما تقدم تطرح الإشكاليّة الإتية:
الى أي مدى تساهم الهندسة العكسيّة للذكاء الاصطناعي في إعادة تشكيل التوازنات في النزاعات الحديثة من منظور سوسيولوجي؟
يتفرع من الإشكالية التساؤلات الآتية:
ما حدود تأثير الهندسة العكسيّة في كبح قدرات السّلطة على الهيمنة الرّقميّة في المواجهة ؟
أين يكمن دور المجتمع والأخلاق الإنسانيّة في ضبط تحكم الخوارزميّات في إصدار الأحكام عبر إستخدام الذّكاء الاصطناعي؟
الإطار النّظري والمفاهيمي.1
بورديو والحقل العسكري-التّقني: 1.1
اعتمد بيير بورديو في تحليله للمجالات الاجتماعيّة على مفهوم “الحقل” الذي يعرّفه كفضاء اجتماعي مستقل نسبيًا عن الحقول الأخرى، تُنتج داخله قوى، علاقات، ورهانات خاصة. كل حقل تحكمه قوانينه الخاصة، وتتنافس فيه الفاعليات وفاقًا لموارد رمزيّة وماديّة تسمى بـ”رأس المال (Capital) والذي قد يكون اقتصاديًا، ثقافيًا، اجتماعيًا أو رمزيًا.
بتطبيق نظرية الحقول على السّياق العسكري التّقني، يمكن عدُّ الذكاء الاصطناعي العسكري حقلًا فرعيًا ناشئًا داخل الحقل العسكري التقليدي. هذا الحقل يتميز بصراع مستمر بين فاعلين مختلفين: جيوش وطنية، شركات تكنولوجية، مراكز أبحاث، وحتى فاعلين غير حكوميين. كل منهم يسعى لامتلاك أو احتكار رأس المال التكنولوجي، المتمثل في القدرة على تطوير واستخدام أنظمة الذّكاء الاصطناعي الفاعلة عسكريًا.
ضمن هذا الحقل، تصبح المعرفة التقنية المتقدمة (كالمعرفة بالخوارزميّات، وتعلم الآلة، ومعمارية الشبكات العصبيّة) شكلًا من أشكال رأس المال الثقافي والتقني الذي يُترجم إلى قوة عسكريّة واستراتيجيّة.
وهنا تبرز أهمّيّة الهندسة العكسيّة، إذ تمثل أداة لزعزعة احتكار رأس المال التّقني داخل الحقل، من خلال تمكين الفاعلين الأضعف من كشف أسرار الأنظمة المتطورة وإعادة توظيفها. إذًا، الهندسة العكسيّة ليست مجرد عمليّة تفكيك تقنية، بل ممارسة سوسيولوجية تسعى إلى تغيير توازنات القوى داخل الحقل العسكري-التقني، عبر كسر احتكار المعرفة وتحويل موازين الصراع. (Bourdieu, 1993)
١.٢ فوكو والسيطرة الخوارزميّة
يُعد ميشال فوكو من أبرز المفكرين الذين تناولوا العلاقة بين المعرفة والسلطة، موضحًا كيف أن كل إنتاج للمعرفة يصاحبه دائمًا إنتاج لعلاقات قوى. بالنسبة إلى فوكو، لا توجد معرفة محايدة، بل كل منظومة معرفيّة تخدم أنماطًا معينة من السيطرة والهيمنة. عند تطبيق هذا الإطار النّظري على الذّكاء الاصطناعي العسكري، نجد أنّ الخوارزميات ليست مجرد أدوات حسابيّة، بل تمثل أنظمة إنتاج معرفي تولّد تصنيفات، تحدد المخاطر، وتنتج معايير للتهديد. تتحول الخوارزميّات بذلك إلى بنى سلطة، قادرة على إعادة تعريف الواقع العسكري والاجتماعي من دون تدخل بشري مباشر. (foucault، 1977)
تتحقق السيطرة الخوارزميّة حين تتولى الخوارزميّات اتخاذ قرارات مصيريّة تتعلق بتحديد العدو، التهديد، وأولوية الاستهداف، بناءً على معايير مبرمجة مسبقًا قد تكون منحازة أو محدودة الفهم السّياقي. وهكذا تُمارس سلطة من دون وجه، ومن دون مساءلة واضحة، ما يعمّق الطابع التلقائي وغير الإنساني للهيمنة الحديثة.
الهندسة العكسيّة في هذا السّياق لا تقتصرعلى تفكيك النّظام البرمجي، بل تمثل فعل مقاومة معرفي ضد هذه السّلطة الخفيّة. فهي تحاول كشف الطبقات الغامضة للقرار الخوارزمي، وإعادة مساءلة معاييره الضمنية، وفضح التحيزات الكامنة في بنية الأنظمة الذكية. بالتالي، ومن منظور فوكوي، الهندسة العكسيّة ليست فقط تقنية مضادة بل ممارسة سياسية تهدف إلى تقويض البنية السلطوية للخوارزميّات، واستعادة إمكانيّة التّدخل البشري النقدي في مواجهة استبداد الذكاء الآلي.
١.٣ كاستلز والشّبكات في زمن الحرب
طرح مانويل كاستلز في نظريته حول “مجتمع الشّبكات” تحولًا جوهريًا في فهم بنية السّلطة الحديثة. وفاقًا له، لم تعد السّلطة تتمركز داخل المؤسسات التّقليديّة الصّلبة (مثل الدولة أو الجيش التقليدي)، بل انتقلت إلى الشّبكات المرنة، فتتدفق المعلومات عبر منظومات مترابطة عابرة للحدود. في سياق الحروب الحديثة، يمثل الذكاء الاصطناعي التجسيد الأبرز لمنطق الشبكات، إذ تُعالج البيانات، اتخاذ القرارات، وتنفيذ العمليات العسكريّة من خلال شبكات ذكية موزعة، تفوق في سرعتها واستجابتها أي هرميّة تنظيميّة تقليدية. الخوارزميّات في هذه الشّبكات لا تعمل بمعزل عن البيئة الاجتماعيّة، بل تعيد تشكيلها. فهي تحدد من هو العدو؟ ما هو التّهديد؟ وأين يجب أن يتمركز الرّد العسكري؟ وكل ذلك ضمن بيئة معلوماتيّة تتغير لحظيًا. وهكذا تتحول الحرب إلى صراع شبكي، فيكون التّحكم بالتّدفقات المعلوماتيّة هو جوهر القوة، لا السيطرة الفيزيائيّة على الأرض فحسب. من هذا المنطلق، تبرز الهندسة العكسيّة كاستراتيجيّة لتفكيك منطق الشّبكة ذاتها. عبر فهم كيفيّة تدفق البيانات داخل الأنظمة الذّكيّة، وكيف تُصنَّف المعلومات وتحديد الأهداف، يمكن للفاعلين المعارضين تعطيل الشّبكة أوإعادة توجيه تدفقاتها بطريقة تقوّض السيطرة.
الهندسة العكسيّة،إذن، ليست فقط محاولة لاختراق نظام منفرد، بل فعل نقدي يستهدف تفكيك النّظام الشّبكي الأوسع الذي تقوم عليه الحروب المعاصرة. إنّها مقاومة تتحدى منطق التّدفق والسّيطرة المعلوماتيّة، وتسعى لإعادة إرساء مساحات للمبادرة الإنسانيّة داخل فضاءات الحرب الرّقميّة.(M، 2009) (castells، 2010).
لا يمكن الاكتفاء بالتّحليل التّقني أو القانوني التّقليدي عند مقاربة معقدة لموضوع الهندسة العكسيّة للذكاء الاصطناعي ضمن النزاعات العسكريّة الحديثة؛ وكان لا بد من استدعاء أطر سوسيولوجيّة قادرة على تفكيك الظواهر المعقدة التي تتقاطع فيها التكنولوجيا مع السّلطة والمعرفة والشّبكات الاجتماعيّة.
لهذا، استندت الورقة البحثيّة إلى ثلاثة محاور كبرى:
- نظرية الحقول لرائد السوسيولوجيا بيير بورديو.
- تحليل السلطة والمعرفة عند ميشال فوكو.
- سوسيولوجيا الشبكات والسلطة المعلوماتية مع مانويل كاستلز.
كل مقاربة من هذه المقاربات تقدم أداة ضروريّة لفهم أبعاد مختلفة من تحولات الحروب الرّقميّة.
أولًا: مقاربة بورديو — الحقل العسكري-التقني
يقدم بورديو (Bourdieu، 1993) مفهوم الحقل كمساحة اجتماعيّة مستقلة نسبيًا، يتحرك داخلها الفاعلون وفاق منطق خاص، يتنافسون فيه على أشكال مختلفة من رأس المال (اقتصادي، ثقافي، رمزي).
- تطبيق هذا المفهوم على الذّكاء الاصطناعي العسكري يسمح بفهم أن التّحكم بالخوارزميّات والأنظمة الذّكيّة ليس مسألة تقنية فحسب، بل هو امتلاك لرأس مال استراتيجي داخل الحقل العسكري.
- شركات التكنولوجيا الكبرى، جيوش الدول، والمخابر البحثيّة تتصارع اليوم بمنطق الفاعلين نفسه داخل الحقل: الهيمنة على أدوات إنتاج القرار القتالي الذكي.
- الهندسة العكسيّة هنا تفهم بوصفها استراتيجيّة تكسير للاحتكار داخل هذا الحقل، عبر إعادة توزيع رأس المال التقني.
بالتالي، يقدم بورديو أساسًا لفهم أن التّحكم بالذكاء الاصطناعي مسألة قوة اجتماعية لا تقنية فقط.
ثانيًا: مقاربة فوكو — السيطرة الخوارزميّة
يرى فوكو (foucault، 1977) أنّ المعرفة سلطة، وأنّ كلّ إنتاج معرفي ينتج معه نظام مراقبة وضبط.
- الذّكاء الاصطناعي لا يكتفي باتخاذ القرارات العسكريّة، بل ينتج معايير معرفيّة تحدد من هو العدو، ما هو الخطر، وكيف يجب الرد.
- الخوارزميّات تعمل كأنظمة معياريّة خفيّة: تصنف، تميز، تُقصي من دون تدخل بشري ظاهر.
- الهندسة العكسيّة، من هذا المنظور، ليست فقط تفكيكًا برمجيًّا بل هي مقاومة معرفيّة تهدف إلى كشف أنظمة التّصنيف الخفيّة التي تكرّس السيطرة.
مع فوكو، ننتقل من فهم الذّكاء الاصطناعي كأداة إلى فهمه كبنية معرفيّة سلطة.
ثالثًا: تحليل مقاربة كاستلز — الشّبكات في زمن الحرب
يُعيد كاستلز (castells، 2010) صياغة مفهوم السّلطة من السيطرة المركزيّة إلى السيطرة عبرتدفقات المعلومات داخل الشبكات.
- الذكاء الاصطناعي في الحروب يمثل منطق الشّبكات بامتياز: جمع البيانات، معالجتها، اتخاذ القرار، وتنفيذه كله يحصل داخل شبكات معقدة لا مركزيّة.
- السّيطرة العسكريّة لم تعد تعتمد فقط على احتلال الأرض، بل على التّحكم بتدفقات المعلومات والبيانات الجغرافيّة والاستراتيجيّة.
- الهندسة العكسيّة هنا تفهم بوصفها محاولة للتدخل في بنية الشبكة نفسها: اختراق التدفقات، تعطيلها، أو إعادة توجيهها. مع كاستلز، نفهم أن السّيطرة الرّقميّة مرتبطة ببنية الشّبكات، وليس بالمكان الفيزيائي.
الربط النّظري بين المقاربات الثلاثة
- مع بورديو: نرى أن الذكاء الاصطناعي ينتج حقل قوة جديدًا، من يتحكم فيه يمتلك رأس المال العسكري الجديد.
- مع فوكو: نكتشف أنّ الخوارزميّات ليست أدوات فقط بل سلطات معرفيّة تنتج حقائق ميدانية جديدة.
- مع كاستلز: نعي أنّ السيطرة لم تعد معركة ماديّة فقط، بل معركة معلوماتيّة ضمن شبكات غير مرئية.
الهندسة العكسيّة، بالتالي، تتقاطع مع هذه الأبعاد الثلاثة: هي تفكيك للقوة داخل الحقل (بورديو)، مقاومة معرفية (فوكو)، وتخريب تدفق الشبكات (كاستلز).
لم تعد الهندسة العكسيّة في السّياق العسكري مجرد نشاط نظري أو مخبري، بل تحولت إلى أداة فاعلة ومباشرة في ميدان المعركة. غير أن هذا التّحول، وإن بدا دليلًا على التقدم التقني والفعاليّة، يطرح إشكالات اجتماعيّة وأخلاقيّة عميقة: من يتحكم في هذه الأدوات؟ كيف يُعاد توجيه المعرفة لخدمة الصّراع بدلًا من خدمة الإنسان؟ وهل يجوز أن تُختزل القدرة التقنيّة إلى وظيفة تدميريّة من دون مُساءلة عن الغاية والنتائج؟”
- هابرماس: التكنوقراطية وموت النقاش العمومي
يرى يورغن هابرماس Jürgen Habermas أن تقدم التكنولوجيا لا يجب أن ينفصل عن الفعل التّواصلي والمساءلة العموميّة. حين تتحول الهندسة العكسيّة إلى أداة حرب، فإنّها تخرج من المجال المدني إلى المجال التقني المغلق الذي تُهيمن عليه النخبة العسكريّة والصناعية. وهذا ما يُضعف الفضاء العمومي ويُقصي المواطنين من النقاش حول كيفيّة استخدام هذه المعارف. (Habermas، (1984
- ميشيل فوكو: المعرفة كأداة للسلطة
لا يرى فوكو Foucault المعرفة بريئة. الهندسة العكسيّة العسكريّة ليست فقط أداة لفهم “الآخر” التقني، بل هي وسيلة لإعادة إنتاج السلطة، لمراقبة الخصم، بل لتكريس “العين السلطوية” في ساحة المعركة. وهنا تتحول كل قطعة تكنولوجيا عكسية إلى امتداد للجسد العسكري-الدولتي، مما يزيد من مركزية السلطة ويُقوّي منطق السيطرة بدل منطق التعاون أو التفاهم. (foucault، 1977)
- بيير بورديو: الرأسمال الرمزي والمعرفي
لا تكون الهيمنة من منظور بورديو Bourdieu، فقط بالقوة بل بالمعرفة التي يُنظر إليها على أنّها “محايدة”. في حين أنّ الهندسة العكسيّة قد تبدو تقنية محايدة، إلّا أنّها تُعيد إنتاج ميزان القوى بين الأمم والمؤسسات. استخدامها في الحرب يمنح “رأسمالًا رمزيًا” جديدًا لمن يمتلك القدرة على تفكيك تكنولوجيا العدو، وهو ما يُكرّس التفاوتات المعرفيّة والاجتماعيّة بين المركز والأطراف. (Bourdieu H. , (1991))
- بول فيريليو: السّرعة ككارثة
يرى فيريليو virilo أنّ التكنولوجيا العسكريّة تُسارع من وتيرة الأحداث إلى درجة تُفقِد المجتمعات قدرتها على التفكير أو التّأمل. حين تُستخدم الهندسة العكسيّة في الوقت الحقيقي للمعركة، فإنّ “زمن القرار” يُختزل لصالح “زمن الفعل”، ما يؤدي إلى تراجع القيم الأخلاقيّة والاعتبارات الاجتماعيّة أمام منطق “السبق والردع”. (virilo, (2006))
- هانّا أرندت: شرّ العاديّة وفقدان المسؤوليّة
تحذّر أرندت Arendtمن تحوّل الأفراد داخل الأنظمة التقنيّة إلى أدوات تنفيذ من دون تفكير أخلاقي. المهندس العكسي الذي يعمل على تفكيك منظومة عسكريّة قد لا يُسائل نفسه عن النتائج الإنسانيّة لعمله، ما يُنتج ما وصفته أرندت بـ”تفاهة الشر”— أفعال شريرة تُرتكب بلا نية شريرة، بل فقط عبر تجاهل التفكير النقدي. (Arendt, (2006))
٣. الهندسة العكسيّة كاستراتيجية مضادة
٣.١ تعريف الهندسة العكسيّة في السياق الحربي
تشير الهندسة العكسيّة في السّياق العسكري إلى عمليّة تحليل الأنظمة التقنية المعادية لفهم بنيتها ووظيفتها من دون الحاجة للوصول إلى كودها أو تصاميمها الأصليّة (Anderson، (2020))
تقوم الفكرة الأساسيّة على تفكيك عمل الأنظمة الذّكيّة (مثل الطائرات المسيّرة، أنظمة الرّصد الآلي، الخوارزميّات التنبؤيّة) لفهم نقاط ضعفها واستغلالها. الهندسة العكسيّة هنا تتجاوز الجانب التقني التقليدي لتصبح ممارسة استراتيجيّة: عبر فهم كيفيّة عمل النّظام العدوّ، يمكن تطوير أدوات لتعطيله، خداعه، أو حتى توجيه سلوكه بما يخدم أهداف الفاعل الأضعف. مثال عملي: قامت في الحرب الأوكرانيّة الروسيّة، وحدات متخصصة من الجيش الأوكراني باستخدام تقنيات الهندسة العكسيّة لتحليل مسارات الطائرات الروسيّة المسيرة واعتراض إشارات التّحكم بها، ما مكنهم من تعطيلها وإسقاطها (ukraine uses captured russian drones to fight back، (2022,March 12))
إذًا، الهندسة العكسيّة الحربيّة اليوم لم تعد نشاطًا نظريًا أو مخبريًا، بل أداة فاعلة في ميدان المعركة.
٣.٢ أمثلة على استخدام الهندسة العكسيّة
ساهمت الهندسة العكسيّة في تغيير موازين العديد من النّزاعات المعاصرة عبر تمكين الفاعلين الأضعف من استهداف الأنظمة الذّكيّة التي تعتمد عليها القوى الكبرى.
يتجسد ذلك من خلال عدة أساليب عملية، أبرزها:
الهجمات الخوارزميّة العدائيّة (Adversarial Attacks)
هذه الهجمات تستهدف أنظمة الذّكاء الاصطناعي عبر إدخال بيانات مُضللة أو مشوشة لخداعها.
مثلًا، استخدمت مجموعات بحثيّة تقنية تغييرات طفيفة على صور حقيقيّة لجعل أنظمة التعرف إلى الأهداف العسكريّة تفشل في تصنيفها بشكل صحيح (Goodfellow et al., 2015).
تعطيل أنظمة الطائرات من دون طيار، مثال عملي
خلال النّزاع السوري، تمكنت بعض الفصائل المسلّحة من تطوير أدوات تشويش إلكتروني تعتمد فهم طريقة عمل ترددات الطائرات من دون طيار، فمكنهم من إسقاط أو تعطيل الدّرونز العسكريّة (syrian rebels reportedly using electronic warfare to take down russian drones، (2018,may 6))
محاكاة النّماذج الذّكيّة
قامت بعض الفرق التقنية بمحاكاة برمجيّات الرصد الحراري الخاصة بالخصم عبر الهندسة العكسيّة، ما مكنهم من تطوير وسائل تشويش أو خداع بسيطة لكنها فعالة.
الهندسة العكسيّة لم تعد حكرًا على المؤسسات الكبرى، بل أصبحت وسيلة مفتوحة أمام الفاعلين غير المتماثلين لاستغلال التكنولوجيا الذكية ضد صانعيها.
٣.٣ الهندسة العكسيّة كسلاح غير متماثل
في الحروب التقليديّة، تميل القوى الكبرى إلى فرض هيمنتها عبر تفوقها التكنولوجي والعسكري. لكن الهندسة العكسيّة قدمت للفاعلين غير المتماثلين (Non-state actors أو الدّول الصغيرة) فرصة نادرة لكسر هذا التفوق من دون الحاجة إلى موازنته مباشرة.
تعريف الحرب غير المتماثلة
يقصد بها استخدام تقنيات وأساليب غير تقليدية لمواجهة خصم يتمتع بتفوق عسكري أو تكنولوجي ساحق.
كيف تصبح الهندسة العكسيّة سلاحًا؟
عبر تحليل وفهم الأنظمة المتطورة للخصم، يتمكن الفاعل الضعيف من تطوير أدوات محلية بسيطة لتعطيل التكنولوجيا أو استغلال ثغراتها.
فبدلًا من مواجهة طائرات مسيرة حديثة بتكنولوجيا مماثلة، يمكن إسقاطها عبر أدوات تشويش رخيصة تم تطويرها بناءً على فهم هندسي عكسي لنظام الاتصالات الخاص بها.
مثال عملي: استطاع اليمن، مجموعات مسلحة محلية، عبر أساليب بدائية للهندسة العكسيّة، تطوير وسائل تشويش على الطائرات السعودية المسيرة، مما أضعف قدرتها على تنفيذ ضربات دقيقة (Houthi rebels down saudi drone over Yemeni skies.، 2020,september 12))
أ- الهندسة العكسيّة تعيد توزيع القوة
- لم تعد التكنولوجيا المتطورة ضمانة مطلقة للنصر.
- أصبح الذكاء والفهم العميق للأنظمة قادرًا على إعادة قلب موازين القوة.
- الهندسة العكسيّة لا تقتصر على كونها أداة تقنية لفك شيفرة الأنظمة الذكية، بل تتحول تدريجيًا إلى رمز سياسي وثقافي للمقاومة في زمن الحروب الرّقميّة.
ب- البعد الرمزي
- كل عملية تفكيك أو تعطيل لنظام ذكي متطور تمثل تحديًا مباشرًا لهيمنة القوة التقنية.
الهندسة العكسيّة بذلك تُعبر عن رسالة: “لا توجد تقنية محصنة، ولا سلطة خوارزميّة مطلقة”.
تحول المقاومة التقنية إلى خطاب سياسي
أصبحت الهندسة العكسيّة تُستخدم من الجماعات المقاومة، والنّشطاء، وحتى بعض الدول الصغيرة كدلالة على حقهم في مقاومة الاستعمار الرقمي الجديد (Zuboff، (2019
أمثلة رمزيّة
أصبحت في فلسطين، محاولات الشّباب الرّقمي لفهم واختراق أنظمة المراقبة الذكية الإسرائيليّة تُعرض كأشكال مقاومة ثقافية، وليس فقط تقنيّة
جرى في الحراك اللبناني، استخدام تقنيات بسيطة لتعطيل أنظمة التّتبع الرّقمي لقوات الأمن كجزء من حركة احتجاج رمزيّة ضد المراقبة المستمرة.
الهندسة العكسيّة تجاوزت حدود المختبرات وأروقة الحرب السيبرانيّة، لتصبح لغة احتجاج، وشكل مقاومة سياسي رمزي، يعبّر عن إرادة الشّعوب لاستعادة السيادة الرّقميّة أمام طغيان الخوارزميّات.
سوسيولوجيا جديدة للمقاومة الرّقميّة:
الجمع بين التعريف التقني للهندسة العكسيّة، وأمثلتها الميدانيّة، وتفسيرها كأداة غير متماثلة، وتحولها إلى رمز، يكشف أن:
سوسيولوجيا الحرب تغيرت جذريًا: من جغرافيا الأرض إلى جغرافيا البيانات.
والفاعلون تغيروا: من جيوش تقليديّة إلى مهندسين عكسيين ومبرمجين مقاومين.
ومعايير النّصر تغيرت: لم يعد النّصر بالسيطرة الجسديّة بل بالتّحكم في تدفقات الذكاء الاصطناعي.
الصراع الحديث هو صراع بين من ينتجون الخوارزميّات ومن يعيدون هندستها لمقاومتها.
البعد الأخلاقي: إشكاليات عميقة في قلب الصراع الرقمي
إن تحول الهندسة العكسية من نشاط نظري إلى أداة فاعلة ومباشرة في ميدان المعركة يطرح أسئلة أخلاقية حاسمة:
المسؤولية الأخلاقية في اتخاذ القرار الآلي (هابرماس وأرندت): يرى يورغن هابرماس أن تقدم التكنولوجيا يجب ألا ينفصل عن الفعل التواصلي والمساءلة العمومية. عندما تتحول الهندسة العكسية إلى أداة حرب، فإنها تخرج من المجال المدني إلى المجال التقني المغلق، ما يضعف الفضاء العمومي ويقصي المواطنين من النقاش حول كيفية استخدام هذه المعارف. هذا يقودنا إلى نقطة هامة وهي “من يتحكم في هذه الأدوات؟” وكيف يُعاد توجيه المعرفة لخدمة الصراع بدلًا من خدمة الإنسان؟
حنة أرندت تحذر من تحول الأفراد داخل الأنظمة التقنية إلى أدوات تنفيذ دون تفكير أخلاقي. المهندس العكسي الذي يعمل على تفكيك منظومة عسكرية قد لا يسائل نفسه عن النتائج الإنسانية لعمله، مما ينتج ما وصفته أرندت بـ”تفاهة الشر” – أفعال شريرة تُرتكب بلا نية شريرة، بل فقط عبر تجاهل التفكير النقدي. هذا يطرح تحديًا أخلاقيًا حول مسؤولية المطورين والمستخدمين للذكاء الاصطناعي العسكري.
المعرفة كأداة للسلطة والهيمنة (فوكو وبورديو): يؤكد ميشال فوكو أن المعرفة ليست بريئة، وأن الهندسة العكسية العسكرية ليست فقط أداة لفهم “الآخر” التقني، بل وسيلة لإعادة إنتاج السلطة ومراقبة الخصم وتكريس “العين السلطوية” في ساحة المعركة. هنا، تتحول كل قطعة تكنولوجيا عكسية إلى امتداد للجسد العسكري-الدولتي، مما يزيد من مركزية السلطة ويقوي منطق السيطرة. من منظور بورديو، الهيمنة لا تكون بالقوة فقط، بل بالمعرفة التي يُنظر إليها على أنها “محايدة”. في حين أن الهندسة العكسية قد تبدو تقنية محايدة، إلا أنها تعيد إنتاج ميزان القوى بين الأمم والمؤسسات، وتمنح “رأسمالًا رمزيًا” جديدًا لمن يمتلك القدرة على تفكيك تكنولوجيا العدو، مما يكرس التفاوتات المعرفية والاجتماعية. أخلاقيًا، هذا يعني أن التقدم التكنولوجي، حتى لو كان يهدف للمقاومة، يمكن أن يؤدي إلى دورات جديدة من الهيمنة والتفاوت، مما يتطلب تقييمًا مستمرًا للأثر الاجتماعي والأخلاقي لهذه الأدوات.
السرعة ككارثة وفقدان السيطرة (فيرليو): يرى بول فيريليو أن التكنولوجيا العسكرية تُسارع من وتيرة الأحداث إلى درجة تُفقد المجتمعات قدرتها على التفكير أو التأمل. عندما تُستخدم الهندسة العكسية في الوقت الحقيقي للمعركة، يُختزل “زمن القرار” لصالح “زمن الفعل”، مما يؤدي إلى تراجع القيم الأخلاقية والاعتبارات الاجتماعية أمام منطق “السبق والردع”. هذا التسارع يثير مخاوف جدية حول إمكانية اتخاذ قرارات مصيرية دون تقييم إنساني كافٍ للعواقب، مما يزيد من احتمالية الأخطاء المدمرة والتصعيد غير المقصود للنزاعات.
إعادة تأويل للهيمنة: الفاعلون غير المتماثلين لا يحاولون فقط تعطيل الأنظمة، بل أيضًا فضح المعايير المبطنة داخل الذكاء الاصطناعي (معايير تصنيف العدو، حسابات التهديد).
الخلاصات والاستنتاجات
يبرز المقال كيف تحول الذكاء الاصطناعي إلى أداة مركزية ليس فقط لاتخاذ القرار العسكري، بل أيضًا لإعادة تعريف مفاهيم القوة والسيادة والعدو؟
يشير المقال الى مفهوم “الحقل” لبورديو، موضحًا كيف أن الذكاء الاصطناعي العسكري يشكل حقلًا فرعيًا ناشئًا ضمن الحقل العسكري التقليدي. في هذا الحقل، تصبح المعرفة التقنية المتقدمة، مثل فهم الخوارزميات وتعلم الآلة، شكلاً من أشكال “رأس المال” الذي يترجم إلى قوة عسكرية واستراتيجية. تبرز الهندسة العكسية هنا كأداة لزعزعة احتكار هذا الرأسمال التقني، ما يمكن الفاعلين الأضعف من كشف أسرار الأنظمة المتطورة وإعادة توظيفها، وبالتالي تغيير توازنات القوى td الحقل العسكري – التقني. هذا التحليل يضيء جانبًا مهمًا من العدالة fتوزيع القوة، فيمكن للأدوات التقنية أن تكسر احتكار المعرفة الذي غالبًا ما تفرضه القوى الكبرى.
فوكو والسيطرة الخوارزمية: تحليل المقال لمقاربة فوكو يُظهر كيف أن الخوارزميات ليست مجرد أدوات حسابية، بل تمثل أنظمة لإنتاج المعرفة تولد تصنيفات وتحدد المخاطر وتنتج معايير للتهديد. بهذا تتحول الخوارزميات إلى بنى سلطة قادرة على إعادة تعريف الواقع العسكري والاجتماعي من دون تدخل بشري مباشر. الهندسة العكسية، في هذا السياق، لا تقتصر على التفكيك البرمجي، بل تمثل فعل مقاومة معرفي ضد هذه السلطة الخفية. من منظور فوكوي، هي ممارسة سياسية تهدف إلى تقويض البنية السلطوية للخوارزميات واستعادة إمكانية التدخل البشري النقدي في مواجهة “استبداد الذكاء الآلي”. هذا يثير أسئلة أخلاقية جوهرية حول المساءلة والشفافية في اتخاذ القرارات التي قد تؤثر على حياة البشر. هل يمكن قبول سلطة غير مرئية لا تخضع للمساءلة في تحديد مصائر الأفراد والدول؟.
كاستلز والشبكات في زمن الحرب: يوضح المقال كيف أن الذكاء الاصطناعي يمثل التجسيد الأبرز لمنطق الشبكات لكاستلز في الحروب الحديثة. حيث تُعالج البيانات وتُتخذ القرارات وتُنفذ العمليات العسكرية عبر شبكات ذكية موزعة. الهندسة العكسية تبرز كاستراتيجية لتفكيك منطق الشبكة ذاتها، عبر فهم كيفية تدفق البيانات وتصنيف المعلومات، مما يمكن الفاعلين المعارضين من تعطيل الشبكة أو إعادة توجيه تدفقاتها لتقويض السيطرة. هذا التحليل يسلط الضوء على أن السيطرة العسكرية لم تعد تعتمد على الاحتلال الفيزيائي للأرض فحسب، بل على التحكم بتدفقات المعلومات. أخلاقيًا، يطرح هذا تحديًا كبيرًا لمفاهيم السيادة الوطنية وحماية البنية التحتية الحيوية من التدخلات الرقمية التي قد تأتي من فاعلين غير دوليين.
تمثل الهندسة العكسية للذكاء الاصطناعي في سياق الحروب الحديثة طفرة سوسيولوجية عميقة، تتجاوز كونها مجرد عملية تقنية إلى فعل ذي أبعاد سياسية ورمزية ومجتمعية معقدة. إنها طفرة تعيد تعريف مفهوم القوة وتوازناتها في القرن الحادي والعشرين.
الهندسة العكسية كفعل مقاوم ما بعد حداثي:
أ-نزع السلطة وإعادة تأويل الهيمنة: تساهم الهندسة العكسية في تفكيك مركزية السلطة التي تتوزع عبر الخوارزميات والشبكات، وتكشف المعايير والتحيزات المبطنة داخل أنظمة الذكاء الاصطناعي، ما يشكل تحديًا للهيمنة الرقميّة.
ب_ إنتاج رواية مضادة: كل عملية تفكيك ناجحة لنظام ذكي تبعث برسالة قوية مفادها أن “التقنية ليست محايدة، والتفوق ليس حتميًا”، مما يقلب مفاهيم الحتمية التكنولوجية ويفتح المجال لتعددية قراءات الصراع.
ج_ ظهور فاعلين اجتماعيين جدد: شهدت ساحة الحرب صعود فئات مثل الهاكر الأخلاقي، والمبرمج الميداني، ومجموعات القراصنة المقاومة (Hacktivists). هؤلاء الفاعلون يسعون لامتلاك “رأس مال تكنولوجي رمزي” جديد، مما يخلق حقولاً اجتماعية جديدة للصراع على السلطة في الفضاء الرقمي.
د_ تشظي الحقول القتالية: تحول ميدان الحرب من جبهة جغرافية مادية بحتة إلى ساحات متعددة الأبعاد تشمل الفضاء الخوارزمي والإلكتروني والسيبراني.
ه_ المعرفة كسلاح أساسي: لم يعد النصر رهينًا بالقوة الصلبة وحدها، بل بالقدرة على فهم الأنظمة، تفكيكها، وإعادة صياغتها. تصبح المعرفة الدقيقة والتفكيك الرمزي للأنظمة الذكية سلاحًا رئيسيًا في يد الفاعلين المهمشين لمواجهة مراكز الهيمنة الرقمية العالمية.
وفي قلب هذه التحولات، يقف المهندس العكسي كمقاتل جديد، يربك شبكات السيطرة الرقمية، ويعيد رسم حدود القوة والمعرفة والسلطة في القرن الحادي والعشرين.
References
castells M. (2009). communication power. oxford university press.1
H rendt. ((1951)). the origins of totalitarianism . Harcourt brace jovanovish.2
Houthi rebels down saudi drone over Yemeni skies. ((2020,september 12)). 3.Al Jazeera ، www.aljazeera.com.
K Anderson. ((2020)). Reverse engineering in modern conflict. 4.Journal of Defence Technology studies، 6(3),45-62.
M castells. (2010). wiley-blackwell.5
M foucault. (1977). Discipline and punish: the birth of the prison . 6.pantheon books.
P Bourdieu. (1993). The field of cultural production: Essays on art and literature.7 columbia University Press.
palestinian youth fight Israels digital dominance. ((2021,February 24)). 8.The Guardian ، www.theguardian.com.
S Zuboff. ((2019)). The age of surveillance capitalism . Public Affairs.9
syrian rebels reportedly using electronic warfare to take down russian drones.10 ((2018,may 6)). Military Times، www.militarytimes.com.
ukraine uses captured russian drones to fight back. ((2022,March 12)). bbc news،11 www.bbc.com.
Y.N. Harari. ((2017)). A brief history oh tomorrow. Harvill secker.12
[1] – ماجستير من الجامعة اللبنانيّة؛ باحث أكاديمي في علم اجتماع السياسة
MA from the Lebanese University; Academic Researcher in Political Sociology.Email: fadireda13@gmail.com