foxy chick pleasures twat and gets licked and plowed in pov.sex kamerki
sampling a tough cock. fsiblog
free porn

رحلة في ملكوت العشق: تأملات صوفية في ضوء “أيام مولانا”

0

عنوان البحث: رحلة في ملكوت العشق: تأملات صوفية في ضوء "أيام مولانا"

اسم الكاتب: الأب أنطوان يوحنا لطّوف

تاريخ النشر: 15/09/2025

اسم المجلة: مجلة أوراق ثقافية

عدد المجلة: 39

تحميل البحث بصيغة PDF

رحلة في ملكوت العشق: تأملات صوفية في ضوء “أيام مولانا”([1])

A Journey into the Kingdom of Love: Sufi Meditations in the Light of “The Days of Mawlana”

Father Antoine Youhanna Latouf,  الأب أنطوان يوحنا لطّوف[2]

تاريخ الإرسال:23-6-2025                                  تاريخ القبول:12-8-2025

الملخّص:

المقالة أدناه هي تأملٌ صوفيّ، وجدانيّ، في كتاب «أيّام مولانا وقواعد العشق الأربعون» للكاتب محمَّد حسين بَزّي، وفيها يتقصّى الأب أنطوان يوحنّا لطّوف ملامحَ العشق الإلهيّ كمقامٍ روحيّ، وسلوك داخليّ، وعبورٍ وجوديّ نحو الحَضرة الإلهيّة. وينطَلق كاتب المقال من قراءة عاشقة لمفاهيم مثل الوَجد، والفناء، والمُكاشفة، والاتّحاد، ليُبيّن كيف يتحوّل العاشقُ، في ضوء التّجربة الصوفيّة، إلى كيانٍ مُتحرّر من الأنا ومفعَمٍ بنور في القلب، ومشدود إلى الله، لا طَمَعًا في جنّة ولا خوفًا من نارِ، بل عشقًا لذاته الإلهيّة. وفي هذا السياق، تُحاوِرُ المقالةُ رموزَ التُّراث الصوفيّ، من الرّومي إلى البَسطامي والحلاج، وتستند إلى آياتٍ من القرآن الكريم والكتاب المُقدَّس، لتُبيّنَ كيف يصبح القلبُ مِحرابًا، والزّمنُ نافذةً على الأزليّ، والعاشقُ مرآةً للحقّ. فالمقالةُ هي رحلةٌ في ملكوتٍ لا يُدرَك بالحواس، بل يُعاش بالوجد والجُّهد، في قلبٍ سلَكَ درب العشق حتى التجرّد الأقصى والفرَح السرمديّ.

الكلمات المفتاحية:

أيّام مولانا – العشق – التصوّف – قواعد العشق الأربعون – جلال الدّين الرّومي – القلب – النّفس – العاشق – الدّرويش – أنطوان يوحنا لطّوف – محمد حسين بزي.

Abstract
The article below is a mystical, heartfelt reflection on the book “Days of Mowlana and the Forty Rules of Love” by the author Muhammad Hussein Bazzi. In it, Father Antoine Yohanna Lattouf investigates the features of Divine Love as a spiritual station (maqām), an inward path, and an existential crossing toward the Divine Presence. The writer embarks from an ardent reading of concepts such as wujd (ecstatic presence), fanā’ (dissolution, passing away), mukāshafa (unveiling), and ittiḥād (union), to demonstrate how the lover, in the light of the Sufi experience, transforms into an entity freed from the ego and filled with light in the heart, drawn to God, not out of hope for Paradise nor fear of Hell, but out of love for His Divine Essence. In this context, the article engages in a dialogue with luminaries of the Sufi heritage, from Rumi to al-Bistami and al-Ḥallāj, and relies on verses from the Holy Qur’an and the Holy Bible to show how the heart becomes a sanctuary, time a window onto the eternal, and the lover a mirror of the Truth; thus, the article is a journey into a kingdom that cannot be perceived by the senses, but lived through ecstatic presence and effort, in a heart that has trodden the path of love up to the utmost detachment and eternal joy..

Keywords: Ayyam Mawlana – The Forty Rules of Love – Jalal al-Dine al-Roumi –  the passionate love – the Sufism – the heart – the soul – the lover – the Dervish – Antoine Yohanna Lattouf – Mohammad Hussein Bazzi.

 

الأب أنطوان يوحنا لطّوف

مقدّمة

في عوالم التصوّف، ليس العشق مجازًا شعريًا؛ بل هو مسار روحيّ وجوديّ، يعبُر فيه السّالك من حدود الجسد إلى آفاق الرّوح، ومن ظاهر الحياة إلى باطنها. والنصّ أدناه هو تأملٌ وجدانيّ في كتاب “أيام مولانا وقواعد العشق الأربعون”، يُجسّد رحلة العاشق في مقامات الفناء والعروج والاتّحاد كما خطّها قلم محمد حسين بزي بنور المعرفة، وسطّرها بعين القلب، لا بمداد الحبر.

  1. مقام العشق وبدء الرحلة

في مؤلَّفِهِ الفريد، “أيّام مولانا وقواعد العشق الأربعون”، يأخذك الكاتب الفذّ، “وارث علم الأولياء”([3])، محمّد حسين بزّي في رحلة وَجد إلى “عشقستان”؛ حيث نفوس هي سُلالة مولانا جلال الدّين الروميّ الذي أولَدَ أجيالًا من العشّاق، تطهّرت بالوجد الإلهيّ “ومُخالفة النّفس”([4])، ولا مهنة لهم سوى العشق والفناء في الله؛ حيث لا يرى الصوفيُّ نفسَه بل يرى تجلّي الحقّ في ذاته: إنّ لله عبادًا تركوا الدُّنيا للنّاس، وتركوا الآخرةَ للنّاس، وطلبوا الله وحدَه، وعاشوا الذّكر على مقدار ما تسمح بشريّتهم؛ لأنّ الذّكر باب من أبواب الجنّة، “وخروجٌ من ميدان الغفلة إلى فضاء المشاهدة”([5]). بعدها، “المحبّة لا تُبقي ولا تذر محبّة بالدّنيا” في قلب العاشق([6])..

هناك، “لا غالب إلّا الله”([7])، “وليس في الجبّة إلّا الله”([8]). هناك يكتوي العاشق بالوجد الإلهيّ الذي لا يوصَف، وتتكشّف له الحُجُب، وتُتاح له المكاشفات العصيّة على الوصف بعبارات لغة أهل الأرض.

رحلة العشق هذه سارها الكاتب العاشق، ودوّنها كلمات وحروفًا من نور، بيده عينها التي، في رقصة العشق، يرفع سبّابتها نحو العلاء، عابدًا بها الله الأحد([9])، دالًّا وشاهدًا على وحدانيّة وحقّانيّته لله الذي ﴿له مُلكُ السموات والأرض﴾([10])، و”جابل القلوب”([11]) ومالئها، الذي له القلب وله واجب الودّ.

في هذه الرّحلة، مُحتَرِف العشق “لا يَكتُمُ حُبًّا بَرَى جسدَه”([12]) وصقل روحه؛ فهو عرف الوجد، لا كعِلمٍ: “السلوك إلى الله إحساسٌ أكثر منه عقيدة”([13])؛ إنّه توقٌ ووجدٌ ومُكابدَةٌ، كما قيل: “لا يعرفُ الوجدَ إلّا مَن يُكابدُهُ، ولا الصَّبابةَ إلّا مَن يُعانيها”([14]). أمّا كُنهُ هذه الصّبابة، فعصيّ لا يُباح به بالكلمات؛ فذلك الوجد عصيّ على العبارة، وعصيّ عن التذكُّر، كما قيل: وكان ما كان، ممّا لستُ أذكُرُهُ، فظُنَّ خيرًا، ولا تسأل عن الخبرِ. وعبارة “لستُ أذكُره” لا تشير إلى النّسيان، بالضّرورة، بل إلى ما لا يُباح به، ولا يُعبَّر عنه بالكلمات.

  1. العاشق والوجد الإلهي

هناك، في مقام العشق، المتصوّف العاشق على مَوعِدٍ دائم مع العزّة. إنّه موعدٌ قائمٌ في كلّ بُرهة، وغير مُحدّد بوقت، ويأخذ الدّرويشَ العاشقَ إلى الملأ الأعلى، في انشدادٍ لا يني، وحنينٍ أكيد، واشتياقٍ كاشتياق النّور إلى مَنبعه، وحنين الرّوح إلى بارئها؛ لأنّ “الرّوح من نور عرش الله مبدؤها”([15]). ولذلك، “على الإنسان أن يَتوقَ إلى الحقيقة مثلما تتوق السمكة إلى الماء.. إلى مُحيط”([16])، فالعاشق هو في وقوف دائم في مقام العشق، مُنتظرًا بلوعةٍ بلوغَ “الحضرة”؛ حيث يتجلّى له الحقّ وتنكشف لروحه حقائق “لا يُنطَق بها”([17]). في حالة الوجد هذه، يتناغم الدّرويش مع الوجود ويشعر باتّحاده بالحقّ، ويرى ما كان غائبًا عنه، ويَغمُرُهُ النُّور الإلهيّ غير الماديّ، وغير المخلوق.
فموعد العاشق مع العزّة هو في كلّ برهة؛ لأنّ العشقَ لا هَوادَةَ فيه، ولأنّ غيابَ العاشق عن محبوبه لا ينثني. ففي الحضرة، يتلاقى الغياب والحضور: غياب العاشق عن الوجود، وحضوره في مقام العزّة الإلهيّة. لهذا؛ “أيّام مولانا” قائمةٌ في الأرض، لكنّها إلى السماء في انشدادٍ دائم، يَصِلُ الزّمن باللا زمن، ويقيم جسرًا من الودّ بين الأرضَ والعلاء.

  1. العبور الذي لا رجعة فيه

حالة الوجد هذه هي نتيجة “عبور” يختبره العاشق، وتُسمّيه المتصوّفة “البرزخ” الذي في خلاله يعبُرُ المتصوّف من حالته السالفة جاهدًا ومواجِهًا تحدياته الداخلية، وعاملًا على تطهير قلبه: “اجعل… من قلبك قطعةً مُضغة تتكوّنُ لحظةً بلحظة، وتتجدّدُ فيها الحية بالله”([18]).

فالعشق حالة خروج إلى البريّة القفر، ليقف وحيدًا، مُتوحّدًا؛ حيث يلاقي الله: وقال لي أخرج إلى البرية الفارغة واقعد وحدك حتى أراك فإن رأيتُكَ عرّجتُ بك من الأرض إلى السماء ولم أحتجب عنك. هكذا الربّ، يُخرِجُ النّفسَ العاشقةَ “إلى البريّة ويتملّقُها، ويُخاطبُ قلبَها”([19]).

هناك، في بريّة العشق، ينتقلُ العاشقُ من الجهل إلى المعرفة، ومن الظّلمة إلى النّور، ومن الغشاوة إلى اليقين: “يجب أن تسعى حتّى تعيش حقّ اليقين، أحياني بحياته وأنارني بنور ذاته”([20]). ويبلُغُ المتوحّدُ حالةً من الصَّفاء والسَّكينة: “السكينةُ الوجدُ بي”؛ سكون قلبك حين قلبك وهو موضِعُ الطُّمأنينة، ويقتربُ أكثر فأكثر من الحقّ.

هناك يخلّفُ ذاته القديمة وراءه، ويطرحُ عنه الإنسانَ القديم، ويولَدُ من جديد بالعشق، ويكتُبُ تاريخَهُ بنفسه، ويَصيرُ حُبُّ الله هويّته وموطنه ومقامه ومَداه، ويصيرُ قلبُه مُصلّاه ومِحرابَه، فلا يَبرحُ هذا المقام الذي لا مَقامَ له سواه، وتصيرُ هويّتُه الوحيدة والفريدة ما أضمر بقلبه: إنّك ما أضمرتَ بقلبك. وبالعشق الإلهيّ، يبلغ العاشقُ معناه، أي يُدرك هويّته وغاية وجوده: وقال لي أنتَ مَعنى الكون؛ معناك أقوى من السَّماء والأرض.

في هذا المقام، يُحدّق العاشق، مُتأمّلًا بهاءَ العزّة، من دون أن تَطرفَ له عين، فتلك هي مشيئة مولاه: وقال لي أنظر إليّ ولا تطرف، يَكُنْ ذلك أولُ جهادك فيّ”؛ “انظر بقلبك إلى قلبك وانظر بقلبك كلّه إليّ.

  1. في ميعاد العزّة

“قولوا هذا موعدي، وامنحوني الوقت” ([21])؛ هكذا يقول الدّرويش طالبًا مزيدًا من الوقت ليضطّرم وجدًا، ويتضاعف العشق في قلبه، ويصير هو نفسه عشّاقًا كثيرين، فهو واحِدٌ ومُتعدِّدُ معًا: “أنا شعوبٌ من العشّاق، حنانٌ لأجيالٍ يقطُرُ منّي”([22]). فمولانا الرّوميّ يُعلّمُنا أنّ للعاشق لا قلبًا واحدًا؛ بل قلوبًا: “لا تَكُن راضيًا بأحلامك فقط؛ بل عشها بقلوبك.” في هذا الموعد، الكائن في الزّمان وخارجه معًا يَقطُرُ العاشقُ عشقًا على العالم، مُعلنًا طريق العشق لتطهير القلب وبلوغ الرّؤية. في هذا المقام، لا تعود الأبجديّات والحروف والكلمات تكفي للتّعبير عن خلجات القلب: “كلّما اتّسعت الرّؤية ضاقت العِبارة”([23]) في هذا المنحى، يقول كتابُ “أيّام مولانا: أن تكون سالكًا، يجب ألّا تُقلَّك أي أرض، ولا تُظلِّلك أيّ سماء..

  1. العبور والمكاشفة

اتّساع الرّؤية وضيق العبارة يبلغهما المتصوّف بعد رحلة مشقّةٍ وتضييق على النّفس: “أدخلوا من الباب الضيّق”([24])؛ إنّه بابُ مُجاهدة النّفس بالتطهّر وبلوغ المكان الأرحب، أي موضع اللا هوى، حيث راحة العاشق ومشقّته في آن: ﴿لقد خَلَقْنَا الإنسانَ في كَبَد﴾([25])؛ والكبَد هو مشقّة النّفس لمعاناتها أهواءها، وحاجتها لمكابدتها؛ أي المجاهدة للتطهّر منها. وبالمجاهدة يعِدُ المولى بمغفرة الذّنوب: وقال لي بَشَّرتُكَ بالعفو فاعمل به على الوجد بي. وأيضًا: ﴿يا أيّها الإنسان، إنّك كَادِحٌ إلى ربّك كدحًا فمُلاقيه﴾([26])؛ والكدحُ إلى الله هو التشوّق إليه والتماسُه بجهدٍ، ينتهي بملاقاة عزّته في شغاف القلب، ليصير القلب المستقّرّ ومقام الألوهة: “لا تردّني إليّ بعدما اختطفتَني منّي”([27]). هناك يبلُغ العاشق اتّحادَه بالمحبوب، ويصيرُ وإيّاهُ واحِدًا. بهذا، يُقيمُ المتصوّف في داخل قلبه، ويصيرُ القلبُ هو فردوسه: “إنّ ملكوت الله في داخلكم”([28])، أو كما قيل: “وتحسَبُ أنّك جرمٌ صغيرٌ، وفيك انطوى العَالـَمُ الأكبرُ”([29]). والعالم الأكبر، بالمعنى الصوفي، ليس الكواكب والمجرّات؛ بل عالم الملكوت حيث ﴿”الله على العرش استوى﴾([30]). هنا، يُقيم العاشق في شوق دائم، ليس منشؤه هذا العالم؛ بل هو عطيّةٌ من إلهه ومحبوبه: أو قيلَ مُشتاقٌ إليكَ، فقُلْ لهُم: أدري بذا، وأنا الذي شوّقتُه.

العاشق “في الضّيق يدعو الله، فيُقيمُهُ في الرُّجب”([31]). في هذا المقام الضَيِّق لسببٍ من الجهاد، والرّحب بحضور الله، يُقيم العاشق في َفرح عارمٍ، أُعطي له من العَلاء: واقعُد في ثقب الإبرة، لا تَبرح، وافرح؛ فإنّي لا أُحبُّ إلّا الفَرحان. في هذا البرزخ، ثقب الإبرة، هناك الضّيق، وهناك فرح الاقتراب الدّائم من العزّة الإلهيّة، وهذا ما يُفسّر قولَه: إنّي لا أُحِبٌّ إلّا الفرحان.

والبقاءُ في “ثقب الإبرة” هو ثَباتٌ في مقام العزّة، بذكر الله وعبادته وحبّه. هذا “البقاء” هو انتقالٌ من الغربة إلى الوطن؛ إذ يتعلّمُ العاشق كيف يعيش في حضرة الله ويكون قريبًا منه، ويذوب في حبه في رحلة تستمرّ في كلّ هنيهة، وفي كل حَرَكَةٍ وسُكون.

  1. اتّحادُ الكيان بالمعشوق

في هذا المقام، العشق الإلهيّ يتخلّل النّفس كما تتخلّل النّار الحديد: كُن في أمري كالنّار. ويتّحِدُ رُوحُ الله بخَلقه التُّرابيّ، ويُشابهُ الصوفيُّ في صفاته، صفات ربّه، تدريجًا بعد سعي، ليصير “حكيمًا ورحيمًا وأمينًا وودودًا”، كما هو مُثبتٌ في أسمائه الحُسنى، وكما قيل: “على مِثالِ الأرضيّ يكون الأرضيّون، وعلى مِثالِ السماويّ يكون السمائيّون”([32]). أولئك هم الذين تحرّروا وتنقّوا بقوّة الحُبّ المـُطهِّرة، فصارت السماء موطنهم ومآلُهم، على الرّغم من أنّهم ههنا قائمون. وبين الهُنا والهُناك، تتكشّف لهم حُجُبُ الحبّ، فيزدادون عِشقًا: “أحبـــــك حُـبَّين، حــب الهـــوى/ وحــبًّا لأنـك أهـلٌ لذاك. فأمّا الذي هو حُبُّ الهوى/ فشـغلـي بـذكـرك عمّـن ســواكَ. أمّا الذي أنت أهلٌ لـه/ فكشـفُـك للحجبِ حتّى أراك. فـلا الحمدُ فـي ذا ولا ذاك لي/ لكـن لك الـحـمـدُ في ذا وذاك”([33])..

  1. 7. التجرّد الكليّ

في كلّ ذلك، يعبُدُ العاشقُ اللهَ، لا لغاية؛ بل يُعبَد اللهَ لِذاتِه: “ما عبَدتُ اللهَ خوفًا من نَاره، ولا طَمعًا في جنّته، ولكن أحببتُهُ فأحببتُ عبادتَه”([34])، وأيضًا: “ما عبدتُكَ خوفًا من نارك، ولا طَمعًا في جنّتك، لكن عبدتُك حُبًّا لك”([35]).

فالعاشقُ لا يلتمسُ من الله العطايا؛ بل يطلُبُ اللهَ نفسَه؛ لا يَطلُبُ العطيّةَ؛ بل المـُعطي، ولا يطلُبُ مُكافأةً؛ لأنّ الله مكافأته ونصيبه: “نصيبي هو اللهُ، قالت نفسي”([36])، “فالسلوكُ إلى الحبيب يعني أنّك لا تُريدُ من الله سوى الله”([37])؛ ففي عُرف العاشقين، اللهُ هو الهِبَةُ التي تَفوق في عظمتها جميع الهِبات، والعطيّةُ التي تفوقُ في وَفرَتِها جميعَ العطايا. اللهُ هو مُنية المتصوّف ورجاؤهُ، ومنبعُ حياته وفرحه ورِضاه. وجُلُّ توقه أن يعاين الله في القلب، لينال غِبطةً لا تُعادلها أفراح العالم: “الهناءةُ لأطهارِ القلوب، فإنّهم يُعاينون الله”([38])، وليس ذلك بالأمر السَّهل؛ بل يَصيرُ بعد “كَبَد” وضَنَك.

 

  1. الزّمان الرّوحيّ، ومَعناه

“لينقضِ هذا العالم، وليأتِ الملكوت”. “أيّام مولانا” هي في الزّمن وخارجه في آن؛ حيث المرتحل إلى مقام العشق لا يسير إليه بقدميه بل بقلبه. هذه الرّحلة لا يعود منها العاشق كسالف عهده؛ لأنّه، بعد أمد، يصيرُ آخر، إلى أن تنتهي رحلتُه في الملأ الأعلى، بلقاء محبوبه، “الذي مسكنُهُ نورٌ لا يُدنى منه” ([39])“لذّة مشاهدة وجهه المـُعجِزِ البَيان”([40])، وحيثُ “لم تَرَ عينٌ ولا سمعت أذن ولا خطَرَ على قلب بشر ما أعدّه الله لمـُحبّيه”([41]). وللعاشقين مقامٌ سامٍ عنده؛ فهُم أحبّوه كثيرًا، وهُم الأقربُ إليه لأنّه ﴿يُحبُّ المتّقين﴾([42]). وهو يُدنيهم إلى قلبه؛ حيثُ، أبدًا وسرمدًا، تحيا قلوبهم عنده، كما كُتِب: “وتحيا قُلوبُكُم يا مُلتمسي الربّ”([43])؛ “إنّ قلوبهم تحيا إلى الأبد”([44]).

9 الرّؤية والنّهاية الملكوتيّة

هكذا، في “أيام مولانا”، لا تُقاس اللّحظاتُ بالسّاعات؛ بل بنبض العشق ووهج الوجد. هناك، حيثُ تُمحى الحُدودُ بين العَبد والمعبود، وتغدو القُلوبُ مساكِنَ للملكوت، تُنقَشُ فيها أسماءُ الله الحُسنى بالوجد والدّمع والسجود. إنّها رحلةٌ لا تنتهي؛ لأنّ العشق الإلهي لا ينفَد ولا يُحصى ولا يُطال، بل يُعاشُ ويُذابُ فيه.

 

المصادر والمراجع:

  • القرآن الكريم.
  • الكتاب المقدّس.
  • أيّام مولانا وقواعد العشق الأربعون، محمد حسين بزّي، دار الأمير، الطبعة الثانية، بيروت، لبنان، 2023.
  • حلية الأولياء وطبقات الأصفياء، أبو نعيم الأصبهاني، دار الكتاب العربي – بيروت، ط4، 1985م.، ج8.
  • ديوان “الذي يأتي ولا يأتي”، عبد الوهاب البيّاتي، قصيدة “مولاي”، 1966؛ طبعة دار العودة، بيروت، 1972.
  • ديوان المتنبّي، المتنبّي، المكتبة الثقافية، بيروت – لبنان.
  • ديوان رابعة العدوية، رابعة العدويّة، دار الثقافة – بيروت، ط1، 1972م.
  • صلاة الليتورجيا البيزنطيّة، جنّاز العلمانيّين.
  • طبقات الصوفية، أبو عبد الرحمن السلمي، دار الكتب العلمية – بيروت، ط1، 1998م.
  • ماذا فعلت بالذّهب ماذا صنعتَ بالوردة، أنسي الحاج، دار النّهار، بيروت، 1970.
  • المواقف والمخاطبات، النفّري، الهيئة المصرية العامة للكتاب – القاهرة، ط 1، 1973م.
  • نهج البلاغة، الإمام عليّ بن أبي طالب، دار المعرفة – لبنان.
  • وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان، ابن خلكان، دار صادر – بيروت، 1972م.، ج 2.

 

 

 

 

 

 

[1]– محمد حسين بزي، أيّام مولانا وقواعد العشق الأربعون، رواية، دار الأمير، طبعة ثانية، بيروت، لبنان، 2023.

[2]– الأب لبناني، مواليد سنة 1949، مجاز في اللغة الإنكليزية وآدابها، الجامعة اللبنانيّة، ماجستير في الألسنيّات، الجامعة الأميركيّة في بيروت. كاهن كاثوليكيّ وأستاذ جامعي وباحث وكاتب له عدّة مؤلّفات في اللاهوت والأخلاق والتّربية والاجتماعيّات.

يعمل مسؤولًا رسميًّا عن الحوار مع المسلمين في أبرشيّة بيروت للرّوم الكاثوليك. في الجامعة الأميركيّة قرأ الأدب العربيّ، وأحاط بالشعر المعاصر، وشعر الحداثة، عاش راهبًا مُتوحّدًا ردحًا من الزّمن واطّلع على الأدب النّسكيّ والصوفيّ.

Father is Lebanese, born in 1949, holds a BA in English Language and Literature from the Lebanese University and a MA in Linguistics from the American University of Beirut. He is a Catholic priest, university professor, researcher, and writer with several publications in theology, ethics, education, and sociology. He serves as the official responsible for dialogue with Muslims in the Greek Catholic Archdiocese of Beirut. At the American University, he read Arabic literature and became familiar with contemporary and modernist poetry. He lived as a solitary monk for a period of time and was exposed to ascetic and Sufi literature. Mohammad Hussein Bazzi, The Days of Our Master and the Forty Rules of Love, a novel, Dar Al Amir, second edition, Beirut, Lebanon, 2023. The Days of Our Master and the Forty Rules of Love, Rule Thirty-Four. The Days of Our Master, Rule Two and Rule Three

[3]– محمد حسين بزي، أيّام مولانا وقواعد العشق الأربعون، دار الأمير، الطبعة الثانية، بيروت، لبنان، 2023، قاعدة الحب الرابعة والثلاثون، ص 209.

[4] -محمد حسين بزي، أيّام مولانا وقواعد العشق الأربعون، م.ن، ص 196.

[5] -محمد حسين بزي، أيّام مولانا وقواعد العشق الأربعون، م.ن، ص 209.

[6]– محمد حسين بزي، أيّام مولانا وقواعد العشق الأربعون، م.ن، قاعدة الحب الأولى، ص 196.

[7]– عبد الوهاب البيّاتي، ديوان “الذي يأتي ولا يأتي”، قصيدة “مولاي”، 1966؛ طبعة دار العودة، بيروت، 1972، ص 213.

[8] -الحلّاج، نقلها ابن خلكان، وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان، دار صادر – بيروت، 1972م.، ج 2، ص 140.

[9] -الكتاب المقدّس، تثنية 4:6؛ مرقس 29:12؛ أفسس 6:4.

[10] -القرآن الكريم، البقرة، 107؛ آل عمران، 189.

[11] -الكتاب المقدّس، مزمور 15:33.

[12] -المتنبّي، ديوان المتنبّي، المكتبة الثقافية، بيروت – لبنان، ص 232.

[13] -محمد حسين بزي، أيّام مولانا وقواعد العشق الأربعون، م.س، قاعدة الحب الخامسة والعشرون، ص 207.

[14] – المتنبّي، ديوان المتنبّي، المكتبة الثقافية، بيروت – لبنان، ص 232.

[15] -محمد حسين بزي، أيّام مولانا وقواعد العشق الأربعون، دار الأمير، الطبعة الثانية، بيروت، لبنان، 2023، قاعدة الحب العاشرة، ص 199.

[16] -محمد حسين بزي، أيّام مولانا وقواعد العشق الأربعون،م.ن، قاعدة الحب الخامسة، ص 197.

[17] – الكتاب المقدّس، 2 كورنتس 2:12-4.

[18] -محمد حسين بزي، أيّام مولانا وقواعد العشق الأربعون، م.ن، قاعدة الحب الخامسة عشرة، ص 202.

[19] -الكتاب المقدّس، هوشع 14:2.

[20] -محمد حسين بزي، أيّام مولانا وقواعد العشق الأربعون،م.ن، قاعدة الحب الثلاثون، ص 209.

[21]– أنسي الحاج، ماذا فعلت بالذّهب ماذا صنعتَ بالوردة، دار النّهار، بيروت، 1970، ص 11.

[22] – أنسي الحاج، المرجع السابق، ص 14.

[23] – النفّري، المواقف والمخاطبات، الهيئة المصرية العامة للكتاب – القاهرة، ط 1، 1973م.، ص 43.

[24]-الكتاب المقدّس، متّى، 13:7.

[25] -القرآن الكريم، سورة البلد، 4.

[26] -القرآن الكريم، سورة الانشقاق الآية 6.

[27] -محمد حسين بزي، أيّام مولانا وقواعد العشق الأربعون، دار الأمير، الطبعة الثانية، بيروت، لبنان، 2023، قاعدة الحب السابعة والعشرون، ص 208.

[28] -الكتاب المقدّس، لوقا 21:17.

[29] -الإمام عليّ بن أبي طالب، نهج البلاغة، دار المعرفة – لبنان، ص 545.

[30] -القرآن الكريم، طه، 5.

[31] -الكتاب المقدّس، مزمور 5:118.

[32] -الكتاب المقدّس، 1 كورنتس، 48:15.

[33] -رابعة العدويّة، ديوان رابعة العدوية، دار الثقافة – بيروت، ط1، 1972م.، ص 54 – 55.

[34] – أبو يزيد البسطامي، نقلها أبو عبد الرحمن السلمي، طبقات الصوفية، دار الكتب العلمية – بيروت، ط1، 1998م.، ص 67.

[35] -رابعة العدويّة، نقلها أبو نعيم الأصبهاني، حلية الأولياء وطبقات الأصفياء، دار الكتاب العربي – بيروت، ط4، 1985م.، ج8، ص 91.

[36] -الكتاب المقدّس، مزمور 24:3.

[37] -محمد حسين بزي، أيّام مولانا وقواعد العشق الأربعون، دار الأمير، م.ن، قاعدة الحب السابعة عشرة، ص 203.

[38] -الكتاب المقدّس، متّى 8:5.

[39] -الكتاب المقدّس، 1 تيموطاوس 16: 6.

[40] – صلاة الليتورجيا البيزنطيّة، جنّاز العلمانيّين.

[41]– الكتاب المقدّس، 1 كورنتس، 9:2؛ القرآن الكريم، السجدة 17.

[42] -القرآن الكريم، التّوبة، 4.

[43] – الكتاب المقدّس، مزمور 32:69.

[44] -الكتاب المقدّس، 1 كورنتس، 9:2؛ القرآن الكريم، السجدة 17.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

free porn https://evvivaporno.com/ website