علم الجغرافيا في القرآن الكريم

علم الجغرافيا في القرآن الكريم

La science geographique dans le Coran

Hassan Ali koubaysi حسن علي قبيسي ^([1])

Dr Imad Habib Hashem د. عماد حبيب هاشم^)[2])

تاريخ الإرسال: 23-7-2025                          تاريخ القبول: 5-8-2025

الملخّص

يهدف هذا المقال إلى تتبّع المفردات التي وردت في آيات القرآن الكريم والتي تشير إلى اتجاهات جغرافيّة والسّماوات والأرض وما فيها، إذ إنّ القرآن الكريم هو الكتاب الذي نزّله المولى عزَّ وجلَّ على رسوله الأمين ليكون خاتم الكتب السّماوية بلسان عربي مبين، ومن هذا المنطلق أصبح فهم اللغة العربيّة أصلًا ومدخلًا لفهم معاني القرآن الكريم ومدلولاته، ومن واقع اهتمام الباحث بعلوم الجغرافيا والتنمية المكانيّة، فقد لاحظ مفردات ذات دلالات جغرافيّة عديدة في القرآن الكريم، ومن هنا جاءت فكرة هذا المقال في تتبّع المفردات الجغرافيّة الواردة في القرآن الكريم، واستكشاف مدلولاتها ومعانيها المقصودة.

الكلمات المفاتيح: الاتجاهات الجغرافيّة، المفردات الجغرافيّة بالقرآن الكريم، علوم القرآن الكريم معاني ودلالات المصطلحات، السماوات والأرض.

Résumé

Cet article vise à suivre les vocabularies mentionnés dans les versets du Coran qui font reference aux directions geographies, aux cieux, à la Terre et à ce qu’elle contient. Le Coran est en effet le livre révélé par Allah, le Tout-Puissant, à Son noble Messager comme sceau des livres célestes, dans une langue arabe claire. À partir de ce principe, la comprehension de la langue arabe devient essentielle pour saisir les significations et les messages du Coran. Étant donné l’intérêt du chercheur pour les sciences geographies et le development spatial, il a été observé que le Coran contient de nombreux termes à connotation géographique. Ainsi, l’idée de cet article est née: suivre ces termes geographies dans le Coran et explorer leurs significations et leurs implications.

Mots clés : Directions géographiques, vocabulaire géographique dans le Saint Coran, sciences coraniques, significations et connotations des termes, les cieux et la terre.

المقدّمة

يوجد في القرآن الكريم العديد من العلوم والمعارف، ومن أبرزها الجغرافيا، ويظهر مضمون الجغرافيا في القرآن الكريم من خلال تأثير المكان في مجريات الأحداث التي وردت فيه، إذ يتحول السّرد إلى وعي تاريخي يربط الحاضر بالماضي، ما يتيح استخلاص العبر، كما يقول الله تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ﴾ (سورة يوسف/الآية 111)، فالمكان هو نقطة شروع الحدث الفعلي، فلا يقوم حدث ما إلّا من خلال مكان محدد، وهذا يؤكد حتميّة أثر المكان، بوصفه أحد عناصر تشكيل الحدث المهمّة، ما يعطي انطباعًا في سلوك وطبائع تلك الشّخصيات، وهو ما يصب في محور الدّراسات الجغرافيّة، فقد برزت في الميدان الجغرافي دراسات أثر المكان في سلوك الإنسان تحت عنوان (جغرافية السّلوك) والذي يبيّن فيه أهمّيّة دراسة دور المكان مع متغيراته في سلوك الإنسان جميعها، إذ إنّ الكثير من الظواهر المكانيّة والفضاءات العمرانيّة تتأثر وتؤثر في سلوك الأفراد باختيار المكان، ويمكن القول إنّ الجغرافيّة مرتبطة بالثقافة والمكان مرتبط بالجغرافية، والثقافة هي نمط الحياة كل إنسان وفي كلّ زمان ومكان.

ويؤكّد القرآن الكريم في الكثير من الآيات والسّور على حقائق ومفاهيم جغرافية، ابتداءً من  الأنهار والجبال والوديان والسهول وغيرها من أشكال سطح الأرض الذي يدرسه في الغالب اختصاص الجغرافية الطبيعيّة في محتواها، بهدف معرفة القوانين الطبيعيّة وتتبّعها على الأرض والهواء والماء من جهة، ويبيّن القرآن الكريم  تفاعل الإنسان بين هذه المتغيّرات الطبيعيّة والكائنات الحيّة من جهة أخرى، منها على سبيل المثال لا الحصر (النّبات والحيوان حتى الإنسان)، فقد جاء وصف العديد من الأقوام والأمم التي سكنوا مناطق مختلفة وشاسعة على سطح الأرض منذ نشأة الكون وبدأ الخليقة، ولمّا كان الإنسان أعظم المخلوقات، ولأجله سُيّرت ما سواها من الخلق، بما يميزه القدرة على التعقّل (التفكّر)، ليعلّل ويجد تفسيرًا في الرّبط بين تلك المتغيرات وعليه، كان من مهام دارسي الجغرافيا توضيح ما كان مُبهمًا جغرافيًّا على وصفه قائم على فهم التّفسيرات المكانيّة Spatial explanation والتّوزيعات المكانيّة   .Spatial distributions

فالقرآن الكريم قد بلغ أسمى الدرجات وأعلاها وأرفعها، وتمثّل ذلك في استخدامه للمفردات المكانيّة بالمدلولات التي يتفق عليها الناس بما ألفوه ويتناسب مداركهم وأحوالهم في الحقبة التي تمثّل زمن الخطاب، وهو يسبق بذلك ما يقوم به الخبراء في مجالات التواصل المعلوماتي حينما ينطلق في ذلك من القاعدة المعروفة اليوم والمسمّاة “الأرضيّة الأساسية” والتي يفهمها ويتفق عليها الجميع وتُبنى عليها التّصرفات وردود الأفعال المختلفة.

وتنطبق هذه القاعدة على المدلولات المكانية والجغرافيّة أيضًا، فنجد القرآن الكريم ينطلق من مبدأ محدد يراعي فيه أن يكون المستقبل (المخاطب) واعيًا لمعاني المفردات ومدلولاتها، وذلك المبدأ من أساسيات نظريّة الاتصال الحديثة التي تتألف أركانها من المرسل والمستقبل والرّسالة، ويظهر ذلك جليًّا عندما تورد الآيات بعض الألفاظ ذات الدّلالات الجغرافيّة، إذ توجد للكلمات مثل (فوق) و (أعلى) و (أسفل) و (تحت) (شمال) و (شرق) و (غرب) و (جنوب) مدلولات مكانيّة وجغرافيّة محددة، إن لم تدرك تلك المدلولات قد يصعب أو يستحيل فهم السياق المكاني والجغرافي العام للأحداث المذكورة في الخطاب القرآني.

شكل رقم 1: الاتجاهات المكانية النسبية الستّة المحيطة بالإنسان

الإشكاليّة

• يوجد في القرآن الكريم عدد من المفردات التي لها دلالات جغرافيّة، وغالبًا ما يكون لكل كلمة منها معان متعددة، وفي حالات كثيرة، قد يكون المراد منها غير المعنى الظاهر المألوف لدى عموم الناس خاصّة من غير المتخصصين في علوم اللغة والتفسير.
• من المؤكد أن عدم الإلمام بالمعنى الدقيق للكلمة، أو المفردة المكانيّة في موضعها يؤدي إلى فهم خاطئ للسّياق المكاني، والوضعيّة الجغرافيّة للأحداث التي ترويها الآية، أو النّص القرآني ما قد يؤدي إلى فهم خاطئ للمراد من تلك الأحداث.

الهدف من المقال وأهميته

• تهدف كتابة هذا المقال إلى مراجعة كتب التفاسير المعتمدة، والتوصل إلى المعاني والدّلالات الدّقيقة للمفردات المتعلقة بالاتجاهات الجغرافيّة، والسّماوات والأرض ومواضع ذكرها في القرآن الكريم لتبيانها.
• إبراز إعجاز القرآن الكريم في وصف الظواهر الكونيّة والطبيعيّة بلغة دقيقة وواقعيّة.
• تحفيز البحث العلمي في مجالات الجغرافيا الطبيعيّة والبشريّة من منطلق جغرافي.
• الربط بين العلم والدّين من خلال تتبّع المفاهيم الجغرافيّة في النّصوص القرآنيّة.
• تكشف توافق العلم الحديث مع النص القرآني خاصة في مجالات مثل التضاريس، المناخ، المياه والفضاء.
• تُسهم في تطوير مناهج التعليم الديني والعلمي بطريقة متكاملة.

 

المنهجيّة المعتمدة في المقال: إن المنهج المعتمد عند دراسة علم الجغرافيا في القرآن الكريم، هو منهج علمي تفسيري وتحليلي يجمع بين فهم النّص القرآني في سياقه اللغوي والتفسيري، وربطه بالحقائق الجغرافية الحديثة:

• منهج تفسيري موضوعي: تحليل الآيات التي تتناول مفاهيم جغرافيّة.
• منهج تحليلي موضوعي: مقارنة المفاهيم الجغرافيّة القرآنيّة بالاكتشافات والنّظريات العلميّة الحديثة.
• منهج استقرائي: جمع الآيات التي تتضمّن إشارات جغرافيّة.

المبحث الأول: معاني بعض المفردات ذات الدّلالات الجغرافيّة في القرآن الكريم ومفاهيمها

أولًا: كلمة “شرق” في القرآن الكريم

كلمة “الشرق” في القرآن الكريم تعني الاتجاه الجغرافي الذي تشرق منه الشّمس، وقد وردت كلمة (الشّرق) في القرآن الكريم بصيغ لغويّة عدة تارة بصيغة المفرد مثل (الشّرق) وبالتثنية (المشرقين) وبالجمع مثل (المشارق)، وقد ذكر القرآن الكريم كلمة (الشرق) بمدلولها الجغرافي الصريح (جهة الشرق) في ثمانية مواضيع (عبد الله، 2013، ص: 51).

جدول رقم (1): بعض المواضع التي وردت فيها كلمة “شرق” في آيات القرآن بمدلولها الجغرافي الصريح

م	السورة	الآية	رقمها
1	البقرة	وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ	115
2	البقرة	قل لِّلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ ۚ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ	142
3	البقرة	لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ	177
4	البقرة	قال إبراهيم: فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب	258
5	مريم	وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا	16
6	الصافّات	ربُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ ٱلْمَشَٰرِقِ	5
7	المعارج	فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ	40
8	المزمّل	رَّبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا	9

ثانياً: كلمة “غرب” في القرآن الكريم

كلمة “غرب” تشير إلى الاتجاه الجغرافي الذي تغرب فيه الشّمس، وقد وردت كلمة (غرب) في القرآن الكريم بصيغ لغويّة مختلفة، تارة بصيغة المفرد مثل (مغرب) وبالتثنية (مغربين) وبالجمع (المغارب) وقد ذكر القرآن الكريم (الغرب) بمعناها الجغرافي الصريح (جهة الغرب) في ستّة مواضع (جدول رقم 2).

كما وردت كلمة (غرب) بمدلولات جغرافيّة مجازيّة متنوعة (مثلًا: للدلالة على وقت الغروب أو على بعد المسافة) وكان ورود الكلمة بهذا المفهوم في ثلاثة مواضع كما هو موضّح في الجدول رقم (3).

جدول رقم (2): بعض المواضع التي وردت فيها كلمة “غرب” في آيات القرآن بمدلولها الجغرافي الصريح

م	السورة	الآية	رقمها
1	البقرة	وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ	115
2	البقرة	قل لِّلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ ۚ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ	142
3	البقرة	لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ	177
4	البقرة	قال إبراهيم: فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب	258
5	المعارج	فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ	40
6	المزمّل	رَّبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا	9

جدول رقم (3): بعض المواضع التي وردت فيها كلمة “غرب” في آيات القرآن بمدلولها الجغرافي الصريح

م	السورة	الآية	رقمها
1	الأعراف	وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا	137
2	النور	الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ	35
3	الرحمن	رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ	17

ثالثًا: كلمة “شمال” في القرآن الكريم

المعنى الجغرافي المعاصر لكلمة (شمال) هو اتجاه الشمال المعروف للجميع والذي يشير إلى أعلى الخريطة، أمّا في القرآن الكريم، فقد استخدمت كلمة “شمال” لتعطي معنى مكانيًّا بالنسبة إلى الإنسان عندما يكون مواجهًا للشرق، وهو أنّه جهة موضعيّة اتجاه الشمال بالنسبة للفرد (بمعنى يساره)، فكل ما يقع على يسار الإنسان فهو شماله، وقد ورد ذكر جهة الشّمال في خمسة مواضع من آيات القرآن الكريم كما هو موضّح في الجدول رقم (4) (محمد، 1424، ص: 71).

جدول رقم (4): مواضع آيات القرآن الكريم التي وردت فيها كلمة “شمال” بالمدلول المكاني للكلمة.

م	السورة	الآية	رقمها
1	النحل	وَلَمْ يَرَوْا إِلَىٰ مَا خَلَقَ اللَّهُ مِن شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِّلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ	48
2	الكهف	ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال	18
3	سبأ	جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ	15
4	ق	إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ	17
5	المعارج	عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ	37

والشّمال أيضًا معنى مجازي في القرآن الكريم يظهر عند مقارنته باليمين في موضع واحد، إذ ترتبط جهة الشّمال بالأمور السّلبيّة مثل اتجاه أصحاب النّار (أصحاب الشّمال). وقد ذكر جهة الشّمال في القرآن الكريم بهذا المعنى المجازي في موضعين من آيات القرآن الكريم، كما هو موضّح في الجدول رقم (5).

جدول رقم (5): مواضع آيات القرآن الكريم التي وردت فيها كلمة “شمال” بالمدلول المجازي للكلمة.

م	السورة	الآية	رقمها
1	الواقعة	وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ	41
2	الحاقّة	وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ	25

رابعاً: كلمة “يمين” في القرآن الكريم

الأصل أن “اليمين” هي جهة موضعيّة وليست جهة جغرافيّة، وهي تشير إلى مكان نسبي بموضعه من الفرد فكل ما يقع على يمينه فهو يمين وما يقع على شماله فهو شمال، وقد ورد ذكر جهة اليمين بالمعنى الجغرافي (اتجاه الغرب الجغرافي) في القرآن الكريم في المواضع الآتية كما موضّح في الجدول رقم (6)، وورد ذكر جهة اليمين بالمعنى المكاني النّسبي (يمين الشّخص أو الغرض) في القرآن الكريم كما موضّح في الجدول رقم (7).

جدول رقم (6): مواضع آيات القرآن الكريم التي وردت فيها كلمة “يمين” لتشير إلى اتجاه “الغرب الجغرافي”

م	السورة	الآية	رقمها
1	مريم	وَنَادَيْنَاهُ مِن جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا	52
2	طه	وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ	80
3	سبأ	جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ	15

جدول رقم (7): مواضع آيات القرآن الكريم التي وردت فيها كلمة “يمين” بالمدلول المكاني النّسبي

م	السورة	الآية	رقمها
1	النحل	أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَىٰ مَا خَلَقَ اللَّهُ مِن شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِّلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ	48
2	الكهف	نُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ	18
3	طه	وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَىٰ	17
4	طه	وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا	69
5	العنكبوت	وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ ۖ إِذًا لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ	48
6	الصافات	فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْبًا بِالْيَمِينِ	93
7	ق	إذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ	17
8	الحاقة	لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ	45
9	المعارج	عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ	37

المبحث الثاني: السّماوات والأرض في القرآن الكريم

أولاً: النجوم والمجرّات وما موجود في السماء

إنّ النّظر إلى السّماء من خلال التّلسكوبات يتضح بعض ما ذكر في الآيات من معلومات، وليس كلها لأنها خارج قدرة العقل البشري وإمكانيته، ويتضح من تلك المعلومات البسيطة قدرة الله سبحانه وتعالى في شكل السّماء، وطبيعة النّجوم التي تزيّنها والتي تم خلقها من غاز وغبار ودخان، وتظهر تلك النّجوم بألوان زاهية تزيّن السماء (خلف، 2022، ص:55). (الشكل رقم 1)، وقد ورد ذلك بقوله تعالى: ﴿أَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا * رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا﴾ (النّازعات، 27-28).

ثانيًا: الغاز والغبار والدخان الكوني

إنّ التمعّن في النظر إلى السماء من خلال المناظير المكبرة (التلسكوبات) يتّضح أنّها بناءً محكمًا من النجوم والغاز والدّخان والغبار، وتظهر النّجوم بألوان زاهية تزين السّماء (الشكل رقم 2) والذي يوضح طبيعة السّماء وما فيها من نجوم ودخان وغبار وغازات، وقد ورد في القرآن الكريم ذكره بقوله تعالى: ﴿ثُمَّ اسْتَوَىٰ إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِين﴾ (فصّلت – 11)

الشكل رقم 1: النجوم بألوان زاهية في السماء

ثالثًا: المجرّات في السماء

إن سرعة الضوء في الثانية الواحدة 300 ألف كم، وهو يقطع في سنة كاملة 9.5 تريليون كم تقريبًا، المجرة التي تبعد منا بليون سنة ضوئيّة، يحتاج ضوؤها للوصول إلينا إلى بليون سنة، خلال هذا الزّمن، إذ يقطع ضوء هذه المجرة مسافة قدرها 9.5 ألف مليون كم، ويقدّر وجود حوالي 200 مليار مجرة في الكون المرئي ، لكن لا يمكن رؤيتها لأنّ التلسكوبات ليست حساسة بالدرجة الكافيّة لرصدها، بالإضافة إلى ذلك فإنّ وجود أنواع مختلفة من التّلسكوبات سيكون أفضل لغرض اكتشاف أنواع مختلفة من المجرات؛ فعلى سبيل المثال العديد من المجرات البعيدة والمجرات الموجودة في المراحل المبكرة من التّاريخ الكوني فهي غباريّة جدًا، و يحجب هذا الغبار الضوء المرئي للنجوم، ولذلك فتلسكوبات كهابل التي ترصد الضوء المرئي لا ترى هذه المجرات الغباريّة (https://nasainarabic.net/education)

• أنواع المجرّات: يوجد ثلاثة أنواع من المجرات (البيضويّة، الحلزونيّة، غير المنتظمة)
• المجرّات البيضويّة:

يظهر شكلها دائري أو بيضوي، وفي السماء يمكن رؤية بُعدين من ثلاثة أبعاد، إمّا تظهر بشكل أقراص غير متكاملة أو بيضويّة، ويكون الصوت ناعم وذات لمعان سطحي يتناقص مع الابتعاد عن مركز الدائرة (الشكل رقم 3).

الشكل رقم 2: المجرّات البيضويّة

 

• المجرّات الحلزونيّة

تضم المجرات الحلزونيّة ثلاث مكونات رئيسة: الانتفاخ والقرص والهالة.

الشكل رقم 3: عناقيد نجمية قديمة “الهالة”

 

الانتفاخ هو بنية كرويّة موجودة في مركز المجرّة، وغالبًا ما تحتوي هذه الميزة النجوم الأقدم في المجرّة.

أمّا القرص فهو مكوّن من الغبار والغاز والنّجوم الحديثة، فيتشكّل هذا القرص من هياكل على شكل أذرع، والشمس موجودة في إحدى أذرع درب التبانة.

أمّا الهالة فهي بنية كروية واسعد جدًا تقع حول الانتفاخ المركزي وأجزاء من القرص، وتحتوي الهالة عناقيد نجميّة قديمة جدًا تُعرف بالعناقيد الكرويّة (الشكل رقم 3).

ومن المجرّات الحلزونيّة المعروفة درب التبانة أو الطريق اللبني أو مسحال الكبش، فإنّها تضم مئات البلايين من النجوم، وتنتشر سحابات هائلة من ذرات الغبار والغازات في شتّى أطراق المجرّة، إذ تضم ما بين 200 إلى 400 مليار نجم، ففي الليالي المظلمة الصافيّة تظهر درب التبانة على شكل حزمة لبنية عريضة من ضوء النجوم تمتد عبر السماء (الشكل رقم 4).

الشكل رقم 4: درب التبانة على شكل حزمة لبنية عريضة

المجرّات غير المنتظمة:

وتسمّى بالمجرّة الشّاذّة لأنها تتخذ شكلاً غير واضح مثل النّوعين السابقين (الشكل رقم 5)

 

 الشكل رقم 5: المجرات الشاذة “غير المنتظمة”

والجدير بالذّكر أن الصور الاعتياديّة للنّجوم والمجرات لا توضح الحجم الحقيقي لها، فهي فقط تظهر الإضاءة، وعندما تكون بعيدة ستكون الإضاءة صغيرة، في حين يظهر ضوء بعضها كبير وساطع، إمّا أن تكون قريبة أو كبيرة وبعيدة. وقد عثر علماء الفلك باستخدام المرصد الفضائي التابع لوكالة ناسا على مجرة نامية ساطعة بشكل مثير للدهشة تبعد عن الأرض 13.4 مليار سنة ضوئيّة، لذا تعدّ أبعد وأقدم مجرّة اكتُشفت في الكون (https://www.ibelieveinsci.com)  وقد ورد في قوله تعالى: ﴿أَفَلَمْ يَنظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ﴾ (ق-6).

(الشكل رقم 6)

 

الشكل رقم 7: مجرة نامية ساطعة بشكل مثير للدهشة

رابعًا: الثقوب السّوداء في السّماء

إنّ موضوع الثقوب السّوداء وتكوّنها لا يزال قيد البحث العلمي، إلّا أنّ كثيرًا من العلماء يعتقدون منذ زمن طويل أنّ معدّل تمدّد الثقوب السّوداء محدود. وتشير الدّراسات والتّفاسير العلميّة لآيات القرآن في سورة التكوير في قوله تعالى:﴿ (فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ (15) الْجَوَارِ الْكُنَّسِ (16) وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ (17) وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ (18) إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ﴾.

فالمقصود بالخُنّس النجوم التي تختفي في النهار وتظهر في الليل، وأنّها تتحرك في السّماء وتعمل على تنظيفها من الغبار وبقايا النجوم في السّماء، وهذا ما يظهر فيما تسمّى الثقوب السوداء التي تلتهم كل ما حولها، وهي ذات قوة جاذبية كبيرة تساعدها على جذب الأشياء القريبة من فوّهتها (الشكل رقم 8) الذي يظهر الثقوب السّوداء.

الشكل رقم 7: الثقوب السوداء

 

خامسًا: مراحل تكوّن معالم الكرة الأرضية 

ورد في الآية 3 من سورة الرعد مراحل تكوّن الأرض في قوله تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا ۖ وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ ۖ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ فقد خلق الله سبحانه وتعالى الأرض وما فيها في خمس مراحل هي:

1. بسط الأرض
2. جعل الجبال
3. أجرى الأنهار
4. أنبت النبات
5. خلق الليل والنهار

سادسًا: الصفائح التكتونيّة

تبيّن الآية 4 من سورة الرعد أن الأرض تتكوّن من قطع متجاورات، كما في قوله تعالى: ﴿وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُّتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِّنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَىٰ بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَىٰ بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾، فيتّضح من الآية الكريمة أنّ الكرة الأرضيّة تتكوّن من قطع متجاورة تشكّل صفائح منتظمة يفصل بينها مسافات صغيرة جدًا، ويُطلق على تلك الصفائح إمّا الألواح التكتونيّة أو الصفائح التكتونيّة، وتكون تحت الماء واليابس، ويصل عددها إلى 18 صفيحة مختلفة المساحة، بعضها واسعة المساحة تزيد عن 20 مليون كلم² وأخرى أصغر مساحة وتقل عن 20 مليون كلم² ولعلّ أكثر تلك الصفائح أهمّيّة نذكرها كالآتي:

• الصفائح الكبرى: تشكّل الصفائح الكبيرة الجزء الأكبر من القارات والمحيط الهادئ، وإنّ مساحة أي صفيحة كبيرة تزيد عن 20 مليون كلم^2، وهي كما يأتي (الجدول رقم 8):

الجدول رقم (8): الصفائح الكبرى بحسب مساحتها (20 مليون كلم²)

اسم الصفيحة	مساحتها (كلم2)
صفيحة المحيط الهادئ	103.300.000 كلم2
صفيحة أمريكا الشمالية	75.900.000   كلم2
صفيحة أورا سيا	67.800.000 كلم2
صفيحة أفريقيا	61.300.000 كلم2
صفيحة أنتاركتيكا	60.900.000 كلم2
صفيحة أستراليا	47000.000   كلم2
صفيحة أمريكا الجنوبية	3.600.000 كلم2

 

 

• الصفائح الصغرى: تعدّ الصفائح الصغرى أقل مساحة من الكبرى وهي أقل من 20 مليون كلم² ومنها ما يأتي (https://ar.wikipedia.org/wik)

الجدول رقم (9): الصفائح الصغرى بحسب مساحتها (20 مليون كلم²)

اسم الصفيحة		مساحتها (كلم2)
الصفيحة الصومالية		16.700.000 كلم2
صفيحة نازكا		15.600.000 كلم2
الصفيحة الهندية		11.900.000 كلم2
صفيحة الفلبين		5.500.000 كلم2
الصفيحة العربية	5.000.000 كلم2
صفيحة الكاريبي	3.300.000 كلم2
صفيحة كوكوس	2.900.000 كلم2
صفيحة كارولين	1.700.000 كلم2
صفيحة سكوتيا	1.600.000 كلم2
صفيحة بورما	1.100.000 كلم2
صفيحة هيبرس الجديدة	1.100.000 كلم2

الخريطة رقم (1): مواقع الصفائح وتسمياتها

المصادر والمراجع

القرآن الكريم

1- القاضي. عبد الله. (2013)، مفهوم الاتجاهات الجغرافية في القرآن الكريم، مجلة جامعة الملك عبد العزيز.

2- الواقدي. محمد. (1424 م). تحقيق محمد عبد القادر أحمد عطا، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان.

3- الدليمي. خلف. (2022)، المعلومات الجغرافية في القرآن الكريم، الطبعة الأولى.

4- الأصفهاني. الراغب. (1428م). المفردات في غريب القرآن، دار المعرفة، بيروت.

5- ظلام الكون، مقال منشور على موقع مجرة https://popsciarabia.com

6-كحيل. عبد الدائم. منظر السماء ملوّنة، مقال منشور على موقع كحيل أسرار الإعجاز العلمي https://www.kahel7.com

7- أنواع المجرات، تقرير منشور على موقع ناسا العربي، https://nasainarabic.net/education

8- ما هي أقدم مجرة في الكون، مقال منشور على موقع https://www.ibelieveinsci.com

9-الصفائح التكتونية، بحث منشور على موقع الويكيبديا، الموسوعة الحرّة، https://ar.wikipedia.org/wiki

[1] – طالب في المعهد العالي للدكتوراه الجامعة اللبنانيّة الآداب والعلوم الاجتماعيّة اختصاص جغرافيا بشريّة – بيروت – لبنان.

Doctorante à l’Université Libanaise, Faculté des Lettres et des Sciences Sociales, spécialité Géographie Humaine – Beyrouth – Liban.

أستاذ محاضر في الجامعة اللبنانيّة كليّة الآداب والعلوم الإنسانيّة، قسم الجغرافيا، ورئيس الفرقة البحثيّة في المعهد العالي للدكتوراه. -[2]

Lecturer at the Lebanese University, Faculty of Arts and Humanities, Department of Geography, and Head of the Research Group at the Higher Doctoral Institute. E-mail: Imadhashem@yahoo.com