foxy chick pleasures twat and gets licked and plowed in pov.sex kamerki
sampling a tough cock. fsiblog
free porn

نهج الاقتدار في فكر الإمام موسى الصدر

0

اسم المجلة: مجلة أوراق ثقافية

نهج الاقتدار في فكر الإمام موسى الصدر

L’approche du pouvoir dans la pensée de l’imam Musa al-Sadr

سعيد محمد درويش[1] Saïd Mohammed Darwich

تاريخ الإرسال: 16-10-2025                                        تاريخ القبول:28-10-2025

turitin: 5%

الملخص:

يعتبر الاقتدار من المفاصل الهامّة في رقيّ الشعوب وتقدّم الحضارات، باعتباره السبيل لتحقيق الاكتفاء والمنعة في وجه الرياح التي يطلقها المتضرّرون من الاستقامة والنبل والجنوح نحو العدالة.

تعدّ الطائفة الشيعية من الطوائف الأكثر حرماناً على مدى التاريخ، حيث تعاقب على ظلمها واضطهادها كل متضرّر من نهجها الحسيني الذي لا يهادن ولا يرضخ للظلم.

تهدف الدراسة إلى تسليط الضوء على الدور المهم الذي قام به الإمام موسى الصدر في لبنان لإنقاذ المحرومين من براثن الظلم ، وخاصة الطائفة الشيعية المحاصرة من الدولة والإقطاع السياسي والكيان الغاصب والذي بدأه من صور وتوسع الى كل لبنان عبر ايقاظ مكامن الإقتدار في الطائفة بفترة زمنية لم تتجاوز العشرين سنة

كلمات المفاتيح: الرؤية المستقبلية للإمام موسى الصدر -إيقاظ مكامن الإقتدار -تعميم ثقافة الإقتدار – توظيف العلوم الدينية_والعصرية في مشروعه.

Résumé

Le pouvoir est considéré comme l’un des aspects importants du progrès des peuples et du progrès des civilisations, car il est le moyen d’atteindre la suffisance et l’immunité face aux vents soufflés par ceux qui sont lésés par l’intégrité, la noblesse et l’inclination à la justice.

La secte chiite est l’une des sectes les plus démunies de l’histoire, punissant par son injustice et ses persécutions quiconque est lésé par son approche husseinite, intransigeante et inflexible face à l’injustice.

L’étude vise à éclairer le rôle joué par l’imam Moussa al-Sadr au Liban pour sauver les démunis des griffes de l’injustice, en particulier les chiites assiégés par l’État, le féodalisme et l’entité usurpatrice. Il a débuté son action à Tyr et s’est étendu à tout le Liban dans un mouvement sophistiqué et civilisé qui a réveillé les sources du pouvoir au sein de la secte en une période n’excédant pas vingt ans. ‏

Mots-clés : La vision d’avenir de l’imam Moussa al-Sadr : réveiller les sources du pouvoir, diffuser la culture du pouvoir et utiliser les sciences religieuses et modernes dans son projet

سعيد محمد درويش

المقدمة

نعيش في عالم تحكمه المصالح الذاتية والأنانية  تسوده نزعة الجشع وحبّ السيطرة، تسكنه الأفكار الاستعلائية  التي لا ترى الدول الضعيفة إلّا أدوات ووسائل للاستخدام عند الحاجة، عالمٌ ما فتئ يعمل بكلّ جهد ووسائل مشروعة وغير مشروعة للوصول إلى التحكّم والسيطرة، تلبية لرغبات مدفونة في الأعماق والتي أصبحت من سنحية هذا العالم المستكبر.

ولبنان بحكّامه ليس بعيدا عن هذا الاتجاه الذي سلكه منذ نشأته، يحمي الإقطاع واللّصوص، يتآمرعلى شعبه، يستجدي العدو، يعقد  الصفقات معه تحت الطاولة وفوقها، ورغم كل ذلك يعيش عقدة طائفة تأبى الذل والهوان، وقف حجر عثرة أمام كلّ ظالم ومستبدّ من صلاح الدين الأيوبي مرورًا باستبداد العثمانيين ومنهم أحمد باشا الجزّار وبعدهم الفرنسيين ثمّ الكيان الصهيوني.

وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى حاملًا فكر الرسالة وعبق النبوة وثورة كربلاء وجهاد الحسين، فاستطاع ببضعة سنين أن ينهض بطائفة وينتشلها من جب الحرمان إلى العزة والاقتدار، يحمل الإسلام  القرآني، وقوة المنطق وصدق المعاملة  والشجاعة والإقدام في طرح المشاكل وإيجاد الحلول بحكمة وثبات.

 

إشكالية البحث

هي قضية انتزاع حقوق مهضومة بحق طائفة بأمّها وأبيها، خارج تفكير الدولة، لا يحسب لها حساب إلّا عند جباية الضرائب أو السوق إلى  الجندية، عدا ذلك الحرمان من كل الحقوق التي تنص عليها الشرائع السماوية والقوانين الوضعية حيث لا مدارس ولا طرقات أو كم من دون بنية تحتيه إلا بمقدار ما يحتاجه الزعيم أو الإقطاعي لتثبيت زعامته واستمرار حكمه، وهنا يأتي السؤال هل إّننا بحاجة إلى كثير من الجهد  والاحتجاج  لإثبات صوابية أفكارنا ؟وهل يكفي ذلك أم بحاجة إلى الخروج بالسيف لانتزاع الحقوق؟ وما هو دور النخب الدينية والسياسية في هذا المجتمع البائس الفقير لإعادة الحق إلى أهله.

3أهمية البحث: إدراك الأبعاد الإنسانية والاجتماعية لطائفة من كبريات الطوائف في لبنان، محاصرة من جميع الجهات ومن كل الأطراف.

  • الدور الذي قام به الإمام الصدر لجعل الطائفة في المقام المفترض أن تكون فيه.
  • معرفة الأساليب والخطط على الأصعدة كافة، والضغوطات التي مارسها الإمام الصدر لانتزاع الحقوق.
  • أبرز المعوقات التي اعترضت مسيرة الإمام الصدر سواء كانت من داخل الطائفة أو من خارجها.

فرضية البحث

اجتراح  حلول أولية للأزمات  التي تعصف بهذه الطائفة، مع مراعاة الموضوعية والدقة في طرح الأفكار بالتلازم  مع  الرؤية المطلوبة  للمعالجة، من خلال الدستور الذي ينص على حقوق الطوائف، وعلى السنن الإلهية الداعية إلى إنصاف الناس وعدم ظلمهم والاعتداء عليهم، باعتماد المنطق والحجة الساطعة، والاستعانة بأهل الاختصاص والمعرفة بأسلوب عقلاني وبالحوار الهادئ للوصول إلى النتيجة المطلوبة، وإلّا استعمال أسلوب الاحتجاج المتدرّج من وسائل الإعلام إلى التظاهر والتهديد، لتوجيه الرأي العام ولفت الأنظار إلى مظلومية الطائفة كما عبّر الإمام الصدر في مناسبات عديدة، إضافة إلى بثّ الوعي الديني لدى الشباب كونها الفئة المستهدفة في عملية التضليل والخداع والإغراء والإغواء، كل ذلك مع وجود خطّة مستقبلية وفق رؤية واعية.

أهداف البحث:

  • الإضاءة على مظلومية طائفة عاشت الحرمان والظلم والاضطهاد منذ أن وُجدت.
  • دور علماء الدين في محاربة الفساد السياسي والاقتصادي والاجتماعي اقتداءً بنهج الأئمة المعصومين(ع)
  • دور الإمام الصدر في بث الوعي وإيقاظ النفوس من غفوتها  والتعريف  بالحقوق والواجبات وفق منهجية محكمة أعدّت موضوعاتها بعناية كبيرة.
  • جعل الطائفة في مقام الاقتدار السياسي بانتزاع الاعتراف بالطائفة الشيعية، وأنها جزء أساس من الكيان اللبناني  لها من الحقوق كما للآخرين .واقتدار عسكري بعد تقاعس  الدولة عن القيام بمهامها في الدفاع عن أرضها وحماية شعبها. واقتدار اجتماعي عبر بناء المؤسسات التربوية والصحية والثقافية.
  • الارتباط الديني هو الباعث الأساس لهذه الحركة التي تستمد قوّتها من قوله تعالى: إنّ {القوة لله جميعًا} وهذه القوّة عصيّة على القهر.

‏الدراسات السابقة

‏تعددت الدراسات والمؤلفات عن أحوال جبل عامل منذ كان إلى هذا العصر، تراوح ما  بين تاريخ جبل عامل القديم والحديث، إلى جبل عامل المعاصر، بالإضافة الى نضالات رجال الدين من الشهيدين الأول والثاني إلى حسام الدين بشارة أمير جبل عامل إلى ناصيف  النصار والسيد عبد الحسين شرف الدين وأدهم  خنجر وصادق حمزة ومؤتمر وادي الحجير إلى العديد من المؤلفات الحديثة التي قام بها الكتبة والمؤلّفون المؤرّخون التي فاضت بها المكتبات وأيضاً ما تمّ جمعه وتوثيقه من تراث للإمام الصدر في مجموعة كبيرة من الموسوعات أبرزها مسيرة الإمام موسى الصدر، وأيضًا السيرة والسيرة، ومجموعة الإسلام القرآني وغيرها من المنشورات التي قام بها مركز الإمام موسى الصدر للأبحاث والدراسات في بيروت.

منهج الدراسة:                                                                                                

‏في سياق البحث اعتُمد عدّة مناهج أبرزها:

  • المنهج التاريخ السيري عبر تتبّع أفكار وأثار ما كتبته الأقلام المنصفة الصادقة باستعمال الأسلوب الموضوعي البعيد من المبالغة أو التزييف.
  • المنهج الاستدلالي من خلال القرائن الحسيّة  الموجودة على أرض الواقع والتي تجسّدت في مؤسّسات وجمعيات ونشاطات فكرية واجتماعية وتربوية  وغيرها.
  • المنهج الوصفي: يتناول الأفكار ودراسة الأحداث بشكل مسهب وتوظيفه في البحث  للخروج بالفكرة الصحيحة بصورة نقية.

الاقتدار في نهج الإمام الصدر

الاقتدار ليس نهجًا نظريًا فحسب، بل سلوكًا عمليًا وإن اتّخذ من النظرية قاعدة انطلاق تمتزج مع السلوك العملي، فلا يمكن بناء الاقتدار دون خوض التجارب وإظهاره كسلوك حياتي عماده الثقافة العميقة والرؤية الواضحة والنظرة البعيدة التي تستشرف المستقبل، بالإضافة إلى التربية البيئية والروح الايمانية.

شهدت الساحة اللبنانية تحولًا هامًا على المستوى الديني، عندما خرج الإمام الصدر قائلًا: “إنّ عملي السياسي والاجتماعي هو جزءٌ من رسالتي الدينيّة” فلا حدود بين الدين والسياسة في الإسلام، فيصبح العمل السياسي منهاجًا للاقتدار على المستويات كافّة، يعتمد النظرة الموضوعية التي تتّصل بجميع جوانب الحياة انطلاقًا من العقل باعتباره هبة منحها الله تعالى للإنسان لفهم الحياة بصورة واعية عميقة، فهي ليست دعوة لدين جديد بل نهضة فكرية من قلب الدين بعدما نفض الغبار الذي تراكم لقرون حتى بدا الدين باهتًا لا يرى فيه إلا بعض الطقوس ليعرف الناس حقيقة الإيمان بالله والإنسان كونه جوهر الدين وحقيقته عندما عبّر عن ذلك بقوله: “خطّي هو الصراط المستقيم وعلي (ع) هو الصراط المستقيم”[1].

أكد الإمام الصدر على ضرورة إعادة النظر في الرؤية الدينية العامة التي جعلت منه طقوسًا في الأفراح والمآتم، وفي هذا المجال يقول: “فلنُعد تقييم الدين في نظرة موضوعية شاملة وجرأة وتبصّر، لعلنا ننطلق من جديد ونبعث فيه الحياة، ولنُعطِ من وجودنا للدين وتعاليمه السامية مكانها المترفع الشامل ولنفسح له المجال بأن يحدّد أبعاد وجودنا يوحّد كثرتنا ويجمع تفرّقنا”[2]. أراد للدين الخروج من مجرّد اعتكاف في المساجد وطقوس في الكنائس وإقامة بعض الشعائر في المناسبات إلى حركة فاعلة تضج بالأعمال الصالحة، أن يكون حاضرًا في كل مفاصل الحياة، في المواقف عندما يتطلّب الأمر موقفًا، في السوق بأن لا تغشّ ولا تخدع الناس. في التجارة والتفقّه فيها، في المدارس والجامعات للتمييز بين ما هو حقيقي وما هو خرافي، في المستشفيات والرأفة بالمرضى والسهر على راحتهم، في ساحات القتال والالتزام بمبادئ القتال التي شرّعها الدين، بأن لا تظلم ولا تحرق ولا تخرب وتدمّر، أن نعرف الحق لنعرف أهله ونعرف الباطل لنعرف أهله، في التعامل مع الأسرة والجيران وأهل البلدة… بهذا السلوك السويّ يعرف الدين وليس بالشعارات الفارغة، لأن القاعدة المعيارية للسلوك الإنساني ما يتوافق مع الدين.

هذا الفهم والسلوك أحدث صدمة على مستوى رجال الدين وغير رجال الدين الذين وجدوا طرحًا جديدًا في فهم الدين لم يعهدوه من قبل، لهذا رآه البعض “عدوًا وحَزَنًا” يسفه أحلام المستبدّين، يهزّ أركان الإقطاع ويقوّض أساساته من خلال المضامين التي جاء بها، فيقلب المفاهيم السائدة لسلوك رجال الدين بعد أن رسم لهم صورة قوية الحضور تدفع بهم إلى معترك الحياة بعد أن أنزله من برجه العاجي وأخرجه من فوّهة قارورة التقوقع[3]، لأنه آمن بالعمل والسلوك المتصل بالقدوة الحسنة التي أرادها نهجًا قويمًا يعزّز بُنية المجتمع من جميع جوانبه. فكان سلوكه الجديد والغريب على العادات والتقاليد الذي مزج فيه بين العلوم الدينية والعلوم الأكاديمية في جامعة طهران، والذي يعدّ اختراقًا للخط العلمي المعتاد لرجال الدين الذي أراد من خلاله تشكيل ملامح جديدة لشخصية رجل الدين، لأنّ “علماء الدين هم طليعة القادة وحملة الأمانة، فإنهم الحلقات المشتركات لوصول تعاليم هذا المذهب إلى هذا العصر، وأنهم الشموع الساطعة التي تحمل أنوار علم النبي الكريم وآل بيته للأمة”[4].

على الرّغم من النظرة الجديدة لرجل الدين وعلاقته مع الواقع، لم يحدّ من دوره الأساسي في تحصيل الدراسات الحوزوية، لأنّ دوره محدّد من الله سبحانه وتعالى، فقد أراد كنس التقاليد التي لا تنسجم مع المجتمع العابد في الأرض المتماسك القوي المقتدر الذي لا خلل فيه ولا اعوجاج، أن يكون طاقة خلّاقة تُخرج الناس من أغلالهم وظلمات العبوديّة للعادات إلى عالم النور الذي يحرّر الأفكار، كي يصبح المجتمع قيمة متحرّكة تسهم في إغناء الحضارة الإنسانية ويعطي المنتمي لهذا الدين الطاقة الحركية التي تتناسب ومتطلبات الحياة العصرية وتساهم في المشروع الحضاري العالمي الممهّد للظهور لتتزعم قيادة العالم .

  1. مكامن الاقتدار: امتلك الإمام الصدر طائفة كبيرة من المهارات والقدرات المعرفية من خلال تجربته ودراسته ونباهته التي استطاع من خلالها مواجهة الآفات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية بطرح أفكار بديلة تعتمد المعايير المنطقية والعلمية المستمدّة من تراث أهل البيت (ع) والتي تعتبر نموذجًا لقيادة البشرية يأخذ فيها كل ذي حقٍّ حقّه، وخاصّة سلوك الإمام علي (ع) نموذجًا للاقتدار عندما أرسله رسول الله (ص) لإبلاغ المشركين سورة براءة، فكان الصورة والمثل في التحمّل والصبر والثبات في المواقف لا يخاف في الله لومة لائم، لا تثنيه الشعارات الفارغة، ولا الدعايات الزائفة، يمضي بقدمٍ ثابت وعزيمة راسخة. لا يوقفه الضجيج ولا كثرة العويل، حاملًا سيف جدّه في طلب الإصلاح في أمّة بعثرها الإقطاع وشرّدها الظلم، فخرج متدرعًا بمشروعية مطالبة وأحقية دعوته بلسان صدق أمين لا يعتريه الشك، يقارع بالحجّة والدليل والوقائع والأرقام.

لديه حلّ لكلّ مشكلة، ودواء لكلّ داء مع طريقة العلاج والأدوات المناسبة، فلقد رأى الإقطاع استعمارًا للعقول واستحمارًا للنفوس بعدما شاهد كيف تسلب الأرزاق وتهضم الحقوق والناس غارقة في نوم عميق. لا رجاء لهم ولا أمل من الخروج من تلك الظلمة المحيطة بهم باعتبارها قدراً.

بفعل نباهته وفطنته استطاع وضع اليد على الجرح، مشخّصًا الأسباب والعوامل التي أوصلت الناس الى هذا الدرك، فتح العيون على مأساة آخذة بهم الى الهاوية عبر فتح نافذة في العقول بأنّ القدر لم يكتب لهم الذل والشقاء، فالله ورسوله يأبى لهم ذلك، وأنّ باستطاعتهم الخروج منها على أساس التسلح بالقوة والهمة والثبات على الحق، وفتح أبواب المدارس لتشريع نوافذ العقول على العلم والمعرفة، وبناء الشخصية الواعية التي بمقدورها تشخيص الأمراض والأعراض ووصف العلاج اللازم لها، باستثمار المعرفة في الحقول الإنتاجية والبحث عن الجودة في العمل والإنتاج والمعرفة وتعزيز المنافسة المعرفية في هذه الحقول حتى يصبح بمقدور الناس الخروج من تحت عباءة الزعيم والإقطاعي والبكوات، والخروج – أيضًا – من تبعية الشركات التي تتحكم بالزراعة والإنتاج و التصريف.

بهذه الرؤية الواضحة توجّه الإمام الصدر إلى الناس بمنطق الراعي لحقوق الناس والذي يتألم لآلامهم ويفرح لأفراحهم حتى يضحوا أمواجًا متلاطمة كموج البحر الهادر من بعلبك إلى صور يقسمون بكل جمال وجماد بأن لا يهدأوا حتى تحصيل حقوقهم المشروعة.

استطاع بفكره الفيّاض بالعلوم الدينية والعصرية أن يكون سابقًا لعصره بما قدّمه من مواد للتدريس في الحوزة العلمية، كالقانون الدولي والادبين الإنكليزي والفرنسي، وعلوم الاقتصاد والاجتماع والنفس التي لم تكن من ضمن برامج الحوزات الدينية التي تجمّدت عند حدود معينة، فأراد لها الخروج من الجمود إلى الحركية التي تستطيع إظهار الدين بصورته النقيّة إلى العالم، وخاصّة العالم الغربي الذي تعرف على صورة الإسلام من خلال فيلم الرسالة الذي تمّ إخراجه في أوائل سبعينيات القرن العشرين، وكان للإمام الصدر البصمة الواضحة لإخراجه إلى حيّز الوجود كما عبّر مخرج الفيلم مصطفى العقّاد أنّ الإمام الصدر كان المشجّع الأوحد لهذا العمل المميّز بعدما أُحبط من الكثير من المؤسّسات الدينية التي ذهب إليها، فإمّا طُرد أو كفّر وكاد أن يقتل لأنّه آتى بأمر فوق القدرة الاستيعابية لعقولهم المحدودة، فكان للإمام الصدر الدور الكبير في متابعة التصوير وتدوين الملاحظات وساعد متابعة التصوير في ليبيا بعدما تمّ منعه في المغرب بسبب الفتاوى التي تحرّم ذلك، فقد أشاد العقّاد بهذا الدور الهامّ.

فلو قيّض للأمّة عقلاً كعقل الإمام الصدر لأخرجوا أفلامًا تحاكي سِيَر الأنبياء والصالحين والأئمّة، وبالفعل تمّ إنتاج أفلام صرفت عليها ميزانيات ضخمة كيوسف الصديق ومريم المقدسة وأهل الكهف وغريب طوس وغيرها مما فتح العيون على حقيقة كانت غائبة، وأظهرت للناس القدوة الصالحة.

  • الاقتدار السلوكي: قال تعالى في كتابه العزيز: }لَقَدْ كَانَ لَكُمْ في رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرًا{.[5] من هذا المفهوم اعتبر الإمام الصدر شخصية النبي الأعظم (ص) النموذج الأكمل والمعيار الأمثل للسلوك البشري كأرقى وأعظم شخصية في التاريخ الإنساني، فكان يرى أنّ إحياء سيرة الرسول والأئمة الأطهار عبر الاقتداء بسيرتهم كونهم القدوة الحسنة، وكذلك يعتبر شخصية الامام علي (ع) بما حملت من زهد وتقوى وشجاعة وصبر هي الفيصل والميزان الذي يقاس بها الموالي لأنها عنوان الاستقامة لارتباطها بطاعة الله ورسوله وأولي الأمر لأجل تحقيق الكمال الإنساني حتى يعرف الإنسان قيمته الوجودية. يتعرّف أكثر على ماهية العبادات وحقيقتها لأنها منشأ كل صلاح وفلاح وهداية لإدراك قيمة الحرية بعد أن فقدها لفترة من الزمن.

أراد للناس أن يتّخذوا من شخصية الإمام علي (ع) القدوة الحسنة لأنّها الشخصية المعيارية في الاستقامة، حيث كان يراها من قول الله تعالى: {وَزِنُوا بِالْقُسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ {[6]. “بمعنى أوضح إذا أردنا أن نزن السكر أو الأرز نستعمل الميزان، وإذا أردنا أن نزن الحرارة نستعمل ميزان الحرارة، أما إذا أردنا أن نزن الإنسان نزنه بعلي بن أبي طالب (ع)”[7]، فهو المعيار من خلال قول الرسول (ص): “يا علي، بك يعرف المؤمنين بعدي”[8].  فالأمر لا يقتصر على المعرفة فحسب، بل الاقتداء بالسلوك والأخلاق والسير في الطريق الوعر الذي سلكه والذي يعتبر سرّ كماله. بأن تحمل علمًا وتقوى، أن تمتلك شجاعة الوقوف أمام الظالم، أن تصبر على الفقر والجوع، أن تتحمّل حرّ الصيف وبرد الشتاء إذا دعت الحاجة إلى ذلك، أن تكون کميثم وعمار وأبي ذر، أن تصبر على الجوع والعطش والنفي، أن تحمل هموم الناس وتعيش مثلهم: “أأقنع من نفسي بأن يقال هذا أمير المؤمنين ولا أشاركم في مكاره الدهر أو أكون أسوة لهم في جشوبة العيش”[9]، أن تتألم لآلامهم وتشعر معهم، أن تكون زينًا لهم ولا تكون شينًا عليهم. أن تلتزم العدالة في قول الحق، أن تملك قوة المنطق والصدق، أن تكون النوايا والأعمال قربة لله تعالى حتى شربة الماء، أن تكون عين الله التي تبصر وترى حقيقة الأمور دون حجاب، أن تكون رحمة تنشر بين العباد وبذلك يكتمل إيمان الفرد ويزداد قربًا من الله تعالى.

هذا الاستغراق في شخصية الإمام علي (ع) في كل محطّات حياته الدينية السياسية والاجتماعية التي تجلّت في سيرة حياته القصيرة في لبنان مع الفقراء والأيتام والمجاهدين والمحرومين، فقد جاع كما جاع الفقراء، وطوى ليالي كثيرة بدون عشاء بسبب عدم امتلاك المال[10] وهو بذلك يجسّد حقيقة الإمام علي (ع) بسيرته.

إيمانه لم يكن سطحيًا قائمًا على الانفعال، بل إیمانًا راسخًا عميقًا لأنّه القدوة والحاكم العادل الذي يأخذ من الظالم ويعطي المظلوم، وهذا ما أخاف الغريب والقريب، بما يحمل في عقله وقلبه من قدرة على استشراف المستقبل بعين الله التي لا تخيب، وإدراك الحقائق وإزالة الحُجب عنها، فتتجاوز أقوالها وأفعالها حدود الحاضر المعاش لتستمر مع حركة الزمن، مشعل هداية ترسم للأجيال صورة المستقبل[11]، وقف ضد الظلم بكل صلابة، طالب بحقوق الفقراء ورفع الحرمان، واستطاع غرس مفاهيم جديدة لم تخطر ببال الحكام أنّ للحرية باب يمكن الولوج منه لمن كان له قدرة وعزيمة، عندها تأتي إليه طائعة، وأنّ الحكام ليسوا قدرًا محتومًا وأنّ الصهاينة والإقطاعيين ليسوا آلهة، بل هم بشر عاديّون استعملوا المكر والخداع للسيطرة، وأنّه بالإمكان الخلاص منهم وإزالتهم من الوجود.

  • الاقتدار الثقافي: هو على نقيض الثقافة الغربية التي قامت على دماء الأبرياء وجثث الشعوب، وانتهاك الحرمات والمقدسات التي لم ترعوِ في استخدام جميع الأساليب المتاحة لفرض ثقافتها على الشعوب بالترغيب حينًا والترهيب أحيانًا تحت عناوين زائفة وأفكار فارعة، ومهما كانت فهي تمثل صورة عن حضارة الشعب الذي تنتمي إليه بما تحمل من عادات وتقاليد وأعراف وقيم إنسانية وآداب اجتماعية وتربوية وطريقة إحياء الشعائر الدينية والمناسبات الحزينة والسارّة، فهي نمط حياة إما أن تقود نحو الرقي والرفعة بقيمها النبيلة الشريفة، أو نحو الهاوية، فكلّ تقدّم وتطوّر لخدمة الناس هو محلّ تقدير، أما إذا كانت تلك العلوم الإنسانية والاجتماعية والتقنية والازدهار في العمران والإنتاج، وكلّ المقوّمات مسروقة منهوبة من الشعوب الفقيرة، تغلّف بأغلفة حضارية وتباع بأسعار عالية إلى الدول التي سُرقت منها تصبح تافهة لا قيمة لها وفق المعايير الأخلاقية، فهي ثقافة تقوم على الابتزاز والإبهار باعتبارها ثقافة سيّالة لا تقف عند قيم أو مبادئ ولا حدود لا، تتأقلم مع الظروف كافة وتناسب جمع الأوضاع.

استغلّ الامام الصدر الثقافة الإسلامية لنشر وتنظيم الصفوف حيث قام شخصيًا بتدريس وإرشاد للكوادر والخلايا الأولى والعناصر دون كلل، التي أصبحت فيما بعد من النُّخب التي قادت المسيرة وحقّقت الإنجازات الهامة التي كان يراها ماثلة للعيان منذ أكثر من خمسين عامًا. بعد أن فتح قناة الاتصال التي كانت مقفلة مع الإسلام القرآني عبر إزالة الحُجب عن الآيات القرآنية التي تدعو إلى عدم الركون للظالم بأي شكل من الأشكال سواء كان داخليًا أم خارجيًا، وهذا ما أشار به إلى أهالي صلحا وتربيخا عندما استغلّهم الإقطاع وحرمهم من كامل أجورهم حتى قالوا: ليتنا بقينا تحت رحمة إسرائيل أفضل لنا من ظلم هؤلاء[12]. فكان توجيه الإمام الصدر لهم بالذهاب إلى العمل عند غيرهم وعدم الاكتراث لهم والسؤال عنهم، وهذا ما حصل.

طرح الاسلام المحمدي الأصيل كما يفهمه هو والتي لا تشوبه شائبة، لا يرقى إليه الشك وذلك بالدفاع عن المظلومين بل ومحارية الظالم، والحثّ على رصّ الصفوف في مواجهة العدو، وأنّ الله يحبّ الذين يقاتلون لأجل رفع الظلم عن الناس وإعلاء كلمته في الأرض وإحقاق الحق، والعمل على عمارة القلوب بحبّ الأرض وإصلاحها واستثمارها بالشكل السليم والإنتاج النبيل والابتعاد عن كلّ ما يعيق سلامة الانتاج ويحطّ من الكرامة الإنسانية، كما السّعي للارتقاء بالمسؤولية والأخذ بالعلوم النافعة والاستفادة منها كما هو الصلاح العام، والاستفادة من تجارب الآخرين التي تنسجم مع الثقافة الاسلامية.

اعتبر الثقافة التي تنطلق من المسجد والمنتديات الثقافية ومجالس عاشوراء وإحياء أمر أهل البيت خير معين للتربية الصالحة وإعداد النشء الجديد بالسير على نهجهم وتعلم علومهم والتخلّق بأخلاقهم مع تأمين الأجواء النظيفة الخالية من التوترات والسلوك الملتوي الذي يتصل بأهداف غير محمودة.

هذا السلوك النبوي أثار حفيظة البعض واعتبروه هَدْمًا للبناء الذي عملوا على تشييده منذ زمن، ولقد حاول – هذا البعض – تشويه صورة الإمام الصدر لدى عامّة الناس، فقد عملوا على تلويث الجوّ الثقافي بالسّموم لعرقلة مسيرته المندفعة تصاعديًا، ومنهم من عمل على إدخال عناصر غير نظيفة تخلق بيئة متوترة تبثّ الدعايات والشائعات لقلب المفاهيم وتشويش الصورة النقية ورسم صورة تتوافق وأهدافهم الخبيثة، لكن تأبى الحقيقة إلا أن تظهر رغم الأنوف الحاقدة تعمل على تشخيص مواطن الخلل في الجسم الثقافي والعمل على سدّ الثغرات بوضع المقادير المناسبة من العلاج بما يخدم الهدف الكبير حتى يكون الإنسان جديرًا بالاستخلاف، والسّعي إلى حُسن إدارة الوعي بشكل متقن ومدروس مع دراسة المتغيرات التي قد تحصل، وتعطّل العمل أو تحدُّ من فعاليته، لهذا عمل على بناء جبهة ثقافية تمتلك القدرات المطلوبة من كوادر ومقوّمات مع وجود البنية اللازمة لإعداد الجيل الجديد الذي سيشكل الدّعامة الكبرى لمجتمع الحرب الذي عمل على إعداده، لأن الثقافة هي الميدان الأساسي الذي يقود إلى التحرّر من الظلم والاستبداد والدافع القوي للانتصار على العدو الداخلي بالجهاد الأكبر وعلى العدو الخارجي بالجهاد الأصغر، ولا يتحقق ذلك إلا عبر التحصّن في ميدان العلم النافع والعمل الصالح.

  • الاقتدار الروحي والمعنوي: شقّ الإمام الصدر طريقه الوعرة باعتماده على المدد الغيبي الذي شكّل الباعث الأساس لسلوك هذا الطريق المليء بالعراقيل التي وضعت أمامه، منطلقًا من مبدأ: {.. إِنَّ القُوَّةَ لِلّهِ جَمِيعًا…}[13] التي تتضاءل أمامه كلّ الصعوبات وتخضع له الجبابرة بما تملك من سلطان وجبروت، فكان الانطلاق من المفهوم القرآني الأصل لأجل تحقيق الهدف المنشود بعد أن غدا الدين غريباً والقرآن مهجورًا والإيمان مجرّد تصوّر لا ارتباط له بالحياة العملية، عبارة عن لوحة جامدة جميلة في قلوب المنتسبين إليه، لكنّها لا تقطع ولا تمنع، فأراده أن يتحوّل من صورة إلى فعل لا يهتّز أمام المغريات أو المكاره، أن يمتدّ مع الوجود ويتمازج مع الحياة[14]، لا أن يكون مجرّد تعزية عند المِحن والشدائد، تشجيعًا للتغلّب على ذلك الجمود، أراده فاعلًا مع كلّ شؤون الحياة كونه مبعث الأمل الدائم المتعلّق بالمستقبل الذي يبدأ مساره من التوكّل على الله وينتهي إلى إحدى الحُسنين انطلاقًا من الطمأنينة الروحية التي عمادها خدمة الإنسان والأخذ بيده نحو الرفعة والسموّ باعتماده القوّة المطلقة التي لازمته طوال حياته وجرت معه مجرى الدم في العروق، وجعل من الدنيا ممرًّا للآخرة: {وابتغِ فيما أتاك الله الدّار الآخرة ولا تنسَ نصيبك من الدنيا وأحسنْ كما أحسنَ الله إليك{[15]، مع أنّ الإمام ترك نصيبه من الدنيا وما فيها سوى ما يساعده على العيش بظروف تضمن له الاستمرار والديمومة لمتابعة رسالته، فكانت سعادته بالإحسان إلى الفقراء مهما كانت طائفتهم وانتماءاتهم حتى غدا القدوة والمثل في اتباع سيّد المتّقين علي بن أبي طالب (ع)، وكذلك سيّد الشهداء (ع) حين قال في كلمة له في بلدة كونين الجنوبية في ذكرى أسبوع: “لو كان الحسين هنا لحمل سيفه وتحرّك ووقف في وجه مطلقي النار على الناس، نحن لا يمكن أن نسكت، وسلوكنا الحسيني يفرض علينا الدفاع عن أرضا وحمل مسؤولية شعبنا”[16].

اعتبر أنّ الحياة الدنيا قصيرة لا مجال فيها للانشغال في الشؤون الخاصة سوى ما يرتبط بالناس، ممّا يجعله يرقى بصفاته وسلوكه إلى مصافي أولياء الله الصالحين الذي اتّسموا بصفات نبوية من التّقى والورع والصبر والإخلاص والصدق التي كان يريدها للناس في سلوكهم، لأنّه يرى أن الابتعاد عن المنهج الديني سيؤول الى أماكن غير محمودة العواقب: }ومن أعرض عن ذكري فإنّ له معيشة ضنكًا ونحشره يوم القيامة أعمى{.[17] فهذا تحذير شديد لمن يخرج عن طاعة الله والانحراف عن طريقه، فتكون عاقبة أمره حالة من التعب والضيق والمشقّة، لذا نرى أنّ الشعوب التي انحرفت عن جادّة الحقّ خاصّة الغربية قد لجأت إلى أساليب من التأمّل والتصوّف غير الديني علّها تجد في ذلك عودة للحياة في أوردة الروح التي جفّت بفعل السلوك غير السوي والبعد عن الدين وانقطاع العلاقة مع الله من الناحية العملية، وأحيانًا تلجأ إلى عادات غربية ملتوية هربًا من صخب الحياة وضجيجها، إما بالإدمان أو تعاطي المخدرات أو الانتحار أو العزلة والابتعاد عن الناس نتيجة الفراغ الروحي.

فالقلب الذي امتلأ حبًا لله، وشَحِن بروح الإيمان أصبح عصيًّا على الأهواء ومنيعًا ضد الرياح العاتية الآتية من اليمين واليسار، يقف سدًّا قويًّا في مواجهة الحياة بروح عالية مكتسبة من توفيق الطاعة ورضى الله الذي وفّقه لخدمة الناس وإسعادهم على المستوى الدنيوي وتحصيل التقوى للوصول الى مرضاة الله التي تشكل هويّة المجتمع السائر على الصراط المستقيم: }يا أيها الذين آمنوا إن تتّقوا الله يجعل لكم فرقانًا ويكفّر عنكم  سيئاتكم ويغفر لكم والله ذو الفضلِ العظيم{[18]، بهذه التقوى يمكن التمييز بين النور والظلمة، ليست بالمفهوم المادي المعروف لدى البشر، بل بالمفهوم الإلهي القائم على الهداية والضلال، كما يفرّق بين الحق والباطل، بين ما هو نافع وبين ما هو ضارّ بما هو تغيير لرؤية الإنسان وسلوكه وتحرّكه نحو الاستقامة والانسجام مع طبيعة الوجود القائمة على العدل والمساواة على صورة الله ومثاله، بعيدًا عن الظلم والفوضى، لأنّ الذي يريد الخلود في عمله عليه أن يكون منسجمًا مع الكون لأنّه الميزان الذي وضعه الله تعالى وأن يكون انسانًا سويًّا ذا قيمة ومنزلة يستحق الخلافة على الأرض مجتهدًا في محراب العبادة الكونية بكل أبعادها، بذلك يشعر أنه ليس وحيدًا من خلال التناغم والانسجام مع كلّ الموجودات كجزء فاعل ومحرّك يقوم بالدّور المطلوب منه.

أراد لهذا الإنسان أن يكون لديه الوجود الفاعل وليس مجرّد عدد، أن تكون له بصمته وفاعليته الرسالية بالمعنى العملي، قادر على النهوض ساعة الشدّة والخروج من غفلته إلى رحاب حديقة العباد الذي منّ الله عليكم بالتقوى، أن يستعيد إرادته التي سُلبت منه من خلال التزود بسلاح التوكل على الله العزيز الجبّار الذي عبّر عنه أمير المؤمنين (ع) حيث قال في وصية لأبنه الحسن: “والجئ نفسك في أمورك كلها إلى إلهك، فإنك تلجئها إلى كهف حريز ومانع عزيز، وأخلِصْ في المسألة لربّك فإنّ بعده العطاء والحرمان[19]. أراد ربط قوّة الإنسان بقوّة جبّار السماوات والأرض الذي بيده كلّ شيء يقلب المفاهيم رأسًا على عقب بشكل لا يخطر ببال أحد بعدما أوغل الظلم إلى أقصى الحدود.

أراد لهذا الشعب بما يملك من طاقات أن يكون تعلّقه بالله الذي بيده كلّ شي، الرازق المانع المُعزّ المذلّ وليس بالزعيم أو الرئيس، لأنّهما مهما بلغا من القوّة ستبقى محدودة وسيأتي اليوم الذي يخضع فيه الجبابرة للحيّ القيّوم، ويخضع أمام الإيمان الراسخ المتين الذي لا ينفصل عن شؤون الناس، أراد له أن يعيش النباهة والفطنة التي تخرجه من غفلته عن ذكر الله بالمعنى الحقيقي: }فلا تكونوا كالذين نسُوا الله فأنساهم أنفسَهم أولئك هُمُ الفاسِقون{[20]، وكذلك اليأس من الحصول على الحقوق بالإضافة إلى تركهم حقّ الله ممّا أدّى إلى الحرمان والذلّ والخضوع للظلم، فأصبح كل شخص يبحث عن مصلحته الشخصية لكنّه لم يفلح لأنّ نفسه انفصلت عن مصدر الطاقة الأساس.

أراد للناس أن يعيشوا الحياة الكريمة والسعادة والاطمئنان النفسي والروحي وهدوء البال الذي يبعدهم عن الخوف والجزع، أراد أن تكون عباداتهم من صلوات وصيام وحج متفاعلة مع الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والأمنية، ممتدّة إلى كلّ جوانب الحياة، أن تتجاوز العمل الفردي إلى التعاون والاتّحاد في مواجهة الظلم.

بهذه الروحية انطلق من أعظم جهاد تبيين حين ربط العمل العبادي الفردي بتنمية روح الجماعة، بذلك ينتصر المنهج الروحي الذي اعتمده وتغلّب به على الفكر المادّي الإلحادي الذي حاول صناعة حياة لا تتوافق مع البيئة المعاشة التي اصطدمت بأساس ثابت متّصل بالقوّة اللامتناهية في الكون. وأنّ القوة لله جميعًا وللنبي والأئمة الأطهار، مبعث الاعتزاز والفخر وفق قول الإمام الصادق (ع): “من أراد عزًّا بلا عشيرة وغنًى بلا مال وهيبةً بلا سلطان، فليخرج من معصية الله إلى عزّ طاعته”[21] بالاعتماد على الأسس المنطقية في التعامل مع ظروف الحياة والمستجدّات التي تطرأ، المعتمدة على الإيمان بالغيب الذي بفقدانه يعيش القلق الدائم خاصة في ظل التطوّر والتسارع في التكامل، لهذا فهو بحاجة الى الإيمان المطلق بصورة أقوى وأشد[22]. حتى أن السلاح مهما كان قويًّا وفتّاكًا فإنّه يفقد قوّته عند انهزام الروح وفقدان الإيمان بالغيب الذي قد تدفعه إلى التراجع في ساحة المعركة لغياب مفهوم الشهادة التي هي إحدى الحُسنين في قاموس المؤمنين باللّه، ومع وجود الإيمان تزداد صلابة المجاهدين في قوّة اندفاعهم نحو مواجهة العدوّ.

  • الاقتدار العسكري: لمّا تقاعست الدولة عن حمل مسؤوليّتها بالدفاع عن الجنوب وتركه لمصيره يسرح فيه العدوّ ويمرح ويفجّر ويقتل ويأسر، يدخل القرى دون حسيب ولا رقيب ولا من يدافع عن الأرض، وبعد المطالبة لسنوات بوجوب الدفاع عن الجنوب لكن دون نتيجة، قام بما يجب عليه فعله بعد ما شاهد ما حلّ بالشعب الفلسطيني الذي انتظر سنوات لاستعادة أرضه اعتمادًا على الهيئات الدوليّة والدول العربية حتى أصابه اليأس، وأخيرًا لجأ إلى الخيار المسلح، ولن ينتظر حتى تهاجم اسرائيل لبنان فكان لا بدّ من الإعداد المسبق لمواجهة ذلك الوحش المتربّص على الحدود استدراكًا للخطر المُحدق بأرض الجنوب، فيقول الإمام الصدر، “ولن ننتظر حتى يحتلّ العدوّ الاسرائيلي أرضنا ثم نشكل فِرق مقاومةٍ لاستعادة الأرض المحتلّة .. فالأفضل أن نستعدّ منذ الآن ونحمل السلاح ونتصدّى للعدو قبل أن يتعاظم خطره”[23]، فانطلق من مقولته الشهيرة “السلاح زينة الرجال” لأجل الدفاع عن المظلومين والمحرومين وليس للاستعمال ضد المواطن والصديق والجار.

حثّ القرآن الكريم على القتال في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء. يقول تعالى: }مالكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان…{[24] ،فما المانع عن الجهاد في سبيل

متاهات نصرة المستضعفين الذين لا حيلة لهم ولا قوة ولا ناصر ولا معين إلا الدعاء والاسترحام وإلاّ أصابهم ما أصاب المسلمين الذين دخلت عليهم خيول معاوية في الأنبار. فهذا ظلم بحق النفس بعد القعود عن الواجب وظلم للآخرين لعدم نصرتهم والوقوف بجانبهم. ولا يمكن النهوض بهذا الأمر إلا بالسلاح الذي يتجاوز تلك الآلة إلى سلاح العلم والإعداد النفسي والروحي لمواجهة الجهل والتخلّف عن فهم حقيقة وجوب حمل السلاح مقابل الاعتداء والفوضى وتحمّل المسؤولية في الدفاع عن الأرض، فيصبع زينة للرجال كما العلم زينة العقول والأفهام والصحة زينة الأبدان.

السلاح زينة الرجال قالها في زمن الجفاف والتصحّر في العقول والإفهام بعدما شاهد الناس العراضات العسكرية في المناسبات وغير المناسبات لاستفزاز الناس وإقلاق راحتهم، لكنّه حاول أن يصوّب البوصلة إلى الاتجاه الصحيح لأنّه رأى أنّ لهذا السلاح مستقبلًا واعدًا وعدًا مشرقًا عندما يحمله المؤمنون الشرفاء لنصر مبين ولو بعد حين.

أراد للسلاح أن يبني وطنًا عزيزًا كريمًا قويًا مقتدرًا، عصيًّا على الأعداء وأن لا يصبح لقمة سائغة وأرضًا سائبة يدخلها حيث يشاء، لهذا كانت أول بواكيره في تلال الطيبة ورب ثلاثين وتلة شلعبون في جنوب لبنان حيث أزهر عزًّا ونصرًا مؤزّرًا بعد عقود، وغدا شوكة بعيون الأعداء يحسب له ألف حساب، وقد حاولوا بكل قوّتهم المدعومة من الغرب الفاجر لسحبه ليعود المواطن الجنوبي أعزل الكرامة مسحوق السيادة، أرادوا لهذا الاقتدار أن يُزال لأنّه فقأ عيون الحاقدين الطامحين، فلم يعد الجنوبي مكسر عصا لأحد ولن يسمح بالتآمر عليه، فتحطّمت الآمال أمام قوّة المنطق الذي حاول الإمام الصدر أن يقنع به المسؤولين بأحقّية مطالبه، لكن مهما كان المنطق قويًّا فلا بدّ له من قوة تحميه.

التاريخ خير شاهد على قصور المنطق من خلال ما جرى مع الإمام علي وما يملك من حجّة وبيان وبلاغة وفصاحة تفوق الوصف فوق قدرة استيعاب المخلوقين، رغم ذلك تمّ إبعاده عن المنصب الذي اصطفاه الله له، حتى قال مقولته الشهيرة في خطبة الجهاد: “لا رأي لِمن لا يُطاع”[25] فلم يصغِ إليه أحد، وكذلك ما حصل مع الإمام الحسين الوارث لمنطق جدّه وأبيه، وكذا مع بقيّة الأئمة الأطهار لعدم توافر القوّة التي تحمي الحق.

الإمام الصدر لم يكن بعيدًا عن منطق أجداده في بصيرته وفصاحته وبلاغته وقوّة منطقه، فهو الذي أمّ الناس في المساجد والكنائس والساحات. لكن لم يصل صوته آذان المسؤولين والمواقع السياسية الصّمّ البكم، والجنوب يتألّم حسرة وخيول الغامدي الجديد تصول في أراضيه لا يقف أمامها أيّ منطق في الدنيا، بل إنّ البعض اتّخذ من المنطق وسيلة لتبرير الأفعال الإجرامية والاستثمار فيتخدم أهداف العدو.

أين سيصبح جنوب لبنان لو تمّ الاكتفاء بالمنطق الانهزاميّ والحوار العقيم وإيكال الأمر الى الأمم المتحدة لتحصيل الحقّ المـسلوب لكن تبقى قدرة الله أكبر من أن تنال الأصوات الخبيثة التي أرعبها السلاح بعدما شاهدوا فاعليته عندما تحول الى زينة تكلّل أعراس النصر وشواهد عزٍّ على المفارق والجبال.

بدون السلاح يصبح المنطق شأنًا روحيًّا يبحث عن تبريرات في صفحات القرآن الكريم: {وإن جنحوا للسّلم فاجنح لها}[26]، {ولا تلقوا بأيديكم إلى التّهلكة}[27]، ومن قبيل الآيات التي قد تفسّر بما يوافق الهوى، يرون فيها استلامًا وخضوعًا، فتصبح الكرامة وجهة نظر، تبرّر الوحشية تحت حجّة الدفاع عن النفس، وعدم القتال بسبب عدم القدرة على مواجهة جالوت العصر.

السّلاح أصبح زينة الوطن وشرف العرب والمسلمين، ومفتاح النّصر والعزّة بعد التوكّل على الله لفتح الطريق أمام المؤمنين الشرفاء لتحرير القدس رجس العدو، وهو الباب الذي دخلوا منه فاتحين بعد عشرين عامًا من الاحتلال، ولا يزال صاحب اليد العليا في فرض المعادلات، يدافع عن الوطن ويحفظ كرامته، ويردّ كيد الصهاينة والتكفيريين ويمنع الحرب الأهلية في لبنان.

 

 

خاتمة:

حاول الإمام الصدر بما يملك من طاقات فكرية ومعنوية وروحية  فتح كوّة في جدار الصمت، لإدخال النور إلى  قلوب المساكين والمحرومين الغارقين في  ظلمة التجهيل والاستخفاف والاستضعاف، عبر فتح نوافذ الأمل على عالم  تسودهُ  القيَم الإنسانية والأخلاقية، ويُعاد الحق إلى أصحابه حتى تخرج تلك الحاجيات الطبيعية  المتعلقة  بتأمين القوت للعيال والدواء للمرضى والمقعد الدراسي  للطالب وتفريغ الشوارع من المتسوّلين والمشرّدين،  للعمل على بناء مستقبل قادر على الوقوف  في وجه العدو.

‏    لقد اضاء الإمام الصدر على مَواطن لم تكن معهودة من  قبل، وأثبتَ أنّ هذا الشعب باستطاعته نفض غبار الجهل والفقر والكسل والتواكل  عن كاهله،  بالاعتماد على مكامن القوّة التي تبدأ بالتوكّل على الله وسيرة النبي (ص) والأئمة الأطهار(ع) الذين رسموا سُبُل الخروج من ظلمات النفس إلى الفضاء الرحب بسلوك طرق الصلاح والفلاح، ومن خلال العودة إلى مصادر المعرفة التي نَهَلَ منها العظماء حتى غدَوا منارات ساطعة؛ من حسن كامل الصباح إلى رمّال رمّال وغيرهم، ممّن أبدعوا وأبهروا العالم بنتاجهم الفكري، وأنّ باستطاعة هذا الشعب – المتروك لِقدره – أن يمتلك المقوّمات الثقافية والروحية والمادّية والعسكرية لتحقيق الاكتفاء بالقدر الذي يحتاجه لمواجهة التحديات.

دفع الإمام الصدر غالياً ثمن الفكرة الواعية التي أخرجت الناس من ذلّ العبودية إلى عزّ الحرية إذ أخرجتهُ من ساحة جهاده  وغيّبتهُ في مصيرٍ مجهول.

 

الهوامش

[1] طالب دكتوراه – الجامعة الإسلاميّة  -بيروت- لبنان- قسم دراسات إسلاميّة

Étudiant: Saeed Mohammed Darwish doctorant à l’Université islamique du Liban .Email: saiddarwish13@gmail.com

[1] محاضرات للإمام الصدر. التغيير ضرورة حياتية، مركز الامام الصدر للأبحاث بيروت، ص 23.

[2] يعقوب ضاهر: موسى الصدر، يوميات ووثائق 1971 – 1973، المجلد الثالث، دار بلال للطباعة والنشر، بيروت، الطبعة الأولى 2000، ص 74.

[3] حسن جوني، الإمام علي (ع) وموسى الصدر، الصورة والمثل، دار عالم الفكر، طبعة أولى، آب 2020، ص 107.

[4] يعقوب ضاهر، المصدر نفسه، المجلد الثاني، ص 108.

[5] قرآن كريم، الأحزاب/21.

[6] قرآن كريم، الشعراء/182.

[7] موسى الصدر، الامام علي إنسانيّة السماء، مركز الامام الصدر للأبحاث والدراسات، بيروت، طبعة أولى، ص 77.

[8] محمد باقر المجلسي، بحار الأنوار، منشورات مئسسة الأعلمي للمطبوعات – بيروت – لبنان ، ج 39، ص 263.

[9] علي بن ابي طالب، نهج البلاغة، شرح الشيخ محمد عبده، مكتبة دار علوم القرآن _ العراق _ كربلاء المقدّسة_ الطبعة الأولى 1433هـ، 2012 م _ ج 3_ ص 385.

[10]  يذكر سائق الإمام الصدر: أنه ذات مساء من أيام التعب الشديد والإرهاق المستمر، كنت عائدًا بسماحة الامام إلى بيروت، وكانت الساعة العاشرة ليلا، وفي منطقة البربير سألني سماحته: “ماذا يمكن أن نتعشى في هذه الليلة؟ فقلت له: فلافل، فقال الفلافل جيدة، ثم أوقفت السيارة وترجلت منها وكل ظني أن الامام سيعطيني شيئًا من النقود لدفع ثمن الفلافل إلا أنه لم يحرك ساكنًا، وكنت بالفعل قد وصلت إلى باب المحل الذي يبيع الفلافل ثم قفلت عائدًا وصعدت إلى السيارة، فسألني سماحته: “لماذا لم تحضر الفلافل؟” فقلت ليس معي ثمنها، فقال الامام وأنا أيضا لا أحمل النقود، وتابعنا دون عشاء. حسن جوني، مصدر سابق، ص 167.

[11] محمد فنيش، نائب ووزير سابق، محاضرة بتاريخ 23/ 11/ 2000، مؤتمر كلمة سواء، مركز الإمام الصدر للأبحاث والدراسات.

[12] حسن جوني، مصدر سابق، ص 149.

[13] قرآن كريم، البقرة/ 165.

[14] علي عبد الهادي جابر، الإسلام القرآني، الإمام موسى الصدر، نشر وتوزيع دار المعارف الحكمية، الطبعة الأولى، بيروت 2019 ، الجزء الأول،  ص 90.

[15] قرآن كريم، القصص/77.

[16] جريدة النهار 27/1/1975.

[17] قرآن كريم، طه/124.

[18] قرآن كريم، الأنفال/29.

[19] علي بن أبي طالب، نهج البلاغة، شرح الشيخ محمد عبده، مكتبة دار علوم القرآن_  العراق _كربلاء المقدّسة_ الطبعة الأولى 1433هـ_ 2012 م ،ج 3، ص 362.

[20] قرآن كريم، الحشر/19.

[21] محمد الريشهري، ميزان الحكمة، دار إحياء التراث العربي، بيروت _ لبنان _ ج 3، ص 1958.

[22] موسى الصدر، حديث السحر، مركز الامام الصدر للأبحاث والدراسات-بيروت 2011 ص 2030.

[23] صوت المحرومين، العدد 5، ص 35.

[24] قرآن كريم، سورة النساء/ 75

[25] – الإمام علي بن أبي طالب، نهج البلاغة، الخطبة 27 _ ج 1، ، ص 55

[26] قرآن كريم، سورة الانفال/ 61.

[27] قرآن كريم، سورة البقرة/ 195.

المصادر والمراجع

  • القرآن الكريم
  • نهج البلاغة، الإمام علي بن أبي طالب الخطبة 27 _ ج1.
  • حسن جوني، الإمام علي (ع) وموسى الصدر، الصورة والمثل، دار عالم الفكر، طبعة أولى، آب 2020.
  • الشيخ محمد عبده شرح نهج البلاغة للإمام علي بن أبي طالب، ، مكتبة دار علوم القرآن_ العراق _كربلاء المقدّسة_ الطبعة الأولى 1433هـ_ 2012 م ،ج 3.
  • علي عبد الهادي جابر، الإسلام القرآني، الإمام موسى الصدر، نشر وتوزيع دار المعارف الحكمية، الطبعة الأولى، بيروت 2019 ، الجزء الأول.

6- محاضرات للإمام الصدر. التغيير ضرورة حياتيّة، مركز الامام الصدر للأبحاث بيروت.

7- الريشهري، ميزان الحكمة، دار إحياء التراث العربي، بيروت _ لبنان _ ج 3.

8-محمد باقر المجلسي، بحار الأنوار، منشورات مئسسة الأعلمي للمطبوعات – بيروت – لبنان ، ج 39.

9-محمد فنيش، نائب ووزير سابق، محاضرة بتاريخ 23/ 11/ 2000، مؤتمر كلمة سواء، مركز الإمام الصدر للأبحاث والدراسات.

10- موسى الصدر، الإمام علي إنسانيّة السماء، مركز الامام الصدر للأبحاث والدراسات، بيروت، طبعة أولى.

11-………..، حديث السحر، مركز الامام الصدر للأبحاث والدراسات-بيروت 2011.

12-يعقوب ضاهر: موسى الصدر، يوميات ووثائق 1971 – 1973، المجلد الثالث، دار بلال للطباعة والنشر، بيروت، الطبعة الأولى 2000.

 

الجرائد والمجلات

 

13-جريدة النهار 27/1/1975

14- مجلة صوت المحرومين، العدد 5.

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

free porn https://evvivaporno.com/ website