التّحيّة: مبناها ومعناها ـــ دراسة في ضوء علم اللّغة الاجتماعيِّ
سوزان عبد المجيد المحمّد*
تمهيد
الإنسان كائن اجتماعيّ بطبعه، أنيس بفطرته، يَأْلف ويُؤْلف، يُحِبّ ويُحَبّ، وبهما تكتمل إنسانيّته، وبإحداثياتهما يعيش بين قومه، آمنًا في سربه، مطمئنًّا بين أضرابه. وباجتماعيته يفترق عن سائر المخلوقات، يعزّز ذلك اشتقاق “الإنسان” من “الأنس”. قال الأنباري مُفسّرًا: “إنّما قلنا إنّ وزنه فِعلان؛ لأنّ “إنسان” مأخوذٌ من الأنس، ويجوز أن يكون سمّي الإنس إنسًا لأنّ هذا الجنس يُسْتَأنس به من الأنْس وعدم الاستيحاش ما لا يوجد في غيره من الحيوان”([1]). تتجسّد الاجتماعيِّة فيه عند لقائه غيره من بنيّ البشر. يجري ذلك عند المواجهة في الطّرقات، الزّيارات في المنازل، أو التواصل في ميدان العمل وغيرها من الأحوال. يلجأ الإنسان إلى استعمال آليّات تفصح عن حبّه، وتشير إلى أنسه، والأمان بقربه. تتمثّل في السّلوك اللغويّ القائم في إلقاء التّحيّة وإفشاء السّلام. إنّها أفعال وتقنيات فطريّة تصدر عن الإنسان، تبعث الوئام، وتؤدّي إلى كسب المودّة والاحترام. ما المقصود بالتّحيّة؟ هل تعرف شكلًا واحدًا؟ كيف تؤدّى؟ أباللسان أم بغيره من أدوات؟!
التّحيّة في فضاء المعاجم
التّحيّة اشتقّت من حَيَّا يُحَيِي، وأصلها “تَحْيِيَه” وِزان تَفْعِلة من الحياة، وإنّما أدغمت لاجتماع الأمثال([2])، والهاء لازمة لها، والتاء زائدة. والمضاعف من الياء قليل؛ لأنّ الياء قد تثقل وحدها لامًا، فإذا كان قبلها ياء كان أثقل لها؛ لذلك لزمتها الهاء. والرجل مُحَيِّي والمرأة مُحَيِّيَة. والتّحيّة تعني السّلام، يقال: حيّاهُ تحيّة. والتّحيّة البقاء والمُلْك، شاهده قول زهير بن جَنَاب الكلبيّ: ]من مجزوء الكامل[
ولكُلُّ ما نَال الفَتَى قَدْ نِلتُهُ إلاّ التَّحيَّهْ([3])
قال ابن الأعرابيّ: أراد البقاء؛ لأنّه كان ملكًا في قومه. وقال ابن برّيّ: والمعروف بالتّحيّة هنا إنّما هي بمعنى البقاء لا بمعنى المُلْك([4]).
إلى جانب معنى البقاء، تحمل التّحيّة معنى السّلام. فسّر الليث ماجاء في الحديث “التّحيّات لله”([5])، قال: معناه البقاء لله، ويقال: الملك لله، وقيل أراد بها السّلام. والتّحيّة المُلْك قالت العرب: حيَّاك الله وبيّاك، أي اعتمدك بالملك، وقيل أبقاك الله له، وقيل: ملّكك الله. أنشد عمرو بن معديكرب: ]من الوافر[
أَومُّ بِهَا أَبَا قَابوسَ حتَّى أُنيخَ على تَحِيَّتِهِ بجندي([6])
يعني على: على ملكه. وقد جمعت معاني: البقاء والسّلام والملك في دعاء التشّهد([7])، الذي ينوي به البقاء لله والسّلام من الآفات والملك لله ونحو ذلك. من خلال ما سبق، يلاحظ أن مادة ]تحية[ تحمل المعاني الثلاثة: السّلام، والبقاء، والملك، وعلى ضوئها ظهر المعنى الاصطلاحيّ.
التّحيّة في الدلالة الاصطلاحيّة عند العرب “ما يُحَيّي بعضهم بعضًا إذا تلاقوا”. قال ابن الهيثم مفسرًا صيغة التّحيّة ومضامينها: “وتحيّة الله التي جعلها في الدنيا والآخرة للمؤمنين عبادة إذا تلاقوا ودعا بعضهم لبعض بأجمع الدعاء أن يقولوا: السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته”([8]).
يمكن التمييز في التّحيّة بين مقامين: تحية الآخرة، وتتمثل في قوله عزّ وجل: “تَحِيّتُهم يومَ يلقَوْنهُ سلامٌ”([9]) وتحية الدنيا المفسرة في قوله تعالى: “وإذا حُييتّم بِتَحيّةٍ فَحَيُّوا بِأحْسَنَ مِنْها”([10]). وباختصار التّحيّة – في أصل منبتها – أن يقال: حيّاك الله، أي جعل لك حياة، وذلك إخبارٌ، ثم يجعل دعاء، يقال: حيّا فلانّ فلانًا تحيّة إذا قال له ذلك.([11]) ويجملها المعجم الوسيط([12]) بالقول: التّحيّة السّلام، وحيّا فلان فلانًا: دعا له بالحياة، وحياه سلّم عليه، وحايا القوم بعضهم بعضًا: حيّا بعضهم بعضًا، وتحايا القوم: حيّا بعضهم بعضًا. تقوم التّحيّة على ملاقاة شخص لآخر حقيقة، واستقبال كلّ منهما محيا الآخر، أي الوجه، يوضحه قول ابن الأعرابي: “والمحيا جماعة الوجه، وقيل حُرُّهُ، وهو من الفرس حيث انفرق تحت النّاصية في أعلى الجبهة، وهناك دائرة المحيّا”([13]).
التّحيّة: نشأة وتطوّرًا وتنوّعًا
التطوّر سُنة الحياة، وقد دخل ألفاظ([14]) في معانيها ومبانيها. وليس الأمر غريبًا أن ينال بنية التّحيّة، وهي بطبيعتها تركيب مؤلّف من ألفاظ. كيف بدأت التّحيّة في الحضارة العربيّة؟ ما أبرز أشكالها؟ هل راعت المقام وأحوال الكلام؟!
من قديم ما عرف من صيغ التّحيّات قولهم في الصباح: “عِمْ صباحًا”، يفصح عنه قول امرئ القيس، يحيّي الطلل بالتّحيّة الجاهليّة، ويدعو لها بالنّعيم، قال: ]من الطويل[
ألا عِمْ صباحًا أَيُّها الطلل البالي البالي وهَلْ يَعمن منْ كانَ في العُصُر الخالي([15])
على النَّحْو السابق، أثر عن زهير بن أبي سلمى قوله يلقي تحيّة الصّباح على دار حبيبته: ]من الطويل[
فَلَمْا عَرَفْتُ الدَّارَ قُلْتُ لربعِها أَلا عِمْ صباحًا ايُّها الرَّبعُ واسْلَمِ([16])
ويؤدّون تحيّة المساء بالقول: “عِمْ مساءً”. ونظرًا للتفاوت الاجتماعيِّ، والتباين الطبقي، اختلفت صيغة التّحيّة بين العامة والملك: فعرفت تحيّة الملوك التي يباينون فيها غيرهم بالقول: “أبَيْتَ اللعن”؛ كأنّه لجودة فِعاله، وقدرة أعماله، وغزارة سجاياه يأبى اللعن، وينبو عن الذم والشتم. من شواهدها قول الشاعر: ]من الوافر[
أَبَيْتَ اللَّعْنَ إنّ سَكَاب علْقٌ نَفِيسٌ لا تُعَارُ ولا تُباعُ([17])
أي أبيت أن تأتي شيئًا تُلعن عليه. وشاعت تحية الملوك، وتداولها غير شاعر، منها قول النابغة الذبياني، يفشي سلامه على أميره أبي قابوس: ]من البسيط[
هذا الثَّناءُ فإنْ تَسْمَعْ لِقائلهِ فَلمْ أُعَرِّضْ أَبَيْتَ اللعنَ بالصَّفدِ([18])
عرفت تحيّات الملوك صورًا متعدّدة منها قول المحيّي لبعضهم: أَنْعم صباحًا، ولبعضهم: أَسْلم وأنْعم، ولبعضهم: أسْلم كثيرًا، ولبعضهم: عِشْ ألف سنةٍ.([19])
قد تدخل آليات في أداء التّحيّة، تمليها مواقف الحياة الاجتماعيِّة، على مثال حمل المحيِّي نباتات تشتهر بجميل منظرها وطيب رائحتها؛ فتؤدّي الدّلالة بجلاء مقاصدها. من ذلك تحيّة الملوك بالرّيحان يوم العيد، يصورها قول النابغة الذبياني: ]من الطويل [
رِقاقُ النّعالِ طيِّبٌ حُجزاتهُمْ يُحيَّوْنَ بالرَّيْحان يَوْمَ السّباسب([20])
ويمثل الجسد بحركة الرّكوع، وإشارات اليد شكلًا آخر من أشكال التّحيّة، وخصوصًا في رحاب الملوك، وعِلية القوم. والسّجود والرّكوع مرادفة لعبارة “أبيت اللعن” تحوّل أداؤها اللغويّ من العبارة إلى الإشارة، ومن القول إلى الفعل، أفصح عنه عمرو بن كلثوم بقوله: ]من االوافر [
إِذا بلغَ الفِطَام لنا صبِيٌّ تَخِرُّ لهُ الجَبَابرُ ساجدينا([21])
ومع ارتقاء سبل العيش، وبمجيء الإسلام، أصاب تراكيب التّحيّة تحولٌ أملاه الدِّين الجديد، والحياة المتبدلة في المفاهيم والعقائد. نسخت صيغة السّلام كثيرًا مما عداها. غدت – عندها التّحيّة في عالم الإسلام: “السّلام عليكم”، عملًا بقوله عزّ وجل: “وتَحِيَّتُهُم فيها سلامٌ”([22])، وأمر سبحانه وتعالى أن تجود بالزّيادة عليها، وتحسينها فوق جمالتها. قال تعالى: “وإذا حُيّيْتُم بِتحيّة فَحَيُّوا بأحسَنَ منْها أو رُدُّوها”.([23])
تتعدى تحية السّلام ملاقاة الأشخاص، إلى مواقف أخرى، منها دخول المنازل، قال جلّ وعلا: “فإذا دخلتم بيوتًا فسلموا على أنفسكمْ تحيةً من عند الله مباركة طيبة”.([24]) فقد قرن قوله سبحانه “فسلّموا” فعل الأمر بالجواب الممثل في “تحية” ، مؤكّدًا على مفهوم التّحيّة المتجسّدة بالسّلام.
هكذا تحوّلت صيغ التّحيّات السّابقة للإسلام إلى تركيب “السّلام”، يؤكّد التحوّل ما رواه الفقهاء. قيل إنّ ابا ذرّ لما أتى النبيّ (ص)، فقال له: أنعِمْ صباحًا، قال النّبيّ (ص): إن الله قد أبدلني منها ما هو خير منها، فقال أبو ذرّ: ما هي؟ قال السّلام.([25])
تلوّنت صيغ التّحيّة مع العصر، فعرفت أشكالًا عدّة، على نحو: “أهلًا وسهلًا”. تلفظها الألسنة وتنوب عنها في التّحيّة بعض أعضاء الجسم، كالعين – مثلًا حين يخشى المرحب الكاشحين. سطّر عمر بن أبي ربيعة تحية حبيبته عند استقباله بحركة عينها القائلة، أهلًا وسهلًا، أنشد: ]من الطويل [
وَلماْ التقينَا بالثَّنيةِ أوْمضَتْ مخافَة عيْنِ الكاشحِ المًتنمِّم
أشارتْ بطرْفِ العُيْنِ خشّية أهْلها إشارة محْزونٍ ولم تتكلم
فأيْقنْتُ أنَّ الطَّرْف قدْ قالَ مَرْحَبًا وأهلًا وسهلًا بالحبيبِ المُتيَّمِ([26])
قد يقتصرون على لفظة “تحية” عند استقبال الزائرين، أو أصحاب المناصب والمتنفّذين، تفوه بها لافتات يحملونها، أو يعلقونها في مكان كاشف للقادمين، تنصّ على: “تحية إكبار وفخرِ…”، وما شاكلها، تملي مضمونها المناسبات والمواقف التي تفرضها.
وفي مناسبات العودة من أداء فريضة الحجّ، تعلق لوحات القماش، التي تستقبل الحاج وتحيّيه على فعلته، منها: “حجًّا مبرورًا وسعيًا مشكورًا”، و”أهلًا بحجاج بيت الله الحرام”. ويستمر سلوك حمل الأزهار في تأدية رسالة التّحيّة، استقبالًا ووداعًا. من أشهر النّماذج، ما أُثِر عن الشاعر جرير، عند وداع عشيقته “سُلَيْمَى”، سطرهُ بقوله: ]من الوافر [
أَتنْسى إذْ تودِّعنا سُليْمى بفْرع بِشَامةٍ سُقِيَ البَشَامُ([27])
تتحوّل صيغة السّلام في المجتمع منسجمة مع المواقيت صباحًا ومساءً، قالوا في الصباح: “صباح الخير”، وفي المساء: “مساء الخير”. وقد يستفيدون من ظاهرة التنغيم([28]) في العربيّة، فيمطلون التّحيّة بالقول: “صباحو”. والسّلوك اللغوي طاول تحيات دخول المنازل والخروج منها؛ فتداولوا “تصبحون على خير” و”تمسون بخير”… وربما كانت ثقافة منقولة من التّراث الإسلامي، الوارد في الآية: “فَسبحانَ اللهِ حينَ تُمسْونَ وحينَ تُصبحون”.([29])
تحوّلت التّحيّة حينًا إلى الدّعاء الموجز: “سعيدة”، وداخلت التّحيّة في المجتمع العربيّ التّراكيب الأجنبيّة، نتيجة التواصل بين المجتمعات، والانفتاح الثقافيّ بين البيئات، فشهدت التّحيّة: “بونجور” (Bonjour) و(Good morning)، ومطلوا فيها، فجاءت: “بونجورنو”. ومثلها الصيغ الأجنبيّة الأخرى. وارتقت التّحيّة في المجتمعات من القول إلى الفعل، ومن الصوت إلى الحركة؛ فأُدّيت بحركات الجسم، على شاكلة “الانحناء” تحيّة للزائرين والمشاهدين. وكذلك رفع اليد وحركات الكفّ. وعلى هَدْيها عرفت تحيْة العسكريين القائمة على رفع اليد اليمنى إلى جانب الرأس مع فتح الكف… وقد يحيّون برفع السبابة والوسطى منفرجتين إلى أعلى، مشكلة الحرف (V)([30])، علامة للنّصر والفوز.
في إطار لغة الجسد، أدّت اليد بمصافحتها يد المحيّا، أو تقبيلها أسلوبًا آخر في التّحيّة. نقلت المراجع أنّه لما فارق مؤنس القائد الخليفة في أوائل القرن الرابع الهجري قبّل يده…([31]).
كذلك حال التّحيّة بمدّ اليد تكريمًا وتعظيمًا للمُحَيَّا، وقد لوحظ فيها الطبقيّة، وتعدّد المستويات الاجتماعيِّة. نقل عن المأمون أنّه كان يمدّ يده مسلّمًا على البطريق ديونيسيوس، وهكذا كان يجعل بكلّ منْ يريد إكرامه.([32]) مع مرور الأيام، وبقدوم الإسلام، أصاب عادة تقبيل الأرض البلى، وترفّعوا عنها حفظًا للكرامات، وصيانة لماء الوجوه المستقبلات. جاء في أحد المصادر أنّ الأوائل من مسلمي العرب كانوا يرون في تقبيل الأرض أمام المخلوقين اجتراء على حقوق الله، ولما قدم على المقتدر بالله رُسُل ملك الروم أعفاهم من تقبيل البساط لئلا يطالب المسلمون بمثل هذا في بوزنطة.([33]) وإذا كان علم اللغة الاجتماعيِّ يقوم على دراسة اللغة في علاقتها بالمجتمع([34])، ويرى أن اللغة طريق لتمييز المجموعات الاجتماعيِّة المتعدّدة، تملي تلك الإحداثيّة السؤال: كيف كانت التّحيّة في المجتمعات الأخرى؟
التّحيّة عند الشّعوب غير العربيّة
عرفت الشّعوب غير العربيّة التّحيّة، نظرًا إلى حاجتها إلى الاتصال بين أفراد المجتمع الواحد، وحاجة بعضهم إلى بعض في ضوء العقد الاجتماعيِّ. من قديم التّحيّة ما عرفه اليهود، ممثلًا بقولهم: “شالوم”. وهي صيغة أقرب ما تكون من التّحيّة العربيّة “سلام”، إن لم تكن هي نفسها، أصابها تبديل في حروفها، تبعًا لنظام اللغة العبريّة وأصواتها. وليس ذلك ببعيد؛ إذ العربّية والعبريّة تعودان إلى أصل واحد، يعرف باللغة “السامية”.([35]) كانت تحية ملوك العجم في الحضارة الفارسيّة نحوًا من ملوك العرب، إذ يحيّون ملكهم بالقول: “زِه هزار سال”، معناها “عش سالمًا ألف عام”.([36]) وعبّر المجوس عن تحيتهم بواسطة الانحناء، مقابل تحية الكافر بوضع اليد على الفم. وكذلك كانت تحيّة الصمّ والبكم، تشكّل في وضع كفّ اليد على الفم، ثم الانحناء قليلًا إلى الأمام. يعني وضع اليد على الفم إرادة تحرير الكلمات وإطلاقها، ليس عبر الكلمات، بل عبر الحركات المعبّرة التي يعتمدها هؤلاء الاشخاص.([37])
منْ يستعرض ثقافات الشّعوب الأخرى، يقع على نماذج متعدّدة الأشكال من التّحيّة، متباينة في الأداء، ولكنها متّفقة الغايات والمقاصد، وهي تظهر على النّحو الآتي: الأمريكيون يفضّلون السرعة في أداء التّحيّة؛ فيقولون “هاي” (Hi). وقد شرحها بعض المتخصّصين أنَّها صرخة حيوانيّة تعتمدها شعوب تانزانيا للتّحيّة. والأوروبيون يميلون إلى التّحيّة الطويلة، يلقي الإنكليز تحيّتهم بالقول: “(How do you do?)”، أي كيف حالك؟ فيجيب المتلقّي بالسؤال نفسه، أي إنّ السّؤال المطروح لا يتطلّب جوابًا إيجابيًّا أو سلبيًّا، بل هو شكليٌّ محض. والفرنسيون يعتمدون صيغة السّؤال في تحياتهم المتمثلة في العبارة: “Comment allezvous?”، لكنهم ينتظرون جوابًا واضحًا، بخلاف الإنكليزيّ؛ ما يعني أنّهم أكثر منطقيّة منهم. والفلاحون في شمالي رومانيا يعتمدون اللغة اللاتينيّة لأداء التّحيّة، يقولون: “Serves”، أي أنا عبدك.([38])
قد تصاحب حركات الجسم التّحيّات، تساعدها في التّعبير، وتؤكد ما في الضمير من محبة وتقدير. من أشكال ذلك رفع القبعة، أو المصافحة، أو الانحناء([39])، أو العناق. ففي أوروبا الغربيّة يُقبّل الرِّجال أيدي النّساء، بينما يعمد الرّوس إلى العناق وتقبيل الفم. وكان ارتداء القبعة، في القرن الثامن عشرَ والتاسعَ عشرَ قد شاع، وخصوصًا بين الرّجال. كان الرّجل إذا أراد أن يُحيّي امرأة فعليه أن ينزع قبعته عن رأسه، ثم يحني رأسه إلى الأسفل([40]). أمّا المرأة فهي بدورها – كردّ للتحيّة – تحني رأسها أيضًا إلى الأسفل. هذه العادات كان متعارفًا عليها في أوروبا وفي الغرب الأمريكيّ أيضًا. وغالبًا ما كانت التّحيّة تتصاحب مع تقبيل الرجل لظاهر كفّ المرأة، خصوصًا في مجتمعات الطبقات الرّاقية. تتضمن التّحيّة الهنديّة ضمّ راحتي اليدين إلى بعضهما بعضًا؛ تعبيرًا عن الاحترام. ويراعى في ذلك الطبقة الاجتماعيِّة والمكانة العلميّة للشخص المحيّا. يجري السّلوك في حجم مدى رفع اليدين والانحناء. واليابانيون يعمدون إلى خفض الرأس والكتفين والجسم كليًّا تعبيرًا عن الاحترام التّام… وعن الخضوع. والأسكيمو والماوري يلجأون إلى حكّ الأنوف بعضها ببعض تعبيرًا عن المودة وفرح التّلاقي. واستخدم الزّنوج إشارة النّصر، التي يعتمدها رجال السياسة([41]) والقادة عادة؛ لتكون تحية ترمز إلى الأخوة والرغبة المشتركة في التحرّر ومحاربة العنصريّة([42]). استخدم كبار السّنّ وأصحاب المقامات المهمّة عادة “التربيت” على الكتف؛ لتحية شخص أصغر منهم سنًّا. أما المصافحة بالأيدي فيعيدها علماء الإنثروبولوجيا إلى القرود، التي تعتمدها في ما بينها تعبيرًا عن حاجتها إلى الغذاء. وفي أحايين أخرى، يعبّر الصمت عن التّحيّة؛ وذلك ماثل في تحيّة الهنود الأمريكيين([43])، الذين يقفون أمام الشخص الآخر صامتين، لا ينطقون بأيّ كلمة، ولا يؤدّون أيّ حركة؛ لأنّهم يعدُّون أنَّ التّحيّة تشير إلى الموت، وهي في نظرهم نذير شؤم. تناظر التّحيّات عند الشّعوب بطاقات وظفت، للتهنئة، والتّرحيب، والوداع. نابت بغاياتها مناب كلمة التّحيّة، أو إشارتها الجسديّة وغيرهما. كان المصريون القدماء يتبادلون الهدايا الرمزيّة البسيطة كزجاجات البخور وحشرات الجعل. يحفرون فيها كلمات تعبّر عن تحية رقيقة على شاكلة: “au ab nab”([44])، التي تحمل معنى التمني بالحظ السعيد في العام الجديد. في القرن الخامس عشر، كان حفارو الخشب يحفرون على قطع الخشب كلمات تفيد التمنّي بعامٍ سعيدٍ، أو ينقشون رسومًا تظهر السّيد المسيح طفلًا، حوله هالة من الضوء ويحمل قرطاسًا كتب عليه: “Ein guat seligor”([45])، التي تؤدي معنى التمني بعام سعيد. هكذا تعدّدت أشكال التّحيّة لدى الشعوب المتعدّدة؛ لتتقاطع في برزخ واحد، يتجسّد في التواصل مع الشخص الآخر، وتعبر عن سعادة الالتقاء، والقدرة على الانسجام والحوار والآخاء.
التّحيّة بين التّركيب اللغويّ والمدلول المعنويّ
تركيب التّحيّة جاء على الشكل الآتي: “السّلام عليك”، مع حفظ الترتيب وعدم التقديم والتأخير. ومعلومة القيمة الدلاليّة للتقديم والتأخير([46]). وفي صيغة التّحيّة، لو وقع تأخير فجاءت على النّحو: “عليك السّلام” لاختلفت الدّلالة، وغدا المحيَّا ميْتًا. أشار ابن الأثير إلى المسألة موضحًا: “… فإنّ عليك السّلام تحيّة الموْتى… وإنّما فعلوا ذلك لأنّ المُسَّلم على القوم يتوقّع الجواب، وأن يقال له عليك السّلام، فلما كان الميْت لا يُتوقّع منه جواب جعلوا السّلام عليه كالجواب”([47]). وفعل تقديم “عليك السّلام” إشارة إلى الميت سلوك جرت به عادة العرب في المراثي، إذ كانوا يقدّمون ضمير الميت على الدعاء له. ورد عن العرب رثاؤهم بالقول: ]من الطويل [
عَليْكَ سُلامٌ مِنْ أميرٍ وَباركَتْ يَدُ اللهِ فيَ ذاكَ الأَديمِ المُمزَّق([48])
قد يستعمل التركيب معرفًا ونكرةً وبحذف “عليكم”، يقال: “السّلام عليكم”، و”سلامٌ عليكم” و”سلامٌ”([49]). ولحق التطور التراكيب الأخرى، فطاول بنيتها بما يساير التطور التاريخي للكلمة، فضلًا على مراعاة المقام الموجّهة إليه. والدارس لتراكيب: “أهلًا وسهلاً” يجدها تتركب في بنائها من الفعل، والفاعل، والمفعول به، ولكن المتداول المفعول به من دون سواه من أركان الجملة، يتمثل في التّحيّة “أهلًا وسهلًا”. وهي من التّراكيب التي يحذف ناصبها وجوبًا. جاء في أحد المراجع: “والنّاصب للمفعول به فعلٌ أو شبهه. والأصل في ذلك النّاصب أن يكون مذكورًا وقد يحذف وجوبًا، في نحو قولك للقادم عليك: أهلًا وسهلًا، أي “جئت أهلًا ونزلت مكانًا سهلاً”([50]). أما التركيب “تحيّة” فهي في بنيتها: أُحييك تحيةً، حذف ناصبها الذي من جنس لفظها، وبقيت هي على أنها مفعول مطلق([51]). وقد سمعت في تحية “أهلًا” على وجه التثنية، يقولون: “أهلين وسهلين”. يمكن القول إنّ القصد منها التوكيد، ونوع من المبالغة، وطلب الإيجاز والاختصار، التي يقتضيهما أحيانًا سياق التّحيّة؛ حملًا على ما يحمله المثنّى من التأكيد الناتج عن التكرار([52]). فعبارات “عِم صباحًا” و”عِم مساءً” تفسر على الهدي السّابق. أصل كل واحدة منهما ما يلي: عِمْ صباحًا معناه أَنْعِم، قال الأصمعي: هكذا ينشده عامّة العرب، وتقدير الفعل الماضي منه: وَعَمَ يَعِمُ، ولا ينطق به. قال الفرّاء: وقد يتكلّمون بالأفعال المستقبلة ولا يتكلمون بالماضي منها، من ذلك قولهم: عِمْ صباحًا ولا يقولون وَعَم، ويقولون: ذَرْنا ودَعْهُ، ولا يقولون: وذَرْتُهُ ولا وَدَعْتُه([53]). والمعروف في مبادئ العربيّة أن الحذف لكثرة الاستعمال كثير في كلام العرب، كقولهم: “أيشِ” في أيّ شيء، و”عم صباحًا” في أنْعِم صباحًا و”وَيْلُمِّه” في ويل أمّهِ…([54]). كذلك حال الصّيغ الأجنبيّة التي قامت على الإيجاز والاختصار اللذين يقتضيهما فعل الترحيب والتّحيّة، عند التواجه في الطرقات، أو في الأماكن العامّة، أو عند الوداع في المرافق البريّة، أو الجويّة، أو البحريّة. إنها مواقف تملي السرعة والاختصار، ولا تتطلّب التطويل وطول الانتظار.
وانسجامًا مع التّركيب اللغويّ، الذي يشكّل خدمًا للمعاني([55])، عرفت التّحيّة بصيغتها المتباينة معاني وظّفتها في عملية التّحيّة، ولم تكن مجرّد إحداث أصوات تلقائيًّا عند التواجه. إنها تحتضن في ثناياها الدعاء، وتمنّي الخير للمحيّا. قال ابن منظور([56]) في دلالات التّحيّة: وتحية الله التي جعلها في الدنيا والآخرة لمؤمني عباده إذا تلاقوا، ودعا بعضهم لبعض بأجمع الدعاء أن يقولوا: السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وفي موضع آخر، قال: التّحيّة وإن كانت في الأصل سلامًا… ومن معاني التّحيّة البقاء، قالوا: حيَّاك الله، أي أبقاك الله، صحيح، من الحياة، وهو البقاء، وصيغة: حيّاك الله أبقاك من الحياة…
تتضمن التّحيّة أيضًا معاني البركة، قالوا: سلّم على أهلك يكثر خير بيتك. والدعاء في مضامين التّحيّة معروف منذ تحيات الجاهليين، ولا أجلى للحقيقة من قول عنترة: ]من الكامل[
يَا دَارَ عَبْلةَ بالجواء تَكَلَّمي وَعمِي صَباحًا دارَ عَبْلةَ واسلمي([57])
أردف عنترة التّحيّة بالمغزى منها، قال: “واسلمي”. وبيان المقصود قول يونس: “سئل أبو عمرو عن قول عنترة: “وعمي صباحًا دار عبلةَ واسلمي”، فقال: هو من قولهم يَعِمُ المطر ويَعِمُ البحرُ إذا كثر زبده، كأنه يدعو لها بكثرة الاستسقاء والخير”([58]). وزاد التبريزي في إيضاح مضمون التّحيّة، مؤكّدًا عليه في أثناء تعقيبه على قول عنترة السابق، قال: ومعنى “اسلمي”: سلمك الله من الاَفاتِ([59]).
وعمّ الدعاء بالسّلام التّحيّة، التي طاولت غير موقف. أنشد الكَسائي في تحية الصباح: ]من الرجز [
صَبَّحكَ اللهُ بِخَيْرِ باكر بنُعْم عَيْنِ وَشَبابِ فَاخِرِ([60])
فيه اتبع التصبيح بالدعاء بقرة العين، ونعمة العيش، بحسنة وغضارته بشباب فاخر، وما فيها من البقاء. وإذا أحسَّ المحيّا من المحيّي ريبة، وظنّ في قوله الظنون، فلينتبه إلى آلية ردّه؛ لتأتي من جنس ما ألقي عليه، وإجمال القول يكمن في: “وعليكم” منفردة، والتقدير: و”عليكم مثل ما دعوتم”([61]). ولم يكن الإكرام في معاني التّحيّة الدعوة إلى البقاء وقفًا على الكلام المنطوق، والقول المكتوب، بل تخطتهما إلى لغة الجسد، الماثلة في المصافحة([62]). هكذا بدأت التّحيّة إخبارًا، ثم جُعلت دعاءً. وأصلها من الحياة، ثم جُعل كلّ دعاء تحية؛ لكون جميعه غير خارج عن حصول الحياة، أو سبب الحياة، إمّا في الدنيا وإمّا في الآخرة([63]). الذي يؤكد كلْ ما تقدّم أن مادة التّحيّة تحمل في رحمها البقاء والملك والسّلام، ثم ألبست أزياء عديدة، تبطن المعاني المذكورة أو بعضها؛ وبذلك كانت همزة وصل بين الأفراد.
خاتمة
أَكرِمْ بالتّحيّة سبيلًا إلى التّواصل، وبابًا لقضاء الحاجات وحسن التّعامل، من دونها الخيبة، وفقدان غاية ما تتجه صوبه. ألم تكن وسيلة اطمئنان عند لقاء الإنسان بالإنسان؟ وليس ذلك ببعيد والتسليم بأوفى دلالة وأخصها معناه: “سَلِمْتَ منْي فاجعلني أسلم منك”([64]). من حديقة التّحيّة يجني الإنسان ثمرات شهيّة، منها بث المحبة والاحترام بين المحيّي والمحيّا، وثانيها الدلالة على مظهر إنساني قائم على السّلام، بعيدًا عن الوحشيّة والانتقام، وثالثها قضاء المآرب والحصول على المطالب. إنّها تثقل غيرها من الماديات فضيلة، وسواها من العملات قيمة([65])، بما تُشيّعه بين المرسل والمستقبل من سرور وحبور. وهل أسمى من تحية تمحو آثار العدوان، وتطرد شبح الخصام وتثبت الأمان؟! وترتقي قيمة عن طريق الضدّ، إذ فقدانها يدل على همجية الإنسان، وعيشة في حضيض غابر الأزمان. جوّدوا تحياتكم، تكتمل إنسانيتكم، وتسلم حياتكم وتنالوا مآربكم. وزبدة القول: التّحيّة حياة، وانقطاعها موات!
المصادر والمراجع العربيّة
1- القرآن الكريم.
2- ابن فارس: الصاحبي، تحقيق السيد أحمد صقر، مكتبة ومطبعة دار إحياء الكتب العربيّة، لا. تا.
3- ابن منظور: لسان العرب، مج1 ومج12 و مج14. دار صادر، ط1، بيروت، 1990.
4-الأصفهاني، الرّاغب، مفردات ألفاظ القرآن، تحقيق صفوان عدنان داوودي، دار القلم، ط5، دمشق، 1433هـ – 2011م.
5- امرؤ القيس: الديوان، دار صادر، بيروت، لا. تا.
6- الأنباري:
– الإنصاف في مسائل الخلاف، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد، ج2، دار الفكر، بيروت، لا. تا.
– كتاب أسرار العربيّة، عني بتحقيقه محمد بهجة البيطار، مطبوعات المجمع العلمي العربي، دمشق، 1377هـ – 1957م.
7- البخاري: صحيح البخاري، دار الفيحاء ودار المنهل ناشرون، ط1، دمشق، 1438هـ – 2017م.
8- بركة، بسّام، الصوتيات العامة أصوات اللغة العربيّة، مكتبة لبنان، ط1، بيروت، 2017م.
9- بن الأثير، مجد الدّين، النهاية في غريب الحديث والأثر، تحقيق طاهر أحمد الزاوي ومحمود الطناحي، ج1وج2، المكتبة العلمية، بيروت، لا. تا.
10- بن أبي ربيعة، عمر، الديوان، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد، دار الأندلس، بيروت، 1997م.
11- بن كلثوم، عمرو، الديوان، تحقيق أيمن ميدان ، النادي الأدبي الثقافي، ط1، جدّة، 1413هـ – 1993م.
12- بن معدي كرب، عمرو، شعر عمرو بن معدي كرب، جمعه ونسّقه مطاع الطرابيشي، مطبوعات مجمع اللغة العربيّة ، ط2، دمشق، 1405 هـ – 1985م.
13- التبريزي، الخطيب، شرح القصائد العشر، عنيت بتصحيحها وضبطها والتّعليق عليها إدارة الطّباعة المنيريّة، 1352ه.
14- جرير: الديوان، دار صادر، بيروت، لا. تا.
15- الجرجاني، عبد القادر، دلائل الاعجاز، تحقيق د. محمد رضوان الداية و د. فايز الداية، دار قتيبة، ط1، دمشق، 1403هـ – 1983م.
16- خليفة، مارلين، “من الله معك” “إلى بونجور” و”هاي”، كل تحيّة مشروع حوار، نهار الشّباب، بيروت، الثلاثاء، 10 تشرين الثاني، 1998م.
17- الذّبياني، الديوان، تحقيق د. شكري فيصل، دار الفكر، ط2، بيروت، 1410هـ – 1990م.
18- عنترة: الديوان، تحقيق ودراسة محمد سعيد مولوي، المكتب الاسلامي، ط2، بيروت، 1403هـ – 1983م.
19- الفيروزآبادي، القاموس المحيط، مج4، دار الفكر، بيروت، 1978.
20- القزويني، الإيضاح في علوم البلاغة، شرح وتعليق وتنقيح د. محمد عبد المنعم خفاجي، مج1ومج2، دار الجيل، ط3، بيروت، لا. تا.
21- الشنتمري، الأعلم، شعر زهير بن أبي سلمى، تحقيق د. فخر الدين قباوة، دار القلم العربي، ط2، حلب، 1393هـ – 1973م.
22- مسلم، الجامع الصحيح المسمى صحيح مسلم، ج2، دار الجيل، بيروت ، دار الآفاق الجديدة، بيروت، لا. تا.
23- المبارك، محمّد، فقه اللغة وخصائص العربيّة، دار الفكر، بيروت، 1421هـ – 2000م.
24- مجمع اللّغة العربيّة: المعجم الوسيط، قام بإخراجه إبراهيم مصطفى وآخرون، وأشرف على طبعه عبد السّلام هارون، ج1، دار إحياء التّراث، بيروت، لا. تا.
25- النحاس: شرح القصائد المشهورات الموسومة بالمعلقات، مج2، دار الكتب العلمية، بيروت، لا. تا.
26- الهاشمي، السّيّد أحمد، القواعد الأساسية للغة العربيّة، دار الكتب العلميّة، بيروت، لا.تا.
27- ولفنسون، إسرائيل، تاريخ اللغات السامية، أبو ذؤيب، مطبعة الاعتماد بشارع حسن الأكبر بمصر، ط1، مصر، 1929.
المراجع الأجنبيّة المعرّبة
1- باكو، ناتالي، لغة الحركات، تعريب سمير شيخاني، دار الجيل، ط1، بيروت، 1425هـ -1995م.
2- بيز، آلن، لغة الجسد، تعريب سمير شيخاني، منشوارت دار الآفاق، ط2، بيروت، 1410هـ – 1997م.
3- متز، آدم، الحضارة الإسلاميّة في القرن الرابع الهجري، تعريب محمد عبد الهادي أبو ريدة، مج1، مكتبة الخانجي ودار الكتاب العربي، ط4، القاهرة ، بيروت، 1387هـ – 1967م.
4- هدسون، علم اللغة الاجتماعيِّ، ترجمة د. محمد عياد، مراجعة د. نصر حامد ابو زيد ود. محمد أكرم سعد الدين، عالم الكتب، ط3، القاهرة، 2003.
المراجع الأجنبيّة
– Encyclopedia International, Copyright 1980 by Lexicon publications Inc. Vol: 8, p: 181- 182, and The Encyclopedia Americana, International edition American Corporation, U.S.A, 1977, Vol: 18, p: 464-465.
– EncycloediaBritanica, William Benton publisher,Chicago, London, Geneva , Sydney, 1968, Vol: 10, P: 904.
– Encyclopedia International, Vol: 8, p: 180.
* دكتوراه في اللغة العربيّة وآدابها من الجامعة الإسلاميّة، بيروت، لبنان.
([1]) الأنباري: الإنصاف في مسائل الخلاف، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد، ج2، دار الفكر، بيروت، لا. تا، ص811-812.
([2]) كل اسم اجتمع فيه ثلاث ياءات فينظر، إن كان غير مبني على “فِعْل” حذفت منه اللام، نحو: عُطيّ في تصغير عطاء، وفي تصغير أحوى أحَيّ، وإن كان مبنيًّا على “فِعْل” ثبتت، نحو: مُحَيِّي من حيَّا يُحَيِّي. ابن منظور: لسان العرب، مج14، دار صادر، ط1، بيروت، 1410هـ 1990م، ص 216، مادة ]حيا[، ومجد الدين بن الأثير: النهاية في غريب الحديث والأثر، تحقيق طاهر أحمد الزاوي ومحمود الطناحي، ج1، المكتبة العلمية، بيروت، لا. تا، ص 183.
([3]) ابن منظور: لسان العرب، مج 14 ص216، مادة ]حيا[.
([4]) ابن منظور: لسان العرب، مج 14 ص 216، مادة ]حيا[. وأوضح ابن بري معنى البقاء لا معنى الملك بوضع قول زهير في سياقه، قال: زهير هنا هو سيّد كلب في زمانه، وكان كثير الغارات، وعمّر عمرًا طويلًا، وهو القائل لمّا حضرته الوفاة… والمعروف بالتّحيّة هنا إنّما هي البقاء لا الملك.
([5]) جاء في الحديث : قال لنا رسول الله (ص) ذات يوم إن الله هو السّلام، فإذا قعد أحدكم في الصلاة فليقل التّحيّات لله والصلوات والطيّبات، السّلام عليك أيّها النبيّ ورحمة الله وبركاته السّلام علينا وعلى عباد الله الصالحين. مسلم: الجامع الصحيح المسمى صحيح مسلم، ج2، دار الجيل، بيروت، دار الآفاق الجديدة، بيروت، لا. تا، ص13، كتاب الصلاة، باب التشّهد. قال العتبي: إنما التّحيّات لله لا على الجمع؛ لأنّه كان في الأرض ملوك يُحَيَّوْن بتحيات متعدّدة… فقيل لنا: قولوا التّحيّات لله، أي الألفاظ التي تدلّ على السّلام والملك والبقاء. ويُكنّى بها عن الملك فهي لله عزَّ وجل. يراجع، ابن منظور: لسان العرب، مج 14 ص 216، مادة ]حيا[ ، ومجد الدين بن الأثير: النهاية في غريب الحديث والأثر، ج 1 ص183.
([6]) عمرو بن معدي كرب: شعر عمرو بن معدي كرب، جمعه ونسّقه مطاع الطرابيشي، مطبوعات مجمع اللغة العربيّة، دمشق ، ط2، 1405هـ – 1985م، ص 95.
([7]) دعاء التشهد: هو أن يقول أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمّدًا رسول الله، وصار في التعارف اسمًا للتحيات المقروءة في الصلاة، وللذكر الذي يُقْرأ ذلك فيه. ينظر، الراغب الأصفهاني: مفردات ألفاظ القرآن، تحقيق صفوان عدنان داوودي، دار القلم، دمشق، ط5، 1433هـ – 2011م، ص 468.
([8]) ابن منظور: لسان العرب، مج 14 ص 217، مادة ]حيا[.
([11]) الراغب الأصفهاني: مفردات ألفاظ القرآن، ص 270.
([12]) مجمع اللغة العربيّة: المعجم الوسيط، قام بإخراجه إبراهيم مصطفى وآخرون، وأشرف على طبعه عبد السّلام هارون، ج1، دار إحياء التراث، بيروت، لا. تا، ص 211- 212، مادة ]حيي[ .
([13]) ابن منظور: لسان العرب، مج 14 ص 217، مادة ]حيا[.
([14]) إن ما يعتري الكائنات من تبدّل وتحوّل قد يعتري كذلك الألفاظ؛ فتتغير من ناحية شكلها ومبناها، كأن تتغيّر حروفها وأصواتها وبناؤها، أو من ناحية معناها. ولتطور معاني الألفاظ أسباب، منها: داخليّة وأخرى خارجية. ينظر تفصيل ذلك، محمّد المبارك: فقه اللغة وخصائص العربيّة، دار الفكر، بيروت، 1421هـ – 2000م، ص 206.
([15]) امرؤ القيس: الديوان، دار صادر، بيروت، لا. تا، ص 139.
([16]) الأعلم الشنتمري: شعر زهير بن أبي سلمى، تحقيق د. فخر الدين قباوة، دار القلم العربي، ط2، حلب، 1393هـ – 1973م، ص 11.
([17]) يراجع، ابن منظور: لسان العرب، مج 1 ص 471، مادة ]سكب[.
([18]) النابغة الذبياني: الديوان، تحقيق د. شكري فيصل، دار الفكر، ط2، بيروت، 1410هـ – 1990م، ص 24.
([19]) مجد الدين الأثير: النهاية في غريب الحديث والأثر، ج 1 ص 183.
([20]) النابغة الذبياني: الديوان، ص 63. والسباسب عيد كان لهم في الجاهلية. قال أبو عبيدة: “كلّ عيد فالعرب تسمّية يوم السباسب”.
([21]) عمرو بن كلثوم: الديوان، تحقيق أيمن ميدان، النادي الأدبي الثقافي، ط1، جدة، 1413هـ – 1993م، ص 349.
([22]) سورة يونس، الآية 10، ومنه قوله أيضًا: “خالدينَ فيها بإذنِ ربِّهم تَحِيّتُهم فيها سلام”، سورة إبراهيم، الآية 23.
([25]) يراجع، النحاس: شرح القصائد المشهورات الموسومة بالمعلّقات، مج2، دار الكتب العلميّة، بيروت، لا. تا، ص7.
([26]) عمر بن أبي ربيعة: الديوان، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد، دار الأندلس، بيروت، 1997م، ص 205.
[27]) جرير: الديوان، دار صادر، بيروت، لا.تا، ص 417. والبشام شجر عطر الرائحة ورقه يُسوّد الشعر، ويستاك بقضيبة. ينظر، الفيروز أبادي: القاموس المحيط، دار الفكر، بيروت، 1978م، مج 4 ص80، مادة ]بشم[
([28]) التنغيم (Intonation) المُنْحنى اللحني للجملة. يُقاس بتغيّر ارتفاع الصوت في السلسة الكلامية. يقال كذلك : النغم. ينظر، د.بسام بركة: الصوتيات العامة أصوات اللغة العربيّة، مكتبة لبنان، ط1، بيروت، 2017م، ص 186.
([30]) يقال إن هذه الإشارة شعبيّة في أستراليا ونيوزيلندا وبريطانيا العظمى، وقد استخدمها ونستون تشرشل خلال الحرب العالميّة الثانية؛ لتعني النصر. يراجع. آلن بيز (Allan pease): لغة الجسد، تعريب سمير شيخاني، منشوارت دار الآفاق، بيروت، ط2، 1410هـ – 1997م، ص 125، وناتالي باكو (Natha Lie pacout): لغة الحركات، تعريب سمير شيخاني، دار الجيل، بيروت، ط1، 1425 هـ -1995م، ص 35.
([31]) آدم متز: الحضارة الإسلاميّة في القرن الرابع الهجري، تعريب محمد عبد الهادي أبو ريدة، مج1، مكتبة الخانجي ودار الكتاب العربي، القاهرة وبيروت، ط4، 1387هـ – 1967م، ص 263.
([32]) يراجع، آدم متز: الحضارة الإسلاميّة في القرن الرابع الهجري، مج 1 ص 262-263.
([33]) آدم متز: الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري، مج 1 ص 263.
([34]) د. هدسون: علم اللغة الاجتماعيِّ، ترجمة د. محمد عياد، مراجعة د. نصر حامد أبو زيد ود. محمد أكرم سعد الدين، عالم الكتب، ط3، القاهرة، 2003، ص 12 وص16.
([35]) اختلف الباحثون في تعيين اللغة السامية الأولى، فمنهم من ذهب إلى أن اللغة العبريّة هي اللغة السامية الأم، ومنهم من زعم أن الأشوريّة البابليّة هي اللغة السامية الأولى. وفريق ثالث رأى أن اللغة العربيّه هي أقرب لغات الساميين إلى اللغة السامية القديمه. يراجع، إسرائيل ولفنسون: “أبو ذؤيب”، تاريخ اللغات السامية، مطبعة الاعتماد بشارع حسن الأكبر بمصر، ط1، مصر، 1929، ص 806.
([36]) ابن منظور: لسان العرب، مج 14 ص 217، مادة ]حيا[.
([37]) مارلين خليفة: “من الله معك” “إلى بونجور” و” هاي” ، كل تحيّة مشروع حوار، نهار الشّباب، بيروت، الثلاثاء، 10 تشرين الثاني، 1998م، ص 27.
([38]) مارلين خليفة : من الله معك إلى بونجور وهاي…، ص 27.
([39]) تتعدّد نظرة الانحناء في التّعبير عن التّحيّة من شعب إلى آخر. فاليابانيون يُعدُّونه آية احترام، على حين أن الأمريكيين يعدونه إهانة. روي أنّه في الحرب العالمية الثانية كان الجنود اليابانيون يعدّون أسراهم الأمريكيّين قليلي التهذيب؛ لأنهم لا ينحنون عندما يقابلون شخصًا غريبًا، فيما كان الأمريكيون يُعدُّون الأمر إهانة. ينظر، مارلين خليفة: من الله معك إلى بونجور وهاي… ص 27.
([40])Encyclopedia International, Copyright 1980 by Lexicon publications Inc. Vol: 8, p: 181- 182, and The Encyclopedia Americana, International edition American Corporation, U.S.A, 1977, Vol: 18, p: 464-465.
([41]) آلن بيز (Allan Pease): لغة الجسد، ص 125.
([42]) مارلين خليفة: من الله معك إلى بونجور وهاي…، ص 27.
([43]) مارلين خليفة: من الله معك إلى بنجور وهاي…، ص 27.
([44])EncycloediaBritanica, William Benton publisher, Chicago, London, Geneva, Sydney, 1968, Vol: 10, P: 904.
([45])Encyclopedia International, Vol: 8, p: 180.
([46]) يؤدي تقديم المسند – على سبيل المثال- فوائد، منها: إمّا تخصيصه بالمسند إليه، كقوله تعالى: “لكم دينكم ولي دين”، وإمّا للتنبيه… وإمّا للتشويق… ينظر تفصيل ذلك، القزويني: الإيضاح في علوم البلاغة، شرح وتعليق وتنقيح د. محمد عبد المنعم خفاجي، مج1ومج2، دار الجيل، ط3، بيروت، لا. تا، ص125- 126.
([47]) مجد الدين بن الأثير: النهاية في غريب الحديث والأثر، ج2، ص 393.
([48]) يراجع ، مجد الدين بن الأثير: النهاية في غريب الحديث والأثر، ج 2 ص 393.
([49]) ينظر، مجد الدين بن الأثير: النهاية في غريب الحديث والأثر، ج2 ص393. والاختصار كثير في كلامهم، إذ هو من سنن العرب، قال ابن فارس: “ومن سنن العرب الحذف والاختصار”. ابن فارس: الصاحبي، تحقيق السيد أحمد صقر، مكتبة ومطبعة دار إحياء الكتب العربيّة، لا. تا، ص 337.
([50]) السيد أحمد الهاشمي: القواعد الأساسية للغة العربيّة، دار الكتب العلميّة، بيروت، لا. تا، ص 194.
([51]) يحذف عامل المفعول المطلق وجوبًا في مواضيع، منها: الكلام الخبري المحصور في مصادر مسموعة دالة على عاملها قرينة مع كثر استعمالها، نحو: سمعًا وطاعةً، وعجبًا… وعلى قياسها “تحية” . ينظر، السيد أحمد الهاشمي: القواعد الأساسيّة للغة العربيّة، ص 200.
([52]) أصل التثنية العطف، تقول: قام الزيدان. والأصل: قام زيدٌ وزيدٌ. إلّا أنهم حذفوا أحدهما، وزادوا على الآخر زيادة دالة على التثنية للإيجاز والاختصار. يراجع، الأنباري: كتاب اسرار العربيّة، عني بتحقيقه محمد بهجة البيطار، مطبوعات المجمع العلمي العربي، دمشق، 1377هـ – 1957م، ص 47.
([53]) الخطيب التبريزي: شرح القصائد العشر، عنيت بتصحيحها وضبطها والتّعليق عليها إدارة الطّباعة المنيريّة، 1352ه، ص 166 – 167، والنحاس: شرح القصائد المشهورات الموسومات بالمعلّقات، ج2 ص 7. وأوضح الفرّاء المسأله في المصدر الأخير، على النحو التالي: قولهم: عِمْ بمعنى أَنْعمْ، و هو منه يذهب إلى أنّ النون حذفت كما حذفت فاء الفعل من قولك: كُلْ وخُذْ.
([54]) يراجع، الأنباري: الإنصاف في مسائل الخلاف، ج 2 ص 809.
([55]) قال الجرجاني يجلو خفاء قضية ارتباط نظم الألفاظ في العبارة كترتيبها في النفس، قال: “… إن الألفاظ إذا كانت أوعية للمعاني فإنها لا محالة تتبع المعاني في مواقعها، فإذا وجب لمعنى أن يكون أولًا في النفس وجب للفظ الدال عليه أن يكون مثله أولًا في النطق… “. عبد القاهر الجرجاني: دلائل الإعجاز، تحقيق د. محمد رضوان الداية، ود. فايز الداية، دار قتيبة، ك1، دمشق، 1403 هـ – 1983م، ص 44.
([56]) ابن منظور: لسان العرب، مج 14 ص 217، مادة ]حيا[.
([57]) عنترة: الديوان، تحقيق ودراسة محمد سعيد مولوي، المكتب الإسلامي، بيروت، ط2، 1403 هـ – 1983م، 187.
([58]) النحاس: شرح القصائد المشهورات الموسومة بالمعلقات، ج 2 ص 6-7.
([59]) الخطيب التبريزي: شرح القصائد العشر، ص 265.
([60]) ابن منظور: لسان العرب، مج12، ص 582، مادة ] نعم[
([61]) ابن منظور: لسان العرب، مج 12، ص313، مادة ] سوم[ . ومناسبة صيغة الردّ تحكيها ماروي عن النبي (ص)، أن اليهود كانت إذا سلموا على النبي (ص)، قالوا: السامُ عليكم، ويظهرون أنهم يريدون السّلام عليكم؛ فكان النبي (ص) يردُّ عليهم فيقول: وعليكم… ولهذا قال (ص): إذا سلّم عليكم أهل الكتاب فقولوا: وعليكم، يعني الذي يقولون لكم ردّوه عليهم. قال الخطابي: عامة المحدثتين يردون هذا الحديث يقولون وعليكم، بإثبات واو العطف، قال: وكان ابن عيينة يرويه بغير واو، وهو الصواب؛ لأنه إذا حذفت الواو صار قولهم الذي قالوه بعينه مردودًا عليهم خاصة، وإذا أثبت الواقع وقع الاشتراك معهم فيما قالوه، لأن الواو تجمع بين الشيئين…
([62]) ينظر شواهد منها، آدم متز: الحضارة الإسلامية في القرن الرابع، مج 1 ص 262 – 263.
([63]) الراغب الأصفهاني: مفردات ألفاظ القرآن، ص 270.
([64]) يراجع، مجد الدين بن الأثير: النهاية في غريب الحديث والأثر، ج2 ص 393. وفيه: التسليم مشتق من السّلام اسم الله تعالى لسلامته من العيب والنقص. وقيل معناه اسم السّلام عليك، أي اسم الله عليك، إذا كان اسم الله يُذكر على الأعمال توقّعًا لاجتماع معاني الخيرات فيه، وانتفاء عوارض الفساد.
([65]) يعزّزها قول الرسول (ص): “الكلمة الطيّبة صدقة”. البخاري: صحيح البخاري، دار الفيحاء ودار المنهل ناشرون، ط1، دمشق، 1438هـ – 2017م، ص 1053. كتاب الأدب، باب طيب الكلام.