مقوّمات ومؤشّرات التنمية السّياحيّة في محافظة النبطية
The Components & Indicators of Tourism Development in Nabatiya
حسن سعد، طالب في المعهد العالي للدكتواره – قسم الجغرافيا
مقدّمة
يقع لبنان في منطقة المشرق العربي، ويتمتّع بموقع جغرافيّ وفلكيّ مميّز، وبمقوّمات جغرافيّة طبيعيّة، ومعالم أثريّة وحضاريّة عريقة أهّلته لأن يؤدي دورًا سياحيًّا بارزًا. وقد جعله هذا الموقع على السّاحل الشّرقيّ للبحر المتوسط في منطقة تتوسّط قارات العالم القديم مُنطلَقًا لأوائل روّاد السّياحة، ومهدًا للحضارات البشرّيّة الكبيرة، وبالتالي انتشرت فيه الآثار التّاريخيّة الثّقافيّة المتنوّعة، كما لم تنتشر في أيّة بقعة جغرافيّة. وساهم هذا الموقع السّاحليّ إضافة إلى بنية لبنان الجبليّة، باعتدال مناخه وتنوّعه بين السّاحل والجبل والدّاخل على الرّغم من صغر مساحته، وبتميّزه عن بقيّة المناطق الصّحراويّة المجاورة. فضلًا عن تميّز جبال لبنان بكثرة الينابيع والغابات والظاهرات الطّبيعيّة المُميّزة والهامة سياحياً كالمغاور الفريدة من نوعها والخوانق النهرية العميقة والجسور الحجرية الطبيعيّة.
تقع محافظة النبطيّة في جنوب لبنان، وهي واحدة من التّقسيمات الإداريّة في الجمهوريّة اللبنانيّة، وقد أُنشئت في 23 أيلول 1975، بموجب القانون رقم36، بمركز إداريّ يتمثّل بمدينة النبطيّة، وتضمّ أربعة أقضية هي: النبطية، مرجعيون، حاصبيا، وبنت جبيل.
تحظى محافظة النّبطيّة بمقوّمات جذب سياحيّة متنوّعة، إذ إنهّا تحتضن العديد من المعالم التي لا تقلّ روعةً وجمالاً عن المناطق السّياحيّة الأخرى في لبنان، تتمثّل بالغابات المكسوّة بالأشجار، وبالجبال والهضاب التي تفصلها أودية سحيقة في بعض الأماكن، وغيرها من المقوّمات الطبيعيّة التي تُشجّع الاستثمار السّياحيّ في أرجاء المحافظة كافة. إلاّ أنّه وعلى الرّغم من ذلك، لايزال القطاع السّياحيّ يواجه العديد من العقبات، وتنقصه الرّعايّة والصّيانة والإعلام التّرويجيّ الفعّال. من هنا جاءت هذه الدّراسة التي تهدف إلى تسليط الضوء على المقوّمات والمعالم السّياحيّة في محافظة النبطيّة، وإبراز ما تنعم به هذه المحافظة من شواهد تاريخيّة ومرافق سياحيّة عديدة. ونظرًا لكون محافظة النبطيّة تقع في محيط تنافسيّ على الصّعيد السّياحيّ، محليًّا وإقليميًّا، نحاول الإجابة على الإشكاليّة الآتية: ما هي مقوّمات السّياحة ومؤشّرات التنميّة السّياحيّة في محافظة النبطيّة؟ وللإجابة على الإشكاليّة المطروحة سأتطرّق لمقوّمات السّياحة في محافظة النبطيّة، ومؤشرات التّنمية السّياحيّة فيها بالمُقارنة بين سنتَي 2015 و2019، وهي السّنوات التي شهدت تحسّنًا ملحوظًا على مستوى الإقبال السّياحيّ، قبل أن تبدأ الأزمة الإقتصاديّة في لبنان، بعد أن ظهرت بوادرها في أواخر العام 2019، والتي طالت كل القطاعات الاقتصاديّة بما فيها القطاع السّياحيّ.
1- المقوّمات الطّبيعيّة والبشريّة للسّياحة في محافظة النّبطيّة
تتطلّب التّنمية السّياحيّة، توافر جُملة من الشّروط الموضوعيّة والأساسيّة، تتمثّل بالموارد الطبيعيّة السّياحيّة المُتمثّلة بالمقوّمات الطّبيعيّة على أنواعها، والإمكانات الماديّة والبشريّة المُسخّرة لاستغلال تلك الموارد التي تُعدُّ أساس النّشاط السّياحيّ، إذ إنّه من دونها لا وجود للنّشاط السّياحيّ.
1 – أ – المقوّمات الطّبيعيّة: أتطرّق إليها من خلال:
أولًا- الموقع والامتداد: تقع مُحافظة النّبطيّة في القطاعَين الأوسط والشّرقيّ من جنوب لبنان، ويفصلها عن سوريا من الشّرق جبل الشّيخ، فيما يحدّها من الشّمال أقضية البقاع الغربيّ وراشيا وصيدا وجزين، ومن الغرب قضاءَي صيدا وصور، أمّا من الجنوب والجنوب الشّرقيّ فتشترك بحدود دوليّة مع فلسطين المحتلّة.
تنتشر بلدات وقرى محافظة النّبطيّة ضمن مجموعة من الهضاب والتلال يُلامس حدّها الشّرقيّ سفوح جبل الشيخ، على مثلّث الحدود بين لبنان وسوريا وفلسطين المحتلّة، وهي مُحافظة داخليّة يفصلها عن البحر المتوسّط قضاءَا صيدا وصور التابعان لمحافظة لبنان الجنوبيّ، ويُعدُّ موقعها عقدة مواصلات بين فلسطين المحتلة والدّاخل اللبنانيّ من جهة، وبين السّاحل اللبنانيّ والدّاخل السّوريّ عبر قرى وبلدات منطقة العرقوب وجبل الشّيخ من جهة أخرى. كما أنّ موقع المحافظة بين دائرتَي عرض 29.33 ْ و33.2 ْ شمالًا أعطاها ميزة مناخيّة، إذ تتبع المحافظة لنظام المناخ المعتدل المتوسطيّ،والذي هو من أكثر الأماكن المُلائمة لإقامة أنشطة سياحيّة. وبشكل عام فإنّ الموقع الجغرافي لمنطقة الدراسة يُعدُّ محركًا وقاعدة ارتكاز مهمة للنشاط السّياحيّ، كونه من النّاحية الجغرافيّة موقعًا وسطيًّا يسمح بالوصول السّريع للسيّاح من أمكان الطلب السّياحيّ وبكلفة أقلّ، ومن النّاحية الفلكيّة ضمن دوائر عرض سمتها الاعتدال المناخيّ، فضلًا عن ذلك تتميّز المحافظة بموقع بؤري تؤمّنها التضاريس الطبيعيّة، ما يجعلها نقطة إلتقاء خصوصاً للسيّاح المحليّين وللمُتنزّهين.
تبلغ مساحة المحافظة ما يُقارب 1097 كيلو متر مربّع (كلم2)، وهي تُمثّل حوالى 10.7% من مساحة لبنان، ويتراوح متوسّط ارتفاع البلدات المأهولة فيها بين 300 متر (م) عن مستوى سطح البحر في بلدة أنصار، و1250م في بلدة شبعا، علمًا أنّ المناطق غير المأهولة يصل الارتفاع فيها إلى حوالى 2814م في مرتفعات جبل الشيخ. وتمتدّ منطقة الدّراسة من بلدة جباع المُحاذية لقضاء جزين في محافظة لبنان الجنوبيّ شمالًا، إلى بلدة رميش المُحاذية للحدود الدّوليّة مع فلسطين المحتلّة جنوبًا ومن بلدة شبعا عند مُثلّث الحدود بين لبنان وسوريا وفلسطين المحتلّة شرقًا، حتى بلدة أنصار المحاذية لقضاء صيدا في محافظة لبنان الجنوبيّ غربًا (فاعور،1985).
خريطة(1): توزّع المواقع الجغرافيّة في منطقة الدّراسة.
خريطة(2): الموقع الفلكي لمحافظة النبطية.
ثانيًّا- التّركيب الجيولوجيّ: تتبع محافظة النبطيّة الخطوط الكبرى في البنية الجيولوجيّة العامة للبنان، إذ يوجد تنوّع كبير يُمكن مُشاهدته بالعَين المُجرّدة، ويتمثّل ببعض الانكسارات في سلسلتَي جبال لبنان، وأهمها انكسار حاصبيا وشبعا راشيا، فضلًا عن مجموعة من الإلتواءات كالتواء رأس الأبيض ومرجعيون والحاصباني. وكان من نتيجة هذه الانكسارات والإلتواءات أن تنوّع المظهر التّضاريسيّ، الأمر الذي زاد من الجاذبيّة على الصّعيد السّياحيّ. ويُمكن رؤية التّرتيب الستراتيغرافيّ انطلاقًا من القاعدة الجوراسيّة التي تنتمي للعصر الجيولوجيّ الثّاني الظاهرة في سفوح جبل الشيخ مع ارتفاع 1000م تقريبًا فوق مستوى سطح البحر، وفي الهضاب المحيطة بوادي نهر الليطاني في شمال غرب مرجعيون، مرورًا بتكوينات العصر الجيولوجيّ الثّالث، حتى تكوينات العصر الجيولوجيّ الرّابع لبعض السّهول الدّاخليّة بين مرجعيون والخيام وسهل المئذنة في كفرّمان (فضل الله، 2001).
ثالثًا- مظاهر السّطح والأشكال الطبيعيّة: تؤدي مظاهر سطح الأرض الطبيعيّة دَورًا مهمًّا في جذب السّياح وفي التنمية السّياحيّة، وأهمها الجروف الصّخريّة والخوانق النّهريّة المُنتشرة في وادي الليطاني، إضافة إلى أودية وادي الحجير والوادي الأخضر ووادي الحاصباني وغيرها. ويتشكّل سطح منطقة الدّراسة بمُعظمه من هضاب متوسّطة الاّرتفاع، يتراوح ما بين 300م و800م عن مستوى سطح البحر، وتتركّز بشكل أساسي في أقضية النبطيّة ومرجعيون وبنت جبيل، فضلًا عن وجود مرتفعات جبليّة كجبل حرمون في قضاء حاصبيا بارتفاع يُقدّر بحوالي 2914م، وجبل الرّيحان في إقليم التفاح بارتفاع 1389م تقريبًا، بالإضافة إلى بعض المرتفعات في منطقة بنت جبيل، والتي يصل أعلاها إلى حوالي 920م في بلدة مارون الراس. وإلى جانب ذلك تنتشر بعض السّهول ذات التّربة الخصبة، ومن أهمها سهل الخيام وسهل المئذنة وغيرهما، وتبرز أهميّتها في أنّها تحتضن بعض الينابيع والمجاري المائيّة، وهو ما أدى إلى انتشار العديد من المراكز السّياحيّة فيها، لا سيّما المطاعم والمقاهي والاستراحات، فضلًا عن دَور السّهول على صعيد الإنتاج الزّراعيّ، الذي يُعدُّ أحد العناصر الأساسيّة لاكتمال الدّورة الاقتصاديّة، وتنمية القطاعات كلها بما فيها القطاع السّياحيّ.
مع تنوّع مظاهر السّطح تنوّعت المناظر الطبيعيّة نتيجة طبيعة التّركيب الجيولوجيّ للصّخور وتأثير عوامل التعرية، فقد أدت قوى الطبيعة دورًا في تشكيل العديد من الأشكال الطبيعيّة ومنها الينابيع المائيّة التي تخرج من المياه الجوفيّة عبر التّشققات الصّخريّة النّافذة، كنبع الدّردارة غرب الخيام ونبع الخربة في برج الملوك ونبع الميدان وينابيع أخرى صغيرة في كفركلا. ومن الأشكال أيضًا الكهوف التي اكتسبت أهميّة سياحيّة بالغة، إذ إنّها تتيح الفرصة للمهتمّين باستكشاف قلوب الجبال ومشاهدة الأشكال التي صاغتها أنامل الطبيعة، وتحوي منطقة الدّراسة العشرات من الكهوف ككهف راشد في برعشيت وكهف عاصي في عربصاليم ومغارة المعلقة في يحمر وغيرها من الكهوف والمغاور الصّغيرة التي تنتشر بكثرة في أرجاء المحافظة.
رابعًا- المجاري المائيّة: تضمّ منطقة الدراسة عدداً من المجاري المائيّة الدّائمة والموسميّة، والتي تُعدّ أحد مصادر الجذب السّياحيّ، فضلًا عن أهميتها على صعيد ريّ المزروعات وتأمين مياه الشّرب. وتتمثّل المجاري المائيّة الرئيسة بأربعة أنهار هي الليطانيّ، والزّهراني والحاصبانيّ والوزانيّ الذي يُعدُّ أحد الرّوافد المغذّية لنهر الحاصبانيّ.
خريطة(3): مظاهر السطح والأشكال الطبيعية في محافظة النبطية.
اسم النهر | الطول العام (كلم) | الطول في منطقة الدّراسة (كلم) | مساحة الحوض (كلم2) | حجم التصريف السنوي (مليون م2) |
الليطاني | 160 | 46 | 2175 | 987 |
الزهراني | 25 | 5.16 | 106 | 38 |
الحاصباني | 65 | 24 | 526 | 145 |
الوزاني | 20 | 5 | 89 | 100 |
جدول(1): حجم التصريف المائي وطول ومساحة الأنهار في محافظة النبطية.
يتّضح وجود أربعة أنهار رئيسة في منطقة الدّراسة، ويُعدّ نهر الليطانيّ أطولها وأكثرها أهميّة على عدّة صعُد، أهمها على الصّعيد السّياحيّ من خلال ممارسة الرّياضة المائيّة فيه، أو من خلال استقبال السّياح والمتنزهين الذين يقصدون الاستراحات المنتشرة على ضفافه في بعض المواقع. ومن العوامل التي جعلت النّهر يحتل المرتبة الأولى على مستوى ممارسة الرّياضات المائيّة، غزارة مياهه وطبيعة مجراه، بالإضافة إلى تدفّقه الدّائم ووجود مساقط مائيّة صغيرة داخله تمنح رياضة (الرافتينغ، والكانوي، والكاياك) متعة إضافيّة.
صورة(1): ممارسة رياضة الكايك على نهر الليطاني
ومن جهة أخرى يؤدي نهر الزهراني دَورًا بارزًا في التنمية السّياحيّة، كونه يتمتّع بتنوّع بيئيّ، إذ أنّه لم يتعرّض إلى أيّ من ملوّثات الصرف الصّحي، بسبب وجوده ضمن محميّة جبل الريحان للتنوّع الحيوي، الأمر الذي جعله مركزًا رئيسًا للأنشطة السّياحيّة البيئيّة، ومنها رياضة المشي والتنزّه. في ما تبرز أهميّة نهرَي الحاصباني والوزاني في تنمية
السياحة من خلال المنتجعات السّياحيّة المنتشرة على
ضفافهما، والتي يستقبل بعضها تنظيم مهرجانات فنيّة
دوليّة يحضرها فنّانون محليّون.
صورة(2): رحلة بيئيّة في نهر الزّهراني.
خامسًا- المناخ: يُعدّ المناخ من مقوّمات السّياحيّة الطبيعية ذات الأهمية البالغة، فالكثير من السّياح يتّجهون إلى بعض المناطق ذات المناخ الذي يلائمهم ويستمتعون بفصله، وبالتالي فهو مؤثّر حقيقي في حركة السّياح وحجمهم (الجبوري، 2016).
تتبع محافظة النّبطيّة من حيث المميزات المناخيّة إلى مناخ لبنان المعتدل المتوسطيّ، بحيث تتلقى المنطقة كميّات من الأمطار في فصل الشتاء، في حين يسود الجفاف في فصل الصّيف. وتحت تأثير اختلاف التّضاريس وامتدادها الطوليّ في وجه الرّياح الغربيّة الممطرة، تختلف معدلات الأمطار والرّطوبة بين مكان وآخر في منطقة الدّراسة، إذ إنّها تنخفض نسبيًّا في الهضاب في حين ترتفع إلى أكثر من 1300 ميلليمتر (ملم) سنويًّا عند السّفوح الشّرقيّة لجبل حرمون الذي تبقى قمته مغطاة بالثّلوج حتى منتصف فصل الصيف وعلى صعيد الحرارة يُمكن القول إنّ الشّهر الأكثر برودة هو كانون الثاني إذ تُسجّل درجة الحرارة 7.6 درجة مئويّة ( ْم)، في حين أنّ الشّهر الأشدّ حرارة هو تموز إذ تصل فيه درجة الحرارة إلى 25.7 ْم. علمًا أنّ درجة الحرارة تنخفض إلى ما دون الصفر في المناطق الجبليّة وتحديدًا في حاصبيا وقرى العرقوب وإقليم التفاح.
يبرز دَور درجة حرارة الجوّ على الصّعيد السّياحيّ من خلال علاقتها براحة الإنسان في ظل ظروف مناخيّة مُعيّنة، وهو ما يُعرف بقرينة توم Thom للانزعاج الحراريّ (عبدالله، 2015)، وهي تحصل وفق المعادلة الحسابيّة الآتية: THI= (0.55 – 0.0055 RHÍ) (T – 14.5)
على أنّ: THI: قرينة الراحة المناخيّة Thermal Index Cormfort
T: حرارة الجو بالدرجة المئويّةTemperature
RH: الرطوبة النسبيّة
وكان توم قد وضع جدولًا يُبيّن فيه درجة شعور الإنسان بالراحة وفق قرينته، وكان على الشّكل الآتي (رشيد، 2012):
قيَم THI | نوع الراحة |
دون 10 | إنزعاج شديد |
10 – 15 | إنزعاج متوسّط |
15 – 18 | راحة نسبيّة |
18 – 21 | راحة تامة |
21 – 24 | راحة نسبيّة (10 – 50%) من الناس يشعرون بعدم الراحة |
24 – 27 | إنزعاج متوسّط (100%) من الناس يشعرون بعدم الراحة |
27 – 29 | إنزعاج شديد |
أكثر من 29 | إجهاد كبير وخطير على الصحة |
جدول(2): دليل قرينة توم باستخدام THI وأثره على راحة الإنسان.
وبتطبيق هذه المعادلة على درجات الحرارة والرّطوبة النسبيّة في منطقة الدّراسة، وفق معطيات محطة مرجعيون المناخيّة، والصّادرة عن المديريّة العامة للأرصاد الجويّة في مطار رفيق الحريري الدّولي لعام 2015، تظهر النتائج الآتية:
اسم الشهر | معدل الرطوبة النسبيّة (%) | معدّل درجة الحرارة ( ْم) | THI |
كانون ثاني | 66.5 | 7.6 | 8.9 |
شباط | 56 | 8.2 | 9.7 |
آذار | 55.5 | 11.2 | 12 |
نيسان | 53 | 17.6 | 16.3 |
أيار | 54 | 21.6 | 19.8 |
حزيران | 52 | 22.4 | 19.5 |
تموز | 51.5 | 25.7 | 22.7 |
آب | 51 | 25.1 | 22 |
أيلول | 52.5 | 23.6 | 21.2 |
تشرين أول | 54 | 22.4 | 20.4 |
تشرين ثاني | 55.5 | 19.9 | 18.6 |
كانون أول | 62.5 | 12.8 | 13 |
جدول(3): تطبيق قرينة توم في محافظة النبطية لعام 2015.
يتّضح من أرقام الجدول(3) أنّ اشهر الرّاحة التامة هي أيار وحزيران وأيلول وتشرين أول وتشرين ثاني، أمّا الرّاحة النسبيّة فتتمثّل بشهر نيسان، بينما تمثّل الانزعاح الشّديد في شهرَي كانون الثّاني وشباط، والانزعاج المتوسّط في أشهر كانون أول وآب وتموز وآذار. وما يُفسّر تمثّل الانزعاج الشّديد في شهرَين فقط أنّ منطقة الدّراسة تتمتّع بمُناخ معتدل متوسّطي، ومعظم سطح المنطقة يرتفع إلى حوالي 600م فوق مستوى سطح البحر، وهو أيضًا ما يجعل أشهر الرّاحة التّامة والنّسبيّة متساوية.
سادسًا- الغطاء النباتيّ: إنّ للغطاء النباتيّ دَورًا مهمًّا في جذب السيّاح والتّنمية السّياحيّة، خصوصًا أنّ منطقة الدّراسة ذات طابع ريفيّ غني بالمساحات الخضراء من غابات ومحميّات طبيعيّة، وأهمها محميّة وادي الحجير التي تقع بين أقضية مرجعيون وبنت جبيل والنبطيّة بمساحة تبلغ حوالي 26 كلم2، وتتميّز هذه المحميّة بتنوّعها الحيويّ النباتيّ المُتجسّد بأشجار السّنديان والزيتون والخروب، فضلًا عن العديد من النباتات الطبيّة والعطريّة، بالإضافة إلى وجود نبع الحجير والمطاحن الثّماني القديمة المُشيّدة فوق مياه النّبع. وتبرز الأهميّة السّياحيّة لهذه المحميّة من خلال النشاطات العديدة التي تُقام فيها، إذ يُقام فيها سنويًا مهرجان فنيّ دوَلي يستقطب العديد من الزوّار، بالإضافة إلى النّشاطات البيئيّة التي تشهدها المحميّة.
ومن المحميّات الطبيعيّة المُنتشرة في منطقة الدّراسة، محميّات رامية وكفرا وبيت ليف ودبل وجبل الرّيحان، وكانت قد أعلنت منظّمة الأمم المتّحدة للتّربية والعلوم والثّقافة (الأونيسكو) في العام 2007 محميّة جبل الرّيحان كإحدى محميّات المدى الحيوي في العالم، والتي تهدف إلى تشجيع العلاقة المتوازنة بين الإنسان والطبيعة، إذ إنّها تحوي على 19 نوعاً من الحيوانات الثّديّية، كالذّئاب والضّباع والثّعالب والخفافيش والسّناجب وغيرها، بالإضافة كونها تضمّ أنواعًا من الزواحف مُهدّدة بالإنقراض عالميًّا كالحرباء وسلحفاة الأرض والسّحلية الخضراء والأنيقة ونوعين من الصّقور و12 نوعًا من الأفاعي والثّعابين.
وتضمّ أيضًا منطقة الدّراسة محميّة الطيور في إبل السّقي، والتي تُعدّ الممرّ الخامس عالميًّا للطيور المهاجرة من الشّمال إلى الجنوب وبالعكس، حيث يوجد فيها بركة لتجميع المياه كي تكون موردًا للطّيور المهاجرة، وغرفة لمراقبة الطيور، إلا أنّ العدوان الإسرائيليّ على لبنان العام 2006 طال هذه المحميّة فدمّر تلك البركة ولم تُرمّم بعدها. كما تضمّ هذه المحميّة أكثر من ثمانية آلاف شجرة من الصّنوبر البريّ والمُثمر والسّرو والكينا وغيرها (يحي، 2010).
1 – ب – المقوّمات البشريّة: وهي تتمثّل بما يلي:
أولًا- المعالم الأثريّة: تحوي منطقة الدراسة عددًا كبيرًا من المعالم الأثريّة والتّاريخيّة، والتي أعطت للمنطقة بُعدًا سياحيًّا، وحافزًا مهمًّا لجذب السيّاح المهتمّين بالتّاريخ والحضارات القديمة، وبتنوّع هذه المعالم تنوّعت جنسيّات السيّاح الوافدين إلى المنطقة.
خريطة(4): توزّع المعالم المواقع الأثريّة والتراثيّة في محافظة النبطيّة.
تتنوّع المواقع الأثريّة ما بين القلاع التّاريخيّة ومن أهمها قلعة دوبيّة بالقرب من بلدة شقرا في قضاء مرجعيون، والقلعة الشّهابيّة في مدينة حاصبيا، وقلعة طورون في بلدة تبنين قضاء بنت جبيل، وقلعة بوفور المعروفة بقلعة الشّقيف بالقرب من بلدة أرنون في قضاء النّبطيّة، وقلعة ميس على الحدود الفاصلة بين بلدتَي عبّا وأنصار، وقلعة دير عجلون في بلدة كفرمان، وقلعة شعبان في بلدة خربة سلم وإلى جانب القلاع تنتشر معالم أثريّة تتمثّل في المعابد كمعبد قصر شبيب في أعلى قمة جبل حرمون، ومعبد بعل جاد في بلدة الهباريّة قضاء حاصبيا، وهو من أقدم الآثار الموجودة في لبنان والشرق الأوسط. وهناك مواقع أثريّة أخرى كموقع وادي قطمون الأثري في بلدة رميش، وقرية المنصوريّة التّاريخيّة في بلدة يارون، والموقع الأثري في بلدة الطيري، فضلًا عن الآثار المنتشرة في مدينة النبطيّة ودير الزهراني وجبشيت وعزّة وسهل المئذنة وإقليم التفّاح وغيرهم.
كما يوجد العديد من القصور والمنازل التي لا تزال تحتفظ بطابعها التّراثي، ومن أهمها قصر آل درويش التّاريخيّ في بلدة زفتا، ودارة محمد بيك الفضل في النبطيّة…
ثانيًّا- المعالم الدّينيّة: وهي متنوّعة ما بين مساجد وكنائس ومقامات تعود لحقبات تاريخيّة مُختلفة، ومن المعالم الدينيّة الإسلاميّة المهمّة مقام بنيامين ابن النّبيّ يعقوب في بلدة محيبيب قضاء مرجعيون، ومسجد النّبي شعيب في سهل الحولة، ومقام النّبي منذر في مركبا، ومقام النّبي حزقيل في بلدة بلاط، ومقام النّبي ابراهيم الخليل في شبعا، ومزار النّبي شُعيب في الفرديس، ومقام الخضر في الهباريّة، ومزار النّبي رأوبين في حاصبيا، ومقام النّبي شيت في برعشيت، ومقام النّبي دانيال في كونين، ومقام النّبي يأثر في ياطر، ومقام الوليّ الصدّيق في تبنين، وخلوات البياضة التي تُشكّل المرجعيّة العليا لطائفة الموحّدين الدّروز والتي تقع على مرتفع عند الطرف الجنوبيّ لمدينة حاصبيا. أمّا المعالم الدينيّة المسيحيّة المهمّة المُنتشرة في منطقة الدّراسة دير مار ماما في دير ميماس، ودير القدّيسة حنّا خراج بلدة القليعة غرب سهل مرجعيون، وكنيسة القديس جاورجيوس في راشيا الفخار، ومزار أم النّور في بلدة عين إبل، وكنيستا مار جرجس ومار يعقوب في بلدة رميش.
ثالثًا- المُنشآت والتّجهيزات السّياحيّة
ـ المتاحف: يُعدُّ المتحف الجهة التي يُجمع التّراث البشريّ التّاريخيّ والحضاريّ فيها، ويُصانُ ويُحافظ عليه من خلال عرضه بأسلوب ممتع لجذب السيّاح. ويوجد في منطقة الدّراسة العديد من المتاحف التّاريخيّة من أهمها المتحف الحربيّ في المستشفى الإنكليزيّ الأثري في الخيام، والذي يتضمّن معروضات من الحرب العالميّة الثانية. بالإضافة إلى متحف المطاحن في شبعا، ومتحف الطوابع البريديّة في بلدة تول، والذي يُقدّم هواية ثقافيّة ويُعدّ مرصدًا فكريًّا للمُتغيّرات في كل بلد.
ـ المطاعم والمقاهي: تُعدُّ من التجّهيزات السّياحيّة المُعدّة لتقديم الطعام والشّراب شرط أن لا تحتوي على أمكنة مُعدّة للإيواء (الخوري، 1987). تنتشر المطاعم والمقاهي في محافظة النبطيّة بشكل كبير، وهي مُوزّعة جغرافيًّا في كل أرجاء المحافظة، مع تمركز واضح على امتداد المجاريّ المائيّة، وتمتاز معظم هذه المطاعم والمقاهي بتنوّعها وخدماتها الرفيعة المستوى، إذ تُلبّي أذواق مُختلف السيّاح. ويُلاحظ أنّ في مُعظم الفنادق والتجهيزات السّياحيّة بشكل عام، يوجد مطعم ومقهى بهدف جذب السّائح، وجعل إقامته مُحبّبة تزخر بالحياة والمرح دونما سأَم. كما أنّ ما يُميّز بعض المطاعم أنّها ذات طابع تُراثيّ تقليديّ، خصوصًا تلك الموجودة داخل الأسواق القديمة في بعض بلدات المحافظة.
ـ الفنادق: تُعدُّ من التّجهيزات السّياحيّة المُهمّة، إذ تُوفّر للسّائح الوطنيّ أو الأجنبيّ ما يحتاج إليه في مجال الإقامة. وعادةً يعكس وجود الفنادق في منطقة معيّنة درجة الجاذبيّة السّياحيّة لهذه المنطقة. ويوجد في منطقة الدّراسة عدد لا بأس به من الفنادق المُجهّزة، وتتمركز بشكل خاص على المرتفعات بالقرب من المجاري المائيّة، إلاّ أنّ عددها يبقى متواضعًا جدًا في منطقة سياحيّة كبيرة كمحافظة النبطيّة.
ـ الأسواق: يوجد في منطقة الدّراسة ثلاثة أسواق كبيرة، وهي سوق الإثنين في مدينة النبطيّة، وسوق الخان الذي يُقام كل يوم ثلاثاء في مدينة النّبطيّة، وسوق الخميس في مدينة بنت جبيل. وتتفرّع أسواق أخرى تتوزّع على أيام الأسبوع، وتتزامن مواعيدها أحيانًا خلال يوم واحد، وتُعدُّ هذه الأسواق مقصدًا للزوّار والسيّاح الوافدين إلى المنطقة، نظرًا لتنوّع المُنتجات التي تُعرض.
خريطة(5): توزّع المُنشآت والتجهيزات السّياحيّة في محافظة النبطيّة.
2– مؤشّرات التنمية السّياحيّة في محافظة النبطيّة
تبرز أهميّة دراسة مؤشّرات التنمية السّياحيّة في أنّها توفّر الإطار المُناسب لقياس أهميّة قطاع السّياحة، من خلال بيانات سياحيّة متنوّعة تُبيّن الأهميّة الاقتصاديّة للسّياحة على شكل مؤشّرات رئيسة، يُمكن مُقارنتها مع إسهامات سابقة لهذا القطاع (Paul, 2011).
وبعد دراسة ميدانيّة حصلت العام 2015 وأخرى العام 2019 بهدف المقارنة ورصد مؤشّرات النّمو في منطقة الدّراسة، والتي شملت الموارد والعروض الطبيعيّة من غابات ومحميّات وغيرهما، وعروض بشريّة من مُنشآت سياحيّة على أنوعها، إضافة إلى رصد أعداد السيّاح المحليين والدوليين، وتطوّر الخدمات العامة، تبيّن الآتي:
2 – أ – تطوّر عدد مُنشآت الإيواء والمُنشأت السّياحيّة المُرافقة
نوع المُنشأة | عددها في 2015 | عددها في 2019 | الفارق | نسبة النمو (%) |
إقامة | 21 | 25 | 4 | 16 |
مرافقة | 104 | 109 | 5 | 4.6 |
جدول(4): تطوّر عدد مُنشآت الإيواء والمُنشآت المرافقة بين 2015 و2019.
يتبيّن من خلال الجدول(4) أنّ عدد مُنشآت الإقامة ازداد بنسبة 16%، إذ جرى في المدّة الممتدة ما بين 2015 و2019 بناء أربع مُنشآت إقامة سياحيّة جديدة، هما فندقَان هما RIO VERD على نهر الليطانيّ في منطقة الخردليّ، وليالي النّجوم في بنت جبيل، بمجموع أسرّة بلغت 41 سريرًا، ومُنشأة تضمّ 14 شاليه في مُنتجع الخيام هيلز في بلدة الخيام بعدد أسرّة 34، ومُنشأة تضمّ ست شقق مفروشة في عين بوسوار بعدد أسرّة 24.
أمّا عدد المُنشآت السّياحيّة المُرافقة لمُنشآت الإقامة العامة فزاد عددها أيضًا بنسبة 4.6%، وهي مطعم لتقديم المأكولات في جرجوع ويُعرف باسم هوا جرجوع، واستراحة ومنتزه جسر الحاصبانيّ في حاصبيا، ومنتزه آخر عند نهر الوزانيّ يُعرف باسراحة الغدير، وأخيرًا مطعم مُتخصّص بتقديم المأكولات الفرنسيّة في مرجعيون ويُطلق عليه اسم Jac qui Dimer.
2 – ب – تطوّر عدد العمال في المُنشآت السّياحيّة
إنّ بناء مُنشآت سياحيّة جديدة في منطقة الدّراسة انعكس إيجابًا على حجم العمالة، وهو يُساهم بشكل فعّال في امتصاص حجم البطالة فيها. ويُمكن ملاحظة هذه الزيادة من خلال الآتي:
نوع المُنشأة | عدد العمال في 2015 | عدد العمال في 2019 | الفارق | نسبة النمو (%) |
إقامة | 221 | 255 | 34 | 13.3 |
مرافقة | 1801 | 1864 | 63 | 3.5 |
جدول(5): تطوّر عدد العمال في المنشآت السّياحيّة بين 2015 و2019.
بتتبّع أرقام الجدول(5)، يتبيّن أنّ عدد العمال في مُنشآت الإقامة زاد من 221 عاملًا في العام 2015 إلى 1801 عاملًا في العام 2019، أي بنسبة نمو بلغت 13.3%، فيما ازداد عدد عمال المُنشآت السّياحيّة المرافقة من 1801 عاملًا العام 2015 إلى 1864 عاملًا في العام 2019، بنسبة نمو بلغت 3.5%. وبُمقارنة نسبة النّمو في توفير فرص العمل في المُنشآت السّياحيّة في منطقة الدّراسة، البالغ مجموعها 16.8% في مُنشآت الإقامة والمُنشآت المرافقة، يتبيّن أنّ المؤشّر العام للتنمية السّياحيّة في منطقة الدراسة جيّدة إلى حدّ ما، خصوصًا أنّها منطقة لاتزال في طَور النّمو والتوسّع السّياحيّ.
2 – ج – تطوّر مُعدّل الوصول السّياحيّ
يعكس معدّل الوصول السّياحيّ حجم عوامل الجذب السّياحيّ التي تمتلكها مناطق العرض. ويتّضح مدى هذا الإنعكاس من خلال الجدول الآتي:
العام | 2015 | 2019 | الفارق | نسبة النمو (%) |
عدد السيّاح | 2630 | 3112 | 482 | 8.4 |
جدول(6): تطوّر عدد السيّاح الوافدين بين 2015 و2019.
يتبيّن من خلال الجدول(6)، أنّ أعداد السيّاح المُسجّلين في أمكنة الإقامة على مُختلف أنواعها بمنطقة الدّراسة قد ارتفعت من 2630 سائحًا اعام 2015 إلى 3112 سائحًا العام 2019، أيّ بفارق 482 سائحًا وبنسبة نموّ بلغت 8.4%. إنّ هذه النسبة تُعدُّ جيّدة إذا ما قورنت بمعدّل النّمو السّنوي العام في لبنان والبالغ 9% (إيدال، 2016)، خصوصًا أنّ السياحة في منطقة الدّراسة لا تزال في مراحلها الأولى، وبالتالي فإنّ نسبة هذا النمو تدلّ على مُستقبل واعد للسياحة في المنطقة.
2 – د – الإمكانيّات السّياحيّة للبيئة الطبيعيّة
يُمكن القول إنّ الخطوات الأولى للتنمية السّياحيّة تبدأ بالتّعرّف على البيئات الطبيعيّة لأيّ منطقة، وإمكاناتها السّياحيّة ومدى ملاءمتها لنشوء وتطوّر السياحة وخدمة عمليّة للتنمية السّياحيّة، كون هذه الأخيرة تقع على خط التّماس المباشر مع البيئة (ضاهر، 2016). وبما أنّ البيئة الطبيعيّة في منطقة الدّراسة، بما توفّره من الإمكانات والموارد لنشوء وتطوّر السياحة فيها، يُعدّ عاملًا مهمًا في تنميتها على الصّعيد السّياحيّ، كونها تتمتّع بموارد وعروض سياحيّة بيئيّة متنوّعة، من محميّات طبيعيّة، ومجاري ومساقط مائيّة، وتضاريس متنوّعة، ومناطق للاصطياف، وكلّها تجعل من هذه المنطقة ذات أهميّة سياحيّة لوفرة الموارد الطبيعيّة فيها.
2 – هـ – مؤشّرات استثمار الموارد الطبيعيّة
يُعدُّ الاستثمار السّياحيّ للموارد والعروض الطبيعيّة، فرصة لتحسين إدارة أصولها، وتشجّع على جذب المزيد من السيّاح والزوّار لدعم النّمو وزيادة فرص العمل، خصوصًا على الأطراف وفي المناطق الريفيّة المهمّشة، إذ إنّ حُسن إدارة تطوير البنى التحتيّة والنُظُم الأيكولوجيّة يُمكن أن يعود بالنّفع على من هم أقلّ استفادة من السّياحة. وبما أنّ معظم بلدات منطقة الدّراسة هي ريفيّة أو ذات طابع ريفيّ، فإنّها بذلك تضمّ عددًا من المحميّات والمقوّمات والموارد التي يُمكن الاستفادة منها واستثمارها سياحيًّا. ويوضح الجدول الآتي واقع استثمار المقوّمات والعروض الطبيعيّة وتطوّرها في منطقة الدراسة، كما يلي:
نوع العرض الطبيعي | العدد الإجمالي | مُستثمر عام 2015 | مُستثمر جديد عام 2019 | الفارق | نسبة النمو (%) |
محميّة طبيعيّة | 7 | 2 | – | – | 0 |
غابة صغيرة | 5 | 1 | 1 | 1 | 20 |
ينابيع | 6 | 5 | – | – | 0 |
كهوف | 4 | – | 1 | 1 | 25 |
جدول(7): مؤشّرات النمو في العروض والمقوّمات الطبيعيّة في محافظة النبطية عام 2019.
يتّضح من خلال الجدول(7)، أنّه يوجد محميّتَين طبيعيّتَين مُستثمرتَين من أصل سبع محميّات طبيعيّة، وهما محميّة وادي الحجير ومحميّة الطيور في بلدة إبل السقي، حيث أنّ لهاتَين المحميّتَين إدارتَين تقوم بالمهام المطلوبة منهما كافة في حماية النُظُم الحيويّة فيهما، بالإضافة إلى تنظيم استقبال الزوّار والسيّاح وتسهيله، في حين أنّ عدم استثمار المحميّات الأخرى وتشكيل إدارة لكلّ منهم يُعدّ مؤشرًا على ضعف نموّ هذه العروض الطبيعيّة، وبالتالي إضاعة فرَص لعروض طبيعيّة سياحيّة أوسع وأشمل. أمّا عدد الغابات الصغيرة الحجم من حيث المساحة بلغ خمس غابات، مُستثمر منها واحدة في العام 2015، وهي معلم مليتا السّياحيّ، واستُثمرت واحدة أخرى في بلدة تبنين لاحقًا ليُصبح عددها في العام 2019 غابتّين مستثمرتَين بشكل رسميّ، فيما تبقى ثلاث غابات بحاجة إلى الاستثمار لرفع مؤشرات التنمية السّياحيّة في منطقة الدّراسة بشكل أكبر ولو نسبيًّا.
أمّا بخصوص الينابيع الكبيرة في منطقة الدّراسة فيبلغ عددها ستة ينابيع، نسبة الاستثمار فيها مرتفعة إلى حدّ ما، حيث أنّ خمسة منها مُستثمر، وذلك من خلال الاستراحات والمنتزهات والمطاعم التي أنشئت عندها، وهي تقدّم عروضًا بيئيّة متنوّعة تُساهم بشكل كبير في رفع مستوى مؤشّرات التنمية السّياحيّة.
وتنخفض مؤشرات التنمية والاستثمار في الكهوف الكبيرة المنتشرة في منطقة الدّراسة، إذ إنّ كهفًا واحدًا من أصل أربعة كهوف مٌستثمر وبشكل جزئي، وهو كهف راشد في بلدة برعشيت الذي يستقبل الزوّار والسيّاح بتنظيم من بلدية البلدة، علمًا أنّ جدول الإستقبال إليه غير مُنظّم.
بشكل عام، يُمكن القول إنّ استثمار الموارد والعروض السّياحيّة الطبيعيّة في منطقة الدّراسة، يرفع مؤشرات التّنمية السّياحيّة المُستدامة، ويُحقّق التّوازن ما بين الاستثمار السّياحيّ والحفاظ على تنوّعها الحيويّ.
3- الاستنتاجات
يُمكن القول ختامًا إنّ السّياحة هي صناعة المُستقبل، ولا يزال توسعها وتقدّمها وتطوّرها ينمو بصورة سريعة، إذ إنّ عدد السيّاح عالميًّا وصل في العام 2020 إلى حوالي مليار و600 مليون سائح، بحسب منظّمة السياحة العالميّة.
وبما أنّ محافظة النبطيّة تمتلك الكثير من مقوّمات الجذب السّياحيّ التي تُمكّنها من مُنافسة العديد من المناطق الأخرى القريبة، كان لا بدّ من تحديد واقع هذه المقوّمات المعروفة بالعرض السّياحيّ، وواقع الطلب عليها المُتمثّل بالزيارات السّياحيّة، وذلك من خلال إجراء هذه الدّراسة التّحليليّة لإظهار هذا الواقع كما هو، والذي أوصل إلى الاستنتاجات الآتية:
– إنّ تنوّع الموارد الطبيعيّة السّياحيّة في منطقة الدّراسة يجعل منها مقصدًا مهمًّا، وربّما الأكثر أهمّية فيما لو استُثمِرت بشكل أفضل وكامل. وتتجلّى هذه الموارد بالمناخ المعتدل الذي يُسيطر على المنطقة، وبوجود سبع محميّات طبيعيّة وعدد مهم من الغابات والأحراج، بالإضافة إلى وجود أربعة أنهار دائمة الجريان مع عدد كبير من الينابيع والعيون المائيّة، ومظاهر متنوّعة لسطح الأرض ما بين جبال شاهقة الارتفاع وتلال وهضاب وأودية سحيقة، فضلًا عن عدد من السّهول بغطاء نباتيّ، وحياة بريّة ضمن دورة بيئيّة تُحافظ على التنوّع الأيكولوجيّ.
– تُشكّل الموارد البشريّة السّياحيّة، التّاريخيّة منها والحديثة، ثروة كبيرة نظرًا لتنوّعها التّاريخيّ والهندسي، فضلًا عن الأهمّية الثّقافيّة لها. وإلى جانب ذلك تضم المنطقة عددًا كبيرًا من الموارد التي شكّلت حافزًا أكبر ومُكمّلًا لدَور الموارد الطبيعيّة السّياحيّة في جذب السيّاح، ومن أهمها المتاحف والمعارض والمُنشآت والتجهيزات السّياحيّة على أنواعها.
– إنّ معظم الموارد والعروض الطبيعيّة، لا سيّما المحميّات منها، لاتزال غير مُستثمرة بشكل فعليّ ومُنظّم، حيث لا توجد استراتيجيّة واضحة في مجال صناعة السّياحة في منطقة الدّراسة، سواء من حيث العرض أو الطلب السّياحيّ.
– يوجد نوع من التّقصير في العرض السّياحيّ من حيث العدد الإجمالي لمنشآت الإيواء بمُختلف تصنيفاتها، فضلًا عن الخلل في توزّعها الجغرافيّ. كما يوجد انخفاض كبير في درجة تصنيف المُنشآت السّياحيّة وتحديدًا مُنشآت الإقامة.
– لا يوجد مواكبة بين العرض والطلب السّياحيّ، إذ إنّ هناك انخفاضًا واضحًا في توزّع العرض نتيجة انخفاض كفاءة السّياسات التّسويقيّة، فضلًا عن الخلل في توزّع الطلب على باقي منطقة الدّراسة.
– لا يزال عدد السياح الوافدين إلى منطقة الدّراسة دون التوقّعات المرصودة، إزاء ما تملكه المنطقة من مقوّمات جذب سياحي، وتحديدًا الأثريّة منها والبيئيّة.
– غياب الترويج السّياحيّ بشكل خاص، نتبجة عدم وجود مؤسسات أو نقابات أو مجالس تُعنى بهذا الأمر.
– انخفاض في مؤشرات التّنمية السّياحيّة المُستدامة نتيجة غياب الرّعاية الرّسميّة للقطاع، وعدم وجود خطة تنموية شاملة من قِبل القطاعَين العام والخاص.
4- التوصيات
إنّ تطوير القطاع السّياحيّ ورفع مؤشرات التنمية السّياحيّة في محافظة النبطيّة، مرهون بتنفيذ خطة تنمويّة سياحيّة، ويتحقّق ذلك من خلال تكاثف جهود القطاعَين العام والخاص، مع حضور فعّال وضروريّ لجمعيّات المُجتمع المدنيّ. وانطلاقًا من الدّراسة المُنجزة، يُمكن رفع التّوصيات الآتية:
– يجب تفعيل مشاريع استثمار الموارد السّياحيّة الطبيعيّة منها والبشريّة بشكل أفضل وفعّال، وذلك من خلال التّشجيع عبر سنّ بعض القوانين الدّافعة للاستثمار في القطاع السّياحيّ، مع الأخذ بالحسبان المحافظة على النظام البيئي.
– يجب وضع المزيد من المواقع الأثريّة والدّينيّة ضمن منظومة الاستثمار السّياحيّ، مع تطوير ورعاية دَوريّة ومُستمرّة للمواقع المُستثمرة حاليًّا.
– تطوير في مُنشآت الإقامة السّياحيّة والمُنشآت المُرافقة لها، لجهة الأعداد والبناء وتجهيزات الاستقطاب.
– تخصّصيّة أفضل للموارد البشريّة العاملة في المُنشآت السّياحيّة، الأمر الذي من شأنه أن يرفع من جودة الخدمات السّياحيّة.
– دمج السّكان المحليين في المنظومة السّياحيّة المحليّة والوطنيّة، والذي سيزيد من مستوى وعيهم السّياحيّ، وأهميّة المُحافظة على البيئة والعروض السّياحيّة الطبيعيّة، ويُشجّع أصحاب رؤوس الأموال إلى استثمار أموالهم في القطاع السّياحيّ.
– لا بدّ من تطوير وتحسين البُنى التحتيّة للخدمات العامة الأساسيّة.
المصادر والمراجع:
1- الجبوري، سلام، (2016): جغرافية المناخ ، دار الراية للنشر والتوزيع، طبعة أولى، بغداد.
2- الخوري، إلياس، (1987): السياحة في لبنان والعالم، الطبعة الأولى، 22 كانون الأول 1987،بيروت.
3- رشيد، مازن، (2012): التباين الطوبوغرافي وأثره على أشهر الراحة في محافظة أربيل، صفحة8.
4- ضاهر، فضل، وآخرون، (2016): الإستقرار الأمني في تنمية القطاع السّياحيّ، دار الأيام للنشر والتوزيع، عمان، صفحة 41.
5- عبد الله، علي جابر، (2015): المناخ والسياحة في محافظة بابل: نموذجاً تطبيقياً، مجلة جامعة بابل، العدد2، صفحة92.
6- فاعور، علي، (1985): جنوب لبنان الطبيعة والإنسان، دار المؤسسة الجغرافية، بيروت.
7- يحي، عمر، (2010): حمى إبل السقي: ممرّ خامس عالمي للطيور المهاجرة، صحيفة المستقبل، العدد 2913، صفحة 14.
8- Paul, Middleton, (2011): Tourisme et Hotels (Developpement de la Politique Touristique), Dar Alkitab Alhadith, Premiere Edition, Algerie, Page 12.
9- Philip, Kotler, & other, (2006): Gestion Du Markiting, Pearson Education, 12eme Edition, France.
10- Commission Europeenne, (2001): Tendances Du Tourisme dans Les Pays Mediterraneens, omt, Eurostat.