foxy chick pleasures twat and gets licked and plowed in pov.sex kamerki
sampling a tough cock. fsiblog
free porn

سيميائيّة العلامات البصريّة لآيات النّعيم والعذاب في النّص القرآنيّ

0

سيميائيّة العلامات البصريّة لآيات النّعيم والعذاب في النّص القرآنيّ

أـ د ـ خالد توفيق مزعل([1])

أ ـ زينة عبّاس فاضل([2])

ملخص

يُعنى هذا البحث ببيان أثر العلامات البصريّة الخاصة بآيات العذاب والنّعيم في توجيه المعنى وفهمه وإقناع المتلقي بالحذر منه أو السعي في الرغبة للحصول عليه داخل النّص القرآنيّ الكريم ، فضلًا عن معرفة طريقة توظيفها وبنائها، وقد اتّبعنا المنهج السيميائيّ الذي يسهم في الكشف عن تلك العلامات وآلية عملها، فهو يصنف ضمن سيميائيات التّواصل والثّقافة .

يسعى البحث إلى تسليط الضوء على العلامات البصريّة التي توضح حال النّعيم والعذاب، فتأتي بصور مختلفة لتتناسب مع الموقف الخاص بها ، فأحيانًا تصف الموجودات في ذلك العالم (الآخرة ) استنادًا إلى موجودات مرئيّة دنيويّة ثقافيّة واجتماعيّة وكونيّة معروفة عند المتلقي وضمن واقعه المعيش، وأحيانًا أخرى يربط بين ذلك الموجود وآخر يعتمد في معرفته على عنصر الخيال، وأحيانًا أخرى يبيّن ما يصيب الإنسان نفسه من أمور جسديّة أو نفسيّة، وقد يؤدي ذلك الحدث إلى تغيّر الكثير من الأشياء الطبيعيّة، ( كالشّمس، والقمر، والجبال … ) لتكون مقدمة أو بداية لعرض ما سيحدث .

تعمل هذه العلامات من خلال تحويل موجودات العالم الطبيعيّ المرئي إلى شفرات تعبر عن معانٍ كثيرة يقصدها منشئ النّص بالاستناد على سنن ثقافيّة واجتماعيّة وتجارب إنسانيّة خاصة تجعلها تتجاوز صورتها الأيقونيّة المباشرة إلى عدها وسيلة من وسائل التّواصل بين أفراد المجتمع  .

إن إدراك معنى العلامة البصريّة يرتبط بوجود معرفة سابقة لها، فكل صورة تحمل بعدين : الأوّل مرئي يحدده الشكل الخارجيّ لها، والآخر:غير مرئيّ يتمثل بما يضيفه المحيط الخارجي للناظر فضلا عن البعد النّفسيّ .

لقد اقتضت طبيعة البحث أن يدرس بالتحليل السيميائيّ طبيعة تلك العلامات ، وبيان وظيفتها التّواصليّة في النّص ، وعرض كيفية فكّ شفرتها للمتلقين باختلاف الأشخاص والمكان والزّمان، وتحديد الأثر النّفسيّ والثّقافيّ في محاولة الوصول إلى المعنى .

الكلمات المفتاحيّة :العلامة البصريّة، السّياق،التسنين، العلامة الأيقونيّة،العلامة التّشكيليّة .

Summary

This research is concerned with explaining the impact of the visual signs of the verses of torment and bliss in directing and understanding the meaning and persuading the recipient to beware of it or to seek it in the Holy Qur’anic text، as well as knowing how to employ and build them. It is classified under the semiotics of communication and culture.

The research seeks to shed light on the visual signs that illustrate the state of bliss and torment، so they come with different images to suit their own situation. Sometimes they describe the assets in that world (the afterlife) based on visible worldly، cultural، social and cosmic assets that are known to the recipient and within their living reality، and sometimes they link Between that existing and another depends in his knowledge on the element of imagination، and sometimes it shows what afflicts man himself in terms of physical or psychological matters، and this event may lead to the change of many natural things، (such as the sun، the moon، and the mountains…) to be a prelude or the beginning of a presentation what will happen

These signs work by transforming the assets of the visible natural world into codes that express many meanings intended by the creator of the text based on cultural and social norms and special human experiences that make it transcend its direct iconic image to consider it a means of communication between members of society

The realization of the meaning of the visual sign is linked to the existence of a previous knowledge of it، for each image bears two dimensions: the first is visible، determined by its external form، and the other: invisible، represented by what the external environment adds to the beholder as well as the psychological dimension.

The nature of the research required that the semiotic analysis study the nature of these signs، the statement of their communicative function in the text، and the presentation of how to decode them for recipients according to different people، place and time، and determine the psychological and cultural impact in trying to reach the meaning.

Keywords: visual mark، context، teething، iconic mark، plastic mark.

مقدمة

    نالت الدّراسات البصريّة عناية كبيرة – مؤخرًا – لما تتركه من أثر مهم في العمليّة التّواصليّة بوصفها إحدى العناصر النّاقلة للمعنى أولًا ، والمؤثرة في الإدراك بصورة مباشرة ثانيا .

يشترط في فهم أيّة علامة بصريّة وجود معرفة سابقة بها؛ لكي يستحضر النّموذج الخاص بها في الذّهن ثم  يحصل بعد ذلك الإدراك ويتحقق التّواصل، ولكلّ علامة بصريّة جانبان: أحدهما: أيقونيّ ، وتمثله الصورة الحقيقيّة كما هي موجودة في الواقع، والآخر: تشكيليّ: يستند إلى ما تزيده الثّقافة الخاصة بالمجتمع والفرد وما يرتبط بالأشكال، والألوان، والأحجام .

يضم القرآن الكريم الكثير من الصور البصريّة، ولكننا نبحث فيها عن العلامات التي تتجاوز صورتها المرئيّة المباشرة لتدل أو ترمز إلى أشياء مخفيّة بين شفراتها التي نستدل عليها عبر إكراهات المجتمع والثقافة فضلًا عن الجوانب النّفسيّة الخاصة بكل فرد،  وقد اتبعنا في هذه الدّراسة المنهج السيميائيّ الذي قمنا عن طريقه بكشف طبيعة العلامة وإظهار ما كان مخفيًّا منها بوصفها تعمل على إبراز معنى غير ظاهر في النّص، إذ تبحث عمّا وراء الشكل الظاهريّ للمرئيّات.

يعد هذا البحث خطوة في طريق تقصي أبرز الإشكالات التي تواجه عمليتيّ التّواصل والفهم  ضمن إطار العلامة البصريّة ، فأرجو أن أكون قد وفقت في بيانه وإنجازه ، والله من وراء القصد .

  • سيميائيّة العلامات البصريّة لآيات النّعيم والعذاب في النّص القرآنيّ

ينبغي لنا قبل البدء بهذا البحث أن نبين للقارئ، ما المقصود بالعلامة ؟ إن أقدم تعريف للعلامة حدده جان ماري كلينكنبرغ، يقول فيه : “هي شيء يعوض شيئاً آخر مختلفًا عنه”([1])، بمعنى أن تدل على شيء آخر مخفي ّبين رموزها، يتوجب على المتلقيّ فكّ شفرتها للوصول إلى المعنى، فهي” الموصوفة أولًا وقبل كل شيء بكونها علامة عن شيء آخر … إذ تتوظف، وتعيّن، وتحدد؛ والعلامة على خلاف غيرها، هي حامل المعنى” ([2])، وتستند العلامات إلى شفرات ثقافيّة، أو اقتصاديّة، أو اجتماعيّة ، أو كونيّة طبيعيّة معروفة ومفهومة عند ذلك المتلقي بحسب بيئته؛ لذلك فقد تختلف درجات الفهم من شخص إلى آخر، بمعنى “كل علامة تُعرّف على نحو نسبيّ، وليس مطلقًا، وفقط من خلال موضعها في السّياق “ ([3]) .

من هنا نستطيع أن نوضح مفهوم العلامة البصريّة ، كونها ترتبط بمفهوم العلامة بصورة عامة لكنها تختلف عنها من جهة الإدراك – طريقة الحصول على المعرفة – إذ تستند بصورة أساسيّة على حاسة البصر (العين)، إذ ” إنّ البصر كحاسة من الموارد البشريّة الأساسيّة لمعارف العقل ومعلوماته وتكامله مع غيره من أنواع التفكير الأخرى” ([4])،  وقد جاءت العناية بهذا النّوع من الدّراسة بعد أن قسّم بعض الباحثين أنواع العلامات اعتمادًا على الحواس الإنسانيّة بوصفها وسائل للإبلاغ والتّواصل([5]) .

للغة البصريّة “اشتغالاتها، وهي اللغة التي تستعمل كلا من الصورة والنّص … وقد تزايد الاهتمام بها في نهايات القرن العشرين، وغدت حقلًا معرفيًّا يعرف بالسيميائيّات البصريّة”([6])

والسيميائيّات البصريّة أو العلامات البصريّة: “هي حقل من السيميائيّات يعنى بتحليل الكيفيّة التي بها ومن خلالها تقوم الصور البصريّة بتوصيل رسالاتها، وتتعدد الصور البصريّة بتعدد شفراتها أو أنظمتها الرمزية” ([7]) أو هي : دراسة العالم الطبيعيّ وسيرورته الدّلاليّة بالاعتماد على الصورة (البصريّة) بوصفها أداة  لنقل المعلومات من المحيط الذي تنتمي إليه ومعالجتها من خلال هذه القناة الإدراكيّة([8])، “قد تنقل العالم بإيجاز وإيحاء واختصار أو قد تنقله مفصلًا واضحًا جليًّا”([9]) وبهذا تُعدُّ السيميائيّات البصريّة جزءًا من السيمياء العامة إلا أنّها تعنى بدلالة الصورة، أو الصور البصريّة مع نصوصها الموازية والمجاورة ورصد بعدها التّواصلي والسياقيّ والوظيفيّ فضلًا عن التّشديد على البعد المعرفيّ والبعد التّداوليّ ([10]) .

إن العين ” ترى عبر وسائط الثقافة والمخيال والمعتقدات” ([11])، إذ “تستثير في ما وراء المرئي المباشر سلسلة من الانفعالات التي تهرب من الملموس لتختبئ في الرمزيّ” ويتم المعنى من خلال الربط بينهما، فإدراك العلامة البصريّة ” يتعلق بعلامات عرفيّة يتشكل الدّال، ظرفيًّا  من مادة هي ذاتها الموضوع الذي قد يستعان به إذا ما استعملت هذه العلامات في فعل مرجعي ملموس” ([12])،  فتعيين أنّ المرجع ليس موضوعًا من العالَم بل تحقيق نمط، وهذا التحقيق هو نفسه تمثيلٌ ذهنيٌّ مستبطَنٌ ومثبَّتٌ، يشكِّل- عند مضاهاته بحصيلة الإدراك- أساس السيرورة المعرفيّة ([13])  ، بمعنى أنها تعتمد على الطبيعة الثقافية الاستعمالية لها ، لذلك فهي تحتاج إلى شروط ([14])  :

  • على الثقافة أن تحدد الموضوعات التي يمكن التعرف عليها استنادا إلى خصائص أو سمات للتعرف ، لا يمكننا خلق علامة أيقونية من موضوع غير معروف
  • يجب أن يكون هنا عرف ثان ( من نوع طباعي ) يقيم تطابقا بين بعض الأدوات الطباعية وبين بعض الخصائص وبعض خصائص التعرف على الموضوع .
  • يجب أن يقوم هذا العرف أيضا بإقامة صيغ لاستنساخ التطابقات المدركة بين سمات التعرف والسمات الطباعية .

وبهذا المعنى قد “أدخل مع فكرة الشفرة فكرة العرف والاتفاق المجتمعيّ من جهة، وفكرة الإواليّة التي تتحكّم فيها قواعد من جهة أخرى([15])  “أي إنها “خطابا خاضعا في تدليله للتواضع الإنساني وللموسوعة الإدراكية للمتخاطبين “([16]) ، فاللغة البصريّة تكون ” بالغة التعقيد تتطلب دائما المقام التّواصلي الذي ولدت فيه استنادا إلى مكوناتها الرئيسة : العلامة التّشكيليّة أو ما يعود إلى الثقافة ، والعلامة الأيقونية أو ما يؤول إلى الطبيعة” ([17]) ، بمعنى أن” الرسالة البصريّة تستند من أجل إنتاج معانيها ، إلى المعطيات التي يوفرها التمثيل الأيقوني كإنتاج بصري لموجودات طبيعية تامة ( وجوه، أجسام، حيوانات، أشياء من الطبيعة … ) وتستند من جهة ثانية إلى معطيات من طبيعة أخرى … ويتعلق الأمر بما يطلق عليه التمثيل التشكيلي للحالات الإنسانيّة، أي العلامة التّشكيليّة : الأشكال، والخطوط ، والألوان ، والتّركيب … “([18])، فنحن ” نؤول العلامة التي يعطى جزء منها بوصفها تدل على شيء ما غير نفسها “([19]) .

وخلاصة  ما ذكر ينبغي لمعرفة العلامة البصريّة وجود معرفة مسبقة بها محفوظة في الذّهن لكي يُتعرف عليها وفهمها، وإدراكها وهذا ما أطلق عليه أمبرتو إيكو ( النّموذج الإدراكيّ أو سنن التّعرف) “إن العلامة إذًا؛ تحيل إلى أنموذج إدراكيّ يحمل كل السّمات الضروريّة للشيء مبنية سالفًا عبر العمليات الذّهنيةّ نفسها التي تتم بناء المدرك في استقلال عن المادة (النّسخة) “ ([20])، ويكون دوره وسيطًا إلزاميًّا بين العلامة والمرجع ، وأنّ التّشابه يقع بين العلامة وذلك النّموذج الإدراكيّ وليس بين العلامة والمرجع أي بين الصورة الذّهنيّة والمرجع الثقافيّ ([21]) .

استعمل النّص القرآنيّ هذا النّوع من العلامات في كثير من الآيات القرآنيّة؛ لما تتصف به من صفات جعلها تتميز عن غيرها من العلامات الآخر؛ لوضوح معانيها – في أغلب الأحيان – الأمر الذي ” يؤدي إلى اتساع دائرة المتلقين الذين يتفاعلون من دلالة الصورة … كما تمنح المتلقين فضاءً تأمليًّا يتسع لكل الأحداث التي تعبّر عنها، وتستوعب الأطياف الوجدانيّة التي تنجم عن تفاعل المتلقيّ معها “([22])، وقد يعرض النّص القرآنيّ هذه العلامات مجملة أو قد يفصل فيها، فيذكر بعض ما يحصل عليه الإنسان بحسب ما يقتضيه السّياق .

إنّ العلامة البصريّة تستمد معناها من العالم الواقعيّ ( النّاس، واللباس، والوضع العائليّ، والألوان، وصور التّرف، وصور العذاب و… ) لكنّها تمتلك بعدًا رمزيًّا إضافيًّا لا يقف عند هذه الدّلالة أو تلك إلا من أجل تجاوزها” ([23]) لتكون علامات أوليّة يرتكز عليها التّأويل لتكون موضوعات وأحداث([24]) ؛ لذلك نجد العلامات البصريّة التي تبين صور العذاب أو النّعيم تستمد قوتها من الموجودات أولًا ثم ما تفرضه إكراهات الثقافة، والمجتمع والاقتصاد وطبيعة النفس البشرية .

من آيات النّعيم والعذاب التي جاءت بطريقة الإجمال قوله تعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (130) وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (131) وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (132) وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133﴾ (سورة ال عمران 130 – 133 ) .

تتحدد العلامة البصريّة في (النار، الجنة)، وقد استند النّص إلى أسلوب التقابل بينهما، فالنار يحصل عليها الفرد نتيجة الكفر، والجنة يحصل عليها بالإيمان والتقوى، أيّ ﴿ كما أعدت النّار للكافرين ﴾ ([25]) أعدت الجنة للمتقين فقد﴾ اختط أمام المتلقي سبيلين ليختار منهما بنفسه، فيكون عالما بنتيجته قبل وقوعه﴾ ([26]) .

الربا            طريق             الكفر    النتيجة نار

طاعة          طريق              التقوى   النتيجة جنة

لقد انطلق ذهننا في بناء تصور عن الجنة من ثوابت نعرفها، وهي محيطة بنا تتمثل بموجودات كونيّة ( السّماوات والأرض ) فلا أحد يستطيع إنكار مدى كبر حجمهما لتكون وسيلة للمقابلة بينهما وبين حجم الجنة ([27]) أيّ إنّنا ” نبني تصورًا عن شيء بالاستعانة بشيء آخر قريب من إدراكنا، وفهمنا بغرض البيان والتوضيح والإيضاح “ ([28])، فنجد النّص الكريم شبه عرض الجنة بأنها ” كعرض السّماوات والأرض إذ ضم بعضهما إلى بعض ، وجمال التّشبيه هنا يمتاز بإظهار المغيب بصورة المعروف القريب”([29]) .

هذه العلامة التي حددها النّص القرآنيّ، قد انطلقت من عادة العرب في التمثيل أيّ استندت على سنن ثقافيّة واجتماعيّة سائدة ” فذكر السّماوات والأرض جارٍ على طريقة العرب في تمثيل شدة الاتساع “ ([30]) ، وهذا ” لغرض وصفها بالسّعة والبسطة، فشبهت بأوسع ما علمه النّاس من خلقه وأبسطه “([31]) فكلاهما أكبر من أن يحيطهما إنسان بنظره كونهما أوسع من مداره وبهذا ” تتجلى عظمة الخالق وعلمه بخلقه وقدرتهم الذّهنيّة، وإمكانيتهم العقلية في اختيار –  العلامتين البصريتين ( السّماوات والأرض ) – للدّلالة على مساحة شيء غيبي وهي الجنة”([32])  .

نلحظ في قوله تعالى: ﴿ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (24) وَبَشِّرْ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهاً وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (25)﴾( البقرة 24 – 25 ) مجموعة من العلامات البصريّة للعذاب تتحدد ب ( النّار، الوقود، الحجارة ) وأخرى تعبر عن النّعيم تتمثل ب(جنات، والأنهار، والثّمر) ، فكل علامة منها معروفة عند المتلقيّ، وضمن واقعه المعيش وفرض عليها إكراهات حياته وثقافته ومجتمعه.

لقد جمع النّص بين عالمين أحدهما: موجود  والآخر مستقبليّ لكنّه يعتمد على الأول في مكان الاستقرار فيه، فيكون وجوده في العالم الثاني نتيجة لما يفعله في العالم الأول إمّا ( نار خالدًا فيها، أو جنة خالدًا فيها).

أول ما يلحظ في هذا النّص استناده إلى أسلوب التقابل إذ قابل ضمنيًّا بين عوالم الكون الكبرى ( الدّنيا، والآخرة ) ثم قابل بين مصيريّ فئتين مختلفتين (الكافرين، والمتقين )([33])، فعرض جانبين متناقضين، أحدهما يخافه الإنسان ويحذره ( دخول النار)، والآخر يرغب به ويريده ( جنات )، وقد عمد النّص إلى بيان بصورة مجملة بعض موجودات الجانب الثانيّ ؛ لعناية المتلقيّ به لأجل جذبه له، بينما جعل الأول مجملًا وأعطى له تلميحًا مخيفًا عنه إذ بيّن أن تلك العلامة وقودها منكم أيها البّشر ومن الحجارة ؛ أيّ بيّن وسيلة اشتعالها، ليجعل الذّهن بعد ذلك يتخيل مدى الرعب الناتج عنها، ويتصور ما يمكن أن يصيبه  فيحاول أن يستوعب كل الصّور المخيفة الأخرى، مستندًا في تفصيلها  وفهمها إلى علاماتها الإيحائيّة التي تحوي صورّا مختلفة، ومعانٍ كثيرة مختزلة في دلالاتها التّشكيليّة ” فالأمر يتعلق بعلامات تحيل على موضوع من خلال الكشف عن جزء من أجزائه “([34]) .

مثلت العلامات الدّالة على النعيم  وسيلة من وسائل الإقناع من خلال التّرغيب بوصفه عاملًا محفزًا لتحقيق ما يريده المرسل من المتلقي([35])، و الوعد بما ترغب به النفس البشرية بامتلاك الأشياء من جانب ، والسعي للحصول على الراحة والاستقرار، بل والتّرف من جانب آخر .

إنّ وجود العلامة البصريّة (جنات) تشير إلى صورتها الحقيقية من جهة، وما يوجد داخلها من موجودات من جهة أخرى، وما يتمناه الإنسان ويسعى جاهدًا في حياته للحصول عليه من جهة ثالثة ” فالجنة المكان الذي تكاثرت أشجاره والتفّ بعضه ببعض حتى كثر ظلها، وذلك من وسائل التنعم والترفه عند البشر قاطبة ولاسيما بلد تغلب عليه الحرارة كبلاد العرب” ([36]) ، وبذلك تأخذ العلامة قوتها بوساطة مناسبتها للمكان الذي نزل فيه النّص القرآنيّ فضلًا عن مناسبتها للطبيعة البشريّة بصورة عامة، إلا أنّ الله تعالى قد اقتصر بذكرها كونها توحي بداهةً إلى ما تحويه من تلك النّعم وفي الوقت نفسه اختص بذكر العلامتين البصريتين (الأنهار، والثمر) ليرمز لوجود الحركة والتكرار والحياة داخلها من خلال جريان الأنهار وتنوع الثّمر فضلًا عن عنصر الجمال الذي يوحي به هذا المشهد، ” فأكمل محاسن الجنات جريان المياه من خلالها وذلك شيء اجتمع البشر كلهم على أنّه من أنفس المناظر، لأنّ في الماء طبيعة الحياة ولأنّ النّاظر يرى منظرًا بديعًا وشيئًا لذيذًا” ([37])، وهي صورة تشترك بها جميع الثقافات([38])، فارتكزت العلامة البصريّة هنا على الحالة النّفسيّة للمتلقي بالاستناد إلى ما يريد، ” فالنّص يحمل في طياته عدد من المكونات التي لا يمكن الوعي بها إلا بالرجوع إلى مراجعها وروافدها ومن المكونات المهمّة هو المكون النّفسيّ أو القصديّ” ([39]) الذي يعمل على التأثير في ذلك الشّخص الأمر الذي يسهل عملية أقناعه.

أما في قوله تعالى : ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً (30) أُوْلَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ الأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَاباً خُضْراً مِنْ سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً﴾ (31)  (سورة الكهف 30، 31 )، وقوله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ (23) ﴾ (سورة الحج 23)، فنجد تفصيل في بعض الجوانب إذ تحدد العلامة البصريّة في (جنات، الأنهار، أساور من ذهب، ثياب خضر من سندس واستبرق، الأرائك، واللؤلؤ، واللباس الحرير).

يتصف الإنسان بالطابع الماديّ، فلغرض تحقيق التّواصل معه وإقناعه بتغيير رأيه أو جعله يتبع شيء معين يحدث في المستقبل ينبغي اللجوء إلى علامات تجعله يصدق أو يؤمن بحدوث ذلك الشيء، ويجري ذلك بالاستناد إلى موجودات واقعه المعيش – الذي يراه أمامه – وتجميله له ، ” فإنّ التّواصل بين العالمين يتحدد من خلال النمذجة التي تسمح لنا بالانتقال من العالم الأول (العالم الواقعي) إلى العالم الثاني – الآخروي – وفق قواعد تخلق سلسلة من السّياقات المحددة زمانيا ومكانيًّا” ([40]) .

المكان           جنات.

اللباس            حرير .

الزينة            ذهب ولؤلؤ.

السّكون النّفسيّ                    جنات تجري من تحتها الأنهار.

الجلوس             الاتكاء على الأرائك .

فكان النّص اقناعيًّا إذ راعى في تلك علاماته :

  • البيئة المناسبة للمتلقيّ .
  • ما يحتاج إليه المتلقيّ .
  • ما يرغب بالحصول عليه .
  • ما يخافه المتلقي ويحذره .

ويفصل تعالى في العلامات البصريّة الموجودة في الجنة بقوله: ﴿ مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ (15) ﴾ ( سورة محمد 15 ) فتحدد العلامة البصريّة الدالة على النعيم في ( الجنة، أنهار،( الماء، واللبن، والخمر، والعسل )، الثّمرات ) والعلامات الدّالة على العذاب ( النّار، ماء حميم ) ومن الملاحظ أن النّص القرآنيّ قد جعل المأكل عام وفصل في ذكر الشراب.

نستطيع أن نوضح ذلك عبر المخطط الآتي :

 

الجنة      المشرب    أنهار               ماء

لبن

خمر

عسل

المأكل

 

من كل الثمرات

 

النار                المشرب ماء حميم

 

صورت لنا هذه العلامات مشهدًا ” يعج بحركة متلونة ترسمها تدفق أنهار متنوعة، والحركة من بين مثيرات الانتباه المهمّة في المجال البصريّ، فمهما كانت حالة الاستغراق الذّهنيّ التي يعيشها الفرد ، فمن المؤكد أن تستثيره أي حركة يدركها مهما كانت درجة بساطتها “([41]) فالحركة تمنحه الحياة من جانب والمتعة والجمال من جانب آخر.

تشترك العلامة البصريّة مع العلامة اللمسيّة والذّوقيّة في بيان شراب أهل النّار بقوله: ( ماء حميم ) في قوله تعالى: ﴿ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ (15) ﴾ (سورة محمد 15 ) ، وذكر في موضع آخر: ﴿وَقُلْ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقاً (29) ﴾، فتحدد العلامة البصريّة في ( النار، والسّرادق، والماء كالمهل)، والأكل يكون من شجرة الزقوم ، كما في قوله تعالى : ﴿لآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ (52) فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ (53) فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنْ الْحَمِيمِ (54) فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ (55) ﴾ ( سورة الواقعة 52 – 55 )، فاستندت هذه العلامة إلى شيء مدرك بالبصر ومعروف عند المتلقي ؛(الشّجرة ) مع مدرك ثقافيّ يعتمد في تحديده على خيال الفرد، وبيئته (الزقوم) ، لتكوّن صورة مركبة تسعى لتوجيه المتلقي لتفاديها عن طريق اختيار ضدها (صور النعيم) ، فهي بهذا علامة بصريّة تخيليّة تبدأ من الموجود في عالم الواقع، فيزيد عليها الفرد أو ينقص منها، أو يعدل فيها ؛ وليشكل صورتها النهائيّة ([42])، وطبيعة السّكن يكون في ﴿عَلَيْهِمْ نَارٌ مُؤْصَدَةٌ (20) ﴾ (سورة البلد 20 )، فالعلامة البصريّة هنا (نار مؤصدة) وهي صورة بصرية تمثل حالة الانغلاق والحبس، كون أبوابها مقفلة ومطبقة ([43]) بمعنى ” مغلقة لا منفذ لها ولا مخرج منها ” ([44]) ، ولتمثيل سوء وضعهم وزيادة حال الاختناق قال عليهم، ولم يقل فوقهم ؛ “لأنّ الفوقية تحمل البعد وعدم الملاصقة ، بخلاف “عليهم” التي تفيد الإطباق المباشر” ([45]) ، ونراه أيضًا قدم (عليهم ) على (مؤصدة) ؛” للاهتمام بتعلق الغلق عليهم تعجيلا للترّهيب”([46])، أمّا حالهم ولباسهم فقد بينه تعالى في قوله: ﴿وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الأَصْفَادِ (49) سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمْ النَّارُ (50) لِيَجْزِيَ اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (51) ﴾ ( سورة إبراهيم 49 – 51 )، فالعلامة هنا (الأصفاد، وقطران، والنّار)، وقوله تعالى: ﴿ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلاسِلًا وَأَغْلالًا وَسَعِيرًا (4) ﴾، فالعلامة البصريّة تمثلت في ( سلاسل، وأغلال، وسعير) إذ صورت تقييد الحرية والحركة داخل النّار، ويبين قوله تعالى : ﴿وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ (41) فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ (42) وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ (43) لا بَارِدٍ وَلا كَرِيمٍ (44) ﴾ (سورة الواقعة 41 – 44 ) طبيعة الجو الموجود في النار إذ “تضمنت هذه الآية ما يتبرد به الإنسان في الدّنيا من الكرب والحر، وهو ثلاثة أنواع : (الماء، والهواء، والظل) ، فهواء جهنم السموم، وهو الريح الشديدة الحر، وماؤها الحميم الذي قد اشتد حره وظلها اليحموم، وهو قطع دخانها”([47]) .

 

 

النار               المشرب     ماء الحميم               النتيجة  تقطع أمعاءهم

المأكل    شجرة الزقوم               النتيجة مالئون منها البطون

اللباس       قطران

 

وضعهم      مقرنون في الأصفاد

 

مثلت الصور البصريّة (ماء حميم، سرابيل القطران، والأصفاد، وسلاسل، وأغلال، وسعير ، و ….) جانبًا يجسد معاناة وذلًا غير متناهٍ،  فهذه المرئيّات ترتبط بنماذج واقعيّة تتعلق بالحبس مثلا والعذاب والتّعب “والنار المسعرة الملهبة”([48])، فهذه الصور لا تسكن العين إنما تستقر في الوجدان وتمده بما يقلقه ([49]) وتجعله يخشى الوقوع في ذلك .

ويزيد التفصيل في قوله تعالى :﴿وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (10) أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (11) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (12) ثُلَّةٌ مِنْ الأَوَّلِينَ (13) وَقَلِيلٌ مِنْ الآخِرِينَ (14) عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ (15) مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ (16) يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ (17) بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ (18) لا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلا يُنزِفُونَ (19) وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ (20) وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ (21) وَحُورٌ عِينٌ (22) كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ (23) جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (24) لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلا تَأْثِيماً (25) إِلاَّ قِيلاً سَلامًا سَلامًا (26) وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ (27) فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ (28) وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ (29) وَظِلٍّ مَمْدُودٍ (30) وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ (31) وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ (32) لا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ (33) وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ (34) إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاءً (35) فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَاراً (36) عُرُباً أَتْرَاباً (37) لأَصْحَابِ الْيَمِينِ (38) ثُلَّةٌ مِنْ الأَوَّلِينَ(39) وَثُلَّةٌ مِنْ الآخِرِينَ (40) ﴾ ( سورة الواقعة 10 – 40 ) وقد قسم أول الأمر أصحاب الجنة على قسمين، كل قسم يتمتع بنوع من الأشياء والامتيازات التي وضحها بشكل علامات بصريّة.

السّابقون([50])        ( جنات، وسرر موضونة، والاتكاء والتّقابل، وولدان، وأكواب، وأباريق، وكأس،  وفاكهة، ولحم طير، وحور عين، ولؤلؤ)، فكلّ هذه موجودة ومعلومة عند النّاس ومشهورة كونها من وسائل التّرف والغنى في الدنيا.

صور النّص حياة متكاملة ومثالية تتشابه في بعض علامات الراحة الماديّة فيها مع علامات الواقع (جنة، وسرر، والأرائك، وظلال دانية، وقطوف مذللة، وأكواب، أباريق، وكأس ، وولدان ، ولؤلؤ ، فاكهة … )؛ ليتجاوز بها حقيقة هذه الأشياء إذ يبتعد عما يحيل إليه مرجعها الفعليّ إلى ما يمكن أن يحصل عليه امتلاكها من الغنى والراحة ، ويتجاوزه أيضًا إلى الرّخاء ،والرفاهية المطلقة والتّامة بكلّ جوانبها من تهيأة الجو المناسب وأدوات الخدمة وغيرها، يجتمع عليه متلقوالنّص([51]) .

أصحاب اليمين([52])      ( سدر مخضود، وطلح منضود، وظل ممدود، وماء مسكوب، وفاكهة).

فهذه علامات تبيّن نعيمًا ماديًّا محسوسًا منطلقًا من مفهوم البداوة عن النّعيم عبر البحث عن ما يشغل حياتهم وتسهيله له، فيلبي حاجاتهم ويشبع أفكارهم وأحاسيسهم حسبما تبلغ مداركهم وتجاربهم من تصور النّعيم، فالسدر المخضود هو النّبق الشّائك المنزوع شوكه، والطلح المنضود هو شجر حجازي يحوي الشّوك، وماء مسكوب سهل الحصول عليه([53]) “وتلك جميعًا من مراتع البدوي ومناعمه، كما يطمح إليها خياله وتهتف بها أشواقه”([54])، فضلًا عن ذلك تتصف هذه العلامات بتعلقها ببعضها” فثمة ارتباط شديد بينها وتلازم نلحظه فيما بين الأشجار ونتاجها من الثّمار اليانعة، أو ما تخلفه من الظلال الوارفة وهما أهم ما يطلبه الناس منها “([55])  .

فالعلامات السّابقة تعرض جانبين مختلفين، الأول: يمثل التخويف، والثاني: التّرغيب، وكِلا الجانبين استند إلى موجودات واقعيّة يعرفها الإنسان، ويمكن أن يعيشها في الدنيا ليصور لنا عالمًا آخر موجود وسنعيشه، فبيّن ذلك العالم الغيبيّ المستقبليّ عبر موجودات العالم المعيش ” فنحن نستعير الشيء المنظور ( كل ما نراه في الطبيعة ) لفهم ما لم نره من قبل من أحداث وأحاسيس و أنشطة وأفكار “([56]) .

استندت النّصوص السّابقة إلى جمع كل عناصر بناء الصورة البصريّة من صوت، ولون ، وحركة، وأحداث، ثم وظفت لبيان وشرح أحداث لم ترَ بعد؛ إذ نلحظها جُسِدت في أشكال ماديّة قريبة لفهم النّاس لتعبر عن معانٍ مهمة وحقيقية لشيء ماديّ، كالجنة وموجوداتها، والنار وموجوداتها أو شيء معنوي كالمتع النفسية في الجنة والذل والعذاب في النار([57]) .

الخاتمة

1 – جمع القرآن الكريم بين العلامات الماديّة البصريّة والمعنويّة لوصف حالات النّعيم أو العذاب .

2 – استند النّص القرآنيّ الكريم إلى تصور الإنسان عن النّعيم، أو العذاب عبر علامات بصريّة موجودة في محيطه وقريبة منه.

3 – ربط النّص القرآنيّ بين الأشياء الموجودة في الحقيقة، والأشياء المتخيلة لبيان ما يوجد في النّعيم أو العذاب .

3 – استند النّص القرآنيّ إلى شفرات عرفيّة وطبيعيّة (كونية)

 

الهوامش      

[1] – أستاذ في كلية الآداب، قسم اللغة العربية، العراق، جامعة الكوفة  Khalid.alhasnawi@uokufa.iq

[2] – أستاذ في كلية الآداب، قسم اللغة العربية، العراق، جامعة الكوفةzinaonlin@gmail.com

[1]– كلينكنبرغ ، الوجيز في السيميائيات العامة ، 2015 : 27 .

[2]– هيلمسليف ، مداخل لنظرية اللغة ، ، ترجمة : يوسف إسكندر ، مراجعة : حسن ناظم ، 2018 : 67.

[3]– المصدر نفسه : 69.

[4]– عامر ، طارق عبد الرؤوف ، والمصري ، إيهاب عيسى، التفكير البصري مفهومه ، مهاراته ، استراتيجيته ، 2016 : 61 .

[5]– ينظر : توسان ، ما هي السيميولوجيا ، 2000 : 21 – 23 ، و إيكو ، إمبرتو ، العلامة تحليل المفهوم وتاريخه ،: 80 ، 81 .

[6]– الشيخ ، سمير ، أوديسا الرمز دراسات في الكون السيميائي ، 2018 : 37 .

[7]– المصدر نفسه : 37 .

[8]– العابد ، عبد المجيد ، السيميائيات البصرية قضايا العلامة والرسالة البصرية ، 2013  : 7 ، 19

[9]– حمداوي ،جميل ،  السيميولوجيا بين النظرية والتطبيق ، 2011 : 368 .

[10]– ينظر : حمداوي ، جميل ، من الحجاج إلى البلاغة الجديدة  ، 2014 : 92 ، 93 .

[11]– غويتي  ، الصورة المكونات والتأويل ، ترجمة : سعيد بنكراد : 4 .

[12]– العلامة تحليل المفهوم وتاريخه : 97 ، 98 .

[13]– جولي ، مارتين ، كيف يأتي المعنى إلى الصورة ، ترجمة : محمد معتصم ، 2000  :  1 .

[14]– العلامة تحليل المفهوم وتاريخه : 98 .

[15]– كيف يأتي المعنى إلى الصورة : 1

[16]– السيميائيات البصرية قضايا العلامة والرسالة البصرية : 16 .

[17]– المصدر نفسه : 16  .

[18]– ثاني ، قدور عبد الله ، سيميائية الصورة مغامرة سيميائية في أشهر الإرساليات البصرية في العالم : 34 ، 35 .

[19]–  أوغدن و رتشاردز ، معنى المعنى دراسة لأثر اللغة في الفكر ولعلم الرمزية  ، قدم له وترجمه : كيان أحمد حازم يحيى : 167  .

[20]– السيميائيات البصرية قضايا العلامة والرسالة البصرية : 30 .

[21]– يخلف ، فايزة ، ينظر : الصورة بين التعبير البصري وشمولية الظاهرة الإدراكية : 349 ، 350  .

[22]– عتيق ، عمر ، ثقافة الصورة دراسة أسلوبية : 3   .

[23]– بنكراد ، سعيد ، وهج المعاني سيميائيات الأنساق الثقافية ، 2013 : 170    .

[24]– ينظر : أوغدن ورتشاردز ، معنى المعنى دراسة لأثر اللغة في الفكر ولعلم الرمزية  : 168 – 170  .

[25]– ابن كثير ، تفسير القرآن العظيم ، 1999 : 3 / 183 .

[26]– الحسناوي ، خالد توفيق مزعل ، الأنساق الأسلوبية المهيمنة على السورة القرآنية دراسة تطبيقية على السور المكية  ، 2012 : 239  .

[27]– ينظر : أحمد ، عطية سليمان ،  الاستعارة القرآنية في ضوء النظرية المعرفية ( النموذج الشبكي ، البنية التصويرية ، النظرية العرفانية) ، 2014 : 157  .

[28]– المصدر نفسه : 157 .

[29]–  محمد ، خالد ، آيات النعيم الأخروي في القرآن الكريم ( دراسة بلاغية تحليلية ) ، ( أطروحة دكتوراه ) ، 1429 : 246

[30]– ابن عاشور ،  تفسير التحرير والتنوير ، 1984 : 4 / 89  .

[31]– الزمخشري ، الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل ، 1998  : 1/ 626، 627  .

[32]-الاستعارة القرآنية في ضوء النظرية المعرفية ( النموذج الشبكي ، البنية التصويرية ، النظرية العرفانية ) : 157.

[33]– ينظر : الأنساق الأسلوبية المهيمنة على السورة القرآنية دراسة تطبيقية على السور المكية : 237 .

[34]– العلامة تحليل المفهوم وتاريخه : 97 .

[35]– حبيب ، راكان عبد الكريم  ، هندسة الإقناع في الاتصال الإنساني ،  2009 : 86  .

[36]– تفسير التحرير والتنوير : 1 / 353 .

[37]– المصدر نفسه : 1 / 354 .

[38]– ينظر : ميلز ، هاري ، فن الإقناع كيف تسترعي انتباه الآخرين وتغير آراءهم وتؤثر فيهم ، 2001  : 86  .

[39]– الأمين ، محمد ولد سالم ،  حجاجية التأويل ، 2003 : 34

[40])- بنكراد ، سعيد ، النص السردي نحو سيميائيات للأيديولوجيا ، 1996 : 35  .

[41]– آيات النعيم الأخروي في القرآن الكريم : 273 .

[42]– ينظر : قطب ، محمد ، دراسات في النفس الإنسانية ، 1993: 115 ، وكاظم ، لواء حميزة ، العلامة في القصص القرآني – دراسة تفسيرية – 2016 : 78 ، و الأعسم ، زينة عباس ، العلامات البصرية في النص القرآني ( دراسة سيميائية ) : 42 .

[43]– ينظر : الطوسي ، التبيان في تفسير القرآن : 10 / 356 ، و التحرير والتنوير : 30 / 363 .

[44])- بنت الشاطئ ، عائشة ، التفسير البياني للقرآن الكريم ، 1990  : 1 / 190 .

[45]– المصدر نفسه : 1 / 191.

[46]– التحرير والتنوير  : 30 / 363 .

[47]–  عويضة ، محمد نصر الدين محمد  ، فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب  : 3 / 38 .

[48]– التبيان في تفسير القرآن : 10 / 208  .

[49]– بنكراد ، سعيد ، تجليات الصورة سيميائيات الأنساق البصرية ، 2019  : 46 .

[50]– (( السابقون  )) ، (( معناه الذين سبقوا إلى اتباع الأنبياء فصاروا أئمة الهدى ، وقيل السابقون إلى طاعة الله السابقون إلى رحمته ، والسابقون إلى الخير … )) ، التبيان في تفسير القرآن : 9 / 490  .

[51]– الأعسم ، زينة عباس ، العلامات الصرية في النص القرآني ، 2021 : 128 .

[52]– (( أصحاب اليمين )) قيل في معناه ثلاثة أقوال :

  • الذين يأخذون كتبهم بأيمانهم
  • الذين يؤخذ بهم ذات اليمين إلى الجنة
  • أصحاب اليمن والبركة .

التبيان في تفسير القرآن : 9 / 496 .

[53]– ينظر : قطب ، سيد ، في ظلال القرآن ، 2003  : 27 / 3464  .

[54]– ينظر : التبيان في تفسير القرآن : 10 / 356 ، و التحرير والتنوير : 30 / 363 .

[55]– آيات النعيم الأخروي في القرآن الكريم دراسة بلاغية تحليلية : 298.

[56]– أحمد ، عطية سليمان ، الاستعارة القرآنية والنظرية العرفانية : 45  .

[57]– الاستعارة القرآنية في ضوء النظرية المعرفية ( النموذج الشبكي ، البنية التصورية ، النظرية العرفانية ) : 156 .

المصادر

  • القرآن الكريم
  • ابن عاشور ، محمد طاهر ، 1984 م ، تفسير التحرير والتنوير ، الدار التونسية للنشر   .
  • ابن كثير ، عماد الدين أبو الفداء إسماعيل ، 1999 ، تفسير القرآن العظيم ، ط2 ، دار طيبة  .
  • أحمد ، عطية سليمان ، 2014م ، الاستعارة القرآنية في ضوء النظرية المعرفية (النموذج الشبكي ، البنية التصويرية ، النظرية العرفانية ) ، الأكاديمية الحديثة للكتاب الجامعي .
  • أحمد ، عطية سليمان ، الاستعارة القرآنية والنظرية العرفانية   .
  • الأعسم ، زينة عباس فاضل ، 2021 م ، العلامات البصرية في النص القرآني ( دراسة سيميائية) ، كلية الآداب ، جامعة الكوفة ، العراق  .
  • الأمين ، محمد ولد سالم ، 2003 ، حجاجية التأويل في البلاغة المعاصرة ، كتاب فضاءات
  • أوغدن ورتشاردز، 2015 م، معنى المعنى دراسة لأثر اللغة في الفكر ولعلم الرمزية، قدم له وترجمه : كيان أحمد حازم يحيى ، ط1 ، دار الكتاب الجديد المتحدة .
  • إيكو ، إمبرتو، 2007 م، العلامة تحليل المفهوم وتاريخه، ترجمة: سعيد بنكراد ، ط1 ، كلمة والمركز الثقافي العربي للنشر والتوزيع .
  • بنت الشاطئ ، عائشة، 1990، التفسير البياني للقرآن الكريم، ط7، دار المعارف .
  • بنكراد، سعيد، 2013، وهج المعاني سيميائيات الأنساق الثقافيّة، ط1، المركز الثقافيّ العربيّ
  • بنكراد ، سعيد، 1996، النّص السردي نحو سيميائيات للأيديولوجيّا، ط 1 ، دار الأمان، الرباط .
  • بنكراد، سعيد ،2019 م ، تجليات الصورة سيميائيات الأنساق البصرية، ط1 ، المركز الثقافي للكتاب للنشر والتوزيع .
  • توسان، برنار، 2000، ما هي السيميولوجيا، ترجمة: محمد نظيف ، ط2 ، أفريقيا الشرق .
  • ثاني ، قدور عبد الله، سيميائية الصورة مغامرة سيميائية في أشهر الإرساليات البصرية في العالم ، دار الغرب للنشر والتوزيع .
  • جولي، مارتين، 2000، “كيف يأتي المعنى إلى الصورة”، ترجمة: محمد معتصم، مجلة علامات، عدد 13.
  • حبيب، راكان عبد الكريم، 2009م ، هندسة الإقناع في الاتصال الإنساني، ط1، مكتبة دار جدة، ومكتبة دار زهران .
  • الحسناوي، خالد توفيق مزعل، 2012، “الأنساق الأسلوبية المهيمنة على السورة القرآنية دراسة تطبيقية على السور المكية “، كلية الآداب، جامعة الكوفة، العراق .
  • حمداوي، جميل، 2014 ، من الحجاج إلى البلاغة الجديدة ، ط1، أفريقيا الشرق .
  • حمداوي،جميل، 2011 ، السيميولوجيا بين النظرية والتطبيق، ط1، مطبعة الوراق للنشر والتوزيع  .
  • الشيخ، سمير، 2018، أوديسا الرمز دراسات في الكون السيميائي، ط1 ، الرافدين .
  • الطوسي، أبو جعفر محمد بن الحسن، التبيان في تفسير القرآن، دار إحياء التراث العربي .
  • العابد، عبد المجيد، 2013، السيميائيات البصرية قضايا العلامة والرسالة البصرية، ط1 ، محاكاة .
  • عامر، طارق عبد الرؤوف، والمصري، إيهاب عيسى، 2016، التفكير البصري مفهومه، مهاراته، استراتيجيته، المجموعة العربية للتدريب والنشر .
  • عتيق، عمر، 2011 ، ثقافة الصورة دراسة أسلوبيّة .
  • عويضة، محمد نصر الدين محمد، فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب  .
  • غويتي، غي، الصورة المكونات والتأويل، ترجمة : سعيد بنكراد ، المركز الثقافي العربي .
  • قطب، سيد، 2003 م،  في ظلال القرآن ، ط32 ، دار الشروق  .
  • قطب، محمد، 1993، دراسات في النفس الإنسانية ، ط10 ، دار الشروق .
  • كاظم، لواء حميزة، 2016، العلامة في القصص القرآني – دراسة تفسيرية – كلية الفقه ، جامعة الكوفة ، العراق .
  • كلينكنبرغ ، جان ماري، 2015 م، الوجيز في السيميائية العامة ، ترجمة : جمال حضري ، ط1 ، مجد للنشر .
  • محمد، خالد، 1429 ه، آيات النعيم الأخروي في القرآن الكريم ( دراسة بلاغية تحليلية ) ، ( أطروحة دكتوراه )، كلية اللغة العربية بالرياض، المملكة العربية السعودية .
  • ميلز، هاري، 2001، فن الإقناع كيف تسترعي انتباه الآخرين وتغير آراءهم وتؤثر فيهم ، ط1 ، مكتبة جرير   .
  • هيلمسليف، لويس، 2918، مداخل لنظرية اللغة،  ترجمة : يوسف اسكندر، مراجعة : حسن ناظم  ، دار الرافدين للنشر والتوزيع .
  • يخلف، فايزة، ينظر : الصورة بين التعبير البصري وشمولية الظاهرة الإدراكية  ، السيمياء والنص الأدبي / الملتقى السادس .
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

free porn https://evvivaporno.com/ website