foxy chick pleasures twat and gets licked and plowed in pov.sex kamerki
sampling a tough cock. fsiblog
free porn

تحركات الجملة الزمنيّة ضمن مستطيل الجملة الشّاملة وبيان ذلك دلاليَّا ونحويًّا وزمنيًّا

0

تحركات الجملة الزمنيّة ضمن مستطيل الجملة الشّاملة

وبيان ذلك دلاليَّا ونحويًّا وزمنيًّا

حمدو العوض([1])

ملخص البحث

تحركات الجملة الزمنيّة التي تبدأ بأحد ظرفي الزمان (إذا، لمَّا) ضمن مستطيل الجملة الشّاملة  (وبيان ذلك دلاليَّا و نحويًّا وزمنيًّا).

إنَّ الجملة الزمنيَّة التي تبدأ بظرف زمان تحتاج إلى جملة تتعلّق بها )الجملة الأساسيَّة) ويكونان معًا جملة شاملة، والأصل في الجملة الزمنيَّة التي تبدأ بأحد ظرفيّ الزمان «إذا أو لمَّا» أن تتقدَّم على الجملة الأساسيَّة المتعلّق بها، ولكن أحيانًا قد تتوسّط الجملة الأساسيَّة أو تتأخّر عنها، وهذا التغيير في موقع الجملة الزمنيَّة ليس اعتباطيَّا وإنّما لأداء معنى دلاليّ محدّد لا يمكن أن نحصل عليه إذا حملنا الجملة على الترتيب المألوف ،وقد ينتج عن هذا التغيير دلالة زمنيَّة مختلفة عن الدلالة الناتجة عن الترتيب المألوف.

اتخذ الباحث من القرآن الكريم مادةً للبحث فرصد عددًا من الشواهد التي تغيَّر فيها موقع الجملة الزمنيَّة التي تبدأ بأحد الظرفين «إذا أو لمَّا» من متعلّقاتها محاولًا بيان الدلالات الناتجة عن تغيير موقع الجملة الزمنيَّة من الجملة المتعلّق بها.     

Abstract

Changing the place of the time phrase that begins with one of the two adverbs of time (then, when) within the whole sentence (and its indication semantically, grammatically, and chronologically).

The time phrase that begins with an adverb of time needs a sentence related to it (the main sentence), they both form a whole sentence. Basically, the time phrase that starts with one of the two adverbs of time “then and when” starts the main sentence that is related to it, however, the time phrase might come in the middle of the main sentence or after it, and this change in the location of the time phrase is not arbitrary. It’s rather to perform a specific semantic meaning that we cannot obtain if we keep the sentence on the familiar arrangement. This change may result in a different time indication than that of the indication in the familiar arrangement.

The researcher took the Holy Qur’an as a material for research and identified a number of evidences in which the position of the time phrase that begins with one of the two adverbs “then or when” has changed from its related contexts, trying to show the implications resulting from changing the position of the time phrase from the sentence related to it.

المقدمة

من المتعارف عليه نحويًّا أنّ الجملة تكون تامّة حين يتوفّر فيها الركنان الأساسيان: المسند إليه والمسند، غير أنّ هذه الجملة لا يكتمل معناها أحيانًا إلاّ إذا اشتملت على متعلّق به يكون إمّا أحد المفاعيل وإمّا أحد المنصوبات أو المجرورات أو الظرف.

من بين أكثر هذه المتعلّقات استعمالًا ومن أكثرها أهميّة لجهة العلاقة مع الجملة التّامة هي الجمل التي تبدأ بظرف زمان تليه جملة فعليّة وأحيانًا قليلة جملة اسميّة تكون مرتبطة بالجملة التّامة التي تصبح شاملة بتضمنها الجملة الظرفيّة أو الجملة الزمنيّة، وهذا ما يُسمى اصطلاحًا بالجملة الأساسيّة والجملة الثانويّة التي ليس من الضرورة أن تكون ثانويّة، بمعنى قليلة الأهميّة، بل غالبًا لا يكتمل المعنى إلاّ بها.

ومن أهم التغييرات البنيويَّة التي تطرأ على الجملة الشاملة المتضمنة جملة زمنيَّة «ظرفيّة» تبدأ بأحد ظرفي الزمان «إذا ،لمَّا» هو تغيير موقع الجملة الزمنيَّة من الجملة الأساسيَّة ،الأصل في موقع الجملة الزمنيَّة التي تبدأ بأحد الظرفين السابقين أن تسبق الجملة الأساسيَّة ،ولكن أحيانًا يتغيَّر موقعها فتتوسَّط الجملة الأساسيّة أو تتأخَّر عنها، وهذا التغيّر البنيويّ الكامن في تقديم أو توسّط أو تأخير الجملة الزمنيَّة ينتج عنه تغيّر معنويّ وأحيانًا يرافقه تغيّر في الدلالة الزمنيَّة ، عمل الباحث على رصد تحركات الجملة الزمنيَّة ضمن الجملة الشاملة لبيان الدلالات الناتجة عن تغيير موقعها واتخذ الباحث من القرآن الكريم مادةً للبحث. طالما أنَّ من أهم دلالات ظرفي الزمان (إذا، لمَّا) دلالتهما على الشرط ،فلا بدَّ من معرفة المعنى اللُّغويِّ والاصطلاحيِّ للشرط .

١- المعنى اللغويِّ

كلمة (شرط): جذرها المعجميّ (ش. ر. ط) يدور حول ثلاثة معانٍ:

١- سُمِّيَ ما عُلِّق به الجزاءُ شرطًا لأنَّه علامة على نزوله جاء في القاموس المحيط : «الشرط إلزام الشيء والتزامه في البيع ونحوه كالشريطة جمعُ شروط وفي المثل: الشرطُ أملكٌ عليك أمْ لك، ويزغ الحجام يُشرط، ويشرطُ فيهما، جمعُهُ أشراط، بالتحريك: العلامة»[2]

وجاءَ في أصول السّرخسيِّ: «ومِنه سمَّي أهلُ اللُّغة “إنْ” حرف الشرط من قول القائل لغيره: إنْ أكرمتني أكرمتك، فإنَّ قوله: أكرمتُك بصيغة الفعل الماضي، ولكن بقوله: «إنْ أكرمتني» يصير إكرام المخاطَب علامة لازمة لإكرام المخاطِب إياه، فكان شرطًا من هذا الوجه»[3].

٢- معنى الملازمة، فالشرط على معنيين، أحدهما: ما يتوقف عليه وجود الشيء فيمتنع من دونه، وثانيهما: ما يترتَّب وجوده عليه فيحصل عقبه، ولا يمتنع وجوده من دونه، وهو الذي يدخل عليه حرف الشرط.[4]

٣- معنى السببيَّة، يقول أبو البقاء: «ما يسميه النحاة شرطًا هو في المعنى سبب لوجود الجزاء، وهو الذي تسميه الفقهاء علّة ومقتضيًّا وموجبًا ونحو ذلك ،فالشرط اللفظي سببٌ معنويٌّ»[5].

٢- المعنى الاصطلاحيّ

لمَّا كان من معاني الشرط اللغويَّة «الملازمة»، وهي كلمة تدلُّ على المصاحبة مع الدوام وعلى الامتناع انفكاك الشيء على الشيء([6])، ارتبط هذا المعنى بالمعنى الاصطلاحيِّ النحويْ، يقول ابن يعيش: «والشرطُ إنَّما يكون بالمستقبل، لأنَّ معنى تعليق الشيء على شرط إنَّما هو وقوف دخوله في الوجود على دخول غيره في الوجود ولا يكون هذا المعنى فيما مضى»[7].        قال ابن مالك بعد تعداده لأدوات الشرط: «كلّ من الأدوات المذكورة يقتضي جملتين أولاهما ملزومة للثانية، تسمَّى الأولى شرطًا ،لأنَّ وجود الملزوم علامة على وجود اللازم، والشرط في اللغة العلامة، وتسمَّى الثانية جزاء وجوابًا، لأنَّها مُدّعَى فيها بأنَّها لازمة لما جُعِلَ شرطًا، كما يلزم في العرف الجواب للسؤال والجزاء للإساءة والإحسان ،فسمِّيت بذلك على الاستعارة والتشبيه»[8] والشرط عمومًا هو أن يقع الشيء لوقوع غيره[9]، وقد لا يرتبط الشرط والجزاء بعلاقة السببيَّة فلا يكون الأوّل سببٌ للثاني ولا العكس، يقول الرضيِّ في شرحه على الكافيَّة: «قد لا يكون مضمون الجزاء متعقبًا لمضمون الشرط، بل يكون مقارنًا له في الزمان نحو: إن كان هناك نارٌ كان احتراق وإن كان احتراق كان هناك نارٌ، لكن التعقب المذكور هو الأغلب»[10]، وجاء في حاشية الصِّبَّان: «الجزاء قسمان، أحدهما أن يكون مضمونه مسبَّبًا عن مضمون الشرط ،نحو إن جئتني أكرمتك، والثاني ألّا يكون مضمون الجزاء مسبَّبًا عن مضمون الشرط، إنَّما يكون الإخبار به مسبّبًا نحو:إنْ تكرمني فقد أكرمتك أمس، والمعنى: إن اعتددت عليَّ بإكرامك إيَّايَ فأنا أيضًا أعتدُّ عليك بإكرامي إيَّاك»[11]. وعرَّف الشريف الجرجانيّ الشرط بقوله: «الشرط تعليق شيء بشيء بحيث إذا وجدَ الأوَّل وجدَ الثاني، وقيل الشرطُ ما يتوقف عليه وجود الشيء ويكون خارجًا عن ماهيته ،ولا يكون مؤثرًا في وجوده ،وقيل الشرط ما يتوقف ثبوت الحكم عليه»[12]. ويُسمَّى جواب الشرط جزاءً ،قال أبو علي الفارسي: «الأحرف المجازاة “إنْ” مكسورة الهمزة المخففة تقول: إن تأتني آتك، وإن تذهب أذهب، وبمن تمرُرْ أمررْ به، فقولك: “تذهب” وما أشبهه من الفعل الذي يلي “إنْ” شرط، والجزاء قولك: أذهب وما أشبهه»[13].

تناول النّحاةُ والباحثون موضوع التّقديم والتّأخير بفيضٍ من البحث والتحليل لكن اقتصرت دراستهم على دراسة تقديم وتأخير المفردات ضمن الجملة الواحدة مثل تقديم المسند على المسند إليه والعكس، كتقديم المبتدأ على الخبر وتقديم الخبر على المبتدأ، ومثل تقديم المفعول به على الفعل والفاعل، وتقديم الجار والمجرور على ما يتعلقان به من فعل أو اسم مشتق، وتقديم الأسماء المعطوفة على بعضها البعض مثل تقديم السماوات على الأرض “السماوات والأرض” أو العكس”الأرض والسماوات” ضمن السّياق الذي يرِدان فيه. أمّا في ما يتعلّق بتقديم الجمل المترابطة ببعضها البعض، فقد تناول النّحاة والباحثون تقديم جملة جواب الشرط على أداة الشرط وعلى جملة فعل الشرط، لكن كان الغرض من هذه الدراسة معرفة: هل تعمل أداة الشرط في الجواب إذا تقدّم؟

رأى البصريون أنّ أداة الشرط لها حقُّ الصّدارة ولا تعمل في ما يتقدم عليها، ويحمل جواب الشّرط على الحذف، دلَّ عليه المذكور، أي الجملة السابقة للأداة.

ورأى بعض الكوفيون أنّ المتقدم هو جواب الشرط ولا حاجة إلى تقدير جواب، ولم يبحثوا في الأسباب والأغراض الدلاليّة الكامنة في هذا التقديم، وهذا الأمر لم يكن غائبًا عن فكر عبد القاهر الجرجانيّ، لكن لم يدرسه بشكلٍ خاص، وإنّما أشار إليه في سياق حديثه على أنّ النظم هو توخي معاني النحو، قال: “اعلم أنّ ليس “النظم” إلاّ أن تضع كلامك الوضع الذي يقتضيه “علم النحو” وتعمل على قوانينه وأصوله، وتعرف مناهجه التي نُهجتْ فلا تزيغُ عنها، وتحفظ الرسوم التي رسمت لك، فلا تخلُّ بشيءٍ منها. وذلك أنَّا لا نعلم شيئًا يبتغيه الناظم بنظمه غير أن ينظر في وجوه كلِّ باب وفروقه، فينظرُ في الخبر.. وفي الشرط والجزاء إلى الوجوه التي تراها في قولك: “إن تخرجْ أخرجْ” و”إن خرجتَ خرجتُ” و”إن تخرج فأنا خارج” و “أنا خارج إن خرجتَ” و”أنا إنْ خرجتَ خارجٌ”([14]). ما أشار إليه الإمام عبد القاهر الجرجانيّ كان المنارة التي أوحتْ للباحث ودفعته إلى دراسة موقع الجملة الزمنيّة من متعلقاتها لمعرفة الغرض الدّلاليّ والزّمنيّ الكامن في تقديم أو تأخير الجملة الزمنيّة، فلم يكن ذلك اعتباطًا وإنّما لتحقيق أغراض دلاليَّة مرادة . لقد رأى الدكتور فاضل صالح السامرائيّ: أنَّ «في العربيَّة مساحة واسعة للتعبير عن المعاني، فلا يعبر عن المعنى بعبارة واحدة ولا بطريقة واحدة، بل يعبر عنه بعبارات عدَّة وبطرائق متعدّدة، وهذه العبارات لا تؤدي معنىً متماثلًا البتتة بل إنَّ كل عبارة تختلف عن معنى العبارة الأخرى شيئًا من الاختلاف قليلًا أو كثيرًا وإن كانت كلها يجمع بينها معنىً عامَّا»[15]. وكما قالوا: «زيادة المباني دليل على زيادة المعاني»نرى أنَّ اختلاف المباني دليل على اختلاف المعاني»[16].

وأرى أنَّ اختلاف موقع الجملة الزمنيَّة من متعلقاتها ليس أمرًا اعتباطيًّا وإنَّما ينتج عن كل تغيير دلالة معنويَّة مرادة:

فالجملة الشّاملة (لمَّا جئتَ جئتُ) ينتج عن تغيير موقع الجملة الزمنيَّة فيها صيغتان : لمَّا جئتَ

أ—– جئتُ —-ب

فإذا جعلنا الجملة الزمنيَّة (لمَّا جئتَ) في الفراغ أ، (لمَّا جئتَ جئتُ) نحصل على دلالة شرطيَّة + دلالة سببيَّة + دلالة زمنيَّة مفادها حصول الفعل الثاني بعد حصول الفعل الأول في الماضي.

أمَّا إذا جعلنا الجملة الزمنيَّة (لمَّا جئتَ) في الفراغ  (ب): (جئتُ لمَّا جئتَ ) نجد أنَّنا أمام دلالة زمنيَّة مفادها تزامن الفعلين في الماضي ،وسقطت الدلالتان الشرطيَّة والسببيَّة.

قال تعالى: ﴿إنَّهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلَّا اللَّه يستكبرون﴾[17]

الجملة الأساسيَّة: كانوا يستكبرون.

الجملة الزمنيَّة: إذا قيل لهم لا إله إلَّا اللَّه.

إذا تفكَّرنا في تغيير موقع الجملة الزمنيَّة من الجملة الأساسيَّة ؛أي تحرُّك الجملة الزمنيَّة أفقيًا ضمن الجملة الشاملة نجد نفسنا أمام ثلاث حالات تجسّد ثلاث صيغ تركيبيَّة لكلِّ صيغة دلالتها الخاصَّة، من دون إنكار وجود دلالة مشتركة تجمع الصيغ الثلاث. إذا قيل لهم لا إله إلّا الله

أ———-كانوا ——ب——يستكبرون ———-ج

إذا جعلنا الجملة الزمنيَّة في الفراغ (أ) نحصل على الصيغة التالية: إذا قيل لهم لا إله إلَّا اللَّه كانوا يستكبرون وهذه الصيغة تحمل دلالة زمنيَّة مستقبليَّة ،ودلالة شرطيَّة أي تعليق حكم الجواب ومعناه على حكم الشرط ومعناه وهذا المعنى غير مراد. أمَّا إذا وضعنا الجملة الزمنيَّة في الفراغ (ب): (كانوا إذا قبل لهم لاإله إلَّا اللَّه يستكبرون). كما في الآية الكريمة نجد نفسنا أمام الدلالات الآتية:

١- تقدُّم الفعل الناقص على الظرف(إذا) حوَّل الدلالة الزمنيَّة إلى الماضي.

۲- أصبح المعنى قائمًا على ذكر حال المشركين في الدنيا عندما يقال لهم لا إله إلَّا اللَّه.

۳- ترجح في الصيغة تجرُّد (إذا) من الشرط.

٤- اهتمام بالدلالة الزمنيَّة ناتجة عن توسّط الجملة الزمنيَّة بين (كان) واسمها وبين الجملة الواقعة خبرها. أمَّا إذا جعلنا الجملة الزمنيَّة في الفراغ (ج): كانوا يستكبرون إذا قيل لهم لا إله إلَّا اللَّه . نجد أنَّ هذه الصيغة لا يوجد فيها اهتمام وتركيز على الدّلالة الزمنيَّة.

١- دراسة موقع الجملة الزمنيّة التي تبدأ بالظرف “إذا” من متعلقاتها وبيان ذلك نحويًّا وزمنيًّا ودلاليَّا

الأصل في الجملة الزّمنيّة التي تبدأ بالظرف “إذا” أن تتقدَّم على الجملة التي تتعلّق بها وهذا التقدّم  ينتج عنه عدّة دلالات معنويّة ودلالة زمنيّة نوضحها في الشّاهد الآتي:

قال تعالى:﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ﴾[18].

الجملة الأساسيّة: قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ.

الجملة الزمنيّة: وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ. تقدّمت الجملة الزمنيّة، وحمل تقدّمها دلالات معنوية:

١- تقدُّم الجملة الزمنيّة جعلها تحمل دلالة شرطيّة، أي أنّها قيد لتحقق الجملة الأساسيّة المتعلّق بها.

٢- تقدّم الجملة الزمنيّة جعلها تحمل دلالة سببيّة، أيّ أنّ تحققها سبب لتحقق الجملة الأساسيّة المتعلّق بها. كما نتج عن تقدُّم الجملة الزمنيّة دلالة زمنيّة مفادها أنّ الجملة الزمنيّة سابقة زمنيًّا فالعلاقة الزمنيّة بين فعليّ الجملة الزمنيّة والجملة المرتبطة بها، في قولنا: “إذا درستَ نجحت” يحمل دلالة زمنيّة مفادها أنّ الفعل “درست” يحدث زمنيًّا قبل حدوث الفعل المتعلّق به “نجحت”، وقلّما تخرج الدلالة الزمنيّة لفعليّ الجملتين المترابطتين بالظرف “إذا” عن هذه الدلالة الزمنيّة ، لكن قد تتقدّم الجملة الأساسيّة على الجملة الزمنيّة، عمل الباحث تتبع هذه الجمل، ووجدَ أنّها تنقسم قسمين حسب نوع التقدُّم:

١- تقدُّمٌ كُلّيٌّ: أي أن تتقدُّم الجملة الأساسيّة بشكل كامل على الجملة الزمنيّة، وذلك نحو قوله تعالى: “أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ”([19]).

الجملة الأساسيّة:أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ.

الجملة الزمنيّة:إِذَا دَعَانِ.

٢- تقدُّم جزئيّ: نحو قوله تعالى:﴿كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ ٱلْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْرًا ٱلْوَصِيَّةُ لِلْوَٰلِدَيْنِ وَٱلْأَقْرَبِينَ بِٱلْمَعْرُوفِ ۖ حَقًّا عَلَى ٱلْمُتَّقِينَ﴾([20]).

الجملة الأساسيّة: كُتِبَ عَلَيْكُمْ ٱلْوَصِيَّةُ لِلْوَٰلِدَيْنِ وَٱلْأَقْرَبِينَ بِٱلْمَعْرُوفِ.

الجملة الزمنيّة: إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ ٱلْمَوْتُ.

تقدَّمت الجملة الأساسيّة بجزءٍ منها على الجملة الزمنيّة ” كتبَ عليكم” وتأخر جزءٌ “الوصّيةُ للوالدين والأقربين بالمعروف”، أي توسَّطت الجملة الزمنيّة بين ركنيّ الجملة الأساسيّة: بين الفعل المبنيّ للمجهول والجار والمجرور المتعلقين به وبين نائب الفاعل والجار والمجرور المتعلقيّن به، انطلاقًا ممّا ذَهَبَ إليه علماء اللّغة من السّلف الصّالح مثل عبد القاهر الجرجانيّ في كتابه: دلائل الإعجاز”، وممّا ذَهَبَ إليه علماء اللّغة في العصر الحديث مثل الأستاذ الدكتور فاضل صالح السّامرّائي في كتابه: “معاني النّحو” في أنّ لكلِّ تغيير يطرأ على اللغة من تقديم أو تأخير أو زيادة أو حذف له دلالة خاصة به أرى أنّ تقدُّم الجملة الأساسيّة على الجملة الزمنيّة يخرج لأغراض دلاليّة معنويّة وبلاغيّة، وقد ينتج عن هذا التقدُّم دلالة زمنيَّة لكن ليس كلُّ تقديم ينتج عنه اختلاف الدلالة الزمنيَّة فقد يكون الغرض منه دلاليًّا أو بلاغيًّا فقط.

دراسة تطبيقيَّة لتقدُّم الجملة الأساسيَّة تقدمًا كليَّا

قال تعالى: ﴿انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ﴾([21]).

الجملة الأساسيّة:انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ.

الجملة الزمنيّة: إِذَا أَثْمَرَ.

تأخّرت الجملة الزمنيّة عن الجملة الأساسيّة المتعلّق بها، وهذا التحوّل والتغيير في موقع الجملة الزمنيّة ينتج عنه دلالةً معنويّة تتّضح إذا ذكرنا المعنى المراد لكلا الحالتين:

1- تقدّم الجملة الزمنيّة: إذا أثمر فانظروا إلى ثمره، فالمعنى المراد قائم على أنّ تحقق فعل الجملة الزمنيّة شرطٌ  وسببٌ لتحقق فعل الجملة الأساسية، فتقديم الجملة الزمنيّة يرجح كفّة الشرط للظرف “إذا”.

2- ﴿انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ﴾، المعنى المراد: انظروا إلى ثمر النباتات أثناء حملها لهذه الثّمار، وذلك للتفكر في قدرة الله تعالى، فثمر النباتات ممّا يدل على قدرة الله وإعجازه.

قال عبد القاهر الجرجانيّ: “فأمّا إذا تغيّر النظم فلا بدَّ حينئذٍ من أن يتغير المعنى، على ما مضى من البيان في مسائل التّقديم والتّأخير”([22]). ومثل الشاهد السابق قوله تعالى: ﴿كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَر﴾([23]). قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ﴾([24]).

الجملة الأساسيّة: اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ.

الجملة الزمنيّة: إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ. تقدّمت الجملة الأساسيّة وتأخرت الجملة الزمنيّة، والتغيير في المبنى يتبع تغيير في المعنى، وهذا يتضح في ذكر معنى كلا الحالتين:

١- إذا دعاكم الله وروسوله لما يحييكم فاستجيبوا لله ورسوله، فالمعنى قائم على الشرط، فالاستجابة لله ورسوله قيد الدعوة وهذا المعنى غير مراد على وجه التحديد.

٢- “استجيبوا لله ورسوله إذا دعاكم لما يحييكم”، فالمعنى قائم في الآية الكريمة على أمرِ الناس بالاستجابة لله ورسوله في كلِّ ما يدعوانِ إليه ثمّ جيء بالجملة الزمنيّة لبيان زمن الاستجابة أي حين يدعوانكم.

قال الإمام عبد القاهر الجرجانيّ:” وجملة الأمر أنّه لا يكون ترتيب في شيء حتّى يكون هناك قصد إلى صورة وصفة إن لم يقدَّم فيها ما قُدِّم، ولم يؤخّر ما أُخّرَ.. لم تحصل لك تلك الصورة وتلك الصفة.”([25]).

ذهب الدكتور مصطفى شعبان إلى تعليل فساد تقدُّم جواب الشرط على أداة الشرط مع بقاء العمل، ورأى أنّ ذلك فاسدٌ من جهتين:

         الأولى: من جهة اللفظ، والثانية: من جهة المعنى، لأنَّ فائدة الشرط ترتُّب حكم الجواب ومعناه على حكم الشرط  ومعناه، وتوقُّف حصول الجواب على أداة الشرط يفوّت هذا الغرض المقصود لذاته، وكذلك اسم الشرط مع فعله يكوّنان جملة تامّة الإسناد، ولكنّها ليست تامّةَ المعنى المقصود بها دخول الشرط، لأنّ وظيفة الشرط أن يجعلها متبوعة بجملة ثانية تكمّل معناها، إذْ أصبح معناها الذي كانت مستقلّة به قبل دخول الشرط سببًا أو علّةً لحصول الجملة الثانية، كما أنّ في مكنون تقديم جملة الشرط تشويقًا مقصودًا لا يحصل إلاّ بتأخير جملة الجواب عنها، فلو تقدَّمتْ فات هذا الغرض القويّ([26]).

قال تعالى: ﴿وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا(۲۳) * إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ﴾([27]).

الجملة الأساسيّة: َاذْكُرْ رَبَّكَ.

الجملة الزمنيّة: إِذَا نَسِيتَ. تقدّمت الجملة الأساسيّة وتأخّرت الجملة الزمنيّة وهذا التغيير في موقع الجملتين المترابطتين بالظرف “إذا” يخرج لدلالة معنويّة لا نحصل عليها إذا قدّمنا الجملة الزمنيّة، ونوضح ذلك في ذكر معنى كلا الحالتين:

١- إذا نسيت إذكر ربك، المعنى قائم على الشرط أيّ على ترتيب حكم الجواب ومعناه على حكم الشرط ومعناه وهذا معنى غير المراد.

٢- تقدّم الجملة الأساسيّة كما في الآية الكريمة، نجد أنّ المعنى قائم على الأمر بذكر الله بعد النسيان لأنّ ذكر الله يذهب النسيان.

قال تعالى:﴿قُلْ إِنَّمَا أُنذِرُكُم بِالْوَحْيِ* وَلَا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعَاءَ إِذَا مَا يُنذَرُونَ﴾([28]).

الجملة الأساسيّة: وَلَا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعَاءَ.

الجملة الزمنيّة: إِذَا مَا يُنذَرُونَ. تقدّمت الجملة الأساسيّة وتأخّرت الجملة الزمنيّة، ونتج عن هذا التغيير في موقع الجملة الزمنيّة معنى خاص لم نكن لنحصل عليه لو تقدَّمت الجملة الزمنيّة لتوضيح ما ذهبت إليه سأذكر المعنى المراد من كلا الحالتين:

١- تقدّم الجملة الزمنيّة: إذا ما ينذر الصمُّ فلا يسمعون الدعاء، نجد أنّ المعنى قائم على الشرط، فالإنذار سبب في انتفاء سماعهم الدعاء وهذا معنى غير مراد، بل ذلك يفسد المعنى.

٢- تأخر الجملة الزمنيّة كما في الآية الكريمة نجد أنّ المعنى المراد هو تشبيه حال الكافرين حين لا يسمعون ما يُلقى إليهم بحال الصمّ حين لا يسمعون الدعاء أثناء انذارهم ودعوتهم بالقول.

قال تعالى: ﴿أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَىٰ عَبْدًا إِذَا صَلَّىٰ﴾([29]).

الجملة الأساسيّة: يَنْهَى عَبْدًا.

الجملة الزمنيّة: إِذَا صَلَّىٰ. تقدّمت الجملة الأساسيّة وتأخّرت الجملة الزمنيّة وهذا التغيير في موقع الجملتين المترابطتين بالظرف “إذا” ينتج عنه تغيير في المعنى، يتّضحُ ذلك في ذكر المعنى المراد لكلا الحالتين:

١- تقديم الجملة الزمنيّة: إذا صلى العبدُ ينهاه، نجد أنّ المعنى قائم على الشرط أي ترتُّب حكم الجواب ومعناه على حكم الشرط ومعناه وهذا المعنى غير مراد على وجه التحديد.

٢- تأخير الجملة الزمنيّة كما وردة في الآية الكريمة، نجد أن المعنى المراد هو التعجب من فعل أبي جهل الذي كان ينهى محمد صلّى الله عليه وسلم عن الصلاة. “إذا” في الآية الكريمة مجرّد من الشرط، وتقدّم الجملة الزمنيّة يرجحُ كفّة الشرط.

توسُّط الجملة الزمنيَّة

قال تعالى:﴿إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ﴾[30].

الجملة الأساسيّة: إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ أَن نَّقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ.

الجملة الزمنيّة: إِذَا أَرَدْنَاهُ. توسّطت الجملة الزمنيّة الجملة الأساسيّة فوردت الجملة الزمنيّة بين المبتدأ والمصدر المؤوّل الذي في محل رفع خبر “أن نقول”، وهذا التوسّط والتغييّر في بنيّة الجملة الشاملة يخرج لأغراض دلاليّة وبلاغيّة مرادة:

1- المقام مقام إخبار وقصر، فتقدّم ما هو محور المعنى لقصر ما يتمّ به المعنى عليه.

٢- تشويق القارئ أو السامع لمعرفة الخبر الّذي يتمُّ به المعنى.

۳- في توسّط الزمنيّة تأكيد على الزمن، وإذا قدّمنا الجملة الزمنيّة نجد أنّ المعنى يُبنى على الشرط، أي ترتيب حكم الجواب ومعناه على حكم الشرط ومعناه وهذا غير مراد.

قال تعالى: ﴿أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرابًا وَعِظامًا أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ﴾([31]).

الجملة الأساسيّة: أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ.

الجملة الزمنيّة: إِذا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرابًا وَعِظامًا. توسّطت الجملة الزمنيّة الجملة الأساسيّة، فوردت بين “أن” واسمها وبين خبرها، وخرج هذا التوسط لأغراض دلاليّة وبلاغيّة لا نحصل عليها إذا قدَّمنا الجملة الزمنيّة:

١- المعنى مبنيٌّ على الاستفهام الّذي يخرج لغرض التهكم، فتقدّم ما هو محور المعنى.

٢- توسّط الجملة الزمنيّة في اهتمام بالزمن بالإضافة إلى ذكر ما يمنع الخروج في رأي الكافرين.

۳- توسّط الجملة الزمنيّة وما نَتَجَ من تغيير في بنيّة الجملة الشاملة رجّح تجرّد “إذا” من الشرط فـ “إذا”: ظرف للزمن المستقبل مجرّد من معنى الشرط مبنيٌّ على السكون متعلّق بما دلّ عليه خبر”أنّكم”.

قال تعالى: ﴿إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ ٱلْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ۚ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ﴾([32]).

الجملة الأساسيّة: إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ ٱلْمُؤْمِنِينَ أَن يَقُولُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا.

الجملة الزمنيّة: إِذَا دُعُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ. توسّطت الجملة الزمنيّة بين كان وخبرها المقدّم “كان قول” وبين المصدر المؤوّل “أن يقولوا” الواقع اسم كان مؤخَّر، وخرج هذا التوسُّط لأغراض دلاليّة وبلاغيّة لا نحصل عليها إذا قدّمنا الجملة الزمنيّة منها:

١- المعنى بُنِيَ على الإخبار والقصر و”إنّما” تدخل على ما خبره محددّ ومعروف للجميع.

٢- تقدّم “كان” وخبرها على “إذا” وما أُضِيفتْ إليه خرج للدّلالة على الزمن المطلق فتفسير الآية الكريمة: ﴿أما المؤمنون حقًّا فدأبُهم إذا دُعوا إلى التحاكم في خصوماتهم إلى كتاب الله وحكم رسوله، أن يقبلوا الحكم..﴾([33]). فالجملة الشّاملة توضح دأب المؤمنين في الماضي والحاضر والمستقبل وتحثّهم على الالتزام به.

۳- جعل السامع في حالة تشوّق وانتظار لمعرفة ما يتمّ به المعنى، وإذا قدّمنا الجملة الزمنيّة يصبح المعنى مبنيًَّا على الشّرط أيّ ترتيب حكم الجواب ومعناه على حكم الشرط ومعناه، وهذا المعنى غير مراد على وجه التحديد، كما أنّ تقدّم الجملة الزمنيّة وتقدّم “إذا” يرجّح الدلالة الزمنيّة المستقبليّة.

قال تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍۢ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥٓ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ ٱلْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ۗ﴾([34]).

الجملة الأساسيّة: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍۢ وَلَا مُؤْمِنَةٍ أَن يَكُونَ لَهُمُ ٱلْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ۗ”.

الجملة الزمنيّة: إِذَا قَضَى ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥٓ أَمْرًا. توسّطت الجملة الزمنيّة بين “كان” والجار والمجرور المتعلّقين بالخبر المقدّم المحذوف وبين المصدر المؤوّل الواقع في محل رفع اسم “كان” مؤخّر، وخرج عن هذا التغييّر في بنيّة الجملة الشاملة لا سيّما في تقديم جزءٍ من الجملةِ الأساسيّة على الجملة الزمنيّة أغراضٍ دلاليّة وزمنيّة وبلاغيّة:

١- المقام مقام نفي فقدّم ما حقه الصدارة وما هو محور المعنى، فلا ينبغي لمؤمنٍ ولا مؤمنةٍ إذا حكم الله ورسوله فيهم حكمًا أنْ يخالفوه.

٢- في توسّط الجملة الزمنيّة تأكيد على الزمن.

۳- جعل المتلقّي في حالة ترقّب وانتظار ما يتمّ به المعنى.

– وإذا قدّمت الجملة الزمنيّة يصبح المعنى مبنيًّا على الشرط، أي تعليق حكم الجواب ومعناه على حكم الشرط ومعناه، وهذا المعنى غير مراد على وجه التحديد.

قال تعالى:﴿وَهُوَ عَلَىٰ جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ﴾([35]). التفسير: إنّ الله قادر على جمع الخلقِ بعد موتهم لموقف يوم القيامة.

الجملة الأساسيّة: وَهُوَ عَلَىٰ جَمْعِهِمْ قَدِيرٌ.

الجملة الزمنيّة: إِذَا يَشَاءُ. توسّطت الجملة الزمنيّة بين المبتدأ والجار والمجرور المتعلّقين بالخبر وبين الخبر، وهذا التوسّط يخرج لمعانٍ ما كنّا لنحصل عليها إذا تقدّمت الجملة الزمنيّة ، منها:

١- تقدّم ما هو محور المعنى، فالفكرة الأساس هي الإخبار عن قدرة الله تعالى.

٢- توسّط الجملة الزمنيّة رجّح كفّة تجرّد “إذا” من الشرط، وإذا قدّمنا الجملة الزمنيّة يصبح المعنى مبنيًّا على الشرط وذلك غير مراد في الآية الكريمة.

۳- تأخير الخبر “قدير” يناسب الإيقاع، فالآيات السابقة واللّاحقة تنتهي بحرف الراء.

قال تعالى:﴿سَيَقُولُ ٱلْمُخَلَّفُونَ إِذَا ٱنطَلَقْتُمْ إِلَىٰ مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ﴾([36]).

الجملة الأساسيّة: ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ.

الجملة الزمنيّة: إِذَا ٱنطَلَقْتُمْ إِلَىٰ مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا. توسّطت الجملة الزمنيّة الجملة الأساسيّة، فوَرَدَتْ بين الفعل والفاعل”سيقول المخلّفون” وبين جملة مقولِ القول “ذرونا نتّبعكم”، وخرجَ هذا التوسّط لأغراضٍ دلاليّة وبلاغيّة لا يمكن أن نحصل عليها إذا تقدّمتْ الجملة الزمنيّة منها:

١- المقام مقام إخبار، تقدّمَ ما هو محور المعنى “سيقول المخلّفون”.

٢- التقدّم الجزئي للجملة الأساسيّة على الجملة الزمنيّة والاختلاف في بنيّة الجملة الشاملة رجّحَ تجرّدِ “إذا” من الشرط.

(إذا): ظرف لما يستقبل من الزمان مبنيٌّ على السكون متعلّق بالفعل ” سيقول” وهو مجرّدٌ من الشرط.

۳- توسّط الجملة الزمنيّة يجعل القارئ والسامع في حالة ترقُّبٍ وانتظارٍ لمعرفة ما يتمُّ به المعنى.

توسُّط الجملة الزمنيَّة التي تبدأ بالظرف لمَّا  

قال تعالى:﴿فلمَّا جاءهم الحقُ من عندنا قالوا إنَّ هذا لسحرٌ مبين قال موسى أتقولون للحقّ لمَّا جاءكم أسحرٌ هذا ولا يفلح الساحرون﴾[37].

الجملة الزمنيَّة : لمَّا جاءكم.

الجملة الأساسيَّة: أتقولون للحقّ +مقول القول المحذوف «أنَّه سحرٌ أو  هذا سحرٌ». نجد في الآية الأولى ترتيب عناصر الجملة الزمنيَّة الشّاملة على الشّكل الآتي: تقدَّم الظرف «لمَّا» تمَّ الجملة الواقعة مضاف إليه ثمَّ جملة الجواب،أي تقدُّم الجملة الزمنيَّة وتأخّر الجملة الأساسيَّة ،أمَّا في الآية الثانية تقدَّمت الجملة الأساسيَّة «أتقولون»، لأنَّ موسى عليه السلام يستفهم عن قولهم ،وهو استفهام تعجبيُّ ،فتقدَّم ما استفهم عنه والذي هو غاية المتكلّم، ثمَّ تبعته الجملة الزمنيَّة، للتأكيد على الزمن،ولأنَّ الاستفهام والتعجب من قولهم «إنَّ هذا سحرٌ» سببه أنَّ قولهم كان مزامنًا لمجيء الحقِّ وبسببه. فهذا التقديم لجزءٍ من الجملة الأساسيَّة «أتقولون للحق» وتأخير جزء وهو مقول القول المقدّر ينتج عنه معنى مراد لم نكن لنحصل عليه إذا حملنا الآية على الترتيب المألوف كما وردت في الآية السابقة ،فتقدَّم الجملة الزمنيَّة يحمل المعنى على تعليق فعل الجواب ومعناه على تحقق فعل الجملة الزمنيَّة وهذا المعنى غير مراد على وجه التحديد.

قال تعالى: ﴿وقال الشيطان لمَّا قضي الأمر إنَّ اللَّه وعدكم وعدَ الحقّ ووعدْتُكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان﴾[38]

الجملة الأساسيَّة: قال الشيطان لمَّا قضي الأمر إنَّ اللَّه وعدكم وعدَ الحقّ ووعدْتُكم فأخلفتكم.

توسَّطت الجملة الزمنيَّة بين الفعل والفاعل « قال الشيطان » وبين الجملة الاسميَّة «إنَّ اللَّه وعدكم وعدَ الحقّ ووعدتكم فأخلفتكم» التي هي مقول القول في محل نصب مفعول به .وهذا التقدُّم الجزئيِّ للجملة الأساسيَّة وتوسُّط الجملة الزمنيَّة ينتج عنه معنىً دلاليّ لا يمكن أن نحصل عليه إذا تأخَّرت الجملة الأساسيَّة، أو إذا تقدَّمت كاملةً، فالمعنى قائم على الإخبار عن قول الشيطان ،ثمَّ جاءت الجملة الزمنيَّة للدلالة على أنَّ قول الشيطان كان بعد أن قُضِيَ الأمرُ وبسببه.

         فإذا قدَّمنا الجملة الزمنيَّة: لمَّا قُضِيَ الأمرُ قال الشيطان إنَّ اللَّهَ وعدكم وعدَ الحقِّ ووعدتكم فأخلفتكم. لكان المعنى قائمًا على تحديد الزمن الذي قال فيه الشيطان هذا القول ومبنيَّا على تعليق حكم جواب (لمَّا) ومعناه على تحقق فعل الجملة الزمنيَّة ،وهذا المعنى غير مراد على وجه التحديد.

         وإذْ أخّرنا الجملة الزمنيَّة: “قال الشيطان إنَّ اللَّه وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان لمَّا قُضيَ الأمر. نرى أنَّ الجملة الشاملة خَسِرَتْ دلالة مفادها أنَّ قول الشيطان كان بسبب انقضاء الأمر. فالتغيير في المبنى المتمثّل في تغيير موقع الجملة الزمنيَّة ينتج عنه تغيير في المعنى.

قال تعالى: ﴿وإذا تتلى عليهم آياتنا بيناتٍ قالوا ماهذا إلَّا رجلٌ يريدُ أن يصدكم عمَّا كان يعبدُ آباؤكم وقالوا ماهذا إلَّا إفكٌ مفترى وقال الذين كفروا للحقّ لمَّا جاءهم إن هذا إلَّا سحرٌ مبين﴾[39].

الجملة الأساسيَّة : قال الذين كفروا للحقّ إن هذا إلَّا سحرٌ مبين.

الجملة الزمنيَّة: لمَّا جاءهم. تقدّمَ جزء من الجملة الأساسيَّة «قال الذين كفروا للحقِّ » على الجملة الزمنيَّة وتأخر جزءٌ هو مقول القول «إن هذا إلَّا سحرٌ مبين»، وهذا التغيير في الترتيب أمرٌ معتمد لإبراز معانٍ مرادة:

١- المقام مقام إخبار عن قول الكافرين للحقّ.

٢- بيان سبب قوله وزمنه. وهذه المعاني المرادة لا نحصل عليها إذا غيرنا موقع الجملة الزمنيَّة، فإذا قدَّمناها : لمَّا جاءهم الحقّ قال الذين كفروا إن هذا إلَّا سحرٌ مبين نرى أنَّ المعنى أصبح مبنيَّا على تعليق حكم الجواب ومعناه على تحقق فعل الجملة  الزمنيّة، وهذا معنىً غير مراد على وجه التحديد.

         وإذا أخّرنا الجملة الزمنيَّة: قال الذين كفروا إن هذا إلا سحرٌ مبين  لمَّا جاءهم. نرى أنَّ الكلام خسر دلالةً مفادها أنَّ قولهم مُسبَبٌ عن مجيء الحق وعقبه.

قال تعالى: ﴿وإذا تتلى عليهم آياتنا بيناتٍ قال الذين كفروا للحقّ لمَّا جاءهم هذا سحرٌ مُبين﴾[40].

توسُّط الجملة الزمنيَّة في هذه الآية يخرج لأغراضٍ دلاليّة مماثلة للأغراض الدلاليَّة في الشاهد السابق.

قال تعالى: ﴿وترى الظالمين لمّا رأوا العذاب يقولون هل إلى مردٍ من سبيل﴾[41].

الجملة الزمنيَّة: لمّا رأوا العذاب.

الجملة الأساسيَّة: ترى الظالمين يقولون هل إلى مردٍّ من سبيل. توسَّطت الجملة الزمنيّة بين صاحب الحال والجملة الفعليَّة الواقعة حالًا، وسبب التقدُّم الجزئيّ للجملة الأساسيَّة أنَّ المقام مقام إخبار عن حال الظالمين. توسَّطت الجملة الزمنيَّة لبيان زمن قولهم وسببه، فرؤية العذاب سبب لقولهم «هل إلى مردٍ من سبيل».

إذا قدَّمنا الجملة الزمنيَّة: لمَّا رأى الظالمون العذاب تراهم يقولون هل إلى مردٍ من سبيل. نرى أنَّ المعنى المراد هو تعليق حكم الجواب ومعناه «تراهم يقولون هل إلى مردٍّ من سبيل» على حكم فعل الجملة الزمنيَّة ومعناه، وهذا المعنى غير مرادف «لمَّا»: في الآية :ظرفٌ بمعنى «حين» مبنيٌّ على السكون في محل نصب مفعول فيه ظرف زمان متعلّق بالفعل «ترى» وهو مجرّدٌ من الشرط .وإذا أخّرنا الجملة الزمنيَّة: ترى الظالمين يقولون هل إلى مردٍّ من سبيل لمَّا رأوا العذاب.نجد أنَّ الكلام خَسِرَ دلالة مهمة وهي السببيّة فقولهم مُسَبَبٌ عن رؤية العذاب.

تقدُّم الجملة الأساسيَّة على الجملة الزمنيَّة

قال تعالى:﴿ففررت منكم لمَّا خفتكم فوهب لي ربّي حكمًا وجعلني من المرسلين.﴾[42].

الجملة الزمنيَّة:لمَّا خفتكم.

الجملة الأساسيَّة:فررت منكم. تقدَّمت الجملة الأساسيَّة على الجملة الزمنيَّة ؛ لأنَّ المقام مقام إخبارٍ واعتراف «فعلتها إذًا وأنا من الضالين »[43].

أمَّا إذا قدَّمنا الجملة الزمنيَّة :فلمَّا خفتكم فررت منكم .نجد أنَّ المعنى بُنيَ على تعليق حكم الجواب ومعناه على حكم فعل الجملة الزمنيَّة و معناه ،وهذا معنىً غير مراد.

قال تعالى:﴿ومن أظلم ممن افترى على اللَّه كذبًا أو كذّب بالحقِّ لمَّا جاءه أليس في جهنَّم مثوىً للكافرين﴾[44]

الجملة الزمنيَّة: لمَّا جاءه، أي «لمَّا جاءه الحق».

الجملة الأساسيَّة: كذَّب بالحقّ. تقدَّمت الجملة الأساسيَّة لأنَّ المقام مقام إخبار عن شدَّة  ظلم الكافرين، فمن ظلمهم أن ينسبوا ماهم عليه من الضلال والباطل إلى اللَّه، وتكذيبهم بالحقِّ الذي بعثَ اللَّهُ به رسوله محمّد صلى اللَّه عليه وسلم. فتقدّم ما الإخبار به أهم وهو أنواع ظلمهم وتأخرتْ الجملة الزمنيَّة التي تحدّد وقت تكذيبهم للحقّ. أمَّا إذا قدّمنا الجملة الزمنيَّة :لمَّا جاءَه الحقّ كذَّب به. نجد أنَّ المعنى بُنيَ على تعليق حكم الجواب ومعناه أي «الجملة الأساسيَّة» على حكم فعل الجملة الزمنيَّة. وهذا معنى غير مراد.

قال تعالى: ﴿وجعلنا منهم أئمةً يهدون بأمرنا لمَّا صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون﴾[45]

الجملة الزمنيَّة: لمَّا صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون.

الجملة الأساسيَّة: جعلنا منهم أئمةً يهدون بأمرنا. تقدَّمت الجملة الأساسيَّة على الجملة الزمنيَّة ؛لأنَّ المعنى المراد هو الإخبار بأنَّ اللَّه جعل من بني إسرائيل أئمةً ودعاةً إلى الخير يدعون إلى التوحيد وعبادة اللَّه، ثمَّ تبعتها الجملة الزمنيَّة، لتحديد زمن الجملة الأساسيَّة أي حين صبروا على أوامر اللَّه وكانوا بآيات اللَّه وحججهِ يوقنون. لو قدَّمنا الجملة الزمنيَّة لاختلف المعنى المراد: لمَّا صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون جعلناهم أئمةً يهدون بأمرنا. نرى أنَّ المعنى قائمٌ على تحديد الزمن الذي جعل اللَّهُ فيه من بني إسرائيل أئمةً وسببه، وتعليق حكم الجواب ومعناه على حكم فعل الجملة الزمنيَّة ومعناه وهذا معنىً غير مراد.

قال تعالى: ﴿وقال الذين استُضعِفوا للذين استكبروا بل مكرُ الليل والنهار إذ تأمروننا أن نكفر باللَّه ونجعل له أندادًا وأسرّوا الندامة لمَّا رأوا العذاب وجعلنا الأغلال في أعناقِ الذين كفروا هل يجدون إلَّا ماكانوا يعملون﴾[46].

الجملة الزمنيَّة: لمَّا رأوا العذاب.

الجملة الأساسيَّة:أسرُّوا الندامة. تقدَّمت الجملة الأساسيَّة؛لأنَّ السياق يخبِّر ويشرح حالَ الذين كفروا وخِزيهم يوم القيامة وعَقِبَتْها الجملة الزمنيَّة لتوضح زمن الجملة الأساسيَّة. ولو قدَّمنا الجملة الزمنيَّة لاختلف المعنى: لمَّا رأى الذين كفروا العذاب أسرّوا الندامة. نجدُ أنَّ المعنى بني على تعليق حكمِ الجواب ومعناه على تحقق فعل الجملة الزمنيّة وذلك معنىً غير مراد على وجه التحديد. ومثل ذلك قوله تعالى: ﴿ولو أنَّ لكلّ نفس ظلمت مافي الأرض جميعًا لافتدت به وأسرُّوا الندامة لمَّا رأوا العذاب وقُضيَ بينهم بالقسطِ وهم لا يظلمون﴾[47].

وقال تعالى:﴿قل إنّي نهيت أن أعبد الذي تدعون من دون اللّه لمَّا جاءني البيناتُ من ربّي وأمرتُ أن أسلمَ لربِّ العالمين﴾[48].

الجملة الزمنيَّة: لمَّا جاءني البيناتُ من ربّي.

الجملة الأساسيَّة: قل إنّي نهيت أن أعبد الذي تدعون من دون اللّه. تقدَّمت الجملة الأساسيَّة لأنَّ المعنى قائم على أمر اللَّه جلَّ وعلا رسوله أن يقول لمشركي قومه “إنّي نهيتُ أن أعبد الذي تدعون من دون اللَّه لمَّا جاءني الآيات الواضحات من عند ربي”[49]. ولو قدَّمنا الجملة الزمنيَّة: فإني لمَّا جاءتني البينات من عند ربي نهيتُ أن أعبدَ الذي تدعون من دون اللَّه.  نجد أن المعنى المراد هو إخبار السامع بالزمن الذي تحققت به الجملة الأساسيَّة ،وفي تقدّم الجملة الزمنيَّة  يبنى المعنى على تعليق حكم الجواب – الجملة الأساسيَّة – ومعناه على تحقَّق فعل الجملة الزمنيَّة،وهذا المعنى غير مراد.

قال تعالى: ﴿فلمَّا جاءتهم رسلهم بالبينات فرحوا بما عندهم من العلم وحاق بهم ماكانوا يستهزئون فلمَّا رأوا بأسنا آمنوا باللَّه وحده وكفروا بما كانوا به مشركين فلم يك ينفعهم إيمانهم لمَّا رأوا بأسنا سنَّتَ اللَّه التي قد خلتْ في عباده وخَسِرَ هنالك الكافرون﴾[50].

الجملة الزمنيَّة: لمَّا رأوا العذاب.

الجملة الأساسيَّة:لم يكُ ينفعهم إيمانهم.

تقدَّمت الجملة الأساسيَّة؛ لأنَّ المعنى قائمٌ على الإخبار بأنَّه لم يك ينفعهم إيمانهم،ثمَّ تبعتها الجملة الزمنيَّة لتوضيح سبب الحكم وزمنه «لمَّا رأوا العذاب».

هذا المعنى المراد لم نكن لنحصل عليه لو قدَّمنا الجملة الزمنيَّة:لمَّا رأوا العذاب لم يك ينفعهم إيمانهم . نجد أنَّ المعنى مبنيٌّ على تعليق حكم الجواب – الجملة الأساسيَّة – ومعناه على تحقق فعل الجملة الزمنيَّة، وتوضيح الزمن الذي لم يك ينفعهم إيمانهم فيه، وهذا ما بُنِيَ عليه معنى كلِّ من الآيتين السابقتين، فالمعنى في الآية الأولى«٢٨٣» بنيَ على تعليق حكم الجواب ومعناه على تحقق فعل الجملة الزمنيَّة، ومثل ذلك الآية «٨٤».

قال تعالى: ﴿بل كذّبوا بالحقّ لمَّا جاءهم فهم في أمرٍ مريج﴾[51].

الجملة الزمنيَّة: لمَّا جاءهم.

الجملة الأساسيَّة: كذَّبوا بالحقّ. تقدَّمت الجملة الأساسيَّة لإفادة معنىً مراد هو الإخبار بأنَّهم كذَّبوا بالحقّ ،وجعله محور المعنى،وتبعتها الجملة الزمنيَّة لتوضيح زمن ذلك.

ولو قدَّمنا الجملة الزمنيَّة لاختلف المعنى :لمَّا جاءهم الحقّ كذبوا به. نجد أنَّ المعنى يركّز على زمن تكذيبهم بالحقَّ،وتعليق حكم الجواب ومعناه على تحقَّق  فعل الجملة الزمنيَّة.ومثل ذلك قوله تعالى: ﴿فقد كذّبوا بالحقّ لمَّا جاءهم فسوف يأتيهم أنباء ماكانوا به يستهزئون﴾[52].

قال تعالى: ﴿وإن يكادُ الذين كفروا ليُزلقونكَ بأبصارهم لمَّا سمعوا الذكر ويقولون إنَّه لمجنون﴾[53].

الجملة الزمنيَّة: لمَّا سمعوا الذكر.

الجملة الأساسيَّة: إن يكادُ الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم. تقدَّم الجملة الأساسيَّة يحوّل المعنى إلى الإخبار عن حال الكافرين حين سمعوا الذكر.

ولو تقدَّمت الجملة الزمنيَّة لكان المعنى قائمًا على تحديد الزمن الذي كاد الكافرون يزلقون محمد صلى اللّه عليه وسلّم بأبصارهم، وتعليق حكم الجواب ومعناه على تحقق فعل الجملة الزمنيَّة وهذا غير مراد في الآية الكريمة. فالتغيير في المبنى ناتج عن تغيير في المعنى.

قال تعالى: ﴿ولقد أهلكنا القرون من قبلكم لمَّا ظلموا وجاءتهم رسلُهم بالبينات وماكانوا ليؤمنوا كذلك نجزيَ القوم المجرمين﴾[54].

الجملة الزمنيَّة: لمَّا ظلموا.

الجملة الأساسيَّة: لقد أهلكنا القرون من قبلكم.

لقدْ: اللام واقعة في جواب قسمٍ مقدَّر، قد: حرف تحقيق. تقدَّمت الجملة الأساسيَّة ووقعت جوابًا لقسمٍ مقدَّر. سُبقَتْ الجملة الأساسيَّة بمؤكدين «القسم + لقد» فالمقامُ مقام إخبار عن حدث حَدَثَ في الزمن الماضي، ثمّ تبعتها الجملة الزمنيَّة لتوضيح زمن الحدث وسببه. لو قدّمنا الجملة الزمنيَّة: لمَّا ظلموا أهلكناهم. نجد أنَّ المعنى بُنيَ على تعليق حكم الجواب ومعناه «أهلكناهم» على تحقيق فعل الجملة الزمنيَّة ،وهذا المعنى غير مراد على وجه التحديد،  وخسِرَ المعنى دلالات هي:

١- التركيز على الإخبار عن حدث الجملة الأساسيَّة ،الذي هو محورُ المعنى.

٢- المؤكَّدات، القسم + لقد.

قال تعالى: ﴿وما ظلمناهم ولكن ظلموا أنفسهم فما أغنت عنهم آلهتهم التي يدعون من دون اللَّه من شيءٍ لمَّا جاءَ أمرُ ربِّك ومازادهم غير تتبيبٍ﴾[55].

الجملة الزمنيَّة: لمَّا جاء أمرُ ربِّك.

الجملة الأساسيَّة: فما أغنت عنهم آلهتهم التي يدعون من دون اللَّه من شيء. تقدَّمت الجملة الأساسيَّة لأنَّ المعنى يتمحور حول نفي ظلم أهل القرى، تفسير الآية الكريم: ﴿ماكان إهلاكهم بغير ذنب يستحقونه، ولكن ظلموا أنفسهم بشركهم وإفسادهم في الأرض، فما نفعتهم آلهتهم التي كانوا يدعونها ويطلبون منها أن تدفع عنهم الضرَّ لمَّا جاء أمرُ ربِّك بعذابهم، ومازادتهم آلهتهم غير تدمير وإهلاك وخسران﴾[56]. ولو قدَّمنا الجملة الزمنيَّة يصبح المعنى متمحورًا على تحديد الزمن وعلى تعليق حكم الجواب ومعناهُ على تحقق فعل الجملة الزمنيَّة وهو معنىً غير مراد كما يتضح في تفسير الآية الكريمة، فالتغيير في المبنى المتمثّل في تغيير موقع الجملة الزمنيَّة من متعلقاتها سببه التغيير في المعنى،فالتقديم له دلالة والتأخير له دلالة أخرى ولا أنفي وجود دلالة مشتركة تجمعها.

قال الدكتور فاضل صالح السامرائيِّ: «إنَّ الأوجه النحويَّة ليست مجرد  استكثار من تغيرات لا طائل تحتها كما يتصور بعضهم وإنَّ جواز أكثر من وجه تعبيريِّ ليس معناه أنَّ هذه الأوجه ذات دلالات معنويَّة واحدة، وإنَّ لك الحق أن تستعمل أيُّها تشاء كما تشاء وإنَّما لكلِّ وجه دلالته فإذا أردت معنى ما لزمك أن تستعمل التعبير الذي يؤديه، ولا يمكن أن يؤدي تعبيران مختلفان معنىً واحدًا، إلَّا إذا كان لغةً، نحو قولك «ما محمد حاضرًا» و«ما محمد حاضرٌ»، فلأولى لغةٌ حجازيَّة والثانية تميميَّة، ولا يترتب على هذا اختلاف في المعنى. وفي ما عدا ذلك لابدَّ أن يكون لكلِّ تعبيرٍ معنىً، إذ كلَّ عدول من تعبير إلى تعبير، لا بدَّ أن يصحبه عدول من معنى إلى معنى، فالأوجه التعبيريَّة المتعددة، إنَّما هي صورٌ لأوجه معنويَّة متعددة»[57].

الخاتمة

وأختم بما ذهب إليه الدكتور فاضل صالح السامرائيِّ: «إنَّ الأوجه النحويَّة ليست مجرد  استكثار من تغيرات لا طائل تحتها كما يتصور بعضهم وإنَّ جواز أكثر من وجه تعبيريِّ ليس معناه أنَّ هذه الأوجه ذات دلالات معنويَّة واحدة، وإنَّ لك الحق أن تستعمل أيُّها تشاء كما تشاء وإنَّما لكلِّ وجه دلالته فإذا أردت معنى ما لزمك أن تستعمل التعبير الذي يؤديه، ولا يمكن أن يؤدي تعبيران مختلفان معنىً واحدًا ،إلَّا إذا كان لغةً، نحو قولك «ما محمد حاضرًا» و«ما محمد حاضرٌ»، فلأولى لغةٌ حجازيَّة والثانية تميميَّة، ولا يترتب على هذا اختلاف في المعنى. وفي ما عدا ذلك لابدَّ أن يكون لكلِّ تعبيرٍ معنىً ،إذ كلَّ عدول من تعبير إلى تعبير ،لابدَّ أن يصحبه عدول من معنى إلى معنى ،فالأوجه التعبيريَّة المتعددة ،إنَّما هي صورٌ لأوجه معنويَّة متعددة»[58].

فتغيير موقع الجملة الزمنيَّة من متعلقاتها ينتج عنه تغيير في المعنى، بل إنَّ إرادة معنى محدّد هو السبب الدافع إلى هذا التغيير ،وإذا حملنا الجملة الشاملة على الترتيب المألوف في معظم الشواهد التي طرأ عليها تغيير في موقع الجملة الزمنيَّة يفسد المعنى، وأرى أنَّ من أهم ما يخرج له هذا التغيير تجرّد الظرف من الدلالة على معنى الشرط ،فعلى الباحثين التعويل في الإعراب على المعنى وليس على الطريقة التقليديَّة فغالبًا ما تتأخر الجملة الزمنيَّة التي تبدأ بـ«إذا أو لمَّا» وينتج عن ذلك تجرّد الظرف من الشرط.

المصادر والمراجع

١- ابن يعيش (يعيش ابن علي أبي البقاء)، شرح المفصل للزمخشريِّ. قدَّم له ووضع هوامشه وفهارسه الدكتور أميل بديع يعقوب، دار الكتب العلميَّة بيروت – لبنان، الطبعة الثانية.

٢- أبو البقاء، أيوب بن موسى الحسينيِّ الكوفيِّ، الكليَّات، تحقيق عدنان درويش ومحمد المصري، منشورات وزارة الثقافة، دمشق، د.ط، ١٩۸١م.

۳- أبو بكر بن أحمد، أصول السرخسيّ، القاهرة (د.ط) ١۳٧٢ھ.

٤- الجرجانيِّ أبو عليِّ محمد بن عليِّ، التعريفات، تحقيق إبراهيم الأبياريِّ، دار الكتاب العربيِّ، بيروت الطبعة الثانية (د.ت).

٥- الجرجانيِّ، أبو بكر عبد القاهر بن عبد الرحمن بن محمد الجرجانيِّ النحويِّ، دلائل الإعجاز، قرأه وعلَّق عليه أبو فهر محمود محمد شاكر، مكتبة الخانجي، القاهرة.

٦- الجرجانيِّ، عبد القاهر بن عبد الرحمن بن محمد الجرجانيِّ النحويِّ، المقتصد في شرح الإيضاح، تحقيق كاظم بحر المرجان، دار الرشيد، منشورات وزارة الثقافة والإعلام العراقيَّة (د.ط) ١٩۸٢م.

٧- السامرائيِّ، فاضل صالح، معاني النحو، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، عمَّان – الأردن ،الطبعة الأولى.

۸- السامرائيِّ، فاضل صالح، الجملة العربيَّة والمعنى، دار ابن حزم للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت – لبنان، الطبعة الأولى، ١٤٢١ھ، ٢٠٠٠م.

٩- الفيروزآبادي، القاموس المحيط، دار المعرفة، بيروت – لبنان (د.ط)، (د.ت).

١٠-ا لمبرد، أبو العباس محمد بن يزيد، المقتضب، تحقيق محمد عبد الخالق عضيمة، القاهرة،( د.ط) ١۳۸٦ھ.

۱۱- جمال الدين محمد بن مالك، شرح التسهيل، تحقيق عبد الرحمن السيَّد محمد بدويّ مختون، دار هجر، الطبعة الأولى، ١٤١٠ھ،۱٩٩٠م.

۱۲- رضيُّ الدين الاستربازيِّ، شرح كافيَّة ابن الحاجب، تحقيق عبد العال سالم مكرم،عالم الكتاب، الطبعة الأولى، ١٤۲۱ھ، ۲٠٠٠م.

١۳- محمد بن عليِّ الصِّبَّان، حاشية الصِّبَّان على شرح الأشمونيِّ على ألفية ابن مالك، ضبطه وصححه وخرَّج شواهده إبراهيم شمس الدين، منشورات محمد علي بيضون، دار الكتب العلميَّة – بيروت – لبنان، الطبعة الأولى، ١٤۱٧ھ،١٩٩٧م.

١٤- محمد طاهر الحمصيِّ، من نحو المباني إلى نحو المعاني بحث في الجملة وأركانها، دار سعد الدين ،عين الكرش – دمشق، الطبعة الأولى، ١٤٢٤ھ، ۲٠٠۳م.

١٥- مصطفى شعبان، منتدى مجمَّع اللُّغة العربيَّة على الشبكة العالميَّة، القسم العام، البحوث والمقالات، كُتب: (٩/٤/۲٠١٦).

١٦- مشروع المصحف الإلكترونيِّ بجامعة الملك سعود، تطبيق «آيات» للأندرويد.

1- طالب دكتوراه في جامعة الجنان، قسم اللغة العربيّة.

[2] – القاموس المحيط ، ٢/٣٦٨.

[3]  – أصول السَّرخسي، ٢/٣٠٣.

[4] – انظر: من نحو المباني إلى نحو المعاني “بحثٌ في الجملة وأركانها، ص ٣٥٥.

[5] – الكليات، ۳/٥.

[6] – انظر: التعريفات، ص ٤١٧.

[7] – شرح المفصل للزمخشريِّ، ٥/١٠٥.

[8] – شرح التسهيل، ٤/٧٣، ٧٤.

[9] – المقتضب ، ٢/٤٦.

[10] – شرح كافيَّة ابن الحاجب، ١/٢٧٢.

[11] – حاشية الصِّبَّان على شرح الأشموني على ألفيَّة ابن مالك، ٤/٣.

[12] – التعريفات، ص ١٣١.

[13] – المقتصد في شرح الإيضاح، ٢/١٠٩٥.

[14]– دلائّل الإعجاز، ص: ۸١.

[15]– الجملة العربيَّة والمعنى ص ۲۳۷.

[16] – معاني النحو، (١/١١).

[17] – سورة الصافات ،الآية ۳٥.

[18] – سورة البقرة ، الآية ١١

2- سورة البقرة ، من الآية ١۸٦.

[20]– سورة البقرة ، الآية ١۸۰.

[21]– سورة الأنعام،الآية ٩٩.

[22]– سورة دلائل الإعجاز ص:۲٦٥.

[23]– سورة الأنعام،من الآية ١٤١.

[24]– سورة الأنفال ،من الآية ۲٤.

[25]– دلائل الإعجاز، ص: ۳٦٤.

[26]– الدكتور: مصطفى شعبان، منتدى مجمع اللّغة العربيّة على الشبكة العالميّة، القسم العام، البحوث والمقالات، كتب: (٩/٤/٢۰۱٦).

[27]– سورة الكهف، الآيتان ۲۳-۲٤.

[28]– سورة الأنبياء، من الآية ٤٥.

[29]– سورة العلق، الآيتان ٩-۱۰.

[30] – سورة النحل، الآية ٤۰.

[31]– سورة المؤمنون، الآية ۳٥.

[32]– سورة النور، الآية ٥١.

[33]– آيات القرآن الكريم.

[34]– سورة الأحزاب، من الآية ۳٦.

[35]– سورة الشورى، من الآية ٢۹.

[36]– سورة الفتح، من الآية ١٥.

[37] – سورة يونس، الآيتان ٧٦-٧٧.

[38] – سورة إبراهيم، من الآية ٢٢.

[39]– سورة سبإ، الآية ٤٣.

[40] – سورة الأحقاف، الآية ٧.

[41] – سورة الشورى، الآية ٤٤.

 [42]- سورة الشعراء، الآية ٢١.

 [43]- سورة الشعراء، من الآية ٢١.

[44] – سورة العنكبوت، من الآية ٦٨.

[45] – سورة السجدة،الآية ٢٤.

[46] – سورة سبإ،الآية ٣٣.

[47]– سورة يونس، الآية ٥٤.

[48] – سورة غافر، الآية .٦٦

[49] – انظر آيات القرآن الكريم.

[50] – سورة غافر، الآيات ٨٣-٨٤-٨٥.

[51] – سورة ق، الآية ٥.

[52]– سورة الأنعام، الآية ٥.

[53]– سورة القلم، الآية ٥١.

[54]– سورة يونس، الآية ١٣.

[55]– سورة هود، الآية ١٠١.

[56]– آيات القرآن الكريم.

[57] – معاني النحو، ج ١، ص ٩.

[58] – معاني النحو، ج ١، ص ٩.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

free porn https://evvivaporno.com/ website