التّعلّم من بُعد والفروق الفرديّة بين المتعلّمين في المرحلة المتوسّطة في مقرّر عِلْم الأحياء
أ. د. رويدة الزين نعمان ([1])
عبد الرّحمن أحمد عبد الرزّاق البيّاتي([2])
الملخّص
هدفت الدّراسة إلى التعرّف ب” تأثير التّعلّم من بُعد في مراعاة الفروق الفرديّة بين المتعلّمين في الصّف الثّاني المتوسّط في مقرّر علم الأحياء من وجهة نظر المعلّمين”. اتّبعت الدّراسة المنهج الوصفي التّحليلي، وتحدّد مجتمع الدّراسة بـ(380) معلّمًا ومعلّمة، واعتُمِد ما نسبته (20%) منهم لتمثيل عيّنة الدّراسة، بلغت (76) معلِّمًا ومعلّمة، بواقع (44) معلّمًا، و(32) معلّمة. أُعِدَّ استبيان، تكوّن من (30) فقرةً موزّعةً على مجالين (مجال التّعلّم من بُعد والفروق العقليّة، مجال التّعلّم من بُعد والفروق الانفعاليَّة)، بواقع (15) فقرةً لكلّ مجال. وتحقّق للاستبيان الصّدق والثّبات بعدّة طرق، وعُيِّنت الوسائل الاحصائيّة (SPSS) الملائمة. وقد أظهرت النّتائج، الآتي: إنَّ التّعلّم من بُعد، يؤثّر في مراعاة الفروق الفرديّة إيجابًا بصورة عامّة بين المتعلّمين، في تدريس مقرّر علم الأحياء للصّفّ الثّاني المتوسّط من وجهة نظر المعلّمين، وكان من نتائجها، إنّ التّعلّم من بُعد يؤثّر في مراعاة الفروق الفرديّة، بنوعيها (العقليّة والانفعاليّة) إيجابًا بين المتعلّمين، في مقرّر علم الأحياء للصّفّ الثّاني المتوسّط من وجهة نظر المعلّمين، وبيّنت أنّه توجد فروق في إجابات العيّنة لمجال التّعلّم من بُعد والفروق العقليّة وفق متغيّر الجنس، ولصالح المعلّمات. في حين لا توجد فروق ذات دلالة إحصائيّة في إجابات العيّنة لمجال التّعلّم من بُعد والفروق الانفعاليّة وفقًا لمتغيّر الجنس، بينما توجد فروق في إجابات العيّنة لمجاليّ (التّعلّم من بُعد والفروق العقليّة، التّعلّم من بُعد والفروق الانفعاليّة) وفق متغيّر الخبرة، ولصالح الأكثر خبرة (11سنة فما فوق).
ووفقًا لهذه النّتائج، يوصي الباحث بجملة من التّوصيات منها، الاهتمام بالفروق الفرديّة بنوعَيها العقليّة والانفعاليّة، في التّدريس سواءً بالتّعلّم من بُعد أو بالتّعلّم الحضوري، ومناقشة كيفيّة مراعاة الفروق الفرديّة في الـgd الدورات التدريبيّة الّتي تقام في مديريّات تربية المحافظات.
الكلمات المفتاحيّة: التّعلّم من بعد – الفروق الفرديّة – مقرّرعلم الأحياء.
Research Summary
The study aimed to identify the effect of distance learning taking into consideration the individual differences among second grade intermediate learners in the biology course from the point of view of its teachers. the study followed the descriptive analytical approach. the study’s population consisted of (380) male and female teachers, in which 20% of them were relied on for the sample study, that consisted of (76) male and female teachers, with (44) male teachers and (32) female teachers. a questionnaire was prepared, consisting of (30) passages distributed on 2 domains (distance learning and individual differences distance learning and emotional differences) with (15) passage each. multiple ways were the questionnaire tested for validation, and the proper statistical packages (SPSS) were selected. the results showed the following: Distance learning takes into account generally the differences in teaching biology for the second-grade average, according to the opinions of a sample of teachers and has for a result, Distance learning takes into account the mental and emotional differences in teaching biology for the second grade average, according to the opinions of a sample of teachers.
There are differences in the sample’s answers to the field of distance learning and mental differences according to the gender variable, in favor of female teachers. While there are no statistically significant differences in the sample’s answers to the field of distance learning and emotional differences according to the gender variable, while there are differences in the sample’s answers to the two domains (distance learning and mental differences, distance learning and emotional differences), in favor of those with experience, 11 years and above
According to these findings, the researcher recommends a number of recommendations, including paying attention to individual differences, both mental and emotional, in teaching, whether by distance learning or face-to-face learning, and discussing how to take into account individual differences in the training courses that are held in governorate education in the principals.
Keywords: distance learning – individual differences – biology course.
المقدّمة
التّعلّم من بعد، أسلوب للتّعلّم يستند إلى أساليب حديثة للاتّصال بأجهزة الكمبيوتر وشبكاتها ووسائطها العديدة. وفكرته الرّئيسة تقوم على مبدأ نقل البرنامج التّعليمي من مكانه في حرم المؤسّسة التعليميّة إلى مواضع متفرّقة. والغرض منه، هو جذب المتعلّمين الّذين لا يستطيعون الالتحاق ببرنامج تعليمي نظامي وعادي، في ظلّ الظّروف العاديّة وغير العاديّة، وتعزيز المستوى الثقّافي والعلمي والاجتماعي للأفراد، والعمل على توفير التّنوّع في المصادر وطرق التّعليم، ما يساعد في تقليل الفروق الفرديّة بين المتعلّمين، من خلال دعم المؤسّسات التّعليميّة بتقنيّات تعليم مختلفة وناشطة تزيد من فهم وتأثير التّعلّم بين الطلّاب (حسين،2009).
وتجربة التّعلّم من بُعد جديدة على المعلّمين بصورة عامّة، وعلى معلّمي علم الأحياء بصورة خاصّة، وقد ظهرت مشكلات تعليميّة ونفسيّة رافقت اعتماده، منها كيفيّة مراعاة الفروق الفرديّة بين المتعلّمين. فالتّعليم يجب أن يقابل متطلّبات المتعلّمين وفقًا لحاجاتهم الفرديّة، إذ إنّ الكتب المقرّرة والأنشطة، توضع عادةً للمتوسّط من المتعلّمين في ضوء معايير خارجيّة يراها المسؤولون مناسبة لمرحلة معيّنة، ويُغفَل مابين التّلاميذ من فروق فرديّة (صاكال، وخليفة،2017).
من هنا، كان اهتمامنا بتناول هذه الدّراسة الّتي تبحث في التّعلّم من بُعد، وتأثيره في مراعاة الفروق الفرديّة بين المتعلّمين في مقرّر علم الأحياء للصّفّ الثّاني المتوسّط من وجهة نظر المعلّمين”، وتتناول لذلك المدارس المتوسّطة للبنين والبنات الحكوميّة بمحافظة الأنبار في العراق.
أوّلاً: أهميّة الدّراسة
تكمن أهميّة هذه الدّراسة من خلال
1.الأهميّة النّظريّة
تستمّد هذه الدّراسة أهميّتها من أهميّة موضوعها، إذ إنّها تسعى لدراسة تأثير التّعلّم من بُعد في مراعاة الفروق الفرديّة بين المتعلّمين في مقرّر علم الأحياء للصّفّ الثّاني المتوسّط في المدارس المتوسّطة بمحافظة الأنبار في العراق، كما تتّضح أهميّتها من خلال تناولها لمتغيّرات حديثة نسبيًّا في مجال علم التربية، ما يعطيها مبرّرًا لإجرائها. ولا بدّ من التّأكيد على جدّتها، إذ إنّنا لم نعثر – وفي حدود العلم والإطّلاع – على دراسة باللّغة العربيّة، تتناول التعلّم من بُعد والفروق الفرديّة بنوعيها العقليّة والإنفعاليّة.
- الأهميّة العمليّة
يؤمل من نتائج الدّراسة الحاليّة، المساهمة في استحداث برامج تدريبيّة تهتم بتأهيل معلّمي العلوم وتدريبهم على مهارات مراعاة الفروق الفرديّة، لا سيّما العقليّة منها والانفعاليّة في التّدريس، وذلك بتنويع أساليبهم التّدريسيّة من خلال التعلّم من بُعد. كما يؤمل، في أن تفيد هذه الدّراسة في توجيه أنظار المعلّمين والمشرفين، إلى التّوجّه الحديث في مجال تعليم هذا المقرّر، وهو أهميّة الاستغلال الجيّد للتّقنيّة في التّعلّم من بُعد، وتسخيرها لخدمة العمليّة التّربويّة.
ثانيًا: إشكاليّة الدّراسة وأسئلتها
في ظلّ الاجتياح الهائل للتقنيّات الحديثة، ومع تطوّر الوسائل والأدوات المُستخدمة لتفعيل التّعلّم النّشط ، وبالأخص بعد جائحة كورونا (covid-19)، وجدت المؤسّسات التّربويّة في العراق نفسها أمام حتميّة التحوّل للتعلّم من بُعد، وظهرت العديد من المشكلات، منها مشكلة التّعامل مع الفروق الفرديّة بين المتعلّمين في السّنوات الأكاديميّة كافّة، ومنها في مقرّر علم الأحياء للصّف الثّاني المتوسّط. ومثلما كانت الفروق في السّلوك والقدرات العقليّة والانفعاليّة، فإنَّ المشكلة المدرسيّة النّاتجة عنها ظاهرة طبيعيّة. لذا يؤكّد بعض المربّين على ضرورة منح المتعلّم حرّيّة تقدير ما يرغب في أن يتعلّمه، والتّقدّم وفقًا لقدراته الذّاتيّة، ما ينتُج عنه إتاحة بيئة نفسيّة تدفعه إلى التّعلّم بشكل أكثر فعاليّة، وذلك بالتّحوّل من التّلقين والاستظهار إلى مبدأ التّعلّم الذّاتي. في هذا السّياق، أكّدت النّتائج الرّئيسة لبحوث الرّأي العام النّوعيّة في خمس محافظات في العراق، والصّادرة عن المعهد الدِّيمقراطي الوطني(2021)، ومحافظة الأنبار من بينها، أنَّ التّعلّم من بُعد يواجه صعوباتٍ عدَّة في فعاليّته، أهمُّها غياب التّفاعل الاجتماعي، وعدم المراعاة للفروق الفرديّة.
لعلّ هذا ما يبرز إشكاليّة هذه الدّراسة الّتي تبحث في تأثير التّعلّم من بُعد بوسائط وبرامج تعليميّة، كالفايبر، والواتس آب والتلغرام عبر الإنترنت، في مراعاة الاختلافات الفرديّة بين المتعلّمين، إن كان في مستوى الذّكاء لديهم، أو في انفعالاتهم و اتّجاهاتهم وميولهم. ومن هذه الإشكاليّة ينبثق السؤال الأساس للدّراسة، وهو: – كيف يؤثّر التّعلّم عن بُعد في مراعاة الفروق الفرديّة بين المتعلّمين للصّفّ الثّاني المتوسّط في مقرّر علم الأحياء من وجهة نظر المعلّمين؟
ومنه تنبثق الأسئلة الفرعيّة الآتية:
- كيف يؤثّر التّعلّم من بُعد في مراعاة الفروق العقليّة بين المتعلّمين للصّفّ الثّاني المتوسّط في مقرّر علم الأحياء من وجهة نظر المعلّمين؟
- كيف يؤثّر التّعلّم من بُعد في مراعاة الفروق الانفعاليّة بين المتعلّمين للصّفّ الثّاني المتوسّط في مقرّر علم الأحياء من وجهة نظر المعلّمين؟
- هل توجد فروق ذات دلالة إحصائيّة بين متوسّطات إجابات العيّنة لمجال التّعلّم من بُعد والفروق العقليّة بين المتعلّمين للصّفّ الثّاني المتوسّط في مقرّر علم الأحياء، من وجهة نظر المعلّمين، تُعزى لمتغيّريّ (الجنس، والخبرة)؟
- هل توجد فروق ذات دلالة إحصائيّة بين متوسّطات إجابات العيّنة لمجال التّعلّم من بُعد والفروق الانفعاليّة في مقرّر علم الأحياء، من وجهة نظر المعلّمين، تُعزى لمتغيّريّ (الجنس، والخبرة)؟
ثالثًا : فرضيّات الدّراسة
الفرضيّة الرّئيسة: يؤثّر التّعلّم من بُعد إيجابًا في مراعاة الفروق الفرديّة بين المتعلّمين للصّفّ الثّاني المتوسّط في مقرّر علم الأحياء من وجهة نظر المعلّمين. وينبثق عنها الفرضيّات الفرعيّة الآتية:
- يؤثّر التّعلّم من بُعد إيجابًا في مراعاة الفروق العقليّة بين المتعلّمين للصّفّ الثّاني المتوسّط في مقرّر علم الأحياء من وجهة نظرالمعلّمين.
- يؤثّر التّعلّم من بُعد إيجابًا في مراعاة الفروق الانفعاليّة بين المتعلّمين للصّفّ الثّاني المتوسّط في مقرّر علم الأحياء من وجهة نظر المعلّمين.
- توجد فروق ذات دلالة إحصائيّة بين متوسّطات إجابات عيّنة الدّراسة لمجال التّعلّم من بعد والفروق العقليّة بين المتعلّمين للصّفّ الثّاني المتوسّط، في مقرّر علم الأحياء من وجهة نظر المعلّمين، تعزى لمتغيّريّ (الجنس والخبرة)؟
- توجد فروق ذات دلالة إحصائيّة بين متوسّطات إجابات عيّنة الدّراسة لمجال التّعلّم من بعد والفروق الانفعاليّة بين المتعلّمين للصّفّ الثّاني المتوسّط في مقرّر علم الأحياء من وجهة نظر المعلّمين، تعزى لمتغيّريّ (الجنس والخبرة)؟
رابعًا: أهداف الدّراسة
- الهدف العام: التّعرّف على تأثير التّعلّم من بُعد في مراعاة الفروق الفرديّة بين المتعلّمين للصّفّ الثّاني المتوسّط في مقرّر علم الأحياء من وجهة نظر المعلّمين.
- الأهداف الخاصّة: تهدف الدّراسة إلى التّعرّف على:
- تأثير التّعلّم من بُعد في مراعاة الفروق العقليّة بين المتعلّمين للصّفّ الثّاني المتوسّط في مقرّر علم الأحياء من وجهة نظر المعلّمين.
- تأثير التّعلّم من بُعد في مراعاة الفروق الانفعاليّة بين المتعلّمين للصّفّ الثّاني المتوسّط في مقرّر علم الأحياء من وجهة نظر المعلّمين.
- تأثير التّعلّم من بُعد في مراعاة الفروق العقليّة بين المتعلّمين للصّفّ الثّاني المتوسّط في مقرّر علم الأحياء من وجهة نظر المعلّمين، تُعزى لمتغيّريّ (الجنس، والخبرة).
- تأثير التّعلّم من بُعد في مراعاة الفروق الانفعاليّة بين المتعلّمين للصّفّ الثّاني المتوسّط في مقرّر علم الأحياء من وجهة نظر المعلّمين، تُعزى لمتغيّريّ (الجنس، والخبرة).
خامسًا: حدود الدّراسة
- الحدود البشريّة: معلّمي مقرّر علم الأحياء للصّفّ الثّاني المتوسّط.
- الحدود المكانيّة: المدارس المتوسّطة للمديريّة العامّة لتربية محافظة الأنبار، في العراق.
- الحدود الزّمانيّة: العام الدّراسي) 2021-2022).
سادسًا: نموذج الدّراسة
يتألّف نموذج الدّراسة من المتغيّر المستقل (التّعلّم من بُعد)، والمتغيّر التّابع (الفروق الفرديّة بنوعيها العقليّة والإنفعاليّة).
سابعًا: المصطلحات والمفاهيم الإجرائيّة
- التّعلّم من بُعد (Distance Learning): إصطلاحًا، إنّه الوسيلة الّتي يباشِر بها المعلّم وظيفته مع المتعلّمين عن طريق استخدام الإنترنت، وأنّ هناك مسافة تفصِل بين المعلّم والمتعلّمين، ويقومون بالتّواصل لأجل القيام بعمليّة التعليم والتّعلّم، ويشارك المعلّمون مقاصد التّعلّممعالمتعلّمين بطرق متنوّعة (فيشر، وآخرون،2020: 119). أمّا إجرائيٍّا ، فيُعرّف أنّه تدريس مقرّر علم الأحياء للصّف الثّاني المتوسّط عبر وسائط وبرامج تعليميّة، كالفايبر، والواتس آب والتلغرام عبر الإنترنت، إذ يتمكّن المتعلّمون من الوصول إلى هذه المعلومات في أيّ زمان ومكان.
- الفروق الفرديّة Individual differences)): إصطلاحًا، هو التّباين أو الانحرافات بين المتعلّمين في ما يتعلّق بخاصيّة واحدة، مثل التّحصيل الدّراسي أو عدد من الخصائص، والّتي تميّز متعلّم من آخر، وتجعل أحدهم طالبًا مميّزًا وفريدًا (الجنابي، 2019: 212). أمّا إجرائيًّا، فهو اختلاف متعلّمي الصّف الثّاني متوسّط في الصّفات العقليّة والانفعاليّة.
- الفروق العقليّة Mental differences)): اصطلاحًا، هو الاختلاف في درجات مستوى الذّكاء والتّحصيل من طالبٍ إلى آخر، ويتم ملاحظة وإدراك هذا النّوع من الفروقات بشكل مبكّر بين الطّلّاب، وذلك في حالة تفوّق بعضهم على رفاقهم خلال الدّراسة، أو في فهم واستيعاب درس أو موضوع معيّن، ما يدل على القدرات العقليّة لديهم(كماش،2018: 208).أمّا إجرائيًّا، فهو التّباين في درجات مستوى الذّكاء والتّحصيل بين متعلّمي الصّف الثّاني المتوسّط في مقرّر علم الأحياء، ونلاحظ ذلك، من خلال تفوّق بعض المتعلّمين على رفاقهم في فهم أو استيعاب درس معيّن، وامتلاكهم لقدرات عقليّة أسرع وأدق في معالجة المعلومات، أو من خلال الأسئلة الموجّهة من معلّم مقرّر علم الأحياء وإجابات المتعلّمين، لا سيّما في الاختبارات التّحريريّة والشّفويّة.
- الفروق الانفعاليّة (Emotional differnces): اصطلاحًا، هي الفروق في ملاحظة سلوك المتعلّم، في إقدامه أو إحجامه عن عمل معيّن، أو حبّه أو كرهه له، ومدى ميوله واتّجاهاته ورغباته نحو هذا الشّيء أو ذاك (عبدالفتاح، وآخرون، 2020: 157).أمّا إجرائيًّا، فهو التّفاعل بين المعلّم والمتعلّم في تدريس مقرّر علم الأحياء من بُعد، ورغبته في طرح الأسئلة حول المواضيع قيد الدّراسة، والإجابة على الأسئلة الموجّهة من قبل المعلّم، ومعرفة اتّجاهاته نحو تعلّم المقرّر.
ثامنًا: صعوبات الدّراسة
من الصّعوبات الّتي واجهتها هذه الدّراسة:
– قلّة الدّراسات الّتي جمعت بين متغيّريّ الدّراسة، والمتمثّلة بـ”التّعلّم عن بُعد” و”الفروق الفرديّة” بنوعيها العقليّة والانفعاليّة، فلم يجد الباحث دراسة مطابقة.
– صعوبة توزيع الاستبيانات، كون أفراد عيّنة الدّراسة متفرّقين على أقضية محافظة الأنبار المتباعدة من حيث المسافات، والدّوام الحضوري المحدّد بأيّام معيّنة.
تاسعًا: الدّراسات السّابقة
- دراسة “أحمد” (2021)، “التّعلّم عن بُعد بمدارس التّعليم الثّانوي في ظلّ جائحة كورونا بمحافظة الشّرقيّة”. توصّلت الدّراسة إلى أنّ التّعلّم من بُعد، تعوّق تطبيقه مجموعة من الصّعوبات منها: افتقار التّعلّم من بُعد إلى التّفاعل والاتّصال المباشر بين المعلّم والمتعلّم، وإهماله للأنشطة الاجتماعيّة والترفيهيّة، بالإضافة إلى أنّ التّعلّم من بُعد لا يراعي الفروق الفرديّة بين المتعلّمين.
- 2. دراسة “Agnieszka,et al” (2021)، “التّعلّم من بُعد – من مكتب البريد إلى الواقع الافتراضي والمعززّ والمختلط والتّعليم أثناء جائحة “COVID-19. وكان من بين النّتائج، أنّ التّعلّم من بُعد لا يراعي الفروق الفرديّة مثل التّعليم الحضوري وخصوصًا في الابتدائيّة وما بعدها.
- دراسة” العيساوي، وموسوي” (2020)،”أثر التّدريس وفقًا لمنصّة Edmodo التعليميّة في تحصيل طلاّب الصّف الرّابع الإعدادي في مادّة علم الأحياء”. وقد بيّنت النّتائج، تأثير التّعلّم من بُعد باستخدام منصّة Edmodo التعليميّة على التّحصيل، والفروق العقليّة بين المتعلّمين، و الإتّجاه لصالح المجموعة التّجريبيّة.
- دراسة “Upton& Adams” (2015)، “الفروق الفرديّة في التّعلّم عبر الإنترنت. خلُصت نتائج الدّراسة: إلى أنّه بالإمكان مراعاة الفروق الفرديّة من خلال التعليم من بُعد، إذ إنّ المادّة متاحة في أيّ وقت، ويستطيع المتعلّم إعادة المحاضرة في أيّ وقت يشاء، وإعادتها عدّة مرّات لحين إتقان المادّة.
- دراسة “حورية، وكمال”(2021)، “الفروق الفرديّة وأثرها على التّحصيل الدّراسي لدى متعلّمي السّنة الرّابعة من التّعليم المتوسّط”. توصّلت نتائج الدّراسة إلى أنّ الفروق الفرديّة تؤثّر على أداء المعلّم، خصوصًا معلّم المرحلة المتوسّطة الّتي تُعدّ مرحلة حسّاسة، وأيّ إهمالٍ لهذه الفروق، سيؤثّر سلبًا على التّحصيل الدّراسي. كما بيّنت تأثير الفروق الفرديّة (العقليّة والانفعاليّة) بين المتعلّمين على متوسّط تحصيلهم الدّراسي.
- دراسة”المشهراوي” (2020)، “أثر تجربة توظيف التّعلّم الإلكتروني لتحسين العمليّة التّعليميّة في المرحلة الأساسيّة العليا”، أظهرت الدّراسة عدّة نّتائج، أهمّها: وجود أثر للتّعلّم من بُعد في مراعاة الفروق الفرديّة بين المتعلّمين، ومن السّلبيّات ضعف تأهيل المعلّم لاستخدام التّقنيّات الحديثة في التّعليم. وأظهرت النّتائج أيضًا عدم وجود فروق دالّة إحصائيًّا في متغيّرات الدّراسة جميعها (المؤهّل العلمي، الجنس، التّخصّص، الخبرة، والدّورات التدريبيّة).
تعقيبًا على الدّراسات السّابقة، تبيّن أنّ هذه الدّراسات، قد تعدّدت واختلفت باختلاف أهدافها الّتي تبتغيها، واختلاف متغيّراتها، فمنها ما تناول الواقع الحالي للتّعلّم من بُعد كمتغيّر مستقل في بعض المدارس، أو دراسة هذا الواقع في تدريس بعض المواد، أو أثره في تنمية الـتّحصيل للمتعلّمين. ومنها ما تناول متغيّر الفروق الفرديّة وأثره في التّحصيل. وكما أشرنا سابقًا لم يجد الباحث دراسة- على حدّ العلم والاطّلاع – جمعت ما بين متغيّريّ التّعلّم من بُعد ومدى مراعاته للفروق الفرديّة بنوعيها العقليّة والانفعاليّة بصورة مباشرة، بل إشارات ضمنيّة فرعيّة داخل الدّراسات، أو من ضمن النّتائج الفرعيّة، وهنا يكمن تميّز هذه الدّراسة وجدّيّتها.
المبحث الأوّل: التّعلّم من بُعد
في ظلّ جائحة كورونا (Covid19)،اتّجهت على أثرها مختلف المؤسّسات التعليميّة حول العالم إلى الإغلاق، بما في ذلك العراق. إلّا أنّ البعض من هذه المؤسّسات لم يتأثّر، وظلَّ التّعليم فيها مستمرًّا نظرًا لما تمتلكه من نظام تعليمي مرن، استطاع توظيف التكنولوجيا في استمراريّة العمليّة التعليميّة، فكان “التّعلّم من بُعد”، وفقًا لذلك، قدّمت 96 دولة على الأقل محتوى تّعليميًّا مقرّرًا عبر الإنترنت لزيادة تغطية الدّروس المدرسيّة للسكّان (2020 (UNESCO,.
- ماهيّة التّعلّم من بعد
تعرّفه الجمعيّة الأمريكيّة للتّعلم من بُعد، أنّه: توصيل مواد التّدريس أو التّدريب عن طريق وسیط نقل تعليمي إلكتروني، والّذي قد يشمل: الأقمار الصّناعيّة، أشرطة الفيديو، الأشرطة الصوتيّة، الحاسوب وغيرها(عبدالمجيد، والعاني، 2015: 88).
إذًا هو نوع من التّعليم، يوظّف التّقنيّات التّربويّة في إعداد المواد التّعليميّة القائمة على التّعلّم الذّاتي، ويتّصف بعدم تزامن وجود المعلّم مع المتعلّمين أو المسؤول عن العمليّة التّعليميّة، وتنفّذ الدّروس من خلال تكنولوجيا المعلومات، وباستخدام محرّكات المواقع الإلكترونيّة والإنترنت.
- أهمية التّعلّم من بعد
برزت الحاجة الى التّعلّم من بُعد، استجابة للعديد من المبرّرات النّاجمة عن التغيّرات العلميّة والتّكنولوجيّة والاجتماعيّة، أهمّها، زيادة إمكانيّة الاتّصال بين المتعلّمين والمعلّمين في ما بينهم، وبين المدرسة والبيت، إضافة إلى إتاحة فرص التّعبير عن وجهات النّظر المختلفة للمتعلّمين، فضلًا عن الشّعور بالمساواة، وذلك بإعطاء المتعلّم حريّة الإدلاء برأيه في أيّ وقت، كذلك المرونة في تكييف طرائق التّدريس بما يناسب اختلافات المتعلّمين. أيضًا، ملاءمة مختلف أساليب التّعليم، فالتّعلّم من بُعد يسمح للمتعلّم بالتّركيز على الأفكار المهمّة أثناء اطّلاعه على الدّرس، كلٌّ وفق طريقته الخاصّة. ومن مميّزاته، توفّر المناهج بصورة مستمرّة وقت ما يشاء، لتحقيق الاستفادة القصوى من الزّمن (أبو شاقور، 2017: 287).
- أهداف التّعلّم من بُعد
للتّعلّم من بُعد أهداف عدّة مرجوّة أهمّها، إيجاد الظّروف التّعليميّة الملائمة لحاجات المعلّمين، لأجل تزويدهم بالمعرفة اللّازمة ومساعدتهم على تقديم المناهج الثّقافيّة للمتعلّمين كافّة، إضافة إلى مسايرة التّقنيّة التّكنولوجيّة المستمرّة والتّطوّرات المعرفيّة، وتوفير الفرص الدّراسيّة لمن لا تسمح لهم إمكاناتهم أو قدراتهم على مواصلة التّعلّم، فضلًا عن المساهمة في تمكين الرّاغبين في الدّراسة متى أرادوا ذلك، علاوة عن المساهمة في إعداد الرّاغبين الّذين يمتلكون القدرات والمعارف والمهارات، وتوفير المناهج التّعليميّة الّتي تلبّي متطلّبات التّنمية وسوق العمل (حسن، 2021: 55).
- التّحدّيات الّتي تواجه التّعلّم من بُعد
من التّحديّات الأساسيّة الّتي تواجه التّعلّم من بُعد، عدم امتلاك العديد من المتعلّمين، الحواسيب المحمولة في المنزل، فضلًا عن صعوبة اتّصالهم بالإنترنت، بالإضافة إلى ضعف المساندة من الأهل نتيجة لانشغالهم، أو لضعف مستواهم الثّقافي، خاصّةً أنّ المتعلّمين في المراحل الدّنيا يحتاجون قدرًا كبيرًا من التّوجيه والمساعدة والتّغذية الراجعة (رمضان، 2022: 344). إضافة إلى أنّ التّعلّم من بُعد لا يمكن تطبيقه على فئات المتعلّمين كلّهم وبالطّريقة نفسها، بما في ذلك الأعمار دون سن الثّامنة ، لحاجة الأطفال في هذه المرحلة إلى تعلّم بعض المهارات الاجتماعيّة.
خلاصة القول، إنّه وعلى الرّغم من التّحدّيات والسّلبيّات الّتي تعرقل مسيرة التّعلّم من بُعد، إلّا أنّه يساعد على الابتعاد من التّعلّم التّقليدي القائم على تكدّس المتعلّمين في الصّفوف الدّراسيّة. وقد بدَت بعض الإيجابيّات من خلال العديد من التّعليقات على مواقع التّواصل الاجتماعي لآراء المتعلّمين في العراق والدّول العربيّة الأخرى، منها: إنتقاء وقت التّعلّم ومادّة التّعلّم، البُعد من مصادر التّشتّت في الصّفوف الدّراسيّة، والقضاء على الوقت الضّائع للتّنقّل من المدرسة وإليها، فضلًا عن إسهامه في تنويع مصادر التّعلّم المقروءة والمسموعة والمرئيّة، كذلك مراعاة الحالة النفسيّة، ولربّما مراعاة الفروق الفرديّة بين المتعلّمين.
المبحث الثّاني: الفروق الفرديّة
تعدّ الفروق الفرديّة من حقائق الوجود الإنساني المهمّة، إذ من دونها يختل توازن الحياة. وهذه الفروق موجودة في جميع الكائنات الحيّة، إذ يختلف الأفراد في مستوياتهم العقليّة، فمنهم العبقريّ، والذّكي جدًّا، والذّكيّ، ومتوسّط الذّكاء، ومنخفض الذّكاء، والأبله، هذا فضلًا عن تمایزهم في المستويات الانفعاليّة والميول والاتجاهات، وفي المواهب والسّمات المختلفة.
1.أهميّة دراسة الفروق الفرديّة في العمليّة التّعليميّة
إنّ معرفة الصّفات والفروق بين المتعلّمين، تمكّن المعلّم من اختيار موضوعات الدّراسة، وأنواع الأنشطة، وأساليب التّعليم والمعاملة. فالمتعلّمين في العمر نفسه يختلفون في استعداداتهم العقليّة، وفي نواحي قوّتهم وضعفهم الخاصّة، وفي بنياتهم الاجتماعيّة، وأمزجتهم وصفاتهم النّفسيّة، وظروفهم المنزليّة. وبالتّالي، لهذه الاختلافات أثرًا كبيرًا في عملهم المدرسي (الفلفلي، 2013: 151). والمعلّم، لا ينجح في عمله إلّا إذا عَنِيَ بالفروق بين أفراد الصّفّ الواحد، وبذل جهده في استغلال ما لكلِّ متعلّم من مواهب، وعمل على تنميتها إلى أقصى حدّ ممكن، والكشف عن الجوانب الّتي يمكن أن يتفوّق ويبدع بها كلّ واحد منهم، إضافة إلى علاج ما به من نقص، واختيار أساليب التّعليم والتّربية بما يتّفق مع حاجات الموكول إليه أمرهم بالذّات.
- الفروق العقليّة وكيفيّة مراعاتها
التَّفاوت في المقدرة العقليَّة العامَّة موجود بين المتعلّمين، وأوَّل ما يلفت النّظر في ذلك المقدرة العقليَّة العامَّة، والّتي تُسمَّى “الذَّكاء”. فالمتعلّم الذّكي أقدَر على التّعلّم ممَّن هم أقلّ منه ذكاءً، إذ هو بوجهٍ عام أشدّ يقظة، وأدقّ في الفهم، وأبرع في إيجاد الحلول للمسائل والمشاكل الّتي تُعرض له. ويبدو واضحًا، أنّه من الصّعب تلبية حاجات المتعلّمين النّابعة من الفروق الفرديّة لديهم باتِّباع طريقة تدريس واحدة قائمة على التّعلّم الجماعي الّذي لا يلتفت إلى فروقهم الفرديّة. لذلك، بات من الضّرورة التّنويع في طرق التّدريس وتصميم برامج تعليميّة تُلبّي حاجات كلّ متعلّم، وبواقعيّة أكثر تتناسب مع كل مجموعة متجانسة من متعلِّمي الصّفّ. وعلى ضوء هذا التوجّه، تبرز أهميّة تفريد التّعليم الّذي يُنظم ويُنفّذ ويُقوّم ويُتابع، إمّا على أساس الفرد أو المجموعة المتجانسة، وقد يكون التَّفريد بأبسط صوره، من خلال قيام بعض المعلّمين بإعداد أنشطة عمل وأوراق حول المهارة الواحدة بمستويات مختلفة متدرِّجة، إذ تُلبِّي كلّ ورقة عمل حاجات فئة من المتعلّمين بأنواعهم العاديّين والمتميّزين، وأصحاب القدرات المنخفضة (دخل الله، 2015: 86).
إنَّ تنويع الأساليب والوسائل، يترتّب عليه إيجاد بيئة ملائمة لمعظم المتعلّمين، فالأسلوب الواحد لا يتلاءم إلّا مع فئة واحدة من المتعلّمين. أمّا عندما ينوِّع المعلّم أساليبه ووسائله فسيكون لديه القدرة الكافية على استيعاب معظم هذه الفروق، لأنّه بذلك يلبّي حاجاتهم وفروقاتهم الفرديّة النَّابعة من الذَّكاءات المتعدِّدة الّتي يترتّب عليها اختلاف أساليبهم في التّعلّم (إنصورة، 2015: 257).
خلاصة القول، إنّ مهارة المعلّم في اكتشاف مجال قدرة المتعلّم، يمكِّنه من توجيه جهوده للتّركيز على هذا المجال. وهكذا فإنَّ تنويع الوسائل والأساليب، يمكّن المعلّم في نهاية الأمر من استيعاب الفروقات النَّاجمة عن الذَّكاءات المتعدِّدة عند المتعلّمين، وهذا ما سيساعده على اختيار استراتيجيّات التّعلّم المناسبة، وإحداث تعلّم متوازن بينهم (دخل الله، 2015: 87).
3.الفروق الانفعاليّة (المزاجيّة) وكيفيّة مراعاتها
إنَّ سلوك الإنسان داخل مجموعة من الأفراد، تلبيات لمؤثّرات، بعضها خارجي، وبعضها داخلي منبعها الفرد نفسه. ويختلف الأفراد في هذه التَّلبيات، من حيث سرعتها ووقتها، ومقدار استمرارها، ومجموع هذه الصّفات الّتي تتّصف بها تلبيات الشّخص، تسمّى انفعاليّة أو مزاجيّة.
ففي الصّفّ الدّراسي الواحد، نجد التّلميذ المندفع والمتسرّع والشَّديد الثّقة بنفسه، والمتأنِّي الحذر، وليس تسرُّع الأوّل دليلًا على ذكاء، ولا بطء الثّاني دليلًا على غباوة، وإنّما هي فروق في المزاج. فالمتعلّم الأوّل قد يكون أذكى من الثّاني وقد لا يكون، ولكنَّه معرَّض للخطأ في تفكيره وأعماله في كلتا الحالّتين، لأنَّه لا يتيح لعقله الوقت الكافي للإنتاج السَّليم. ومن واجب المعلّم أن يُبيِّن له النَّتائج الّتي تترتّب على تسرّعه، كما أنّ عليه أن يشجِّع المتعلِّم المفرط في التأنِّي على الإقدام، وسرعة البتّ في المسائل. ومن حسن الحظّ أنّ أمثال هؤلاء ليسوا كثرة بين المتعلّمين، لأنَّ غالبيّة النَّاس وسط بين الإثنين وفق ما يسمَّى المنحنى الطَّبيعي للصِّفات (جاكسون، وآخرون، 2022: 52)
كذلك قد نجد بين المتعلّمين متعلّمًا ذا حيويّة عظيمة في معالجة الأمور، أو قد نجد من يغلب على طبعه الضّعف والخمول، ومنهم من تلاحظ في تصرّفاتهم ثورة وقتيّة لا تلبث أن تنطفئ مهما تكن لهم من المواهب. والمعلّم الحكيم هو الّذي يُعنى بالملاحظة، والإحاطة بصفات كلّ منهم، ليعمل على تقويم ما يمكن تقويمه منها، فإنَّ من المعروف الآن، أنّ أكثر هذه النّزعات الخاصّة قد ترجع إلى ظروف اجتماعيّة خاصّة بالمتعلّم، وإذا عرفت أسبابها، يُصبح من المتيسّر علاجها (جاكسون وآخرون، 2022: 54). إنَّ مدى تحقيق التّوافق النَّفسي للمتعلّمين في المدرسة، يعتمد إلى حدٍّ كبيرٍ على مدى تمتُّع معلّميهم بالصحّة النّفسيّة (دويدار، 2017: 85-86). وقد يقتضي ذلك إعادة النّظر في مناهج إعداد المعلّم على نحوٍ يجعلها عنصرًا فعَّالًا في مساعدة المتعلّم على فهم دوافع سلوكه ومشكلاته، وعلى معالجة الإنحرافات الصّغيرة في بدايتها.
خلاصة القول، فإنَّ تفرّد التّعليم وتنوّعه، ليسا إلّا برامج تربويّة، هدفها توفير محتوى تعليمي يتناسب مع قدرات وإمكانيّات المتعلّمين المختلفة. والعوامل الّتي تساهم في مراعاة الفروق الفردية، العقليّة منها والانفعاليّة، هو البناء الجيّد للمناهج الدّراسيّة وما تحتويه من مناشط تعليميّة، ومنها منهاج مقرّر علم الأحياء، إذ إنّ الاختلافات بين المتعلّمين لا بدّ أن تُراعى، ويُمنح كلًّا منهم فرصة التّعلّم بما يتناسب مع قدراته، وميوله.
الطّريقة والإجراءات
أوّلًا: منهج الدّراسة
لتحقيق أهداف الدّراسة، اعتمدت المنهج الوصفي التّحليلي، الّذي يركّز على وصف الظّاهرة من خلال العلاقات بين متغيّراتها، والعوامل المؤثّرة فيها كما هي في الواقع بوصفها وصفًا دقيقًا، والتّعبير عنها کیفيًّا وكمّيًا، ونعني بها هنا ظواهر التّعلّم من بُعد والفروق الفرديّة. إضافة إلى تحليل المعلومات الّتي رُصِدت لتحقيق الأهداف المبتغاة.
ثانيًا: مجتمع الدّراسة
تكوّن مجتمع الدّراسة من معلّمي مقرّر علم الأحياء للصّفّ الثّاني متوسّط في جميع المدارس المتوسّطة للمديريّة العامّة لتربية الأنبار في العراق، والبالغ عددهم (380) معلّمًا ومعلّمة.
ثالثًا: عيّنة الدّراسة
اعتُمِد ما نسبته (20%) من مجتمع البحث لتمثيل عيّنة الدّراسة، فجاءت مكوّنة من (76) معلِّمًا ومعلّمة، بواقع (44) معلّمًا، و(32) معلّمة. ويظهر الجدول (1) توزبع أفراد العيّنة وفقًا لمتغيّراتها(الجنس والخبرة).
الجدول (1): توزبع أفراد العيّنة وفقًا لمتغيّراتها
المتغير | النوع | التكرار | النسبة المئوية |
النوع | ذكور | 44 | 58% |
إناث | 32 | 42% | |
الخبرة | من 1-5 سنوات | 12 | 15،8% |
6-10 سنوات | 22 | 28،9% | |
من 11سنة فما فوق | 42 | 55،3% | |
المجموع | 76 | 100% |
رابعًا: أداة الدّراسة
أُعِدَّ استبيان تكوّن من مجالين، بما يتّفق مع مقياس ليكرت الخماسي ((Likert scale. وهو موجّه لمعلّمي مقرّر علم الأحياء للصّفّ الثّاني متوسّط.
- صدق الأداة
تّحقّقنا من صدق الأداة، من خلال عرضها على (16) من المحكمين، المختصّين في مجال طرائق التّدريس والتّربية وعلم النّفس،لإبداء ملاحظاتهم وآرائهم حول ملائمة فقرات الاستبانة لأغراض الدّراسة. ومن خلال تحليل إجابات المحكّمين، وباستعمال المعادلتين (مربَّع كآي، والنّسبة المئويّة)، أبقيت على الفقرات الّتي حصلت على نسبة مئويّة من (80%) فما فوق، وعلى قيمة مربّع كاي الّتي تبلغ أعلى من (3.84) درجة.
- ثبات الأداة
تّحقّقنا من ثبات الأداة، من خلال استخدام التطبيق وإعادة التطبيق(Test –Retest) على عيّنة من (20) معلّمًا ومعلّمة من مجتمع الدّراسة، وخارج العيّنة، وبلغ ثبات الأداة (0.86)، ويعدّ مقبولًا. وبذلك تكوّن الاستبيان بصورته النّهائيّة من (30) فقرة، بواقع (15) فقرة لكل مجال.
مناقشة النّتائج وتفسيرها
الفرضيّة الرّئيسة: يؤثّر التّعلّم من بعد إيجابًا في مراعاة الفروق الفرديّة بين المتعلّمين للصّفّ الثّاني المتوسّط في مقرّر علم الأحياء من وجهة نظر المعلّمين.
للتّحقق من صحّة هذه الفرضيّة، استخراجنا المتوسّطات الحسابيّة، والانحرافات المعيارية لإجابات العيّنة حول التّعلّم من بُعد ومراعاة الفروق الفرديّة بصورة عامّة، ولبيان الفروق الإحصائية بين المتوسّطات الحسابيّة ، استخدامنا (t-test) لعينةٍ واحدةٍ، كما هو موضح في الجدول (2)، الآتي:
الجدول (2): دلالة الفروق الاحصائيّة بين الوسط الحسابي والوسط الفرضي للاستبيان ككل
العيِّنة | الوسط الحسابي | الإنحراف المعياري | الوسط الفرضي | قيمة (t-test) | درجة الحريّة | الدّلالة الإحصائيّة | |
المحسوبة | الجدوليّة | ||||||
76 | 88.73 | 5.8 | 75 | 20.637 | 1.990 | 75 | دال عند(0.05) |
يتبيّن من الجدول(2)، وجود فروق دالّة إحصائيًّا عند مستوى (0.05)، ما يشير إلى أنَّ التّعلّم من بعد يؤثّر في مراعاة الفروق الفرديّة إيجابًا بصورة عامّة في تدريس مقرّر علم الأحياء للصّفّ الثّاني المتوسّط وفق آراء عيّنة المعلّمين. ويمكن أن تُعزى هذه النّتيجة إلى أنّه وفي ظلّ ما يعيشه المجتمع اليوم من اجتياح لجائحة كورونا، وجد المعلّمون أنفسهم ملزمين باستخدام هذا النّمط من التّعلّم، كونه الأنسب للتّكيّف مع الظّروف الرّاهنة، والحفاظ على سير العمليّة التّعليميّة. فالمعلّم بشكل عام يُدرك أنّ الفروق الفرديّة موجودة بين المتعلّمين، وهي من حقائق الوجود الإنساني الّتي أوجدها الله في خلقه، إذ يختلف الأفراد في مستوياتهم الفرديّة بنوعيها العقليّة والانفعاليّة. تتّفق هذه النّتيجة مع نتائج الدّراسات الّتي استخدمت طريقة التّعلّم عن بُعد في التّدريس، كدراسة (السبوع، وآخرون، 2021، ودراسة المشهراوي، 2020)، ودراسة (العيساوي، وموسوي، 2020)، ودراسة (Upton & Adams, 2015). كونها بيّنت تأثير التّعلّم من بُعد في مراعاة الفروق الفرديّة بين المتعلّمين في مختلف المواد والمراحل التّدريسيّة بدرجات ما بين متوسّطة ومرتفعة. واختلفت مع دراسة (أحمد،2021)، كونها أظهرت أنّ التّعلّم من بُعد لا يراعي الفروق الفرديّة مثل التّعليم الحضوري وخصوصًا في الابتدائيّة وما بعدها.
- الفرضيّة الأولى: يؤثّر التّعلّم من بُعد إيجابًا في مراعاة الفروق العقليّة بين المتعلّمين للصّفّ الثّاني المتوسّط في مقرّر علم الأحياء من وجهة نظرالمعلّمين.
للتّحقّق من صحّة هذه الفرضية، استخراجنا المتوسّطات الحسابيّة، والانحرافات المعياريّة لإجابات العيّنة حول التّعلّم من بُعد ومراعاة الفروق العقليّة بين المتعلّمين للصّفّ الثّاني المتوسّط في مقرّر علم الأحياء من وجهة نظرالمعلّمين، ولبيان الفروق الاحصائية بين المتوسطات الحسابية، استخدامنا (t-test) لعينةٍ واحدةٍ، كما هو موضح في الجدول (3)، الآتي:
الجدول (3): دلالة الفروق الإحصائيّة بين الوسط الحسابي والفرضي لمجال التّعلّم عن بُعد والفروق العقليّة
المجال | العيّنة | الوسط الحسابي | الانحراف المعياري | الوسط الفرضي | قيمة (t-test) | درجة الحريّة | الدّلالة الإحصائيّة | |
المحسوبة | الجدولية | |||||||
التعلّم من بُعد والفروق العقليّة | 76 | 43.6 | 3.759 | 37.5 | 14.147 | 1.990 | 75 | دال عند(0.05) |
يتبيّن من الجدول (3)، وجود فروق دالّة إحصائيًّا، عند مستوى دلالة (0.05)، ما يشير إلى أنّ التّعلّم من بُعد يؤثّر في مراعاة الفروق العقليّة بين المتعلّمين في تدريس مقرّر علم الأحياء للصّف الثّاني المتوسّط من وجهة نظر المعلّمين. يُفسّر ذلك في ضوء، أنّ المعلّمين يدركون اختلاف المتعلّمين في المقدرة العقليّة العامّة، والّتي تُسمّى الذّكاء. فالفروق واضحة، إذ إنّهم يواجهون يوميًّا ما يعرفه المتعلّمون ويستطيعون عمله، وبأيّ سرعة يمكنهم أن يتعلّموا، ما يستوجب مراعاة ذلك في طبيعة المادّة المقدّمة، وطرائق وأساليب تقديمها، وقد اتّفقت الدّراسة الحاليّة مع كل من دراسة (العيساوي، وموسوي، 2020)، الّتي أظهرت تأثير التّعلّم من بُعد باستخدام منصَّةEdmodo التّعليميّة على التَّحصيل والفروق العقليّة بين المتعلّمين، ودراسة (المشهراوي، 2020)، الّتي خلُصت إلى أنّ إيجابيّات التّعلّم من بعد المهمّة، مراعاة الفروق الفرديّة ومنها العقليّة، بينما اختلفت هذه الدّراسة مع دراسة (أحمد، 2021)، الّتي بيّنت افتقار التّعلّم من بعد إلى التَّفاعل والاتّصال المباشر بين المعلِّم والمتعلِّم ، وإهمال للأنشطة الاجتماعيَّة.
- الفرضيّة الثّانية: يؤثّر التّعلّم من بُعد إيجابًا في مراعاة الفروق الانفعاليّة بين المتعلّمين للصّفّ الثّاني المتوسّط في مقرّر علم الأحياء من وجهة نظر المعلّمين.
للتّحقّق من صحّة هذه الفرضيّة، استخراجنا المتوسّطات الحسابيّة والانحرافات المعيارية لإجابات العيّنة حول التّعلّم من بُعد ومراعاة الفروق الانفعالية بين المتعلّمين للصّفّ الثّاني المتوسّط في مقرّر علم الأحياء من وجهة نظرالمعلّمين، ولبيان الفروق الإحصائية بين المتوسّطات الحسابيّة، استخدامنا (t-test) لعيّنةٍ واحدةٍ، كما هو موضح في الجدول (4)، الآتي:
الجدول (4): الفروق الاحصائيّة بين الوسط الحسابي والفرضي لمجال التّعلّم من بُعد والفروق الإنفعاليّة
المجال | العيّنة | الوسط الحسابي | الانحراف المعياري | الوسط الفرضي | قيمة (t-test) | درجة الحرية | الدلالة الإحصائيّة | |
المحسوبة | الجدولية | |||||||
الفروق العقليّة | 76 | 45.16 | 4.516 | 37.5 | 14.787 | 1.990 | 75 | دال عند(0.05) |
يتبيّن من خلال الجدول (4)، وجود فروق دالّة إحصائيًّا، عند مستوى (0.05)، ما يشير إلى أنّ التّعلّم من بُعد يؤثّر إيجابًا في مراعاة الفروق الانفعاليّة في تدريس مقرّر علم الأحياء بين المتعلّمين للصّفّ الثّاني المتوسّط من وجهة نظر المعلّمين. فالمعلّم يلاحظ اختلاف المتعلّمين في السّلوك، من حيث تلبياتهم للمؤثّرات الخارجيّة كانت أو الدّاخليّة، والّتي تختلف من حيث سرعتها، ومقدار استمرارها، فالصّف الدّراسي يُحصي المتعلّم المندفع، والمتأنّي، والانفعالي، والعقلاني، والضّعيف..، ويسلك تبعًا لهذه الصّفات، والّتي تشير إلى التنوّع في المستويات. وبإمكان المعلّم في هذه الحالة أن يكون موجّهًا لسوك متعلّميه، ويعمل على تقويم ما يمكن تقويمه منها. وتتّفق هذه النّتيجة في ضوء ما ذكره (جاكسون، وآخرون، 2022) إلى أنّ المعلّم على دراية أنّ أكثر هذه النّزعات، قد تعود إلى ظروف بيئيّة تربويّة خاصّة بالمتعلّم، وإذا ما عُرِفت أسبابها، يصبح من المتيسّر تقويمها وتعديلها إلى الأفضل.
- الفرضيّة الثّالثة: توجد فروق ذات دلالة إحصائيّة بين متوسّطات إجابات العيّنة لمجال التّعلّم من بُعد والفروق العقليّة بين المتعلّمين للصّفّ الثّاني المتوسّط في مقرّر علم الأحياء، من وجهة نظر المعلّمين، تعزى لمتغيّريّ (الجنس، والخبرة).
1.3. عرض النّتائج وفق متغيّر الجنس
بعد فرز درجات إجابات العيّنة وفق متغيّر الجنس تبيّن وجود فروق في الإجابات، ولمعرفة في ما إذا كانت الفروق دالّة إحصائيًّا، استخدامنا (t-test ) لعيِّنتين مستقلّتين لحساب الفروق بين الوسط الحسابي والوسط الفرضي، كما هو موضح في الجدول (5):
الجدول (5): اختبار الفروق في إجابات العيّنة لمجال التّعلّم عن بُعد والفروق العقليّة وفق متغيّر الجنس
المتغيّر | العدد | المتوسّط الحسابي | التباين | درجة الحريّة | t-test | الدلالة الإحصائيّة
|
|
المحسوبة | الجدوليّة | ||||||
المعلّمين | 44 | 43.11 | 17.31 | 74 | 1.32 | 1.990 | غير دال عند مستوى 0.05 |
المعلّمات | 32 | 44.31 | 11.56 |
يتبيّن من الجدول (5)، أنّه لا توجد فروق في إجابات عيّنة الدّراسة على مجال التّعلّم من بٌعد والفروق العقليّة وفق متغيّر الجنس. ويمكن تفسير ذلك في ضوء ما ذكره (حسين، 2017:76)، وفق دراسة علميّة، إلى أنّ الذّكور والإناث يؤدّون أداءات متماثلة في اختبارات الذّكاء والقدرات العقليّة، وبالتّالي يمتلكون الاستعدادات والقدرات نفسها. لذلك فإنّ معلّمي الأحياء سواءً الذّكور أو الإناث، يتماثلون في وعيهم لاختلاف المتعلّمين من حيث مقدراتهم العقليّة عامّة، وذلك من خلال ملاحظة ما يعرفه المتعلّمون ويستطيعون عمله، وبأيّ سرعة يمكنهم أن يتعلّموا. وقد تُعزى النّتيجة، إلى تشابه البيئات المدرسيّة من حيث طبيعة ونوعيّة التّدريبات الّتي تقدّمها وزارة التّربية لكلّ المدارس، والتّوجيهات من قبل المشرفين الاختصاصيين، لذلك أتت تقديراتهم متمائلة عامّة. وتختلف هذه النّتيجة مع دراسة (الشديقات، 2020)، الّتي بيّنت وجود فروق في توظيف التّعلّم من بُعد، تُعزى لمتغيّر الجنس، لصالح الإناث.
2.3.عرض النّتائج وفق متغيّر الخبرة
بعد فرز درجات إجابات العيّنة، وفق متغيّر الخبرة، تبيّن أنَّ الوسط الحسابي للفئة من (1-5 سنوات)، بلغ (42.08)، وأنّ الوسط الحسابي للفئة من (6-10) سنوات، بلغ (43.95)، بينما الفئة من (11 سنة فما فوق) بلغ (44.77)، مقارنةً بالوسط الفرضي (37.5)، أي توجد فروق بين المتوسّطات. ولاختبار الفروق بين متوسّطات المجموعات الثّلاث، استخدامنا تحليل التّباين الأحادي (ANOVA)، فتبيّن وجود فروق ذات دلالة إحصائيّة بين متوسّطات درجات إجابات العيّنة وفقًا لمتغيّر الخبرة.
ولأجل معرفة اتّجاه الفروق بين متوسّطات المجموعات الثّلاث، واستخراج الفرق الحرج بين الوسطين، استخدامنا، اختبار شيفيه (Scheffe Test). كما هو موضح في الجدول (6)، الآتي:
الجدول (6): نتائج تحليل المقارنات بين فروق متوسّطات الفئات الثّلاث باستخدام اختبار شيفيه
المجموعات | المتوسّطات | قيمة شيفيه المحسوبة
(الفرق الملاحظ) |
قيمة شيفيه الحرجة
(الفرق الحرج) |
الدلالة الإحصائيّة عند مستوى 05,0 |
(11سنة فما فوق) | 44.77 | 2.69 | 2.56 | دال |
(1- 5 سنوات) | 42.08 | |||
(6-10سنوات) | 43.95 | 1,87 | 2.56 | غير دال |
(1- 5 سنوات) | 42.08 | |||
(11سنة فما فوق) | 44.77 | 82,0 | 2.56 | غير دال |
(6-10سنوات) | 43.95 |
يتبيّن من خلال الجدول (6)، وجود فروق دالّة إحصائيًّا لصالح ذوي الخبرة (11 سنة فما فوق). يمكن تفسير هذه النّتيجة، أن المعلّمين الأكثر خبرة، لديهم دراية أكثر بتأثير التعلّم من بُعد في مراعاة الفروق الانفعاليّة والعقليّة، إذ إنّهم خضعوا لدورات تدريبيّة عديدة، واشتركوا في ندوات تتعلّق بالتّعليم التّكنولوجي والتّعلم من بعد، وتعرّضوا لمواقف وخبرات تؤهّلهم لإدراك مدى تأثير استخدام التّعلّم من بعد. اختلفت هذه النّتيجة مع كلّ من دراسة (السبوع، وآخرون، 2021)، ودراسة (المشهراوي، 2020)، الّتي أظهرت عدم وجود فروق دالّة إحصائيًّا، تُعزى لمتغيّر الخبرة.
- الفرضيّة الرّابعة: توجد فروق ذات دلالة إحصائيّة بين متوسّطات إجابات العيّنة لمجال التّعلّم من بُعد والفروق الانفعاليّة بين المتعلّمين للصّفّ الثّاني المتوسّط في مقرّر علم الأحياء، من وجهة نظر المعلّمين، تُعزى لمتغيّريّ (الجنس، والخبرة)؟.
1.4.عرض النّتائج وفق متغيّر الجنس
بعد فرز درجات إجابات العيّنة وفق متغيّر الجنس، تبيّن وجود فروق في المتوسّطات بالنسبة لإلى مجال التّعلم من بُعد والفروق الانفعاليّة وفق متغيّر الجنس. ولمعرفة في ما إذا كانت الفروق دالّة إحصائيًّا، استخدمنا (t-test ) لعيّنتين مستقلّتين لحساب الفروق بين المتوسّط الحسابي والمتوسّط الفرضي، كما هو موضح في الجدول (7)، الآتي:
الجدول (7): اختبار الفروق في اجابات العيّنة لمجال التعلّم عن بُعد والفروق الإنفعاليّة وفق متغيّر الجنس
المتغيّر | العدد | المتوسّط
الحسابي |
التباين | درجة الحرية | t-test | الدلالة الإحصائيّة
|
|
المحسوبة | الجدوليّة | ||||||
المعلّمين | 44 | 43.86 | 16.48 | 74 | 3.141 | 1.990 | دال عند مستوى 0.05 |
المعلّمات | 32 | 46.47 | 6.92 |
يتبيّن من خلال الجدول (7)، أنّ القيمة المحسوبة (3.141) أكبر من الجدوليّة (1.990)، أي أنّ الفروق ذات دلالة إحصائيّة، ما يشير إلى وجود فروق في إجابات عيّنة الدّراسة على مجال التّعلّم من بُعد والفروق الانفعاليّة وفق متغيّر الجنس، ولصالح المعلّمات. ويمكن تفسير هذه النّتيجة إلى أنّ الأنثى تتحسّس للأمور الانفعاليّة أكثر من الذّكر، ويرجع ذلك إلى التّفاوت بين دماغيّ الذّكر والأنثى في هذه الصّفة. إذ إنّ الجهاز الحافي المسؤول عن العواطف أكبر وأكثر أثرًا في السّلوك عند الأنثى، منه عند الذّكر. لهذا، كانت الأنثى أكثر عاطفةً، وأكثر دقّةً في التّعبير عن عواطفها. (قديح، 2015: 57). من هنا، تفسير تحسّس المعلّمات لتأثير التّعلّم من بُعد في مراعاة الفروق الانفعاليّة بين المتعلّمين، أكثر منها لدى المعلّمين.
2.4.عرض النّتائج وفق متغيّر الخبرة
بعد فرز درجات إجابات العيّنة وفق متغيّر الخبرة، يتبيّن أنّ المتوسّط الحسابي للفئة من(1-5 سنوات) بلغ (42.92)، والوسط الحسابي للفئة من (6-10 سنوات) بلغ (45.09)، بينما الفئة من (11 سنة فما فوق) بلغ (47.77) مقارنةً بالوسط الفرضي (37.5)، أي توجد فروق بين المتوسّطات. ولاختبار الفروق بين متوسّطات المجموعات الثّلاث، استخدامنا تحليل التّباين الأحادي.
(ANOVA )، فتبيّن أنَّ القيمة الفائيّة المحسوبة (4.323)، أكبر من القيمة الجدوليّة (10.3) عند مستوى دلالة (05.0)، ودرجة حرّيّة (75)، ما يشير إلى وجود فروق دالّة إحصائيًّا بين متوسّطات درجات إجابات العيّنة وفقًا لمتغيّر الخبرة.
ولأجل معرفة اتّجاه الفروق بين متوسّطات الفئات الثّلاث، واستخراج الفرق الحرج بين الوسطين، استخدامنا اختبار شيفيه (Scheffe Test) ، للمقارنة بين الفئات الثّلاث واستخراج الفرق الحرج بين الوسطين، كما هو موضح في الجدول (6)، الآتي:
الجدول (6): نتائج تحليل المقارنات بين فروق متوسّطات الفئات الثّلاث باستخدام اختبار شيفيه
المجموعات | المتوسّطات | قيمة شيفيه المحسوبة
(الفرق الملاحظ) |
قيمة شيفيه الحرجة
(الفرق الحرج) |
الدلالة الإحصائيّة عند مستوى 05,0 |
(11سنة فما فوق) | 47.48 | 4.56 | 2.56 | دال |
(1- 5 سنوات) | 42.92 | |||
(6-10سنوات) | 45.09 | 2.17 | 2.56 | غير دال |
(1- 5 سنوات) | 42.92 | |||
(11سنة فما فوق) | 47.48 | 2.39 | 2.56 | غير دال |
(6-10 سنوات) | 45.09 |
يتبيّن من الجدول (6)، أنّ الفروق بين الفئة (11 سنة فما فوق) ، والفئة من (1- 5 سنوات) كانت أكبر من القيمة الحرجة (2.56)، أي يوجد فروق دالّة إحصائيًّا لصالح ذوي الخبرة (11 سنة فما فوق). يمكن تفسير هذه النّتيجة، وفق ما فسّرناه بالنّسبة إلى الفروق العقليّة. اختلفت هذه النّتيجة مع كلّ من دراسة (السبوع، وآخرون، 2021)، ودراسة (المشهراوي، 2020)، الّتي بيّنت عدم وجود فروق ذات دلالة إحصائيّة، تُعزى لمتغيّر الخبرة.
التّوصيات
بناءً على النّتائج الّتي توصّلت إليها الدّراسة، وضعنا التّوصيات الآتية:
- الاهتمام بالفروق الفرديّة بنوعَيها العقليّة والانفعاليّة، عند التّدريس سواءً بالتّعلّم من بُعد أو بالتّعلّم الحضوري.
- مناقشة كيفيّة مراعاة الفروق الفرديّة في الدّورات التدريبيّة الّتي تقام في مديريّات تربية المحافظات.
- الإيعاز للمعلّمين والمعلّمات بتنويع الأساليب التّدريسيّة والأنشطة، بشكل تُراعى من خلالها الفروق الفرديّة بين المتعلّمين
- إدراج أنشطة إضافيّة تتناسب مع تباين مستويات المتعلّمين، كالأنشطة المدرسيّة والثقافيّة والمسابقات العلميّة.
- الاهتمام بالفروق الفرديّة بنوعَيها العقليّة والإنفعاليّة، عند التّدريس سواءً بالتّعلّم من بُعد أو بالتّعلّم الحضوري.
- مناقشة كيفيّة مراعاة الفروق الفرديّة في الدّورات التدريبيّة الّتي تقام في مديريّات تربية المحافظات.
- الإيعاز للمعلّمين والمعلّمات بتنويع الأساليب التّدريسيّة والأنشطة، بشكل تُراعى من خلالها الفروق الفرديّة بين المتعلّمين
- إدراج أنشطة إضافيّة تتناسب مع تباين مستويات المتعلّمين، كالأنشطة المدرسيّة والثقافيّة والمسابقات العلميّة.
وفي ضوء ما انتهت إليه الدّراسة، من الممكن العمل على عدّة دراسات، منها:
- دراسة مدى مراعاة الفروق الفرديّة في التّعلّم من بُعد من وجهة نظر المتعلّمين في مراحل دراسيّة مختلفة.
- إجراء دراسة تجريبيّة لمعرفة أثر كل من التّعلّم من بُعد والتّعلّم الحضوري في التّحصيل للصّفّ الثّاني المتوسّط في مقرّر علم الأحياء.
- دراسة التّعلّم المدمج ومراعاة الفروق الفرديّة بين المتعلّمين في مواد دراسيّة متنوّعة.
المراجع العربيّة
- 1. أبو شاقور، نعيمة المهدي (2018). دراسات تربوية ط1، عمّان: دار المعتز للنّشر والتّوزيع.
- أحمد، فاطمة محمد (2021). التّعلم عن بُعد بمدارس التّعليم الثانوي في ظل جائحة كورونا بمحافظة الشرقيّة، مجلّة كليّة التّربية – جامعة عين شمس، العدد (45).الجزء (1).
- 3. إنصورة، نجاة عيسى حسين (2015). أساسيّات وأصول علم النّفس، عمّان: كنوز للنّشر والتّوزيع.
- 4. الجنابي، صاحب عبد مرزوك (2019). علم النّفس المعرفي، عمّان: دار اليازوري العلميّة للنّشر والتّوزيع.
- 5. حسن، سلوى حشمت (2021). المقررّات المفتوحة واسعة النّطاق على الإنترنت، عمّان: اليازوري للنّشر والتّوزيع.
- 6. حورية، عبد الملك وكمال، رقيق (2021). الفروق الفرديّة وأثرها على التّحصيل الدراسي لدى متعلّمي السّنة الرّابعة من التّعليم المتوسّط ، مجلّة إشكالات في اللغة والأدب، المجلّد (10)، العددّ (2)، ص82-101.
- دخل الله، أيوب (2015). علم النفس التّربوي (الخصائص النمائيّة والفروق الفرديّة والبيئة الصّفّيّة وانعكاساتها على العمليّة التّعليميّة)، بيروت: دار الكتب الحديثة.
- 8. دويدار، إيمان (2017). الصّحة النفسيّة للأطفال والمراهقين، القاهرة: دار نشر يسيطرون.
- 9. رمضان، هاني إسماعيل (2022). أبحاث المؤتمر الدّولي الثّالث: العربيّة للناطقين بغيرها الحاضر والمستقبل (3)، المنتدى العربي التّركي.
- 10. السبوع، وآخرون (2021). واقع التّعلّم عن بُعد في تدريس العلوم واللّغة الإنجليزيّة في ظل جائحة كورونا من وجهة نظر معلّمي المرحلة الأساسيّة”، مجلّة العلوم التربوية والنفسيّة ، المجلد (5)، العدد (8). ص21-34.
- 11. الشديقات، منيرة عبدالكريم (2020) . واقع توظيف التّعلّم عن بُعد بسبب مرض الكورونا في مدارس قصبة المفرق من وجهة نظر مديري المدارس فيها، المجلّة العربيّة للنّشر العلمي، العدد(19).
- 12. صاكال، فاطمة رمضان وخليفة، عبدالسلام الشيباني (2017). الفروق الفرديّة بين تنوّع التّدريس و تفريد التّعليم”، مجلّة كلّيات التّربية العدد السّابع.
- 13. عبد الفتاح، خليل، وآخرون (2020). الفروق الفرديّة وتطبيقاتها، عمّان: دار اليازوري العلميّة للنّشر والتّوزيع.
- 14. عبد المجيد، حذيفة مازن والعاني، مزهر شعبان (2015). التّعليم الإلكتروني التّفاعلي، عمّان: مركز الكتاب الاكاديمي.
- 15. عبيدات، ذوقان، وآخرون (2020). البحث العلمي مفهومه أدواته أساليبه”، عمّان: دار الفكر للنّشر والتّوزيع.
- 16. العيساوي، سماح انور حمادي والموسوي ،سالم عبدالله سلمان (2020). أثر التّدريس وفقًا لمنصّة Edmodo التّعليميّة في تحصيل طلّاب الصّف الرابع الإعدادي في مادّة علم الأحياء، مجلّة الفنون والأدب وعلوم الإنسانيّات والإجتماع، العدد(55)، ص215-234.
- 17. الفلفلي، هناء حسين (2013). علم النّفس التّربوي، عمّان: كنوز المعرفة للنّشر والتّوزيع.
- 18. فيشر، دوغلاس وآخرون (2020). كتاب التّعلّم عن بُعد: للصّفوف من الرّوضة – الثّاني عشر، الإسكندريّة: دار الفكر التّربوي للنّشر والتّوزيع.
- 19. كماش، يوسف لازم (2017). سيكولوجيّة التّعلّم والتّعليم، عمّان: دار الخليج للنّشر والتّوزيع.
- 20. كماش، يوسف لازم (2018). استراتيجيّات التّعلّم والتّعليم (نظريّات، مبادئ، ومفاهيم)، ط1، عمّان: دار دجلة للنّشر والتّوزيع.
- 22. مجاهد، فايزة أحمد (2021). مداخل واستراتيجيات وطرائق حديثة في تعليم وتعلّم الدّراسات الاجتماعيّة، بيروت: دار التّعليم الجامعي.
المراجع الأجنبيّة
- Agnieszka, Pregowska, et al. (2021). “Worldwide Journey through Distance Education – From the Post Office to Virtual, Augmented and Mixed Realities, and Education during the COVID-19 Pandemic”, Journals Education Sciences ,Volume 11 ,Issue 3.
- Griffiths, Carol & Soruç, Adem. (2021). “Individual Differences in Language Learning and Teaching: A Complex/ Dynamic/ Socio-Ecological/ Holistic View”, English Teaching & Learning (2021) 45: 339 – 353
- UNESCO )2020?) UNESCO Report “COVID -19 Educational Disruption and Response”.
- Upton, Dominci & Adams, Sally. (2015).”individual differences in online learning”, Psychology Learning and Teaching 5 (2), 141 – 145.
[1]– أستاذ دكتور في الجامعة اللبنانية كلّية الآداب والعلوم الإنسانيّة- كلية التربية – rowayda.zein@hotmail.com
[2]– طالب ماستر في جامعة الجنان كلية التربية – قسم المناهج وطرائق التدريس – makerdg454@gmail.com