foxy chick pleasures twat and gets licked and plowed in pov.sex kamerki
sampling a tough cock. fsiblog
free porn

ترنيمة المكان في ديوان أحمد عارضة “خلل طفيف في السفرجل”

0

ترنيمة المكان في ديوان أحمد عارضة “خلل طفيف في السفرجل”

The Hymn of the Place in Earida Ahmed’s Diwan “A Slight Glitch in the Quince

Dr. Mouhammad alsamainaد. محمد حسين السماعنة([1])

الملخص

يجيب هذا البحث عن سؤال يرتبط بحال المكان في ديوان “خلل طفيف في السفرجل” للشّاعر أحمد العارضة. وهذا الجواب له أهمية خاصة بسبب الحضور الكثيف للمكان في قصائد الديوان، ولأنّ رصْد هذا الطور يضيء جانبًا من جوانب التمثيل الرّمزي للمكان، ويوضح صورة المكان التي ينظر إليها السجين من زنزانته. وبينت الدراسة التي استخدم فيها الباحث أدوات أكثر من منهج: النّفسي والأسلوبي والجمالي، أنّ الشّاعر حلّق في سماء بلاده، وهو يعاني من العوائق التي تضعها عصا السّجان، وجدران السجن.

الكلمات المفتاحية: المكان المعادي، المكان الصديق، أحمد عارضة، أدب السجون

Summary

This research attempts to answer a question related to the situation in the Diwan “a slight defect in the quince” of the poet Ahmed Al-Arda. This answer is of particular importance because of the heavy presence of the place in the poems of the Diwan, and because monitoring this development illuminates an aspect of the symbolic representation of the place, and shows the image of the place that the prisoner looks at from his cell.

The study in which the researcher used more tools than a psychological, stylistic and aesthetic method showed that the poet flew in the sky of his country, and he suffers from the obstacles that the prison stick and prison walls put in.

Keywords: hostile place, friendly place, Earida Ahmad, prison literature

المقدمة

اصطلح على تسمية الأدب الذي يصور معاناة الأسرى والمسجونين تحت وطأة الظلم أو الاعتقال، أو الأسر، أو النفي والتشرد بأدب السجون، وهو تجربة إبداعيّة إنسانيّة حيّة صادقة رائدة، وحين قال لي أستاذي الدكتور محمد حور :”إن الشّعراء لا يسجنون، وإنهم القابضون على الجمر”، استفزتني هذه العبارة، ودفعتني لبدء رحلة عميقة في أدب السجون، وما كتب عن شعره ونثره، فوجدت أنّ أدباء كثيرين خاضوا تجربة السّجن، وكتبوا عنها، وأن الكتابة عن السّجن ومن السجن وعن الأسر والسّجان ليست جديدة على السّاحة الأدبية العربية والعالمية، وأنّ أقلامًا كثيرة قد رسمت علامات طريق في وصف هذا الأدب منذ العصر الأموي حتى يومنا هذا، فالنّصوص الأدبيّة التي وصفت تجربة السجن، أو تحدثت عن معاناتها شعرًا، أو نثرًا ليست قليلة، نذكر منهم للتمثيل لا الحصر: روميات أبي فراس الحمداني، وقصائد بشار بن برد، وقصائد علي بن الجهم، وقصائد المتنبي، ومن الدواوين الشّعرية التي وصفت تجربة السجن في العصر الحديث “شاعر في النظارة” لأحمد الصافي النجفي، و” شاعر بين الجدران” لسليمان العيسى و”في غيابة الجب”، وديوان “تراتيل على أسوار تدمر” ليحيى البشيري، وروايتا “شرق المتوسط” والآن هنا” لعبد الرحمن منيف، و”تجربة السّجن في الأدب الأندلسي” لرشا الخطيب، و”السجون وأثرها في شعر العرب” لأحمد ممتاز البزرة، و”السجون وأثرها في الآداب العربية من الجاهلية حتى العصر الأموي لواضح الصمد، ودراسة محمد السماعنة “شعراء عباسيّون في غياهب السّجون، ودراسة  يحيى الشيخ “أدب السّجون والمنافي في مرحلة الاحتلال الفرنسي، ” ودراسة سالم المعوش” شعر السّجون في الأدب العربي الحديث والمعاصر، ودراسة محمد حور” القبض على الجمر، ودراسة حليمة بو سعيد “صورة الوطن في شعر السجون محمود درويش أنموذجا”، ودراسة أحمد مختار “الأسر والسجن في شعر العرب تاريخ ودراسة، وكتاب خليل بيدس “أدب السجون” الذي كتبه أثناء فترة اعتقاله في سجون سلطات الانتداب البريطانية في فلسطين…

وتنماز تجربة السجن عند الشّعراء الفلسطينيين عن تجربة غيرهم من الشّعراء العرب والعالميين أنها شاملة طويلة الأمد، متجددة، جمعيّة ذاتيّة متنوعة، مرتبطة بوجودهم وبحياتهم وحياة أهلهم وعائلاتهم وأبنائهم ووطنهم، وبمحاولة الآخر إلغاء وجودهم ونفييه وإلغائه وإقصائه وسلبه تراثه الحضاري والثقافي كلّه، فهي تجربة شعرية غنية إن لم تكن الأغنى والأكثر شموليّة وزخمًا من حيث الكمّ والكيف بين تجارب الشعوب وحركات التّحرر؛ فقد كتب الشّعراء الفلسطينيون وهم مؤمنون بأنهم يخوضون حرب وجود، وعبروا بمعنويات عالية وبصدق وقوة عن معاناتهم في السّجون، مؤمنين أن وجودهم في السجن هو ضريبة لا بدّ من دفعها لنيل الحرية، ولضمان مستقبل آمن لأطفالهم، ولإيمانهم أنّ مقاومة الاحتلال هو واجب شرعي وقومي ووطني عليهم.

وقد وصف شعراء السّجون الفلسطينيون معركتهم اليوميّة مع الحنين والسّجان والعزل والفقد والقهر والاحتلال والظلم، منذ تشكل الوعي القومي العربي أثناء الحكم العثماني للوطن العربي، وأذكر منهم للتمثيل لا الحصر: الشّيخ سعيد الكرمي الذي سجن أواخر العهد العثماني، وعبد الفتاح حمايل الذي كتب “ترانيم من خلف القضبان”، وعزت الغزاوي الذي كتب “رسائل لم تصل بعد” وعادل وزوز صاحب ديواني “نداء من وراء القضبان، وعناق الأصابع”. ونذكر في هذا المقام القصائد التي كتبها محمود درويش، وسميح القاسم، وتوفيق زياد، ومعين بسيسو، ومحمود الغرباوي، ومعاذ الحنفي، ووسيم الكردي، وزكية شموط، وعبد الناصر صالح، والـمتوكل طه، ومحمد أبو لبن، وعبد السلام جار الله، ومحمد عبد السلام، وفايز أبو شمالة، وعلي الصح، مؤيد البحش، وعبد الله الزق، ووليد مزهر، ووليد قصراوي، ونافذ علان، ووليد حطيني، وعمر خليل عمر، ومشهور سعادة. وخضر محجز، ومؤيد عبد الصمد، وعدنان الصباح، وعبد الفتاح حمايل، وعمر خليل عمر، وناهدة نزال، وزكية شموط، وختام خطاب، وسعاد غنيم، وجميلة بدران، وحليمة فريتخ، وعائشة عودة…

وقد درس كثيرٌ من الباحثين شعر محمود درويش وحالاته فيه، ودرسوا شعر سميح القاسم وتوفيق زيادـ، وراشد حسين، وكثيرًا من الشّعراء الفلسطينيين الذين خاضوا تجربة السّجن، ويبدو أن الباحثين والدارسين، ولأسباب كثيرة أهمها شهرة الشاعر، قد أولوا جلَّ اهتمامهم وعنايتهم لشعراء بعينهم، وأهملوا غيرهم مع أنّ ساحة الشعر الفلسطيني واسعة زاخرة بالمبدعين وبالأقلام العالية النّاضجة، ومن هذه الأقلام التي لم تنل ما تستحقه من العناية والدّراسة والاهتمام قلم أحمد عارضة، أو أحمد اليافاوي كما أحب أن ألقبه، وهو شاعر فلسطيني أسير محكوم بعدة مؤبدات، له ثلاثة دواوين شعرية: “وشم على ذاكرة العدم”، و أنا نهم”، و”خلل طفيف في السفرجل”.

وكتبت عن شعر أحمد العارضة مجموعة من المقالات النقدية منها: مقالة يامن النوباني “أحمد العارضة: جدران السّجن تتشقق أمام الشّعر، ومقالة كميل أبو حنيش، و”الأنا المغتربة التراجيديّة المقاومة في ديوان أنا نهم للشاعر أحمد العارضة”، وقدم إبراهيم نصر الله لديوان خلل طفيف في السفرجل بقراءة ذوقية واعية لشعرية أحمد عارضة قال فيها: “حبّ جارف للحياة، في قصائد قادرة على ابتكار النور، كلما أعتمت الدنيا حولنا، وشاعر قادر على أن يقول بعمق وجرأة للسّجان: إنّ الحياة تنتظرني هناك في البيت، بيت أمي، رغم حكمهم علي بالسجن ثلاثة مؤبدات”(1). ومقالة رائد الحواري ديوان -خلل طفيف في السفرجل- أحمد العارضة، ومقالة صفاء أبو خضرة “أحمد العارضة.. أسير الشغف”. وهي في أكثرها مقالات نقدية موجزة مكثفة.

ولما وجد الباحث أن شعر أحمد العارضة يستحق مزيدًا من البحث والدراسة، وأن فيه قضايا نقدية كثيرة تصلح أن تكون دراسات نقدية كاملة، وأن الأقلام النقدية لم تفِ هذا الشاعر حقّه من البحث والدراسة والقراءة، وأن قضية المكان في قصائده ظاهرة واضحة أبدع في عرضها، وأنّها أخذت مساحة واسعة من دفقاته الشعرية وقصائده في ديوان ” خلل طفيف في السفرجل” رأى أن يبحث في ترنيمات المكان في ديوانه “خلل طفيف في السفرجل”، وأن يجيب عن أسئلة قد تساعد إجاباتها في توضيح أهمية الشّعر الفلسطيني في سجون الاحتلال منها:

هل لقصائد أحمد العارضة في السجن ملامح خاصة تميزه؟

هل في قصائد أحمد العارضة ما يكشف عن حال الشّاعر النفسية والمعنوية؟

ما هي دلالة إكثار الشّاعر من ذكر الأماكن الفلسطينية في قصائده؟

وقد استعان الباحث للإجابة عن هذه الأسئلة من قصائد أحمد العارضة في ديوان ” خلل طفيف في السفرجل” بأدوات مناهج مختلفة منها: النفسي والوصفي والجمالي والأسلوبي.

وتكمن أهمية البحث في أنه يلقي نظرة على شعر فئة كبيرة من شعراء المقاومة لهم خصوصيتهم المكانيّة ممن قرنوا الكلمة بالفعل والعمل، ويعيشون النّضال والمقاومة واقعا يوميًّا في زنازينهم.

وفرضت طبيعة البحث أن تكون في تمهيد، ومقدمة، وفصلين، وخاتمة، بين الباحث في المقدمة أهمية البحث، وقدم نبذة عن أدب السّجون، وعدد بعض الدراسات التي اهتمت بهذا النوع الأدبي، وتحدّث في الفصل الأول عن المكان المعادي في قصائد أحمد العارضة، وتحدث في الفصل الثاني عن ترنيمة المكان الصديق في قصائد أحمد العارضة في ديوان خلل طفيف في السفرجل. وبيّن في الخاتمة ما توصل إليه من نتائج الدراسة.

التمهيد

هو أحمد تيسير العارضة، المولود في مدينة نابلس العام ألف وتسعمائة وثلاثة وثمانين، اعتقل العام ألفين وأربعة، ليقضي حكمًا بالسجن المؤبد ثلاث مرات، أمضى منها تسعة عشر عامًا، له ثلاث مجموعات شعرية ضمت ستًا وثمانين قصيدة؛ “وشم على ذاكرة العدم” الصادر العام 2019، و “أنا نهم”، الصادر العام 2021 عن دار طباق للنشر والتوزيع في رام الله، و”خلل طفيف في السفرجل” الصادر العام 2022عن دار الفارابي في بيروت.

أمّا المكان فهو مجموعة علاقات مختلفة نفسيّة وروحيّة وعاطفيّة وفيزيائيّة وثقافيّة واجتماعيّة ولغويّة وتصوريّة خياليّة، وهو في الشّعر يختلف كثيرًا عنه في الواقع، وقد يتناقض معه أحيانًا، وهو لذلك ضروري للقصيدة إذ هو يمكّن الشاعر من التغلغل في خبايا النفس التخيليّة والتّصوريّة والفنيّة.

وقد أسس الشّعر العربيّ القديم لعلاقة المكان بالقصيدة العربية، فهو حمل فيها مجموع الضغط العاطفي الذي أثر في مخيلة الشاعر بعد فقد الحبيبة، أو الفراق، أو الرحيل، وقد اكتسب الطلل دلالة رمزيّة ذاتية وجمعيّة بعد شحنه بمعانٍ ذاتيّة تحمل عواطف الشاعر وأحاسيسه المختلفة من حزن وغضب وفاء وذكريات حب وولاء للمكان بوصفه جزءًا من هوية الجماعة التي ينتمي إليها الشاعر، وما تشخيص المكان إلا صورة واضحة عن حب الشاعر له ولمن عاش فيه.

وتضمن ديوان “خلل طفيف في السّفرجل” لأحمد العارضة سبعًا وعشرين قصيدة كلها تمحورت حول المكان، فالمكان كان الأساس الذي بنى أحمد عارضة عليه موقفه من الظلم والقيد والاحتلال، وقد تشكلت من المكان رؤية الشاعر الفنية التي صاغها واستثمرها ضمن الأنساق الثقافية للمكان الشعري في خطاب فيه تواصل وانطلاق مع واقع التلقي ومع مع طبيعة المتلقين، وليؤدي وظيفته في تسليط الضوء على الحلم الفلسطيني، الحياة المنتظرة على الأرض الفلسطينية بعد زوال الاحتلال.

الفصل الأول: المكان العدو

 

ارتبطت قصائد العارضة بالمكان فهو القضية الأساس التي نسج عليها مشاعره الغاضبة والراضيّة والمستبشرة والمتشائمة؛ فالمكان في قصائد” خلل طفيف في السفرجل” نوعان: المكان العدو، والمكان الصديق الذي هو في قصائده منطلق البوح، ومادته، وهدفه، فله يغضب، وله يغني، وعليه يبني آماله وأحلامه، وعنه يحكي، وفيه يطلق لنبضه العنان. وهو في حديثه عن المكان الصديق وتغنيه به، تقف في وجهه كثير من الأماكن العدوة التي تحركها يد ظالمة، أو تبنيها يد المحتل لتعيق سعي الشّاعر لاحتضان المكان الصديق والسير فيه والبناء عليه: كالسّجن، والغربة، والمنفى، والزنزانة…فبين غد مجهول ينذر بالموت، وأمس ضعيف مليء به، يظهر التخبط والخطايا والخطيئات كعنوان رئيس قد يودي إلى الحضيض، ولا يشفع الأمس بما فيه للغد الآتي ما يحمل من احتمالات(2):

غداً يموتُ الزَّهرُ جوعًا/ أمسِ ماتَ الزّهْرُ في حُلْمِ الرُّجوع

لا الأمس يشفَعُ للغَدِ الآتِي

خطيئة (أمسِهِ)..

لا (اليومُ) يدري

ما إذا اقترفَتْ يداهُ مسيرَهُ

نحو الحَضيضْ!!

فلا تُذَكِّره الثّواني

أنَّهُ إرثُ الهباء الموسِميّ

إلى النّشيدْ

فالقصائدُ في النّشيد

كما القصائد ذاتِها

أنّى جديدْ

فالحضيض هو المكان الذي ينتظر هذه الخطى التي تسير على غير هدى ليرسم لها مستقبلها ومنتهاها.

ويعيش المكان الذي يحبه الشاعر بين الغد والأمس واليوم حالة من الفراغ وفقدان الذات سببها الاحتلال الذي يحاول التهامه، فينعكس هذا التيه على ما يعيشه صاحب المكان.

وللمكان العدو أيادٍ كثيرة منها: الخيام والصفيح والغربة والمنفى والسجن حيث يفيق الشاعر فيجد نفسه فيه في مواجهة ملك جبار ينشر الموت، ويقبِضُ أرواحَ الحُرِّيّةِ بالمجّان، وهو خلف السور(3):

حيث السجنُ المنفى/ مَلَكٌ جَبَّارٌ يَنفُخُ في الصُورِ/ وخَلْف السُّور/ ويقبِضُ أرواحَ الحُرِّيّةِ بالمجّان

نموت (هنا)/ في اللّيلِ المنفى/ نَحْيا../ ونموتُ ونحْيا/ لا حُلْمَ لَنا!!

جعل الشاعر الحياة هي المرتكز الرئيس لهذه الدفقة، فهي الهدف والبداية والنهاية، إذ تكشف هذه اللغة التصويرية المرمزة بعقد كثيرة عما في نفس الشاعر عن حياة السجن، فهي توحي بكم هي الحياة في السجن قاتمة متعبة مهلكة، فهو منفى مليء بالموت، والأيام فيه تمر بلا جديد سوى الموت والمزيد من الموت، والمزيد من الإرادة المنتصرة ليبقى السجناء على قيد الحياة بزوادة كلها أحلام.

وأكثرُ ما يتعب الشاعر في السجن منفاه هو الوحدةُ وغيابُ الأنثى إذ يحول غيابها الزنزانة إلى مكان أكثر هامشية، وأكثر موتا وجفافا وبردا، وليلا، يموج بالحزن، والغربة والقهر، حتى ليغدو كأرصفة جرداء، يقول في قصيدة “يا كل الأشجار”(4):

لا مَوطِئَ قلبٍ لي في هذي الأرضِ/ يقيني الجوع،/ وبرد الأرصِفةِ المسكونةِ/ بالأضواء المُطفَأةِ السوداء/ وحُزنِ ضَياعي/ وتَشَرُّدِ أقدامي/ ومُدى الإنسانْ../ يا كُلَّ الأشجارِ أريد ملاذاً للإنسان/ -أريد ملاذاً مِنْ هذا الإنسان-!!/ أُريد ضياعاً أكبر من حُزني/ يقتاتُ بصدري بضعةَ أحْزان../

يا كُلَّ الأشجارِ أنا عشقٌ وحدي،/ لكنْ/ ما فائدةُ العشْقِ بِلا أُنْثى؟/ ما فائدةُ العشْقِ بلا أوْطانْ؟!/…/ لكنْ/ ما مِنْ وردٍ زهريٍ في الغُربةِ/ يملأُ أرْصِفَتي../ يا كلّ الأشجار أنا أرصِفةٌ خاويةٌ/ جرداءُ بلا أُنْثى.

تمتلئ دفقات القصيدة بالعواطف الصداقة الفائضة القوية الجارفة المزنرة بالغضب والفقد لتعبر عن حبه للأنثى وحاجته لها، وهذه الأنثى التي ينشدها الشاعر تتوحد في وطن بل هي الوطن(5):

يا كُلَّ الأشجار أنا تائِهْ./ لا وطنًا لي،/ لا مُدنًا، لا بيْتًا، لا مأوى./ لا أُمًّا تهمسُ في ليلي/ رائحةَ الخبزِ أو القَهْوَة../ يا كُلّ الأشجار/ أريد امرأةً أسْكُنُها -تأويني،/ ما عاد هنالك في قلبيَ مُتّسعٌ للسُكْنى/ ما عاد هناكَ مكانٌ/ إلا لامرأةٍ تَخْلقُني/ لا أعصيها/ أُعطيها أرضي وسفوحي/ أُعطيها كُلَّ مياهي الجوفيَّةْ/ أُعطيها مطري، آباري،/ وأنام قليلاً مثل الطفلِ على يدها/ أُنْشئُ كلَّ حضاراتي

بين أناملها.

والدّخول إلى قصائد أحمد العارضة لا يستطيعه القارئ إلا بعد تدبر في الضمائر والأفعال، وتقليب وتمحيص للصور، وربط بعيد بين الأشياء وماضيها وتاريخها، فهي قصائد مثقفة موحيّة لها أصابع قابضة على جمر الصبر والرقابة والقهر والفقد، حتى لقد تبدو دفقات القصيدة لمن يقرأها أول مرة مبعثرة مشتتة، لا يربط بينها سوى خيط حزن في قصيدة شاكيّة، فعلى سطح الدفقة يؤرق الشاعرَ انفلاتُ القصيدة عن مسارها وانحرافُها عن الألم الذي حركها، كما يؤرق الشاعرَ أن من أصحاب الحق من التبس عليه حقه، وفضاء السجن المعلن وهو مختصر بأبوابه(6):

يُؤرّقُني انحراف الشِعرِ/عن أوتادِ أسبابِهْ/ يُؤرّقُني/التباسُ الحقِ في أذهان أصحابِهْ/يُؤرّقُني

فضاءٌ مُعْلَنٌ في السِّجنِ/ (مُفتَرضٌ) ومُختَصرٌ بأبوابِهْ.

إذ تقرأ هذه الدفقة من الفعل المضارع (يؤرقني) الذي تكرر في الدفقة ثلاث مرات ليؤكد أنه لن تكون للشعب الفلسطيني حياة مع الغازي، وهي نتيجة أوصلنا إليها من ثلاثة مسارات؛ فأكثر ما يؤذي الأسرى في سجنهم هي ثلاثة أمور: أن ينساهم الناس في زحمة الحياة وهم فيه من أجل أن يصنعوا حياة جميلة لهم، وما ذاك إلا انحراف الشعر عن أوتاد أسبابه، وأن يؤمن بعض الناس الذين طردوا من ديارهم وسرقت بلادهم أن هذا المحتل سيعيد لهم حقوقهم بالمفاوضات، وأن المحتل قد يقبل بوجودهم، فالحق الذي التبس على أصحابه هو أرض فلسطين، والالتباس كان بالاعتراف والقبول بالغازي.

والمنفى تابع للمكان العدو، فهو المكان القاسي الجاف الذي تعيش الوردة فيه بانتظار العودة، ويضيف الشاعر مقر الرئاسة، والطاولة الوثيرة التي يجلس إليها المتنفِّذون ليفاوضوا إلى أدواتِ المكان العدو، فوردة المنفى غدت مقيدة مع أحلامها في مقر الرئاسة إلى اتفاقيات كبلتها وصادرت كثيرا منها، ووردة المنفى التي تستغيث هي الروح الفلسطينية الباحثة عن وطنها وحريتها، وتواجه آلات الموت والدمار وحدها بلا درع، وقد جمدت كل خطواتها في مقر الرئاسة إلى طاولة المفاوضات الوثيرة المزينة بالوعود الكاذبة(7):

وردةُ المَنْفى، بصوتِ بَياضِها/ بُحَّتْ صَريخاً واستغاثَةْ../ إكْليلُ زينَةْ..بِخُطىً رَزينَةْ/ قيَّدُوها فوق طاوِلةٍ وثيرَةْ/ في مَقَرٍّ للرِّئاسَة..

والسجن هو المنفى القاتل للأحلام، فهي دائما تصدمها بالواقع المر(8):

لا حُلْمَ في المنْفى هنا/غيرَ (الهروب) إلى الحقيقةْ/ لا حُلْمَ يغسِلُ إثْرَهُ المَنْفيُّ ذَنْباً راوَدَهْ.

ويشكو ما حل بشعبه، ويصف تشتته في البلاد بعيدا عن فلسطين(9):

واليومُ يا سلمى/ نُقيم بِكُلِّ أرْضٍ/ مِنْ بِقاع الخارِبَةْ/ وبأرْضِنا،/ قَد لا نكون..

والزنزانة باب الأبدية هي مكان انتظار آخر للفرج وطلوع الشمس، ينتظر على بابها سجناء الحرية(10):

في اللّيلِ/ ونحنُ على باب الأبَدِيَّةْ../ نتوَقَّعُ أن ينسابَ حليبُ الصُّبْحِ/ على بَطْنِ المُطْلَقْ/ ويجوسُ سماتَ الخوفِ الساكِنِ في الصَّحْراءْ/  تَجْثو كلماتٌ فوْقَ غبارِ رُفوفِ اللحظةْ/ تجْثو كلماتٌ أُخرى عند تُخوم اليومِيِّ.

ويقترن الليل الموحش بالزنزانة المليئة بالوحدة والانتظار، وتخذل الشمس على بابها منتظريها، يقول(11): في اللّيلِ ونحن على أعْتابِ الفرَضيَّةْ/ نُشْعِل مِصْباح الوحدةِ في مشكاةٍ للعُزْلةْ/ لا ينساب حليبُ الفجرِ على وحشتِها/ تزدادُ ظلاماً وغُبارا…/ ويُشيحُ الفجرُ بوجهِ الشمسِ عَن الأسوارْ/ يُسْلِكُها مفترقاً آخَرْ…

ولا يضلل الشاعرُ القارئَ برسم صورة مثالية لحال السجين في زنزانته؛ فحين يجثو الليل على صدر الزنزانة ذات الجدران الشوكية لتسيل الذكريات على الوحدة يتدفق شعور القهر على لغة موت وحال حزن وقهر معروفة للروح، يقول(12):

في الليلِ تعود الذكرى للذّكْرَى../ في اللّيلِ تفوح الوِحْدَةُ مِنْ جُدران الشَّوْك/وتَبْعَثُ في الرّوحِ خِضاب الموتى/ واللَّوْن الأبْيَضْ

والزنزانة مكان للعذاب الروحي حيث يموت السجين ويحيا، ويعيش تحت المراقبة والتضييق، حيث السجان يحارب روحه ويقصي أفكاره، وحيث يعيش السجين على خياله، وعلى الصور العالقة في ذهنه للحياة قبل انتزاعه منها، ففي الليل في الزنزانة المنفى(13): نحيا ونموت هنا./ حيث الجُدران تُصيخ السمْعَ إلى الأحْلامْ/ حيث تَطَفُلُّ سَجّانٍ/ يُقْصي الأفْكار عن الأقْلامْ/ حيث الأشجارُ الباسقةُ الخضراءْ../ لا تَنْبُتُ إلا في الأذْهان/ نعيشُ (هُنا)

وتحضر في قصائد الشاعر ثنائية الموت والحياة في صراعها الدائم في السجن وفي الزنازين، تحارب أرواح الأسرى وتحارب أفكارهم وأقلامهم، ويحرمون من الشعور بالهدوء او الراحة، ويمنعون من الشعور بالحياة، فهم يحاربون حتى الأحزان، وفي السجن يموت الأسرى تحت التعذيب والتنكيل، فهم في السجون جثث متروكة منذُ عقودٍ للنِّسْيان.  ويظل مشهد التعذيب والتنكيل حاضرا في دفقات القصيدة، لينقل بوضوح طبيعة الحياة اليومية المحزنة التي يعيشها السجين؛ تفتيش، وتعذيب ومراقبة، وتنكيل، وإزعاج، ومنع، يقول(14):

حيث التفتيش/ يُمارَسُ ضِدّ الأوْراق/ وضِدَّ الأحْزان/ نموتُ (هُنا)/ حيث الضوءُ الأحْمَرُ/ يقْتَحِمُ الأوْسان/ ويُقْلِقُ نوم الجُثَثِ المتروكَة/ منذُ عقودٍ للنِّسْيان/ أفيقُ (أنا)/ حيث السجنُ المنفى/ مَلَكٌ جَبَّارٌ يَنفُخُ في الصُورِ/ وخَلْف السُّور/ ويقبِضُ أرواحَ الحُرِّيّةِ بالمجّان/ نموت (هنا)/في اللّيلِ المنفى/ نَحْيا../ ونموتُ ونحْيا/لا حُلْمَ لَنا!!

وفي قصيدة “زائرة تشرين” يحمّل الشاعر قاعة انتظار الزائرين ما يشعر به من حقد وكره للمكان الذي يحبسه ويحجبه عمن جاء لزيارته محملا بالشوق والحب، فوجه الزائرة الذي يطل عليه من خلف الزجاج والذي يسرق منه الشاعر بعض التفاتات الحياة ملعثم، يقول(15): الوجهُ من خَلْفِ الزجاجِ مُلَعْثَمٌ.

وقاعة الزائرين مكان يظهر العجز والضعف عن رد دمعة عن وجه من يحب، وعيناها مغرورقتان بالدموع، يقول(16): أَمّا العيونُ: سحابةٌ من كَستناءٍ/لازَوَرْديِّ البريقْ/ أُمّاً تَراها تبكي طفلاً ــــ طفلَها وقتَ الفِراقِ

ويذكر الشاعر الزجاج الذي يفصل بينهما بقسوة وجفاف يلسع قلبه المهيض، فزجاج غرفة الانتظار هو الآخر من أدوات المكان العدو الذي يجعل الزيارة خالية من كل ما يجعل الرؤية طبيعية واضحة؛ فلا رائحة ولا عناق في مكان مقيد بالسلاسل، لا حياة فيه سوى للنظرات والذكريات، يقول(17):

مرَّةً أخرى الزُجاج/ أُخرى وأُخرى/ يلْسَعُ القلبَ المهيضَ/ ولا انعكاسٌ للروائحِ/ قد تُسَجِّلُهُ الدقائقْ … في القاعةِ المُخْلاةِ من دفءِ العناقِ/ ــــ على مسافةِ نجمةٍ قد أطفؤوا فيها الرفيفَ،/ وعَلَّقوها في سلاسلَ من مَسَدْ ــــ/ غَسَلَ المدى موتاهُ بالنظراتِ والنعناعِ / والماء المُعَطَّرِ بالأَبَدْ .

ويضم الشاعر المعابر إلى قائمة الأماكن العدوة، فعليها يقف جنود الاحتلال(18):

وجُنودُ داوودَ ابْنَ إيشارَ ابْنَ عابِرْ/ أورثوا أشتاتَهُمْ/ كُلّ المعابِرْ/ بعدَما قتلوا بمقلاع الخداع/ نَبِيَّها (جُلْياتَ)/ واحتَلُّوا بِلادَهْ..

ويضم الشاعر جزيرة كريت للمكان العدو، فيظهر سقيما ضعيفا سؤال الهوية الذي يقول إن الفلسطينيين جاؤوا من جزيرة كريت لينفي أصلهم العربي الكنعاني، وبعد ان يؤكد الشاعر استحالة أن يكون الفلسطيني طارئا على هذه الأرض لأن جيناته عربية كنعانية، وجينات الغزاة القادمين من جزيرة كريت غير ذلك، ويستعين الشاعر بالزمن ليؤكد أنا الفلسطينيين هم أصحاب الأرض فهم في عسقلان منذ آلاف العصور، يقول(19):

(مَنْ نكونُ) بحاجةٍ/ لخريطةٍ جينيَّةٍ/ تنفي بأنَّ (كريتَ) كانتْ أَصلنا؟ / وبأننا/ حينَ التقينا قبلَ آلافِ العصورِ بعسقلانِ/ تَرَنَّمَ (البِلْتُ) احتفاءً حولنا..؟؟

وفي قصيدة “ليل والغربة” يرسم الشاعر صورة حزينة مؤلمة موجعة لحال الفلسطيني في سجنه الذي أقسى أنواع الغربة، فيقرن فيها الليل الموحش بوجع الفقد، وصوت الحنين الموجع للأرض بصرخة القهر الصامتة المكبلة؛ فهو حي بلا حياة، يقول(20): والغربة لَيلٌ/ والغُربةُ/ شوكٌ ينمو في الدَّمْ../ ليلٌ/ وعويلٌ مِنْ صَمْتٍ/ يَمتَدُّ كَخَيْطٍ في كفنٍ أسود

للوَقْتْ../ لا أوَّلَ أو مُنتصفاً/  أو آخَرَ للخَيْطْ..

والغربة أرض المحل عليها تتكسر الأحلام، وفيها تنتثر الأيام، لا جديد فوقها ينبئ عن أمس اليوم فاليوم فيها كالأمس، يقول(21):

هباءً تنتثرُ الأيّام بتربةِ مَحْلٍ/ مادام المَحْلُ الآنَ إلهً للخَصْب/ وللأحْلام-/ لا تُنبِتُ ما يُنْبئ عن أمسِ اليومْ/ لا أثراً تقفوهُ الأقْلام../ وأرضُ الذاكِرةِ الملأى بفراغٍ أزْرقَ/ مُتْخَمةٌ حَدَّ خواء الروح

بحزن الصَّمْتْ..

وفي الغربة تفقد الأشياء قيمتها وما يمزيها، وتفقد مزاياها وخصائصها الجميلة، حتى الورد فيها لا يعود جميلًا، ويفقد رائحته، يقول(22): والوردُ قَبيحٌ/ لا رائحةً تُذْكَرُ/ في الغُرْبةِ/ للوَرْدْ/ لا لَوْنَ ولا طَعْمْ../ تَغَرَّبَ عِطْرُ الوردِ/ وباءَت كُلُّ حواس الأشياءِ/ بعجزٍ أبَدِيٍّ مُبْهَمْ.. والغربة مكان يفتقد إلى عناصر الحياة، فلا إحساس يذكر في الغربة، فالقهوة لا طعم لها، ولا من يسأل عنك بحب، يقول(23): لا إحساسًا يُذْكَرُ في الغربةِ/ للقهوة في ذاكرةٍ مهجورةِ للفَمْ../ لا صخباً تجلِبُهُ الجارات صباحاً…

والغربة مكان لاجترار الذكريات، لا حَولَ لمنفِيٍّ فيها إلا أن يجتر الأصوات والروائح

عن مُدُنِ الأحْلامِ وحيدًا(24):

إلاّ أن يجَترَّ هلاميات الصُّوَرِ/ الأصواتَ-/ روائح أضواء الطرقات/ ضجيجًا زهريًّا في غرفةِ صَفٍّ/ مشتَعِلٍ بالفتيات/ هدوءَ الفجر قُبَيْلَ دَوِيٍّ/ تُحْدِثُهُ أرْتال غزاةِ الضوء-/ حفاظًا منهُ على ما ينجو من أيامِ/ ومِن أحلامِ، سيَفْنيها الوقتُ/ بيومٍ/   أو بُرهةِ يَومْ../

والخيام مكان عدو، فهي مكان تشرد الفلسطيني، ويبقيه بعيدًا عن وطنه، وفيه تظهر معاناته وحنينه وشوقه للبلاد، يقول الشاعر قصيدة ظلال المدى، وهو يتكلم عن الفلسطيني بضمير أنا المتكلم(25):

وكَمْ غَرَّبَتْنِي الرِّمال عَن البُرْتُقال/ وَراءَ الخِيام../ وَبِتُّ غَريبَ الدِّيار، أحاوِرُ صَوْتِي

وحزْنُ المَدائِنِ في اللّيل ينعى رَحيلي المُبَكِّرْ…/ ونايُ الحِجارةِ مبْحوحُ يَصْرُخْ/ رُجوعٌ رُجوعُ/ ولا مِنْ مُلّبي لصوتِ القَصَبْ../

وفي ظل المعاناة التي يعيشها الشاعر في السجن قد يضع الجهات كلها ضمن المكان العدو ليغدو ظروف المكان أداة من أدوات العدو، فقبل وبعد وأمام وخلف كلها أماكن تحاول إعاقة الشاعر عن أخذ حقه من الحياة تحولت إلى أماكن للموت والحزن، ففي قصيدة “لقاء الربيع بذكرى الرحيل” يقول(26):

أمامَ التقاء الرّبيع بظلِّ الحكايةِ/ تُقْتَلُ ذكرى الرّجُوع/ على عتباتِ الرّصيفِ/ ويُهْجَرُ حُلْمُ الذي

قد تناسى ابتكار الحَنينْ/ وحُلْمُ الذي قد تمنى الإيابَ لفيءِ حبال الغسيلْ.

وأمام الْتِقاءِ الربيعِ بذكرى الرحيلِ يطغى الموت والجفاف، وتتبدى النهايات، يقول:

يموت الربيعُ/ يموت الحمامُ/ ويُذْبَحُ وردُ النّساءْ/ ويُسْدَلُ ليلُ النّهايَةِ/ بَيْن الحياة وبين الحقيقةْ

(ويغْفو القَمَرْ..)

ووراء الضلوع سَيَمْكُثُ حُلْمٌ جديدٌ/ سيحيا ويفنى/ سيَشْرَبُ عند المساء النّبيذَ/ سيَشْرَبُ عند الصباح قليلًا من البُنِّ.

والقبر عدو يلتهم أحبابنا، ويحاول تغييبهم، ويصادر الفرح من عيون الأمهات، يقول(27):

وتَصْفُنُ أُمُّ العريس قبالةَ قبرٍ صغيرٍ، طَريٍّ وطازَجْ، وتَدعو بقهرٍ بأنْ: لَيْتَها/ قبلَ عُرْسِ الشّهيد

تلاشَتْ وذابَتْ/ وَضَلَّ الطّريقَ جَنينُ الصُّنَوْبَر عن صَدْرِها.

ويقول(28): والوردةُ البيضاءُ تَبْكِي الذاهِبينَ/ الثّاكلين المُتخَمِينَ بكلّ أشواكِ المقابرْ

ويظل الشاعر يشبه السجن بالقبر، ويذكر بكثير من العرفان من رف عليه وهو فيه بدفقة حب، يقول(29): “صباح الياسمين/ لمن سَقَتْ قبري ” هناك ” / بماء ورد البرتقال /وأفرغَتْ كلَّ الجِرارْ”

وفي ظلمة السجن تغدو الدواوين الشعرية بما فيها من أخيلة وبعواطفها كالمقابر، يقول(30):

كلُّ الدواوين التي طالعتها انفجرَتْ بذهني بغتةً/ بتَشظيات بُكائها، ومجاز أخيلةٍ رحيبةْ/ دَوَّنَتْها دون وعَيٍ أضْلُعٌ/ مهصورةُ الأقْلام كالنَّخْل المُسجَى في المقابِرْ

وأمام الضريح تلتئم الحكاية بالموت والحزن، فالظلام يخيم، والخضرة تفنى الخضرة، يقول(31):

ويحبو أمام الضّريح الْتِئامُ الحِكايةِ/ يَطْفو الظّلامُ/ ويفنى الشجرْ.

وتحت الرخام ووردٌ وريحان، يقول(32): وألاّ يُمارسَ فِعْلَ الصّليب/ على ما سَتُوْدِعُ مِن ذكرياتٍ.. ووردٍ/ وريحانَ تحتَ الرُّخام

والصحراء عدو يسكنه الخوف، يقول(33):

…نتوَقَّعُ أن ينسابَ حليبُ الصُّبْحِ/ على بَطْنِ المُطْلَقْ/ ويجوسُ سماتَ الخوفِ الساكِنِ في الصَّحْراءْ/

الفصل الثاني: المكان الصديق

المكان الصديق

أعطى أحمد العارضة للمكان الصديق المساحة الأكبر الأوسع في قصائد ديوانه، فهو احتل أكثر من عتبة من عتبات نصوصه منها: حبيبتي، بِمكانٍ ما، أُعلنكِ صديقة، سيّدةُ السَّفَرْجَلْ، اشتباه، خلل طفيف، وهو الأنثى، المعادل الموضوعي للحياة ورمز العطاء، فقد علمه الوطن وأخبره أنه أنثى، وأن الأرض أنثى(34):

أنَّ الأرْض هي الأُنْثى/ (وَهْوَ) كذلك أنثى/ وبأنِّي لولا (ها)/ ما كنتُ سوى طِينٍ محموءٍ/بالماءِ الآسِنْ

والمكان الصديق في قصائد الشاعر هو أرض فلسطين بمدنها وشوارعها وبساتينها، وما يدعمها من بلاد العرب، فهو يتوجع لما حل لبلاد الشام، وما يصيب أهلها من شدة، وكالعارف ينشر تنبؤاته، يقول(35): غَداً/ سَتَذْبُلُ غيمةٌ أُنثى/ وتَخبو في سُكوتْ../ واليوم تبكي/ في بلادِ الشّامِ/طفلةُ عَشْتَروتْ..

فهو يذكر مرج ابن عامر كمكان آمن للوردة البيضاء التي غالبا ما تكون الشعب الفلسطيني اللاجئ ، يقول(36): وحِصانُ (عُرْوَةَ) في الحظيرة/ أتْخَموهُ/ وَرَوَّضوهُ على المسيرِ كما الحَجَلْ/ والوَردَةُ البيضاءُ في مَرْجِ ابْنِ عامِرْ/ بعد غزوِ القُوطِ/ تنْمو في وَجَلْ.

ووتاكيد هوية المكان كثير في قصائد الشاعر فعسقلان مدينة بناها الفلسطينيون منذ آلاف السنين، يقول(37): وبأننا حينَ التقينا قبلَ آلافِ العصورِ بعسقلانِ/ تَرَنَّمَ (البِلْتُ) احتفاءً حولنا..؟؟

وحيفا مكان فلسطيني منذ آلاف السنين، يقول(38): قد التقينا منذ آلافِ العصورِ/ بقرب حيفا../ وارتَحلْنا صَوْبَ (لاكيشٍ)/ و(غاثْ)/ واختلَطْنا بالرّماد/ وماءِ زَهْرِ البرتقالِ بصبحِ يافا/ ثُمَّ أنجبنا طيورًا..

وفلسطين في قصائد “خلل طفيف في السفرجل” حاضرة بقوة وجمال، يعطيها الشاعر من الأوصاف والأسماء والألقاب ما يكشف عن حبه العميق لها، وإيمانه بحقه فيها، وولائه لها، فهي ديار الورد والليلك، يقول(39):

للوردةِ البَيْضاء/ جنديٌّ غريبٌ/ عن ديار الوردِ واللَّيْلَكْ...

وهي “البلاد” بما تحمله هذه اللفظة المعرفة من حديث مؤكد بحق العرب بفلسطين، يقول(40):

ومنذ أنْ جاءوا/ وحَلُّوا في البلاد/ تَجاهَلَتْهُم/ -أُسوةً “بالفاتحين” السّابقين-/ وأهملتْهُم..

وتحضر فلسطين كاملة في حوارات الحق والحقيقة في قصائد الديوان، فيستخدم الشاعر الأدلة التاريخية والأثرية، وأسلوب الاستفهام ليؤكد كذب الغزاة وبطلان ادعاءاتهم، وليكسر من رتابة الدفقة الطويلة، يقول(41):

وبأننا/ حينَ التقينا قبلَ آلافِ العصورِ بعسقلانِ/ تَرَنَّمَ (البِلْتُ) احتفاءً حولنا..؟؟/ وتمارَت العنقاءُ في عين الفِلِسْطِ ؟؟/ وَمَرَّ وَقْتٌ../ قبل أن تَرْمي السؤال المُسْتَعِرْ/ [هل نقشُ (عقرونَ) المُغَيَّبُ مُقنعٌ/ كي يُصدِرَ الحُكمَ الأخيرَ بِـ(مَن نكون)؟]/ أمْ أنَّهُ حُلْمٌ أخيرٌ مُغْتَصَبْ/ ضِدَّ الدُّعاةِ -الزّائِفين-/ لكلِّ توراةٍ وَسِفْرٍ يَدَّعُون/ بِأنَّ لا أرضَ لنا؟!

ويكرر الشاعر ذكر أن حيفا هي بلده ومدينته، وأنها عربية منذ آلاف العصور، بأسلوب سردي شعري استخدم فيه حروف العطف، والفعل الماضي ليؤكد قدم وجود الفلسطيني العربي على الأرض، وانتقل الشاعر بالمتلقي متتبعا خطوات العرب الفلسطينيين فوق أرض فلسطين وبناء مدنها: يافا، وحيفا، وعسقلان، ولاكيش، وغات، وبلت، واستخدم ضمير جماعة المتكلمين ليؤكد أن الوجود الفلسطيني على الأرض الفلسطينية كان جمعيا(42):

قد التقينا منذ آلافِ العصور/ بقرب حيفا../ وارتَحلْنا صَوْبَ (لاكيشٍ)/ و(غاثْ)/ واختلَطْنا بالرّماد/ وماءِ زَهْرِ البرتقالِ بصبحِ يافا/ ثُمَّ أنجبنا طيوراً../ واعتنقنا في المدائِنِ/ (بِلْتَ) ذاك الطير يا سلمى…

ويؤكد عروبتها بصوت واضح، يقول(43):

وأمرتُهُم:/ (صَلّوا لَها)/ هذي فتاةٌ يَعْرُبيَّةْ../ أُمّها من (عاد) جاءَتْ/ فاسجدوا للنخل في كفَّيْها/ والْتَمِسوا الهُوِيَّةْ./

ويكثر الشاعر من ذكر القبائل العربية والأسماء العربية والمدن العربية ويربطها بفلسطين، ويتناص مع نصوص عربية أصيلة، فهو يذكر نجد، وحائل، وجبلي أجأ وسلمى،(44) وفي السجن تعيش فلسطين في ذاكرة الشاعر وخياله، ولكنها قد تغيم عنه، فلا يرى غير صمتها وحزنها في إيحاء لطيف إلى آثار الاحتلال فيها، يقول(45):

وأرضُ الذاكِرةِ الملأى بفراغٍ أزْرقَ/ مُتْخَمةٌ حَدَّ خواء الروح/ بحزن الصَّمْتْ..

وهي وطنه الذي علمه أن الأنثى جزء منه وهي جزء منه، فهما معا مصدران للعطاء والتجدد، يقول(46) :

وَطنِي علَّمني/ أنَّ الأُنْثى جُزءٌ منهُ../ وجزْءٌ منها،/

ويصر الشاعر على استخدام ياء المتكلم مع المكان الصديق(وطني) ويكثر من استخدامها، فهذا دأبه في قصائده عند حديثه عن المكان الصديق:

فهو ينادي فلسطين بوطني، وينادي يافا بحبيبتي(47)، ويافتي(48)، وهي أكثر الأماكن الصديقة التي تكرر ذكرها في قصائد ديوان “خلل طفيف في السفرجل” ، فقد ذكر اسمها ست عشرة مرة، وخصها بأكثر من قصيدة، وبأكثر من دفقة شعرية ؛ فهو يناديها داري(49)، ومعبدي الجديد(50)، وأرصفتي(51)، وعناويني(52) وأرضي(53) وديار دراقي(54) ودربي(55)  وقُرى قلبي المُهجَّرةَ الشريدةْ(56)، وبلادي(57)، ودياري(58)…وعظيم حبه لها، وإيمانه بعودته إليه، ورحيل الغزاة عنها. فهي عتبة نص لأكثر من قصيدة من قصائد الديوان، يناديها بحبيبتي، ويافاي. وهي محور قصيدة ظلال المدى، وحبيبتي، واشتباه…ويظل يكرر أنها فلسطينية التكوين والنشأة والبداية، ومكان اللقاء العربي الأول منذ آلاف العصور، زرعوها وبنوها واختلطوا ببرتقالها، مشيرا إلى أن العرب أصحابها منذ كانت، يقول(59):

قد التقينا منذ آلافِ العصورِ/ بقرب حيفا…/ واختلَطْنا بالرّماد/ وماءِ زَهْرِ البرتقالِ بصبحِ يافا/ ثُمَّ أنجبنا طيوراً../ واعتنقنا في المدائِنِ.

ففي قوله آلاف العصور رد على هؤلاء العابرين الذين يقولون إنهم سكنوها قبل ألفي عام، فالسبق الزماني للعرب الفلسطينيين طولا ومدة.

ولا يمل الشاعر من تأكيد عروبة فلسطين ويافا، يقول(60): هذي فتاةٌ يَعْرُبيَّةْ../ أُمّها من (عاد) جاءَتْ/ فاسجدوا للنخل في كفَّيْها/ والْتَمِسوا الهُوِيَّةْ./ دفاع عن الهوية.

وهي حبيبته في قصيدة “اشتباه” يقول(61):

قالوا بأنَّ حبيبتي/ لا تنتمي للأرضِ،/ قلتُ:/ (يمامةٌ)/ هِيَ لا تدوس تُرابنا /وتجيد رقصَ السُنبلاتِ.

وهو لن يكف عن حبها والسعي لتحريرها(62):

(سأُحبّها..)/ ولو ادّعى رُسُلٌ وثُلَّةُ أنبياء/ بأنها إرثٌ لَهُمْ../ سأُقيم معبدِيَ الجَديد/ أمام عينيها/ وأسْجد/ وأُصَلي في مِحرابها/ صيفاً شتاءْ…

وفي قصيدة حبيبتي ينادي أحمد العارضة يافا ويعرف بها بأنها حبيبته، ويضع علامة الحذف ليترك للقارئ أن يبني ما يشاء على هذا النداء من مشاعر وتوقع لما سيقوله، ولما يشعر به، وبحزن يناديها نداء الداعي الراجي من الله الفرج(63): يا قِبْلَةَ القلْبِ الطّريِّ/ بكلِّ أوْقاتِ العبادةْ.

ويلح الشاعر على وصف علاقته بيافا وانتمائه إليها، فهو في القصيدة يؤكد ذلك بلغة سردية غلب عليها ضمير المتكلم ملازما لضمير جماعة المتكلمين، ويصف مشاعر الحزن والحب والحسرة التي تغشيه بثوب الحنين المتعب كلما ذكرت، يقول(64):

قد طالبوني منذ يومٍ/ أنْ أُبادِلَكِ الغَرام/ بفكرةٍ مجْنونَةٍ/ طَرأتْ بذِهْنِ مُحاوِرِيَّ/ سريعةً/ وبِلا انْسِجامِ/ ومُفْصِحةْ../ لا.. لا تُلام/ أنا الملامُ/-ومُوْجِعةْ-/ قالوا تجرأْ، وانتَسِبْ/ قُلْ في بِدايَةِ مَطْلَعِكْ/ (أنْ يافا كانت موطِنَكْ)/ لا تُنْفِق العُمْرَ البَقيَّ/ بِخَوفِكَ الطِفْليِّ مِن نَبْشِ الحَنين،/ وذِكْرِها..

وحاله كحال من حاوروه في السجن، فالهم في يافا جمعي وليس فردي.  وتزداد مرارة السجن، وتثقل عليه غربته فيه أكثر كلما تذكر أنه بعيد عنها(65): بعيونِهمْ أفكارُ أفشاها التماعٌ مُبْهَمٌ/ طَفِقَتْ تُعَزِّي غربتي عن يافتي:/ [للجرح في استرجاع يافا/ عبر أنصاف السطور/ تألّقٌ رغْم الألَمْ../ لا …

وتتوالى الأفكار من أعين محاوريه، فالقلم يستطيع أن يصف الحنين، ويافا أكثر من الصمت، فهو يعيدها سيرتها الأولى كما عهدوها، عروسا زفها الفجر للشواطئ والحصى، يقول(66):

للحنينِ رَوائِحٌ شَتَّى/ بِمِيناء القَلَمْ.]/ عبْرَ السّطور تُعيدُها/ عذراءَ بحرٍ،/ زَفَّها الفَجْرُ عروساً للشواطئ /  والحَصَى../ وبطقسِ حُبٍّ/ قد تَجلَّى الليلُ فيها/ والتَحَمْ./

ولا طريق في السجن إليها سوى القصيدة، فهي خبز المخيلة، وماء القصيدة، والمرافئ، والأمنية ويضع كل هذا الحب ليافا في مجموعة متتابعة من الأسئلة الإثباتية التقريرية، يقول(67):

اصْعَدْ بُنَيَّ إلى الأعالي في القصيدَةِ/ وارْتَجِلْ/ شِعْرًا جديدًا يرتقي لبُكاء يافا../ لكنّني أحتاجُ بعضَ الأجوِبَةْ:/ هل يعلمون بأنّكِ/ خُبْزُ المُخيِّلَةِ الفَقِيرةِ للنّبيذِ،/ وللطّحينِ وللتّصَوُّرْ؟!/ هل يعلمون بأنّكِ ماءُ القَصيدَةْ؟/ هل يعلمون بأنّكِ في دفتري/ صمتُ المرافي الثّاكِلَةْ؟/ هل يعلمون بأنّكِ إرْثُ الأماني للحمام؟

ولكنه ومع إيمانه بدور الشعر في التخفيف عنه في ليل غربته الطويل في السجن إلا أنه، يؤكد أن الكلام لن يستطيع الاقتصاص له من سارق يافاه(68):

ويطلبونَ بأنْ تكوني مطلعي/ بهُوِيَّةِ الشّعر الفَقيرِ/ وأنْ أُطارِحَكِ الكَلامْ!!!/ أيُّ الكلام حبيبتي يقْتَصُّ لي مِنْ سارِقِكْ/ أو أيُّ شِعْرٍ سوف يغْسِلُ مُقْلَتَيْكِ/ مِن عرائِهْ؟/ ويحار الشاعر في طريقة الندب والبكاء على يافاه، فتمطرنا القصيدة بأسئلته الكثيرة المختلفة المتعددة المعاني(69): أوَهَلْ أُغَنِّيكِ بندْبٍ جاهِليٍّ/ كي يقولوا/ أنّني أوفيتكِ حَقَّ الرِّثاءْ؟/ هَلّا أُناديكِ بِفَلْسَفَةِ اليَمامَةِ:/ (حَيَّةً عودي إِليَّ لِكَيْ أصالحْ/ أو فَتَنْسَفِكُ الدّماء)؟/ أوَهل أصَلِّيكِ بصمتي!!/ أمْ أنَّ للصَّمْتِ عروسي/ في ابتعاثِ الذِّكْرَيات الموْرِقات…

الخاتمة

  • كانت قصائد أحمد العارضة ساحة لحوارات نفسية عميقة بين أفكار اليائسين المستسلمين وأفكار المقاومين الساعين لتحرير الأرض أوصل الشاعر فيها المتلقي بذكاء إلى أن الأرض للفلسطينيين، كما أجرى الشاعر حوارات تاريخية وفكرية بين ادعاءات الغزاة التي تمتلئ بإقصاء الآخر، ونفي وجوده، والتحريض على طرده من أرضه، وأفكار الفلسطيني المتشبث بأرضه وبحقه في العودة.
  • ولم تخلُ قصائد أحمد العارضة في ديوانه “خلل طفيف في السفرجل” من أغنيات صاخبة بالحب والعاطفة الجياشة الصادقة للوطن والحبيبة يافا، وتصويره شعوره وقهره ممن يساوم أو يفاوض، فقد فاضت روح الشاعر في قصائد الديوان على مدن فلسطين حبا وانتماء وإيمانا بالخلاص والتحرير مع عتاب شفيف غير مؤذ للعرب.
  • وبنى الشاعر أحمد العارضة في قصائده سلما هادئا مغريا للقارئ الضمني، فمد له وأرخى، وترك له مساحات وصورا ليسهر جراها ويفتكر.
  • واستخدم الشاعر ياء المتكلم بقصدية ذكية في حديثه عن المكان الصديق فهي بلادي ويافاي وحبيبتي وأرضي…لتأكيد هويتها العربية، ولتأكيد إصراره على عروبة الأرض، وأنه صاحبها فهي مادة الصراع وأسه وهو يؤكد في قصائده حتمية الرجوع والعودة، ويخاطب المكان الوطن كما يخاطب حبيبته الأنثى بل إن الوطن والأنثى توحدا في دفقات كثيرة في قصائده.
  • استخدم الشاعر ضمير المتكلم ليعبر بمعاناة الذات عن معاناة الجمع
  • أكثر الشاعر من ذكر يافا في قصائد ديوانه، فقد ذكر اسمها ست عشرة مرة، وخصها بأكثر من قصيدة، وبأكثر من دفقة شعرية يعبر فيها عن عظيم حبه لها، وإيمانه بعودته إليه، ورحيل الغزاة عنها. وهو في كل ذلك كان يبث بين ثنايا قصائده ما يشعر بالمرارة والحسرة على ما وصل إليه حال الأمة وحال يافا.
  • وأكثر الشاعر من تشخيص الأماكن الفلسطينية، فتعامل مع المكان كشخص يملك السطوة والقوة والحب والمغفرة والسوط والصوت في تعامله مع مكانين متناقضين متضادين: المكان العدو والمكان الصديق، وهو يوحد في تشخيصه بين الأنثى والأرض، بل إنهما في قصائده صورة واحدة تهب الحياة والحب والعطاء.
  • والمكان في قصائد أحمد العارضة روحي يحمل صفات القداسة، وهو لا ينشغل بوصفه، ولا يأبه لتضاريسه كثيرا، فلا تفصيلات ليافا وشوارعها وبياراتها وشاطئها، وإنما هي يافا وشعوره نحوها شعور الحب، والقهر، والحسرة، والفقد.

المصادر والمراجع

عارضة، أحمد، خلل طفيف في السفرجل، دار الفارابي، بيروت، 2022.

الهامش

  • العارضة، أحمد، مقدمة “خلل طفيف في السفرجل”، دار الفارابي، بيروت أيار 2022.
  • أحمد عارضة، المصدر السابق، ص5.
  • المصدر السابق، ص 69.
  • المصدر نفسه، ص 52.
  • نفسه، ص54.
  • نفسه، ص141.
  • نفسه، ص12.
  • نفسه، ص80.
  • نفسه، ص18.
  • نفسه، ص63.
  • نفسه، ص64.
  • نفسه، ص67.
  • نفسه، ص68.
  • نفسه، ص69.
  • نفسه، ص29.
  • نفسه، ص29.
  • نفسه، ص30.
  • نفسه، ص11.
  • نفسه، ص15.
  • نفسه، ص19.
  • نفسه، ص19.
  • نفسه، ص20.
  • نفسه، ص23.
  • نفسه، ص40.
  • نفسه، ص ص 57، 62.
  • نفسه، ص62.
  • نفسه، ص61.
  • نفسه، ص 19.
  • نفسه، ص94.
  • نفسه، ص73.
  • نفسه، ص61.
  • نفسه، ص 60.
  • نفسه، ص 63.
  • نفسه، ص 28.
  • نفسه، ص 8.
  • نفسه، ص ص 10، 11.
  • نفسه، ص16.
  • نفسه، ص ص 16،17.
  • نفسه، ص10.
  • نفسه، ص12.
  • نفسه، ص16.
  • نفسه، ص16.
  • نفسه، ص49.
  • نفسه، ص18.
  • نفسه، ص19.
  • نفسه، ص 26.
  • نفسه، ص ص، 35، 46.
  • نفسه، ص36.
  • نفسه، ص37.
  • نفسه، ص 48.
  • نفسه، ص54.
  • نفسه، ص 55.
  • نفسه، ص ص71، 110.
  • نفسه، ص 79.
  • نفسه، ص 79.
  • نفسه، ص 98.
  • نفسه، ص106.
  • نفسه، ص109.
  • نفسه، ص16.
  • نفسه، ص49.
  • نفسه، ص46.
  • نفسه، ص 47.
  • نفسه، ص47.
  • نفسه، ص35.
  • نفسه، ص36.
  • نفسه، ص36.
  • نفسه، ص37.
  • نفسه، ص 37.
  • نفسه، ص38.

 

 

 

[1] – دكتوراه في الأدب الحديث من الجامعة الأردنية- من الأبحاث المحكمة المنشورة: محمد إبراهيم حور محققًا “مشترك” الضرائر في شعر المتنبي “مشترك أفق التوقع جذوره وامتداده عند هانز روبير ياوس عرض وتحليل، من المؤتمرات: المؤتمر الدولي “القدس في الأدب العالمي الحديث ببحث عنوانه: القدس في رواية إيميل حبيبي. سداسية الأيام الستة Email: muhammed_mutaz@yahoo.com

PhD in Modern Literature from the University of Jordan-He has published more than one literary criticism article in newspapers and magazines.

Published Refereed Research: “Mohammed Ibrahim Hour, joint investigator.”

Damages in Al-Mutanabbi’s Poetry

The horizon of expectation, its roots and extension, according to Hans Robert Jauss, presentation and analysis-The International Conference “Jerusalem in Modern World Literature” with a research titled: Jerusalem in Emile Habibi’s novel Six Days Al

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

free porn https://evvivaporno.com/ website