كلّ عام وأنتم بخير
أ ـ د ـ خديجة عبدالله شهاب([1])
ندخل عامنا الميلادي الجديد بخطى متعثرة في طريق ضبابي غائم لا يمكننا من خلاله أن نرى هدفنا ولو على بُعد خطوات، ندخله ونحن نشعر باليأس والإحباط، بسبب الانهيار الماليّ الكبير، وفقدان الأدوية، والحليب للأطفال الرُضّع، وانقطاع شبه دائم للتيّار الكهربائيّ، وقد زاد أصحاب المولّدات الكهربائيّة تسعيراتهم أضعافًا مضاعقة في مقابل انهيار سعر صرف العملة الوطنيّة أمام الدولار الأمريكيّ، إذ ربطت دولتنا الاقتصاد بالعملة الأجنبيّة، ما جعلنا تحت رحمتهم.
أمّا طوابير السيارات التي تقف أمام الخراطيم على المحطّات، فحدّث عنها ولا حرج، وكلّ يوم تسعيرة جديدة وارتفاع لم يسبق له مثيل في سعر صفيحة البنزين وغيرها من الموادّ الأساسيّة التي ترتبط بحاجاتنا اليوميّة، ما أدّى إلى أزمة خبز تجعل من الناس أسرى حاجاتهم، ومنها حصولهم على قوتهم اليوميّ. أضف إلى كلّ ذلك كورونا التي حطّت بثقلها على العالم، فأُغلِقت المطارات، وتوقّفت الحياة على الكرّة الأرضيّة، فكثرت العلل، وكثر الموت معها، ما حدا بالناس إلى الانكفاء إلى بيوتهم يحاولون تيسير ما أمكن من أعمالهم من خلال الإنترنت، وانتقلنا إلى مرحلة جديدة من التعامل والعمل والدراسة. أشهر قليلة ويسلّم العام الميلاديّ الأمانة إلى العام الهجريّ، الذي لم يكن أفضل حالًا، لا بل ازداد الوضع سوءًا، فأقفلت البنوك أبوابها أمام المودعين، واحتجزت أموالهم لأسباب عديدة، منها ما هو معلوم، ومنها ما هو مجهول، وتوقّفت الدوائر الرسميّة عن عملها إذ يتابع الوضع الاقتصاديّ تفلّته، وتتابع العملة انهيارها الحادّ، ففُقدت جراء ذلك الكثير من الموادّ الغذائيّة الأساسيّة، كالطحين على سبيل المثال، والحبوب، واللحوم. وقد ارتفعت أسعارها بشكل جنوني… والناس في كلّ ذلك لا حول لهم ولا قوّة، اللّهم في بعض حالات نادرة كانت ترتفع أصوات من هنا، وأصوات من هناك تدعو المسؤولين إلى القيام بدورهم تجاه مواطنيهم للتخفيف عنهم ما أمكن ممّا يجري على المستوى المحلّيّ. وإذا أردنا أن نتابع في سياق توصيف الحال عندنا، فنحتاج إلى صفحات وصفحات، بل إلى كتب ودراسات، ولكن ما أردنا قوله إنّ الميلاد الذي حمل إلينا البشارة يومًا، لا بدّ وأن يعيدها بطريقة أخرى يوم تنتهي أزماتنا، ونعود إلى تحصيل حقوقنا الماليّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة… وأنّ السنّة الهجريّة لن تعيد الأمانة إلى السنة الميلاديّة، بل ستلاقيها في تحقيق ما يرغب الشعب في تحقيقه ليعيش حياته كريمًا، وقد استعاد الأمن والأمان. وأنّ الشعب اللبنانيّ الذي عانى ويعاني الكثير، يكبو ولكنّه لا يموت.
فما بين عام ميلاديّ وآخر هجريّ سنقول دائمًا كلّ عام وأنتم بألف خير.