foxy chick pleasures twat and gets licked and plowed in pov.sex kamerki
sampling a tough cock. fsiblog
free porn

اتّجاهات البنيّة الرِّثائيّة في الشِّعر العامليّ خلال القرن الثّامن عشر

0

اتّجاهات البنيّة الرِّثائيّة في الشِّعر العامليّ خلال القرن الثّامن عشر

Les tendances de la structure élégiaque dans la poésie de Jabal Amel au XVIIIe siècle

Dr. Laila Mohammad Saad د. ليلى محمّد سعد([1])

         تاريخ الإرسال:2-11-2023                               تاريخ القبول:20-11-2023

الملخص

يهدف هذا البحث إلى دراسة “اتّجاهات البنية الرّثائية في الشِّعر العامليّ خلال القرن الثامن عشر”، ومدى ملاءمتها لفنّ الرّثاء، وذلك في قصائد رثائيَّة عامليَّة تحمل العاطفة الصَّادقة والشّعور المرهف والأصالة الفنيَّة بتجديدات بنيويّة متلونة بطعم الفجيعة والتّقلب والاضطراب عند حلول مأساة فقدان الأهل أو الأحبَّة أو الزّعماء السّياسيين ما يجعل لبعضها قيمة مميزة وسمة أعلى من البكاء على شخصيّة بعينها.

الكلمات المفتاحيَّة: الاتّجاهات – البنية الرِّثائية – الشِّعر العاملي.

Résumé

Cette recherche vise à étudier (les tendances de la structure élégiaque dans la poésie de Jabal Amel au XVIIIe siècle) et la mesure de son adéquation à l’art de l’élégie, dans des poèmes élégiaques de Jabel Amel porteurs d’émotion sincère, de sentiment sensible et d’originalité artistique avec des innovations structurelles coloré du goût du deuil, de l’instabilité et de l’agitation lorsque la tragédie de la perte d’une famille ou d’êtres chers ou de dirigeants politiques. Ce qui donne à certains d’entre eux une valeur distinctive et une caractéristique supérieure à celle de pleurer sur un personnage précis.

Les mots clés : les tendances –  la structure élégiaque – la poésie de Jabal Amel.

 المقدمة

يغادر الإنسان الدُّنيا بعد رحلة عمر تشكّل بنهاراتها ولياليها زمنًا من الجهد والتَّعب والعمل والعطاء، يغادرها ويبقى وميض ذكريات في ذاكرة الأهل والأحبّة، فيأتي الشّاعر ليؤرخ مشاهد بقايا الصُّور والخيالات ممزوجة بالوجد والدَّمع، إذ يقدم شريطًا ملونًا يرسم فيه لحظات زمنيّة ومحطات معرفيّة لسيرة الرَّاحل وملامحه، وهنا يكمن دوره في توظيف المناسبة توظيفًا فنيًا وجماليًا وتايخيًا وابداعيًا من خلال أدواته الشِّعرية وصوره الأدبية وغناه الوجداني.

والدارس لاتّجاهات الشّعر العاملي سيما الاتجاه الرِّثائي، يجد أنَّ هذا الشّعر قد دخله من المعاني والصور والألفاظ القديمة ما يعطي صورة عن الثَّقافة الشّاعريّة العربيّة الأصيلة الَّتي كانت سائدة في ديار عاملة، وما يكوّن انطباعًا عن انهماك الجبل بالعلم والأدب والمدارس من دون سواها. ولم تكن الثّقافة الشِّعريّة واللُّغة المتينة الأمرين البارزين في الشِّعر الرثائي العاملي، بل إنَّ هناك من الظَّواهر العامّة الَّتي تحمل تفكيرًا شاملًا وشعورًا جماعيًا، أو تصويرًا أرحب من الرُّقعة العامليّة.

وجاء اختيار الرِّثاء العاملي في القرن الثّامن عشر عند مجموعة من الشّعراء العامليين كنموذج لكشف تطورات البنية الرِّثائية والَّتي في أساسها شحنات وجدانيّة وخصائص نفسيّة، لأنَّ الذات الشّاعرة في لحظات إبداع القصائد الرّثائيّة تكون تحت تأثير حالة وجدانية صادقة نابعة من القلب. وسيدرس البحث الإشكاليّة الآتية:

  • ما اتّجاهات الرِّثاء في الشِّعر العاملي في القرن الثّامن عشر؟
  • ما المظاهر البنيويّة والفنيّة الرِّثائيّة اللافتة في إبداعات الشَّعراء العامليين في القرن الثّامن عشر؟

ومن هذا المنطلق، قسمت البحث إلى مقدمة ثمَّ بابين ثُمَّ خاتمة ومصادر ومراجع. تناول الباب الأوَّل: الرِّثاء السِّياسي، أما الباب الثاني فتطرّق للرّثاء الديني.

تعريف الرِّثاء في اللُّغة: جاء في لسان العرب لابن منظور “رثى فلان فلانًا يَرْثيهِ رَثْيًا ومَرْثِيَةً إذا بكاهُ بعد مَوته. قال: فإن مَدَحَه بعد موته قيل رَثَّاهُ يُرَثّيه تَرْثِية. ورثَيْت الميّتَ رَثْيًا ورِثَاءً ومَرْثَاةً ومَرْثِيةً ورثَّيته: مدحْته بعد الموت وَبَكيْته، ورثَوْت الميّت أيضًا إذا بكَيْته وعدَّدت محاسنه، وكذلك إذا نظمَتْ فيه شعرًا. ورَثت المرأة بعْلها ترْثيه ورثيَته تَرْثاهُ رِثايةً فيهما.”( [2])

وجاء في المعجم الوسيط “رثى الميّت ورثيا ورثاية ومرثاة ومرثية، بكاه بعد موته وعدّد محاسنه، ويقال رثاه بقصيدة، ورثاه بكلمة…”( [3]) ويقول بطرس البستاني “رثى الحديث حفظه أو ذكره .. ورثى أيضًا نظم فيه شعرًا …”( [4])

تعددت تعريفات الرِّثاء في المعاجم العربيّة، لكنّها تتضمن أنَّ الرِّثاء هو البكاء على الميت بعد موته وتعداد لمحاسنه.

الرِّثاء في الإصطلاح: يُعدُّ الرِّثاء من الفنون الشِّعريّة، فهو ذكر لفضائل الإنسان الميت، وتعداد لمآثره ومواقفه الَّتي رآها الرَّاثي جديرة بالذّكر، وكان من البديهي أن تشوب المرثيّة أنّة أسى أو مسحة حزن، طالما أنَّ تعداد تلك المآثر نابع من موقف الموت ووطأة المصيبة. فالرِّثاء هو “صفات المدح، مبلّلة بالدموع.”([5]) ويدلُّ “على وفاء الشّاعر لمن رحل عن الدنيا، فهو بهذا يعلّم مكارم الأخلاق، بالإضافة إلى ما يذكر من محاسن الراحل، وبهذا يكون أبعد أثر بسبب صدق العاطفة.”( [6])

والرِّثاء شأنه شأن المديح والغزل والفخر وغيره من الموضوعات الَّتي تناولها شعراء الجبل العاملي، وغلب على شعرهم، فلم يترك العامليون مناسبة موت حلّت في قومهم وأعيانهم إلَّا وسجلوها في قصائد رثائيَّة، وتلك ظاهرة ما زالت متوارثة لدى العامليين إلى أيامنا هذه. إذ كان الأشخاص المرثيون أكثر عددًا من الممدوحين، وربَّما كان ولع الشِّيعة بشكل عام، والعامليون منهم بالرِّثاء وإحياء مناسبات الموت يرجع لأسباب شديدة منها الإيغال في التَّاريخ الشِّيعي العام، هذا التاريخ الَّذي سجّل من الأحداث وموت الكثير من أئمة الشِّيعة وقادتهم ومفكريهم، ما هو مثير ويدعو للأسى والحزن العميق. وكانت مناسبات مقاتلهم مثار إجلال، فيحييها شعراء عامل بالخطب والقصائد ما ولَّد عندهم حسًّا مرهفًا وشعورًا انطباعيًّا حادًا، جعلهم يذرفون الدُّموع ويقيمون مناسبات الموت بهذه القصائد المعبّرة عن مشاعرهم ووجدانهم.

وقد أجاد العامليون الرِّثاء، كما أجادوا غيره من أنواع الشِّعر بل ربَّما كانت صورة الرِّثاء عند العامليين أكثر تعبيرًا وتصويرًا للمشاعر والأحوال العامليّة، وذلك لكون الشّاعر إزاء مواقف الموت أكثر ابتعادًا من المنفعة الذَّاتيّة والأهواء الخاصة، علاوة عن صفاء الذَّات في مواقف الموت وجلال المصيبة، إذ تبرز بعض المشاعر الدّفينة والتّصوّرات العامة. ويلاحظ من خلال ما اطَّلعت عليه من شهر رثائي عاملي خلوّ هذا الشِّعر من رثاء بسطاء العامليين وعامتهم، وذلك تمشيًا مع جلّ الفنّ الرِّثائي العربي عبر عصوره.

لقد ابتعد العامليون في معظم مراثيهم سيما مراثي السِّياسيين والزُّعماء من الدَّمعة والكآبة، خلا شعرهم في آل بيت الرَّسول، وإن كان هناك شيء من هذا القبيل، فإنَّه قليل في تلك التَّركة الرِّثائية الهائلة الَّتي طغت فيها النَّواحي البلاغيّة والتَّصويرية واظهار المهارة الفنيَّة على ما سواها من أمور، وبات العقل والخيال أقرب من العاطفة إلى القصائد الرِّثائيّة في الأعيان ورجال الحكم.

الرِّثاء السِّياسي: لقد وجد الشّاعر العاملي أمامه تراثًا رثائيًّا قديمًا، فاستفاد منه سائرًا في جلّ قصائده على محاكاة القديم، لغة وأسلوبًا، مستفيدًا من المعاني الَّتي قالها الشّعراء، وربَّما كوّنت تلك الثَّقافة الشِّعرية العامة، مضافًا إليها تطور الزّمن وأحداثه معانٍ ولفتات جديدة برزت خلال الشِّعر الرثائي.

وممَّا تجدر الإشارة إليه، أنَّ ما يدور حول كرم الحاكم وشجاعته وتقواه، وما إلى ذلك من نواحٍ وصفات، باتت معروفة ومكرّرة في القصيدة الرثائيّة([7]) وسوف لن نتوقف عندها طويلًا إلاَّ إذا كانت تعبيرًا عن ظاهرة معينة أو أداة لجأ إليها الشّاعر وصولًا لغرض ما لأنَّ الشِّعر الرِّثائي العاملي فيه الكثير من تلك المعاني والظواهر العامّة الَّتي تستلزم الوقوف عندها ودراستها.

فكم من شاعر عاملي حاول الخروج  في رثاء رجال السِّياسة على تلك المعاني المألوفة، باثًّا روحًا من التَّجديد والتَّطوير في القصيدة العامليّة، بشكل لم يكن معهودًا من قَبل في الجبل العاملي، فبدا وكأنَّه  يريد تغيير مفاهيم النَّاس حول الموت، أو ما سمعوه في القصيدة الرِّثائية من معانٍ مكررة. ولكن هذا لا يعني التَّغيير الجذري الشَّامل أو الثَّورة على تجارب السَّابقين من الشُّعراء في هذا الجبل بل محاولات فنيَّة بدت خلال القصيدة الرّثائية، وربَّما كان النُّصف الثّاني من القرن الثّامن عشر بداية لهذه المحاولات في الدِّيار العامليّة.

فعلى الرّغم من أنَّ البكاء على الفرد وذكر مآثره والتَّفجع عليه، ظلَّت أمورًا تأخذ طريقها في القصيدة، فأنَّنا نحسّ بظهور شعور إنسانيّ عام إذ تحوَّل الشّاعر في قصيدته من البكاء على فرد بعينه إلى البكاء على العامليين كلهم، وما يمثلون من قِيم أصيلة وعلم وعطاء.

فهذا إبراهيم يحيى يتَّخذ من قتل زعيم عاملة ناصيف النَّصار على أيدي الجزار، مناسبة يرتقي بها إلى رثاء الدّيار العامليّة وعلمائها الذين آل أمرهم إمَّا الى الموت أو الهرب، فنسمع الشّاعر في قصيدة له وهو هارب في دمشق، يقول:

“منينا بأحـــــــــــــــــــــــــداث يضيق بها الفضا            وليس الى أوج السَّـــــلامة سلّم

يعزُّ عليـــــــنـــــــــا أن نــــــــــــــــــروح ومصـــــــــرنا            لفرعون مغنى يصطفيه ومغنم

منازل أهل العــــــــــــــــــــــــــــدل منهم خليــــــــــــة            وفيها لأهل الجور جيش عرمرم

وكان لـــــــــــــــــــــــــهم منآل نصّار صــــــــــــــــــارم            صقيل وسهـــــــــم لا يطيش ولهذم

قضى في ظلال المـــــــــــــــــــرهفات مطهّراً            وأيّ شهيـــــــد لا يــــــــــــــطهّره الــــــــــدَّم

فجعنا به والشَّمس في رونق الضُّحى             فلــــــــــــــــــــــم نمس إلَّا والبـــــــــلاء مخيّم

وعـــــــــــــــــــــــــاشت يد الأيام فينا فمجدنا               وبــــــــــــــــــــــــــــــالرغم مني أن أقول مهدّم

وكـــــــــــــــم عالم في عاملة طوّحت به              طـــــــــــــــــــــــوائح خطب جرحها ليس يلئم

ولــــــــــــــــــــــــــــــــــست ترى إلا قتيلاً وهارباً              سليباً ومكبـــــــــــــــــــولًا يغلّ ويـــــــــــــــــــــــــــرغم”([8])

فعلاوة عن الإحساس بخوف الشّاعر على مصير الجبل، وعن رسم صورة حال العامليين بتلك اللوحة المؤثرة المصبوغة بأعمال الإجرام المهجّاة بالدّماء المصوّرة للانكسار في بيته الأخير، ويتَّضح خروج القصيدة من المعنى الضيّق إلى ما هو أوسع وأشمل، وتعبيرها في الوقت ذاته عن أحاسيس العامليين ومشاعرهم، فقد أبعد الشّاعر شعره عن كل ما هو مألوف في رثاء بطل مقتول، تاركًا المآثر والأيادي البيضاء متَّجهًا بها صوب الجبل، نائحًا مجده المهدّم وعطاءه العلمي المبعثر حتَّى بات الحاكم في مقتله غير متحكم في الشّاعر بل إنَّ مناسبة موته فجّرت ما اعتمل في دخائله، فأبانت شعورًا شاملًا على لسان فرد، ولم يعد هناك بطل بعينه تدور المأساة حوله، بل أبطال ومناظر كوّنت مجتمعة صورة الجبل الجريح.

إنَّه شعر نابع من وجدان الشّاعر المكلوم، يهزّ أعماق المستمع، فيتخيل من خلاله ما كان يجري على السَّاحة العامليّة، ثُمَّ إنَّ الشّاعر لم يذرف الدّموع على المرثي، وإنَّما ظهر محاولًا السُّموّ به بهذا المعنى الجليل للشّهادة الَّتي هي تطهير لما علق في النُّفوس من شوائب وخطايا، فيجب أن تكون مطلبًا للجميع. ولم يحصر تفسيره للشَّهادة بالنّصار إنَّما هو شأن كلُّ الشُّهداء (وأيّ شهيد لا يطهره الدَّم) ما يعزز الدّعوة إلى الاستشهاد في سبيل الحقّ لأنَّ في ذلك ارتقاء للنَّفس وطريقًا إلى الجنَّة. وقد التّفت الدكتور عانوتي إلى معاني يحيى هذه واضعًا إيَّاها في صف مغاير للشِّعر الرِّثائي زمن الانحطاط، فقال”ولكنَّ الرِّثاء عند إبراهيم يحيى جدير بالذِّكر، فهو يستعلي به من التَّفجّع على فرد إلى التَّفجع على الأمَّة كلّها”([9])

وما يلفتنا في هذا الشِّعر إيراد يحيى لكلمة “فرعون” لكن لم تكن أبدًا مجرد فلتة لسان، ولكنَّها فلتة حكت ما في اللاشعور من وميض قومي، وشعور بالمفارقة والتّمييز بين (الفرعون القديم)  (الفرعون الجديد) / العربي، فكانت النَّكبة وتلك المآسي من عوامل تكوين مثل هذه الأمور.

ويذكره الشّاعر محسن الأمين في بيت شعري، فيقول:

“فقدناه فقدان الصّبــــــاح ومن لنا          بطلعته الغرّاء واللَّيل مظلم”([10])

يرسم واقع حال العامليين بعد مقتل زعيمهم النَّصار ما يستدعي التَّعالق التّناصي والتّفاعل الدّلالي في امتصاص بيت للشاعر أبي فراس الحمداني:

“سيذكرني قومي اذا جد جدّهم          وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر.” ([11])

إنَّ هذا اللَّون من الشّموليّة في التّفكير برزت عند العديد من شعراء الجبل، فهذا كاظم الأمين([12]) يقول: من قصيدة له في رثاء حاكم عاملة (حمد المحمود) المتوفيّ العام 1852م:

“عليك سلام الله من مترحّل         تركت أخال المجد بعدك مدنفا

وخلّفت في لبنان أيّة حسرة        عليك مدى الأيام لن تتخلفـــــــــــا”([13])

ترِد كلمة (لبنان) في الشِّعر العاملي الرثائي في محاولة لتعميم المصاب وإخراجه من نطاق الرُّقعة العامليّة إلى كلّ لبنان، وقد تكررت وتيرتها على لسان الشُّعراء العامليين وفي موضوعات عديدة ما يشير إلى أنَّ العاملي نتيجة ضغط الجيوش المصريّة على كلّ بلاد الشام، وبعد رحيل تلك الجيوش وسياسة الانفتاح الَّتي اتبعها الزّعماء المحليون على الدولة العثمانيّة واستقرار الأحوال العامليّة، بدأ يشعر بوجود جبل عامل كامتداد لرقعة شاميّة تربطه باللبنانيين عدَّة روابط سيما رباط الجيرة.

وربَّما كان الشُّعراء العامليون هم أوّل اللُّبنانيين الّذين استعملوا لفظة (لبنان) في القصيدة، وقد أورد الشّاعر صلاح لبكي في كتابه (لبنان الشّاعر) من أنَّ الشّعر العربي ما كان في لبنان إلَّا حديثًا، وأنَّ اللّغة السِّريانيّة كانت لغة اللُّبنانيين، وأنَّ الشّعر اللبناني ابتدأ عهده خلال حكم الأمير بشير الكبير على يد الشّيخ ناصيف اليازجي، وأن مطلع النّصف الثاني من القرن التَّاسع عشر هو بداية تباشير النّهضة.”( [14]) وبذلك يتّضح سبق الدّيار العامليّة، كلّ الدِّيار اللّبنانية في نظم الشِّعر العربي بكلِّ أساليبه ومعانيه وصوره.

ولكن ما تعرفنا عليه من شعر وجداني رفيع ومعانٍ تعدت النّطاق الضيق في رثاء الحكَّام، ورجال السِّياسة إلى الشّموليّة وتصوير المشاعر العامة يجب أن لا ينسينا ظاهرة مقابلة لهذا الاتجاه ظهرت في الرثاء السياسي، تحكي مشاعر الشّاعر الخاصة ومصالحه، ومحاولة اتّخاذ بعض الشُّعراء العامليين وسيلة الموت منطلقًا للشهرة وتبيانًا لمقدرة الشّاعر الفنية أمام الجماهير. ومن البديهي أن يكون هذا المسلك مبعدًا للشاعر عن العاطفة مقرّبًا الشِّعر إلى العقل مع احتفاظ بالكلمات الجزلة والفخمة الَّتي ربَّما وضعت بقالب خطابي أخَّاذ ليصيخ أسماع الناس ويشدَّهم إلى قصيدته، كما يلاحظ كذلك لجوء الشّاعر إلى المبالغة  الَّتي ربَّما أدَّت في أماكن عديدة إلى الإغراق فيها حتَّى تصل إلى درجة الغلو.

إنَّ شغف الشّاعر بمثل هذه الأمور سيؤدي حتمًا إلى ابتعاده من تلك القضايا الإنسانيّة والاجتماعيّة العامة وإلى عدم الالتفات لما يمثله جلال الموت من معانٍ وعبر. هذه المعاني الَّتي يتَّخذ منها الإنسان وسيلة للارتقاء عن توافه الأشياء، والتَّحلل من التَّشبث العجيب بكلِّ ما هو مادي في الحياة، ومن ثُمَّ النَّظر إلى القيم الإنسانيّة والواقع المؤلم عند بعض النَّاس.

وكادت هذه الجوانب الاجتماعيَّة أن تغيب في العديد من القصائد الرثائيّة لحاكم عاملة وأعيانها، لا سيما بعد استقرار الجبل مع رحيل المصريين وانفتاحه على الأتراك وإحاطة الحاكم نفسه بهالة من الفخامة، فكانت حياة القصر وبريق الزّينة ولباس الحاكم الجديد أمورًا بهرت العقل عند الشّاعر وأترفته، خاصة عقول هؤلاء الشُّعراء الحابسين أنفسهم لدى الحاكم، فظهر في قصائدهم الاعتناء بالشَّكل والمظهر، وبدا الشّاعر مبالغًا في أوصافه غير متفاعل مع وجدان العامّة أو مصوّرا لتلك الجزئيات والجوانب العامليّة،  وصار همّه من ناحية ثانية، إبراز شخصيته من خلال الشَّعر المدحي، ومنبر القصر هو خير موضع للشهرة. لذلك تفسر ازدواجيّة بعض القصائد الرِّثائيّة لرجال السياسة في تركيبها ومنطوقها، إذ كانت تحوي الرِّثاء أولًا ومن ثُمَّ التَّخلص نهائيًا من ذلك للاتجاه صوب الحاكم الجديد، فكان الشّاعر حاملًا في قصيدة الرِّثاء الشّعار العاملي المعروف (مات الزعيم يحيا الزعيم) ما يفسر عدم تعرض الشّاعر في شعره إلى تلك الحركة الشَّعبيّة المبكرة الَّتي قامت في جبل عامل ضد زعيمه حمد المحمود، فلم يتوقف الشعراء عندها من قريب أو بعيد على الرَّغم من غزارة الإنتاج الشِّعري وكثرة الشّعراء بشكل لم نعهده سابقًا في الجبل العاملي.

حقا إنَّ شعور الشّاعر، قد انصبَّ على الحياة وزينتها وعلى الحاكم الَّذي بات مستأثرًا بمعظم القصيدة الرِّثائية، وظهر التَّصوير الجديد في الرِّثاء، وبدت المبالغات وباتت فحولة الشّاعر تُقاس بمقدار ما في القصيدة من فخامة وصنعة وإيقاع موسيقي للألفاظ، وكان خير ممثل لهذا الاتجاه الشَّيخ حبيب الكاظمي والشَّيخ علي سبيتي والشَّيخ علي مروة والشَّيخ ابراهيم صادق والشَّيخ علي زيدان، هؤلاء الشُّعراء الذين احتكوا بالحاكم وقصره وحياته، وكانوا من المقربين إليه والمستأثرين بالأوفر من عطاياه حتَّى باتت حياة الحاكم في تبنين صورة لحياة سيف الدولة الحمداني.

ويرثي الشَّيخ علي زيدان من قصيدة طويلة له حمد المحمود (حاكم جبل عامل) العام 1852م، فيقول:

“أقول لأظغان مررنا بهــــــــــــــــــا قــــــــفوا           تروا شارقًا من ذلك البدر غاربًا

فتى كان طودًا للمعــــــــــــــالي وغاربا             فجبّ الرَّدى منها سناما وغاربا

فتى مارس الأيام حتَّى تهــــــــــــــذّبت              فلم تلق ذا عيب ولم تلق عايبا

فتى كان يقري السَّامعين فصاحة              كما كـــــان يقري الوافدين مواهبا

فتى كـــــــــــــــان في كسب المحامد راغبا        كما كان عن كسب المحارم راغبا

هو الغيث بل أندى من الغيث ساكبا       هو اللّيث بل أعدى من اللّيث واثبا

لئن غالبتك الحـــــــــــــــــــــادثات فطالـــــــــــما       برغــــــــــــــــــــم اللّيالي كنت للدهر غالبا

أيعلم لحــــــــــــــــــــــــــد ضمَّك اليــــــــــــوم أنه        حـــــــوى المجد بدرا والعطايا سحائبا

فيا قبر هــــــــــــــــــــــل واريت منه مكارما       طـــــــــــــــــوافح من نوء الندى أم نواضبا

غدت بعدك العلياء شمطاء حاسرا       وكانت ترى في الحين عذراء كاعبا”([15])

نجد اختلافًا جوهريًّا بين هذا الاتجاه في الرِّثاء في المقطوعة الشِّعرية وبين ما عرفناه من رثاء سابق عند يحيى والأمين. لقد عبَّر الشّاعر عن أحاسيس أقرب إلى الفرديّة، ولم يكن في جوهره متفجرًا من وجدان الشّاعر الملتصق بوجدان العامليين، ثُمَّ إنَّ شخصيّة الحاكم قد طغت على كلِّ شيء في وقت رسم فيه يحيى صورة الجبل الَّذي خيَّم عليه الموت، وكانت شخصية الحاكم المقتول شخصية ثانوية لم تستغرق فصول المأساة وفي الوقت الذي كان فيه يحيى يحاول كسب لعنة التاريخ، والأجيال على الفرعون الجديد، كان زيدان في وقت آخر يحاول لفت أنظار النَّاس إليه بتلك الجزالة والألفاظ الفخمة، إذ استغل المناسبة للإبانة عن فحولته اللَّفظيّة ومقدرته البديعيّة، مبتعدًا من المشاعر العامة وقضايا الناس. وتظهر حرارة العاطفة الصادرة عن قلب مكلوم ومجروح عند يحيى، وبين الاتجاه العقلي الذي سلكه زيدان في كل مطولته، ناهيك عن المبالغة الَّتي كانت نتيجة حتمية لإغراق المرثي واستغراق الشّاعر بالنّعوت والصفات الَّتي كانت في معظمها بعيدة من الواقع والحقيقة.

ولم تكن الصُّنعة وتوظيف الثَّقافة الشِّعريّة وإظهار البراعة اللُّغويّة في رثاء رجال السِّياسة، والأعيان حكرًا على شاعر بعينه وإنَّما هي ظاهرة برزت عند العديد من الشُّعراء العامليين، فهذا الشَّيخ إبراهيم صادق في رثاء حمد المحمود، يقول من قصيدة:

“ولقد أضـــــــــــــــــاء الرّمس فيك مسرة               وغـــــــدا الفضاء عليك وهو مسوّد

فمساء بطن الأرض عندك أبيض              وصباع وجه الأرض بعدك أسود

ما كنــــــت أحسب قبل قبرك خطة              يطـــــوى بها البحر المحيط ويلحد”([16])

يستحضر الشّاعر لفظة (الرّمس) وتكتسب في السِّياق معنى جديد في الرِّثاء العاملي، كان للحياة الجديدة الَّتي عاشها الحاكم فضل إظهاره والإلتفات اليه. فيبدو أنَّ القصر وما فيه قد ترك أثرًا في تفكيره، فأراد الإضاءة الحياتيّة لدى الحاكم ما جعله ينقلها من البيت القديم إلى البيت الجديد الَّذي رقد فيه المرثي، فأتى الشّاعر بهذا المعنى الجديد المضاء.

حقًا، إنَّ الحياة الجديدة، أغنت العقول وأبعدت الشّاعر عن شؤون المجتمع وانشدّ قلمه إلى البديع والزِّينات اللَّفظيّة، والصور المستقاة من واقع الحياة وترف القصر حتَّى لاحظنا صورًا جديدة في القصيدة الرِّثائية لا عهد للشِّعر بها، فبرزت محاولات التَّجديد والتنويع في قصيدة للشيخ جبيب الكاظمي([17]) في رثائه زينب زوجة حاكم عاملة حمد المحمود، فيقول:

“قصدوا المسير وأزمعوا أن يذهبوا                 واستحسنوا دار البقـــــــا فتأهبوا

لبسوا لها بض الثــــــــــيابى كأنَّـــــها                  أحســـــــــــابهم وبها ارتدوا وتنقبوا

وذكا بهم طيب الحنوط وذكرهم                 عبق ومن طيب الأفاوه أطيب

وتـــــــــــــــزودوا للسّير من أعمالهم                   ما زينوا فيه القصور وطيّبوا”([18])

يبدو أنَّ الشّاعر كان بعيدًا من الحياة العامليّة العامة ومشاعر الناس، وشعره كان محصورًا بسيدة بعينها يحكي حياتها المترفة ويصورها، ولكنّه تجديد وتلوين في الرثاء العاملي، وخروج على المألوف والمعروف في القصيدة الرثائيّة، إذ يحاول تبديل ما رسخ في عقول النَّاس حول الموت، وكانت الحياة المتبدلة بزينتها ومباهجها وأموالها مصدر خيال الشّاعر ومعانيه الجديدة. ولا شكَّ في أنَّ صورة زوجة الحاكم وحياتها المترفة، وتخيّل القصر المنيف والثياب البيضاء التي كانت تلبسها، والطّيب الَّذي كانت تستعمله، وكان لكل هذه المباهج في نفس الشّاعر من المهابة والإغراء ما جعله مفتونًا بها، فلا يريد أن يتخيل ذهاب هذه الأشياء بذهاب صاحبتها، فنظم أبياته بشكل لا يشعر الإنسان عند قراءتها، أنَّها قيلت في رثاء ميت، وإنِّما وصف لمسيرة امرأة غنية، تودُّ الانتقال من قصرها القديم إلى قصر آخر أكثر بهاء وجمالًا بمشيئتها من دون إكراه. وقد حوّل هذه الصورة، صورة الحداد والسّواد إلى جميل وممتع، ولم تعد تشعر بأنَّك أمام مصيبة، وإنَّما تحسّ برحلة المتعة والمسرة من دار الى دار.

ويبدو أنَّ ملازمة الكاظمي للقصر والعلاقة الحميمة المديدة الَّتي صارت مألوفة ومعروفة بين الحاكم والشّاعر هما الأمران اللَّذان حديا بالكاظمي إلى رثاء زوجة حمد بتلك الصورة الجديدة. وربَّما كان حمد وزوجه قد أخذا يتحرران من تلك القيود الدّينيّة والاجتماعيّة في ظلِّ حياتهما الجديدة، وقد عرف الكاظمي ذلك فأقدم على الرثاء، وعرف مسبقًا أنّه مقدم على أمر سيكون له وقع غريب في آذان الناس، فتحسب لما سيتعرض إليه عندما ألبس الزوجة الراحلة الرِّداء والنقاب، ليكون ذلك مخرجًا له في حال حصول شك، وتذكيرًا باحتشام الزوجة المرثية وبُعدها من التّبرج والتّبذل حتَّى لا يرقى إليها الشَّك.

ومن التلاوين الجديدة في القصيدة الرِّثائيّة في جبل عامل، تصوير الموكب المشيع إلى القبر، ويعدُّ الكاظمي رائدًا في ذلك، فيصور الجموع الَّتي شاركت في موكب تشييع حمد المحمود، فيقول:

“أرأيت من حملوا على أعوادها                ورأيت كيف خبا الشهاب الأنور

مــــــــــــا كنت أعلم قبله أنَّ الثَّرى                فيه مـــــــــصابيح الــــــــــــــــــــدجنة تقبر

قمر تسير به السَّحاب وخلفه                 أرعـــــــــــــــــاد صارخة وعين تمطر

حتَّى ارتوى منها الفجاج فأنبتت              خضر الكـــــــــلا والجو منها أكدر

والشمس من نسج العجاج تنقبت             عنـــــا على خجل وليست تسفر”([19])

لقد نظر الشّاعر النَّعش محمولًا على الأكتاف فرآه كنقطة على هذه الصفحة البشرية، وعندما جال بخياله، تخيّل الميت وهو في النَّعش كأنَّه قمر محاط بهذه الكتل من الغيوم المختلفة الأشكال. وإنَّ توظيف هذه الصورة التشبيهيّة تدلُّ على معنى جديد كان يدور في خلده حاول بثّها في أفهام الناس، وهو أنَّ الموت لا يعني الانتهاء بل ربَّما كان الموت سببًا للحياة، وحاول تقريب هذا المعنى للمشابهة بين صورة الموكب على الأرض، وصورة السَّماء الَّتي ينتج عنها ارتواء الفجاج، فتكون اليناعة والحياة.

رسم في البيت الأخير صورة دلَّت على عظمة حاكم عاملة من خلال تلك الجموع الكبيرة والاحتشاد ما أدّى إلى نسج نقاب كثيف من تراكم الغبار بين الأرض والسَّماء استلزم احتجاب الشَّمس عن المشيعين. وأمّا عبارة (تنقبت عنَّا على خجل) تركز على الواقع العاملي للمرأة وعلى نفسيّة الرجل المعايش لهذا الواقع. فالنّقاب في مجتمع عاملة سيما قبل هذا القرن لا بدَّ وأن يلازم رأس المرأة ليحجب محاسنها وشعرها عن الرّجل، وطبيعة الرَّجل أن ينظر ما وراء النّقاب ما يعني لاشعوريًا نشوب صراع داخلي بين النّقاب وبين تلك الحاجة إلى معرفة ما يخفي، سيما وأنَّ النّساء في عاملة كلهنّ محجبات، فليس هناك ما يسدُّ هذا الفراغ الداخلي لدى الرجل، فمجرد إزاحة الغطاء عن رأس المرأة في هذا المجتمع الحريص على التنقيب والاحتجاب سيكون له وقع غريب يشدُّ الانتباه، ويحرك تلك المكامن عند الرجل. ولعلَّ الشّاعر قد لفت نظره فجأة إزاحة النّقاب عن رأس فتاة، فاهتزت مشاعره الدّاخليّة متمنيًا في قرارة نفسه لو يطول هذا المشهد (وليست تسفر) الَّذي احتوى مخيلته، ولم يغب عن فكره، فجاء بصورة شعريّة مشبهًا تلك الفتاة بالشمس، ولكن الشمس تسفر ما يقرّب هذا التعليل اكتمال الصورة الأولى  للنّعش والمشيعين من جوانبها كافة ، وقد بدت الصورة الثانية، وكأنَّها صورة مستقلة وضعت على جانب من الصورة الأولى، علاوة عن لفظة (خجل) الَّتي تقرب في معناها لأنَّ تطغى على النِّساء.

الرِّثاء الدّيني: لا بدَّ من اختلاف القصيدة الرِّثائية في رجل الدّين عن القصيدة الرِّثائية الَّتي عرفناها في رثاء رجل السِّياسة في بعض الوجوه.

صحيح أنَّ سلطة رجل الدِّين لا تقلُّ أهمية في الأوساط الشَّعبيّة عن سلطة الحاكم، ولكن يجب أن نعرف أنَّ لكلِّ واحد منهما واقعًا يجب أن يراعى في الرِّثاء. ومن خلال الواقع، لا بُدَّ للشَّاعر من أن يتَّجه ففي الوقت الَّذي يتطلّع فيه الحاكم للقراء والجاه والسُّلطة الدّنيويّة الظاهرة لكلِّ النَّاس، يكون العالم متطلعًا لشؤونه الدِّينيّة والعلميَّة والتَّأليفيَّة أو النُّهوض بمدرسة تظلُّ محافظة على التُّراث العلمي والأدبي العاملي.

وكان على الشّاعر العاملي مراعاة هذه الأمور في مرثيته، والإلتفات إلى ما كان يتّصل بحياة العالم من أمور بارزة. وما يجب ذكره أنَّ المبالغة الَّتي عرفناها في بعض القصائد الرِّثائيّة السِّياسية، قد غابت في رثاء رجل الدين، وإن كان يبرز في أحايين أسلوب التَّهويل والتَّضخيم في بعض الأمور. ولكن هذا الأسلوب يبقى مقبولًا، لأنَّه لم يصدر عن مصلحة دنيوية ذاتيَّة، إنَّما كانت نظرة الشّاعر التَّنظيميّة للعالم والشُّعور الدّيني مصدرين لهذا الأسلوب. يقول علي مروة في رثاء السَّيد علي الأمين:

“مالي أرى ربع المدارس مقفرا             والأفق مسود الجوانب أغـــــــــــــــبرا

خطب عرى في آل أحمد فادح             فالدين منه اليوم منفصم العرى

وذوت غصون المكرمات لفقده            روض الجنان غدا هشيما يذّرا

بدر عراه الخسف عند تمامه              والبدر يعروه الخسوف كما ترى”([20])

على الرّغم من توجه الشّاعر مباشرة إلى المرثي، وتشبيهه بالبدر الَّذي أصيب بالخسوف عند بلوغه درجة الكمال، فإنَّ الملاحظ محاولة الشّاعر تعميم المصاب والتَّذكير بناحية اجتماعيّة عامليّة. فقد تأثرت المدارس العامليّة مباشرة بهذا المصاب، واعترى الشَّريعة الإسلاميّة شيء من الفتور والانحلال بموته، بعد أن كان عاملًا مجاهدًا في سبيل العلم والدين.

الحقيقة، إنَّ ظاهرة انطلاق الشّاعر من واقع العالم المرثي، ومن ثُمَّ الابتعاد بمعانيه الرثائية وارتقائه من رقعة عاملة إلى الشَّريعة والإسلام الشَّامل، وتصوير ما حلَّ فيهما. وبرزت هذه الظَّاهرة التَّعميميّة في معظم قصائد الرِّثاء في العلماء. وهذا يحيى في رثائه العالم المجتهد السَّيد أبي الحسن موسى، مؤسس مدرسة شقراء من جبل عامل، يسمو شعره عن كلِّ الأصناف المكررة المرصوفة. وينطلق من واقع المجتهد وعمله الدِّيني والعلمي، ثُمَّ يترك كلّ ذلك ليصل في رثائه إلى الذَّروة. ويقول موجهًا نداءه إلى القبر:

“ويا قبره واريت أفضـــــل عـــــــــــــــــــــــــالم            تستّر نــــــــــــــــــــــــــــــور العـلم لمّا تسترا

ويا قبره واريت شمســــــــــــــــــــــــــــــــــــاً منيرة          بها كان ينجاب الظَّلام عن الورى

فمن لأصول الدين يفصح روحــــها           بتحقيقه حتَّى تــــــــــــرى الحق مزهرًا

ومن للمعاني والبيـــــــــــــــــــــــــــــــان مبين           بأفصح ما قــــــــــــال البليغ وأخضرا

لقد أصبح الدين الحنيفي بعـــــــــــده            ذليــــــــــــــلا فيا له من حادث عرى

لقد لبس الاسلام بعـــــــــــــــــد أبيهما([21])          قميصــــــــــــــــا بياقوت الدموع مزررا”([22])

إنَّ في تكرار الشّاعر لعبارة (يا قبره واريت) بشكل عمودي يدلُّ على ذهوله ومعاناته مما حلَّ، ويبيّن عن تلك النَّظرة الإكباريّة لرجل الدّين إذ يحاول الشّاعر تأكيد نظرته وحفرها في عقول النَّاس بهذا التكرار.

ويبدو أنَّ ظاهرة مخاطبة القبر باتت معروفة في معظم قصائد الرِّثاء العاملي، ولكن أكثر ما تظهر قيمة هذا الشِّعر وفائدته في تصورنا ونحن نسمعه لتلك الحياة العلميّة الحافلة، ولعمل العالم الدِّيني ودوره العلمي والتأليفي في عاملة.

وما يلفت النَّظر في صورة يحيى الَّتي رسمها الإسلام بعد موت الأمين، إظهار الإسلام كشخص حزين باكٍ لفقد عزيز عليه. ثمَّ إنَّ في إضفائه وهو يصوّر كلمة (ذليل) على هذا الدّين، إذ يتخيل المستمع لمجرد سماعها منظر إنسان مكلوم بدا عليه الانكسار، فيهتز لهذا المشهد.

إنَّ مثل هذا التَّصور المجرد، وتلك الأحاسيس العامة الَّتي ظهرت في رثاء رجل الدّين، يجب أن لا تنسينا ظاهرة تصوير المشيّعين، تلك الظَّاهرة الفنيّة الجديدة في جبل عامل. يقول هاشم عباس.

من قصيدة يرثي فيها السَّيد جواد حسن الأمين:

“فلن ترى في الورى إلَّا أخا شجن         يدمي الجوى قلبه أو مطرقاً وجما

أو ممسكا مهجة طار الزفير بها          أو مرسلًا مدمعًا من مقلتيه همى

فالجود يبسط غرب الدمع منهمرا         والمجد يقبض أحناء الحشا ألما.”( [23])

لم يكن الشّاعر فقط مصورًا فوتوغرافيًّا للمشهد، بل إنَّ التَّصوير الخارجي بدا مشوبًا بتصور الشّاعر لما في أعماق النَّاس من أحاسيس متفجرة، كانت سببًا لتلك المشاهد الخارجيّة، فبدت الصورة نديّة مشبعة بالحركة تحكي دخائل المشيّعين. وظهرت أكثر اكتمالًا بهذا التَّصور والتّصوير للمعاني المجردة، إذ ظهر الجود والمجد، كلّ منهما مشاطرًا الجموع مأساتها.

ومن الظَّاهرة البارزة في الشِّعر العاملي دخول الغزل في القصيدة الرِّثائيّة، وإن كانت أكثر ظهورًا في رثاء رجال الدين، وهي ظاهرة ربَّما بدت غريبة في مواقف الموت وجلال المصيبة، سيما وإنَّ الشُّعراء العرب لم يسلكوا هذا المسلك إلَّا لمامًا. يقول ابن رشيق “وليس من عادة الشّعراء أن يقدموا قبل الرِّثاء، نسيبًا، كما يصنعون ذلك في المدح والهجاء… ولا أعلم مرثية أوّلها نسيب إلَّا قصيدة دريد بن الصمة.”( [24])

وسلك الشّاعر العاملي هذا المنحى الفني في الرِّثاء، وهذا الشّاعر الشَّيخ إبراهيم الحاريصي يبدأ قصيدته الرِّثائية في الإمام الحسين (ع) بهذا المطلع الغزلي:

“ألا أنَّني بادي الشُّجون متيّم              ونار غــــــــــــــــرامي حرّها يتضـــــرّم

ودمعي وقلبي مطلق ومقـــــــيّد              وصبري ووجدي ظاعن ومخيم

أبيت ومالي في الغرام مساعد             سوى مقلة عبرى تفيض وتسجم

وأكتم فرط الوجد خيفة عاذلي             فتبدي دمــــــــــــــــــوعي ما أجنّ وأكتم

ويا لائمي كف الملام وخلني            وشأني فإنَّ الخطب أدهى وأعظم.”([25])

اختار الشّاعر مفردات رقيقة عذبة انسجمت مع المعاني في معظم القصيدة الرّثائيّة، وتتعالق بنيتها الدّلاليّة عند أبي فراس الحمداني، فيقول:

“أضمرت حبّك والدّموع تذيعه           وطويت وجدك والهوى في نشره.”( [26])

إنَّ استخدام الغزل في الرَّثاء لم يستغربه أحد من العامليين، حتَّى كاد يصبح سنّة عند شعرائهم، وما يؤكد ذلك مرثية كاظم الأمين في والده السَّيد أحمد الأمين، فقد عبَّر هذا الدَّرب من دون وجل، وكانت كلماته الغزليّة أكثر إثارة من كلمات الحاريصي، فيقول:

“يا بلــــــــــــدة أصبحــــــــــت لبنان ناضرة                بين البلاد بها حيـــــــــــيـــــــــت من بلد

هي الشّفـــــــــاء لدائي لا العُذيب*ولا                ظباء جيرون**ذات الغنج والغيد

فإنَّ شــــــوقي إليها لا لكـــــــــــــــاعبــــــــــــــة               بيضـــــــــــــاء تبسم عن درّ وعن برد

لمياء مصقولة الخدين كم صرعت              ليثا فــــــــــــراح بـــــــــــــــــــــــلا عقل ولا قود.”( [27])

ولكن الشَّيخ علي زيدان لم يصل في ولوجه الغزل الحدّ الَّذي وصل إليه الشّاعران السَّابقان، إنَّما حاول إدخال الفاظ غزليّة في القصيدة الرِّثائيّة بأسلوب لم يدع إلى الغرابة. فيقول في قصيدة رثى فيها السَّيد علي الأمين:

“فلو ضلّ ركب قاصدوك لقادهم              شذا تربك المشتق من جنة المأوى

ومن كان بالبيض الكواعب لاهيا            فما برحت بيض المساعي له تهوى

وفي رثاء حمد المحمود يقول:

غدت بعدك العلياء شمطاء حاسرا          وأنت ترى في الحيّ عذراء كاعبا”([28])

فعلى الرّغم من استعمال الشّاعر تراكيب غزليّة (بيض الكواعب) و (عذراء كاعبا) إلا أنَّها تتعالق مع بيت مسلم ابن الوليد الَّذي يُعدُّ من أوائل المجددين في العصر العباسي الأول، فيقول:

“أرادوا ليخفوا قبره عن عدوه             فطيب تراب القبر دلّ على القبر.”( [29])

لكن زيدان حاول تطوير البنية الدّلاليّة عندما أضفى هذه القيمة المعنويّة لشذا التَّراب الَّذي ضم الميت فهو امتداد لرائحة الجنَّة بما حوى القبر من ورع وتقى.

ولا بدَّ من الوقوف عند عمل فنّي عاملي تعود أصوله في الأغلب إلى العصرين الجاهلي والأُموي، فاتجاهات الشِّعر عند العامليين في معظمها لا سيما الرِّثائي منها تستعين بألفاظ وأسماء ورموز عربية قديمة، تغنَّى بها قدامى الشُّعراء العرب، فأحبَّها الشّاعر العاملي وألفتها طبيعته المائلة إلى القديم، فاستخدمها في شعره معتمدًا الأسلوب الجزل الذي سار عليه شعراء الجاهليّة ومن تبعهم في العصر الأُموي.

وزيادة عن ما ورد سابقًا في مرثية كاظم الأمين من أسماء عربيّة (كظباء جيرون) و (العذيب)( [30]) التي ردَّدها الشُّعراء العرب كثيرًا كما يقول ياقوت الحموي، وزيادة عن ما سنصادفه من أسماء ورموز عربيّة قديمة في الاتجاه الغزلي، فإنَّ الشَّيخ إبراهيم صادق، يردّد كثيرًا مثل هذه الأسماء، فيقول:

“ظعنوا فهل لك بالأســـــــــــى عنهم يــــــــد                أم هل يطيعك بالعـــــــــزاء تجلــــــــد

ولقد وقفت على الغضى* من بعدهم               بحشـــــــاشة فيها الغــــــــــــضى يتوقّد

وأنــــــاشد الطَّلــــــــــــــــــــــــــل المحيل ولا أرى               طللاً يجيب وقد عفى من ينشد.”( [31])

وقد كان الشَّيخ علي زيدان شديد الولع مكثرًا من الألفاظ البدويّة، يلهث وراء ما هو قديم، ويتشدد في إيراد الألفاظ الفخمة في معظم قصائده، فيقول:

“قفا نسقها منا الدموع السّـــــــواكبا           منازل للأقمـــــــــــار أمست مغاربــــــــــا

ديار عفت منها الطلول وطالما           حبسن على ســــــــــــــــاحاتهن الركائبا

فاقسم بالبزل*الهجان شوازبا**          أقلت من الرّكبان قبّا*** شوازبا.”( [32])

إنَّ استخدام الشّاعر للألفاظ البدوية تكمن في معرفة مكونات هذا الشّعر، وظروفه والعناصر التي دخلت في نسجه، وكلّ ذلك يدخل في إطار النَّفسيّة العامليّة العامة الَّتي قبلت ذلك وركنت إليه. إذ لا يمكن لشاعر الاتجاه في فنّ معين والإكثار منه، لولا تقبّل المحيط العام لهذا الفنّ، سيما وإنَّ القصيدة ليست خاصة بالشّاعر، إنَّها تُلقى في مناسبات موت الأعيان ورجال الحكم أو احتفالاتهم في حشد كبير من النَّاس. لذا يمكن القول إنَّ ظاهرة محاكاة القديم لفظًا ومعنى عند العامليين تعَّبر عن شعور عام مشترك تدخل في تكوينه عدة عوامل، منها ما هو سياسي ومنها ما هو علمي، ومنها طبيعة العاملي نفسها الَّتي ورثها من دون انقطاع، هذه الطبيعة الَّتي ألفت القديم ونبذت كلّ ما هو طارئ وجديد حتَّى النصف الثاني من القرن التاسع عشر.

والمعروف أنَّ العامليين واجهوا على توالي حقب تاريخهم السَّياسي أناسًا حاولوا احتلال الجبل بقوّة السِّلاح، وكان للجيش المصري النِّظامي ولسياسة إبراهيم باشا نصيب في مدّة طالت لياليها العصيبة على العامليين. وكان العاملي يرى في الجيش المصري جحافل غريبة عن بيئته، تنتمي لأصول فرعونيّة([33]) سيما وإنَّ الشّعور القومي العربي لم يكن قد ظهر بعد في الوطن العربي. وربَّما وجد العاملي نفسه في عدة مرات إزاء قوّة جيش نظامي كثير العدد، فتملكه اليأس من التَّخلص من وطأة الاحتلال أو الانتهاء من تلك القيود الَّتي دخلت مع القوة الغريبة الطارئة. علمًا، إنَّ العاملي رأى نظامًا مفروضًا وقيودًا اصطدمت فيها نفسه الَّتي اعتادت الانفلات وعدم القيد بتلك القوانين، والمحاكم الَّتي اصطنعها إبراهيم باشا، ولم يكن لدى العامليين في الوقت ذاته الجرأة في المجاهرة عن مشاعرهم الدّفينة، فكوّن ذلك شعورًا عامًا داخليًا يرفض كلّ ما هو طارئ ومحدث ومفزع فيلجأ إلى كلّ ما هو قديم ويركن اليه.

وتلك فطرة الإنسان بشكل عام يأنس إلى القديم، ويتحدّث به إذا تعارض الجديد مع تفكيره ومصالحه وبيئته، وبما أنَّ الشِّعر تعبير عن المشاعر الكامنة، فكان في الشّعر العاملي ما هو تعبير عن المشاعر العامة الكامنة في النُّفوس بتلك الرُّموز والأسماء العربية والأساليب القديمة الّتي تذكّر العاملي عند قراءتها أو سماعها بتلك الحياة البسيطة البدويّة، البعيدة من التَّعقيد والأنظمة، فيأنس إليها وتنتعش نفسه بدفئها.

ثُمَّ إنَّ المدارس في الجبل العاملي، كانت تدرّس العلوم العربيّة القديمة والقرآن الكريم، فكان لزامًا على المعلم والمتعلّم الاعتناء باللُّغة العربية الأصيلة ومعرفتها وشرحها، سيما لغة الشّاعر الجاهلي الَّتي تيسر للطالب فهم الآيات القرآنية وأقوال الرّسول (ص) وكتاب نهج البلاغة للإمام علي(ع)، فكان من البديهي أن تتداول النَّاس الشِّعر القديم، ويجهدوا أنفسهم للاعتناء به وحفظه. وربّما كانت مهارة الشّاعر العاملي تقاس بمدى استجابته للشّعر الجاهلي ولأسلوب الشّاعر القديم في التعبير، فكان همّ بعض الشعراء، إظهار مقدرتهم اللُّغوية بنظم ما يحاكي الشّاعر القديم في اتجاهاته الشِّعرية كافّة.

الخاتمة

مجمل القول، يعدُّ اتجاه الرِّثائي العاملي أنموذجًا رائعًا للشّعر العربي الأصيل، وربَّما فريدًا من نوعه في زمن تخلّف الشّعر العربي بشكل عام في تخطيه عصر الانحطاط بمحافظته على النَّسج واللُّغة والمعاني والصور المتهافة.

وإن كان هناك من الشُّعراء من انطلق في رثائه من منطلق المصلحة الخاصة، أو نيل ولاء السِّياسيين أو الشُّهرة عن طريق الرِّثاء، وما يستلزم ذلك في أحايين من مبالغات ولهاث وراء الصنعة والكلمة الجزلة الفخمة والأسلوب الخطابي البعيد من العاطفة، القريب من العقل. وأكثر ظهور هذا اللّون، من الشّعر كان مع أواخر القرن الثامن عشر ومطلع القرن التّاسع عشر تقريبًا خاصة بعد استقرار الأحوال العامليّة، وولع الحاكم بالمظهر والمادة.

ولكن لا بُدَّ من الاعتراف بأنَّ هذا التاريخ شهد محاولة من محاولات التَّجديد والتَّنويع في المعاني الرّثائيّة، وبات الشّاعر متحللًا من المعاني القديمة المطروقة، وصار المستمع يحسّ بجهد الشّاعر في قصائد رثائيّة، مشبعة بالحركة والصور البيانيّة المتطورة وتسلّلت في الرثاء بعض المعاني الجديدة التي لم تعرفها القصيدة الرّثائيّة سابقًا في جبل عامل، ويبقى الشّعر العاملي الرثائي بشكل عام مظهرًا فنيًّا من مظاهر عطاء العاملي جديرًا بالوقوف عنده والتّأمل فيه.

المصادر والمراجع

  • ابراهيم صادق، الديوان، مؤسسة الانتشار العربي، طبعة أولى سنة 2013.
  • أبو فراس الحمداني، الديوان، دار صادر، بيروت، لا طبعة، لا تاريخ.
  • شبيب الأسعد، العقد المنضّد، المطبعة الهمايونية، اسطنبول، طبعة أولى سنة 1309 ه.
  • صلاح لبكي، لبنان الشّاعر، منشورات الحكمة، بيروت، لبنان، سنة 1954.
  • محسن الأمين، أعيان الشيعة، مطبعة الترقي، دمشق، طبعة أولى 1936.

الكتب المخطوطة

  • هاشم عباس، ديوان شعري مخطوط، في مكتبة الشيخ ابراهيم سليمان، قرية البياض في جبل عامل.
  • مخطوطة شعرية في مكتبة السَّيد مصطفى مرتضى، قرية عيثا، من جبل عامل.
  • علي مروة، ديوان شعري مخطوط في مكتبة الشَّيخ ابراهيم سليمان، معركة – جبل عامل.

المعاجم العربية

  • ابن منظور، لسان العرب، دار إحياء التراث العربي، بيروت، لبنان، الطّبعة الثالثة.
  • بطرس البستاني، محيط المحيط، مكتبة ناشرون، لبنان، طبعة سنة 1987.
  • ياقوت الحموي، معجم البلدان، دار احياء التراث العربي، بيروت، لبنان.
  • مجموعة من الباحثين، المعجم الوسيط، مكتبة الشروق الدولية، مطر، طبعة رابعة، سنة 2004.

المراجع العربيّة

  • ابن رشيق، العمدة، دار الجيل، بيروت، لبنان، طبعة رابعة سنة 1972.
  • أسامة عانوتي، الحركة الأدبية في بلاد الشام، منشورات الجامعة اللبنانية، بيروت 1971.
  • عيسى ابراهيم السَّعدي، نظرية أبي عثمان بن بحر الجاحظ في النَّقد الأدبي، دار المعتز، عمّان، الأردن، طبعة أولى، سنة 2010.
  • مصطفى صادق الرَّافعي، تاريخ آداب العرب، دار الكتاب العربي، بيروت، لبنان، طبعة ثانية سنة 1974.

 

[1] – أستاذ مساعد في الجامعة اللبنانيّةكليّة الآداب والعلوم الإنسانيّة- قسم اللغة العربيّة

Professeur Assistant à l’Université Libanaise, Faculté des Arts et des Sciences Humaines – Département de Langue Arabe-E-mail: Laylasaad1@outlook.com

 

[2] -ابن منظور، لسان العرب، مادة (رثى)، ج 5، ص 138.

[3]– مجموعة من الباحثين، المعجم الوسيط، مكتبة الشروق الدولية، مطر، ط 4، سنة 2004، ص 329.

[4]– بطرس البستاني، محيط المحيط، مكتبة ناشرون، لبنان، ط سنة 1987، ص 323.

[5] –  الرَّافعي، مصطفى صادق، تاريخ آداب العرب، دار الكتاب العربي، بيروت 1974، ط2، ج3، ص106.

[6] -عيسى ابراهيم السّعدي، نظرية أبي عثمان بن بحر الجاحظ في النَّقد الأدبي، دار المعتز، الأردن، ط 1، سنة 2010، ص 230.

[7] – كانت أغلب القصائد الرِّثائيّة في الجبل العاملي قبل القرن الثامن عشر، تدور حول كرم المرثي وشجاعته وتقواه، وما الى ذلك من نعوت خاصة فيه، مع تعداد لمؤلفاته، إن كان من العلماء المصنّفين للكتب وكثيرًا ما يورد الشَّاعر خلال قصيدته حكمة مأخوذة من تعاليم الإسلام والقرآن الكريم من دون الولوج إلى أحاسيس النَّاس ومشاعرهم العامّة.

[8]  -محسن الأمين، أعيان الشيعة، مطبعة الترقي، دمشق 1936، ج 5، ط 1، ص 674.

[9] -أسامة عانوتي، الحركة الأدبية في بلاد الشام، منشورات الجامعة اللبنانية، بيروت 1971، ص57.

[10] -محسن الأمين، أعيان الشيعة،ج 2، ص 246.

[11]– أبو فراس الحمداني، الديوان، دار صادر، بيروت، لا ط. لا ت، ص 161.

[12]– هو السَّيد كاظم ابن السَّيد أحمد الأمين، توفي سنة 1303هـ، ذهب إلى النَّجف الأشرف لمتابعة تحصيل علومه، وكان عالمًا حافظًا ومؤرخًا ومكثراً من الشِّعر. وهو من أسرة لم تقطع العلم والتأليف والشِّعر في عاملة.

[13] -محسن الأمين، أعيان الشيعة، ج 43، ص 58.

[14] – صلاح لبكي، لبنان الشاعر، منشورات الحكمة، بيروت، 1954، ص ص 50ـ – 51.

[15]  – محسن الأمين، أعيان الشيعة، ج 42، ص ص 190 – 193.

[16]– ابراهيم صادق، الديوان، مؤسسة الانتشار العربي، ط 1، سنة 2013، ص 15.

[17]   – وُلد في الكاظمية ولا تُعرف سنة وفاته على وجه الدّقة. سكن صور وقرية معركة من جبل عامل، تعلَّق بحاكم عاملة حمد المحمود أيام الاحتلال المصري قبل أن يصل إلى الحكم في جبل عامل، وكان شعره في هذه الحقبة ضعيفًا، ولما وصل حمد إلى الحكم صار من أقرب النَّاس إلى القصر وأكثر الشُّعراء احتكاكا ومدحًا بالحاكم.

[18]   – مخطوطة شعريّة في مكتبة الشيخ أحمد سليمان، معركة، من جبل عامل.

[19] – شبيب الأسعد، العقد المنضّد، المطبعة الهمايونية، اسطنبول، ط1، 1309 هـ ، ص ص49 – 50.

[20] -علي مروة، ديوان شعري مخطوط في مكتبة الشيخ أحمد سليمان، معركة – جبل عامل، ص 35.

[21] – الضمير هنا عائد الى ولدي أبي الحسن موسى.

[22]  – محسن الأمين، أعيان الشيعة، ج 5، ص 594.

[23] – هاشم عباس، ديوان شعري مخطوط، في مكتبة الشيخ ابراهيم سليمان، قرية البياض في جبل عامل، ص 10.

[24] – ابن رشيق، العمدة، دار الجيل، بيروت 1972، ط 4، ج 2، ص151.

[25] – محسن الأمين، أعيان الشيعة، ج 8، ص 345.

[26] – أبو فراس الحمداني، الديوان، ص 143.

[27] – محسن الأمين، أعيان الشيعة، ج 9، ص203.

*العذيب: ماء ما بين القادسية والمغيثة من العراق.

** جيرون: حصن في دمشق.

[28] – مخطوطة شعرية في مكتبة السَّيد مصطفى مرتضى، قرية عيثا، من جبل عامل.

[29] – ابن رشيق، العمدة، ج 2، ص 150.

[30] – ياقوت الحموي، معجم البلدان، دار احياء التراث العربي، بيروت، ج 4، ص 92.

*الغضى: من نبات الرّمل، وقد وردت هذه اللَّفظة كثيرًا في الشِّعر العربي. ردّدها مالك بن الريب من شعراء صدر الإسلام كثيرًا في قصيدته الَّتي يرثي بها نفسه بعد غزوة في خراسان. أورد أبو زيد القرشي، المتوفي سنة 170هـ القصيدة في كتابه “جمهرة أشعار العرب”، المطبعة الأميرية، القاهرة 1308 هـ ، ط1، ص143. يقول:

ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة              بجنب الغضى أزجي القلاص النواجيا

[31] – ابراهيم صادق، الديوان، ص 123.

*البزل: جمع بازل. ويقال ناقة بازل وجمل بازل، اذا طلع له ناب.

**شوازب: جمع شازب، وهو الضَّامر.

***القبّ: رئيس القوم وسيّدهم.

[32]  – مخطوطة شعرية في مكتبة السَّيد مصطفى مرتضى، قرية عيثا، من جبل عامل.

[33] – قول علي مروة في المصريين من قصيدة في ديوانه المخطوط، ص49:

جاؤوا بما فرعون أورثهم         من افكه فاستضعفوا الجندا

ألقيت يا موسى الزّمان لهم       ثعبان سيف قطّ ما عهدا

فتلقف الثعبان ما أفكوا          والجيش عن هاماتهم شردا

يشير الشَّاعر إلى قصة فرعون وموسى الَّتي وردت في القرآن الكريم.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

free porn https://evvivaporno.com/ website