foxy chick pleasures twat and gets licked and plowed in pov.sex kamerki
sampling a tough cock. fsiblog
free porn

جدليّة الحبّ والموت في “القلب العاري… عاشقًا” لغادة السَّمَّان

0

جدليّة الحبّ والموت في “القلب العاري… عاشقًا” لغادة السَّمَّان

The dialectic of love and death in “The Naked Heart… in Love” by Ghada Al-Samman

   د. ليلى محمد سعد([1]) Dr.Laila Mohammad Saad  

تاريخ الإرسال: 10-11- 2023                              تاريخ القبول: 25-11-2023

ملخَّص

يعالج هذا البحث موضوع جدليّة الحبّ والموت في الخطاب الشِّعري (القلب العاري … عاشقًا) للأديبة غادة السَّمَّان، وبيان رؤيتها وأبعادها الإنسانيّة والفلسفيَّة والإيديولوجية والوجوديَّة والزَّمنية والأسطوريَّة وذلك من خلال الإيقاعات المورفولوجيَّة والمميزات الصَّوتية والتَّكوينات التَّكرارية والتَّركيبات اللُّغوية بالإضافة إلى الظواهر الفنيّة والمتشاكلات والمناصات والانزياحات الدّلالية الجماليّة وذوبانها في بوتقة التَّجربة الشِّعريَّة.

الكلمات المفتاحيَّة: تيمة الحبّ – تيمة الموت – المستوى المناصي – البنية التَّكرارية – البنى العميقة.

Résumé

Cette recherche traite le sujet de la dialectique de l’amour et de la mort dans le discours poétique (Le Cœur nu … amoureux) de l’écrivaine Ghada Al-Samman, et à expliquer sa vision des ses dimensions humaines philosophiques idéologiques, existentielles, temporelles, et mythologiques à travers des rythmes morphologiques, des  caractéristiques  phonétiques, des formations répétitives et des structures linguistiques, en plus  des phénomènes artistiques, des Isotopies et des auctorials et des placement sémantique esthétique et sa fusion dans l’expérience poétique.

 Mots clés : Thème de l’amour – Thème de la Mort – Niveau auctorial – Structure répétitive – Structures profondes.

مقدمة :لا شكَّ أنَّ الموت حقيقة تؤلم النَّفس البشريّة، وتقضّ مضجعها، وتتزامن هذه الحقيقة مع استمراريّة الحبّ والحياة والوجود، والموت “لا يصبح مشكلة حقيقيَّة تستولي على مجامح النَّفس إلَّا حينما ترتبط بمشكلة الحبّ.”( [2]) فالرَّسام يرسم مشاعره الفرحة والحزينة بريشته، والموسيقي يعزف على أوتار قيثارته أنغام الحبّ والموت، أمَّا الشَّاعرة فتصوغ حبَّها وعشقها وحزنها على شريك عمرها وغربتها عن وطنها قصائد مفعمة بالحبّ السَّرمدي والآلام، والأحزان الَّتي تحرك شجون المتلقي في الخطاب الشِّعري إذ إنَّ الشّعر “الأصيل المؤسس كلام لا يقول الواقع ولا يكتفي بنقله إنَّه حركة اجتياح ومواجهة، ولا يعني هذا أنَّه يلغي الواقع أو يتعالى عليه بل يعني أنَّه يستدعيه لحظة المدرك المعلوم، ولكنَّه لا يصفه بل ينفذ إلى ما تحجب منه.”([3])

وقد حظي الخطاب الأدبي عند الأديبة غادة السَّمَّان باهتمام عدد كبير من الباحثين والدارسين منذ بداياته وحتَّى يومنا هذا، وتُعدُّ قضية الحبّ والموت من أبرز القضايا الَّتي يطرحها ديوان (القلب العاري .. عاشقًا) وقدمت فيه رؤى جديدة في الشِّعر المعاصر خاصة عندما يتعلَّق الأمر بثنائيّة مرتبطة بالوجود الإنساني، إذ إنَّ خطابها الأدبي منجم غزيز وكنز أدبي في شكله ومضمونه وفيه جوانب جماليَّة غائرة في طبقات عميقة من البنى تحتاج إلى المزيد من البحث والدّراسة والنَّقد. لذلك سيدرس البحث الإشكالية الآتية:

ما رؤية الشَّاعرة إلى الموت؟ وما انعكاساته بأبعادها الدلالية على وجدانها؟

ما البنى العميقة للإيقاعات المورفولوجيَّة والتَّكوينات التَّكرارية والتَّنسيقات الصَّوتية، والتَّركيبات اللُّغوية والمناصات والتشكيلات الفنيَّة والتَّماثلات والمتشاكلات والتَّناصات والتَّقابلات الدلالية؟

وقد اعتمدت المنهج السِّيميائي الَّذي يهتم بدراسة “حياة العلامات داخل الحياة الإجتماعية.”([4]) إذ إنَّ الخطاب الشِّعري يحتوي على متشاكلات وتماثلات وانزياحات وتقابلات و”بنية ظاهرة وبنية عميقة يجب تحليلهما وبيان ما بينهما من علائق.”([5]) كما اعتمدت على السِّيميائيّة الإحصائيّة في احصاء مناصات العنوانات الدّاخليّة وانشطاراتها الدّلاليّة، وتيمتيّ الحبّ والموت لتضفي بعضًا من العقلنة الرياضية على البحث.

وسيتوقف البحث عند المستوى المناصي للديوان وبنيته الدّلاليّة، والبنية التكرارية لتيمتيّ الحبّ والموت، وأبرز محطات جدلية الحبّ والموت بتنسيقاتها التّكرارية وصورها التّشاكليّة وثنائياتها الضِّدية وتقابلاتها الدّلاليّة وتناصاتها الأسطورية في الخطاب الشِّعري (القلب العاري … عاشقًا) عند الشَّاعرة غادة السّمّان خاصة حبّ الزّوج ورحيله الَّذي أصبح غيابه موتين: موت مادي للزوج وموت معنوي للزوجة.

المستوى المناصي للديوان: تمثّل عتبة عنوان الدَّيوان لفتة فنيَّة تندرج ضمن مفهوم المناص، ويعدُّ جينيت أنَّ المناص التأليفي (مناص المؤلف) (Paratexte auctorial) يتكوّن من عناصر النَّص المحيط التأليفي (peritexte auctorial) الَّذي يضمُّ كلّ من (اسم الكاتب، العنوان، العنوان الفرعي، العناوين الدّاخليّة، الاستهلال، التَّصدير..)([6])

وقد صدر ديوان “القلب العاري … عاشقًا” عن منشورات غادة السَّمَّان، بيروت، لبنان، الطَّبعة الأولى، كانون الثاني (يناير) 2009 ويضمُّ 144 صفحة من الحجم المتوسط، و125 قصيدة من الشَّعر الحديث الذي هو “خرق للقواعد والمقاييس.”([7]) وقد تذيلت هذه القصائد بحيثيات النَّشر الَّتي تحيل إلى مكان الإبداع وزمن الكتابة، فكتبت بين تاريخ  1 / 2 / 1999 م و 6 / 11 / 2008 م في مدن باريس وبيروت ما يعكس غربة الشَّاعرة عن وطنها الأم / سوريا “إذ سيجد قلبي بشكل خارطة سوريا حيثُ ولدتُ”([8]).

وتعلن في لوحة الغلاف الأمامي أنَّها صورة للفنَّانة المكسيكية الشَّهيرة فريدا كاهلو، وإذا تأملنا اللَّوحة الأيقونيّة الخارجيّة، فهي جسد غزالة بوجه امرأة تقطر دمًا من تسعة نصال ونبال مغروزة في جسدها خاصة منطقة القلب والظَّهر، تحيطها الأشجار الضَّخمة المتجذرة بألوانها التُّرابيّة المائلة إلى السَّواد وغصن مكسور بأوراقه الصَّفراء، وتتفاعل مناصيًا مع العنوان الداخلي لقصيدة “مناكدة النّصال والزَّمان” الَّتي تقول فيها:

“أنا روح شرسة تقتلع النّصال من قلبها”([9]).

فروح الشاعرة تحاول اقتلاع النّصال من قلبها الحزين، تحارب قدرها مع الحبّ والحياة والموت، وتتداخل

بأبعادها الدّلاليّة مع الزمن وهذا التَّداخل اللانهائي هو جماليّة من جماليات الحداثة الشِّعرية.

وتقول في سياق قصيدة أخرى:

“فالنّبال اخترقته وتعايش معها”([10]).

وفي سياق آخر تقول:

“أظنني سأحبّك دائمًا فقد كنت فارسًا شهمًا سخيًا بكلِّ شيء

وسأفتقدك طويلًا أيُّها النَّصل الَّذي لم يجرحني يومًا ..

سأفتقد دائمًا لحظة اشتعلنا.”([11])

تؤكد الدوال استمرارية الحبّ على الرُّغم من فقدان الحبيب المتعطر بأخلاق الفروسيّة والشَّهامة والسَّخاء والعطاء، فهو النَّصل الَّذي لم يجرحها يومًا، فكان لبعضهما الحياة روحًا وجسدًا ما يؤكد صورة “لحسّ الفجيعة، والمحتوى المأساوي لجدلية الذات في صراعها المحتوم مع الكون، وتعبيرًا عن صرخة القلب، وأنَّة الرُّوح في مواجهة مشكلاتها المصيرية، وقلقها الوجودي”([12]) ما يعزز ثنائية تقابلية تتأرجح بين الطُّموح والانكسار.

وتكشف مقصدية الدّيوان عن البؤرة الدلالية العميقة الَّتي تتجسد في انغماس الشَّاعرة في بحر بنى السّوداوية والأحزان والأوجاع والنَّفي والضَّياع والحبّ والبحث عن عالم الأمان في سراب الآهات الدّفينة، وتؤسس لفعل الحزن والانسحاق أمام طوفان الجروح الدّفينة والبكاء الحزين على ما حلَّ بها من تغييرات حياتيّة. كما تعلن عن صورة الغلاف الخلفي في صفحة الغلاف الداخلي أنَّها صورة لغادة السَّمَّان التقطها سيَّد القلب / الزوج بشير الداعوق، وتصرّح بعنوان مكان الوقوف: فندق «بيفيو» Bay View))  في بيروت.

بالإضافة إلى قول الشَّاعر العربي الكبير محمد مهدي الجواهري بتاريخ 30 / 1 /  1979 “أنا معجبٌ جدًا بما تكتبه غادة السّمّان. قرأتُ لها فدُهشتُ، وافتخرتُ بنفسي، وافتخرتُ بأن تكون للأمَّة العربية كاتبةٌ بهذا المستوى. قرأتُ لكاتبات وكتّاب من الغرب، ولم أجد أن ما كتبوه أفضل ممَّا كتبته غادة السَّمّان.” ما يدلُّ على إعجاب الشَّاعرة بقوله، وتكشف عن شهرتها الأدبية من خلال ما زادته على الغلاف الخارجي الخلفي أنّه “تُرجم بعض النُّصوص الشِّعرية لغادة السّمّان إلى الفرنسية والإيطاليّة والألمانيّة والإسبانيّة والأرمنيّة والكوريّة والإنكليزيّة، وكذلك إلى الفارسيّة الَّتي نقل إليها الشَّاعر الدكتور عبد الحسين فرزاد أربعة كتب هي: “اعتقال هاربة” الَّذي صدر في ثلاث طبعات في طهران. “رسائل الحنين إلى الياسمين” في طبعتين. “عاشقة في محبرة” في طبعتين أيضًا. و”الأبدية لحظة حبّ”.

بنية العنوان: يردُ العنوان الخارجي (القلب العاري … عاشقًا) في تركيب جملة اسميّة بأسلوب خبري تعزف أوتار القلب والحبّ والعشق، وتنقر على ايقاعات التَّراجيديا ونغمات الموت والرحيل والحزن الأبدي في عمق الحياة الَّتي يشوبها سواد النَّفس والتِّيه.

وتتردد وتيرة العنوان الخارجي ضمن العنوانات الداخلية للديوان مستحدثة بهذا الشَّكل الايقاعي الموفورلوجي بنية دلالية “تتمازج وتتفاعل فيها عناصر نصية تنحتها بلاغات باحثة عن خطاب لجمرة الحياة.”([13]) ونبرز البنيّة التَّركيبية في الجدول الآتي:

العنوان الخارجي العناوين الداخلية  البنية التركيبية
القلب العاري … عاشقًا

(مبتدأ + نعت + حال)

القلب العاري / مذنبًا / حال
القلب العاري / باكيًا موتك الآتي / حال
القلب العاري / المطارد أبجديًا / نعت + حال
القلب العاري / صورة رقمية خبر + نعت
قلبي العاري / يقتل غريمه فعل + اسم
قلبي العاري / يزور قبره فعل + اسم
القلب العاري / يكتب القصص فعل + اسم
القلب العاري / سيحبك دائمًا فعل + اسم
القلب العاري / في الحرب جار + مجرور
القلب العاري / في ضوء القمر جار + مجرور + اسم
القلب العاري / في زمن اللاعشاق جار + مجرور + اسم
القلب العاري/ في عاصفة افتراضية جار + مجرور + اسم
القلب العاري/في الرَّوشة البيروتية جار + مجرور + اسم
القلب العاري / في الوكر الباريسي جار + مجرور + اسم
الثّياب الثّرثارة / والقلب العاري مبتدأ + نعت
القلب العاري / والذّنوب الشَّهية حرف عطف + اسم معطوف
S. O. S / القلب العاري أحرف أجنبية (اختصار لنداء الاستغاثة)

 

يتعالق العنوان الخارجي مع العنوانات الداخلية للقصائد، إذ يرد التّركيب الإسمي “القلب العاري” بمعدّل 13،6 % من تركيبات العنوانات الداخلية للديوان، ويتكوَّن العنوان الأساسي (القلب العاري عاشقًا) من البنية التَّركيبية الإسمية (مبتدأ + نعت + حال) فالدال (القلبُ) مركز نبض الحياة لكنّه انزاح دلاليًا بعدما وصفته بالعاري فعرّته ووضعت (…) ثلاث نقاط متتالية “إذ تتخلل الكتابة ذاتها للتَّعبير عن أشياء محذوفة أو مسكوت عنها داخل الأسطر، وفي هذه الحالة يستغل البياض بين الكلمات والجمل نقطًا متتابعة.”([14]) إذ إنَّ تتالي النِّقاط هو دعوة من الشَّاعرة للقارئ ليشاركها حبّها وحزنها ومنفاها وقضية حياتها، وفي هذه النِّقاط مدلولات لا متناهية ما يجعل النَّص مفتوحًا وسيفًا مسلولًا على الزَّمن، وبعدها أوردت الدال (عاشقًا) / العشق لتبيان حال الذات الشَّاعرة.

وفي العنوانات الداخلية للديوان، تعرّض التّركيب الإسمي إلى استبدالات تركيبية وانزياحات دلالية التي تحسبُ “أحد آليات الدفاع، فحين يخفق الفرد في إشباع دافع أصلي، أو يخفق في تحقيقه يضطر إلى استبدال شيء آخر به، فيتحقق له بذلك بعض الرضا والإشباع”([15]). إذ استبدلت مفردة (عاشقًا) بمفردات (باكيًا      مذنبًا     المطارد     صورة) وتتشابك دلاليًا ما يجعل الموت متموقعًا وسط ركام الحياة.

وفي عنوانات أخرى استبدلت الاسم (عاشقًا) بتراكيب فعلية عابقة باستمرارية الحبّ، فأصبحت البنية التّركيبية للعنوانات الداخلية (القلب العاري      يقتل غريمه     يزور قبره      يكتب القصص     سيحبّك دائمًا) ما يؤكد الجرح الَّذي غرز قلبها بعدما فقدت شريك حياتها ما جعل الذاكرة خنجرًا نازفًا في فؤادها.

كما استبدلتها بتراكيب شبه جملة تعكس بنية استرجاعية للمكان والزمان (القلب العاري     في ضوء القمر    في عاصفة افتراضية     في زمن اللاعشاق      في الحرب     في الوكر الباريسي     في الرَّوشة البيروتية) فهي تعيش في المكان / باريس وقلبها معلّق برائحة بيروت وعطور زهر الليمون والتَّبغ والزَّعتر البري في ظل زمنية الحرب الّتي تقتات أرض البلاد العربية.

واعتمدت التّقديم والتأخير، فقدمت التَّركيب الاسمي (الثّياب الثّرثارة) على التَّركيب اللغوي (القلب العاري) وربطت بين التركيبين بوساطة أداة العطف (الواو) كما قامت بتقديم التَّركيب الاسمي المتعالق بنيويًا (القلب العاري) مع (الذّنوب الشَّهية) لتأكيد حبها لوطنها ولبيروت خاصة.

أمَّا العنوان (S. O. S القلب العاري) في قلب الدِّيوان فيشكّل بؤرة انفجارية وتختصر SOS جملة (Save Our Selves) وتترجم (أنقذوا حياتنا أو أنفسنا) فهذه الاستغاثة تحيل إلى أصوات الألم والوجع والأنين الَّتي تعود إلى الذاكرة فتوقظ في الذات الشَّاعرة اللَّحظات الأخيرة لموت شريك العمر.

إذًا، إنَّ الديوان (القلب العاري … عاشقًا) إعلان صريح للعاشق الزَّوج بعد أن صار ذكرى ودخل عتمة الغياب، وأعلنت المخبوء، واتَّخذت من الإهداء تصريحًا وجدانيًا في لحظة وفاء “إلى بشير الدّاعوق صاحب الفضل الأوَّل على مسيرتي الأدبية، وشريك العمر الأبجدي، الَّذي لم أهده وهو حيّ، كتابًا واحدًا من كتبي الأربعين كي لا يُقال إنَّني أتملّقه … وبالأحرى كي لا نشعر معًا أنَّني أتملقه… إلى ذكراه، أهدي هذا الكتاب الَّذي اخترنا عنوانه معًا ورحل قبل أن يشاهده مطبوعًا..”([16])

وبعد الإهداء، ننتقل إلى دهاليز الدِّيوان ومضامينه الَّتي تبدو كقطعة شعريَّة تتغنَّى بالحبّ والموت معًا، وتقتات الذات الشَّاعرة الوحدة والغربة والحزن والموت والتَّلاشي والضَّياع، وترتفع أوتار تعزف مناصية العنوان الخارجي (القلب العاري … عاشقًا) في خاتمة قصيدة (والماس حصى المستنقعات)، فتقول:

“والقلب العاري عاشقًا يليق به العري …

والحداد يليق بي.”([17])

تمتد بنية العنوان الخارجي وتتماوج في ثنايا المقطوعة الشِّعرية، ويعملُ مناص الحواشي والهوامش (les notes) “على تعضيدِه في داخلِ النّص.”([18]) إذ تشكل وتيرة بنية العنوان الأساسي بالمستوى الإيقاعي والدّلالي محورًا أساسيًا من محاور الخطاب ينقل تفاصيل حركية ونفسيَّة وشعوريّة، وهذا الصدى المتكرر يسهم في إغناء نسق الصُّورة الشعرية وما هو إلّا صدى للآهات الموجعة والأنَّات الأليمة، فالشَّاعرة تندب حياتها بين سرداب الماضي الجميل وسراب الحقيقة الأليمة ما يجعلها غارقة في بحر الأحزان، واليأس والموت محاصرة بالبكاء والاضمحلال الشُّعوري والانكسار الذاتي، فبدت القصائد كأنَّها أناشيد تعزف جدلية الموت والحبّ بين غربة الرُّوح وموت الزَّوج وذلك عبر ذاكرة مكلومة بالأحزان.

تعريف الحبّ / الموت : الحبّ في اللُّغة “حبب: الحُبُّ نقيضُ البُغْضِ، والحُبُّ: الودادُ والمَحَبَّةُ.. وأحبَّهُ فهو مُحِبٌّ وهو محْبُوبٌ([19]). وجاء في معجم متن اللُّغة العربية: “الحبّ نقيض البغض، وهو الوداد”([20]). وعند الفلاسفة هو “ميلٌ إلى الأشخاص أو الأشياء العزيزة، أو الجذابة أو النّافعة”([21]). وفي الإصطلاح هو “عاطفة طبيعيَّة تبدو بتعلّق الرَّجل بالمرأة، وتعلّق المرأة بالرجل وتعاطفهما حتَّى ليشعر كلّ منهما أنَّه لا يستطيع أن يعيش من دون الآخر، وأنَّه بحاجة إلى أن يكمّل ذاته برفيقه”([22]).

أما “المَوْتُ والمَوَتان ضِدَّ الحياةِ. والمُواتُ بالضَّم: الموْتُ: ماتَ يموتُ موْتًا.. ماتَ الرَّجلُ وهمَدَ وهوَّم إذا نَام. والمَوْتُ: السُّكونُ”([23]). وجاء في المعجم الفلسفي: “الموت Mort عدم الحياة عمَّا من شأنه أن يكون حيًّا. وقيل: الموت نهاية الحياة، وضدّ الحياة. والتّقابل بينه وبين الحياة تقابل العدم والملكة”([24]).

تيمة الحبّ / تيمة الموت :الدّيوان مترع بتيمة الحبّ سواء أكان اللَّفظ بعينه أو الإشتقاق والتَّصريف (أحبُّ – حبَّكَ – أحبّكَ – أحببْتُ – حبِّي – حبيبي – محبَّة) وتتعاضد مع المعجم الدلالي (القلب – اللقاء – العشق) بالمقابل تنتشر في جسد الخطاب تيمة الموت باللَّفظ عينه وبالإشتقاق (أموتُ – سيموتون – موتي – موتكَ – يموتُ – سأموت) وتتعانق مع المعجم الدلالي (الرَّحيل – الفراق – البكاء – الحزن). وقد تكررت مفردات الحبّ باشتقاقاتها اللُّغوية ومرادفاتها الدلالية 186 مرة بمقابل وتيرة الموت الَّتي تكررت 143 مرة. وسياق الخطاب يستوجب هذا الكم اللُّغوي لتيمة الحبّ في مقابل الموت، فالذَّات الشَّاعرة تختار مفردات تعبّر بها عن جدلية الحبّ والموت، والتَّرادف بحسب دارسي اللُّغة حديثًا “هي ألفاظ متَّحدة المعنى وقابلة للتبادل فيما بينها في أيّ سياق”( [25]). وهذه الوتيرة هي محاولة لتحقيق الشَّبع الشُّعوري في العمل الشِّعري وقد كان دائمًا “هو هاجس الشّعراء الأقوى”([26]).

إنَّ ارتفاع وتيرة تيمة الحبّ في مقابل هبوط تيمة الموت في الخطاب الشِّعري له تأثير ابداعي في استحداث عالم شعري يستوعب الأفكار المتمردة، وينقل التَّجربة من عالم التَّقريرية إلى عالم الخيال ما عكس جدلية الحبّ والموت، وثنائية الحضور والغياب إلَّا أنَّ تيمة الموت سلبت تيمة الحبّ دلالتها وانشطرت دلالاتها في انزياحات تركيبية وتماثلات وتشاكلات دلالية، فكشفت غادة السَّمَّان عن حياتها الزوجيّة، وعن عشقها لرجل ملأ حياتها، واختارا معًا عنوان الديوان (القلب العاري… عاشقًا) فقررت إماطة اللِّثام عن جانب حياتها الحميم بعد رحيل رفيق العمر بشير الداعوق الَّذي تحوَّل إلى نقطة مفصلية في حياتها، أعلنت فيه عن حبّها الثابت له على الرغم من غيابه ورحيله، فالحبّ “إرادة الحياة الَّتي لا يمكن أن تقف بالموت، ولكنّها على العكس من هذا تجد نفسها فيه وقد تحررت من كل قيود الفرادنية واقتربت من المطلق، لأنَّ الحبّ يدعو إلى الموت، وبالموت تسقط الفردية وتبقى إرادة الحياة خالصة من كلّ فرديّة”([27]) .

البنية التكرارية: تيمة الحبّ / تيمة الموت: جاء بناء القصائد في الخطاب الشعري بناء متلاحم الأجزاء، يقوم على وتيرة تكرارية لبنية الحبّ، ولعزف موسيقى الايقاع الفرح، فتقول:

“أحببتك ومشيت صوبك فوق مياه بحيرة زوريخ ولم أبتّل.

أحببتك فصارت لصخور الضفاف عيون ترمق صورتك في عيني

بحبّ وشفاه تبتسم لحبِّنا

كأنَّ الحبّ معجزة سريّة صغيرة

لا ندرك مداها إلا حين نخسرها.

فهل خسرتك؟”([28])

تتكرر تيمة الحب باشتقاقاتها اللُّغوية (أحببتك – بحبّ – حبّنا – الحبّ) ما يعكس محور الحبّ مقابل خسران البعد من الوطن ويؤجج الشعور بالحب الوطني، ويتشكل التماثل الدّلالي بين (الحبّ / معجزة سريّة صغيرة) لتكثيف الشعور الإنساني الذي يكتسب مقوماته من العلاقة القوية الَّتي تربطها بوطنها ومن ثم تأتي لحظات التشظي التي تخنقها في نهاية المقطوعة (فهل خسرتك؟) فتعكس بنية الانسلاخ عن الوطن، والعيش في منفاها.

إنَّ الحبَّ والموت قطبان يتجاذبان في جسد الخطاب الشِّعري ما يعزز جدلية الحبّ والموت، الإطمئنان والاضطراب، الحضور والاختفاء، فتقول:

“لأنَّ كلّ ما أحبّه ومن أحبّه يختفي من حياتي

أنهض من سريري كلّ صباح،

وأطلُّ من نافذتي لأطمئن إلى أنَّ نهر السّين الباريسي ما زال

في مكانه كما ودَّعته قبل أن أنام ..

كلّ ما أحببته انكسر وكسرني وحزني شاسع على طول خارطة عالمي العربي ..”([29])

يعدُّ الزمن مؤرقًا للشاعرة، وظهر ذلك من خلال التركيب اللغوي (أنهض من سريري كل صباح) في إشارة إلى ليل طويل اقترن بالهموم والآلام، فطول الليل وسهاده يلقي في قلبها السَّقم والتَّعب، فهي تشكو الأيام التي فرقت بينها وبين زوجها (ومن أحبّه يختفي) وبينها وبين وطنها (كل ما أحببته انكسر) فبدا الزمان كأنَّه إنسان يتصف بالغدر والخيانة فلا أمان له ولا وفاء، في تغيير دائم ولا ثبات له، فلا أمل من إيقاف الموت أو تأخيره، لها بالمرصاد يتّرصدها في كل مكان ما يعزز بنية الانكسار والحزن، ونبرز البنى التكرارية لتيمة الحب:

الحبّ       من أحبّه يختفي         كلّ ما أحببته انكسر = قيمة سالبة فراق وغياب للزوج + غربة عن الوطن.

كما شكلت تيمة الموت بنية أساسية تكررت في أكثر قصائد الديوان، فمنذ أن وعى الإنسان في هذا الوجود، والموت يحوم حوله يتصيّده في أية لحظة، فقد دأب على سرِّ الموت، ليهرب منه، ويدفعه عنه، لكنَّه سرعان ما أدرك أنَّ الفناء قدره المنتظر، لذلك آمنت بحتمية الموت وقضائه، فتقول:

“الموت كمبيالة تدفعها “غب الطَّلب” حتى إذا رفضت توقيعها.

الموت لا يخضع لقانون “العرض والطلب” فهو متوافر للجميع

الموت “مناقصة” تخسر كثيرًا حين تربحها

الموت ورقة يانصيب لا بُدَّ وأن تفوز بجائزتها الكبرى ذات يوم

وهذا ما حدث لي للأسف !.”([30])

ترتفع وتيرة لفظة (الموت) ما يضعنا أمام انثيال مكثف من التّناغم الموسيقي المركزي محوره هو صوت (الميم) واتحاده مع صوتي (الواو) و (التَّاء) لإحداث حركة موسيقية حزينة تلتحم مع نسيج الخطاب الشعري والبنية الضامة لألم الفراق ومرارته وللتأكيد على حتمية الموت، إذ تمثل تيمة الموت في جسد الخطاب الشعري بؤرة دلالية تتعانق مع مفردات لغوية دالة على الإقتصاد والقانون (كمبيالة – غب الطلب – مناقصة) ما يعزز بنية الحياة والموت، الربح والخسارة. وقد أصبح للتجربة الشِّعرية لغة جديدة تختلف عن سابقتها من “حيث علاقتها بالظروف المعاشية الرَّاهنة بالأفكار والتَّصورات والآراء والقضايا وبكلِّ ما يمثل الجوانب المادية والروحيَّة في حياتنا، لقد أصبحت لغة نابضة بلغة العصر.”([31])

إذًا، لا مفرَّ من الموت إنَّه سنَّة الحياة وهو النَّاموس الإلهي الَّذي تخضع له البشرية جميعها، وهذا ما يتناص مع مقطوعة شعرية أخرى، تقول:

“الموت صفقة هائلة، رابحة

فالكل يحصل عليها مجانًا وبالتأكيد دونما كتابة شيك أو تحرير

حوالة بريدية …

الموت هو الصفقة الوحيدة المضمونة للجميع من فقراء وأغنياء

ومن مناضلين وخونة ..

صفقة لا تضطر إلى بذل جهد لأجلها.

الموت مساواة في الفرص وتفوز به دونما وساطة !

وقد فزتُ به لأنَّني أفوز دائمًا بالصفقات”([32]).

تؤكد الشَّاعرة حتمية الموت وشموليته، فلا يسلم منه أحد، وهذا دليل على قهر الموت لأهل الأرض من دون استثناء، لعلَّها تعزي حالتها النّفسيّة والشّعوريّة ما يمنح المقطوعة الشعرية “حركة مضاعفة يجعلها أكثر قدرة على تجسيد الواقع شعريًا، وتتحوّل فيه التَّجربة إلى كلمة شعرية تعيد اللَّحظة الماضية وتجدد وقع الموت في النَّفس البشريّة”([33]). ونبرز البنى التكرارية لتيمة الموت:

كمبيالة                                 = زوق الموت

صفقة رابحة                              = ناموس إلهي

الموت                      صفقة وحيدة مضمونة                       =  مساواة بين الفقير # الغني

مساواة في الفرص                          المناضل # الخائن

مناقصة                                 = الإنسان أسير الفناء

ورق يانصيب رابحة                          حتمية الموت

جدلية الحبّ والموت في الديوان

أن نقرأ في قصائد الشِّعر الحديث امرأة ترثي زوجها، وتنشر ديوان خاص به فهذا لم نعهده بشكل كبير في الشِّعر العربي المعاصر لجهة تصوير التَّجربة الوجدانية، وسكونية الحزن الَّذي يغلّف قلبها، ولجهة الاحتفاظ بذكرياتها بعد رحيله، وإنَّ ما أظهرته غادة السَّمَّان في ديوانها يجسّد حالة عشق خاصة، وزفرات صادقة ونبضات متسارعة رافضة واقع الفقد المفاجئ، فظهرت كأنثى ترثي نفسها وخطَّت في عالم الكلمات وجدًا متمردًا وحياة لسنين قضتها مع زوج وفيّ، أشعل غيابه حضوره بين الدَّوال والمفردات والتَّراكيب والصُّور.

وإنَّ أقسى ما يعانيه الإنسان في هذه الحياة المدرك بأنَّه موجود في طريق الفناء هو الموت، يشعر في أيّ لحظة بأنَّه يموت، ومع كل إطباقة جفن ينحدر نحو النّهاية، لذا نجد الشَّاعرة ترفض هذه الحقيقة، أو تحاول أن تتجاهلها لتحقق نوعًا من الاستقرار النَّفسي، فتسترجع بنى الأمل والحبّ والحياة لتدفع بها خطر ما يحدّق بها ويترصدها في كلِّ ثانية، وتعكس جدلية الحبّ والموت ثنائيات ضدية بين الأنا والأنت – المكان والزمان – الحضور والغياب – الصدق والكذب – الأمس واليوم – الحقيقة والحلم – الوجود واللاوجود، وتقول في قصيدة “بشير الداعوق: ثانية واحدة بتوقيت قلبي” وهي القصيدة الوحيدة في العنوان الَّتي ذكرت فيها اسم زوجها:

“ها قد مرَّ عام على رحيل جسدك

عن طاولتك مقابل طاولتي في غرفة مكتبتنا ..

عام؟ “روزنامات” العالم وتقويماته كلّها تكذب..

ساعة هارون الرَّشيد الَّتي أهداها “لشارلمان” تكذب ..

السَّاعات السَّويسرية والسَّاعات الرملية تكذب ..

حديث “اختفاؤك” قبل ثانية واحدة لا قبل عام ..

ثانية واحدة فقط انّقضت

منذ اللَّحظة الَّتي أفلتُّ فيها يدكَ

في المستشفى وأنتَ تغادرُ جسدكَ بهدوء ..

ثاني واحدة بتوقيت قلبي.

وما تزال رائحة عطركَ وأدويتكَ وتبغكَ على جلدي ..

وما زال صوتك يوقظني صباحًا وأتوهم أنَّكَ تحملُ لي قهوتي

وأشمّ رائحة البنّ والهال، والفلّ الأبيض ..

وكنت تقطف لي كلّ صباح فلَّة بيضاء مع قهوتي ..

… واليوم في ذكرى رحيلكَ وجدت على وسادتي فلَّة بيضاء

ولا أدري من أين جاءت !! … هل زرتني وأنا نائمة؟”([34])

تتناوب في المقطوعة الشِّعرية ضمائر (المتكلم / المفرد والجمع – المخاطب المفرد – الغائبة المفرد) ويحقق هذا التَّناوب تشكيل اهتزازات صوتية بين (أنا – أنتَ – هي)، ونبرز وتيرة تكرارية الضمائر في الجدول الآتي:

الضمائر متكلم مفرد / أنا مخاطب مفرد / أنت متكلم جمع ضمير الغائبة / هي
الضمائر المستترة (5) أتوهم – أشمُّ – أدري – زرتني – يوقظني. (3) تغادرُ – تقطفُ – تحملُ.

 

(5) تكذب (مكررة 3 مرات) – انقضَت – جاءَت.
الضمائر المتصلة (8) أفلتُ – طاولتي – قلبي – جلدي – قهوتي  – وجدتُ – قهوتي – لي. (11) جسدك – طاولتك – اختفاؤك – يدك – عطرك – أدويتك – تبغك – صوتك – أنَّك – كنتَ – رحيلك. (1) مكتبتنا  

 

 

الضمائر المنفصلة (1)أنا. (1) أنتَ.

 

لقد تنوعت الضمائر بالاستناد إلى الجدول أعلاه، وأحال ضمير المخاطب المفرد (أنتَ) إلى بشير الداعوق وقد سمّته بالاسم في عنوان القصيدة / الزَّوج وبلغ عدد الضَّمائر بين مستتر ومتصل ومنفصل خمسة عشر ضميرًا فيما أحال ضمير المتكلم المفرد (أنا) إلى الذَّات الشاعرة وبلغ عدد ضمائره أربعة عشر ضميرًا وضميرًا متصلًا واحدًا للمتكلم الجمع (نحن) / (مكتبتنا) في إشارة إلى بنية المكان في مقابل ضمائر الغائبة (هي) والَّتي تشير إلى بنية الزَّمن (روزنامات – ساعات – ثانية).

وقد ارتبط توزيع الضمائر الَّذي استحوذ على أفقية النَّص، إذ نجد أنَّ سيطرة الضمير المتّصل / أنت (جسدك – طاولتك – اختفاؤك – يدك – عطرك – أدويتك – تبغك – صوتك – أنَّك – كنتَ – رحيلك) يحلينا إلى بنية الرحيل والغياب والموت. أما الضمير المتّصل / أنا (أفلتُ – طاولتي – قلبي – جلدي – قهوتي  – وجدتُ –  لي) يحيلنا إلى زمنية استرجاع الذكرى السَّنوية لغياب الزوج وتحديدًا للحظات الأخيرة في المستشفى وما زالت التفاصيل الصغيرة تهز أعماقها مركزة على الحواس، كحاسة الشم مستذكرة روائح العطر والأدوية والتَّبغ والبن والهال / القهوة، كذا حاسة السمع مستعيدة أثير صوته، وهو يوقظها صباحًا لشرب القهوة الصَّباحية في المكتبة مقدمًا لها (فلَّة بيضاء) في إحالة إلى الحياة الصافية التي كانت تحياها معه.

ويرتبط ضمير الغائبة / باستدعاء بنية الزمن، وتتشابك الدوال الزمنية (عام – روزنامات – تقويم – ساعة – ساعات – ثانية – اللحظة – توقيت) لتوحي بانقلاب زمني (السَّاعات الرملية) التي تتعاضد مع فكرة استدعاء ساعة خليفة المسلمين (هارون الرشيد) التي أهداها لإمبراطور الرَّومان (شارلمان)([35]) في حال من التماثل بين حزنه / شارلمان وحزن الذَّات التي تؤكد على أنَّ دورة الزمان وتسارع اللَّحظات مقفلة بالكذب.

روزمانات العالم السَّاعات الرملية
تكذب
ساعة هارون الرَّشيد السَّاعات السويسرية

تنزاح الدوال الزمنيّة بتعالقها مع الفعل (تكذب) لتؤطر للحدث وعدم تصديقه، للغياب والاختفاء في ثانية واحدة بتوقيت القلب والروح، مسترجعة لحظات عناق يدها بيد زوجها التي سرعان ما أفلتتها معلنة موته في المستشفى، وتحولت من صورة عناق إلى ترك ومغادرة، من وجود إلى لا وجود، من حياة إلى عدمية، وتوقيف قلبه اعلان لتوقيف حياتها، فموته الحقيقي شكل موتها المعنوي، لقد غاب جسدًا وحضر روحًا ومع كل ثانية ينبض قلبها بصورته الجميلة المتألقة في كل مكان، فبين الأمس واليوم صورة حاضرة عابقة بمرارة لحظات الفقد الَّتي لا تكاد تصدقها، وما يؤجج عبق الومضات الذكرياتية هو الحلم بعودة الحبيب والزوج بعاداته وتفاصيله الحياتية والاستيقاظ على أمل زيارتها، يعززها التَّركيب اللُّغوي (وجدتُ على وسادتي فلَّة بيضاء) برومانسية حالمة وشعور بالحاجة إلى الانبعاث والحياة، فالحبّ ثابت في قلبها ومشاعرها ما زالت تنبض بالأيّام الجميلة الَّتي عاشتها معه، لذلك تقول في سياق قصيدة أخرى:

“لا لا أحبُّ المناحات في الذكرى السَّنوية الأولى لرحيلك

وسأحتفي بالأيَّام الجميلة الَّتي عشتُها معكَ

بدلًا من البكاء على ما لم نعشه

ولن أردد مع غراب إدغار آلن بو:

آه لن يكون ذلك ثانية .. آه لن يتكرر ذلك أبدًا

بل سأردد مع البوم: يا لسعادتي لأنَّ ذلك كان ..

ولأنَّني عشته…”([36])

ففي الذكرى السَّنوية للرحيل تختزل الشاعرة بنى الحزن وتستبدلها بالإكتفاء والإحتفاء بأيام الحبّ والحياة الجميلة الَّتي عاشتها بدلًا من البكاء والنحيب ما يفتح النَّص على دلالات رمزية تتجلى في استدعاء الشَّاعر إدغار آلن بو أحد عمالقة الشِّعر الرَّمزي العالمي بقصيدته (الغراب) التي عبَّر من خلالها عن صراعه بين اليأس والأمل ونوبات اليأس والحزن الَّتي انتابته بعد فقد حبيبته (ليونور)، واستدعت البوم / رمز اليأس والتشاؤم لكنَّ الذات الشاعرة تفتح نافذة السَّعادة التي عاشتها مع حبيبها لتحرر النَّفس الخاوية البائسة من سجن الأسر وشبح اليأس.

وتتقابل المقطوعة الشعرية أعلاها مع مقطوعة شعرية أخرى، مستخدمة إيقاعات ملائمة لتّقلبات النَّفس، وتقبَّل الواقع بعد الهزَّة الَّتي هزت أعماقها بمناسبة الذكرى السَّنوية الأولى لرحيل الزوج، فتقول:

“بمناسبة الذكرى السّنوية الأولى لرحيلك

أهديت نفسي عنك هدية

فاشتريت اليوم سريرًا جديدًا ..

اخترته قصيرًا وضيقًا كتابوت

يتسع لي شرط ألا أتحرك

سأنام اللّيلة فيه ..

لأنَّني قررت أن أبدأ تماريني السّويدية على موتي !”([37])

جاءت المقطوعة الشعرية محملة بشحنات دلالية تنقل فعل التَّدريب على الموت ما يعكس الاحساس بملازمة الموت (ضيقًا كتابوت) وتربصه بها بين الفينة والأخرى، وكأنَّه جندي مرابط على نفسها لا يبرح إلا إذا أخذها من مواقعها الحياتية. وتظهر ثنائية الأنا والأنت (كنتُ / كنتَ – يديَّ / يديكَ) والحبّ المقدّس والموت القسري في أكثر من قصيدة شعريَّة، فتقول:

“كنتَ حليفي في وجه كلِّ شيء، حنونًا على أخطائي

تضع طاولة كتابي على كفّك،

وتضع أسطوانة لبرامز أو بيتهوفن أو شوبان

وأنتَ ترفرف حولي فراشة محبَّة لأكتب ..

وكنتُ أشعر بأنّني أكتب بأربع أيدٍ:

أكتبُ بيديَّ وبيديك معًا ..

الآن، عدتُ للكتابة بيد واحدة

وبلا موسيقى !.”([38])

تتحرك أبيات المقطوعة الشعريَّة ضمن بؤر زمنية تعكس زمنية الماضي السَّعيد، إذ تسيطر بنى الحنان والدفء والألفة الَّتي كانت تعيشها الزَّوجة بأحضان زوجها على أنغام موسيقى كلاسيكية عذبة حالمة برومانسية الحياة لأمثال يوهانس برامس (Johannes Brahms) فريديريك فرانسوا شوبان (Frédéric François Chopin)  لودفيج فان بيتهوفن (Ludwig van Beethoven) إذ كانت تشعر بالحياة والحب والتّوحد ويبرزه فعل الكتابة (أكتب – الكتابة) وتتشكل صورة اليد (أكتب بأربع أيدٍ) في استخدام مجازي لشيء مادي ومعنوي، فاليد رمزية للعمل والعطاء والحركة، وارتباطها بالكتابة يعني الإبداع الفكري والإنتاج الأدبي في ظلّ وجود اتّحاد كلّي مع الحبيب المساند والداعم للحبيبة، لكنَّ زمنية الحاضر السليب جعلها تستبدل فكرة اليد الملموسة في الوجود (أكتب بيديَّ وبيديك معًا) إلى يد واحدة / يدها (عدتُ للكتابة بيد واحدة) بفعل الحبّ القاهر للفراق وجاء الإبداع “فعلًا مضادًا للموت والفناء والكتابة مشروعًا مستقبليًا والإضافة والتجديد نوعًا من تحقيق الذات، وتعبيرًا عن وجهة نظر”([39]). ما يعزز فكرة الانتصار على موت الحياة.

وتتجسد في الخطاب صورة الزوج وروحه بتفاصيل يومية في خيال الزوجة، فالصورة هي “انطباع واسترجاع أو تذكر لخبرة حسية أو ادراكية ليست بالضرورة بصريّة”([40]). فيغدو حيًا بكلِّ أشيائه وتصرفاته وحركاته ما يعكس محور الحضور والغياب والجمود والحركة، وتجتمع الدّوال الشّعرية لتعلن انتصار اللوعة والشوق ويتحولان إلى حركة تضجُ فيها نسائم الحبّ والود والصفاء، فتقول:

“أتحسس أشياءك، مشطك وعطورك وقيمصك الرّمادي، أتحسس

أزراره بالذات

تلك الَّتي كنت تلمسها بأصابعك.

أتحسس آثارك على الأزرار وأحاول استعادة ما تبقى منك

عليها..

وأغمض عيني فلعلّك نسيت أصابعك عليها..

بوسعي أن ألمسها بيدي مرة أخيرة.”([41])

تلجأ الشّاعرة إلى توظيف الصّورة المركّبة وهي مجموعة من الصّور الجزئيّة المترابطة، فهذه الصّور الجزئيّة لا تستطيع أن تستوعب عاطفتها وفكرتها بصورة متكاملة، وخصوصًا إذا كان الموقف على قدر من التّعقيد أكبر من أن تستوعبه صورة جزئيّة، وها هي أشياؤه “مشطك – عطورك – قيمصك الرمادي – أزراره بالذات” تبدو ندى الهيام والوجد الرائع، تمازج الوجدان وتسمو بالأحاسيس إلى ما كان لكنه لم ينفصل ولم يستطيع الفراق أن يكون حاجزًا بين الحضور والغياب، وتتكرر موسيقى بينة الفعل (أتحسس) دلالة الاختباء بعيدًا من القلق والعذاب، وما هذا الاختباء سوى مهد الفرح والحبّ، فتقول:

“لا وقت عندي حتَّى للتجاعيد

لا وقت عندي إلا لكتابة رسالة حبّ وشوق إليك

لكنَّك رحلت ونسيت أن تترك لأحد في كوكبنا عنوانك…”([42])

ترتفع وتيرة جدلية الحب والموت بأبعادها الزمنية من خلال دوران التّركيب اللّغوي (لا وقت عندي)، وتؤطر لاستمرارية الحب وثباته في مشاعرها، فحياتها خاوية ومزدحمة، خاوية من تجاعيد الحياة اليوميّة وتفاهتها، ومزدحمة بأشواق لزوجها الغائب ولروحه، ووقتها مزدحم بكتابة رسائل عابقة بالحبّ لكنها تكتوي لنيران الفقد، وتتراكم أفعال (رحلت – نسيت – تترك) الدالة على الرحيل ما يختزن بنى اللَّوم والعتب على هذا الرحيل إلى كوكب عنوانه الفراغ الذي يهب في أعماقها باحثة عنه في كل مكان  وزمان وفي كلّ عنوان، لكن الغياب لا يلغي مساحة الحضور، فتقول:

“أمشي في شوارع باريس مسكونة بك.

….

غيابك عن كوكبنا لا يبدل شيئًا من حضورك في قلبي.”([43])

ومع هذا الرحيل المجهول الإقامة تقف الشَّاعرة حائرة للوصول إلى عنوانه في عالمه الآخر، ثائرة غاضبة من غياب الحبيب الصادم، فتقول:

“بوسعي أن أغفر لك كلّ خيانة

إلاَّ خيانتك لي مع الموت ..

فحذارِ من الموت قبلي …

في قصص الحبّ أحبُّ أن أكون

أوَّل من يغادر المسرح ويسدل السِّتارة

فلا تسرق مني دوري المفضّل”([44]).

توحي البنية الشِّعرية بشرخ نفسي عميق أمام خيانة الموت (خيانتك) فهي الأنثى القادرة على أن تغفر له خطاياه وخيانته خلا واحدة من تلك الخيانات القاهرة ألا يفارقها ويسافر قلبها إلى الموت ما يعكس سطوع الروح الوفية المضحية في سبيل الحبّ والحبيب محاولة الهرب به لكنَّ الموت سرقه وتركها في غليان الحياة، فتقول:

“حاولت أن أحملك بين أسناني

لأهرب بك من تلك الغرفة الأخيرة البيضاء

ومن أربعة أطباء أحاطوا بسريرك

وفشلت هذه المرة .. فاعذرني ..

غيابك ترك في حياتي فراغًا كفوهة بركان

أحاول أن أملأه بحروف الأبجدية.

بينما أسمع هياج الأمواج على الشاطئ المظلم”([45]).

تقوم الشاعرة بمحاولة تخليصه من أنياب الموت المتربصة به، والهرب به من غرفة العناية، لكنّه كان مطوقًا بأربعة أطباء حاولوا انعاش قلبه إلا أنَّ القلب خانه ما يؤطر لبنية الفشل والهزيمة أمام الموت، لذلك تطلب إليه التماس العذر، وتكرر وتيرة الغياب (غيابك) لتعزز بنى الترك والمغادرة والتلاشي والفناء ما ولَّد في داخلها فراغًا ساحقًا تماثله بفوهة بركان في إشارة إلى مرارة الغياب والحياة بعده، تحاول أن تملأها بالإبداعات لكنّها سرعان ما تعود إلى شاطئ الحياة المظلم وإلى الذكريات الَّتي ما زالت تشغل ذاكرتها، ويختلج صدرها ببواعث الحياة والحبّ والأمان، لكنَّها تتحوّل إلى حزن عندما تراودها تلك الذِّكريات الحزينة المنقوشة في عقلها، والمحفورة في كيانها، فالذِّكريات قد اندثرت أمامها، فتقول:

“أعيش مع صمت ثرثار

يظلُّ يحدثني عنك، وعن أيامي معك

وعبثًا أعلّمه السّكوت وأنا أنتحبُ حنينًا”([46]).

مات الحبيب، وماتت معه أجمل لحظات العمر، تعيش مع حركية داخلية مع حديث القلب للقلب (يحدثني عنك) وبين محور السُّكوت والثرثرة ثمة ما أورث القلب سواد الأيام بآلامها وحنينها وشوقها تموت بذكرياتها في كل حين، فكان لا بدَّ من التَّخلص من تلك العدوة التي وصفت بها الذاكرة، فتقول:

“كان لا مفرَّ لي من التَّخلص منها تلك العدوة: ذاكرتي !!

تلك اللَّعينة الَّتي تتقن فنون تعذيبي .. ذاكرتي .. ذاكرتي”([47]).

شابهت بين الذاكرة والعدوة / اللَّعينة الَّتي تتقن فنون التَّعذيب الفكري والنفسي، وحتَّى الحب هو لعنة كما الذاكرة، فتقول:

“وأتمسّك بك..

فابق حيًا كي لا أصدق أنَّ حبي لعنة، وكل من أحبّه يموت”([48]) .

تعكس الدوال الشّعرية صورة كئيبة للحزن بل صورة عميقة شفافة تقطر جرحًا ووجعًا ولعنة (كل من أحبه يموت) تحاول الأدبية أن تلملم ذاتها بعد أن بعثرها الحزن، فانسابت الدّوال كنهر تفجر من عمق الوجع والغياب، هو موت الزوج الَّذي ذهب من دون وداع، ذهاب كلي شامل، فتقول:

“أفتقدك بأنانيّة

فقد نسيتُ معك موتي الشخصي

نسيت أنَّ النمل سيركض ذات يوم

داخل جمجمتي التي كانت ثرية بأكوان حب وذكريات

معك نسيت الطالحب التي ستتكاثر داخل قفصي الصدري

المترع بالعشق

وأنَّه لن يبقى من أصابعي التي سطرت عشرات من رسائل الحبّ

غير سلاميات هشة عارية مدموغة بالحبر

تمسك بها أصابع الظلمة ولا تحيط بها يدك الدافئة

مثل يدك التي طالما احتضنت يدي

معك تحولت من أنثى الهوموسابيان إلى أسطورة

ومع رحيلك عدت إمرأة أخرى قابلة للموت”([49]).

تنظر الشّاعرة إلى الموت أنّه آت لا محال، ولا مفرّ من قدر محتوم لكنّ عيشها مع زوجها أنساها تلك القضية، وانصرفت إلى التأمل الفلسفي للموت بكونه مصيرًا ميتافيزيقيًا (أنَّ النمل سيركض ذات يوم) ما يؤطر لبنية الفناء الجسدي في التراب، وتشير الملفوظات (ثرية – العشق – رسائل الحب) على حتمية الموت الذي سيأكل كل ألوان الحياة المترعة بالحبّ والعشق، وتأوي إلى ظلّ الهجير وصورة اليد الدّافئة وحرارة الاحتضان، فمعه تحولت إلى أسطورة وحكاية أدبية وبرحيله أصبحت تعاني الموت المعنوي ينتظرها الموت المحدّق بها.

إنَّ حداثة الشَّعر “تصبح ممكنة عندما تبدل القصيدة وضعية اللُّغة داخلها، عندما تنأى بها عن مكان المتفق عليه، وتجرها إلى مكان الصَّدمة”([50]). فتقول:

“لماذا لا يحلو للموت أن يحصد أحزاننا
إلا في بيادر اللَّيل. لماذا رحلتَ في بهيم الليل الباريسي؟([51])

يبدو أنَّ تشكيل الصورة الإستعارية (لا يحلو للموت أن يحصد أحزاننا إلا في بيادر اللَّيل) “هي السِّر الكامن في الكلمة الموروثة، الكلمة الحبلى بخيالات المتعبين ورؤى المهمومين الَّذين ينسجون من هذه الخيالات حللًا ملموسة ويشيدون من هذه المفردات بنايات محسوسة”([52]). وتتعاضد دلاليًا مع الأسلوب الانشائي بصيغة الاستفهام (لماذا) المكررة، فحجم التَّساؤل يبرز حجم الفراغ الَّذي تركه الزوج، وفي زمن الفقد تكثر التَّساؤلات وفي ذلك بحث عن الذات، ومحاولة لتلقي صدمة الموت، هو تساؤل المدركة للحقيقة المعبّر عن فضاء الحياة الَّتي عاشاها معا إذ شهدت حياتهما مساحة من الحبّ الصَّادق، عرفت بعده ألوان الحزن والخيبة واللوعة، فتقول:

“أنا المرأة المضرجة بالحزن والخيبات المتلاحقة

أوراق ثلوج العالم كلّه وجليده

لا تكفي لأكتب لوعاتي”([53]).

إنَّها فلسفة غادة السَّمَّان الخاصة الَّتي تنظر إلى الموت من منظار التَّجربة التي عاشتها في أيِّام حياتها، وتركت في نفسها أثرًا مروعًا إلَّا أنَّها تفاجأت به و”لكن معظمنا يودّ من صميم قلبه أن يتأخر مجيئه، نعترف بحتميته، ولكننا في خضمّ الحياة الدنيا ومعترك المطالب والتّكالب ننساه أو نتناساه، نعتقد مخلصين أنَّه لا مفر منه.. نرى أنَّ الموت حقّ على الجميع ولكنّنا نجهل متى يجيء الأجل، فيطرق بابنا الطَّرقة الأخيرة”([54]). ويحل بها البكاء والنّحيب ما يعزز ثنائية الصعوبة والسهولة، فتقول:

“تسلقتُ الأفرست والهيملايا بلا صعوبة

وسبحتُ مع أسماك القرش في قاع البحار، وراقصت

الأخطبوطات

كلّ شيء كان سهلًا، حتّى القفز بلا مظلَّة من الطائرات

وحده النّسيان استعصى عليَّ، وها أنا أزورك وأبكيك ! “([55]).

ولا شكَّ في أنَّ قضية الموت الَّذي هو فناء للحياة هي من الحوادث الممكن أن تقع على الإنسان، فلا يطويه النسيان ما يجعلها تشعر بتحطم ايقاع الحياة المتسلسل بل “إنّه يوقف دورتها ويجعلها تقف جامدة عند تاريخ يستحيل أن تتحرك بعده قيد أنملة”([56]). رافضة الحياة بواقعها، فتقول:

“موظفة الأمن الفرنسية اللطيفة

كتبت لي في أوراقي الثبوتية: أرملة !

وربتت على كتفي معزية.

لم أقل لها أنَّني لست حقًا أرملة

فأنتَ ما زلتَ حيًا معي في البيت والشَّارع وكل مكان..

ولكن لم يركَ ولم يسمعك أحد سواي ..

يبدو أنني وحدي صرتُ قادرة على التواصل مع حياتك الحالية.

أهذا هو الموت؟ موتك ..

أم أن هذه هي المكابرة .. مكابرتي؟ …”([57])

هذا الرفض للحياة الاجتماعية (أرملة) وعبارات التَّعزية (معزية) والأوراق الثبوتية، ويؤكد الأسلوب الإنشائي بصيغة الاستفهام المتكرر في نهاية كل مقطوعة شعرية من الديوان تأكيد الرفض، “فالأساليب الخطابية الإنفعاليّة بوجه خاص هي الَّتي تستخدم فيها المترادفات استخدامًا مسرفًا، رغبة في تقوية الفكرة وتأكيدها”([58]). فالشّاعرة تعزي نفسها رافضة الواقع والبطاقة الشخصية معلنة أنَّها تشارك زوجها الحديث والكلام في كلِّ مكان تتواصل معه ما يضاعف الأسى والحزن، وهذا هو مجتمعها الحياتي.

توظيف أسطورة شهريار / شهرزاد: لجأت الشَّاعرة إلى الرَّمز التُّراثي الأسطوري تستنطقه، لتنطق بما تريد أن يدلُّ على التَّمرد والرَّفض، فالأسطورة هي مصدر إلهام للكثير من الشَّعراء لما فيها من طاقات تعبيريَّة، وشحنات انفعاليَّة ما يعكس فكر الشاعرة وتجربتها عبر مراحل حياتها وتكوينها الشِّعري. وفي الأسطورة “أبعاد خيالية واسعة تعمّق من تأثير الشِّعر، وتقوي من فاعليته وتكسبه بعدًا انسانيًا شاملًا وواسعًا من خلال الحاضر بالماضي أي بالذاكرة الجمعية للإنسان”([59]).

فالرَّمز الأسطوري لبَّى رغبات الشَّاعرة المعاصرة، إذ إنَّ طريق الأنثى “إلى موقع لغوي لن يكون إلَّا عبر المحاولة الواعية نحو تأسيس قيمة إبداعية للأنوثة تضارع الفحولة، وتنافسها وتكون عبر كتابة تحمل الأنوثة”([60]). لذا استلهمت الشَّخصية الأسطورية شهريار وشهرزاد لتعكس الصِّراع بين الحياة والموت، وجدليّة الحبّ والموت وتضفي هالة من العظمة والجلال، فتقول:

“قالت شهرزاد لبومتها: لا شيء يعزيني عن فقد شهريار

ذلك الملك الَّذي عشق قصصي

وأحبّني حبًّا كبيرًا بلا حدود ..

وأنصت لحكاياتي ألف ليلة وليلة ..

قالت البومة: حزنك عليه نرجسي، فأنتِ تحبينَ حبّه لك

ولقصصك

وتعشقين غرامه بحكاياك..

أجابت شهرزاد: حسنًا ..

حزني نرجسي لكنَّه حزن كبير

ومن قال إنَّ النَّرجسية

ليست النَّبع الحقيقي للأحزان؟”([61])

تلجأ الشَّاعرة إلى تقنيّة المحاورة لاستجلاء مشاعرها واستكناهها إذ تعمد استعارة شخصية شهرزاد وملامحها، وحورتها بما يناسب روح عصرها وأضفت عليها ملامح عصرية، فشهرزاد القصيدة تخاطب الرمز / البومة  بعدما فقدت الملك شهريار العاشق لقصصها وقد أحبّها من دون حدود، فخرجت من عالم الحكي إلى عالم الحوار في فضاء تعلن فيه تغير معالم صورة شهريار ومحوها وطمسها وبناء أطروحة جديدة وفكرة مغايرة يكون فيها الرَّجل سيَّد نفسه وانسانًا محبًا عاشقًا للمرأة، فأبدلت صورة الرَّجل الَّذي يعطل دور المرأة في الحياة وينشب أظافره في جوارحها ويتركها يبابًا وقفرًا إلى صورة تعبّر فيها عن وجودها وحريتها بلغة حوارية أنيقة، فهي تمارس سلطتها على الرَّجل فتتصدى بذلك لتاريخ طويل من الإضطهاد الَّذي مارسته سلطة الرّجل ضدَّ المرأة.

وقد خرجت شهرزاد الشَّاعرة من عباءة شهرزاد اللَّيالي، تحمل قلمها وتكتب لوعتها ووجعها وتسطرّها في حكايات ألف ليلة وليلة من الحبّ والعشق وتخلّدها على الورق، إذ لا تخشى سلطة الرَّجل ولا تستسلم لأعراف التَّاريخ القديم ما يعكس صراع المرأة الأنثى، وكفاحها الطَّويل من أجل استقلالها الأنثوي، نافية التَّبعية لسلطة الرجَّل، فتتخطى كلَّ الحواجز وتكسر كلَّ القيود إذ تضفي الأسطورة الشَّهرزادية على اللُّغة الشِّعرية معاني الدفء والحنان، فالأسطورة “دفء للعقل والجسد”([62]).

ولعلَّ من دوافع الشَّاعرة إلى تغيير أوضاع عالمها تجسّد في تحوير الأسطورة، فأيقظت شهرزاد المعروفة بعبقريتها وجرأتها لتعبَّر عن حزنها وقلقها من الواقع والوجود، كما استنهضت روح التَّحدي والثَّورة ما يتيح لها التَّأسيس لبؤرة تحدّد من خلالها علاقتها الزَّوجية، فشهريار وشهرزاد رمز لعلاقة الرَّجل بالمرأة، فيصبح شهريار رمزًا لكلِّ رجل عربي أحبَّ زوجته ووقف جنبها وساندها وتصبح شهرزاد رمزًا لكلَّ امرأة متحررة من القيود والأعراف الاجتماعية، ورمزًا للحياة والتحدي.

وفي المقابل يبرز شهريار الرَّمز المذكر في بنية القصيدة، ففي الرّمز “تكون المطابقة تامّة بين الذّات والموضوع.”[63] وتعج الدوال الشِّعرية بالتناص الأسطوري التي يرسم مشهدًا يصور جحيم الحياة الَّتي تعيشها شهرزاد / الأنثى مع شهريار / الرجل معلنة تماثل احتراق العمر بالفرن، إنَّه تحطيم لفكرها المتلوّع في محرقة الزمن ما حوَّلها إلى رماد لا ينبض بشرارة الحياة السّعيدة، والفرن العتيق إحالة إلى سلطة الرجل الَّتي أحرقت أيام الأنثى وعمرها بالنّكد، فشّهريار القصيدة شرقي الطِّباع عربي التَّصرفات، يبدو متسلطًا، لا مباليًا بمشاعرها وبتعبها ما يعيدنا إلى شهريار المتكبر والمتسلط والظالم، وباتت حياتها كالمطحنة تسحق كل ما تأمله من شراكة قاتلة إلى حد أصبحت معه (فقاعات جوفاء) تدثرها بلباس الزوجة والشّريكة وما هي إلا مظهر ضعيف سرعان ما يذوي ويتناثر مع بريقه الواهن، فتقول:

“كان عمري معه محرقًا ومناكدًا

مثل الفرن العتيق عندي

وكان “شهرياري” الشّرقي طاحنًا مثل ماكينة الماجيميكس

وكانت أيامي فقاعات صابون التّنظيف

ممتلئة وفارغة كانتفاخ قالب الحلوى الغاتوه

وكان حبّه مليئًا بالثقوب كجروب عتيق

حاولت عبثًا رتقه ..

يا شهرياري الشّرقي معك كنت مهانة مثل ممسحة الأقدام في

مدخل البيت.

فلماذا تبكيني الآن كلّ ليلة فوق قبري

أهكذا هو الرَّجل الشَّرقي؟”([64])

لقد شابهت بين (الحبّ وجورب عتيق) في احالة إلى حبّه القبيح الباعث على الاشمئزاز والكره مع محاولتها للتقرب منه كمحاولة للتسامح والتَّفاهم لكنها تعود منهزمة أمام جبروته، وتظهر ملامح معاملة شهريار للمرأة من خلال انتقاء الأدوات والأشياء الرخيصة المتصفة بالإهانة (ممسحة الأقدام) للدلالة على هنجعيته ما يظهر علاقة الرجل بالمرأة في “تمفصلات أنثروبولوجيّة معقدة”([65]) تربطه بالثقافة البدائيّة المعبأة بكهوف ظلاميّة متسربة في فكر الرّجل الشرقي صاحب السلطة السالب حرية المرأة وحياتها، مضحية بحياتها حتَّى الموت والفناء، فهو الملك والجلاد في آن معًا، فهو صورة للمجتمع البدائي والعادات والتقاليد الَّتي يجب أن يتحرر منها.

وتختمر ارهاصات التَّحول الشِّعري في صلب القصيدة الحداثية إذ تحولت اللُّغة إلى سؤال وليس جواب، وما انتقالها من الأسلوب الخبري إلى صيغة السُّؤال بقيمته الانكارية الذي جاء على لسان امرأة (فلماذا تبكيني الآن كلّ ليلة فوق قبري؟ أهكذا هو الرَّجل الشَّرقي؟) إلَّا تعجب واستغراب من تصرفات الرَّجل الشرقي الَّذي لا يرى زوجته في الحياة بل بعد الممات يبكيها ما يختزل معاناة المرأة التي خطَّ القدر عليها أن تكون مهملة شعوريًا وحياتيًا لا قيمة لوجودها ولا وزن لانسانيتها محرومة من دورة الحياة ورفاهيتها.

خاتمة: نزفت غادة السَّمَّان جدلية حبَّها وحزنها إبداعاً شعريًا، فعبّرت من خلال لغة الحبّ والموت، الحضور والغياب عن احتكاكها بمعطيات واقع الفقد والرحيل والغربة انفعالًا وتأثيرًا ما أعطى مفرادتها الشِّعرية طابعها الإيحائي بمضمون الحدث الذي حلَّ عليها، فانطلقت بلغة شعرية تجديدية خلقت عالمًا شعريًا جديدًا بشكل ملفت طبعت هوية العصر والمعاصرة والحداثة، وقد كثفت انتاجها الشِّعري وفق المنظور الزمان والمكان (الزمكانية) وبلغة مجازية أضاف لها رصيدًا لغويًا وألفاظًا جديدة لها خصوصية متميزة في اللُّغة المعاصرة كونها طرفًا بين (الشاعرة) و(المتلقي).

لقد تفاعلت المناصات للعنوانات الداخلية مع العنوان الخارجي للديوان، وعكست بنى الحزن واليأس والموت والبكاء والاضمحلال الشُّعوري والانكسار الذاتي بفعل غربة الرُّوح وموت الزَّوج، فبدت كأنَّها خنساء عصرها تبوح بكلمات الفقد والحزن الدفين على فراق حبيبها وبُعدها عن وطنها.

وقد تشابكت خيوط الموت مع الحبّ في الخطاب الشِّعري، فالموت يلم بالشاعرة، لذلك نجدها تضعف أمام خفقات القلب وخيانته، فهي الَّتي رأت في زوجها الحبّ والحنان فكان مصدر إلهامها، ومنحها الأمن والأمان، فكان الشمس الَّتي أشرقت عليها وأرسلت أشعتها الدافئة فأزالت عنها عتمة العمر الَّذي قضته في غربتها ومنفاها / باريس، وقد آمنت بحتمية الموت الّذي لا مفرَّ منه، والكل يتساوى أمام هذا الناموس الإلهي.

لقد جعلت الشَّاعرة من الحبّ والموت عنصرين مترابطين الحبّ يذوب في الموت، وهذا الامتزاج أعطى اشارات واضحة لاختلاط الحبّ في قاموس الموت والرحيل والغربة، فالديوان بتشكيلاته وتماثلاته ومناصاته وايقاعاته الموسيقية وتناصاته الأسطورية هو سيمفونية يأس وأنشودة عذاب / الزوجة وموت الإنسان / الزوج.

إنَّ القضية الأساسية هي الحبّ والموت والَّتي تفرعت منها ثنائيات ضدية كالرّوح والجسد، الحضور والغياب، الأنا والأنت، المكان والزّمان، الصّدق والكذب، الأمس واليوم، الحقيقة والحلم، الوجود واللاوجود، الحياة والعدم، وتشكَّلت في صور حسية جزئية ابداعية رسمت مشهدين: المشهد التَّجسمي (الأوصاف / أثير صوته – عناق يديه – عاداته / شرب القهوة – تقديم فلة بيضاء – العطر ورائحة التبغ – الأدوية – رائحة الليمون والزعتر البري – الأماكن / المكتبة – الغرفة البيضاء الأخيرة – جزيرة البجع أمام برج إيفل وسط نهر السّين الباريسي) والمشهد التَّشاؤمي (الواقع المنهار – فقدان الزَّوج – غربة الوطن) ما عكس التَّحول الحياتي وكأنَّنا أمام ملامح ظاهرة الوقوف على الأطلال التي أحيتها الذّاكرة والذّكريات المؤلمة وتعانقت لرسم صورة الحاضر التعيس مقابل الماضي السَّعيد وأجواء الحرّيّة والتّرف.

والديوان مفعم بروح الأسطورة ما رسم بنية شعرية تحوَّلية قائمة على التَّساؤل، ففي نهاية كل قصيدة تختمها بسؤال ما يرفعها إلى مستوى أرقى من الشعرية، إذ حاولت تأسيس استقلالية شعرية من مختلف الإيديولوجيات والتَّيارات الفكرية والثقافية مستمدة من الرَّمز التراثي الأسطوري نماذج تمثل صورة لشهريار الرَّجل الَّذي يدلل شهرزاده فتشعر بالأنا والفوقية والحبّ والعشق والحرية مقابل صورة أخرى للرجل (شهريار) الشَّرقي الَّذي يحطن حياتها طحنًا فلا يقيم وزنًا لمشاعرها إلا بعد فنائها / موتها ما عكس حيرة الشَّاعرة وقلقها من وضعية المرأة عبر العصور ونحن أمَّة تدعو إلى المساواة بين الرجل والمرأة وتحريرها من التَّبعية والأفكار البدائية والأعراف التَّاريخية الموروثة.

المصادر

1-غادة السَّمَّان، القلب العاري … عاشقًا، منشورات غادة السَّمّان، لبنان، الطَّبعة الأولى، كانون الثاني (يناير) 2009.

المعاجم اللّغوية

  • ابن منظور، لسان العرب، دار إحياء التراث العربي، بيروت، لبنان، الطّبعة الثالثة.
  • أحمد رضا، معجم متن اللُّغة العربية، دار مكتبة الحياة، بيروت، لبنان، طبعة سنة 1957.
  • جميل صليبا، المعجم الفلسفي، دار الكتاب اللبناني، بيروت، لبنان، طبعة سنة 1982.
  • مجموعة مؤلفين، المعجم الوسيط، دار احياء التراث العربي، بيروت، لبنان، طبعة ثانية.

المراجع العربية

  • أدونيس علي أحمد سعيد، مقدمة في الشِّعر العربي، دار العودة، بيروت، لبنان، طبعة ثالثة، سنة 1971.
  • أدونيس، زمن الشِّعر، دار العودة، بيروت، لبنان، لا طبعة، لا تاريخ.
  • أحمد طعمة جلي، الأسطورة والتّناص في شعر البياتي، المعرفة، وزارة الثقافة، سوريا، عدد 495، كانون الأول 2004.
  • أحمد محمد عبد الخالق، قلق الموت، سلسلة عالم المعرفة، الكويت العدد 111، ص 1987.

10-حميد الحميداني، بنية النَّص السَّردي من منظور النَّقد الأدبي، المركز الثقافي العربي للطباعة، لبنان، طبعة ثانية، سنة 1993.

  • زكريا ابراهيم، مشكلة الإنسان، مكتبة مصر، القاهرة، طبعة سنة 1959.
  • سعيد خلف، التَّشكيل الاستعاري في شعر أبي العلاء المعري، دار المعلم والإيمان للنشر والتوزيع، طبعة سنة 2009.
  • ستيفن أولمان، دور الكلمة في اللغة، ترجمة: كمال بشر، مكتبة الشباب، القاهرة، طبعة سنة 1969.
  • عبد الحق بلعابد، عتبات (جيرار جينيت من النَّص إلى المناص)، منشورات الاختلاف، الجزائر، طبعة أولى، 2008.
  • عبد السلام الممساوي، البنيات الدالة في شعر أمل دنقل، منشورات اتّحاد الكتَاب العرب، دمشق، سنة 1944.
  • عبدالله الغذامي، النَّقد الثقافي، قراءة في الأنساق الثَّقافية العربية، المركز الثقافي العربي، لبنان، طبعة ثانية، سنة 2002.
  • عبد الرحمن بدوي، الموت والعبقرية، مكتبة النهضة المصرية، طبعة ثانية، سنة 1962.
  • عبد القادر فيدوح، دلائلية النَّص الأدبي دراسة سيميائية للشعر الجزائري، ديوان المطبوعات الجامعي، وهران، طبعة أولى، سنة 1993.
  • عز الدين اسماعيل، الشعر العربي المعاصر قضاياه وظواهره الفنيَّة والمعنوية”، دار الفكر العربي، مصر، 1979.
  • علي أبو ملحم، في الأدب وفنونه، المطبعة العصرية للطباعة والنشر، صيدا، لبنان، لا طبعة، لا تاريخ.
  • عماد علي الخطيب، الصورة الفنية أسطوريًا دراسة في نقد وتحليل الشِّعر الجاهلي، جهينة للنشر والتوزيع، عمَّان، الأردن، سنة 2006.
  • غريب اسكندر، الاتجاه السّيميولوجي في نقد الشِّعر، الهيئة العامة لشؤون المطابع الأميرية، سنة 2002.
  • فؤاد رفقة، الشِّعر والموت، دار النَّهار للنشر، بيروت، لبنان، طبعة سنة 1973.
  • محمد لطفي اليوسفي، المتاهات والتلاشي في النَّقد والشِّعر، دار سراس للنشر والتوزيع، تونس، طبعة سنة 1992.
  • قاسم الشواف، ديوان الأساطير سومر وآكاد وآشور، دار السَّاقي، بيروت، لبنان، طبعة أولى، سنة 1997.
  • كريم زكي حسام الدين، التحليل الدلالي إجراءاته ومناهجه، دار غريب مصر، طبعة سنة 2000.
  • محمد نجيب التلاوي، القصيدة التَّشكيلية في الشِّعر العربي، الهيئة المصرية للكتاب، طبعة سنة 2006.
  • محمد بنيس، كتابة المحو، دار توبقال، الدار البيضاء، المغرب، طبعة أولى، سنة 1994.
  • محمد بنيس، الحق في الشِّعر، دار توبقال، المغرب، طبعة أولى، سنة 2007.
  • نعيم اليافي، مقدمة لدراسة الصورة الفنية، منشورات وزارة الثقافة والإرشاد القومي، دمشق، سوريا، طبعة سنة 1982.
  • وليم ويمزات، الأسطورة والنّموذج البدائي، ترجمة: محي الدّين صبحي، مجلّة (الأقلام)، بغداد، العدد الثّامن، أيار

المراجع الأجنبية

 

  • Touratier Christian, La sémantique, Armand Colin / Her, Paris, 2000.

 

[1] – أستاذ مساعد في الجامعة اللبنانيّة كليّة الآداب والعلوم الإنسانيّة- قسم اللغة العربيّة

Professeur Assistant à l’Université Libanaise, Faculté des Arts et des Sciences Humaines – Département de Langue Arabe-E-mail: Laylasaad1@outlook.com

[2]– زكريا ابراهيم، مشكلة الإنسان، مكتبة مصر، القاهرة، 1959، ص 169.

[3]– محمد لطفي اليوسفي، المتاهات والتلاشي في النَّقد والشِّعر، دار سراس للنشر والتوزيع، تونس، 1992، ص 187.

[4]– Touratier Christian, La sémantique, Armand Colin / Her, Paris, 2000, p :9.

[5] -غريب اسكندر، الاتجاه السيميولوجي في نقد الشعر، الهيئة العامة لشؤون المطابع الأميرية، 2002، ص 44.

[6]– عبد الحق بلعابد، عتبات (جيرار جينيت من النَّص إلى المناص)، منشورات الاختلاف، الجزائر، ط 1، 2008، ص 49.

[7] – أدونيس، زمن الشِّعر، دار العودة، بيروت، لبنان، لا ط، لا ت، ص 312.

[8]– غادة السَّمَّان، “القلب العاري … عاشقًا”، منشورات غادة السَّمَّان، بيروت، لبنان، ط 1، كانون الثاني (يناير) 2009، ص 124.

[9]– الديوان، ص 76.

[10]– المصدر نفسه، ص 113.

[11]– م. ن.، ص 75.

[12]عبد القادر قدوح، دلائلية النَّص الأدبي، ديوان المطبوعات الجامعي، وهران، ط 1، 1993، ص 69.

[13] محمد بنيس، كتابة المحو، دار توبقال، الدار البيضاء، المغرب، ط 1، سنة 1994. ص 84.

[14]– حميد الحميداني، بنية النَّص السَّردي من منظور النَّقد الأدبي، المركز الثقافي العربي للطباعة والنشر، ط 2، 1993، ص 85.

[15]– أحمد محمد ويس، الإنزياح من منظور الدراسات الأسلوبية، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر، ط 1، 2005، ص 58.

 

[16]– الديوان، ص 5.

[17]– المصدر نفسه، ص 11.

[18]– عبد الحق بلعابد، عتبات (جيرار جينيت من النَّص إلى المناص)، ص 131.

[19]– ابن منظور، لسان العرب مادة (حبب)، ج 3، ص 7.

[20]– أحمد رضا، معجم متن اللغة العربية، مج 2، دار مكتبة الحياة، بيروت، لبنان، 1957، ص 7.

[21]– المعجم الوسيط، مج 1، دار احياء التراث العربي، ط 2، ص 151.

[22]– علي أبو ملحم، في الأدب وفنونه، المطبعة العصرية للطباعة والنشر، صيدا، لبنان، لا ط، لا ت.، ص 93.

[23]– ابن منظور، لسان العرب مادة (موت)، ج 13، ص ص 217 – 218.

[24]– جميل صليبا، المعجم الفلسفي، دار الكتاب اللبناني، بيروت، لبنان، 1982، ص 440.

[25]– ستيفن أولمان، دور الكلمة في اللُّغة، تر: كمال بشر، مكتبة الشَّباب، القاهرة، 1969، ص 119.

[26] -عبد السلام الممساوي، البنيات الدالة في شعر أمل دنقل، منشورات اتّحاد الكتَاب العرب، دمشق، 1944، ص 75.

[27]– عبد الرحمن بدوي، الموت والعبقرية، مكتبة النهضة المصرية، ط 2، 1962، ص 41.

[28]– الديوان، ص 120.

[29]– الديوان، ص 130.

[30]– الديوان، ص 88.

[31]– عز الدين اسماعيل، الشعر العربي المعاصر قضاياه وظواهره الفنيَّة والمعنوية”، دار الفكر العربي، مصر، 1979، ص 113.

[32]– الديوان، ص 89.

[33]– فؤاد رفقة، الشِّعر والموت، دار النَّهار للنشر، بيروت، لبنان، 1973، ص 28.

[34]– الديوان، ص 7.

[35]– كانت ساعة مائية من النّحاس الأصفر ترتفع نحو أربعة أمتار، تتحرك بقوة مائية مع قوة الجاذبية الأرضية، وعند تمام كل ساعة يسقط منها عدد من الكرات المعدنية على قاعدة نحاسية مفرغة، فتحدث رنينًا موسيقيًا في أجواء القصر الإمبراطوري ما أثار دهشة الملك وتعجبّه، وأشار رهبانه أنَّه يسكنها شيطان ويحركها فحطموها فلم يجدوا في داخلها سوى الآلة الَّتي صنعت منها ما أثار حزن الملك حزنًا شديدًا، واستدعى الخبراء لإصلاحها إلا أنَّ محاولاتهم باءت بالفشل.

[36]– الديوان، ص ص 20 – 21.

[37]– الديوان، ص 138.

[38]– الديوان، ص 8.

[39]– محمد نجيب التلاوي، القصيدة التشكيلية في الشعر العربي، الهيئة المصرية للكتاب، 2006، ص 265.

[40]– نعيم اليافي، مقدمة لدراسة الصُّورة الفنيَّة، منشورات وزارة الثقافة والإرشاد القومي، دمشق، سوريا، 1982، ص 44.

[41]– الديوان، ص 137.

[42]– المصدر نفسه، ص 39.

[43] – الديوان، ص 42.

[44]– الديوان، ص 84.

[45]– الديوان، ص 133.

[46]– الديوان، ص 26.

[47]– الديوان، ص 12.

[48]– الديوان، ص 22.

[49] – الديوان، ص 132.

[50]-محمد بنيس، الحق في الشِّعر، دار توبقال، المغرب، ط 1، 2007، ص 105.

[51] – الديوان، ص 17.

[52]– سعيد خلف، التَّشكيل الاستعاري في شعر أبي العلاء المعري، دار المعلم والإيمان للنشر والتوزيع، 2009، ص 34.

[53]– الديوان، ص 138.

[54]– أحمد محمد عبد الخالق، قلق الموت، سلسلة عالم المعرفة، الكويت العدد 111، ص 1987، ص 17.

[55]– الديوان، ص 15.

[56]– أحمد محمد عبد الخالق، قلق الموت، ، ص 17.

[57]– الديوان، ص 16.

[58]– كريم زكي حسام الدين، التحليل الدلالي إجراءاته ومناهجه، ج 1 دار غريب مصر، 2000، ص 17.

[59]– أحمد طعمة جلي، الأسطورة والتّناص في شعر البياتي، المعرفة، وزارة الثقافة، سوريا،ع 495، كانون الأول 2004، ص 55.

[60] -عبدالله الغذامي، النَّقد الثقافي، قراءة في الأنساق الثَّقافية العربية، المركز الثقافي العربي، لبنان، ط 2، ص 58.

[61]– الديوان، ص 64.

[62]– قاسم الشواف، ديوان الأساطير سومر وآكاد وآشور، دار السَّاقي، بيروت، لبنان، ج 2، ط 1، 1997، ص 9.

[63]– وليم ويمزات، الأسطورة والنّموذج البدائي، تر: محي الدّين صبحي، مجلَّة الأقلام، بغداد، العدد الثّامن، أيار 1976 ص 18.

[64]– الديوان، ص 87.

[65] -عماد علي الخطيب، الصورة الفنية أسطوريًا، جهينة للنشر والتوزيع، الأردن، 2006، ص 165.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

free porn https://evvivaporno.com/ website