foxy chick pleasures twat and gets licked and plowed in pov.sex kamerki
sampling a tough cock. fsiblog
free porn

المرجعيّات الثقافيّة في شعر سبط  بن التعاويذي (ت 584هـ)

0

المرجعيّات الثقافيّة في شعر سبط  بن التعاويذي (ت 584هـ)

Cultural references in the poetry of Sibt bin Al-Tawidi (D. 584 AH)

Dr. Somaya Hassanalyan  الدكتورة سمية حسنعليان([1])

Riyad Al-Taie رياض هلال الطائي([2])

تاريخ الإرسال: 20-11-2023                                 تاريخ القبول : 3-12-2023

الملخص

تُعدّ المرجعيّات الثقافيّة الركيزة الأساسيّة التي يتكأ عليها الأدباء في إثراء نصوصهم الشّعرية والتي تكون لبنة الفكر لأيِّ باحثٍ أو مبدع، وقد وقع اختيار الدّراسة على شاعرٍ يُعدّ أحد رموز شعراء العصر العباسي، وشاعر العراق في وقته  وعلى هذا المنطلق جاءت هذا البحث موسومًا بعنوان: ( المرجعيّات الثقافيّة في شعر سبط ابن التعاويذي ت 584هـ ) ومن خلالها يسعى الباحث للكشف عن أنواع وحيثيات تلك المرجعيّات وعلى مدى تأثيرها في نفس الشّاعر والمتلقي. وهنا تكمن أهمية البحث، إذ إنّ الهدف منه هو الاطلاع على دراسة المرجعيّات الثقافيّة للشّاعر سبط ابن التّعاويذي ومدى علاقة تلك المرجعيّات بشعره.

وقد اعتمد البحث على المنهج الوصفي التّحليلي والذي يعدّ أحد المناهج المهمّة في الأبحاث والدّراسات العلمية.  وفي ختام هذه الدّراسة توصلنا إلى عدة نتائج منها: إنّ ابن التعاويذي له سمة اطلاع واسعة في شتى المجالات، وهذا ما لمسناهُ في تعدد مرجعياتهِ مع  ميله للدّين والتّراث، وله أيضًا أسلوب جزل وقوي ولغة مفعمة بجزالة التّعبير.

الكلمات المفتاحية: المرجعيّات الثقافيّة، سبط ابن التّعاويذي، النقد الثّقافي، العصر العباسي، الأسلوب الجزل والقوي .

Abstract

Cultural references are the basic foundation upon which writers rely to enrich their poetic texts, which are the building blocks of thought for any researcher or creator. The study chose a poet who is considered one of the symbols of the poets of the Abbasid era, and the poet of Iraq in his time. Based on this, this research was tagged with the title: (Cultural references in the poetry of the tribe of Ibn al-Tawidhi, d. 584 AH) Through it, the researcher seeks to reveal the types and circumstances of those references and the extent of their influence on the soul of the poet and the recipient. Here lies the importance of the research, as its aim is to study the cultural references of the poet Sibt Ibn Al-Tawidi and the extent of the relationship of those references to his poetry.

The research relied on the descriptive analytical method, which is one of the most important methods in scientific research and studies. At the conclusion of this study, we reached several results, including: Ibn al-Ta’awidhi has a wide range of knowledge in various fields, and this is what we noticed in his multiplicity of references, along with his inclination towards religion and heritage. He also has a powerful and powerful style and a language full of abundant expression.

Key words : cultural references , the tribe of Ibn al-Ta’awidhi , cultural criticism , the Abbasid era , the powerful and powerful style .

  1. المقدمة: تعدّ المرجعيّات الثقافيّة هي المقاصد المتنوعة من دين، وتأريخ وتراث وأدب وسياسة وغير ذلك من التنوع الثقافي في شتى مجالات الحياة، وإنَّ توظيف المرجعيّات في النّصوص الأدبيّة يجعل النص أكثر بلاغةً وفصاحةً وقوةً وجزالةً في الأسلوب والتعبير واللغة، وكما يضيف عليه ركيزة ثقافيّة مميزه تفتح للأديب العديد من الآفاق التي تساعده في كل ما يجول في نفسه، ونجد أنّ أكثر الشّعراء في أعمالهم الأدبية يتخذون المرجعيّات ركيزةً أساسيةً في بناء نتاجهم الإبداعي .

ويعدّ الشّاعر سبط ابن التعاويذي أحد أبرز شعراء القرن السّادس الهجري الذي كثرت مرجعياتهم  الثقافيّة ، وتنوعت بتنوع مخزونهُ الثقافي، وبما احتوتهُ الذاكرة خلال مراحل زمنيّة متعاقبة، واطلاعه الواسع للتراث الحضاري، واستحضارهُ في نصوصهِ الأدبية ما يضفي عليه قوةً تأثيرية ويعطيه نوعًا من الحيوية والتنوع .

أسئلة البحث: وكان سبب اختيارنا للشاعر سبط ابن التعاويذي للإجابة عن هذه الأسئلة :

  1. ما أهم المرجعيّات التي تمحورت في ديوانه ؟
  2. ما هي العلاقة بين الشاعر ومرجعياته الثقافيّة وتأثيرها في قصائده ؟
  3. كيف ظهرت مرجعيات سبط ابن التعاويذي في شعره ، وكيف انعكست على قصائده ؟

منهجية البحث: لكثرة احتواء شعر ابن التّعاويذي على مرجعيات ثقافيّة شتى، جاءت الدّراسة بعنوان “المرجعيّات الثقافيّة في شعر سبط ابن التعاويذي”، وقد اعتمدنا في مقالنا هذا على المنهج التّحليلي الوصفي. إذ وجدناه الأنسب كونه من المناهج المهمّة والدّقيقة في التّعمق في تحليل النص .

الدّراسات السّابقة: وقد وجدنا بعض الدراسات التي تحدثت حول هذا المقال، وأكثرها أهميّةمايأتي :

  • الركابي، دعاء عجمي (2020): المرجعيّات الثقافيّة في شعر حازم التّميمي، رسالة ماجستير، جامعة ذي قار، كلية التربية للعلوم الإنسانية، قسم اللغة العربية .
  • المدني، كريمة نوماس (2017): المرجعيّات الدّينيّة في مقامات زين الدين بن الوردي، مجلة أهل البيت ، العدد 17.

أمّا بخصوص الدراسات حول شعر ابن التعاويذي، فمنها :

  • الغريب، سلامة هليل(2016): ظاهرة الحزن في شعر حادثة كف البصر عند سبط ابن التّعاويذي، مجلة اتحاد الجامعات العربية للآداب ، مجلد 14، عدد 1.

2- المرجعيّات الثقافيّة وضرورة دراستها في الأدب: جاءت لفظة المرجعيّة في اللغة ” رجع – يرجعُ – رجعًا ورجوعًا ورجعى ومرجعًا ومرجعةً” (ابن منظور،2005: «ر‌ج‌ع» )، وذكرت في القرآن الكريم في قوله تعالى: ﴿إِنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ الرُّجْعَىٰ ﴾ (العلق ، الآية:8) . وتعني العودة والرجوع . أمّا في الاصطلاح فالمرجع عند (محمد التنوجي) هو: “كل كتاب لم يؤلفه كاتبه وجاء في زمن متأخر هو مرجع”.(التنوجي،1999م:182).

وتعني كذلك، فيعرّفها (سعيد علوش) في معجمه فيقول “العلاقة بين العلامة وما تشير اليه” (علوش،1985م: 97). أمّا المفهوم اللساني للمرجعية عند (رومان جاكوبسن) عندما جاء بمفهوم يسهم في الوظيفة المرجعية إذ يقول: “وهي أساس كل ما توصل اليه، فهي تحدد العلاقات بين المرسل والشيء أو الغرض الذي ترجع اليه، وهي أكثر وظائف اللغة أهمّيّة في عملية التّواصل ذاتها” (فاطمة الطبال بركة،1993م )، والمرجعيّات الثقافيّة في رأي النّقاد هي الخلفيّات المعرفيّة والمنافع الفلسفيّة التي يمكن أن تتوفر في أي ناقد أو باحث من خلال دراسته عمل أدبيّ أو إبداعيّ، فقد مجد الإحساس الذي يبني عليه الناقد أفكاره وآراءه النّقديّة، إذ يقول ايرنير يشير: “الخلفيات المعرفيّة والمنابع الفلسفيّة التي يصدر عنها النقاد العرب المعاصرون في خطاباتهم النقدية،  فلا يمكن لأيّ باحث أو ناقد أن ينطلق من العدم أو الفراق، بل لا بدَّ من تراكم معرفي وأصول فكرية يستند اليها” ( إبريز، 2003: 598). ومصطلحات المرجعيّات الثقافيّة مختلفة، فقد يستخدمها الكاتب في نصه كلها أو بعضها وتكون المرجعيّات متنوعة مثل التاريخ والتراث والفن والفلسفة والسياسة وغيرها فهي مختلفة بحسن توظيفها من الشّاعر أو الكاتب(حكيمة،خولة،2019م :8).

كما تعد المرجعية ركيزة أساس ومتكًأ فكريًّا يتمثل في “الإطار الكليّ والمنهجي والركيزة الجوهريّة في أيّ خطاب أو مذهب أو ملة أو دستور أو نظام … وهي المصدر النهائي الذي تُرد اليه الأمور وتنتسب”. ( الغامدي، 1431: 380). وتأتي المرجعيّات إضافة لتلك التّعريفات بمعنى المحاورة والمعاودة والجواب، فإن اتخذ أجدٌ مرجعًا ما فلا ريب أنّه يعود اليه المرة بعد المرة ويطلب الجواب منه؛ لأنّه النّموذج العلمي والمعرفي الذي يصدر عنه. كما رأى أحد علماء العرب (مالك بن نبي) بأنّ الثقافة هي الصّورة التي تتجلى في الفرد من خلال الصفات، والقيم التي تقيم وتكون سلوكه وأداءه في المجتمع أو المحيط فهي تشكل انطباعه وشخصيته الفكرية والمادية، إذ يقول” الثّقافة تعرّف بصورة عمليّة أنّها مجموعة من الصفات الثقافيّة والقيم الاجتماعيّة التي تؤثر في الفرد منذ ولادته وتصبح لا شعوريًّا العلاقة التي تربط سلوكه بأسلوب الحياة وفي الوسط الذي ولد فيه إذ إنّها: المحيط الذي يشكل فيه الفرد طباعه وشخصيته”.( بن نبي ، 2000م : 74). لذا يمكننا القول إنّ الثقافة جزء من مصطلح المرجعية الثقافيّة.

3- نبذة عن الشاعر : هو محمد بن عبيد الله بن عبد الله سبط ابن التعاويذي، يكنى بابي الفتح، لقب بابن التّعاويذي نسبه الى جده لامّه ابن محمد الذي كان يعمل في كتابة التّعاويذ، أو جمال الدّين التعاويذي، ولد في بغداد سنة 519 هـ ، كان عالمًا جليلًا معروفًا بالسيرة الحسنة، والصلاح، والتّقوى، والورع، وكان يجلس في سوق الجوهريين ببغداد، وكان النّاس يمرون يتيركون ببركاته؛ لأنّه كان يرقى، ويكتب التعاويذ. تأثر الشاعر ببيئة جده العلمية حيث كانت تعقد حلقات الذكر، ونال من زاد عصره العلمي، والدّيني، فحصل عليها من مصادرها الأصليّة إذ كان جليس شيوخ عصره يستمع اليهم في الفقه، واللغة، والأدب، فأثرت فيه تللك الحياة، وبالأخص جدّه، فغرست فيه الإِباء والرّفعة، والاعتداد بالنّفس.

بدأ ميله إلى الآدب، وخاصة الشّعر في مراحل مبكرة من عمره، فدار في سراديقها يغوص في لجاج اللغة؛ ليعبّ منها كل شاردة، وواردة حتى نبع، وقوي عوده كان على صلات وثيقة مع الخلفاء، والوزراء من معاصريه، ومن الشّعراء، والأدباء، والعلماء أيضًا، وصلاته لا تقتصر على أهل العراق، فحسب، بل كان على صلة برجال مصر، والشّام. ونكب بفقد بصره سنة 579 هـ أثرت فيه تأثيرًا كبيرًا، إذ راح يطرق صداه أشعاره، بقوله:

ألا من لمسجون بغير جناية            يعد من الموتى وما حان موته

وقد اختلف المؤرخون في تاريخ وفاته، فبعضهم قال إنّه سنة 583 هـ أو سنة 584 هـ ، والثابت إنّه تُوفِّي سنة 584 هـ، وكان الشاعر على درجة عالية من الثقافة، وهذا الثقافة وليدة سعة إطلاعيّة، وطبيعة البيئة المحيطة به التي خيم عليها العالم، والآدب إذ هذبت طباعه، وغرست في قلبه حب الأدب، فأخذ ينهل من معينه الخصب من خلال مجالسة الشعراء، وأهل اللغة حتى امتلات قرائحه بنتاج من سبقه من فحول الشعراء، واللغة، وقد شهد الأدباء والمؤرخون بمكانته الأدبيّة، فقال عنه ابن خلكان : “وعلى ما اعتقده لم يكن قبله بمائتي سنة من يضاهيه”

وقد ذكره  صلاح الدين الصفدي :” كان شاعرًا منطقيًّا سهل الألفاظ عذب الكلام منسجم التراكيب”.

أمّا ما قاله الذهبي” ” سار نظمه في الأفاق، وتقدم على شعراء العراق”، أمّا مصادر ثقافته المهمّة فهي القرآن الكريم، كذلك البيئة التي عاش فيها، كذلك الموهبة التي رزق بها، وكان أسلوبه عذب الألفاظ واضح المعاني ولغته جزلة سليمة، وقد ابتعد من التعقيد اللفظي والتّكلّف في شعره.

وقد طرق الأغراض الشّعرية كلها، وكان غرض المديح له المساحة الأوسع في ديوانه.

  1. أنواع المرجعيّات الثقافيّة في شعر سبط بن التعاويذي : لقد تنوعت مرجعيات سبط ابن التّعاويذي إلى عدة أقسام في ديوانه من دين وتراث وتأريخ وجغرافية وأسطورة وغيرها من المرجعيّات التي برع فيها الشّاعر في استحضارها في شعره ليثري بها نتائجه الأدبي ومن هذه المرجعيّات .
  2. 1. المرجعيّات الدّينيّة: تُعد المرجعيّات الدّينية من مصادر إلهام الأدباء والشعراء المهمّة؛ لأنها شاملةٌ للمقدسات الدّينيةّ والعقائديّة جميعها من القرآن الكريم والحديث النّبوي الشّريف، و شعائر الدين الإسلامي جميعها.

فقد عمد الشّعراء العباسيون ومنهم ابن التعاويذي إلى أن ينهلوا من تلك المصادر الدّينيّة وشعائرها المقدسة، ليستحضروها ويوظفوها في نتاجهم الأدبي؛ لكونَ ذلك الاستحضار والتوظيف يضفي على نتاجهم وإبداعاتهم الأدبيّة صبغة من العمق الأخلاقي والثقافي “فالدين الإسلامي يحتوي على قيم أخلاقيّة عالية ويزخر بدلالات إنسانية عميقة” (حلاوي، 1994: 15).

وسبط  ابن التعاويذي انعكست مرجعيتهُ الدينيّة على إبداعه الأدبي، فهو يغترف منها الغرفة الكبرى عندما صيّر من مرجعيته الدّينيّة المنطلق الأول في توظيف نتاجه الشّعري، إذْ كان له النّصيب الأكبر من تلك المرجعيّة ، فاستقى من منابع الدّين الإسلامي من ألفاظ القرآن الكريم ومعانيه، والحديث النّبوي الشّريف وقصص الأنبياء والأحداث الإسلاميّة، فكانت لغتهِ مفعمة بروح الدين الإسلامي عَبرَ أسلوبهِ في إثراء مادتهِ الشعرية.

والمتصفح في قصائد ابن التعاويذي يجد أنّ معظمها تحتوي على مفردات وتراكيب مأخوذة من الدّين الإسلامي و شعائره المتعمقة في نفسه.

–       القرآن الكريم : إنّ النّص القرآني من المرجعيّات الثقافيّة المهمة والأكثر  تأثيرًا على النّص الأدبي لدى الشّعراء بصورة عامة، وشعراء العصر العباسي بصورة خاصة إذْ جعلوا القرآن الكريم في مقدمة مصادرهم الموروثة كونه المصدر الأمثل الذي يثري النص الأدبي بما يتسم من فصاحة وبلاغة، فهو “مركز الرؤيا الشّعرية أثناء لحظات التّعبير، والإبداع مؤكده قابليّة الاستلهام الوجداني من القران الكريم وأساليبه، وخطاباته المتنوعة المتجهة صوب الأشواق الروحيّة العميقة في الإنسان” (عماره، 2001م : 148).

فالشّاعر أو الكاتب عندما تنعكس مرجعيته الدّينيّة أو موروثه الدّيني على نتاجه الأدبي، ينتج لنا أروع وأفضل ما تحمل به قريحته وكان نصيب شاعرنا (سبط ابن التعاويذي) النّصيب الأكبر من هذه المرجعيّة الدّينيّة الذي جعله المنطلق الأول في توظيف، وتدوين اشعاره وقصائده فقد ارتوى من الدّين الإسلامي . عبر توظيف ألفاظه ومعانيه وآياته لذلك نجد الشّاعر يغترف من القران الكريم الغرفة الكبرى، وهذا ما منحه القدرة على تقويه نصوصه الأدبيّة وكذلك تعميق تجربته الشّعرية، ما أضفى عليها، بوادر الجمال كلها ليزيد من فعاليته، وقد اختلف الشّعراء في مجال تأثرهم بالقران الكريم الشّريف والحديث النبوي الشريف، فمنهم من يوظف أشعاره في الاقتباس المباشر ومنهم من يكون تأثيره على مستوى الصورة والمعنى وهذا ما نسميه بالاقتباس غير المباشر، فقدرة الشّاعر على التّوظيف من المادة القرآنيّة هي التي تجعل نتاجه الشعري نصًّا ابداعيًّا وشاعرنا سبط ابن التعاويذي، قد استسقى من الموروث الدّيني وأمرهُ في شعره وكونه نشأ وترعرع في بيت جده الزاهد العابد الذي نهل من علمه فكان ضيف يستسقى منه كل ما يكون نصه الشعري.

ومن الأمور التي استقاها من كلام الله عز وجل قول الشاعر: ( مرجليوث، 1903: 165)

وَبِهِ يُرتَجى النَجــــــــاةُ إذْا حُصِـلَ     يَومَ الحِسابِ ما في الصُدورِ
سِرتَ فيهِ تُطوى لَكَ الأَرضُ وَالأَم     لاكُ حَولَي لِوائِكَ المَنشـــورِ

يبالغُ الشاعر كثيرًا في تعظيم ممدوحة الخليفة النّاصر لدين الله في الحكم، فقد جعله منقذ النّاس من الهلاك والضياع، فيصوره على حقّ  كونه يسير وفق تعاليم الدّين الإسلامي، طاعه الخليفة واجبك كطاعة الله عز وجل، فهو استسقى بألفاظ في رسم صورة ممدوحيه كقوله تعالى : ﴿أَفَلا يَعْلَمُ إذْا بُعْثِرَ ما فِي الْقُبُورِ. وَحُصِّلَ ما فِي الصُّدُورِ﴾ (العاديات: 9).

والشاعر يصور لنا شدة البأس والقوة التي يتمتع بها الخليفة في قتاله ضد أعدائه فجعله كيوم القيامة أي يوم شديد الموقف والصعوبة. ففي قوله : (مرجليوث، 1903: 165)

رُبَّ يَومٍ جَهمِ الثَرى قاتِمِ الجَو              وِ عَبوسٍ عَلى العِدى قَمطَريرِ

وهو يوم عبوس لشده الهول وكما يكون فيه من البلاء؛ فجعل للممدوح بعض صفات الأنبياء والمعصومين ومنها انطواء الأرض، وتلك صفةٌ لا تكون لمخلوق عادي؛ إنّما جاء بها على وجه المبالغة للممدوح. إذْ اقتبس ألوانًا هذه الصورة وقوتها من النص القرآني:﴿إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا﴾ ( الإنسان: 10(، ويكمل قائلاً : (المصدر نفسه)

وَاللَيالي خَوادِمٌ لَكَ والاي                   يامُ فَاِحكُم حُكمَ العَزيزِ القَديرِ

وجعل للممدوح على وجه المبالغة يحمل بعضَ صفات الرّب، وقد استعمل الاستعارة إذْ جعل (الليالي خوادم) فشبه الليالي بأشخاص داعيًا للممدوح أن يكون حكمه حكم الخالق، ليدل على عدالته وقدرته مستوحيًا من القرآن الكريم في ألفاظهِ كقوله تعالى: ﴿وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِالْقِسْطِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾ (المائدة: 42).

كما أنّ لسبط ابن التعاويذي ثقافة دينيّة أثرّت كثيرًا في أشعاره فالكثير من صوره هي كانت مستوحاة من القران الكريم، أمّا من حيث ألفاظه أو معانيه فقد اقتبس الصورة بألفاظه ومنها استيحاء صوره(اللؤلؤ المكنون) في وصفه للخليفة المستضيء بأمر الله إذْ يقول (مرجليوث : 286)

و محجَّبونَ عنِ النواظرِ عزةً       كاللؤلؤِ المكنونِ في الأصدافِ

فالشّاعر يصور لنا غيابهم تسترهم من العيون والأنظار وهذا يزيدهم إجلالًا ومكانة وتعظيمًا، فقد شبه الخليفة باللؤلؤ المستورة في قلب الأصداف المحفوظ الذي لا يمكن ان يلمس بالأيدي فهو استسقى هذا من قوله : ﴿وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَّكْنُونٌ﴾ (الطور : 24(

ومن قوله: (مرجليوث 1903: 54(

في ليلةٍ  رَقَّ النســـيمُ بهــا كما رَقَّ العتـــابُ
حتى إذْا طويــــت ملاءتها كما يطوي الكتابُ
وخرً الصباحُ رداءَ غيهبها كما يغرى الإهابُ

فهو يصور حالة وحزنهُ عندما غادرته حبيبته عند الفجر إذْ شبه انحسار الظلام في ذلك الوقت بالكتاب الذي يطوى متأثرًا بقوله : ﴿يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ﴾ .  (الأنبياء : 104(

– القصص القرآنية : عمد ابن التعاويذي إلى توظيف القصص القرآنيّة في شعره، وذلك كما لها من أثر واضحٍ في ركائز الدين الإسلامي، ونشر المواعظ والعبر وتأثيرها في النّفوس، واستدعاء الشّاعر لتلك القصص القرآنيّة في أشعاره.

كأني يَعْقُوبٍ فِي الْحُزْنِ بَلِ ايوب فِي البأساء وَالضَّرِّ
أسيرُ همٍّ لا أرى فاديـًـــا يفكُّ من قبضتهِ أسـري
حبيسُ بيتٍ مفرِدًا مسلمًا فيه إلى الأحزان والفكرِ

فهو يصور حزن نبي الله يعقوب على ولده يوسف عليهما السّلام وفراقه الذي دام سنين بحزنه وألمه على فقد بصره وحبسهُ في دار منزله كما شبه البؤس والفقر والمرض والضر الذي مس نبي الله أيوب (عليه السلام) المعاناة والحزن والضر الذي انتاب الشاعر مستعينًا بشخصيتين دينيتين يعقوب وأيوب (عليهم السلام) مشهد حزن يعقوب الذي جاءهُ متناسقا في قوله تعالى : ﴿قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ (يوسف : 86( .

ثم يصور الضرَّ والحزن الذي حصل مع نبي الله أيوب (عليه السلام) ذلك الاختبار الإلهي الذي امتحن به نبي الله تعالى، وكانت النتيجة الصبر على الابتلاء وقد استعان بقوله تعالى: ﴿وَأَيُّوبَ إذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾ (الأنبياء : 83) ، فالشاعر استعانَ بتلك الرّموز الدّينيّة يشتكي حاله المأساوي المتمثل بالعمى والأسى إلى الخليفة يستعطفه فهو أسير الحزن والبيت.

ومن الشّخصيات الدّينيّة التي وردت في شعره، قصه النّبي (موسى) (عليه السلام) ليوظفها كلّه التّوظيف ليجعلها جزءًا يزين به نص الشعري كما في قوله : (مرجليوث : 434(

بالِغاً في أَخيكَ ما نالَهُ مو بالِغاً في أَخيكَ ما نالَهُ مو
سى وَقَد شَدَّ إِزرَهُ هارونُ سى وَقَد شَدَّ إِزرَهُ هارونُ

فالشّاعر يصور لنا أهمية الأخوة وما لها من دور فعال في المساندة والعون في الرخاء وفي الشّدة مستعينًا من قوله تعالى : ﴿وَاجْعَل لِّي وَزِيراً مِّنْ أَهْلِي هَارُونَ أَخِي اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي﴾ (سوره طه : 29( .

–       الحديث النبوي والسُنّة الشّريفة : يعد الحديث النّبوي الشّريف من المصادر الأساسيّة المهمَّة بعد القرآن الكريم، وهو مرتكز ومرجع واضح لما لهذا الحديث من الفصاحة والبلاغة ووضوح المعنى ودلالة النّص الشعر العربي،  فنجد الكثير من الشّعراء قد ضمنوا  الحديث الشريف في أشعارهم نصًا أو إشارة أو تلميحًا ، فكان كلام النبي صلى الله عليه وآله محط إعجاب الأدباء والبلاغيين ، إذْ أسند الشعّر العربي وبالأخص الشّيعي على الحديث الشّريف، فقد أفاد منه الشّعراء في أشعارهم ربوع العصر العباسي في إثراء تجاربهم الشّعرية وهذا ما نلاحظه عند شاعرنا سبط ابن التّعاويذي وجعل الحديث منبعًا ورافدًا يرتوي منه في شعره وكما في قوله في وصف روضه:  (مرجليوث ، 1903: 70(

وَرَوضَــــةٍ غَنّاءَ باكَرتُهـــا وَرَوضَـــــــةٍ غَنّاءَ باكَرتُها
وَالشَمسُ قَد جاوَزَت الحوتا وَالشَمسُ قَد جاوَزَت الحوتا
سَرَى بِرَيّاها نَســـيمُ الصِبا سَرَى بِرَيّاها نَســــيمُ الصِبا
يَحمِلُ نَشرَ المِســكِ مَفتوتا يَحمِلُ نَشرَ المِســـكِ مَفتوتا

عمد الشاعر إلى وصف هذه الروضة، وهي مواصفات للجنه وما فيها من النّعم الإلهيّة من أزهار وأنهار وشمس مضيئة،  ورائحة المسك ومن اللؤلؤ والياقوت والمرجان وهذا ما وظفه الشّاعر من حديث الرسول الكريم عندما عرّج به إلى السّماء السابعة فقال السيوطي : “إني على وادٍ فوجد ريحًا طيّبة بارده وريح مسك، ثم انطلق بي على ظهر السّماء السابعة حتى انتهى بي إلى نهر عليه خيام صوت واللؤلؤ والزبرجد  والدّر المنثور) (السيوطي ،  1409 هـ :123).

وقوله في النصح والإرشاد والحكمة:  ( مرجليوث، 1903: 231)

وَإِنّي يا أَبا حَسَنٍ مُشــــيرٌ وَإِنّي يا أَبا حَسَنٍ مُشيــــرٌ
عَليكَ بِما عَلى نَفسي أُشيرُ عَليكَ بِما عَلى نَفسي أُشيرُ
تَمَتَّع مِن شَبابِكَ وَاِغتَنِمــهُ تَمَتَّع مِن شَبابِكَ وَاِغتَنِمــهُ

عمد الشّاعر إلى النّصح والإرشاد إلى صديقه أبي الحسن بن إسماعيل الجوهري قائلا له : إنّ الدنيا دار زوال وفناء والآخرة دار مقر وبقاء وعليك باغتنام وقتك في ريعان الشباب، لأنّ عمرك قصير ولا تعلم أيّ يوم سوف ترمي من هذه الدّنيا فلن ينفعك إلا عملك الصالح فيها، قد استقى الشاعر كلامه من قوله تعالى : ﴿وَمَا تَدرِي نَفسٌ بِأَيِّ أَرضٍ، تَمُوتُ…﴾ وكذلك من الحديث النّبوي الشريف لوصية رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) لأبي ذر الغفاري قال : “يا أبا ذر، اغتنم خمسًا ، قبل  خمس: شبابك قبل هرمك وصحتك قبل سقمك وغناك قبل فقرك وفراغك قبل شغلك وحياتك قبل موتك، يا أبا ذر، إياك و التّسويف بأملك ، فإنك بيومك ولست بما بعده، يا أبا ذر، إذْ أصبحت فلا تحدث عن نفسك بالمساء، وإذْا أمسيت فلا تحدث نفسك بالصباح، وخذ من صحتك قبل سقمك أقول : وتأتي ما يدل على ذلك” (الحر العاملي،1416هـ :1/ 1146).

4. 2.المرجعيّة الأدبيّة : إنَّ التنوع الثقافي الذي نجده في ديوان ابن التعاويذي والمعارف والأفكار جعلت الشاعر أن يبدع في قصائده ، فهو يذكر تأريخ العرب و أيامهم وأخبارهم ، فيذكر أشعارهم على باب الاستشهاد بتراثهم ويجعل كل ما يمثل أقوالهم المأثورة وحكمهم وأمثالهم ، لسانًا يبوح به عن معاناته ومسراته ، فكانت أقوال السابقين وأشعارهم موروثًا أدبيًّا يعتمد عليه في بناء نصه الشّعري.

وإن شاعرنا ابن التعاويذي قد ساعده هذا التأثير بشعراء جاهليين وإسلاميين وعباسيين. ومزج هذا التأثر مع موهبته وإبداعه، ليظهره بثوب جديد وجميل مميزين بألوان عصره ، ومن تأثره بالشّعر الجاهلي ، ما نجده في قول امرئ القيس ، وهو من أوائل الشّعراء الجاهليين الذين تركوا الأثر الواضح في الإبداع والتألق  متأثرا بنصه  كقوله : (امرئ القيس ، 681948 : 149) .

  • امرؤ القيس

مهَــفــهَــفَــةٌ بَــيــضـاءُ غَـيـرُ مُـفـاضَـةٍ     تَــرائِبُهــا مَــصــقــولَةٌ كَــالسَـجَـنـجَـلِ

وفي البيت تأثر مباشر مع قول الشاعر: (مرجليوث :362(

كَــــأَنَّهـــا إِذ بَـــرَزَت        بَـيـضـاءَ كَـالسَـجَـنـجَـلِ

أورد الشاعر التَشبيه في وصف حبيبته بأنّها بيضاء، لطيفه الخصر ذات البطن المسترخي باللحم، وكانت تراعيها أيّ موضوع القلادة من الصدر مصقول من الدّنس والصدر كالسّنجنجل وهي المرآة وهي قطعة من الذّهب أو الفضة.

ونلاحظ أن شاعرنا أخذ هذا اللفظ والمعنى ووظفه في شعره مستعينًا بالتشبيهات التي وجدت في شعر امرئ القيس. وقوله : ( مرجليوث، 1903: 440) . الخطأ في التشكيل !!

وقفتُ بهــا أُسائــــلُ دِمْنَتَيْـــها        على عَيِّ الرسومِ فأفهَمَتْني

إذَا سْتَنْجَدْتُ فِي الأَطْلاَلِ دَمْعاً        تَخاذلتِ الشُّؤونُ وأَسـلمَتْني

يستذكر ابن التعاويذي وقوفه على الأطلال مع من يحب، فهو يتغنّى ويحيى دار الأحباب  التي مضى عليها ردحٌ من الزّمن، وأوشكت رسومها  ومعالمها أن تندرس، فالشّاعر يحن ويستنجد لهذه الأماكن  العزيزة على نفسه، متوسلًا إياها بألم وحزن كبير مصحوب بالدموع المنهمرة  لتدله على حبيبته، ومن خلال غزله هذا ومقدمته الطللية يتضح لنا البادية واضحة وجلية ومؤثرة  في نفسيّة  الشّاعر، وقد تأثر بهذا المعنى امرؤ القيس في قوله : (امرئ القيس ،111(

وَإِنَّ شِفائي عَبرَةٌ مَهَراقَةٌ       فَهَل عِندَ رَسمٍ دارِسٍ مِن مُعَوَّلِ

وفي موضوع آخر يستعمل بعض الكنايات البلاغيّة المعروفة هذا ما استعمله الكثير من الشعراء في نصوصهم الشعرية كقوله: (مرجليوث ، 1903: 363)

لَكَ ذُروَةُ البَـيـتِ العَـتـيقِ عِمادُهُ       وَمُـقَـلَّدُ السَـيـفِ الطَـويـلِ نِـجـادُهُ

فهو بهذا الموضع متأثراً بقول الخنساء: (حماس ، 2004 :31).

طَويلَ النِجادِ رَفيعَ العِمادِ       سادَ عَشيرَتَهُ أَمرَدا

فالشاعر في وصفه لممدوحه استحضر قول الخنساء التي استعملت فيه جمله من الكنايات” طويل النجاد ، رفيع العماد” كناية عن الصفات الحسنه التي يمتلك ذلك الممدوح فقوله : “طويل النجاد” كناية عن الشّجاعة والوقار والهيبة ؛ لأنّ العرب تجمع بين الطول والشّجاعة في القتال، فليس من المعقول أن يصبح  نسق المقاتل طويل لكنه قصير القامه. وأمّا قوله:” ذروه البيت العتيق عماده” فهي كناية عن عظمه الممدوح لما له من منزلة ومكانة  في المجتمع. فالشاعر المبدع هو من يستحضر تراثه ويستوعبه ويفهمه بشكل واضح لكي يصبح ذلك التراث جزءًا من نتاجه الثقافي وهذا ما نجده عنده ابن التعاويذي، فقد استسقى من موروثه الثقافي والمعرفي عبر الألفاظ والمعاني والصور التي غذى بها نصوصه الشّعرية وصّورها احسن تصوير. وأمّا قوله : ( مرجليوث، 1903: 469(.

وما شغَفي برِمالِ العقيقِ       وَلكِنْ بِمَنْ حَلَّ تِلْكَ الرِّمَالاَ

فهو في هذا البيت يتغزل حبيبته التي يحبها كثيرًا، فهو لا يحبَّ ويعشق فتاه الصخور التي تحملها على ظهرها، بل يعشق من قنتها، وعاش عليها، وبهذا قد نجح الشّاعر من خلال جمعه لهذين الصورتين ، صورة الرّمال، وما تحمل من صفه في الحركة، والنّعومة، وبين حبيبته التي نعتها بتلك الصفات( الخفة والنّعومة) عبر عن تلك الرّمال بــ (رمال العقيق) ، على أنّها رمالٌ صخورٌ كريمةٌ  استطاع الزمن أن يحطمها ويحولها الى رمال متناثرة ، وهذا ما يدل على منزلة محبوبته ومكانتها في قلبه ، فقد اقتطع هذا المعنى من قول قيس ابن الملوحة الذي يقول :(الصعيدي ،2009: 169 (.

أَمُرُّ عَلى الدِيارِ دِيارِ لَيلى      أُقَبِّلَ ذا الجِدارَ وَذا الجِدارا

وَما حُبُّ الدِيارِ شَغَفنَ قَلبي    وَلَكِن حُبُّ مَن سَكَنَ الدِيارا

وما يتضح من ذلك أنّ كلا الشاعرين قد اتفقا على أنً الحب يكون للمحبوبة نفسها، لا للديار التي تسكنها تلك المحبوبة فقد استطاع ابن التعاويذي أن يوظفه توظيفًا جديدًا منسجمًا مع موقفه النفسي .

وأما قوله : (مرجليوث، 1903: 373)

فَكَأَنَّ إيماضَ السُّيوفِ بِوَارِقٌ        وَعَجَاجِ خَيْلِهِمْ سَحَابٌ مُظْلِمُ

فكان متأثرا بقول بشار بن برد: (العلوي، 1963: 46(

كَأَنَّ مَثارَ النقعِ فَوْقَ رُؤُوسِنَا          وأسيافنا لَيْلٌ تَهَاوَى كَوَاكِبَةُ

فكلا البيتين يشيران الى معنى واحد ، فكل واحدٍ منهم يشبه بُراق ولمعان السّيوف في الغبار المظلم .بالكواكب البراقة في الليل، فهو يصور واقعة القتال في حدوث المعركة، فشبه الغبار المتطاير في القتال بالّلون “الأسود” ، كناية ظلمة ذلك الغبار في وسط المعركة، أمّا لمعان السّيوف في وسط تلك الغبار فشبهه باللون “الأبيض”، والكواكب المتساقطة فوق رؤوس الخصم والعدو، فهي صورة متشابهة لصورة الليل في ظلامة الهالك الذي تكون كواكبه متساقطة بلونها الأبيض البراق. فنجد الشّاعر قد تأثر بهذه الصورة التّشبهية الرائعة مصور المسلك  نفسه الذي بيَّنه وأشار إليه بشار بن برد، وابن التعاويذي يقيم العلاقة مع النّصوص الشّعرية السّابقة، فهو يستحضرها  لأجل تقويه أفكاره ومعانيه ورؤيته المعاصرة.

ومن الأمور التي يصفح عنها الشّاعر من خلال ذاكرته الأدبية، فهو يصور لنا ذم المال، لأنّه لا يبقى ولا  يدوم لأحد وأن الدّهر  هو كفيل بإعطاء ذلك المال وسلبه كقوله: ( مرجليوث 1903 :32)

رُوَيــــــدَكِ إِنَّ المــــــالَ غــــــادٍ وَرائِحٌ          وَمِــن شِــيَــمِ الدَهــرِ العَـطِـيَـةُ وَالسَـلبُ

فكأنَّ الشاعر يقول تمهل أيّها الإنسان فلا يغرَّنك وجود المال وكثرته فلا بدَّ أن  يأتي يوم ويذهب ذلك المال؛ لأنّه الدهر هو من يعطيه ومن يسلبه  وهذا المعنى ما نجده في قول حاتم الطائي القائل: (حاتم الطائي، 1981: 50)

أماوي إنَّ المالَ غادٍ ورائِحٌ ويبقى        من المالِ الأحاديثُ والذّكرُ

  1. 3. المرجعيّات العلمية الثقافيّة :

وهذا القسم يضم بين دفتيه عدة أنواع ، منها :

  • المرجعيّة التأريخيّة: بعد استحضار التّاريخ وأحداثه ومواقفهِ وشخصياتِه عند الشعراء في نصوصهم الشّعرية، من الثقافات الواسعة التي تخلد في الذاكرة الإنسانيّة بأحداثها، وأفعالها المشرفة، فعندما يمتزج ويتداخل النّص التّاريخي مع نص القصيدة الحالي، يحدث  هذا التّمازج تداخلًا بين الماضي والحاضر؛ لتنتج تعادلًا موضوعيًّا لحدث أن يمرّ به الأديب، فتنسجم مع تجاربه الإبداعيّة، فيضفي عمله الأدبي ثراء وإبداعًا وإشراقًا، فقد تمكن سبط ابن التعاويذي من تسخير ثقافته التّاريخيّة التي الزمها النّقاد القدماء على كل شاعر بـ “أن يأخذ نفسه بحفظ الشّعر، والخبر، ومعرفه النسب، وأيام العرب، ليستعمل بعض ذلك في ما يريده من ذكر الأثار، و ضرب الأمثال، وليعلق بنفسه بعض أنفاسهم، ويقوى طبعه بقوه طبائعهم” (القيرواني ،1981 : 77(

فالشّاعر يتكأ على مرجعياتهِ التأريخيةِّ عبر استدعاء “شخصيات وأحداث” تأريخيّه من الماضي، وهذه الشّخصيات أو الأحداث يشير بها الشّاعر في قصيدته لأثراء مادته الشّعرية ؛ ولأنّها تنير موقف معين في نصه الشعري.

Ø       الشّخصيات التّاريخيّة : استطاع ابن التعاويذي أنْ يوظف شخصياتٍ تاريخيّةً استحضرها في نصوصه الشّعرية ، سواء في جانب المدح أو الفخر ، فالشّاعر يجمع هذه الشّخصية التّأريخيّة بالممدوح عبر صفة، أو صفات قد اشترى فيها ؛ ومن الشخصيات التأريخيّة التي كثير ما يستحضرها في شعره شخصيّة “كسرى” في قصيدة يمدح فيها عضد الدين واخيه تاج الدين،

بقوله : (مرجليوث، 1903: 122)

فَرَسا رِهانٍ رُكِّضا في حَلبَةٍ        فَتَجاوَزا أَمَدَ العَلاءِ وَأَبَعَدا

حازا تُراثَ المُلكِ مِن كِسرى    أَنو شِروانَ فَاِتَّحَدا بِهِ وَتَفَرَّدا

عمد ابن التعاويذي في وصف ممدوحه بصفات، قد نسجت بخيوط من الزمن الماضي فهو ينسبهم في ميراثهم. ملك الفرس” كسرى انو شروان” ، وهو ملك طرز له التاريخ مكانه مرموقة، إذْ إنُّه ذو هيبةٍ ورهبته في أفئدة الناس؛ لامتلاكهِ من سلطةٍ واسعةٍ ، ونفوذٍ ، وهيمنةٍ ، وساهم هذا الملك في الكثير من  الفتوحات، والانتصارات، ومن خلال ذلك لجأ الشّاعر إلى استدعاء هذه الشّخصية التّاريخيّة ليضفي بها من  صفاتها لم لممدوحيه . عبر ميراثه التاريخي، سواء أكان توظيف هذا الملك توظيفًا لفظيًّا في ميراثه المادي أو توظيف معنوي لميراثه السّلوكي، وتحمل هذه الشخصية صفات دوت في ذاكرة الإنسان؛ لما يمتلك هذا الملك من قوّة ، وبأس، ونفوذ ، وسلطه.

فقد استطاع ابن التعاويذي تحوير الفكرة السّابقة، مع الاستفادة من الخيوط التي نسجها في الماضي والمتمثلة بالشخصيات القديمة ثم ينتجها بشكل جديد يلائم الموقف.

ثم يوازن الشاعر بين شخصيتين تاريخيتين الأولى المتمثلة بالملك الفارسي كسرى والذي يملك اليأس ، والقوة ، والنّفوذ ، والملك الثاني القائد العربي سيف بن ذي يزن، وهو ملك يمني حميري اشتهر بطرد الأحباش من اليمن، وصاحب التّنبؤ والبشارة برسالة الرّسول الأعظم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وكانت نتيجة الموازنة في استحضار هاتين الشخصيتين تكمن في هدفين أساسيين . الهدف الأول ظاهري ، استطاع خلاله أن يصف ممدوحه بالإيمان والتّقوى والصلاح. أمّا الهدف الثاني فهو باطني، يتمثل بانتصار الإيمان على الكفر وهو زوال ملك كسرى.

ومن الشّخصيات التاريخيّة الأخرى التي خلّدها التاريخ هو (هرم بن سنان ) وهو ممدوح الشاعر زين بن أبي سلمى في عصر ما قبل الإسلام  والذي اشتهر بجوده وكرمهِ ، ليدل ابن التعاويذي ممدوحه “المستضيء بأمر الله” قد فاق هرم بن سنان الكرم، والجود، والعطاء .

فهو يقول مادحًا : (مرجليوث، 1903: 376)

عَذْرَاءَ لَمْ يُجْدِ مِثْلَهَا كَرَماً         قَبْلِي زُهَيْرٌ يَوْماً عَلَى هَرِمِ

فالشّاعرُ يرسم صورة الكرم لممدوحه بالصورة السّابقة نفسها، فهو يستحضر صورهَ هرم مقرونةً بصورهَ الشّاعر كعب بن زهير بكلِ ما تحملَ هذه الشخصيات التّاريخيّة من لوحات مضيئة ومشوقه في حياتهم، وقد خلدها الزّمن ، وتناقلتها الناس فيما بينهم، وأصبحت مثالًا تسير على خطاه الشّعراء ؛ وقد ذكر ابن التعاويذي قصيدةً مادحًا فيها المستضيء بأمر الله ، مهنئًا له بعيد الفطر ، إذْ يقول: (مرجليوث، 1903: 377(

لَوْلاَكَ يَا خَيْرَ مَنْ يَمْشِي عَلَى قَدَمِ خَابَ الرَّجَاءُ وَمَاتَتْ سُنَّةٌ الْــــــكَرَمِ
يَا مَنْ رَأَيْنَا عِيَانــاً مِنْ مَكَارِمِـــهِ ما حدَّثَ الناسُ عن كعبٍ وعن هَرِمِ

يمجد الشاعرُ بصفات ممدوحه الأخلاقيّة الساميّة، ومشيدًا بعطفه ورحمته، وبجود كرمه، وما يتضح لنا في هذه الأبيات، أن بن التعاويذي قد سلط الضوء على صفه “الكرم” في ذلك الممدوح، كونها قلت وضعفت في نفوس الناس، وهذا ما نجده في قوله:” لولاك…… خاب الرجاء”، فهو يقلب بصفحات التأريخ الماضيّة؛ يستعرض صورًا مشرفة سجلتها الذاكرة العربيّة في الماضي، ويستدعي الشّاعر هاتين الشّخصيتين “كعب بن زهير، هرم بن سنان” اللتين عرفتا بالشّجاعة والكرم، والسخاء، ليخلق معهما نظيرًا لها في الوقت الحاضر  وهي شخصيه ممدوحه ” المستضيء بأمر الله” ؛ ليجعلها أكثر تأثيرًا، وقوة في السّامع والمتلقي. وفي البيت الثاني نلاحظ هناك موازنة معنوية ممدوحه “الخليفة” الذي نجد عبر الرؤية البصريّة،” وكعب بن زهير، وهرم بن سنان” وقد شاع حديث كرمهم وتناقله الناس من خلال السّمع، فهو يفرق بين السّمع، والنظر. وأنّ النّظر هو اليقين القاطع الذي لا يتقبل الظنّ ، والشّك، بحجة، أمّا السّمع فهو يحتمل الأمرين “الصدق والكذب” ، وبهذا فإنّ ممدوحه يكسب المثاليّة الحقيقيّة في سمة الكرم والعطاء.

وما يتضح لنا أنّ ابن التعاويذي قد طغت عليه صبغة المدح في شعره، إذْ جعله وسيلةً للتكسبُ ، فهو يكثر بصفات ممدوحه ومنها صفة الكرم للوصول  الى هدفه ، فيقول مادحًا :  (مرجليوث، 1903: 385)

ياعضُدَ الدينِ أنتَ أكرمُ منْ     دَاسَتْ بَسِيطَ الثَّرَى لَهُ قَدَمُ

خَلَفْتَ قَوْماً بِالْجُودِ ذِكْرُهُمُ        باقٍ وهمْ في قبورِهمْ رِمَمُ

صَغَّرْتَ أَفْعَالَهُمْ وَلاَ حَاتِمٌ        يُذْكَرُ فِي دَهْرِهِمْ وَلاَ هَرِمُ

فالشّاعر بالغ في وصف ممدوحه “عضد الدّين” مخاطبًا له بحرف أنت أكرم النداء (يا)، التي تستعمل لتنبيه المخاطب؛ ليلفت اهتمامه، وقد بدأ خطابه بذكر صفات ممدوحه بجمله ؛ لما لهذه الجملة الأسميّة من الثبات لصفة يعرف بها الممدوح، وهذا يدلّ على كثرة كرمه وجوده، فالشّاعر يحاول التعمق في بحر التّاريخ؛  ليختار منه قامات من الشّخصيات التأريخيّة التي ذاع صيتها، وانتشر كرمها بين الناس، وهما شخصيتان مجدهما التأريخ وعرفتا بالكرم، والعطاء، والجود وهما “حاتم الطائي، هرم بن سنان” ، فهو جعل الممدوح “عضد الدولة”، خليفة لهما في الكرم مصورًا أنّ ممدوحه في كرمه قد تعدى أفعالهم وعطاياهم، ولأنّ أفعال ممدوحه قد فاقت أفعالهم ، وأعمالهم الحسنة.

Ø       المرجعية الجغرافيّة : إنَّ من المرجعيّات التي ابتدع بها سبط ابن التعاويذي، ودونها في شعره، المرجعيّة الجغرافيّة، فقد استدعى في ديوانه الكثير من أسماء المدن والبلدان وأسماء الأماكن، وأسماء فلكيه لها علاقه بالفضاء مثل الكواكب والنجوم والشمس والقمر، وغيرها.

وللطبيعة نصيب كبير في استحضارها عند الشاعر وقد شكلت مظهرًا ومصدر مهمًّا  عنده ؛ لأنّه تأثر بالطبيعة التي تحيط به، فهو يعني لها اهتمامًا خاصًّا ويرجع حضور أسماء الأماكن والبلدان وأسماء المظاهر الفلكيّة والمظاهر الطبيعيّة وغيرها من التّنوع الجغرافي في شعر ابن التعاويذي، لإدراكه الكثير من العلوم والمشاهد عبر التجارب التي عاشها في حياته والتنقل بين هذه الأماكن ويمكن أن تنقسم مرجعياته الجغرافية إلى ما يأتي:

Ø       مرجعية المدن والبلدان: نرى في شعر ابن التعاويذي الكثير من أسماء المدن و بلدان حتمت عليه التجربة الفنية بوجوب ذكرها ومن هذه البلدان( مرجليوث ، 1903 :4)

* مصر*: إذْ يقول :

وَأَطاعَتكَ أَرضُ مِصرٍ وَمِصرٌ       حينَ تُدعى وَحشِيَّةٌ عَصماءُ

فالشّاعر في مدحه للإمام المستضيء بأمر الله بعد فتح مصر على يده ، يصور أرض مصر أنّها وحشيّة عنيدة لا تطاع لأحد إلّا اليك فهي مطيعه بأمرك ( مرجليوث،1903: 4)

*العراق والشام*: إذ يقول : في ذكره العراق والشام (المصدر نفسة :4)

فَهوَ في الرومِ وَالكَنائِسِ رُزءٌ        وَهوَ في الشَأمِ وَالعِراقِ هَناءٌ

وما يتضح في هذا البيت أنّ الشّاعر من خلال ممدوحه، فهو يصب حزنة في الروم والكنائس ولكنه يهنى ويسعد في الشام والعراق (المصدر السابق: 4).

*خراسان والصين:*

وَلَيــوفــي عَــلى أَقــاصــي خُـراسـانَ        غَـــداً مِـــنـــكَ غـــارَةٌ شَــعـــــــواءُ

بِــجِــيــوشٍ تَــصُــمُّ مَـسـمَـعَ أَهـلِ           الصــيــنِ مِــنــهــا كَـتـيـبَـةٌ خَـرسـاءُ

فالشّاعر يصور كثر جيوش ممدوحه (الخليفة) ويصفها بأنّها غارة تضمن أقصى خراسان إلى أطراف أهل الصين سكانها وأن النّصر حليف لهذهِ الجيوش ؛ لكثرتها وتنظيمها.

*تركيا* يذكرها الشّاعر في تصويره لعظمة وقوه الممدوح، وانتصاره على بلاد الترك. إذْ يقول: ( مرجليوث ، 1903: 5)

رامياً فِي بِلَادِهَا التَّرْكَ بِالتَّرْكِ       فَتَغزوا آباءَها الأبناءَ

* دمشق*: ويذكرها من خلال ممدوحه (صلاح الدّين) مصورًا مدينة دمشق قد سادت بعدل السلطان وعطائه وأصبحت مأوى لمن ظل عن طريقه، فقد جادتْ بكرم صلاح الدّين وجودهِ. إذْ يقول : (مرجليوث، 1903: 422).

ومن الأماكن المقدسة التي ذكرها الشّاعر في ديوانه إذْ يقول: (مرجليوث، 1903: 46).

لطيبةَ والبقيــــــــــعِ و(كربلاءٍ وســــامـراءَ تغدو والغريِّ
وزوراءِ العراقِ وأرضِ طوسٍ سقاها الغيثُ من بلدٍ قصيِّ
فحيــــــــا اللهُ من وارته تلكَ الــــقبابُ البيضُ من حبرٍ نقيِّ

فالشّاعر يذكر “طيبة” وهي مدينة رسول اللهِ (صلى الله عليه وآله وسلم) وأرض البقيع التي توجد فيها مراقد الأئمة المعصومين كالإمام “الحسن، السجاد ، الباقر، الصادق، وغيرهم من مراقد أهل البيت” (عليهم السلام) .

ثم يذكر الشّاعر مدينة كربلاء والتي تضمُّ ضريحي الإمام الحسين والإمام العباس (عليهما السلام) ، ثم يذكر سامراء والتي تضم مراقد الإمامين العسكريين (عليهما السلام) “الامام علي الهادي والحسن العسكري”، ثم يعرّج الشّاعر إلى زوراء الطرق وهي بغداد والتي تضم الإمامين “موسى الكاظم ومحمد الجواد”(عليهما السلام) ، وكذلك يذكر الشّاعر الغري وهي مدينة النّجف الأشرف والتي تضم الإمام علي ابن أبي طالب (عليه السلام) ، ثم يذكر أرض “طوس” والتي تضم مرقد الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام) وإنّ هذه الأماكن قد طُهرت وشرفت فقد طابَ ثراها وأصبحت المناطق السياحيّة الدّينيّة ، كما ذكر الشاعر مدينة (فيد) ، وهي أحد الأماكن الأثرية التأريخيّة التي توجد في الجنوب الشّرقي من مدينة حائل، فهي تضم قصر خراش الأثري، ودرب برك مياه زبيدة المعروفة وتضم أيضًا جبل حصانين المشهور، وتقع هذه القرية في المملكة العربيّة السّعودية حاليًّا على طريق الحجاج بين مكة وبغداد ويرجع تأريخ هذه المدينة إلى العصور الإسلاميّة الأولى (فيد التأريخية ، جريدة الرياض، 2009: 1).

أضحَتْ دمشقُ وقد حلَلْتَ برَبعِها مأوى الطَّريدِ ومَؤئِلَ المِسكينِ
وغدَتْ بعدلِكَ وهْيَ أكرمُ مَنزِلٍ تُلْقَى الرِّحَالُ بِهِ وَخَيْرُ يقينِ

فالشّاعر يصور لنا عبر ممدوحه صلاح الدين مدينة دمشق  فقد سادت بعد ذلك وعطائك وأصبحت مأوى لمن ظل عن طريقه فقد جادت بكرم السلطان فقدت جادت.

*  مكة ، الصفا – الحجون

إذ يقول : ( مرجليوث، 1903: 423)

لَولاهُمُ ما قادَنـــي أَمَـــــلٌ وَلا عَلِقَت بِأَسبابِ الرَجاءِ ظُنوني
قَسَماً بِما قَصَدَ الحَجيجُ لَهُ وَما ضَمَّتهُ مَكَّةُ مِن صَفاً وَحَجون

فالشّاعر يذكر الأماكن  المقدسة وهي (مكة) ، (صفا) ، وأشار أيضًا  إلى منطقه أخرى وهي جبل جحون، فالشاعر يستحضر هذه الأماكن ويقسم بها في موسم الحجّ ؛ لما لها من المنزلة العظيمة.

Ø       المرجعيّات السياسيّة: إن التنوع الثقافي في ديوان سبط ابن التعاويذي قد أحاط في القضايا السياسيّة ونظام الحكم للدولة في عصره ، وكان الشاعر ذا علاقة قوية بحكام الدولة وملوكها وأمرائها ، فهو أدرك الأمور السياسيّة ونظام الحكم في الدّولة وإعجابه الكبير بحكم هؤلاء الحكام والأمراء، فأخذ يمدحهم مدح سياسي صادر عن حب كبير لهذه الأسرة العباسيّة الحاكمة ، فمدحه السياسي للخلفاء والحكام ناتج عن أسباب كثيرة من أبرزها الخطر المحيط بالأسرة الحاكمة للخلافة العباسيّة والمتمثلة في الدويلات المحيطة بها، والتي تسعى إلى الاستقلال عن كيان الدولة ، والسبب الآخر ظهور العداء المذهبي الذي حصل بين الفاطميين ودولة بني العباس، ولعل هناك سببًا آخر يرجع إلى الشّاعر عينه، فهو فارسي الأصل ليس عربيًّا، ولعله عمد إلى هذا الأمر ليقوي صلته بالولاة والحكام ، وقد نال ذلك ، فاصبح من شعراء الديوان للخلافة العباسيّة، كانت نماذج المدح السياسي لدى الشاعر كثيرة، ومنها التي مدح بها الخليفة المستضيء .

إذْ يقول:(مرجليوث، 1903: 2).

يـا إِمـامـًا أَغـنَت عُلاهُ عَنِ الأَشعـــارِ طَـــــــــهَ وَالنَـــمــلُ وَالشُــعَـــراءُ
مَـدَحَـتـهُ السَـــــــــبعُ المَثاني فَما تَب لُغُ غـــايـــاتِ مَـــدحِهِ البُـــلَغـــــاءُ
أنــتَ فَـليَـرغَـمِ العِـــــــدى حُـجَّة اللَهِ وَأَنــتَ المَــحَــجَّة  البَــيــضــــــاءُ
أَنـتَ حَـبــــــــلُ اللَهِ الَّذي فـازَ مَن أَد نَــــتــــهُ مِــــنــــهُ مَـــــوَدَّةٌ وَوَلاءُ
وَأَبـــوكَ الَّذي بَـــدَعــوَتِـــهِ فــي ال مَـحـلِ دَرَّت عَـلى البِـلادِ السَـمـاءُ
هـوَ خَـيـرُ الأَنـامِ بَـعـدَ رَســـولِ اللَهِ أَفــــتَـــت بِـــذَلِكَ الفُـــقَهـــــــــــاءُ

فالشّاعر في هذه الأبيات يمجد ويثني على الأسرة العباسيّة الحاكمة بصورة عامة وعلى الخليفة المستضيء لأمر الله بصورة خاصة ، فهو يمجد رجال الأسرة العباسيّة؛ لكونهم أهلًا للخلافة ، فهم أولى بها من غيرهم ؛ لأنّهم أصحابها الشّرعيون، فهي ورث أباح الله اليهم ، وأنّ أمور الناس وأحوالهم لا يمكن أن تصلح وتستقيم إلّا بهم ، مستدلًا بسيرة الخليفة المستضيء  في اهتمامه للناس ورعايتهم، ونشر العدل والمساواة في صفوفهم فالشاعر يستدل بآيات من الذكر الحكيم والتاريخ الإسلامي الحنيف، ليثبت قدرة العباسيين بالحكم، فهو يلقب الخليفة بعدة ألقاب ومنها الإمام، وحجه الله، وحبل الله المتين، والمحجة البيضاء، ثم يضيف ابن التعاويذي إلى بني العباس صفات من التقديس على وجه المبالغة ،فجعلهم هداة للناس وخير الأنام بعد رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)، وهمّ القائمون بأمر الله وأصحاب المحتد المقدس وفي هذه الأوصاف، والألقاب المبالغة الكبيرة في مدح هذه الأسرة الحاكمة، ليصل إلى مبتغاه وهدفه وهو التكسب بالمال والعطايا من هؤلاء الحكام؛ لأنّه ذو فقر وعوز. ثم يستعرض سجايا بني العباس . إذْ يقول مادحًا: (مرجليوث ،1903: 328)

جارٍ عَلى سُنَنِ النَبِيِّ وَسُنَّةِ              الـخُلَفاءِ مِن آبائِهِ تُتَقَبَّلُ

قَومٌ بِحَبلِ وَلائِهِم يَتَمَسسَكُ              الجاني غَداً وَبِحُبِّهِم يَتَوَسَّلُ

عَن جودِهِم رُوِيَت أَحاديثُ النَدى   وَبِفَضلِهِم نَطَقَ الكِتابُ المُنزَلُ

لا يُرتَضى عَمَلٌ بِغَيرِ وَلائِهِم        فيهِم تَتِمُّ الصالِحاتُ وَتَكمَلُ

إِن كُنتَ تُنكِرُ مَأثُراتِ قَديمِهِم         فَاِسأَل بِها يا أَيُّها المُزَّمِّلُ

شَرَفاً بَني العَبّاسِ شادَ بِناءَهُ           لَكُمُ فَأَعلاهُ النَبِيُّ المُرسَلُ

ما طاوَلَتكُم في الفِخارِ قَبيلَةٌ            إِلّا وَمَجدُكُمُ أَتَمُّ وَأَطوَلُ

فنرى الشّاعر قد بالغ إلى حد كبير  في هذه الأبيات إذْ جعل  بني  العباس أئمة معصومين من الزلل والخطأ، فهو يبين أن  الكثير من الأحاديث النبويّة الشّريفة  والآيات القرآنيّة أشارت  بفضل تلك الأسرة ومآثرها وتاريخها  المشرّف فكان صيتهم ومكانتهم ومجدهم مؤيدًا من جدهم رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) ، فلم  تضاهي أيّ قبيله فخرهم ومجدهم؛ لأنّه ممتد من  حسب النبي(صلى الله عليه واله وسلم) .

4. 4. المرجعيّات الاعتقاديّة والأسطوريّة : لقد عُرف سبط التعاويذي بسعة ثقافته وهذا ما أنتجهُ في ديوانه، ونتائجه الشّعري ، وهذا التّنوع الثقافي قد شمل موضوع الأساطير لكونها تشكل مجالًا واسعًا في التفكير البشري الأبعاد الكونيّة والطبيعيّة .

وأنّ هذه الأساطير اتسمت بالخرافات والظواهر غير المنطقيّة ، وامتزج بها الواقع بالخيال لكونها تجاوزت الحد المعقول (ينظر: خليل، 1903 :8).

وما يتضح للباحثين أنّ الأحداث الأسطوريّة من الأمور التي ظهرت في عصر طفولة الشّعوب ، لكونها اتسمت بالخوارق فتجاوزت أحداثها طبيعة الشّيء المعقول. أنّ هذه القصص الأسطورية تُعدّ من الظواهر التي سارت عليها الكثير من الأمم بشأن طفولتها الحضاريّة، كونها تنمّ عن ما يعد إجابة لكثير من تساؤلات الناس، وتجعل لهم توازنًا نفسيًّا لما يشعرون بهِ عبرَ المجهول الذي يحيط بهم (ينظر: الشّامي 1982 : 74).

وقد اختلف الدارسون والباحثون في مفهوم الأسطورة، فقد أثار جدلًا بينهم فمنهم من يرى على أنها جزءًا من المعتقدات الدّينيّة/ والملاحم الشعرية كما في ملحمة جلجامش وهي أقدم ملحمة في التاريخ والتي ظهرت قبل ألفي سنه قبل الميلاد، وقد اشتهرت موضوعاتها الإنسانيّة ، لبحثها قضيه خلود الإنسان والفناء، فكانت النتيجة أنّ الإنسان يخلد بالعمل الصالح والإبداع ( ينظر: كمال زكي، 1982: 135).

وأمّا البعض الآخر من الدارسين فيراها من الظواهر الطبيعيّة والاجتماعيّة ( ينظر: إحسان عباس، 1978: 129).

فقد نهل سبط ابن التعاويذي من الأسطورة وعمد إلى توظيفها في شعره ، لينتفع منها في تقوية نصّه الشعري، فهي تعد ركيزة ودعامة لدعم قدرته الإبداعيّة في نتاجه الشّعري فهي : “تجسيدٌ للتّوق الإنساني وشكله الخيالي، غير أن وصفها يكتنفه الغموض” (وليم رايتر ، 1992م: 15).

فالأسطورة تعد بُعدًا من الأبعاد الثقافيّة التي تمنح النصوص الأدبيّة وضوحًا في التعبير،  فهي تعمل على ترسيخ الدّعائم للسّلوك الاجتماعي عِبرَ أثرها في تشكيل الرؤيا الإنسانيّة للواقع الاجتماعي، وتوضيح الأسرار وتفسيرها، والذّهاب نحو الإبداع ، لكونها جزءٌ لا يتجزأ عن الواقع ، وكلا المفهومين يتجهان إلى حركة النّمو الإبداعي عند الإنسان في الأشكال جميعها، أو عن طريق الشّعر على وجه الخصوص، فالأسطورة “هي ديمومة الفكر الإنساني في البحث عن الحقيقة الكامنة وراء الظواهر الطبيعيّة والكونيّة التي شغلت تفكير الإنسان مجسدة أشكالًا من الصّراع النّفسي بين المتناقضات” (رستم الحصونة ، 2014م: 195).

ومن خلال ذلك لجأ الباحث إلى استخراج بعض النّماذج الشّعرية  والتي تتضمن توظيف الأساطير، والمعتقدات في شعر ابن التعاويذي لمعرفة قدرة الشّاعر الإبداعيّة بهذا التّوظيف ليضفي على نصه الشعري الرونقة والجماليّة.

ومن النماذج الاعتقاديّة والأسطوريّة التي استخرجها ابن التعاويذي في شعره هي الطيور ولا سيما التي تدل على التشاؤم والتّطير مثل الغراب، فقد شكّل ظاهرة بارزة وشغل مساحة واسعة عند العرب القدماء في مفهوم التشاؤم، وقيل اسمه (غراب)، لأنّه مشتق من الغربة والفراق والنأي عن الأوطان، ومنهم من ربط اسمه بالموت، حتى قالو: (ياغراب البين) أيّ الموت ، وأمّا لونه الأسود الذي يدل على الحزن والأسى ، ويحذر وينذر بالويل والثّبور (الجاحظ، 1385ه: 433).

فالشّاعر يرسم لنا صورة لهذا المعنى بقوله: (مرجليوث، 1903: 235).

وَأُقسِمُ لَو سُمتَني أَن تَنالَ      كَفّي الكَواكِبَ لَم أَعجِزِ

وَلَو رُمتَ مِنِّيَ بيضَ الأَنوُقِ     وَعَنقاءَ مَغرِبَ لَم تُعوِزِ

وَقَد غادَرَتني صُروفُ الزَمانِ    لَديكَ جَريحاً وَلَم يُجهَزِ

وَلي عِندَ أَيّامِ دَهري المَشومِ     وُعودٌ مِنَ الحَظِّ لَم تُنجَزِ

ونجد المبالغة واضحة في هذه الأبيات، فالشّاعر يصنف ممدوحه  ويستعطفه بعد ما ذاق ضنك العيش ورماه الدهر بسهامه . ونجد مثل هذا المعنى عند أمير المؤمنين (عليه السلام) إذْ يقول قلّة الصديق (أمير المؤمنين، 1411: 298).

تَغَرَبتُ أَسَأَلُ مَن عَنَّ لي مِنَ الناسِ هَل مِنصَديقِ َصدوقِ
فَقالوا عَزيزانِ لا يُوجَدانِ  صَديقٌ صَدوق وَبيضُ الأنوقِ

أن الإمام علي ابن أبي طالب (عليه السلام) أراد أن يبين بأن الصديق المخلص الصادق يكون صعب المنال ولا يمكن الظفر به كما لا يمكن الوصول إلى بيض الأنوق.

وقد ذكر ابن التعاويذي في البيت الثاني ( وَعَنْقَاءِ مَغْرِبٍ) وهي أسطورة تعدّ من أبرز الأساطير التي جاء ذكرها في الشّعر العربي في العصر الجاهلي كما في سجع الكهان وحتى في العصر العباسي في قصة ألف ليلة وليلة وفي قصص السندباد البحري، وهي من وحيّ الخيال ، وتُعد رمزًا للمستحيل، وقد سمي بالعنقاء لأنها طويلة العنق، ويوجد بياض كالطوق في عنقها (ينظر: ابن منظور، ج15: 1060)، وقد تميز طائر العنقاء بالكثير من المميزات، ومنها القوة والصلابة والروعة والجمال ومقدرته على التّحليق القيام بالعديد من الفعاليات الخيالية، واعتقد الكثير على أنه طائر حقيقي موجود على أرض الواقع، وقد ذكر أنّه من الطيور المعمرة والتي يمتد به العمر إلى خمسة قرون، وهو طائر معروف الاسم مجهول الجسم ، ويطلق عليه اسم “طائر الفينيق” كما جاء في الأساطير المصرية القديمة ، وأمّا موت العنقاء وولادتها من جديد ، فإذا تصل العنقاء ألف عامٍ من عمرها، يحلّ بها التّعب فتعمل على وسيلة لإعادة طائر عنقاء جديد ، فترحل إلى مكان بعيد في فينيقيا ، فتختار نخلة طويلة وشاهقة الارتفاع فتجمع الأعشاب وتبني لها عشًا على تلك النّخلة الشّاهقة ، ثم تصفق بجناحيها بصورة قوية فتحرق نفسها، ليس لكي تقتل ذاتها فحسب بل لخلق عنقاء جديدة ومتطورة من رماد الاحتراق، وتكون العنقاء الجديدة قوية صلبة متكاملة النّمو تستطيع أن تعبر البحار والأنهار والبلاد وتلقى الاهتمام الكبير من الشعوب التي تمر عليها. ويُعد طائر العنقاء على مدى العصور في مصر على أنّه رمز للتجديد والشباب ، كما رواهُ هيرودوت (موسى : 569).

كما كان عند الإغريق رمزًا للبعث والخلود بعد الموت، وأمّا يُعد هذا الطائر عند الصينيين رمزًا للخير والبركة والفضيلة والقوة ، وتعد ألوان أجنحة العنقاء الخمسة عند الصينيين هي: الأبيض والأسود والأحمر والأخضر والأصفر وهذه الفضائل الخمسة تدل عند الصينيين على الأخلاق الفاضلة (بلال عرابي ، : 56 – 57).

أمّا ذكر العنقاء في النثر العربي والشعر العربي: إن ما يزخر به تراثنا العربي من الحكم والمواعظ عبرَ النثر، والشعر ومن المهم الذّي جاء من النّثر عن طريق الأمثال التي تكون مقرونة بحادثة معينة أو موقف مختلف ومن هذه الأمثال التي ضربها العرب لطائر العنقاء “طارت بهم العنقاء” يضرب هنا المثل للدلالة على الموت والهلاك. وأمّا قصة المثل فهي قصة طويلة نختصر على ما جاء منها عند ابن الكلبي، وقد ذكر: أنّه كان هناك نبي لأهل الرّس يدعى “حنظلة بن صفوان” وكان لديهم جبل في أرضهم معروف باسم (دمخ) وكانت أنثى الطائر العظيم ذات العنق الطويل تعيش في قمة ذلك الجبل ، وقد تميزت في الجمال بتفوقها على باقي الطيور، فكانت تسقط منتصبة على الطير فتأكلهُ بكل سهولة وفي يوم من الأيام فقدت الطيور وأصبح من الصعب الحصول عليها  فقامت العنقاء بالانقضاض على صبي فأكلته، حتى أطلق عليها لقب (عنقاء مغرب) بمعنى تغرب كلَّ شيء تأخذه وهو مثل يدل على اليأس كما أنها أنقضت على جارية وطارت بها. ( ينظر: ابن منظور،2005 : 10/276)

وذهب الجاحظ إلى أنّ العرب قد ضربتْ مثلًا بالعنقاء ، للدلالة على الشيء الذي يسمع ولا يرى (ينظر: الثعالبي،1985م :1/135)

وأمّا في ورودها في الشعر العربي فقد جاء ذكرها عن الشّعراء بنفسهِ المعنى الذي جاء به ابن التعاويذي ومنهم أبو نؤاس : (أبو نؤاس ، 1953 : 185 )

وَمَا خُبْزِهِ إِلَّا كَعَنْقَاءِ مَغْرِبٍ يَصُورُ فِي سِبْطِ الْمُلُوكِ لَهَا الْمِثْلُ
يُحْدِثُ عَنْهَا النَّاسَ مِنْ غَيْرِ رُؤْيَةٍ سِوَى صُورَةٍ مَا أَنَّ تَمْرَ وَلَا تَحَلُ

وقد ذكر الهزلي هذا المعنی ببيان آخر وقال :

حلْوٌ أَنَّ أُمِّيَّ لَمْ تَلِدِنَّي لَحِقَتْ بِي         الْمَغْرِبُ الْعَنْقَاءُ عِنْدَ أَخِي كَلْبِ

وَقَوْلَ آخر : (الأندلسي ،1965..200)

الْجُودُ وَالْغُولُ وَالْعَنْقَاءُ ثَالِثَةُ            أَسْمَاءِ أشياء فَلَمْ تُوجَدْ وَلَمْ تَكْنِ

ما تقدم ذكره في أسطورة العنقاء مجرد خرافة لاوجود لها جاء ذكرها في بعض الكتب والمصادر، ولعل من الكتب المهمّة التي أشارت لهذه الأسطورة هو كتاب (ألف ليلة وليلة) وأنَّ شاعرنا ابن التعاويذي كان يتمتع بثقافة واسعة، وهذا التنوع الثقافي فقد جعل الشّاعر لم يقتصر على مرجعياته الدينية والأدبية والعلمية  بالإضافة إلى حنكته السياسية والاسطورية

الخاتمة والنتائج :

  1. تنوعت مرجعيات سبط ابن التعاويذي من دين وتراث وتأريخ وجغرافيّة وأسطورة وغيرها من المرجعيّات التي توصلت اليها الدراسة.
  2. رصدت الدراسة أنّ المرجعيّة الدّينيّة عند ابن التعاويذي أشد حضورًا في شعره من غيرها مع ميله للأدب والتراث.
  3. كانت صيحات ابن التعاويذي مدوية ومناصرة في الدّفاع عن البلاد وحث المقاتلين على القتال ضد الغزاة الطامعين وهذا ماوجدناه في مرجعياته السياسيّة.
  4. بينت الدراسة أنّ ابن التعاويذي تعامل مع شخصيات التأريخ تعاملًا فطنًا يرشدنا إلى استئثاره لواقعيّة المشاهد ومناقب الماضين.
  5. اهتم ابن التعاويذي بالحضور الجغرافي في شعره لاطلاعه الكبير على العلوم، والمعالم والبلدان ومعرفته الواسعة بالظواهر الطبيعيّة والفلكيّة جعلته يهتم بهذا الاستحضار الجغرافي.
  6. ما اتضح في هذه الدراسة أِنَّ ابن التعاويذي أكثر من استحضار الأساطير، والمعتقدات لتكون متوافقة مع سياقه في التّعبير الشعري، فهو لم يستسلم لمفهوم الأساطير والمعتقدات بل أحدث تحررًا عقليًّا مستعينًا بثوابت الإسلام ومؤكدًا بأهمية مزج الأساطير بالشّعر العربي لتمنح الشّعر خطابًا واضحًا.
  7. نجح ابن التعاويذي في ربط مرجعياته الثقافيّة بظروفه الشخصية من خلال أحداث، وتجارب خاضها في حياته فجعل مرجعياته واقعًا يعبر عن آهاته ومسراته.
  8. أضفى ابن التعاويذي على قصائده عبر مرجعياته قوةً تأثيرية في نفسية المتلقي، فهو يجعل المتلقي يعيش موقفهُ وتجاربهُ وكان الشّاعر يتكلم عن نفسية المتلقي بصورة غير مباشرة، تجعل المتلقي يرغب الكثير من أشعاره.
  9. كشفت الدراسة أن سبط التعاويذي غرف من فيض الأدب العربي في الشّعر والنثر، ونجد تأثرهُ الكبير فحول الشّعراء من عصور مختلفة على شاكلة الشعراء الجاهليين، والإسلاميين وشعراء الشّعر الأموي والعباسي فامتزجت نصوصه الشعرية مع نصوصهم.
  10. كانت رونقة الاستحضار الفني في شعر سبط ابن التعاويذي تنماز بلغةٍ قويةً وأسلوب جزل وصور شعرية عميقة.

المصادر والمراجع

القرآن الكريم .

  1. ابن خلكان، شمس الدين أحمد بن محمد بن ابراهيم بن أبي بكر ( ت 681 هـ ) . (1978 م )
  2. ابن منظور، جمال الدين محمد بن مكرم ، ( 1999 م ) ، لسان العرب ( مادة رجع ) ، ج 8 دار الصادر : بيروت.
  3. امرؤ القيس، جندح بن حجر بن الحارث الكندي ( ت 80 ق . هـ ) ، ( 2000 م ) دراسة ديوان أمرئ القيس وملحقاتهُ بشرح أبي سعد السكري، تحقيق . أنور عليان ، العين ، مركز زايد للتراث والتاريخ
  4. التعاويذي، أبو الفتح محمد بن عبيد الله ، ( 1953 م ) ديوان سبط بن التعاويذي تحقيق ، مرجليوث ، مطبعة المقتطف : مصر .
  5. التنوجي ، محمد ( 1999 م ) ، المعجم المفضل في اللغة والأدب ، ج1 ،دار بيروت : لبنان .
  6. الحصونه ، حسين مجيد رستم ، ( 2014 م ) ، المرجعيّات الثقافيّة المورثة في الشعر الاندلسي في عصري الطوائف والمرابطين ، دار السلام للطباعة والنشر : مصر .
  7. الحلاوي ، يوسف ( 1994 م ) الأسطورة في الشعر العربي المعاصر ، دار المعارف : مصر .
  8. الطائي، حاتم ابن عبدالله (1986م) الديوان، شرحه وكتب هوامشه، أحمد رشاد، دار الكتب العلمية، بيروت: لبنان .
  9. العاملي، الحر النوري، ( 1430 هـ ) وسائل الشيعة ومستدركها ، مؤسسة النشر الأسلامي : قم .
  10. علوش، سعيد، ( 1985 م ) معجم المصطلحات الأدبية المعاصرة ، دار الكتاب اللبناني: بيروت .
  11. العلوي ، محمد بن بدر الدين ، ( 1963 م ) ديوان بشار بن برد ، دار المعرفة ، بيروت : لبنان
  12. القيروانی ، ابو علي الحسن بن رشيق ، ( 1981 م ) العمدة في محاسن الشعر وآدابه ، تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد ، ط5 ، دار الجبل .
  13. مسكوني ، يوسف يعقوب، ( 1959 م ) ديوان سبط ابن التعاويذي ، مطبعة شقيق : بغداد .
  14. وايتر، وليم، (1992م)، الأسطورة والأدب، ترجمة صبار سعدون، دار الشؤون الثقافيّة العامة : بغداد
  15. وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان، تحقيق : إحسان عباس، منشورات دار الثقافة، بيروت: لبنان .

 

 

 

[1] – أستاذ مشارك ، قسم اللغة العربية وآدابها، جامعة أصفهان، إيران. (الكاتبة المسؤولة)

Associate Professor , Department of Arabic Language and Literature , University of Isfahan , Iran. Email: .hasanalian@fgn.ui.ac.ir. (Responsible writer)

[2] – ماجستير في الأدب العربي ، قسم اللغة العربية وآدابها ، جامعة أصفهان ، إيران

MA in Arabic Literature , Department of Arabic Language and Literature , University of Isfahan , Iran

Email: ryadhlal637@gmail.com

 

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

free porn https://evvivaporno.com/ website