foxy chick pleasures twat and gets licked and plowed in pov.sex kamerki
sampling a tough cock. fsiblog
free porn

العلاقات الاجتماعيّة الأُسريّة في تفسير الميزان

0

العلاقات الاجتماعيّة الأُسريّة في تفسير الميزان

Family Social Relation in Tafsir alـMizan

Gaber Hassan Atiya Al-Shammari i  جابر حسن عطيّة الشمري)[1](

 

 

Davood Esmaeili  Dr. د. داود اسماعيلي)[2](

Mohammad Reza Haji Esmaeili  Dr. د.محمدرضا حاجی اسماعیلی)[3](

Dr. Ali Banaeian Esfahani د.علي بنائیان اصفهاني([4])

 

 

 

 

 

تاريخ الإرسال:30-11-2023                    تاريخ القبول:12-12-2023

الملخص   

تُعدُّ الأسرة النّواة الأساسيّة لتشكيل المجتمع، وقد حظيت هذه المؤسسة باهتمام كبير في الرسالات السّماوية والأنظمة الوضعيّة، ومن بين القضايا التي تحفظ التماسك الأسري هي قضية العلاقات الاجتماعيّة الأُسريّة والتي يراد منها العلاقات التي تقوم بين الزوج والزوجة والأبناء والتي تعبر عن طبيعة التفاعل والاتصال بين أعضاء الأسرة. وما تسعى إليه هذه الدّراسة هو بحث تلك العلاقات الاجتماعيّة الأُسريّة في تفسير الميزان للعلامة الطباطبائي والذي يُعدُّ من التّفاسير الجامعة التي اهتمت بالعلاقات الاجتماعيّة، ومن أجل تحقيق الهدف من الدراسة والمتمثل ببيان الرؤية التّفسيريّة للعلاقات الاجتماعيّة في تفسير الميزان استعان الباحث بالمنهجين الوصفي والتّحليلي. وقد تعرض الباحث إلى جملة من المسائل منها: الرّوابط الأُسريّة في النصوص القرآنيّة من منظور العلامة الطباطبائي، وقد شملت مكانة الأسرة في القرآن، وأسس اختيار الزّوجة والآثار الدّنيويّة والأخرويّة المترتبة على الرّوابط الأُسريّة. وقد أفرزت الدّراسة عدة نتائج كان أبرزها: اهتمام العلامة الطباطبائي في تفسيره الميزان بموضوع العلاقات الاجتماعيّة الأُسريّة؛ لأنّها الضامن للحفاظ على الأسرة من التّزلزل، وأنّ العلاقات الأُسريّة ينبغي أن تكون قائمة على أساس الحفاظ على حقوق الأفراد جميعهم بالشكل الذي يحفظ كرامتهم.

الكلمات المفتاحية: العلاقات الاجتماعيّة الأُسريّة، تفسير الميزان، العلامة الطباطبائي.

Abstract

The family is the basic nucleus for the formation of society, and this institution has received great attention in divine messages and man-made systems, and among the issues that preserve family cohesion is the issue of family social relations, which are intended to be the relationships that exist between husband, wife and children, which express the nature of interaction and communication between family members. What this study seeks is to investigate those family social relations in the interpretation of Al-Mizan by Allamah Tabatabaei, which is considered one of the comprehensive interpretations that focused on social relations.  The researcher has dealt with a number of issues, including: family ties in the Qur’anic texts from the perspective of Allama Tabatabaei, which included the status of the family in the Qur’an, the foundations for choosing a wife, and the worldly and hereafter effects of family ties. The study yielded several results, the most prominent of which were: Allama Tabatabai’s interest in his interpretation of Al-Mizan in the subject of family social relations; Because it is the guarantor to preserve the family from slipping, and that family relations should be based on preserving the rights of all individuals in a manner that preserves their dignity.

 Keywords: family social relations, interpretation of the balance, Allama Tabatabaei

 

جابر حسن عطيّة الشمري

مقدمة البحث وخلفيته التّاريخيّة: تنطلق أهمية البحث من أهمية الموضوع المبحوث وهو العلاقات الاجتماعيّة الأُسريّة، فالأسرة لا يمكن أن تتماسك من دون وجود روابط تحفظ ذلك التّماسك، وهذه الرّوابط كلما كانت قوية ومستحكمة بين الزوج والزّوجة، والأبناء كلما كانت الأسرة قويّة تستطيع أن تشق غمارها وتواصل مسيرتها نحو النّجاح. يضاف إلى ذلك أنّ أهميّة الموضوع تكمن في تسليطه الضوء على تفسير الميزان من خلال رؤية العلامة الطباطبائي لموضوع العلاقات الأُسريّة، ولا يخفى أهمّيّة تفسير الميزان الذي يُعدُّ من التّفاسير الجامعة التي جمعت العديد من المناهج، والاتجاهات والأساليب والتي برز من بينها منهج تفسير القرآن بالقرآن، وقد أبدع العلامة الطباطبائي في توظيف هذا المنهج لبيان المراد الجدي والاستعمالي من آيات القرآن الكريم.

وأمّا في ما يتعلق بالخلفيّة التّاريخيّة لموضوع البحث فيمكننا القول: إنّ المفسرين وعلماء القرآن قد تناولوا بالبحث الكثير من المواضيع الاجتماعيّة المتعلقة بالمجتمع، والأسس التي تحكم العلاقات بين أفراده لاسيما في الأسرة، ومع التّطورات التي شهدتها المجتمعات على الأصعدة كافّة، ظهرت الكثير من التّحديات التي واجهت الأسرة فانبرى المهتمون بالشّأن القرآني إلى بحث تلك التّحديات ومنها ما يتعلق بالعلاقات الاجتماعيّة.

وما يجدر ذكره أن الباحث لم يقف علـــى دراســـة ســـابقة في هـــذا الموضـــوع وغايـة مـا وقفـت عليه من ذلك إشارات من بعض العلماء لهـذه العلاقات باسمهـا تـارة، وبمثالهـا تـارة أخرى، مـع عـدم تمييز كثير منهم لها عن العلاقات المقاربـة لهـا، مـا يعـني أنَّ هـذه الدراسـة التّفصـيليّة الأولى من نوعها. وسوف نذكر الأقرب من تلك الدّراسات التي عثرنا عليها:

1.ملامح النّظرية الاجتماعيّة في تفسير الميزان – قضية المرأة – للدكتور زهير غزّاوي‏ بحث منشور، مجلة المنهاج العدد 10، السنة الثالثة 1419هـ، 1998م. يقول فيه: علم الاجتماع يتعامل مع نتائج التّجارب على الأرض مثل العلوم جميعها، محدّدًا مصير الأيديولوجيات الاجتماعيّة نجاحًا أو فشلًا. ومن هنا تأتي مشروعيّة البحث في الأيديولوجيا الإسلاميّة في جانبها الاجتماعي الذي ساهم

د. داود اسماعيلي

في تكوينها مفسرو القرآن الكريم، وظلّ من أبرزهم في هذا المجال السيد محمد حسين طباطبائي في كتابه الهام “الميزان في تفسير القرآن” الذي عدّه هو موسوعة بحثيّة أكثر من مجرد تأويل لمضامين الآيات الكريمة، بحيث عقد بحثًا مقارنًا قدّم فيه الإسلام على أنّه المثال الأبرز على نجاح النظريَّة الاجتماعيّة في تشريعها الإلهي.

 

وهذا البحث وإن كان يلتقي في بعض جوانبه الاجتماعيّة مع بحثنا إلّا أنّه بحث عام حول النّظريّة الاجتماعيّة عند العلامة الطباطبائي بينما بحثنا خاص خول العلاقات الاجتماعيّة في تفسير الميزان.

  1. مقالة: النزعة الاجتماعيّة فی المیزان فی تفسير القرآن (گرایش اجتماعی در المیزان فی تفسیر القرآن)، للباحثة فاطمة حسینی میر صفی، اندیشه علامه طباطبایی، السنة الأولی، الرقم الأول، 1393. حاول هذه البحث دراسة النّزعة الاجتماعیّة من منظور العلامة الطباطبایی و ذکر فیه بعض الأسس والمباني النّظریّة للفکرة الاجتماعیّة فی تفسیر المیزان وأیضًا أشارت الی خصائص النّزعة الاجتماعیّة فی هذا التفسیر.

وهذه المقالة وإن كانت تلتقي مع دراستنا في الحديث عن الجانب الاجتماعي في تفسير الميزان إلّا أنّها تختلف في تخصص دراستنا بموضوع العلاقات الاجتماعيّة في تفسير الميزان وهذا ما تفتقده الدراسة المذكورة.

  1. مقالة: عدم المساواة الاجتماعیّة من وجهة نظر القرآن الکریم علی أساس تفسیر المیزان (نابرابری اجتماعی از دیدگاه قرآن کریم با تأکید بر تفسیر المیزان)، للباحثين صادق گلستانی، وسید حسین شرف الدین، معرفت فرهنگی اجتماعی، النسخة الثالثة،1391. في هذا المقال يبحث المؤلفون عن دراسة آراء علماء الاجتماع من منظور القرآن الكريم، واستخدموا فی دراستهم الآراء التّفسيريّة للعلامة طباطبائي فی تفسیر المیزان لکن لوجود الوجهة المقارنة و التطبیق فی هذا المقال لم یبحثوا عن العلاقات و النزعات الاجتماعیة فی فکرة الطباطبایی بشکل خاص بل درسوا هذا التفسیر علی حسب
    . د.محمدرضا حاجی اسماعیلی

    قرابة المسائل المطروحة فی مباحث علم الاجتماع.

 

1.   مفهوم الأسرة لغةً واصطلاحًا

الأسرة فی اللغة کلمة «الأسرة» من «الأَسر» وهو إحكام الربط وقوته، ولذا قال الخلیل فی کتابه العین «أَسَرَ فلانٌ فلانًا: شَدَّهُ وَثَاقا»(فراهیدی، 1409، 7،: 294) وقال بعض اللغویین فی تفسیرها: الأسرة، بالضَّمِّ: الدِّرْعُ الحَصِينَةُ(مرتضی زبیدی، 1414، 6: 23) وقال بعضهم: الأسرة عشيرة الرّجل وأهل بيته لأنه يتقوّى بهم(ابن اثیر،1367، 1: 48). وأحیانًا تطلق على الجماعة يربطها أمر مشترك (إبراهیم انیس، 1989، 1: 17).

والأسرة في الاصطلاح هي تلك الوحدة النّاتجة من عقد يفيد ملك المتعة مقدرًا، أيّ يراد به استمتاع كل من الزوجين بالآخر على الوجه المشروع، ويجعل لكل منهما حقوقًا وواجبات على الآخر (محمد عقلة، 1989، ص17). وهي الوحدة الأولى للمجتمع وأولى مؤسساته التي تكون العلاقات فيها في الغالب مباشرة

ويحصل داخلها تنشئة الفرد اجتماعيًا، ويكتسب فيها الكثير من معارفه ومهاراته وميوله وعواطفه واتجاهاته في الحياة ويجد فيها أمنه وسكنه. وعرفها بعض بأنَّها رابطة اجتماعية تتكون من زوج وزوجة وأطفالهما وتشمل الجدود والحفدة وبعض الأقارب على أنْ يكونوا مشتركين في معيشة واحدة (محمد عقلة، 1989، ص18). كما تُعرَّف أنَّها النّظام الاجتماعي الذي ينشأ عنه أول خلية اجتماعية تبدأ بالزوجين، وتمتد حتى تشمل الأبناء والآباء والأمهات والإخوة والأخوات والأقارب جميعًا (حسن الکریم، 2011، ص 32). كما عرّفتها د. سناء الخولي أنَّها جماعة اجتماعيّة أساسية ودائمة ونظام

د.علي بنائیان اصفهاني

اجتماعي ورئيس، وهي ليست أساس وجود المجتمع فحسب، بل الأخلاق والدعامة الأولى لضبط السلوك والإطار الذي يتلقى منه الإنسان أول دروس الحياة الاجتماعيّة (سناء الخولی، 1972، ص1). كما تعرّف الأسرة في العرف الاجتماعي السائد بأنَّها المجموعة الصغيرة والمكوّنة من الزوجين والأبناء، أساسها الزوجان المكوّنان من رجل وامرأة، وهما اللذان يقومان بالدّور الأساس والفعّال في التكوين والتّنظيم والرّقابة من البداية إلى النّهاية (حسن أیوب، 1422، ص 198). ويعرّف نظام الأسرة أنَّه تلك الأحكام والمبادئ والقوانين التي تتناول الأسرة بالتنظيم بَدْءًا من تكوينها مرورًا بقيامها واستقرارها وانتهاءً بتفرقها، وما يترتب على ذلك من آثار تؤدِّي إلى إرسائها على أسس متينة تكفل ديمومتها وإعطاءَها الثّمرات الخيّرة المرجوّة منها (حسن أیوب، 1422، ص 198).

يستنتج الباحث من ذلك أنّ مدار تکوین الأسرة في هذه التّعاریف جمیعها وجود زوج (یعني الرجل والمرأة) مع العلاقة الشّرعیّة بینهما یبتنی علیها بعض الرّوابط فی إطار خاصة یدور معها اشتراکهما فی المعیشة، والمنافع ویمکن أنّ یکون لهما الأبناء والحفدة وبعبارة أخری إن الأسرة هي: الوحدة الاجتماعيّة الأولى والبنية الأساسية التي ترعى نمو الطفل، وهي لهذا اشتملت على أقوى المؤثرات التي توجه نحو السلم كما يمكن للباحث القول إنَّ مفهوم الأسرة يشمل: الزّواج، والتّناسل، وتربية الأولاد. وأنْ يكون الزواج بين رجل وامرأة برباط شرعي لا أنْ يتمّ بين أيّ شخصين ـ كما سيرد في مضامين الوثائق الدّوليّة ـ وينظر الإسلام للأسرة على أنّها نواة المجتمع والمكوّن الأساسي له، والبيئة الاجتماعيّة الأولى التي ينشأ فيها الإنسان فتؤثر عليه سلبًا أو إيجابًا.

 

2.     الروابط الأُسريّة في النصوص القرآنيّة من منظور العلّامة الطباطبایی

لم ترد لفظة الأسرة في القرآن الكريم، ووردت في الحديث النبوي في موضع واحد- في ما نعلم- علی لسان الشاب الیهودي فی حین محاورته مع النبي([5])؛ مع هذا نری أن القرآن الكريم والسُنّة النّبويّة ركزا على لفظ الأهل، قال تعالی: ﴿فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا﴾ [النساء:35]، وقال الرّسول الله صلى الله عليه وسلم: «خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي». والجدير بالذّكر أن عدم استعمال لفظة “الأسرة” فی القرآن الكريم والسُنة النّبويّة لا يعني عدم وجود مضمونها وأحكامها وواقعها، بل هي موجودة مضمونًا وواقعًا وأحكامًا لأن القرآن الكريم والسُنة النّبويّة ركزا على معنى الزّواج والتزويج وما يتعلق بهما من الأحكام والحقوق للدّلالة على معنى الأسرة. ولهذا نری أن كتب الفقه القديم وضعوا أبوابًا مختلفة فی الفقه بعناوین الخطبة والمهر، والزواج والنّفقات والنّسب والحضانة والرّضاع والوصيّة والميراث والطلاق كل ذلك للتأكيد على مفهوم الأسرة وأهميتها ومكانتها.

ويرى العلامة الطباطبائي أن عنصري المودة والرّحمة هما الرابطة الأساسيّة التي ينبغي أن تحكم أفراد الأسرة، فالرّحمة هي نوع من التأثر النّفساني الذي ينشأ من مشاهدة حرمان عن إكمال وحاجته إلى رفعه نقصه، فالوالدان يرحمان الصّغار لما يريانه من “ضعفهم وعجزهم عن القيام بواجب العمل لرفع الحوائج الحيوية فيقومان بواجب العمل في حفظهم وحراستهم وتغذيتهم وكسوتهم وإيوائهم وتربيتهم ولولا هذه الرحمة لانقطع النسل ولم يعش النّوع قط (الطباطبایی، 1417، 16: 165) ومن هنا نفهم تأكيد الطباطبائي على عنصري المودة والرّحمة لما فيه من نفع في حفظ الرباط الأسري وصيانة الأسرة من الانحراف.

ويذهب الطبابطائي إلى أنّ المودة والرحمة يبعثان على الاجتماع المدني بمعنى يقويان الأواصر، وهذا يترتب عليه بقاء النّوع، وقد يبعث الإنسان على أن يستكمل حياته في الدنيا والأخرة، “وهو من عجائب الآيات الإلهية في تدبير أمر هذا النّوع على ما يبهر به عقولهم و تدهش به أحلامهم (الطباطبایی، 1417، 16: 165). وهو يرى أنّ المودة والرّحمة الباعثتين على الاجتماع المدني وما يترتب على هذا الاجتماع من بقاء النوع واستكمال الإنسان في حياتية الدنيا والأخرى عثروا من عجائب الآيات الإلهية في تدبير أمر هذا النوع على ما يبهر به عقولهم وتدهش به أحلامهم.

وتبدأ الأسرة بذلك الرّباط الوثيق والميثاق الغليظ بين الرجل والمرأة عن طريق الزّواج الشّرعي. مع هذا أنّ البحث عن الأسرة وفهمه من منظور القرآن یبتنی علی عدة أمور تالیة، نذکرها باختصار مع التّرکیز علی تفسیر المیزان:  

2.1.     الأسرة و مکانتها في القرآن الكريم

يبدأ القران الكريم بإقامة المجتمع الطاهر النّظيف بضمير الفرد، فيطهر عقيدته ونفسه، ويسمو بدوافعه، ويوزع طاقاته بين الأرض والسّماء وبين الدّنيا والآخرة، وبيان الحاضر والآتي، ويتعهده بفرائض تروضه على الحياة النّظيفة والخلق الكريم.

والأسرة هي الوحدة الأولى في المجتمع، والبيئة الصغيرة للفرد ولهذا أقامها القرآن الكريم على أساس من الحقّ والعدل والإحسان، وأحاطها بفيض من البرّ والمواساة والحب، أذن تربية أسر على قواعد القرآن الكريم وتعاليمه، له الأثر البالغ، والعامل النفسي الكبير في التعامل مع معطيات المجتمع بما يريد الله عز وجل، ولا يكون ذلك إلا بتوخي المبادئ القوية التي يشاد عليها صرح الأسرة، وتضمن بقاءها ونموها، قوية مثمرة، ثم بقوة الهيمنة على تلك المبادئ ومراقبة تنفيذها(محمد شدید، 2007، ص 152).

والأسرة في الإسلام وحدة واحدة شديدة التماسك قوية الأواصر، فينبغي أن يكون هناك تعاون تام بين أفرادها، ويلزم أن يعرف كل منهم حقوقه وواجباته، بل إنّ الإسلام يذهب إلى مدى أعمق من الحقوق والواجبات، فهو يحث على الحبّ وعلى الإيثار بين إفراد الأسرة، وهذا هو القرآن الكريم يوضح درجات الأسرة في الحب والقربى قال تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِه فَتَرَبَّصُوا حَتَّىٰ يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ …﴾(التّوبة 9: 24) إذ يرى السيد الطباطبائي في تفسير الميزان إنّه قد التفت من مخاطبتهم إلى مخاطبة النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إيماء إلى الإعراض عنهم لما يستشعر من حالهم أن قلوبهم مائلة إلى الاشتغال بما لا ينفع معه النّهي عن تولي آبائهم وإخوانهم الكافرين، وإيجاد الدّاعي في نفوسهم إلى الصّدور عن أمر الله ورسوله، وقتال الكافرين جهادًا في سبيل الله وإن كانوا آباءهم وإخوانهم والذي يمنعهم من ذلك هو الحبّ المتعلق بغير الله ورسوله، والجهاد في سبيل الله، وقد عد الله سبحانه أصول ما يتعلق به الحبّ النّفساني من زينة الحياة الدّنيا، وهي الآباء والأبناء والإخوان والأزواج والعشيرة – وهؤلاء هم الذين يجمعهم المجتمع الطبيعي بقرابة نسبيّة قريبة أو بعيدة أو سببية – والأموال التي اكتسبوها وجمعوها، والتّجارة التي يخشون كسادها والمساكن التي يرضونها ــ وهذه أصول ما يقوم به المجتمع في المرتبة الثانية (الطباطبایی، 1417، 3: 114). وهذا يبين حب الله ورسوله والجهاد في سبيله يسبق كلّ حبّ ثم يأتي بعده حب أفراد الأسرة على النّمط الذي أوردته الآية(شلبی، 2006، ص 105).

نستنتج من ذلك ان الإسلام أهتم بالأسرة لأنها أساس المجتمع، وأدلّ شيء على مقدار احترام الإسلام للأسرة، أنّ القرآن الكريم لم يتعرض لبيان الأحكام في ناحية من نواحي المجتمع كما بين أحكام الأسرة، فقد تكلم في المقام الأول في بنائها وهو الزّواج؛ فذكر كثيرًا من أحكام الزّواج في الإنشاء في الأحكام المترتبة على العقد فبين حقوق الزّوجين، والواجبات التي لكل واحد منهما على الآخر، والقرآن الكريم لما بين أحكام الأسرة عناية منه بأحكامها، ولكي تكون دائمة باقية لا يرتاب في جزء منها مرتاب ولا ينحرف عن أحكامها منحرف، ولا يتأول لها متأول بغير ما أنزل الله سبحانه، ولكي لا يبتعد الناس من تقليد غيرهم في أمر الأسرة، ويطمئن كل من يخضع إلى الحكم الإسلامي، إلى أنّها أحكام الله عزّ وجلّ لا مناص له في الخروج عليها، إلا إذا خرج عن الإسلام.

 

2.2.   أسس اختيار الزوجة: قد دلنا القرآن الكريم في محيط الأسرة على حسن اختيار الزّوج والزّوجة، ومعالجة نشوز الزوجة، وأنّه شرع العلاج الوقائي، قبل معالجة إصلاح الخلافات خوفًا من الشقاق وانهيار الحياة الزوجيّة التي يحرص القرآن الكريم على بنائها واستدامة بقائها (ابوزهره، 2002، ص 69). کما أنّ القرآن الكريم أرشد إلى نكاح الصالحين، وإذا كانت نية الزواج صادقة، كان الإغناء والتيسر والتوفيق من الله عز وجل، كما في قوله تعالى: ﴿وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾ (النور 24، 32). نعم يرى السيد الطباطبائي في تفسير الميزان أنّ المّراد بالصالحین الصالحون فی التزویج لا الصالحون فی الاعمال (الطباطبایی، 1417، 15: 122) لکن لا ینافي هذا مع أنّ الشّخص صالح العمل لأنّ الصّالح فی أعماله یتعامل مع غیره (من زوجه أو سائر أفراد المجتمع) وفقًا للمصالح العامة و مطابقًا للشّریعة. ویقول فی تفسیر آیه 38 من سورة النور ﴿لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ الظاهر في لام “ليجزيهم” للغاية والذي ذكره الله في خلال الكلام هو أعمالهم الصالحة، والأجر الجميل على كل صالح مما ينص عليه كلامه تعالى فقوله: إنّه يجزيهم أحسن ما عملوا معناه أنّه يجزيهم بإزاء عملهم في كل باب جزاء أحسن عمل في ذلك الباب، ومرجع ذلك إلى أنّه تعالى يزكي أعمالهم فلا يناقش فيها بالمؤاخذة في جهات توجب نقصها، وانحطاط قدرها فيعد الحسن منها أحسن(الطباطبایی، 1417، 18: 139)؛ فیمکن أن نقول: إذا کان نتیجة الأعمال الصالح في المجتمع هی الجزاء الحسن والأجر الجمیل فبطریق الأولی یستحق الشخص هذا الأجر إذا بنی أسرته علی الزواج مع الصالحین والعمل الصالح. ولذا قال السید قطب حول أهمیّة الزواج و تشکیل الأسرة: الزواج هو الطريق الطبيعي لمواجهة الميول الجنسيّة الفطرية. وهو الغاية النّظيفة لهذه الميول العميقة، فيجب أن تزول العقبات من طريق الزواج لتجري الحياة على طبيعتها وبساطتها، والعقبة المالية هي العقبة الأولى في طريق بناء البيوت، وتحصين النّفوس، والإسلام نظام متكامل، لذلك يأمر الله الجماعة المسلمة أن تعيّن من يقف المال في طريقهم إلى النّكاح الحلال، ولا يجوز أن يقف الفقر عائقًا عن التّزويج متى كانوا صالحين للزواج راغبين فيه، فالرزق بيد الله عز وجل وقد تكفل الله بإغنائهم، إن هم اختاروا طريق العفّة النظيف (سید قطب، 1405، 4: 251).

وبالطبع إنّ تكوين الأسرة هو الزواج، كما في قوله تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَ﴾(الروم 30: 21)، إذ يرى السيد الطباطبائي في تفسير الميزان أنّه خلق لأجلكم – أو لينفعكم – من جنسكم قرائن وذلك أن كل واحد من الرجل والمرأة مجهز بجهاز التناسل تجهيزًا يُفعّل بمقارنة الآخر، ويحصل بمجموعهما أمر التّوالد والتناسل فكل واحد منهما ناقص في نفسه مفتقر إلى الآخر ويحصل من المجموع واحد تام له أن يلدّ وينسل، ولهذا النّقص والافتقار يتحرك الواحد منهما إلى الآخر حتى إذا اتصل به سكن إليه لأنّ كل ناقص مشتاق إلى كماله، وكل مفتقر مائل إلى ما يزيل فقره وهذا هو الشبق المودع في كل من هذين القرينين (الطباطبایی، 1417، 7: 218) فالزّواج حق مشروع للرجل، والمرأة متى بلغا سنّ الزواج، لأنّه العامل في تحصين النّفس، وتزكيتها، وصد جماحها، فيه يهدأ البدن من الاضطراب وتسكن النّفس من معترك الصراع الأليم، وهذا ما صورته الآية أعلاه (الکبیسی، 1987، ص193).

على أساس أنّ الزواج يقوم على نية العشرة الدائمة التي لا تنقطع، وذلك لتحقيق الثمرة منه والتي تتلخص في “السكينة” و”المودة والرحمة” و “التفكير في آية هذا الزواج” وعلى هذا الأساس، فإنّ الزواج يحقق الجو الصالح لعملية التنشئة الاجتماعيّة (محمد علی حسن، 1970، ص 142).

يستنتج الباحث من ذلك ان بناء الأسرة يعتمد على أسس وأركان إذا كانت صالحة تبنى الأسرى بصلاح؛ وإذا كانت هذه الأسس غير صالحة فلا يكتب الصلاح لهذه الأسرة والأسس التي تقوم عليها الأسرة يمكن أن نذكر أهمها وهي الزوج والزوجة والأولاد.

 

3.    دور الأبوين حسب النص القراني

نظرًا الی ما قدمناه من أن الزواج تتحقق بالعقد الشّرعي بین الرجل و المرأه وهما الرّکنین فی الأسرة لکن قد ینشأ من هذا الزواج الأولاد، یمکن أن نرجع الی القرآن لنری ما هو المکانة القرآنیّة لکل واحد من هذه الثلاثة (الرجل أو الأب، المرأة أو الأم، الأولاد) وما هو الوظائف والحقوق لهم. من هنا نتبع الآیات لنکشف الأجوبة القرآنیّة حولها:

 

3.1.  دور الأب

الأصل في القرآن قوامة الرجل على أسرته کما نری فی قوله تعالى: ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ … ﴾ (النّساء 4: 34)، والآية الكريمة بينت أسباب هذه القوامة، فالأول: وهبي لقوله تعالى: ﴿بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ﴾ في العقل والتدبير والطبع…، والثاني كسبي لقوله تعالى: ﴿ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ﴾، لأنّ الرّجل هو الذي يؤدي المهر وهو الذي يتكلف بكفالة زوجته والذب عنها والنفقة عليها.
والعلاقة بين القوامة والولاية أن القوامة أخص من الولاية فكل قوامة هي ولاية، وليس كل ولاية قوامة ولذلك فإن الولاية من مظاهر القوامة (الطریحی، 2006، ص 142).
یجب أن ندقّق فی هذه التعبیر یعنی “القوّامة”: فلسفة قرآنية دقيقة ورقيقة وعميقة وواسعة الدلالة، وفي خصوص الحياة الزوجية الكفوءة وهي مفاهيم حركية اجتماعية مهمة، بل بالغة الأهمّيّة في العلاقة ما بين الزوجين. والقوّامة: جديرة بالاهتمام في تعليمها للرجال والنساء، وهي أخطر من أن تتحكم فيها الأهواء, والشّهوات والجهالات والعصبيات والعشائريات. والعبرة في”القوّامة” ليس بمفهومها العام، وإنّما العبرة بالتفاصيل، والشيطان يكمن فيها، والجاهل يخفق في التّطبيقات(نوح، 1413، ص17).هذه النّظرة القرآنيّة الاجتماعيّة الحركيّة الفلسفيّة النّموذجيّة البليغة، ينبغي أن نرتفع الى مستواها اللائق، ونتعلم منها، فإنّها مائدة الله تعالى الغنية، الكافية الوافية الشّافية.

يرى السيد الطباطبائي في تفسير الميزان أنّ القيّم هو الذي يقوم بأمر غيره، والقوام والقيام مبالغة منه، والمراد بما فضل الله بعضهم على بعض هو ما يفضل ويزيد فيه الرجال بحسب الطبع على النساء، وهو زيادة قوة التعقل فيهم، وما يتفرع عليه من شدة البأس والقوة والطاقة على الشّدائد من الأعمال ونحوها فإن حياة النساء حياة إحساسية عاطفية مبنية على الرقة واللطافة، والمراد بما أنفقوا من أموالهم ما أنفقوه في مهورهن ونفقاتهن(الطباطبایی، 1417، 8: 236). هنا نکتة اخری حول دلالة الآیة علی حسب رأی العلامة وهی ان قوله: «الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ» غير مقصور على الأزواج بأن يختص القوامية بالرجل على زوجته بل الحكم مجعول لقبيل الرجال على قبيل النساء في الجهات العامة التي ترتبط بها حياة القبيلين جميعا فالجهات العامة الاجتماعيّة التي ترتبط بفضل الرجال كجهتي الحكومة والقضاء مثلا اللتين يتوقف عليهما حياة المجتمع، إنما يقومان بالتعقل الذي هو في الرجال بالطبع أزيد منه في النساء، وكذا الدفاع الحربي الذي يرتبط بالشدة وقوة التعقل كل ذلك مما يقوم به الرجال على النساء(الطباطبایی، 1417، 8: 237).

3.2.   دور الأم

الزواج حق مشروع للرجل، والمرأة متى بلغا سن الزواج، لأنه العامل في تحصين النفس، وتزكيتها، وصد جماحها، فيه يهدأ البدن من الأضطراب وتسكن النفس من معترك الصراع الأليم، وهذا ما صورته الآيات خاصة آیة 32 من سورة النور: « وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ»(النور 24: 32).

على أساس أن الزواج يقوم على نية العشرة الدائمة، التي لا تنقطع، وذلك لتحقيق السكينة والمودة والرحمة وعلى هذا الأساس، فإن الزواج يحقق الجو الصالح لعملية التنشئة الاجتماعيّة(محمد علی حسن، 1970، ص142).

وبهذا حدد القران الكريم علاقات الأسرة، ودور كل فرد سواء بين الزوجين، أو الأولاد ولكن؛ ما العمل إذا أصاب هذا البنيان صدع أو ريح تكاد تودي به كما في حالات النشوز؟ يحدد القران الكريم أسلوب العلاج، الذي يتلخص ذیل هذه الآیة و یقول: «فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً (النساء 4 : 34). فالموعظة الحسنة والهجر في المضجع والضرب غير المبرح یکون العلاج القرآنیة علی ما حددته سورة النساء.

يستنتج من ذلك ان قوله تعالی فی صدر الآیة «الرجال قوامون على النساء» ذو إطلاق تام، وأما قوله بعد: « فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ … » الظاهر في الاختصاص بما بين الرجل وزوجته على ما سيأتي فهو فرع من فروع هذا الحكم المطلق وجزئي من جزئياته مستخرج منه من غير أن يتقيد به إطلاقه؛ كما أن الغرض الذي نستخلصه من أسلوب القرآن الكريم هو:

أ- إصلاح ذات البين وتقوية العلاقة بين الرجل والمرأة في ما يكون لصالحهما.

ب- الإصلاح وحسم النزاع بينهما في بداية الأمر وخاصة داخل نطاق محدود كالأسرة.

جـ- القرآن الكريم قدم الأساليب والوسائل للإصلاح لكلا الطرفين إذا تعذرت هذه الطرق وحالت الحياة الزوجية من الاستمرار ارشد إلى الطلاق.

فالسكن والرحمة والمودة هو ما يؤديه إشباع الحاجة الجنسية بالزواج فأقر الإسلام مشروعيته. ومن الواضح أن الزنا يؤدي نفس الإشباع الجنسي لكن الإسلام لا يعترف به حاجة فلو كانت الحاجة في نظر الإسلام مجرد الإشباع بصرف النظر عن الآثار والمقاصد لكان المفروض أن يعترف به، لأنه يؤدي هذا الإشباع ولكن الحقيقة أن الإسلام ينظر في الحاجة إلى آثارها على الفرد والمجتمع، ومن ثم فهو يحرم الزنا ويصفه بأخبث الأوصاف « وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلا» (الاسراء 17: 32).

وهذا هو شكل الخلية الأولى للأسرة أساساً للنظام الاجتماعي، الذي حدده القرآن الكريم، ووضع له أسساً وقواعد ابتداء بالزواج، وما يتخلله من أمور وحوادث حتى يكون دور الأسرة فاعلاً بما يترتب عليه من آداب القرآن الكريم الذي وضح دور المجتمع الذي هو عبارة عن مجموعة الأسرة (التومی الشیبانی، 1988، ص116 ــ 118).

ولم يقبل لهذه العلاقة أن تفصل حتى في حال الكراهية كما في قوله تعالى «وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا»(النساء 4: 19)، اذ يرى السيد الطباطبائي في تفسير الميزان ان المعروف هو الأمر الذي يعرفه الناس في مجتمعهم من غير أن ينكروه ويجهلوه، وحيث قيد به الأمر بالمعاشرة كان المعنى الأمر بمعاشرتهن المعاشرة المعروفة بين هؤلاء المأمورين، والمعاشرة التي يعرفها الرجال ويتعارفونها بينهم أن الواحد منهم جزء مقوم للمجتمع يساوي سائر الأجزاء في تكوينه المجتمع الإنساني لغرض التعاون والتعاضد العمومي النوعي فيتوجه على كل منهم من التكليف أن يسعى بما في وسعه من السعي فيما يحتاج إليه المجتمع فيقتني ما ينتفع به فيعطي ما يستغني عنه ويأخذ ما يحتاج إليه فلو عومل واحد من أجزاء المجتمع غير هذه المعاملة وليس إلا أن يضطهد بإبطال استقلاله في الجزئية فيؤخذ تابعا ينتفع به ولا ينتفع هو بشيء يحاذيه، وهذا هو الاستثناء، وقد بين الله تعالى في كتابه إن الناس جميعا – رجالا ونساء – فروع أصل واحد إنساني، وأجزاء وأبعاض لطبيعة واحدة بشرية، والمجتمع في تكونه محتاج إلى هؤلاء كما هو محتاج إلى أولئك على حد سواء (الطباطبایی، 1417، 4: 150).

ومن خلال ما تقدم نستنتج أن القرآن الكريم عندما وضع هذه الأسس والمبادئ الدقيقة لتكوين الأسرة، هدفهُ إنشاء مجتمع صالح متمسك بمنهج الله عز وجل ومع هذا لمس القرآن الكريم المناطق الحساسة في النفس الإنسانية ووضع لها العلاج الناجح والخطوات الدقيقة في بناء الأسرة. ودعا الأسرة إلى الإلتزام بالمودة والمحبة والعدالة والتكامل، حتى لا تصطلي الأسر بنار الخلاف، أو الفرقة البغيضة. وفي جو كهذا يستطيع الفرد أن يحقق ذاته، ويحقق رغبة الاستعلاء في نفسه، دون أن يضطر للنزاع الفردي، ففي المجال متسع وفي الأرض سعة (عبدالرحیم، 2001، ص108).

والقرآن الكريم، ينتقل بالمجتمع والفرد والأسرة من محيط الغفلة والكسل والسلبية إلى مرحلة النشاط والعمل والإيجابية، والخير ضد الشر، وخير الناس من بدأ بإصلاح نفسه، قبل أن يتصدى لإصلاح غيره، ورسول الله(ص) يقول: خيركم خيركم لأهله (ابن ماجة، 2009، 1، 636).

3.3.   دور الأبناء

ينتقل القرآن الكريم إلى جانب آخر مهم في الأسرة، وهو أتجاه التكافل بين الوالدين والأبناء، ويبرز حقوق الآباء ويلزم الأبناء تجاههم بمسؤوليات دقيقة لا يمكن تجاوزها، كما في قوله تعالى «وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أو كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلا كَرِيمًا» (الاسراء 17: 23)، لذا يرى السيد الطباطبائي في تفسير الميزان أن الرابطة العاطفية المتوسطة بين الأب والأم من جانب والولد من جانب آخر من أعظم ما يقوم به المجتمع الإنساني على ساقه، وهي الوسيلة الطبيعية التي تمسك الزوجين على حال الاجتماع فمن الواجب بالنظر إلى السنة الاجتماعيّة الفطرية أن يحترم الإنسان والديه بإكرامهما والإحسان إليهما، ولو لم يجر هذا الحكم وهجر المجتمع الإنساني بطلت العاطفة والرابطة للأولاد بالأبوين وانحل به عقد الاجتماع (الطباطبایی، 1417، 2: 278). وهذا نظیر ما قاله في سورة الانعام «قُلْ هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمْ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ هَذَا فَإِنْ شَهِدُوا فَلا تَشْهَدْ مَعَهُمْ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَهُمْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ*قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا» (الانعام 6: 150 و 151).

وتأتي التوصية القرآنيّة بالأم، وكيف حملت بالابن؟ وتحملت في ذلك الآلام والأوجاع، كما في قوله تعالى«وَوَصَّيْنَا الإنسان بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهً» (الاحقاف 46: 15).

ونجد الصورة الثانية من الحالة وهي حقوق الأولاد تجاه الأباء فالإنسان قد يبلغ في حب أولاده، حتى يفتن بهم، أو يركب الشطط من أجلهم، نجد القرآن الكريم يحذر من الانحراف حتى لا يسير الإنسان وراء غريزته دون هدى أو بصيرة، كما نلمسه في قوله تعالى «الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلا» (الکهف 18: 46) فيلفت نظرنا القرآن الكريم أن المال والبنين زينة وليس قيمة، إنما القيمة الحقة للباقيات الصالحات من الأقوال والعبادات، فإذا كان أمل الناس عادة يتعلق بالأموال والبنين، فإن الباقيات الصالحات خيرُ ثواباً وخير أملا.

4.    الآثار الدّنيويّة والأخروية المترتبة على الروابط الأُسريّة

مضافا علی ما قدمناه من العلاقات الأُسريّة للآب و الأم و الأولاد نری أن القرآن ذکر آثارا خاصه للآسرة بعضها یتمثل فی الدنیا وبعضها فی الآخرة.

4.1.    الآثار الدّنيويّة

لا شك ان بناء الأسرة يعتمد على اسس واركان اذا كانت صالحة تبنى الاسرى بصلاح واذا كانت هذه الاسس غير صالحة فلا يكتب الصلاح لهذه الأسرة وذکرنا ان الاسس التي تقوم عليها الأسرة هي الزوج والزوجة والاولاد. علی هذا أنهم جماعة تجمعهم دار واحدة، تقتضي شؤون الحياة أن يختلط بعضهم ببعض اختلاطاً متكرراً، فلا يتحاشى الولد أن يدخل على أحد أبويه في خلوته دون أن يلتفت إلى استئذان في كل مرة لما له من أمر صعب وشاق في كل لحظة. والحال ان للكل امرئ في خلوته شأن خاص يكره أن يطلع عليه غيره. فهو يضع الثياب أو التخفيف من تحشمه، ويتبسط في شؤونه الشخصية، ويتخذ في جلوسه ونومه الهيئة التي تريحه، فما موقف الدين إذا دخل عليه خادم أو ابن مميز وهو على هذه الحال؟

أجابنا القرآن الكريم فی سورة النور: «يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمْ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنْ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ الآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ وَإِذَا بَلَغَ الأَطْفَالُ مِنْكُمْ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ» (النور 24: 58 و 59». اذاً ان القرآن بهذا البیان نظم حياة الأسرة؛ قال أولاً: «يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا» (النور 24: 27). فأمر الجميع بالاستئذان على غير بينه في جميع الأوقات وذلك أمر ممكن وواجب أما في الأسرة الواحدة فصعب تحققه لشدة الاختلاط وتشابك الأعمال لذلك حدد أوقات للاستئذان ترشدنا إلى تنظيم الحركة والتجوال داخل البيت بالشكل الذي يرتضيه الأبوان شرعاً ولا يؤدي إلى السوء والحرج (الطباطبایی، 1417، 8: 324). كما حدد من يجب عليه الاستئذان فقال: «لِيَسْتَأْذِنْكُمْ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ …» (النور 24: 58). وقد خص القرآن الكريم هذه اوقات الثلاثة (قبل صلاة الفجر، حين تضعون ثيابكم من الظهيرة ، من بعد صلاة العشاء) وسماها أوقات عورة لأنها أوقات انكشاف وطرح للاحتشام (المراغی، بی‌تا، 6: 131). وقد جاءت هذه الآيات بالتشريعات الآتية؛ الاول: على الخدم والأطفال الذين لم يحتلموا أن يستأذنوا على اولياء أمورهم في هذه الأوقات الثلاثة التي هي مظنة كشف العورات لجريان العادة بتخفيف الناس فيها من الثياب (القرطبی، 1964، 12: 303). والثانی: إذا انتهت هذه الأوقات رفع الحرج عن السادة والخدم والأطفال وأُبيح دخولهم عليهم بدون استئذان لما في ذلك من حرج في الاستئذان عند كل دخول وخروج ومن المعهود أن الصغير هو ممن يكثر دخوله وخروجه لذا يُعد من الطوافين(ابن العربی، 1408، 3: 139).

مع هذا ان للمفسرین اقوال مختلفة فی بیان الحكمة من تشريع الاستئذان ، فبعضهم یقول: إن الإسلام لا يعتمد على العقوبة في إنشاء مجتمعه النظيف، إنما يعتمد قبل كل شيء على الوقاية ، وهو لا يحارب الدوافع الفطرية ولكن ينظمها ويضمن لها الجو النظيف الخالي من المثيرات المصطنعة والفكرة السائدة في منهج التربية الاسلامية في هذه الناحية ، هي تضييق فرص الغواية وإبعاد عوامل الفتنة ، وأخذ الطريق على أسباب التهيج والآثارة. مع إزالة العوائق دون الاشباع الطبيعي بوسائله النظيفة المشروعة ومن هنا يجعل للبيوت حرمة لا يجوز المساس بها، فلا يفاجأ الناس في بيوتهم بدخول الغرباء عليهم إلا بعد استئذانهم وسماحهم بالدخول، خيفة أن تتطلع الأعين على خفايا البيوت وعلى عورات أهلها وهم غافلون(فضل الله، 1419، 3: 455) ویعضهم الآخر یشیرون الی ان الله سبحانه وتعالى خصص النازل بالمنازل وسترهم فيها عن الابصار وملكهم الاستمتاع بها على الانفراد وحجر على الخلق أن يطلعوا على ما فيها من خارج أو يلجوها بغير إذن أربابها، لئلا يهتكوا أستارهم ، ويبلوا في أخبارهم(ابن العربی، 1408، 3: 358). و بعضهم یعتقدون بأن الحكمة الرئيسية التي من أجلها شرع الاستئذان هي أن دخول البيوت بغير إذن قد يؤدي إلى أن يقع نظر الداخل على ما لا يحل ، أو يطلع على ما يكرهه أهل البيت لاطلاع عليه(طوسی، بی‌تا، 3: 147). لذا كان هذا التشريع للحيلولة دون نشوء المفاسد في المجتمع أصلاً، واستئصال الأسباب التي تظهر لأجلها مثل هذه المفاسد وذلك باصلاح طرق المدنية والحياة الاجتماعيّة. لأن الشريعة الإسلامية ليست بمحتسبة للناس فحسب، بل هي ناصحة لهم ومصلحة لمفاسدهم ومساعدة لهم على تذليل مشاكلهم أيضاً، فتستخدم كل ما يؤثر فيهم من التدابير التعليمية، والخلقية والاجتماعيّة حتى تأخذ بأيدي الناس في اجتناب السيئات والموبقات(مودودی، بی‌تا، ص 140). کل هذه الحِكم المذکورة تدل على أن الإسلام ضمن في تشريعاته وبصورة لا تدع مجالاً للشك مدى حرصه على ضمانة الأمن والاستقرار والسلام والكرامة للناس خاصة فی الأسرة بشکل یمکن ان نقول: آداب الاستئذان التي شرعتها سورة النور هي بالدرجة الأساس شرعة لتنظيم المجتمع وتطهير أفراده من الدنايا والشرور، وتنظيم سلوك البشر مع الآخرين بما يجب أن يتحلى به من آداب البيوت في المجتمع.

 

4.2.   الآثار الأخروية

إن الذي يقتضيه العدل الاجتماعي ويفسر به معنى التسوية أن يعطى كل ذي حق حقه وينزل منزلته، فالتساوي بين الأفراد والطبقات إنما هو في نيل كل ذي حق خصوص حقه من غير أن يزاحم حق حقا، أو يهمل أو يبطل حق بغيا أو تحكما ونحو ذلك، وهذا هو الذي يشير إليه قوله تعالى: «وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكُيمٌ»(البقرة 2 : 228) فإن الآية تصرح بالتساوي في عين تقرير الاختلاف بينهن وبين الرجال(الطباطبایی، 1417، 2: 188). ثم إن اشتراك القبيلين أعني الرجال والنساء في أصول المواهب الوجودية أعني، الفكر والإرادة المولدتين للاختيار يستدعي اشتراكها مع الرجل في حرية الفكر والإرادة أعني الاختيار، فلها الاستقلال بالتصرف في جميع شئون حياتها الفردية والاجتماعيّة عدا ما منع عنه مانع وقد أعطاها الإسلام هذا الاستقلال والحرية على أتم الوجوه فصارت بنعمة الله سبحانه مستقلة بنفسها منفكة الإرادة والعمل عن الرجال وولايتهم وقيمومتهم، واجدة لما لم يسمح لها به الدنيا في جميع أدوارها وخلت عنه صحائف تاريخ وجودها(الطباطبایی، 1417، 2: 189). لکن مع هذا ورد فی احکام الأسرة أن المعاشرة بالمعروف من جانب المرأة لزوجها هو احد أنواع العبادة کما هو الظاهر من بعض الروایات (ابن ماجة، 1423، 5/494) وایضا نری فی الروایات ان أكثر ما يدخل المرأة النار هو عصيانها لزوجها ، وكفرانها إحسانه إليها(الشحاذی، 1419، 3: 188).

والقرآن الكريم رسم العلاج في حالة التفاقم وشدة الخلاف وعجز الزوجين بأنفسهما عن إزالته كما في قوله تعالى «وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيرا»(النساء 4: 35)  ولذا قال السيد الطباطبائي ان الآية تشير إلى الإجمال في القول، والمبيت والنفقة وقيل هو أن تضع لها كما تحب ان تضع لك، فإذا كرهتم عشرتهن وصحبتهن وآثرتم فراقهن، فعسى الله أن يرزقكم منها ولداً صالحاً، وتتحول هذه الكراهية إلى محبة وعاشروهن بما لا ينكر الشرع والعرف والطبع، ليبقى البيت محافظاً على توازنه (خازن، 1955، 1/338)؛ اما مع نشوز المرأة و بعد الموعظة والهجر والضرب من جانب الرجل فيجب أن ينصف المظلوم من الظالم، فيبعثوا حكماً عادلاً عارفاً حسن السياسة والنظر في حصول المصلحة فان أراد تأليفاً وفق الله بينهما ويحصل ما يريدان(الطباطبایی، 1417، 5: 94).

فالقرآن الكريم في خطواته المتناسقة، رسم الحياة السعيدة الهانئة للأسرة، إنما يريد بذلك أن تعيش الأسرة في أمن نفسي واستقرار، والذي ينبغي أن يتوفر في كل نفس «إنسانية» لها مهمة تقضيها على هذه الأرض غير مهمة الحيوان؛ أما إذا أطلق الحبل على غاربه، فيكون هذا القلق الدائم هذا الضغط العصبي، هذا الجنون، هذا الانتحار. وإذا أطلقت الأسرة هذه الشهوات من دون حدود فلم تعد أسرة فيها راحة وسكن ورابطة زوجية، ولا أطفالاً يمسكون بأيديهم الرقيقة حبالها، فتتوثق وتتعمق في الوجدان (قطب، 2009، ص215).

5.    النتیجة

لقد توصلنا في هذه الدراسة المختصرة إلى الأمور التالية:

  1. إنّ أهمية الاسرة تتجلى في كونها ركناً من أركان المجتمع، ولا يمكن أن تكون هذه الأسرة سليمة إلا إذا كانت العلاقات الأُسريّة ناجحة، وهذا ما اكد عليه العلامة الطباطبائي في تفسيره الميزان.
  2. اهتمام العلامة الطباطبائي في تفسيره الميزان بموضوع العلاقات الاجتماعيّة واعتباره أحد أهم الركائز التي تحفظ الأسرة.
  3. تركيز العلامة الطباطبائي على التفسير الاجتماعي للآيات القرآنيّة التي تتحدث عن العلاقات الاجتماعيّة لاسيما بين الزوج والزوجة.
  4. يرى العلامة الطباطبائي أن تشكيل الأسرة من الزوج والزوج والأبناء يلزم جميع الأعضاء بمجموعة من الحقوق التي ينبغي مراعاتها من أجل الحفاظ على الأواصر الأُسريّة كما ينبغي مراعات الجانب الأخلاقي في التعامل بين أعضاء الأسرة.

 

المصادر

 

*القرآن الکریم

  1. إبراهيم أنيس وآخرون.( 1989ه). المعجم الوسيط. بيروت: دار إحياء التراث العربي.
  2. ابن اثير، مبارك بن محمد.(1367ه). النهاية في غريب الحديث و الأثر. قم: موسسه مطبوعاتي اسماعيليان.
  3. ابن العربی، محمد بن عبدالله.( 1408ق). احکام القرآن. بیروت ــ لبنان: دارالجیل.
  4. ابن ماجة، ابو عبد الله محمد بن يزيد القزويني.(1423هـ). السنن. بيروت ــ لبنان: دارالكتب العلمية.
  5. ابن منظور، أبو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم .(1999م). لسان العرب. بیروت: دار صادر.
  6. ابو داود، سلیمان بن اشعث.(د.ت). سنن ابی داود. بیروت: المکتبة العصریة.
  7. ابوزهره، محمد.(2002). المجتمع الانسانی فی ظل الاسلام. بیروت: دارالفکر.
  8. التومی الشیبانی، عمر محمد.(1988م). فلسفة التربیة الاسلامیة. طرابلس: دارالعربیة للکتب.
  9. حسن ایوب.(1422ق). السلوک الاجتماعی فی الاسلام. قاهره ـ مصر: دار السلام للطباعة و النشر.
  10. حسن الكريم.(2011م). الإسلام وتنظيم الأسرة. بيروت: دار المحجة.
  11. الخازن، علاء الدين علي بن محمد بن إبراهيم البغدادي الشهير بالخازن.(1955م). لباب التأويل في معاني التنـزيل، مطبعة البابي الحلبي.
  12. سناء الخولي.(1972م). الزواج والعلاقات الأُسريّة. بيروت ـ لبنان: الدار المتحدة للنشر.
  13. سيد قطب.(1405ق). في ظلال القرآن. بيروت ـ لبنان: مطبعة عالم الكتب، ، ط1، 1405ق.
  14. الشحاذي، علي.(1419ق). مستدرك البحار. قم: مؤسسة النشر الاسلامي التابعة لجماعة المدرسين.
  15. شلبي، احمد.(2006م). الحياة الاجتماعيّة في التفكير الإسلامي. بیروت: دار القارئ.
  16. الشيرازي، ناصر مكارم.(1413ق). الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، بیروت: مؤسسة البعثة.
  17. الطباطبائي، محمد حسين.(1417ق). الميزان في تفسير القرآن. بیروت ـ لبنان: مؤسسة الاعلمي للمطبوعات.
  18. الطریحی، فخرالدین.(2006م). تفسیر غریب القرآن الکریم. قم: زاهدی.
  19. طوسی، محمد بن حسن.(د.ت). التبیان فی تفسیر القرآن، دار احیاء التراث العربی.
  20. عبدالرحیم، محمد.(2001م). السلام العالمی و الاسلام. بیروت: دارالبصائر.
  21. الفراهيدى، خليل بن احمد.(1409ق). كتاب العين. قم: نشر هجرت.
  22. فضل‌الله ، محمد حسين.(1419ق). من وحي القرآن. بيروت ـ لبنان: دار الملاك للطباعة والنشر والتوزيع.
  23. الفيومي، احمد بن محمد بن علي المقري.(1968م). المصباح المنير، بغداد: مطبعة المعارف، بغداد.
  24. القرطبی، محمد بن احمد الانصاری.(1964م). القاهره: دارالکتب المصریة.
  25. قطب، محمد.(2009). جاهلیة القرن العشرین، مکتبة وهبة للطباعة و النشر.
  26. الكبيسي، عبدالحافظ.(1987م). منهجنا التربوي: دراسة موضوعية في رحاب التربية الإسلامية.
  27. محمد شدید.(2007). منهج القرآن فی التربیة. بیروت: مؤسسة الاعلمی.
  28. محمد عقلة.(1989م). نظام الأسرة في الإسلام. الأردن ـ عمان: مكتبة الرسالة الحديثة.
  29. محمد علی حسن.(1970م). علاقة الوالدين بالطفل وأثرها في جنح الأحداث، مصر: مكتبة ألا نجلو.
  30. المراغی، احمد مصطفی.(د.ت). تفسیر المراغی، بیروت ــ لبنان: دارالفکر.
  31. مرتضى زبيدى، محمد بن محمد.(1414ق). تاج العروس من جواهر القاموس. بيروت: دار الفكر.
  32. مودودی، ابوالاعلی.(د.ت). تفسیر سورة النور، دمشق: دارالفکر.
  33. نوح، السید محمد.(1413ق). آفات علی الطریق. دارالفرقان.

[1] . طالب دکتوراه بقسم علوم القرآن والحديث/ كلية الإلهيات ومعارف أهل البيت/ جامعة أصفهان / إیران / رقم الهاتف:9467723814923

PHD student of the Quran and Hadith Sciences, Faculty of Theology and Ahl-al-Bayt (Prophet’s Descendants)

Studies, University of Isfahan, Iran.Email: jaber. atiy@qu.edu.iq

[2] . أستاذ مساعد بقسم علوم القرآن والحديث/ الکاتب المسؤول/ كلية الإلهيات و معارف أهل البيت/ جامعة أصفهان/ إیران.

Assistant professor at the Department of the Quran and Hadith Sciences, Faculty of Theology and Ahl-al-Bayt (Prophet’s Descendants) Studies, University of Isfahan, Iran _ phone numbe: 989136092893 Email:d.esmaely@theo.ui.ac.ir

[3] .  أستاذ قسم علوم القرآن والحديث/ كلية الإلهيات و معارف أهل البيت/ جامعة أصفهان/ إیران.

professor professor at the Department of the Quran and Hadith Sciences, Faculty of Theology and Ahl-al-Bayt, University of Isfahan, Iran _ phone number 989131140511 Email m.hajiesmaeili@ltr.ui.ac.ir

[4] . أستاذ مساعد بقسم علوم القرآن والحديث/ كلية الإلهيات و معارف أهل البيت/ جامعة أصفهان/ إیران.

Assistant at the Department of the Quran and Hadith Sciences, Faculty of Theology and Ahl-al-Bayt (Prophet’s Descendants) Studies, University of Isfahan, Iran _ phone numbe: 989307861779-Email:a.banaeian@theo.ui.ac.ir

[5] . لما زنى رجل من اليهود وأنكرت اليهود عقوبة الرجم سأل النبي – صلى الله عليه وسلم- شابًا منهم وقال له: «فَمَا أَوَّلُ مَا ارْتَخَصْتُمْ أَمْرَ اللهَ؟». فقَالَ الشاب اليهودي: «زَنَى ذُو قَرَابَةٍ مَعَ مَلِكٍ مِنْ مُلُوكِنَا فَأَخَّرَ عَنْهُ الرَّجْمَ، ثُمَّ زَنَى رَجُلٌ في أُسْرَةٍ مِنَ النَّاسِ فَأَرَادَ رَجْمَهُ فَحَالَ قَوْمُهُ دُونَهُ، وَقَالُوا: لاَ يُرْجَمُ صَاحِبُنَا حَتَّى تَجِيءَ بِصَاحِبِكَ فَتَرْجُمَهُ، فَاصْطَلَحُوا عَلَى هَذِهِ الْعُقُوبَةِ بَيْنَهُمْ. فَقَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم- «فَإِنّي أَحْكُمُ بِمَا فِي التَّوْرَاةِ» (ابوداود، د.ت، 4: 155) والمراد بالأسرة هنا عشيرة الرجل.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

free porn https://evvivaporno.com/ website