foxy chick pleasures twat and gets licked and plowed in pov.sex kamerki
sampling a tough cock. fsiblog
free porn

تداعيات حرب غزة وأثرها على مسار التّطبيع عند الشّعوب العربيّة

0

تداعيات حرب غزة وأثرها على مسار التّطبيع عند الشّعوب العربيّة

The repercussions of the gaza war and its impact on the path of normalization among the arab peoples

 جمال حمزه الطفيلي([1])Jamal Hamza toufaily

 

تاريخ الإرسال:29-1- 2024                                  تاريخ القبول:7-1-2024

تحميل نسخة PDF

المستخلص

إن دراسة تداعيات حرب غزة وأثرها على مسار التّطبيع عند الشّعوب العربيّة، كشفت لنا عن الآثار الإنسانيّة والاقتصاديّة والسياسيّة التي تؤدي دورًا في تشكيل وجهات نظر الشّعوب العربيّة حيال قضايا المنطقة، إذ يمكن أن تؤثر هذه التّداعيات في مسار عمليات التّطبيع بين الدّول وتشكل عاملًا حاسمًا في تشكيل التّفاعل العربي تجاه قضايا المنطقة.

لذا، تتسم أهمّيّة دراسة البحث في فهم الأثر العميق على الحياة اليوميّة والاستقرار الإقليمي، وعليه، يمكن أن تؤثر هذه الأحداث في تشكيل آراء الشّعوب والقرارات السياسيّة والمستقبليّة.

ولا يمكن التّغافل عن أنّ الجانب الفلسطيني هو من باغت إسرائيل بشن الحرب، وبتوقيت مدروس ومعد مسبقًا في السّابع من أكتوبر(يوم عيد الغفران- يوم كيبور)، ما أذهل العالم بمدى قدرة المقاومة الفلسطينيّة وبراعتها في القتال الميداني.

لقد أثبت طَوَفان السّابع من أكتوبر محوريّة القضية الفلسطينيّة بين القضايا العالميّة الأخرى، وترك أثرًا عميقًا على حقيقة الصورة الإسرائيليّة في الرأي العام الدّولي، والرأي العام العربي.

ولعل الأثر المهمّ في هذه العمليّة،  يتعلق بضرب مشروع التّطبيع العربي الإقليمي مع تل أبيب أو إرجائهوعلى المستوى الشّعبي العربي تصاعدت حدة الكراهيّة ضد إسرائيل، وتعززت فكرة قضية فلسطين القوميّة بوصفها قضية العرب الأولى والأساس.

ويبقى الهدف الأساسي للعمليّة الإسرائيليّة هو ضرب مفهوم وحدة السّاحات ومنعه من الاكتمال لأنّه سيعني أنّه العدو سيصبح مقيدًا في أنشطته للتّعامل مع المقاومة في الضفة، والقدس وغزة خوفًا من مساندة السّاحات الأخرى، لكن الفلسطينيين بساحاتهم الموحدة وبدعم حلفائهم نجحوا في تسجيل هدف في المرمى الإسرائيلي وكسبوا جولة في معركة طويلة وأنّ المهم الّذي أُنجز في التّصعيد الأخير هو تثبيت معادلة ربط السّاحات والتي يعد تهشيمها من أهداف العدوان المهمّة.

الكلمات المفاتيح: التّطبيع -القضية الفلسطينيّة -غزة

 Abstract:

Studying the repercussions of Gaza War and its impact on the normalization process among Arab peoples has unveiled the humanitarian, economic, and political repercussions that shape the perspectives of Arab populations regarding regional matters. As these repercussions can influence the course of normalization processes between countries and constitute a decisive factor in shaping Arab interaction towards regional issues.

Therefore, the importance of studying the research lies in understanding its deep impact on daily life and regional stability. Consequently, these events can influence the shaping of public opinions, political and future decisions.

It’s undeniable that the Palestinian side initiated the war against Israel with a well-thought-out and pre-prepared timing on the seventh of October (Yom Kippur – the Day of Atonement/ the Feast of Atonement), thereby the remarkable prowess and ingenuity of Palestinian resistance in battlefield combat have left the world in awe.

Indeed, the event of the seventh of October has demonstrated the centrality of the Palestinian issue among other global concerns, and has had a significant effect on how Israel is perceived both internationally and among Arab communities.

Arguably, the most significant impact of this operation relates to striking at the project of Arab regional normalization with Tel Aviv, or at least delaying it. Thus, animosity towards Israel has grown stronger, solidifying the Palestinian national issue as the primary and fundamental concern among Arabs.

In fact, the primary objective of the Israeli operation remains to disrupt the concept of unified battlefields and prevent its completion, as it would limit the enemy’s activities to deal with resistance in the West Bank, Jerusalem, and Gaza, for fear off support from other unified conflict zones. However, Palestinians, with their unified battlefields and support from their allies, succeeded in scoring a goal against Israel and won a round in a long battle. The most important achievement in the recent escalation is the consolidation of the equation linking the battlefields, which its destruction is considered one of the main objectives of the Israeli aggression.

Key words- Normalization- Palestinian Issue- Gaza

الإطار النظري:

التمهيد: تقع مدينة غزة في جنوب غرب فلسطين، وتمتد إلى ساحل البحر الأبيض المتوسط، يعود تاريخ غزة إلى العصور القديمة، وقد شهدت العديد من الحضارات مثل الفراعنة.

المصريين والفلسطينيين القدماء: كانت غزة في العصور الكلاسيكيّة، جزءًا من الإمبراطورية الفارسيّة ومن ثم الإمبراطورية اليونانيّة والرّومانيّة في العصور الوسطى، استمرت تحت الحكم الإسلامي بعد فتحها في عهد الخلفاء الرّاشدين.

شهدت غزة خلال العصور الحديثة تغييرات كبيرة في الحكم والسيادة، وقد كانت تحت الحكم العثماني ثم البريطاني. في العام 1948، شهدت المنطقة حروبًا عديدة، ما أدّى إلى توسيع حدود إسرائيل ونزوح العديد من الفلسطينيين.

أصبحت غزة منذ ذلك الحين، محطة للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وشهدت عدة حروب واندلاع النّزاعات بين الطرفين. تحول الوضع الإنساني في غزة إلى قضية دوليّة معينة بسبب الحصار الإسرائيلي والتّحديات الاقتصاديّة والاجتماعيّة التي تواجهها.

وكانت غزة في العصور الوسطى، جزءًا من الإمبراطورية العثمانيّة، وشهدت مراحل من الاستقرار والتّجارة. في القرن العشرين، وأصبحت جزءًا من فلسطين التي كان تحت الانتداب البريطاني. شهدت في العام 1948 الحرب العربيّة الإسرائيليّة، وأدّت إلى نزوح عدد كبير من الفلسطينيين.

خلال العقود التالية، تطورت غزة إلى مستوطنة فلسطينية مزدهرة، ولكن في العام 2007، وقعت اشتباكات بين حركة حماس والسّلطة الفلسطينيّة، ما أدى إلى سيطرة حماس على القطاع منذ ذلك الحين، شهدت غزة عدة نزاعات وحروب، بما في ذلك الحروب مع إسرائيل وتحديات اقتصاديّة وإنسانيّة.

كما تأثرت غزة بأحداث تاريخيّة عديدة، بدءًا من العصور القديمة وحتى العصور الوسطى. كمركز تجاري مهم، وشهدت المدينة تبادلًا ثقافيًا واقتصاديًا.

من بعد ذلك، تأثرت غزة بالصراع العربي الإسرائيلي، وفي حرب 1948، ضُمّت إلى إسرائيل. لكن في 1967، احتلتها إسرائيل خلال حرب الأيام الستة. وفي العقود التالية، أصبحت غزة موضوعًا للتوتر الدّائم والنّزاع بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

أمّا في القرن العشرين، شهدت غزة تغييرات مهمّة بعد الحرب العالمية الأولى والانتداب

البريطاني على فلسطين.أصبحت جزءًا من الانتداب البريطاني وشهدت تطورًا إقتصاديًا واجتماعيًا.

وبعد إعلان قيام دولة إسرائيل في العام 1948، شهدت غزة حروبًا عديدة بين إسرائيل والدول العربيّة المجاورة. سيطرت في العام 2007، حركة حماس على قطاع غزة، ما أدى إلى حصار إسرائيلي مشدد وتحول الوضع الإنساني في المنطقة إلى تحديات كبيرة.

المقدمة: على الرّغم من أنّ القضية الفلسطينيّة لم تحظ أبداً بمكانة محورية عند النّظام الرسمي العربي في الآونة الأخيرة، غير أنّها كانت محطّ اهتمام العرب لحِقبٍ تاريخيّة معينة.                                                                                                                                     فبعد نكبة فلسطين العام 1948 وسقوطها بأيدي الصهاينة، اجتاحت موجات من الغضب العارم أقطارالوطن العربي كافة، وتعاطف الشّعب العربي مع هذه القضية على أكمل وجه بوصفها قضية عربية بامتياز، واستأثرت باهتمام الأحزاب القوميّة ولا سيما حزب البعث العربي الاشتراكي، ومن رحم هذه المعاناة تأسست حركة القوميين العرب والتي دعت إلى الثأر من أجل فلسطين، وتأسست لها أذرع في عدة بلدان عربية، وكان شعارها تحرير فلسطين.

ومع نجاح الثورة النّاصرية العام 1952 بقيادة جمال عبد النّاصر وبداية مرحلة المد القومي، علق الفلسطينيون آمالهم في هذه المرحلة على قوميّة المعركة في سبيل قيام اتحاد عربي لتحرير فلسطين، وقدمت مصر النّاصرية أشكال الدّعم كافة لنّصرة القضية الفلسطينيّة، وكان شعار تلك المرحلة الوحدة طريق التحرير الذي بقدر ما كثر الحديث عنه، بقدر ما ترسخت حالة من الإحباط في النهاية تجاه تحقيقه، خصوصًا بعد فشل الوحدة  المصرية السورية خلال الحقبة الممتدة من العام 1958 حتى العام 1961، وبعد أن انكشفت حالة إفلاس رموزه إثر نكسة العام 1967 الذين افتقدوا المنهجيّة الصحيحة والجدية والإصرار اللازمين، فلا حققوا وحدة ولا تحرير، فضلًا عن تضييع باقي فلسطين وسيناء والجولان. وشهدت هذه المرحلة انحسارًا للمد القومي، ولم تعد القضية الفلسطينيّة من الأولويات في العقل الجمعي العربي.

ومع انسحاب مصر من الصراع العربي الإسرائيلي وتوقيع اتفاقية كامب دايفيد، بدأت أول مرحلة من التّطبيع بين مصر وإسرائيل،ووقِّع على بروتوكول معاهدة السّلام بين البلدين، فتراجع الاهتمام بالقضيّة الفلسطينيّة إلى حد كبير وكأنّها دخلت في طي النّسيان.

ومع وقوع حرب الخليج الثانية ودخول العراق إلى الكويت انقسم الموقع الرّسمي العربي تجاه ذلك، وكان عاجزًا عن ممارسة أي ضغط جدي على الإدارة الأميريكيّة ، ما ترك أثرًا سلبيًا على القضية الفلسطينيّة  فتفاقمت عزلة القيادة الفلسطينيّة الإقليميّة والدّوليّة، في وقت كان هاجس الشّرعيّة والتمثيل الفلسطيني ضمن أولويات القضيّة الفلسطينيّة بعد بروز حركة المقاومة الإسلاميّة حماس كفصيل وطني إسلامي، ينافس فصائل المنظمة خاصة حركة فتح في الحضور الجماهيري وفي مقاومة الاحتلال.

حضرت في المقابل القيادة السياسيّة الإسرائيليّة إلى أوسلو وفي ذهنها التّخلص من عبء الاحتلال والثّقل الدّيمغرافي في قرى ومخيمات التّجمعات الفلسطينيّة، خاصةً قطاع غزة الذي تحوّل مع تصاعد الانتفاضة الفلسطينيّة إلى صداع مزمن.

وكان اتفاق أوسلو  العام 1993 الذي وقِّعَ بين إسرائيل ومنظمة التّحرير الفلسطينيّة ليس سوى مناورة مخطط لها لإنهاء الانتفاضة الفلسطينيّة، وتشكيل سلطة فلسطينيّة لها صلاحيات محدودة ضمن نطاق جغرافي ضيق في الضفة الغربيّة، ورسخ حقائق على الأرض لصالح إسرائيل وعلى حساب الحقوق الفلسطينيّة، وأفرز حالة من الانقسام السياسي بين الفلسطينيين بدا واضحًا وجليًّا في العام 2007، بين السّلطة الفلسطينيّة في الضفة الغربيّة وحركة حماس في غزة في الوقت الذي كان فيه العالم العربي غارقًا في الصّراعات، والحروب بعد الحرب الأميريكيّة على العراق في العام 2003، ولم يعد الشّعب العربي يولي اهتمامًا للقضية الفلسطينيّة بسبب انشغاله بمشاكله الدّاخلية، وقد رسخت السيطرة الأميريكيّة في المنطقة العربيّة فكرة الانقسام بين أبناء الأمّة العربيّة الذي نتج عنها الانقسامات المذهبيّة والطائفيّة والتي مهدت لبروز الفكر التّكفيري.

من هنا استغلت الولايات المتحدة وإسرائيل ومن يدور بفلكهما حالة الضّعف والوهن العربي، وبدأوا يروجون لفكرة التّطبيع تدريجيًّا وحققوا تقدمًا واختراقًا في العقل العربي، إذ بدأت شريحة من المجتمع العربي تتقبل فكرة الصداقة والتّعاون مع إسرائيل بوصفها دولة صديقة.

وبدأ مشوار التّطبيع مع توقيع اتفاق ابراهام في البيت الأبيض بتاريخ 15 سبتمبر العام 2020، فحصل التطبيع بين الإمارات وإسرائيل العام 2020، ثم سلكت بعض الدّول العربيّة الطريق نفسه وعززت علاقاتها مع الكيان الصّهيوني ومنها السّودان والمغرب والبحرين.

ولم يتوقف قطار التّطبيع، فكانت هناك دول عربيّة أخرى بصدد توطيد علاقاتها مع إسرائيل، لكن حرب غزة المفاجئة التي وقعت في السّابع من أكتوبر العام 2023 أربكت حسابات القوى الخليجيّة الناشئة التي ترى في إسرائيل شريكًا أمنيًّا محتملًا وثقلًا موازنًا لمنافستها الإقليميّة إيران، وغيّرت المشهد السياسي في الشّرق الأوسط، وأعادت قضية فلسطين  إلى الصدارة بوصفها قضيّة العرب الجامعة، وعززت فكرة التّضامن بين الشّعوب العربيّة وعند الأجيال الصّاعدة في مواجهة التّحديات الصهيوينة.

تتسم أهمية الدّراسة في فهم تأثيرات حرب غزة على مسار التّطبيع في العالم العربي،إذ يمكن لتحليل هذه الحرب أن يلقي الضّوء على التّحولات السياسيّة والاجتماعيّة، وكيف يمكن أن تؤثر هذه الأحداث على قرارات التّطبيع بين الدّول والشّعوب العربيّة.

توظف هذه الدّراسة أساليب عدة من أساليب البحث العلمي وفي مقدمتها المنهج التّاريخي وذلك من خلال رصد الأحداث والمراحل التّاريخيّة التي مرّت بها القضية الفلسطينيّة.

إضافة إلى المنهج التّحليلي لتحليل ما ستؤول إليه حرب غزة، وما سينتج عنها من مستجدات لها تداعيات على مسار التّطبيع عند الشّعب العربي.

انطلاقًا مما تقدم، تحاول هذه الورقة البحثيّة تناول تداعيات حرب غزة وأثرها على مسار التّطبيع عند الشّعوب العربيّة، إذ تكمن إشكاليّة البحث من خلال طرح الإشكاليّة الآتية:

كيف أثرت حرب غزة على فكرة التّطبيع عند الشّعوب العربيّة؟

وعليه،سوف نحاول الإجابة على الإشكاليّة من خلال التّصميم الآتي: نتناول في (المطلب الأول) الانعكسات الاستراتيجيّة لحرب غزة على القضيّة الفلسطينيّة، المبحث الأول الأبعاد الإقليميّة للتوتر في غزة وتأثيرها على القضية الفلسطينيّة،المبحث الثاني التّغيرات الجيوسياسيّة بعد حرب غزة، أمّا في (المطلب الثاني) سنتناول التّحولات السياسيّة وتأثيرها على مسار التّطبيع في المنطقة-غزة،المبحث الأول العوامل المؤثرة في توجيهات التّطبيع في ظل التّحولات السياسيّة في غزة، المبحث الثاني أثر حرب غزة على مسار التّطبيع عند الشّعوب العربيّة.

 

 

المطلب الأول: الانعكاسات الاستراتيجيّة لحرب غزة على القضية الفلسطينيّة

على الرّغم من دخول الحرب في غزة، بعد عملية طَوَفان الأقصى التي شنتها الفصائل الفلسطينيّة في غزة فجر يوم السبت 7 أكتوبر 2023، يومها الثّامن، فإنّ إسرائيل لم تستطع بعد استعادة الردع، خاصة مع احتفاظ الفصائل بقيادة كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، بقدرتها على الهجوم على نحو مباغت على أهداف في العمق الإسرائيلي، وكذلك التّعامل بندّية مع إسرائيل من حيث توجيه رسائل تهديد عالية المصداقيّة، لذلك فإنّ ما يثير التّساؤل أكثر من دلالات توقيت المعركة التي جاءت تزامنًا مع مرور 50 عامًا على نصر أكتوبر 73، وما يشكّله ذلك من تسجيل نقطة سوداء أخرى في تاريخ إسرائيل، هو الأداء العملياتي المتطور للمقاومة، والذي وُصف بأنّه “نوعي، واستراتيجي، وغير مسبوق”، بالإضافة إلى جهوزية المقاومة عسكريًا، وما أدخلته من تكتيكات مستجدة في إدارة المعركة. وما هي الخطط والبدائل لدى المقاومة لمواجهة الحرب التي أعلنتها إسرائيل – أُطلق عليها “السيوف الحديدية”، ودفعت نحو تشكيل حكومة طوارئ – والتي باتت الحرب الإعلاميّة وتجييش الرّأي العام العالمي ضد غزة إحدى أدواتها من خلال طرح الأكاذيب التي تسعى لتشويه صورة المقاومة، بل وأهالي القطاع، لتبرير القتل الجماعي.

على الرّغم من ما تشكّله تلك المعركة من مباغتة لإسرائيل لكونها تشكل أكبر ضربة موجهة لها في تاريخها، إلّا أنّ ثمة مقدمات كانت تُنذر باشتعال الأوضاع، وذلك وفقًا لعدد من المحفزات: أولها: انسداد الأفق أمام حلّ الدولتين؛ فبعد مرور 30 عامًا على أوسلو تبين أنّها لم تخدم إلّا المشروع الإسرائيلي الاحتلالي الاستيطاني والذي عُزِّز من خلال الشّروع في تنفيذ “مشروع الضمّ” الزّاحف في الضفة الغربيّة والذي تبناه سموتريتش القائم على الضم، والتّهجير مع استكمال تهويد القدس، والتّمهيد لمحو المقدسات الوطنيّة خاصة المسجد الأقصى لصالح ما يسمى “الهيكل الثالث”، مع تصاعد وتيرة اقتحامات المسجد الأقصى في إطار الحرب الدّينيّة التي شنتها تلك الحكومة المتطرفة. وفي هذا الشّأن، أشار تقرير صدر عن محافظة القدس إلى أن عدد المقتحمين منذ مطلع العام 2023 تجاوز الأربعين ألفًا.

ثانيها: أولوية التّطبيع عن تسوية القضية الفلسطينيّة؛ وقد أعطت إدارة بايدن الأولوية بتعزيز علاقات التّطبيع العربي الإسرائيلي، مع الاقتصار على التّعاطي مع القضية من منظور إنساني تحت مسمى السلام الاقتصادي في مقابل تركيز الإدارة على إزالة العراقيل أمام التّطبيع السّعودي – الإسرائيلي، إذ كانت الإدارة الأمريكيّة تُعد قبل المعركة زيارة لوزير خارجيتها أنتوني بلينكن لكل من الرّياض وتل أبيب لاستكمال مفاوضات التّطبيع بينهما.

ثالثها: توجه حكومة نتنياهو نحو حسم الصراع وتنفيذ سياسة الاغتيال لقيادات في المقاومة، والتضييق على الأسرى. فضلًا عن اقتحام المدن الفلسطينيّة في الضفة كما حدث في أريحا ونابلس. وجنين إلى جانب التّضيق على الفلسطينيين في الدّاخل المحتل (فلسطينيي 48)، ودعم وتشجيع إرهاب المستوطنين في حَوّارة ومدن أخرى. وبحسب تقرير مكتب تنسيق الشؤون الإنسانيّة التّابع للأمم المتحدة “أوتشا”، فقد استشهد من بداية العام 2023 وحتى شهر أغسطس 172 فلسطينيًا، وأصيب 7,372 فلسطينيًا بجراح، كما هُدِم 780 منزلًا في الضفة.

وعلى المستوى الاستراتيجي: حرصت المقاومة على ترسيخ قواعد اشتباك جديدة من خلال عدم الاكتفاء بشن طلعات جوية، وصاروخيّة وضربات مكثفة على مدن إسرائيليّة مثلما حدث فى 2021، بل الجديد هو نقل المعركة إلى داخل الأراضى الإسرائيليّة المحتلة العام 48 في مستوطنات غلاف غزة.

كما حرص المقاومون على أسر العديد من الرهائن بالإضافة إلى تصوير الهجوم بكاميرات متقدمة، وبثها إعلاميًا، كإحدى أدوات الحرب النّفسيّة ضد إسرائيل.

ومن بين التكتيكات الأخرى التى اتبعتها الفصائل، إرباك القبة الحديدة من خلال إطلاق عدد ضخم من الصواريخ على نحو متزامن يفوق قدرة منظومة القبة الحديديّة على الصدّ، وقد تسبب ذلك فى إحداث ما يُسمى بـ”التشبّع” حينما أطلقت المقاومة 5000 صاروخًا فى الـ 24 ساعة الأولى من الهجوم، فى حين كان الرّشقة الواحدة بين 100 إلى 150 صاروخًا.

حدوث قصور فى التّقديرات الإسرائيليّة منبعه الغطرسة الإسرائيليّة أنّ لديها جيش لا يهزم، واستبعاد المؤشرات التى كانت ترى احتمال تفجر الأوضاع؛ ردًا على سياسات الحكومة الإسرائيليّة المتطرفة.

وبشأن التهديد باجتياح قطاع غزة بريًا، فبحسب الدّراسة فإنه خيار مرتفع المخاطر. إذ تمتلك الفصائل صواريخ “كورنيت” المضادة للدبابات، وهي ذات قدرة تدميريّة للآليات المدرّعة بما فيها دبابة “الميركافا” والتي تعتمد عليها إسرائيل فى هجماتها البريّة. كما سبق وأخفق الجيش الإسرائيلي فى التّوغل البري فى غزة فى حرب الجّرف الصّامت االعام 2014. بالإضافة إلى أّنّ وجود متسللين داخل منطقة غلاف غزة، سوف يرفع من كلفة تقدم القوات الإسرائيليّة نحو القطاع بريًا.

ووفقًا للدّراسة يمكن أن تتسبب تلك العمليّة فى إلحاق خسائر كبيرة فى صفوف الجيش الإسرائيلي، خاصة وأنّها يمكن أن تمتد زمنيًا فى حال صمود المقاومين، وما قد يتبعها من حرب شوارع، خاصة مع أهمية أنفاق غزة والتي يمكن أن تُستخدم من المقاومين لشنّ هجمات مباغتة على القوات الإسرائيليّة فى حال غزو القطاع.

كما أنّه من غير المستبعد أن تصبح ورقة الأسرى الإسرائيليين لدى الفصائل عاملًا رادعًا لقرار اجتياح القطاع؛ خشيةً على أرواح الأسرى؛ إذ تشير التقديرات الإسرائيليّة إلى وجود حوالى 150 أسيرًا إسرائيليًا فى القطاع من بينهم جنود وضباط.

إن أبرز ما تثيره الحرب في غزة  على القضيّة الفلسطينيّة فإنّها تؤثر على التّوازن الإقليمي والجهود الدّوليّة للتّسوية، كما يمكن أن تعزز الهجمات والاشتباكات التّوترات وتعقيد الجهود السياسيّة لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

تتسبب في المقابل العديد من الانعكاسات الاستراتيجيّة على القضية الفلسطينيّة، مثل زيادة التّوتر الإقليمي، وتأثيراتها على جهود السّلام، وتعزيز الانقسام الفلسطيني، يمكن أن تؤثر أيضًا في الدّعم الدّولي لفلسطين وتشكيل الرأي العام الدّولي حيال النّزاع الإسرائيلي الفلسطيني فبالنسبة إلى الردود الدّوليّة والضّغوط الدّبلوماسيّة يمكن أن تؤدي دورًا حيويًا في تحديد مسار التّطورات المستقبليّة وتحقيق التسوية السلميّة، فتؤدي التّصعيدات العسكريّة بالحاجة إلى حلّ سياسي، وقد تؤدي إلى تفاقم الانقسام الدّاخلي بين الفصائل الفلسطينيّة.

لا شك أن تأثير حرب غزة على القضية الفلسطينيّة يمكن أن يكون له تأثيرات استراتيجيّة على عدة مستويات، يمكن أن يشمل ذلك تأثيرات على المستوى الإقليمي والدولي، بالإضافة إلى الأثر المباشر على الوضع الفلسطيني، فتشمل بعض النقاط المحتملة:

تغييرات في الديناميات الإقليميّة: قد تؤدي حروب غزة إلى تغييرات في التّحالفات الإقليميّة مع تأثير على العلاقات بين الدّول وتوجيهات السياسة الإقليميّة.

تأثيرات على عملية السّلام: قد تعقد الحروب الدّور في التّوصل إلى حلول سلميّة، ولكنّها قد تؤدي أيضًا إلى زعزعة الثّقة وتعقيد عمليات السّلام المستقبليّة.

تأثير الرأي العام الدولي: قد تؤثر الحروب على آراء الرأي العام الدولي، ما قد ينعكس على التّفاعل مع القضية الفلسطينيّة ودور الأطراف المعنية.

تغييرات في الديناميات الداخلية لحركات التّحرير: قد تؤثر الأحداث في غزة على تنظيمات فلسطينيّة وتوجهاتها السياسيّة والاجتماعيّة.

تأثير على الإغاثة الإنسانية: يمكن أن تؤدي الحروب إلى تدهور الوضع الإنساني في المناطق المتأثرة، ما يبرز الحاجة إلى مساعدة إنسانية ويمكن أن يؤثر على صورة الأزمة على السّاحة الدّوليّة.

المبحث الأول: الأبعاد الإقليميّة للتوتر في غزة وتأثيرها على القضية الفلسطينيّة

إنّ التوتر في قطاع غزة يتأثر بعدة أبعاد إقليمية، منها التّداخلات السياسيّة والاقتصاديّة مع الدّول المجاورة مثل إسرائيل ومصر، كما تؤدي الّيانة والعلاقات الإقليميّة العربيّة دورًا في تشكيل هذا التوتر، فيرتبط الصراع في غزة بالقضية الفلسطينيّة ويحظى بدعم من بعض الدّول العربيّة،  إضافة إلى التّحديات الإنسانيّة والاقتصاديّة في القطاع أيضًا تسهم في زيادة حدة التوتر وتأثيره الإقليمي. ولعل أبرز ما تضمنته الابعاد الإقليميّة ما يلي:

الصراع الإسرائيلي الفلسطيني: ينبع التوتر من الصّراع الطويل بين إسرائيل والفلسطينيين، فتشهد غزة تصاعدًا في التّوتر نتيجة النّزاع المستمر والصراع حول الأراضي والحقوق.

تداخل الديانات والهويات: يتسم النّزاع في المنطقة بتداخل عناصر دينيّة وهوياتيةّ، فيتصاعد التّوتر بين المسلمين واليهود والمسيحيين، ما يجعل الأوضاع أكثر تعقيدًا.

تأثير الدول الإقليميّة: تدخل دول الجوار، مثل مصر وإيران والسعودية، يؤدي دورًا في تشكيل السياسة والدّيناميات في المنطقة، وقد يزيد ذلك من التوتر.

الوضع الاقتصادي والاجتماعي: تأثير الظروف الاقتصاديّة والاجتماعيّة في غزة، بما في ذلك قلّة الفرص الاقتصاديّة وارتفاع معدلات البطالة، يمكن أن يسهم في تصاعد التوتر.

تأثير الجماعات المسلحة: وجود جماعات مسلّحة في المنطقة، مثل حركة حماس، يسهم في إشعال التوتر وتصعيده، خاصة في مواجهاتها مع إسرائيل.

تتداخل هذه العوامل لتشكل إطارًا تعقيديًّا للتوتر في غزة، مع تأثيرات مستمرة على الأمن والاستقرار في المنطقة.

المبحث الثاني: التغيرات الجيوسياسية بعد حرب غزة

تعدُّ قضية غزة معقدة من النواحي الجيوسياسيّة، فيتأثر الوضع بعدة عوامل، يشمل ذلك التّداخل الإقليمي بين القوى الإقليميّة، والصّراع الفلسطيني الإسرائيلي، وتأثير القرارات الدّوليّة على الدّيناميات الإقليميّة، لذا فإنّ فهم المتغيرات الجيوسياسّية لحرب غزة يتطلب تحليلًا دقيقًا للعوامل السياسيّة والاقتصاديّة والثقافيّة المؤثرة في هذا السّياق. يشمل ذلك النّظر في تاريخ المنطقة، والصّراعات الإقليميّة، وتداخل المصالح الدّوليّة، كما تؤدي العوامل الاجتماعيّة والدّينيّة دورًا مهمًّا.

يظهر تأثير المتغيرات الجيوسياسيّة بوضوح في تفاعل القوى الإقليميّة والدّول الكبرى، ما يؤثر على ديناميات الصراع وحتى فهم الرأي العام الدّولي للأحداث، كما وتأتي متغيرات مثل الحدود الجغرافيّة، والموارد الطبيعيّة، والتّوازن العسكري، والتّحالفات الإقليميّة كعوامل تؤدي دورًا حاسمًا في تشكيل المواقف والتّصاعد التّصاعدي للتوتر. تُعزز هذه المتغيرات التّفاعلات بين الدّول والجماعات المتورطة، وتؤثر في استمرار النّزاع على مرّ الزّمن.

بالإضافة إلى ذلك، يؤدي التّأثير الدّولي دورًا بارزًا في هذا السّياق، فتتداخل مصالح الدّول الكبرى مع توجهات القوى الإقليميّة، وتتشابك التّحالفات والتّباينات الإيديولوجيّة، ما يضيف بعدًا إضافيًّا لتحليل المشهد الجيوسياسي لحرب غزة. ما يعني إنّ فهم المتغيرات الجيوسياسيّة لحرب غزة يعدُّ أمرًا حيويًا لفهم السّياق الإقليمي والدّولي المحيط بها. يتداخل في هذا السّياق الصّراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين مع العوامل الجيوسياسيّة المعقدة، مثل وجود القوى الإقليميّة والتّدخلات الدّوليّة، والتّحولات في التّحالفات والتّوترات بين الدول، وعليه يمكن تحديد بعض المتغيرات الرئيسة:

النزاع الإسرائيلي الفلسطيني: يتعلق بالصراع التاريخي بين إسرائيل والفلسطينيين بشكل عام، إذ يعكس الصراع في غزة توترات وتحديات هذه العلاقة.

حصار غزة: فرضت إسرائيل حصارًا على قطاع غزة منذ العام 2007، وهو عامل مهم يؤثر في الوضع الاقتصادي والإنساني، ما يسهم في تصاعد التوترات.

تأثيرات الممر الإيراني: أيّ دور إيران في دعم حركات المقاومة في المنطقة، بما في ذلك حماس في غزة، يضيف بعدًا جديدًا للديناميات الجيوسياسيّة.

دور الجهات الإقليميّة: تدخل الدّول والجهات الإقليميّة، مثل مصر وقطر وتركيا، يمثل جزءًا مهمًّا في تحديد الدّيناميات والمسار الجيوسياسي للصراع.

التأثيرات الدّوليّة: ردود الفعل الدّوليّة وتحديدًا من الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تلؤدي دورًا مهمًّا في التّصاعد أو تهدئة التوترات.

العوامل الاقتصاديّة والاجتماعيّة: الظروف الاقتصاديّة والاجتماعيّة في غزة تشكل محفزًا إضافيًا للتوترات، فيعاني السّكان من ظروف صعبة.

بعد حرب غزة، تأثرت المتغيرات الجيوسياسيّة في المنطقة بشكل كبير. قد يشمل ذلك تحولات في العلاقات بين الدّول المعنيّة، وتأثيرات على التّوازن الإقليمي والدّولي. يمكن أن يكون هناك تأثير على الدّيناميات السياسيّة والأمنيّة والاقتصادية، مع احتمال تشكل تحالفات جديدة أو تصاعد التوترات. ويمكن تحديد أبرز المتغيرات الجيوسياسيّة بعد حرب غزة، منها:

تأثيرات إقليميّة: قد تتغير ديناميات القوى في المنطقة مع تأثير الحرب على الدّول المجاورة والتّحالفات الإقليميّة.

تغييرات في العلاقات الدّوليّة: قد يؤدي التوتر النّاجم عن الحرب إلى تغييرات في العلاقات الثنائية والدّوليّة، وربما تأثير على مواقف الدّول الكبرى.

التأثير على السكان واللاجئين: قد تتسبب الحرب في تدفق اللاجئين وتغييرات في الدّيموغرافيا، ما يؤثر على القضايا الاجتماعيّة والاقتصاديّة.

زيادة التوتر الدّيني والثقافي: قد تشهد المنطقة زيادة في التّوترات الدّينية والثقافيّة نتيجة للاشتباكات، ما يؤثر على الاستقرار الداخلي للدول.

تأثير على السّلام الدّولي: قد يؤدي النّزاع إلى تغييرات في جهود السّلام الدّوليّة والتحالفات الدّوليّة المعنية بحل النزاع.

المطلب الثاني: التحولات السياسيّة وتأثيرها على مسار التطبيع في المنطقة(غزة)

تتسم غزة بتاريخ سياسي معقد، فقد شهدت عدة تحولات سياسيّة أثرت بشكل كبير على مسار التّطبيع في المنطقة، بداية من الانقسام الفلسطيني بين حركتي فتح وحماس، مرورًا بالتّطورات الإقليميّة وتأثيرها، يؤدي السّياق السياسي دورًا حاسمًا في فهم التّحديات والفرص المتعلقة بعمليات التطبيع في هذا السّياق، كما تعدُّ التّحولات السياسيّة في غزة من عوامل تأثير قوية على مسار التّطبيع ويمكن أن تتسم هذه التّحولات بالتغييرات في الحكومة أو السياسة الإقليميّة، ما يؤثر على الدّيناميّات السياسيّة والعلاقات مع الدّول المجاورة، فمن بين التّحولات السياسيّة البارزة في قطاع غزة كانت انتخابات حركة حماس العام 2006 وتوليها الحكم، لذا كان  تأثير ذلك على مسار التّطبيع كان معقدًا، فازدادت التّوترات مع السّلطة الوطنيّة وتأثرت العلاقات الإقليميّة في العديد من التأثيرات مثل حصار غزة والتّحديات الاقتصادية أيضًا أثرت على توجهات التّطبيع وقدرة الفلسطينيين على المشاركة فيه.

تحولات سياسية عدة أثرت أيضًا على مسار التّطبيع في غزة، منها انتخابات المجلس التّشريعي الفلسطيني في 2006 ومرحلة حكومة حماس، وكذلك التّطورات الإقليميّة مثل الثورات العربيّة والحروب في المنطقة. تأثير هذه التحولات كان معقدًا ومتنوعًا، ما يؤثر على العلاقات والتّوجهات السياسيّة في المنطقة. ولعل أبرز ما تضمنته تلك التّحولات السياسيّة:

– انسحاب إسرائيل من قطاع غزة في 2005: أدى انسحاب إسرائيل من غزة إلى فرصة لتشكيل سيادة فلسطينية في المنطقة، ولكن تباعد الفرق بين فتح وحماس زاد من التوترات.

-انقلاب حماس في 2007: بعد انقلاب حماس وسيطرتها على غزة، تفاقمت التوترات بين الفصائل الفلسطينيّة، ما أثر على فرص التّطبيع وزاد من التّحديات.

-جهود المصالحة بين فتح وحماس: محاولات التّوصل إلى اتفاق وحدة وطنية بين فتح وحماس تأثرت بتحولات سياسية متكررة، ما أثر على استقرار المنطقة.

-تغييرات في السياسات  الإسرائيليّة: أي تحول في السياسات الإسرائيليّة تأثر بشكل كبير على العلاقات مع الفلسطينيين، ما يؤثر على مسار التّطبيع.

-الأوضاع الإقتصادية والإنسانيّة: تدهور الأوضاع الاقتصاديّة والإنسانيّة في غزة نتيجة للحصار والنّزاعات أثرت على توجيه الانتباه نحو القضايا الإنسانيّة وربما تغيير في المواقف السياسيّة. تلك التحولات تشكل جزءًا من سياق ديناميات المنطقة وتأثيرها على التّطبيع في غزة.

-الانقسام الفلسطيني بين حركتي فتح وحماس في العام 2007: تسبب هذا الانقسام في تقسيم الحكم بين الضفة الغربية وغزة، ما أثر على وحدة الموقف الفلسطيني في مفاوضات التسوية، فبالنسبة إلى الانقسام الفلسطيني كان واضحًا في مسار التّطبيع، إذ إنّ حماس تدير قطاع غزة بشكل مستقل، ما قد يؤثر على التّوحيد الوطني والتّفاهم الداخلي الفلسطيني في مسألة التّطبيع مع إسرائيل.

يؤدي من الجوانب الأخرى، الوضع الإقليمي دورًا أيضًا في مسار التّطبيع، مع تأثير الأحداث والتطورات في المنطقة على قرارات الفلسطينيين بشأن التواصل مع إسرائيل.

المبحث الأول: العوامل المؤثرة في توجيهات التطبيع في ظل التحولات السياسيّة في غزة

في سياق التّحولات السياسيّة في غزة، تتأثر توجيهات التّطبيع بعدّة عوامل رئيسة لعل أهمها:

الأوضاع الأمنية: تأثير التّطبيع يعتمد بشكل كبير على الأمان والاستقرار في المنطقة، فيؤثر أيّ تصاعد في التّوترات الأمنيّة على قرارات التّطبيع.

التحولات السياسيّة: مع تغير المشهد السياسي في المنطقة، قد تظهر توجهات جديدة تؤثر على قرارات التطبيع، سواء أكانت إيجابيّة أم سلبيّة.

التبادلات الاقتصادية: تطوير الروابط الاقتصاديّة والتّبادلات التّجارية يمكن أن يكون له تأثير كبير على قرارات التّطبيع، فيمكن أن تكون المصلحة الاقتصاديّة دافعًا قويًا للتّقارب.

المواقف الإقليميّة والدّوليّة: ردود الفعل والتأثيرات الإقليميّة والدّوليّة تؤدي دورًا حاسمًا في توجيهات التّطبيع، فيمكن أن يكون الدّعم أو العوائق مؤثرة بشكل كبير.

الدّيناميات الدّاخليّة: مدى استجابة السّكان المحليين والفاعلين الداخليين لتطورات التطبيع يعدُّ عاملًا مهمًّا، فيمكن أن تؤدي المشاعر الشّعبية دورًا في هذا السّياق.

القيادة السياسيّة: توجد أهمية كبيرة لقرارات وسياسات القادة السياسيين في تحديد مسارات التّطبيع.

يظهر الجانب الإسرائيلي ارتباكًا وترددًا واضحين حتى اللحظة في بدء العمليّة البرية ضد حماس وقطاع غزة، فأُجِّلت أكثر من مرة بذرائع مختلفة، بدءًا من سوء الأحوال الجويّة وانتقالًا لاستكمال حشد القوات اللازمة لشن العملية، مرورًا بالإستجابة لطلب الإدارة الأميركيّة بتأخير العمليّة من أجل إفساح المجال لإطلاق سراح المحتجزين المدنيين، وانتهاء بانتظار وصول المزيد من الدّعم العسكري الأمريكي، الأمر الذي يطرح السؤال حول المحددات التي تؤثر في القرار الإسرائيلي بخصوص شن الحرب البرية وتوقيتها.

ومن العوامل المهمّة الضّاغطة على الجانب الإسرائيلي  لشنّ عمليّة بريّة ضد القطاع هي الرّغبة بترميم صورة الرّدع والتي انهارت بشكل كبير وتضررت في هجوم السّابع من تشرين الأول/أكتوبر ٢٠٢٣، وكذلك استعادة ثقة الإسرائيليين بقدرة كيانهم وجيشهم على حمايتهم وتوفير الأمن لهم، خصوصًا سكان المستوطنات في غلاف غزة، وتدرك القيادة السياسيّة والعسكريّة الإسرائيليّة صعوبة تحقيق ذلك عبر الاقتصار على العمليات الجويّة على الرّغم من قسوتها، وما أحدثته من خسائر كبيرة في صفوف الفلسطينيين، وما تسببت به من دمار واسع  في البنية التّحتيّة، إذ ما تزال حماس تحتفظ بقوتها وقدراتها، وتواصل خوض المعركة وإطلاق الصواريخ والقذائف من دون انقطاع.

تبرز في المقابل مجموعة من العوامل التي تؤثر في اتجاه معاكس، وتزيد من تعقيد الحسابات الإسرائيليّة، وتدفع نحو التريث والتّردد، ويأتي في مقدمة تلك العوامل المعطيات الميدانيّة، ومدى ما توفره من ثقة لدى القيادة الإسرائيليّة بالقدرة على تحقيق النّصر العسكري، وعدم التّورط بإخفاق عسكري جديد يضاف إلى فشل السّابع من تشرين الأول/أكتوبر، فالقيادة الإسرائيليّة تدرك جهوزيّة الخصم واستعداده لخوض المواجهة البرية، وتعتقد أنّه لم يقدم على هجومه النّاجح والمحكم، من دون تجهيز خطة للدّفاع والتّصدي لرد فعل إسرائيلي مؤكد.

وقد أظهرت ردود الفعل القويّة للمقاومة على بعض عمليات جس النّبض، والتّقدم نحو تخوم القطاع في منطقة خان يونس مدى يقظة المقاومة وتحفزها للمواجهة.

وقد ظهر أنّ متابعة التدمير المنهجي للقطاع وبناه التحتيّة والقتل الوحشي للمدنيين، وتطبيق سياسة الأرض المحروقة، هو خيار مفضل مؤقت، وذلك سعيًّا لمزيد من إنهاك الحاضنة  الشّعبية للمقاومة ومحاولة إيجاد حالات تململ داخلها، وكذلك إنهاك المقاومة واستنفاد أكبر قدر من ذخائرها وتدمير ما يمكن من بناها التّحتيّة.

غير أنّه قد لا يأخذ وقتًا طويلًا أو مفتوحًا مع تصاعد الزّخم الشّعبي العربي والدّولي ضد قتل المنديين، وصمود المقاومة، وتململ الجبهة الدّاخلية الإسرائيليّة، وتراجع الغطاء الدّولي للاحتلال.

المبحث الثاني: أثر حرب غزة على مسار التطبيع عند الشّعوب العربيّة

تواجه غزة العديد من التّحديات المعاصرة، منها الوضع الإنساني الصعب، تدهور الاقتصاد، الحصار الاقتصادي والأمني، وتأثير النّزاعات الإقليميّة على الاستقرار. تلك التحديات تعيق جهود التّطبيع وتشكل عائقًا أمام تحقيق التّقدم والاستقرار في المنطقة.

تحتل قضية الحصار الاقتصادي والإنساني الذي تفرضه إسرائيل على قطاع غزة مكانة رئيسة بين التّحديات المعاصرة. كما تشمل التّحديات الأخرى انعدام الاستقرار السياسي، وتأثير النّزاعات الدّاخليّة، وارتفاع مستوى البطالة والفقر. تشكل هذه العوامل جميعها عقبات كبيرة أمام تحقيق التّطبيع وتحقيق التنمية في المنطقة، فتعدُّ حالة الحصار وتقييدها في الحركة والتجارة أيضًا تحديًا رئيسًّا.

تواجه غزة العديد من التحديات المعاصرة، من بينها الوضع الاقتصادي الصعب، نقص الموارد الأساسية، وتأثير النزاعات السياسيّة والأمنية على حياة السكان. يشمل ذلك أيضًا القضايا البيئيّة والصحيّة، فضلًا عن تأثير الحصار الذي يؤثر على حركة السّكان وتداول السلع، ومن بين التحديات المعاصرة التي تواجه قطاع غزة:

-الحصار الإسرائيلي: يمثل حصار إسرائيل لقطاع غزة تحديًا رئيسًّا، مؤثرًا على حركة الأفراد والبضائع وتأثيره السلبي على الاقتصاد والحياة اليوميّة.

 

-الوضع الاقتصادي الصعب: نقص الموارد وارتفاع معدلات البطالة يضعفان الاقتصاد المحلي ويؤثران على معيشة السكان.

-التوترات السياسيّة والأمنية: استمرار التوترات السياسيّة والأمنية يعقد الوضع في القطاع ويؤثر على استقرار المنطقة.

الأزمة الإنسانية: تأثير النزاعات والحصار يسبب أزمة إنسانية، مع نقص في الموارد الطبيّة والتعليمية، وتأثيرات نفسية على السكان.

القضايا البيئية والصحيّة: الظروف البيئية الصعبة ونقص الخدمات الصحيّة يشكلان تحديات صحية وبيئية مهمَّة، إذ تتطلب حلولًا فعّالة تعاونًا دوليًا، والتركيز على تحسين الظروف المعيشيّة وتوفير المساعدات الإنسانيّة لتخفيف معاناة السكان في قطاع غزة.

ساهمت هذه العوامل والأسباب الدّاخلية كلّها في تفجير الوضع في غزة،أضف لذلك فإنّ هناك أسباب خارجيّة بالغة الأهميّة لا يمكن إغفالها ، فقطاع غزة يمتلك ثروات وموارد طبيعيّة بمليارات الدولارات وخاصةً بعد اكتشاف حقول نفط وغاز قبالة سواحل غزة، ويعدٌ حقل غزة مارين الواقع على بعد نحو 30 كيلومترًا من ساحل غزة من حقول الطاقة المهمّة في الشّرق الأوسط، ويحتوي الحقل على أكثر ما يزيد عن تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي، كل ذلك كان السبب وراء تهافت القوى العظمى وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكيّة على دعم إسرائيل في تدمير غزة وتهجيرسكانها.                                                                              وعلينا أن لاننسى أيضًا أن هناك خطة مبيتة ومعدة مسبقًا، الهدف منها تفريغ غزة من سكانها تمهيدًا لإقامة منطقة اتصاديّة بالتزامن مع وضع خطة بناء قناة بن غوريون قيد التّنفيذ.                                                                     إنطلاقًا من هذه المعطيات باغتت المقاومة الفلسطينيّة إسرائيل لإحباط هذه المخطط وبدأت الحرب في غزة، وأدت إلى خسائر بشريّة وماديّة كبيرة لدى الجانب الفلسطيني، على الرّغم من الانتصارات التي حققتها المقاومة الفلسطينيّة والتي شهد لها العدو قبل الصديق.                                                          وبسبب عجز إسرائيل عن تدمير البنة التّحتيّة لحركة حماس، وعدم قدرتها على تحقيق مبتغاها، بدأت باستهداف المواطنين الفلسطينين في غزة بشراسة وبدعم أميركي وغربي علني.                                                                   وبعد وقت قصير من هذه الحرب أبدت المزيد من الدّول العربيّة تضامنها مع مواطني قطاع غزة، واحتشدت الجماهير العربيّة في السّاحات سواء في مصر وتونس والجزائر والأردن ولبنان… ورفعت شعارات وحدوية ، وطالبت بتحرير فلسطين.                                                                                 هذا إن دل على شيء يدل على بداية صحوة فكرية عند الشّعب العربي ، وعودة الرّوح الوطنيّة والقوميّة له بعد انكفائها لمدّة ما يقارب خمسة عقود من الزّمن، وهذا من شأنه أن يعرقل عمليّة التّطبيع ويعيد القضية الفلسطينيّة إلى مكانتها الصحيحة بوصفها قضية العرب الجامعة.

الخاتمة: لا يمكن الحكم حاليًّا على النتائج، لكن مبدئيًّا فخُلِطتِ الأوراق في المستويات الثلاثة (الفلسطينيّة، والإسرائيليّة والإقليميّة)، وعلى الرّغم من النّصر الرّمزي الكبير الذي تحقق في البداية إلّا أنّ هنالك مراحل أخرى ما تزال قائمة والفصول القادمة ستكون خطيرة،  والسؤال المهم يرتبط من هم الرابحون والخاسرون سياسيًّا؟ والجواب عليه يرتبط بكفاءة الدول وقدراتها ديبلوماسيًّا وسياسيًّا في قراءة الأحداث ومحاولة توظيفها.

تنظر قضية التّطبيع في غزة بتعقيداتها، إذ يرى بعضهم أنّها قرار استراتيجي يخدم مصلحة السّلام، في حين يعدُّ آخرون أنّها خيانة للقضية الفلسطينيّة. يجب أن ييكون تفاوض حذر، يشمل الحوار بين الأطراف جميعها لتحقيق فهم مشترك وتعزيز فرص السّلام في المنطقة.

لذا فإن قضية التّطبيع في غزة تتطلب فهمًا عميقًا للتحّديات فيجسد التّطبيع تحديًّا كبيرًّا في سياق الصّراع الإسرائيلي الفلسطيني، ويرى العديد من الفلسطينيين غير مقبولة وغير مشروعة تحمل هذه القضية أثرًا كبيرًا على العلاقات الإنسانيّة والسياسيّة، وتعيد تأكيد أهمية الحوار والتفاهم لتحقيق السّلام في المنطقة، ويتعين على المجتمع الدّولي العمل بجدية لدعم جهود التسويّة العادلة والمستدامة لتحقيق السّلام والعدالة في غزة وفي المنطقة بأسرها.

التّطبيع في غزة يثير الكثير من الجدل والانقسامات، فيتجلى تأثيره على القضية الفلسطينيّة بشكل عام، ويبقى التّواصل والحوار حلًّا أساسيًا لفهم مختلف وجهات النّظر والسّعي نحو السّلام، مع الحرص على احترام حقوق الإنسان وكرامة الشّعب الفلسطيني.                                                               وعليه كيف يمكن تحقيق التواصل المفتوح لفهم مواقف الأطراف المتنازعة حول قضية غزة خلال عملية التطبيع؟

النّظرة النقديّة: كشفت الحرب الأخيرة على غزة عن ضعف الموقف الرسمي العربي، وهشاشته والذي لم يبدِ أي اهتمام تجاه القضية الفلسطينيّةعلى عكس الشارع العربي الذي تعاطف مع الشّعب الفلسطيني المنكوب، وأولى أهتماماته لفكرة التّضامن والتّعاون العربيين .

ومن أبرز تجليات هذه الحرب أنها أيقظت الشّعور الوطني والقومي لدى أبناء الأمة العربيّة.

في المقابل، فإن الحرب الحاليّة على غزة لم يعد لها تأثير  على مسار التّطبيع، والاتفاقيات  التي أبرمتها دول الخليج وبعض الدّول العربيّة سوى تعليقها حتى إشعار آخر ليعاد استئنافها لاحقًا ريثما تهدأ الأمور.

 

التوصيات: إنّ مسألة التّطبيع بين العرب وإسرائيل هي مسألة في غاية الخطورة، لأنّها تشكّل تهديدًا للأمن القومي العربي والخليجي، وتهدف إلى طمس الهُويّة العربيّة والقضاء على القضية الفلسطينيّة، لذلك لا بدّ من اتخاذ خطوات عملية وإجراءات مدروسة مسبقًا تقي المجتمعات العربيّة من مخاطر التّطبيع.                                                                                                   أولاً: دعوة الجامعة العربيّة للانعقاد لتجريم التّطبيع مع إسرائيل.                                                                                                            ثانيًّا: إحياء ذاكرة الصراع العربي الإسرائيلي من خلال إبراز الأضرار والمخاطر التي تعرضت لها مصر بسبب هذا الت طبيع في المجالات كافة السياسيّة والاقتصاديّة والثقافيّة والعسكريّة، وهذا يقع على عاتق وسائل الإعلام العربيّة.

ثالثًا: الدّعوة إلى انعقاد  مؤتمر قومي عربي يؤسس لحركة مقاومة التطبيع مع الكيان الإسرائيلي.

  رابعًا: تعزيز ثقافة وعي المواطن العربي من خطر التّطبيع.                                                                                                               خامسًا: إقامة برامج تربوية وتوجيهيّة في المدارس والجامعات تشرح مخاطر التّطبيع مع إسرائيل بكل أشكاله.

 سادسًا: إقامة ندوات سياسيّة  يديرها مفكرون سياسيون عرب تتمحور حول أهمية  تعزيز الولاء الوطني، والقومي العربي لتحصين السّاحة العربيّة من مخاطر السّلام مع إسرائيل.

المراجع:

1- يوسف أسامة، إتفاق أوسلو… التداعيات الكارثية على القضية الفلسطينيّة،إتفاق-أوسلو-التداعيات-الكارثية-على-القضية-الفلسطينيّةalaraby.co.uk/.

2 – سامين علي، مقال تحليلي، عضو الكادر التدريسي في جامعة استانبول.

3- محمد صالح محسن، القضية الفلسطينيّة: خلفياتها التّاريخيّة وتطوراتها المعاصرة، مركز الزيتونة للاستشارات، بيروت، 2012 ، ص 71.

4 – محمد صالح محسن، مقال تحليلي، مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 23/11/2023.

5 – مركز الأهرام للدراسات السياسيّة والاستراتيجيّة .

6 – المركز الفلسطيني للأبحاث السياسات والدراسات الإستراتيجية،9آب 2021.

 

– طالب دكتوراه في كلية الحقوق والعلوم السياسية بجامعة بيروت العربية [1]

PHD student in political science at the Faculty of law and political science at Beirut Arab University  Email: jamal.toufaily2016@outlook.com

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

free porn https://evvivaporno.com/ website