“المنهج الثقافيّ” رؤية ثورويّة في فكر الدكتور عليّ زيتون الأدبيّ
د. زينب الطحّان*
يرى “جان فرنسوا ليوتار”؛ وهو أحد أعمدة فكر ما بعد الحداثة، أنّ الإيديولوجيّات الكبرى التي سيطرت علينا طيلة القرنين الماضيين كالليبراليّة، والاشتراكيّة، والماركسيّة التي كانت من نتاج الحداثة، وعصر التنوير، لم تستطع تحقيق وعودها للبشر بالسعادة عــــلى هــذه الأرض، ولذلك فهو يدعوها بالحكايات الكبرى الطـــوبــــاويّة، أو الأســــاطـير الكـبرى الـــتي أوهمتـــنا بفكرة التـــقدّم، وقالت لنا إنّ الإنسان سائر لا محالة نحو الأفضل باستمرار، إذا اتّبع المنهج العقلانيّ، وتخلّى عن الخرافات، وانتزع من رأسه العقليّة الغيبيّة التي سيطرت على العقول إبّان العصور الوسطى في الغرب الأوروبيّ[1].
وفي اعتقاد “ليوتار” بأنّ مقولة التقدّم سقطت بعد مرور العالم بتجربة الفاشيّة، والنازيّة و”المحرقة اليهوديّة”، ولم يعد بالإمكان أن نضع ثقتنا في إيديولوجيا التقدّم، والتنوير، والحداثة، لأنّها ليست يقينيّات علميّة، وإنّما مجرّد طوباويّات تحرّك الجماهير، وتوهمها بالتحرير والخلاص، ولكن بلا جدوى. ويستطرد ليوتار قائلاً إنّه يجب على إنسان ما بعد الحداثة العيش من دون حكايات، أو سرديّات كبرى، يجب عليه أن يرفض كلّ صور الكلّيّة والشموليّة التي حكمت الفكر الغربيّ، وفرضت عليه نوعًا من الإرهاب والإقصاء، التي جعلت منه سجين أفكارها الباطلة. كما يجب عليه أن يتخلّص من الإيمان بوجود حقيقة واحدة، والتخلّص من فكرة الثورة لبلوغ الحرّيّة والسعادة. وعلى إنسان ما بعد الحداثة أن يقتنع بهيمنة التقنيّات، والعلوم على وجوده، وأن يتكيّف مع هذه الهيمنة من دون القدرة مع ذلك على الوثوق بها في ما يتعلّق براحته[2].
بذلك، أراد مفكرو العقود الأخيرة من القرن العشرين أن نرمي الإيمان خلفنا، الإيمان بأيّ شيء، وبكلّ شيء، يريدوننا أن نرمي خلفنا المرجعيّات، والسرديّات الكبرى، عندما يخلقون تشكيكًا بالقواعد، وبكلّ ما تلقّيناه من معارف وعلوم. وفي الحقيقة، هذا يضرب، أوّل ما يضرب، عداك عن فكرة الإيمان بالله والدين، تجاوز البنية الثقافيّة لتشكيل الهُويّة الإنسانيّة بشكل خاصّ. وأهمّ ما تعرّض للهجوم في هذه البنية هو عمود المنهج الثقافيّ الذي تحتكم إليه الشعوب، والذي أُستبدل بالنقد الثقافيّ. وفي هذا المَيدان نعتمد على الرؤية النقديّة التي يقدّمها الدكتور البروفسور عليّ زيتون في هذا المضمار.
كي يوضّح زيتون هذا التغاير، يتوقّف أوّلًا عند مصطلحي الحداثة وما بعد الحداثة، إذ يبيّن أنّ الحداثة تقوم على سلطة العقل، وليس على العقل بالمطلق. العقل منذ أرسطو كان حاضرًا، وكانت له سلطته، أمّا سلطته في مرحلة الحداثة الغربيّة فقائمة على التصاقه بكلمة العلميّة أو (العلميّ) العقل العلميّ الذي يقدّم لنا حقائق يقينيّة ملموسة بالإصبع أو مرئيّة بالعين، أو بأيّ حاسّة من الحواسّ.[3]
أمّا مرحلة ما بعد الحداثة قامت على تقويض السلطة. سلطة العقل بشكل عامّ، والعقل العلميّ، بشكل خاصّ، وسلطة العقل بدأت بالانهدام منذ “نيتشه”[4]. وهو الذي أطلق مقولتين شهيرتين، الأولى: هي أنّ العقل ليس مرجعًا صالحًا لتحديد الخطأ من الصواب، وأنّ الحقيقة وجهة نظر. هذا يعني أنّ هناك ضياعًا غير عاديّ في التعامل مع هذه المقولة. والتفكيكيّة في الحداثة مؤسّسة بشكل أساسيّ على هذه المقولة لأنّ هدفها المحوريّ حركة ما بعد الحداثة هي تقويض سلطة العقل على ما أسموه ميتافيزياء العقل، أو الميتافيزياء الغربيّة[5]. ومع حركة الحداثة تحوّلت الدراسات من أن نصفها بالدراسة لتتّصف بشيء آخر.
كان هناك دراسات تاريخيّة قبل مرحلة الحداثة مع مرحلة الحداثة أصبحنا مع علم تاريخ يعني أنّ العقل العلميّ هو الذي يقول رأيه الأوّل والأخير في مسألة التاريخ . أيضًا في الدراسات الاجتماعيّة كان هناك دراسات اجتماعيّة من ابن خلدون باتت مع حركة الحداثة علم اجتماع، دراسات نفسيّة علم نفس، دراسات لغويّة علم لغة، دراسات أدبيّة علم أدب، يعني أنّ كلمة علم هي المسألة المحوريّة بأيّ كلام يطلق في مرحلة الحداثة. وهذا التحوّل استطاع أن يخترق الفلسفة، فالفلسفة التي هي مستقلّة كلّ الاستقلال باتت مع مرحلة الحداثة علمًا والماركسيّة تعتزّ بأنّها فلسفة علميّة، يعني أنّ السيادة باتت لما هو علميّ في مرحلة الحداثة.
وهنا نتساءل مع البروفسور زيتون حول علاقة هذه الحقول المعرفيّة بالنقد الأدبيّ وكيف تحوّل؟ فالتاريخ أو علم التاريخ عدّ نفسه المرجعيّة الصالحة للبتّ بكلّ الأمور ومنها الأدب، وجاء بما يسمّى المنهج التاريخيّ في الدراسات الأدبيّة. علم النفس أيضاً عدّ نفسه السلطة المحوريّة وحدها التي يحقّ لها أن تقول رأيها في الأمور كلّها، ومن بينها الأدب. فجاء المنهج النفسيّ المرتكز على اللاشعور وما يختزنه من مكبوتات، ومن مركّبات نقص أو تفوّق، نظر علم الاجتماع إلى نفسه هذه النظرة أيضّا، فكان أن أبدى رأيًا في الأدب، كما أبدى التاريخ رأيه في الأدب، علم النفس رأيه في الأدب، وعلم الاجتماع رأيه في الأدب أيضًا أبدى هذا رأيه في الأدب وأنتج منهجًا منتميًا إليه.[6]
جاء علم اللغة ليحدث ثورة وتحوّلاً في النقد الأدبيّ عبر ثنائيّة الدالّ والمدلول، هذه الثنائيّة التي جاء بها سوسيه صارت مع البنيويّة أساسًا في إنتاج المنهج البنيويّ الذي وقف في وجه اختراق الحقول المعرفيّة الأخرى حقل الأدب. يعني جاءت لتقول لا دخل للتاريخ، لا دخل للمجتمع، لا دخل للفلسفة، لا دخل لعلم النفس في الأدب. الأدب هو هذا النسيج اللغويّ الذي تنبني عليه الأدبيّة، وجماليّة النصّ، ويقوم عليه المنهج البنيويّ. إذًا البنيويّة، وهي منتمية إلى الحداثة مثلها مثل الحقول المعرفيّة الأخرى جاءت لتقول هذا القول من خلال ما أسمته علم الأدب، هذا ما يؤكّده أستاذي الدكتور عليّ زيتون.
هذه المناهج من المنهج التاريخيّ الذي له رأيه في الأدب إلى الاجتماعيّ إلى النفسيّ إلى الفلسفيّ الوجوديّ والماركسيّ إلى المنهج البنيويّ. على ما قام المحور الأساسيّ في تحديد هذه الآراء.
ويحيك الدكتور عليّ زيتون هذه الرؤية النقديّة في تجاوز لنظريّتي الانعكاس والانكسار، حين يقول بافتتان الأديب بنفسه. وهو افتتان مرتبط بقدرة الأديب على الكشف داخل العالم المرجعيّ، وعلى الفرادة التي يتلذذ بطعمها. وفي رؤيته لنظريّة الكشف يقول الدكتور زيتون :”وإذا خصّ الله نفسه بالوحدانيّة والقدرة على الخلق، ترك للإنسان القدرة على الكشف والتمكّن من تذوّق طعم الفرادة التي تسمح له بالافتتان”. وهو افتتان برأيه مشروع كونه ينطلق من الافتتان بقدرة الخالق تجعله يفهم وحدانيّة الله في ما أبدعه من خلق عظيم، ويدرك المسافة الشاسعة جدا، والتي تفصل وحدانيّة الله عن فرادة الإنسان الكشفيّة.
ويشترط الباحث لتكوين هذه الكشفيّة عند الأديب توافر الثقافة العالية المحيطة بعصره، ومجتمعه، وأن يثير في وجه تلك الثقافة أسئلة محرجة، ومثل هذه الأسئلة هي ما يجب أن يتنفس بها نتاج ذلك الأديب الكبير، فيُكشف لنا في قراءة أعمالهم عن قلق معرفيّ، إنسانيّ، تاريخيّ كفيل بإنتاج أدب خالد.
من هنا، يحتفي الدكتور زيتون بأدبيّة الرواية في سياقها السيميائيّ، فهو يرى أنّ تحليل العلامة السيميائيّة نسيج لغويّ غرضه التعرّف إلى الرؤية، وإلى عمق الثقافة التي تأسّست عليها، وإلى مدى قدرتها على النفاذ في عمق المادّة المرجعيّة. ويعني ذلك أنّ تلك الرؤية – وفاق رأيه – التي تحكم النظام السميائيّ القائم في تلك الرؤية ستكون قابلة للتفتح لحظة تفتيح العلامة السيميائيّة. فتفتيح العلامة تفتيح لمكوّناتها الوظيفيّة بوصفها بنية متشكّلة من رؤية، ومادّة مدركة ولغة. ويؤكّد هنا أنّه من المهمّ البَدء في تفتيح الجزئيّ لنصل إلى التفتيح الكلّيّ الذي يضع أصبعنا على أدبيّة الرواية، التي تقوم على تأسيس بنيويّة الحداثة، وهنا تدخل في رؤية المنهج الثقافيّ.
فالمنهج الثقافيّ، عند الدكتور عليّ زيتون، يقوم على ثلاثيّة، الركن الأوّل: هو الرؤية إلى العالم، الركن الثاني: هو العالم المرجعيّ، ونقصد بالعالم المرجعيّ الزمان بتاريخيه، والمكان بامتداده، والإنسان بكلّ قضاياه، والأحداث بكلّ مضامينها هذا هو العالم المرجعيّ. الرؤية تنظر إلى العالم المرجعيّ، أو إلى جانب منه، وتقدّمه لنا بالمرتكز الثالث الذي هو اللغة. إذًا هناك ثلاثيّة الرؤية إلى العالم، العالم المرجعيّ، واللغة التي يقوم عليها هذا المنهج.
وبالنسبة إلى الرؤية إلى العالم، لكلّ منّا رؤيته الخاصّة جدًّا به، هذه الرؤية قائمة على مجموعة من المقوّمات، رؤية الدكتور زيتون كما يقول: “هي مرتبطة بثقافتي، ومرتبطة بقناعاتي، ومرتبطة بهمومي، ومرتبطة باهتماماتي، ويتدخّل الانفعال لتكوين هذه المكونات الأربعة، لكنّ السلطة في هذه المكوّنات التي تقوم عليها الرؤية للثقافة، ومن هنا جاء المنهج الثقافيّ، يعني أنّ القناعات لا تمتلك حرّيّة نفسها، الثقافة هي التي تحدّد مسارها، وتمسك بتلابيبها، والهموم والاهتمامات أيضًا، يعني أنّ الثقافة هي السلطة التي تقوم عليها رؤيتنا إلى العالم هذه الثقافة، أو هذه الرؤية إلى العالم المرتكز الأوّل”[7].
المرتكز الثاني العالم المرجعيّ – ولا زال التصنيف للبروفسور زيتون – العالم المرجعيّ كلّ شيء من أشياء العالم المرجعيّ ليس أحاديّ الجانب، “يعني هذه الورقة بالنسبة إليّ ورقة لها دلالة متعلّقة برؤيتي إليها، لأيٍّ منكم رؤيته إليها لصانع الورق، لتاجر الورق، لأيّ إنسانٍ، للأمّيّ، للمثقّف، لكلّ منّا إذًا هذه الورقة ليست ذات بعد واحد نراه بالعين، أو نلمسه باليد، هذه الورقة، أو أيّ شيء هو ذو أبعاد متعدّدة غير نهائيّة، ولعلّ المثل البسيط الذي يقدّم لنا هذه الإشارة بشكل مبسّط، لو وزّعنا الآن ورقة لكلّ منّا، وقلمًا، وقلنا له ليقل كلّ منّا من هو (هارون الرشيد) هذا المشهور بأربعة أسطر، نجمع الأوراق فنجد هارون الرشيد بعددنا، وكلّ منّا قد نظر إلى جانب من جوانب هارون الرشيد وهي موجودة فيه”[8].
يعني أنّ هارون الرشيد متعدّد الأبعاد بعدد أنفاس الخلق كما يقول المتصوّفة الطرق إلى الله بعدد أنفاس الخلق. ما يريد أن يصل إليه الدكتور زيتون أنّ رؤية كلّ منّا هي بصمة لا يمكن أن تماثلها بصمة أخرى حتّى التوأمان اللذان تربّيا في كنف والدين مشتركين، وأخوة مشتركين، وفي مدرسة واحدة، وفي كتاب واحد، وفي… لو قال الأب إيّاكما أن تقتربا من النافذة لفهم كلّ منهما ما قاله الأب بشكل آخر عن الثاني، وعمّا أراده الأب، يعني لا وجود للثبات في هذا الأمر. ويعني ذلك – كما يؤكّد الدكتور زيتون – أنّ الرؤية إلى العالم هي بصمة لا تتكرّر، وهذه الرؤية إلى العالم تنفذ في حدث حرب العدوان الإسرائيليّ في العام تمّوز 2006 إلى عمق معيّن رؤية فلان تنفذ إلى عمق آخر، ليس المهمّ أيّهما أعمق لكن لا يمكن معرفة أيّ عمق وصلته رؤية فلان، وأن تتطابق مع العمق الذي رأته رؤية فلان، وكيف يقدّم هذا العمق، يقدّمه باللغة.
ممّا تقدّم يتبيّن أنّ الدكتور زيتون يرى أنّ الرؤية تقدّم إلى العالم، وهذا العالم المرجعيّ المتعدّد الأبعاد الذي يراه الأديب، أو الشاعر، أو الأمّيّ، أو الإنسان العاديّ برؤيته، ويعبّر عنه باللغة، وهنا تأتي مقولة مهمّة جدًّا بتقديره هي أنّ الشاعر الكبير لا يمكن إلاّ أن يكون مثقّفًا كبيرًا، والروائيّ الكبير لا يمكن أن يكون إلاّ مثقّفًا كبيرًا، يعني لا يوجد ارتجال في الأدب، ولا يوجد أنصاف شعراء، أو أرباع شعراء، إمّا أن يمتلك الشاعر، أو الأديب ثقافة العصر، وأن يحاور هذه الثقافة، وأن يطرح عليها أسئلة تحرجها فيعبر عنها بشعره، هذا هو الشاعر الحقيقيّ، وهذه هي المسألة التي يحاول المنهج الثقافيّ أن يضع أصبعه عليها.
وهنا نصل إلى بيت القصيد في التمييز بين النقد الثقافيّ، والمنهج الثقافيّ، الذي بيّنا مراده ومفهومه أعلاه. أمّا النقد الثقافيّ فهو وفقًا لأستاذي البروفسور زيتون، يتميّز بأمرين:
- الأمر الأوّل هو أنّه وسّع دائرة القول، فلا يكتفي بالقِصّة، والقصيدة، والرواية مادّةً لهذا النقد، توسّع فجعل من النكتة، والحزورة، والإشاعة، وأيّ كلام يُطلق مادّة لهذا النقد[9].
- والأمر الثاني الذي يقوم عليه النقد الثقافيّ هو أنّ الأدبيّةَ، أو الفنّيّة التي نبحث عنها في القصيدة، أو القِصّة، أو الرواية هي حيلة يقوم بها الشاعر، أو الروائيّ، أو القاصّ لتمرير أنساق ثقافيّة. ومفهوم الأنساق الثقافيّة، أو النسق الثقافيّ هو موروث فكريّ يمتدّ منذ وجود الإنسان على الأرض حتّى اليوم. وهنا، يعني اتّصال هذا المنهج بما بعد الحداثة، لأنّ ما بعد الحداثة يرى أنّ الزمن الحاضر ليس سوى الزمن الماضي ممتدًّا فيه يعني لا وجود لزمنٍ حاضر ولا وجود…[10]
فمصطلح ما بعد الحداثة Postmodérnisme)) يعني أوّل ما يعنيه سقوط الحداثة والبنيويّة. وسقوطهما يعني سقوط ما يمثّلانه من إمامة العقل، والتماسك، وسيادة المفهمة التي يمكنها أن تأخذ بيدنا خطوة خطوة إلى مأمننا الوثوقيّ. ويعني هذا أنّنا سنسلم أنفسنا للتيه بكلّ ما تعنيه كلمة التيه من معنى. ويصبح الهدف الأوّل، بناء على ذلك، تقويض فلسفة الحضور وإحلال فلسفة الغياب محلّها، غياب قصديّة المؤلّف عن نصّه، وغياب الذات عن الإنسان.
من هنا، في الختام، نرى الحاجة ضروريّة اليوم إلى ثورة ثقافيّة تجفّف منابع كلّ الأفكار الهدامة، والأفكار المتطرّفة التي أدّت إلى الوقوف أمام عجلة الإصلاح الثقافيّ، والتطوّر العلميّ، والبناء الاقتصاديّ. فالثورة الثقافيّة ليست شهادات علميّة، أو مستويات وظيفيّة، بل حصيلة ما يستفيده العقل، والضمير من تعاليم راقية تؤدّي إلى إصلاح البلاد، والإحسان بين العباد من دون إفراط، أو تفريط. وفي غياب المعنى وبعثرته، تتضاءل القيمة الإنسانيّة للغة، كونها الوعاء الحامل للأفكار، بقصديّة تفكيك الارتباط بين المرء، وبين لغته الخاصّة، التي تؤدّي فيما بعد إلى التساهل في طمر معالمها الحاملة للهُويّة والانتماء الوطنيّ. وهذا ضرب عميق لثقافة القارئ المحلّيّ، والمسكوت عنه في روايات ما بعد الحداثة. لذا كان النقد الثقافيّ في مواجهة المنهج الثقافيّ الذي يؤسّس له الدكتور زيتون بنية رؤيويّة تستقي جذورها من الرؤية الإسلاميّة للكون، وللإنسان، وقضاياه الشائكة.
المصادر والمراجع
- جان فرنسوا ليوتار، الوضع ما بعد الحداثيّ، ترجمة أحمد عبّاس، دار المشرقيّات للنشر والتوزيع، 1994.
- عليّ زيتون، مقالات متفرّقة وأهمّها: مميّزات النهج الثقافيّ.
عليّ زيتون، “المدرسة الإيكويّة في الكتابة” ما لا يمكن تنظيره ينبغي سرده، معهد المعارف الحكميّة، 2018.
** أستاذ معيد في الجامعة اللبنانيّة، قسم اللغة العربيّة وآدابها.
[1] – جان فرنسوا ليوتار، الوضع ما بعد الحداثيّ، ترجمة أحمد عبّاس، دار المشرقيّات للنشر والتوزيع، 1994.
[2] – المرجع نفسه.
[3] – عليّ عليّ زيتون، مقالات متفرّقة وأهمّها مميّزات النهج الثقافيّ.
[4] – ريدريش فيلهيلم نيتشه (15 تشرين الثاني 1844 – 25 أب 1900) فيلسوف ألمانيّ، ناقد ثقافيّ، شاعر، وملحن، ولغويّ، وباحث في اللاتينيّة، واليونانيّة. كان لعمله تأثير عميق على الفلسفة الغربيّة وتاريخ الفكر الحديث.
[5] – عليّ عليّ زيتون، “المدرسة الإيكويّة في الكتابة” ما لا يمكن تنظيره ينبغي سرده، معهد المعارف الحكميّة، 2018.
[6] – المرجع نفسه.
[7] – من كلمة ألقاها البروفسور الدكتور عليّ زيتون في أحد المؤتمرات في العام 2017.
[8] – المرجع نفسه.
[9] – عليّ زيتون، مقالات متفرّقة، وأهمّها: مميّزات النهج الثقافيّ.
[10] – المرجع نفسه.