foxy chick pleasures twat and gets licked and plowed in pov.sex kamerki
sampling a tough cock. fsiblog
free porn

الهجرة اللبنانية

0

الهجرة اللبنانية

Lebanese immigration

Dr. Nadia Al-Saleh د ـ ناديا مصطفى الصالح[1]

تاريخ الاستلام :17-3-2024                        تاريخ القبول 27-3-2024

تحميل نسخة PDF

ملخص البحث

يعالج البحث موضوع الهجرة اللبنانية منذ غابر التاريخ وهو الزمن الذي باشر فيه الفينيقيون وهم «أوائل اللبنانيين»مغامراتهم عبر البحار، والذين وفق بعض المؤرخين وصلوا إلى القارة الأميركية في أواسط القرن الثاني عشر قبل الميلاد.والى أميركـا اللاتينيــة خـلال التوســع الإسبانــي والبرتغالي في القرنين الثاني عشر والرابع عشر. وتركزت موجات الهجرة باتجاه الأميركيتين واستراليا، وقبلهما نحو مصر، عبر موجتين. ثم اّتسع نطاق الهجرة اللبنانية بلدانا عديدة متفرقة في العالم: كندا، اوستراليا، مكسيكو، نيوزيلندا، وإفريقيا، وجزائر الهند الغربية، والفيلبين وغيرها، لتتوقف نسبيًّا أثناء الحرب العالميّة الأولى التي قضَت على ثُلث سكان لبنان. وفي أعقاب استقلال لبنان عن الحكم الفرنسي، وقيام الدولة اللبنانية في عام ١٩٤٣، توَجّه اللبنانيّون إلى مَناطق جديدة، وهي أستراليا، وأوروبا الغربيّة (فرنسا)، ودوَل الخليج، وغرب أفريقيا. ومع اندِلاع الحرب الأهليّة عام ١٩٧٥ استقروا في أمريكا الشماليّة وأستراليا. وبحكم فرص العمل المحدودة توجّه اللبنانيّون إلى السعودية ودول الخليج العربي. وكان لاكتشاف النفط في هذه البلدان أثره البالغ في ذلك حيث بدأت دول الخليج بإقامة المشاريع التنموية ما استدعى وجود شركات عالمية كبرى في المنطقة كانت بحاجة إلى الأيدي العاملة والمهارات والخبرات التي لم تكن متوفرة في السوق المحلية. وقد أدّى المتموّلون اللبنانيون دورًا بارزًا في هذا المجال فأنشأوا الشركات العقاريّة الكبرى ونشطوا في حقل المقاولات واستقدموا آلاف العمال اللبنانيين إلى دول الخليج للعمل في مشاريعهم.

استنادا إلى ذلك قسمنا البحث إلى فصلين. يعنى الفصل الأول بالمراحل التاريخية للهجرة اللبنانية ومعاناة المهاجرين الأوائل والفصل الثاني يحكي عن موجات وأسباب الهجرة.

الكلمات المفتاحية: الهجرة، المراحل التاريخية للهجرة، بلاد الاغتراب، أسباب الهجرة، موجات الهجرة، معاناة المهاجرين الأوائل.

Search summary

The research addresses the issue of Lebanese immigration since ancient times, which is the time in which the Phoenicians, “the first Lebanese,” began their adventures across the seas, and who, according to some historians, arrived on the American continent in the middle of the twelfth century BC. And to Latin America during the Spanish and Portuguese expansion in the twelfth centuries. And the fourteenth. The waves of immigration focused towards the Americas and Australia, and before that towards Egypt, in two waves. Then the scope of Lebanese immigration expanded to many different countries in

The world: Canada, Australia, Mexico, New Zealand, Africa, Algeria, the West Indies, the Philippines, and others, to a relative halt during the period of World War I, which wiped out a third of Lebanon’s population. Following Lebanon’s independence in 1943, the Lebanese headed to new regions, namely Australia and Western Europe. (France), the Gulf states, and West Africa. With the outbreak of the civil war in 1975, they settled in North America and Australia. Due to the limited job opportunities, the Lebanese headed to Saudi Arabia and the Arab Gulf states. The discovery of oil in these countries had a significant impact on this, as the Gulf countries began to establish development projects, which necessitated the presence of major international companies in the region that needed manpower, skills, and expertise that were not available in the local market. Lebanese financiers have played a prominent role in this field, establishing major real estate companies, being active in the contracting field, and bringing thousands of Lebanese workers to the Gulf countries to work in their projects.

Based on this, we divided the research into two chapters. The first chapter deals with the historical stages of Lebanese immigration and the suffering of the first immigrants, and the second chapter talks about the waves and causes of immigration.

Keywords: Immigration, historical stages of immigration, countries of emigration, reasons for immigration, waves of immigration, suffering of the first immigrants.

أهمية البحث

تبرز أهمية البحث كموضوع حيوي يسلط الضوء على اهميةالهجرة من حيث أنها ليست مشكلة, كما دأبت على استخدام هذا التعبير مختلف الكتابات والأدبيات الاجتماعية والسياسية والسكانية,وإنما هي قضية, أي انها تتخطى منظور المشكلة الاجتماعية, التي يمكن حلها بتدابير وبإجراءات إدارية وتقنية تطبيقية, لتصبح جزءاً من واقع اجتماعي ديموغرافي, أي جزءاً من بنية مجتمعية, لتستمر هذه القضية حاضرة, تخبو جذوتها أو تزدهر وتنطلق حسب الأوضاع الظرفية التي يمر بها هذا الواقع.

ضمن إشكالية تطرح سؤال

ما هي المراحل التاريخية وموجات الهجرة وأسبابها؟

ويتفرع عنها الأسئلة التالية:

– هل الهجرة اللبنانية مشكلة ام قضية حقة يجب الوقوف خلفها بقوة لإيجاد للحؤول دون استعصائها؟

– هل كتب على الشباب اللبناني الحصول على مؤهلات كبيرة للعمل خارج وطنهم دون سعي المسؤولين لإيجاد مخرجا للأزمة من أجل الإبقاء عليهم والاستفادة من خبراتهم؟

منهجية البحث

اعتمدنا في هذا البحث على المنهجين العلمي التاريخي والتحليلي من خلال تقديم وصف وقائعي، يستند إلى المصادر الاحصائية المتوافرة للهجرة التي تمّ بها تحويل أغلبية اللبنانيين لأن يقيموا خارج وطنهم.

أهداف البحث

يهدف البحث إلى الإضاءة على تزايد أفواج المهاجرين إلى بلاد الله الواسعة للهروب من واقع معيشي مرفوض وغير ملائم للبنانيين من خلال تدني الأجور وعدم أيجاد فرص للعمل،ما يضطرهم لتحسين أوضاعهم الاقتصادية بظروف عمل أخرى تناسب مؤهلاتهم العلمية والحياتية.

الاستنتاجات

1- الخسائر المادية من الممكن تعويضها، لكن النزف الحاد في الكفاءات والأدمغة سيترك تداعيات مدوية في المجتمع اللبناني؛ مما يهدد لبنان بمستقبل قاتم.

٢- اعتياد لبنان تاريخياً على تصدير الأدمغة ورأس المال البشري في كل القطاعات بالأخص القطاع التعليمي الذي يعيش تداعيات كبيرة، لهو معضلة تترك لها آثارا في المدى القريب والبعيد.

٣- موجة الهجرة الجديدة التي يشهدها البلد منذ عام ٢٠١٩ التي انطلقت مع تداعي القطاع المصرفي واحتجاز أموال المودعين هي الأخطر مما سبقها من هجرات.

التوصيات

– ضرورة الحد من نزف الهجرة المتزايد من خلال إيجاد ظروف عمل مواتية لجميع الاختصاصات، مع زيادة الأجور بحيث تناسب الوضع المعيشي والأزمة الاقتصادية القائمة.

– القضاء على الواسطة ووضع الشخص المناسب في المكان المناسب.

– القضاء على الفساد والرشوة وهدر الأموال بطريقة مبتذلة مع تغيير النظام الحالي والذي هو المعضلة الأكبر.

المقدمة

تعتبر اليوم دراسة الهجرة اللبنانية من الدراسات الدقيقة جدا لتداخلها مع مختلف العلوم الانسانية والاجتماعية كونها تدور حول نقطة مركزية هي دراسة التفاعل الاجتماعي الكائن في طرفي الهجرة وهما مجتمع الارسال ومجتمع الاستقبال، إضافة إلى حلقة أساسية تربطهما ببعضهما البعض ألا وهي المهاجر. فعلاقة الإنسان بالأرض هي علاقة مزدوجة تفاعلية استقرارًا أو انتشارًا مع ما يرافقها من سلبيات أو إيجابيات. بمعنى أن أي خلل في انتظام هذه العلاقة (من حيث محيطه المادي أو الاجتماعي) يؤدي إلى اليأس ثم الابتعاد إلى أراضي الله الواسعة.

هذا ويغادر العديد من الناس سنويا من بلادهم والأراضي التي يعيشون عليها إلى بلاد أخرى للبحث عن حياة أفضل لذلك يختار معظمهم الهجرة إلى دول وأماكن جديدة تساعدهم على تحسين مستوى حياتهم المعيشي أو للهروب من الاضطرابات السياسية والحروب فيجبرون على التأقلم مع طبيعة الحياة في البلد الجديد خصوصا مع ظهور الاختلافات الثقافية والاجتماعية،وقد لا يجد الكثيرمن المهاجرين سوى الأعمال الشاقة للعمل بها والتي تستغرق ساعات طويلة وأجور منخفضة وظروف عمل صعبة.

هذه الهجرة التي تعرضت لها بلادنا مع ما رافقها من فقدان كفاءات عالية وأدمغة تفرض علينا الرجوع أربعة آلاف سنة في غابر التاريخ وهو الزمن الذي باشر فيه الفينيقيون، وهم «أوائل اللبنانيين» مغامراتهم عبر البحار، والذين وفق بعض المؤرخين وصلوا إلى القارة الأميركية في أواسط القرن الثاني عشر قبل الميلاد. ولقد استندت الدراسـات في هذا الإطـار وبصـورة خاصة إلى الكتابــات الفينيقيـة في حجارة غافيا وبارايبا في البرازيل.كما تم التأكد من حضور اللبنانيين في أميركا اللاتينيـة في القرن السابع بعد الميلاد وذلك عندما استطاع الحاكم بن براجيل الوصول من مراكش وقرطبة إلى جزيرة الآسور محقّقًا بعد ذلك مأثرة اجتياز المحيط الأطلسي العام ٧٠٥ بعد الميلاد، ووصل إلى مصب نهر بارنايبا في ولاية بياوي (الحالية) كما وإلى منطقة تسمى اليوم إنفرا دوس ريس.ولقـد قام هـذا الحاكـم بوضــع الخرائـط للشاطــئ ووضــع خاتمــة تحت عنـوان «براجيل» وأعطى راسمي الخرائط كل الشروحـات اللازمــة. وفـي متابعتهـــم البحـث تحقــق المؤرخون أيضًا من الوجـود العربــي واللبنانــي في أميركـا اللاتينيــة خـلال التوســع الإسبانــي والبرتغالي في القرنين الثاني عشر والرابع عشر.

وقد تركزت موجات الهجرة باتجاه الأميركيتين واستراليا، وقبلهما نحو مصر عبر موجتين بين ٩٠٠-١٩١٤ انخفض عدد سكان الجبل عن طريق الهجرة إلى زوايا الأرض الاربع بمعدل خمس وعشرين بالمئة اي مئة الف نسمة ثم إتسع نطاق الهجرة اللبنانية بلدانا عديدة متفرقة في العالم: كندا، اوستراليا، مكسيكو، نيوزيلندا، وإفريقيا، وجزائر الهند الغربية والفيلبين وغيرها، لتتوقف نسبيا اثناء فترة الحرب العالميّة الأولى.

عندما حلّت الحرب العالميّة الأولى عام ١٩١٤، تأثّر لبنان فيها بشكل مباشر، فحاصرت السلطات التركيّة لبنان وأقفلت حدوده البحريّة والبريّة، لتتوقّف حركة الملاحة والسفر. بالإضافة إلى ذلك أتت موجات الجَرَد التي أكلت الأخضر واليابس، مما أدّى إلى مجاعة كبيرة والى أمراض عديدة وحالات خوف وهلع…كل هذه العوامل، قضَت على ثُلث سكان لبنان تقريباً‎.وعند إنتهاء الحرب العالميّة إستأنف الشباب اللبناني السفر بحثاً عن مجالات العمل والثروة، وبدأوا بتحويل الأموال لإعالة أهلهم الذين رزحوا طوال فترة الحرب تحت نير العثمانيين واضطهادهم. وقد بدأت تمتدّ مرحلة الهجرة الحديثة، منذ إعلان دولة لبنان الكبير عام ١٩٢٠ وصولاً إلى إعلان الجمهوريّة اللبنانيّة عام ١٩٢٦ ومن ثم إستقلال لبنان في العام ١٩٤٣ وانتهاء الإنتداب الفرنسي على لبنان‎.

وفي أعقاب استقلال لبنان عام ١٩٤٣، توَجّه اللبنانيّون إلى مَناطق جديدة، وهي أستراليا وأوروبا الغربيّة (فرنسا) ودوَل الخليج وغرب أفريقيا.

ومع اندِلاع الحرب الأهليّة عام ١٩٧٥، فرّ اللبنانيون من حالة عدم الاستِقرار والصراع واستقرّوا في أمريكا الشماليّة وأستراليا.كما أصبحت ألمانيا والسويد وجهةً شعبيّة للّبنانيّين.على أنّ الهجرة لم تهدأ مع نهاية الحرب، وبحكم فرص العمل المحدودة توجّه اللبنانيّون إلى السعودية ودول الخليج العربي. وكان لاكتشاف النفط في هذه البلدان أثره البالغ في ذلك حيث بدأت دول الخليج بإقامة المشاريع التنموية ما استدعى وجود شركات عالمية كبرى في المنطقة كانت بحاجة إلى الأيدي العاملة والمهارات والخبرات التي لم تكن متوفرة في السوق المحلية. وقد لعب المتمولون اللبنانيون دورا بارزا في هذا المجال فأنشأوا الشركات العقارية الكبرى ونشطوا في حقل المقاولات واستقدموا آلاف العمال اللبنانيين إلى دول الخليج للعمل في مشاريعهم. تميزت هذه الفترة بهجرة الأدمغة خصوصا إلى أوروبا الغربيّة وأمريكا الشماليّة وذلك بعد صدور قانون الهجرة والجنسية الأميركي، كذلك تزايد عدد المهاجرين إلى استراليا.بين عامي ١٩٨٠-١٩٨٨ وبسبب حرب الخليج الأولى توجهت معظم الهجرات نحو بلدان الأميركيتين وأوروبا الغربية وأفريقيا.

وبالرغم من سلسلةالأحداث، وإخفاق الطبقة السياسية، والشغور الرئاسي؛إضافة إلى اضطراب المنطقة بفعل ما سمي «الربيع العربي»، كل ذلك ألقى ظلالا من اليأس والإحباط والشك في امكان استقرار لبنان، ما دفع الكثيرين إلى الهجرة من جديد، خاصة في غياب فرص العمل لآلاف الخريجين.

إن لبنان لم يشهد في تاريخه الحديث هجرة أمنيه كالتي حصلت في سنوات الحرب اللبنانية ١٩٧٥-١٩٩٠ والأزمات اللبنانية ١٩٩٢-٢٠٠٦ إذ ما منطقة في العالم إلا وشهدت سيلا من المهاجرين اللبنانيين التي تزامنت مع محاولات إعادة الإعمار والسياسات المالية الخاطئة، التي كانت تعتمد على الاستدانة من الخارج لتمويل المشاريع المتوقع تنفيذها، والتي كانت مدمّرة للاقتصاد.

ومع تأزّم الوضع السياسيّ في البلاد، ووصوله إلى طريق شبه مسدودة، بدت ملامح موجة هجرة جديدة مع إعلان العديد من المؤسّسات اعتزامها وقف أعمالها،نظرا للتدهور الحاد في العملة الوطنية حيث وصلت إلى أرقام قياسية، لم يسبق لها مثيل، ممّا انعكس بشكل سلبي على الأجور وأسعار السّلع والخدمات.وفي ظلّ غياب المعلومات،ثمّة اعتقاد سائد بأن عدد المهاجرين بلغ نحوَ ١٥ مليوناً في حين أن المقيمين في لبنان من اللبنانيين لا يزيد عددهم عن ستة ملايين.

انطلاقا من ذلك ياتي هذا البحث موضوعا حيويا يسلط الضوء على اهمية الهجرة اللبنانية من حيث أنها ليست مشكلة, كما دأبت على استخدام هذا التعبير مختلف الكتابات والأدبيات الاجتماعية والسياسية والسكانية, وإنما هي قضية, أي انها تتخطى منظور المشكلة الاجتماعية, التي يمكن حلها بتدابير وبإجراءات إدارية وتقنية تطبيقية, لتصبح جزءًا من واقع اجتماعي ديموغرافي، أي جزءاً من بنية مجتمعية, تستمر هذه القضية حاضرة, تخبو جذوتها أو تزدهر وتنطلق حسب الأوضاع الظرفية التي يمر بها هذا الواقع.ضمن اشكالية تطرح سؤال عن مراحل الهجرة اللبنانية وموجاتها وأسبابها.ولقد اعتمدنا في هذا البحث على المنهجين العلمي التاريخي والتحليلي من خلال تقديم وصف وقائعي, يستند إلى المصادر الاحصائية المتوافرة للهجرة التي تمّ بها تحويل أغلبية اللبنانيين لأن يقيموا خارج وطنهم.كما قسمنا البحث إلى فصلين يعنى الفصل الاول بالمراحل التي مرت بها الهجرة ومعاناة المهاجرين الأوائل،ويعالج الفصل الثاني موجات الهجرة وأسبابها ثم خاتمة تلخص ما تكلمنا عنه من بدء البحث حتى نهايته مع الجواب على الإشكالية التي كانت محور البحث الاساسي وفتح أبواب لاشكاليات أخرى.

الفصل الأوّل

أ- المراحل التاريخية للهجرة اللبنانية

لقد مرت الهجرة اللبنانية بمراحل زمنية متفاوتة شكلت محطات رئيسة في تحديد مسار التحركات السكانية ويمكن في هذا السياق ذكر ثلاثة مراحل زمنية:

١- المرحلة الاولى: (ابتدأت من اواسط القرن التاسع عشر بعد أحداث ١٨٦٠ الطائفيّة وانتهت مع الحرب العالمية الأولى (١٨٦١-١٩١٨). تأرجح لبنان عبر تاريخه بين تحقيق نوع من الحكم الذاتي وبين الخضوع للولاة العثمانيين. ففي عهد الإمارة عرف لبنان نوعا من الحكم الذاتي لاسيما في ظل الأمير فخر الدين الثاني وبشير الشهابي لينتقل إلى الحكم المباشر في ظل نظام القائمقاميتين الذي قسم مناطق الجبل إلى قائمقامية مسيحية وأخرى درزية ضمن الدولة العثمانية هذا النظام أرسى للمرة الأولى مبدأ التقسيم بين أهالي الجبل وأحدث شرخًا في العلاقات بينهم والقضاء على إمكانية التآلف والتعايش بين الطوائف ليعمق الإنقسام الطائفي لين اللبنانيين ويعطيه قالبا سياسيا وقانونيا.وعن طريق القائمقاميتين دخلت الدول الأوروبيّة لبنان من بابه الواسع فأصبح هذا البلد مسرحا للصراعات الدولية ومدخلا للحروب الأهلية وبالتالي تتنافس عليه الدول الكبرى وتجد فيه الدول العربية والإسلامية مكانا مناسبا لحل الخلافات المستعصية. ولقد مر هذا النظام بمرحلتين اثنتين ثبتت الدول الأوروبيّة في المرحلة الأولى بالاتفاق مع الدولة العثمانية مبدأ التقسيم وفي المرحلة الثانية المشاكل الإدارية والطائفية التي نشأت عن التقسيم عن طريق تعديلات أدخلت على هذا النظام عرفت بتنظيمات شكيب أفندي والتي وضعت الأسس الأولى للتمثيل الطائفي وجعلت من الطوائف شخوصا معنوية من أشخاص القانون العام وأصبحت الطائفية القاعدة التي ترتكز عليها الحياة السياسية في لبنان. وهكذا فما أن اطل عام ١٨٥٨ حتى تفجر الصراع بكل وجوهه في الجبل بين القائمقاميتين ليأخذ طابعا طائفيا ويتحول إلى حرب أهلية فيها اضطرابات إستغلتها الدول الأوروبية[2] كي تضغط على السلطان عبد الحميد بشكل يحقق مصالحها الاقتصادية والأيديولوجية في الشرق[3]، إنتهت بوضع نظام البروتوكول (١٨٦١-١٨٦٤) الذي أوجد كيانا جديداعرف” بمتصرفية جبل لبنان وأعطى جبل لبنان استقلالا نوعيا واداريا.عين على هذه المتصرفيه حاكم مسيحي غير لبناني يعاونه مجلس إدارة يمثل مختلف الطوائف الموجودة على أرضها وحل هذا النظام بديلا عن نظام القائمقاميتين[4]. وطبق حتى مطلع الحرب العالميّة الأولى ليتم نقضه من قبل جمال باشا عام١٩١٥عندما عين على جبل لبنان متصرفين عثمانيين.

وكانت الدولة العثمانية قد وضعت عام 1866 نظام «الباسبورطات»فعمد المتصرّف مظفر باشا إلى «تنظيم» الهجرة عبر وضعه سلسلة من الشروط على مغادري أرض المتصرفيّة. فألزم المهاجر أن يحمل جواز سفر، والمسافر تذكرة سفر وحصر أمر الموافقة بالهجرة أو السفر بـالحكومة اللبنانية وحدها، كما وحدّد شروط الانتقال إلى الخارج.كما أقدم المتصرّف مظفر باشا على اتخاذ قرار يقضي بأن يرافق المسافرين ضابط من شرطته، يساعدهم على إنجاز معاملاتهم في المرفأ وإيصالهم إلى السفينة واستقبال العائدين منهم، وذلك من أجل حمايتهم من التعدّيات عليهم في مرفأ بيروت[5].

وقد شهد عهد اوهانس باشا ١٩١٣-١٩١٨ إعادة نظر في إحصاء النفوس في نطاق المتصرفية. حيث ارتكز هذا العمل على القيام بمسح ديمغرافي شامل شمل المهاجرين وذلك في محاولة لصياغة تشريعات خاصة بتنظيم حركة الهجرة، وقد خلص هذا المسح الديموغرافي إلى إحصاء رسمي يفيد بأن معظمهم من المسيحين .أثارت نسبة ارتفاع عدد المهاجرين المسيحين من جبل لبنان ردود فعل سلبية في الدول ذات المصالح المعنية في أوضاع هذه المنطقة وكانت النتيجة العمل على تنظيم هذه الهجرة ووضع القيود للحد من تفاقمها. وبين الإحصاء الرسمي للتوزيع الطائفي للعام ١٩١٥ أن عدد المهاجرين من المسيحين بلغ ٨٠ بالمئة من بينهم ٦٩ بالمئة من الموارنة و١٥ بالمئة من الأرثوذكس و١١ بالمئة من الكاثوليك و٥ بالمئة فقط من الشيعة.وحال دون انتشار الهجرة الواسعة بين المسلمين اختلاف العقيدة الدينية في المجتمعات المستقبلة للمهاجرين كما الفتاوي الدينية التي حرمت السفر على المسلمين.كما والزمتهم بعض القوانين العثمانية بالخدمة العسكرية في صفوف جيشها[6]

عمد جمال باشا اثناء تسلمه السلطة الحقيقية في جبل لبنان إلى انشاء الديوان العرفي في عاليه الذي كان يحاكم المعارضين ميدانيا ويصدر بحقهم عقوبات غير قابلة للرد كما ويتولى تنفيذها الأحكام.وقد بلغ القمع ذروته في ٦ أيار ١٩١٦عندما علق احرار لبنان وسوريا على المشانق في بيروت ودمشق.كماوصادر امتيازات الاجانب التابعين لدول الحلفاء، وألغى امتيازات رجال الدين والخاصة بالبطريرك الماروني وآقال المتصرف اوهانس باشا وعين المتصرفيين الثلاثة اللاحقين واقالتهم دون مراجعة الدول وألغى استقلال جبل لبنان وجعله ولاية عثمانية[7]، ومارس كل أنواع الظلم والاستبداد والتجويع والتشريد والقتل والإذلال بحق المواطنين[8] فكانت الهجرة متنفسا طبيعيا للخلاص من هذه الحالة والأمر الذي حدا بمعظم العائلات إلى ترحيل ابنائها بعيدا عن سيطرة السلطات العثمانية وتوجه معظم المهاجرين آنذاك نحو بلدان أميركا اللاتينية[9]. ونشطت في تلك المرحلة السمسرات التي قام بها ذوو الاختصاص والمنفعة في تهريب البشر على متن سفن الشحن لقاء مبالغ من المال وفق ظروف صعبة نتج عنها اختفاء بعض المسافرين وانقطاع أخبارهم.واوجدت هجرة هذه المرحلة ما يعرف اليوم بـ “المتحدرين من أصل لبناني” الذين لم يرجعوا إلى بلدهم؛ وتزوجوا في المهجر واسسوا عائلات يوما أفرادها جنسية البلدان التي اقاموا فيها ومنحوها ولاءا مطلقا ولم يسعوا لتسجيل أولادهم وفقا للاصول المتبعة في دوائر الأحوال الشخصية في لبنان.

٢- المرحلة الثانية: عهد الانتداب الفرنسي (١٩١٨-١٩٤٣)

احتل الجنرال الفرنسي اللنبي في شهر ايلول عام ١٩١٨ فلسطين تمهيدا لاحتلال لبنان وسوريا وكانت الجيوش العربية بقيادة فيصل بن الحسين تعاونه عن طريق شرقي الأردن[10]. وفي تشرين الاول انزل الأسطول الفرنسي فرقة من الجنود في مدينة بيروت، وقد تركت نقوش لهم على صخرة نهر الكلب تخليدا لذكرى احتلال سورية ولبنان.و في مؤتمر سان ريمو(ايطاليا)سنة ١٩٢٠ أعطيت فرنسا باعتبارها من ورثاء السلطنة العثمانية المنحلة الانتداب على كل من سوريا ولبنان.وبعد سنتين وقع لبنان على صك الانتداب الذي وضع العلاقات الفرنسية اللبنانية على صعيد دولي تحت رعاية عصبة الأمم. وفي اليوم الأول من شهر ايلول ١٩٢٠ أعلن الجنرال غورو في بيروت إعادة لبنان الكبير. ووضع دستور جديد لحكم البلاد ولتعيين الحدود[11].

اما المدن البحرية التي الحقت بلبنان -بيروت التي اصبحت العاصمة وصيدا وصور وطرابلس- والمدن والمقاطعات الداخلية مثل البقاع وبعلبك وحاصبيا وراشيا ومرجعيون فإنها كانت سابقا جزءا من لبنان تاريخيا وجعرافيا.وكان يحكمها المعنيون ثم الشهابيون.غير أن مساحة الأرض التي الحقت بجبل لبنان ضاعفت تقريبا مساحته وزادت عددا.

وفي ٢٣ أيار ١٩٢٦ أعلن دولة لبنان جمهورية، ووضع دستور جديد[12] ينص على إقامة نظام برلماني وحكومة ديمقراطية[13].

ومع إعلان دولة لبنان الكبير ١٩٢٠ بدأ الاحتفاء بالهجرة اللبنانية والتنظير لها.

ولم يعد ٤٤٠٠ مهاجر، هو متوسط العدد السنوي لمغادري لبنان بين عامي ١٩٢١- ١٩٣٨، رقماً ذا شأن في تاريخ الهجرة وحجمها، ولعل السبب الأبرز لتراجع أعداد الهجرة لا يقيم في لبنان إنما في بلاد الاغتراب (الولايات المتحدة والأرجنتين والبرازيل) التي ضربتها أزمة عام ١٩٢٩،مما جعل عدد العائدين إلى لبنان منذ العام ١٩٣١ حتى ١٩٣٨، أكثر من المغادرين.قسّم إحصاء عام ١٩٣٢ اللبنانيين إلى فئتين، فئة هاجرت قبل ٣٠ أغسطس (آب) ١٩٢٤، وفئة هاجرت بعد هذا التاريخ، واعتبر أن جزءاً منه لا تنتفي عنه صفة اللبناني ما دام يؤدي الضرائب، وبالتالي ليس مهاجراً كلياً، لأن من الممكن أن يعود يوماً.

ووصل مجمل عدد المهاجرين قبل٣٠ أغسطس وبعده من دافعي الضرائب وغير الدافعين إلى ٢٥٤.٩٨٧ مهاجراً، أي ما يعادل ثلث سكان لبنان المقيمين يومذاك. وغادر من تخلف عن دفع ضرائبها[14]. إلى جانب أن الهجرة جعلت “وزن” جبل لبنان “يتراجع” لمصلحة بيروت، بعد “استبدال جبل لبنان بلبنان الكبير” الذي اعتبره المسيحيون “إعادة البلد إلى حدوده الطبيعية والتاريخية”، على الرغم من أنه “مثير للمخاوف من ذوبانهم في مدى إسلامي أوسع”، في حين رأى المسلمون أن إعلان لبنان الكبير “حاجز في طريق الوحدة السورية، وذلك لأسباب ثلاثة منها:

١- أن الدولة الجديدة جعلت منهم أقلية وهم الذين كانوا جزءً من الأكثرية المسلمة الحاكمة في العهد العثماني.

٢- أنهم كانوا يتمنون بعد الانسلاخ عن الدولة العثمانية الانضمام إلى دولة عربية برئاسة الأمير فيصل، تضم سوريا الكبرى أي سوريا الحالية ولبنان وفلسطين والأردن والعراق.

٣- أنهم كانوا رافضين للانتداب الفرنسي على اعتبار أنه حكم دول[15].

لم تعترف الحركة الوطنية السورية وممثليها في لبنان من الزعماء بالكيان اللبناني اثناء المفاوضات بين الحكومة الفرنسية والحركة الوطنية السورية في مطلع الثلاثينات. فاشترطت فرنسا أن تسلم تلك الأخيرة بالكيان اللبناني لقاء توقيع معاهدة تعترف فيها بإستقلال لبنان بتاريخ٢٢ تشرين ثاني ١٩٤٣.بعد ذلك دعم لبنان نفسه بمشاركته بتاسيس هيئة الأمم سنة ١٩٤٥ وجامعة الدول سنة ١٩٤٧.

المرحلة الثالثة: عهد الاستقلال (١٩٤٣-١٩٩٠)

بعد استقلال لبنان أصبحنا أمام نوع جديد من الهجرة، خاصة ما بين الخمسينيات والسبعينيات، حين توافد عدد كبير من أهل الجنوب اللبناني إلى إفريقيا، وبذلك استطاع أبناء الجنوب (أبناء جبل عامل) تحسين أوضاعهم وأوضاع مناطقهم.بلغ عدد المهاجرين ما بين ١٩٤٥ حتى منتصف الخمسينيات ٣٥٠٠ إلى ٣٨٥٠ مهاجرًا سنويًا، وذلك مع ميل للإنخفاض في النصف الثاني من الخمسينيات بسبب الإزدهار الإقتصادي الذي عرفه لبنان في هذه الفترة[16].

وقدأسهم الاستقرار السياسي والازدهار الاقتصادي والإصلاح الإداري، ما بين عامي ١٩٦٢-١٩٦٨، في تدني الهجرة، لكن بعد ذلك تسارعت بمعدل سنوي قدره ١٠٢٠٠ مهاجر سنوياً، وهكذا وصل صافي الهجرة إلى حوالى ١٣١.٠٠٠ شخص خلال الفتر١٩٥٩-١٩٧٤. وكانت وجهتها البلدان العربية ودول الخليج بشكل أساسي بسبب الصناعة النفطية التي ظهرت والأجور المرتفعة التي رافقتها، وبلغ عدد المهاجرين إلى الدول العربية عشية الحرب الأهلية ٥٢.٧ مهاجر، توجه نصفهم تقريباً ٧٤،٨ بالمئة إلى الكويت، و٢٠.٧ في المئة إلى ليبيا، ١٥.٢ في المئة إلى السعودية، ١٤.٨ في المئة إلى الإمارات المتحدة، وامتازت هذه الهجرة بخلاف سابقاتها بأنها هجرة أدمغة طالت المتعلمين واليد العاملة المتخصصة وأبناء المدن، ولم تفرق بين الطوائف ولم تكتسب صفة الهجرة الدائمة، بل بقيت موقتة ومرحلية لكون حياة المهاجرين العائلية ومعظم استثماراتهم الاقتصادية والاجتماعية بقيتا متجذرتين في لبنان، واستمرت الهجرة إلى غرب أفريقيا وأميركا الشمالية.وبين ١٥ إلى ٢٠ بالمئة من المغتربين يتمتعون بأحوال جيدة، فيما يعيش ستون بالمئة بكرامتهم، ويعاني الباقون من فقر وعوز مدقعين[17]

وفي السبعينيات إرتفع عدد المهاجرين من لبنان إلى ما متوسطه ١٠٠٠٠ شخص سنويًا بين العامين ١٩٧٠ و١٩٧٥. اما الفترة الواقعة بين ( ١٩٧٥ و١٩٩٠)وهي فترة الحروب،وكانت أيضًا فترة تخبُّط في الإقتصاد العالمي مع تراجع في معدَّلات النمو بالمقارنة مع الحقبة السابقة (١٩٥٠-١٩٧٥).ولقد أصاب هذا التراجع اقتصاد السوق في أوروبا الغربية وأميركا الشمالية وأستراليا ونيوزيلندا واليابان، وكذلك دول «الجنوب» كأميركا اللاتينية (أزمة الدين)، وإفريقيا. أما آسيا (ما عدا اليابان) فكانت المنطقة الوحيدة التي أصابت نموًا أسرع في هذه الفترة مما كانت عليه في الفترة ما بين العامين ١٩٥٠ ١٩٧٣، ومن ضمنها البلدان العربية النفطية (العراق ودول الخليج والجزيرة العربية).وعن أعداد المهاجرين فلقد بلغ عددهم في منتصف الحرب الأهلية ثلاثة ملايين ونصف المليون، فيما وصل العدد بعد الحرب إلى ما يزيد على ٦ ملايين، وعليه فإن ٣٧% من الهجرة اللبنانية حصلت بعد عام (١٩٩٠)[18]. هذه الهجرة التي تتوجَّه أساسًا نحو دول النفط العربي على الرغم من تأثرها بالأحداث اللبنانية ١٩٧٨ ونموها للأسباب نفسها في الثمانينيات، باتت محكومة أيضًا بالوضع الإقتصادي في الخليج حيث اندلعت حرب الخليج الأولى بين العراق وإيران بين العا١٩٨٠ ١٩٨٨ فخفَّضت فرص العمل أمام اللبنانيين في هذه المنطقة فوجّهوا هجرتهم في الثمانينيات أكثر نحو بلدان الأميركتين وأوروبا الغربية وإفريقياوأستراليا.ويشكِّل عدد اللبنانيين الذين غادروا لبنان خلال الحروب في الداخل بين العا١٩٧٥ و١٩٩٠٩٠ حوالي ٩٠٠٠٠٠ شخص[19].

  • المرحلة الرابعة (١٩٩٠-٢٠١٨)

بعد العام ١٩٩٠ وحتى يومنا هذا فاق عدد المهاجرين المليوني شخص. ترابطت هذه الهجرة مع انهيار النمو الإقتصادي الذي ظهر في لبنان بعد العام ١٩٩٤ بسبب السياسات المالية والنقدية والتجارية التي اعتمدتها الحكومات المتتالية منذ العام ١٩٩٣حيث انهارت نسبة النمو الإقتصادي من %٨ العام ١٩٩٤ حتى صفر بالمئة ٢٠٠٠، ومع نمو سلبي بنسبة ناقص %٠،٥ العام ٢٠٠١، كما وارتفع عدد المهاجرين من ٥٦.٧٥٤ العام ١٩٩٤ إلى ٢٧٦.٦٧٦ العام ١٩٩٩ ٢٥٩.٢٩٢ العام ٢٠٠١.ومنذ العام ١٩٩٥، يفرغ لبنان من الكفاءات إلى المهجر. لكن بصرف النظر عن التركيبة الطائفية للهجرة، فإن الهجرة إضافة إلى قلة الزيادة السكانية تسببت في تراجع عدد سكان البلاد في كثير من الأوقات، فقد تراجع عدد السكان اللبنانيين من ٣،٦١٦٥٢٥ عام ٢٠٠٧ إلى ٣،٤٣٣٢٨٦ مقيمًا عام ٢٠١٢، أي بتناقص ١٨٦،٢٣٩نسمة، وإذا أضيف إلى هذا الرقم الأخير حاصل رصيد الولادات والوفيات خلال الفترة نفسها٢٠٠٨-٢٠١٢، البالغ ٣١٠،٧٨٦ شخصًا لتدنّى عدد السكان بحدود ٤٩٧،٠٠٧ نسمة. في المقابل تسببت الأزمات المحيطة بلبنان في زيادة عدد المقيمين من غير اللبنانيين بدءًا من نكبة فلسطين وصولًا إلى الأزمة السورية، الأمر الذي يخشى معه كثير من اللبنانيين من أنه بعد النزاع القديم المتجدد على التركيبة الديموغرافية بين المسلمين والمسيحيين، فإن الخوف الحقيقي هو من الوجود غير اللبناني خاصة في ضوء عدم عودة اللاجئين الفلسطينيين والسوريين إلى ديارهم[20].

  • المرحلة الخامسة: الهجرة الحديثة (٢٠١٩-٢٠٢٤)

يبدأ عهد الهجرة الحديثة تحديدًا بعد تراجع قيمة العملة سنة ٢٠١٩ وانفجار المرفأ ٢٠٢٠، فبتنا نسمع يوميًا أن شباب لبنان يتجهون بأعداد كبيرة إلى خيار الهجرة، فالأرقام تشير إلى أن عدد الطلبات في السفارات تفوق الـ٣٨٠ ألف طلب قابلة للزيادة.الهجرة اليوم ليست كسابقاتها، فنتيجة وباء كورونا في لبنان والعالم، أصبحت مجالات العمل غير متاحة كما كانت قبل الوباء، فالمهاجرون الجدد يتجهون إلى أقاربهم وأصدقائهم في بلاد الاغتراب، بحثًا فقط عن الأمان الاجتماعي والاستقرار والأمن المتوافر في أوروبا أو الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها.وفي آخر إحصاء ظهر أن عدد اللبنانيين المهاجرين والمسافرين منذ بداية العام وحتى منتصف شهر نوفمبر ٢٠٢١، وصل إلى ٧٧،٧٧٧ فردا مقارنة بـ ١٧،٧٢١ فردا في عام ٢٠٢٠ وتبين، أيضا، أن عدد اللبنانيين الذين هاجروا وسافروا من لبنان خلال الأعوام ٢٠١٨- ٢٠٢١ قد وصل إلى ١٩٥،٤٣٣ لبنانيا.

كما تقف الأزمة الاقتصادية والمالية والمعيشية التي يشهدها لبنان، وراء ارتفاع أعداد المهاجرين والمسافرين بحثا عن فرصة عمل يفتقدونها في وطنهم، أو عن خدمات حياتية أساسية أصبحت شبه معدومة من الكهرباء والمياه والصحة والنظافة”[21]. ولوحظ عام ٢٠٢٢ أن العراق يستقبل “اللبنانيين بتأشيرة دخول على المطار” وبين يونيو/حزيران ٢٠٢١ وفبراير/شباط ٢٠٢٣، دخل أكثر من ٢٠ ألف لبناني العراق، وفق السلطات، بدون احتساب الزوار الذين يأتون إلى النجف وكربلاء. لهذا باتت بغداد المثقلة بالأزمات وجهة مفضلة للعديد من اللبنانيين[22].

ب- معاناة المهاجرين الأوائ

لم تكن هجرة اللبنانيين الاوائل رحلة مفروشة بالورود والياسمين، اذ عانى هؤلاء الكثير قبل ان يثبتوا أقدامهم في بلدان الانتشار. فالانسلاخ عن الوطن بحد ذاته ليس أمرا سهلا، وهو بالتالي لم يأت نتيجة ترف من المهاجرين بل بفعل أوضاع سياسية واجتماعية واقتصادية صعبة لا تحتمل. وخلال مغادرتهم أرض الوطن عبر مرفأ بيروت على الأغلب تعرضوا للكثير من الاستغلال على أيدي سماسرة بلا ضمير اغلبهم من اليهود حيث يقول الكاتب سليمان البستاني في كتابه عبرة وذكرى انه “لو حوكم ولاة بيروت في ذلك الزمان على ما كانوا يؤلمون به أولئك المهاجرين البؤساء وما يبتزونه من أموال بواسطة أو بأخرى يوم سفرهم أو حتى يوم عودتهم لحكم عليهم بالسجن المؤبد”. فلقد كان السفر عبر البواخر في حد ذاته رحلة معاناة لا توصف (أستراليا في اواخر القرن التاسع عشر) كانت الرحلة إلى اوستراليا صعبة وشاقة وتتطلب بنية قوية للصمود إذ إن اغلبها صغيرة الحجم بطيئة الإبحار وقد اطلقوا عليها اسم دوارة لانها كانت ترتد على أعتابها إلى المرفأ الذي انطلقت منه فضلا عن غياب كل وسائل الراحة وتقلبات الطقس صيفا وشتاء، إلى سوء معاملة البحارة لهم بحيث كانوا يسلطون عليهم خراطيم المياه الساخنة لقمعهم فمن يسعفه الحظ في الوصول بعد رحلة تستمر ستة أشهرا، ينتظره على الشاطئ حجز في مركز صحي لمدة أربعين يوما، فإن نجا يدخل البلاد ويعاني الأمرين لكي يبدأ عملا يجني فيه قوته[23]. وفي الطرقات الغير آمنة يوجد قطاع الطرق الذين ينقضون عليهم كالقدر المستعجل فيسرقون أموالهم وينهبون ما يحملونه معهم من مقتنيات،وأن كل من كان يمتنع منهم عن الانقياد يتعرض للضرب والتهديد.-وقد[24] اوردت إحدى المجلات الإرجنتينية عام ١٩٠٩ أن مجموعات من الهنود أقدمت على خطف ١٣٠ مهاجرا وقتلتهم وأكلت لحومهم بعد أن استولت على متاعهم. ولدى وصولهم إلى البلدان التي قصدوها تستقبلهم الأمراض المعدية والخبيثة في غياب أبسط وسائل التطبيب والعلاج، وذلك بسبب تبدل المناخ، خاصة في افريقيا وأميركا الجنوبية، وكانت الملاريا والحمى الصفراء أخطر أنواع هذه الأمراض، ما أودى بحياة الكثيرين منهم أو إصابتهم بأمراض مضنية. ففي العام ١٩٠٠ قتل الوباء ٤٥ مهاجرا من أصل مئة، وتوفي ثلاثون آخرون في العام ١٩٢٦. وبعد تلك الصعوبات التي واجهت معظم من بقي منهم على قيد الحياة تبدأ رحلة أخرى لا تقل عذابا وإهانة وبؤسا من التي سبقتها وهي رحلة العمل ولقمة العيش المغمسة بالعرق والدم. فلقد كان[25] يبدأ يومهم في الصباح الباكر كتجار كشّة يجهلون لغة البلاد التي يأتونها فيلاقون ضروبا من الشقاء ويكابدون انواعا من شظف العيش. كان الواحد منهم يحمل صندوقا خشبيا صغيرا فيه طرائف وبضائع غريبة من البلاد المقدسة وقطع قماش مطرزة.فيجتازون الشوارع والطرق باحثين عن البيوت ومتحملين الحر والبرد والمطر، مزوِّدين أنفسهم خبزاً وجبناً وموزاً ليأكلوا الوجبة الوحيدة التي كان في إمكانهم تناولها. اجتازوا المناطق من الغرب إلى الشرق ومن الشمال إلى الجنوب، ومرّوا في الضواحي والمدن الداخلية والمزارع وقلب الغابات والسهول النائية، وقطعوا سيراً على الأقدام أو على ظهور الخيل طرقاً يتصاعد منها الغبار أو موحلة. واجهتهم مخاطر كثيرة منها وعورة المناطق وقطَّاع الطرق، والحيوانات المفترسة، واعتدى عليهم اللصوص، فخسروا رفاق درب، وتحملوا شتّى أنواع العقبات من تعديات وإغلاق الأبواب في وجوههم وغيرها.واضطروا إلى الفرار من فوهات بنادق المزارعين التي وجهت إلى صدورهم، والهرب من وجه كلاب مسعورة تطاردهم[26]. وبالرغم من أن المهاجرين الأوائل في فترة عهد المتصرفية كانوا بمعظمهم من المسيحيين اللبنانيين الذين هاجروا إلى مجتمعات مسيحية كما في الولايات المتحدة الأميركيّة ،أميركا الجنوبية وأوستراليا إلا أن تلك المجتمعات لم تتعامل معهم من موقعهم الديني وإنما تعاطت مع هؤلاء بالكره والحقد نتيجة الحروب التي وقعت بين الشرق الإسلامي والغرب.وعلى هذا الأساس تعاطت الصحافة في أميركا الجنوبية خصوصا في الأرجنتين والأورغواي وتشيلي وأوستراليا مع المهاجرين اللبنانيين بآزدراء وعدم تقبل وجودهم[27]. ولم تسلم أزياء المهاجرين البالية من سخرية السنة واقلام المنتقدين والأصعب من ذلك أن هؤلاء المهاجرين انقادوا إلى خداع السماسرة ومعظمهم من اليهود، وارتادوا الحوانيت الخاصة بالملابس المستعملة. ونظرا إلى ضيق مجال الاختيار وضرورة الإقتصاد لم تكن ترعى في انتقاء هاتيك الملابس أحكام التناسق والتساوق أو حسن الهندام لكن الاستمرار والإصرار على النجاح حول الضعف فيهم إلى قوة والجهل إلى التصميم على النجاح[28]. والطرقات التي ارتوت من عرقهم ودمائهم وأبواب المنازل التي صدت،تحولت إلى مدارس جوالة لهم وابتكروا بدقة ملاحظاتهم وذكائهم لغة خاصة بهم كانت حروفها من العربية وطرق لغيها بالإنكليزية.إذ كانوا يدونون خلال تجوالهم بالحرف العربي العبارات الإنكليزية التي يسمعونها وقد أطلق على تلك المدارس الجوالة تعبير “مدرسة الطريق”[29]. ومع اختراع الطائرات والوسائل الأخرى الحديثة باتت رحلاتهم أكثر راحة لكن المعاناة لم تتوقف في بلدان الاغتراب إذ أنها اتخذت وجها اخرا ومرحلة أخرى. حيث عاش المغتربون في صراعات سياسية لا علاقة لهم بها لكنها كانت تنعكس عليهم وعلى مورد رزقهم.فقد شهد القرن العشرون الكثير من الثورات والانقلابات العسكرية في الكثير من البلدان، كان بعضها يدمر متاجر المغتربين فيضطرون من جديد للبدء من الصفر. ففي بلدان أفريقيا وأميركا اللاتينية تعرض اللبنانيون لاعتداءات موصوفة على حقوقهم في غياب دولة ترعى شؤونهم وتتابع قضاياهم، على الرغم من وجود سفارات لبنانية في هذه الدول. وقد أقرت بعض البلدان قوانين صارمة نالت ما نالت من تعب اللبنانيين ومورد رزقهم. وبعد ١١ ايلول ٢٠٠١ فرضت على المهاجرين في الولايات المتحدة إجراءات قاسية طالت المغتربين اللبنانيين، وتمت ملاحقة آخرين تعرضوا لمضايقات شديدة[30]

الفصل الثاني

موجات الهجرة وأسبابها

أ- موجات الهجرة

  • الهجرة إلى مصر: تميزت طلائع الهجرة اللبنانية الحديثة إلى مصر بعوامل خاصة افتقرت إليها الهجرات الأخرى المتجهة نحو قارتي أميركا وأستراليا، ومنها العوامل الجغرافية والتاريخية والثقافية التي تشكل قاسما مشتركا بين مختلف الدول العربية ولا سيما بين لبنان ومصر.ولقد تحكمت هذه العوامل بالاتجاهات الاساسية لهجرة أعداد كبيرة من سكان جبل لبنان نحو أرض الفراعنة. حيث سلكت موجات الهجرة أربعة اتجاهات رئيسية نحو دمياط، الاسكندرية، منطقة قناة السويس والقاهرة ومنها إلى مختلف المناطق المصرية وبإتجاه السودان[31]. واستقر معظم المهاجرين إلى وادي النيل (مصر والسودان)في نقاط جذب حيوية هي القاهرة، الاسكندرية ومدن قناة السويس التي شكلت مثلثا سياسيا-ثقافيا-تجاريا كان مسرحا لاستقرار جالية لبنانية كبيرة وعريقة لعبت دورا مهما في الحياة المصرية[32]. وشكلت مدينة دمياط الواقعة على فرع النيل الشرقي نقطة اتصال بين مصر ولبنان وربما كان الموارنة قد وصلوا إلى هذه المدينة البحرية واستوطنوا فيها في القرن السادس عشر[33]، كما أن الدلائل الأولى للهجرة تؤكد وجود أعداد من مهاجري بعلبك وصور وصيدا ودير القمر وبيروت[34]. ويفيد إحصاء لمدينة دمياط للعام ١٨٠٩ أن المهاجرين اللبنانيين الاوائل في مصر كانوا في غالبيتهم المستحقة من خارج إمارة جبل لبنان حتى مطلع القرن التاسع عشر[35]، ولقد كانوا يقومون بخدمات جلى في حقول الطب والصيدلة والادارة الحكومية المدنية منها والعسكرية حتى أن[36] بعض الموظفين الإنكليز الكبار كانوا يقولون :”لقد كان باستطاعتنا احتلال البلاد ولكن لم يكن باستطاعتنا الاحتفاظ بها لولا هؤلاء السوريين واللبنانيين”.اما المهاجرين منهم الذين اشتغلوا في الحقل الفكري -الأدب والصحاقة والعلم- فلم يقتصر اثرهم في مصر وحدها بل تعداها إلى سائر الأقطار العربية. وفي الواقع أن الصحافة -وكان للبنانيين فيها نصيب كبير -بعثت الروح العربية من جديد،وعملت على تحرير الشعوب العربية من القيود التي كانت تقيدها بها حكوماتها وخلقت الحركة الأدبية العربية الحديثة وعرفت الناس إلى مباديء القومية[37]. وكان لجريدة الأهرام زعامة عربية وكان مؤسساها ومحرراها لبنانين هما سليم تقلا وأخوه بشارة. هذه الجريدة لا تزال من أكبر الصحف العربية انتشارا. وكذلك اللبناني جرجي زيدان الذي هاجر إلى مصر من قرية عين عنوب كصحفي واديب ومؤلف اقدم الكتب في التاريخ العربي على اسس من النقد العلمي الحديث ودار الطباعة والنشر التي لا تزال إلى يومنا هذا من أكبر دور النشر في الشرق[38]

وفي أعقاب اهل الفكر الذين هاجروا إلى مصر من لبنان وسوريا جاء التجار وأصحاب الأعمال فوجدوا في مصر وطنا ثانيا.وفي سنة ١٩٠٧ كانت ثرواتهم تقدر بخمسين مليون ليرة انكليزية أي عشر الثروة القومية في مصر[39]

ولقد اقترنت هجرة الشوام إلى مصر طيلة القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين بثلاث صفات متلازمة: العائلية، المناطقية، والطائفية[40]، فكانت اغلب طائفة الروم الارثوذكس في طنطا من مهاجري حمص وأكثر افراد الطائفة المارونية من اهل بكفيا وجوارها[41]. وقددلت الإحصاءات اللبنانية الرسمية حتى عام ١٩٥٢ أن عدد اللبنانيين في مصر بلغ ثلاثين ألف نسمة.

  • الهجرة إلى البرازيل

يشير بعض علماء الآثار والتاريخ أن الفينيقيين وصلوا قبل كولومبوس إلى القارة الأميركية والبرازيل تاركين العديد من الكتابات الحجرية ومن بينها تلك التي حفرت في “حجر غافيا في ريو دي جانيرو وتشكل أول مستند حول ذلك. وقد توصل المؤرخ البرازيلي برناردو إلى الإستنتاج بأن حجر غافيا هو فينيقي وأن الكتابات فيه قد حفرت في عهد جيثابعل ملك صور (لبنان) بين العامين ٨٨٧ و٨٥٦ قبل الميلاد أو خلال حكم باديزير بين العامين ٨٥٦ و٨ ٥٠ قبل الميلاد كما وتتحدّث وثائق تاريخية عن العرب في حملة بدرو ألفاريس كابرال التي اكتشف خلالها البرازيل ال١٥٠٠. وثمة مستندات تشير إلى أن قباطنة البحار البرتغاليين ومن بينهم كابرال كانوا من العرب.ولقد كانت المراكز البحرية في ساغر وبالوس (من حيث أبحر كريستوف كولومبوس) والبندقية تستعمل خرائط بحرية عربية، وذلك لكون العرب بحارة ممتازين يجيدون معرفة علم الأفلاك. من هنا القول المأثور بأن «العرب ولدوا في البرازيل مع اكتشافها»[42].

وثمة وثائق أخرى تعود إلى مرحلة استعمار البرازيل تؤكد مجيء العرب إليها في فترة الاستعمار قادمين من البرتغال أو من أفريقيا. وقد كانوا يعتبرون «أجانب أصدقاء يساعدون البرتغاليين على استعمار الأراضي الواقعة ما وراء البحار». وثمة روايات تقول إن العرب وصلوا إلى البرازيل العام ١٥٤٧ برفقة الحاكم، وباشروا الاقامة وفتح المتاجر.

ويروي المؤرخ أدولفو بيزيرا دي فينيزيس أن تاجرا لبنانيًا[43] في ريو دي جانيرو ومالك الأراضي في براينا قد قدم منزله إلى ملك البرتغال دون جوان السادس، الذي قدم إلى البرازيل من البرتغال. وبما أن منزل ذلك اللبناني كان واحدًا من أكبر البيوت الجديرة بالملك حوّلها بصورة نهائية إلى القصر الإمبراطوري البرازيلي. ثم أطلق على المكان اسم «باسو دي سان كريستوفاو» حيث ولد دون بدرو الثاني. أما اليوم فهو مقر متحف «كينتا دا بوافيستا»[44]

كما ويؤكد بعض المؤرخين اللبنانيين أن في القرن ١٧ كانت اللغة العربية محكية في شوارع ريو دي جانيرو وباهيا ومناطق أخرى، من قبل العبيد الأفارقة أو القادمين من مناطق مسلمة.وفي القرن ١٨ سُجل قدوم بعض العرب إلى مناطق برازيلية”.كل ذلك كان قبل استقلال البرازيل بشكل رسمي، إلا أن البلاد التي استقلّت عام ١٨٢٢، ومع وصول الإمبراطور البرازيلي دوم بيدرو الثاني في القرن ١٩ بدأت مرحلةٌ مختلفة في العلاقة مع العرب، حيث اهتم الإمبراطور بتعلم اللغة العربية قراءة وكتابة، وشرع في ترجمة رواية ألف ليلة وليلة إلى البرتغالية، وذلك لأنه أحب تعلم اللغات المحكية في بلاده، وكانت العربية إحداها.وفي عام ١٨٥٨، تم التوقيع على معاهدة الصداقة والتجارة والملاحة البرازيلية العثمانية التركية من قبل إمبراطور البرازيل دوم بيدرو الثاني ملك الكنتارا والسلطان العثماني عبد المجيد الأول. سهّلت هذه المعاهدة تدفّق التجّار الأتراك والعرب والأرمن واليونانيين إلى البرازيل.وفي عاميّ ١٨٧١ و ١٨٧٦، زار دوم بيدرو الثاني بلاد الشام، و تواجد في سوريا وجبل لبنان وفلسطين ومصر. الإمبراطور المطّلع على الثقافة واللغة العربية، جعل الصّحف العربية في ذلك الوقت تكتب عن زيارته وعن البرازيل التي جذبت المزيد من العرب إليها. بعد زيارة الإمبراطور، بدأت البواخر تنقل العرب في رحلات طويلة إلى البرازيل، وتحديدا إلى ميناء مدينة سانتوس الشهير على سواحل ولاية ساوباولو، ووسط ساوباولو العاصمة، استقر معظم العرب البارعين في التجارة، ومن تجارة الشنطة، بدؤوا بتأسيس متاجر لهم في الحي الملاصق لشارع “٢٥ مارس”. وبالمصادفة، كان “٢٥ مارس” يرمز إلى ذكرى التوقيع على أول دستور برازيلي عام ١٨٢٤، وتحول المكان مع السنوات إلى ما يعرف اليوم بأكبر حي تجاري في قارة أميركا اللاتينية بأكملها، وشاع تسميته “بحي العرب”، لتأثيرهم الكبير. هذا التأثير ليس في التجارة فحسب بل في مختلف المجالات الأخرى حيث برزت ادوارهم اللامعة وتميزهم في مجالات الطب، من خلال تاسيسهم عددا من المستشفيات، أبرزها “المستشفى السوري اللبناني”، الرائد في الطب على مستوى البرازيل والقارة اللاتينية بأسرها، كما نوادي رياضية عربية كالنادي السوري لكرة القدم، ونادي جبل لبنان، وغيره. بل ووصل نجاحهم في البرازيل لتقلد مناصب مختلفة في السياسة كرؤساء بلديات وحكام ولايات وأعضاء في البرلمان، ووزراء، ورؤساء البرلمان، ونواب لرؤساء الجمهورية، إلى أن تمكن الرئيس ميشال تامر من تقلد منصب الرئاسة عام ٢٠١٦، بعد إسقاط الرئيسة السابقة ديلما روسيف عبر البرلمان. كل هذه المجالات وأكثر برز فيها المهاجرون، ليقدموا نموذجا في قدرتهم على الاندماج بالدول الجديدة مع التأثير الفعلي فيها وتقديم نماذج وقصص نجاح لا تنتهي[45].

واليوم يحيي اللبنانيون في البرازيل الذكرى ١٤٠ لهجرتهم[46] إليها، وقد باتوا يشكلون الجالية الثانية من حيث العدد، بتعداد يفوق ضعفي سكان لبنان.

  • الهجرة إلى أميركا

تجمع المراجع والدراسات التاريخية على أن القارة الأميركية كانت قبلة الهجرة والاغتراب للبنانيين في الحقبةالتأسيسية الأولى[47]. وتؤكد هذه المصادر أن بعض المهاجرين اللبنانيين اكتشفوا في اواخر العقد السابع من القرن التاسع عشر أميركا الشمالية.

وكان قد سبقهم البعض إلى شواطىء الأطلسي وفي طليعتهم اللبناني انطوان بشعلاني من صليما الذي هو أول عربي يصل إلى الولايات المتحدة عام ١٨٥٤[48]. كان عمره ٢٧ سنة وبعد سنتين من وصوله توفي في نيويورك[49] وبمناسبة الذكرى المئوية لوفاة اول مهاجر إلى أميركا كانت قد أعلنت الجمهورية اللبنانية أن سنة ١٩٥٥ ستكون سنة ” عودة المهاجرين واعدت برنامجا حافلا بالبرامج لاستقبال المهاجرين العائدين إلى وطنهم الأول.

غير أن الهجرة اللبنانية لم تتخذ شكلا خطيرا إلا في أوائل العقد التاسع من القرن التاسع عشر حيث تدفقت إلى القارة الأميركية في عهد المتصرفيّة خصوصا من قرى لبنان الأوسط (مقاطعة جبل لبنان) وكانت غالبيتهم من المسيحين. وفي السنوات الواقعة الواقعة بين ١٩٠٠-١٩١٤ انخفض عدد سكان الجبل عن طريق الهجرة إلى زوايا الأرض بمعدل خمس وعشرين بالمئة اي مئة ألف مهاجر اي ثلث سكان جبل لبنان في مقابل ٩٢ ألفا إلى الإرجنتين و٩٣ ألفا إلى البرازيل. وقل أن ترى بلدة أو قرية من قرى لبنان البالغ عددها ١٦٠٠ قرية ليس فيها بيت مسقوف بالقرميد الأحمر. والشائع في القرى اللبنانية أن صاحب البيت المسقوف بالقرميد الأحمر يجب أن يكون قد جمع ثروة في أميركا.

ويقدر عدد المهاجرين اللبنانيين أكثر من ربع مليون نسمة[50]. وشملت الهجرة بلدانا عديدة متفرقة في العالم:

 

 

كندا، أستراليا، مكسيكو، نيوزيلندا، إفريقيا، وجزائر الهند الغربية والفيليبين، كان معظمهم فقراء يجهلون لغة البلاد التي يأتونها، يبدأون عملهم كبائعي كشة وقد يصبح احد هؤلاء الباعة المتجولين بعد حين تاجرا يستورد ويورد وينشئ المكاتب التجارية في العواصم الكبيرة في مختلف القارات[51]. ولم يكن بالأمر الصعب على التاجر المهاجر إلى نيويورك أن يوجد علاقات تجارية بينه وبين تاجر اخر. وكما أن الفائض من السكان المسيحين هاجر إلى الغرب هكذا وجد الفائض من السكان الدروز في حوران موطنا ثانيا. اما الهجرة بين المسلمين فعلى مستوى صغير جدا[52].

وكان على المهاجرين الأوائل أن يعيلوا أنفسهم ويرسلوا بعض المال لإعالة أهلهم في لبنان. وقل جدا أن يهمل المهاجر أهله في الوطن الأم أو أن يقطع علاقاته نهائيا بوطنه. وحسب احصاءات الحكومة اللبنانية ١٩٥١-١٩٥٢ نجد أن ما بعث به المهاجرون اللبنانيّون من مال إلى المعاهد الخيرية والدينية والتربية بلغ ثمانية عشر مليونا من الدولارات وما أرسلوه إلى الأهل والأصدقاء بلغ اثنين وعشرين مليون دولار.وتعتبر الحكومة اللبنانية الدخل الذي يبعث به المهاجرون إلى أهلهم والذي يعادل الدخل الذي يعود به موسم الإصطياف على البلاد انه من المداخيل الرئيسية غير المنظورة.ويعتبر اللبنانيون أن لبنان‎هم شطران: شطره المقيم وشطره المغترب ووزير خارجية لبنان يعرف بوزير الخارجية والمغتربين[53]. وغدا المهاجرون العامود الفقري الذي قامت عليه الجاليات اللبنانية التي أدّت دورًا بارزًا في حياة المجتمع الأميركي بما قدمته من رجال ونساء في مختلف الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية والعلمية. خصوصا ان مرحلة الهجرة الأولى شهدت تدفق الأدباء اللبنانيين إلى القارة الأميركية ففي نيويورك تأسست حلقة أدبية كان يرأسها جبران خليل جبران(توفي ١٩٣١) وأمين الريحاني (توفي ١٩٤٠) كان لها الأثر البعيد في جميع ارجاء العالم العربي. كان جبران فنانا وشاعر متصوفا. وكان لنثر جبران وشعره إثر في تحرير اللغة العربية من بعض جمودها وقسوتها.وقد أصبح زعيم حركة أدبية وأصبح له أتباع يقلدون إسلوبه ولكنهم قصروا دونه فكرة وروحا. وكان لكتابات جبران في الإنكليزية وترجماتها إلى لغة أوروبية أخرى صدى إستحسان عند جمهور القراء في الغرب[54]. وتبعهما ميخائيل نعيمة ونسيب عريضة ومخائيل اسكندر وعبد المسيح حداد.كما هاجر جميل معلوف عام ١٨٩٦ وأسهم في تحرير جريدة الأيام التي كانت أول جريدة عربية سياسية مصورة في أميركا.وايضا الشاعر القروي رشيد سليم الخوري عام ١٩١٣ الذي أسس مع فوزي المعلوف عام ١٩٢١ وأدباء أخرين جمعيتين ادبيتين”الرابطة القلمية “في أميركا الشمالية و”العصبة الأندلسية”في أميركا الجنوبية[55]

  • الهجرة إلى افريقيا

لم تاخذ الهجرة إلى افريقيا بالتزايد إلا منذ العقد الأخير من القرن التاسع عشر، حيث بدأ المهاجرون يقصدونها في إبان موجات الهجرة اللبنانية لظروف مختلفة اقتصادية أمنية وسياسية.وكانت المستعمرات الفرنسية فى أفريقيا أولى محطات الهجرة اللبنانية ، خصوصًا في «المقاطعات الأربع» التي أصبحت العام ١٨٧٠ تتمتع بحقوق المواطنة وساعدت الاقتصاد المحلي على النمو بسرعة وهي مقاطعات سان لويس ودكار وغوري وروفيسك. اما على صعيد المناطق الأفريقية التي خضعت للاستعمار البريطاني وبالنظر إلى عدم احتفاظ السلطات الاستعمارية بسجلات موثوق بها عن المهاجرين الأوائل إلى مستعمراتها، تتضارب الأخبار المتعلقة بهجرة اللبنانيين إلى غرب أفريقيا الإنكليزية، فيرى البعض أن أول مهاجر لبناني إلى مناطق النفوذ البريطانية وصل إلى سيراليون العام ١٨٨٠، ويرى آخرون أن أول موطئ قدم للبنانيين في المستعمرات البريطانية في أفريقيا كان منطقة ساحل الذهب (غانا) العام ١٨٧٠، والراجح أن سيراليون هي من أولى المناطق في غرب أفريقيا الإنكليزية، التي شهدت هجرة اللبنانيين إليها، باعتبار أنها كانت نقطة توقّف لكل السفن المتجهة نحو مناطق المستعمرات الإنكليزية.ولقد إستقر المهاجرون اللبنانيون في معظم المناطق المهمة من غرب أفريقيا، إنطلاقاً من مرافئها الساحلية التي استقبلت المهاجرين اللبنانيين الأوائل، الذين كانوا ينتقلون من بيروت إلى مرسيليا، ومنها إلى دكار ثم كوناكري وفريتاون، ومن ثم إلى لاغوس، وكانت الرحلة تستغرق نحو ٤٠ يوما (جولة أفق، اللبنانيون في أفريقيا، العدد ٣١١ – أيار)

لكن على الرغم من التزايد التدريجى للهجرة فإن الأرقام بقيت متواضعة إلى نهاية الحرب العالمية الأولى ولم تعد مقتصرة على الذكور البالغين فقط، بل شملت كذلك النساء والأطفال، الأمر الذى عكس نوعا من اطمئنان المهاجرين إلى تلك المناطق التى هاجروا إليها، وقد اتجهت تيارات الهجرة إلى ستة أقاليم خاضعة للسيطرة الفرنسية هى السنغال وغينيا والسودان (مالى الحالية) والداهومى (بنين الحالية) والنيجر وموريتانيا بالإضافة إلى مستعمرتى جامبيا وسيراليون الإنجليزيتين ومستعمرة غينيا البرتغالية (غينيا الاستوائية حاليا).

بعد سنة ١٩١٨ تزايد ايقاع الهجرة اللبنانية نحو إفريقيا، بفعل مجموعة من العوامل في مقدمتها أن الطلب على المنتجات الاستوائية التى تزخر بها المنطقة تزايد نتيجة لتزايد طلب أوربا المدمرة، كما أن العديد من الفرنسيين ذوي المصالح فى إفريقيا الغربية الذين ذهبوا إلى الجبهة لم يعودوا، الأمر الذى دفع فرنسا، التى كانت قد فرضت انتدابها على لبنان آنذاك، إلى منح تسهيلات متعددة لمن يود الهجرة إلى إفريقيا الغربية، وأصبح اللبنانيون يتمتعون بها بوضعية المحميين من الجماعات اللبنانية إذ نجد أن بلاد إفريقيا تحتل المكانة الثانية بعد البرازيل بالنسبة للمهاجرين اللبنانيين فى العالم قاطبة. ولقد تبعت هجرة المسلمين اللبنانيين إلى إفريقيا هجرة اللبنانيين الموارنة بعد عام ١٩٢٠ وتجدر الإشارة إلى أن الغالبية العظمى من المهاجرين الأوائل من المسلمين إلى بلاد إفريقيا كانوا من الشيعة ومن منطقة جنوب لبنان بالذات. وهنا أيضا لعب العاملان الاقتصادى والسياسى فيما بعد دورا فى هجرة المواطنين اللبنانيين إلى إفريقيا. ذلك أن منطقة الجنوب اللبنانى والتى يسكنها غالبية من الشيعة تفتقر إلى الموارد الطبيعية الكافية التى تساعد فى سد حاجات الإنسان الاقتصادية، علاوة على أن الترتيبات الاستعمارية. هذه العوامل مجتمعة ساعدت على هجرة المسلمين الشيعة من الجنوب اللبناني إلى العالم الخارجى، الأمر الذى تزايدت وتيرته مع الإحتلال الإسرائيلي (جولة افق، م.س).

وكما هو حال المهاجرين الأوائل إلى العالم الجديد فقد كانت التجارة المتجولة أول نشاط اقتصادى مارسه اللبنانيون بإفريقيا الغربية، وقد بقي الحضور الاقتصادى اللبنانى متواضعا إلى غاية الحرب العالمية الأولى[56]، حيث استفاد اللبنانيون من الفراغ الذى خلفه التجار الفرنسيين الذين ذهبوا إلى الجبهة، والتى تمكنوا فيها من اللغات الإفريقية وتعرفوا على البلد ولم يعد وجودهم مقتصرا على المدن والمناطق القروية بل توغلوا فى الادغال، وهو ما ساعدهم على تحقيق نجاح سريع خصوصا وأنهم أصبحوا وسطاء بين الوكالات التجارية الأجنبية، وبخاصة الوكالات الفرنسية، والسكان الأصليين، حيث كانوا يبيعون لهؤلاء المنتجات المصنعة، ويحصلون منهم على منتجاتهم من المواد الخام للتصدير، وقد شجعهم نجاحهم فى هذا المجال على التوسع في هذا النشاط، علاوة على اتجاه البعض إلى افتتاح محلات خاصة لبيع الجملة في المدن، كما اتجه آخرون إلى التخصص في مجال استيراد المنتجات المصنعة مباشرة من أوربا وأصبحوا الممولين الرئيسيين لمواطنيهم من تجار الجملة والتقسيط.

وقد شهدت سنوات العشرينيات من القرن العشرين منافسة شديدة بين التجار الأوروبيين واللبنانيين في إفريقيا حسمت لصالح اللبنانيين[57]. سمح هذا النجاح التجارى للبنانيين بتنويع مجالات تخصصهم، حيث تم الاستثمار منذ الأربعينيات فى الصناعة الخفيفة وكذلك فى قطاع النقل خصوصا نقل المحاصيل الزراعية من الأدغال والمناطق القروية إلى الموانىء. غير أن أهم قطاع جذب اللبنانيين خلال هذه المرحلة هو الاستثمار فى المجال العقاري ، وقد ساهموا بما شيدوه من مبان فى منح عدد من مدن إفريقيا الغربية خاصة دكار وأبيدجان الشكل الذي أصبحت عليه فى الوقت الراهن، وهكذا فقد وصل عدد البنايات التى شيدوها فى دكار وحدها إلى غاية سنة ١٩٨٥ إلى ٤٠٠، كما أنهم شيدوا إلى غاية سنة  ١٩٩٠ (٨٠%) نصفها فى أبيدجان.

أسباب الهجرة اللبنانية

  • الأسباب الإقتصاديّة

سبب فصل سكان السهول والساحل عن أبناء الجبل في عهد المتصرفية إلى إعاقة الحياة الاقتصادية بين الجانبين. هذا إلى جانب الحواجز النفسية التي افرزتها عوامل الخوف والتعصب الذي مارسه بعض سكان بيروت ضد أبناء الجبل اثناء تفقدهم لأملاكهم في تلك المدينة أو لمتابعة مصالحهم الصناعية والتجارة فيها،خاصة استخدامهم مرفأي بيروت وطرابلس للسفر أو العودة أو نقل البضائع[58]. ولقد كانت الزراعة المورد الرئيسي لسكان الجبل حيث شكلت الارض الزراعيّة جزءًا من شخصية الجبلي وشخصية عائلته بها يثبت مركزها ويحدد مقامها وعلى ما يملك منها تتحدد مرتبته الاجتماعية ومستقبله.والكارثة الكبرى للمزارع مالك الارض كانت عندما تؤخذ منه أرضه فيخسر مرتبته ومستقبل عائلته فيهيم على وجهه .وتلك كانت اللوحة المحزنة التي خطها البروتوكول على جبل لبنان فاندفع ابناؤه من أجل البقاء إلى احتراق الحدود السياسية بحثا في المجهول عن ملجأ وعمل يقيهم العوز فكانت الهجرة[59].

ولم يكن وضع الصناعة إلا بأسوء من الحالة الزراعية.من افتقار إلى الصناعات المعروفة في محيط المتصرفيه إلى انعدام الحرف والفنون الرائجة واستنزاف أكثر الصناعات اليدوية المحلية كحياكة القطن والحرير[60]. وهذا ما انعكس سلبا على التجارة فإضطر الأهالي إلى استيراد الحنطة والماشية من العراق مع ما ترتب على ذلك من رسوم وتكاليف باهظة. كما وأصيب تصدير الحرير الطبيعي بنكبة أمام مضاربة الحرير الاصطناعي المستورد من اليابان والصين بأسعار متدنية نسبة إلى الحرير الطبيعي المرتفع الثمن والقليل الإنتاج‎.

بالإضافة إلى ذلك امتناع الدولة العثمانية عن الإيفاء بتعهداتها بموجب الامتيازات الخاصة بالمتصرفية. وما رافق ذلك من عوامل التضييق ووسائله حتى أصبحت البلاد محرومة من المزايا المادية الممنوحة لسائر البلاد الشاهانية[61] (حيث الاستقلال الذاتي).

قبل اندلاع الأحداث اللبنانية كان لبنان يتمتع بأفضل نظام خدماتي اجتماعي في المشرق العربي[62] أهله لأن يلعب دورا مميزافي مجالات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والفكرية غير إن إندلاع الأحداث عام ١٩٧٥ بدل هذا الوضع للأسوء ناهيك عن عجز الميزانية العامة في لبنان والانخفاض الشديد في مستوى النمو الاقتصادي والارتفاع الكبير في نسبة التهرب من الضرائب.الى جانب أن الحكومات التي توالت ايام السلم اي بعد العام ١٩٩٠لم تعمل على تخفيض العجز بل زاد مع الوقت فازدادت البطالة والهدر والفساد مع عدم اعتماد سياسة اقتصادية واضحة تنهض بالاقتصاد من حالة الركود الذي يعيشها.بالإضافة إلى إقفال عدد كبير من المصانع والمؤسسات الخاصة في فروع النسيج والغزل والملابس وغيره من الصناعات التحويلية.وفي الزراعة أكثر من ٤٠ بالمئة من الأراضي الصالحة تركت بورا[63]. وقد تضررت القطاعات التجارية من غلاء التسليف وأسعار الطاقة وارتفاع اسعار العقارات وإقفال جزئي أو كلي للعديد من المؤسسات التجارية وتشريد أجرائها وأصحابها ودفعهم للهجرة جراء إفتتاح مراكز تجارية كبرى معظمها أجنبي .الى جانب فتح الأبواب أم اليد العاملة الغير لبنانية التي نافست نظيرتها اللبنانية الأمر الذي أدى إلى تراجع القطاعات الاقتصادية اللبنانية وايضا دفع القوى العاملة إلى الهجرة[64]

  • الأسباب الجغرافية

يقع لبنان في نقطة إلتقت عندها عبر التاريخ مختلف الشعوب، وانفرد بموقع جغرافي مهمّ كجسر يربط الشرق بالغرب. فَرَضت عليه ان ينفتح على العالم، فساهم في خلق الشخصية اللبنانية.

وبسبب موقع لبنان حيث الجبل والبحر والسهول الضّيقة والشواطىء الصخرية وتركيبة طوبوغرافيّته أمسك هذا البلد بقطبي الهجرة:القطب الموجب لإستقطاب الأقليات المضطهدة المتعطشة إلى الأمن والحرية والقطب السالب المتمثل في رغبة أبنائه بالرحيل إذ يعتقدون لسبب أو لآخر أنهم بآغترابهم قد ينتمون بحياة افضل وظروف أنسب[65]. وتحكم هذا البلد بدور مميز بالعلاقات التجارية والدبلوماسية الخاصة بمنطقته.نظرا لطبيعة أبنائه وثقافتهم وانفتاحهم وتطور نظامهم السياسي ومرونة قوانينهم الاقتصادية التي اثرت ايجابا على توافد رجال الأعمال لاستثمار أموالهم في مشاريع إنمائية وإعماريه اعتمدت في معظمها على يد عاملة خارجية ظهرت سلبيتها في ارتفاع نسبة البطالة واتساع حركة المهاجرة لتطال أصحاب الكفاءات العالية[66].

  • الأسباب السياسية

تأثر لبنان بأحداث أمنية مباشرة منذ اجتياح إبراهيم باشا المصري لسوريا ولبنان عام ١٨٣١ إلى أحداث عامي ١٨٤١ و١٨٦٠ الطائفية الدموية التي أدارتها أصابع الدول الكبرى يومها[67]. وبوادر حرب القرم عام ١٨٥٦[68]. كما وسنوات الحربين العالمية الأولى (١٩١٤-١٩١٨)7.

والثانية ١٩٣٨-١٩٤٥[69]، فالحروب الإسرائيلية العربية في اعوام ١٩٤٨،١٩٦٧،١٩٧٣[70] مرورا بأحداث ١٩٥٨[71] والمحاولة الانقلابية على النظام عام ١٩٦٢ فالإجتياح الإسرائيلي عامي ١٩٧٨و١٩٨٢ الذي لا زال لبنان يعاني نتائجه حتى اليوم بسبب إستمرار العدو في إحتلال قسم حيوي من أراضيه وعدم تطبيق القرارات الدولية.وألأحداث الداخلية الدموية المدمرة والمؤلمة التي استمرت خمسة عشر عاما ١٩٧٥-١٩٩٠؛ والتي لم يشهد لبنان في تاريخه الحديث هجرة أمنية كالتي شهدها آنذاك هذا بالإضافة إلى الهجرة الداخلية الجماعية إلى مناطق اكثر أمنا. والأزمات اللبنانية ١٩٩٢-٢٠٠٦ والتي أثنائها ما من منطقة في العالم إلا وشهدت سيلا من المهاجرين اللبنانيين. وكذلك خلال الأزمة التي حصلت مؤخرا بعد تراجع قيمة العملة سنة ٢٠١٩ وانفجار المرفأ ٢٠٢٠، فلقد ازدادت أعداد المهاجرين معظمهم من العمّال، هرباً من الحرب، وبحثاً عن نجاةٍ اقتصادية.حيث بتنا نسمع يوميًا أن شباب لبنان يتجهون بأعداد كبيرة إلى خيار الهجرة، حيث الأرقام تشير إلى أن عدد الطلبات في السفارات تفوق الـ٣٨٠ ألف طلب.

  • الأسباب الدينية

نتيجة الاستعمار الطويل الذي خيم بظلمه على لبنان ومحيطه الطبيعي طيلة أربعماية وثلاثين عاما ١٥١٦-١٩٤٣ وما ترتب عليه من بعث للأحقاد المذهبية التي تحولت إلى صدامات دموية خربت الوحدة الروحية للشعب.فإنقسم على ذاته وعلى بعضه طوائف ومذاهب متعددة الإنتماءات والاهداف والإتجاهات.هذه الصدامات الدموية المتكررة التي وقعت في الأعوام ١٨٤٠،١٨٥٨،١٨٦٠ وما رافقها من تعديات على المحرمات وقتل وتدمير إلى توليد حالة من الخوف والرعب بين أبناء البلد الواحد الذي تفتت روحيا ونفسيا إلى بؤر متنافرة مهددة بالإنفجار في اي وقت دفعت العديد من الشباب إلى الهجرة بحثا عن الأمن والاستقرار والعمل. وكان تخوف البعض في محله نسبيا إذ سجلت بعض التعديات ذات الخلفية الطائفية خاصة في الأعوام (١٨٩٨،١٩٠١،١٩٠٢)[72].

وكذلك الأعوام ( ١٩٥٨ و١٩٥٧-١٩٧٦ لغاية ١٩٩٠) و٢٠٠٥ و٢٠١٧ لغاية ٢٠٢٣ مبررا كافيا للهجرة إلى بلاد الله الواسعة حيث لا وجود للنعرات الطائفية والمذهبية وتعسف وعنجهية زعماء الطوائف.

  • الأسباب الاجتماعيّة

كان المجتمع اللبناني ينقسم إلى طبقتين، طبقة الفلاحين وطبقة الإقطاعيين والأسياد. فقد نما الأسياد بالبحبوحة والرخاء بينما عاش الفلاّحون بالذلّ والفقر والبؤس، إذ كانت معظم بيوتهم مبنية من اللبن وكان البيت مؤلفاً من غرفة واحدة واسعة، تتقاسمها افراد العائلة مع مواشيهم، وارض غرفهم من تراب مدلوك ولا مقاعد ولا كراسي. وجاءت الانشقاقات الدينية والفتن الأهلية التي جلبت الخراب والدمار‎.

بالإضافة إلى ذلك، تزايدَ عدد السكان، وقد قابله نقص في الموارد، وكان ذلك من أهم الأسباب لا بل السبب الحقيقي الذي أدى إلى الضيق الاقتصادي وبالتالي إلى الهجرة. فكثرت الأيدي العاطلة عن العمل، وعاش قسم كبير في حالات العوز والحاجة، ولم يجد اللبنانيون حلاّ لمشكلتهم الغذائية سوى الهجرة. ولقد ساهمت التقنيات الطبية الآتية من اوروبا، من تلقيح وغيره، إلى ارتفاع في المستوى الصحي والى تخفيض في الوفيات، ما أدى إلى التزايد الغير المتوازن لعدد السكان في المناطق الجبلية‎.

  • الأسباب الخاصة للهجرة
  • مساعـي المـبشـريـّن والمُرسلين

نشطت حركة المؤسّسات التبشيريّة والإرساليات الكاثوليكية والبروتستانتية في لبنان، في القرن التاسع عشر في مجالات عدة أهمها التعليم فازدادت المدارس خصوصا بعد دخول الإرساليّات الأجنبية إلى جبل لبنان رافق ذلك إرتفاعا ملحوظا في عدد الطلاب المتعلمين والمتخرجين[73]. وشكلت إيجابيات هذه الظاهرة مشكلة فعلية بغياب فرص العمل الداخلية أمام هؤلاء المثقفين الشباب الذين وجدوا في الهجرة المجال الحيوي لتحقيق طموحاتهم. وقد شكل هؤلاء في بلاد انتظارهم نواة ما صار يعرف بهجرة الأدمغة. ويرى بعض الباحثين أن ما لم ينل حقه من البحث في دراسه باب الهجرة هو أثر ودور المؤسسات التعليمية والطبية للإرساليات التبشيريّة الأجنبية التي عمت المناطق اللبنانية، حيث عملت على نشر التعليم الذي يدفع المتعلمين للتفكير برفع مستوى معيشتهم عن طريق الهجرة[74]. وعمّت المطابع وفُتحت المدارس والجامعات، لاسيما منها مدرسة الأميركيّين في بيروت عام ١٨٣٤، ثم أتبعوها بالجامعة الأميركيّة عام ١٨٦٦، ولحقهم اليسوعيّون بجامعة مار يوسف ١٨٧٥، وهي تُعتبر اليوم من أهم الجامعات في لبنان والشرق. وقد دل إحصاء عام ١٩١٤ على أنّ نسبة المتعلّمين في لبنان بلغت ٥٠ بالمئة وهي أعلى نسبة في أي بلد في العالم خارج أوروبا وأميركا الشماليّة. هذه النسبة العالية كانت سبباً آخر للتأثير في الهجرة.كما عملت على تزيين الحياة العامة في بلدان أوروبا وأمريكا أمام تلامذتها مما أثار لديهم الرغبة بالهجرة إلى هذه البلدان.

  • عامل الجذب

وفرت عوامل الجذب في مراكز المهاجر البعيدة المجالات الحيوية الإيجابية لهؤلاء الشباب فجذبتهم إلى تلك الأراضي الغريبة التي كانت في أحلامهم حيث صور المجتمعات الحرة التي يسعى أبناؤها إلى العمل والعلم وجني الثروات في أجواء بيئية وأمنية وترفيهية مثلى. وبقدر مل كانت الحالة الاقتصادية في جبل لبنان دافعا للهجرة كانت الحالة الإقتصادية المزدهرة والنمو الإجتماعي في سائر الأميركيتين وأوستراليا من الأسباب الرئيسية في جذب المهاجرين واستخدامهم للحاجة إليهم في مجالات النمو الاقتصادي التي كانت تشهدها تلك الدول التي عملت على استقبال المهاجرين برحابة وسهلت لهم في البداية شروط الدخول إليها.

  • مساعي الدائنين ودور الوسـطـاء وإغرءات السماسرة

كان اللبناني يحاول أن يجرّب حظّه في بلد آخر علّه يتخلّص من الحالة التي يعيشها. ولكي يتدبّر ثمن بطاقة السفر (الناولون) ومصاريف الرحلة، استلف مبالغ مقابل رهن ما يملك من مسكنٍ أو قطعة أرض صغيرة ويتعهّد خطّياً وشفهيّاً بتسديد المال والفائدة، بعد تحقيقه أرباحاً في المهجر‎.إضافة إلى ذلك، كان المسافر يحتاج إلى كثير من المعاملات والمراجعات وإعداد الإجازات وغيرها فكان لا بد من وسيط لذلك وخاصة ليستحصل على التذكرة العثمانية التي تجيز له السفر.وكان السماسرة يحثون الشباب على السفر ويقدمون له كافة التسهيلات ويغالون في التزيين والتزويق وتسهيل الأمور ويعسلون ألسنتهم بكل خلاب براق من الوعود. حتى اذل ما يلغوا بضحايهم ثغر بيروت انزلوهم في أماكن ليس لها من الفنادق سوى الاسم على أنها في حقيقتها خانات قذرة.وقد كان لتأخر البواخر المقصود مورد ارتزاق لاصحاب الخانات والوسطاء.

  • رسـائـل المهاجريـن وإرسالهم الأموال إلى ذويـهم

شكلت رسائل المهاجرين إلى أهلهم في الوطن مادة دعائية. وقد تضمنت معظم هذه الرسائل شرح التعليمات وادق التفاصيل التي يحتاج إليها المهاجر عند وصوله إلى الخارج خصوصا على صعيد الإهتمام به وتسهيل أموره ومساعدته على الانطلاق. تُقرأ الرسالة عدة مرات على مسمع حفل كبير من الناس، ثم يستتبع تلاوتها اجتماعات وتفسيرات تحرك عند بعض السامعين روح الفضولية والغيرة من غِنى العالم الجديد ومجالات العمل فيه، ويندهشون من أجور المهاجرين في بلاد الاغتراب مقارنةً مع أجورهم في لبنان. وفي أغلب الأحيان تحمل هذه الرسائل صورا فوتوغرافية تظهر فيها ابن البلد باللباس الأجنبي المميز الذي تظهر فيه علامات الغنى والأناقة الجذابة. وساعدت نجاحات بعض المهاجرين في الولايات المتحدة والبرازيل والأرجنتين واوستراليا وإرسالهم الأموال لذويهم في الوطن إلى جانب الأخبار والروايات التي نسيت حول سوق العمل المفتوحة وأجواء العدالة والحرية والمساواة السائدة في بلاد المهجر  إلى تحريك الحماس في نفوس الشباب الراغب بالمغامرة وجني الثروات والتشبه بمن سافر “وتمدن”.

  • خيـبـات الامـل والمخـاوف الشخـصيـة

دوافع عديدة أدت إلى الهجرة ويعود بعضها إلى أمور شخصية أو عائلية، كخلاف نشب بين عائلتين، او بين افراد الأسرة الواحدة، او بين الزوج والزوجة، أو فسخ خطبة، او خلاف مع الجيران، أو احتراق المحصول الزراعي، أو خسارة حيوانات النقل أو الفلاحة، أو أموراً سياسية واجتماعية دفعت البعض للهرب من وجه العدالة والقانون، فضلاً عن حالات الرعب والخوف من جراء بعض الأحداث.

الخاتمة

لم تكن هجرة اللبنانيين الاوائل رحلة مفروشة بالورود والياسمين، اذ عانى هؤلاء الكثير قبل ان يثبتوا أقدامهم في بلدان الانتشار. فالانسلاخ عن الوطن بحد ذاته ليس أمرا سهلا، وهو بالتالي لم يأت نتيجة ترف من المهاجرين بل بفعل أوضاع سياسية.وهناك في الطرقات الغير آمنة كان يوجد قطاع الطرق الذين ينقضون عليهم كالقدر المستعجل فيسرقون أموالهم وينهبون بضائعهم ،وعند وصولهم تستقبلهم الأمراض المعدية والخبيثة في غياب أبسط وسائل التطبيب والعلاج ذلك بسبب تبدل المناخ، خاصة في افريقيا وأميركا الجنوبية.وكانت الملاريا والحمى الصفراء أخطر أنواع هذه الأمراض، ما أودى بحياة الكثيرين منهم أو إصابتهم بأمراض مضنية.يبدأ يومهم في الصباح الباكركتجار كشّة حيث معظمهم يجهلون لغة البلاد التي يأتونها فيلاقون ضروبا من الشقاء ويكابدون انواعا من شظف العيش.واجهتهم مخاطر كثيرة منها وعورة الطرقات والحيوانات المفترسة، واعتداء اللصوص،وخسارة رفاق درب.

وبالرغم من أن المهاجرين الأوائل في فترة عهد المتصرفية كان معظمهم من المسيحيين اللبنانيين الذين هاجروا إلى مجتمعات مسيحية كما في الولايات المتحدة الأميركيّة ،أميركا الجنوبية وأوستراليا،إلا أن تلك المجتمعات لم تتعامل معهم من موقعهم الديني وإنما تعاطت مع هؤلاء القادمين على أنهم على الأقل دونهم في المستوى، حيث كانت الهوية التركية نقمة عليهم نتيجة لسلسلة الحروب الطويلة التي وقعت بين الشرق الإسلامي والغرب المسيحي والتي أدت إلى مشاعر الكراهية والحقد والخوف. ولضيق مجال الاختيار وضرورة الإقتصاد لم تكن ترعى في انتقاء الملابس أحكام التناسق والتساوق. كما والطرقات التي ارتوت من عرقهم ودمائهم وأبواب المنازل التي نبذتهم تحولت إلى مدارس جوالة لهم حيث كانوا يدونون خلال تجوالهم بالحرف العربي العبارات الإنكليزية التي يسمعونها وقد أطلق على تلك المدارس الجوالة تعبير “مدرسة الطريق”.ومع اختراع الطائرات والوسائل الأخرى الحديثة باتت رحلاتهم أكثر راحة لكن المعاناة لم تتوقف في بلدان الاغتراب إذ أنها اتخذت وجها اخرا ومرحلة أخرى. حيث عاش المغتربون في صراعات سياسية لا علاقة لهم بها لكنها كانت تنعكس عليهم وعلى مورد رزقهم.

وقد شهد القرن العشرين الكثير من الثورات والانقلابات العسكرية في الكثير من البلدان، كان بعضها يدمر متاجر المغتربين فيضطرون من جديد للبدء من الصفر. ففي بلدان أفريقيا وأميركا اللاتينية تعرض اللبنانيون لإعتداءات موصوفة على حقوقهم في غياب دولة ترعى شؤونهم وتتابع قضاياهم، على الرغم من وجود سفارات لبنانية في هذه الدول. وقد أقرت بعض البلدان قوانين صارمة نالت ما نالت من تعب اللبنانيين ومورد رزقهم. فبعد أحداث ١١ ايلول ٢٠٠١ في الولايات المتحدة فرضت إجراءات قاسية على المهاجرين طالت المغتربين اللبنانيين، وتمت ملاحقة آخرين تعرضوا لمضايقات شديدة.أما بالنسبة لموجات الهجرة فلقدسلكت بلاد عديدة منهامصر والبرازيل واميركا وافريقيا إلى جانب استراليا والمانيا وغيرها. في مصر استقر معظم المهاجرين بوادي النيل (مصر والسودان)في نقاط جذب حيوية هي القاهرة ،الاسكندرية ومدن قناة السويس التي شكلت مثلثا سياسيا-ثقافيا-تجاريا كان مسرحا لاستقرار جالية لبنانية كبيرة وعريقة لعبت دورا مهما في الحياة المصرية.وشكلت مدينة دمياط الواقعة على فرع النيل الشرقي نقطة اتصال بين مصر ولبنان.ويفيد إحصاء لمدينة دمياط للعام ١٨٠٩ أن عام ١٩٥٢ بلغ عدد اللبنانيين في مصر ثلاثين ألف نسمة.

وكانت الوجهة الثانية إلى البرازيل فمع وصول الإمبراطور البرازيلي دوم بيدرو الثاني في القرن ١٩ بدأت مرحلةٌ مختلفة في العلاقة مع العرب، حيث اهتم الإمبراطور بتعلم اللغة العربية قراءة وكتابة، وشرع في ترجمة رواية ألف ليلة وليلة إلى البرتغالية.وتم التوقيع على معاهدة الصداقة والتجارة والملاحة البرازيلية العثمانية التركية من قبل إمبراطور البرازيل والسلطان العثماني عبد المجيد الأول. سهّلت هذه المعاهدة تدفّق التجّار الأتراك والعرب والأرمن واليونانيين.واليوم يحيي اللبنانيون في البرازيل الذكرى ١٤٠ لهجرتهم إليها، بعد أن باتوا يشكلون الجالية الثانية من حيث العدد، بتعداد يفوق ضعفي عدد سكان لبنان إذ يقدر عددهم حوالي نصف مليون.أما أميركا فكانت الوجهة الثالثة للهجرة حيث تدفقت إلى القارة الأميركية في عهد المتصرفيّة خصوصا من قرى لبنان الأوسط(مقاطعة جبل لبنان).وفي الفترة الواقعة بين ١٩٠٠-١٩١٤ انخفض عدد سكان الجبل عن طريق الهجرة إلى زوايا الأرض بمعدل خمس وعشرين بالمئة اي مئة ألف مهاجر اي ثلث سكان جبل لبنان في مقابل ٩٢ ألفا إلى الأرجنتين و٩٣ ألفا إلى البرازيل.ثم إتسع نطاق الهجرة اللبنانية فشمل بلدانا عديدة متفرقة في جميع أنحاء العالم: كندا، أستراليا، مكسيكو، نيوزيلندا، إفريقيا، وجزائر الهند الغربية والفيليبين. وحسب اخصاء السنين ١٩٥١-١٩٥٢ نجد أن ما بعث به المهاجرون اللبنانيّون من مال إلى المعاهد الخيرية والدينية والتربية بلغ ثمانية عشر مليونا من الدولارات وما أرسلوه إلى الأهل والأصدقاء بلغ اثنين وعشرين مليون دولار.وتعتبر الحكومة اللبنانية الدخل الذي يبعث به المهاجرون إلى أهلهم والذي يعادل الدخل الذي يعود به موسم الإصطياف على البلاد انه من المداخيل الرئيسية غير المنظورة.ويعتبر اللبنانيون أن لبنان‎هم شطران:شطره المقيم وشطره المغترب ووزير خارجية لبنان يعرف بوزير الخارجية والمغتربين. وغدا المهاجرون العامود الفقري الذي قامت عليه الجاليات اللبنانية التي لعبت دورا بارزا في حياة المجتمع الأميركي بما قدمته من رجال ونساء متفوقين في مختلف الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية والعلمية. خصوصا ان مرحلة الهجرة الأولى شهدت تدفق الأدباء اللبنانيين إلى القارة الأميركية. ولم تاخذ الهجرة إلى افريقيا بالتزايد إلا منذ العقد الأخير من القرن التاسع عشر، حيث بدأ المهاجرون يقصدونها في إبان موجات الهجرة خصوصًا في «المقاطعات الأربع» التي أصبحت العام ١٨٧٠ تتمتع بحقوق المواطنة وساعدت الاقتصاد المحلي على النمو بسرعة وهي مقاطعات سان لويس ودكار وغوري وروفيسك. اما على صعيد المناطق الأفريقية التي خضعت للاستعمار البريطاني وبالنظر إلى عدم احتفاظ السلطات الاستعمارية بسجلات موثوق بها عن المهاجرين الأوائل إلى مستعمراتها، تتضارب الأخبار المتعلقة بهجرة اللبنانيين إلى غرب أفريقيا الإنكليزيةإنطلاقاً من مرافئها الساحلية التي استقبلت المهاجرين اللبنانيين الأوائل، الذين كانوا ينتقلون من بيروت إلى مرسيليا، ومنها إلى دكار ثم كوناكري وفريتاون، ومن ثم إلى لاغوس، وكانت الرحلة تستغرق نحو ٤٠ يوما.لكن على الرغم من التزايد التدريجى للهجرة فإن الأرقام بقيت متواضعة إلى نهاية الحرب العالمية الأولى. وقد اتجهت تيارات الهجرة إلى ستة أقاليم خاضعة للسيطرة الفرنسية هى السنغال وغينيا والسودان (مالى الحالية) والداهومى (بنين الحالية) والنيجر وموريتانيا بالإضافة إلى مستعمرتى جامبيا وسيراليون الإنجليزيتين ومستعمرة غينيا البرتغالية (غينيا). وكذلك في استراليا فلقد بدأ اللبنانيون الهجرة إليها بأعداد كبيرة في العقدالأخير من القرن التاسع عشر . ولم يحصل مهاجري الدفعة الأولى على الجنسية الأسترالية حتى عام ١٩٢٠ عندما صدر قانون الجنسية الذي سمح لكل لبناني أقام في استراليا لمدة خمس سنوات او أكثر، أن يحصل على الجنسية علما أنه في العام ذاته أصيبت استراليا بنكسة اقتصادية أدت إلى تفشي البطالة بين أفراد الشعب اثر ذلك بصورة مباشرة على المهاجرين اللبنانيين فتوقّفت هجرتهم حتى نهاية الحرب العالمية الثانية.وتشير الدراسات الإحصائية إلى أن المعدل السنوي لعدد المهاجرين في الموجة الأولى بلغ حوالي ٣٠٠٠ مهاجرا ليصل خلال الأربعين عام إلى ١٢٠ ألف. وارتفع المعدل السنوي في الموجة الثانية إلى خمسة اضعاف الموجة الأولى حيث بلغ ١٥٠٠٠ نسمة أي مجموع ٢١٠٠٠ مهاجرا في فترة ١٤ سنة (١٩٠٠-١٩١٤).اي بلغ مجموع عدد المهاجرين في حوالي نصف قرن (١٨٦٠-١٩١٤)٣٣٠٠٠٠. بعد عام ١٩٦٦تعاظم عدد المهاجرين اللبنانيين لا سيما بعد الحرب الإسرائيلية – العربية في حزيران سنة ١٩٦٧. ويظهر إحصاء ١٩٧٦ أن عدد المهاجرين المولودين في لبنان بلغ ٣٣٠٠٠ شخصاً، والعديد من بينهم يتحدرون من سكان المدن والأغلبية من الطوائف المسيحية (الموارنة والأرثوذكس والروم الكاثوليك) لا سيما الموارنة المتحدرون من القرى في محافظة الشمال في لبنان.ولقد ارتفع عدد المهاجرين المسلمين من ٧٠٠٠ في سنة ١٩٧٦ إلى ١٥٦٠٠ في عام ١٩٨١.وفي الوقت الذي كانت فيه نسبة المسلمين اللبنانيين عام ١٩٧١، ١٤ بالمئة من مجمل عدد المهاجرين المولودين في لبنان، بلغت النسبة ٣١ بالمئة في سنة ١٩٨١.

ولأسباب عديدة أهمها إعادة هيكلة الاقتصاد الأسترالي لجهة ضمور قطاع الصناعة الذي كان يتطلب اليد العاملة

الماهرة وتوسع قطاع الخدمات وما يطلق عليه باقتصاد المعرفة، بدأ عدد المهاجرين اللبنانيين بالتناقص حتى أمسى لا يتعدى ١٢٠٠ شخصاً في السنة تقريباً. ويشير برنامج الهجرة الراهن إلى أن سياسة الهجرة الراهنة تركز فقط على قبول أصحاب الكفاءات العالية ومن ضمنهم الذين يتقنون اللغة الإنكليزية، باستثناء من يتم استدعاءهم بصفتهم متزوجين أو ينوون الزواج من المقيمين في أستراليا. وفي المانيا بدأت الهجرة بأعداد خجولة منذ بداية خمسينات القرن الماضي وسرعان ما ازدادت وتيرتها مع السنين حيث بدأ اللبنانيون منذ منتصف السبعينيات التوافد بأعداد كبيرةٍ معظمها عمّالية، هرباً من الحرب، وبحثاً عن نجاةٍ اقتصادية بعد تراجع قيمة العملة سنة ٢٠١٩ وانفجار المرفأ ٢٠٢٠، وبتنا نسمع يوميًا أن شباب لبنان يتجهون بأعداد كبيرة إلى خيار الهجرة، حيث الأرقام تشير إلى أن عدد الطلبات في السفارات تفوق الـ٣٨٠ ألف طلب قابلة للزيادة.اما اليوم فالهجرة ليست كسابقاتها، فنتيجة لوباء كورونا في لبنان والعالم، أصبحت مجالات العمل غير متاحة كما كانت قبل الوباء، فالمهاجرون الجدد يتجهون إلى أقاربهم وأصدقائهم في بلاد الاغتراب، بحثًا فقط عن الأمان الاجتماعي والاستقرار والأمن المتوافر في أوروبا أو الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها.وفي آخر إحصاء ظهر أن عدد اللبنانيين المهاجرين والمسافرين منذ بداية العام وحتى منتصف شهر نوفمبر ٢٠٢١، وصل إلى ٧٧،٧٧٧ فردا مقارنة بـ ١٧،٧٢١ فردا في عام ٢٠٢٠ وتبين، أيضا، أن عدد اللبنانيين الذين هاجروا وسافروا من لبنان خلال الأعوام ٢٠١٨- ٢٠٢١ قد وصل إلى ١٩٥،٤٣٣ لبنانيا.كما لوحظ عام ٢٠٢٢ أن العراق يستقبل اللبنانيين بتأشيرة دخول على المطار حيث دخل أكثر م٢٠ ألف لبناني العراق، وفق السلطات، بدون احتساب الزوار الذين يأتون إلى النجف وكربلاء.لهذا باتت بغداد المثقلة بالأزمات وجهة مفضلة للعديد من اللبنانيين. من أبرز مخاوف الهجرة اليوم التغيير الديمغرافي وهو جوهر المشكلة البالغة في تعقيداتها، لأن بناء نظام لبنان تم عام ١٩٢٠ على أساس التركيب الديموغرافي حسب الطوائف والمذاهب المكونة لشعبه، لكنه آنذاك تغاضى عن توقع أوضاعه الديموغرافية مستقبلًا، لاسيما حسب معطى المذاهب نفسها.فشكلت أوزان وأحجام هذه المذاهب أساسًا لبنية تركيب النظام السياسي، وبالتالي لتوزيع مختلف السلطات السياسية والوظائف الإدارية والحكومية (رئيس الجمهورية ماروني، رئيس الوزراء سني، رئيس البرلمان شيعي).ومن البديهي أن يؤدي أي خلل في التركيب الديموغرافي إلى تصدع التوازن السياسي، فكيف يمكن المحافظة على النظام عندما تكون الأسس المكوّنة له غير ثابتة ومتبدلة ومتغيرة على الدوام لا سيما أن أغلب المهاجرين لم يحتفظوا بهويتهم الوطنية، ما يطرح مشكلة أخرى تفاقم من حدة الصراع السياسي. هذا طبعا إلى جانب النزف المستمر للوطن من جراء خسارة الأدمغة لعدم تواجد ما يبقيها ماديا ومعنويا،ويتم الاستيلاء عليها من دول هادفة لاستثمارها والاستفادة والتقدم من خلالها.

المراجع

  • كتب

– إدفيك شيبوب، الحرف الشعبية في لبنان، طبعةىثانية، ١٩٩٧

– أليكسا ناف، مجموعة ناف الأميركية العربية، مركز بيروت للمعارض، ايلول، ١٩٩٦

– انيس فريحة، حضارة في طريق الزوال، القرية اللبنانية، جونية، ١٩٥٧

– جبران مسعود، لبنان والنهضة العربية الحديثة، طبعة اولى، ١٩٦٧

– جوزيف أنطوان لبكي، متصرفية جبل لبنان، مسائل وقضايا، (١٨٦١-١٩١٥)

– ربيعة ابي فاضل، الفكر الديني في الأدب المهجري، المجلد الأول، طبعة أولى، ١٩٢٢

– عباس ابوصالح، الأزمة اللبنانية عام ١٩٥٨، بيروت، ١٩٩٨

– عبدالله الملاح، متصرفية جبل لبنان في عهد مظفر باشا، (١٩٠٢-١٩٠٧)

– لحد خاطر، الانتخابات اللبنانية في تاريخ لبنان، ١٩٦٩

– مسعود ضاهر، الهجرة اللبنانية إلى مصر، هجرة الشوام، المكتبة الشرقية، بيروت، ١٩٨٦

– نعيم حسن اليافي، جمال باشا السفاح، اللاذقية، دار الحور، ١٩٩٣

– هربت فيشر، تاريخ أوروبا الحديث، دار المعارف، مصر، الطبعة السادسة، ١٩٧٢

  • جرائد ومجلات ومواقع إليكترونية

– مجلة اندبندنت

– مجلة الجيش اللبناني

– مجلة الشرق الأوسط

– مجلة الثقافة العالمية

– توفيق ضعون، ذكرى الهجرة، مجلة قب الياس، ١٩٩٦

– بولس قرإلى، الجاليات السورية في القطر المصري، المجلة السورية، جزء رابع، سنة اولى، نيسان، ١٩٢٦

– عبدالله الملاح، الحركة الديموغرافية في متصرفية جبل لبنان ومحاولة تنظيمها، مجلة حنون، ١٩٨٩

– مجلة جبلنا

– جولة أفق

– إيكونومبست

– الدولية للمعلومات

– عربي بوست

– الراصد

– جريدة النهار

– جريدة السفير

– جريدة الشرق الأوسط

– قضايا العالم العربي

– جريدة نفير السورية، عدد١١، نيسان، ١٨٦١

– الكتاب الابيض، وزارة المغتربين

– إدارة الإحصاء المركزي، بيروت، ١٩٩٠

– نون بوست، الهجرة اللبنانية، مايو، ٢٠٢٢

– الدولية للمعلومات

– اخبار لبنان، ١٣ أيلول، ٢٠٢٣

– مؤسسة الحريري، مركز الدراسات

– مجلس النواب، نصوص ودراسات، ١٩٩٧

– ويكبيديا

– جزيرة نت

  • مراجع أجنبية

-British Admiralty,AHandbook of Syria

-diaspora On,August 25,2021

-Earl of Cromer,Modern Egypt,(New York,1990)Vol1

-JABALNA MAGAZINE,Pennsylvania

-Institute of Arab American affairs,Arabic Affairs,(New York)1996

-Philip-Hitti,the Syrians in America,(New York,1924)

-Revolt in the desert,(New York,1929)

-Said Himadeh,Ed.Economic Organisation of Syria,(Beirut,1936)PP.6,410-11

-Texas in League of Nations,Permanent Mandates Commission:Minutes of the Eight Session(Extraordinary)Geneva,1926

-Tom J.McFadden,Daily Journalism in the Arab States(Colombus1953)

[05/10/2023, 4:05 pm] nmn:

  • استاذ مساعد في الجامعة اللبنانية، كلية الحقوق والعلوم السياسية والإدارية – علاقات دولية، كلية الآداب والعلوم الإنسانية.

Assistant Professor at the Lebanese University – Faculty of Law, Political and Administrative Sciences – International Relations-Faculty of Arts and Human Sciences email: vbcv5g5@gmail.com

1- الدول الكبرى هي السلطنة العثمانية وفرنسا وبريطانيا وروسيا والنمسا وبروسيا.

2- جوزيف انطوان لبكي، متصرفية جبل لبنان، مسائل وقضايا  (١٨٦١-١٩١٥).

3- عبدالله الملاح، متصرفية جبل لبنان في عهد مظفر باشا، (١٩٠٢-١٩٠٧) صفحة ٧.

1- الجزيرة نت، ٥ شباط ٢٠٢٣.

2- عبدالله الملاح، الحركة الديموغرافية في متصرفية جبل لبنان ومحاولة تنظيمها، مجلة حنون، العدد 21 عام ١٩٨٩-١٩٩

3- لحد خاطر، الانتخابات اللبنانية في تاريخ لبنان، منشورات دار لحد خاطر، بيروت، ١٩٦٩، صفحة ٥٤ – ١٠٥

4- نعيم حسن اليافي، جمال باشا السفاح، دراسة في الشخصية والتاريخ، اللاذقية، دار الحوار، ١٩٩٣

5- مسعود ضاهر، الهجرة اللبنانية إلى مصر هجرة الشوام، المكتبة الشرقية، بيروت، ١٩٨٦

1- Revolt in the desert, (New York ,1929)

2- Texas in League of Nations, Permanent Mandates Commission: Minutes of the Eight Session (Extraordinary) (Geneva, 1926(

3- دستور جديد وضع بطلب من المفوض السامي هنري دي جوفينال اول مفوض مدني

4- Said Himadeh, Ed. Economic Organisation of Syria (Beirut,1936) PP.6,410-11

1- مجلة اندبندنت عربية،الخميس ٢٦ مايو.

2- م.ن

3- إدارة الإحصاء المركزي، تطوُّر أعداد المهاجرين اللبنانيين منذ العام ١٩٩٠، بيروت

1- نون بوست، الهجرة اللبنانية والهروب الدائم من حروب وفقر الوطن، ٢ مايو، ٢٠٢٢

2- إدارة الإحصاء المركزي، تطوُّر أعداد المهاجرين اللبنانيين منذ العام ١٩٩٠،بيروت

3- م.ن

١- الدولية للمعلومات

2- الدولية للمعلومات، م.ن

3- جزيرة نت

1- ABOUT JABALNA MAGAZINE Pennsylvania

٢- م.ن

3- Institue of Arab American affairs, Arabic Affairs, (New York) 1996.

1- ABOUT JABALNA MAGAZINE م.س.

2- عبدالله الملاح، الهجرة اللبنانية ايام المتصرفيه ( ١٨٦١-١٩١٥)، ص٢٣.

3- توفيق ضعون، ذكرى الهجرة، م.س، ص ٤٨.

4- مجلة قب الياس، عدد كانون ثاني وشباط ١٩٩٦، السنة ٦٠، ص ١١

5- مجلة جبلنا، م.س.

1- Earl of Cromer, Modern Egypt, (New York,1990) vol.11

٢- مسعود ضاهر،الهجرة اللبنانية إلى مصر،م.س

٣-Earl of Cromer,م.س

4- من بينهم التاجر البعلبكي يوحنا سرور قنصل اسبانيا في دمياط،وانطوان سرور المولود في صور وروفايل فرح من صور وهو كاتب بالديوان المصري ومخايل الترك من دير القمر وشبلي دراج من بيروت وتوما الصايغ من صيدا.

5- مسعود ضاهر،م.س،ص ١١١و ١١٤

6- عندما احتل الإنكليز مصر عام ١٨٨٢ وجدوا في خريجي الجامعة الأميركية في بيروت موظفين “انعمت السماء بهم” كما يقول كرومر،م.ن

7- Earl of Cromer, p216

1- Tom J.Mc Fadden, Daily Journalism in the Arab States, (Colombus1953)

2- British Admiralty, AHandbook of Syria, p.186

3- مسعود ضاهر ،المرجع السابق،ص ١٥٣

4- بولس قرإلي،الجاليات السورية في القطر المصري؛المجلة السورية السنة الاولى،الجزء الرابع،تاريخ ١٥ نيسان ١٩٢٦،

5- نون بوست، الهجرة اللبنانية والهروب، ٥شباط، ٢٠٢٢

1- اسم التاجر اللبناني أنطون الياس لبس (وقد جرى تغيير اسمه برتغاليًا إلى الياس أنطونيو لوبس بعد أن عاش بضع سنوات في البرتغال

2- جزيرة نت ؛حي العرب،٢٥اذار

1- جزيرة نت، حكاية العرب في البرازيل من الهجرة إلى الاندماج فصناعة القرار،٢٧اذار٢٠٢١

2- اول مهاجر استهوتهبلاد آل دورادو في كولومبيا لبنانيا من بلدة مزيارة في قضاء البترون (١٨٨٠)وأغنى العائلات اللبنانية المهاجرة تقيم في سان باولو في البرازيل.

3- مؤسسة الحريري، قضايا الدولة والمجتمع، لبنان الاغتراب والانتشار، مركز الدراسات، لم يذكر اسم الكاتب والتاريخ، ص٥

4- مجلة “الثقافة العالمية”: (الاميركيون من ذوي الأصل العربي، بحث أدبي مرجعي) بقلم جربجوري اورناليا، ترجمة وجيه توفيق بيازيد، العدد ٥٣، السنة التاسعة، ايلول ١٩٩٠، ص ٩ وقد جاء من خلال كتاب فيليب حتي “انطونيوس بشعلاني اول مهاجر سوري إلى العالم الجديد” تعرفنا على حياة اول مهاجر، صدر عام ١٩١٦ باللغة العربية، وكان بشعلاني مرشد رحلات بفلسطين، لحق بأحد عملائه إلى نيويورك عام ١٨٥٤.

5- Philip K. Hitti, The Syrians in America

6- فيليب حتي، لبنان في التاريخ، م.س

1- Insitute of Arab Speaking American Affairs,Arabic Americans,(New York,1946)

2- Thoumin,pp.334-7

3- انيس فريحة، حضارة في طريق الزوال، القرية اللبنانية، جونية، ١٩٥٧وايضا – عفيف طنوس، مجلة Rural Sociology,1942,pp62-74

4- مجلة المشرق، المجلد٤٠، (١٩٥٥) ص: ٣٦١-٣٦٨

1- ربيعة ابي فاضل، الفكر الديني في الادب المهجري، المجلد الأول، الطبعة الأولى، ١٩٢٢، ص١٣٢

 

١- الراصد، محمد خليفة صديق، ٩ فبراير

2- في سنة ١٩١٩ نجد في مدينة ” تييس” ‎Theis’s ( بالسنغال ) ٥٠ محلا تجاريا يمتلكها أوربيون مقابل ١١ محلا يمتلكه لبنانيون ، وفى قرية ” بامبي ‎Bamby بنفس المستعمرة نجد ٤٧ محلا يمتلكها أوربيون مقابل ٤ محلات فى ملكية لبنانيين ، لكن بعد عشرين سنة نجد في ” تييس ” ١١ محلا أوربيا مقابل ٢٠٠ محل لبنانى ، وفى ” بامبى” ٢٠ محلا أوربيا مقابل ١٠٥ محلات لبنانية. الراصد،م.ن

١- عبدالله الملاح،متصرفية جبل لبنان في عهد مظفر باشا؛مرجع سابق،ص٢٩٤

٢- جوزيف لبكي،متصرفية جبل لبنان (١٨٦١-١٩١٥) مرجع سابق،ص٢٩٨-٣٠٧

٣- ادفيك شيبوب، الحرف الشعبية في لبنان، منشورات مكتبة السائح، طبعة ثانية، ١٩٩٧، ص: ٧٠-٩٦

٤- عبدالله الملاح،متصرفية جبل لبنان في عهد مظفر باشا،م.س

5- قضايا العالم العربي،م.س.

1- النهار،١١ أب ٢٠١٣

2- قضايا العالم العربي،م.س

3- ندوة الوجود اللبناني في افريقيا،واقعا ومصيرا،منشورات وزارة المغتربين،١٩٩٨،ص٢٧

4- عبدالله الملاح،م.س

6- فيليب حتي ،تاريخ سوريا ولبنان وفلسطين والإنتداب البريطاني،دار الثقافة،١٩٥١،ص:٣٤٤

7- هربرت فيشر،تاريخ أوروبا الحديث،دار المعارف، مصر،الطبعة السادسة ،١٩٧٢،ص٢١٧

1- م.ن

2- مجلس النواب:حروب إسرائيل ضد لبنان،نصوص ودراسات،١٩٩٧

3- عباس ابوصالح،الأزمة اللبنانية عام ١٩٥٨،وثائق يكشف عنها للمرة الأولى ،المنشورات العربية،بيروت،١٩٩٨

4- عبدالله الملاح ،متصرفية جبل لبنان ..،م.س

١- جبران مسعود، لبنان والنهضة العربية الحديثة، منشورات بيت الحكمة، الطبعة الاولى، بيروت، ١٩٦٧، ص: ٣٦

٢- خليل ارزوني، الهجرة اللبنانية

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

free porn https://evvivaporno.com/ website