foxy chick pleasures twat and gets licked and plowed in pov.sex kamerki
sampling a tough cock. fsiblog
free porn

التفكير النقديّ والبلاغيّ في كتاب البديع لابن المعتزّ العبّاسيّ

0

التفكير النقديّ والبلاغيّ في كتاب البديع لابن المعتزّ العبّاسيّ

د. رفيقة بن رجب*

أوّلًا: الملخّـص باللغة العربيّة

إن عمليّــة قـراءة التراث وتفحّصه ضـــرورة تستـــدعيهــا عمليّـــة المتابعـــة؛ لإحيـــاء المؤلّفــــات القـــديمــــة. وقد تعددت الآراء، واختلفت التأويلات خصوصًا في ما يتعلّق بالتقســيم الداخليّ والخارجيّ للكتــــاب. وبناء عليـــه طـــرحــت الدراسة عدّة تساؤلات عن ذلك، من هذه التساؤلات مثلًا: هــل يمكـن لقارئ الـترث أن يتغافل عن زمنيّة النصّ؟ هل يمكـن أن يتماهى مع معطيات الممارسة القرائيّة وفقــًا لأيديولوجياته الفكريّة؟ هـــل سيبقى نصّ الـتراث ثابتــًا أم هـو متغيّر وفقـًا لقارئه؟

إن المتلقّي هــو الـذي ســوف يكمــل الدائــرة المفقــوده، ويتفقّـد عنــاصـر الإبـداع؛ لاستنطاق النصّ وتحــديـد معالمه الدلاليّــة المغيّبة تحـــت ركـــام التمــويــه الغرائبيّ؛ لخلـــق نــوع مـــن التـــوازي الدلاليّ بـــين العناصــر الحضوريّــة والغيابيّة.

وسوف أتناول في هذه الدراسة كتاب البديع لأبن المعتزّ؛ على أساس أنّه أوّل كتاب بلاغيّ قد تفرّد في البلاغة من دون تداخل العلوم الأخرى على الرغم من قدم الحقبة الزمنيّة. وقد خصص كتابه لذلك، وقسّم كتابه إلى بابين كبيرين.

الباب الأوّل: أبواب البديع وذكر فيها خمسة أبواب هي: التجنيس، والمطابقة، والاستعارة، ورد العجُز على الصدر، والمذهب الكلاميّ.

والباب الثاني أسماه محاسن الكلام وذكر فيه ثلاثة عشر محسّنًا هي:

1 باب الالتفات 8 حسن التّضمين
2 اعتراض كلام في كلام 9 التّعريض والكناية
3 الرجوع 10 الإفراط في الصّفة
4 حسن الخروج 11 حسن التّشبيه
5 تأكيد المدح بما يشبه الذم 12 إعانات القوافي
6 تجاهل العارف 13 حسن الابتداءات
7 هزل يراد به الجدّ    

ثمّ تحدّث عن كلّ نوع بشواهده المنوّعة، وذكر من خلال عرضه بعض الآراء الشخصيّة لبعض القضايا الأساسيّة. وقد حقّق كتابه هذا المستشرق الروسيّ كراتشوفسكي، وقد أضاف هذا التحقيق المتقن لكتاب البديع موقعًا متميزا؛ لأنّ اهتمامه بابن المعتزّ ظاهرة تستدعي الوقوف خصوصًا، وإنّ نسخ الكتاب لم تكن متوفّرة، والحصول عليها كان أمرًا في غاية الصعوبة آنذاك ما عدا نسخة الإسكوربال الخطّيّة. إذًا هو متن يعدّ أنموذجًا ناجحًا للتصوّرات البلاغيّة التي لم يسبق إليها من أحد العلماء إلاّ ما جاء متناثرًا. وعلى يديه تحدّدت الرؤيا للتراث النقديّ، واتّضحت معالمه وأيدولوجيّاته. ونستطيع إذًا أن نقول إنّ هذا الكتاب يعدّ انطلاقة مشهودًا لها في عالم البلاغة، والنقد إذ عرض في صاحبها إلى مجموعة من الشعراء، والنقاد الذين لم يكن ذكره إيّاهم اعتباطيًّا إطلاقًا هذا فضلًا عن العديد من المواقف النقديّة الدقيقة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* أستاذ مساعد في الجامعة الأهليّة منذ عام 2014 إلى الوقــت الحـالـيّ. وعضو على مستوى الجامعة في مركز اللغة العربيّة والدراسات الشرق أوسطيّة  ومنسّقة برنامج مهارات اللغة العربيّة ومقرّرة اجتماعات مجلس قسم  اللغة العربيّة، وعضو في  اللجنة الثقافيّة على مستوى الجامعة.

الملخّص باللغة الإنجليزيّة

Critical thinking and the calligrapher in the Book of Budaiya to the son of Mu’taz Abbasi

The process of reading and examining the heritage needs to be followed up by the process of reviving old works. There have been many opinions and different interpretations, especially with regard to the internal division and external book, and based on the lecture raised several questions about this and such questions, for example: Can the reader of heritage not to ignore the time text? Can it be reconciled with the data of the reading practice according to its intellectual ideologies? Will the text of the heritage remain constant or variable according to its reader?

So let us say that the recipient is the one who will complete the lost circle, and inspect the elements of creativity to explore the text and identify the semantic parameters hidden under the rubble of disguise instinctive to create a kind of semantic parallel between the elements of civilization and absence.

I will address in this study the book of Ibn al-Mu’taz al-Badi’i as the first book of a rhetorical language that was unique in eloquence only, without the overlap of other sciences, despite the era of time. His book was devoted to these studies and his book is divided into two major sections. On the chest and the doctrine of my words and the second section he called the beauties of speech and mentioned thirteen improved:

1 Door attention 8 Good Inclusion
2 Interception of words in words 9 Exposure and Metaphysics
3 Back 10 Excessive Character
4 Good Exit 11 Good Analogy

 

5 Make sure that it is similar to the accusation 12 12 rhymes of rhymes
6 Ignore the acquaintance 13 Good Start
7 Haze wants the grandfather    

Then he spoke about each type with its varied evidences and mentioned some personal views on some of the basic issues. This book was written by Russian orientalist Kratszewski. This excellent investigation of the book of Budaiya added a distinct position, because his interest in Ibn al-Mu’taz was a phenomenon that required standing, especially since the copies of the book were not available and obtained.

So it is a board that is a successful model of the rhetorical views of the unprecedented, except what came and at his hands, the vision of the monetary heritage was defined and its features and ideologies became clear. We can therefore say that this book is a remarkable breakthrough in the world of rhetoric and criticism, presented in the owner to a group of poets and critics who did not mention them arbitrarily at all, as well as many critical monetary positions.

المقدّمة

نحن أمام كتاب أحدث نقلة نوعيّة في عالم النقد، والأدب، والبلاغة، هذا الكتاب التراثيّ: هو البديع لابن المعتزّ العبّاسيّ، الذي يُعد أوّل كتاب تناول البلاغة كعلم قائم بذاته من دون تداخله مع العلوم الأخرى. وأهمّيّته تتمركز في أنّه يستحضر ثلاثة عناصر رئيسة، وهي: فرضيّة التّراث، والعلاقة بين الباثّ والمتلقّي، والإضافات الجديدة التي تطرأ على القراءات من الناحية الأيديولوجيّة. وسوف نؤسّس لتأطير تلك الفكرة التي تجعل منه نسقًا قرائيًّا يتماهى مع النصّ التراثيّ عبر تجاذب وانفصال. ومن خلال ذلك نستطيع أن نقيم بنى وقواعد؛ لتقييم العمل القرائيّ.

والبلاغة اليوم إجراء إبداعيّ يتضمّن الإقناع، والإمتاع مدعّم بالحجج، والبراهين التي لن يرضى المتلقّي الجيّد بسواها. وجسر التداعي، والتوليد مفتوح للنقد والتفحّص؛ للوصول إلى جملة من المسلّمات النقديّة المغيّبة حينًا والمسيطرة حينًا آخر؛ لكي تضع المؤلّف في سمت حضاريّ عالي المستوى. وآليّات الجدل والتعدّدية مطروحة بين تعدّد القراءات، والتّمازج والمثاقفة، ووقوع الحافر على الحافر وسواها… كلّ هذه تتمخّض عن زخم ثقافيّ، وتجارب قرائيّة، تدخل في بنية الخطاب المعرفيّ الذي يتبلور من قضايا عدّة تدشّن لرؤى تستنزف الطاقة التحفيزيّة…

ففضاء النصّ ليس له حدود زمانيّة ولا مكانيّة، فهو في النهاية وثيقة تاريخيّة معتدّ بها؛ تؤسّس لمتغيّرات جذريّة من دون تغييب العناصر الحضوريّة؛ للخروج بفكر له أطر فاعلة؛ لاستغراق الصور البلاغيّة التي أدرجها ابن المعتزّ في كتابه البديع الذي يشكّل بُعدًا تاويليًّا؛ لبناء تصوّرات متباينة، وتوليد مساقات متشابكة موسومة بالتنوّع والتجديد.

وأود أن أشير هنا إلى ما قاله ابن رشيق القيروانيّ عنه: “وما أعلم شاعرًا أكمل، ولا أعجب تصنيعًا من عبدالله ابن المعتزّ؛ فإنّ صنعته خفيّة لطيفة لا تكاد تظهر في بعض المواضع إلاّ للبصير بدقائق الشعر، وهو عندي ألطف أصحابه شعرًا، وأكثرهم بديعًا، وامتنانًا، وأقربهم قوافي وأوزانًا، ولا أ رى وراءه غاية لطالبها في هذا الباب”([1]). ولن أنسى في هذه العُجالة دور محقّق الكتاب المستشرق الرّوسيّ “أغناطيوس كراتوشوفسكي” الذي آلى على نفسه أن يضع هذا المتن نصب عينيه؛ فبذل مجهودًا جادًّا في تحقيقه لباكورة الكتب البلاغيّة (البديع) بشكل لفت إليه أنظار المهتمّين باللغة معتمدًا خطّة ممنهجة وضع فيها الفهارس للأشخاص، والقبائل، والقوافي الشعريّة، ثمّ ختمها بفهرس المصطلحات العلميّة.

وقد وُجهت إليه بعض المآخذ؛ لأنّه أغفل بعض القضايا كإهماله عرض بعض الآراء والتعليقات إضافة إلى ضَعف التراكيب المستخدمة، وإن كنت أرى أنّه لم يتعمد ذلك خصوصًا؛ لكونه ليس عربيًّا متجذّرًا في اللغة في وقت كان فيه الحصول على المعلومات أمرًا عسيرًا. ومن أهمّ الإنجازات التي يمكن أن تُسجل له: أنّه أفاد المكتبة العربيّة بتحقيقه للبديع، خصوصًا، وإنّ النسخ كانت شبه معدومة ما عدا نسخة الآسكوربال؛ وعليه يكفيه فخرًا بهذا التوجه الذي رفع اسمه عاليًا لدى العديد من المفكّرين الذين قدّروا له هذا العمل الجبّار. وقد عبّر عن رأيه في ابن المعتزّ قائلًا: “إنّه شاعر ذو علم واسع، وخبرة شاملة بقضايا التاريخ, درس الشعر وفنونه وأشكاله، كما درس الأساليب اللغويّة، والشعريّة بدقّة وإتقان، ثمّ كرّس اهتمامه للكلمة، وفنّ التعبير”([2]). فهذا الكلام من المحقّق ذاته يجسد وهج التفاعل، ويرتفع بمستوى الكلام للانصهار في بوتقة التماهي مع جميع الأشكال حتّى ولو قصّر في إبراز رأيه في ما قاله ابن المعتزّ.

الغرض من كتابة المؤلّف

بداية سأعرض لفقرة ذكرها المؤلّف في المقدّمة لأنّي أحسبها تحمل ثقل أهمّيّة الكتاب ككلّ، وفي هذه المقدّمة يحدّد هدفه من التأليف إذ يقول: “قد قدّمنا في أبواب كتابنا هذا بعض ما وجدنا في القرآن وأحاديث(رسول الله صلى الله عليه)، وكلام الصحابة، والأعراب، وغيرهم وأشعار المتقدّمين من الكلام الذي سمّاه المحدّثون البديع؛ ليعلم أنّ شّارًا، ومسلمًا، وأبا نُؤاس، ومن سلك سبيلهم لم يسبقوا إلى هذا الفنّ، ولكنّه كثر في أشعارهم فعرف في زمانهم حتّى سمّي بهذا الاسم فأعرب عنه ودلّ عليه… إلخ”([3]).

إذًا؛ الغاية من التأليف كما هو واضح: إنصاف الأقدمين، وعدم إجحافهم حقّهم في ذلك، فهذه الأساليب ليست من ابتكار المحدثين كما يعتقد بعضهم هذا جانب، والجانب الآخر عرقيّ حضاريّ، وقد أشار إلى ذلك الناقد حمادي صمود “ونجم عن ذلك خلاف طويل، لعلّ آثاره باقية إلى اليوم، كان في ظاهره أدبيًّا أطلقوا عليه (خصومة القدماء والمحدثين) إلاّ أنّه كان يخفي صراعًا حضاريًّا هائلًا أفرزته تركيبة المجتمع المعقدة”([4]).

يُعدّ كتاب البديع تجربة رائدة في علم البلاغة العربيّة، وفنّ البديع خصوصًا، وابن المعتزّ هو مؤسّس هذا العلم، وعليه فإنّ كتابه (البديع) هو نقطة تحوّل مُهِمَّة في مسار البلاغة العربيّة، وعلامة بارزة في تطور النظرية النقديّة.

ويضيف إلى هذه الرؤيا ما ذكره طه ابراهيم: “. …..ومن أظهر الأمثلة لهؤلاء عبدالله بن المعتزّ فقد كان كثير السماع، غزير الرواية”([5]). وأضيف إلى التأكيد على الجانب السياسيّ في ذلك، وإبراز انتصار العرب على الشعوب الأخرى، وكأنّه تجادل ضمنيًّا مع معطيات متناثرة تشابكت أدواته، وقواعده مع ثقافات متباينة، ومتجاورة، ما جعله يتمسّك بهذا التراث، ويدافع عنه على الرغم من أنّه من المُوَلَّدين. إنّ عمليّة القراءة الثانية للتراث القديم تعني استنطاقه، واستكناه دواخله، وهذه ضرورة تستدعيها عمليّةُ المتابعةِ لإحياءِ المؤلّفات القديمة التي تركت بصمِاتها القويّة والفاعلة في عالم الثقافة والمعرفة، وسوف تظلّ مستمرّة، ومتجدّدة بتجدّد الحياة. هو ابن المعتزّ العبّاسيّ البلاغيّ، الناقد، الشاعر، الأمير الذي لم يحكم سوى يوم وليلة. فقد مات وخلَّف وراءه علامات استفهام كثيرة حول كتابه الرائد (البديع).

إنّ مثل هذه القراءات الثّانية التي تناولت كتاب البديع بالبحث والتّقصّي ـــ في اعتقادي ـــ  سوف تُغني مادّته، وتضيف إليه العديد من المناهج الفكريّة والنقديّه المتنوّعة بتنوّع قارئيها، وبفضل هذه الإضاءات، والفضاءات تتوالد قضايا ومعلومات جديدة.

إنّ محاولة القراءة الثّانية لأيّ كتاب نقديّ، سوف تفتح أمامنا مجالات فكريّة، وسياقات متعدّدة عبر المدارس النقديّة المتنوّعة، وإنّ حضور المتلقّي وفاعليّته، وأثره على تشكيل النصّ وطريقة نسجه، خصوصًا الوقوف عند المسكوت عنه لدى المؤلّف تقدّم التباين في قراءة النصّ، أو نبشه ما دام قابلًا للتأويل وتعدّد القراءات، إذ إنّ المتلقّي عادةً يتداخل مع القارئ لغويًا، ومعرفيًّا، وحضاريًّا، وفكريًّا، وثقافيًّا، ويتماهى معه، ومعاني النصّ تبقى قابلةً للبحث، والزيادِة، والتوليِد تباعًا.

وكأنّ القارئَ والمؤلّف قرينان مشتركان في الخطاب الأدبيّ خصوصًا، وإنّ القارئ ليس بِالأجوف حين قراءة النصّ، إذ إنّ “المعنى يعتمد بشكل كبير على كفاءة القارئ، وقدرته على التجاوب مع أبنية  النصّ وممارساته التي تعمل ضمنيًّا؛ فيراها هو بطريقة معيّنة وثابتة.”([6]).

لقـد تعدّدت القراءات حول كتاب البديع، واختلفت الآراء حول تقسيم كتابِه، فقد مات الرجل من دون أن يرضيَ فضول القرّاء، وكأنّه كان يعلم إنّ كتابه هذا سيخضع لقراءات عدّة، وسوف تتباين فيه الاستراتيجيّات؛ بناء على زمنيّة النصّ وتأصيِله التاريخيّ، أو بُعِده الحضاريّ، بما يجعله متماهيًا مع معطيات القارئ؛ خصوصًا، وأنّه أوّل تجربهَ بلاغيّة متفرّدة وأوّل صياغة لجماليّات الخطاب الأدبيّ في التراث العربيّ؛ فهو يمثّل الصراع بين القدماء والمحدثين.

وقد سهل ابن المعتزّ الطريق أمام الآخرين حينما فتح الباب على مصراعيه، بل وأكّد ذلك في إحدى عباراته عندما قال “فمن أحبَّ أن يقتدي بنا، ويقتصر بالبديع على تلك الخمسة فليفعل، ومن أضاف من هذه المحاسن، أو غيرها شيئًا إلى البديع، ولم يأت غيرَ رأينا فله اختيارُه”([7]).

فالكتابُ يشتملُ على ثمانيةَ عشرَ شكلًا بلاغيًّا زاوج فيه بين علوم البيان، وعلوم البديع، وعلوم المعاني، حيث إنّ العلوم لم تتحدّد بعد، ولم تتّضح معالمُها قبل السكّاكيّ.

وما أردنا أن نؤسّسَ مقولتنَا عليه عبر هذا الفضاء الواسع، والمتشعّب في ظلّ تعدّد القراءات؛ هو اختلاف الرؤى؛ لاستنطاق المقروء، وتثبيت استراتيجيّة توظيف الدلالات عبر الخطاب النقديّ.

إنّ الإرث المتراكم الذي يشهده تعدّد المناهج، واختلاف المسالك لقرّاء كتاب البديع يطرح أماَمنا تساؤلات عدّة حول السبب الأساسيّ الذي دفع بابن المعتزّ اتّباع هذا التّقسيم الغريب لكتابه.

فقد قسم الكتاب إلى ثلاثة أقسام كبيرة هي:

القسم الأوّل أسماه أبواب البديع، وضمّنه خمسة أشكال متباينة، وهي الاستعارة، والتجنيس، والمطابقة، ورد العجُز على الصدر، والمذهب الكلاميّ.

أمّا القسم الثاني فأسماه محاسن الكلام، وقد ضمنه ثلاثة عشر شكلًا بلاغيًّا هي الالتفات، والاعتراض، والرجوع، وحسن الخروج، وتأكيد المدح بما يشبه الذمّ، وتجاهل العارف، وهزل يراد به الجدّ، وحسن التّضمين، والتعريض، والكناية، والإفراط في الصفة، وحسن التشبيه، وإعنات القوافي، وحسن الابتداء.

أبواب يحكمها التنوّع، والتباين، ولعلّ أبرز ما في هذا القسم: الكناية والتشبيه. وابن المعتزّ يبيّن لنا مقاصده من ذلك من خلال عبارته “وأحببنا لذلك أن تكثر فوائد كتابنا للمتأدّبين، ويعلم الناظر أنّا اقتصرنا بالبديع على الفنون الخمسة اختيارًا من غير جهل بمحاسن الكلام، ولا ضيق في المعرفة”([8]).

والرجل تعمد هذا التقسيم الغريب في نظري؛ خصوصًا إنّ معظم الأشكال التي ذكرها ليست من ابتكاره، وقد ذكر ذلك بنفسه، وأشار لذلك حمادي صمود عندما قال: “ويبدو أنّه لا مقياس لترتيبها إلاّ فكرة الجمع من دون أيّ تخطيط مسبق”([9]).

وقد كان ابن المعتزّ يدور حول نسق معرفيّ نقديّ وأيديولوجيّ، تميّز به من خلال رحلة طويلة وشاقة؛ عبر مروره بتيّارات سياسيّة، وقد تركت مسافات انطباعيّة محيّرة في الشخصيّات، وربّما يكون لهذا أثره على اعتباطيّة تقسيم الكتاب الداخليّ والخارجيّ؛ لأنّ الذهن أحيانًا إذا انشغل ببعض المتغيّرات الجذريّة التي تتقاطع عندها الأنساق، تؤثّر على استراتيجيّة التوظيف الدلاليّ للطاقات الإبداعيّة حسب رأيي؛ ولهذا فالبديع “خليط من الأساليب متعلّقة بجملة من خصائص الخطاب شكله ومعناه”([10]).

وقد لفت نظري ما أشار إليه أحد النقّاد حين قال: “لا وجود لتصنيف في عمله من ناحية جوهريّة، فهو يضع حدًّا واحدًا يفصل بين الفنون البديعة والمحاسن؛ بحيث أضحى هذا الفاصل مبهمًا لدرجة أنّه لا يصادف عند باحث عربيّ غيره.”([11]).

مهما كان التباين واضحًا بين وجهات النظر، فإنّ هناك ضرورة لخلق ذاك التناغم بين الآراء؛ على الرغم من تباين التأويلات.

أمّا القسم الثالث من الكتاب فقد كان خارجًا عن إطار التّرتيب، وكان الرجل مختصرًا في التعريفات، ضنينًا برأيه في المسائل التي تحتاج إلى توضيح خصوصًا التشبيه والكناية، حيث كنّا نتوقّع منه أن يتعامل معهما كتعامله مع الاستعارة.

عنوان الكتاب وهو البديع كان مثارًا للتساؤل ترى ما الذي جعله يطلق عليه هذه التسمية؟ لماذا استبعد المجاز مثلاً؟ تستوقفني في هذا المجال رؤيا لحمادي صمود: “لمَ فضّل ابن المعتزّ مصطلح البديع؟ هل يدلّ ذلك على شعوره، وهو يذكّر من سبقه بأنّ طبيعة عمله هي غير طبيعة عمل ابن قتيبة مثلًا، أو أنّه يأخذ في طريق مغايرة لطريقه، وإن كانتا تؤدّيان إلى النتيجة نفسها؟”([12]) هل كان يتطلّع مثلًا إلى التفرّد والتميّز؟

والشيء الآخر اللافت في الكتاب هو أنّ أبواب البديع، وهي خمسة فقط، كان لها نصيبُ الأسدِ في عدد الصفحات، بينما محاسن الكلام، وهي الأكثر، فإنّها لم تنل إلاّ ربع صفحات الكتاب فقط. وإن كنّا نتوقّع من رجل ناقد، وبلاغيّ، وشاعر، وذوّاق للفنون الأدبيّة أن يجعل الاستعارة، والتّشبيه، والكناية كلّها في أبواب البديع لكونها تصبّ في نهر واحد، ولا يتوقّع فصلها عن بعضها بهذه الطريقة.

أمّا الأمر الثالث الذي يدعو إلى التساؤل فهو تصدُّر الاستعارة مقدّمة كتابه. وكان عدد صفحاتها أربعـًا وعشرين صفحةً من أصل ســبع وسبعين صفحةً، وهو عدد صفحات الكتاب ككلّ. وهذا أمر يدعو للاستغراب حقًا؛ خصوصًا أنّ ابن المعتزّ له موقف متعاطف من التشبيه خصوصًا في ديوانه، وكان يردّد بعض العبارات التي تدلّ على إعجابه بهذا الشكل البلاغيّ، وسواه مثل إذا قلت كأنّ ولم آت بعدها بتشبيه ففضّ الله فاي.

ولا يغيب عن أي متصفح لكتب ابن المعتزّ ملاحظة ديوانه الشعري الذي لا يخلو من استخدامه للتشبيهات الجماليه المدروسة، والتي لم تات؛ لتسد فجوة أو نقصًا في كتابه.

وموقفه من التشبيه يعكسه لنا ناقد قديم لمس هذا الاهتمام من ابن المعتزّ حين قال: “وقالت طائفة من المتعقّبين: الشعراء ثلاثة: جاهليّ، وإسلاميّ، ومُوَلَّد. فالجاهليّ: امرؤ القيس، والإسلاميّ: ذو الرِّمَّة، والمُوَلَّد ابن المعتزّ. وهذا قول من يفضّل البديع، وبخصوصًا التشبيه على جميع فنون الشعر”([13]).

وكنت أتوقّع أن يسهب في هذين الشكلين: التشبيه، والكناية على أساس أنّهما من الصور التي ذاع صيتها في الأدب العربيّ، خصوصًا أنه شاعر مبدع يعكس إحساسه بصدق.

والتشبيه له مكانته المميّزه لديه إذ “جعله قطب محاسن الشعر بوضوحه واستطرافه على نحو صار معه التشبيه علامة لا يفارقها نمط الإعراب لدى الفصحاء الذين أكثر كلامهم على التشبيه، وصار معها الإلحاح على الاستعارة قرين القطيعة مع هذا النمط، وذلك تقابل يتأكّد مغزاه بالمكانة التي خصّ بها ابن المعتزّ التشبيه في إنجازه الشعريّ وهو مغزى لا يختلف كثيرًا عن التقابل الذي أقامه بين التشبيه والاستعارة في كتابه البديع.”([14]).

والموقف مغاير جدًّا مع الاستعارة، فقد دقّق في كلّ جزئيّاتها، وعرفها بدقّة وتفصيل، حتّى إنّه أشار إلى بعض شواهدها التي لم يكن اهتمامه بها اعتباطيًّا خصوصًا إنّها كانت من أكثر الصور تواترًا في عالم الأدب قديمه وحديثه، على الرغم من أنّ الموضوع لم ينل حظّه من الدراسة الإحصائيّة لإعطاء نسب دقيقة تميّز بين الخطاب النثريّ، والخطاب الشعريّ، وتتعامل معه كمفهوم إجرائيّ قائم على اختيار الشواهد من دون استناد إلى تحليل تلك الشواهد، ماعدا رأيه في الجيّد والمعيب؛ مثل (الفكرة مخ العمل)، وقال هذه هي الفكرة من البديع فأبدى إعجابه الشديد بها، وميّز بينها وبين (الفكرة لب العمل) التي لم تصل إلى مستوى العبارة الأولى، وهذه اللفتة الجماليّة لا تكون إلاّ لدى ناقد متمرّس. “وبذلك يكون ابن المعتزّ قد أدخل فارقًا دقيقًا في فوارق ما بين البديع وغير البديع”([15]).

ويترجم ذلك بدقّة ابن رشيق فيقول: “وأمّا قول ابن المعتزّ يصف شرب الحمار:

وأقبل نحو الماء يستلّ صفوة      كما أغمدت أيدي الصياقل منصلا

بديع ابن المعتزّ يشبه انسياب الماء في شدقيه إلى حلقه بمنصل يغمد، وهذا تشبيه مليح يدرك بالحسّ, ويتمثّل في المعقول.”([16]).

وعلى الرغم من أنّ هذه الاعتباطيّة انعكست حتّى على عدم التناغم بين الأشكال؛ إلاّ إنّ كلّ هذا لايمنعنا من القول: إنّ كتابه هذا إضافة جماليّة إلى البلاغة العربيّة فهو يمثّل: “منعرجًا حاسمًا في التأليف البلاغيّ، ومساهمة فاعلة في بلورة حدود العلم وتخليصه من تبعيّة العلوم الأخرى؛ فهو في حدود ما وصلنا أوّل تأليف مخصّص لجمع الأساليب البلاغيّة بكيفيّة لم تسبق.”([17]).

والذي أراه أنّ كتابه هذا نسق مفتوح على كلّ الفضاءات الممكنة لاستيعاب الآراء كافّة، والإضافات جاءت لتوظيف الدلالات عبر جسر التداعي الإبداعيّ بلا منازع.

ولكنّ الأمر لا يبرأه من الاعتباطيّة، وعدم التنسيق كما أشار لذلك حمادي صمود “ويبدو أنّه لا مقياس لترتيبها إلاّ فكرة الجمع من دون أيّ تخطيط مسبق.”([18]).

إذًا؛ تداخلت الأسباب أي التسمية والغاية من التأليف، وهو قصده إنصاف الأقدمين، كما أراد أن يوضح حقيقة ربّما غابت عن الأذهان: وهي أنّ أساليب البديع لدى المحدثين ليست من ابتكارهم، بل هي امتداد لما جاء به الأقدمون.

وجاءت عفويّة تَلقائيّة، ما يدلّ على وعي الرّجل البلاغيّ عبر جميع التّجلّيات التي تؤكّد على حضوره الجماليّ بإصرار وتحدٍّ.

الدمج الغريب حقًا بين الأشكال. أليس من الغرابة أن تدرج الاستعارة مع التجنيس، والمذهب الكلاميّ ورد العجُز على الصدر! وكلّ شكل له معايير مغايرة تمامًا عن الآخر! ما الذي جعله يخرج بهذه التوليفة! هل هي الصدفة؟ أم القصد!

ثمّ إنّ اختصار بعض الأشكال التي تعدّ أساسيّة في الخطاب الشعريّ، والبلاغيّ، بل وعلى مستوى جميع الأنساق الأدبيّة مثل التشبيه والكناية، ولا أقصد تجاهله إيّاها تمامًا، بل أقصد الاختصار الشديد الذي هو أقرب إلى الاختزال المقصود أمر يدعو للتساؤل.

والمدهش حقًا تلك العبارة التي ذكرها في خاتمة أبواب البديع، وأوحت للقراء بانتهاء الكتاب حيث جـرت العادة أن تكتب هذه العبارة في الخاتمة: “قد قدّمنا أبواب البديـع الخمسة وكمل عندنا. وكأنّي بالمعاند المغرم بالاعتراض على الفضائل…إلخ”([19]). وكأنّه بهذه الخاتمة قد انتهى من الكتاب بشكل نهائيّ، ولكن الحقيقة غير ذلك، لأنّه بدأ القسم الثاني بذكر المحاسن من دون إشارة إلى ذلك، ولم يكتب أيضًا. خاتمة أخرى في نهاية محاسن الكلام تشير إلى انتهائه من تأليف الكتاب ككلّ، وكأنّه اقتصر بخاتمته الأولى بعد انتهاء أبواب البديع فقط.

والآن لا بدّ من أن نؤسّس مقولتنا من خلال تقاطع هذه الأنساق، واندراجها حول نسق فكريّ، ونقديّ، وأيديولوجيّ، وثقافيّ، عايشه ابن المعتزّ خلال رحلة طويلة شاقّة تجاوزت النسق السياسيّ الذي أثّر بشكل فاعل على إنتاجيّته النقديّة الأدبيّة، ما أدّى إلى إيجابيّة هذه المدلولات حينًا وسلبيّتها لديه حينًا آخر. ولم يجد النقاد مندوحة من محاولة البحث التفصيليّة حول كتاب ابن المعتزّ؛ ليصلوا من خلال تلك المرجعيّات المتعدّدة إلى بعض المسلّمات النقديّة المغيّبة عن المتلقّي حيث لن يجدها بين السطور بسهولة إذ إنّها ربّما تكون عائمة غير مستقرّة، والمنجز البلاغيّ يحتاج منّا إلى التقصّي والتأسيس؛ لبناء مقولة من خلال المطروح، أو اللجوء إلى بعض الإحالات المباشرة، أو غير المباشرة لقولبة النصّ. ولو استعرضنا بعض هذه الدراسات، لوجدنا أنّها تحوم حول أسباب متباينة حينًا ومتقاربة حينًا آخر.

فبدويّ طبانة مثلاً يشير في كتابه (دراسات في نقد الأدب) إلى أنّ الكتاب ربّما يكون رسالتين منفصلتين الأولى ذكر فيها أبواب البديع، والثانية بعد حين ذكر فيها محاسن الكلام. فيقول: “إنّ ابن المعتزّ لم يؤلّف كتابه في وقت واحد، بل ألّفه على مرحلتين، وقد أحصى في المرحلة الأولى الفنون الخمسة المذكورة في البديع , وهي التي كثرت في شعر الشعراء, ثمّ وقف عندها، وأنهى كتابه, وكتب خاتمته التي اعتاد كلّ مؤلِّف أن ينهي بها مؤلَّفه”([20]).

“… ونرجح أنّ ابن المعتزّ لمّا ألّف القسم الأوّل، وتمَّ له ما أراد ممّا أحصاه من الفنون كتب هذه الخاتمة”([21]).  ويبدو أنّ هذا الرأي هو الأرجح لدى أكثر المهتمّين ببديع ابن المعتزّ فيقول شوقي ضيف: “ونعتقد اعتقادًا أنّ ابن المعتزّ إنّما اكتفى بفنون خمسة من محاسن الكلام, رأى أن يخصّها باسم البديع؛ لأنّها فعلاً الفنون التي كانت موضع أخذ ورد بين أصحاب البلاغة العربيّة الخالصة، وبين طوائف المتفلسفة، ومن ينزعون نحو التجديد المسرف.”([22]).

تدور في ذهن قارئ الكتاب، في الحقيقة، هناك أسئلة عدّة منها: لماذا يصدَّر ابن المعتزّ كتابه بالاستعارة ويخصّص لها أربعًا وعشرين صفحة؟ لماذا يكثر من شواهد الاستعارة إذ يوفيها حقّها من الشواهد قديمها وحديثها؛ بينما يتغاضى عن ذلك في الأشكال الأخرى على الرغم من أنّها تتساوى مع الاستعارة في الأهمّيّة، وتواتر الذّكر، وأعني بذلك التشبيه والكناية؟ لماذا يتعثّر ابن المعتزّ في تقسيمه للأبواب الداخليّة، ويوزّعها بطريقة عشوائيّة لا جامع بينها؟

لماذا يدرج ابن المعتزّ التشبيه والكناية مع محاسن الكلام، ويمرّ عليها مرورًا عابرًا من دون تعمّق أو استيفاء؟ لماذا يقتصر بالتدليل عليها بالشواهد على أشطر من أبيات لم يكلّف نفسه حتّى باستكمالها؟

كلّها أسئلة تركها لنا ابن المعتزّ لكي نجيب عليها، ومن خلال ذلك حاولت جهدي أن أتعمّق في بعض القضايا التي للأسف لا يتّسع المجال هنا للإطالة فيها. وقراءة هذا المتن، والتمعّن في جزئيّاته ينبغي أن نقرّ له بتمازج النشاطين النقد والبلاغة؛ ويكفيه تألّقًا أنّه جمع كلّ هذا الكمّ الهائل من الشواهد النثريّة، والشعريّة مراعيًا فيها الترتيب العقائديّ والزمنيّ في وقت يصعب فيه جمع كلّ ما ذكره ابن المعتزّ من شواهد.

أمّا الهنات الأخرى المتناثرة هنا وهناك فإنّها لا تقلّل من شأنه، ولا تمحو من قيمته الثقافيّة، والفنّيّة، والبلاغيّة. بعد كلّ ذلك أقول: هل يا تُرى نحن كمتذوّقين، ونقّاد قد حمّلنا ابن المعتزّ ما لا طاقة له به من طرح كلّ هذه الأسئلة؟ هل كان عمله مركّزًا على الجمع فقط من دون اهتمام بعمليّة التنسيق، والتنظيم التي كنّا ننتظرها منه؟

هل سار على طريقة من سبقه على أساس أنّها سُنّةٌ متّبعةُ، وليست مبتدعة! فلماذا هو مثلًا؟ لماذا يخرج عن إطار الجاحظ الذي لم يكلّف نفسه إطلاقًا عناء العمليّة التنظيميّة لمؤلّفاته الذي لم نشهد منها أيّ نوع من الترتيب.

الخاتمة

وفي النهاية نسأل هل يمكن لقارئ التراث أن يتغافل عن زمنيّة النصّ، وتأصيله التاريخيّ؟ هل يمكن أن يتماهى مع معطيات الممارسة القرائيّة وفقًا لأيديولوجيته الفكريّة؟

هل يبقى نصّ التراث ثابتًا أم هو متغيرُ وفقًا لقارئه؟ وإذا كان النصّ فضاءً واسعًا تتقابل فيه عمليّات التلقي؛ لتعزّز معانٍ جديدة غير واردة في النصّ الأصليّ كما هو مع ابن المعتزّ، أفلا يؤدّي هذا إلى ضياع الأصل أحيانًا تحت مظلّة سيطرة المتلقّي، ورغبته في قراءة جديدة يراها في المسكوت عنه أي المُغيّب؟ حيث إنّ القارئ يخرج إلى عناصر السّياق الاجتماعيّ، والتاريخيّ؛ لاكتناه المُغيّب تحت ركام التمويه الغرائبيّ، وذلك لغرض استنطاق دلاليّ جديد من دون تدخّل مباشر من المؤلّف الحقيقبّ، والبحث عن الطريقة التّمويهيّة الحافلة بالإقصاءات والمغيّبات؛ لخلق نوع من التوازي المدلوليّ بين العناصر الحضوريّة والغيابيّة؟

إذًا؛ القارئ هو الذي يكمل الدائرة المفقودة، ويتفقّد عناصر الجمال والإبداع؛ لاستنطاق النصّ. وظاهرة استنطاق النصّ وتحديدًا استراتيجيّته؛ لتوظيف الدلالة سوف تظلّ شغل القارئ الشاغل ما دام ينقّب عن المجهول.

وفي النهاية لا بدّ من أن نشير إلى قضيّة غاية في الأهمّيّة وهي أنّ ابن المعتزّ يسير على نهج من سبقه في قضيّة التّرتيب والتنسيق، فقد سبقه الجاحظ مثلا إلى تلك الاعتباطيّة خصوصًا في كتابه البيان والتبيين، أي هو إزاء سُنَّة متّبعة، وليست مبتدعة، فلم يكن هو الوحيد في الساحة من يتّبع هذا النهج؛ وكأنّما هؤلاء الأشاوس في اللغة والأدب تعمدوا ترك الساحة متاحة للجميع بالطريقة التي يرونها الأفضل والأليق، وهدفهم استكمال الدائرة والإضافة إليها.

وقد أنصفه شوقي ضيف حين قال: “ومن أهمّ ما يميّزه في الكتاب، دقّة ذوقه، وصفائه في اختيار الأمثلة والشواهد. ويكفيه فضلًا أنّه أوّل من صنف في البديع، ورسم فنونه، وكشف عن أجناسها وجذورها بدلالات البيئة والشواهد الناطقة؛ بحيث أصبح إمامًا لكلّ من صنّفوا في البديع بعده ونبراسًا يهديهم الطريق”([23]).

ثبت المصادر والمراجع

1 – ابراهيم، طه أحمد/ تاريخ النقد الأدبيّ عند العرب/ بيروت: دار الحكمة/ الطبعةالأولى.

2 – الحجيريّ، محمّد/ علم البديع والبلاغة عند العرب ( كراتتشكوفسكي) بيروت: بيروت: دار الحكمة 1981م.

3- القيروانيّ، ابن رشيق/ العمدة/ تحقيق محي الدين عبد الحميد/ بيروت: دار الجيل 1934م.

4- باغشن، لمياء/ نظريّات قراءة النصّ/ مجلّة علامات/ العدد 39/ المجلّد العاشر 2001م.

5- حفيظ، عبد السلام/ التراث النقديّ عند العرب (رؤية تاريخيّة فكريّة) دار البيان 1986م.

6- صمود، حمادي/ التفكير البلاغيّ عند العرب/ تونس: منشورات الجامعة التونسيّة (المجلّة الرسميّة) 1981م.

7- ضيف، شوقي/ البلاغة تطوّر وتاريخ/ القاهرة دار المعارف/ الطبعة السابعة 1965م.

8- طبانة، بدوي/ دراسات في نقد الأدب العربيّ/ بيروت: دار الثقافة الطبعة الخامسة 1953م.

9- عبد الله بن المعتزّ العبّاسيّ، كتاب البديع/ نشره وعلّق عليه: أغناطيوس كراتشكوفسكي/ بيروت: دار المسيرة/ الطبعة الثالثة 1982م.

10- عصفور، جابر/ قراءة محدثة في ناقد قديم/ مجلّة فصول (تراثنا النقديّ) القاهرة/ المجلّد السادس 1985م.

11- قدوح، محمّد/ كتاب البديع لعبد الله بن المعتزّ وآراء المستشرق كراتشوفسكي (الفكر العربيّ: مجلّة الإنماء العربيّ والعلوم الإنسانيّة البلاغة والبلاغيّون) العدد 46، السنة الثامنة 1987م.

-[1] ابن رشيق القيرواني/ العمدة/تحقيق محي الدين عبد الحميد/بيروت: دار الجيل 1934 ج1 ص 130

[2]– محمد الحجيري/علم البديع والبلاغة عند العرب/(كراتشوفسكي) بيروت: دار الكلمة للنشر 1981 م ص85

[3]– ابن المعتزّ العبّاسيّ/كتاب البديع/تحقيق: اغناطيوس كراتشفوفسكي/ الاردن: دار المسيرة/ ص 58

-[4] حمادي صمود/التفكير البلاغيّ عند العرب/منشورات الجامعة التونسية: تونس/1981 م ص377

-[5] طه أحمد إبراهيم/ تاريخ النقد الأدبيّ عند العرب/ بيروت: دار الحكمة ط1 ص 112.

-[6] لمياء باغشن/ نظريّات قراءة النصّ/ مجلّة علامات في النقد/ العدد 39 (عدد خاصّ) النادي الادبيّ بجدّة/ 2001 م المجلّد العاشر ص 116.

-[7] البديع ص 57.

[8]– البديع ص 58.

-[9] التفكير البلاغيّ عند العرب ص 383.

[10] – السابق ص 383.

-[11] محمّد قدوح/ كتاب البديع لعبد الله بن المعتز  وأراء المستشرق كراتشوفسكي/ مجلّة الفكر العربيّ: العدد 46/ 1987 م/ بيروت: معهد الإنماء العربيّ/ ص 263.

-[12] التفكير البلاغيّ عند العرب،  ص 377.

[13]– العمدة ج2 ص 100.

[14]– جابر عصفور/ قراءة محدثة في ناقد قديم/ مجلّة فصول (تراثنا النقديّ)  العدد الأوّل المجلّد السادس/ القاهرة 1958 م، ص 113.

[15]– عبد السلام حفيظ/ التراث النقديّ عند العرب/ (رؤية تاريخيّة فكريّة ) دار البان 1986م ص 68.

-[16] العمدة ج1 ص 289.

[17]– التفكير البلاغيّ عند العرب ص 388.

[18] – السابق ص 383.

[19]– البديع ص 58.

[20]– بدويّ طبانة/ دراسات في نقد الأدب العربيّ من الجاهليّة إلى غاية القرن الثالث/ بيروت: دار الثقافة/ ط 5،  1953م ص 265.

-[21]  السابق، الصفحة نفسها.

[22]– شوقي ضيف/ البلاغة تطوّر وتاريخ/ القاهرة: دار المعارف/ ط 7 1965م ص 69 و70.

-[23] البلاغة تطوّر وتاريخ  ص 75.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

free porn https://evvivaporno.com/ website