دياجير[1] تبكي!
د. عمر قزيحه*
1_ انْتَشَتْ[2] آذانُ الموتى في قبورهِمُ
ببديعِ وتَرِ النَّغَمِ
وحلى لحنِ الغِناءْ!
2_ طفلتي تسألُ أمام قبر أبيها
ليلَ الجَدَثِ[3] ما قد حَدَثْ؟
فمن يسمع في عينيها…
بريقَ صوتِ الماءْ؟
3_ مرآتُها أظلَمَتْ يومَا
ما رأت ابنتي فيها بلسمَا[4]
غير أن فستانها بِلَوْنِ غضبِ السماءْ!
4_ نورُ عينيها بين الأمواتِ (اختفى)
وبهجةَ قلبِ حبيبتي أذهبَ وأخفى
منها هو في تلاشٍ تحت طيَّاتِ الثرى[5]
فقدتْهُ ضياءً فسألت عنه في غسقْ![6]
5_ بحثَتْ عن حبِّها فما وجَدَتْ
إلى صدرِهِ قد ضمَّه الردى
روح وجسد اجتمعا…
لكنهما من دونِ وسقْ![7]
6_ وقفتْ و(عينٌ في سماء العلياءِ)
وأخرى تنظر في سموِّ جَوِّ[8] مثوى[9] جديدٍ
وجه ابنتي قمرٌ…
في حسن حزنه اتَّسَق![10]
7_ في عالمِ الأرواح سُكْنَاهُ
في طمأنينةِ بالٍ هو وراحةٍ
وهي ما بين حُزْنٍ وحَزَنْ![11]
8_ أكانت الزهور للحياةِ يومًا
رمزًا؟ أم أنها ما كانت إلا دَمًا؟
أبكي ابنتي في قبري، وعظام الموتى
تفتقد عيونًا نرجسيَّةً وقلبًا من سوسنْ![12]
9_ جسدُهَا في وعيِ الحياةِ يمضي
في غبارِ الذكرى تطيرُ بآلامِهَا روحُهَا
في صخورٍ جوريَّةٍ[13] ترفرفُ بكسرٍ
في جناحَي حبِّها وبسمةِ أبيْهَا
في استيقاظٍ، وفي غفوةٍ أو في وسن![14]
18/1/2020م.
* دكتوراه في اللغة العربيّة وآدابها، أستاذ لغة عربيّة، مؤلّف كتب في اللغة العربيّة.
[1] دياجير: ظلمات.
[2] انتَشَتْ: ارتاحت للأمر وتنشطَّت له.
[3] الجدث: القبر.
[4] البلسم: علاج للأوجاع، كذلك للأحزان.
[5] الثرى: الأرض، التراب النَّدِيُّ.
[6] غسق: ظلمة الليل.
[7] وسق: ضمٌّ واجتماع.
[8] جو: ما انخفض من الأرض.
[9] مثوى: منزل، مقام، وهنا المقصود بالمثوى الجديد: القبر.
[10] اتَّسق: استوى وامتلأ، اكتمل واستدار.
[11] حُزْن: غم. حَزَن: خوف.
[12] النرجس والسوسن: كلاهما من فصيلة الأزهار، والعرب يُشَبِّهون عَيْنَي الفتاة بالنرجس، إعجابًا منهم بجمالهما.
[13] جوريَّة: صفة لنوع معيَّن من الورود الدمشقيَّة، واستخدمناها هنا للصخور من باب الرمزيَّة.
[14] وسن: أول النوم، أو ثِقَل النوم