foxy chick pleasures twat and gets licked and plowed in pov.sex kamerki
sampling a tough cock. fsiblog
free porn

 التركيب اللغوي عند الأصوليّ، تقسيماته ومداليله

0

 التركيب اللغوي عند الأصوليّ، تقسيماته ومداليله

د. علي منتش([1])

تمهيدٌ

نعرض في العنوان الأوّل من عناوين هذا البحث الجملة التّامّة والجملة الناقصة، ونبيّن الاختلاف في تفسير هذَيْن القسمَيْن؛ حيث ذهب المشهور إلى أن الجملة التّامّة هي ما تتضمّن النّسبة التّامّة، والجملة الناقصة ما تتضمّن النّسبة الناقصة؛ وهناك رأيٌ آخر فصّل بين الجمل الخبريّة، ففيها تكون الجملة التّامّة لقصد الحكاية والإخبار، والجمل الإنشائيّة التي تكون فيها الجملة التّامةّ موضوعةً لإبراز أمرٍ نفسانيّ، وأما الجملة الناقصة فهي موضوعةٌ لـ«التخصيص والتضييق». وبعد ذلك نأتي على ذكر تقسيمات الجملة من حيث أركانها الإسناديّة، أي الجملة الاسميّة والجملة الفعليّة، ومن حيث حقيقة النسبة بين طرفي الجملة، فإنْ كان هناك حقيقة ثابتة فالجملة خبريّة، وإلّا كانت إنشائيّة.

وهناك جملٌ تكون مشتركة بين الخبر والإنشاء، نأتي على ذكرها. كما نورد رأي صاحب الكفاية، الذي يرى وحدة مدلول الجملة الخبريّة والجملة الإنشائيّة. إن الجملة أعمّ من الكلام؛ لأن الكلام عند النحاة هو «اللفظ المفيد فائدةً تامّة، يحسن السكوت عليها». والجملة قد لا تفيد ذلك، فكلّ كلامٍ عندهم جملة، وليس كلّ جملةٍ كلاماً، كجملة الشرط، وجملة جواب الشرط، وجملة الصلة، فهذه كلّها جمل، وليست بكلامٍ. وذهب بعض النّحويّين، كالزمخشري، إلى ترادف الجملة والكلام، فكلّ كلامٍ جملة، وكلُّ جملةٍ كلام. وردّ على القائلين: إنّ الجملة أعمّ من الكلام، بأن إطلاق الجملة على جملة الشرط وجواب الشرط وجملة الصلة إطلاقٌ مجازيّ بلحاظ ما كان؛ لأنّ كلاًّ منها كان جملة قبل استعمالها شرطاً أو جواباً أو صلةً. أمّا الأصوليّون فالفائدة التامّة ليست معتبرة عند أكثرهم، لا في الكلام ولا في الجملة؛ أما الكلام فلأنّه عندهم: «ما انتظم من الحروف المسموعة المتواضع على استعمالها، الصادرة عن مختارٍ واحد»([2])، وأمّا الجملة فهي الهيئة القائمة بمجموع كلمتين أو أكثر، على نحوٍ يكون للمجموع مدلولٌ لم يكن ثابتاً لتلك المفردات في حال تفرُّقها([3])، فكلّما وُجد هذا التركيب وكان له مدلولٌ حسبه الأصوليّون جملةً، حتّى لو كان هذا المدلول ناقصاً. وكذلك سنتعرّض إلى ما استفاده الأصوليّون من الجملة بطريقٍ مباشر، أي (منطوق الجملة)، أو بطريقٍ غير مباشر، أي (مفهوم الجملة).

1ـ الجملة وأقسامها

أـ الجملة التامّة والجملة الناقصة

رأي المشهور

المشهور عند الأصوليّين هو أن الجملة التّامّة هي التي تتضمّن نسبةً تامّة؛ والجملة الناقصة تتضمّن نسبة ناقصة.

رأي السيد الخوئيّ

وخالف في ذلك السّيّد الخوئي، وادّعى «أنّها موضوعة لإبراز أمرٍ نفسانيّ، كقصد الحكاية في الجملة التّامة الخبريّة، وقصد الإنشاء في الجملة التامّة الإنشائيّة»([4]). وأمّا الجملة الناقصة عنده فهي موضوعةٌ «للتخصيص والتّضييق»، لا للنّسبة الناقصة. وتوضيح ذلك:

إنّ المفاهيم الاسميّة قابلةٌ للتّقسيم باعتبار الحصص والحالات التي تنضوي تحتها، وإن غرض المتكلّم في مقام التّفهيم والإفادة كما يتعلّق بتفهيم المعنى على إطلاقه وسَعَته، كذلك يتعلّق بتفهيم حصّة خاصّة منه، فيحتاج حينئذٍ إلى مبرز لها في الخارج، كذلك وضع ما يدلّ عليها عند تفهيمها. والهيئات الدّالة على النّسب الناقصة عنده موضوعةٌ من هذا القبيل. وقد يُلاحَظ على هذا الرأي بأنّ تقييد أيّ مفهوم بمفهومٍ آخر لا يكون إلّا بعد فرض نسبةٍ بين المفهومين. هذه النّسبة يصحّ لها تقييد أحدهما بالآخر، فيصحّ أن يقال: «باب خشب» أو «باب حديد»، ولا يصحّ أن يقال: «خشب حديد» أو «حديد خشب»؛ لعدم وجود نسبة بينهما. فالتّخصيص والتّضييق لا يكون إلّا بعد فرض وجود نسبةٍ بين الطّرفيْن، ونحتاج إلى دالٍّ على هذه النّسبة. والدّالّ على هذه النّسبة النّاقصة نفسها هو الجملة الناقصة، والتّخصيص والتضييق مدلولاتٌ ثانويّة لها.

نقد السيد الصدر لرأي السيد الخوئي

هذا، وقد ردّ السّيّد الصدر على دعوى أنّ الجملة التامّة موضوعةٌ لقصد الحكاية والإخبار. فبعد أن برهن صحّة أنّ الجملة التامّة موضوعة بإزاء النِّسَب التّامّة، وأوضح أنّ قصد الحكاية خارجٌ عن مدلولها، وإنّما تدلّ عليه ظهورات حاليّة أو سياقيّة، قال: «بل دعوى: وضع الجمل التامّة لقصد الحكاية ممّا لا يمكن المساعدة عليها، وذلك:

أوّلاً: لابتنائه على القول بمسلك التّعهُّد في حقيقة الوضع، وافتراض أن الدّلالة الوضعيّة دلالةٌ تصديقيّة، وليست تصوّريّة. وقد تقدّم في بحث الوضع عدم صحّته.

وثانيها: النقض بمثل موارد دخول أداة الاستفهام على الجملة، كما في قولك «هل زيد قائم؟»؛ إذ لا إشكال في أن المستفهم عنه نسبة القيام إلى زيد، أي كون زيد قائماً، لا قصد الحكاية عنها»([5]). وقد حاول بعضهم التخلُّص من هذا النّقض بافتراض أن أداة الاستفهام أو هيئة الجملة الاستفهاميّة موضوعةٌ بوضعٍ واحد لإبراز قصد الإنشاء والاستفهام، وليست استفادة الاستفهام من باب تعدّد الدّالّ والمدلول، بأن يكون الاستفهام مفاداً بدلالة الأداة والنّسبة التّامّة بالجملة التّامّة المدخول عليها الأداة، حتّى يكون نقضاً عليه.

وعدّ السّيّد الصدر أنّ هذه المحاولة للتخلّص من النّقض غير تامّةٍ؛ وذلك لأنّه «بالإمكان تبديل النقض بما لا يحتمل فيه وحدة الدّالّ والمدلول، كما إذا دخل الفعل على الجملة التامّة في مثل قولك: «أخبرني أن زيداً ميت»، فإن المخبر به نفس النسبة، لا قصد المخبر الحكاية عنها. ولا إشكال في كون دلالة الأفعال من باب تعدُّد الدّالّ والمدلول، حيث وضعت هيئتها بوضعٍ نوعيّ مستقلّ عن وضع المواد التي تدخل عليها»([6]). ثمّ أضاف سبباً آخر وجيهاً لعدم تماميّة التّخلّص عن النقض بما ذكره السّيّد الخوئيّ، فقال: «لو لم تكن استفادة الاستفهام من الجملة الاستفهاميّة من باب تعدّد الدّالّ والمدلول لما صحّ أن يصدّق الاستفهام في مقام الجواب بـ (نعم)، أو النفي بـ (لا)؛ لأنّ المدلول الإنشائيّ غير قابلٍ للتصديق أو للنفي، وإنّما القابل لذلك النّسبة التّامّة المفاد عنها بالجملة التّامّة في مدخول أداة الاستفهام. اللّهمّ إلّا أن يُدَّعى بأن «نعم» أو «لا» في قوّة تكرار تلك الجملة التّامّة، واستعمالها في معنىً لم تكن مستعملةً فيه في سياق الاستفهام، وهو النسبة الإخباريّة على سبيل الاستخدام، نظير: أن يقول: «هل جاءك المولى؟»ـ أي العبد ـ، فيقول: «نعم»، وهو يريد معنىً آخر من المولى غير ما أراده المتكلِّم. إلّا أن مثل هذه التحميلات واضحة التكلّف والفساد»([7]).

النسبة الناقصة ثابتةٌ أو تحليلية؟

من جهةٍ أخرى انقسم القائلون بأنّ الجملة النّاقصة تتضمّن «نسبةً ناقصة» إلى رأيَيْن، وهما:

الأوّل: ويقول: إنّ الجملة التّامّة تعبِّر عن إثبات نسبة بين شيئين، بمعنى أن المتكلِّم بجملة: «زيد عالم» يريد من هذا التركيب إثبات نسبة العلم إلى زيد؛ وأما الجملة الناقصة فهي تعبّر عن النسبة الثابتة بين شيئين، فالمتكلِّم بجملة: «علم زيد» يتحدّث عن نسبة بين العلم وزيد ثابتة ومعلومة من قبل. هذا بالإضافة إلى وجوهٍ أخرى تبيّن اختلاف هيئة الجملة الناقصة عن هيئة الجملة التامّة في مفادها. ومن هذه الوجوه ما ذكره السّيّد الصّدر، وهو:

«إن المحكيّ عنه في الجملة التامّة هو النسبة بلحاظ وجودها، فإذا قال المتكلِّم: «زيد قائم» حكى عن النسبة الموجودة بين زيد والقيام، وأما الجملة الناقصة فإن محكيّها هو النسبة بلحاظ نفسها، مع قطع النظر عن وجودها وعدمها في الخارج، ولهذا يصحّ أن يحكم على الموضوع المتقدّم بها بالنفي»([8]).

الثّاني: ويقول: إن النسبة الموجودة في الجملة إذا كانت تحليليّة في عالم الذهن كانت ناقصةً؛ وإذا كانت واقعيّةً في عالم الذهن كانت تامّةً. فالتّماميّة والنقصان تنتجان من تحليليّة النّسبة وواقعيّتها. وتوضيح ذلك([9]):

إن الذي يحصل لدى الذّهن عند سماع الجملة ذات النّسبة النّاقصة هو صورةٌ إفراديّة يمكن للذّهن تحليلها إلى طرفيْن ونسبة، ولذلك لا يصحّ أن يعتبر الدّالّ على هذه الصورة الإفراديّة كلاماً يصحّ السكوت عنه، بل هو مفهومٌ إفراديّ، ينتظر في حقّه أن يقع طرفاً للارتباط بحكمٍ معيّن، فلا يصحّ السكوت عنه. وأما ما يحصل للذهن لدى سماع الجملة ذات النسبة التامّة فهو صورةٌ واقعيّة لمركّبٍ من طرفيْن ونسبة، بحيث لا يبقى بعد سماعها حالةٌ منتظرة، فتكون بذلك تامةً. فهيئة الجملة الناقصة عنده تعبّر عن نسبةٍ اندماجيّة، يندمج فيها الوصف بالموصوف، والمضاف بالمضاف إليه، على نحوٍ يصبح المجموع مفهوماً واحداً خاصاً، وحصّةً خاصّة، فمن أجل ذلك تكون الجملة الناقصة بقوّة الكلمة المفردة؛ وأما الجملة التامّة فهي تدلّ على نسبةٍ غير اندماجيّة، يبقى فيها كلٌّ من الطرفين متميِّزاً عن الآخر، ويكون أمام الذهن شيئان بينهما ارتباط ونسبة، كالمبتدأ والخبر.

والنسبة النّاقصة على نحوَيْن:

1ـ نسبة حقيقية خارجيّة، كما في النسبة القائمة بين الضّرب وزيد في قولك: «ضَرْبُ زيدٍ».

2ـ نسبة حقيقيّة ذهنيّة كما في النّسبة القائمة بين الوصف والموصوف في الجملة الوصفيّة: «الرجل عالم»؛ إذ ليس بين الرجل والعالم نسبة خارجيّة، لاتّحادهما خارجاً.

وكما أن النّسبة الحقيقيّة الخارجيّة بين الضّرب وزيد يمكن للذّهن في مجال تصوُّر الواقعة تحويلها بطرفَيْها إلى مفهومٍ واحد مركّب تركيباً تحليليّاً، بحيث تكون النّسبة تحليليّةً لدى الذهن، كذلك يمكن للذهن أيضاً تحويل النّسبة الحقيقيّة الذّهنيّة بين الرجل والعالم بمجموعها إلى مفهومٍ واحد مركّب تحليليّاً.

نقدٌ ونقاش

وناقش السّيّد الصّدر الرأي الأوّل على أساس أنه لا ينتهي بنا إلى التمييز بين الجملة التامّة والناقصة، بل الغاية هو أن الجملة النّاقصة موضوعةٌ لإفادة وجود نسبة وثبوتها، والجملة التّامّة موضوعةٌ لإفادة إيجاد النّسبة وإثباتها، ومعلومٌ أن الوجود والإيجاد والثبوت والإثبات ليسا دخيلين في مفهوم الجملة؛ لأنّ ثبوت النّسبة وإثباتها لا يغيّر من حقيقة الجملة فيجعلها تامّة أو ناقصة(…). «إنّ النّسبة التّامة كالنسبة الناقصة يمكن أن يرد النفي على مفادها، فيُقال مثلاً: «ما قام زيد». وقوله: إن جملة «زيد قائم» تحكي عن النسبة الموجودة بين زيد والقيام إنْ أُريد به أخذ مفهوم الوجود في النسبة فهو واضح البطلان، مضافاً إلى أنه كمفهومٍ يمكن أن يؤخذ قيداً للجملة الناقصة أيضاً، فيُقال: «قيام زيد الموجود»؛ وإنْ أُريد به أخذ واقع الوجود في المدلول بالذّات لهيئة الجملة التّامّة فهو غير صحيح؛ لأنّ الوجود الخارجيّ لا يعقل أخذه في مدلول اللّفظ على أنّ للجملة التّامّة مدلولاً محفوظاً في حالَيْ الصدق والكذب؛ وإنْ أريد أنه المدلول بالذات للجملة التّامّة يلحظ فانياً في الخارج فالشّيء نفسه يصحّ في الجملة الناقصة أيضاً، فحين تقول: «قيام زيد محرّم» تلحظ قيام زيد الذي هو جملةٌ ناقصة بما هو حاكٍ عن الخارج»([10]). وحاول السّيّد الصّدر تصحيح هذا الوجه بتقريبٍ آخر، من دون أن يترتّب عليه اختلاف الجملتَيْن في كون النّاقصة يَرِدُ النّفي عليها وكون التّامّة لايرِدُ عليها النّفي، فقال: «إنّ الجملة التّامّة؛ حيث إنّ مفادها النّسبة التّصادقيّة فهي تفترض حَتْماً كون النظر التّصوّري الّذي تحقّقت النّسبة التّصادقيّة في صقعه متّجهاً إلى ما وراء هذا الصقع، إذ لولا ذلك لا يُتعقّل التّصادق ولو تصوّراً. فتصوّر النّسبة التّصادقيّة بنفسه يعني النّظر ولو تصوّراً إلى ما وراء هذا الصّقع. وهذا بخلاف النّسبة النّاقصة فإنها لا تقتضي بطبيعتها ذلك. وهذا معنىً صحيح مستنتج ممّا ذكرناه في تحقيق ملاك التّماميّة والنّقصان، ولا يترتّب عليه اختلاف الجملتَيْن في كون الناّقصة لا تأبى عن ورود النفي عليها وكون التامّة تأبى عن ذلك؛ لوضوح أنّ التّامّة لا تأبى عن ذلك أيضاً…([11]).

ب ـ الجملة الاسميّة والجملة الفعليّة

مع النّحاة

قسّم النّحويّون الجملة بحَسَب أركانها الإسناديّة إلى: اسميّة؛ وفعليّة. وخالفهم في ذلك الزّمخشري، فأضاف قسماً ثالثاً، هو الجملة الشّرطيّة، بحيث إن الجملة الاسميّة والفعليّة يكفي فيهما وجود المسند والمسند إليه، وأمّا الجملة الشرطيّة فهي تحتاج إلى جملتَيْن: جملة الشرط؛ وجملة جواب الشرط. وقد ردّ البصريّون هذا الكلام، وعدّوا الجملة الشرطيّة من أقسام الجملة الفعليّة؛ لأنّ الجملة الفعليّة عندهم هي ما صدّرت بفعلٍ، ولا عبرة بما تقدّم على الفعل من الحروف. فكما أنّ جملة «قد قام زيد» هي جملةٌ فعليّة، ولا عبرة بالحرف الواقع في أوّلها، كذلك الجملة الشرطيّة المبتدئة بـ «إنْ قام زيد» هي جملةٌ فعليّة، ولا عبرة بحرف الشرط. وخلاصة ما ذهب إليه النّحويّون أنّ الجملة تنقسم إلى: اسميّة؛ وفعليّة، وأن الجملة الاسميّة هي التي تبدأ باسمٍ، والجملة الفعليّة هي التي تبدأ بفعلٍ. ثم إنّ البصريّين والكوفيّين اختلفوا في جواز تقديم الفاعل على الفعل، فجوَّز ذلك الكوفيّون، ومنعه البصريّون. فجملة «البدر طلع» هي اسميّةٌ عند البصريّين، وهي جملة فعليّة تقدَّم فاعلها عند الكوفيّين.

عند الأصوليين

وأمّا الأصوليّون فقد انقسموا في هذه الجملة إلى رأيَيْن، وهما:

الرأي الأوّل

يذهب إلى صحّة قول الكوفيّين([12]). ولذا ردّ الأصوليّون رأي البصريّين في اسميّة الجملة التي تقدّم فاعلها بأن تمييز الجملة الاسميّة عن الفعليّة لا يكون بما يقع في صدرها، بل إنْ الجملة الاسميّة تختلف عن الفعليّة بطبيعة الإسناد الموجود في كلٍّ منهما. إنّ الجملة الاسميّة هي قضيّةٌ حمليّة مفادها الحكم باتّحاد الموضوع مع المحمول، واتّصاف ذات الموضوع بالوصف المحمول عليه؛ أمّا الفعليّة فليس فيها حملُ شيءٍ على شيء، ولا الحكم باتّحاد شيءٍ مع شيء، وإنّما قوامها الحدث المنسوب إلى فاعلٍ معيّن. وعليه فالجملة الاسميّة عند أصحاب الرأي المتقدِّم تمتاز عن الفعليّة بشيئَيْن:

أـ إنّ الجملة الاسميّة ذات ركنَيْن، هما: الموضوع؛ والمحمول؛ أمّا الفعليّة فهي ذات ركنٍ واحد، هو الحدث.

ب ـ إنّ الجملة الاسميّة تتضمّن حكماً باتّحاد الموضوع مع المحمول خارجاً؛ والفعليّة ليس فيها هذا الحكم بالاتّحاد بين الفعل والفاعل خارجاً، وإنّما يحكي عن حدثٍ منسوب إلى فاعلٍ.

الرأي الثّاني

ذهب أصحابه إلى صحّة قول البصريّين في اسميّة الجملة التي تقدّم فاعلها. وتابع هذا الرأيُ ما ذكره جمهور النّحويّين في فوارق بين الجملتَيْن، تتمحور في نقطتَيْن، هما:

أـ ما ذكره النّحويّون من وجوب تعريف المبتدأ دون الفاعل، لذلك يصحّ أن تقول: «جاء رجلٌ»، ولا يصحّ أن تقول: «رجلٌ جاء». فلو كانت الجملتان فعليّتَيْن لما كان وجهٌ لاشتراط التّعريف في صحّتها([13]).

ب ـ ما ذكره النّحويّون من وجوب التطابق في الإفراد والتثنية والجمع، والتأنيث والتذكير، بين أطراف الجملة الاسميّة ـ المبتدأ والخبر ـ ، وعدم وجوب التطابق بين أطراف الجملة الفعليّة ـ الفعل والفاعل ، لذلك صحّ أن تقول: «ذهب الناس»، ولا يصحّ أن تقول: «الزيدان قام». وأيضاً يصحّ القول: «طلع الشمس»، ولا يصحّ القول: «الشمس طلع». فلو كان المتقدّم في هذه الجملة فاعلاً لما كان من وجهٍ لاشتراط التطابق بينه وبين الفعل؛ لأنه لا يشترط التطابق بين الفعل وفاعله عند الجميع. إنّ نوعاً من الجمل الخبريّة يعدُّ مزدوجاً مركّباً من جملةٍ اسميّة وفعليّة، فهي جملة اسميّة وقع الخبر فيها فعلاً، كما في قولنا: «البدر طلع». فالمعروف والمشهور عند علماء العربيّة أنّ هذه الجملة مركّبة من جملتَيْن: صغرى؛ وكبرى، والصغرى تقع محمولاً داخل الجملة الكبرى، على حدّ قولنا: «زيدٌ أبوه قائم»، على أساس أنّ الفاعل لا بُدَّ أن يأتي بعد الفعل، ولمّا لم يذكر صريحاً فلا بُدَّ من ضميرٍ يرجع إلى ما قبله. فقولنا: «البدر طلع» يعني «البدر طلع هو»، فيكون الخبر جملةً فعليّة. وهناك اتّجاهٌ حديث عند بعض الباحثين يقضي باحتساب الجملة المزدوجة جملةً واحدة فعليّة، ولكنّ الفاعل تقدّم فيها على الفعل، ليقول: «وهو تحديدٌ ساذج يقوم على أساس من التفريق اللّفظيّ المَحْض، فجملة (طلع البدر علينا) جملةٌ فعليّة، وجملة (البدر طلع) أو جملة (البدر طالع) أو جملة (طالع البدر) جملةٌ اسميّة»([14]). ومسألة تقديم المسند إليه لا يغيّر من طبيعة الجملة، ولا من معناها، معتبراً لزوم تأخُّر الفاعل عن الفعل رتبةً هو تعسُّف وتكلُّف ألزم به النّحاة أنفسهم، وهم بغنىً عنه.

نقدٌ من الشهيد الصدر

«وقد علّق السّيّد الصّدر على هذا الاتّجاه بأنه يتّفق مع الباحث في وجود شيءٍ من التكلّف أحياناً في كلمات النّحاة، خاصّة عند محاولة تعليل القواعد العربيّة وصوغها في قوالب الفلسفة الإغريقيّة»([15])، ولكنّه اعتبر أنّ جملةً من هذه المحاولات على الأقلّ ما كانت إلّا مداراةً لثقافة ولغة ذلك العصر العلميّة، فحاولوا إعطاء ضوابط فنّيّة لما كانوا يدركونه مسبقاً بوجدانهم اللّغويّ الأصيل. فلو أردنا اليوم تأسيس منهجٍ آخر أنسب وأقرب إلى روح البحوث اللّغويّة والنّحويّة فلا بُدَّ وأن لا نتخبّط في إنكار وجداناتٍ لغويّة أصيلة قد تكون مستترةً من وراء تلك الصياغات.

وعلى هذا الأساس يمكننا أن نعلِّق في المقام بما يلي:

إن القول بأن جملة «البدر طلع» فعليّة يجعلنا أمام مفارقات لا يمكن حلُّها وتفسيرها. ونذكر منها، على سبيل المثال، لا الحصر:

1ـ كيف نفسِّر صحة قولنا: «ذهب الناس» وعدم صحّة قولنا: «الناس ذهب»؛ إذ الصّحيح: «الناس ذهبوا»؟

2ـ كيف نفسِّر صحّة قولنا: «قام محمّد وعليّ» وعدم صحّة قولنا: «محمّد وعليّ قام»، بل الصّحيح: «محمّد وعليّ قاما»؟

3ـ كيف نفسِّر صحّة قولنا: «طلع الشمس» وعدم صحّة قولنا: «الشمس طلع»، بل الصّحيح: «الشمس طلعت»؟

4ـ كيف نفسِّر صحّة قولنا: «جاء رجلٌ» وعدم صحّة قولنا: «رجلٌ جاء»؟

ثم ذكر السّيّد الصّدر مرجع هذه الأمثلة من اشتراط التطابق بين المبتدأ والخبر في الإفراد، وخَلُصَ إلى القول: «وهكذا تلجئنا الوجدانات اللّغويّة إلى اعتبار الجملة المزدوجة جملة مركّبة من: جملةٍ فعليّة صغرى؛ وجملةٍ اسميّة كبرى»([16]).

ج ـ الجملة الخبريّة والجملة الإنشائيّة

قسّم الأصوليّون الجملة التّامّة إلى: خبريّة؛ وإنشائيّة. فالجملة التّامّة عندهم تدلّ على النّسبة التّامّة بين أطرافها، وهذه النسبة إنْ كانت لها حقيقةٌ ثابتة بين أطرافها، بغضّ النّظر عن الجملة، وكان لفظ الجملة حاكياً وكاشفاً عنها، فالجملة حينئذٍ خبريّةٌ. وأمّا إذا لم يكن للنّسبة حقيقة ثابتة في الخارج أو في الذّهن، بغضّ النّظر عن اللّفظ، وإنّما اللّفظ هو الذي يوجد النّسبة ويحقّق معنى الجملة خارجاً، فالجملة حينئذٍ إنشائيّةٌ.

رأي المشهور

إنّ المشهور بين الأصوليّين أنّ الجمل الخبريّة موضوعةٌ لثبوت النّسبة في الخارج أو عدم ثبوتها فيه، فإنْ طابقت النّسبة الكلاميّة النّسبة الخارجيّة فصادقةٌ، وإلّا كانت كاذبةً.

رأي السيد الخوئيّ

وخالفهم في ذلك السّيّد الخوئي الذي ذهب إلى «أنّ الجملة الخبريّة موضوعةٌ للدّلالة على قصد الحكاية والإخبار عن الثبوت أو النفي في الواقع، ولم توضع للدّلالة على ثبوت النّسبة في الواقع أو نفيها عنه»([17]). وهي نظريّة التعهُّد، أي الالتزام النفسانيّ لكلّ متكلِّم من أهل أيّ لغةٍ أنّه متى ما قصد تفهيم معنىً خاصّ أن يتكلّم بلفظٍ خاصّ، فاللّفظ مفهمٌ له ودالّ على أن المتكلّم أراد تفهيمه بقانون الوضع. وعلى هذا المسلك (أي التعهُّد) لو نظرنا إلى الجملة الخبريّة بغضّ النّظر عن حال المخبر، أو أيّ قرينةٍ خارجيّة تدلُّنا على أنّه في مقام الإخبار، لوجدنا أنّها لا تدلّ على ثبوت النّسبة خارجاً، أو عدم ثبوتها ولو ظنّاً، مع «أن قانون الوضع والتّعهُّد يقتضي عدم تخلّف اللّفظ عن الدّلالة على معناه الموضوع له في نفسه، فلو كانت الجملة الخبريّة موضوعةً للدّلالة على النّسبة الخارجيّة لدلّت عليها لا محالة». وأضاف سبباً آخر دعاه إلى نفي كون الجملة الخبريّة وُضعت للدّلالة على ثبوت النّسبة في الخارج أو نفيها عنه، وهذا السّبب يتمّ أيضاً على ما سلكه في أن الوضع عبارة عن التعهّد، فقال: «ومِنَ الواضح أن التّعهّد والالتزام لا يتعلّقان إلّا بالفعل الاختياريّ؛ إذ لا معنى للتّعهّد بالإضافة إلى أمرٍ غير اختياريّ. وبما أنّ ثبوت النّسبة أو نفيها في الواقع خارجٌ عن الاختيار فلا يعقل تعلّق الالتزام والتّعهّد به، فالّذي يمكن أن يتعلّق الالتزام به هو إبراز قصد الحكاية في الإخبار، وإبراز أمرٍ نفسانيّ غير قصد الحكاية في الإنشاء؛ لأنّهما أمران اختياريّان داعيان إلى التكلّم باللّفظ في الجملة الخبريّة والإنشائيّة»([18]). ومن كلامه الأخير ظهر أيضاً مخالفته لمشهور الأصوليّين حول كون الجمل الإنشائيّة موجودةً لمعانيها باللّفظ؛ فذهب إلى أنّ الجمل الإنشائيّة موضوعة لأمرٍ نفسانيّ ما، غير قصد الحكاية والإخبار، وأنّها لم توضع لإيجاد المعنى في الخارج.

الدليل والبرهان

ودليله على بطلان قول المشهور هو أنّهم إذا أرادوا من الإيجاد لمعانيها إيجادها خارجاً فالموجودات الخارجيّة بأشكالها وأنواعها شتّى، لا توجد بالإنشاء؛ لأن الألفاظ ليست عِلَلاً لإيجادها خارجاً.

وإنْ أرادوا من إيجادها لمعانيها الإيجاد الاعتباري، كالوجوب والحرمة، والمِلْكيّة والزوجيّة، فهذه الوجودات الاعتباريّة يكفي في وجودها الاعتبار النّفسانيّ، من دون حاجةٍ إلى اللّفظ أو التكلّم به. واللفظ حينئذٍ لا يكون موجداً لهذه الأمور الاعتباريّة، بل هو مبرزٌ لها في الخارج. والاعتبارات الشرعيّة والعقلانيّة وإنْ كانت مترتّبةً على الجمل الإنشائيّة، إلّا أن هذا الترتّب لا يكون إلّا في حال قصد المُنشِئ معاني هذه الجمل حين استعماله لها، فتتوقّف فعليّةُ تلك الاعتبارات على استعمال الجمل الإنشائيّة، ولا يوجد في كلّ موردٍ من موارد الإنشاء اعتبارٌ يتوصّل إلى ترتّبه في الخارج بالجملة الإنشائيّة. فالتّمنّي والتّرجّي والاستفهام هي جمل إنشائيّة، وهذه لا يترتّب عليها وجود أيّ أمرٍ حقيقيّ أو اعتباريّ خارجاً.

توضيحٌ

إنّ ما ذكره السّيّد الخوئيّ عن الجملة الإخباريّة والإنشائيّة مبنيٌّ على ما يعتقده في حقيقة الوضع والتّعهّد، وأن الدّلالة الوضعيّة هي تصديقيّة، فإنّه حينئذٍ يمكن القول: إنّ الجملة الإنشائيّة موضوعةٌ للكشف عن أمرٍ نفسانيٍّ ما، ويكون واقع الطّلب مثلاً مدلولاً وضعيًّا، ودلالة الجملة عليه تصديقيّة. ولكنْ بناءً على ما اختاره المشهور أو السّيّد الصّدر فالأمر مختلفٌ؛ فهم يرَوْن «أنّ الفرق بين الجملة المختصّة بالإنشاء والجمل الخبريّة ينشأ من المدلول التّصوّريّ، لأنّها تختلف عن الجمل الخبريّة في الوعاء الملحوظ فيه تصادق المفهومَيْن المقوّم لكيفيّة النّسبة التّصادقيّة…»([19]).

د ـ الجملة الشرطيّة

ذكرنا في تقسيم الجملة عند النّحويّين إلى: اسميّة؛ وفعليّة، أنّ بعضهم زاد قسماً ثالثاً من أقسام الجملة، وهو الجملة الشرطيّة. وقد ناقش بعض الأصوليّين تقسيم النّحويّين الجملة إلى: الاسميّة؛ والفعليّة، وصوّبوا رأي الزّمخشري، الذي أضاف قسماً ثالثاً، وهو الجملة الشرطيّة. وقد تبنَّوْا رأيه من خلال أن التّمايز بين الجمل ليس بما يقع في صدرها؛ لأنّه أمرٌ شكليّ، إنّما التّمايز يكمن في وظيفة تركيب الجملة، وما يؤدّيه هذا التّركيب من معنىً نحويّ. فتركيب الجملة الاسميّة يعبّر به عن اتّحادٍ بين مفهومَيْن في الخارج كانا في الذهن متغايرَيْن، وهما: المسند؛ والمسند إليه.

بينما تركيب الجملة الفعليّة يعبّر به عن حَدَثٍ منسوب إلى مُحْدِث، سواء أكان هذا الحدث واقعاً في الخارج في الماضي أو الحاضر أم مُتخيّل الوقوع في المستقبل أم مطلوب الوقوع، كالأمر. وأمّا تركيب الجملة الشرطيّة فيعبّر به عن تعليق الحكم الذي يتضمّنه الجزاء بالحكم الذي يتضمّنه الشّرط. فالنّسبة في الجملة الشرطيّة ليست بين مسندٍ ومسندٍ إليه لتكون اسميّةً، وليست بين حدثٍ ومحدثٍ لتكون فعليّةً، بل هي نسبة بين تركيبين كانا مستقلّيْن، ثمّ فقدا استقلالهما، ليكونا جزءَيْن من تركيبٍ جديد. ولأداة الشرط أثرٌ في تغيير النّسبة التّامّة لجملتَيْها، بحيث تفقدهما استقلالهما وصحّة السكوت عن كلٍّ منهما، وتصيّر كلّاً منهما طرفاً لنسبةٍ تعليقيّة جديدة. وهي تختلف عن غيرها من الأدوات، كأدوات التّحقيق أو النّفي أو الاستفهام مثلاً؛ لأنّ هذه الأدوات لم تتدخّل في تغيّير النّسبة التّامة (لجملها)، ولكنّ ما أضافته أنّها جعلت النّسبة التّامّة لجملها منفيّةً، أو محقّقة، أو مُستَفْهَماً عنها.

أنواع النِّسِب الموجودة في الجمل

والخلاصة: إنّ التمايز بين الجمل يكمن في النّسب الموجود فيها، وهذه النّسب ثلاثة أنواع، وهي:

الأوّل: النّسبة الاتّحاديّة التي تقع بين طرفي الإسناد ـ المبتدأ والخبر ـ، ويعبّر عنها بالجملة الاسميّة.

الثّاني: النّسبة الاتّحاديّة التي تقع بين طرفي الإسناد ـ الحدث والمحدث ـ ويعبّر عنها بالجملة الفعليّة.

الثالث: النّسبة التّعليقيّة التي تقع بين جملتين كانتا إسناديّتين، ثمّ صارتا طرفي نسبة تامّة جديدة، هما: المعلّق والمعلّق عليه، ويعبّر عنها بالجملة الشرطيّة.

وقفةٌ مع الشهيد الصدر

ولا بأس أن يذكر هنا ما استفاده السّيّد الصّدر من مفاد الجملة الشرطيّة؛ لتأييد مبناه، في أنّ الفرق بين الجملة التامّة والناقصة ينشأ في مرحلة المدلول التّصوّريّ، لا التصديقيّ، حيث يقول: «إنّها تربط بين نسبتَيْن تامّتَيْن ولا يصحّ تأليف الجملة الشرطيّة للربط بين جملتَيْن ناقصتَيْن، أو بين تامّةٍ وناقصة. وهذا بنفسه من الشواهد على ما هو المختار من أن الجملة التامّة والنّاقصة تختلفان في مرحلة المدلول التّصوّريّ بلحاظ سنخ النّسبة، لا أنّ الفرق بينهما بلحاظ دلالة الأولى على قصد الحكاية مثلاً، دون الثّانية، (…) ليرجع إلى كون الاختلاف بينهما في مرحلة المدلول التّصديقيّ؛ إذ لو كان الأمر كذلك لكنّا نترقّب أن لا تختلف جملة الشّرط في حالتي التّماميّة لمفادها والنقصان؛ لأنّها على أيّ حال ليس لها مدلولٌ تصديقيّ، وإنّما المدلول التّصديقيّ للجملة الشّرطيّة ككلّ. ومَنْ يقول «إذا جاء زيد فأكرمْه» لا يُرِيد أن يحكي عن مجيء زيد، ومع هذا نرى أن جملة الشّرط لا يصحّ أن تكون إلّا تامّةً. وهذا شاهدٌ على أن التّماميّة والنقصان من شؤون المدلول التّصوّريّ»([20]). ثمّ بيّن كون الجملة الشّرطيّة تامّة بأنّ «مفاد الجملة الشّرطيّة هو النّسبة التّعليقيّة، وهي نسبة ثانويّة كالنّسبة التّصادقيّة موطنها الأصليّ هو الذهن؛ إذ في لوح الواقع الخارج عن الذهن لا توجد نسبةٌ تعليقيّة مقوّمة بطرفين»، إلى أن يقول: «ولمّا كانت النّسبة نسبةً ثانويّة موطنها الأصليّ الذهن فهي تامّة لا محالة، وبهذا كانت الجملة الشرطيّة تامّة. وأما جملتا الجزاء والشرط فهما أيضاً تامّتان؛ لأن مفادهما النّسبة التصادقيّة، وعدم صحّة السكوت على أحدهما ليس لنقصانها في نفسها، بل لعدم استيفاء حقّ النّسبة التّعليقيّة التي لا تقوم إلّا بطرفين، فلو أتى المتكلّم بأداة الشّرط مع جملة الشّرط، وسكت، كان عدم صحّة السكوت بسبب بتر مفاد الجملة الشرطيّة، وعدم استيفاء أطراف النّسبة التعليقيّة التي بدأ بتفهيمها، لا بسبب نقصان جملة الشرط في ذاتها»([21]).

هـ ـ الجمل المشتركة

المقصود بالعنوان هو الجمل المشتركة بين الخبر والإنشاء بحيث يكون المعنى واحداً، سواء أكانت الجملة فعليّة بصيغة الماضي، كالتي تستعمل في العقود، مثل: «بعتُ» و«آجرتُ» و«زوّجتُ»، أم بصيغة المضارع، مثل: «يعيد صلاته» أو «يعتق رقبة»، أم كانت الجملة اسميّةً، مثل: «هند حرّة» أو «أنت طالق»؛ والسبب في وحدة مدلول هذه الجمل أنها تدلّ على معنىً واحد وهو نسبة مضمون المسند ـ فعلاً كان أو اسماً ـ إلى المسند إليه، سواء أكانت الجملة في مقام الإخبار عن مضمونها أم في مقام الإنشاء. والفرق أنّ المتكلّم قد يقصد الإخبار عن ثبوت النّسبة فتكون الجملة خبريّةً، وقد يقصد إنشاء النّسبة فتكون الجملة إنشائيّةً، فيكون الاختلاف بينهما من ناحية الدّاعي إلى الاستعمال ليس إلّا.

رأي صاحب الكفاية

ذهب صاحب الكفاية إلى وحدة مدلول الجملة الخبريّة والجملة الإنشائيّة، والاختلاف بينهما ناشئٌ من ناحية الدّاعي إلى الاستعمال، فالخبر عنده موضوعٌ ليستعمل في حكاية ثبوت معناه، والإنشاء ليستعمل في قصد تحقّقه وثبوته([22]).

فجملة «بعتُ» تستعمل في مقام الخبر والإنشاء بمعنىً واحد، وهو نسبة البيع إلى المتكلّم، فهما متّفقان في المعنى المستعمل فيه، ولكنّ الفرق في دواعي الاستعمال؛ فالدّاعي لاستعمال الجملة في الخبر هو أنّ المتكلّم يقصد الحكاية والإخبار عن وقوع البيع وتحقّقه خارجاً، والدّاعي لاستعمال الجملة في الإنشاء أنّ المتكلّم يقصد إيقاع البيع، لا الحكاية عن وقوعه. فرأي صاحب الكفاية يتلخّص في نقطتين، هما:

الأولى: وحدة المعنى الذي استعملت فيه الجملتان الخبريّة والإنشائيّة، وهي نسبة المبدأ إلى الذات.

الثّانية: إن الإخبار ـ وهو قصد الحكاية ـ والإنشاء ـ وهو الإيقاع لا الحكاية ـ هما من دواعي الاستعمال، وخارجان عن مدلول الجملة.

ملاحظةٌ

ويُلاحَظ عليه: إن هذا الكلام إنّما يتمّ في الجمل المشتركة بين الخبر والإنشاء، لا مطلقاً؛ لأنّه لو كان معنى الإنشاء والإخبار واحداً، وكان الاختلاف من ناحية الدّاعي إلى الاستعمال، لكان اللازم أنْ يصحّ استعمال الجملة الاسميّة في مقام الطلب، كما يصحّ استعمال الجملة الفعليّة فيه، بأن يُقال: «زيدٌ قائم» في مقام طلب القيام منه، مع وضوح عدم صحّة ذلك في اللّغة العربيّة.

2ـ منطوق الجملة ومفهومها

تعريف المنطوق

ذكروا في بيان (المنطوق) أنّه ما يدلّ عليه اللّفظ نفسه في حدّ ذاته على وجهٍ يكون اللّفظ المنطوق حاملاً لذلك المعنى وقالباً له([23]).

ملاحظةٌ

وهنا نلاحظ أنّه وصفوا المعنى نفسه المدلول للّفظ بأنّه منطوقٌ مع أنّ المنطوق حقيقة هو اللّفظ نفسه، الذي يدلّ على المعنى. فاللفظ دالٌّ والمعنى مدلول عليه. وهذا تجوّزٌ منهم في الكلام؛ تسميةً للمدلول باسم الدّالّ.

فالمنطوق إذن يطلق على كلّ معنىً يفهم من اللّفظ بالمطابقة أو بالقرينة العامّة أو الخاصّة. مثال الأوّل: قولنا: «رأيتُ أسداً»، فإنّه يدلّ على الحيوان المفترس بالمطابقة؛ ومثال الثّاني: قوله تعالى: ﴿وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُوراً([24])، فإنّه يدلّ على طهارة جميع أفراد الماء بالإطلاق والقرينة العامّة؛ ومثال الثّالث: قولنا: «رأيتُ أسداً يرمي»، فإنّه يدلّ على أنّ المرئيّ هو الرجل الشجاع، بقرينة الوصف بـ «يرمي»، وهي قرينةٌ خاصّة.

الرأي المختار

يظهر بذلك أن المنطوق مدلولٌ لشخص اللّفظ الذي نطق به المتكلِّم. وبناءً عليه عرّفه بعضهم بأنّه: «حكمٌ دلّ عَلَيْهِ اللّفظ في مَحلِّ النُّطْقِ»؛ وعرَّفه آخر بأنه «حكم مذكور»؛ إلى غير ذلك ممّا يرجع إلى ما شرحناه. ثم إنّ المنطوق يختصّ بالمدلول المطابقيّ للفظ دون غيره. وتوضيحه: إنّ المنطوق قد يكون له أكثر من دلالةٍ لفظيّة، فيدلّ بالمطابقة على معنىً، وقد يدلّ بالتّضمّن على جزء ذلك المعنى، وقد يدلّ بالالتزام على معنىً خارجٍ ملازم للمعنى الموضوع له. فإذا كان للمنطوق هذه الدّلالات المتعدّدة فإنّه ينبغي أن يعرف أنّ المفهوم ـ الذي يشكّل جزءاً ليس بيسيرٍ من هذا البحث ـ هو اللازم المترتّب على خصوص المدلول المطابقيّ للمنطوق، دون غيره من المداليل. والحاصل أن الألفاظ قوالب للمعاني المستفادة منها؛ فتارةً تستفاد منها من جهة النطق تصريحاً؛ وتارةً من جهته تلويحاً. فالأوّل المنطوق، والثّاني المفهوم([25]).

أقسام المنطوق

وقد قسَّموا المنطوق إلى: نصٍّ؛ وظاهر.

فالنصّ: ما أفاد معنىً لا يحتمل غيره، كـ: «زيد»؛ لدلالته على شخصٍ بعينه.

والظاهر: ما أفاد معنىً، مع احتمال غيره احتمالاً مرجوحاً، كالأسد؛ فإنّ دلالته على الحيوان أرجح من دلالته على الرجل الشجاع([26]). بهذا يتحدّد المراد من المنطوق. وعلى ضوء التحديد يمكننا أن نشرع ببيان معنى «المفهوم» الأصوليّ موضع البحث.

تحديد معنى «المفهوم»

قلنا: لا بُدَّ من بيان معنى « المفهوم» الذي يقع مورداً لبحث الأصوليّين؛ تمييزاً له عن غيره من المعاني. وتطلق كلمة «المفهوم» على معانٍ ثلاثة:

الأوّل: يُراد به المعنى الذي يُفهم من خصوص اللّفظ، دون غيره من الكتابة أو الإشارة أو نحو ذلك، سواء أكان مدلولاً للمفرد أم للمركّب، وسواء أكان مدلولاً حقيقيّاً أم مجازيّاً.

الثّاني: يُراد به مطلق ما يفهم من الشيء، سواء أكان ذلك الشيء لفظاً أم كتابة أم إشارة. وهذا أعمّ من المعنى الأوّل وغيره. ويمكن القول: إنّه المعنى الذي يقابل المصداق، أي المعنى الموجود في الذهن، وهو «نفس المعنى بما هو، أي نفس الصورة الذّهنيّة المنتزعة من حقائق الأشياء»([27]).

الثالث: يُراد به ما يقابل المنطوق. وهذا المعنى أخصّ من الأوّليّن، وهو المراد بالبحث هنا. وهو اصطلاحٌ خاصّ بالأصوليّين، ويريدون به خصوص المدلول الالتزامي للجمل التركيبيّة، سواء أكانت إنشائيّةً أم إخباريّة. فيخرج المدلول المطابقيّ والتّضمّني عن المفهوم، كذلك يخرج عنه مدلول المفرد، فلا يُقال له: مفهوم، وإن كان من المدلولات الالتزاميّة([28]). إذن محلّ الكلام هو المفهوم الذي يقابل المنطوق، دون ما فهم من الشيء مطلقاً. وعليه لا بُدَّ من بيان المراد بالمنطوق ليتمّ بعد ذلك في مرحلةٍ ثانية بيان كيفيّة ترتّب المفهوم عليه ولزومه له، وبأيّ نوعٍ من أنواع اللّزوم.

فالمفهوم هو المعنى المقابل للمنطوق، الذي لا يكون اللّفظ حاملاً له، ولا دالّاً عليه بالمطابقة أو بالإطلاق، بل يدلّ عليه من جهة كونه معنًى لازماً لمفاد الجملة على نحو اللّزوم البيّن بالمعنى الأخصّ كما اصطلح عليه أهل المنطق. ولأجل ذلك يختصّ المفهوم بالمدلول الالتزاميّ للفظ. وسيأتي بيان الضابط في المنطوق الذي يُستفاد منه المفهوم بشكلٍ دقيق. ولكنْ قبل ذلك ينبغي بيانُ كيفيّة لزومه بالمعنى الأخصّ؛ تمييزاً له عن اللّوازم الأخرى التي لا تنفكّ عن المنطوق أو بعض أجزائه؛ إذ ليس كلّ مدلولٍ التزاميّ هو «مفهوم»، بل المفهوم حصّةٌ خاصّة من المدلول الالتزاميّ. وعليه تكون النسبة بين «المفهوم» و«المدلول الالتزاميّ» نسبة العموم والخصوص المطلق كما يصطلح الأصوليّون، والمدلول الالتزامي أعمّ مطلقاً، فيقال: كلّ «مفهوم» هو مدلولٌ التزاميّ، وليس كلّ مدلولٍ التزاميّ هو «مفهوم».

معنى اللازم في أقسامه

إذن لبيان كيفيّة كون «المفهوم» لازماً للمنطوق لا بُدَّ من بيان أقسام اللّوازم العقليّة بشكلٍ موجز؛ مقدّمةً لمعرفة القسم الذي يندرج تحته «المفهوم» محلّ البحث، فيقال:

اللّازم العقليّ واللازم المفارق

يُراد باللّازم العقلي([29])ما يمتنع انفكاكه عقلاً عن موضوعه، فكلّما وجد الموضوع لا بُدَّ أن يترتّب عليه لازمه قهراً، فلا يُتصوّر وجود الموضوع وحده وانتفاء ذلك اللّازم، كذلك لا يتحقّق اللّازم بنفسه من غير ملزومه. وقد مثّلوا لذلك بالنار والحرارة، فالنّار موضوعٌ أو ملزومٌ والحرارة لازمةٌ، ولا يُتصوّر انفكاك الحرارة عن النّار، فكلّما وُجِدَت النّار لا بُدَّ أن تصدر عنها الحرارة قهراً، وإلاّ لما كانت النار ناراً. وكذلك وصف «الفرد» للثلاثة، و«الزوج» للأربعة.

وهذا بخلاف المفارق الّذي لا يستحيل انفكاكه عن موضوعه، كوصف العين بـ«الزرقاء» مثلاً؛ فإنّ هذه الصّفة وإنْ كانت دائمة للعين، إلّا أنّه يمكن انتفاؤها عقلاً، وتبقى العين عيناً.

اللازم البيِّن واللازم غير البيِّن

وقد قسّموا اللازم العقليّ إلى قسمين: بيّن؛ وغير بيّن. ويُراد بالبيّن عموماً ما كان لزومه لموضوعه بديهيّاً، أي لا يحتاج تصوّره وانتقال الذّهن من الملزوم إليه إلى إعمال الفكر والنّظر العقليّ، بل يحصل مباشرةً وبالارتجال دون توقّف. ومعنى ذلك أنّ التّلازم لا بُدَّ أن يكون ذهنيّاً فلا يكفي التّلازم في الخارج فقط من دون رسوخه في الذّهن.

أما غير البيّن فهو ما لم يكن لزومه بديهيّاً، بل كان نظريّاً، بمعنى أنه يحتاج إلى إعمال الفكر. وهو يقابل البيّن مطلقاً. وفي هذا القسم يحتاج إثبات الملازمة إلى إقامة الدّليل عليه، ولا يكفي تصوّر الملزوم لانتقال الذّهن مباشرةً إلى اللّازم. ومثاله: الحكم بأنّ المثّلث تساوي زواياه مجموع قائمتين؛ فإنّ الجزم بهذه الملازمة يحتاج إلى إقامة البرهان الهندسيّ، ولا يكفي للحكم بالتساوي تصوّر زوايا المثلّث وتصوّر القائمتين وتصوّر النّسبة.

أقسام اللازم البيِّن

ثم إنّهم قسّموا البيّن أيضاً إلى قسمين:

1ـ بيّن بالمعنى الأعمّ.

2ـ بيّن بالمعنى الأخصّ.

فالبيّن بالمعنى الأعمّ هو ما يلزم من تصّور اللازم والملزوم، والنّسبة بينهما الجزم بالملازمة. ومثاله: «الاثنان نصف الأربعة»، فإذا تصوّرنا الاثنين فإنّ ذلك لا يكفي لانتقال الذّهن إلى أنّها نصف الأربعة، بل قد يغفل الذّهن عن ذلك، ولكنْ إذا تصوّرنا الأربعة أيضاً ـ وهذا لا يكفي أيضاً لانتقال الذّهن ـ، وتصوّرنا النسبة بينهما ثالثاً، إذا تمّ ذلك حصل الإنتقال، وجزمنا بأنّها نصف الأربعة. أما البيّن بالمعنى الأخصّ فهو ما يلزم من تصوّر ملزومه تصوّره، بلا حاجةٍ إلى توسّط شيءٍ آخر، حتّى تصوّر النسبة بينهما، بل تصوّر الملزوم وحده كافٍ لانتقال الذّهن مباشرةً إلى اللّازم. والسّبب شدّة رسوخ العلاقة بينهما في الذّهن على وجهٍ إذا وجد أحدهما فيه يتداعى الآخر بسرعةٍ تَبَعاً له. ومثاله: العمى والبصر، فإن تصوّر العمى يستلزم تصوّر البصر؛ لأنّ العمى هو عدم البصر. نعم، تصوّر البصر لا يستلزم تصوّر العمى.

الفروق بين هذه الأقسام

ومن هذا البيان تظهر الفروقات بين الأقسام؛ فإن الفرق بين البيّن وغير البيّن أن غير البيّن يحتاج في انتقال الذهن إلى اللّازم إلى ضمّ مقدّمةٍ خارجيّة، وإقامة الدّليل على الملازمة. وهذا بخلاف البيّن بقسمَيْه؛ فإن الملازمة فيه بديهيّةٌ.

أمّا الفرق بين قسمي البيّن فهو أمرٌ آخر، وهو أنّه يكفي في اللّزوم البيّن بالمعنى الأخصّ نفس تصوّر الملزوم في الانتقال إلى لازمه، بلا حاجةٍ إلى تصوّر النّسبة التي بينهما. وهذا بخلاف اللّزوم البيّن بالمعنى الأعمّ، فإنّ مجرّد ذلك لا يكفي، بل لا بُدَّ فيه أيضاً من تصوّر اللاّزم وتصوّر النّسبة بينهما.

المفهوم لازمٌ بيِّن

إذا اتّضح معنى اللاّزم يأتي السّؤال حينئذٍ عن القسم الذي يندرج تحته «المفهوم»؟ وما هو الدّليل عليه؟

وفي مقام الإجابة يُقال: اتّفق الأصوليّون على أنّ «المفهوم» لا بُدَّ أن يكون لازماً بيّناً، وأنه لا يجوز أن يكون «غير بيّنٍ»؛ والسبب في ذلك أنّ غير البيّن كما مرّ يحتاج إلى ضمّ مقدّمة خارجيّة، وإقامة دليلٍ على الملازمة، وعليه فإنّ الذّهن لا ينتقل إلى اللاّزم بمجرّد تصوّر الملزوم، والحال أنه يُشترط في «المفهوم» ليكون حجّة أن ينتقل الذّهن إليه مباشرةً بلا واسطة، ليكون ظاهراً من اللّفظ.

ولكنْ وقع الخلاف بين الأصوليّين أنه هل يجب أن يكون بيّناً بالمعنى الأخصّ أم يكفي كونه بيّناً مطلقاً، أعمّ من القسمين؟

اختار السيّد الخوئيّ الأوّل، وهو لزوم كون المفهوم بيّناً بالمعنى الأخصّ؛ لأنّ المفهوم اللاّزم إذا كان بيّناً بالمعنى الأعمّ قد يغفل المتكلِّم عن إرادته، كما أن المخاطب قد يغفل عنه؛ نظراً إلى أن الذّهن لا ينتقل إليه بمجرّد تصوّر ملزومه، ولحاظه في أفق النّفس، كما مرّ([30])، واللاّزم بهذا المعنى لا ينطبق على المفهوم لخصوصيّةٍ موجودة في المنطوق، ويتمّ التعرّض إلى ذكرها عند البحث في الجمل التي ادُّعي أنّ لها مفهوماً. فالشّرطيّة ـ على سبيل المثال. تدلّ على كون الشرط علّةً منحصرة للحكم ـ كما هو المشهور، ومن الطبيعيّ أنّ مجرّد تصوّر هذه الخصوصيّةـ التي تدلّ على ثبوت الجزاء عند ثبوت الشرط المذكور دون غيره ـ كافٍ في انتقال الذّهن إلى لازمها، وهو انتفاء الجزاء عند انتفاء الشّرط المذكور، من دون حاجةٍ إلى توسّط أيّ شيءٍ آخر في الانتقال، وهذا بعينه هو معنى اللّزوم البيّن بالمعنى الأخصّ.

«المفهوم» مدلول لفظيّ للجملة

هناك قولان في هذه المسألة:

القول الأوّل: إنّ مسألة المفاهيم من المباحث اللّفظيّة، بتقريبٍ أنّ الدّالّ عليها هو اللّفظ، غاية الأمر أنّه يدلّ على المنطوق بالدّلالة المطابقيّة، وضعاً أو إطلاقاً، وعلى المفهوم بالدّلالة الالتزاميّة. ومن هنا تفترق مسألة المفاهيم عن مسألة الضّدّ، ومقدّمة الواجب، وما شاكل ذلك؛ فإنّ هذه المذكورات من المسائل العقليّة، ولا صلة لها بعالم اللّفظ أبداً…؛ والفرق الثّاني يُعْرَف ممّا ذُكر سابقاً من كون المفاهيم من اللوازم البيّنة بالمعنى الأخصّ، دون هذه المسائل، فإنّها من قسم غير البيّن؛ لاحتياجها إلى ضمّ مقدّمةٍ خارجيّة، وهي حكم العقل بالملازمة. وأورد على ذلك إشكالات، لا يهمّ هنا التّعرّض لها.

القول الثّاني: إنّها من المسائل العقليّة؛ والوجه في ذلك أنّ الخصوصيّة الموجودة في المنطوق، والّتي يُستفاد منها المفهوم، وهي العلّيّة الانحصاريّة، وإنْ كانت مدلولةً للّفظ بالوضع أو بالإطلاق، إلّا أنّها ليست هي المفهوم نفسه، بل المفهوم هو اللّازم لها، وهو انتفاؤه عند انتفائها. ومن الواضح أن الحاكم بهذا الانتفاء هو العقل؛ لأنّه هو الذي يحكم بانتفاء المعلول عند انتفاء علّته التّامّة. فالعلاقة بينهما هي العلّيّة كما هو المدّعى.

وهناك من الأصوليّين مَنْ جمع بين القولين، بتقريب أنّ هناك حيثيّتين واقعيّتين:

فمن جهة الحيثيّة الأولى يناسب أن تكون المفاهيم من المسائل الأصوليّة اللّفظيّة، باعتبار أنّ الكاشف عن المنطوق، وهو اللّفظ، كاشفٌ عن لازمه أيضاً، وهو المفهوم، فيكون مدلولاً للفظ التزاماً، والدّلالة الالتزاميّة هي من قسم الدلالات اللّفظيّة كما ذكر في المنطق. ومن جهة الحيثيّة الثّانيّة يناسب أن تكون من المسائل الأصوليّة العقليّة، باعتبار أنّ الحاكم بانتفاء المعلول عند انتفاء علّته هو العقل فحَسْب.

3ـ حجّيّة المفهوم، وأقسامه

الغرض من هذا التّنبيه هو الالتفات إلى أنّ بعض العبارات التي استعملها الأصوليّون في أبحاثهم قد تُوهِم أنّ محلّ الكلام عندهم من جهةٍ أخرى غير الجهة المبحوث عنها، فهم يعبّرون مثلاً: هل مفهوم الشّرط حجّةٌ أو لا؟ هل مفهوم الوصف حجّة أو لا؟ وهكذا. قد يوهم ظاهر التساؤل أنّ النّزاع في أصل حجّيّة المفهوم بعد ثبوته، أي بعد الاستدلال على أنّ الجملة الفلانيّة لها مفهومٌ ثابت بأدلّةٍ معيّنة يُبحث مرّةً أخرى حول حجّيّته ووجوب العمل به أو عدمه. ومحلّ النزاع في الحقيقة في أصل ظهور المفهوم للجمل المختلف عليها، وبصراحة: هل لهذه الجمل مفهومٌ أصلاً أو لا؟ فإذا ثبت وجود المفهوم كان حجّةً قطعاً، بلا نزاع بينهم؛ لأنّه داخل في مسألة الظواهر، التي تسالم الأصوليّون على حجّيّتها بلا نقاش.

أقسام المفهوم: ينقسم «المفهوم» إلى قسمين:

1ـ مفهوم الموافقة

وهو ما كان موافقاً المنطوق في الإيجاب والسلب([31]). ويُسمّى أيضاً بـ (مفهوم الأوّلويّة)، و(فحوى الخطاب). فإنْ كان الحكم في المنطوق هو الوجوب مثلاً كان في المفهوم الوجوب أيضاً، وإنْ كان الحرمة فالحرمة، وهكذا…

مثاله: قوله تعالى: ﴿إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الجُمْعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللهِ وَذَرُوا البَيْعَ([32])، فيدلّ على ترك اللّهو واللّعب بطريقٍ أَوْلى. وقوله تعالى: ﴿فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ([33])، فيدلّ على حرمة الإيذاء والضرب بالأَوْلوية أيضاً. ولا نزاع في حجّيّة مفهوم الموافقة، بمعنى دلالة الأولويّة على تعدّي الحكم الموجود في المنطوق إلى كلّ موردٍ آخر أَوْلى من مورد المنطوق في وجود علّة الحكم فيه([34]). وهنا تنبغي الإشارة إلى الخلاف الذي نشأ بين علماء الأصول بخصوص دلالة النصّ على «مفهوم الموافقة»، فهل هي دلالةٌ لفظيّة أم قياسيّة؟([35]). وقد ذهب الشافعي، والإمام الرّازي، وإمام الحرمين، إلى أنّ الدّلالة قياسيّةٌ، أي إن حكم غير المنطوق معلومٌ بالقياس([36])، لا بطريق النّصّ. ففي قوله تعالى: ﴿..فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا([37]) يقاس الضرب والشتم وغيرهما من أنواع الإيذاء على التأفيف؛ بجامع الإيذاء في كلِّ منها. «وذهب الإمام الغزالي، والآمدي، وابن الحاجب، إلى أنّ الدّلالة لفظيّةٌ، ولا دخل للقياس فيها. فيقولون في آية الوالدين السابقة: أطلق الأخصّ، وهو التأفيف، وأراد الأعمّ، وهو الإيذاء([38]). وقد تبنّى الإمام الشوكاني أنّ دلالة النصّ على «مفهوم الموافقة» هي دلالةٌ لفظيّة، وليست قياسيّة. وعلى كلّ حال، وكما تقدّم، لا خلاف بين العلماء في كون مفهوم الموافقة حجّةً، سواء أقلنا: إنه من باب القياس أم من باب اللّغة، فلا خلاف في النتيجة([39]). إلّا أن بعضهم حاول إبراز بعض المفارقات في النتائج، فإذا حسبناه مدلولاً لفظياً فإنه يصحّ أن يكون ناسخاً، دون العكس. ولكن هذا الكلام ليس تامّاً؛ لأن الحجّة تصلح ـ لفظيّة كانت أم عقليّة ـ لأن تكون ناسخةً.

2ـ مفهوم المخالفة

وهو ما كان مخالفاً للمنطوق في الإيجاب والسّلب، أي في نوع الحكم الموجود في المنطوق، وحيث يكون المسكوت عنه مخالفاً للمذكور في الحكم إثباتاً ونفياً يثبت للمسكوت عنه نقيض حكم المنطوق به، ويسمّى «دليل الخطاب»؛ لأنّ دليله من جنس الخطاب، أو لأن الخطاب دالٌّ عليه([40]). فإذا كان الحكم في المنطوق هو الوجوب مثلاً كان المفهوم هو عدم الوجوب، وهكذا.

شروط مفهوم المخالفة

وثمّة شروط([41]) ذُكرت ينبغي توافرها للقول بمفهوم المخالفة، وهي:

الشرط الأوّل: أن لا يعارضه ما هو أرجح منه، من منطوقٍ أو مفهوم موافقة؛ وأما إذا عارضه قياسٌ فلم يجوّز القاضي أبو بكر الباقلاني ترك المفهوم به، مع تجويزه ترك العموم بالقياس، كذا قال. ولا شكَّ أن القياس المعمول به يخصّص عموم المفهوم كما يخصّص عموم المنطوق. وإذا تعارضا على وجهٍ لا يمكن الجمع بينهما، وكان كلّ واحدٍ منهما معمولاً به، فالمجتهد لا يخفى عليه الراجح منهما من المرجوح، وذلك يختلف باختلاف المقامات، وبما يصاحب كلّ واحدٍ منهما من القرائن المقوّيّة له([42]). والقياس لا يصلح أن يكون قرينةً صارفة عن المفهوم دائماً؛ لأنّ القياس عند علماء الإماميّة غير حجّةٍ مثلاً، إلّا «قياس الأولويّة»([43]).

الشرط الثّاني: أن لا يكون المذكور قصد به الامتنان، كقوله تعالى: ﴿لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْماً طَرِيّاً([44])، فإنّه لا يدلّ على منع أكل ما ليس بطريٍّ.

الشرط الثالث: أن لا يكون المنطوق خرج جواباً عن سؤالٍ متعلّق بحكمٍ خاص، ولا حادثة خاصّة بالمذكور…

الشرط الرابع: أن لا يكون المذكور قصد به التفخيم وتأكيد الحال، كقوله$: «لا يحلّ لامرأةٍ تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحدّ»([45]).

الشرط الخامس: أن يذكر مستقلّاً، فلو ذكر على وجه التّبعيّة لشيءٍ آخر فلا مفهوم له، كقوله تعالى: ﴿وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي المَسَاجِدِ([46])، فإنّ قوله: «في المساجد» لا مفهوم له؛ فالمعتكف ممنوعٌ من المباشرة مطلقاً.

الشرط السادس: أن لا يُظهر السياق التعميم؛ فإنْ ظهر فلا مفهوم له، كقوله تعالى: ﴿وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ([47])؛ لأن الله سبحانه قادرٌ على المعدوم والممكن، وليس بشيءٍ؛ فإن المقصود بقوله: «على كلّ شيء» التعميم.

الشرط السابع: أن لا يعود على أصله الذي هو المنطوق بالإبطال؛ أما لو كان كذلك فلا يعمل به.

الشرط الثامن: أن لا يكون قد خرج مخرج الأغلب، كقوله تعالى: ﴿وَرَبَائِبكُمْ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ([48])، فإنّ الغالب كون الربائب في الحجور، فقيّد به لذلك، لا لأن حكم اللاتي لسن في الحجور بخلافه. ونحوُ ذلك كثيرٌ في الحديث والسنّة([49]). فالشروط التي تقدَّم ذكرها هي عبارة عن قرائن مقاميّة أو مقاليّة، تصرف عن ظهور المعنى في المفهوم. لذلك نرى أن كثيراً من علماء الأصول لم يأتِ على ذكر هذه الشروط بالتفصيل، واكتفى بالتعبير عنها «بالقرائن»؛ فإنّ النزاع في «مفهوم الشرط» مثلاً يُراد به هل أنّ الجملة الشّرطيّة ـ إذا قطعنا النّظر عن القرائن الخاصّة كافّةً ـ تدلّ على انتفاء الحكم في الجزاء عند انتفاء الشّرط؟ أي هل هي ظاهرةٌ في ذلك؟ فإذا كانت ظاهرة ـ وهو الصواب ـ كان هذا الظاهر حجّةً يجب العمل به؛ لأن حجّيّة الظواهر مفروغٌ عنها. وقد أفرد الأصوليّون لها عنواناً خاصّاً لا مجال للتعرّض إليه هنا، فهو ليس داخلاً في صلب البحث. فتبيَّن مما تقدّم أنّ الجملة المحفوفة بقرائن خاصّة تصرفُ معناها إلى مفهومٍ خاصّ لا نزاع حولها، ولا تدخل في محلّ كلامهم، بل موضع الكلام ومحلّ النّزاع في دلالة نوع الجملة على المفهوم لو خُلِّيَتْ ونفسها، وتجرّدت من القرائن الخاصّة.

أنواع مفهوم المخالفة

وقد اختلف الأصوليّون في عدّهم لأنواع مفهوم المخالفة، تَبَعاً لاختلافهم في عدّهم للقيود التي تقيّد بها الأحكام والنصوص أو العبارات، وهي كثيرةٌ. «ولهذا وجدنا بعض الأصوليّين من المالكيّة أوصلها إلى ثلاثة عشر نوعاً؛ والإمام الزركشي أوصلها إلى أحد عشر نوعاً؛ والآمدي والشوكاني إلى عشرة أنواع…»([50]). ولكنْ ما وقع مورداً لاهتمام الأصوليّين وبحثهم بشكلٍ أساس هي ستّة أنواع، ويمكن ردّ البقيّة إلى واحدةٍ منها. وهذه المفاهيم هي:

1ـ مفهوم الشرط: وهو انتفاء طبيعيّ الحكم عند انتفاء الشرط. ومثاله: قوله تعالى: ﴿وَآتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَّرِيئاً([51]). ومفهوم المخالفة للآية هو حرمة الأخذ من مَهْرِ الزّوجة مطلقاً فيما لو لم تَرْضَ.

2ـ مفهوم الصفة: وهو انتفاء طبيعيّ الحكم عند انتفاء الصفة. والصفة عند الأصوليّ هي أعمّ من الصفة عند النُّحاة، فتشمل الحال والظرف، كما سيأتي([52]). ومثاله: «في الغنم السائمة زكاةٌ»([53]). ومفهوم المخالفة هو عدم وجوب الزكاة في غير السائمة مطلقاً.

3ـ مفهوم الاستثناء: وهو انتفاء طبيعيّ الحكم عن المستثنى. ومثاله: قولك: «أكرم الفقراء إلاّ الفاسقين». فمفهوم المخالفة في هذه الجملة أنّ الفاسق لا يجب إكرامه، حتّى لعلّةٍ أخرى أيضاً.

4ـ مفهوم الغاية: هو دلالة اللّفظ الذي قيّد الحكم فيه بغايةٍ على نقيض ذلك الحكم بعد الغاية. ومثاله: قوله تعالى: ﴿فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَه([54]). دلّ هذا النّصّ على عدم حلّ المطلّقة ثلاثاً، وهذا الحكم مقيّدٌ بغايةٍ، هي زواجها بغير مطلّقها، فيدلّ المفهوم المخالف على حلّ زواجها بمطلّقها بعد هذه الغاية، أي بعد فرقتها من زوجها الثّاني وانتهاء عدّتها منه([55]).

5ـ مفهوم الحصر: وهو نفي الحكم عن غير المحصور مطلقاً. ويمكن الحصر بـ «إنما»، و«ما، وإلاّ»، وتقديم ما حقّه التأخير. ومثاله: «إنما العالم زيد». ومفهوم المخالفة لهذه الجملة يقضي أن غير زيد ليس بعالمٍ.

6ـ مفهوما اللّقب والعدد: ومفهوم اللّقب هو دلالة اللّفظ الذي علّق الحكم فيه بالاسم العلم على نفي ذلك الحكم عن غيره. ومثاله: قوله تعالى: ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ([56]). ومفهوم المخالفة: غير محمّد ليس رسول الله([57]).

ومفهوم العدد هو تعليق الحكم بعددٍ مخصوص فإنه يدلّ على انتفاء الحكم فيما عدا ذلك العدد، زائداً كان أو ناقصاً([58]). ومثاله: قوله تعالى: ﴿فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ([59]). ويدلّ المفهوم إذا فرض ثبوته على عدم إجزاء الصيام بأقلّ أو أكثر من عدد الأيام المذكور في الآية الشريفة.

قائمة المصادر والمراجع

* القرآن الكريم.

1ـ ابن أبي الجمهور (محمد بن عليّ)، عوالي اللآلي العزيزية، إيران، طبعة سيّد الشهداء، ط1، (1403هـ ـ 1983م).

2ـ الآخوند (محمد كاظم)، كفاية الأصول، إيران، تحقيق مؤسّسة آل البيت (ع) لإحياء التراث، ط1، (1409هـ).

3ـ إسماعيل (شعبان محمد)، الإمام الشوكاني ومنهجه في أصول الفقه، قطر، دار الثقافة، ط1، (1989هـ).

4ـ الآمدي، الإحكام في أصول الحكام، بيروت، دار الكتب العلمية.

5ـ جمال الدين (مصطفى)، البحث النّحويّ عند الأصوليّين، إيران، دار الهجرة، ط2، (1405هـ).

6ـ الدخميسي (عبد الفتاح أحمد قطب)، تلقيح الفهوم بالمنطوق والمفهوم، القاهرة، دار الآفاق العربية، ط1، (1997م).

7ـ زيدان (عبد الكريم)، الوجيز في أصول الفقه، طهران، دار الإحسان.

8ـ السبزواري (عبد الأعلى الموسوي)، تهذيب الأصول، بيروت، الدار الإسلامية.

9ـ السيد عبد الرحمن، مدرسة البصرة النّحوية: نشأتها وتطوّرها، مصر، دار المعارف، ط1، (1968م).

10ـ السيوطي (جلال الدين)، شرح الكوكب الساطع نظم ـ جمع الجوامع ـ، مصر، مكتبة الإشعاع الفنّية، ط1، (2000م).

11ـ الشوكاني (محمد بن عليّ)، إرشاد الفحول إلى تحقيق علم الأصول، بيروت، مؤسّسة الكتب الثقافيّة، ط4، (1993م).

12ـ الصدر ( محمد باقر)، دروس في علم الأصول،  بيروت، دار المنتظر، ط1، (1405هـ ـ 1985م).

13ـ الفيّاض (محمد إسحاق)، محاضرات في أصول الفقه، قم، دار الهادي، ط3، (1410هـ).

14ـ المخزومي(مهدي)، في النّحو العربيّ: نقدٌ وتوجيه، بيروت، دار الرائد العربي، ط2، (1406هـ ـ 1986م).

15ـ مسلم (النيسابوري)، صحيح مسلم (بشرح النووي)، بيروت، دار إحياء التراث، ط3.

16ـ المظفَّر (محمد  رضا)، أصول الفقه، بيروت، دار التعارف، ط4، (1983م).

17ـ المظفَّر (محمد رضا)، المنطق، بيروت، دار التعارف، ط2، (1985م).

18ـ الهاشمي (محمود)، بحوث في علم الأصول (مباحث الدليل اللّفظيّ)، مطبعة الآداب، النجف الأشرف، (1977م).

 

 

(1) أستاذ مساعد في الجامعة اللبنانية،كلية الآداب والعلوم الإنسانية- قسم اللغة العربية.

([2]) الآمدي، الإحكام في أصول الأحكام، ص: 1/102.

([3]) الهاشميّ، مباحث الدليل اللّفظيّ، ص: 1/263.

([4]) الهاشميّ، المصدر السابق، ص:1/264.

([5]) الصدر، دروس في علم الأصول، ص:1/287.

([6]) الصدر، المصدر السابق، ص:1/288.

([7]) الصدر، المصدر نفسه.

([8]) الصدر، المصدر السابق، ص: 1/285.

([9]) الصدر، المصدر نفسه.

([10]) الهاشميّ، مباحث الدليل اللّفظيّ، ص:1/285.

([11]) الهاشميّ، المصدر السابق، ص: 1/287.

([12]) السيد عبد الرحمن، مدرسة البصرة النّحوية نشأتها وتطوّرها، مصر: دار المعارف، ط1(1968م)، ص: 118.

([13]) جمال الدين، البحث النّحوي عند الأصوليين، ص: 251 ـ 252.

([14]) المخزومي(مهدي)، في النّحو العربي نقد وتوجيه، بيروت: دار الرائد العربي، ط2(1406هـ ـ 1986م)، ص: ؟؟؟.

([15]) الهاشميّ، مباحث الدليل اللّفظيّ، ص: 1/273 ـ 274.

([16]) الهاشميّ، المصدر السابق، ص: 1/275.

([17]) الفيّاض، محاضرات في أصول الفقه، ص: 1/85.

([18]) الفيّاض، المصدر نفسه.

([19]) الهاشميّ، مباحث الدليل اللّفظيّ، ص:1/299.

([20]) الهاشميّ، المصدر السابق، ص: 1/304.

([21]) الهاشميّ، المصدر السابق، ص: 1/304 ـ 305.

([22]) الآخوند، كفاية الأصول، ص: 12.

([23]) المظفَّر (محمد رضا)، أصول الفقه، ص: 1 / 101.

([24]) سورة الفرقان، الآية: 48.

([25]) الشوكاني (محمد بن علي)، إرشاد الفحول إلى تحقيق علم الأصول، بيروت: مؤسسة الكتب الثقافية، الطبعة الرابعة (1993م)، ص: 302.

([26]) السيوطي (جلال الدين)، شرح الكوكب الساطع نظم ـ جمع الجوامع ـ، مصر: مكتبة الإشعاع الفنية، الطبعة الأولى، (2000م)، ص: 203 ـ 204.

([27]) المظفَّر (محمد رضا)، المنطق، بيروت: دار التعارف، الطبعة الثانية (1985 م)، ص: 63.

([28]) المظفَّر (محمد رضا)، المنطق، ص: 37.

([29]) يقابل اللازم العقلي اللازم الشرعي. ومثاله: «أعتِقْ عبدك عنّي»، فإنّه يستلزم دخول العبد في ملك القائل، حتّى يصحّ أن يعتقه، وهو لزومٌ شرعيّ.

([30]) الفيّاض، محاضرات في أصول الفقه، ص: 5/ 57 (بتصرُّفٍ).

([31]) السبزواري (عبد الأعلى الموسوي)، تهذيب الأصول، بيروت: الدار الإسلامية، (1985 هـ)، ص: 1/ 106.

([32]) سورة الجمعة، الآية: 9.

([33]) سورة الإسراء، الآية: 23.

([34]) المظفَّر (محمد رضا)، أصول الفقه، ص: 1/ 109.

([35]) قد مرّ معنا في هذا البحث مضمون هذا الخلاف، إلّا أنّه في «المفهوم» بشكلٍ عامّ؛ حيث إنّ القياس يُدرس ضمن اللازم العقليّ، فالروح بين هذين العنوانين واحدةٌ. ولكنْ رأيتُ أنه لا بُدَّ من الإشارة إلى الخلاف في خصوص دلالة النصّ على «مفهوم الموافقة».

([36]) لذلك عبَّر بعض العلماء عن «مفهوم الموافقة» بقياس الأولويّة.

([37]) سورة الإسراء، الآية: 23.

([38]) إسماعيل (شعبان محمد)، الإمام الشوكاني ومنهجه في أصول الفقه، قطر: دار الثقافة، ط1 (1989 هـ)، ص: 67.

([39]) إسماعيل (شعبان محمد)، المصدر السابق، ص: 68.

([40]) الشوكاني، إرشاد الفحول في تحقيق علم الأصول، ص: 303.

([41]) هذه الشروط نعبِّر عنها فيما بعد بالقرائن الخاصّة الصارفة عن تحقيق المفهوم، حيث لا نزاع في عدم ثبوت المفهوم للجمل التي تحتف بها قرائن، بل وقع جلّ الكلام بعد الفراغ من خلوّ المدلول اللّفظيّ من أيّ قرينة صارفة، لنبقى مع طبيعة هذا المدلول اللّفظي ونفسه.

([42]) الشوكاني، إرشاد الفحول إلى تحقيق علم الأصول، ص: 304.

([43]) الذي سيمرّ معنا كدليل لثبوت مفهوم الموافقة.

([44]) سورة النحل، الآية: 14.

([45]) صحيح مسلم، بشرح النوري، بيروت: دار إحياء التراث، الطبعة الثالثة، ص: 10 / 115.

([46]) سورة البقرة، الآية: 187.

([47]) سورة البقرة، الآية: 284.

([48]) سورة النساء، الآية: 23.

([49]) الشوكاني، إرشاد الفحول إلى تحقيق علم الأصول، ص: 305 ـ 306.

([50]) الدخميسي (عبد الفتاح أحمد قطب)، تلقيح الفهوم بالمنطوق والمفهوم، القاهرة: دار الآفاق العربية، ط1 (1997 م)، ص: 129 ـ 130.

([51]) سورة النساء، الآية: 4.

([52]) تشمل الصفة الحال وظرفي الزمان والمكان عند علماء الأصول، ومع ذلك ترى بعض الأصوليين يفرد لمفهوم الحال ومفهومي الزمان والمكان عنواناً مستقلّاً عن «مفهوم الصفة»، مع أنه يرجعها إلى مفهوم الصفة بالنتيجة.

([53]) ابن أبي الجمهور (محمد بن علي)، عوالي اللآلي العزيزية، إيران: طبعة سيد الشهداء، الطبعة الأولى (1403هـ ـ 1983م) ص: 1/ 399.

([54]) سورة البقرة، الآية: 230.

([55]) زيدان (عبد الكريم)، الوجيز في أصول الفقه، طهران: دار الإحسان، ص: 368.

([56]) سورة الفتح، الآية: 29.

([57]) زيدان (عبد الكريم)، الوجيز في أصول الفقه، ص: 396.

([58]) الشوكاني، إرشاد الفحول إلى تحقيق علم الأصول، ص: 308.

([59]) سورة البقرة، الآية: 196.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

free porn https://evvivaporno.com/ website