جامعات مشهورة في بلاد الإسلام

محمّد أمين الضنّاويّ*

الجامعة هي أكثر من مجرّد مركز للتعليم العالي والدراسة. لقداأشتقّت كلمة University من  اللغة اللاتينيّة (Universitas Magistrorum Et Scholarium) وتعني “مجتمع المعلّمين والعلماء”. وقد صاغت هذا المصطلح جامعة بولونيا الإيطاليّة، تعود أصول العديد من المدارس إلى الجوامع (أي المساجد)، فلفظة جامعة هي مؤنّث جامع، ومنها ما تعود أصولها إلى الكاثدرائيّة المسيحيّة، أو مدارس الرهبانيّة التي تعود إلى القرن السادس، وقد عملت هذه الجامعات كمدارس لمئات من السنين قبل أن تتحوّل إلى جامعات. ومن أشهر الجامعات في بلاد المسلمين وهي كثيرة لا يتّسع المجال لذكرها كلّها فقد اخترت ثلاث جامعات منها على سبيل المثال لا الحصر وهي:

الأزهر الشريف

افتتحها المعزّ لدين الله الفاطمي سنة 361هـ في القاهرة، ولقد حرص وزير المعزّ يعقوب بن كلس على أن يقيم حلقة علميّة في الأزهر يعلّم فيها الفقه الفاطميّ. كما كان يجتمع فيه يوم الثلاثاء بالفقهاء، والمتكلّمين، وأهل الجدل، ولما تولى العزيز الفاطميّ بعد وفاة أبيه الخلافة حرص على تكليف كبار العلماء بإقامة حلقات الدرس والعلم في أروقة الأزهر، وكان يمنحهم مرتّبات نظير عملهم.

عُني عدد كبير من العلماء لتدريس العلم وقراءته في الأزهر الشريف سنة 380هـ، ويُعدّ هذا التاريخ بداية الحياة العلميّة في الأزهر الشريف، وكان من أهمّ أساتذته بنو النعمان قضاة مصر، وأوَّل شيخ تولى مشيخة الأزهر الشريف هو الشيخ الخرشيّ المالكيّ.

تخرّج من الأزهر ألوف الطلاّب ممّن قادوا بلادهم بعد ذلك، وكانوا من الوطنيّين، وصمدوا في وجه الاستعمار الأوروبيّ قرونًا طويلة. ولا يزال الأزهر حتّى يومنا هذا منارة للعلم ومِعْقَلاً للأحرار.

المدرسة النظاميّة

هي المدرسة التي أنشأها الوزير نظام الملك عام 459هـ، ومن أهمّ أساتذتها إمام الحرمين الجوينيّ، والإمام الغزّالي، والمؤرخ بهاء الدين. زارها ابن حيبير الأندلسيّ الرحالة عام 581هـ وذكر أنّها مدرسة تقع في بغداد، ورأى أصحاب الأوقاف قادمين من بلادهم يحملون الإيرادات الموقوفة عليها، لتدفع منها أجور الأساتذة، والعاملين، وصيانة المباني، وإعانة الطلبة، ثمّ زارها الرحالة المغربيّ ابن بطوطة عام 727هـ ووجدها في حالة طيّبة. وتحدّث عنها المؤرّخ الفارسيّ حمد الله الذي زارها عام 739هـ، وسمّاها أم المدارس، ولا أثر لها اليوم.

المستنصريّة

أنشأها الخليفة المستنصر بالله العبّاسيّ عام 631هـ في بغداد قبل غزو التتار لها، وأراد أن تبذّ النظاميّة، فجاءت هندستها غاية في الروعة والإبداع ما جعلها لا نظير لها أبّهة وجمالاً. وكان فيها عدد من المعيدين والمدرّسين، وقد أشاد بها ابن بطوطة الرحالة، وحمد الله المؤرّخ الفارسيّ، وكانت تحتوي على مكتبة ضخمة ويُعطى طلاّبها ثلاثمائة دينار ذهبيّ شهريًّا وطعامًا وكسوة، وقد نجت من تدمير التتار، وكان وقفها يجني حوالي مليون دينار. وهي اليوم أطلال دارسة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* أستاذ جامعيّ سابق، وأحد رئيسَيْ تحرير مجلّة أوراق ثقافيّة، مجلّة الآداب والعلوم الإنسانيّة، له العديد من المؤلَّفات.