foxy chick pleasures twat and gets licked and plowed in pov.sex kamerki
sampling a tough cock. fsiblog
free porn

دور البرامج التّدريبيّة في تشكيل القيم الإسلاميّة في حياة المرأة الفلسطينيّة

0

دور البرامج التّدريبيّة في تشكيل القيم الإسلاميّة في حياة المرأة الفلسطينيّة

من منظور التّنميّة البشريّة

د. ديمة فائق أبو لطيفة([1])

المقدمة:

هناك اتجاه متزايد نحو التركيز على تدريب وتنمية الموارد البشريّة لدى منظمات الأعمال، بوصف أن التّدريب هو أحد المحاور الاسترتيجيّة لتدعيم وتنويع مهارات وخبرات ومعارف العاملين في المنظمة ، والذي يهدف إلى زيادة الإنتاجية والتحسين المستمر للأداء.

لقد أصبح التّدريب من الأعمال الحديثة ونشاطًا رئيسًا وجزءًا مهمًّا في الاستثمار في البشر (المصدر، 24:2019)، فالمهمة الأساسيّة للتدريب هي أساسًا تخصيب عقول المتدربين وتوسيع آفاقهم ومداركهم، بما يساعد على عمق الفكر ويكسبهم الإدراك المستنير، للكشف عن الظروف والآثار المترتبة على تصرفاتهم، كما أن التّدريب عامل مهم في إثارة اليقظة في الأفراد، وتوجيه الاهتمام إلى المسائل الكبرى (حسن، 16:2017).

لقد حازت التّنميّة البشريّة على اهتمام كبير في من قِبل العديد من المختصين كعلماء الاقتصاد، والاجتماع، والنفس والتّربيّة والانثروبولوجيا، ورجالات الخدمة الاجتماعيّة، والمهتمين بالقطاع الشبابي (توفيق، 17:2016)، حيث أصبحت مفهومًا متطورًا لمفاهيم تنموية سابقة، فقد عدّت أن الاستثمار في تحسين القدرات البشريّة للمساهمة في تحقيق النمو الاقتصاديّ لا يقل أهمية عن الاستثمار في رأس المال الماديّ، ولكنه يخالفها في كونه يجعل البشر هم محور التّنميّة والمشاركين بها أيضًا؛ وتعيد الإنسان إلى مكانه الصحيح في النشاط الاقتصاديّ (أبو سلمية، 41:2017) .فمفهوم التّنميّة البشريّة هو الأكثر استهدافًا من الدول والمجتمعات كافة وذلك لصلته الوثيقة بالعملية الكلية للإنتاج، ففي غيابها لا يكون المجتمع قادرًا على القيام بوظائفه الطبيعّية في المجالات المختلفة. وتتوقف عملية التّنميّة البشريّة في أي مجتمع من المجتمعات على توافر العديد من العناصر التي من دونها لا نتوصل إلى المستويات المرغوبة للتنمية من جهة، ويظل المجتمع في مكانة متخلفة مقارنة بغيره من المجتمعات التي استفادت من  العناصر المتوافرة لتحقيق التقدم التنموي المطلوب من جهة أخرى (الحنجور، 36:2015).

إن التّنميّة البشريّة كفكرة تقوم على أساس خدمة الإنسان، فكل ما هو موجود في الكون أينما وجد ليستفيد منه الإنسان ويتمتع به، حتى يتطور هذا الإنسان ويحسن أوضاعه وظروف حياته (العبيدي،38:2012)، يقول الله تعالى:﴿ أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَة وَبَاطِنَة﴾ )لقمان: 20).

والحديث عن قضايا المرأة ومشكلاتها حديث متشعب وذو شجون (شرعي، 142:2019)، وفي كل الأحوال لا نستطيع الحديث عنها بمعزل عن السّياق الاجتماعيّ، والسياسيّ والاقتصاديّ القائم، فالمرأة جزء لا يتجزأ من التركيبة الاجتماعيّة لأيّ مجتمع من المجتمعات البشريّة، والحديث عن قضايا المرأة ومشكلاتها هو حديث عن قضايا المجتمع برمّته (الشمري، وآخرون، 284:2019)، ولاسيما أنّ مشكلاتها هي بالنتيجة جزء من مشكلات المجتمع ككل.

ورعاية المرأة على هذا الأساس تعدُّ عمليّة استثمارية على المدى البعيد، فعلى قدر ما نعطي المرأة، ونرعاها ونعِدّها الإعداد السليم، بقدر ما يعود هذا العطاء سخيًّا على شكل خبرات بشرية، أصبحت بحق هي ثروة العصر، وعدة الأمة في حاضرها، ومستقبلها (طيفور،34:2018)، لمواجهة التّحديات الدّاخليّة والخارجيّة، بهمة وعزم لا يلين في عالم سريع التغير.

إن من المهم الانطلاق من مفهوم أن المرأة ليست “فئة مستهدفة” وإنما هي “شركاء وهدف”، لقد ذهبت البرامج الحكوميّة وغير الحكوميّة السّلوك تجاه المرأة في المراحل السّابقة إلى استهدافها، واتخاذ القرار بالنيابة عنها، وهو الأمر الذي اثبت عدم جدواه وعدم فاعليته (عشوي وآخرون، 112:2013). كما أن المرحلة السّابقة قد اتسمت بسيطرة الخطاب النظري الوردي الواعد تجاه المرأة من دون أن نجد ترجمة لهذا الخطاب في الواقع العملي وغياب التغيير في التوجهات وكذلك عدم التغيير في السّياق – تغيير سلبي- يكتفي بالحديث فقط عن تغيير السّلوك. وعليه وحتى تُنمّى القدرات العامة للشباب وفق متطلبات التّنميّة المستدامة وتكون لهذه المشاركة الآثار التنموية الفاعلة فإنه لا بد من تغير في “التوجهات” نحو المرأة باتجاه أن المرأة هي شركاء اليوم حتى تكون مؤثرة في الغد، وأنها أهل للثقة والمسؤولية وأنها قادرة على صياغة حاضرها ومستقبلها من دون وصاية، وأنها هدف للعملية التنموية كما أنها وسيلتها الفاعلة (الغامدي، 16:2015). كما أنّ من المهم العمل على تغير “السّياق” الذي تجري  فيه عملية المشاركة للمرأة والتّنميّة وعليه فإنّ تغيير السّياق نحو تنمية قدرات المرأة يعني تغييرًا يمس البنى السياسيّة، الاجتماعيّة، الثقافية، الاقتصاديّة والقانونيّة وبالشكل الذي يربط بشكل جدلي واع ما بين المشاركة الشّبابيّة والتّنميّة المستدامة.

لقد كرم الإسلام المرأة ومنحها مكانة مرموقة في المجتمع ومنح لها العديد من الحقوق والواجبات العامة والخاصة الملائمة لطبيعتها وفطرتها، كما منح لها حقوقاً مساوية للرجل، وما يؤكد تلك المساواة ما ورد في النصوص التي جاءت مطلقة دون تحديد للجنس، حيث ورد في القرآن الكريم آيات كثيرة لا تميز فيها بين رجل وامرأة، ومنها قوله تعالى: ‏﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾ (المجادلة:11)، وكذلك ورد في الأحاديث الشريفة عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ “مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ”.

أوصى الدين الإسلامي الحنيف بضرورة رعاية المرأة والاهتمام بها وذلك لأن لها دورها الرئيس في المجتمع وأعطاها حقها كاملاً وأوصى بها النبي ﷺ خيراً حين قال: “اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا فَإِنَّهُنَّ عِنْدَكُمْ عَوَانٌ”(أبو اسحاق، 2002)، وحين جاء صحابي يسأل الرسول ﷺ: “مَنْ أَحَقُّ النَّاسَ بِحُسْنِ صَحَابَتِي؟ قَالَ:” أُمُّكَ” قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ:” ثُمَّ أُمُّكَ” قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ:” ثُمَّ أُمُّكَ” قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ:” ثُمَّ أَبُوكَ”، وفي ذلك إشارة واضحة إلى أن الإسلام منح المرأة من الحقوق ووفاها حقها كاملاً لما لها من أهمية بالغة في تنشئة الجيل وبناء المجتمع الذي تسوده القيم عامة والقيم الحضارية خاصة.

ولما كانت القيم هي أساس وعمود من أعمدة بناء المجتمع كان لا بد من إلقاء الضوء عليها لدورها في صقل المجتمع وصبغه بالصبغة الإسلاميّة عامة، وعلى المرأة بشكل خاص لأنها من تربي وتنشء الأجيال للخروج إلى المجتمع حاملي معهم القيم الإسلاميّة التي تؤهلهم من مواجهة التّحديات التي يعيشها المجتمع من فساد في القيم والأخلاق.

نحن على يقين أن البرامج التّدريبيّة بصورها المختلفة تؤدي دورًا كبيرًا في حياتنا بل وفى تشكيل السّلوك التنموي العام وخاصة عندما يخطط لتلك البرامج في المساهمة في الإعداد في بناء المجتمع وتطويره (الطعاني 26:2012). ولما كانت المرأة الفلسطينيّة هي حجر الزاوية في الساحة الفلسطينيّة بأدوارها الفاعلة والمؤثرة تجاه تنشئة الجيل وتأهيله للخروج إلى المجتمع متسلحاً بكل القيم عامة والقيم الإسلاميّة خاصة، كان لا بد من إلقاء الضوء على هذه القيم وكيف يمكن للبرامج التّدريبيّة أدى الدور الرئيس بإسهامها في تنمية القيم مجموعة القيم الإسلاميّة (المحبة والسّلام، العدل والمساواة، العمل والكفاءة، المسؤولية، التمكين، المشاركة، التطوع، والانتماء) لدى المرأة الفلسطينيّة.

 

مشكلة الورقة البحثيّة           

تُعد المرأة الفلسطينيّة صاحبة مشروع رياديّ وقيميّ في المجتمع الفلسطينيّ الذي يعيش ظروفًا صعبة للغاية، إذ إن دورها أصبح بالغ الأهمية؛ لما لها من مكانة مرموقة وفق معايير الدّين الإسلاميّ الحنيف الذي منحها الكرامة والهيبة وأعطاها حقها على أكمل صورة، ما مكنها من أن تحتل مكانة لا يمكن إنكارها في المجتمع الذي تعيش فيه بالإضافة إلى ما يَقع على عاتقها أنبل مهمّة في الأسرة وهي تربية الأبناء وتنشئتهم على القيم.

إذ إن البرامج التّدريبيّة بصورها المختلفة لها تأثير كبير في حياتنا، فقد يكون تأثيرها على الفرد إمّا على مدى الإدراك لديه، أو على اعتقاداته، أو على سلوكه، أو على عاطفته، أو على مواقفه ووجهات نظره، وتكمن أهمية البرامج التّدريبيّة أنّ العقل البشري لا يتوقّف عمله فقط على استقبال المعلومات منها، وإنّما يقوم العقل بتحويل كلّ ما يحصل عليه من تدريب إلى معلومات ومعرفة، واستنتاجات لأمور أخرى، ومعانٍ جديدة، وقيم جديدة تتعلّق بالحياة من حوله، وفي هذا السّياق يتجلى الدّور البارز للبرامج التّدريبيّة تجاه تشكيل القيم العالميّة التي اتفقت عليها كل الشرائع السّماوية ومدى التأثير على تنميتها وتعزيزها والارتقاء بها من منظور التّنميّة البشريّة.

ولما كانت القيم العالميّة (الإسلاميّة) هي التوجه الحديث في بناء المجتمع، كان لا بد من إلقاء الضوء عليها لدورها في صقل سلوكيات أفراد المجتمع عامة، وعلى المرأة بشكل خاص لأنها من تربي وتنشئ الأجيال للخروج إلى المجتمع حاملين معهم هذه القيم التي تؤهلهم من مواجهة التّحديات التي يعيشها العالم المعاصر من أزمة في القيم والأخلاق.

من هنا ومن تحمل المرأة مسؤوليّة تنشئة الجيل وإعداده وتأهيله؛ ليكون المجتمع بذلك متسلحًا بكل القيم عامة والقيم الإسلاميّة خاصةٍ، كان لا بد من أن تعي المرأة الفلسطينيّة لأهمية البرامج التّدريبيّة فيما تقدمه نحو مجموعة القيم الإسلاميّة (المحبة والسّلام، العدل والمساواة، العمل والكفاءة، المسؤولية، التمكين، المشاركة، التطوع، وقيم الانتماء) والتي تمثل المعايير والمبادئ التي تشكل وتحكم سلوك وممارسات الجيل الحديث من منظور التّنميّة البشريّة، وتجذير روح المحبة والتآخي بين أبناء المجتمع؛ لتشكل سنداً قوياً للتعايش والتواصل الحضاري بين الأفراد.

ومن هنا جاء هذا البحث العلمي؛ بهدف مساعدة المسؤولين والمهتمين على وضع الخطط والاستراتيجيّات الكفيلة بتوفير البرامج التّدريبيّة لتشكيل القيم الإسلاميّة والمتفق عليها عالميًّا للمرأة الفلسطينيّة من منظور التّنميّة البشريّة في مجالات قيم (المحبة والسّلام، العدل والمساواة، العمل والكفاءة، المسؤولية، التمكين، المشاركة، التطوع، وقيم الانتماء)، مما سبق، فإن مشكلة البحث الحالي تتمثل في المحاور الآتية:

أولًا: مفهوم البرامج التّدريبيّة، واقع التّنميّة البشريّة والمرأة الفلسطينيّة.

ثانيًّا: مفهوم القيم، أهداف القيم، أهمية القيم، القيم الإسلاميّة.

ثالثًّا: تشكيل القيم الإسلاميّة العالميّة في حياة المرأة الفلسطينيّة من منظور التّنميّة البشريّة.

  • تشكيل قيم: المحبة والسّلام، العدل والمساواة، العمل والكفاءة.
  • تشكيل قيم: المسؤولية، التمكين، المشاركة.
  • تشكيل قيم: التطوع، والانتماء.

أولًا: مفهوم البرامج التّدريبيّة، واقع التّنميّة البشريّة والمرأة الفلسطينيّة   

يعدُّ العنصر البشري من الموارد المهمة والأصول التي تمتلكها الدول، ويُعد الركيزة الأساسيّة للتنمية الاقتصاديّة إذ تعتمد التّنميّة على مستوى قدرات وخبرات العنصر البشري ومدى قدرته على توظيف قدراته بالشّكل الصحيح في البناء والإنتاج للوصول إلى مقاصد التّنميّة في تحسين جودة الحياة، ولذا لا بد من الاهتمام بتأهيل هذا المورد بالمهارات والخبرات التي تمكنه من القيام بالدور المنوط به (الصيرفي، 7:2009).

تبرز أهمية برامج التّدريب وتطوير الموارد البشريّة في رفع معدلات الإنتاجية واكتساب الميزة التنافسيّة والمساهمة في التّشغيل وتطور أفراد المجتمع، إذ تهدف البرامج التّدريبيّة إلى تعزيز المهارات الحياتيّة والمعرفيّة والتي تعد من مقومات الحياة المهمّة (العزاوي، 26:2015).

يُعرف التّدريب بأنه  تجهيز الموارد البشريّة بالقدرات والمهارات التي تساهم في القدرة على تنفيذ الأعمال من خلال مجموعة من العمليات التي تحدث تغييرًا في معارف وسلوك الأفراد (Al-Athari,2012,p.246)، وعرّفهDolasinski,2014,p.301)) أنّه نوع من التعليم والتوجيه في نوع من أنواع الفنون أو المهن يؤهل الفئة المستهدفة لتجاوز أي عقبات تواجه تنفيذ الأعمال ليصبحوا بذلك أكثر قدرة على ترجمة المفاهيم النظرية إلى الواقع العملي.

يعد التّدريب استراتيجية تسعى إلى بناء منظومة معرفية حديثة لدى الأفراد في المجتمع، وتطوير المهارات الموجودة، واكتساب مهارات جديدة ومتنوعة، وتعديل الاتجاهات السّلوكيّة نحو الأفضل، بهدف استيعاب التغيرات المستمرة في بيئة العمل والتكيّف معها (الوزان، 21:2016).

ويمكن تلخيص تعريف التّدريب على شكل نقاط رئيسية:

  • التّدريب هو عملية مخططة ومنظمة.
  • هو إثراء إيجابي لمهارات الأفراد.
  • هو عملية إعادة تأهيل للعناصر البشريّة.
  • هو خبرة منظمة لصقل المهارات والمعارف.

أهداف البرامج التّدريبيّة

تتعدد أهداف البرامج التّدريبيّة وفق الغرض منها تتمثل في الأهداف الفردية والأهداف التنظيميّة والأهداف الوظيفيّة والأهداف الاجتماعيّة (Kroeehnert,2013,p.80):

  1. أهداف فردية: وهي تحقيق الأفراد لأهدافهم الشّخصية من الحصول على الوظائف التي يطمحون إليها وأيضاً المساهمة في تحقيق أهداف المجتمع.
  2. أهداف تنظيميّة: وهي حصول أماكن العمل على موظفين تتوفر لديهم المهارات والقدرات التي تمكن المؤسسات من تحقيق تطلعاتها.
  3. أهداف وظيفيّة: تتمثل في المحافظة على مستوى وظيف ي مرتفع وتحقيق الاستفادة القصوى من الموارد البشريّة.
  4. أهداف اجتماعيّة: تلبية حاجة المجتمع من خلال تحسين قدرات الأفراد وتخفيض معدلات البطالة وزيادة الإنتاجية. يعد التّدريب أحد وسائل الاستثمار المهمة في الموارد البشريّة والتي تعد بدورها في مقدمة الأهداف الرئيسة لخطط التّنميّة، فالمورد البشري هو العنصر الأساسي للتقدم والتّنميّة وتراكم رأس المال، فالناتج الإجمالي هو نتيجة قوى العمل المنتجة في البلد وهذا الإنتاج غير مقتصر على المعايير الماديّة فقط فقد أثبتت الدّراسات ازدياد قيمة رأس المال الفكري نسبة إلى رأس المال الماديّ.

أهمية البرامج التّدريبيّة

إن أهمية البرامج التّدريبيّة تبرز في ظل التغيرات المتسارعة في الحياة الاجتماعيّة والعمليّة، ما يحدث فجوات بين مخرجات التّعليم النظامي في الجامعات والمعاهد وبين متطلبات الحياة ومن أبرزها أسواق العمل، والذي بدوره يحتم وجود ما يسد هذه الفجوة ويؤهل القوى العاملة لتجد قبولًا في أسواق العمل والمنافسة فيها.

يرى الحنجوري (26:2015) إنّ أهمية البرامج التّدريبيّة تنبع من أهمية رأس المال البشري في تحقيق التّنميّة ورفعة الدول إذ إن الاستثمار في رأس المال البشري يدفع عجلة النمو الاجتماعيّ والاقتصاديّ ويحسن مستويات المعيشة من خلال زيادة دخل الفرد والتحفيز على العمل وتطوير الذات.

 

واقع التّنميّة البشريّة والمرأة الفلسطينيّة

تعكس مسيرة التّنميّة البشريّة مسيرة نظريات التّنميّة نفسها، ومسيرة نظريات النمو الاقتصاديّ، ذلك أن التّنميّة البشريّة هي جزء من كل، فهي لم تطرح مستقلة بحد ذاتها، فقد تطور مفهومها من عقد إلى آخر مع تطور الأصل، وكان في كل مدّة يعكس جملة المقاربات المعروفة، تمامًا كما تعكس التّنميّة المتبعة حاليًّا في بلد محدد خلال مدّة محددة، أكثر من جانب لأكثر من نظرية تنموية، وان طغت نظرية معينة على البقية.

فالنظر إلى التّنميّة من منظور التّنميّة البشريّة “الإنسانيّة” ليس بجديد، ففكرة أنه ينبغي الحكم على الترتيبات الاجتماعيّة بمدى تعزيزها للمنافع الإنسانيّة فكرة تعود على الأقل إلى عهد أرسطو، الذي قال: “من الواضح أن الثروة ليست هي المنفعة التي نسعى لتحقيقها، فهي مفيدة فحسب بقصد الحصول على شيء آخر”، ففكرة الحياة الإنسانيّة الأفضل كهدف حقيقي لكل الأنشطة الإنسانيّة كانت موضوعًا متكررًا في كتابات معظم الفلاسفة الأوائل (غنيم، وأبو زنط، 81:2017). في التراث العربي خصص ابن خلدون فصلًا كاملًا في مقدمته لبيان حقيقة الرزق والكسب وشرحهما وأن الكسب هو قيمة الأعمال البشريّة.

مع صدور تقرير التّنميّة البشريّة لعام 1990 حصلت قفزة نوعية في الفكر التنموي من حيث معالجته للتنمية البشريّة، فإذا ما كان مفهوم تنمية الموارد البشريّة قد تطور حتى نهاية الثمانينيات، ليشمل جوانب تشكيل القدرات البشريّة كافة لاستخدامها في العملية الإنتاجية، فإن مفهوم التّنميّة  البشريّة قد ركز بالإضافة إلى ذلك على الانتفاع بالقدرات البشريّة، بحيث أعيد التوازن للمقولة الداعية إلى ” أن الإنسان هو صانع التّنميّة وهو هدفها”.

واستلهم ملف التّنميّة البشريّة في فلسطين إلى حد كبير نماذج تقارير التّنميّة البشريّة التي يصدرها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي من حيث المفهوم والمنهجية، لكنه لم يهمل خصوصيّة الوضع الفلسطينيّ بشكل عام، أو شروط وسمات المرحلة الانتقالية التي نتجت عن قيام سلطة فلسطينيّة على مناطق في الضفة الغربية وقطاع غزة.

وصدر بعد ذلك تقرير التّنميّة البشريّة 2018-2019م في فلسطين وسمي”الاستثمار في الأمن الإنساني من أجل دولة مستقبلية” إذ ركز على الأمن الإنسانيّ من خلال تقديم معلومات وتحليلات من شأنها تسهيل وضع سياسات تنموية من قبل المجتمع المدني الفلسطينيّ والجهات السياسيّة الفاعلة، والمجتمع الدّولي والأفراد المعنيين)تقرير التّنميّة الإنسانيّة الفلسطينيّ، 2019).

ترتكز التّنميّة البشريّة في فلسطين على خمسة مطالب مهمة متداخلة ولا تنفصل إحداها عن الأخرى؛ وهي التعليم، الصحة، التغذية، تحسين البيئة، العمل، والحرية السياسيّة والاقتصاديّة (جامع، 43:2014)، وبناء عليها تتحدد عناصر التّنميّة البشريّة بما يلي:

  1. التمكين: فالتّنميّة تحصل في الناس وليس فقط من أجلهم، ولذلك عليهم أن يشاركوا بشكل تام في القرارات والإجراءات التي تشكل حياتهم، وتبرز هنا بشكل خاص أهمية منظمات المجتمع المدني، وامكانية المحاسبة وتعديل المسار عند الضرورة، فالناس في التّنميّة ليسو مجرد متلقٍ سلبي بل عامل فاعل في تشكيله.
  2. الحاكميّة: تعني الحاكميّة؛ جدية أسلوب الحكم في التعامل مع المجتمع، على أساس الحوار بين الحاكم والمحكوم، ووجود أدوات المراقبة والمحاسبة وآليات سليمة لاتخاذ القرارات التي تؤثر على حياة الناس وتعديلها بسرعة عندما تظهر بمثل هذه القرارات تبعات تنعكس على المجتمع أو على بعض فئاته سلبًا.
  3. الإنتاجيّة: صلب التّنميّة البشريّة من دون رفع هذا الاستهداف إلى مراتب أعلى من الاعتبارات الإنسانيّة الأخرى، فزيادة الإنتاجيّة تبقى في النهاية وسيلة على الرّغم من أهميتها. ففي المجتمعات التي تقل فيها الندرة يصبح بقدورها الوفاء بقسم أكبر من حاجات البشر والحد من التنازع على المصادر والسلع.
  4. الاستدامة: وتعني ضمان استدامة الخيارات والأخذ بالحسبان حاجيات الأجيال القادمة (الهيتي، 233:2008)، أي عدم إلحاق الضرر بالأجيال القادمة سواء بسبب استنزاف الموارد الطبيعية وتلوث البيئة، أو بسبب الديون العامة التي تحمل على الأجيال اللاحقة، أو بسبب عدم الاكتراث بتنمية الموارد البشريّة، ما يخلق ظروفًا صعبة في المستقبل نتيجة خيارات الحاضر.
  5. الإنصاف: أي تساوي الفرص المتاحة أمام كل أفراد المجتمع دون أي عوائق أو تمييز بغض النظر عن العرق أو الجنس أو مستوى الدخل أو الأصل أو غيره.

ترى الباحثة أيا كانت عناصر التّنميّة البشريّة فإيجابيّة كل عنصر من عناصرها يعطي تأثيرًا إيجابيًّا على مستويات التّنميّة البشريّة ككل؛ فالإنتاجيّة كعنصر من عناصر التّنميّة تزيد بزيادة إتباع مجموعة من السياسات، أهمها التركيز على الاستثمار في التعليم والصحة وتطوير مهارات الكوادر البشريّة ومقدمتها المرأة، وعلى مستوى عناصر التّنميّة البشريّة في فلسطين؛ فلعل الكثير من العناصر المشار إليها يوجد بها قصور واضح نحو المرأة الفلسطينيّة، وعلى الرّغم من محاولة الإجماع على توحيد رؤية تأثير هذه العناصر على المجتمع إلا أن تأثير هذه العناصر على المجتمع الفلسطينيّ قليل التوفر نتيجة للحياة السياسيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة التي يعيشها المجتمع الفلسطينيّ تحت الاحتلال الإسرائيلي.

تأتي الدّراسة الحاليّة كون المرأة الفلسطينيّة أفضل حالاً من المرأة في كثير من البلدان العربية والإسلاميّة؛ إذ اقتحمت مجال التعليم لدرجة أنها أصبحت تشكل نصف أعداد الطلبة في مختلف المراحل الدراسية؛ واقتحمت مجال العمل لتشكل لا بأس بها من القوى العاملة في المجتمع الفلسطينيّ، وأصبحت تتبوأ بعض المناصب القيادية العليا، فمنها: الوزيرة، ومنها عضو البرلمان، ناهيك عن ممارستها للمهن الراقية: كالطب، والهندسة، والمحاماة.

مع مرور الوقت تغيرت مكانة المرأة الفلسطينيّة ولا تزال تتغير، واستطاعت أن تكون لبنة فاعلة في الحركة الوطنية الفلسطينيّة؛ ما أهلها لتبوء مراكز قيادية في المجتمع الفلسطينيّ؛ فأسّست جمعياتها ومؤسساتها الخاصة منذ عشرينيات القرن الماضي، وتمكنت من أن تثبت قدرتها على العمل، فالمرأة الفلسطينيّة قادرة على خوض مجالات حيوية ومهمه تساعد في إحداث تغييرات، إلا أنها لا تزال تشكل رمزًا لطاقات الوطن الكامنة بل والمهدورة والتي لم تعبر عن نفسها، فعلى الرّغم من ذلك إلا أن مساهمتها في سوق العمل والاستفادة من منها بالشكل الصحيح وتحقيق طموحاتها ما زال ضعيف، من هنا تأتى كان لا بد من تسليط الضوء على دور البرامج التّدريبيّة من منظور التّنميّة البشريّة في حياة المرأة الفلسطينيّة وخاصة في تشكيل القيم الإسلاميّة.

 

ثانيًّا: مفهوم القيم، أهداف القيم، أهمية القيم، القيم الإسلاميّة

تعد القيم من المفاهيم الجوهرية في ميادين الحياة الاقتصاديّة والاجتماعيّة والسياسيّة كافة، لأنها تمس العلاقات الإنسانيّة بصورهاكافة، فهي ضرورة اجتماعية لأنها معايير وأهداف لا بد وأن نجدها في كل مجتمع منظم سواء أكان متقدمًّا أو متخلفًا، ويضيف البعض (أبو مرسة،2012) بأن الحياة الاجتماعيّة يستحيل من دون القيم ولا يمكن أن يحققوا ما يريدون وما يحتجون إليه من الآخرين بغير القيم، وتؤدي هذه الأخيرة دورًا كبيرًا في إدراك الفرد للأمور من حولـه، وكـذلك تصوراته للعالم المحيط به.

تعرف القيم أنّها: ” مجموعة الأحكام التي يصـدرها الفـرد بالتفضـيل أو عـدم التفضيل للموضوعات أو الأشياء وذلك في ضوء تقييمه أو تقديره لهذه الموضوعات، وتجري هذه العملية مـن خـلال التّفاعل بمعارفه وخبراته وبين الإطار الحضاريّ الذي يعيش فيه ويكتسب من خلاله الخبرات والمعارف” (أبو فوده،51:2010). ويعرفها آل عبود (63:2012) أنّها ” تنظيمات لأحكام عقلية انفعالية، وهي مفهوم ضمني غالبًا ما يعبـر عن فعل أو الامتياز أو درجة الفضل الذي يرتبط بالأشخاص أو الأشياء أو أوجه النشاط”. وعرفت أنها مجموعة من المثل العليا والغايات والمعتقدات والتشريعات والوسائل والضوابط والمعايير لسلوك الفرد والجماعة مصدرها الله عز وجل، وهذه القيم هي التي تحدد علاقة الإنسان وتوجهه إجمالًا وتفصيلًا مع الله تعالى ومع نفسه ومع البشر ومع الكون وتتضمن هذه القيم غايات ووسائل (البقمي، 23:2019).

ويقصد بها مبادئ تحث على الفضيلة، وموجهات للسلوك الإنساني لصالحه وصالح مجتمعه، وتستمد أصولها بالأمر والنهي من القرآن الكريم والسنة المشرفة.

أهمية القيم

تزود القيم أفراد المجتمع بمعنى الحياة وبالهدف الذي يجمعهم من أجل البقاء، كما أن نسق القيم يجعل الأفراد يفكرون فيما يقومون به من أعمال للوصول الى أهداف وعمليات. وللقيم تأثيره على وحدة المجتمع وتماسكه ووحدته، إذ يتوقف تماسك المجتمع ووحدته الى حد كبير على وحدة قيمته، بمعنى عدم وجود التناقضات الأساسيّة فيها، وبقدر وحدة القيم في المجتمع تكون تماسكه ويقدر تفاوت القيم وتباينها بكون تفكك المجتمع (الجلاد، 85:2017). وللقيم أهمية بالغة في بناء الشخصية الإنسانيّة لأنها إذا ما رسخت في النفوس وتعمقت فيها تشكل التزاماً عميقاً من شأنه أن يؤثر على الشخصية الإنسانيّة ويرسم لها خط التزام لا تحديد عنه، وتسهم في بناء الشخصية، وتؤدي القيم دورًا مهمًّا ومؤثرًا في حياة الأبناء.

وتبدو أهمية القيم في قدرة الأبناء على تحقيق التكامل والاتزان في سلوكهم وقدرتهم على مقاومة القيم المنحرفة بعد ذلك ويفضل المصلحة العامة على المصلحة الشخصية، وفي قدرتها على تحقيق الموازنة بين مصالحه الشخصية ومصلحة المجتمع، على النحو الآتي:

  1. تساعد القيم على التنبؤ بسلوك الفرد في المواقف المختلفة (الحارثي،51:2013).
  2. تعد القيم ضابطًا داخليًّا لسلوك الفرد، إذ إنّها توجه هذا السّلوك إلى الطريق القويم والسديد، فالفرد إذا امتلك منظومة من القيم المتوحدة مع المجتمع، فإنها ستكون ضابطًا لهذا السّلوك.
  3. القيم طاقات للعمل، ودوافع للنشاط فمتى تكونت القيم المرغوب فيها لدى المرء، فإنّه ينطلق إلى العمل الذي يحققها، وتكون المرجع أو المعيار الذي نقيم به هذا العمل.
  4. تعدُّ القيم وسيلة للحكم على سلوك الفرد، وتعمل على إصلاحه نفسيًّا وخلقيًّا.
  5. تعمل على ضبط الفرد لشهواته لأنّها تربط سلوكه وتصرفاته بمعايير يتصرف على هديها طبقًا لما اكتسبه وما حدده له المجتمع (الحازمي، 107:2012).
  6. تساعد القيم على إيجاد نوع من التّوازن والثبات للحياة الاجتماعيّة، وذلك لأنها تُعدُّ المعيار الأساسي الذي يوجه السّلوك الإنساني نحو هدف مشترك.
  7. إنّها تقي المجتمع من الأنانيّة المفرطة والنّزاعات والشّهوات الطائشة إذ إنّها تحمل الأفراد على التّفكير في أعمالهم على أنّها محاولات للوصول إلى أهداف هي غايات في ذاتها وليس لإشباع الشهوات فقط.
  8. تساعد المجتمع على مواجهة التغيرات التي تحدث فيه، بتحديدها الاختيارات الصّحيحة التي تسهل على الناس حياتهم، وتحفظ استقراره وكيانه في إطار موحد (الحياري،19:2008).

حاجة المرأة إلى القيم

كلما كانت المرأة متمسكة بدينها، ومبادئها وقيمها، انعكس ذلك على تنشئة وتربية الأبناء، إذ تعمل على تشريب أبنائها القيم الصحيحة وتنشئتهم عليها، إذ يحكّمون الدين في كل تصرفات حياتهم، والعكس صحيح (شرعي،153:2019).

لا بد من التنويه بأمر في هذا المجال يؤثر تأثيرًا واضحًا في تنمية القيم، وهو: أن مسؤولية المرأة متكاملة تجاه الأبناء وتربيتهم، ذلك أن تنمية القيم لا يأتي وحده، بل في إطار إشباع الحاجات، وتشير السنة المطهرة إلى ذلك، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبيُّ ﷺ: “ما مِن مَوْلُودٍ إلَّا يُولَدُ علَى الفِطْرَةِ، فأبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أوْ يُنَصِّرَانِهِ، أوْ يُمَجِّسَانِهِ، كما تُنْتَجُ البَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ، هلْ تُحِسُّونَ فِيهَا مِن جَدْعَاءَ حتَّى تَكُونُوا أنتُمْ تَجْدَعُونَها” (البخاري، ج1: 136).

وتتجلى الحاجة إلى القيم الإسلاميّة في الدّور المهم الذي تؤديه على مستوى الفرد والمجتمع، فهي التي تعمل على تشكيل الشّخصية الفرديّة وتحديد أهدافها ضمن المعيار الصحيح، صالحها نفسيًّا وخلقيًّا، وصيانتها من التّناقض والاغتراب، بالإضافة إلى قدرتها على مواجهة التّغيرات المختلفة التي تحدث في المجتمع، وتحفظ استقراره وكيانه (العطل،2015). كما أنّ للقيم الإسلاميّة دورًا مهمًّا في تكوين العلاقات بين أفراد المجتمع، ونسج السّلوكيات والعادات والتقاليد، وتوضيح طبيعة خصائص هذا المجتمع في عدة اتجاهات، كالخصائص الاجتماعيّة والدّينيّة والثّقافيّة والسياسيّة والاقتصاديّة والعلميّة.

تعددت الدّراسات في مجال الحديث عن القيم عامة والقيم الإسلاميّة خاصة وقد جاء منها:

فقد هدفت دراسة (علي،2011) إلى إظهار أهم الأعمال الإسلاميّة في سيرة النبي محمد ﷺ، بأسلوب سهل وبلغة يفهما الغرب، فعرض فيها دور النبي ﷺ في الارتقاء بمستوى الإنسان من عصور الجاهلية والتّخلف إلى حياة التحضر والتّمدن، من خلال ما قام به النبي ﷺ من القضاء على الوثنية، ونشر قيم العدالة والمساوة والحب والإخاء والتّسامح والحوار، ودوره ﷺ في تحرير المرأة من الوأد ورق الجاهليّة والمتاجرة بجسدها إلى الحياة الإسلاميّة الكريمة التي تعلي من شأن المرأة.

بينت دراسة الغامدي (26:2015) إلى أن العوامل التّنظيميّة من أقوى الحواجز أمام المرأة في الصعود إلى القمة، يليها العوامل الاجتماعيّة والثقافية وأقلها العوامل الشخصية. ولذلك ركزت الاستراتيجيّات إلى تحسين تمثيل المرأة في أدوارها في الإدارة والقيادة التربوية العليا في المدرسة، والقيم المجتمعيّة، والسياسات االحكوميّة، وقانون التعليم، ودستور البلد. وأظهرت دراسة (فرج الله،2014) أن منظومة القيم أحد المكونات المهمّة الأساسيّة لطبيعة السّلوك الحياتي للإنسان في أيّ مجتمع من المجتمعات منذ القدم وحتي العصر الحالي، حيث إن القيم تتأرج بين الإيجابية والسلبية، وإذا ما غلبت القيم الإيجابية سادت حياة متزنة بين النّاس، أمّا إذا سادت القيم السّلبية فهذا يعني تفكك الرّوابط بين النّاس.

وأشادت دراسة الأسطل (2008) بدور قيم التّربيّة الوطنيّة في تنمية قيم المواطنة، وهي شكل من أشكال القيم الإسلاميّة وقد بينت مدى تحقيق أهداف التّربيّة الوطنية وتدرسيها لطلاب المرحلة الأساسيّة.

ومما ميز هذه الدراسة عن الدّراسات السّابقة أنها طرقت بابًا جديدًا من القيم وهي القيم الإسلاميّة في المجتمع الفلسطينيّ وكيفية إكساب المرأة الفلسطينيّة لهذه القيم وتنميتها لديها، وذلك من خلال إبراز دور البرامج التّدريبيّة وإسهامها في تنمية القيم الإسلاميّة العالميّة.

 

ثالثًا: تشكيل القيم الإسلاميّة العالميّة في حياة المرأة الفلسطينيّة من منظور التّنميّة البشريّة

إنّ مستقبل أيّ مجتمع يعتمد على القيم التي يختارها، فمن بدونها ينتج نماذج شخصيّة مهزوزة، وسيضل الفرد طريقه وسيستغرب عن ذاته أولًا وعن مجتمعه ثانيًّا وسيفقد هويته والمعايير التي تهديه في تعامله مع غيره، وسيصير متخبطًا في سلوكه وعشوائيًا في تصرفاته وسينعكس ذلك على المجتمع فلن تسود لها مُثُل ولا أهداف كبرى، فتصبح مجتمعات مريضة متخلفة، وسيـؤدي ذلك إلى خلـل فظيع، وسيتسم سلوك الكل بالأنانيـّة المجحفة وانتشار الشرور وانعدام التضامن والأمـن الاجتماعيّ (السعيد،201:2015)، أما إذا اكتُسبت القيم الإسلاميّة واحتُضنت عن قناعه تامة من الفرد، وإذا حصل ذلك في انسجام وتوازن في عمليّة الاكتساب، تحقق الانسجام والتّوافق في الشّخصيّة وعلى ذلك تستقر الشّخصيّة، وتصبح لها سمات واضحة تحقق من خلالها ذاتها، وتنظم لديها المعايير المقبولة لسلوكها من ذاتها، واكتساب الشّخصيّة لهذه المعايير يعني أنّها اكتسبت الطرق التي تحدد رؤية الإنسان للواقع وتنظيم السّلوك في المواقف المختلفة.

  • من الانعكاسات التي أثرت على بناء القيم الإسلاميّة العالميّة
  1. زيادة التّرابط بين بقاع العالم والاعتماد المتبادل بين الأطراف الرئيسة لهذا التقدم التكنولوجي.
  2. التراكم الكبير في المعلومات والمعارف العلمية والتقنية، فالنظريات العلمية التي كانت في الماضي مجرد كتابات نظرية فقط، صارت الآن تمثل العديد من الاختراعات والاكتشافات المذهلة التي أخذت بيد الحكومات والدول للتقدم والرقي في العديد من الجوانب الاجتماعيّة والاقتصاديّة (الجمال،188:2013).
  3. الاتجاه المتزايد نحو استخدام مواقع التّواصل الاجتماعيّ، وتطبيقات التّكنولوجيا المتناهيّة في الاستخدام، و من المتوقع أن تقلب المنظومة القيميّة رأسًا على عقب (حسن،86:2009).
  4. إن التّقدم التّكنولوجيّ أدى إلى إعادة فحص النسق القيميّ الموجود، وقد بدأت كثير من القيم في الانتشار لدى الشباب وخاصة تلك المتربطة بالسّلام والمحبة واحترام البيئة وحمايتها، وبدأت الدّعوة إلى قيم إنسانيّة جديدة كاحترام الحياة والمسؤولية تجاه الأجيال القادمة وحماية البيئة، وبات من المألوف فهم أن هذه القيم وغيرها عناصر أخلاقية يبنى عليها الضمير العام والقيم الإنسانيّة كلها (الحسيني،27:2006).

يتضح للباحثة أن معايشة المرأة من مختلف الشرائح العمرية الاجتماعيّة للقيم الإسلاميّة العالميّة تعتمد على تمكنها وتلقيها برامج التّوعية اللازمة ومنها البرامج التّدريبيّة، فهناك ترابط مفترض بين القيم الإسلاميّة والسّلوكيات عامة هذا الترابط الذي يمكنه من صناعة مضامين بصورة تجعلها مقبولة لدى أفراد المجتمع (المرأة في مختلف الفئات العمرية) وتسمح لها بالتماهي معها، وبتعزيز قيمها الإسلاميّة العالميّة ونمذجة سلوكها والتكيّف مع محيطها فلا تشعر المرأة  بالاغتراب، هنا تبدأ البرامج التّدريبيّة في إحداث التّنميّة البشريّة من خلال ترسيخ مفاهيم وقيم خاصة بها وتتفرد بها وتعتمد على القيم الإسلاميّة العالميّة التي تنشأ في الفضاءات العاملة عبر مختلف الوسائل التكنولوجيّة المعاصرة غير الخاضعة للإطار الاجتماعي، وتظهر شخصيات غير مألوفة على قيمنا الأصيلة بسلوكيات لا تنسجم مع القيم المجتمعيّة ذلك لأنّها سمحت بتكوين صورة صنعت بمضامين مغايرة عما تحمله القيم الأصيلة من مضامين،  والتي أصبحت مقبولة وقد تجتذب المرأة  وهي القدوة. ومن هنا لا بد من لفت النظر والحرص على أهمية تشكيل القيم الإسلاميّة العالميّة من خلال البرامج التّدريبيّة.

 

تشكيل القيم الإسلاميّة في حياة المرأة الفلسطينيّة من منظور التّنميّة البشريّة

 

أولًا: قيم المحبة والسّلام

إنّ لنشر قيم المحبة والسّلام الأثر البالغ على بناء جيل متماسك ومترابط بشكل كبير، فالمحبة والسّلام هي قيم إسلاميّة يجب أن يتمتع بها أفراد المجتمع عامة والمرأة الفلسطينيّة على وجه الخصوص، إذ إنّ المرأة هي التي تُعدُّ وتربي وتصدّر للمجتمع مواطنًا صالحًا. وقد أصبحت قيمة المحبة والسّلام ثقافة في حياته أو البغض والكراهيّة بدلاً منها، لذا كان لا بد للإعلام الفلسطينيّ إلقاء الضوء على هذه القيم وتنمية ذلك لدى المرأة حتى يتسنى لها غرسها في أبنائها في بعد.

وعن قيمة المحبة في الإسلام، قال الله -تبارك وتعالى: ﴿ فسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ﴾ )المائدة:54) فأثبت حبه لعباده. وقال- تبارك وتعالى: ﴿وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ﴾ ﴿وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ ﴿وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ﴾ (البقرة:222). وأثبات المحبة لأهل الإيمان والأخلاق والقيم، قال تبارك وتعالى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبًّا لِّلّهِ﴾ (البقرة:65). وعبر عنه رسول الله ﷺ فقال :” لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبَّ إليه من ولده ووالده والناس أجمعين”.

ثانيًّا: قيم العدل والمساواة

يظنّ النّاس أحيانًا أنّ قيم العدل والمساواة هما شيء واحد، والحقيقة أنّ الفرق بينهما كبير، فقد يعاكسان بعضهما البعض في المعنى ويتعارضان، وقد يكملان بعضهما بحسب الظروف والأحوال، فما هي قيم العدل ؟ وما هي قيم المساواة ؟ وما الفرق بينهما ؟

  • قيمة العدل

يعدُّ العدل من القيم والأخلاقيات والمثل التي تعدُّ مؤشرًا على سير الحياة وفق ما أراد الله تعالى، فالعدل هو صفة لله تعالى واسم من أسمائه الحسنى فالله سبحانه عادل عدالة مطلقة في حكمه وقضائه، في قدره وأمره ومشيئته. أمّا البشر فعدالتهم نسبيّة بلا شك يعتريها النّقص ويشوبها الزلل وتظللها الأهواء والأمزجة، وتؤثر فيها الظروف والأحوال المتقلبة، وقد دعا الله سبحانه وتعالى عباده لأن يكونوا عادلين في تعاملاتهم مع بعضهم البعض، كما أمر الحكام بالعدل في الحكم على الناس، قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾ (النحل، 90)، وفي الآية الأخرى ﴿يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَىٰ فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ﴾(داود، 26)، فالعدل يعني إعطاء كل ذيّ حقّ حقّه، وإنصاف المظلوم، ورد الحقوق، ووضع الأمور في نصابها الصحيح، وعدالة الرأيّ في الأمور، والعدالة في الشّهادة، وعدالة القضاة في الحكم بين المتخاصمين من دون أن يكون هناك ظلم لأحد منهم أو حيف أو ميل عن الحقّ (البشير، 2021).

ترى الباحثة بضرورة أن تعامل المرأة بالعدل إذ إنّها قيمة إسلاميّة لا بد من تمثلها في المجتمع الفلسطينيّ والمرأة الفلسطينيّة على وجه الخصوص لما لها من أثر في تعزيز مكانة المرأة والارتقاء بدورها بشكل أكثر فعاليّة.

لقد أرسى الإسلام المعنى الحقيقيّ للعدل في جوانبه الثلاثة وهي إعطاء كل ذي حقِّ حقه إن خيرًا فخير، وإن شرًّا فشر، ومن دون أيّ تمييز، وبذلك تختفي الحالات الكريهة التي تظهر لغياب العدل في المجتمعات وهذه الجوانب هي دوائر متداخلة، فلا يصح إعطاء كل ذي حقٍّ حقه في الخير فقط، وليس في العقاب وملاحقة الجناة المخربين ولا يمكن تحقيق مبدأ إن خيرًا فخير وإن شرًا فشر بترك الكبير والشّريف، وتطبيقه فقط على الضعيف والمقهور والعاجز كما قال رسول الله ﷺ : “إنما أهلك مَن كان قبلكم أنهم إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق الضعيف أقاموا عليه الحد” (القيسي،217:2015). وبهذا المفهوم وعلى مرِّ الزّمان جاء الأنبياء والرّسل يدفعون الظلم عن الناس ويمنعون ضرره وينشرون العدل، فأول جريمةٍ على الأرض وأول معصيةٍ في الوجود أودت بحياة أول إنسان بريء على وجه الأرض. والعدل المطلق هو الذي استأثر به الله تعالى فلا يفلت الظالم من عقاب جرائمه وإن أفلت منها في الدّنيا، فإنَّ الله يمهل ولا يُهمل، وكذلك فالعادل لا يُحرم من أجره شيء والذي أعدَّه الله له، جزاء تحمله ولقاء صبره، لقوله تعالى: ” وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِين”  بل ذكر الميزان للحكم في الدنيا في قصة ذي القرنين قرآن: قال تعالى: ﴿أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا، وَأَمَّا مَنْ آَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا﴾ (الكهف: 87).

  • قيمة المساواة

تأتي المساواة على صور متعددة منها:

1- المساواة في أصل الخلقة: قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾. (الحجرات: 13)

2- المساواة في أصل الخطاب الشّرعي بالإسلام:  إنّ الخطاب الشّرعي بالإسلام، جاء للناس جميعًا، العرب والعجم، البيض والسود، من دون تمييز؛ لأنّ الله ـ تعالى أرسل محمدًا صلى الله عليه وسلم للنّاس كافة. قال ـ تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إلاَّ كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ﴾ (سبأ: 28)، فالخطاب موجه للناس جميعًا من دون تمييز، فلا يجوز أن يقال إنّ دعوة النّبي صلى الله عليه وسلم خاصة لجنس دون جنس، ولا لجهة دون جهة.

3- المساواة في الحكم بين النّاس: وفي الحُكْم بين النّاس لا يجوز التفريق بين الخصمين لأيّ سبب من الأسباب؛ لذلك قال ـ تعالى: ﴿ولا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ (المائدة: 8)، فلا يجوز أخذ حقوق الناس بمجرد العداوة والبغضاء؛ لأنّ الإسلام دين العدل. وقد قضى شريح القاضي ليهودي بدرع مع أن الخصم هو أمير المؤمنين علي، رضي الله عنه. فلم يعرف الإسلام الظلم في تأريخه بل كان العدل شعاره.

4- المساواة في بعض الأحكام الشّرعية: فالشّريعة المباركةـ زادها الله تشريفًا ـ ساوت بين الناس في بعض الأحكام الشرعيةِ العدلُ يقتضي التّسوية فيها؛ فمن ذلك على سبيل المثال: التّسوية بين الأولاد في العطية كما في الحديث السابق، والتّسوية بين الزوجات في النّفقة والمبيت، وغير ذلك من الأحكام(مشعل، 2021).

المساواة هي تأتي بمعنى إيجابي، إذ تعني التمتع بجميع الحقوق السياسيّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة من دون التّمييز بسبب اللون أو الجنس أو العرق أو اللغة، مثال أن يساوي الإنسان في قسمته بين أزواجه فلا يعطي إحداهما حقًا أكثر من الأخرى.

ثالثًا: قيمة العمل والكفاءة

يُعد العمل والكفاءة من القيم التي تنعكس إيجابًا على أيّ مجتمع وزيادة إنتاجيته لما في ذلك من جودة مستمرة في الأداء وإعطاء الشّخص الكفؤ حقّه في المجتمع، ولما كانت المرأة هي صمام أمان الأسرة والمجتمع كونها شريكة الرّجل في البناء والعمل والتّطوير، كان لا بد من تنمية هذه القيميّة الإسلاميّة لديها وأن تعطيها البرامج التّدريبيّة أولوية كبيرة من الرّعاية والتّقدير لما تقوم به من عمل مصحوب بالكفاءة والجهد الكبير الذي ينم عن قدرتها في تحمل العديد من الأعباء وإجازها بكفاءة وقدرة عالية.

والإسلام قرن العمل بالجهاد في قوله – سبحانه – ﴿ وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ﴾ (المزمل: 20). ويقول النبي ﷺ :” مَن أمسى كالًّا من عمل يده أمسى مغفورًا له”.

رابعًا: قيمة المسؤوليّة

يتجلى مفهوم المسؤولية بتقسيماته الطبيعية ومن دون فرضه على أحد، ومن وجهة نظريّ، فإنه يبنى على أساس مقولة الإمام عليّ: “قيمة كل امرئ ما يحسنه”، فإحسان الشّيء من قبل الفرد أو الجماعة تمنحهم مسؤولية طبيعيّة عن ذلك الشّيء في حال توافق مع المجتمع المحيط، وبهذه الحالة فالمسؤوليّة تعني تمثيل الشّيء الذي يحسنه الفرد. فإذا نظرنا إلى الكنية للعائلات الفلسطينيّة فنرى أنها مرتبطة – في كثير من الأحيان- بما كان أفراد تلك العائلة يحسنونه مثل عائلة الحداد والنّجار والصّباغ، فالجميع يعرف إذا ما كان بحاجة لكرسي من الخشب فإنّه سيتوجه الى ذلك الشّخص، وإذا ما واجهته مشكلة في البناء استشار شخصًا آخر (الزّاكي، 2021).

تعد المرأة الفلسطينيّة من أكثر نساء العالم قدرة على تحمل المسؤوليّة وحمل الأمانة، وهذا شيء لا تتمتع بها نساء كثير في أقطار مختلفة لما للمجتمع الفلسطينيّ من خصوصيّة، وقد تعرضت المرأة الفلسطينيّة للعديد من هذه الأزمات وعصفت بها خلال الحروب التي تعرض لها الشعب الفلسطينيّ، فكانت نعم المرأة في تحمل المسؤولية في تربية أبنائها وإعدادهم الإعداد الأمثل إثر فقدان الزّوج في الحروب الماضية، وهذا يعني أنّ على البرامج التّدريبيّة أن تسهم وبشكل فاعل في تنمية هذه القيمة الإسلاميّة لدى المرأة الفلسطينيّة وإعطاءها حقها في تسيد بعض المناصب التي تليق بها كمرأة مكافحة ومثابرة.

خامسًا: قيمة التّمكين

يُشير مفهوم التّمكين إلى تلك العمليّة الرّامية إلى تنمية قدرات المرأة ومهاراتها، وإتاحة الفرصة لهم بشكل عادل أن توظف هذه القدرات بما يُحقّق لهم مزيدًا من التّقدم والارتقاء في المناحي الحياتيّة كافّة، بالإضافة إلى إشراكها إشراكًا فاعلًا في صنع القرارات المتعلقة بالإجراءات التنمويّة المُحسّنة لجودة مساهمتهم في المجالات: السياسيّة، والاقتصاديّة.

مجالات تعزيز قيمة تمكين المرأة الفلسطينيّة

تتطرّق النقاط الآتية إلى مجالات تمكين المرأة الفلسطينيّة، مع بيان آليات حدوث ذلك: (الدغرير،2018)

  1. المجال السياسيّ تسهيل المشاركة السياسيّة – دعم المواطنة و حقوق الانسان – المشاركة في تنمية الوعيّ السياسيّ.
  2. المجال الثّقافي تطوير التّعليم – الاهتمام بالمرأة المتعلمة – ترسيخ الانتماء – الحفاظ على الهوية.
  3. المجال الاجتماعيّ توفير مبدأ تكافؤ الفرص- دعم حقوق المرأة في العمل والتّعليم والمسكن.
  4. المجال الاقتصاديّ مواجهة مشكلات المرأة الفلسطينيّة (البطالة) – الاهتمام بالعمل – الاهتمام بريادة الأعمال.
  5. المساهمة في حل المشكلات- تقديم المساعدات للفقراء- المشاركة في حملات التّوعية الخدميّة.
  6. المـــجـــــــــال البيئي المشاركة في حملات التّوعية البيئيّة – المساهمة في الحفاظ على البيئة.
  7. المـــجـــــــــال العلمي المشاركة في محو الأمية – المشاركة في إعادة المتسربين للتّعليم – نشر العلم.

تعمل البرامج التّدريبيّة على تعزيز قيم التمكين المرأة الفلسطينيّة من أجل إفساح المجال أمامها للتعبير عن أنفسها، وتوظيف قدراتها في المجالات المختلفة، واحترام إرادتها في التّغيير، بالإضافة إلى تفعيل مشاركتها المجتمعيّة، ودفعها نحو الإنتاج، وفتح الآفاق الواسعة أمام الأفكار الرّياديّة لتحقيق طموحاتها الشّخصية وتنمية الرّغبة لدى المرأة الفلسطينيّة بخدمة مجتمعها والنّهوض به نحو أفضل المستويات، ومن منطلق  أهمية تطبيق مفهوم قيم تمكين المرأة، حيث نسعى إلى تطور تعزيز قيم تمكين المرأة الفلسطينيّة.

الخطوات المناسبة لتعزيز قيمة تمكين المرأة الفلسطينيّة  

  1. مشاركة المرأة الفلسطينيّة في إصلاح الأحوال العامة للمجتمع.
  2. مشاركة المرأة الفلسطينيّة في العمل  تحسين الوضع الاقتصاديّ والمعيشيّ؛ فلا تستطيع يعيش ضمن أسرة يقتلها العوز أن يفكر في تحقيق الإبداع ويسعى نحو المبادرة.
  3. التّواصل مع المرأة في المجتمع، والاحتكاك المتواصل بها عبر برامج التّدريب النّدوات واللقاءات المباشرة.
  4. رعاية المُتميزات من النّساء.
  5. محاولة الاستفادة من تجارب البلدان السّباقة إلى تمكين المرأة مع مراعاة الفروق الأساسيّة بين البلد المُنفِذ لتلك التجارب.

سادسًا: قيمة المشاركة

يقصد بالمشاركة في الحياة العامة مساهمة الأفراد في تدبير شؤون مجتمعهم، وإبداء الرأي، والقيام بمبادرات تهدف إلى تحقيق المنفعة محليًّا ووطنيًّا. ويندرج حقّ المشاركة ضمن الحريات السياسيّة، غير أن مفهوم قيم المشاركة يتجاوز كونها مجرد حق، إذ هي ثقافة تقع على النّقيض من ثقافة عدم الاكتراث واليأس والعزوف، ما يعني حاجة كل مجتمع إلى ترسيخها عن طريق التنشئة الدّيمقراطيّة القائمة على أسس التّعبئة والتّكمين المستمرين، ذلك أن قوّة الدّيمقراطيّة تكمن في إرادة المواطنين للعمل المسؤول في الحياة العامة والمشاركة مع غيرهم في التدبير العمومي، واختيار من يمثلهم، وتقييم أدائهم، وهذه العمليات مجتمعة هي التي حدت بالمنظرين للدّيمقراطيّة للحديث عن الذّهنيّة الديمقراطيّة المقترنة بالتكوين والممارسة السّليمة(سلمية، 321:2019).

إن ضرورة تنمية قيم مشاركة المرأة في الحياة العامة ولم يولِ المسؤولين في الدولة اهتمامًا لفئة المرأة، فالمرأة جزء لا يتجزأ من المجتمع وهي من قاعدة الهرم السّكنيّ في الدّول العربيّة فمشاركتها في الحياة العامة أمر ضروريّ لتّطور الدّول، ومشاركتها في الحياة العامة دليل على التّحضر والتقدم (الغامدي، 2015).

إن تطوير قيم مشاركة المرأة في الحياة السياسيّة والحزبيّة والتي تتيح أفاقا لإثبات الكفاءة، والتّميز والقدرة على العطاء للمشاركة في العمل العام وصقل الشخّصية، وتساعد على تقبلها للآخر وتزيد من قدرتها على العمل بروح الفريق الواحد. ومن الضرورة تحرك جمعيات المجتمع المدنيّ والفاعلين بالتفكير في وضع خريطة للطريق تضمن تعزيز قيم مشاركة المرأة في الحياة العامة، وعن قيم مشاركة المرأة الفلسطينيّة: (العاجز، 2013) المشاركة بعملية الانتخابات إذ يعدُّ صوت المرأة حاسمًا، ويشكل جزءًا كبيرًا من الأصوات الشّاملة.

  • المشاركة في قضايا الرّأي العام والمناصرة كقضايا حقوق المرأة والطفل، ومناصرة الفئات المهمشة في حقوقها.
  • التّطوع في مؤسسات المجتمع المحليّ، يساهم في إضافة عدد الأيدي العاملة من النساء وزيادة الإنتاج.
  • القيام بالأنشطة التّعاونيّة، كالقيام بموضوع معين يتعاون على إنتاجه مجموعة من النساء.
  • المساعدة في إنشاء المشاريع الخدماتية، كإنشاء مشاريع البنى التّحتية المهمّة لسير حياة المجتمع.
  • القيام بمؤتمرات علمية ورشات عمل ونقاشات من شأنها توسيع المعرفة، وتحفيز العقل.
  • المساهمة في جمع التّمويلات والتّبرعات للمؤسسات لصالح المرأة، لرفع مستوى أنشطتها.
  • تعزيز الجانب الثّقافيّ للمرأة بعمل المبادرات للتّعريف بالثّقافات المتنوعة.
  • الحفاظ على هوية الوطن وإبراز تاريخه، من خلال استدعاء البطولات الماضية وتمثيلها في الحاضر.
  • المساهمة والعمل في الدفاع عن الوطن وحمايته، حيث يكون للمرأة أول من تقدم للوطن كل غالي ونفيس.

التّحديات التي تواجه تعزيز قيمة مشاركة المرأة

إنّ مشاركة المرأة في الحياة العامة مرتبطة بطبيعة النّظام السياسيّ في الدّولة ومرتبطة بطبيعة المشاركة، فكيف ستكون مشاركة للمرأة في الحياة العامة إذا كان الجسم الرّسمي الذي يمثل المرأة قليلًا (الصفار، 14:2017).

لقد ساهم المجتمع المدني الفلسطينيّ في الانتخابات الرئاسيّة والتّشريعيّة برفع نسبة مشاركة المرأة في  العمليّة الانتخابيّة، إضافة إلى الورشات التثقيفيّة بالنّظام الانتخابيّ المختلط  وأهمية مشاركتها في عملية التّصويت. إضافة إلى ما سبق يسجل لمؤسسات المجتمع المدني الفلسطينيّ وتحديدًا الخاصة بالمرأة منها محاولتها العمل على تحسين هذه المشاركة ليس ” تصويتًا ” فقط، وإنما ” تمثيلًا ” من حيث رفع نسب التّرشيح للمرأة الفلسطينيّة. لقد خاضت هذه المؤسسات هذه المعركة تحت شعار وقناعة: “إن تنمية المرأة تمثل تنمية لكل المجتمع”.

سابعًا: قيمة التًطوع

تُعرف قيمة التّطوع أنها: “الجهد الذي يبذله أيّ إنسان بلا مقابل لمجتمعه بدافع منه للإسهام في تحمل مسؤوليّة المؤسسة التي تعمل على تقديم الرّعاية الاجتماعيّة” (عبد العاطي، 56:2007)، كما تعرفها عزازي (168:2014): أنّها “بذل ماليّ أو عينيّ أو بدنيّ أو فكريّ يقدمه المسلم عن رضا وقناعة، بدافع من دينه، من دون مقابل بقصد الإسهام في مصالح معتبرة (الشهراني، 71:2006). وتتعاضد وتتكافل بين أفراد المجتمع ويعدُّ المجتمع الفلسطينيّ من المجتمعات التي تنشط فيه مثل هذه القيمة، ولا بد من تنمية هذه القيمة لدى أفراد المجتمع بأسره والمرأة الفلسطينيّة على وجه الخصوص لما لها من دور رئيس في تنشئة جيل أكثر فعاليّة.

التّطوع أصبح اليوم سمة من سمات العصر، وفرصة تتيح للمرأة الانطلاق نحو آفاق أرحب لتنمية شخصيتها وتطوير قدراتهم، والإحساس بالمسؤوليّة والشّعور بالثقة وتكوين شبكة من العلاقات الاجتماعيّة واكتساب مهارات جديده تعزز القيم الإيجابيّة، وتساعدها على حلّ المشكلات بطريقة خلاقة (زينو، 45:2017). والتّطوع قيمة ايجابية واتجاه نحو الإنسانيّة وأجواء الحياة الأحلى وشعور بالرّاحة والمحبّة والرّضا عن النّفس، والتّعامل مع الآخرين وتقدير طاقاتهم الإنسانيّة ومساعدة النّاس خاصة في الظروف الصّعبة والمواقف الحرجة.

إنّ غرس قيمة التّطوع لدى المرأة يساهم مساهمة فاعله لتنميّة إحساسها بذاتها، وصقل شخصيتها وتعزيز قيم الانتماء والمحبة والمساعدة والتّعاون لديها، وحوارها مع نفسها والآخرين وتقديم الأعمال الخيرة من أجل الصالح العام التّطوع خير للذات والعباد وتنمية قيم التعاون، والمحبة والإيثار وبذل الجهد من أجل الآخرين والإحساس بهم ومعهم (الحسين، 416:2011).

أهمّية قيمة التطوع عند المرأة الفلسطينيّة

  • تعزيز انتماء المرأة ومشاركتها في مجتمعها.
  • تنمية قدرات المرأة ومهاراتها الشّخصيّة والعلميّة والعمليّة.
  • يتيح للمرأة التعرف على الثّغرات التي تشوب نظام الخدمات في المجتمع.
  • يتيح للمرأة الفرصة للتّعبير عن آرائها وأفكارها في القضايا العامة التي تهمّ المجتمع.
  • يوفر للمرأة فرصة تأدية الخدمات بنفسها وحل المشاكل بجهدها الشّخصيّ.
  • يوفر للمرأة فرصة المشاركة في تحديد الأولويات التي يحتاجها المجتمع، والمشاركة في اتخاذ القرارات.

عوامل نجاح قيمة العمل التّطوعي عند المرأة: (الزهراني، 10:2016)

  • أن يتفهم المتّطوع من النساء بوضوح رسالة المنظمة وأهدافها.
    • أن يوكل بكل متّطوع العمل الذي يتناسب إمكاناته وقدراته.
    • فهم المتّطوع للأعمال المكلف بها والمتوقع منه.
  • أن يلم المتّطوع بأهداف ونظام وبرامج وأنشطة المنظمة وعلاقته بالعاملين فيها .
  • أن يجد المتّطوع الوقت المطلوب منه قضاؤه في عمله التطوعي بالجمعية.
    • الاهتمام بتدريب المتّطوعين على الأعمال التي سيكلفون بها حتى يمكن أن يؤدوها مستقبلًا

إنّ لدى المرأة الفلسطينيّة طاقات مثمرة، ينبغي أن تستثمر، ويستفاد من خلال هذه الطاقات لتقديم الدّعم النّفسيّ والمبادرة والمثابرة والإيثار وتعويد النّفس على الإحساس بالمسؤوليّة، وبناء المجتمع الامن المطمئن المعافى والذي تظلله قيم المحبة والتكافل والتماسك واحترام الوقت واستثمار الطاقات وتنمية الوعي بالعمل الخيريّ، والشّعور بالراحة والاطمئنان وفتح النوافذ الفكرية من أجل المساهمة في تعزيز قدرة المرأة على الابتكار، والابداع وتقديم افكار خلاقة لها ولمجتمعها والتحلي بالخلق الرفيع، والمسؤولية الإنسانيّة من أجل الانطلاق نحو المستقبل والدخول الى عالم العمل بكل ثقة وكفاءة واقتدار.

ثامنًا: قيمة الانتماء

يعاني الكثير من النّساء خاصة في كثير من المجتمعات العربيّة من مشكلة ضعف الشّعور بقيم الانتماء سواء أكان هذا الانتماء إلى مجتمعاتهم المحلية، أو إلى أسرهم، أو إلى أمة الإسلام وشريعته الغراء. فالمرأة تشعر بالغربة على أرضها وعدم الانتماء. فلا تشعر المرأة بالتّوحد والاتحاد في كيان واحد وجسد واحد مع مجتمعها والمفروض _ إذا ترى المرأة تربية دينيّة وطنيّة واجتماعيّة وأسريّة سويّة _ أن تشعر أنه ومجتمعها جسد واحد وكيان واحد، ومن ثم تسعد لسعادة مجتمعها وتتألم لآلامه وتحتضن مبادئ مجتمعها، وأهدافه ورسالته وقيمه ومعاييره ونظمه وفلسفته وعقيدته، (الصفار، 2017)، وتصبح هذه القيم قيمة هو ومن ثم ينبري ويتصدى للدّفاع عنها وحمايتها.

ويدفع الشّعور القوي بقيم الانتماء إلى الوطن الكبير وأمتنا الإسلاميّة، إلى إفراغ الجهود وبذل كل ما أوتينا من قوة وعزم في سبيل رفع شأنها، وإعلاء كلمتها والنّهوض بها والعمل على تقدمها وازدهارها ورفع هامتها عاليّة بين الأمم، أمّا عدم الانتماء فإنّه يولد الفتور والسّلبية واللامبالاة وعدم تحمل المسؤوليّة (طيفور، 2018).

وينبغي أن تقوم البرامج التّدريبيّة من فلسفة إدراك المرأة الفلسطينيّة أن الوطن يتعرض لكثير من حملات الغزو الثّقافيّ التي يشنها أعداء الإسلام للنّيل من قوة الشّخصيّة ومن صلابة الإرادة الوطنيّة ومن قوة العقيدة الإسلاميّة.

أسباب ضعف الشّعور بقيم الانتماء لدى المرأة:

لا شك أن في مقدمة هذه الأسباب تقع العوامل التربوية، ذلك لأن نقص التوعية الوطنيّة والاجتماعيّة مسئول عن فقدان الشعور بالانتماء، ذلك الشعور الذي يتعين أن يغرس في أعماق الفرد منذ نعومة أظفاره. كذلك فإن إحساس الشّباب بالظلم، سواء كان هذا الظلم حقيقيًّا أو خياليًّا يجعله يفقد الشعور بالانتماء (العاجز، 2013). ومن العوامل الأساسيّة في هذه المشكلة شعور المرأة  بأنها مهملة، وأنه لا تلقى الرعاية والاهتمام، وأن حقوقها مهدرة وحاجاتها مهملة ، وسواء كان هذا الشعور حقيقيًّا أم وهميًّا، فإنّه يؤدي دورًا رئيسًا في ضعف شعور المرأة بعدم الانتماء.

كذلك فإنّ أجهزة الإعلام والثقافة  والبرامج التّدريبيّة الموجهة مسؤولة _ ولو جزئيًّا _ عن نشأة هذا الشّعور، وذلك بما تقدمه من مظاهر للحياة الغربية ما قد يبعث على الانبهار بها والرّغبة في تقليدها، أو ما قد تعرضه هذه المؤسسات من مشكلات وهموم في الحياة الاجتماعيّة، وتبالغ في إبراز هذه المشكلات إلى حدّ يدفع المرأة إلى الشّعور باليأس، وعدم الأمان والاستقرار، وتهز شعوره بالفخر والإعجاب والاعتزاز بوطنها ماضيها وحاضرها ومستقبلها (عبد العاطي، 2007). ولعل ما يواجه المرأة من مشكلات واقعيّة كصعوبة الزّواج وإيجاد مسكن وتكوين الأسرة والحصول على عمل.

الوقاية والعلاج

إنّ التّوعية الوطنيّة والتّربيّة الدّينيّة من الوسائل المهمّة التي ترسخ المشاعر الدّينيّة والإسلاميّة، وتؤصلها وتنميها في ذهن المرأة وفي حسها ووجدانها، وكذلك عن طريق المدرسة الإسلاميّة والجامعة أن تسهما في غرس الشّعور بالانتماء عن طريق إبراز مفاخر الحضارة الإسلاميّة التي هي ولا شك أرقى الحضارات التي عرفتها الإنسانيّة قاطبة.

وكذلك إبراز ما ينطوي عليه تاريخنا القديم والحديث من الأمجاد الخالدة، والمفاخر التّليدة والانتصارات العظيمة. ينبغي بيان فضل الإسلام وعلمائه على الحضارة الغربيّة، وبيان فضل السبق لإسلامنا الحنيف في شتى مجالات العلم والمعرفة، مع التّوكيد للشّباب أن أمّة هذا شأنها من العظمة وهي قادرة على أن تستعيد مجدها وعظمتها، وأن تحتل مكانتها المرموقة تحت الشّمس، وذلك إذا اتحد أبناؤها/ واتفقت كلمتهم واجتمع شملهم وتعاونوا على البر والتّقوى.

التوصيات والإجراءات:

  1. بناء استراتيجية وطنية لبرامج التّدريبيّة الخاصة بالمرأة الفلسطينيّة، لتكون إطارًا وطنيًّا ومرشدًا لما يجب عمله لتنمية القدرات العامة للمرأة، للعمل ضمن سياق التّنميّة المستدامة.
  2. تأسيس مراكز نسويّة نموذجيّة، تلبي احتياجات المرأة المتزايدة، وتتواءم مع متطلبات التّنميّة البشريّة وتتفاعل معها.
  3. تنويع برامج التّدريب والتّوجيه في الوزرات عامة ووزارة المرأة خاصة، إذ تشتمل على برامج تدريبية، ولقاءات وحلقات نقاش، وورش عمل تدريبيّة، والقيام بزيارات ميدانيّة، للتعرف على المعالم الحضاريّة والنّهضويّة.
  4. تعريف المرأة الفلسطينيّة بآخر المستجدات، والمتغيرات الثقافيّة والاجتماعيّة المعاصرة، التي تميز الحياة في مستهل الألفية الثالثة، وتعزيز ثقافتها بها، لتكون أكثر معرفة، وقدرة على التّعامل مع هذه المستجدات.
  5. إعداد منهج تدريبيّ للتعامل مع المرأة، تتحدد فيه الأهداف ووسائل التّنفيذ، والتّطوير والمحتوى الملائم لتعزيز التّشاركيّة النسوية في الحياة العامة ومختلف قطاعاته.
  6. لفت نظر المسؤولين في المواقع كافة إلى أهمّية بناء قدرات المرأة وتدريبها وتأهيلها من منظور التّنميّة البشريّة المستدامة، بوصفها مشاركة في قيادة العمل، ورواد التّجديد والتّطوير والتّغيير.
  7. التّوسع في برامج تدريب المرأة على تعزيز قيم الحضارة العالميّة المعاصرة، كقيم المحبة والمساواة، والاتصال، والحوار والتفاوض، وحل المشكلات دون استخدام العنف والتفكير.
  8. تشجيع المبادرات النّسويّة المبدعة وتحفيزها.
  9. بناء جسور محبة وتعاون بين النّساء الفلسطينيّات في محافظات الوطن كافة.
  10. ضرورة الاهتمام بتخطيط المعرفة وتنسيقها التي يقدمها أصحاب الفكر والرأيّ من خلال البرامج التّدريبيّة، و يؤكد فيها على القيم الإسلاميّة لتوضيح المنظور السّلوكيّ لها في مواجهة القضايا والمشكلات والتّحديات المعاصرة التي يواجها المجتمع الفلسطينيّ.
  11. تنشيط محتوى البرامج التّدريبيّة المنعقدة في فلسطين، بشكل منهجيّ وتراكميّ، وتقوية التبادل والتفاعل بين الوسائط الإعلاميّة كافة ، بما يغني المرأة الفلسطينيّة خصوصًا برأس مال ثقافيّ وفكريّ واجتماعيّ وسلوكيّ لممارسة أنماط القيم الإسلاميّة العالميّة كافة، بما يتفق مع حاجات الشّعب الفلسطينيّ في نضاله من أجل التّحرر وتقرير المصير والعودة.

المصادر

القرآن الكريم تنزيل العزيز الحكيم.

المراجع:

1-أبو سلمية، باسمة (2007). مدى فاعلية التّدريب في تطوير الموارد البشريّة في مكتب الأونروا الإقليمي، رسالة ماجستير، كلية التجارة، الجامعة الإسلاميّة، غزة.

2-أبو فوده، محمد عطية (2010). دور الإعلام التربوي في تدعيم الانتماء الوطني لدى الطلبة الجامعيين في محافظات غزة، كلية التّربيّة، رسالة ماجستير، كلية التّربيّة، جامعة الأزهر.

3-أبو مرسة، أسماء (2012). دور الأسرة الفلسطينيّة في التنشئة القيمية لأبنائها. رسالة ماجستير، الجامعة الإسلاميّة، غزة.

4- ا لأسطل، سماهر عمر مصطفى (2008). القيم التربوية المتضمنة في آيات النداء القرآني للمؤمنين وسبل وتوظيفها في التعليم المدرسي، رسالة ماجستير، كلية التّربيّة، الجامعة الإسلاميّة، غزة.

5-آل عبود، عبد الله بن سعيد بن محمد (2012). واقع قيم المواطنة لدى الشباب وإسهامها في تعزيز الأمن 6-الوقائي، رسالة ماجستير، الرياض، جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية.

7-البشير، محمد بشير (2021). القيم الحضارية: مفهومها وأهميتها ووسائل تطبيقها في السنة النبوية، يوليو،http:–www.ebnmaryam.com-vb، تاريخ الدخول: (8-7-2021).

8-البقمي، مثيب (2019). إسهام الأسرة في تنمية القيم لدى الأبناء- تصور مقترح، رسالة ماجستير، جامعة أم القرى، مكة، كلية التّربيّة، السعودية.

9-تقرير المعرفة العربي للعام 2019، الشباب وتوطين المعرفة، برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، مؤسسة محمد بن رائد آل متكوم، دار الغرير للطباعة والنشر، دبي، الإمارات العربية المتحدة.

10-توفيق، عبد الرحمن (2016). موسوعة التّدريب والتّنميّة البشريّة، الجزء الرابع، تقييم التّدريب، مركز الخبرات المهنية للإدارة- بميك، الطبعة الثانية.

11-جامع، أكرم، 2014 ، الدور التنموي لمساعدات الاتحاد الأوروبي على الاقتصاد الفلسطينيّ، رسالة ماجستير، جامعة الأزهر، غزة.

12-الجلاد ماجد (2007). تعلم القيم وتعليمها. تصور نظري وتطبيقي لطرائق واستراتيجيات تدريس القيم،  ط 2. الأردن: دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة.

13-الجمال، رباب (2013). أثر شبكات التواصل الاجتماعي على تشكيل النسق القيمي الأخلاقي للشباب السعودي: دراسة ميدانية. المملكة العربية السعودية: جامعة الملك عبد العزيز.

14-الحارثي، عبد الرحمن (2013). تصور مقترح لدور الأسرة في إكساب بعض القيم لدى أبنائها من منظور إسلامي، رسالة ماجستير، جامعة أم القرى، مكة، كلية التّربيّة.

15-الحازمي، خلود (2012). النسق القيمي للأسرة السعودية في ضوء ثقافة العولمة وانعكاسه على الممارسات الإدارية لطلاب المرحلة الجامعية، رسالة ماجستير، جامعة أم القرى، مكة، كلية التّربيّة.

16-الحازمي، مرام حامد (2012). النسق القيمي للأسرة السعودية في ضوء ثقافة العولمة وانعكاسه على الممارسات الإدارية لطلاب المرحلة الجامعية، رسالة ماجستير ، كلية التّربيّة، جامعة الملك سعود، الرياض.

17-حسن، راوية (2017). مدخل استراتيجي لتخطيط وتنمية الموارد البشريّة، الدار الجامعية.

18-حسن، محمد (2009). حقوق الإنسان في ظل متغيرات العصر، مجلة التّربيّة بقطر، (161).

19-الحسني، محمد إحسان (2006). علم اجتماع العائلة، دارو وائل للنشر، الأردن.

20-الحسين، ايمان بشير (2011). السمات والمهارات التي تتميز بها المرأة القيادية الأردنية المعوقات التي تواجهها، مجلة جامعة دمشق، المجلد 27، ع3-4، ص 413-422.

21-الحنجوري، حنان أحمد (2015). تحليل العلاقة بين التّنميّة البشريّة والنمو الاقتصاديّ في فلسطين، رسالة ماجستير، قسم الاقتصاديّ والعلوم الإدارية، جامعة الأزهر، غزة.

22-الحياري، حسين أحمد (2008). ماهية القيم وأنواعها اسلاميا، مؤتمر القيم والتّربيّة في عالم متغير، قسم الارشاد وعلم النفس، كلية التّربيّة، جامعة اليرموك، اربد، الأردن.

23-الدّغرير، وفاء محمد (2018). التمكين الإداري وعلاقته بالتّحديات التي تواجه القياديات النسائية في الجامعات السعودية الناشئة، المجلة الدولية التربوية المتخصصة، مج (7)، ع(8)، ص 18-30

24-الزاكي، علاء الدين(2021). العدل والمساواة، www.islamsyria.com-uploadfile_library، تاريخ الدخول: (10-7-2021).

25-الزهراني، علي إبراهيم (2016ـ). مجالات العمل التطوعي في الميدان التربوي، مؤسسة الشيخ عبدالعزيز بن باز الخيرية، سلسلة مركز الدّراسات والبحوث، السعودية.

26-زينو، رنده محمد (2017). العمل التطوعي في السنة النبوية دراسة موضوعية، رسالة ماجستير غير منشورة ، كلية أصول الدين ، الجامعة الإسلاميّة.

27-السعيد، هاني محمد (2015). رأس المال الفكري، انطلاقة إدارية معاصرة، دار السحاب للنشر والتوزيع، القاهرة، مصر.

28-سليمة، بوزيد (2019).المشاركة في اتخاذ القرارات آلية أساسية في  تحقيق  التّنميّة الإدارية، مجلة العلوم الإنسانيّة، العدد (20), 319- 333.

29-شرعي، وداد عبد الله (2019). الجامعات والحراك الاجتماعي للمرأة السعودية جامعة الأمير سطام نموذجاً، مجلة العلوم التربوية والنفسية، العدد السادس، المجلد الثالث، ص139-164

30-الشمري، فوزية والنصير، دلال وكعكي، سهام والبلهيد، نورة والشعلان، مضاوي (2019). آليات الارتقاء بدراسات المرأة في جامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن في ضوء التوجهات العالميّة، مجلة العلوم التربوية، العدد الثاني، ج1، ص277-333

31-الشّهراني، معلوي بن عبد الله (2006). العمل التطوعي وعلاقته بأمن المجتمع، دراسة ماجستير غير منشورة، قسم العلوم الاجتماعيّة، جامعة نايف الامنية.

32-الصفار، حسن (2017). المشاركة في خدمة المجتمع، ط2، مؤسسة العارف للمطبوعات، بيروت.

33-الصيرفي، محمد (2009). التّدريب الإداري: المديرون والمتدربون وأساليب التّدريب، دار المناهج للنشر والتوزيع.

34-الطعاني، حسن (2012). التّدريب: مفهومه، فعاليته، بناء البرامج التّدريبيّة وتقويمها، دار الشروق.

35-طيفور، هيفاء (2018) التمكين الإداري للقيادات الأكاديمية النسائية في جامعة حائل ومعوقاته من وجهة نظرهن أنفسهن، مجلة الرسالة للدراسات والبحوث الإنسانيّة، مج2، العدد 8، ص103-122

36-العاجز، فؤاد (2013). دور الأنشطة في تنمية الوعي الوطني القائم على الانتماء لدى طالبات الجامعات الفلسطينيّة بمحافظة غزة، المؤتمر الدولي الأول “طلبة الجامعة الواقع والآمال”، الجامعة الإسلاميّة، غزة، 12-13-فبراير.

37-عبد العاطي، حسن (2007). برنامج مقترح لتنمية ثقافة العمل التطوعي لدى الطلاب، مجلة المعرفة، العدد 144.

38-العبيدي، عبد الجبار (2012). خرافة التّنميّة والتّنميّة البشريّة المستدامة “دراسات في إشكالية الفكر الاقتصاديّ، دار الحامد للنشر والتوزيع، عمان، الأردن.

39-عزازي، فاتن محمد (2014). تدعيم العمل التطوعي داخل الجامعات السعودية: مدخل استراتيجي، المجلة الدولية التربوية المتخصصة، المجلد (3)، العدد (4)، نيسان، ص 166- 182.

40-العزاوي، نجم (2015). جودة التّدريب الإداري ومتطلبات المواصفات الدولية الأيزو 10015، الطبعة الأولى، عمان: دار اليازوري العلمية للنشر والتوزيع.

41-عشوي، مصطفى وبوسنه، محمود خليفة وبتول، عبد الله (2013). الندوة الإقليمية حول المرأة في مراكز القيادة واتخاذ القرار بالبلدان العربية، الكويت، 10-11 مارس 2013.

42-العطل، تحسين محمد (2015). تصور مقترح لتعزيز دور الأسرة الفلسطينيّة في ترسيخ القيم الأسرية المستنبطة من القرآن والسنة لدى أبنائها من وجهة نظر طلبة جامعة الأقصى، قسم اصول التّربيّة، الجامعة الإسلاميّة، غزة.

43-علي، عزیز عبد العزیز (2011). الدور التربوي للأسرة في ضوء المعايير الإسلاميّة ومدى تمثله في الأسرة الفلسطينيّة من وجهة نظر أبنائها. رسالة ماجستير، الجامعة الإسلاميّة، غزة

44-الغامدي، فوز (2015). معوقات وصول المرأة السعودية إلى المناصب القيادية في القطاع العام دراسة ميدانية على عينة من موظفات جامعة الملك عبد العزيز بجدة، رسالة ماجستير، كلية الآداب والعلوم الإنسانيّة، جامعة الملك عبد العزيز.

45-غنيم، عثمان، وأبو زنط، ماجدة (2017). التّنميّة المستديمة فلسفتها وأساليب تخطيطها، دار الصفا للتوزيع والنشر، عمان.

46-فرج الله، شيماء عبد الحليم (2014). دور الأسرة الفلسطينيّة في تعزيز السّلوك القيمي لأبنائها في ضوء الفكر التربوي الإسلامي وسبل تطويره، رسالة ماجستير، أصول التّربيّة، الجامعة الإسلاميّة، غزة.

47-القيسي، مروان (2015). المنظومة القيمية الإسلاميّة كما تحددت في القرآن الكريم والسنة الشريفة، مجلة دراسات العلوم الإنسانيّة، مج (22)، العدد (6)، كلية الشريعة، جامعة اليرموك، 217-240.

48-مشعل، طلال(2021). الفرق بين العدل المساواة، 15 تموز 2015، http:–mawdoo3.com- ، تاريخ الدخول: (8-7-2021).

49-المصدر، أيمن عبد الرحمن (2019). واقع عملية تقييم البرامج التّدريبيّة في الهيئات المحلية بالمحافظات الجنوبية، رسالة ماجستير، قسم إدارة الأعمال، الجامعة الإسلاميّة، غزة.

50-الوزان، السيد (2016). متابعة وتقييم عناصر البرامج التّدريبيّة، أكاديمية السادات للعلوم الإدارية، مركز البحوث والمعلومات، مجلة البحوث الإدارية، السنة (21)، مصر.

 

-51Al-Athari, A., and Zairi, M. (2012): Training evaluation: an empirical study in

Kuwait. Journal of European Industrial Training, Vol.26,No5, PP 241-251.

 

-52Dolasinski, M. (2014). Training The Trainer Performance-Based Training For

Today’s Workplace. , Pearson education, Upper Saddle River, Prentice Hall

International, New jersey.

 

-53Kroeehnert, G. (2013). Basic training for trainers. 3ed Edition, The McGraw-Hill Companies Inc, Australia.

 

[1] – أستاذ الدّراسات الإسلامية المعاصرة المساعد جامعة الاستقلال-أريحا-فلسطينdema_latifa@outlook.com

 

 

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

free porn https://evvivaporno.com/ website