foxy chick pleasures twat and gets licked and plowed in pov.sex kamerki
sampling a tough cock. fsiblog
free porn

تحديات بناء الدّولة بعد التّحولات العربيّة الرّاهنة

0

تحديات بناء الدّولة بعد التّحولات العربيّة الرّاهنة

أ.م.د.نغم نذير شكر([1])

المخلص

إنّ حالات التّغيّر السّياسيّ من طبيعة حكم سلطوي الى أخرى ترفع شعار الحرّيّة الدّيمقراطيّة ، لا بُدَّ وأن يمرَّ بمرحلة مخاضات عسيرة، وذلك يُعزى إلى حالة التكلّس التي تكونت نتيجة الاستمرار لحقبات طويلة في كنف الاستبداد والتّسلط .لذلك فإنّ أبرز ما تحتاجه الشّعوب العربيّة هو تأسيس حالة من التّسامح وإيجاد الثّقة بين الأطراف والفئات الاجتماعيّة تتجاوز القصاص السّياسيّ الذي يقوم على ثنائيّة الجريمة والعقاب، وتفتح المجال السّياسيّ ليكون فضاءًا مفتوحًا يتسع للجميع من دون إقصاء لطرف أو استبعاد طرف آخر، وهو ما يتحقق من خلال ثقافة  سياسيّة ودستوريّة جديدة ترتسم وفقها حلبة الصّراع السّياسيّ ليتقيد اللاعبون السّياسيّون باشتراطاتها ويرتضوا بنتائجها.

Abstract

There is a local relationship between the collapse of the state and the outbreak of the revolution، as some literature indicates that the revolution is one of the variables that lead to the collapse of the state، or that it is a symptom of the start of the collapse of the state. While the Arab revolutions state that the revolution is a result of the collapse of the state، as these revolutions resulted from the failure of the regimes in Egypt، Tunisia and Libya to contain forms of political conflicts between different groups with the marginalization of the role of the rest of the institutions، and the associated use of these regimes with excessive violence in the face of demands The legitimate social demands، which quickly turned into political demands، were followed by the outbreak of the Arab revolutions، and a rupture with the police state in each of these countries.

الكلمات المفتاحيّة: بناء –الدّولة –المتغيرات الراهنة

المقدّمة

تواجه الدّولة في مرحلة ما بعد الثّورات  محنة  تتعلق ببقائها على الشّكل ذاته الذي ورثته في مرحلة ما بعد الاستعمار، لاسيما أنّ المطالبات الثّوريّة لم تطرح مجرد تغيير الأنظمة الاستبداديّة ، وإنّما امتدت الى إعادة صياغة شكل الدّولة، بما يحقق التّغييرات البنيويّة التي تطرحها تلك الثّورات، ويمكن القول إنّه عادة في حقبات الاضطراب وعدم الاستقرار السّياسيّ في المراحل الانتقاليّة تحديدًا ، تلجأ الدّول الى اعتماد المركزيّة ، بوصف أنّها تضمن الاستقرار،  و توفير الخدمات في جميع المناطق والمحافظات . كما أنّ اتباع اللامركزيّة لا يعني الاستغناء عن أنماط المركزيّة في الحكم . فهناك شؤون وطنيّة عامة كالخارجيّة والدّفاع والاقتصاد ، يجب أن تقوم بها السّلطة المركزيّة، ولا يمكن أن تدار بغير النّظام المركزي ، وإلّا تفككت أوصال الدّولة وتحولت الى عدة دويلات([2]).

بناء عليه إنّ التّحدي الذي تواجهه الدّول العربيّة بعد الثّورات، هو إيجاد صيغة للعلاقة بين المركز والأطراف ، ثم الاتجاه نحو اللامركزيّة بعد مدّة ، إنّ هذا هو الخيار الأمثل للدّول العربيّة ، فالمهم إيجاد صيغة واضحة للعلاقة بين المركز والأطراف متفق عليها دستوريًّا وقانونيًّا .

فرضية البحث :

تقوم  الفرضيّة على ما يلي : في ظل التّحولات التي تشهدها  المنطقة العربيّة، يظل هناك سؤال بحاجة الى إجابة : هل هناك مخرج من الدّولة العميقة ومن معادلة التّناسب العكسّي بين ضعف المجتمع وقوة الدّولة ؟ وهل يمكن القول إنّ التّطور المستقبليّ للدّولة القوميّة والذي سيعيد بالضرورة تشكيل دورها في المجتمع  في ضوء التّطورات التكنولوجيّة والتّحديات البيئيّة ، سيحمل شكلًا جديدًا أو أشكالًا جديدة للعلاقة بين المجتمع والدّولة ؟

بناء لما تقدّم قسمت البحث الى ثلاثةّ محاور أساسيّة :

  • المحور الأول : تحولات شكل الدّولة في مراحل ما بعد الثّورات العربيّة .
  • المحور الثّانيّ : فرضيات إعادة بناء الدّولة وتجارب الاحتلال .
  • المحور الثالث : إعادة تشكيل العلاقة بين الدّولة والمجتمع، وإعادة تقييم قدرات الدّولة بعد الثّورات العربيّة .
  • المحور الرّابع : التّغيّر العربيّ والتّحول في ميزان القوى ومصالح الفاعلين.

المحور الأول:  تحولات شكل الدّولة في مراحل ما بعد الثّورات العربيّة

هناك علاقة محلّية بين انهيار الدّولة، واندلاع الثّورة ،إذ تشير بعض الأدبيات الى أن الثّورة هي أحد المتغيرات التي تؤدي الى انهيار الدّولة ، أو أنّها عارض على بدء انهيار الدّولة . بينما تفيد الثّورات العربيّة بأن الثّورة هي نتيجة لانهيار الدّولة ، وقد نتجت عن فشل الأنظمة في كلٍّ من مصر وتونس وليبيا في احتواء أشكال الصّراعات السّياسيّة بين المجموعات المختلفة مع تهميش دور بقيّة المؤسسات ، وما ارتبط بذلك من استخدام هذه الأنظمة للعنف المفرط في مواجهة المطالب الاجتماعيّة المشروعة ، والتي سرعان ما تحولت الى مطالب سياسيّة وتبعها تفجر الثّورات العربيّة ، وإحداث قطيعة مع الدّولة البوليسيّة في كلٍّ من هذه الدّول . ويمكن تحديد مظهرين لانهيار الدّولة صاحبة الثّورات العربيّة ، ويعبران عن عنف حادٍّ ، وبمجرد بدء ظهورهما في الدّولة ، يمكن أن يُعجلا بسقوط الدّولة وانهيارها وهما :

الحروب الأهليّة: سواءأكانت ذات طابع وطنيّ أو دينيّ أو إثنيّ ، ويكون هدفها إحداث تغيير كبير ، سواء من أجل الحصول على الحكم الذّاتيّ أو الاستقلال ومثال على ذلك الصّراع الإثنيّ في السّودان ، والصّراعات القبليّة في ليبيا ، بعد سقوط نظام القذافيّ .

الحروب الثّوريّة: التي تنشأ عادة بين الحكومة والجماعات السّياسيّة المنظمة ، والتي تهدف الى الإطاحة بالأنظمة، وانهاء احتكار السّلطة من فئة معينه وقد شهدت ليبيا ، أثناء عمليّة تدخل حلف الناتو ، للإطاحة بنظام محمد القذافيّ ، هذا النّمط من العنف والذي أدى إلى سقوط نحو ( 160) ألف ضحيّة ، وقعوا خلال قصف المنشأت المدنيّة من منازل ومدارس ومستشفيات، ومساجد ونتيجة لاستعمال لأسلحة محرّمة دوليًّا كما يصاحب هذه الحروب عمليات الإبادة والاغتيال السّياسيّ والتي قد تستهدف جماعات سياسيّة محددة متمايزة لغويًّا أو دينيًّا أو إثنيًّا . ومثال على ذلك الإبادة التي تجري اليوم في سوريا ([3])

إنّ حالة الحراك التي تشهدها الدّول والمجتمعات العربيّة ، منذ اندلاع ثورة تونس في نهايات العام 2010 ، وبداية الثّورات المصريّة والليبيّة ، والسّوريّة والبّحرينيّة ، وما تشهده الأردن والجزائر والمغرب والمملكة العربيّة السّعودية وغيرها من الدّول العربيّة، إنّما تؤرخ لمرحلة جديدة في العلاقات بين المجتمع والدّولة، تُعاد العِبرة منها للمجتمع كمتغير مستقل ، ومهم في علاقته بالدّولة وعلى الرّغم من حالة الجدل التي تثيرها التّجارب العربيّة حول ما إذا كان ما يحدث في هذه الدّول ثورات اجتماعيّة حقيقيّة، أم مجرد مطالب طائفيّة أو إصلاحيّة ، فإنّها في جوهرها تحمل محاولة من هذه المجتمعات لإعادة النّظر في طبيعة العقد الاجتماعيّ الذي ينظم العلاقة بين الفرد والدّولة وبين المجتمع والدّولة([4]).

طرحت فلورانس جوب مسؤولة برنامج الشّرق الأوسط بمعهد الاتحاد الأوروبيّ للدّراسات الأمنيّة -على هذا الأساس – تساؤلًا حول مستقبل التّغيير قائلة : الى أين يتجه العالم العربيّ ؟ ورأت أنّ وجهة النّظر الأوروبيّة ترى أن التّغيير في العالم العربيّ هو نتاج للازمات وعلى العرب أن يبدعوا نموذجًا آخر للدّيمقراطيّة ، فنظام الدّيمقراطيّة العربيّة  مخالف للديمقراطيّة الغربيّة . ورأت أنّ برامج الأحزاب لا تعدوُ أن تكون قائمة تمنيات ، وليس هناك برامج حقيقيّة ، وكيفيّة تحقيقها حتى يكون الهدف واضحاً . ([5])

لقد ظهر مصطلح  الربيع الصامت  الذي يجسد التّغيير السّياسيّ الحميد أو المنضبط أو المدار الذي يُعدُّ الطريق الأكثر أمنًا والأقل تكلفة بالنسبة اليها، ليس فقط تجنبًا للثّورات فيها ، ولكن أيضًا تجنبًا لاتساع حركات الاحتجاج والتّظاهر التي إن حدثت ، فمن المتعذر السّيطرة عليها أو التّحكم فيها أو معرفة مألآتها وحدودها ، وما يمكن أن يؤدي اليها أو تفرض من نهايات مفتوحة هذه الحتميّة يعززها الى جانب العوامل التي سبق ذكرها – عاملان أساسيان:

العامل الأول : هو عدوى الثّقافة وميل الشّعوب الى التقليد، والثّقافة تنتقل بسرعة عندما تتعلق بالقيم والسّلوكيات أكثر من تعلقها بالاتجاهات والمعتقدات وحلّ هذه الخصائص التي  توافرت عليها ثورات الرّبيع العربيّ ، فقد أفرزت مجموعة من القيم والسّلوكيات التي تعد من قبيل الاستثناء ، ومثلث قواسم مشتركة لآمال شعوب المنطقة وطموحاتها .

العامل الثّانيّ : هو مركزية مصر في منظومة العروبة وعدّها نموذجًا يحتذى أو يقتدى به ، فيرى البعض أن الجميع في أرجاء الوطن العربيّ يجدون في نجاح الثّورة المصرية تجسيدًا لأحلامهم وطموحاتهم في مستقبل أفضل ،ويذهب هؤلاء الى أنّ هناك مؤشرات عديدة على اهتمام واسع وقلق بالغ على الصعيدين الرّسميّ والشّعبي في الوطن العربيّ ، بما يجري في مصر من تطورات بعد الثّورة ، وأنّ المنطق في ذلك واضح ، وهو الشّعور بأن مستقبل هذه البلدان يصنع في مصر[6]) ) . لقد كانت نتيجة هذه المراجعة تحديد أولويات جديدة للعمل في المنطقة، تتجسد في قيادة عمليّة تاريخيّة للتّغير الشّامل في المنطقة عبر مداخل فكريّة واجتماعيّة واقتصاديّة ، وبمخارج سياسيّة وأمنيّة ستترشح عنها وفقًا لجدليّة العلاقة التّبادليّة بين الطرفين،  وترتكز هذه العمليّة على مقومات أساسيّة يمكن إجمالها في الآتي :

– الحدّ من انتشار أسلحة الدّمار الشّامل وحظر وصولها الى يدّ دول أو منظمات أو مجموعة مارقة ترعى الإرهاب لتعزيز فرص الأمن والسّلام في العالم .

– مكافحة الإرهاب على مساحة العالم والتّصدي لدوافعه التي تتشكل لدى الغرب والولايات المتحدة الأمريكيّة على وجه الخصوص في الأصوليّة الدّينيّة الإسلاميّة التي أسهمت هي في تقويتها، ودعمها في وقت الحاجة اليها أيام ما كان يعرف بالجهاد ضد الوجود السّوفيتيّ في أفغانستان ، وقد مثلت أحداث 11، سبتمبر 2001 التي دهمت الولايات المتحدة الأمريكيّة في عقر دارها على يد عناصر شرق أوسطيّة تنتمي في غالبيتها الى دول حليفة تقليديًا لها نقطة الشّروع في حملة مكافحة الإرهاب التي جعلت نهاياتها منفتحة مكانيًّا وزمانيًّا ، بل أنّ هناك ومن داخل دائرة صنع القرار الأمريكيّ من يعدّ ُأحداث الحادي عشر من أيلول الهديّة التي جاءت بها السّماء على الولايات المتحدة الأمريكيّة لتتولى بنفسها قيادة الحملة الواسعة للتّغيير في منطقة الشّرق الأوسط باسم التّصدي للإرهاب الذي يتهدد العالم، والقادم من ثورة التطرف والعنف في بلدان الفجوة كما يطيب لتوماس بارنيت كبير منظري البنتاغون الأمريكي تسميتها .

– تغيير النّظم السّياسيّة القائمة طوقًا أو قسرًا تمهيدًا لولادة نظم جديـــــــــــــدة أكثر حداثــــــــــــــــة وديمقراطيّة  على المستوى السّياسيّ  وأكثر ليبراليّة  على المستوى الاقتصاديّ، وأشد انتماء على المستوى الفكري  لحضارة العصر ، وبالتّأكيد أكثر تمثيلًا لمصالح القوة العظمى في مرحلتها الحاليّة .

-العمل على استثمار فرص الهيمنة على القرار السّياسيّ الدّولي وعلى مفاتيح الأمن في العالم والمنطقة خصوصًا لتّسوية الصّراع العربيّ – الإسرائيليّ سلميًّا ومن الطبيعيّ أن يجري ذلك وفقًا لرؤية ومصلحة من يملك أوراق الحل بيده .([7])

فالسؤال الذي يطرح نفسه : كيف تبنى الدّيمقراطيّة في ظل سيادة الظلم الاجتماعيّ وفي مناخ عربي يتعاون منه المستبدون مع الاستعماريين على إرادة الشّعوب وتصفية ثوراتها قبل أن يكتمل لها النّصر ؟ وكيف يمكن أن نحصن التّجربة السّياسيّة في بعض الأقطار العربيّة بعد الثّورة من  قسوه المتغيرات السّياسيّة الدّولية الرّاهنة ؟؟

إنّ رهان التّغيير يتطلب تصحيح المسار الدّيمقراطيّ، وتجنب أشكال المماطلة جميعها، وعمليات التّضليل للجماهير العربيّة الثائرة  ومن بين هذه العمليات التّضليليّة التي يحاول البعض اعتمادها هي التقيد بمنطق  النّقل  أو  الاقتباس في الأفكار والمفاهيم الغربيّة من أجل بناء نظام ديمقراطيّ عربيّ حقيقيّ  في حين أثبت التّاريخ فشلها في مواطنها الأصليّة . فإذا لم تحسم هذه المسائل المستعصيّة وغيرها من التّحديات الأخرى ، فإنّه لا يمكن لأيّ تجربة إصلاح أو تغيير حقيقي أن تبنى فعليًّا فأغلب الأطراف والقيادات السّياسيّة والفكريّة تدرك أن سيادة الدّولة الحقيقيّة، تستمد مشروعيتها من الممارسة الدّيمقراطيّة وأعداء الأمّة – من الدّاخل والخارج – لا يريدون النّجاح لهذه التّجربة وفق الشّرعيّة الثّوريّة الجديدة ، بقدر ما يريدون استنساخ المقاربة،  الليبراليّة الجديدة  القائمة على آليات السوق والتّحول من  سلطة الدّولة  الـــــــــــــــــــــى  دولة السّلطة، وتفكيك

جميع مؤسساتها السّيادية التابعة لها ففي ظل سيطرة المنظومة الاقتصاديّة الليبراليّة على المشهد السّياسيّ العالمي ، بدأ يتشكل نسق جديد للولاءات السّياسيّة وهو ما يسمية البعض بالعبوديّة الإراديّ  الجديدة في المجتمع المعاصر .([8])

وحقيقة الأمر تلوح في الأفق ثلاثة سيناريوهات محتملة أمام الدّولة الوطنيّة العربيّة ، السّيناريو الأول هو سيناريو العودة الى مرحلة الدّولة القوميّة المستقلة الذي اعتنقته معظم الدّول العربيّة عقب استقلالها، حيث العودة الى نظام التّنظيم الحزبيّ الواحد ومركزية السّلطة، وصنع القرار مع تهميش الأطراف . أمّا السّيناريو الثاني ، فهو سيناريو الدّولة الفيدراليّة التي يحتفظ المركز فيها لسلطة صوريّة شكليّة ، بينما تفوض سلطات صنع القرار للأطراف والاأقاليم المؤتلفة . أمّا السّيناريو الثالث ، فهو سيناريو الدّولة المركزيّة الهشة ، حيث تبقى الدّولة وحدوية بمركز واحـــــــد ، بينما تتحكم أقاليمها في آليات تنفيذ القرار، وهو سيناريو أقرب الى نموذج الدّيكتاتوريّة أيّ أن استنساخ السيناريو الأول على نطاق الأقاليم ،إذ يحتفظ المركز بسلطات صوريّة ، ولكنها تحافظ على وحدوية الدّولة وسياستها الدّفاعيّة والخارجيّة ، بينما تتحكم الأقاليم في معادلتها السّياسيّة المحليّة في النّواحي الماليّة والإدارية بل والقانونية .([9])

إن ما يحدث في منطقة الشّرق الأوسط جزء من عمليّة عالميّة من التّدمير الخلاق على مستوى النّظام الجيو سياسيّ بحسب تعبير المحلل المتخصص في الشؤون الدّولية، إيان بريمز والمعروف أنّ مفهوم التّدمير الخلاق يتصل أساسًا بتطور النّظام الرّأسماليّ ، إذ يختفي شركات أو ممارسات أو طرق إنتاج ، حين لا تستطيع أن تصمد أمام ممارسات وفاعلين جدد ينافسونها في السوق  وفي مقال بعنوان ” عالمان يتصدعان”  يرصد المحلل الأمريكيّ توم فريدمان تداعيات هذا الوضع العالميّ الجديد على نظامين إقليمين متجاوريين ، هما أوروبا والشّرق الأوسط ، فالوحدة النّقدية الأوروبيّة  ومن خلالها نظام الاتحاد الأوروبيّ كله، تتفسخ  تحت ضغوط فشل قادتها في خلق نظام ” فوق حكومي ” ناجح . أمّا في الشرق الأوسط ، فإنّ مشروع الدّولة القوميّة التي خرجت للوجود ، عقب الحرب العالميّة الأولى ، ينهار نتيجة لفشل النّخب الحاكمة في بناء دولة قومية ناجحة ، ولذلك فالعديد من هذه الدّول في خطــــر التّفكك وفق تقسيمات قبليّة أو عقائديّة .([10])

هذا بدوره يفسر تراجع النّفوذ الأمريكيّ في المنطقة بعد الرّبيع العربيّ ، كما يعبر عنه ” ميشيل هودسون”  مدير معهد الشّرق الأوسط بثلاثة أسباب ، أولهما : أنّ الولايات المتحدة كانت في حالة تراجع متعمد، وتردد في متابعة سياسات معينة ما أدى الى انخفاض نفوذها، وزيادة نفوذ فواعل إقليميّة أخرى . ثانيهما : بسبب معاناة البلدان جميعها في المنطقة أزمة أو أكثر وصعوبة التّصدي لمنطقة تتصف بالتّغييرات السّريعة ، اتبعت الولايات المتحدة استراتيجيّة ردّ الفعل تجاهها .

ثالثهما : تتصف أزمة الشرق الأوسط أنّها وجوديّة خاصة بالنسبة إلى دول الخليج التي مثلت مزجة قويّة للثّورة المضادة ، وأنشأ ذلك تباينات في علاقتها بحليفتها التقليديّة ، الولايات المتحدة الأمريكيّة.([11])

ما يعني أنّ قدرة الدّولة الوطنيّة على الصمود والاستقرار مستقبلاً ، مرهونه بإراداتها السّياسيّة على تنفيذ إصلاحات سياسيّة من خلال تحرير النّظام السّياسيّ من سطوة الحزب الواحد ، واتباع سياسات أكثر شفافيّة واستعابيّة للتّعدديّة الموجودة في المجتمع . في هذا الإطار ، نجد أنّه حين لجأت بعض الدّول العربيّة الى إصلاحات محدودة –لكنها غير كافيّة – مثل تلك التي اتبعها المغرب والأردن ودول الخليج ، فإنّ دولاً أخرى لا تزال غير قادرة على اتباع سياسات إصلاحيّة حقيقيّة في المجالات السّياسيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة ، وفي مقدمة هذه الدّول مصر ، وتونس وليبيا واليمن ، إضافة إلى سوريا والجزائر والسودان ولبنان . ولعل تلك الملاحظة الأخيرة تشير الى عمق الأزمة التي تتعرض لها دول الثّورات العربيّة فمعظمها لا يزال غير قادر لاعلى استكمال الثّورة ، بما يعني هدم النّظم السّياسيّة الفاسدة ، ولا على الإصلاح ، وهو الأمر الذي من شأنه أن يعرضها لازمات عميقة في المرحلة القادمة ([12]). في المقابل ، من ضرورات القول ، إنه إزاء الثّورات العربيّة طريق طويل لتكريس المفاهيم التي انطلقت من أجلها ، وعلى هذا الطريق ينتظر الثّورات العربيّة الآتي:

-احتمال الثّورات المضادة، وهذا أمر كابدته الثّورات التّاريخيّة كافة ، وبعضها استطاع إجهاض  ثورات التّغيير .

-الانشقاقات والخلافات بين القوى التي قادت الثّورة ، فكلّ منها بعد تجاوز الهدف الجامع باسقاط النّظام القديم ، سيعمل على تحقيق مكتسباته الذّاتيّة ، ومثل هذه المسألة تبقى في سياقها السليم ، ما لم يندرج هذا الطرف أو ذاك في مغامرات الإقصاء والإلغاء .

-مخاطر التّعويل على الغرب في عمليّة تركيب التّحالفات الدّاخليّة أو في إعادة بناء النّظم السّياسيّة وعلاقاتها الخارجيّة .

  • هواجـــــــــــــــس الطرق على أبواب الولاءات الفرعيّة من مثل القبليّة والعشائريّة والجهويّة والمذهبيّة والطائفيّة فهذه الولاءات إذا أُعيد إحياؤها ولجأ اليها بعض الأطراف للاستقواء بأوراقها ، فستطفئ بقعة الضوء التي سطعت في الفضاء العربيّ وأنارت الطريــــــــــــــــــــق نحو بناء الدّولة الوطنية الجامعة ([13]).

لذلك ، تتوقف قدرة الدّولة الوطنية العربيّة على مواجهة التّحديات على قدرتها على التّعاطي بشكل سلميّ مع الإسلاميين في اللعبة السّياسيّة ، ذلك أنّ خروج الإسلاميين من اللعبة سيؤدي الى عنف سياسيّ ، وإرهاب وعدم استقرار ستدفع الدّولة الوطنية ثمنه حتمًا ، ولعل المعادلة التي سادت الدّولة الوطنيّة في العالم العربيّ منذ ظهورها  والتي اعتمدت بالأساس على مواجهة الإسلاميين واستبعادهم تمامًا من اللعبة السّياسيّة الى حدّ المواجهة الدّمويّة معهم ، لم تعد صالحة بعد موجة الثّورات العربيّة ، لأنّ من شأنها ليس فقط فتح باب الإرهاب ، والعنف ، وعدم الاستقرار السّياسيّ ، ولكن أيضًا سيكون ذلك مدعاة لفتح الأبواب والمساحات أمام الضّغوط والأضدات الدّولية للنّفاذ الى السّاحة الدّاخليّة وتفكيك دولة الاستقلال الوطنيّ ([14])

في هذا السياق ، يمكن أن نلمح ، في إطار الاقتراب التّطوريّ ، نظريتين أساسيتين ، أولاهما : هي نظرية التّطور الخطيّ (Linear Evolution Theory ) ويرى مناصروها أنّ العمليات التّطوريّة التّاريخيّة تنحو لأن تكون غير قابلة للتكرار ، وتستند تلك النّظرية الى أنّ خبرة التّعليم البشري تحول دون إنتاج الخبرات ذاتها مرة أخرى ، إذ إن تراكم آثار السّلوكيات الماضيّة سيؤدي الى تغيّر جوهريّ في هياكل القوة والعلاقات المحددة للتّفاعلات والسّلوكيات المستقبليّة والكامنة وراءها. أمّا ثانيهما: فهي نظرية التّطور الدّوري (Cyclic Evolution theory )  أو نظرية الدّورة التّاريخيّة ، فتفرض أنه على الرّغم من أنّ الزّمن يتحرك بالضرورة قدمًا ولا يمكن أن يعود الى الوراء ، فإنّ العمليات التّاريخيّة يمكن أن يكون لها منطقها المعاكس . ووفقًا لتلك الرؤية ، فإنّ المستقبل يمكن أن يماثل الماضي من  دون أن يكرره بشكل كامل بالضرورة، وعادة ما يحصل ذلك وفقاً لدورات تاريخيّة منتظمة ومتكررة . ومثال ذلك دور قوى الإسلام السّياسيّ التي تحاول استدعاء نماذج تاريخية فكرية أو سياسية لبناء الشّرعيّة أو محاولة ضبط صيرورة الثّورات العربيّة ، إذ تضمن حضورًا غالبًا لتلك القوى لإعادة إنتاج تلك النماذج .([15])

والسّؤال الذي يطرح نفسه هنا هو : هل يعد ظهور الحركات الاجتماعيّة العالميّة نتيجة منطقيّة لعدم قدرة الدّولة الوطنيّة على معالجة المشكلات الاجتماعيّة في الإطار الوطنيّ ؟

حقيقة الأمر ، يكمن قصور التّصورات التي تقابل الدّولة بالمجتمع في إطار علاقة تضاد، وتنازع في أنّ كلا الفضاءين يتضمن عوامل تكامل في الوظائف أكثر ما يتضمن من عوامل التّعارض ، إذ يقومان على علاقة اتكاء متبادل يحتاج فيها كل طرف الى الآخر لأداء وظائفه، إذ لا يمكن الحديث عن دولة قويّة بمجتمع ضعيف، والعكس صحيح ومن هنا تعدُّ الشّبكات الاجتماعيّة العالميّة ، وحتى الدّاخليّة  دعامات إضافيّة للدّولة في أدائها وظائفها ، ولا سيما مع ظهور تحديات عالميّة جديدة لم تعهدها الدّولة الوطنية من قبل ، وتفرض مشاركة جميع الفاعلين غير الحكوميين وتعاونهم مع مؤسسات الدّولة الوطنية لمواجهتها ([16]).

وإذا كان أحد مثالب النّظم التّسلطيّة المهمّة ، هو إقصاء بعض القوى والفاعلين الرئيسين عن المشاركة، فإنّه من المهم في عملية الانتقال أن تُصمَم نظم الانتخابات، والتمثيل بما يضمن مشاركة الجميع ويعطي لهم فرصة الإسهام في صياغة القواعد الجديدة لتنظيم الحياة السّياسيّة، وبما يحقق التّزامهم باتباع هذه القواعد ، وقبول نتائجها ، ويتطلب تحقيـــــــــــــق هدف الاندماج توافر مطلبين رئيسين :

1- مهارات التّفاوض والقدرة على التّوافق لدى القيادات السّياسيّة : ففي النّظام الدّيمقراطيّ ، فإنّ الخصم السّياسيّ ليس عدوًا، ولكنّه منافس شرعي من حقّه طرح وجهة نظرة . ويتطلب ذلك من القادة إدراك أهمّيّة الوصول الى حلول وسط واشراك الآخرين في السّلطة واتخاذ القرار .

  • 2- حدود استخدام السّلطة : تتصل هذه النّقطة بحدود السّلطة التي ينبغي أن تلتزم بها الحكومات في المرحلة الانتقاليّة فالدّيمقراطيّة هي نظام يحدد كيفيّة اختيار شاغليّ السّلطة، ويضع الحدود على استخدامهم للسّلطة التي اختارهم الشّعب لممارستها ، فهو نظام يقوم على دعامتين أساسيتين ، الأولى تعطي سلطة الحكم للاغلبيّة ، والأخرى تحمي حقوق الأقليّات وتصونها . لذلك ، فإنّ من المخاطر المهددة للانتقال الدّيمقراطيّ هو ممارسة السّلطة من دون حدود ، بما يهدد مصالح قوى اجتماعيّة أخرى ما يدفعها الى الخروج على قواعد الدّيمقراطيّة .([17])

من جانب آخر ، فقد اعتادت الدّولة الوطنيّة العربيّة الاعتماد على أجهزة الأمن والمخابرات ، بشقّيها المدنيّ والحربي في تقديم حلول للمشاكل السّياسيّة والاجتماعيّة . عزز من ذلك المنحى دومًا أن عددًا كبيرًا من الدّول العربيّة تمتلك مؤسسات عسكرية، تتمتع بقدر كبير من الاستقلاليّة والحصانة فضلًا عن التّمتع بشعبيّة وشرعيّة ، منذ الاستقلال عن الاستعمار منتصف القرن الماضي . كان هذا هو منحى النّظم السّياسيّة في مصر وتونس وسوريا، واليمن والجزائر والمغرب والسّودان ، وبشكل أقلّ في ليبيا والأردن ولبنان ودول الخليج ،وقد أثبتت هذه السياسات فشلًا ذريعًا في مواجهة الكمّ الكبير المتراكم من المشكلات الاجتماعيّة والاقتصاديّة فضلًا عن السّياسيّة . من هنا، قامت ثورات الرّبيع العربيّة لتكسر شوكة الأمن وسطوته ، ولو مؤقتًا. ولعل أكثر الدروس أهميّةفي ثورات الرّبيع هو ضرورة تقديم الحلول السّياسيّة على نظيرتها الأمنيّة وهو ما يعنـــــــــــــي اتباع سياسات تعتمـــــــــــــــــد على الاستيعاب والدّمج والتّعدديّة والحوار، وتفضيلها على القمع والعنف بحسبانهما وسائل الهيبة .       في هذا السّياق ، نجد أنّه ربما باستثناء تونس، لا تزال دول الرّبيع العربيّ تفضل وتقدم الحلول الأمنيّة وتستبعد بل وتشوّه نظيراتها السّياسيّة ، ينطبق ذلك بشدة على الوضع في مصر واليمن والسّودان فضلًا عن دول الخليج العربيّ .([18])

وعليه ، فإنّ الأزمات السّياسيّة والاقتصاديّة من جانب، وضعف القدرات المؤسسة والتّبعيّة السّياسيّة والاقتصاديّة والعسكرية للخارج وارتفاع حدّة الصّراعات الدّاخليّة من جانب آخر ، كلّها عوامل من شأنها فتح المجال للتّدخل الخارجيّ وبشكل أكثر تجريدًا وعموميّة ، يشمل السّياق الدّاخليّ – للتّدخل العوامل المحليّة ، ومواقف الحكومة وغيرها من الفاعلين على المستوى المحليّ التي يكون من شأنّها استدعاء التّدخل الخارجيّ ، وزيادة احتمالات حدوثه وتقليل أوجه ممانعته . وفي هذا السّياق ، توجد تصنيفات محددة لمصادر ومظاهر الانكشاف أمام التّدخلات الخارجيّة ، لكنها تنصرف في النّهاية الى تآكل أحد المقومات الأساسيّة الثلاثة للدّولة وهي : الشّرعية السّياسيّة على إقليم محدد، والقدرة على توفير الأمن داخله ، وحمايته في مواجهة أيّ تهديدات خارجيّة ، وقدرة الدّولة المستقلة على  توفير الرّفاه المادي للمواطنين ، وخلق حدّ أدنى من التّوافق بينهم حول عناصر هوية جمعيّة ، بما يعزز رغبتهم في العيش المشترك والحكم المؤسسيّ .([19])

المحور الثاني : فرضيات إعادة بناء الدّولة وتجارب الاحتلال

في هذا المضمار، يمكن أن نشير ما تحدث به وزير الخارجيّة الأمريكيّ ” كولن باول ” العام 2003 عن بيئة استراتيجيّة جديدة في منطقة الشّرق الأوسط بعد احتلال العراق أو من الأفضل عدّها زلزالًا إقليميًّا أحدث تبديلًاعميقًا في المعالم السّياسيّة للمنطقة . وعليه من الممكن أن تنجذب أميركا الى إحداث تغييرات في منطقة الشّرق الأوسط، وينبغي لهذا التّغيير أن يكون وفقًا لما يلي: حسب وجهة النّظر الغربيّة  :

– يجب أن تمنح الأنظمة المعارضة لمصالح الولايات المتحدة الفرصة في إصلاح مواقفها وأن تزيلها نهائيًّا .

– يجب أن تسعى الى نشر الدّيمقراطيّة في منطقة الشّرق الأوسط، إذ إنّه يمكن تطبيق ذلك من دون المساس بالأنظمة الحاليّة .

– يجب أن تسعى الولايات المتحدة الى إحداث تغييرات في أنظمة الحكم وتغييرات إقليميّة، وتعزيز الدّيمقراطيّة التّحرريّة في كل أنحاء العالم . فكلّما ازداد تطبيق الدّيمقراطيّة التّحررية في العالم كلما ازداد الوضع ملاءمة وسهولة على الولايات المتحدة للمحافظة على سيطرتها على الدّول الأخرى([20]) . ويمكن أن نشير الى أبرز الدّيناميات الرئيسة التي تحدد منحى تطور الصّحوة العربيّة .

أولًا: انتقال الحركات الإسلاميّة من المعارضة الى قوى سياسية رئيسة، والمتفرعة في معظمها من جماعة الإخوان المسلمين في معظم البلدان التي تمرّ بهزّات انتقاليّة بيد أنّ هذا التّحول يظهر بشكل أكثر وضوحًا في كل من تونس والمغرب وبشكل أقلّ في كلّ من ليبيا واليمن ،وقد انطبق ذلك على مصر أيضًا الى أن عزل الجيش الرّئيس السّابق مرسي بتأييد شعبي .

ثانيًّا: المعركتان الدّاخليتان اللتان يخوضهما الإسلام السّياسيّ : تدور رحى أولهما بين الحركات المتفرعة عن جماعة الإخوان المسلمين وبين الجماعات السّلفيّة ، فيما تدور رحى الثانية بين المسلمين السّنة والشّيعة . هذا وقد تحُدَد نتيجة المعركة الأولى الى حدٍّ كبير مسار الإسلام السّياسيّ المقبل ، أيّ ما إذا كان سيصبح أكثر شموليّة أو أصوليّة ، سلميًّا أو راديكاليًّا، رجعيًّا أو عصريًّا أو غير واضح المعالم . وبالانتقال الى المعركة الثانية التي يخوضها الإسلام السّياسيّ ستجعل هناك حالة قلــــــــق مستمر بالنّظـــــــــر الى التوتر الآخذة وتيرته في الارتفاع ما بيـــــــــن السّنة والشّيعة في بلدان مثل الكويت والمملكة العربيّة السّعودية والبحرين ولبنان ، وبشكل اكثر حدة في سوريا ، إذ إن المطالب السّياسيّة في هذه البلدان تتحول بمرور الوقت وازدياد حدّة الصّراع الى مطالب طائفيّة ، خاصة مع تفاقم سياسات التّمييز والإقصاء التي تنتجها دول الخليج[21])   ) ثالثًا: القوى المدنيّة وعدم تقبلها لفكرة صعود الإسلام السّياسيّ ، وانعكاس عدم التّقبل على أدائها الذي يوحي بتأييدها للدّيمقراطيّة ،وقواعدها في تداول السّلطة وصعود تيار الإسلام السّياسيّ ، في حين أنّها منخرطة في الممارسات المعادية للدّيمقراطيّة  والتي تتهم الإسلاميين بممارستها وتسقط تصرفاتهم عليهم .([22])

يمكن أن نشير الى أنّ هناك سبعة فرضيات في ما يتعلق باعادة بناء الدّولة وتجارب الاحتلال :

-أنّه كلما كانت الهزيمة العسكريّة للدّولة المحليّة واضحة، وكلما زادت درجة القبول الدّاخليّ بهذه الهزيمة من جانب المجتمع المحتل ، أصبحت عملية إعادة بناء الدّولة تحت الاحتلال أكثر سهولة ، وأقل تكلفة .

-أنّه كلما كانت دولة الاحتلال ذات نظام ديمقراطيّ زاد حجم القيود المفروضة على عمليّة صنع القرار الخاص بمشروع إعادة بناء الدّولة، وأصبحت عملية إعادة بناء الدّولة عملية أكثر تعقيدًا،  وقد يتوقف المشروع قبل اكتماله .

– أنّه كلما زادت درجة التّعدديّة الدّينيّة والعرقية داخل المجتمع المحتل، أصبحت عمليّة إعادة بناء الدّولة أكثر تعقيدًا ،وتطلبت شروطًا إضافية لنجاحها .

-أن المجتمعات الإسلاميّة أقل استعدادًا من المجتمعات الأخرى لقبول مشروعات إعادة بناء الدّولة في ظل الاحتلال .

-أنّه كلما كان لدى المجتمع المحتل خبرة سياسيّة ودستوريّة ديمقراطيّة ، أصبحت مهمة الاحتلال في إعادة بناء الدّولة المحتلة أكثر سهولة ، بينما يؤدي غياب هذه الخبرة الى تعقيد عملية بناء الدّولة ، خاصة في ما يتعلق بشقها السّياسيّ المتمثل في بناء نظام ديمقراطي .

-أنّ نظام القطبيّة الثنائيّة والحرب الباردة أكثر ملاءمة لنجاح عمليات إعادة بناء الدّولة تحت الاحتلال بالمقاربة بالنّظام الأحادي القطبيّة ، خاصة مرحلة ما بعد سبتمبر 2001 .

-أنّه كلما زادت درجة التّوافق الإقليميّ حول مشروع إعادة بناء الدّولة ، زادت فرص نجاح مشروع إعادة بناء الدّولة تحت الاحتلال .([23])

بناء لما تقدّم ، ساد اعتقاد مترسخ لدى الاكاديميين الغربيين أن الرأي العام العربيّ ، أو ما يسمى الشّارع العربيّ لايهم كثيرًا ففي عالم انظمة الحكم الاستبداديّة والحكام العسكريين، تقل الأهميّة السّياسيّة لآراء  المواطنين، سواء كأفراد أو كجماعات.  إلا أنّ تلك القناعة أصبحت بحاجة للمراجعة.عندما اندلعت الاضطرابات المعروفة باسم “الربيع العربيّ” في أواخر العام 2010 فعلى حين غرة، أضحت مواقف المواطنيين العرب العاديين هي القوة الدّافعة للعملية السّياسيّة في الشّرق الأوسط ليس فقط عبر تشكيل  الأحداث الجارية، وإنما أيضًا عبر وضع حجر الأساس لطبيعة التفاعلات السّياسيّة في السنوات المقبلة.([24])

وبناء على ذلك، يمكن تصنيف السّيناريوهات المحتملة لتطور حالة الدّول العربيّة الى أحد النّماذج الآتية:

أولاً:  العودة الى نموذج شبيه بدول الاستقلال الوطنيّ :ويعني هذا السّيناريو أن تعود الدّولة الى مركزيتها الاقتصاديّة والسّياسيّة، إذ تُأمم  الحياة السّياسيّة ، وتُربط بتنظيم حزبيّ واحد، مع  السّماح بهامش محدود من التّعدديّة الشّكليّة ، بشرط أن يحتكر المركز كل قواعد اللعبة السّياسيّة والاقتصاديّة ، فتشهد الدّولة انتخابات محدودة التّعددية ،تنفذ وفقًا لقوانين  تحافظ  على هيمنة الحزب والتنظيم الواحد، مع هيمنة الأجهزة الأمنيّة والمخابراتيّة على المجال العام، وهو ما يستتبعه تأميم  وسائل الإعــــــــــــــــــــلام سياسيًّا، وتضييق الحريات العامــــــــــــــــــــــــة وانخفاض هامــــــــــــــــش المشاركة الشّعبيّة سياسيًّا. وتبدو الدّول الملكية العربيّة. وهي دول الخليج العربيّ بالإضافة الى الأردن والمغرب.هي أقرب لهذه الصّيغة، مع تباينات نسبيّة متوقعة في الحالتين الكويتيّة والبحرينيّة، نظرًا للعامل الشّيعي وكذلك في النّموذج المغربيّ ، نظرًا للنموذج الناجح حتى الآن في احتواء الإسلاميين.([25])

عندما لا تكون الأحزاب ممثلة لمصالح اجتماعيّة، وتكون القيادات من دون ضمير اجتماعيّ، فمن الأرجح أن تغيب الدّيمقراطيّة  الدّاخليّة عنها، وأن يثبت القانون الحديديّ للاوليجاركيّة الذي اقترحه ميشلز ([26]) صحته، إذ تتحول هذه الأحزاب من تمثيل مصالح شعبيّة  الى الدّفاع عن مصالح ذاتيّة لقياداتها، وللعناصر المسيطرة على تنظيمها ، وأن يضعف العمل التّنظيمي المتعلق بجذب العضويّة وانتظام الجماعات، وأن تُنتخب بالشّكليّة وتوقع النتائج مقدمًا، ويكون من شّأن ذلك كلّه اغتراب المواطنين عنها ، وعدم ارتباطهم بها.([27])

ثانيًّا: الدّولة الفيدراليّة

يقوم هذا السّيناريو على اإنهاء طور الدّولة المركزيّة الوحدويّة ، والتّحول الى الصيغة الفيدراليّة، إذ يحتفظ المركز الفيدراليّ ببعض السّلطات والصّلاحيات  السّياسيّة  الشكليّة  التي تحفظ الدّولة من التفكك، بينما يُمنح الإقليم سلطات واسعة في صنع القرارات  السّياسيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة، بل والأمنيّة  الدّاخليّة .يقوم هذا السّيناريو على افتراض أن بعض الدّول العربيّة التي تُعاني من اتساع المساحة، وضعف المركز على السّيطرة، مع وجود تعددات عرقيّة  أو ثقافيّة، قد يعجل هذا بانهيار الدّولة وتفككها، وتشرذمها الى دويلات أصغر ما لم تحدث صفقة بين المركز والهامش من أجل الإبقاء على الدّولة موحدة، مع تفويض سلطات وصلاحيات  محورية للأقاليم المؤتلفة ، ويبدو أنّ النّموذجين السّوريّ والليبيّ هما الأقرب إلى هذا السّيناريو ، إذ إنّ قدرة المركز في دمشق وفي طرابلس على استيعاب الأطراف، وحكمها أضناههن الصعــــــــــــــــوبة بمكان وأصبحت الدّولتان  إمّا أمام الشّرذمة  والانفصال والانقسام  أو اتباع النّماذج الفيدراليّة من أجل استيعاب تلك الانقسامات.([28])

حقيقة الأمر ، أن أزمة الدّولة والأمّة المعاصرة تتمثل في النّزعة نحو التّفكيك في بنيانها المؤسساتيّة وفي سلطاتها السّياسيّة والاقتصاديّة الدّاخليّة وفي فقدان نفوذها التدريجي على صعيد المشهد الدّولي. وهذه الحالة يصنفها البعض مرحلة ما بعد القوميّة ستواجه بحالة هلاميّة الدّولة ، وهي حالة يصعب معها بناء نظام سياسي ولاسيما في حالة غياب  البنى المؤسسيّة ،وتزداد هذه الحالة تعقيداً عندما يكون بناء ذلك النّظام من خارج الدّولة وليس من داخلها.([29])

وعليه، فإن عملية تحديد التّحديات الأساسية التي تواجه الدّولة . تكمن أهميتها في أنّها ستخلق الإطار العام لصنع القرار السّياسيّ. وكلما كان تحديد القضايا الاستراتيجيّة دقيقًا، كلما كان القرار السّياسيّ مقبولًا والعكس صحيح، إضافة الى أنّ دقة التّحديد للقضايا تعطي بعدًا فنيًّا في عملية تنفيذ الاستراتيجيّة القوميّة للدّولة وتختصر الكثير من الجهد والوقت والموارد القومية.([30])

وعليه، تقاس قوة الدّولة وضعفها بتأثرها بعدة حقائق أساسيّة ، أولهما : أن قوة الدّولة ذات طبيعة نسبيّة وغير مطلقة ، إذ ليس هناك حدود للقوة ، أيّ لا توجد قوة مطلقة في العالم، فالولايات المتحدة  على سبيل المثال على الرّغممن  قوتها العالمية ، إلا أنّها خسرت الحرب في فيتنام خلال القرن الماضي . ثانيًّا: إن قوة الدّولة ذات طبيعة مؤقته وغير دائمة ، وذلك بسبب التّطور العلميّ والتّكنولوجيّ والفكريّ المستجد . ثالثًا: إنّ قوة الدّولة هي ظاهرة علائقيّة تمضي أنّها محصلة تفاعل جملة من العوامل السّياسيّة والاقتصاديّة والعسكريّة والتكنولوجيّة والحضاريّة والجغرافيّة مع بعضها البعض لتكون المحصلة القوة القوميّة للدّولة ، الأمر الذي يجعل من موضوع قياس قوة الدّولة، مختلفًا من وقت لآخر ، ومن حالة الى أخرى ، فالقياس يستخدم لتفسير الماضي والحاضر ويساعد على التنبؤ في المستقبل ([31]).

إنّ انتهاء الحرب الباردة وصعود العولمة أطلق ثلاث تحولات كبرى في القوى العظمى : التّحول من دول في الغرب الى دول في الشّرق، ومن نظام عالميّ مؤسس على حقول الدّول الى نظام يوفر الحماية للفرد من التّهديدات العالميّة مثل المجازر  الجماعيّة والإرهاب والتّغيّر المناخيّ ومن نظام سنامه القوة الوطنيّة الى آخر يستمد تعريفه بتزايد من الاندماج  الإقليمي.([32])

المحور الثالث : إعادة تشكيل العلاقة بين الدّولة والمجتمع وإعادة تقييم قدرات الدّولة بعد الثّورات العربيّة

من الجدير بالذكر، إن دول الجنوب تواجه أزمات التنمية السّياسيّة دفعة واحدة ، وليس على دفعات أو مراحل تاريخيّة مختلفة كما هو شأن الدّول المتقدمة، كما أن هــــــــــــــذه الدّول تختلـــــــــــــــف فــــــــــــــي مسالك مواجهتها  لتلك الأزمات ، إذ يمكن التمييز في هذا السّياق بين ثلاثة مسالك أساسيّة، أولهما: هو المسلك التّقليدي – التكيفيّ الذي ينصب على تحديث مؤسسات المخرجات مثل البيروقراطيّة، والجيش من دون مؤسسات المدخلات مثل الاحزاب السّياسيّة ومؤسسات المجتمع المدني . وثانيهما: هو المسلك التّحديثيّ – الإصلاحيّ الذي يقوم على إدخال  بعض الإصلاحات  الاقتصاديّة التي لا تنال  من أساس النّظام الاجتماعيّ ، ولا تمس جوهره وثالثها: هو المسلك الثّوري –التّعبويّ الذي يتخذ من تغير الأوضاع الدّاخليّة والخارجيّة هدفًا أساسيًّا له ويحشد قوى الجماهير من ورائه.([33])

وعلى هذا الأساس، الدّولة الحديثة ينبغي أن تكون دولة حق وقانون ومؤسسات، يسود فيها الدّستور، وتنفصل فيها السّلط، ويتنزل فيها القضاء منزلة المرجع، ويكون فيها الشّعب مصدر السّلطة وهي الدّولة التي تكون السّلطة فيها ملكيّة عموميّة قائمة على مبدأ التّداول الدّيمقراطيّ ، وتكون فيها السياسة حقًا اجتماعيًّا قائمًا على المنافسة السّلميّة الدّيمقراطيّة .إنّها الدّولة التي يستقل فيها مجال السياسة عن مجال السيادة ويكون فيها الجيش مثل القضاء نصابًا متعاليًّا ومركزًا من مراكز السّيادة .وليس هذا حال الدّولة في بلادنا العربيّة المعاصرة.([34])  وينبغي الإشارة الى مسألة في غاية الأهمّيّة، ألا وهي أنّ عمليّة تقييم قدرات الدّولة، أمر في غاية الأهمّيّة في عملية التّخطيط الاستراتيجيّ القوميّ ، ذلك لأن التّحديد الدّقيق لقدرات الدّولة ومواردها، هو الذي سيرسم خارطة أهداف أمنها القوميّ ومصالحها العليا الأخرى. وكما يقول الاستراتيجي الصينيّ”صن تزو”: ” إذا كنت تعرف الآخرين وتعرف نفسك، فإنّك لن تواجه خطرًا في مائة معركة، وإذا كنت لا تعرف الآخرين ولكنك تعرف نفسك، فسوف تكسب معركة وتخسر أخرى، وإذا كنت لا تعرف الآخرين ولا نفسك فسوف تلغى المخاطر في كلّ معركة.([35])

من هنا ، فإنّ المرحلة القادمة ستتطلب العمل الكثير والمنهجيّ من أجل :

– معالجة الأخطاء التي ارتكبتها الأمّة بحق نفسها قبل الثّورة وأثناءّها وبعدما وضعت بعضًا من أوزارها ، لا بمعنى محاسبة الأشخاص ، ولكن بمعنى محاسبة الأشخاص ولكن بمعنى محاسبة الأفكار ومحاسبة المفاهيم ومحاسبة المثبطات ومحاسبة العوائق ومحاسبة الحلول .

-المبادرة الى المبادرات والتّحولات الكبيرة  التي ترفع الرّوح المعنويّة للأمة بكامل أطيافها، وتعطيها الأحساس بالرّغبة في الانطلاق وتعطيها الإحساس بالتّغيير في الميول وفي الوسائل وفي النتائج والمكتسبات .([36])

بناءً عليه ، يجب أن يستهدف الحراك العربيّ من انتفاضاته الثّوريّة في التّغيير السّياسيّ إحداث إصلاح ، على المستويين السّياسيّ والاقتصادي كما أكد عالم الاقتصاد الفرنسي ” موران ” ، أهمّية العامل الاقتصاديّ في عملية بناء الدّولة بقوله : إنّ إعادة بناء الدّيمقراطيّة يجب أن تجري بطابعها  الاجتماعيّ وليس السّياسيّ. ([37])  ومن نافل القول إنّ بعض أسباب فقدان السّيادة السّياسيّة واستقلالية القرار الوطنيّ ، إنّما يجد سببه في فقدان السّيادة الاقتصاديّة وخضوع الدّولة لإملاءات الدّول الكبرى، والبنوك الدّولية وجهات الإقراض كافة ، واضطرارها الى تنفيذ التّوصيات المفروضة عليها لسداد، ديونها وتحقيق التوازن الماليّ، ولو على حساب الحقوق الاجتماعيّة للمواطنين .([38])

على جانب آخر ، في أغسطس 2011 وفي مقال يشكك في رواية الرّبيع العربيّ التي لا تزال مهيمنة ، طرح “جورج فريدمان” مؤسس مركز  ستراتفور   الاستخباراتيّ –  تقييمًا للمأزق الليبيّ أكثر واقعيّة ما كان هناك   لن يكون مؤكد النجاح قطعًا حتى وإن كان كذلك ، فإنه  لن يكون ديمقراطيًّا قطعًا وإن كان ديمقراطيًّا،  فلن يكون ليبراليًّا قطعًا، واختتم مقاله” أن الأسطورة التي تردد أنّه  في أعماق كلّ ليبيّ يوجد جمهوريّ فرنسيّ يتوق لتنسم هواء الحرّيّة مشكوك فيها الى أبعد الحدود  .([39])

بعد أسبوع من ظهور مقال فريدمان، صرح عبد الجليل قائد الثّورة الليبيّة” إن قوات المعارضة التّابعة له قد اختارت شن هجومها الأول على طرابلس في شهر رمضان ، الذي يوافق ذكرى موقعة ) بدر  الإسلامية ( أولى معارك المسلمين ، الأمر الذي يدللعلى  استمرارية تناحر القبائل  الكبرى بعضها مع بعض من أجل الحصول على مزيد من النّفوذ، وسوف يدرك الليبراليون أنّهم لا يملكون جمهورًا يتحدثون باسمة في هذا البلد البدويّ، وسيوصمون بالتّعاون مع قوى الغرب التي دكت بلادهم أشلاءً بدعوى تحريرها .([40])

وعلى هذا الأساس ، يعيش المجتمع العربيّ حاليًّا مرحلة تقسيم بالنّقد الذّاتيّ العنيف ، فالمناخ السّياسيّ العربيّ  الذي تسوده السّلطوية السّياسيّة بكل صورها وأشكالها ، يمر ّاليوم بمحاولات تهدف الى تحدي هيمنتها الكاملة على مجمل حركة المجتمع ، في ظل مشاريع سياسيّة متعددة ومتصارعة يمرّ كل منها بأزمة حادّة نتيجة ظروف داخليّة خارجيّة متعددة، فهناك المشروع السّلطوي الذي تآكلت شرعيته والذي يقدم تنازلات في مجال الحريات العامة وحقوق الإنسان ، وهناك المشروع الإسلاميّ الذي وإن كان قد نجح في جذب الجماهير إلا أنّه ليس أكثر من  حريّة شعبيّة مبعثرة تنقصها القيادة والنّظرة الاستراتيجيّة ، وهناك المشروع الماركسيّ المتأزم ، وهناك أخيرًا المشروع القوميّ الذي يواجه المنافسة من قبل المشروع الإسلامي . إنّ هذه المشاريــــــــــــــــــــــــــــــع تتنافس فــــــــــــي ما بينها على تقديم التّصــــــــــــــــــــــــــور المستقبليّ الممكن للمجتمــــــــــــــــــــــــع العربيّ وهي وان كانـــــــــــــــــــــــــت تقــوم  حاليًّا بمحاولات للنّقد والتّصحيح الذّاتيّ، فهي تبدأ بذلك بالسّير في طريق إقامة الحوار الدّيمقراطيّ العربيّ الواسع المدى ، ومن شأن ذلك ” أنّ يقرب مرحلة المواجهة المجتمعة الشّاملة مع أنصار السّلطوية السّياسيّة .([41])

بالاستناد إلى ما تقدّم الحديث به ، فإنّ التعرف بواقع المنطقة الجديدة واستشراق مستقبلها يبدو أكثر غموضًا، فالخلل أو الخطر الذي يتربص بمصير الرّبيع العربيّ ،هو عدم وجود تصور استراتيجيّ بعيد المدى لتلك الانتفاضات الجماهيريّة ، إذ إنّ أخطر ما فيه هو الانكفاء بدور اسقاط رموز النّظام من دون أن يتمكن من التأسيس لتصور ونظام بديل ، وهذا الوضع سمح بعمليّة إسقاط للمشاريع الأمريكيّة على فضاء السّاحة العربيّة ، وأدى الى ربط التّحولات الحاصلة في المنطقة مع سيناريو الفوضى الخلاقة ، لذا من المبكر أن نعرف اتجاهات الشّرق الأوسط الذي يتشكل، كما أنّه من الصّعب تحديد ملامح هذا الشّرق الأوسط جديدًا كان أم كبيرًا ذلك لأنّ للزلازل ارتداداتها التي لاتزال في المنطقة  وفي كل هذا المشهد الكثيف بالأحداث وتطور المسارات ستحدث تغييرات حتميّة ، لكن هل باتجاه تحقيق مشروع ” شرق أوسطنا ” أم ” شرق أوسطهم ”  ؟ ([42])

أخيرًا، يمكن القول إن التّفاعلات والتّجاذبات في الثّورات العربيّةلا تزال قائمة، ولا نعرف الوجهه التي ستستقر عليها ، فنحن لا نملك المسافة الكافية عنها ، فهي لاتزال حالات حية ، ما يستدعي الحيطة والحذر في اطلاق تحليلات حتميّة . لذا نحاول قراءة ما يجري ويدور بناء على بعض مفاهيم السوسيولوجيا التّفاعليّة التي تصور الظواهر الاجتماعيّة كمشاهد اجتماعيّة وسياسيّة متصلة الحلقات ومتفاعلة، يقوم منها الفاعلون الاجتماعيون بادوار إيجابيّة أو سلبيّة ، إذ تكون أدوارهم حاسمة أحيانًا أو ثانوية أحيانًا أخرى في دفع عملية التّاريخ .

المحور الرابع :التّغيّر العربيّ والتّحول في ميزان القوى ومصالح الفاعلين

يُعد التّغيّر السّياسيّ في الدّول العربيّة أو الثّورات العربيّة أو ثورات الرّبيع العربيّ حركات احتجاجيّة  واسعة انطلقت  في معظم البلدان العربيّة أواخر العام 2010، ومطلع العام 2011 متأثرة بالثّورة  التّونسيّة التي اندلعت جراء إحراق “محمد البوعزيزيّ ” نفسه ونجحت في الإطاحة  بالرئيس السّابق زين العابدين بن علي ثم انتقلت إلى مصر ، وليبيا واليمن وسوريا التي لا تزال الثّورة مشتعلة فيها إلى هذه اللحظة ،ونجحت الثّورة بالإطاحة بأربعة أنظمة حتى الآن من بعد الثّورة التّونسيّة نجحت الثّورة 25 يناير المصريّة بإسقاط الرّئيس محمد حسني مبارك،  ثم ثورة 17 فبراير الليبيّة بإسقاط نظام القذافي ،  والثّورة اليمنيّة  التي أجبرت  عبد الله صالح  على التّنحي وبلغت الحركات الاحتجاجيّة جميع أنحاء الوطن العربيّ عدا ثلاث دول هي قطر والإمارات وجزر القمر([43]) .

حقيقةً ، تمثل حالة التّغيّر السّياسيّ والانتقال من طور الى آخر ، بافتراض أن يكون أفضل من الطّور السّابق له وكثيرًا من يُخشى من إثارة فكرة التّغيير رغبة في تحقيق وحماية الاستقرار كما لو كان التّغيّر مهددًا أو معرقلًا للاستقرار.

والمنطقة العربيّة في الآونة الأخيرة تعيش  في مثل هذا الانتقال الذي بدأت أول بشائره في تونس، وانتقلت نسائمه الى مصر ومن ثم ليبيا، وسوريا والأردن والبحرين، وثم المغرب والجزائر إلا أنّ هذه العمليّة التّغييرية لم تكن تمرّ بسلام في جميع الأحول ،فقد تداخلت فيها عوامل وظروف مختلفة ، يأتي في مقد مها التّوازنات الدّوليّة والإقليميّة  في  المنطقة والتي جعلت عدة أنظمة سياسيّة في المنطقة تتصدى لعملية التّغيّر، وتستعصي عليه أكثر من عمرها الافتراضيّ ،  ثم يليها حالة التّعئبة والطرائق التي حصلت بها، وكان للعامل الأول دورًا لا يُستهان به  إذ شوهدت  حالة التعبئة  التي تجرت لكثير من الشّعوب، إذ كانت أهداف إحتجاجاتها على سوء  الأحوال السّياسيّة ونتائجها الاقتصاديّة وتوابعها الثقافيّة  وانتكاستها الاجتماعيّة وتفتتها وتأدية  الاعلام أثرًا مزدوجًا في  تلك التعئبة  والتي تحول فيها من ناقل  للحقائق الى جزء من أدوات الضّغط المختلفة التي مارستها الدّول التي بدأت تتولى  قيادة المنطقة    العربيّة للضغط  على  بعض  الدّول كاليمن وسوريا وكذلك  السعودية وقطر([44]).

على أية  حال هناك اتفاق بين الخبراء، أن انهيار النّظام السّياسيّ العربيّ كان خلفه العديد من المؤشرات والأسباب من أبرزها :مأساة النظم العربيّة للفساد والاستبداد والقمع الأمنيّ  والانسداد السّياسيّ ، فضلًاعن فشل قادة الحكومات  العربيّة في  استيعاب  وفهم الحركات الشّبابيّة الجديدة ، ناهيك عن وجود الفجوات التّنموية بين المناطق المختلفة داخل البلد الواحد، واستئثار فئة  قليلة بموارد الدّولة ، واستباحة المال العام  وانتشار  الفقر والبطالة ، وانتشار الفساد والأكثر أهمّية من كل ذلك  تمسك الحاكم المستبد بالسّلطة  لعقود من الزّمن ، وعدم إيمانه بالتّداول السلميّ للسلطة  والدّيمقراطيّة ، والإقصاء والتّهميش  وتزوير إرادة  الشّعب  والظلم الاجتماعيّ والتّخلف الاقتصاديّ.  كل هذا العوامل وغيرها  تضافرت وتشابهت  وتشابكت في تآكل الأنظمة العربيّة ودخولها مرحلة الانهيار([45]) ومن الضروري الإشارة الى أنّ الاستراتيجيّة الأمريكيّة اطلقت إيعازاتها برغبتها في استخدام التّغيّر في  العراق، لإحداث تغيرات في المنظمة بدعوى إصلاح واقعها ، بعد أن وجدت في العراق خير بذرة تزرع في المنطقة الخصبة،  وذلك  بعد تحويله وتطويره الى مشروع قوة إقليميّة ليكون  منارة ديمقراطيّة تحقق المصالح الأمريكيّة، وبذلك أصبح الخطاب الاستيراتيجيّ الأمريكيّ يُركّز على الادعاء بإدخال الإصلاح الدّيمقراطيّ الذي عُدّ خير وسيلة لتشديد مشروع الإقليميّة الجديدة على  اتجاهين الأول :ترعاه الولايات المتحدة عبر  وجودها الأقليميّ المباشر والآخر: يقوم به العراق عِبرَ قيادة المشروع في المنطقة على نحو جعل دول المنطقة تدرك أن مشروع الإقليميّة ومبادرته الإصلاحيّة  الشّاملة  باتت قاب قوسين أو أدنى منها في ظل غياب مشروع  تنموي إصلاحيّ .

ومن موجبات القول : إن الاستجابة العربيّة الرّسميّة لمطالب الإصلاح المملاة من الخارج بموجب الإقليميّة الجديدة تموضعت في ثلاث خيارات بإمكاننا اإجمالها بالآتي:

التيار الأول : الذي بدأ على درجة من الارتباك وانعدام التوازن بين القول إنّ الإصلاح شأن داخليّ عربيّ وبين القول إنّ الدّول العربيّة بصدد إعداد مشروعات الإصلاح . ويعبر ذلك الارتباك عن صدمة الضّغط والخوف من أن يقود عدم التّجاوب معه الى نتائج سلبية على الأنظمة العربيّة وهذا موقف العديد من الدّول  العربيّة.

التيار الثاني : رأى  أنصاره أن الدّيمقراطيّة هي الأنموذج الأمثل للحكم وشرط من شروط التّقدم والقدرة. ويتبنى هذ النهج كل دول الخليج العربيّ عدا السعودية وتونس والمغرب والجزائر .

التيار الثالث:وهو الذي يرى في الإصلاح شأن داخليّ ، ويجب أن يأتي عربيًا، ولا يحق لأحد  أن يملي إرادته وعبرت دول هذا التّيار عن رفضها للأجندة الأمريكيّة . ومن تلك الدّول السّعودية ومصر وسوريا ([46]) .

ومن جانب آخر ، أدى العامل الخارجيّ بصفة عامة ، والأمريكيّ بصفة خاصة دورًا في إذكاء هذا الثّورات إذ أصبح دوره غير مضمون النتائج ، وهناك رأيان في مضمار هذا الاتجاه:

الرأي الأول : هناك من يرى  أن هذه الثّورات  العربيّة هي نتيجة عوامل داخليّة سيئة للغاية تعيشها الشّعوب العربيّة التي ترزح تحت نظم شموليّة فاسدة ، وأنّ هذه العوامل هي التي أشعلت الثّورة ضد النّظم السّياسيّة القائمة لإسقاطها وإقامة الحكم الرّشيد مكانها ، إذ صرح الرئيس : أن التّغيّر في الشرق الأوسط يجري بإرادة شعوبه وليس وفقًا لمشيئة واشنطن .

الرأي الثاني :  يرى أنّ الثّورات العربيّة ما هي إلا  صناعة أمريكيّة إذ  عمدت الولايات المتحدةا لأمريكيّة في علاقاتها مع الدّول العربيّة وفي الشّرق الأوسط على إرساء بعض الاستراتجيّات التي تمكنها من إبقاء هيمنتها على العالم، وعلى مصالحها مُصانة محفوظة ومن دون أيّ تهديد فقد تلجأ الى افتعال نزاع أو أزمة أو الدّخول في مو اجهة حتى ولو كانت دبلوماسيّة لكي تظهر بمظهر الدّولة الرّاعية لمصالح العالم والرّاعية لأمنه وسلامته والسّاعية لنشر قيم العدل ، والمساواة وترويج الدّيمقراطيّة فضلًا  عن ادعائها  حماية حقوق الإنسان بين الشّعوب والدّول ومن هذه الاستراتيجيّات استراتيجيّة الفوضى الخلاقة لإثارة الفوضى في          منطقة الشّرق الأوسط وإعادة ترتيبها حسب الاستراتجيّة الأمريكيّة الجديدة([47]) . وعلى هذا الأساس، يمكن قراءة المشهد العربيّ نهاية العام 2012 بأنظمة ذات ثلاث مجموعات من الدّول والحكومات :

المجموعة الأولى: حكومات الثّورة التّغيّرية والإصلاحيّة والتي تعبر الى حدٍّ كبير عن مطالب الشّعب وطموحاته ، الذي يرى أنّه لا بدَّ أن يكون  جزءٌ من الإقليم القويّ ، ويعتقد أن مصر وتونس وسوريا وليبيا ستكون على رأس هذا الأطراف التي ستتشكل من هذا النوع في المنطقة.

المجموعة الثانيّة :حكومات الإصلاح المحدودة والتي تمكنت من احتواء حركة الاحتجاج .بإجراءات إصلاحيّة محدودة ، ويضم مجموعة الدّول المحافظة  التي قامت بإصلاحات وقد تجري إصلاحات أخرى وهي دول مجلس التّعاون الخليجيّ، والأردن والمغرب وستضطر  هذه المجموعة  للاستجابة  لمتطلبات هذه الثّورات  والإصلاحات  في الدّول الأخرى،  وخاصة في الشّأن الاقتصاديّ حتى تأمن من  اندفاع الثّورات  باتجاهها ، في ما ستبقى لها سياستها الخارجيّة الليبراليّة مع المجتمع الغربيّ، مع تخفيف حدّة الاندفاع العلنيّ باتجاه الولايات  المتحدة، والغرب وإسرائيل  كما كانت عليه سابقًا ومن أجل التّفاهم والتّلاقي مع الكتلة الأخرى التي قد تشكل لها  عقبات أمام قرارات الجامعة العربيّة          وما شابهها.

المجموعة الثالثة :حكومات الأمر الواقع مع تعديلات  شكلية طفيفة  ، لم تزل فرصة الحراك والثّورة الشّعبيّة فيها قائمة ، وتضم الدّول التي لا يتوقع حدوث حراك  ثوري أو إصلاحيّ فيها في العام 2012 مثل موريتانيا والجزائر والسّودان ، يتوقع أن يبقى حالها بين ما هي عليه أو  يتقدم قليلًا ليس أكثر، وهذه الدّول سوف  تصطف مع أيّ من  المحورين السابقين حسب مصلحتها في كل موقف، ولا يتوقع أن يكون لها موقف دائم ، لا موقف ثوري ولا موقف محافظ من المحورين .

هذا بإلاضافة إلى مجموعة رابعة لم  يطلها الرّبيع العربيّ بشيء  مهم   بعد،  وتضم كلاً من لبنان وجيبوتي والصومال وفلسطين   في ظل الاحتلال ، وستكون هذه الدّول قريبة من هذا المحور أو ذاك حسب  ما يقدم لها  أمّا من مساعدات أو ما قد تشكله من تهديد لأيّ من هذه المحاور الثلاثة ، رغبة أو رهبة لهذا المحور أو ذاك.

وعلى هذا الأساس ، تؤدي عوامل عدة كعوامل حاكمة لخريطة المنطقة السّياسيّة وتشكيلها ، منها قدرة القوى السّياسيّة العربيّة على التّناغم مع تطلعات الشّارع ومزاجه وقدرتها ما بعد الثّورة أو الإصلاح  على تحديد بُناها، وخطابها لتنسجم مع تصورات المرحلة الجديدة ، وخاصة المتعلقة منها بالحرّيّة والدّيمقراطيّة والتّعددية والشّفافية ، منها وكذلك طبيعة التشكل القطري لكل دولة  ثورية ، إصلاحية، كما هي… والنجاح في بناء دولة مدنيّة ديمقراطيّة ، تحقق اقتصادًا مستقرًا، ومصالحة وطنيّة شاملة على قاعدة المواطنة والشّراكة في القرار، كما  يعــــــبر التّشكل الإقليميّ لعلاقات الدّول العربيّة مع كل مـــن  تركيا وإيران، من هذه العوامل .

أمّا منهج الدّولة الجديدة في طبيعة التّعامل مع إسرائيل ومعاهدات  السّلام، وعملية السّلام وواقع الصّراع العربيّ –الإسرائيليّ ، وفاعليّة الرّبيع العربيّ في السّاحة الفلسطينيّة ، والموقف الاستراتيجيّة المستجدة لإسرائيل ما بعد الثّورات والإصلاحات فتشكل عاملًا مهمًا عى الصعيد  الإقليميّ ، يُضاف إليها العلاقات الجديدة مع المنظومة الدّولية والولايات المتحدة وأوربا وروسيا والصين .

لذلك يمكن القول ،إنّ التّكتل العربيّ الوحيد الذي ستكون علاقتهِ مع تركيا قويّة هو التّكتل الثّوري، والنّظام الجديد في سوريا سواء أكان إنقلابيًّا أو ثوريًّا أو إصلاحيًّا بالمفهوم الجديد الذي ليس لهو خيار إلا بِناء العلاقات الاستراتجيّة مع تركيا ، أمّا اليّمن فهو متجه للتّغير الكليّ ، إذ وصل الى مرحلة اللاعودة . ولذلك يعتقد أنّه مقبل على تحول فوري    شامل ، على الرّغم من جهود إيران وتدخلها المعيق للثّورة ،وللمشروع الخليجيّ على حد سواء عبر طرق دبلوماسيّة بل وعنيفة .

وعليه ، يمكن القول ، إن الإئتلافات الدّاخليّة العربيّة تستند لهذه  المجموعات التّصنيفيّة السّابقة، والحلف الممكن لبعضها إقليميًّا هو مع تركيا ، مع علاقات ربما تكون  هادئة مع إيران ، وعلاقات مع النّظام الدّولي يعتقد أنّها ستكون هادئة وغير متوترة الى حد ما ، والسّبب الاسترتيجيّ أن أمريكا تحاول أن  تهدئ من أيّ اندفاعات عربيّة لإلغاء معاهدات السّلام  التي قد تقود مع إسرائيل الى تحريك مقاومة مسلحة ضد إسرائيل كما هو مرشح، يوازنها محاولات تهدئة الإسلاميين وفتح حوارات عامة معهم نظرًا لبروز هذا التيار في الآونة الاخيرة بصورة ملحوظة([48]).

مما تقدم ، يتضح لنا أنّ هناك قوة دوليّة وإقليميّة دعمت في السنوات الأخيرة ،مبادرات تخل باستقرار النّظام العربيّ القائم ، وبالنّظم السّلطوية في المنطقة . خاصة تلك الذي تبنت مواقف مناهضة للولايات المتحدة الأمريكيّة، وقد تجلى هذا  التّوجه في سياق التّدخل  الأمريكيّ في  الصّومال والاحتلال الأمريكي في العراق ، ودعم مبادرات الانفصال في جنوب السّودان ، ومحاولات عزل حماس في قطاع غزة وحزب الله في لبنان وحتى النّظم المعتدلة، تعرضت لضغوط خارجيّة متزايدة بعد أحداث 11 سبتمبر ، والرّبط بين الإرهاب وغياب الحريات العامة لإدخال إصلاحات سياسيّة وإطلاق الحريات السّياسيّة والمدنيّة .ومن ناحية أخرى  ، شهِدت المرحلة الأخيرة تصاعدًا في نفوذ قوى أقليميّة صاعدة ، مثل إيران وتركيا ، بدأت تؤثر بشكل ملحوظ في مجريات الأمور في العالم العربيّ ، فبالنسبة إلى إيران فقد تولت ريادة المعسكر المناوئ للسياسات الأمريكيّة في المنطقة ، وقامت بدعم نظم وحركات راديكاليّة ، مثل نظام الأسد في سوريا ، وحزب الله في لبنان ، وحماس في فلسطين  والتّمرد الحوثيّ في اليمن ، ما دفع البعض للتحدث عن بدء حرب باردة جديدة في المنطقة بين المعسكر الرّاديكاليّ بريادة إيران وسوريا ، والمعسكر المعتدل بريادة مصر والسّعودية ، المدعوم من الولايات المتحدة الأمريكيّة ([49]).

مما تقدم ، يمكن القول إنّ حالات التّغيّر السّياسيّ من طبيعة حكم سلطويّ الى أخرى، ترفع شعار الحرّيّة الدّيمقراطيّة ، لا بدَّ وأن يمر بمرحلة مخاضات عسيرة، وذلك يُعزى إلى حالة التكّلس التي تكونت نتيجة الاستمرار لحقبات طويلة في كنف الاستبداد والتّسلط .لذلك فإنّ أبرز ما تحتاجه الشّعوب العربيّة هو تأسيس حالة من التّسامح، وإيجاد الثقة بين الأطراف والفئات الاجتماعيّة تتجاوز القصاص السّياسيّ الذي يقوم على ثنائية الجريمة، والعقاب وتفتح المجال السّياسيّ ليكون فضاءًا مفتوحًا يتسع للجميع من دون إقصاء لطرف أو استبعاد طرف آخر، وهو ما يتحقق من خلال ثقافة  سياسيّة ودستوريّة جديدة ترتسم وفقها حلبة الصّراع السّياسيّ ليتقيد اللاعبين السّياسيّين باشتراطاتها ويرتضوا بنتائجها.

وللتعرف الى محاولات التأثير التي تحاولها القوى الغربية عامة . والولايات المتحدة الأميركيّة منها على وجه خاص ، هي تلك المتعلقة ب”التصارع” القائم حاليًّا ، بين توجهين تتضمنهما ساحة التفاعلات الدّوليّة :

التوجه الأول : الذي تصبـــــو الولايات المتحدة الى تنميته وتطويره، أيّ تنمية وتطوير المكانة الأميركيّة الراهنة في هيراركيّة النّظام الدّولي ، وهـــــــــــي المكانة التي يبدو أن التّوصيف الأقرب الى واقعها هــــو ” القيادة ” ولكن بسمات مختلطة تجمع بيــــــــــــــــــــن سمات  امبراطورية ، ونظــــــــــــــــــــام  القطب الأوحد في نظام دولي ذي سيادة ، وسمات القطب الأعظم  أو القابض على التوازن في نظام توازن قوى دوليّ تحت التكوين  .

التّوجه الثّاني : الذي تصبو اليه دول كبرى غير الولايات المتحدة ، وهو التّوجه الذي لا يوجد في إطاره مكان لقطب أعظم قائد ، ولكن يمكن أن يكون هذا القطب القائد  على أقصى تقدير ، الأكثر امتيازًا بين أقطاب كلها متساوية . وهو التّوجه الذي يبدو أن الصين وروسيا ، غير رافضتين له ، وكذلك فرنسا ، فيما يبدو أن بريطانيا والمانيا ، وربما اليابان ، مترددة في الموافقة عليه .

ولعل هذا التّنافس المشار اليه ، هو ما يوضح ويفسر المواقف الدّولية الأخيرة تجاه الثّورات العربيّة، ففيما وافقت روسيا والصين على قرار مجلس الأمن الدّولي  (1973) بالتّدخل العسكريّ  في ليبيا ،  في إطار  حماية المدنيين،  فإنّهما استخدمتا حق النقض ” فيتو” ، لمنع إصدار قرار من مجلس الأمن بشأن الأوضاع في سوريا ، وقد كان أحد التصريحات الصادرة أهمّية ، هو ذلك الذي أدلى بها المسؤولون الصينيون والرّوس ، والتي تركزت على  منع تكرار سيناريو التّدخل الغربيّ في ليبيا.

هذا ، وإن كان يوضح صورة ” التصارع” الحاصل في ما بين التّوجهين المشار اليهما فإنّه ينقلنا مباشرة الى مواجهة الإشكاليّة التي نحن بصدد الحديث عنها . إنّها إشكاليّة المحاولات الغربيّة في التأثير على الثّورات العربيّة ، لتحريكها في اتجاهات معيّنة .تتوافق مع مصالح هذه القوى، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركيّة

والواقع إنّ هذه الأخيرة أميركا تستخدم ثلاث أدوات من أجل التأثير في ثورات الشّعوب لصالحها هي : الفوضى الخلاقة ، الدّيموقراطيّة، المؤسسات الدّولية([50]) .

من حالة السّيولة التي تسود المنطقة حاليّا ، فإنّ المعطيات التي حكمت علاقات دور الجوار الإقليميّ العربيّ بالقوى الكبرى الخارجيّة تمر بمرحلة تحول أيضًا ، ولما كانت الأوضاع الدّاخليّة في إيران وتركيا – وأثيوبيا أيضًا- مستقرة بل تشير الى تزايد قبضة نظم الحكم  فيها على السّلطة ، فمن المتوقع أن تشهد المرحلة القادمة مزيداً من التّقارب بين تلك الدّول الإقليميّة والقوى الكبرى في العالم خصوصًا المعنية بالمنطقة أيّ الولايات المتحدة الأمريكيّة وحليفاتها الغربيات . وذلك لسببين أساسين :

الأول: تكتيكيّ وهو حاجة القوى الكبرى الى أدوار وتحركات دول الجوار الإقليميّ العربيّ في إدارة أزمات المد الثوري العربيّة وحالاته ، وهو ما ينطبق بوضوح على أهميّة الدّور التّركي بالنسبة إلى واشنطن تجاه تطورات الوضع في سوريا . وكذلك بالنسبة إلى أثيوبيا في الملف الصومالي .

الثاني: استراتيجيّ ، ويتمثل في أن استقرار دول الجوار الإقليميّ العربيّ وتماسكها، يجعلها أكثر اعتماديّة كحلفاء إقليمين للدول الكبرى ، وبالتالي يكون ترتيب الأوضاع الإقليميّة بالتنسيق معها أكثر أمانًا وديمومة من الدّول العربيّة ذات الأوضاع والسياسات المتعلقة ، وبالمنطق ذاته فمن الطبيعي أن يتجه رهان دول الجوار الإقليميّ العربيّ الى زيادة ارتباطها بالقوى الكبرى على حساب تحالفاتها العربيّة ، أولًا للحلول محل بعضها الذي تغيرت سياساته بتغير نظمه ، وثانيًّا لضمان مساندة خارجيّة حال وقوع خلافات أو توترات بينها وبين أيّ من الدّول العربيّة في ظل الأوضاع الجديدة، وأخيرًا لتأمين المكانة والدّور في أي ترتيبات إقليميّة مستقبليّة .

المحصلة، بفعل الثّورات والاحتجاجات الشّعبيّة وحالة الاضطراب التي تنتشر بسرعة في مختلف الدّول العربيّة، أصبحت دول الجوار الإقليميّ العربيّ أمام مشهد متلاحق التّغيّرات وتصعب ملاحقته. فكان التّعامل مع تلك التّطورات أشبه بمواجهة حزمة متتاليّة ومتصلة من الأزمات الإقليميّة، لكل منها سماتها ومتطلباتها وتداعياتها . لكنّها في الوقت ذاته متشابكة وتؤثر كل على الأخرى وعلى الوضع الإقليميّ ككل . وبعد أن كان العقد الأول من الألفيّة الجديدة يشير الى دخول المنطقة عصر الادوار والقوى الاقليمية ،  جاءت التّغيّرات العربيّة لتقطع الطريق على المد الإقليميّ ، ليس بالضرورة لتعكس الوضع ، لكن على الأقل لتفتح الباب أمام كل الاحتمالات، وتضع السياسات والأوزان الإقليميّة على المحكّ .

وبقدر ما تتيح تلك المستجدات فرصًا للتواصل الإقليميّ العربيّ عبر قنوات ومجالات كانت مقيــــدة من قبل . فإنّها تفرض أيضًا تحديات، وتثير مخاوف قد تدفع بالأطراف الإقليميّة الى مراجعة تحالفاتها وسياساتها الإقليميّة، وبالتالي صياغة رؤية وخريطة إدراكيّة جديدة سواء تجاه الدّول العربيّة ، أو مع نظيراتها الإقليميّة ، أو مع الدّول الكبرى المعنية بشؤون المنطقة . وكما تستقرئ دول الجوار الإقليميّ الأحداث وتسترشد بالتّطورات في تحديد خياراتها المستقبليّة ، فانّ الموقف العربيّ – قطريًّا وجماعيًّا- سيمثل عنصرًا مؤثرًا في تحديد مسارات وأولويات دول الجوار الإقليميّ . من هنا فانّ الانشغال العربيّ بالدّاخل وتحدياته لا يُعفي النّظم العربيّة ، خصوصًا تلك الجديدة التي حملتها الموجة الثّوريّة الى سدة الحكم ، من ضرورة الانتباه الى أهمّيّة صياغة علاقات سليمة ومتوازنة مع دول الجوار الإقليميّ ، تستهدف المصالح المتبادلة وليس بالضرورة المشتركة، ذلك أن إغفال البعد الإقليميّ في السّياسات العربيّة الجديدة والاكتفاء بالتركيز على الدّاخل ومحاولة ترتيب البيت أولًا، سيكون من شأنه توسيع الفجوة القائمة أصلًا بين بعض دول الجوار وبعض الدّول العربيّة ، وسيفسح المجال أمام مزيد من الارتباط، والتنسيق بين دول الجوار الإقليميّ والدّول الكبرى الخارجة ، في وقت الدّول العربيّة أحوج ما تكون فيه الى تأدية دور إقليميّ فاعل وأساسيّ، كطرف أصيل وعنصر جوهري في معادلات مستقبل المنطقة ، وليس كطرف ثالث يمكن إقصاؤه أو عنصر قابل للتهميش([51]).

إنّ المخاطر التي يبرزها التّدخل الخارجي في هذه الحرب لن تكون محددة بالإطار السّوري، فقد تؤدي الأوضاع في سورية الى توتر إقليمي أو دولي ، وقدر تعلق الأمر بالمنطقة فإنّ هذه الحرب قد تولد مشاحنات طائفيّة خطيرة، ونظرًا لاحتواء الكثير من البلـــــــــــدان على تنوع طائفــــــــــــيّ، فقد تؤدي هذه الحـــــــــــــــــــــــــــــــــــرب الى توتـــــــــــــــــــــــــــر داخل هذه البلدان ، وربما الى حصول صــــــــراعات طائفيّة محــــــــــــــــدودة أو كبيرة، وسوف يغدو التّدخل في شــــــــــــــــــــؤون الدّول الأخـــــــــــــــــــــرى أمرًا معتادًا فـــــــــــــــــــــــــي العلاقات بين دول المنطقة ، هذا من جانب ، أمّا من جانب آخر فإنّ وجود المتطرفين في داخل هذه الحرب ، ونجاحهم في تحقيق أهدافهم سيدفعهم للبحث عن جبهات أخرى ، وليس بالمستبعد أن ينقلب هؤلاء على حلفائهم الإقليميّين ، كما فعلوا حين انقلبوا على النّظام السوري .ومن ثمّ لن تكون تركيا أو حتى دول الخليج بمنأى عن التّدخل ، فالخطر الأكبر الذي يواجه دول المنطقة هو من التطرف كسلوك ، وليس من التطرف كولاء ، وما يجري في المنطقة من صراعات وخلافات يساعد على إشاعة النّوع الأول من التّطرف الذي يمكن وصفة أنّه تطرف لا لون له ، ولا طعم ، ولا رائحة .

إنّ الإدارة الأمريكيّة ، ستشهد ديناميّة سياسيّة تجاه سورية إذ تهدد الأزمة السورية المصالح والأمن الدّوليين، والتّهديد بالتّعريف الأميركيّ ، هو ما يمس المصالح الأميركيّة المباشرة في المنطقة ، ومنها السّلاح الكيميائيّ السّوري، والمخاوف من تسريبه الى جهات إرهابيّة ، والعنصر الأكثر أهمّية تهديد أمن إسرائيل حين يبدأ الحديث عن سورية ما بعد الأسد فلن يعني ذلك المراهنة على سقوط النّظام فحسب ، ولكنه يعني أيضًا أن المنطقة مقبلة على زالزال من الدرجة العالية ستجاوز أصداؤه حدود البلد ذاهبة في ذلك الى أبعد مما يتصور كثيرون([52]).

الخاتمة

بنا ء لما تقدّم ، يمكن القول ، إنّ هناك عملية اعادة اعتبار لدور الدّولة في الاقتصاد والسياسة ، في ضوء خبرة الاعوام العشرين الأخيرة . وقد اثبتت خبرات الثّورات العربيّة الأثر السلبيّ لانسحاب الدّولة من المجال الاقتصاديّ، وتسليم زمام القيادة للطبقات الرأسمالية الجديدة، ومن المؤكد أنه في دول الثّورات العربيّة ، توقفت عمليات الخصخصة ، وبيع القطاع العام الى اجل غير منظور.

في هذا الإطار ، هناك إعادة لتأكيد دور الدّولة على مستويين رئيسين ، يتمثل المستوى الأول في الدور الإرشادي والرّقابي للدّولة في الاقتصاد القوميّ ، أيّ حق الدّولة في التدخل لضبط ومراقبة الأنشطة الرأسماليّة ، والتاكد من أنها لا تعمل لصالح فئة محدودة على حساب المصلحة العامة ، كما برهنت على ذلك الأزمة ويتعلق المستوى الثانيّ بالعودة الى تأكيد سيادة الدّولة القومية على مواردها ، ونقصد بذلك التّخليّ عن فكرة تفكيك الدّولة القومية ، والحد من سيادتها ، وإمكانيّة تدخل الدّول الكبرى في شؤونها تحت دعاوى التدخل الإنساني . فقد أدت تلك العقائد الإيديولوجيّة الى كثير من الصّراعات الدّولية والى إاشعال نيران الحروب الانفصالية ، والى تفكيك عدد من الدّول ، ما أدى الى تضخم هائل في التنميّة ، كما أدت الى التّدخل في شؤون الدّول النّامية ، من خلال مؤسسات بريتون وودز، لإجبارها على اتباع ” روشته ” تلك المؤسسات والتي أدت الى كوارث اقتصاديّة واجتماعيّة *

وعليه ، فإنّ أزمة الدّولة – الأمة ( Etat-Nation)  المعاصرة تتمثل في النّزعة نحو التفكيك في بنيانها المؤسساتيّة وفي سلطاتها السّياسيّة والاقتصاديّة الدّاخليّة ، وفي فقدان نفوذها التّدريجيّ على صعيد المشهد الدّوليّ . وهذه الحالة يصفها البعض بمرحلة ما بعد القومية ستواجه بحالة هلامية الدّولة . وهي حالة يصعب معها بناء ، نظام سياسي ولا سيما في حالة غياب البنى المؤسسيّة ، وتزداد هذه الحالة سوءًا عندما يكون بناء ذلك النّظام من خارج الدّولة وليس من داخلها .

المصادر والمراجع

أولاً : الكتب

1-برادلي أ.تاير ، السلام الاميركي والشرق الأوسط : المصالح الاستراتيجية الكبرى لاميركا في المنطقة بعد 11 ايلول ” عن العبرية ” ترجمة : د. عمادة خوزي شعيبي ، الدار العربيّة للعلوم ، بيروت ، ط1 ، 2004 .

2-فوزي حسن حسين ، التخطيط الاستراتيجي للسياسة الخارجيّة وبرامج الأمن القومي للدول ( الولايات المتحدة الامريكية نموذجاً ) ، دار المنهل اللبناني ، بيروت ط1 ، 2013 .

3-مارك ليونارد ، لماذا سيكون القرن (21) قرناً اوروبياً ، ترجمة احمد محمود عجاج ، يصدر عن هيئة ابو ظبي للثقافة والتراث  (كلمة KALIMA  ) ، الامارات العربيّة المتحدة ، الطبعة العربيّة الثانية ، 2011.

4-علي الدين هلال ونيفين مسعد ، النظم السّياسيّة العربيّة : قضايا الاستمرار والتّغيير ، مركز دراسات الوحدة العربيّة ، بيروت ، ط1 ، 2000 .

5-عبد الاله بلقزيز ، الدّولة والسّلطة والشرعية، منتدى المعارف ، بيروت ، ط1 ، 2013 .

6-عبد العزيز خليل المسطوع ، الربيع الاسود : ثورة ام ظاهرة ام فصل من فصول تجفيف الامة ، المؤسسة العربيّة للدراسات والنشر، بيروت ، ط1 ، 2013 .

7-جون ارابرادلي ، ما بعد الربيع العربيّ : كيف اختطف الإسلاميون ثورات الشرق الأوسط ، ترجمة ، شيماء عبد الحكيم طه ، مؤسسة كلمات عربية للترجمة والنشر القاهرة ، ط1 ، 2013 .

8-ثناء فؤاد عبد الله ، اليات التّغيير الدّيمقراطيّ في الوطن العربيّ ، مركز دراسات الوحدة العربيّة ، بيروت ، ط1 ، كانون الثاني ، يناير 1997 .

ثانيًّا: الدوريات والمجلات :

1-عبد الوهاب عمروش ، الدّولة المنهارة : قراءة اولية في اسباب ومظاهر ومراحل انهيار الدّول ، ملحق السياسة الدّولية ، العدد(189) ، يوليو 2012 ، المجلد (47) .

2-امل حمادة ، معادلة جديدة ؟ اعادة تشكيل العلاقة بين الدّولة والمجتمع بعد الثّورات العربيّة ، ملحق  السياسة الدّولية ، العدد (189) ، المجلد (47) ، يوليو 2012 .

3-صلاح سالم ” نوقة ، فرص التّغيير السّياسيّ في دول مجلس التعاون الخليجي ، مجلة حمورابي للدراسات ،مركز حمورابي للبحوث والدراسات الاستراتيجية ، العدد الخامس – السنه الثانية  ، نيسان ، ابريل 2013

4-احمد عبد ربه ، الاستثناء الدّيمقراطيّ : مستقبل الدّولة الوطنية في العالم العربيّ بعد ثورات الربيع ،ملحق مجلة السياسة الدّولية ، عدد (195) ، يناير 2014 .

5-كارن ابو الخير ، كيف يرون الربيع العربيّ ؟ سقوط الجمهوريات العتيدة ارتفاع اصوات غير مألوفة تصدع نظرية هنتيكتون التصادمية ، مجلة السياسة الدّولية ، العدد (189) ، المجلد (47) ، يوليو 2012 .

6-مروة صبحي منتصر ، المؤتمر السنوي السابع والستون لمعهد الشرق الأوسط ” ادارة الانتقال واحتواء الصّراع … الشرق الأوسط 2014 ” واشنطن 14 – 15 نوفمبر 2013 ، مجلة السياسة الدّولية ، العدد (195) ، يناير 2014 ، المجلد 49 .

7-توفيق شومان ، الثّورات العربيّة البنى والهياكل والمنطلقات ، مجلة حمورابي ، مركز حمورابي للبحوث والدراسات الاستراتيجية ، العدد (1) ، السنة (1) كانون الاول ، ديسمبر 2011 .

8-يوسف محمد جمعة الصواني ، مجلة المستقبل العربيّ ، مركز دراسات الوحدة العربيّة ، العدد (422) ، السنة (36) ، نيسان ، إبريل ، 4، 2014

9-مالك عوني ، صناعة المستقبل : نحو اطار لفهم موقع التاريخ من التّغيّرات العالمية الراهنة ، تحولات استراتيجية على خريطة السياسة الدّولية ، ملحق مجلة السياسة الدّولية  ، العدد(189) ، يوليو 2012 .

10-علي الدين هلال ، دراما ” الانتقال” : العوامل الهيكلية لعدم استقرار انظمة ما بعد ” الربيع العربيّ ” مجلة السياسة الدّولية ، العدد (194) المجلد (48) ، اكتوبر 2013 .

11-علي جلال معوضي ، القابلية للانكشاف : العوامل الدّاخليّة والخارجيّة الدافعة للتدخل في العلاقات الدّولية ، اتجاهات نظرية في تحليل السياسة الدّولية ملحق مجلة السياسة الدّولية  ، العدد ( 195) ، يناير 2014 .

12-مروان المعشر ، مستقبل التحولات السّياسيّة بدول الربيع العربيّ في عام 2014 ،  عرض : نسرين جاويش  ، مجلة السياسة الدّولية ، العدد (195) ، يناير ، كانون الثاني 2014 .

13-محمد فايز فرحان ، الاحتلال واعادة بناء الدّولة دراسة مقارنة لتجارب ما بعد الحرب العالمية الثانية وما بعد الحرب الباردة ، رسالة دكتوراه غير منشورة كلية الاقتصاد والعلوم السّياسيّة ، جامعة القاهرة ، 2013، عرض : دينا شعبان عبد العليم ، في : مؤلفات عربية ، مجلة السياسة الدّولية ، العدد (195) المجلد (49) ، يناير 2014

14-مروة نظير ، في : مؤلفات اجنبية ، مجلة السياسة الدّولية ، العدد (195) ، يناير 2014، المجلد (49) .

15-دينا شحاته ومريم وحيد ، محركات التّغيير في العالم العربيّ ، مجلة السياسة الدّولية ، العدد (184) ابريل 2011 ، (46)

16-داليا فؤاد ، الغرب والثّورات العربيّة : محاولات الاحتواء والتاثير ، مجلة حمورابي ، مركز حمورابي للبحوث والدراسات الاستراتيجية ، السنة الاولى ، العدد (1) ، كانون الاول ، ديسمبر 2011 .

17-سامح راشد ، دول الجوار الاقليمي في عصر الثّورات العربيّة مجلة شؤون عربية العدد(147) ، خريف 2011

18-خالد اسماعيل سرحان ، سورية والتيارات الإسلامية : دراسة مستقبلية ، مجلة ابحاث استراتيجية ، مركز بلادي للدراسات والابحاث الاستراتيجية ، العدد (4) كانون الثاني 2013 .

19-فادية المليح حلواني ، الملتقى الدّولي الثاني لمخبر العلوم السّياسيّة الحديثة تحت عنوان : التّغيّر السّياسيّ في ظل الوضع الراهن الدّولي : الرهانات والتّحديات ، جامعة المسيلة – الجزائر ، 16-17 نيسان ، ابريل 2013 ، في المجلة العربيّة للعلوم السّياسيّة ، العددان (39) ، و (40) صيف ، خريف 2013 .

20-علي الدين هلال ، حال الامة العربيّة 2013 – 2014  مراجعات ما بعد التّغيير  ، مجلة المستقبل العربيّ ، مركز دراسات الوحدة العربيّة – العدد ( 424) ، السنه (37) ، حزيران ، يونيو 2014 .

21-اميرة البربري ، الى اين تتجه حركة التّغيير في العالم العربيّ ، منتدى الجزيرة الثامن – مؤتمرات وندوات دولية ، مركز الجزيرة للدراسات الدوحة 26-28 مايو 2014 في مجلة السياسة الدّولية ، العدد(197) يوليو 2014 ، المجلد (49) .

22-سرمد عبد الستار امين ، ماذا يجري في الشرق الأوسط قراءة في سيناريو التّغيير في المنطقة العربيّة ، دورية اوراق دولية ، مركز الدراسات الاستراتيجية والدّولية ، العدد (198) ، شتاء 2011 .

23-مصباح الشيباني ، مجلة شؤون عربية ، الأمانة العامة لجامعة الدّول العربيّة ، العدد (147) ، خريف 2011.

رابعًا:  المؤتمرات

1-محمد ميسر فتحي ومحمد الطائي ، التّغيّر السّياسيّ في الدّول العربيّة ارادة شعبية ام صناعة امريكية ، ملخص بحث مقدم في الندوة العلمية الثامنة لكلية العلوم السّياسيّة ، جامعة الموصل ، بتاريخ 22 ايار 2012 .

2-جميل مصعب محمود ، الربيع العربيّ : اسبابة وسماته ملخص بحث مقدم في الندوة العلمية الثامنة لكلية العلوم السّياسيّة ، جامعة الموصل ، 22 ايار 2012

3-مروان سالم العلي ، رؤية في مشاريع التّغيير الغربية تجاه منطقة الشرق الأوسط : استراتيجية الفوضى الخلافة تطبيق واقعي لذلك التّغيير، ملخص بحث مقدم في الندوة العلمية الثامنة لكلية العلوم السّياسيّة، جامعة الموصل ،22ايار 2012

خامسًا : مواقع الالكترونيّة

1-جواد الحمد ، ملامح النّظام العربيّ ما بعد الثّورات مركز دراسات الشرق الأوسط ، عمان 22 ايلول سبتمبر 2012  من الانترنيت .

WWW.mesc،com.jo ،ouwision : htm.

 

 

 

 

 

[1] – مركز الدّراسات الاستراتيجيّة والدّوليّة جامعة بغداد- Naghamnather31@gmail.com

 

 

 [2] – لمزيد من التفاضل ،انظر : ملحق مجلة السّياسيّة الدّولية ، عدد (189) يوليو 2012، عن الاطر التحليلية لفهم التحولات الكبرى في مراحل ما بعد الثّورات .

 

[3] عبد الوهاب عمروش ، الدّولة المنهارة : قراءة اولية في اسباب ومظاهر ومراحل انهيار الدّول ، ملحق السياسة الدّولية ، العدد (189) يوليو 2012 ، المجلد ( 47) ، ص 27.

 

-أمل حمادة،معادلة جديدة؟ إعادة تشكيل العلاقة بين الدّولة والمجتمع بعد الثورات العربيّة، ملحق السياسة الدّوليّة، العدد(189) المجلّد(47)،[4] يوليو2012، ص17

[5] – أمير البربري ، الى اين تتجه حركة التّغيير في العالم العربيّ – منتدى الجزيرة الثامن – مؤتمرات وندوات دولية – مركز الجزيرة للدّراسات الدوحة 26-28 مايو 2014 ، في مجلة السّياسيّة الدّولية العدد( 197) ، يوليو 2014 ، المجلد (49) ، ص 173 .

 

– صلاح سالم زرنوقة، فرص التّغيير السّياسيّ في دول مجلس التّعاون الخليجيّ، مجلّة حمورابي للدراسات، مركز حمورابي للبحوث والدّراسات [6] الاستراتيجيّة، العدد الخامس،السنة الثانيّة، نيسان، أبريل، ص 43-44.

[7] -سرمد عبد الستار امين ، ماذا يجري في الشرق الأوسط قراءة في سينياريو التّغيير في المنطقة العربيّة دورية اوراق دولية تصدر عن مركز الدراسات الاستراتيجية والدّولية ، العدد (198) شتاء 2011 ، ص 15 .

 

[8]  – مصباح الشيبانيّ ، الثّورة العربيّة الراهنة وتحديات البناء الدّيمقراطيّ مجلة شؤون عربية ، الأمانة العامة لجامعة الدّولة العربيّة ، العدد (147) خريف 2011 ، ص 160-161 .

 

[9] -أحمد عبد ربه ، الاستثناء الدّيمقراطيّ : مستقبل الدّولة الوطنية في العالم العربيّ بعد ثورات الربيع ، ملحق مجلة السياسة الدّولية ، عدد (195) ، يناير 2014 ، ص 33.

– كارن أبو الخير،كيف يرون الرّبيع العربيّ؟سقوط الجمهوريات العتيدة ارتفاع أصوات غير مألوفة تصدع نظرية هنتيكتون التّصادميّة، مجلة السياسة [10] الدّوليّة، العدد(189)،يوليو2012، المجلّد(47)ص153-154.

 [11]-مروة صبحي منتصر ، المؤتمر السنوي السابع والستون لمعهد الشرق الأوسط ” ادارة الانتقال واحتواء الصّراع …. الشرق الأوسط 2014 ” واشنطن 14-15 نوفمبر 2013 ، مجلة السّياسيّة الدّولية ، العدد (195) ، يناير 2014 ، المجلد (49) ص 191 .

 

  [12]- أحمد عبد ربه ، الاستثناء الدّيمقراطيّ : مستقبل الدّولة الوطنية في العالم العربيّ بعد ثورات الربيع ، مصدر سبق ذكرة ، ص 34

[13] – توفيق شومان ، الثّورات العربيّة البنى والهياكل والمنطلقات ، مجلة حمورابي مركز حمورابي للبحوث والدراسات الاستراتيجيّة ، العدد(1) ، السّنة (1) ، كانون الاول – ديسمبر 2011 ص ص 34 – 35 .

 

[14] -أحمد عبد ربه ، الاستثناء الدّيمقراطيّ : مستقبل الدّولة الوطنية في العالم العربيّ بعد ثورات الربيع ، مصدر سبق ذكرة ، ص 34 .

[15] – مالك عوني ، صناعة المستقبل : نحو اطار لفهم موقع التاريخ من التغيرات العالمية الراهنة ، تحولات استراتيجية على خريطة السياسة الدولية ( ملحق مجلة السياسة الدولية ) العدد (189) ، يوليو 2012 ، ص 4 .

 

[16] – سعيد الصديقي ، الدّولة في عالم متغير : الدّولة الوطنية والتّحديات العالمية الجديدة ،مركز للدراسات والبحوث الاستراتيجية ، ابو ظبي ،ط1، 2008  ، ص ص78 – 80

[17] – علي الدين هلال ، دراما الانتقال “: العوامل الهيكلية لعدم استقرار انظمة ما بعد ” الربيع العربيّ ” ، مجلة السياسة الدّولية ، العدد (194) المجلد (48) ، اكتوبر 2013 ص 33 .

 

[18] – أحمد عبد ربّه، الاستثناء الدّيمقراطي: مستقبل الدّولة الوطنيّة في العلم العربيّ، بعد ثورات الرّبيع العربيّ،مصدر سبق ذكره. ص34.

­­ -علي جلال معوّض، القابليّة للانكشاف،العوامل الدّلخلية والخارجيّة الدّافعة للتدخل في العلاقات الدّوليّة، اتجاهات نظرية في تحليل السياسة الدّولية [19]  ملحق مجلّة السياسة الدّوليّة، العدد 195، يناير 2014،ص12

[20]Noah Felydman After jiad :America and the Struggle for Islamic Democracy (New York: Farra،Straus and Giroux r 2003

نقلاً عن : برادلي أ .تاير، السلام الامريكي والشرق الأوسط : المصالح الاستراتيجية الكبرى لاميركا في المنطقة بعد 11 ايلول ” عن العبرية ”  ، ترجمة :د.عماد خوزعي شعيبي ، الدار العربيّة للعلوم ، بيروت ، ط1 ،2004، ص ص36-37.

[21] _ مروان المعشر، مستقبل التجولات السياسية بدول الربيع العربي في عام 2014 ،  عرض : نسرين جاويش ، مجلة السياسة الدّوليّة ، العدد (195) ، يناير ، كانون الثاني 2014 ، نسخه الكترونية : Siyassa org.eg 

 

[22] – المصدر نفسه

[23]– محمد فايز فرحان ، الاحتلال واعادة بناء  الدولة … دراسة مقارنة لتجارب ما بعد الحرب العالمية الثانية وما بعد الحرب الباردة ، رسالة دكتوراه غير منشور ، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية ، جامعة بغداد ، 2013 ، عرض : دينا شعبان عبد العليم ، في : مؤلفات عربية ، مجلة السياسة الدولية ، العدد (195) يناير 2014 المجلة (49) ، ص 180 .

 

[24]-The world Through Arab Eyes:Arab public opinion And the Reshaping of the Middle East Shible –

Tethami t ،(New York :Basic Books2013

-عرض دكتوره مروة نظير في مؤلفات أجنبيّة، في مجلّة السياسة الدّولية، العدد 195،المجلّد 49، يناير2014، ص175

[25] – أحمد عبد ربه ، الاستثناء الديمقراطي : مستقبل الدولة الوطنية في العالم العربي بعد ثورات الربيع مصدر سبق نفسة ذكرة ، ص ص 34-35 . 180

[26]– احد المهمين بدراسة الثورة في العلوم الاجتماعية .

 

 

[27] – علي الدين هلال ، دراما الانتقال” : العوامل الهيكيلة لعدم استقرار انظمة ما بعد ” الربيع العربيّ ” ، مصدر سبق ذكرة (32) ص ص 34-35 .

[28] -أحمد عبد ربه ، الاستثناء الدّيمقراطيّ : مستقبل الدّولة الوطنية في العالم العربيّ بعد ثورات الربيع مصدر سبق نفسة ذكرة ، ص ص 34-35 .

[29]– مصباح الشيباني ، الثورة العربية الراهنة وتحديات البناء الديمقراطي ، مصدر سبق ذكرة ، ص 159.

 

[30]– فوزي حسن حسين،التخطيط الاستراتيجي للسياسة الخارجيّة وبرامج الأمن القومي للدول- الولايات المتحدة الأمريكيّة نموذجًا،م، س ص127

[31] – فوزي حسن حسين،التخطيط الاستراتيجي للسياسة الخارجيّة وبرامج الأمن القومي للدول- الولايات المتحدة الأمريكيّة نموذجًا،م، س ص103-104

[32]– مارك ليونارد، لماذا سيكون القرن (21) قرنًا اوروبيًّا، ترجمة احمد محمـــــــــــود عجاج ، يصــــــــــــــــــدر عن هيئة ابو ظبي للثقافــــــــــة والتراث ( كلمة KALIMA )، الامارات العربيّة المتحدة ، الطبعة العربيّة الثانية ، 2011 ، ص 153 .

 

[33] – علي الدين هلال ونيفين مسعد، النظم السياسية العربية قضايا الاستمرار والتغيير، مركز دراسات الوحدة العربية بيروت ، ط1 ، 2000 ، ص21.

[34]– عبد الاله بلقزيز ، الدولة والسلطة والشرعية ، منتدى المعارف، بيروت ، ط1 ، 2013 ، ص ص 42-43 .

[35]– فوزي حسن حسين ، التخطيط الاستراتيجي للسياسة الخارجية وبرامج الامن القومي للدول  الولايات المتحدة الامريكية نموذجاً ، مصدر سبق ذكرة ، ص 94 .

 

[36]– عبد العزيز خليل المطوع ، الربيع الاسود : ثورة أم ظاهرة أم فصل من فصول تجفيف الأمة ، المؤسسة العربية للدراسات والنشر ، بيروت ، ط1 ، 2013، ص ص 308 -309 .

[37]– فادية المليح حلواني ، الملتقى الدولي الثاني لمخبر العلوم السياسية الحديثة تحت عنوان : (التغير السياسي في ظل الراهن الدولي : الرهانات والتحديات) جامعة المسيلة – الجزائر، 16-17 نيسان / ابريل 2013، في المجلة العربية للعلوم السياسية ، تصدر عن الجمعية العربية للعلوم السياسية ، العددان (39) و (40) صيف / خريف 2013 ،ص 193 .

[38]– عبد الاله بلقزيز ، الدولة والسلطة والشرعية، مصدر سبق ذكرة، ص 169.

[39]– جون اربرادلي ، ما بعد الربيع العربيّ : كيف اختطف الإسلاميون ثورات الشرق الأوسط ، ترجمة ، شيماء عبد الحكيم طه ، مؤسسة كلمات عربية للترجمة والنشر ، القاهرة، ط1 ،2013 ، ص 102

 

[40]– المصدر نفسه ، ص 104 .

[41]– ثناء فؤاد عبد الله ، اليات التغيير الديمقراطي في الوطن العربي ، مركز دراسات الوحدة العربية ، بيروت ، ط1 كانـــــــــــــــون الثاني ، يناير 1997 ، ص 162

[42]-خليدة كعسيس – خلاصي، الرّبيع العربي بين الثورة والفوضى ، مجلة المستقبل العربيّ ، مركز دراسات الوحدة العربيّة، العدد (421) السنة (36) آذار ، مايس، 2014 ص ص 233 – 234

[43]– م.م. محمد ميسر فتحي و م.م. محمد الطائي ، التغيير السياسي في الدول العربية .إرادة شعبية أم صناعة أمريكية ، ملخص بحث في كتيب مقدم في الندوة العلمية الثامنة لكلية العلوم السياسية ، جامعة الموصل ،22آيار2012

– المصدر نفسه[44]

  • [45] – أ.د. جميل مصعب محمود ، الربيع العربي : أسبابه وسماته ، ملخص بحث مقدم في الندوة العلمية الثامنة لكلية العلوم السياسية ، جامعة الموصل ،22آيار.

 

[46]– مروان سالم العلي ، رؤية في مشاريع التغيير الغربية تجاه منطقة الشرق الأوسط :استراتيجية الفوضى الخلاقة تطبيق واقعي لذلك التغيير ، ملخص بحث مقدم في الندوة العلمية الثامنة لكلية العلوم السياسية ، جامعة الموصل ،22آيار2012.

[47]– محمد فتحي ومحمد الطائي ، التغيير السياسي …، مصدر سبق ذكره.

 

[48]– جواد الحمد ، ملامح النظام العربي مابعد الثورات ، مركزدراسات الشرق الأوسط ، عمان ، 12 أيلول   ، سبتمبر 2012  من الانترنتwww.mesc،com.jo/ourvision :htmi

[49] – دينا شحاته ومريم وحيد ، محركات التغيير في العالم العربي ، مجلة السياسة الدولية ، العدد (184)ابريل 2011، المجلد 46،ص13

 

[50]– داليا فؤاد، الغرب والثورات العربية : محاولات الاحتواء والتأثير، مجلة حمورابي، مركز حمورابي للبحوث والدراسات الاستراتيجية ، السنة الاولى العدد (1) ، كانون الاول ديسمبر 2011، ص ص 94-95 .

 

 

 

 

[51]– سامح راشد ، دول الجوار الإقليميّ في عصر الثّورات العربيّة ، مجلة – شؤون عربية العدد (147) ، خريف 2011، ص ص 106 – 108

 

[52]– خالد اسماعيل سرحان، سورية … والتيارات الاسلامية : دراسة مستقبلية ، مجلة ابحاث استراتيجية ، مركز بلادي للدراسات والابحاث الاستيراتيجية ، العدد (4) ، كانون الثاني 2013 ص ص 81 – 82

*للمزيد من الاطلاع ، انظر بالتفصيل : جمال محمد سليم ،معضلة الاختيار : النماذج الاربعة للدولة الحديثة ، مجلة السياسة الدولية ، العدد(189) يوليو 2012، المجلد (47) ، ص ص 20-24 .

 

 

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

free porn https://evvivaporno.com/ website