foxy chick pleasures twat and gets licked and plowed in pov.sex kamerki
sampling a tough cock. fsiblog
free porn

الفنون التشكيليّة القديمة لكهوف الشّير الصخريّ الأثريّ

0

الفنون التشكيليّة القديمة لكهوف الشّير الصخريّ الأثريّ

تحت كنيسة النبيّ القدّيس يوحنّا المعمدان في بلدة أميون

(دراسة ميدانيّة تحليليّة ومقارنة)

الفنون التشكيليّة القديمة لكهوف الشّير الصخريّ الأثريّ PDF

نقولا موسى العجيمي([1])

 

شكل 1: صورة للشير الصخريّ الأثريّ في بلدة أميون، وتموضع فتحات النوافذ مع رقم كلّ نافذة تحتها.

     المقدّمة

يعدّ الشّير الصخريّ الأثريّ في بلدة أميون الكورة تحت كنيسة النبيّ يوحنّا المعمدان، والذي يطلّ على الطريق الالعام الرئيسة في وسطها، معلمًا فريدًا على الرغم ما يكتنفه من غموضٍ بسبب ندرة الأبحاث والدراسات المنشورة عنه. هذا إلى جانب العديد من الأساطير التي حيكت حوله، والتي كانت بحاجةٍ لأبحاثٍ علميّةٍ من أجل وضع حدّ لها بالوثائق الدامغة.

بدأت الأبحاث في البداية من باب التطفّل الإيجابيّ منّي كأحد أبناء البلدة الساكنين بالقرب من الموقع، إذ أشاهده بشكلٍ يوميٍّ عدّة مرّاتٍ. إلاّ أنّ الأمور تحوّلت أو فيما بعد إلى التّعاطي مع الموضوع بجدّيّةٍ أكبر، عبر اعتماد مناهج علميّة وأكاديميّة سلكت مساراتٍ عديدةٍ، تنوّعت بين أبحاثٍ ميدانيّةٍ واستكشافيّةٍ، إلى جانب السعي للاطّلاع على أبحاثٍ في الكتب وعدد من الدّراسات العلميّة والأثريّة السابقة على علاقةٍ بالموقع. لذلك، حملت هذه الدراسة العديد من التساؤلات، التي كانت بحاجةٍ لتوضيحاتٍ، نذكر منها: من هي الشّعوب التي قامت بإنجاز هذا المعلم؟ ما هو الدور الذي أدّاه الموقع في بداياته؟ إلى أيّ حقبة زمنيّةٍ يعود حفره في الصخر؟ ماذا يوجد في الداخل؟ هل يوجد نقوش أو أي عناصر فنّيّة لها قيمة مهمّة ما على واجهته الخارجيّة؟ ما مدى صحّة الأسطورة التي تقول بوجود دهليزٍ بالداخل، يربط الموقع بكاتدرائيّة القدّيس جاورجيوس في أعلى التلّة داخل البلدة القديمة؟

ومن أجل معالجة هذه التساؤلات ضمن هذه الدراسة، سأبدأ بالحديث عن مميّزات موقع بلدة أميون وعلاقتها باستيطان الشّعوب القديمة فيها، لأنتقل بعدها إلى أصل الاسم من خلال نصوصٍ تاريخيّةٍ قديمةٍ. ثمّ أتطرّق إلى موقع الشّير الصخريّ الأثريّ في البلدة، ومنها إلى أولى الاكتشافات، وهي النقوش الخارجيّ على الواجهة الصخريّة، التي مهدّت لعددٍ من الرحلات الاستكشافيّة إلى الداخل في ما بعد. واستنادًا لما اكتُشِف على الواجهة الخارجيّة للصخر، أبدأ بالتحدّث عن مراحل الرحلات الاستكشافيّة الثلاثة للشّير الصخريّ من الدّاخل، مع أبرز اكتشافاتها. لأنهي الدّراسة بخاتمة توجز ما اكتُشِف، وأهمّيّته على صعيد الاكتشافات الأثريّة المحلّيّة والوطنيّة، مع بعض التوصيات في مجال استكمال الأبحاث من قبل المتخصّصين؛ إلى جانب عرضٍ لأبرز الاقتراحات في سبيل تطوير الموقع، من أجل تأهيله لاستقبال الزيارات العلميّة والسياحيّة في المستقبل، بشكلٍ آمنٍ ومن دون تشويهٍ للمعلم.

 

  1. مميّزات موقع أميون، وعلاقته باستيطان الشّعوب القديمة

تتربّع بلدة أميون Amioun في وسط جنوب سهل الكورة Koura، شمال لبنان، على مجموعةٍ من التلال أبرزها التلّة الشماليّة المطلّة على سهلي الكورة وزغرتا Zgharta وقمم جبال لبنان الشماليّة الغربيّة. تمتاز بمناخها المعتدل، نظرًا لارتفاعها الذي يتراوح بين 241 مترًا و448 مترًا عن سطح البحر، وبعدها الذي لا يتجاوز 15 كلم عن البحر([2]).

ساعدت الطبيعة الجيولوجيّة المتنوّعة والغنيّة للبلدة، والسهلة الاستثمار، بتأمين مقوّمات الحياة الأساسيّة لاستقرار الشّعوب فيها. فهي غنيّة بالصخور الكلسيّة القاسية والرمليّة السهلة التقصيب أثناء استخدامها في البناء، وبتربة الصلصال الأحمر الخصبة والغنيّة بالحديد في شمال التلّة الصخريّة جهة سهل الكورة وفي التلّة الجنوبيّة؛ بالإضافة إلى وجود التربة الكلسيّة البيضاء على طول التلال الوسطى، من الشّرق نحو الغرب، والممزوجة في كثيرٍ من الأماكن بحجارة الصوّان البنّيّة القاسية والحادّة الحواف عند كسرها، الأمر الذي يجعل منها مادّة خامّ رئيسة يستفيد منها الإنسان الأوّل في صنع أدوات صيده وأسلحته، إلى جانب غناها بالمياه الجوفيّة السطحيّة الجارية لمدّةٍ طويلةٍ من السنة بسبب سهولة استخراجها في هذه التلال. كلّ هذا فضلًا عن وجود عددٍ كبيرٍ من المغاور والتجاويف الصخريّة الطبيعيّة، التي تسمح بأن تكون ملاذًا آمنًا أو مسكنًا يلتجئ إليه الإنسان الأوّل.

لم يكن لطبيعة أميون الجيولوجيّة السّبب الوحيد في اجتذابها لاستيطان الشّعوب القديمة إليها، بل كانت وما تزال على طريقٍ استراتيجيٍّ لتنقّل القوافل التّجاريّة والمهاجرة من الأسواق التّجاريّة البحريّة في الساحل، نحو الداخل اللبنانيّ وجبال لبنان الشماليّة العالية الغنيّة بالغابات مصدر الأخشاب والثمار.

هذه العوامل الطبيعيّة والمناخيّة والجغرافيّة مجتمعةً، سمحت بتأمين استقرارٍ للشعوب التي لجأت إلى منطقة أميون، وساهمت في تكوين مجتمعٍ يتكيّف مع طبيعتها وخيراتها، ويطاوع بعضها الآخر بحسب متطلّباته الحياتيّة وهواجسه. هذه العناصر ساهمت بتشكيل مجتمعٍ حضاريٍّ ضاربٍ في القدم، ما زال قسم من آثارها ومعالمها صامدًا على الرّغم من عوامل الزّمن، ومنها موقع الشّير الصخريّ الأثريّ هذا، الموجود تحت كنيسة النبيّ يوحنّا المعمدان في وسط البلدة.

 

  1. أصل الاسم من خلال النصوص التاريخيّة القديمة

بحسب الكتب والوثائق القديمة، فإنّ أقدم تاريخٍ معروفٍ لوثيقةٍ تتحدّث عن بلدة أميون، باسمها المعروف حاليًّا، هو ما ذكره البطريرك المارونيّ اسطفان الدويهيّ Estephan El-Douaihy (1630-1704) في كتابه تاريخ الموارنة، والذي أتى به على ذكر معركةٍ تاريخيّةٍ نشبت بين الجيش البيزنطيّ والموارنة بالقرب من أميون العام 694م، والتي على أثرها انهزم الجيش البيزنطيّ. إلاً أنّ الخوري يوسف العاقوري Joseph Akoury، أصبح في ما بعد بطريركًا على الموارنة (1644-1648)، تحدّث عن هذه الحادثة قبل الدويهيّ في قصيدة شعريّة زجليّة نظمها في كتاب الميمر العام 1620، من دون ذكر تاريخٍ للحادثة([3]).

مع قدوم عددٍ من الباحثين المستشرقين الغربيّين إلى بلاد الشرق، وقيامهم بأبحاثٍ عديدةٍ عن الآثار القديمة ومواقعها في المنطقة، ساهموا في إيجاد دراساتٍ تضمّنت أبحاث تخصّ بلدة أميون. كانت من أبرزها النصوص المكتشفة في رسائل تلّ العمارنة Tal Al-Amarna ومن ثمّ نصّ آخر على تمثال الملك إدريمي The Statue of King Idrimi، إذ أتت هذه النصوص على ذكر منطقة تدعى أميا Ammiya، يرجّح الباحثون أنّها هي المنطقة ذاتها المسمّات أميون في شمال لبنان بالقرب من طرابلس.

أمّا أقدم ما نشر من معلوماتٍ عن البلدة هو ما وجد في رسائل تلّ العمارنة الفرعونيّة، المدوّنة خلال القرن الرابع عشر قبل الميلاد([4])، والتي ذكر فيها اسم أميا في ثمانية رسائل من أصل 382 اكتُشِفت وأُحصِيت([5]). كانت البدايات، مع اكتشاف نماذج شبيهة لهذه الألواح قد بدأت بالظهور في تلّ الحصي Tell El-Hesi في فلسطين العام 1886، إذ ترجمها هوغو وينكلر Hugo Winckler (1863-1913()، بعدما حدّد الموقع الأثريّ وبدأ باكتشاف الألواح هناك، إلاّ أنّ السلطات المصريّة فشلت يومها في اكتشاف المزيد من الألواح. لكن، في ما بعد، ربّما العام 1887، بدأت اكتشافات أخرى لألواحٍ مشابهةٍ بالظهور، عندما عثر بعض السكّان المحلّيّين في منطقة تلّ العمارنة بمصر على عددٍ من هذه الألواح الطينيّة مع بعض الكتابات عليها، لتتوسّع بعدها بعض عمليّات الحفر السرّيّة في الموقع. ويرجّح أنّ بعض هذه الألواح قد تعرّض للكسر أو التدمير أو السرقة، إلاّ أنّ مجموعها فاق الـ 300 لوحٍ حينها، وأصبحت تنتشر بين أيادي تجّار الآثار وهواة جمعها، إلى أن جُمِعت في ما بعد في المتاحف عن طريق شراءها أو مصادرتها أو الحصول عليها كهدايا([6]).

لذلك، أخذت ألواح تل العمارنة اسمها من منطقة العمارنة في صعيد مصر، في سهلٍ على الضفّة الشرقيّة لنهر النيل، على بعد 190 ميلًا جنوب القاهرة، بعدما أصبح هذا الموقع عاصمة لمصر القديمة لمدّةٍ وجيزةٍ خلال القرن الرابع عشر قبل الميلاد. فقد أسّس هذه المدينة أمينوفيس الرابع Amenophis IV (1350-1334 ق.م.)، المعروف أيضًا باسم أخناتن Akhenaten، أحد أشهر الملوك المصريّين الفراعنة. أمّا سبب شهرته، فيعود لتمرّده على التقاليد الدّينيّة، حتّى قيل عنه بأنّه أوّل مصلحٍ دينيٍّ في التاريخ، بعدما قام بدعوة شعبه لتوحيد العبادة لإلٍه واحدٍ([7]).

كان قد بلغ مجموع ما اكتُشِف في العام 1907، من هذه الألواح 358 لوحا، حصلت علامة بارزة في تاريخ دراسة تلّ العمارنة، بعدما نشر الباحث في الحضارة الأشوريّة النروجيّ يورغن ألكسندر كنودتسن Jorgen Alexander Knudtzon (1854-1817) المجلّد الأوّل من كتابه تحت عنوان ألواح العمارنة Die Al-Amarna-Tafeln، والذي تميّز إلى حدٍّ كبيرٍ بقراءاته وترجماته للأبحاث الخاصّة بأسلافه من الباحثين والعلماء([8]). وقد اختصّ المجلّد الأوّل بجمعه للرسائل الخاصّة بالمجتمعات الأجنبيّة التي تعاملت مع الفراعنة المصريّين([9])؛ أمّا المجلدّ الثاني، قام بتخصيصه لرسائل المناطق التي كانت خاضعة لسلطة المصريّين مباشرةً، انطلاقًا من الشمال في بلاد سوريا إلى الجنوب في فلسطين([10]). هذا يعني أنّ الرسائل التي وجد فيها اسم أميا قد نشرت في المجلّد الثاني لـ كنودسن.

كانت لغة الكتابة زمن تلّ العمارنة تعتمد بثقافتها على الكتابة بالأحرف المسماريّة القديمة، التي كانت مشتركة في القرن الرابع عشر قبل الميلاد في جميع أنحاء الشرق الأدنى. لكنّ هذه المنطقة، ذات ثقافاتٍ غير متجانسةٍ، بسبب نتاجٍ تاريخيٍّ معقّدٍ، تتقاطع فيما بينها بجزءٍ بسيطٍ منه بالكتابة، التي وجدت في تلك المنطقة قبل أكثر من ألف العام من زمن تلّ العمارنة في بلاد السومريّين Sumer والأكديّين Akkad ([11]). أمّا بخصوص مضمون هذه المراسلات، بحسب ما جاء في كتاب “ويليام ل. موران William L. Moran تحت عنوانThe Amarna Letters، فيمكن تلخيصها بكونها تعكس نمط الإدارة المصريّة في تسجيل أوضاع الأراضي الخاضعة لسلطتها آنذاك في بلاد سوريا وفلسطين.

تبيّن أيضًا في كتاب موران أنّ هذه المنطقة كانت مقسّمة إلى مقاطعتين كبيرتين أو ثلاث مقاطعاتٍ، كلّ مقاطعةٍ تحت إشراف مسؤولٍ عسكريٍّ مصريٍّ، على الرّغم من أنّه لم يوجد أيّ اسمٍ لهؤلاء المسؤولين في أيّ من رسائل تلّ العمارنة المكتشفة. مركز إحدى هذه المقاطعات كان في منطقة غزّة Gaza، حيث استولت على كامل فلسطين وفي الساحل الفينيقيّ، كان فيه مركزين، إحداها تابع لمقاطعة أمورو Amurru التي ما تزال حدودها غير محدّدة، ومسؤول آخر كان في كوميدو Kumidu” يدير المنطقة من قادش Qades” جنوب سوريا حتّى حاصور Hazor شمال فلسطين. أمّا الهدف من هذه المقاطعات: دفع الجزية والضرائب، وتأمين المنتوجات والبضائع على أنواعها والعمّال، وامداد القوّات المصريّة بطرقات العبور والتنقّل مع تعزيزها أمنيًّا لحماية القوافل([12]).

لقد امتدّت هذه المراسلات تقريبًا منذ اعتلاء الفرعون أمينوفيس الثالث Amenophis III (1386-1349ق.م.) العرش، ومن بعده الفرعون أمينوفيس الرابع ضمنًا، حتّى عهد الفرعون سمنخقار Smenkhkare (1336-1334ق.م.) أو السنوات الأولى من حكم الفرعون توت عنخ أمون Tutankhamun (1334-1325ق.م.) ([13]). وللتوضيح أكثر، عندما كان عبد-أشيرتا Abdi-Asirta حاكم أمورو عدوّ لـ رب-حدّا Rib-Hadda حاكم جبيل، وذلك عندما كان أمينوفيس الثالث فرعون على مصر. في ما بعد، من الرسالة 101-131 إلى الرسالة 362، كتبت جميعها على عهد الفرعون المصريّ أمينوفيس الرابع([14]). ونستنتج أنّ أوّل ستّة رسائل([15]) ذكر فيها اسم أميا قد كتبت على عهد الفرعون الأوّل؛ بينما كتبت في الرسالتين الأخيرتين([16])على عهد الفرعون الثاني، فتضمّ رسالتين أرسلهما الحاكم إيلي-ربي Ili-Rapih أو إيلي-رافي Ili-Raphi، على عهد حاكم بلاد أمورو الملك أزيرو Aziru.

بعد الاطّلاع على كتاب موران، ونتيجةً لتحليل الرسائل الثمانية حول أميا، تبيّن ما يلي:

أ- معظم الرسائل الثمانية، التي ورد فيها اسم أميا، قام بإرسالها حاكمان لمدينة جبلة (أو جبيل حاليًّا)، وقد كتبت خلال حقبتين زمنيّتين: الأولى تضمّ ستّة رسائل أرسلها الحاكم رب-حدّا، والثانية على عهد الحاكم إيلي-ربي.

ب- تلك الرسائل كانت بمعظمها رسائل ذات طابع حربيّ. تمحورت مواضيعها حول طلب حكّام جبيل الدعم العسكريّ من الفرعون المصريّ، من أجل مجابهة حكّام أمورو والأبيرو، الذين قاما بغزواتٍ على البلاد المجاورة لمنطقة نفوذ جبيل، بعد قيامهم بالتحريض على قتل الملوك حكّام تلك المناطق في حال لم يرضخ الملوك بالاستسلام والطاعة لهم، وتسليمهم للمدن وتوابعها، إلى جانب السعي للتوسّع في باقي الأملاك التابعة لمصر حينها في المنطقة.

ج-  إنّ أميا هي منطقة في الداخل اللبنانيّ، ذكرت تارّةً كبلد وتارّةً كمملكة، على رأسها حاكم برتبة ملك، وظهرت هذه المنطقة بأهمّيّةٍ موازيةٍ لمكانة وشأن مدينة جبيل خلال تلك الحقبة.

     تبيّن أيضًا من خلال دراسة كامل كتاب موران وتحليله، وجود أسماءٍ لخمسة مناطق، كتجمّعٍ مدنيٍّ وحضاريٍّ، هي: أميا Ammiya وأمبي Ampi وِشيغاتا Shigata وكوسبات Kouasbat ومجدلو Magdalou، تتقارب بأسمائها مع ما طرحه الباحث النروجيّ “كنودتسن”، بعدما رجّح وجودها بالقرب من مدينة طرابلس شمالي لبنان، وهي بالتتابع على الشكل الآتي: أميون Amioun وأنفه Anfeh وجبل رأس الشقعة (حاليًّا حامات ووجه الحجر) وكوسبا Kousba والمجدل Mejdel (أو ما يعرف اليوم بمنطقة القويطع في قضاء الكورة). هذا الأمر يجعل من منطقة قضاء الكورة، زمن دراسة كنودتسن العام 1915، مقسّمة على الأقلّ إلى خمس مقاطعاتٍ كبرى على عهد تلّ العمارنة، وعلى رأس كلّ واحدةٍ منها حاكم برتبةٍ ملكيّةٍ (شكل2) .

شكل 2: هذه خريطة تقريبيّة أعددتها لتوزّع الممالك الموجودة في رسائل تلّ العمارنة بمحيط مملكة أميا. إنّها تصوّر أوّليّ يهدف إلى تقريب فكرة توزّع أسماء تلك المناطق لتتوافق مع سياق النصوص المنشورة في تلك الرسائل. على أمل أن تؤدّي الأبحاث العلميّة في المستقبل إلى توضيح هذه الفكرة، من خلال اثبات مدى قربها للواقع من عدمه. هذا إلى جانب فرضيّة احتمال كبير أن تكون بلاد أمورو هي في الحقيقة المنطقة الشاسعة الممتدّة من مدينة طرابلس إلى حدود نهر عرقة في عكّار، مع أجزاءٍ من أقضية المنية-الضنيّة وزغرتا والكورة.

ملاحظة: الصورة الجغرافيّة الأساسيّة مأخوذة من موقع:

https://www.google.com/maps/search

لكن، بسبب ندرة أبحاث التنقيب عن المواقع الأثريّة داخل بلدة أميون، ليس معلومًا بعد ما إذا كان معبد نينورتا Temple Ninurta([17])، الذي ورد ذكره في رسالة تلّ العمارنة رقم EA74:30-38 في السّياق الآتي: “..إنّ عبد عشيرتا، بعدما سيطر على شيغاتا، أرسل رسالة إلى أهل أميا يقول فيها: اقتلوا سيّدكم، وانضمّوا لسلطتي، فتسلموا. وهذا ما حصل، وانضمّوا إلى الأبيرو. ثمّ طلب عبد عشيرتا برسالةٍ إلى أنصاره للصلاة في معبد نينورتا، قبل أن يكملوا نحو جبيل لإخضاعها..”([18])، كان موجود فعليًّا في بلدة أميون. لذلك، يطرح هذا الموضوع عدد من التساؤلات، التي بحاجة إلى توضيحٍ من المعنيّين المتخصّصين في مديريّة الآثار الوطنيّة اللبنانيّة في الأيّام القادمة، من خلال أعمال التنقيب الأثريّ الميدانيّ. فهل يمكن أن يكون هذا المعبد، المذكور في هذه الرسالة، كان موجود حينها في أميا أو بلدة أميون الحاليّة؟ وهل يمكن أن يكون هذا المعبد القديم هو ذاته الذي بني على أنقاض حجارته الضخمة كاتدرائيّة القدّيس جاورجيوس الحاليّة في أعلى قمّة التلّة الشماليّة داخل البلدة القديمة؟ أم أنّ هذا المعبد كان موجود فوق موقعٍ آخر داخل البلدة، لربّما فوق الشّير الصخريّ مكان كنيسة النبيّ القدّيس يوحنّا المعمدان حاليًّا، خصوصًا أنّه يوجد على أعلى الجرف الصخريّ نقوش لأحواض متدرّجة أفقيًّا وكأنّها قواعد لأساسات جدران لم تعد موجودة منذ زمنٍ، وربّما تهدّمت بفعل الكوارث الطبيعيّة كالزلازل أو بأفعالٍ بشريّةٍ قبل بناء الكنيسة في أعلى الموقع؟

     كما أنّ رسائل تلّ العمارنة ليست هي الوحيدة التي ذكر فيها اسم أميا، بل ورد أيضاً على تمثالٍ للملك إدريمي ، الذي يعود إلى القرن الخامس عشر قبل الميلاد، والمعروض حاليًّا في المتحف البريطانيٍّ British Museum([19]). (شكل3)

كانت البداية، عندما قام السير ليونارد وولي Sir Leonard Woolley (1880-1960) باكتشاف تمثال الملك إدريمي العام 1939، أثناء أعمال التنقيب في تل عطشانة Tall Atshana (العلا) في شمال سوريا قرب حلب، (حاليًّا، يقع على الحدود السوريّة-التركيّة، على الضفّة الشرقيّة لنهر العاصي). وعلى الرّغم من اكتشاف التمثال في حطامٍ يعود إلى حوالي العام 1200 ق.م.، إلاّ أنّ علماء الآثار يرجّحون تاريخه إلى حوالي العام 1500 ق.م. هذا التمثال، الصغير الحجم، والمصنوع من حجر المغنسيتMagnesite  والدولورايت Dolorite، يمثّل الملك إدريمي جالسًا على العرش، ومنقوش عليه كتابات باللغة الأكاديّة من 104 أسطر. وقد ورد اسم أميا في سياق النصّ المكتوب على هذا التمثال([20]).

 

شكل 3: تمثال إدريمي ملك ألالاخ The Statue of Idrimi king of Alalakh، 63.50سم x 104.14سم x 48.26 سم، حجر ماغنيزيت وعيون زجاجيّة، المتحف البريطاني، يعود للقرن 16 ق.م. أو القرن 15 ق.م.

The British Museum https://www.britishmuseum.org/

في مقدمة النصّ المكتوب على التمثال، يبدأ الكاتب بالسيرة الذاتية لـ إدريمي بأنّه ابن إليميليما Ilimilimma، وبانتماءاته الدينيّة كخادمٍ لمجموعةٍ من الآلهة هم: أدد Adad وهبات Hepat وعشتار Ishtar سيّدة ألالاخ Alalakh وسيّدته (سطر1 و2). ثمّ يبدأ النصّ بالحديث عن مأساةٍ حصلت في مسقط رأسه في حلب Aleppo، إذ اضطرّ أن يغادر مع عائلته مدينته هربًا إلى منطقة عمار Emar ليكمل من هناك التفكير بكيفيّة استعادة عرش والده. لكنّه، أثناء هروبه، لم يعد مباشرةً إلى حلب، بل لجأ إلى أرض كنعان Canaan، وتحديدًا إلى بلدة أميا، التي كان فيها الكثير من اللاجئين من أبناء حلب وموكيش Mukis ونيا Niya وأماي Amae (سطر 21-23)، إذ كانوا يحيّونه بتشجيعٍ وهو داخل إلى البلدة (سطر 26 و27)، ليقض هناك وقتًا طويلًا مع “الهبيرو Habiru” أو المنبوذين الاجتماعيين (سطر 27 و28). ولأنّه رجل تقيّ، لا يهتمّ بالعودة إلى وطنه من أجل استرجاع حكمه إلاّ إذا حصل على موافقة الآلهة، ظلّ ينتظر هناك لأخذ البشائر الإلهيّة لتحديد إرادتهم. وخلال عامه السابع في المنفى، أمره إله الطقس (هل هو الإله نينورتا السابق الذكر([21])؟) بالعودة إلى دياره، ليسافر عائدًا عبر البحر مع مجموعةٍ من الأشخاص. ثمّ يكمل الكاتب كيفيّة عودة إدريمي لمحاربة أعدائه، وانتصاره باسترجاع دياره مع سبع مدنٍ أخرى من الحثّيّين، الذين كانوا عاجزين عن مجابهته، وكيف قام بتسليم العرش في ما بعد لابنه “أدد نيراري Adad Nirari“. وأخيرًا، ينتهي النصّ بلعنةٍ ضدّ كلّ من يعبث بالتمثال ورسالته، مع أدعية بالنعمة والبركات للكاتب، ووصيّة لمن يقرأ الرسالة بالصلاة لصاحب التمثال([22]).

لذلك، يُعدُّ تمثال إدريمي ورسائل تلّ العمارنة من أقدم الوثائق التاريخيّة المكتشفة والخاضعة لدراساتٍ من قبل علماء الآثار، التي ورد فيها الاسم الأقدم على الأرجح لبلدة أميون تحت اسم أميا، بحسب تحليلات العلماء المتخصّصين في هذا المجال. كلّ هذا، يضاف إليه وجود عددٍ من المواقع الأثريّة داخل البلدة والتي تشير إلى الوجود السكّانيّ والحضاريّ الضارب في القدم فيها، ومنها موقع الشّير الصخريّ الأثريّ تحت كنيسة النبيّ القدّيس يوحنّا المعمدان. كما سأتطرّق هنا للموقع بشكلٍ موسّعٍ، من الجوانب كافّة الجغرافيّة والتاريخيّة والبحثيّة، في الوثائق المتوفّرة والدراسات الميدانيّة، إلى جانب المراحل الاستكشافيّة الأخيرة عليه على مدى أكثر من 15 سنة، والتي توصّلت الأبحاث إلى نتائج مهمّة جدًّا، تستحقّ المتابعة من المعنيّين في مجال دراسة تلك المواقع الأثريّة وفنونها القديمة، لما تحمله من أسرارٍ لم تكن ربّما معروفة من قبل في لبنان والمنطقة. وبعدما تحوّلت القرى إلى مدن أكثر تنظيمًا وتعقيدًا من خلال نموذج المدينة-الدولة، بسبب تغييرات اجتماعيّة كبيرة حصلت خلال العصر البرونزيّ([23])، يمكن القول إنّ بلدة أميون كانت عامرة بالاستقرار الإنسانيّ والحضاريّ والسياسيّ كمملكة خلال القرن الرابع عشر قبل الميلاد من تاريخ لبنان.

  1. موقع الشّير الصخريّ الأثريّ في بلدة أميون

يقع الشّير الصخريّ الأثريّ تحت كنيسة النبي القدّيس يوحنّا المعمدان الذي أتطرّق لدراسته، على التلّة الصخريّة الشّماليّة، في وسط بلدة أميون تقريبًا. لكن، في حقيقة الأمر، هو نتوءٍ صخريٍّ عالٍ، حادّ الحواف على شكل جرفٍ منحنٍ من الأعلى نحو الجنوب ومن الأسفل نحو الشمال، يتّجه من الشرق نحو الغرب، إلاّ أنّه متّصل بالتلّة الصخريّة الشماليّة الأمّ، التي تبدأ فعليًّا من أعالي مجرى نهر قاديشا Kadisha River شرقًا في بلدة بشرّي Bcharri، ومنها يتّجه قسم منها غربًا باتّجاه أميون.

إذاً، يبدأ هذا الجرف الصخريّ من بلدة بشرّي، من سفح أعلى قمم جبال لبنان الغربيّة، ليتّجه بشكلٍ حادٍّ غربًا على طول مجرى نهر قاديشا في وادي قنّوبين Quannoubin Valley، نزولًا حتّى قريتي طورزا Tourza ومغر الأحوال Moghor Al-Ahwal في أقصى غرب قضاء بشرّي. بعد ذلك، يبدأ مشواره داخل قضاء الكورة من بلدة رشدبّين Rechdebbin، ومنها نحو بلدة كوسبا Kousba، حيث ينفصل فرع منه على شكل سلسلةٍ صخريّةٍ نحو الطرف الجنوبيّ لسهل الكورة باتّجاه بلدة كفرعقّا Kafarakka، ثمّ تغور السلسلة في الأرض قليلاً في شرق بلدة كفرصارون Kafarsaroun، حتّى تصبح شبه ظاهرة للعيان. لكن، ابتداءً من الطرف الغربيّ لـ كفرصارون، تعود هذه السلسلة الصخريّة بالظهور من جديدٍ بشكلٍ عالٍ وحادٍّ نحو الحدود الشرقيّة لبلدة أميون، في منطقة تعرف حاليًّا بـ تلّة السرايا Tallat Al-Saray، لتغور بعدها مسافةً قصيرةً في حيّ المعاصر Hay Al-Maaser عند مجرى مائيّ لا يجفّ طيلة فصل الصيف، قبل أنّ تعاود بالصعود من جديد حتّى الحدود الغربيّة مع بلدة كفرحزير Kafarhazir لتختفي هناك في وسط البلدة.

كان لا بدّ من الإضاءة على هذه التفاصيل الدقيقة للموقع بشكلٍ العام، لما لها من دورٍ مباشرٍ ورئيس في استقرار الشّعوب القديمة بجوار تلك السلسلة الصخريّة، حيث وجدت فيها العديد من المغاور والآثار القديمة. لذلك، لا بدّ من أنّ تشكّل هذه السلسلة الصخريّة العالية، والغنيّة بعددٍ كبيرٍ من المغاور والتجاويف، طريق طبيعيّة من الساحل اللبنانيّ نحو الداخل عبر الجبال، لقربها من مجاري المياه العذبة الأساسيّة لاستمرار الحياة حول الأنهر والوديان الخصبة، والتي شكّلت مواقع لجوءٍ وحمايةٍ للشعوب منذ القدم من الظواهر الطبيعيّة أو من هجمات الحيوانات المفترسة أو للسكن والاستقرار.

لكن، لا يوجد في بلدة أميون أيّ نهرٍ للمياه العذبة، الذي سيؤمّن استمراريّة الحياة لأيّ شعبٍ يريد الاستقرار في المنطقة. فمن أين كانت الشّعوب التي استوطنت المنطقة تؤمّن مصدر المياه العذبة لديمومة حياتها؟ كما أنّ موقع هذا الشّير الصخريّ تحت الكنيسة يتميّز بارتفاع واجهته الحادّة لما يقارب 20 مترًا، ما يصعّب الوصول بسهولةٍ إلى الغرف المحفورة على واجهته الجنوبيّة، إلّا أنّه يطلّ أمامه على مستنقعٍ صغيرٍ يرفد إليه مجرى ماءٍ عذبٍ طبيعيٍّ لا ينضب، فكان هذا شريان الحياة لاستيطان الشّعوب واستقرارها في أميون.

     تبدأ مجاري تلك المياه السطحيّة العذبة على طول الأودية الممتدّة بين التلال الكلسيّة في وسط البلدة، من نبعٍ طبيعيٍّ غزيرٍ في حيّ التاروع Hay Al-Taroue غرباً (شكل4)، مرورًا بينابيع (جبّ لوقا Jubb-Louka) والبيادر Al-Bayader، وصولاً إلى بركة مستنقعٍ صغيرٍ طبيعيٍّ أمام الموقع مباشرةً، لتكمل بعدها المياه بمجرىً طبيعيّ نحو وادي حيّ المعاصر السابق الذكر. وهكذا، يمكن عدُّ أنّ نبع التاروع في بلدة أميون هو المصدر الرئيس لولادة واستمرار الحياة البشريّة اجتماعيًّا وحضاريًّا في البلدة منذ أقدم العصور. كما تتميّز المنطقة المطلّة على الشّير الصخريّ، والمعروفة بـ حيّ البيّاض Hay Al-Biyad، بتربتها الكلسيّة البيضاء الغنيّة بعشرات الينابيع السطحيّة الأخرى وآبار مياهٍ جوفيّةٍ ضاربةٍ في القدم، لا تنضب مياهها طيلة أيّام السنة، وهي محفورة على أعماقٍ تتراوح بين 3 أمتارٍ و8 أمتارٍ كحدٍّ أقصى.

شكل 4: نبع حيّ التاروع، في غرب أميون، الذي يعدّ مصدر مياه العذبة الرئيسة في أميون وسبب استقرار الشّعوب القديمة فيها.

تصوير: نقولا العجيمي.

كما تتميّز بلدة أميون بوجود أكثر من موقعٍ فيها يتحوّل إلى مستنقعاتٍ مائيّةٍ طيلة فصليّ الشتاء والربيع، غير المستنقع الموجود أمام الشير الصخريّ الأثريّ هذا، من أشهرها ثلاثة مواقع منخفضة نسبيّاً تقع في سهل أميون، وهي: رامية ومستنقع بستا Besta، مستنقع المريج Mreij، ونبع عين المرجة Ain Al-Marjeh. لذلك، تعتبر أميون، بشكلٍ عامٍّ، منطقة ذات تربة خصبة نظراً لغناها بالمياه العذبة والرطوبة. فهل كان لهذه العناصر الحيويّة سبب في إطلاق تسمية “أمّيا” أو “Ammya” عليها، ذات الجذور الساميّة، والتي قد تعني “أمّ المياه” أو “الأرض الخصبة غزيرة المياه”؟

  1. أولى الاكتشافات: النحت الخارجيّ على الواجهة الصخريّة (2007-2008)

إنّ موقع الشّير الصخريّ الأثريّ في أميون موجود في مكانٍ مرتفعٍ ومطلٍّ على الطريق العام الرئيس. وعلى الرغم من ذلك، كان هذا المعلم يشكّل العديد من التساؤلات لكلّ ناظرٍ إليه عمّا يوجد في داخله، من أهالي البلدة أو الزائرين إليها، بسبب صعوبة وخطورة الوصول لمداخل الغرف، الأمر الذي أدّى إلى شحٍّ بالمعلومات أو الدراسات العلميّة الجدّيّة للموقع. فمنذ العام 2006، وحتّى يومنا هذا، والأبحاث ما تزال مستمرّة للحصول على أيّ معلومةٍ أو دراسةٍ علميّةٍ للموقع، أو حتّى رسم لوحةٍ قديمةٍ نفّذها فنّانون مستشرقين أو رحّالة للواجهة الصخريّة هذه أسوةً بما حصل في العديد من الأماكن الأثريّة والطبيعيّة في لبنان، إلاً أنّ أيّ من هذه الوثائق ما زال مجهولاً وربّما غير موجودٍ في الأصل.

بدأت أولى الأبحاث عن الكهوف والمغاور الطبيعيّة والبشريّة في أميون أواخر العام 2005، أثناء التحضير لتجميع المعلومات اللازمة من أجل تقديمها في المشروع الأوّل لرسالة تخرّجي في الفنون التشكيليّة من الجامعة اللبنانيّة، حول موضوع الأيقونات الملكيّة في كنائس بلدة أميون. ومن أجل تحقيق هذه الغاية، كان من الضروري اللجوء إلى الأبحاث الميدانيّة، ومقابلة كبار السنّ، للوصول إلى جمع المعلومات غير المدوّنة عن البلدة وتاريخها القديم، فتوالت لقاءات عديدة مع أستاذ التاريخ والجغرافيا في أميون شكرالله النبّوت Chokrallah Al-Nabbout (1929-2019)، الذي يعود له الفضل الأكبر في إنجاز هذه الدراسة على ما وصلت إليه الآن من نتائج.

إنّ شكرالله)[24]( من أبناء أميون، متخصّص بتاريخ الشعوب الناطقة باللغة العربيّة من الجامعة اليسوعيّة في بيروت، كانت له محاولات فرديّة في دراسة وتوثيق وتجميع معلوماتٍ عن المواقع الأثريّة والتاريخيّة داخل بلدته، لكنّ أغلب المعلومات والوثائق والدراسات التي كان جمعها سابقًا قد تعرّضت للسرقة خلال الحرب الأهليّة اللبنانيّة العام 1976. ولأنّه كان يعلّم في المدارس مادّتي التاريخ والجغرافيا في المدارس، لطالما كان يردّد أمامي عبارة: إنّ مادّتي التاريخ والجغرافيا يدرّسان في اختصاصين مختلفين، يختلفان في المضمون، لكنّهما لا بدّ وأن يلتقيان ليكمّلا بعضيهما في الجوهر. وخلال الزيارات العديدة التي كنت أزوره فيها باستمرارٍ، وعلى الرغم من تقدّمه في السنّ وحالته الصحّيّة غير المستقرّة حينها، كان يفرح بلقائي معه من أجل إنعاش ذاكرته حول دراساته المسروقة، والاستماع إلى آخر المعلومات التي كنت أجمعها وأخبره عنها، بعدما كان قد أخبرني عن إحصاءه لـ 13 مغارةٍ طبيعيّةٍ أو تجاويفٍ على شكل غرفٍ أو مدافن محفورة في الصخر من صنع الإنسان داخل البلدة، وقيامه بتزويدي بالمعلومات اللازمة لتحديد مكانها وكيفيّة الوصول إليها؛ إلى جانب العدد الموجود في الشّير الصخريّ تحت كنيسة النبيّ يوحنّا المعمدان، والتي كان قد أحصاها بعدد 26 غرفة محفورة بالصخر. لكن، بعد أبحاثٍ ميدانيّة دقيقة، استطعت أن أرفع عدد تلك المغاور والتجاويف والغرف إلى (39) موقعًا في أرجاء أميون، ونوافذ الغرف الموجودة تحت هذه الكنيسة ارتفع عددها الإجماليّ إلى 27 نافذة أواخر العام 2006، بسبب عدم الانتباه في السابق إلى احتساب غرفةٍ واحدةٍ، ما تزال مغلقة بالحجارة وتستعمل حاليًّا كمدفنٍ أمام الجهة الغربيّة للكنيسة([25]). لذلك، ستشكّل جميع هذه الغرف المحفورة في الصخر، مع نوافذها البالغ عددها 27 نافذة على الواجهة الخارجيّة المطلّة جنوباً، محور هذه الدراسة.

كانت البدايات أواخر العام 2006، بكلّيّة الفنون الجميلة في الجامعة اللبنانيّة في بيروت، بعدما باشرت في التحضير لمشروع التخرّج، وهو معرضٍ فنّيٍّ للوحاتٍ تشكيليّةٍ، اخترت لعنوانها بلدتي أميون والتي كان من مواضيعها إدخال موقع الشّير الصخريّ هذا من ضمن مجموعة الأعمال الفنّيّة المنفّذة، بعد دراسة عدد الغرف المحفورة على واجهته الخارجيّة، وكيفيّة توزيعها، محاولًا إيجاد عناصر أخرى ممكن إدخالها بأسلوبٍ فنّيٍّ إلى أن أنهيت العام الدراسيّ العام 2007، بتنفيذ لوحةٍ جداريّةٍ واحدةٍ كبيرةٍ غير مجزّأة، بقياس 576سم x 144سم، مع عددٍ من اللوحات الأصغر حجمًا؛ إلى جانب رسالة التخرّج بعنوان: الأيقونات الملكيّة في كنائس بلدة أميون-دراسة تحليليّة. فما كان منّي إلاّ أن اضطررت لاستئجار شاحنة كبيرة إلى الجامعة في بيروت، من أجل جلب اللوحة الجداريّة مع باقي اللوحات، الأمر الذي جعل الكثير من الفضوليّن في البلدة تأتي لمشاهدة الشاحنة مع حمولتها باستغرابٍ. بعد هذه الحادثة، بدأت أسمع العديد من الأخبار من الذين شاهدوا أعمالي الفنّيّة، أو سمعوا عنها وعن مواضيعها، مع اللوحة الجداريّة الكبيرة. إلاً أنّ خبرين اثنين كانا لهما أثر كبير في تطوّر الأبحاث حول موقع هذا الشّير الصخري الأثريّ في أميون، وهما:

  1. الخبر الأوّل: من ابن عمّ والدي فؤاد توفيق العجيمي (1962)، عندما أخبرني عن دخوله في مرحلة المراهقة إلى الغرف المحفورة في الصخر تحت الكنيسة، مع مجموعة من السيّاح الألمان، ثلاث شبّانٍ وصبيّة، زاروا أميون العام 1978 أثناء الحرب الأهليّة، ووصلوا للموقع عبر المشي على ممرٍّ ضيّقٍ وخطرٍ، ثمّ الصعود إلى الغرف تسلّقًا بطريقة بالغة الصعوبة والخطورة. أمّا بخصوص ما يتذكّره من بعض المعلومات القليلة عن مشاهداته في الداخل، وهو أنّ عدد من الغرف موجودة بالداخل متّصلة فيما بينها بممرّات ضيّقة، ووجود مقعدٍ طويلٍ في إحدى الغرف جلسوا عليه، وفتحة دائريّة تشبه الصحن في أرضيّة إحدى الغرف، ونقش على إحدى الجدران الداخليّة لطائر يطير فاتح جناحيه ([26]).
  2. أمّا الخبر الثاني: جاء من ابن عمٍّ آخر لوالدي، وهو نافذ سعيد العجيمي (1945)، الذي كان موظّفًا حينها في بلديّة أميون، ونقل إليّ حادثة حصلت معه شخصيًّا أثناء عمله هناك. فعلى عهد المجلس البلديّ الأوّل بعد الحرب الأهليّة اللبنانيّة الأخيرة، أيّ بين عامي 1998 و2004، زار البلديّة رجل مُغْرَبيّ كبير في السنّ، كان راكبًا حصانه، حاملًا بين يديه كتاب كبير الحجم سميك وعتيق، قام بإخبارهم عن وجود معلوماتٍ مهمّةٍ تخصّ البلدة في ذلك الكتاب، تشير إلى وجود نسرٍ كبيرٍ فاتحٍ جناحيه على الواجهة الخارجيّة للشير الصخريّ تحت الكنيسة في البلدة (أي كنيسة النبي يوحنّا المعمدان)، وخلف النسر يوجد كنز ضخم لملكٍ مدفونٍ هناك. ثمّ ذهب، واختفى عن الأنظار، ولم يستطع أن يراه أحد بعد تلك الزيارة الخاطفة([27]).

لقد شكّل هذان الخبران في ما بعد دورًا محوريًّا وأساسيًّا في تطوير الأبحاث حول الموقع، من خلال محاولة تتبّع إحداثيّاتها، ومن أجل فكّ الغموض عنها. حتّى كانت البداية في أواسط شهر أيلول العام 2007، أثناء زيارتي لعيادة الطبيب فايز سعيد العجيمي (1947)، شقيق نافذ العجيمي. هناك، في غرفة الانتظار المطلّة على الكنيسة والشّير الأثريّ، تذكّرت قصّة الرجل المُغْرَبيّ، حتّى بدأت أفتّش بنظري عن النسر الذي ذكر في الرواية، لأكتشف نقشٍ نافرٍ ضخمٍ يشبه طائر مشوّه المعالم، واقف باستقامةٍ ينظر نحو الشرق، على الواجهة الخارجيّة الغربيّة للموقع، ويشبه بملامحه ووقفته طريقة تصوير النسر في الحضارة المصريّة الفرعونيّة القديمة.

شاءت الظروف أيضًا أن قمت في المدّةِ ذاتها بالتسجيل سنة أولى ماستر بكلّيّة الفنون الجميلة في الجامعة اللبنانيّة، لإكمال الدراسة الجامعيّة، إلى جانب استمراري بالدراسة الفنّيّة الجديدة على هذا الموقع تحديدًا. عندها، قمت بالتقاط عددٍ من الصور الفوتوغرافيّة للموقع، من مسافاتٍ قريبةٍ وبعيدةٍ، ومن اتّجاهاتٍ مختلفةٍ، من أجل تطبيق بعض الأسس الفنيّة المتعلّقة بالتأليف الفنّيّ الكلاسيكيّ على الموقع، انطلاقًا من معالم النّسر المكتشفة؛ إلى جانب محاولة دراسة طريقة تموضع وتوزيع فتحات النوافذ، بعد تحديد الحدود الخارجيّة لمجمل الكتلة الصخريّة تحت الكنيسة. (شكل 1)

بعدها، استندت إلى صورةٍ فوتوغرافيّةٍ واضحةٍ، التقطت من أمام الجرف مباشرةً، إنّما من مسافةٍ بعيدةٍ نسبيًّا، مع الاستعانة بعدسة تقريبٍ. كان الهدف من هذه الوضعيّة أخذ صورةٍ شاملةٍ وواضحةٍ للموقع، مع تقليلٍ قدر الإمكان من نسبة انكسار وانحراف المشهد بفعل حركة المنظور. ومن ثمّ، انتقلت لمرحلة تحديد أعلى نقطةٍ في الجرف الصخريّ، وأسقطت منها خطًّا عموديًّا نحو الأسفل، الأمر الذي أدّى بعد هذه العمليّة لظهور ملامح رجلٍ ذو لحيةٍ كبيرةٍ تحت الكنيسة مباشرةً في أعلى الجرف، بحيث تتماشى اللحية فيها مع حدود شكل الغرفتين العلويّتين بجانبيها، وهو ينظر بشكلٍ مباشرٍ أمامه، قبل أن تُحدد كامل تفاصيل الرجل في ما بعد. كان هذا الاكتشاف صادمًا في البداية، إلاً أنّه أوجب العودة إلى الموقع الرئيس عدّة مرّاتٍ من أجل التأكّد ممّا اكتُشِف. كان لدى هذا الرجل شعر طويل ولحية كبيرة نسبيًّا، إنّما من دون وجود شوارب، ويتشابه بأسلوب تصوير لحيته مع اللحية الموجودة على تمثال الملك إدريمي([28]). أيّ أنّهما يتشابهان في ذات الموضة من جهة حلق الشوارب وترك اللحية.

إلاّ أنّه، بعد تحديد شكل الرجل ذو اللحية تحت أعلى الجرف، ووجود النسر على يمينه، كان المنطق العلميّ في مجال التأليف الفنّيّ يشدّ إلى حتميّة وجود عنصر فنّيّ آخر في الجهة المقابلة على يسار الرجل. فكان الاكتشاف الثالث لشكل طائرٍ كبيرٍ ذي رقبةٍ طويلةٍ، اتّجاه جسمه نحو الشرق أيضًا، ويرفع رأسه نحو الأعلى كأنّه يتأهّب للطيران نحو شروق الشمس. لذلك، من المرجّح أن يكون هذا الاكتشاف أحد النماذج التصويريّة القديمة النادرة لـ طائر العنقاء، والمعروف بـ طائر الفينيق الأسطوريّ.

لقد تحدّث الباحث جوزيف زيتون([29])عن هذا الطائر الأسطوريّ في إحدى دراساته، إذ تحدّث عن علاقة تربطه بثقافة الموت وخلود الروح وانبعاث الحياة من جديد بعد الموت. كما تطرّق إلى إحدى الروايات التي ترجع تسمية هذا الطائر الأسطوريّ إلى مدينة فينيقيّة أخذوا عنها هذه الأسطورة وسمّوا الطائر باسم المدينة([30]). لكنّ، لا يوجد في لبنان أي بلدة أو منطقة تحمل اسم فينيقية، فهل من الممكن أن يكون طائر الفينيق الموجود على جدار الشّير الصخريّ في أميون، والذي نتحدّث عنه في هذه الدراسة، يعود لأحد التصاوير القديمة لهذه الأسطورة في بلاد فينيقية، خصوصًا أنّ بلدة أميون موجودة على ممرٍّ طبيعيٍّ للطيور المهاجرة الكبيرة مثل البجع واللقلاق، والكركي الرماديّ الذي يشبه كثيرًا هذا النقش، وغيرهم من الطيور، خلال موسمي الهجرة في فصليّ الربيع والخريف؟ وهل تكون بلدة أميون هي المدينة المقصودة بحسب دراسة جوزيف زيتون؟

عدت بعدها لرسم خريطةً تأليفيّةً لكامل الجرف على نسخةٍ لصورةٍ فوتوغرافيّةٍ من أجل تحديد مدى تباعد هذه العناصر عن بعضها (شكل5). ليُسقَطَ عمودان في وسط كلّ من الجهات اليمنى واليسرى للرجل ذو اللحية، لأكتشف وجود وجهٍ لإنسانٍ أصغر حجمًا من وجه الرجل في الوسط، إنّما بملامح شبابيّة، جسمه متّجه نحو الرجل، لكنّه يلتفت من خلال وضعيّة وجهه ¾ نحو الشرق والطائر ذو الرقبة الطويلة.

شكل 5: العجيمي نقولا، رسم خريطة تأليفيّة لكامل الجرف على نسخةٍ لصورةٍ فوتوغرافيّةٍ تعود لعام 2008

تصوير ودراسة: نقولا العجيمي

      كما لاحظتُ شيئًّا مهمًّا في موقع مغر السبع Mogher Al Sabee في بلدة طورزا القريبة، وهو نقش لحيوانٍ أسطوريّ على صخرةٍ مطلّةٍ على الضفّة الجنوبيّة لمجرى نهر قاديشا، اتّجاهه ووضعيّته بذات اتّجاه النقش على الشّير الصخريّ في أميون. هذا النقش النافر للحيوان أسطوريّ مصوّر برأسٍ شبيهٍ لطائر العنقاء الموجود في أميون، إنّما بجسد أسدٍ مجنّحٍ يضع إحدى يديه على شكلٍ كرويٍّ، ما يرجّح إمكانيّة ترابط الشكلين بمواقع لها غاياتٍ دينيّةٍ مدفنيّةٍ. (شكل6)

شكل6: الحيوان الأسطوريّ المجنّح، في موقع مغر الأحوال في بلدة طورزا القريبة من أميون. لا يتعدّى قياس النقش 90سم x 60 سم.

تصوير: نقولا العجيمي

هذا الاكتشاف أعاد البحث من جديد في المساحة المقابلة لهذا الشاب، لعلّه يوجد عنصر تشكيليّ آخر، لتكتشف أيضًا لوحة منقوش عليها رموز وأشكال تصويريّة شبيهة بالكتابات الهيروغليفيّة، وجدت مباشرةً فوق النافذة ACA10 ([31]). إلاّ أنّه، وأثناء تصوير اللوحة عن قرب، ودراسة الصورة رقميًّا، تبيّن وجود دائرة مرسومة باللون الأحمر، وبداخلها إشارة X. عندها اتّخذت القرار بالتفتيش عن أفضل طريقة آمنة للدخول إلى الغرف لاكتشافها ودراستها عن قربٍ.

     كما أنّ توزيع النوافذ في موقع أميون الأثريّ هذا، تشبه مواقع كثيرة منتشرة في لبنان والمنطقة، إلاّ أنّها تشبه بكثافتها كهوف بلدة فرزل Ferzol بالقرب من مدينة زحلة Zahlé البقاعيّة في لبنان. لكنّ الموقع في أميون يمتاز بإتقان حفر نوافذ الغرف، بعكس موقع الفرزل الذي يمتاز بعددٍ أكبر من الغرف وفتحات النوافذ أكبر إنّما بدقّةٍ أقلّ. حتّى أنّ اتّجاه هذه النوافذ في كلا الموقعين، أي أميون والفرزل، تطلّ بشكلٍ العام نحو الجنوب، بحيث تتعرّض لأشعّة الشمس. (شكل7)

شكل7: مغاور الفرزل بالقرب من زحلة.

تصوير: نقولا العجيمي

إذا ما حاولنا مقارنة الغرف الكثيفة الموجودة في أميون والفرزل، مع تلك الغرف القليلة العدد الموجودة على شاطئ البحر في بلدة أنفه القريبة من أميون، أو مع تلك الموجودة أيضًا بالقرب من البحر في بلدة عدلون Adloun الجنوبيّة قرب صيدا، نجد أنّ جميع هذه الغرف تتشابه في ما بينها من ناحية اتّجاه المداخل والنوافذ نحو الجهة الجنوبيّة. فهل كانت هذه الأمور صدفة، أم أنّ هناك هدف آخر للموضوع، ربّما يتمثّل بتعريض المدخل للإنارة من أشعّة الشمس لأطول مدّة ممكنة من النهار؟ وهل حفرت هذه الغرف لدواعٍ سكنيّةٍ، إلى جانب استخدامها لدواعٍ جنائزيّة مدفنيّة؟

بعد كلّ ما ذُكِر، لم يكن يخطر على بال أحدٍ أنّ يأتي يوم لتُكتشَف لوحةٍ فنّيّةٍ ضخمةٍ على واجهة هذا الموقع غير المحجوب عن نظر الناس في وسط أميون، والمجهول لدى الباحثين من علماء الآثار والمنقبّين الأثريّين، لتبدأ بعدها مرحلة جديدة من الأبحاث في الموقع، أوجبت الدخول إلى هذه الغرف على ثلاث مراحل، اكتُشِف خلالها نقوشٍ لرؤوسٍ بشريّةٍ، وكتاباتٍ ورموزٍ ورسومات حيوانات بالمغرة الحمراء والبيضاء على الجدران الداخليّة، وبقايا فخّاريّات مزخرفة ومحطّمة، وبزور ثمارٍ وحبوبٍ شبه متحجّرة.

 

  1. مراحل الرحلات الاستكشافيّة للشير الصخريّ من الداخل، وأبرز اكتشافاتها
     تعدّ الرحلات الثلاث التي أنجزتها في سبيل اكتشاف هذا الشّير الصخريّ من الداخل، من الخطوات المهمّة في دراسة هذا الموقع عن قرب. أمّا من أجل تحقيق هذه الغاية، وتجنّبًا للمخاطر المتعلّقة بالدخول عبر تسلّق الصخر ذات الممرّات الضيّقة والوعرة، شرقًا وغربًا، كانت الخطّة الأنسب تقتضي استقدام رافعةٍ كهربائيّةٍ مع سلّةٍ بأعلاها لتقف أمام الموقع، لأنتقل عبرها نحو الغرف الموجودة في الأعلى. (شكل8)

شكل8: الرافعة الكهربائيّة التي استخدمت للوصول بشكلٍ آمنٍ للموقع

تصوير نقولا العجيمي

لقد أنجزت هذه الرحلات جميعها بدعمٍ ورعايةٍ كاملةٍ من قبل بلديّة أميون مشكورة، بعدما قدّمت كلّ التسهيلات اللوجستيّة وتكفّلها بكامل مصاريف استقدام الرافعة، والتي حصلت على النحو الآتي:

أ- الرحلة الاستكشافيّة الأولى العام 2008: جرت نهار السبت الموافق في 25 أيّار العام 2008 على عهد المجلس البلديّ برئاسة المهندس عبدالله سعادة Abdallah Saadeh. في تلك الحقبة، كانت البلديّة مع جمعيّاتٍ أهليّةٍ ومتطوّعين محلّيّين يحضّرون لـ مهرجان أميون التراثيّ الأوّل، عندما اقترحت عليهم حينها أن أقوم بهذه الرحلة الاستكشافيّة للإضاءة على الموقع، وتعريف أهالي البلدة عمّا يوجد بالداخل، ولوضع حدٍّ للكثير من الأساطير والخرافات التي نسجت حوله. وبعد الدخول للمرّة الأولى، اكتشفتُ العديد من الأمور، كان أبرزها:

.1كلّ نافذة من النوافذ المحفورة في الصخر هي في الحقيقة باب رئيس للدخول إلى الغرفة التابعة لها في الداخل. المعدّل العام لقياس هذه النوافذ هم بحدود: 100سم (عرض) x 110سم (ارتفاع).

.2قسم من هذه للغرف بحالة مفردة، بعضها الآخر بحالةٍ مزدوجةٍ مع غرفةٍ أخرى، إلاّ أنّ مجموعة أخرى تتألّف من عشرة غرفٍ متّصلةٍ في ما بينها بممرّاتٍ بعضها ضيّق لا يتعدّ قياسه: 50سم x 42 سم.

  1. الغرفة رقم ACA1 متّصلة مع الغرفة رقم ACA2 بفتحة صغيرة. كما يوجد في الغرفة ACA2 بقايا كسر فخّار.
  2. الغرفتان رقم ACA3 وACA4 هما بحالة مفردة، وغير متّصلتين بأيّ غرفة أخرى.

.5    الغرفة رقم ACA5، بحالة مفردة، أرضيّتها تراب مع تبن، أمام نافذة المدخل يوجد مساحة غائرة محفورة في جدار الغرفة، مجهولة الشكل والهدف، وفي سقف الغرفة أشكال مرسومة باللون المغرة الحمراء.

5.              .6في الغرفتين اللتين تحملان الأرقام ACA6 وACA7، هما مفتوحتين على بعضهما البعض، وجد بداخلهما بقايا قطع كبيرة من فخّار أحمر وأبيض، مزيّنة بعضها بزخارف نافرة وأخرى غائرة. كما أنّ أرضيّتي الغرفتين فيها طبقة سميكة من التراب، بخلاف باقي الغرف في الموقع، ربّما لم يزرها أحد منذ مئات السنين، بسبب موقعها الذي لا يسمح للمتطفّلين بالدخول إليها من دون وجود سلالم طويلة. (شكل8)  

 

شكل9: الصورة على اليمين، تعود لجرّة من الفخّار الأحمر حجم كبير؛ أمّا الصورة على اليسار، فتعود لقطعة فخّارٍ أبيضٍ. وما وجد يرجّه وجود الأجزاء الكاملة للقطع الأثريّة في الموقع.

تصوير نقولا العجيمي

6.              .7في الغرفة رقم ACA10، التي ذكرت سابقًا، إلى جانب الشكل الدائريّ الذي بداخله إشارة X على سقف النافذة، وجدت أيضًا آثار بصمات أصابع يدٍ، وبجانبها من الداخل، على أعلى الواجهة الجنوبيّة، وجدت دائرة باللون الأحمر بقطر حوالي 30سم. أمّا على الجدار الغربيّ بجانب من النافذة، وجد نقش صغير لوجه رجلٍ، قياس 10 سم x 14 سم تقريبًا، بوضعيّة جانبيّة، يظهر خدّه الأيسر وهو ينظر باتجاهٍ من الشمال نحو الجنوب، وله عين جاحظة دائريّة كبيرة. (شكل7)

شكل10: وفي الأسفل، صورة لوجه رجلٍ منقوشٍ في الصخر.

قياس: 10سم x 14سم.

تصوير نقولا العجيمي

7.              .8في الغرفة الكبيرة رقم ACA11، وجد فيها مقعد كبير مقابل نافذة المدخل بطول يقارب 3 أمتارٍ، اكتشف على جدارٍ بجانبه بدايةً طبعتين لكفّ يدٍ بلون المغرى الحمراء (شكل9). بعد ذلك، اكتشف فوق المقعد، على طول الجدار فوقه، وجدت كتابة رمزيّة مبهمة، عناصرها الكتابيّة هي نقاط ببصمة يد، بالمغرة الحمراء، موضوعة بعناية بالغة الدقّة، ومشكّلين بها خطوط مستقيمة ودائريّة؛ إلى جانب بعض الخطوط المستقيمة التي تشكّل إحداها الموجودة في وسط أعلى الجدار تشكيل يشبه بيت يعلوه سقف بشاحطين (شكل10). وقد زيّنت المساحة تعت تلك الأشكال برسومات لحيوانات، ورموز حيوانيّة تشبه الرسومات البدائيّة لدى شعوب ما قبل التاريخ (شكل11). كما أنّ سقف الغرفة لا يتعدّى ارتفاعه الـ 130 سم، وهي مفتوحة على الغرفة رقم ACA10 بفتحة عرضها 50 سم وارتفاعها 42 سم، ومفتوحة بالكامل على الغرفة رقم ACA12 بفارق انخفاض مستواها عنها بحوالي متر تقريًبا. كما انّ القياس المتوسّطيّ للنوافذ هي بحدود متر واحد عرض، ومتر وعشرة سنتيمترات ارتفاع.

شكل11: صورة لبصمات كفّيّ أيدي على جدران الغرفة، بالقرب من المقعد الطويل، مع تواقيع حديثة بالطبشور الأبيض والفحم لأشخاصٍ زاروا الموقع الالعام 1974م.

تصوير نقولا العجيمي

شكل12: صورة لجزء من الكتابة ببصمة اليد على الجدار فوق المقعد.

تصوير نقولا العجيمي

شكل13: صورة لبعض الحيوانات المصوّرة، والتي تشبه إحداها ماعز والأخرى خنزير.

تصوير: نقولا العجيمي

8.              .9في الغرفة رقم ACA12 المفتوحة بالكامل على السابقة، وجد فيها على الجدار الغربيّ نقش لوجه رجالٍ، يظهر خدّه الأيمن، قياس 20سم x 20سم تقريبًا، وهو ينظر باتّجاهٍ جنوبيٍّ شماليٍّ نحو كتاباتٍ أو رموزٍ بالمغرة الحمراء، معظمها لا يتعدّى قياسها الـ 10 سم لكلٍ منها، أو ما يعادل طول أصابع يد إنسانٍ بالغٍ. هذه الرسومات تشبه بأشكالها وتقنيّات رسمها تلك الحيوانات والرموز البدائيّة المصوّرة في مغاور لاسكو Lascaux([32]) بفرنسا، وألتاميرا Altamera([33]) بإسبانيا. (شكل13)

شكل 14: هذه صور من الجدار الغربيّ الذي عليه رسوم ورموز بالمغرى الحمراء. على اليمين، نقش لوجهٍ ملكيٍّ مكلّلٍ بتاجٍ، بقياس: 20سم x 20سم. وعلى اليسار، إحدى الرموز الحيوانيّة (بقرة على الأرجح) بالمغرى الحمراء، بقياس: 11سم x 6.5 سم تقريباً.

تصوير: نقولا العجيمي

9.              .10في الغرفة رقم ACA20، أحد أكبر النوافذ الموجودة على الشّير الصخريّ، والتي تبلغ فتحتها حدود اتّساع الغرفة، وجد فيها على الجدار الغربيّ نقش غائر لوجهٍ كبيرٍ على رأسه تاج، قياسه 42سم x 42سم تقريباً، يظهر خدّه الأيمن، وينظر باتّجاهٍ جنوبيٍّ شماليٍّ. (شكل14)

شكل15: نقش وجهٍ ملكيٍّ مكلّلٍ بتاجٍ.

قياس 42سم x 42سم تقريباً.

تصوير: نقولا العجيمي

10.          .11في الغرفة رقم ACA23، التي نصل إليها عبر الكنيسة في الأعلى، يوجد على سقفها رسم بالمغرة الحمراء يشبه حيوانًا بأذنين كبيرين، مع أشكالٍ أخرى مبهمة. وقد تعرّض سقف هذه الغرفة في السابق للضرر، ربّما بسبب الجهل عمّا يمكن أن يحدثه ذلك من أضرارٍ في الأسفل، بسبب تمديد قسطلٍ لتصريف مياه جرن المعموديّة من داخل الكنيسة نحو الغرفة. (شكل15)

شكل 16: الصورة في الأعلى تمثّل شكل حيوانٍ بأذنين بيضاويّتين كبيرتين. يقع هذا الشكل بالقرب من الأضرار التي أحدثها تمديد قسطل تصريف المياه من جرن المعموديّة في سقف الغرفة.

تصوير: نقولا العجيمي

كلّ هذه العناصر الفنّيّة المختلفة اكتُشِفت داخل العديد من هذه الغرف، إضافةً إلى آثار بقايا حبوبٍ بحالةٍ شبه متحجّرةٍ متناثرةٍ في أرضيّات الغرف، وعدد من الأشكال المكرّرة لدوائر محاطة بهالةٍ حمراء اللون. فكان لهذه الرحلة الاستكشافيّة الفضل في سبيل وضع حدٍّ لأحد أشهر الأساطير المنسوجة حول هذا الموقع، والتي تقول بوجود دهليزٍ يربط هذه الغرف بكاتدرائيّة القدّيس جاورجيوس في أعلى التلّة الشماليّة داخل البلدة، بعد التأكّد من أنّ هذه الغرف هي في الحقيقة مغلقة من الداخل، تشبه إلى حدٍّ ما غرف مدافن، بما أنّها بمعظمها غير مرتفعة عن أرضيّتها لأكثر من 140سم، وهي غير مريحة للسكن.

ب- الرحلة الاستكشافيّة الثاني العام 2010: جرت نهار السبت الموافق في 24 تمّوز العام 2010، على عهد المجلس البلديّ برئاسة الأستاذ جرجي بركات Gergi Baraket. كان الهدف من الدخول مرّة أخرى للموقع هو دراسة الغرف العشرة المتّصلة بعضها ببعضٍ، بعد أن اكتُشِف العديد من العناصر الفنّيّة والزخرفيّة فيها قبل سنتين. إلاً أنّ الاكتشاف الأبرز كان في الغرفة رقم ACA11، والتي اكتُشِف بداخلها كتابة غريبة بالمغرة الحمراء فوق المقعد الطويل، وهي بصمات يدٍ وخطوطٍ مرسومةٍ بعنايةٍ، تشبه بطريقة صفّها كتابة بدائيّة ما تزال مجهولة المعاني، وتنتظر من المتخصّصين دراستها لفكّ رموزها؛ كما اكتُشِف تحتها رسومات لحيوانات تشبه الغزال أو الماعز وخنزير وأشكال حيوانيّة أخرى. كلّ هذا، إلى جانب إعادة أخذ صورٍ جديدةٍ عالية الجودةً لباقي النقوش والزخارف والرسومات المكتشفة في الرحلة الأولى، عن طريق استقدام كاميرا تصوير فوتوغرافيّة متطوّرة وكاميرا فيديو متطوّرة أيضًا للغاية ذاتها، مع وسائل إضاءة إضافيّة للمساعدة في إبراز الألوان المنفّذة على الجدران بوضوحٍ أكبرٍ بسبب طبيعة الغرف المظلمة إلى حدٍّ ما (شكل10 و11 و 12).

ج- الرحلة الاستكشافيّة الثالثة العام 2021: حصلت نهار السبت الموافق في 09 تشرين الأوّل العام 2021، على عهد المجلس البلديّ الحاليّ برئاسة المهندس مالك فارس Malek Fares. من أهدافها: إعادة أخذ صورٍ فوتوغرافيّةٍ ومقاطع فيديو أكثر دقّةً وتطوّرًا لما اكتُشِف في الرحلتين الاستكشافيّتين السابقتين، إلى جانب أخد قياساتٍ دقيقةٍ للعناصر الفنّيّة المكتشفة سابقاً. (شكل16)

شكل 17: هذه الصورة من داخل الغرفة رقم ACA11، التي فيها مقعد محفور في الصخر، خلال الزيارة الأخيرة للموقع العام 2021.

تصوير: نقولا العجيمي

كانت كلّ هذه الاكتشافات الفنّيّة قد نُفِذت بأسلوبٍ علميٍّ فنّيٍّ أكاديميٍّ في موقع الشّير الصخريّ الأثريّ تحت كنيسة القدّيس يوحنّا المعمدان في أميون، من دون أن يكون لهذه الدراسة أي علاقةٍ بالتنقيب الأثريّ، بل بمشاهدة ما هو ظاهر وموجود على أرض الواقع وتحليله. لذلك، يعدّ كلّ ما تُوُصِّل إليه من اكتشافاتٍ ميدانيّةٍ من الناحية الفنّيّة أنّه يستحقّ الاهتمام بشكلٍ جدّيٍّ من قبل الدوائر الرسميّة المعنيّة وأصحاب الاختصاصات الأثريّة في مديريّة الآثار الوطنيّة، خصوصًا من ناحية تحديد العمر الزمنيّ لتلك الرسومات وألوانها، وتحديد عمر النقوش داخل الغرف وعلى الواجهة الخارجيّة للجرف الصخريّ، من أجل التوصّل إلى أو تحديد الحقب الزمنيّة التي نفّذت فيها تلك الأعمال الفنّيّة المتنوّعة؛ إلى جانب التنقيب في بعض الأرضيّات التي تحتوي على طبقة سميكة نسبيًّا من التراب، وبعضها الآخر على فخّار محطّم بأحجامٍ متنوّعةٍ، مع إمكانيّة تجميع بعضها إلى سابق شكلها القديم من أجل دراسة كامل أشكالها وعناصرها الفنّيّة.

كما أنّ الأبحاث حول أهمّيّة دراسة هذا الموقع وتطويره ما تزال مستمرّة منذ الرحلة استكشافيّة الأولى إلى جانب متابعة ودراسة العديد من الطروحات التي كنت أسمعها من أهالي البلدة أو الزائرين، في سبيل إيجاد أفضل طريقة لتسهيل الدخول الآمن إلى هذه الغرف، منها: وضع سلالم كهربائيّة على الواجهة الخارجيّة أو تلفريك Teleferik، أو تطوير الممّر القديم والخطر عبر توسيعه وتجهيزه بوسائل للحماية من السقوط. إلاً أنّ هذه الطروحات جميعها ما تزال غير مقتنع بها مع كثيرين، لما يمكن أن تسبّبه أيّ أعمالٍ أو إنشاءاتٍ من هذا النوع أمام الموقع من تشويهٍ للواجهة الخارجيّة الطبيعيّة للصخر، والتأثير على الطلّة الفريدة والمميّزة للموقع من الناحية الجيولوجيّة والجغرافيّة والأثريّة والتاريخيّة والسياحيّة. لذلك، بقي أهالي البلدة والقرى المجاورة والباحثين عاجزين عن معرفة ما يخفيه هذا الموقع القريب إليهم بموقعه والبعيد عنهم بألغازه، ينسج كلّ واحدٍ منهم رؤية ما في خياله لكيفيّة الوصول للداخل، مع تحويل الموقع لوجهة سياحيّة قابلة للزيارة الميدانيّة، لكن من دون جدوى، لما يترتّب على ذلك من إمكانيّات لوجستيّة وعلميّة وإداريّة وماليّة ما تزال غير متوفّرة حاليًّا.

     لكن، بعد دراسةٍ مكثّفةٍ للموقع من كلّ جوانبه، الأماميّة والخلفيّة، تبيّن لي أنّه بالإمكان الاستفادة من الغرف السفليّة المقفلة تحت الكنيسة، أي من الجهة الشماليّة خلف الغرف المحفورة في الصخر، من أجل حفر نفقٍ يؤدّي على الأقلّ إلى الغرف العشرة المتّصل بعضها ببعضٍ، والتي تحتوي على أكبر عددٍ من العناصر الفنّيّة الممكن مشاهدتها والاستمتاع بها، وربّما إمكانيّة فتح كلّ الغرف على بعضها بعد دراسة الإمكانيّات الأثريّة والفنّيّة اللازمة. إلاّ أنّ عمليّة حفر هذا النفق لا تخلو من الصعاب، إذ إنّها بحاجة إلى خبراء في الطوبوغرافيا من أجل أخذ نسب الارتفاعات بدقّةٍ، حتّى لا تتضارب مع موقع العناصر الفنّيّة الموجودة في الداخل، تجنّباً لتدميرها أو تشويهها. (شكل 18)

شكل 18: كنيسة النبيّ يوحنّا المعمدان في أميون على الشّير الصخريّ الأثريّ، وخلفها توجد قاعة في الأعلى وتحتها الغرف المغلقة التي يمكن استخدامها لشقّ نفق إلى داخل الغرف المحفورة في الصخر، ودون تشويه الواجهة الخارجيّة.

تصوير: نقولا العجيمي

 

الخاتمة

بعد كلّ ما تقدّم الحديث به، يظهر أنّ بلدة أميون منطقة آهلة بالسكّان ضاربة في القدم، تحتضن إرثًا حضاريًّا وثقافيًّا يستحقّ العناية والاكتشاف من قبل المعنيّين في وزارة الثقافة اللبنانيّة والخبراء المتخصّصين من قبل مديريّة الآثار الوطنيّة، أسوةً بأماكن أثريّة أخرى في لبنان، والعمل على إزالة الكتابات والتعدّيات الحديثة عنها من قبل بعض الزائرين المتطفّلين (يعود بعضها لعامي 1973 و1974).

كما لا يمكن إهمال فرضيّة أن تكون الكتابات والرموز المكتشفة في الغرفة رقم ACA11 والغرفة رقم ACA12 أقدم عهدًا من كتابات الأبجديّة الفينيقيّة المكتشفة في مدينة جبيل، وربّما أقدم من كتابات رسائل تلّ العمارنة وكتابات تمثال الملك إدريمي، أو حتّى من أقدم الكتابات والرموز الموجودة في لبنان والمنطقة المجاورة. إلى جانب ذلك، قد يكون السبب الرئيس وراء طمس المعالم الفنّيّة الموجودة على الواجهة الخارجيّة للشير الصخريّ هذا، عبر تدمير المعالم أو تشويهها، هي الحقبة التي رافقت بداية انتشار الديانة المسيحيّة في البلدة عبر سعيها لتدمير كلّ المظاهر والعناصر الوثنيّة السابقة، أسوةً بما حصل مع تحويل الهياكل الوثنيّة إلى كنائس وكاتدرائيّات مسيحيّة في العديد من الأماكن.

لذلك، وأمام هذه الاكتشافات الجديدة، قد يُعاد كتابة تاريخ لبنان الحضاريّ القديم، من خلال إضافة هذه الفقرة المفقودة من التطوّر الفكريّ والفنّيّ واللغويّ الرمزيّ للشعوب التي سكنت المناطق اللبنانيّة قبل اختراع الأحرف الأبجديّة، بعد العمل على دراسة تلك اللغة وتفكيك رموزها ومعانيها، مع دراسة تصوير طائر الفينيق.

المصادر والمراجع

1- أرشيف بلديّة أميون.

2- الدبس يوسف الياس، تاريخ سوريا، ج3، المجلّد 5، 1893، 582 صفة.

3- زيتون جوزيف، 18 تمّوز 2019. أسطورة طائر العنقاء (الفينيق) بين الحقيقة والخيال –             https://josephzeitoun.com/

4- زيتون جوزيف، 14 كانون الثاني 2021. أكاديمي يبحث بوثائق دمشقية – https://www.esyria.sy/

5- العجيمي نقولا، مقابلة مع رانيا شكرالله النبّوت، في 03 تشرين الأوّل 2021.

6- العجيمي نقولا، مقابلات مع شكرالله النبّوت، بين العامي 2005 و2007.

7- العجيمي نقولا، مقابلة مع فؤاد توفيق العجيمي العام 2007.

8- العجيمي نقولا، مقابلة مع نافذ سعيد العجيمي العام 2007.

9- عفيش آنماري مايلا، (2020). دليل المتحف الوطنيّ في بيروت، وزارة الثقافة، الهيئة الالعامة للمتاحف، مطبعة ألف، بيروت، 256 صفحة.

10- Cave of Altamira and Paleolithic Cave Art of Northern Spain, 8 November 2021. –  https://whc.unesco.org/en/list/310/

11- Lascaux, 8 November 2021. – https://archeologie.culture.fr/lascaux/fr

12- LONGMAN III Tremper, (1991). Fictional Akkadian Autobiography: A Generic and Comparative Study, EISENBRAUNS, Winona Lake, Indiana, USA, 292 pages.

13- MORAN William L., (1992). The Amarna Letters, The Johns Hopkins University Press Ltd, London, 394 pages

14- The British Museum, 30 November 2021 – https://www.britishmuseum.org/

 

 

[1]– طالب سنة ثانية دكتوراه في الجامعة اللبنانيّة – قسم الفنّ وعلوم الفنّ.

[2]– من أرشيف بلديّة أميون.

[3]– الدبس، يوسف الياس: تاريخ سوريا، ج3، المجلّد 5، 1893، ص ص 120-122

[4]– William L. Moran: The Amarna Letters, The Johns Hopkins University Press Ltd, London, 1992, p. xxxix

[5]– الرسائل الثمانية هي: EA73:27 (أي اللوح رقم 73، السطر 27)، EA74:25، EA75:33، EA81:13، EA88:7، EA95:45، EA139:14 وEA140:11.

Ibid, p. 388.

[6]-Ibid, p. xiv.

[7]– Ibid, p. xiii.

[8]– Ibid, p. xiv.

[9]– من البابليّين Babylonia (EA1-EA14) (أي من اللوح رقم1 إلى اللوح رقم14)، الأشوريّين Assyria (EA15-EA16)، ميتانيّين Mittani (EA17، EA19-EA30)، أرزاويّين Arzawa (EA31-EA32)، ألاشيّين Alašia (EA33-EA40)، حثّيّين Hatti (EA41-EA44).

[10]– Ibid, p. xvi.

[11]– Ibid, p. xviii.

[12]– Ibid, p.p. xxvi-xxvii

[13]– Ibid, p. xxxv & p. xxxix.

[14]– Ibid, p.p. xxxv-xxxvi

[15]– الرسائل الستّة هي: EA73:27، EA74:25، EA75:33، EA81:13، EA88:7، EA95:45.

[16]– الرسالتين هما: EA139:14 وEA140:11.

[17]– نينورتا Ninurta، ويسمى أيضًا نينجيرسو Ningirsu، في ديانة بلاد ما بين النهرين. هو الإله ابن إنليل Enlil ونينليل Ninlil، وإله مدينة جيرسو Girsu  في منطقة لكش Lagash (أي قرب مدينة البصرة في العراق). كان نينورتا في الأصل إله سومريّ يرمز للرعد والعواصف المطيرة في فصل الربيع، والمحراث وحراثة الأرض، قبل أن يصبح فيما بعد إله الحرب. أوّل شكلٍ أعطي له هو السحب الرعديّة المصوّرة كطائرٍ أسودٍ ضخمٍ يطفو على جناحيه الممدودة ويطلق صرخة الرعد من رأس أسدٍ. ومع الاتجاه المتزايد نحو التجسيم، تمّ فصل الشكل والاسم القديم تدريجيّاً عن الإله على أنهما مجرد شعاراتٍ له. ثمّ جاء العداء تجاه الشكل الأقدم له غير المقبول، جعله شريرًا في النهاية وعدوًا قديمًا للإله.

Britannica Encyclopedia, 30 November 2021 –  https://www.britannica.com/topic/Ninurta

[18]– William L. Moran: Op. Cit, p.143

[19]– The British Museum, 30 November 2021https://www.britishmuseum.org/

[20]– Tremper Longman III: Fictional Akkadian Autobiography: A Generic and Comparative Study, EISENBRAUNS,1991, Winona Lake, Indiana, USA, 1991, p.p. 60-61

[21]– أنظر صفحة 7 و8.

[22]– Tremper Longman III: Op. Cit, p.p. 61-62

[23]– الذي ينقسم إلى البرونز القديم (3200-2000 ق.م.) والبرونز الوسيط (2000-1500 ق.م.) والبرونز الحديث (1500-1200 ق.م.).

آنماري مايلا عفيش: دليل المتحف الوطنيّ في بيروت، وزارة الثقافة، الهيئة العامّة للمتاحف، مطبعة ألف، بيروت، 2020، ص 108.

[24]– العجيمي نقولا، مقابلة مع رانيا شكرالله النبّوت بتاريخ 03 تشرين الأوّل 2021. هو أستاذ مجاز من جامعة القدّيس يوسف في بيروت بتاريخ الشعوب الناطقة باللغة العربيّة العام 1952، تاريخ الأدب العربيّ الكلاسيكيّ العام 1954، تاريخ المشرق العربيّ عام 1955، والعلوم الاجتماعيّة الشرق أوسطيّة العام 1955.

[25]– العجيمي نقولا، من المقابلات مع الأستاذ شكرالله النبّوت، بين عامي 2005 و2007.

[26]– العجيمي نقولا، مقابلة مع فؤاد توفيق العجيمي العام 2007.

[27]– العجيمي نقولا، مقابلة مع نافذ سعيد العجيمي العام 2007.

[28]– أنظر صفحة 8 وشكل:3.

[29]– من مواليد دمشق عام 1952، عضو أكاديميّ في جامعة البلمند الأرثوذكسية – لبنان، وعضو مركز الدّراسات والأبحاث الأنطاكيّة في الجامعة.

زيتون جوزيف، 14 كانون الثاني 2021. زيتون جوزيف ..أكاديمي يبحث بوثائق دمشقية https://www.esyria.sy/

[30]– جوزيف زيتون: أسطورة طائر العنقاء (الفينيق) بين الحقيقة والخيال – https://josephzeitoun.com/

[31]– أنظر شكل1، ص 2. ACA تختصر عبارة الجرف الصخريّ الأثريّ في أميون The Archeological Cliff of Amioun. أمّا الأرقام التي ترافق الرمز ACA، فهي تعود لأرقام نوافذ الغرف بحسب ترتيبها التسلسليٍّ، بدأً من الغرفة السفليّة في الجهة الشرقيّة نحو الغرب، لتلتفّ بعدها صعوداً نحو الشرق حتّى الخدّ الأيمن لرأس الرجل ذو اللحية في الأعلى.

[32]Lascaux, 8 November 2021 –  https://archeologie.culture.fr/lascaux/fr

[33]Cave of Altamira and Paleolithic Cave Art of Northern Spain, 8 November 2021 –  https://whc.unesco.org/en/list/310/

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

free porn https://evvivaporno.com/ website