foxy chick pleasures twat and gets licked and plowed in pov.sex kamerki
sampling a tough cock. fsiblog
free porn

قراءة نقديّة في قصيدة والاس ستيفنز “ثلاث عشرة طريقة للنّظر إلى طائر أسود”

0

قراءة نقديّة في قصيدة والاس ستيفنز “ثلاث عشرة طريقة للنّظر إلى طائر أسود”([1])

دورين نصر*

ملخّص

“ثلاث عشرة طريقة للنّظر إلى طائر أسود” (Thirteen ways of looking at a blackbird)، هي واحدة من أكثر القصائد تضمينًا في دواوين شعر والاس ستيفنز (Wallace STEVENS)، وقد عُدَّت قصيدة مُبهمة من قبل العديد من النّقّاد. يقدّم هذا البحث دراسة من عدّة أقسام، وتنطلق من خلاله القراءة النّقديّة من لحظة محفّزة يصنعها عنوان غير مألوف للبدء بالخطوة الأولى، مشكّلًا دافعًا إلى التّأويل والقراءة التّحليليّة كدليل للغوص في متاهات النّصّ. والقراءة النّقديّة قد تكشف حوارًا بين العنوان والمضمون، على أصعدة متعدّدة، لاسيّما أنّ الدّراسات اللّسانيّة باتت تنظر إلى النّصّ على أنّه عالم مستقلّ. سيحاول هذا البحث بالتّالي الوقوف عند أربعة مستويات (الشّكل الطّباعيّ، المستوى الإيقاعيّ، المستوى النّحويّ، المستوى الدّلاليّ) لاستجلاء التّجربة الشّعريّة في هذه القصيدة.

تمهيد

تطلّب درس هذه القصيدة توظيف مناهج ومقاربات عديدة، ما يتعدّى ما تمّ استعراضُه في هذا البحث. لقد ناقش كثيرٌ من النّقّاد “ثيماتها”، لكن لم يتطرّق إلى بنيتها إلّا النّزر القليل بوصفها عملًا منظّمًا. وقد عدّها بعضهم سلسلة من القصائد التي تشبه قصائد الهايكو تحت عنوان واحد([2])، حتّى والاس ستيفنز([3]) نفسه قال إنّها ليست “مجموعة حكمٍ أو أفكار إنّما مجموعة أحاسيس”([4]).غير أنّ ويليام بتلر ييتس (W. B. YEAST)([5]) اقترح تسميتَها بنظام متسلسل([6])، فيما يراها غيره قصيدة ذات بناء محكم كأنّها “ثيمة وتوقيعات موسيقيّة”([7]). لذلك تقوم دراستُنا هذه على اعتماد أربعة مستويات، تتوزّع بحسب ما اقترحه أ. ج. غريماس (A. J. GREIMAS)([8]) في دراساته، إضافة إلى خاتمة ستتكفّل باستخراج ما حصّلناه من درس هذه القصيدة.

إنّ عمليّة تحليل مستويات اللّغة تمثّل خير وسيلة للنّقّاد تعينهم على إيضاح قيمة النّصّ الشّعريّ، لأنّها تعتمد على أنظمة محدّدة. فالنّظر إلى القصيدة “كبناء عضويّ وموضوعيّ، يفرض كونها كيانًا مستقلًّا ذا قيمة جماليّة وحضورًا فريدًا. وهذا يعني أنّها تعلن عن نفسها أنّها فوق المقارنة مع ما سبقها من الآثار الشّعريّة، وأنّها في متناول شرح النّاقد”([9]).

وثمّة علاقة وطيدة بين منهج التّحليل اللّغويّ القائم على دراسة مستويات اللّغة والاهتمام بالشّعر الأجنبيّ الحديث، حيث أنّ الرّغبة في درس خصوصيّاته البنائيّة، في تجلّياتها المختلفة، تقودنا إلى اختيار شاعر بارز في الأدب الإنكليزيّ: والاس ستيفنز، لاسيّما أنّه لم يحظّ بدرس أكاديميّ مناسب، على ما تحقّقت، وهو ما شكّل دافعًا دراسيًّا يقع في استهدافات هذا البحث. وقد ارتأيت أن اتّخذ من قصيدة “ثلاث عشرة طريقة للنّظر إلى طائر أسود”، المستلّة من مجموعته الشّعريّة الأولى “ضرب الأرغن” (Harmonium)، موضوعًا للبحث. “وقد سبق ونشرت للمرّة الأولى في العام 1917 م”([10]). وقد هدفت من خلال هذه الدّراسة إلى تسليط الضّوء على خصوصيّة النّصّ العربيّ قبل الإنكليزيّ، إذ إنّ النّتائج البحثيّة ستحدّد القصيدة في نسختها العربيّة وليس الأصليّة، ما يجعل شاغلي البحثيّ في الدّرجة الأولى هو كيفيّة استقبال النّصّ بأدوات بحثيّة أخرى تؤدّي إلى وجود ضمانة جديدة في عمليّة التّحليل. بهذا المعنى أقدمت على هذه المحاولة.

كما اعتمدت ترجمة يوسف الحرّاق كونها تلائم النّسخة الأصليّة المكتوبة بالإنكليزيّة من جهة، وتحافظ على شاعريّة القصيدة من جهة ثانية، لاسيّما أنّ هذه القصيدة عُدَّت قصيدة “إشكاليّة”، لم يتطرّق إليها النّقد العربيّ، وتكمن أهمّيّتها كون كاتبها: “حمّل الشّعر أكثر ما يمكن تحميله من المعاني، جاعلًا منه وسيلة لفهم الوجود وما وراءه”([11]).

وفي شكل مكمّل للمحفّز البحثيّ، قمت بإجراء دراسة لمستويات القصيدة (الشّكل الطّباعيّ، المستوى الإيقاعيّ، المستوى النّحويّ، المستوى الدّلاليّ) معتمدة منهج غريماس الذي أوضحه في كتابه “Essais de sémiotique poétique”، إذ حسب أنّ “التّحليل البنائيّ للنّصّ الشّعريّ يسعى إلى الأخ بالحسبان تأثير المعنى الذي يشكّل أساسًا للإدراك الحسّيّ”([12]). كما يرى غريماس في التّعامل مع اللّغة – بوصفها شكلًا وحضورًا مادّيًّا – أنّ إنتاج البنية يقتضي الانتباه إلى الشّكل الظّاهريّ الذي يدخل في نسيج البناء. وعليه أسئلة متعدّدة تراود الباحث أثناء الدّراسة، ألا وهي:

كيف تتعيّن خصوصيّة البناء الشّعريّ، في كلّ متسوى من مستويات اللّغة، وما العلاقات القائمة بين مستويات اللّغة المختلفة؟ وكيف تتعيّن تلك الدّلالات المتعدّدة في ظلّ اللّقاء بين الشّعر والفكر في القصيدة موضوع الدّراسة بنسختها العربيّة؟

أوّلًا – الهيئة الطّباعيّة للقصيدة

لقد أضيفت مؤخّرًا إلى اللّغة وظيفة بصريّة جديدة، لم تكن تنطوي عليها النّصوص. لذلك سأتناول في هذا المستوى دراسة الهيئة الطّباعيّة للنّصّ الشّعريّ قيد الدّرس. وقد اعتمدت دراسة هذا المستوى من غريماس الذي تحدّث عن الشّكل الغرافيكيّ أو الخطيّ للنّصّ، “وترتيب المساحات البيضاء وعلامات التّرقيم أو غيابها، واستعمال التّنويعات الطّباعيّة”([13]). وقد أكّد الباحث شربل داغر([14]) أنّنا بتنا “نُبصر القصيدة قبل أن نقرأها، إذ انتقلت القصيدة من العهد الشّفويّ إلى العهد الكتابيّ البصريّ”([15]). وإزاء هذا المستوى المبتكر، أصبحت الكتابة وسيلة اتّصال تخرج باللّغة إلى قناة جديدة تشكر العين، أي حاسّة البصر، في عمليّة تلقّي الدّلالات، وباتت الكلمة “هيئة وكيانًا بعد أن كانت صوتًا”([16]).

وبما أنّ الجانب التّكوينيّ هو أساس في الشّعر الحديث، ويُعنى به الدّرس، باتت الهيئة الطّباعيّة مستوى من المستويات، وليست جزءًا من مستوى آخر. لذا كان من الضّروريّ تخصيص الجزء الأوّل من المبحث لدراسة المستوى الطّباعيّ في القصيدة المدروسة من أجل معاينة طريقة توزيعها على الورقة. تتكوّن القصيدة من ثلاثة عشر مقطعًا مرقّمًا، يسبق كلًّا منها رقم من واحد حتّى ثلاثة عشر، ما يوازي من جهة عدد المقاطع، وما يرمز من جهة أخرى إلى ثلاث عشرة طريقة للنّظر إلى الطّائر الأسود، والتي حدّدها العنوان. كما تفصل مساحة بيضاء بين المقطع والآخر، ويتراوح عدد الأسطر في كلّ مقطع بين سطرين كحدّ أدنى وستّة أسطر كحدّ أقصى. إلّا أنّ هيئة الأسطر تختلف بين الواحد والآخر، ويتراوح عدد الكلمات بين اثنتين وسبع كلمات. فهل هذا التّنوّع في الأداء الشّكليّ للقصيدة ناشئ عن تنوّع مضامينها؟

إضافة إلى ذلك، يلفتنا توزّع علامات الوقف، حيث تبرز النّقطة في نهاية كلّ مقطع من مقاطع القصيدة، ما خلا المقطع السّابع الذي يتخلّله علامتَي استفهام، والمقطع الثّامن الذي ينتهي سطره الثّاني بقاطعة متبوعة بأداة ربط مفصليّة “غير أنّي”. فهل أراد الشّاعر من خلال وضعه للنّقطة أن ينهيَ جملة نحويّة أو إيقاعيّة؟ أو أراد أن يقطع المعنى؟

علاوة على ما سبق، ألاحظ أنّ العنوان يتشكّل من جملة اسميّة تبدأ بالعدد “ثلاث عشرة”، فهل لهذا الأمر علاقة بعدد مقاطع القصيدة، أو هناك فعلًا ثلاث عشرة طريقة للنّظر إلى الطّائر الأسود؟

وبالانتقال إلى شكل النّصّ الطّباعيّ، فقد اعتدنا على الهيئة التي تتّخذها القصيدة العموديّة، والتي غالبًا ما تكون مكوّنة من قسمين. يسمّى الأوّل صدرًا والثّاني عجزًا، ويفصل بينهما فراغ يسمّى لحظة تنفّس إيقاعيّ ضروريّ لها([17]).

إذا عاينّا القصيدة موضوع الدّراسة، نلاحظ أنّها تتميّز شكلًا بخصائص الشّعر الحديث، إذ لم تعد تتألّف من شطرين، أي من صدر وعجز، بل من سطر واحد هو السّطر الشّعريّ. فيخرج النّصّ الشّعريّ بالتّالي عن قالب الهيئة الطّباعيّة المعهودة. فهل يعني هذا أنّ القصيدة الجديدة تحرّرت نهائيًّا من أيّة التزامات أو اشتراطات في تنظيم مساحتها النّصّيّة؟ وهل أورد المتكلّم المقاطع اعتباطيًّا على الورقة، أو أراد من خلال توزيعها مقصدًا معيّنًا، لاسيّما أنّ القصيدة في نسختيها الإنكليزيّة والعربيّة قد توزّعت على ثلاثة عشر مقطعًا؟

كلّ هذه الأسئلة التي رصدها الباحث من خلال معاينته القصيدة تشكّل رافدًا أساسيًّا في إنتاج المعنى. وليست دراسة المستوى الطّباعيّ إلّا محاولة لاستجلاء ما هو كامن في مقاصد التّعبير الشّعريّ، وهذا ما ستكشفه دراستنا للتّشكّلات الإيقاعيّة والنّحويّة في الأبنية المختلفة للقصيدة.

ثانيًا – المستوى الإيقاعيّ

لو طلب الدّارس التّدقيق في المعاني الاصطلاحيّة للحركة الشّعريّة بالإنكليزيّة لأمكنه التّنبّه إلى أنّها قامت على التّخلّص من “قيود النّظم والوزن المفروضة. ومن قواعد متّبعة في بناء البيت والوزن والقافية وغيرها، ما جعل القصيدة شكلًا مفتوحًا رهن التّجربة، وبتصرّف الشّاعر”([18]). وما يمكننا تبيّنه أنّ العديد من الشّعراء من العهد الفيكتوريّ (كيت، شيلي، بايرون، كريستينا روسيني)، اقتربوا من الشّعر الحرّ “إذ كتبوا أبياتًا مقفّاة من دون وزن”([19]). هذا ما يمكن تبيّنه في “محاضرة في الشّعر الحديث” (A lecture on modern poetry) لتوماس إرنست هيلم (Thomas Ernest HULME)([20])، من العام 1908م([21]). إذ يتوقّف عند محاولات شعريّة تسعى إلى التّخفيف من الوزن. بالتّالي، مع تخلّي القصيدة عن أحد شطريها، أي الشّكل الإيقاعيّ التّناظريّ، ولّدت سطرًا شعريًّا متفاوت الطّول وقابلًا بالتّالي لاحتمالات متعدّدة في البناء. فنشأت علاقة إيقاعيّة جديدة بين الأسطر المتتابعة أو المتباعدة أحيانًا، إلى أن طالت هذه العلاقة مجمل القصيدة.

لذا، فالصّورة التّشكيليّة الجديدة لموسيقى القصيدة تجعل منها “موحّدة تضمّ مفردات نغميّة كثيرة في إطار شعريّ شامل”([22])، فيشعر القارئ بإيقاع غنيّ يسهم في تشكّل عالم المعنى في النّصّ. وهذا ما يمكن تبيّنه منذ ملاحظة التّتابع الطّباعيّ المتشابه للأسطر، التي تبدو متقاربة في عدد الألفاظ في كلّ سطر منها، “وهو ما يظهر شكلًا من أشكال التّتابع المتكرّر”([23]). وفي هذا شيء من الإيقاع مهما كانت درجته خفيفة. وقد لاحظ علماء اللّغة أهمّيّة التّكرار في العمليّة الشّعريّة، إذ له “دور مزدوج، بغضّ النّظر عن توقّعه أو عدم توقّعه: يخلق الإيقاع، ويكون أثره بمرتبة أيّ خطاب واضح”([24]).

أوّل ما يلفت نظري في القصيدة تكرار عبارة “الطّائر الأسود” التي وردت أصلًا في العنوان، واتّخذت مكانة في المقاطع الثّلاثة عشر في القصيدة من دون استثناء، ما أحدث نغمة تزيد من حركة القصيدة، وتشير إلى أهمّيّة “الطّائر الأسود” كونه الكلمة المفتاح في القصيدة.علاوة على ذلك، تبرز أشكال مختلفة من الظّهور التّكراريّ المتعدّد التّجلّيات، يقع بعضها في تكرار لفظة كما في:

المقطع الأوّل:

كانت لي عقولٌ ثلاثةٌ

كمثل شجرة

حطّت عليها ثلاثةُ طيور

والمقطع الثّامن:

أعرف لكناتٍ نبيله

[…]

فيما أعرف

إنّ تكرار لفظ “ثلاثة” في المقطع الأوّل، والفعل “أعرف” في مطلع المقطع الثّامن ونهايته، أوحيا بالمعاني المواكبة للإيقاع الذي صيغت فيه. وكأنّ الشّاعر يرسم صورة متواجدة في ذهنه وينقلها إلينا من خلال أداة التّشبيه “الكاف”، جاعلًا من الشّجرة صورة للعقل، والطّيور السّوداء الثّلاثة هي إظهار بصريّ لثلاثة عقول. بالتّالي ينظّم تكرار الرّقم 3 السّطور بطريقة تحدث نغمًا خفيًّا بين طيّاتها. أمّا الفعل “أعرف” فيتضمّن إدراكًا عميقًا مقترنًا بعمليّة مشاركة وتفاعل بين الشّاعر والطّائر. ويعدّ هذا النّوع من التّكرار مفتاح الرّؤية للصّورة الشّعريّة.

إضافة إلى تكرار اللّفظ، يلفتني توافق تكراريّ بين جملتين قصيرتين كما في المقطع الرّابع:

رجل وامرأة (1)

جسدٌ واحد (2)

رجلٌ وامرأة (1) وطائر أسود

جسدٌ واحد (2)

هذا التّكرار أضفى جوًّا موسيقيًّا على القصيدة وأكّد رغبة الشّاعر في إبراز الصّورة الشّعريّة المتمثّلة باتّحاد الرّجل والمرأة في جسدٍ واحد، وإن ظهر الطّائر الأسود كـ”دخيل” في السّطر الثّالث. فالإيقاع هنا إذًا تصويريّ نفسيّ، والموسيقى نقرات تتوالى على مقياس واحد، تقطعها فجأة عبارة “الطّائر الأسود”. كما يمكننا أن نتبيّن تجلِّيًا لنمط تكراريّ، شبه تفعيليّ، مثل “النّقلات”، “الاستعارات”، “الذّهاب”، “المآب”. فهذه الألفاظ تبدو متوافقة لجهة تتابع السّكنات والحركات.

ومن التّكرارات البارزة أيضًا الفعل الماضي النّاقص “كانت”، الوارد في نهاية المقطع الأوّل وبداية المقطع الثّاني:

كانت تتحرّك/ كانت لي عقول ثلاثة

ما يشير إلى التّتابع بين المقطعين، وإن انفصلا طباعيًّا. هذا ما ولّد إيقاعيّة خفيفة لكنّها أكيدة في الوقت عينه. وثمّة توقيعات موسيقيّة أخرى ناتجة عن توافق أصوات معيّنة في القصيدة، مثلًا:

بيْن/ عين، النّقلات/ الاستعارات، النّافذةُ/ المديدةُ، السّوداء / البلهاء، تفكّرون / ترون…

هذا يعني أنّنا أمام تقنيّات إيقاعيّة منظّمة استطعنا استخراجها من خلال تنسيق بعض الكلمات والحروف، وقد خلقت إيقاعًا موسيقيًّا حتّى ولم يكن بمستوى الإيقاع الذي تولّده التّفعيلات، “ما يعني إيجاد شكل بديل للقافية وإن تختلف وظيفتها عن القافية التّقليديّة”([25]). إضافة إلى ذلك، يتبيّن طغيان بعض الأحرف في القصيدة، مثل حرف الرّاء: عشرين، تتحرّك، شجرة، طيور، الطّائر، رياح، الخريف، المسرحيّة، رجل، أدري، الاستعارات، معبرا، تراه، عربة، الرّحيل، الظّهر، ترسل، أرز… من خصائص هذا الحرف “التّرجيع والرّقّة والنّضارة”([26])، وتكراره يوحي بالتّعاقب والحركة. ومن النّاحية الدّلاليّة، ألاحظ علاقة وثيقة بين حرف الرّاء الذي يتّسم بالدّيناميّة والنّغم الغامض المسيطر على القصيدة.

ومن الأحرف الأخرى الطّاغية على النّصّ، السّين: الأسود ، بسيطة، المسرحيّة، جسد، رسم، النّساء، آسرة، المساء، السّماء، ما يعطي النّصّ سلاسة وخفّة وائتلافًا مقبولًا في المحتوى. إلّا أنّ هذا التّكرار يحتاج إلى التّعاضد مع سائر العناصر الإيقاعيّة الأخرى كالتّوازي مثلًا. وتظهر فاعليّته في نسيج النّصّ، إذ لا يكتسب أهمّيّة تذكر بمعزل عن السّياق الشّعريّ للقصيدة. ويشكّل التّوازي “تكرارًا في متتاليتين متلاحقتين أو أكثر للرّسم النّحويّ نفسه، مع اختلافات إيقاعيّة و/أو معجميّة”([27]). والواقع، تؤدّي التّوازيات عند والاس ستيفنز دورًا مهمًّا في تشكيل شعريّة النّص، وقد أحصينا بعضًا منها:

المقطع الخامس:

هل جمال النّقلات

أم حسن الاستعارات

المقطع السّابع:

لمَ تفكّرون

ألا ترون…

المقطع الثّامن

لكناتٍ نبيلةٍ

إيقاعاتٍ آسرة.

أسهم التّوازي في تشكيل أداء إيقاعيّ وجماليّ، وذلك من خلال ما أحدثه من انسجام في بناء الجمل المتتابعة أو المتباعدة، “وإنّ هذا التّركيز على الكلمة كوحدة إيقاعيّة يؤدّي دورًا مهمًّا في بناء القصيدة”([28]).

فما يمكن أن يخلص إليه الدّرس من تحليل المستوى الإيقاعيّ أنّ هناك تغيّرات جذريّة قد لحقت بنية القصيدة المعاصرة التي تجاوزت الأشكال التّقليديّة. وكأنّ والاس ستيفنز قد بحث في قصيدته عن إيقاع جديد يناسب المشاهد التي رسمتها القصيدة. بيد أنّنا لم نتبيّن نظامًا إيقاعيًّا موحّدًا في كلّ من النّسختين العربيّة والإنكليزيّة، بل إيقاعًا شعرنا إزاءه “بارتعاشات إيقاعيّة، لا توازي بالطّبع أثر التّشكيلات الوزنيّة علينا”([29]). وتبقى الأسئلة المطروحة: أهذه الإيقاعات المتقطّعة عمديّة أم عفويّة؟ أهي ممّا طلبه الشّاعر أم انساق إليه أثناء الكتابة؟

ثالثًا – المستوى النّحويّ

يحار الباحث في دراسته للتّشكّلات النّحويّة في القصيدة، كونها وفيرة في تباينها وتنوّعها. والنّظام النّحويّ هو النّظام الذي اشار إليه عبد القاهر الجرجانيّ([30]) وطبّقه عمليًّا بقوله: “وما النّظم إلّا أن تضع كلامك الوضع الذي يقتضيه علم النّحو، وتعمل على قوانينه وأصوله، وتعرف مناهجه التي نهجت فلا تزيح عنها، تحفظ الرّسوم التي رُسمَت لكَ فلا تخلُّ بشيء منها”([31]). أمّا غريماس، فقد أشار إلى أنّ دراسة النّصّ التّحليليّة تهدف إلى معرفة ما يطرأ على أبنية النّصوص من تغيّرات، لأنّ التّراكيب النّحويّة والدّلاليّة لها علاقة بالنّص”([32]). وعليه يمكني دراسة المستوى النّحويّ في قصيدة ستيفنز ضمن قسمين: الأوّل يشمل الجمل الاسميّة والفعليّة، والثّاني يُعنى بظاهرة التّقديم والتّأخير.

  • بناء الجمل

يقول دي سوسير (DE SAUSSURE) )[33](: “الجملة أحسن نموذج يمثّل التّركيب/ السّياق، إلّا أنّها من مشمولات الكلام لا اللّغة، أفلا يخبر عن ذلك أن يكون التّركيب أيضًا من مشمولات اللّفظ، الكلام”([34]). وقد اعتنى النّحاة بمعاني التّركيب الكلاميّ بأن جُعل هذا التّركيب على نوعين أساسيّين من أركان الكلام. أحدهما يكمن في التّراكيب الدّالّة على المعنى الحركيّ، والتي يُعبّر عنها بالفعل أو ما يتعلّق به. والآخر يكمن في التّراكيب الدّالّة على معنى الاستقرار والثّبوت، والتي يُعبّر عنها بالاسم. فالجملة الاسميّة موضوعة للإخبار، وإذا كان خبرها اسمًا فقد يقصد به الدّوام والاستمرار الثّبوتيّ بمعونة القرائن، وإذا كان خبرها مضارعًا (أي جملة فعليّة فعلها مضارع) فقد يفيد الاستمرار. أمّا في الجملة الفعليّة، فإنّ الدّلالة على التّجدّد تستمدّ من الأفعال وحدها.

بعد الوقوف على مفهوم الجملة، سنتتبّع صياغة نصّ والاس ستيفنز الشّعريّة وكيفيّة توظيفه للجمل. بالتّالي سندرس نوع الجمل المستخدمة سواء أكانت اسميّة أم فعليّة، كون الجمل تشكّل النّواة الأساسيّة في جسم اللّغة الحيّ. مع الإشارة إلى أنّ تركيبة الجمل وأنواعها قد تختلف عن النّسخة الأصليّة بحسب التّرجمة المعتمدة.

  • أ – الجملة الفعليّة

إذا أحصينا الجمل في القصيدة، نلاحظ أنّ غالبيّة السّطور تُستهلّ بجمل فعليّة، يتراوح زمنها بين الماضي والحاضر. وتعدُّ “الجمل الفعليّة أكثر الجمل شيوعًا في الاستعمال، بل التّعبير بالفعل أساس التّعبير في العربيّة”([35]). وفي هذه القصيدة، لجأ المتكلّم إلى توظيف الجمل الفعليّة ليؤثّر في المتلقّي بديناميّة معبّرة توالت فيها الأحداث.

لذا، فقد استخدم دلالة الفعل على الحدث (التّجدّد والاستمرار) في مختلف الأزمنة كما في الأمثلة الآتية:

– “ألا ترون كيف تسيرُ الطّيور السّوداء” (المقطع السّابع).

– “أعرف لكناتٍ نبيلة” (المقطع الثّامن).

– “تبحرُ في ضوء أخضر” (المقطع العاشر).

– “يعبر سماوات كونيكتيكوت” (المقطع الحادي عشر).

إنّ تواتر الأفعال المضارعة في هذه الأمثلة، نقل ديناميّة الأحداث إلى المتلقّي كون المضارع يملك القدرة على رفد الحدث بحرّيّة الحركة والانطلاق وترك العنان لخيال الشّاعر.

أمّا استخدام الفعل الماضي النّاقص “كان” أو “كانت” في أمثلة أخرى، مثل: “كانت تتحرّك، “كانت تعدّ”، فقد قلب دلالة الحدث إلى الماضي على الرّغم من وجود الفعل المضارع في الجمل الفعليّة. فاتّسعت بالتّالي دلالة الفعل المضارع المقرونة بـ”كانت”، وتحوّلت من دلالة الحضور والاستقبال إلى الدّلالة على ما قبل زمن التّكلّم.

والواقع أنّ تجربة المتكلّم لا تكتفي بالحاضر، وإنّما تخلق سلّمًا من الأزمنة، وهذا واضح في السّطور التي يمتزج فيها المضارع والماضي، فيؤلّف بذلك نسيجًا متماسكًا داخل النّصّ. وقد أشارت الجمل الفعليّة المستهلّة بفعل ماضٍ إلى تغيّر في عنصر الزّمن، إذ تصدر عنه ومضات واقعيّة نابعة من ذاكرة الماضي. والذّاكرة لا تبني أحداثًا منسّقة في الزّمان حسب مسار منطقيّ، لذا وجد الفعل الماضي مبعثرًا داخل القصائد كما في الأمثلة الآتية:

“حطّت عليها ثلاثة طيور سوداء”.

“دار الطّائر الأسود مع رياح الخريف”.

“رسم المزاج على الظّلّ”.

“حلّق الطّائر الأسود”.

“رسم حافّة”.

“جلس الطّائر الأسود”.

كما أنّ تتبّعنا لتواتر الأفعال الماضية في القصيدة، مكّننا من تبيّن الدّلالات المتضمّنة في الأفعال الموظّفة (حطّت، دار، رسم، حلّق، جلس)، وهي كلّها تدلّ على الحركة. وكأنّ والاس ستيفنز حاول أن يرسم واقعًا لا يمكنه أن يبلغه. فاتّسعت بالتّالي وظيفة الفعل الماضي وتحوّلت من دلالة تفيد حضور الشّيء قبل زمن التّكلّم إلى دلالة تتضمّن صفة الاستمراريّة، وكأنّ ذاته واقفة بين شيء واقعيّ وآخر متخيّل… كما خُصِّصَ للفعل الماضي النّاقص “كان” حيّز مهمّ. فكان من أبرز جوانب الاقتراب من السّرد، ومحاولته تحقيق ذلك على مستويات تموقع الفعل (كان) وهندسته وفق رؤية إخباريّة تدلّ على توالي الأحداث والصّور وتعاقبها:

-“كانت تتحرّك” (المقطع الأوّل).

-“كانت لي عقول ثلاثة” (المقطع الثّاني).

-“كان لظلّ الطّائر الأسود معبرًا” (المقطع السّادس).

-“كانت تعد” (المقطع الأخير).

وكأنّ ذات الشّاعر الماضية تحاول أن تتوازن مع ذاته الحاضرة من خلال نافذة الخيال.

ويجدر الذّكر إلى أنّ أفعال المقاطع في معظمها توحي بالحركة، بعد أن كان مطلع القصيدة قد بلغ ذروة الهدوء من دون الاستعانة بالفعل. والمتكلّم حين يستخدم الماضي، لا ينفي الحاضر، وإنّما يستعين به لتبيانه بشكل أقوى. مع الإشارة إلى عدم ظهور صيغة الأمر في كلّ النّصّ الشّعريّ، ما يغيّب حصول الشّيء عن الفترة الموجودة بعد زمن التّكلّم.

بالتّالي، الماضي والحاضر يجتمعان في زمن واحد هو الحاضر. وديناميّة الذّات لا تكون إلّا في الحاضر، فإلى أيّ مدى يستطيع الشّاعر أن ينطلق من زمنه الحاضر ليبنيَ عالمًا صوريًّا لا يدرك بالمعرفة التّجريبيّة وإنّما بالخيال؟

  • ب – الجملة الاسميّة

لا تبرز الجمل الاسميّة بطريقة لافتة في النّصّ، وهي تفيد بأصل وضعها معنى الثّبوت، كما أشرنا سابقًا، من دون النّظر إلى حدود أو استمرار. إلّا أنّه قد يكتنفها من القرائن والدّلالات ما يخرجها عن أصل وضعها، فتفيد عندها الدّوام والاستمرار، إذ تحدّد حركتها الجملة الفعليّة اللّاحقة. وقد استعان المتكلّم بالجمل الاسميّة لبلورة الصّورة الشّعريّة التي يصبو إلى إيرادها وكشف حيثيّاتها للقارئ. فنرى المتكلّم يستغني عن الفعل كما في قوله:

رجلٌ وامراة

جسدٌ واحد

رجلٌ وامرأة وطائر أسود

جسدٌ واحد.

لقد استغنى الشّاعر عن الفعل في هذا المقطع (كما سبق وفعل في مستهلّ النّصّ)، ما أبعده عن الدّيناميّة. ولمّا كانت الجملة الاسميّة توحي بالسّكون، فإنّ المتكلّم قد وظّفها ليفلت من شروط الزّمن، إذ يشير في هذا الجزء إلى أنّ فكرة الوحدة، لكي تكون منطقيّة، “يجب أن تسمح للعالم الواقعيّ أن يوجد كما هو، كمتعدّد، ومنفصل، وخاصّ”([36]). فهل: رجل + امراة = رجل + امرأة + طائر أسود هي بالتّالي حقيقة ثابتة أو مجرّد رمز؟

وقد جعل المتكلّم من الجمل الاسميّة في أمثلة أخرى جملًا تفيد الدّوام والاستمراريّة:

“النّافذة المديدة طغى الجليلد عليها” (المقطع السّادس).

“النّهر يمضي” (المقطع الثّاني عشر).

“السّماء ترسل نتف السّماء” (المقطع الأخير).

إنّ صفة المديدة المقترنة بالنّافذة، وضعت القارئ أمام فسحة زمنيّة قطعها طغيان الجليد، كذلك الأمر بالنّسبة إلى النّهر الذي يتضمّن معنى الاستمراريّة في جريانه، ولكنّه في مَضِيّه يعلن رحيل الطّائر الأسود. والسّماء في حالة حركة طالما أنّها ترسل نتف الثّلج. هكذا تظهر الجمل الاسميّة بهيئة وصفيّة وإخباريّة.

وقد ساهم استخدام المضارع داخل الجمل الاسميّة في خلق ديناميّة الثّبوت. إلّا أنّ السّامرّائيّ يؤكّد “أنّ الجملة الاسميّة من حيث الدّلالة أقوى من الجملة الفعليّة، لأنّها تدلّ على الثّبوت”([37]).

وعليه، فإنّ ورود الجمل الفعليّة في معظم الأسطر يدلّ على ديناميكيّة فاعلة للحدث. وإنّ هذا التّكثيف في استخدام الأفعال يجسّد المواقف المتعدّدة ويبعدها من الرّتابة. وتجدر الإشارة إلى أنّ الأفعال في معظمها توحي بالحركة بعد أن كان مطلع القصيدة قد بلغ ذروة الهدوء، وهذا ما أوحى به القفل، إذ في جلوس الطّائر الأسود على حافّة شجرة الأرز سكون وركود. إضافة إلى الظّواهر السّابقة، يمكننا أن نتبيّن ظواهر نحويّة أخرى سِمَتُها العدول عن أصل وضع الجملة مثل “الحذف، أو الزّيادة، أو تشويش الرّتبة بالتّقديم والتّأخير”([38]).

وتعدّ هذه الظّاهرة من أهمّ التّقنيّات التي تحقّق عدولًا عن مستوى الجملة، إذ يقول الجرجانيّ: “ولا تزال ترى شعرًا يروقك مسمعه ويلطف لديه موقعه، ثمّ تنظر فتجد سبب أن راقك ولطف عندك أن قدّم فيه شيء وحُوِّل اللّفظ من مكان إلى مكان”([39]).

لو دقّقنا في المقطع الأوّل:

“بينَ عشرين جبل ثلجيّ

وحدها عين الطّائر الأسود

كانت تتحرّك”، نتبيّن ما يأتي:

قدّم الشّاعر شبه الجملة “بين عشرين جبل ثلجيّ”، الواقعة في محلّ رفع خبر مبتدأ، وذلك للتّشديد على موقع “عشرين” و”جليديّ” من النّصّ الشّعريّ، إذ تخلقان “مجالًا بصريًّا معمّمًا يحتشد فيه اللّون الأبيض فوق اللّون الأبيض في مشهد يسلّط ضوء الخيال، لا العين، عليه كصورة منمّقة إلى حدّ ما، يكون فيها عدد الجبال المحدود واضحًا”([40]).

كما قدّم الشّاعر الحال “وحدَها” في السّطر الثّاني من المقطع، والأصل أن يقول: كانت عين الطّائر الأسود تتحرّك وحدَها… ما يشير إلى أهمّيّة الحركة في عين طائر في ظلّ مشهد ثابت وساكن.

ومن الأمثلة المنتقاة من القصيدة، ما ورد في المقطع الثّاني:

“كانت لي عقولٌ ثلاثةٌ

كمثل شجرة

حطّت عليها ثلاثة طيور سوداء”.

قدّم الشّاعر الجارّ والمجرور “لي” على المبتدإ، والأصل أن يقول: كانت عقولٌ ثلاثةٌ لي. ولعلّه أراد بذلك أن يجعل التّخصيص للخبر، لاسيّما أنّه يتألّف من حرف جرّ مقترن بضمير المتكلّم. وتأتلف البنيتان النّحويّة والدّلاليّة، إذ يتضمّن المقطع المعادلة الرّياضيّة الآتية:

واحد = ثلاثة.

واحد = ثلاثة.

بالضّبط مثل واحد = واحد.

ثلاثة = ثلاثة.

لكنّ هذا الأمر لا يتوافق مع علاقة الأحاديّة بالتّعدّديّة، إذ لا تتماشى “تعدّديّة الأفكار مع أحاديّة الوعي لأنّ لا العقل ولا أفكاره هما تجريدات رياضيّة”([41]). وليس تقديم الجارّ والمجرور إلّا لتسليط الضّوء على الفكرة التي أراد الكاتب إبرازها.

بالتّالي، فإنّ لتقديم الخبر وبيان أهمّيّته وتخصيصه في الأمثلة السّابقة، الأثر الأكبر في نقل المتلقّي إلى جوّ النّصّ ليتفاعل مع أفكار المتكلّم.

وعليه، لقد أظهر النّصّ من النّاحية النّحويّة تشكّلات مختلفة، إذ خرجت النّصوص الشّعريّة عن قوالب القصيدة القديمة، وباتت الجمل تحفل بأبنية تركيبيّة متعدّدة، حاولنا أن نكتفيَ بالبارز منها. كما تبيّنت قدرة المتكلّم على التّعامل مع العناصر النّحويّة بكلّ ما يعتريها من تغيّرات يتطلّبها النّصّ. وذلك لأنّ الشّعر يخضع لتراكيب متنوّعة تسهم بشكل كبير في تحديد المعنى، وهذا ما سيمكّن النّحو من أن يقيم علاقات أكثر تحرّرًا مع المعنى، مغايرة مع القصيدة الإنكليزيّة إذ تختلف أساسًا أدوات النّحو خصوصًا في تطابقها مع المعاني المختلفة، على الرغم من ما تتيحه بشكل لافت القصيدة الحديثة.

ثالثًا- المستوى الدّلاليّ

يشكّل نظام اللّغة نظامًا متشابك العلاقات بين وحداته، ومفتوحًا على التّغيير في بنياته المعجميّة. لذا فإنّ تحديد دلالة الكلمة يحتاج إلى تحديد مجموع السّياقات التي ترد فيها، كون هذا التّحديد يقدّم نموذجًا فعليًّا لإظهار دلالة الصّيغة المستعملة: “لا تفتّش عن معنى الكلمة وإنّما عن الطّريقة التي تُستعمل فيها”([42]).

فأين نجد المعنى في نصّ والاس ستيفنز، وكيف نتعرّف إليه؟

لقد قام بعض الدّارسين بمعالجة عدّة سمات دلاليّة لدى والاس ستيفنز إمّا في كتبهم أو في بعض المقالات، نذكر منهم:

  • آنّا إليزابيت بالاكيان (Anna Elizabeth BALAKIAN)([43]) في كتابها: “The fiction of the poet”([44]).
  • برايس كالدويل (Price CALDWELL)([45]) في مقاله: “Thirteen ways of looking at a black bird”([46]).
  • مبارك علي لاشاراي (Mubarak Ali LASHARI)([47]) وآخرون، في مقاله:

“Deconstruction of poetic discourse: Analysis of Wallace Stevens, thirteen ways of Looking at a Black bird([48])“.

  • بارت إيكهوت (Bart ECKHOUT)([49]) في مقاله: “The beauty of Epigraphic Black birds”([50]).

وعليه، ألاحظ أنّه لم يتمّ تبيّن جوانب المعنى المختلفة في الدّراسات المذكورة، ما خلا دراسة برايس كالدويل، إذ حاول اقتفاء أثر المعنى في القصيدة من خلال تتبّع المقاطع وتدرّجها. لذلك وجدنا في طريقة النّاقد الرّوسي رومان جاكبسون (Romane JACKOBSON)([51]) في كتابه “Questions de poétique” مدخلًا صالحًا لذلك، إذ حدّد الكلام على مختلف أنواعه وأنماطه وأساليبه، بستّ وظائف هي: المرجعيّة، التّأثيريّة، التّعبيريّة، الجماليّة، التّفاهميّة، الواصفة([52]). وعلى العموم، قلّما يقتصر النّصّ الواحد على وظيفة واحدة، إنّما نجد أحيانًا غلبة لوظيفة ما على ما عداها، كما نجد تداخلًا بين وظيفتين متلازمتين أو أكثر ضمن النّصّ الواحد. ولكي نتعرّف على وظائف الكلام في نصّ معيّن، يجدر بنا تبيّن مواطن الاهتمام والتّركيز لدى صاحب النّصّ. إضافة إلى تحديد مؤشّرات متنوّعة وموجودة في كلّ نصّ تشير إلى الوظيفة المهيمنة أو إلى الوظائف المتداخلة في هذا النّصّ.

إذًا، كما ذكرت، قد تجتمع في نصّ ما معظم الوظائف، إلّا أنّنا قد نجد وظيفة أساسيّة مهيمنة أكثر من الأخرى: “تعرّف الوظيفة المهيمنة بكونها العنصر المركزيّ في كلّ عمل فنّيّ، فهي تسيطر وتحدّد وتحوّل باقي العناصر. وهي تضمن تلاحم البناء”([53]).

سأعالج في هذا القسم الوظائف التّالية: الانفعاليّة، التّعبيريّة، التّأثيريّة، المرجعيّة، كونها الأكثر بروزًا في القصيدة.

  • الوظيفة الانفعاليّة التّعبيريّة

لو انطلقت من فكرة ستيفنز بأنّ “القصيدة مجموعة أحاسيس”، كان عليّ أن أتبيّن حضورًا بارزًا لضمير المتكلّم بغية التّعبير عمّا يعتمل داخل النّفس من مشاعر وأحاسيس. بَيد أنّ الحضور الخجول لهذا الضّمير في القصيدة يدفعني إلى مزيد من الفحص والتّدقيق، لاسيّما أنّ استخدام الضّمائر في النّصّ يشكّل عنصرًا أساسيًّا من مكوّنات البناء النّصّيّ: “فالأصوات الثلاثة (أنا – أنت – هو) لا تمثّل قيمة تعبيريّة أو جماليّة تظلّ ملازمة للضّمير في كلّ مرّة يُستخدم فيها، وإنّما تتّخذ الوظيفة التّعبيريّة أو الجماليّة لاستخدام أيّ صوت من هذه الأصوات الثّلاثة، وفقًا للموضوع الذي تردُ فيه”([54]). فكيف تجلّت فاعليّة ضمير المتكلّم في القصيدة؟ وهل هي على علاقة وثيقة بـ”الأنا الشّعريّة”؟

إنّ تتبّعني لأجزاء النّصّ العربيّ مكّنني من ملاحظة ضمير المتكلّم في المقاطع الآتية، إذ يقول في:

المقطع الثّاني:

“كانت لي عقول ثلاثة

كمثل شجرة

حطّت عليها ثلاثة طيور”.

إنّ هذا المقطع يخلق تداولًا بين “الواقعيّ والذّهنيّ”، إذ تحوّلت الشّجرة إلى صورة للعقل، والطّيور الثّلاثة ليست إلّا إظهارًا بصريًّا لثلاثة عقول. وكأنّ ضمير المتكلّم دالٌّ لمدلولات غير محدّدة، أي حاضرٌ من حيث الدّالّ وغائبٌ من حيث المدلول، بسبب عدم امتلاكه معنًى موضوعيًّا في ذاته. ما يؤيّد قول بول ريكور: “إنّ دالّ الأنا دالّ فارغ”([55]).

المقطع الخامس:

لستُ أدري ماذا أحبّ أكثر

هل جمال النّقلات

أم حسن الاستعارات

في صغير الطّائر الأسود

أو ما دون ذلك.

ألاحظ في هذا المقطع بروزًا مزدوجًا لضمير المتكلّم، مرّة بهيئة ضمير متّصل (تُ) ومرّة أخرى بهيئة ضمير مستتر في الفعلين “أدري، أحبّ”، إذ الاسم الذي يحيل عليه الضّمير غائب في سياق النّصّ، والمقطع لا يزوّدني بالمعلومة الضّروريّة عن المتكلّم. انطلاقًا من هذه الفكرة، فقد استبعد النّقد الحديث مكانة الشّاعر كذات تمارس حياتها خارج اللّغة في تحليل الخطاب الشّعريّ. فنجد صعوبة في التّعرّف إلى هويّة المتكلّم. وقد استقلّ النّصّ عن الشّاعر وأصبح فاعليّة قرائيّة تحدث بقدرة القارئ فحسب. “فضمير المتكلّم (أنا)، وإن كان يدلّ على الحضور، فإنّه في غياب المرجع المحال إليه يصبح عاجزًا عن أن يملأ وظائفه بنفسه”([56]). والمتكلّم في هذا المقطع يبدو حائرًا، ما يجعل حركة المقطع معقّدة، فيها انتقال من تجربة محسوسة إلى تجربة تدرك بالخيال، هذا ما يتوافق مع قول ستيفنز: “إنّنا لا نرى العالم إلّا في اللّحظة التّالية، هكذا نحن نراقب الماضي باستمرار… لقد أصبح العالم المادّيّ، رغم كلّ تأكيدات العين، عالمًا غير ماديّ… فإنّ ما نراه ليس عالمًا خارجيًّا وإنّما صورة منه، وبالتّالي عالمًا داخليًّا”([57]). فالمتكلّم لا يعرف أيّهما يختار: جمال النّقلات أو حسن الاستعارات، إلّا أنّه يحبّ أن يمتلك “الواقعيّ والواقعيّ المتخيّل الذي يدركه بخياله وما يشكّل بينهما من خلاف”([58]). وكأنّ عالم ستيفنز يعتمد على البصيرة الدّاخليّة وليس على الإبصار العيانيّ، ما يجعله في حالة توق إلى عالم آخر لا يُدرك إلّا بالخيال.

وليست المعرفة التي أكّد عليها في المقطع الثّامن من القصيدة، من خلال تواتر الأفعال التّالية: “أعرف، أدرك، أعرف…” إلّا محاولة لإظهار تحوّل في معنى النّصّ. فيشكّل الفعل “أعرف” حلقة وصل تربط المتخيّل بالواقعيّ، إذ “اللّكنات النّبيلة” و”الإيقاعات الآسرة” تذكّرني “بحسن الاستعارات” و”صفير الطّائر الأسود”، لكنّهما يتحرّكان “في تجربة الطّائر الأسود الصّغير” وما بعده، بينما تعرض “اللّكنات” و”الإيقاعات” كمجرّد أفكار”([59]).

علاوة على ذلك، إنّ الطّائر الأسود لا يُجرّب وإنّما يؤكّد، إنّه أيضًا شيء – كفكرة كما هو حال الطّيور السّود في المقطع الثّاني. وكلمة “النّبيلة” توحي بذهنيّة المتكلّم، إذ يمكننا أن نستشفّ موقفه المتباين من فكرة “النّبالة”. فبالنّسبة إليه “من الصّعب أن تفكّر بشيء خارج إطار الزّمن أكثر من النّبالة لأنّه إذا ما نظرنا إليه بوضوح يبدو كاذبًا وميتًا وقبيحًا… وإذا كان “للموجة قوّة فإنّها لا تتأتّى من الماء الذي تتكوّن منه، فالموجة والماء لا يتشابهان، كذلك للنّبالة قوّة لا تتأتّى من المظاهر التي تتكوّن منها، فهما لا يتشابهان”([60]). بالنّسبة إلى والاس ستيفنز، تحتشد في نظرنا أفكار كاذبة وميتة وقبيحة، وعليه، يجب أن يكون الواقع متورّطًا من جديد بما نعرف. ولمّا كان الخيال يُسقط أفكاره على الطّبيعة، ويُعدُّ “جزءًا من الطّبيعة” ([61])، فإنّه يبدو محاولة للخلاص من الواقع. بالتّالي، إنّ هذا التّشابه والاختلاف بين الواقع والخيال يشكّل المادّة الأساسيّة للعالم الذي يصوّره الكاتب. وعليه، فضمير المتكلّم يحيل على مرجعيّات متعدّدة إذ يتصادم الخيال بالواقع، وتبدو “الأنا صورة موحّدة تنسج بين مختلف المضامين”([62])، كما تنسج خيطًا بين النّحو والدّلالة.

انطلاقًا من هذا التّصوّر، يمكنني تمييز أنا الشّاعر وأنا الشّعر. فأنا الشّاعر هي ذات الشّاعر التي توجد في العالم وتتفاعل معه، أمّا أنا الشّعر فهي أنا الشّاعر الفرضيّة التي توجد في القصيدة والنّصّ، وهي ذات ورقيّة لا حقيقة لماهيّتها، لذلك هي متحرّرة، وإنّما ليست حرّة لأنّها تتقيّد بعوالم داخليّة تتّصل باللّاوعي في مختلف أشكاله، وبالكون الظّاهر والخفيّ المتواري. فكيف تستطيع هذه الذّات أن تحافظ على حضورها، وليس لديها أيّة وسيلة ولا إمكانيّة لتحقيق وجودها سوى اللّجوء إلى اللّغة؟ وهل الخيال وحدة كافٍ لخلق عالمٍ مغاير عن واقع تورّط به المتكلّم؟

ب – الوظيفة التّأثيريّة

يعدُّ استخدام ضمير المخاطب في النّصّ الشّعريّ مواجهة مباشرة بين المتكلّم والمخاطب. لذا سأسعى في وقفة أولى إلى تعيين علامات التّخاطب في الكلام الشّعريّ. يستند بنفنست في دراسته عن الضّمائر وعن “العلاقات التّخاطبيّة التي تنتظم في الجمل تبعًا لأدوات بعينها، مثل الضّمائر وظروف المكان والزّمان وغيرها”([63])، كما يشير إلى نظام “الضّمائر” واحدًا من تسمياتها المختلفة (المتكلّم، المخاطب، الغائب)، “تصوّرًا صائبًا للعلاقات بين الأشخاص”([64]).

والتّكلّم ينتظم بين ثلاثة ضمائر هي “المتكلّم” و”المخاطب” و”الغائب”، على أنّ الأولّين يعيّنان الشّخص في التّكلّم، في ما يعيّن الضّمير الثّالث غير الشّخص. والعلاقة بين ضمير المتكلّم وضمير المخاطب علاقة فرديّة تقيم التّعارض بين شخصين، بين “أنا” و”أنت”. فـ”الأنا” في النّصّ ترسل قولًا صوب المخاطب كون لغة الخطاب الأدبيّ الشّعريّ تسعى إلى خلق لغة خاصّة داخل اللّغة، إذ تصبح الكلمة إشارة حرّة تنتقل في خيال المتلقّي من دون قيود دلاليّة مسبقة لأنّ هدفها إثارة انفعال لا تقرير وقائع. فكيف يتوجّه الخطاب الشّعريّ في القصيدة؟

إنّ خطاب والاس ستيفنز يحضر من خلال صيغة النّداء في المقطع السّابع من القصيدة: “يا رجال هدّام”، كما يرتبط التّخاطب بحضور سياقيّ للفعلين: “تفكّرون” و”ترون”، ومن خلال الضّمير المتّصل “الكاف” في “حواليكم”، حيث يتوجّه المتكلّم إلى المخاطبين بصيغة الجمع. والواقع أنّ معاينتي للمقطع السّابع تظهر صورتَي المتخيّل والواقعيّ كبدائل، لا بدّ من الاختيار بينهما اختيارًا واعيًا:

يا رجال “هدّام”([65]) الضّعفاء

لمَ تفكّرون في الطّيور الذّهبيّة؟

ألا ترون كيف تسيرُ الطّيور السّوداء

قرب أقدام النّساء حواليكم؟

تترابط البدائل من خلال سلسلة من المتوازيات الرّصينة (لمَ تفكّرون، ألا ترون…)، لكنّها لا تتآلف. فالمثل الأعلى للمتخيّل وللواقعيّ المرئيّ يتمثّل في كونهما طائرين: واحد ذهبيّ والآخر أسود. واحد راقٍ، حيث “لا يفترض أن تحلّق الطّيور الذّهبيّة عاليًا وتقف على الأغصان فحسب، وإنّما ترتقي مكانة عالية من الإحساس”([66]).

أمّا الآخر، فيعيش على الأرض وحول أقدام النّساء، فيما يتطلّع رجال هدّام إلى الأعلى، ولعلّ السّخرية المبطّنة المتوافقة مع نمط المقطع توحي بحتميّة اختيار الواقع كلّما انفصل الواقع والخيال عن بعضهما البعض.

بالتّالي، فإنّ المخاطب في هذا المقطع مرتبط دائمًا بنوع من الغياب في مستوى الذّات الواقعيّة، ومرتبط بالبعد الدّلاليّ في النّصّ، إذ يسعى إلى إيصال رسالة الذّات لمن يتلقّى الخطاب، من أجل عرض ما بداخلها للمتلقّين الخارجيّين، والهروب من الواقع الذي تعيش في كنفه.

وعليه، إنّ هذا النّصّ يثير الأنا المتكلّمة بصيغة المخاطب، مع كلّ ما تتضمّنه اللّغة من معاني التّهكّم، إضافة إلى استخدام أداة النّداء، ما خلق التّفاعل مع المرسَل إليه في تخاطبيّة بارزة أضفت على هذا المقطع الصّيغة التّفاعليّة.

ج – الوظيفة المرجعيّة

نستكمل في هذا الإطار دراسة الأمر الدّلاليّ، كون الجملة تحدّد لمضامين القصيدة ودلالاتها وضعيّة تنطلق منها. ولأنّ المقاطع في القصيدة تبقى مفتوحة، أي قابلة للتّأويل، ولا تملك بالتّالي إطارًا ناظمًا ومغلقًا لأبنيتها وتطوّر مضامينها، لذلك بدا مفيدًا، في اللّحظة الأولى، الوقوف عند شؤون مختلفة في صور متفرّقة، أشبه بمن يكرّ خيوط النّسيج في اللّباس النّصّيّ. وإنّ النّصّ بمضمونه عامّة يشكّل حالة فكريّة يتركّز فيها على نقطة معيّنة من فكرة أو من صورة.

ويجدر التّحقّق أوّلًا من وجود انطلاقة للقصيدة ونقطة وصول. فكيف يمكنني أن أتبيّن المسار بين النّقطتين؟

إضافة إلى ذلك، إنّ المعنى الواحد لم يعد قائمًا في عبارة، بل بات ينتقل في مواضع مختلفة، متداخلة ومعقّدة. المتكلّم لم يعد يتابع معنًى محصورًا أو مضبوطًا، بل بات يتلاعب بمضامينه. فالانتقال يبلبل نظام الموضوعات ويجعلها تتداخل في ما بينها، كيف يمكن لنا، والحالة هذه، أن نتبيّن وحدات المعنى – إن تمكّنّا من تعقّبه – في هذه المقاطع؟ إذا كانت كلّ مفردة تتألّف من عدّة سمات دلاليّة، فإنّ هذه السّمات “تتموضع في سياق، وتنسج علاقات، مبرزة سمات دلاليّة على حساب أخرى فيها”([67]). بذلك يمكنني التّمييز بين المفردة القاموسيّة والمفردة السّياقيّة. وانطلاقًا من العنوان، أحاول أن أتبيّن الدّلالات التي يتضمّنها “الطّائر الأسود” من خلال المقاطع الثّلاثة عشر:

  • المقطع الأوّل: الطّائر الأسود بين الحركة والسّكون

أوّل ما يلفتنا في هذا المقطع الثّنائيّة الضّدّيّة الموجودة بين الألفاظ والدّلالات: بياض # سواد، حرارة # برودة، حركة # سكون، اتّساع # ضآلة. تبرز الصّورة الشّعريّة في هذا المقطع من خلال رسم تفاصيل المشهد، ما يثير دهشة المتلقّي ويكسر أفق التّوقّع عنده، إذ تحتلّ الجبال خلفيّة المشهد البعيدة والطّائر الأسود مقدّمته القريبة. وسط الثّبات والجمود، حركة العين الضّئيلة هي التي تحرّك المشهد. أضف إلى ذلك أنّ كلمتَي: “عشرين” و”جليديّ”، اللّتين تخلقان مشهدًا بصريًّا، يسلّط الخيال، لا العين، الضّوء عليه، ما يجعل عدد الجبال واضحًا. استنادًا إلى ذلك، هل تصبح عين الطّائر الأسود رمزًا للخيال نفسه؟

  • المقطع الثّاني: ثلاثة طيور سود – ثلاثة عقول

ينتقل الشّاعر من حالة حركة إلى حالة ثبات متمثّلة بوضعيّة الطّيور الحاطّة على شجرة. والواقع أنّ عودة الشّاعر إلى نفسه في هذا المقطع، والتي تبيّنّاها من خلال ضمير المتكلّم “لي”، لا تتكفّل بتغيير رؤيته إلى العالم، لاسيّما أنّه قد حسب في أعماله الشّعريّة أنّ “أفكارنا تصوّر العالم، والعالم يصوّر أفكارنا”([68])، ما يظهر التّداول بين الواقعيّ والعقليّ “الذّهنيّ”. بالتّالي، فإذا كانت الشّجرة هي صورة للعقل، فإنّ الطّيور السّوداء الثّلاثة هي إظهار بصريّ لثلاثة عقول. وإنّ هذا التّرابط بين المفرد والجمع، المتمثّل بتكرار الرّقم 3 يتجلّى كما يلي:

 

 

واحد = ثلاثة                                 واحد = واحد

تمامًا مثل:

واحد = ثلاثة                                ثلاثة = ثلاثة

لكن في الحقيقة: واحد # شجرة، عقول # طيور سوداء. ما ينتج عنه بيانًا غير رياضيّ حول علاقة الأحاديّة بالتّعدّديّة، لأنّه لا العقل ولا أفكاره يمكن أن يقتصرا على وظائف رياضيّة محدودة. فهل الخيال المتوحّد يمكن أن يحتوي أفكارًا متعدّدة كالشّجرة التي تحتوي على ثلاثة طيور؟

  • المقطع الثّالث: الطّائر الأسود في دوّامة

إنّ هذا المقطع يكسر حالة الجمود التي سيطرت على المقطع الأوّل، من خلال ثلاث حركات:

أوّلًا: حركة الرّيح، غير المرئيّة، والتي تصبح مرئيّة بالخيال وذلك من خلال دوران الطّائر الأسود.

ثانيًا: حركة الطّائر الأسود التي تظهر كحركة المسرحيّة الصّامتة.

ثالثًا: تظهر التّمثيليّة كبناء عقليّ، حينما يصبح الطّائر الأسود هو الممثّل والرّيح هي خشبة المسرح. بالتّالي، كالمقطع الأوّل، يظهر عمل العقل في الفكرة كشيء. هكذا تظهر الحياة أشبه بمسرحيّة، والعصافير السّوداء قد ترسم بدورانها أفكار الشّاعر التي قد تدور في حلقة مفرغة. فهل الفوضى التي أحدثتها حركة الطّائر بإمكانها أن تعيد بناء الواقع من دون إيقافه؟

  • المقطع الرّابع: بين الواحد والمتعدّد

يعدُّ هذا المقطع مكمّلًا للمقطع الثّاني، إذ إنّ مفهوم الأحاديّة يتمّ تداوله مع رجل، امرأة، وطائر أسود. إذ إنّ:

رجل + امرأة = واحد.

رجل + امرأة + طائر أسود = واحد.

واحد = واحد.

إذًا: رجل + امرأة = رجل + امرأة + طائر أسود.

إذا كان الرّجل والمرأة يمثّلان قوى الحياة على أساس أنهما جزءًا من هذا الكون، إذًا الطّائر الأسود هو جزء من هذا الكون، إذ يحسب هيدجر([69]) أنّ “الإنسان كائن، وهو باعتباره كذلك، له مكانة في كلّيّة الكينونة كالحجر والشّجرة والنّسر. هنا أيضًا له مكانة تعني أن يكون مندمجًا في تنظيم الكينونة”([70]). بالتّالي، يكون الرّجل والمرأة والطّائر الأسود واحد لأنّهم وجود بفعل واحد.

  • المقطع الخامس: الطّائر الأسود بين الصّورة والصّوت

يخلق هذا المقطع حركة معقّدة في انتقاله من تجربة محسوسة إلى تجربة تدرك في الخيال، إذ يتضمّن صفير الطّائر الأسود معنًى مجرّدًا متواجدًا في عقل ستيفنز، إذ لا يلبث أن يعقب الصّفير الصّمت مباشرة. وكأنّ ستيفنز يؤكّد قول جون كيتس في قصيدته “أغنية إلى جرّة أفريقيّة”:

“عذبة هي الألحان المسموعة لكن

الألحان غير المسموعة أعذب منها”([71]).

وكأنّ الموسيقى غير المسموعة أعذب من الموسيقى المسموعة. وعليه، فإنّ ما يُدرك بالخيال يبقى أعذب من الواقع، ما يجعل المتكلّم في حيرة إذ لا يعرف أيّهما يحبّ أكثر: جمال النّقلات أو حسن الاستعارات.

  • المقطع السّادس: الطّائر الأسود بين النّافذة والظّلّ والدّوّامة

يتكوّن هذا المقطع من عدّة حركات:

يتمّ الانتقال من الحركة الأولى المتمثّلة بصورة الشّيء الذي هو “الطّائر الأسود” إلى صورة الفكرة التي هي “ما لا تدركه الألباب”، فيما تشير صورة الزّجاج إلى المعرفة المحجوبة، إذ إنّ الغموض الذي يكتنف هذه القضيّة ناتج عن عدم حدوث تداول بين الأشياء. وتتجلّى حركة أخرى بين “الظّلّ” وهو مرئيّ، و”الطّائر الأسود” و”القضيّة” وهما غير مرئيّين، لكنّهما يستنبطان بالإدراك. وكأنّ الظّلّ هو الصّور الباطنيّة للمعنى.

بالتّالي، فإنّ عدم فهم ماهيّة القضيّة يضع المعنى حيّز الخطر، والجواب يتقدّم في موكب التباسات جديدة. فـ”الطّائر الأسود”، إضافة إلى “ما لا تدركه الألباب”، شاهدان على عدم التّمكّن من اختراق الواقع، ما يعزّز فكرة الغموض التي تحيق بالمقطع.

  • المقطع السّابع: بين طائر ذهبيّ وطائر أسود

في هذا المقطع ترد صورتا المتخيّل والواقعيّ كبدائل لا بدّ من الاختيار بينهما. فالمتخيّل والواقعيّ يمثّلهما طائر ذهبيّ وطائر أسود. والإيقاع المسيطر على المقطع يوحي بأنّه يجب اختيار الواقع كلّما انفصل الواقع والخيال عن بعضهما البعض، ما يكشف من جهة عن حالة توتّر بين عالمين، وما يشير من جهة أخرى إلى مركزيّة هذا المقطع، إذ يصوّر الشّاعر الطّائر الأسود كطائر عاديّ للغاية، والطّيور الذّهبيّة كنظير له.

  • المقطع الثّامن: الطّائر الأسود متورّط في الواقع

يعزّز هذا المقطع جدل المقطع السّابع حيث يحضر المتكلّم من جديد في القصيدة.

وإذا كانت المقاطع السّتّة الأولى قد أظهرت قدرة الخيال على رؤية الواقع كفكرة، فالمقطعان السّابع والثّامن يبرزان تحوّلًا في مسار القصيدة، إذ يؤدّي الفعل “أعرف” دورًا بارزًا من خلال تشكيله حلقة وصل تربط المتخيّل بالواقعيّ. يتمثّل الشّيء – كـ- فكرة بـ”الطّيور الذّهبيّة” و”اللّكنات النّبيلة” في المقطعين السّابع والثّامن، لكنّ اتّجاه القصيدة، هنا، يتغيّر لصالح الطّائر الأسود، كرمز للواقع. وكأنّ المعنى يُلتمس في المشتّت من الإشارات، والمضمَر من المقاصد. فتُعدُّ بالتّالي الإيقاعات الآسرة البيان “انتقالًا ذهوليًّا للنّغم في الوجود بكلّيّته، ودخولًا في الأرض لإيجاد محلّ، وانفتاح الكائن، وتأسيس الكينونة”([72])، فتغدو الإيقاعات وأنغام الطّائر جزءًا لا يتجزّأ من الكينونة.

  • المقطع التّاسع: حركة دوران الطّائر الأسود

إنّ الطّائر الأسود، على الرغم من تحليقه بعيدًا، يبقى متورّطًا في ما يعرفه المتكلّم. وحركة الطّيران تبقى أمرًا مجرّدًا حتّى يدركها الخيال. كذلك فكرة الدّائرة، عندما تُسقط على الطّبيعة يكرّرها الطّائر الأسود بحركته. فالدّوائر المتباينة الأحجام تدور كلّها في حلقة مفرغة. ما يُشير إلى أنّه عندما تُسقط فكرة على الطّبيعة، يجب أن تتخلّى هذه الأخيرة عن ثباتها وتَتبع حركة الواقع. ما يرمز إلى إسقاط الفكرة على الواقع.

10- المقطع العاشر: اقتران الطّائر الأسود باللّون الأخضر

ترمز صورة الطّيور السّوداء المحلّقة إلى الواقع، لكنّها تقترن “باللّون الأخضر” الذي يرمز إلى الطّبيعة. وأشير في هذا القبيل إلى أنّ ما حافظ عليه ستيفنز من المدرسة الرّمزيّة: “اعتبار الصّور أشبه بقناة تحوّل الطّبيعة إلى حقيقة”([73]). لكنّ رؤية الواقع نفسه تبدو غير طبيعيّة بالنّسبة إلى “الكائنات البلهاء”، أو “الدّاعرات” (كما وردت في ترجمة أخرى)، لأنّهم أناس متزلّفون يدنّسون وظيفة الخيال الطّاهرة من خلال المتعة المزيّفة التي يبيعونها، ومع ذلك، تجتاحهم جلبة الصّباح، ما يدلّ على الفوضى، لأنّ الواقع “يدمّر البناء الذّهنيّ الذي لا أساس له في الواقع”([74]). هكذا ألاحظ أنّ مصطلحات هذا المقطع تتفاعل مع بعضها البعض من دون أن تتداول.

11- المقطع الحادي عشر: بين الطّائر الأسود والظّلّ

ترمز الطّيور في البيت الأخير إلى الواقع، فيما يرمز الظّلّ إلى غير الواقعيّ، حتّى يحسب الرّاكب، خطأ، اللّاواقعيّ واقعيًّا. ومع ذلك، فإنّ الظّلّ في الحقيقة شيء مرئيّ كما في المقطع الخامس، والطّيور السّوداء غير الحاضرة في المشهد أشياء متخيّلة. كذلك الرّجل الذي أخطأ في الرّؤية بين ظلّ عربته وظلّ الطّائر الأسود اعتراه الخوف. والخوف في واقع الحال هو فكرة خاطئة وغائبة. وسط هذا الالتباس في المعنى، نتبيّن أنّ عالم الشّاعر الدّلاليّ هو عالم متداخل بين الحلم والواقع، بين الغياب والحضور.

12- المقطع الثّاني عشر: الطّائر الأسود يعلن الرّحيل

في هذا المقطع يتحرّك المسار وينتقل من وصف حالات ذهنيّة غير واقعيّة يتمّ تدميرها لكي تصبح أوصافًا واقعيّة صحيحة. ويدلّ البناء النّحويّ لهذا المقطع، بأنّ لا يتضمّن تأكيدًا على الواقع فحسب، وإنّما فيه حجّة منطقيّة، إذ تبدو الجملة الثّانية تابعة للجملة الأولى كاستنتاج ضروريّ، ما يؤكّد تعاضد المستويات من أجل إنشاء المعنى، لاسيّما ارتباط النّحو بالدّلالة والشّكل بالمعنى.

النّهر يمضي = الواقع يتحرّك.

لا بدّ للطّائر الأسود من الرّحيل = يجب أن يتحرّك الواقع.

بالتّالي، فإنّ الواقع في صيرورة واستمراريّة من دون أيّ محاولة لشعرنة تلك الحقيقة. فبينما “يزيد الشّعر من الإحساس بالواقع”([75])، كما يفعل هذا المقطع، فإنّ المنطق ينفي ذلك.

13- المقطع الثّالث عشر: الطّبيعة في حركة والطّائر الأسود في ثبات

يفضي المقطع الأخير إلى استنتاج متلائم عاطفيًّا مع القصيدة، فهو كالمقطع الأوّل من حيث البناء، لكنّه أكثر تنظيمًا، إذ يقوم على التّداول بين المحسوس والمتخيّل. ففي الوقت الذي يشتمل فيه على تجاور صارخ بين الأبيض والأسود، في عالم منمّق ثابت، يخلق المقطع الثّالث عشر مزيجًا من الأسود والأبيض. وبينما كانت الطّبيعة في المقطع الأوّل بحالة ثبات، وعين الطّائر هي التي تحرّك المشهد، غدت الطّبيعة في حالة حركة، والطّائر يقبع على شجرة ا لأرز. وإذا كان المشهد طبيعيًّا بالكامل، فإنّ شجرة الأرز ستكون شفّافة، تحافظ على غدائرها الكثيفة الدّاكنة حتّى في الشّتاء، وربّما تبدو كتلة ثابتة في بيئة متحرّكة. فيستدعي المقطع إذًا أن نتصوّر خياليًّا أطراف “أغصان” شجرة الأرز، والطّائر الأسود قابع عليها. فيصبح الطّائر الأسود المنعزل رمزًا لفكرة ذهنيّة كما في المقطع الثّاني، وصورة للواقع النّهائيّ “وراء كلّ حجب الواقع المرئيّ”([76]).

وعليه، يصبح الطّائر الأسود نموذجًا متطرّفًا للشّيء – كـ – فكرة، وصورة ستيفنز عن الشّيء نفسه، كفرضيّة. تأسيسًا على ما سبق، نستنتج أنّ حركة الفكر ترتقي تدريجيًّا في مختلف مقاطع القصيدة. ففي حين سيطر الرّكود على المقطع الأوّل، تشير الصّور البصريّة للواقع أو الطّبيعة إلى حالة من الارتقاء تصل إلى ذروتها في المقطع الثّالث عشر، إذ تتحرّك القصيدة من صورة للشّيء –كـ-فكرة- في نصفها الأوّل إلى صورة للفكرة – كـ – شيء في نصفها الثّاني، وقد يحتوي المقطع على صورتين:

مثلًا في المقطع الأوّل نلاحظ وجود:

صورة الشّيء – كـ- فكرة متمثّلة في ما يأتي:

“بين عشرين جبل ثلجيّ”          صورة ثابتة.

الفكرة كـ – شيء          حركة “عين الطّائر      الأسود”.

وفي المقطع الثّالث عشر نتبيّن:

صورة الفكرة – كـ – شيء:

“ترسل نتف الثّلج” + “بالمزيد كانت تعد”            ممتزجان عشوائيًّا.

صورة للشّيء – كـ – فكرة:

“الطّائر الأسود يقبع في أغصان شجرة الأرز”.

كما يتمحور كلّ مقطع من مقاطع النّصف الأوّل من القصيدة على الشّيء كـ – فكرة، وتصبح القضيّة مبهمة في المقطع السّادس.

وفي المقطعين السّابع والثّامن، ألاحظ تغيّرًا في اتّجاه القصيدة، حيث يصبح الطّائر الأسود رمزًا للواقع. أمّا ما تبقّى من القصيدة، فبدلًا من أن يُظهر كيف يكون العلم صورة لأفكارنا، أَظهر كيف يجب أن تصوّر الأفكار، لكي تكون منطقيّة وصحيحة. وقد تجلّى المقطع السّابع كمقطع مركزيّ، إذ بدا الطّائر الأسود عاديًّا للغاية، وله نظير متمثّل بالطّائر الذّهبيّ. أمّا في المقطع الثّالث عشر، فتجلّت الحقيقة حيث بدا الطّائر الأسود رمزًا للمعرفة التي لا يمكن الاستغناء عنها، مثلما يبيّن المقطع السّادس أنّه بداية وانتهاء تلك المعرفة. وفي المقطع التّاسع يتوارى الطّائر الأسود عن الأنظار فيصبح مرئيًّا ولا مرئيًّا، وفي المقطع الخامس مسموعًا ولا مسموعًا. وفي المقطع الثّالث يمثّل الحركة، وفي الثّاني يمثّل النّظير العقليّ لذلك التّعدّد والثّبات. أمّا في المقطع الثّالث عشر فهو الشّيء الوحيد الثّابت في حركة المنظر.

هكذا عرض الشّاعر ثلاث عشرة صورة للنّظر إلى الطّائر الأسود، وهذا الأخير لا يمثّل رمزًا لعين الخيال فقط، وإنّما عنصرًا من عناصر الواقع، وقد حاول من خلاله أن يعيد بناء عالمه. فهل كانت عين الطّائر الأسود هي الأداة التي من خلالها ينبغي على القارئ الدّخول إلى معنى القصيدة في نصّها الأصليّ وترجمتها العربيّة؟

محصّلة الدّراسة

إنّ دراستي للمستويات الأربعة في القصيدة (الشّكل الطّباعيّ، المستوى الإيقاعيّ، المستوى النّحويّ، المستوى الدّلاليّ)، أظهرت أنّها لا تنفصل بعضها عن بعض داخل النّصّ الشّعريّ. وقد تحقّقت دلالة النّصّ نتيجة العلاقات التي نسجتها المستويات كافّة. إذ عبّر الشّكل الطّباعيّ في القصيدة عن حاجة تعبيريّة في نفس المتكلّم. وقد تشكّل في المقاطع إيقاع المعنى، الذي على الرّغم ممّا يوحيه من تعارضات، يخلق أثرًا إيقاعيًّا مهمًّا ناتجًا عن تعاضد التّنسيقات الصّوتيّة والتّوازي والتّكرار. كما تزاوجت في النّصّ الجمل الاسميّة والفعليّة، ما سمح لها أن تتشكّل بحرّيّة فريدة عمّا كانت عليه في “لزوم” التّقيّد بحدود الوزن القديم في البيت الواحد. كما أنّ معاينتي لتوزيع وظائف الكلام على النّصّ، بيّنت لي أنّها لا تنفصل بعضها عن بعض، إلّا أنّ الوظيفة المرجعيّة كانت أكثر بروزًا من الأخريات، بسبب ازدحام أفكار الشّاعر وهي في طريقها إلى الغاية والقصد في مفارقة استطاعت أن تنتزع دهشة المتلقّي. وبما أنّ النّصّ الشّعريّ فضاء مفتوح قابل للتّأويل، فإنّ هذه القصيدة تتضمّن حمولات تعبيريّة متنوّعة ومتعدّدة كما أظهر التّحليل، إذ أطلق الشّاعر العَنان للمجاز، إذ لاحظت عبورًا إلى ضفّة جديدة للمعنى. فالحركة كانت ما يراه، أمّا الانفعالات فقد أوكلها إلى المتلقّي، وهي مقيمة في النّصّ، في انعكاسه ومضمره. فبدا نصّ ستيفنز أشبه بلعبة بين الواقعيّ والمتخيّل، إذ لا يلبث الطّائر أن يقترب من الواقع حتّى يحلّق عاليًا حيث كلّ شيء حاضر بظلّه أو بأثره، كأنّه البيان مطلوقٌ بمقلوبه. إنّها في الحقيقة رؤية العالم من موقع غيابه، ورؤية الضّوء بعد غروبه. إنّها رؤية الأثر والظّلّ. فالعبارات المتناغمة – المتضادّة تأخذنا في أرجوحة بين المعقول واللّامعقول، ما يدفعني إلى التّساؤل: أين يذهب بنا الشّعر في هذا النّصّ؟ وهل غايته هي التّيه واكتشاف اللّاوصول؟

ومع ذلك، فالنّصّ ليس بهذيان، لأنّ الشّاعر يقدّم التّنظيم كهذيان، وتبقى عناصر الواقع تجسّد استيحاء المعاني التي تنسج الخيال الشّعريّ. أمّا السّؤال الذي يمكن أن يُطرح في نهاية هذا البحث هو التّالي:

إلى أيّ مدى توافق النّصّ المترجَم مع النّصّ الأصليّ بناءً ومضمونًا؟ يمكن لهذه الإشكاليّة أن تفتح آفاقًا لدراسة جديدة تعبر بالإجابة نحو منهج الأدب المقارن.

ملحق ثلاثة عشر طريقة للنّظر إلى طائر أسود ترجمة يوسف الحرّاق

1

بين عشرين جبل ثلجيّ،

وحدها عين الطّائر الأسود

كانت تتحرّك.

2

كانت لي عقولٌ ثلاثة،

كمثل شجرة

حطَّتْ عليها ثلاثةُ طيورٍ سوداء.

3

دارَ الطّائرُ الأسودُ مع رياح الخريف

كان قطعةً بسيطة من المسرحيّة الصّامتة.

4

رجلٌ وامرأة

جسدٌ واحد

رجلٌ وامرأةٌ وطائرٌ أسودُ

جسدٌ واحد.

5

لستُ أدري ماذا أحبّ أكثر

هل جمال النّقلات

أم حُسن الاستعارات

في صفير الطّائر الأسود

أو ما دون ذلك.

6

النّافذة المديدة طغى الجليدُ عليها

بزُجاجٍ بربَري

كان لظلِّ الطّائرِ الأسودِ مَعْبَرا

في الذّهابِ والمآب

رسم المزاجُ على الظّلِّ

ما لا تُدركُهُ الألبابُ.

7

يا رجال “هذام” الضُّعفاء،

لِمَ تُفَكّرونَ في الطّيور الذّهبيّة؟

ألا تَرَوْنَ كيف تسيرُ الطّيورُ السّوداء

قرب أقدام النّساء حوالَيْكُم؟

8

أعرفُ لكناتٍ نبيلة

وإيقاعاتٍ آسرَة البَيان؛

غير أنّي أدركُ أيضًا

أنّ الطّائرَ الأسودَ واردٌ

فيما أعرفُ.

9

حلّقَ الطّائرُ الأسود خارج ما تراهُ العينُ

فرسمَ حافّةً

من قشّ الدّوائر.

10

عند رؤية الطّيور السّوداءِ

نُبحرُ في ضوء أخضر

حتّى الكائنات البلهاءُ

تجتاحُها جَلَبَة الصّياح.

11

يَعبر سماواتِ “كونيكتيكوت”

في عربَة من زُجاج

وفجأة اخترقَه الخوفُ

وَهو يحسبُ ظلّ أفراسه

من سُود الطّيور.

12

النّهرُ يمضي

ولا بدّ للطّائر الأسود من الرّحيل.

13

بعد الظّهر الذي لاحَ وكأنّه المساء

والسّماءُ ترسِل نتفَ الثّلج

وبالمزيد كانت تَعِدُ؛

بينما جلس الطّائر الأسود

على حافّة شجرة أرز.

Thirteen Ways of Looking at a Blackbird

I

Among twenty snowy mountains,

The only moving thing

Was the eye of the blackbird.

II

I was of three minds,

Like a tree

In which there are three blackbirds.

III

The blackbird whirled in the autumn winds.

It was a small part of the pantomime.

IV

A man and a woman

Are one.

A man and a woman and a blackbird

Are one.

V

I do not know which to prefer,

The beauty of inflections

Or the beauty of innuendoes,

The blackbird whishing

Or just after.

VI

Icicles filled the long window

With barbaric glass.

The shadow of the blackbird

Crossed it, to and fro.

The mood

Traced in the shadow

An indecipherable cause.

VII

O thin men of Haddam,

Why do you imagine golden birds?

Do you not see how the blackbird

Walks around the feet

Of the women about you?

VIII

I know noble accents

And lucid, inescapable rhythms;

But I know, too,

That the blackbird is involved

In what I know.

IX

When the blackbird flew out of sight,

It marked the edge

Of one of many circles.

X

At the sight of blackbirds

Flying in a green light,

Even the bawds of euphony

Would cry out sharply.

XI

He rode over Connecticut

In a glass coach.

Once, a fear pierced him,

In that he mistook

The shadow of his equipage

For blackbirds.

XII

The river is moving.

The blackbird must be flying.

XIII

It was evening all afternoon.

It was snowing

And it was going to snow.

The blackbird sat

In the cedar-limbs.

المصادر والمراجع

1- المراجع العربيّة

  • الجرجاني (عبد القاهر)، دلائل الإعجاز، تحقيق محمّد التّنجي، بيروت، دار الكتاب العربيّ، 1995.
  • حسن (تمام)، الأصول، دراسة إبستيمولوجيّة للفكر اللّغويّ عند العرب، القاهرة، الهيئة المصريّة العامّة للكتاب، 1982.
  • الخال (يوسف)، الحداثة في الشّعر، ط 1، بيروت، دار الطّليعة للطّباعة والنّشر، 1978.
  • داغر (شربل)، الشّعر العربيّ الحديث: قصيدة النّثر، ط 1، بيروت، منتدى المعارف، 2018.
  • …، الشّعريّة العربيّة الحديثة: تحليل نصّيّ، الدّار البيضاء، دار توبقال للنّشر، 1998.
  • …، المجموعات الشّعريّة (1981- 2006)، القاهرة، الهيئة المصريّة العامّة للكتاب، المجلّد 2.
  • دي سوسير (فردينان)، دروس في الألسنيّة العامّة، تعريب صالح القرمادي ومحمّد الشّاوش ومحمّد عجينة، لا ط، ليبيا، تونس، الدّار العربيّة للكتاب، 1985.
  • ريكور (بول)، الذّات عينها كآخر، ترجمة جورج ريناتي، ط 1، بيروت، مركز دراسات الوحدة العربيّة، 2005.
  • السّامرّائي (فاضل)، معاني النّحو، القاهرة، مطبعة دار الحكمة للطّباعة والنّشر، 1995.
  • شاوول (بول)، قصيدة النّثر من خلال ديوان “لن” لأنسي الحاج، بيروت، مؤسّسة ريف للطّباعة، 1983.
  • الصّكر (حاتم)، حلم الفراشة: الإيقاع الدّاخليّ والخصائص النّصّيّة في قصيدة النّثر، ط 1، عمان، دار أزمنة، 2009.
  • ضرغام (عادل)، في تحليل النّصّ الشّعريّ، ط 1، الجزائر، منشورات الاختلاف، 2009.
  • عبّاس (حسن)، خصائص الحروف العربيّة ومعانيها، دمشق، اتّحاد الكتّاب العرب، 1998.
  • كويني (جون)، النّظريّة الشّعريّة بناء لغة الشّعر، اللّغة العليا، ترجمة أحمد درويش، القاهرة، دار الغريب للطّباعة والنّشر، 2000.
  • المخزوميّ (مهدي)، في النّحو العربيّ قواعد وتطبيق على المنهج العلميّ الحديث، ط 2، بيروت، دار الرّائد، 1986.
  • نصر (دورين)، قصيدة النّثر، “حزن في ضوء القمر” لمحمّد الماغوط نموذجًا، إشراف الدّكتور شربل داغر، I – VIII + 160 ص، رسالة ماجستير، اللّغة العربيّة وآدابها، جامعة البلمند، كلّيّة الآداب والعلوم الإنسانيّة، 2017.
  • ياكبسون (رومان)، قضايا الشّعريّة، ترجمة محمّد الولي ومبارك حنون، ط 1، الدّار البيضاء، دار توبقال للنّشر، 1988.

2- االدوريات العربيّة

  • أبو ناضر (موريس)، “مُدخل إلى علم الدّلالة الألسنيّ”، مجلّة الفكر المعاصر، العددان 18، 19، 1982، ص 88.
  • بقنة (شريف)، “والاس ستيفنز: الخيال قوّة الطّبيعة في عالم الكلمات”، جريدة عكاظ، العدد 120، 2015، ص 16، 17.
  • هيدغر (مارتن)، “مبدأ الهويّة”، مجلّة العرب والفكر العالميّ، العدد 4، 1988، ص 37، 38.

3– المراجع الأجنبيّة

  • AKNOPF (Alfred), The Necessary Angel, Wallace Stevens, Essay on reality and the Imagination, New York, 1951.
  • BAIRD (James), The dome and the rock : Structure in the poetry of Wallace Stevens, Baltimore, 1968.
  • BALAKIAN (Anna Elizabeth), The fiction of the poet, Princeton University Press, 1992.
  • BENVENISTE (Émile), Problèmes de linguistique générale, Paris, Gallimard, 1966, 2 t.
  • ECKHOUT (Bart), Wallace Stevens accross the Atlantic, London, 2008.
  • GARDE-TAMINE (Joelle), La stylistique, Paris, Armand Colin, 2010.
  • GREIMAS (A. J.), Essais de sémiotique poétique, éd. 1, Paris, Larousse, 1966.
  • HEIDEGGER (Martin), Les hymnes de Hōlderlin, Paris, Gallimard, N.R.P., 1988.
  • HOLDEMAN (David), The Cambridge introduction to W. B. Yeast, Cambridge University Press, 2006.
  • HULME (T. E.), Lecture on modern poetry (1908), in Michael Roberts, T. E. Hulme, London, Faber and faber, 1938.
  • JACKOBSON (Romane), Questions de poétique, Paris, éd. du Seuil, 1973.
  • KEATS (John), The poems of John Keats, J M Dent, New York, E P Dutton, 1909.
  • RIFFATERRE (Michael), Essais de stylistique structurale, Paris, Flammarion, 1992.
  • STEVENS (Wallace), Letters of Wallace Stevens, New York, 1966.
  • …, Opus posthumous: poems, plays, prose, vindage, 2011.
  • …, The necessary angel : Essay on reality and the imagination, New York, published by Alfred A Knopf, 1966.
  • STERN (Hebert J.), Wallace Stevens : Art of uncertainty, Ann Arbor, 1966.

4– المقالات الأجنبيّة

  • CALDWELL (Price), “Metaphoric Structures in Wallace Stevens: Thirteen ways of looking at a black bird”, the journal of English and Germanic philology, vol. 71, university of Illinois press, no 3, July 1972, pp. 323-331.
  • EECKhout (Bart), “The beauty of Epigraphic black birds”, The Wallace Stevens journal, ed. 2, vol. 35, The Johns Hopkins University, September, 2011, p. 149.
  • LASHARI (Mubarak Ali) and others, “deconstruction of poetic Discourse, Analysis of Wallace Stevens, Thirteen ways of looking at a black bird, University of Sindh, article 30, August 2017.
  • YEAST (W. B.), “Wallace Stevens, Thirteen ways of looking at a black bird”, Chicago review, no 8, 1954, pp. 48- 63.

5- المراجع الرّقميّة

* طالبة دكتوراه في قسم اللّغة العربيّة وآدابها، جامعة القدّيس يوسف- بيروت.

 ([1]) انظر الملحق في آخر البحث.

 James BAIRD, The dome and the rock: Structure in the poetry of Wallace STEVENS, p. 56.([2])

 ([3]) والاس ستيفنز: واحد من أكثر الشّعراء الأميركيّين شهرة في القرن العشرين. ولد في 2 أكتوبر 1879 م في ريدينج بولاية بنسلفانيا. التحق بكلّيّة هارفارد عام 1897م لبضع سنوات، وقبل حصوله على الإجازة منها، انتقل إلى كلّيّة القانون في نيويورك 1903 م، بعد ذلك تدرّج في العمل بمناصب مختلفة في شركات محاماة عديدة. توفّى في ولاية كونيكتيكوتا عام 1955 م (شريف بقنة، “والاس ستيفنز: الخيال قوّة الطّبيعة في عالم الكلمات”، ص 16).

 Bart ECKHOUT, “The beauty of epigraphic Black birds”, p149.([4])

 ([5]) ويليام بتلر ييست: من أبرز كتّاب القرن العشرين، حظي باهتمام شديد، إذ بناء لاقتراح تي. إس. إيليوت، فإنّ تاريخه هو تاريخ عصره، بدءًا من كونه نجمًا من العصر الفيكتوريّ المتأخّر وانتهاءً باعتباره متأثّرًا بتي إس. إيليوت وشعراء الحداثة. له العديد من القصائد والمسرحيّات (David HOLDEMAN, The Cambridge Introduction to W. B. Yeast, p. 4 ).

  1. B. YEAST, “Wallace STEVENS, thirteen ways of looking at a black bird”, pp. 48- 63.([6])

 Herbert J. STERN, Wallace STEVENS: Art of uncertainty, p. 130.([7])

 ([8]) أ. ج. غريماس: توفّى في باريس، لسانيّ وسيميائيّ من أصل ليتوانيّ. يعدّ مؤسّس السّيميائيّة البنيويّة انطلاقًا من لسانيّات فردينان دي سوسور. من أولئك الذين جعلوا الأدب موضوعًا للسّيميائيّة. من أبرز مؤلّفاته: “سيميائيّات الأهواء: من حالات الأشياء إلى حالات النّفس” و”سيميائيّات السّرد (https://ar.m.wikipedia.org/wiki، المراجعة بتاريخ 11/ 2/ 2020)

 ([9]) يوسف الخال، الحداثة في الشّعر، ص 23.

 ([10]) شريف بقنة، “والاس ستيفنز، الخيالة قوّة الطّبيعة في عالم الكلمات”، ص 17.

https://www.jehat.com/wallacestevens.html([11])

  1. J. GREIMAS, Essais de sémiotique poétique, p. 126.([12])
  2. J. GREIMAS, Essais de sémiotique poétique, p. 47.([13])

 ([14]) شربل داغر: شاعر لبنانيّ، من مجدّدي قصيدة النّثر في العالم العربيّ. له أكثر من ستّين كتابًا، بالعربيّة والفرنسيّة. كتب الشّعر وترجمه ودرّسه، كتب الرّواية ودرّسها. أصدر كتبًا مرجعيّة في الفنّ الإسلاميّ والفنّ العربيّ الحديث. من أبرز مؤلّفاته في الشّعر: “فتات البياض، “على طرف لساني”، “دمى فاجرة”. في درس الشّعر: “الشّعر العربيّ الحديث: القصيدة المنثورة”، “الشّعر العربيّ الحديث: قصيدة النّثر”… (شربل داغر، المجموعات الشّعريّة (1981- 2006)، مج 2، ص 412- 416).

 ([15]) شربل داغر، الشّعريّة العربيّة الحديثة: تحليل نصّيّ، ص 21.

 ([16]) حاتم الصّكر: حلم الفراشة: الإيقاع الدّاخليّ والخصائص النّصّيّة في قصيدة النّثر، ص 33.

 ([17]) نبيل نعمة الجابريّ، “قصيدة النّثر العربيّة، بدائل إيقاعيّة (5): تقنيّة الفراغ الشّعريّ” (www.alnoor.sc، تاريخ المراجعة 4/ 3/ 2020).

 ([18]) شربل داغر، الشّعر العربيّ الحديث: قصيدة النّثر، ص 231.

 ([19]) م. ن.، ص 231.

 ([20]) توماس إرنست هيلم (1883-1917): شاعر وناقد إنكليزيّ، من روّاد الشّعر الحديث (T.E.Hulme/Britannica/https://www.britannica.com، تاريخ المراجعة 3/ 5/ 2020).

 T.E. HULME, Lecture on modern poetry (1908), pp. 260- 268. ([21])

 ([22]) شربل داغر، الشّعريّة العربيّة الحديثة: تحليل نصّيّ، ص 36.

 ([23]) شربل داغر، الشّعر العربيّ الحديث: قصيدة النّثر، ص 101.

 Michael RIFFATERRE, Essais de stylistique structurale, p. 32.([24])

 ([25]) شربل داغر، الشّعر العربيّ الحديث: قصيدة النّثر، ص 146.

 ([26]) حسن عبّاس، خصائص الحروف العربيّة ومعانيها، ص 84.

 Joelle GARDE-TAMINE, La stylistique, p. 67.([27])

 ([28]) بول شاوول، قصيدة النّثر من خلال ديوان “لن” لأنسي الحاج، ص 103.

 ([29]) شربل داغر، الشّعر العربيّ الحديث: قصيدة النّثر، ص 232.

 ([30]) عبد القاهر الجرجانيّ (400 – 471ه/ 1009 – 1078م): “عالم لغويّ فارسيّ الأصل. نحويّ ومتكلّم. ولد في جرجان لأسرة رقيقة الحال. نشأ ولوعًا بالعلم، محبًّا للثّقافة، فأقبل على الكتب يلتهمها وخصوصًا كتب النّحو والأدب. ترك للمكتبة العربيّة والإنسانيّة مؤلّفات فريدة مثل “أسرار البلاغة” و”دلائل الإعجاز” (https://ar.m.wikiquote.org/wiki، تاريخ المراجعة 3/ 5/ 2020).

 ([31]) عبد القاهر الجرجانيّ، دلائل الإعجاز، ص 77.

  1. J. GREIMAS, Essais de sémiotique poétique, p. 127.([32])

([33]) دي سوسير: هو فردينان دي سوسير (1857- 1913م): “عالم لغويّ سويسريّ شهير. يعتبر بمثابة الأب للمدرسة البنيويّة في علم اللّسانيّات. فيما عدّه كثير من الباحثين مؤسّس علم اللّغة الحديث” (https://ar.m.wikipedia.org/wiki، المراجعة بتاريخ 3/ 5/ 2020).

 ([34]) فردينان دي سوسير، دروس في الألسنيّة العامّة، ص 188.

 ([35]) مهدي المخزومي، في النّحو العربيّ قواعد وتطبيق على المنهج العلميّ الحديث، ص 25.

)[36]( Price CALDWELL, « Metaphoric Structures in Wallace Stevens : Thirteen ways of looking at a black bird », vol. 71, p. 325.

 ([37]) فاضل السّامرّائيّ، معاني النّحو، ص 60.

 ([38]) تمام حسن، دراسة إبستيمولوجيّة للفكر اللّغويّ عند العرب، ص 107.

 ([39]) عبد القاهر الجرجانيّ، دلائل الإعجاز، ص 107.

)[40]( Price CALDWELL, «Metaphoric Structures in Wallace Stevens: Thirteen ways of looking at a black bird», vol. 71, p. 323.

)[41] (Price CALDWELL, «Metaphoric Structures in Wallace Stevens: Thirteen ways of looking at a black bird», vol. 71, p. 324.

 ([42]) موريس أبو ناضر، “مدخل إلى علم الدّلالة الألسنيّ”، ص 88.

 ([43]) أنّا بالااكيان (1915- 1997): رئيسة قسم الأدب المقارن في جامعة نيويورك، تُعتبر من روّاد المدرسة الرّمزيّة (https://en.m.wikipedia.org/wiki، تاريخ المراجعة 6/ 5/ 2020).

)[44]( Anna Elizabeth BALAKIAN, The fiction of the poet, Princeton University press, 1992.

 ([45]) برايس كالدويل: ولد في ميسيسيبي، ونال شهادة الدّكتوراه من جامعة تولان. محاضر لمادّة الأدب الإنكليزيّ، اهتمّ باللّسانيّات وفلسفة اللّغة والسّيميائيّات (https:/www.english.msstate.edu/news/price-caldwelll-linguistics-collection/، تاريخ المراجعة 7/ 4/ 2020).

)[46]( Price CALDWELL, « Metaphoric Structures in Wallace Stevens : Thirteen ways of looking at a black bird »,the journal of English and Germanic philology, university of Illinois press, vol. 71, No 3, July 1972.

 ([47]) مبارك علي لاشاري: باحث في اللّسانيّات والأدب. ناقد وكاتب في عدّة صحف ومجلّات دوريّة (https:/www.researchgate.net/Mubark-Lashari2، تاريخ المراجعة 4/ 4/ 2020).

)[48]( Mubarak Ali LASHARI and others, “Deconstruction of poetic Discourse, Analysis of Wallace Stevens, Thirteen ways of looking at a blackbird”, University of Sindh, article 30, August 2017.

 ([49]) بارت إيكهوت: أستاذ اللّغة الإنكليزيّة والأدب في جامعة أنتويرب (Antwerp). ترجم ستيفنز إلى اللّغة الهولّنديّة، وشارك مع إدوارد راج (Edward RAGG) في تنظيم مؤتمر دوليّ بعنوان: “خمسون عامًا على والاس ستيفنز في أوروبا” (Bart ECKHOUT, Wallace STEVENS across the Atlantic, p. 8).

)[50]( Bart ECKHOUT, “The beauty of Epigraphic black birds”, University of Antwerp, September 2011.

([51]) رومان جاكبسون (1896- 1982م): عالم لغويّ وناقد أدبيّ روسيّ. من روّاد المدرسة الشّكليّة الرّوسيّة. وقد كان أحد أهم علماء اللّغة في القرن العشرين، وذلك لجهوده الرّائدة في تطوير التّحليل التّركيبيّ للّغة والشّعر والفنّ. يعتبر أوّل من طبّق المنهج البنيويّ اللّسانيّ على الشّعر: من أشهر مؤلّفاته “قضايا الشّعريّ” (https://ar.m.wikipedia.org/wiki، المراجعة بتاريخ 4/ 4/ 2020).

 ([52]) إذا تركّز الكلام على المرسِل، تولّد الوظيفة الانفعاليّة أو التّعبيريّة، وهي تكشف عن محوريّة ذات المتكلّم ورغباته، ومن مؤشّراتها: استخدام ضمير المتكلّم بأشكاله المتنوّعة.

وإذا تركّز الكلام على المرسَل إليه، تولّدت الوظيفة الإيعازيّة (التّأثيريّة، النّدائيّة)، ومن مؤشّراتها: ضمائر المخاطب/ المخاطبين. عندما يتركّز الكلام على السّياق، تتولّد الوظيفة المرجعيّة، وتبرز في النّصوص التي يتركّز فيها الكلام على الموضوع والمعاني المرتبطة به. وعندما يتركّز الكلام على المرسلة، تتولّد الوظيفة الشّعريّة أو الجماليّة. وتعتمد على الوحدات المتشابهة في تركيبها: مثل الإيقاعات العروضيّة والتّنسيقات الصّوتيّة. وإذا تركّز الكلام على الإيصال، ولّد الوظيفة التّفاهميّة، وتوظّف لإثارة انتباه المخاطب. وإذا تركّز الكلام على البناء الرّموزيّ، ولّد اللّغة الواصفة، وهي تهتمّ بقواعد اللّغة ومفرداتها وجذورها (أنظر: رومان ياكبسون، قضايا الشّعريّة، ص 27- 35).

)[53]( Roman JACKOBSON, Questions de poétique, p. 145.

 ([54]) عادل ضرغام، في تحليل النّصّ الشّعريّ، ص 68.

 ([55]) بول ريكور، الذّات عينها كآخر، ص 146.

 ([56]) جون كويني، النّظريّة الشّعريّة بناء لغة الشّعر، اللّغة العليا، ص 110.

)[57]( Wallace STEVENS, Opus posthumous : poems, plays, prose, pp. 90 – 91.

)[58]( Price CALDWELL, «Metaphoric Structures in Wallace Stevens: Thirteen ways of looking at a black bird», vol. 71, p. 326.

)[59]( Price CALDWELL, «Metaphoric Structures in Wallace Stevens: Thirteen ways of looking at a black bird», vol. 71,p. 328.

)[60]( Wallace STEVENS, The necessary angel: Essay on reality and the imagination, pp. 35, 36.

)[61]( Ibid., p. 81.

 ([62]) دورين نصر، قصيدة النّثر، “حزن في ضوء القمر” لمحمّد الماغوط نموذجًا، ص 93.

)[63]( Émile BENVENISTE, Problèmes de linguistique générale, t. 1, p. 225.

)[64]( Ibid., p. 226.

 ([65]) هدّام: بلدة صغيرة في ولاية كونيكتيكت،ـ في الولايات المتّحدة الأميركيّة، تقع بالقرب من مقرّ إقامة ستيفنز (Wallace STEVENS, Letters of Wallace Stevens, p. 86).

)[66]( Price CALDWELL, «Metaphoric Structures in Wallace Stevens : Thirteen ways of looking at a black bird», vol. 71, p. 329.

 ([67]) شربل داغر، الشّعريّة العربيّة الحديثة، ص 127.

)[68]( Wallace STEVENS, Opus posthumous: poems, plays, prose, pp. 90 – 91.

 ([69]) هيدجر (1889- 1976): فيلسوف ألمانيّ. وجّه اهتمامه الفلسفيّ إلى مشكلات الوجود والحرّيّة والحقيقة وغيرها من المسائل. ومن أبرز مؤلّفاته: “الوجود والزّمان”، “المفاهيم الأساسيّة في الميتافيزيقا” (https://ar.m.wikipedia.org/wiki، المراجعة بتاريخ 4/ 4/ 2020).

 ([70]) مارتن هيدغر، “مبدأ الهويّة”، ص 37، 38.

)[71]( John KEATS, The poems of John Keats, p. 131.

)[72]( Martin HEIDEGGER, Les hymnes de Hōlderlin, p. 135.

)[73]( Anna Elizabeth BALAKIAN, The fiction of the poet, p. 155.

)[74]( Price CALDWELL, «Metaphoric Structures in Wallace Stevens: Thirteen ways of looking at a black bird», vol. 71, p. 330.

)[75]( Alfred AKNOPF, The Necessary Angel, Wallace Stevens, Essays on Reality and the Imagination, p. 162.

)[76]( Price CALDWELL, «Metaphoric Structures in Wallace Stevens: Thirteen ways of looking at a black bird», vol. 71, p. 331.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

free porn https://evvivaporno.com/ website