foxy chick pleasures twat and gets licked and plowed in pov.sex kamerki
sampling a tough cock. fsiblog
free porn

عصر التقنية ومضامين اللغة العربية انعكاسات تربويّة وتحولات دلاليّة

0

عصر التقنية ومضامين اللغة العربية

– انعكاسات تربويّة وتحولات دلاليّة –

د. ناهد جابر([1])

ملخص البحث

استهدف البحث دراسة تبدّل بعض الصيغ والعبارات اللغوية نتيجة تطور تكنولوجيا الاتّصالات الحديثة. وسيرتكز ميدان البحث على أثر التكنولوجية وتقنيات المعرفة في بعض الأصول النّحوية واللّغوية: أولّا: عِلْم الإعْرَاب؛ وستناقش فيه الباحثة مسألة الفاعل بصوره وأشكاله المختلفة حسب مجيئها في سياق الكلام. وثانيا:عِلْم البيان، وستتطرق فيه الباحثة إلى الأسلوب البلاغي ” الكناية”؛  فتعرض جملة أمثلة مستمدة من بيئة العربيّ الأصيل بهدف إعادة النظر في أسس الكناية وغيرها من الأساليب اللّغويّة. كذلك، ستتعرض الباحثة إلى أسلوب المدح لما له من صلة وثيقة بعادات المجتمع وبذاتية الفرد، بغرض تسليط الضوْء على ضرورة تبدل معايير المديح ومع تغيّر المفاهيم والعادات، نتيجة الثقافات الجديدة التي أتاحتها تكنولوجيا الاتصالات الحديثة.

Abstract

The purpose of this research is to study the change of some language formulas and phrases as a result of the development of modern communication technology. The field of research will focus on the impact of technology and knowledge techniques on grammatical and linguistic assets. To begin with, the science of syntax in which the researcher will discuss both, the issue of “attribution of the verb” and the issue of “attributing the verb to a non-subjective verb”. Next we have the field of science of statement in which the researcher will address the rhetorical method “metonymy”; it presents a number of examples drawn from the original Arab environment in order to reconsider the foundations of metonymy and other linguistic methods. The researcher will also be exposed to the method of praise because it is closely related to the customs of society and the subjectivity of the individual. This will in its turn shed light on the need to change the standards of praise with the change of concepts and habits, as a result of the new cultures made possible by modern communication technology.

 

 

المقدّمة

يعيش المرء في عصر أقل ما يوصف به أنه “عصر السّرعة وتكنولوجيّا الاتصالات”. سرعة في الاتصال، سرعة في التحوّل والانفصال، سرعة في توخي ما يريد عليه الحصول، وإليه الوصول([2])، إلى درجة بات المرء يشعر أن يومه ساعة أو من دون، وأسبوعه يوم أو أقل وشهره أسبوع أو ينقص… ينظر الإنسان خلفه إلى الموجودات فيشعر أنه ينفصل عنها منذ عشرات السنين، ويقلب الطَّرْف أمامه فيحس أن تعاقب السنين يمرّ بسرعة هائلة… كأنّ كل يوم آخر شهر، وأول أسبوع ورأس سنة وعطلة مدرسية… وهي محطات زمنيّة دحرت سابقتها المتمثلة في: خلال الموسم، ووقت جمع الغلة، ويوم حساب البيدر… وكلها تشير إلى أن الأيام تمر مَرَّ السحاب أو كَلَمْحٍ بالبصر.

هل كان لتكنولوجيا الاتصالات أثرها في المجتمع العربيّ عامة، واللغة العربيّة خاصة؟؟ واللغة في ماهيتها صورة المجتمع ومرآته؟! كيف أثرت في علوم العربية ؟؟ وإلى أي مدى ستتبدل بعض مفاهيم علوم العربيّة؟؟ جملة تساؤلات تساور الإنسان وتجيش في صدره حينًا، وتقرع أسماعه أحيانًا، وهو يعيش في مجتمع مستهلك لوسائل الاتصال الحديثة، يعايشها، ويستسهلها… ويرى من جهة أخرى أو على الأقل يسمع تحولًا في البرامج المدرسية، وتغيّرًا في القضايا التربوية، وتبدلًا في الصيغ والعبارات اللغويّة… ولا يدري لِمَ حدث ذاك؟؟ وما علّة تبدل ذلك!!! وهل يوجد رابط بين ما يحدث هنا وما يجري هناك؟!

مواد العربيّة وأحكامها ودلالاتها: بين الثبات والتحوّل

علوم العربية أو العلوم الأدبية ترتقي إلى إثني عشر صنفًا، من أبرزها عِلْم الإعْرَاب، عِلْم البيان، عِلْم الكتابة… وسواها([3]). وقد اكتفيتُ بالأصناف المذكورة لتكون ميدان مُدَارَسه، نتبين من خلالها أثر تكنولوجيا الاتصالات عليها، عسى أن يكون الجزء موضوع الدرس إضاءة تدل على الكل إذا جاز النهج العِلْمي، أو نموذجًا يحتذى لمن يخوض دارسًا باحثًا بقية علوم العربية.

عِلْمُ الإِعْرَاب

هو علم يقصد به النّحو العربيّ؛ لطغيان مفهوم الإعراب عليه. وما تزال آثاره ماثلة للعيان إلى اليوم. فالتلميذ عندما يسمع مصطلح “النّحو”، يفهم منه الإعراب. وبالمفهوم المتقدم يتساوى النّحو والإعراب ويترادفان. وهو اتجاه غلب عليه، وقصد منه دراسة الأشكال أو العلاقات الإعرابيّة التي تعتري أواخر الكلمات. وأصحاب هذا الاتجاه جمهرة النّحويين الذين أَلَّفُوا في النَّحو، وعلى رأسهم سيبويه ([4]).

فاللغة العربية وبخاصة أحكامها (نحوها) من أدقّ العلوم وأكثرها حساسيّة في التأثر بمعطيات العصر، ووسائل التّواصل والتعبير، واستعراض بعض أبواب النّحو ينبئ عن الخبر اليقين. منها – على سبيل المثال – باب الفاعل ونائب الفاعل؛ لأن كلًا منهما عُمْدة في الجملة وركن من أركان الكلام، وما يطرأ على الأصول من تحول ينتقل تلقائيًّا إلى الفروع.

الفاعل

من باب الفاعل، مسألة “إسناد الفعل إلى ظاهر مع لحاق علامة المثنى والجمع فيه”. افترق النحاة فيها إلى مذهبين بيِّنَيْن. ([5]) مذهب طائفة من العرب – وهم بنو الحارث بن كعب، كما نقل الصَّغَّار في شرح الكتاب – أن الفعل إذا اسند إلى ظاهر – مثنى أو مجموع – أُتي فيه بعلامة تدل على التثنية أو الجمع، تقول: “قاما الزيدان” وقاموا الزيدون” و “قُمْنَ الزيدات”، فتكون الألف الواو والنون حروفًا تدل على التثنية أو الجمع، كما تدل تاء التأنيث عند جميع العرب، والإسم بعد الفعل مرفوع. من شواهده قول الشاعر: [من الطويل]

رَأَيْتُ الغَوَانِي الشَّيْبَ لاَحَ بِعَارِضِي                 فَاَعْرَضْنَ عَنِّي بِالخُدُودِ النَّوَاضِرِ([6])

واللغة المذكورة القليلة يعبر عنها النّحويون بلغة “أكلوني البراغيث”، وهي لغة فصيحة صحيحة، نطق بها القرآن([7]). فهل يصح إطلاق “أكلوني البراغيث” في عصر صناعة المعلومات وارتقاء الصناعات؟؟! وقد ملأت المنظفات والعطورات… وجميع أسباب النّظافة والأناقة أسواقنا ومحلاتنا التّجارية الكبيرة منها والصغيرة؟! فضلًا على أنّ السّرعة تقتضي الاختصار، والاكتفاء بفاعل من دون بدل عنه، أو علامة عليه مع وجوده!! وهل يجوز أن تدل القذارة والدناءة على لغة فصيحة، وتشير إليها وتجسدها شاهدًا ومثلًا!! علينا هجر اسمها “أكلوني البراغيث” والعدول إلى اسم آخر، يحمل سمة الطهارة والنّظافة، واللغة نبغ ثرُّ لا تنضب ماؤها، ومَنْ أَجَلُّ من اسم “لغة يُتَعَاقَبُونَ فِيكُم مَلاَئِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلاَئِكَةٌ فِي النَّهَارِ”.([8]) وفي الاسم جماليّة المعنى، بالإضافة إلى ما يغني عن قذارة ووحشية وغربة، تتمثل في جهل طالب العربية الحيوان المذكور “البراغيث”.

في الإطار نفسه يسند في عصرنا – بكثرة ملحوظة – الفعل إلى غير فاعله حقيقة.([9]) وعلّة السلوك اللغوي طلب الاختصار في عصر السّرعة، فجاءت الأفعال المستعارة التي يكون فيها فاعلوها مفعولين معنى. من أمثلة ما يتداول في وسائل الاتصال: دقّ الخلوي (Cellular)، وهو في حقيقة أمره لا يدق، ولكن الآخر يدقه، بفضل عمله التلقائي (الأوتوماتيكيّ) ظهر في اللفظ بشكل الفاعل. وكذلك “أضاء الحاسوب” و “أعطى إجابة” و”وصل التلكس” و “أعطى الرقم المطلوب”… ومن يستعرض مقالة علميّة منشورة في إحدى المجلات المتخصصة يقع على ضالته.

الفعل المبني للمجهول

هو صيغة مبنية على طريقة “فُعِلَ” أو “يُفْعَلُ”([10]) بعد حذف الفاعل، نحو: ﴿وقُضِيَ الأَمْرُ﴾([11]). وتسمى الصيغة المذكورة “المفعول الذي لا يذكر فاعله”([12]). ولكن اللسان العربي اليوم، العامي والفصيح هجر الصيغتين “فُعِلَ” و”يُفْعَلُ” إلى صيغة أخرى هي “إنْفَعَلَ” يقولون: “انْسَرَقَتِ السَّيَارَةُ” و”انْكَسَرَ الزُّجَاجُ”، بدلًا من قولهم _ وفقًا للوزن المعروف – سُرِقَت السيارة، وكُسِرَ الزجاج. ما سبب التّحول من وزن إلى آخر؟؟ المتأمل وزن “انفعل” يجده من أفعال المطاوعة، ولا يقع إلا حيث يكون علاج وتأثير، قال الزمخشري: “انفعل لا يكون إلا مطاوع فعل كقولك: كسرته فانكسر… ولا يقع إلا حيث يكون علاج وتأثير ولهذا كان انعدم خطأ، وقالوا: قلته فَانْقَال لأن القائل يعمل على تحريك لسانه”([13]). ولما كان فعل المجهول فيه علاج وتأثير، نحا لسان العربي تلقائيًّا إليه، محافظًا في سلوكه اللغويّ على أحكام العربية وأطرها. والإشكاليّة تتطلب تدبرًا وتعمقًا؛ بغية الوصول إلى تفسير منطقيّ لها!! إنّ التّلفظ بالضّمة والكسرة في مفتتح الكلام فيه ثقل وبطء في النّطق، وفي عصر سرعة المواصلات ومرونة الاتصالات، لم يعد مقبولًا السّلوك البطيء، ولهذا هجر اللسان صيغتي المجهول المفتتحين بالضّمة مكسور ما قبل آخره، وقد تلي الكسرة الضمة في بناء الثلاثي على شاكلة”كُسِرَ”، واتجه إلى صيغة أكثر خفة في اللفظ وسرعة في النطق بعيدًا من الاستثقال المستجلب للتباطؤ. ولا أدل على ما نطرحه من كراهية العرب مجيء الضمة والكسرة المتعاقبتين، يعزز ذلك قلب النسبة إلى “الدُّئِل” – وهي مضمومة الأول مكسورة الثاني – إلى الدُّؤَل – بضم ثم فتح -. نقل أبو الطيب اللغوي عن الأصمعي: “أنه سمع عيسى بن عمر يقول: هو أبو الأسود الدُؤَلي – بفتح الهمزة – منسوب إلى الدئِل – بكسر الهمزة – وإنما فتحوها للنسبة، كما نسبوا إلى تغلب تغلبي، وإلى يثرب يثربي..” ([14]). فضلًا على عدم مجيء “فُعِل” في كلام العرب إلا نادرًا. قال أحمد بن يحيى: ” لا نعلم اسمًا جاء على فُعِل غير هذا، يعني الدئل، قال ابن بري: قد جاء “ؤُئِم” في اسم الإست، قال الجوهري: قال الأخفش وإلى المسمى بهذا الاسم نسب أبو الأسود الدؤلي، إلا أنّهم فتحوا الهمزة على مذهبهم في النّسبة استثقالًا لتوالي الكسرتين مع ياء النّسب…”. ([15]) ومعلوم ما في الاستثقال من وَنَى ووهن يؤديان إلى البطء وقلة السرعة.

علم البيان

تصرّف اللسان العربي في مفردات لغته تصرفًا جعلها مرنة في الاستعمال. فاللفظة تستعمل مرة على حقيقتها الموضوعة لها في أصل اللغة، وأخرى على غير ما وضعت له. هَدَفَ في سلوكه التّوسع في لغته، والتماس آيات الجمال في عباراته. بدأ العربيّ فعله اللغوي المذكور إبان ضاقت الأسماء عن اتساع المعاني المستجدة، عندها سخر اللفظة لحمل معنى آخر عن طريق المجاز، كأن يستعمل “اليد”([16]) للجارحة المعروفة على الحقيقة، ويستعملها للقدرة والعطاء على المجاز([17])؛ فتتسع اللغة، وتنمو معاني الألفاظ وتتطور.

بالإضافة إلى الاتساع اللغوي عند العدول عن التعبير المباشر إلى أساليب أخرى([18])، يكتسب اللافظ حلاوة العبارة، وجمال([19]) الإشارة، وترتقي معه اللغة إلى مصاف الارستقراطيّة؛ لما فيه من إعمال فِكْر للتوصل إلى المراد منه. ولا يحصل الأمر إلا لعَالِمٍ بالعربية وضليع منها، أو من نال قسطًا وافرًا فيها.

من الأساليب البلاغية “الكناية” ، وهي : “ترك التصريح بذكر الشيء إلى ما يلزمه لينتقل من المذكور إلى المتروك”([20]). من أمثلتها قول عمر بن أبي ربيعة: [من الطويل]

بَعِيدَةُ مَهْوَى القُرْطِ إِمَّا لِنَوْفَلٍ               أَبُوهَا وَإِمَّا عَبْدُ شَمْسٍ وَهَاشمٍ([21])

فقد كنى عن طول العنق بعبارة “بعيدة مهوى القرط”. وتجري الدلالة في أسلوب الكناية عن طريق الانتقال إلى مطلوبك من لازم بعيد بواسطة لوازم متسلسلة، بعد تثمير أسلوب البيئة المادية المعيشة. وإيضاحها أن تقول: “كَثِيرُ الرَّمَادِ” وهي عبارة متداولة في بيئة العرب الأولى والمتأخرة، ثم تنتقل – بواسطة لوازم متسلسلة – من كثرة الرّماد إلى كثرة الجمر، ومن كثرة الجمر إلى كثرة إحراق الحطب، ومن كثرة إحراق الحطب، إلى كثرة الطبائخ، ومن كثرة الطبائخ إلى كثرة الأكلة، ومن كثرة الأكلة إلى كثرة الضيفان، ثم من كثرة الضيفان إلى أنه مضياف. من أبرز كنايات العرب المقصود بها الصفة([22]).

نَؤُومُ الضُّحّى([23]): إشارة إلى أنها مرفهة مخدومة غير محتاجة إلى السّعيّ بنفسها في إصلاح المهمات؛ وذلك لأنّ وقت الضّحى وقت سعي نساء العرب في أمر المعاش، وكفاية أسبابه وتحصيل ما يحتاج إليه في تهيئة المتناولات وتدبير إصلاحها، فلا تنام فيه من نسائهم إلا من تكون لها خدم ينوبون عنها في السعي، ويكفونها حاجاتها. وأسبق الناس إليه امرؤ القيس، أنشد: [من الطويل]

وَيُضْحِي فَتِيتُ المِسْكِ فَوْقَ فِرَاشِهَا                 نَؤُومُ الضُّحَى لَمْ تَنْتَطِقْ عَنْ تَفَضُّلِ([24])

طويل نجاد السيف: إشارة إلى طول القامة، من خلال سلسلة من اللوازم، وصولًا إلى أنّه فارس مقدام. من شواهد قول الخنساء في رثاء أخيها: [من المتقارب]

طَوِيلَ النِّجَادِ رَفِيعَ العِمَا …               دِسَادَ عَشِيرَتَهُ أَمْرَدَا([25])

قال المبرد موضحًا: “طويل النّجاد: النّجاد حمائل السّيف، تريد بطول نجاده طول قامته، وهذا ما يمدح به الشريف…” ([26]). ومن التصريح بمقصد “طويل النجاد”، وهو كناية عن الشجاعة قول الحلي: [من البسيط]

كُلُّ طَوِيلِ نِجَادِ السَّيْفِ يُطْرِبُهُ             وَقْعُ الصَّوَارِمِ كَالأَوْتَارِ وَالنَّغَمِ([27])

عَظِيمُ الرَّمَادِ: دلالة على كثرة القرى، أوضح مقصده ابن حِجَّة الحموي في خزانته، من خلال بيت الشيخ عز الدين الموصلي: [من البسيط]

دَاعٍ كَثِيرُ رَمَادِ القِدْرِ إِنْ وُصِفَتْ           كِنَايةً بَطْنُهَا والظَّهْرُ بالدَّسَمِ([28])

جَبَانُ الكَلْبِ: كناية عن كثرة الطارق، ومن ثم وصفه بالكرم، ووفرة ضيفانه. وعلة جبن الكلب، والإقلاع عن النباح تَعَوُّدُ الضيافة والأنس بها والاستمرار عليها. من أمثلته قول أبي وجزة: [من المتقاب]

وَاَجْبَنُ مِنْ صَافِرٍ كَلْبُهُم               وَإِنْ قَرَعَتْهُ حَصَاةٌ أَضَافَا([29])

وأوضحه المرتضى في أماليه، قال: “وجعل كلبهم جبانًا، لكثرة من يغشاهم ويطرقهم من النزال والأضياف فقد ألفتهم كلابهم وأنست بهم، فهي لا تنبحهم. وقيل أيضًا: إنها لا تهر عليهم، لأنها تصيب مما ينحر لهم وتشاركهم فيه”([30]). ومن جليل عبارة “جبان الكلب” وأوضحها في الدلالة على معناها، قول حاتم الطائي: [من الطويل]

إِذّا مَا بَخِيلُ القَوْمِ هَرَّتْ كِلاَبُهُ
فإَنِّي جَبَانُ الكَلْبِ بَيْتِي مُوَطَّأٌ
وَإِنَّ كِلاَبِي مُذْ أُقِرَّتْ وَعُوِّدَتْ
وَشَقَّ عَلَى الضَّيْفِ الغَرِيب عُقُورُها
جَوَادٌ إِذَا مَا النَّفْسُ شَحَّ ضَمِيرُهَا
قَلِيلٌ عَلَى مَنْ يَعْتَرِينَا هَرِيرُهَا([31])

مَهْزُولُ الفَصِيلِ: كناية عن كثرة سقي اللبن، وصولًا إلى صفة الكرم. ويحصل الأمر نتيجة إيثار الضيفان بالألبان، فتهزل الفصائل، أو ربما تنحر عنه أمه فيصيبه الضعف والهزال. أنشد الشّاعر: [من الوافر]

وَمَا يَكُ فِيَّ مِنْ عَيْبٍ فَإِنِّي                جَبَانُ الكَلْبِ مَهْزُولُ الفَصِيلِ([32])

أيّ أن اللبن الذي يسمن به الفصيل يجعل للأضياف، فيردف ذلك هزال الفصيل.

مُخَرَقُ القَمِيصِ: يكنى به عن صفة الجود، لأنّ العفاة يجذبونه. منه قول الخنساء: [من الكامل]

وَمُخَرَّقٍ عَنْهُ القَمِيصَ تَخَالُهُ               بَيْتَ البُيُوتِ مِنَ الحَيَاءِ سَقِيمَا([33])

فتمزيق قميصه ردف لجوده.

قِلَّةُ الجِرْذَانِ: يكنى به عن الفقر وقلّة ما في اليد. من طريق ما روي في استعمال “قلة الجرذان” أن امرأة وقفت على قيس بن سعد بن عبادة، فقالت له: “أشكو إليك قلّة الجرذان بداري”، فقال: ما أحسن هذه الكناية، إملأوا لها بيتها لحمًا وخبزًا وسمنًا وتمرًا([34]). وبيان ذلك أن الجرذان لا يقمن بالموضع الذي ليس فيه طعام.

تَحْتَ العَصَا: يقولون لمن به أُبْنَة (عيب): “أنت تحت العصا”. من أمثلة استعمالهم له قول الشاعر: [من مجزوء الرجز]

زَوْجُكِ زَوْجٌ صَالِحٌ          وَلَكِنَّهُ تَحْتَ العَصَا([35])

وفي إطار استعمال مادة “عصا” ورد حديث أبي جهم: “فَإِنَهُ يَضَعُ عَصَاهُ عَلَى عَاتِقِه”([36])، أرادوا به أنه يؤدب أهله بالضرب، وقيل: إنه كثير الأسفار.

اَلْسِنَةُ النَّارِ: كني به عن الكرم؛ لأن النّار تضيء في الليل، فيهتدي بها ضالو الطريق، فينزلون ضيوفًا عند واقدها. ومن تكون عادته كثرة الضيفان، فلسان حاله يقرّ بكرمه. قال ابن حجة الحموي في بديعيته مصرحًا بحقيقتها: [من البسيط]

قَالُوا طَوِيلُ نِجَادِ السَّيْفِ قُلْتُ وَكَمْ         لِنَارِهِ أَلْسِنٌ تُكْنِي عَنِ الكَرَمِ([37])

افترضت النّار التي تكني عن الكرم سلوكًا معينًا في البيئة العربية، وبخاصة عند من شهروا بالكرم. منها ما نقلتها المصادر عن حاتم الطائي المضروب به المثل في الكرم، كان إذا جاء الشتاء واشتد البرد، أمر غلامه فأوقد نارًا في يفاع الأرض لينظر إليها من ضل الطريق فيبادر إليها، وهو القائل لغلامه “يسار”: [من الرجز]

أَوْقِدْ فَإِنَّ اللَّيْلَ لَيْلٌ قَرُّ                     وَالرِّيحُ يَا مُوْقِدُ رِيحٌ صَرُّ

حَتَّى يَرَى نَارَكَ مَنْ يَمُرُّ                إِنْ جَلَبَتْ ضَيْفاً فَاَنْتَ حُرُّ([38])

إنها جملة من عيون الكنايات في التراث العربيّ، فتحت طرق التّعبير عن المعنى بأسلوب جاوز الدّلالة الحقيقيّة، فغنيت به اللغة، واتسعت مجاري القول. ونظرة دقيقة في تراكيب مواد الكناية، يجدها الدارس مقتلعة من معطيات حضارية تناسب بيئة العربي وزمانه؛ لأنّها من ثمرات حياته ومدخرات مجتمعه. فهل تناسب المجتمع اليوم؟؟ وهو يعيش عصر الحاسوب وسرعة الاتصال؟؟ هل توقد النار اليوم في يفاع الأرض ليهتدي بها الضيفان؟؟ أم استبدلت بالأضواء الكهربائية والإشارات الضوئية وسط الطرق، فيهتدي بها عابر السبيل؟! وتحولت إلى منارات في الموانئ البحرية والجوية… إذا جاز التشبيه. وفي كنايتهم “فلان تحت العصا” هل تتداول العصا

اليوم؟ وقد كانت بالأمس من مقومات الرعيان والذين يسرحون بالقطعان في البراري([39])؟! أيفهم طالب العربية اليوم، في أي من المدن العربية الكبرى والصغرى “النجاد”؟ وقد انقضى عهد السيف ولم يعد سلاح الجنود والجيوش! وبقيت قيمته في مدخرات اللغة. وانتفى الفصيل وهزاله من بيئة العربي، ولم يعد يعرفه الطالب اليوم؟ لبعد وقوع عينه عليه. وكذلك أمر الكناية “جبان الكلب”، لفقدان الكلاب – أو قلتها – على الأبواب، وعدم سماع تداولها، لعيش الناس في طبقات داخل أبنية ترتفع شاهقًا…؟؟ وندرة من يسكنون في بيت مستقل، اللهم إلا في بعض القرى الصغيرة النّائية التي لم تصلها المدنية بأشكالها، ولم تأهل بالسكان، بحيث يحتاجون إلى رفع المباني وجعلها طبقات. ومن ناحية أخرى، هل تسمح آداب الطعام وعادات النّظافة واللياقة أن يكون البيت مملوءًا بالجرذان، حتى يعرف أن صاحبه غني مترفع عن عطاء النّاس؟؟ وهل يدخل الناس بيتًا، ويتناولون فيه طعامًا، وهم يرون الحشرات والزواحف تسرح في أرجائه؟؟ وهل تقبل المرأة الدّخول إلى بيتها وفيه حشرة صغيرة؟؟ جملة تحولات أصابت مجتمعنا المعاصر، ما افترض إعادة النّظر في أسس بناء الكناية وغيرها من أساليب البيان. إنّ لغتنا اليوم، عامية فصيحة، تضج بالمجاز والكناية، وهي تسير على هَدْي أحكام العربية، لا ننبذها، ولكن معدن الكتابة ومادتها المتواترة. إن أحكام اللغة هي الرقم الثابت في معادلة العربية، والمواد ودلالاتها هي الرقم المتغير، فيجب مراعاة المعادلة حتى نخلص إلى المحصلة الصحيحة.

انعكاسات وتحولات

التّطور في مجاري الاتصال ووسائله، والتّحول في أساليب اللغة يشيران إشارة يقينية إلى تغيرات اجتماعيّة، نظرًا للترابط الوثيق بين اللغة والمجتمع من جهة، وللأواصر المتينة بينها وبين الفكر من ناحية ثانية. يدعم ذلك جملة ثوابت، منها:

  • اللغة ترتبط بالفرد أيّ ترابط، وهي ملازمة للمجتمع، إذ يكتسب الفرد اجتماعيته من تواصله بغيره عبر تقنيات الاتصال الطبيعية والإصطناعية. وما تبدل الدّلالة أو تحول الصّياغة في اللغة إلا مظهران من مظاهر التغير، لأنّ اللغة إشارة تنبئ عن أحوال الأمم، يوضحها قول اليازجي: “لا يخفى أن اللغة أعظم كاشف عن أحوال الأمم ومحلها من المدنية والعمران وما لها من الأخلاق والآداب والعوائد والسياسات والشرائع والعلوم والفنون وسائر أحوال التصرف والاجتماع وما خلقت عليه من الطباع… وفي الجملة فإن اللغة هي الإنسان بعينه يتمثل بها الفرد من آحاده وتتناول الأمة بأسرها..”.([40])
  • اللغة والفكر توأمان لا ينفصلان، وما الاختراعات وثورة المعلومات والتقنيات … إلا ثمرة من ثمار الفكر. يدل على أواصر القربى بينهما أمران، الأول شكليّ قائم على اشتقاق “المنطق” من النّطق، وهو أحد أشكال النّشاط اللغويّ التّواصليّ. واشتقاقه يتخذ صفة إنسانيّة عامة يؤكد معه تطابق اللغة (النّطق) والفكر. والمنطق الذي يُعدُّ “علم قوانين الفكر قد اتخذ اسمه عند الأوروبيين كلمة لوجك (Logic)، مشتقًا من لوغوس (Logos) اليونانية التي تعني الكلمة أو اللغة، كما أنّ العرب اشتقوا اسمه “المنطق” من النّطق إشارة إلى ما بين “اللفظ” و”الفكر” من صلات ([41]). والأمر الثاني قائم على التّحليل والتّجارب التي قام بها علماء النّفس واللغة… منهم فيجوتسكي (Vygotsky) الذي قدم أفضل التحاليل التي تؤكد التفاعل بين الفكر واللغة، نشرها في كتابه: “الفكر واللغة”، وفيه يرى أن للغة وظيفتين مستقلتين: الاتصال الخارجيّ مع الأتراب من بني البشر، وما يعادل هذا في الأهمّية من الاستخدام الداخلي لأفكار المرء([42])…وإذا قَلَّلنا – على ما يذهب إليه بعضهم-([43]) من شدّة التّرابط بين اللغة والفكر، فلا يمكن نُكْران أن اللغة بأبسط مظاهرها وأضعف روابطها “وعاء الفكر”. يجدر بالإجابة التعرض إلى أغراض شعرية([44]) لها صلة وثيقة بعادات المجتمع وبذاتية الفرد. ومَنْ أَجلُّ مقامًا من المديح، وأكثر مناسبة للمعالجة، تبعاً للمعيار المتقدم؟!
  • المديح

سلك المديح طريقًا عكست طوابع مجتمعه وأعراف بيئته، حين برزت خِلاَل وصفات احتاجها العربيّ في حياته، فنقلها إلى ممدوحيه. من أبرز الصفات الاجتماعية “الأمانة”. والأمين عندهم شبيه بالكلب، وهو حيوان معروف بأمانته في بيئتهم، اقتضته الحياة في مواقف شتى: في المرعى مع القطيع، أمام الخيام، رفيق دروبهم في الصيد والطرد… ولهذا لم يأنفوا تشبيه الممدوح بالكلب ويزاوجوه به، على نحو ما نُقِل عنهم: [من الخفيف]

أَنْتَ كَالكَلْبِ فِي حِفَاظِكَ لِلْعَهْـ              دِ وَكَالتَّيْسِ فِي قِرَاعِ الخُطُوبِ

أنتَ كالدَّلْوِ لا عَدِمناكَ دلــواً                من كبارِ الدلا كثيرَ الذنوب([45])

وفيه بلغت شجاعة الممدوح أن حاكى التّيس، كما شابه الكلب أمانة. وهكذا دارت أكثر معاني المدح على ما تحتاجه حياتهم ويقتضيه مجتمعهم من كرم وإقدام وشجاعة… وبلغ بهم الحال أن أضحى معه الكلب أو غيره من الحيوانات المعروفة عندهم مَعْلَمًا من مَعَالِم المشابهة، تجلت الحقيقة في المزاوجة بين الكلب والشّاعر مزاوجة فرضتها “واو” العطف التي تدل على مطلق الجمع، يشهد له قول أبي سعيد المخزومي: [من السريع]

الكَلْبُ والشَّاعِرُ فِي حَالَةٍ                يَا لَيْتَ أَنِّي لَمْ أَكُنْ شَاعِراً

أَمَا تَرَاهُ بَاسِطاً كَفَّــهُ                        يَسْتَطْعِمُ الوَارِدَ وَالصَّادِرَاً([46])

قد تطلق أوصاف الإنسان على الحيوان، لعظيم منزلة الأخير في حياتهم. والمطالع لأوصاف الفرس وغيره في التراث العربي يحسب أنها أوصاف تطلق على إنسان. من أمثلته ما وصف به ابن القِرِّيَّة فرساً أهداه الحجاج إلى عبد الملك بن مروان، قال فيه: “حسن القد، أسيل الخد، يسبق الطَّرْف ويستغرق الوصف” ([47]).

فالأوصاف الأولى تطلق بحذافيرها على الغادة الحسناء، يقولون فيها: حسنة القد، أسيلة الخد… وربما نفذوا من خلال الحيوان “الكلب” إلى أغراض أخرى، يكون معها وسيطًا إلى المعنى أو رمزاً له. فقد يهجو أحدهم قوماً عن طريق هجاء كلابهم. قال الجاحظ([48]): وقال صاحب الكلب: إنّ كثيرًا من هجاء الكلب ليس يراد به الكلب، وإنما يراد به هجاء رَجُل، فيجعل الكلب وصلة في الكلام ليبلغ ما يريد من شتمه. وهذا أيضاً ما يرتفق الناس به من أسباب الكلام، ولذلك قال الشاعر: [من الوافر]

وَمَا يَكُ بِيَ مِنْ عَيْبٍ فَإِنِّي                جَبَانُ الكَلْبِ مَهْزُولُ الفَصِيلِ

وفي قوله لم يرد مدح الكلب، وإنّما أراد نفسه… وتفسير السّلوك التّعبيري نابع من الاندماج الكامل بين الإنسان ومعطيات بيئته. فالإنسان تآخى مع الحيوان، وبالغ فيه إلى درجة قدمه على عياله وأهله، يصدقه قول حُرَيْث بن قحطان التّميميّ، وكانت له فرس اسمها “سكاب” فأراد بعض اليمن أخذها منه، فهرب بها منشدًا: [من الوافر]

أَبَيْتَ اللَّعْنَ إِنَّ سَكَابِ عِلْقٌ                نَفِيسٌ لاَ يُعَارُ وَلاَ يُبَـــاعُ

مُفَدَّاةٌ مُكَرَّمَةٌ عَلَيْــــنَا                    تُجَاعُ لَهَا العِيَالُ وَلاَ تُجَـاعُ

فَلاَ تَطْمَعْ أَبَيْتَ اللَّعْنَ فِيهَا                 فَدُوَن مَنَالِهَا أَمَدٌ شَنَــاعُ([49])

فهل يقبل ما تقدم في عصرنا الحاضر، وقد تبدلت وسائل المواصلات واختلفت آلات الاتصال؟؟ ولم يعد للفرس وغيره القيمة النّابعة مما يؤديه من عمل؟! وهل تسمح العادات الجديدة والمعطيات الحضاريّة المستجدة عقد موازنة بين الإنسان والحيوان؟! إنّ مواد اللغة ميراث من التقاليد، وأبنية من وسائل الاتصال، وليست مجرد ألفاظ صماء ومفردات جوفاء وينفخ العصر فيها، فتخرج الألحان اللائقة، وتبعث الموسيقى المطلوبة، تتجدد مع الأيام، فيقبل منها ما يساير الحياة، ويتحول ما لا يماشي الزّمان. ومن يستعرض صور المدح في المجتمعات العربية يقع على الأدلة التي تؤيد حركة المجتمع وتبدل القيم فيه. روت المصادر أن أبا تمام لما أنشد أحمد بن المعتصم – في حياة أبيه وبحضرة يعقوب بن الصباح الكندي فيلسوف العرب – قصيدته التي يقول فيها: [من الكامل]

إِقْدامُ عَمْروٍ فِي سَمَاحَةِ حَاتِمٍ                فِي حِلْمِ أَحْنَفَ فِي ذَكَاءِ إِيَاسِ([50])

قال له الكندي: ما زدت أن شبهت الأمير بصعاليك العرب، ومَنْ هؤلاء الذين ذكرت!؟ وما قدرهم؟! فأطرق أبو تمام… ([51]) وما ذلك الرفض إلا لتبدل معايير المديح في المجتمع، وتغير المفاهيم والعادات، نتيجة الثقافات الجديدة التي أتاحتها طرق الاتصال والاختلاط بين الناس، وما فرزته من تبدل في مقاييس القيم وموازين البلاغة العربية بشكل خاص. فما يرضي بالأمس قد يرفض اليوم، وما رَفْضُ ما أنشده أبو تمام إلا مجافاة لذوق الزّمن الذي عاش فيه.

أمام التّطور في وسائل الاتصال، والتّغير الذي طرأ على مجاري القول وأساليب التّعبير، ماذا يجر بالفرد أن يفعل، وهو عنصر في المجتمع الذي طرأ على عاداته وموروثاته كثير من التغيرات؟؟ وهو يعيش في زمن بات النّاس مجتمعين أبناء قرية كونيّة إلكترونيّة؟؟ وكذلك ، ما حال مُعَلِّم العربية وعَالِمها؟؟!

الخلاصة

نخلص بعدها إلى تقديم توجيه مفاده أن التحولات التي ذكرت لا تعني هدم الماضي والانقلاب عليه. للماضي قدسية نَقِرُّ بِهَا، نابعة من احترام التّراث وتبجيله، وقدسية القرآن وتمجيده… فلا يمكن قلب ظهر المجن له. ولكن القصد منها تحول آلات الاتصال السابقة وما تعكسه في حياتنا. الحاسوب مثلًا ما فتئ يحول الحياة الإنسانيّة إلى واقع جديد لم يعرفه الإنسان من قبل، فيه يجد المرء نفسه في اختيار صعب بين الواقع والتاريخ، الثاني يتمثل في ميراث العصور الماضية، والأول يتمثّل في حياة جديدة غنية بشتى ألوان الاتصال، ومملوءة بثروة من المعلومات، نفذ العِلْم فيها إلى أدق الأشياء وأخفاها. كشف عن الذرة وعرف مكنوناتها، وأطلق ما كمن فيها من طاقات. ومد بصره إلى الكواكب والمَجَرَّات، ووصل إلى خارج كوكبه، وامتدت بعثاته الآلية إلى القريب والبعيد مما يجاوره من أجرام… ([52]) .

أحكام العربية مقدسة، وهي تشكل الرّقم الثابت في معادلة اللغة، والدّلالات ومجاري الاتصالات الرّقم المتحرك. وللحركة في معادلتها جاز الخوض في اللغة؛ لأنّ معطيات الفكر الحديث والمعاصر تطالبنا وتفرض علينا التعمق في الدراسة، وإطالة النظر والمباحثة، لرأب الصدع الذي قد يحصل على الجوهر، ولمواكبة تيار الحياة. وما أصدق أدباءنا الأوائل! حين أكدوا على هذا المنحى المنهجي، من خلال زجر من ظن بما وصل إلينا التمام والكمال. نقل عن الجاحظ قوله: “ما على الناس شيء أضر من قولهم: ما ترك الأول للآخر شيئاً…” ([53]).

ومثله قول أبي تمام: [من السريع]

يَقُولُ مَنْ تَقْرَعُ أَسْمَاعَهُ                    كَمْ تَرَكَ الأَوَّلُ لِلأَخِرِ([54])

ومن جهة أخرى طبيعة البحث العلميّ، تشكل الدّافع للخوض في جوانب اللغة. والمطالع المدقق لمقاصد التأليف، يجدها تقع في “شيء لم يسبق إليه يخترعه، أو شيء ناقص يتمه، أو شيء مستغلق يشرحه أو شيء طويل يختصره دون أن يخل بشيء من معانيه، أو شيء متفرق يجمعه، أو شيء مختلط يرتبه أو شيء أخطأ فيه مؤلف يصلحه”.([55]) عسى أن يكون في ما تقدم شيء مستغلق من وزن أو قاعدة شُرِح؟ وآخر ناقص تُمِّم؟ وثالث مختلط رُتِّبَ ونُظِّمَ؟؟ وما الأقوال الكثيرة التي اختلف الرأي فيها، وإيضاح سلوك القاعدة الصحيح إلا من جنيّ البحث وثمرة من ثماره. ما على مُعَلِّم العربية، استنادًا إلى ما سبق – إلا اكتساب التكنولوجيّا بصفة عامة وفي مجال الاتصال والإعلام بصفة خاصة، ليتمكن من مسايرة ركب التّطور والتقدم، ومواجهة الناطق واللفظ، وتفسير سلوكه بشكل علمي منطقي. إن المعاني تستجد واللغة ثابتة، لما أتاحه العصر من اختراعات وأدوات… إلى درجة باتت معه “اللغة عربية والمعاني أعجمية”. وباكتساب التقنية وحيازة التكنولوجية يرجى أن تتغير المعادلة فتصبح: “اللغة والمعاني لنا”!.

المصادر والمراجع

  • القرآن الكريم.
  • إبراهيم مصطفى: إحياء النحو، مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر، القاهرة، 1959م.
  • الشيخ إبراهيم اليازجي: “أمالي لغويّة”، مجلة الطبيب، بيروت 15 آذار 1884م.
  • أحمد شوقي: الشوقيات، مكتبة التربية، بيروت، 1987م.
  • أسامة بن منقذ: البديع في البديع في نقد الشعر، قدّم له عبد. أ. علي مهنا، دار الكتب العلميّة، بيروت، ط1، 1407هـ/1987م.
  • امرؤ القيس: الديوان، دار صادر، بيروت، لا.تا.
  • التبريزي، أبو زكريا يحيى بن علي: شرح ديوان الحماسة، عالم الكتب، بيروت، لا.تا.
  • أبو تمام حبيب بن أوس الطائي: الديوان، شرح التبريزي، تحقيق محمد عبده عزام، دار المعارف، مصر، لا.تا.
  • الثعالبي أبو منصور عبد الملك بن محمد: كتاب فقه اللغة وأسرار العربيّة، منشورات دار مكتبة الحياة، بيروت، لا.تا.
  • الحاحظ أبو عثمان عمرو بن بحر: الحيوان، بتحقق وشرح عبد السلام محمد هارون، شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي، مصر، ط2، 1965م.
  • ابن جني: أبو الفتح عثمان: الخصائص، حقّقه محمد علي النجار، دار الهدى للطباعة والنشر، بيروت، ط2، لا.تا.
  • الجوهري، إسماعيل بن حماد: الصحاح، تحقيق أحمد عبد الغفور عطّار، دار العلم للملايين، بيروت، ط3، 1404هـ/1984م.
  • حاتم الطائي: الديوان، تحقيق وشرح كرم البستاني، دار المسيرة، بيروت، ط2، 1982م.
  • ابن حجة الحموي، أبو بكر علي بن محمد: ثمرات الأوراق، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، دار الجيل، بيروت، ط3، 1417هـ/1997م.
  • ابن حجة الحموي: أبو بكر علي بن محمد: خزانة الأدب وغاية الأرب، شرح عصام شعيتو، دار ومكتبة الهلال، بيروت، ط3، 1991م.
  • ابن حزم، أبو محمد علي: رسالة في فضل الأندلس وذكر رجالها، ضمن رسائل ابن حزم، تحقق د. إحسان عباس، المؤسسة العربيّة للدراسات والنشر، بيروت، ط2، 1987م.
  • الحصري، أبو إسحاق إبراهيم بن علي: زهر الآداب وثمر الألباب، مفصّل ومضبوط ومشروح بقلم المرحوم د. زكي مبارك، دار الجيل، بيروت، ط4، لا.تا.
  • الخنساء، تحاضر بنت عمرو: شعر الخنساء، تحقيق وشرح كرم البستاني، دار المسيرة، بيروت، ط2، 1982م.
  • د. راشد المبارك: “المقولات العلميّة بين التغير والثبات”، مجلة العربي، الكويت، العدد 377، رمضان 1410هـ/ أبريل (نيسان) 1990م.
  • الزمخشري، أبو القاسم محمد بن عمر: القسطاس في علم العروض، تحقيق د. فخر الدين قباوة، مكتبة المعارف، بيروت، ط2، 1410هـ/1989م.
  • الزمخشري، أبو القاسم محمود بن عمر: المفصّل في علم العربيّة، شرح أبياته السيد محمد بدر الدين النعساني، دار الجيل، بيروت، لا.تا.
  • ابن السراج، أبو بكر محمد بن سهل: الأصول في النحو، تحقيق د. عبد الحسين الفتلي، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط1، 1405هـ/1985م.
  • الشريف المرتضى علي بن الحسين: أمالي المرتضى، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، دار الكتاب العربي، بيروت، ط2، 1387هـ/1967م.
  • الصولي، أبو بكر محمد بن يحيى: أخبار أبي تمام، حقّقه وعلّق عليه محمد عبده عزام وخليل محمود عساكر ونظير الإسلام الهندي، منشورات دار الآفاق الجديدة، بيروت، ط3، 1400هـ/1980م.
  • صفي الدين الحلي، عبد العزيز بن سرايا: الديوان، دار صادر، بيروت، لا.تأ.
  • صفي الدين الحلي، عبد العزيز بن سرايا: شرح الكافية البديعيّة في علوم البلاغة ومحاسن البديع، تحقيق د. نسيب نشاوي، مطبوعات مجمع اللغة العربيّة، دمشق، 1403هـ/1983م.
  • أبو الطيّب اللغوي، علي الواحد بن علي: مراتب النحويين، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، دار نهضة مصر، الفجالة – القاهرة ، 1394هـ/1974م.
  • ابن عاصم الغرناطي، أبو بكر محمد بن محمد: حدائق الأزاهر، حقّقه وقدّم له أبو همام عبد اللطيف عبد الحليم، المكتبة العصريّة، صيدا – بيروت، 1413هـ/1992م.
  • ابن عبد ربه، أبو عمر أحمد بن محمد: العقد الفريد، شرحه وضبطه وعنون موضوعاته ورتّب فهارسه أحمد أمين وأحمد الزين وإبراهيم الأبياري، دار الكتاب العربي، بيروت، 1403هـ/1983م.
  • د. عبده الراجحي: فقه اللغة في الكتب العربيّة، دار النهضة العربيّة، بيروت، 1979م.
  • أبو عبيدة معمر بن المثنى: مجاز القرآن، عارضه بأصوله وعلّق عليه د. محمد فؤاد سزكين، مكتبة السعادة، مصر، 1954م.
  • ابن عقيل، بهاء الدين عبد الله: شرح ابن عقيل، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد، المكتبة التجاريّة الكبرى، القاهرة، ط14، 1965م.
  • علي بن الجهم: الديوان، تحقيق خليل مردم بك، دار صادر، بيروت، ط3، 1996م.
  • علي بن ظافر الأزدي: بدائع البدائة، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، المكتبة العصريّة، صيدا – بيروت، 1413هـ/ 1992م.
  • عمر بن أبي ربيعة: الديوان، شرح محمد محيي الدين عبد الحميد، دار الأندلس، بيروت، 1418هـ/1997م.
  • أبو الفرج الأصفهاني، علي بن الحسين: كتاب الأغاني، تحقيق عبد الستار أحمد فرّاج، دار الثقافة، بيروت، لا.تا.
  • أبو القاسم الكلاعي، محمد بن عبد الغفور: إحكام صنعة الكلام، حقّقه وقدّم له محمد رضوان الداية، عالم الكتب، بيروت، 1405هـ/1985م.
  • قدامة بن جعفر، أبو الفرج البغدادي: نقد الشعر، تحقيق وتعليق د. محمد عبد المنعم خفاجي، دار الكتب العلميّة، بيروت، لا.تا.
  • القرطبي، أبو عبد الله محمد بن أحمد: الجامع لأحكام القرآن، دار الكتب العلميّة، بيروت، 1413هـ/1993م.
  • القزويني، الخطيب محمد بن عبد الرحمن: الإيضاح في علوم البلاغة، شرح وتعليق وتنقيح د. محمد عبد المنعم خفاجي، دار الكتاب اللبناني، بيروت، ط5، 1400هـ/1980م.
  • المبرد، أبو العباس محمد بن يزيد: الكامل، حقّقه وعلّق عليه ووضع فهارسه د. محمد أحمد الدالي، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط2، 1413هـ/1993م.
  • المبرد، أبو العباس محمد بن يزيد: المقتضب، تحقيق عبد الخالق عضيمة، عالم الكتب، بيروت، لا.تا.
  • مجد الدين بن الأثير، أبو السعادات المبارك بن محمد: النهاية في غريب الحديث والأثر، تحقيق طاهر أحمد الزاوي ومحمود محمد الطناحي، المكتبة العلميّة، بيروت، لا.تا.
  • المرزباني، محمد بن عمران: الموشّح، تحقيق علي محمد البجاوي، دار نهضة مصر، القاهرة، 1965م.
  • المرزوقي، أبو علي أحمد بن محمد: شرح ديوان الحماسة، نشر أحمد أمين وعبد السلام هارون، دار الجيل، بيروت، ط1، 1411هـ/1991م.
  • مكي بن أبي طالب، أبو محمد القيسي: مشكل إعراب القرآن، تحقيق د. حاتم صالح الضامن، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط2، 1405هـ.
  • المنظمة العربيّة للتربية والثقافة والعلوم: الثورة التكنولوجيّة ووسائل الاتصال العربيّة، تونس، 1991م.
  • د. نايف خرما: أضواء على الدراسات اللغويّة المعاصرة، عالم المعرفة، الكويت، العدد 9، رمضان / شوال 1398هـ/ سبتمبر (أيلول) 1978م.
  • ابن نباته المصري، جمال الدين: سرح العيون في شرح رسالة ابن زيدون، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، منشورات المكتبة العصريّة، صيدا – بيروت، 1419هـ/1998م.
  • أبو نواس، الحسن بن هانئ: الديوان، حقّقه وضبطه وشرحه أحمد عبد المجيد الغزالي، دار الكتاب العربي، بيروت، 1404هـ/1984م.
  • ابن هشام، أبو محمد عبد الله جمال الدين: أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد، دار الجيل، بيروت، ط5، 1399هـ/1979م.
  • ابن هشام، أبو محمد عبد الله جمال الدين: شرح شذور الذهب، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد، مطبعة السعادة، مصر، ط10، 1385هـ/1965م.
  • أبو هلال العسكري، الحسن بن عبد الله: كتاب الصناعتين، تحقيق علي محمد البجاوي ومحمد أبو الفضل إبراهيم، المكتبة العصريّة، صيدا – بيروت، 1406هـ/1986م.
  • Judith Greene: Thinking and Language, edited by Peten Herriot.

 

[1] – دكتوراه في اللغة العربية وآدابها من الجامعة اللبنانية- كلّية التربية. mrs.nahedjaber@gmail.com

[2] – تتعدّد وسائل نقل المعلومات على مختلف أشكالها: ملفوظة أو مخطوطة، منها الفاكسيميلي (Facsimle)، وهو جهاز ينسخ عن بعد (Remote Copier) ويُربط بين أجهزة الفاكسيميلي المتباعدة بطريقة شبكة الهاتف. يمكن تشغيل جهاز الفاكسيميليّ من أي مكان تتوفر فيه الخدمة الهاتفيّة. يتميز الفاكسيميليّ أنه يتيح إرسال مخطط بيانيّ أو رسومات معقدة أو بصمات أو تواقيع من مكان إلى آخر سواء في البلد نفسه أو من بلد إلى آخر بصورة عاجلة وبطريقة اقتصاديّة؛ لذلك فهو يُعد وسيلة اتصال مثاليّة لنقل المعلومات والتقارير والأخبار، التي تستخدم في العمل الصحفيّ وغيره من المجالات. ينظر، المنظمة العربيّة للتربية والثقافة والعلوم: الثورة التكنولوجية ووسائل الاتصال العربية، تونس، 1991م، ص 131.

[3] – قال الزمخشري: إعلم أن أصناف العلوم الأدبية ترتقي إلى إثني عشر صنفًا، الأول علم اللغة والثاني علم الأبينة والثالث علم الاشتقاق والرابع علم الإعراب والخامس علم المعاني والسّادس علم البيان والسّابع علم العروض والثامن علم القوافي والتّاسع إنشاء النثر والعاشر قرض الشّعر والحادي عشر علم الكتابة والثاني عشر المحاضرات. الزمخشري: القسطاس في علم العروض، تحقيق د. فخر الدين قباوة، مكتبة المعارف، بيروت، ط2، 1410هـ/1989م، ص 15-16.

[4] – عرف نحاة العربية وجهات بحث مختلفة، منها تتبع أواخر الكلمات والكشف عن أسرار تبديلها… فسموها علم النحو أو الإعراب، ومنها العناية بقواعد ربط الكلام وتأليف الجمل… يراجع، إبراهيم أنيس: إحياء النحو، مطبعة لجنة التأليف والتّرجمة والنشر، القاهرة، 1959، ص 10-21، وحسن عون: دراسات في اللغة والنحو العربي، معهد البحوث والدراسات العربية، جامعة الدول العربية، 1969م، ص 44.

[5] – ينظر، ابن عقيل: شرح ابن عقيل، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد، المكتبة التجارية الكبرى، القاهرة، ط14، 1385هـ/1965م، ج1، ص 468-473، وابن هشام: أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد، دار الجيل، بيروت، ط5، 1399هـ/ 1979م، ج2، ص 98-107.

[6] – ابن عقيل: شرح ابن عقيل، ج1، ص 471-472، والشاهد فيه قوله: [رأين الغواني] فإن الشاعر قد وصل الفعل بنون النسوة في قوله “رأين” مع ذكر الفاعل الظاهر بعد، وهو قوله “الغواني”.

[7] – منها قوله تعالى: ﴿وأسرُّوا النجوى الَّذين ظلموا﴾، سورة الأنبياء، الآية 3. ولرفع “الذين” أربعة أوجه، أحدها أن يكون بدلاً من الواو في “أسروا”، والثاني أن يكون فاعلًا والواو حرف للجمع لا اسم… يراجع، مكي ابن أبي طالب: مشكل إعراب القرآن، تحقيق د. حاتم صالح الضمان، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط2، 1405م، ج2، ص 477.

[8] – يراجع، ابن عقيل: شرح ابن عقيل، ج1، ص 473، وهو اختيار ابن مالك وابن هشام.

[9] – الفعل في العربية منه حقيقي ومنه غير حقيقي… من القسمة الأولى: الفعل الذي هو غير فعل حقيقي وهو ثلاثة أضرب، الأول أفعال مستعارة للاختصار وفيها بيان أن فاعليها مفعولون، نحو، مات زيدٌ وسقط الحائط ومرض بكر… يراجع، ابن السراج: الأصول في النحو، تحقيق د. عبد الحسين الفتلي، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط1، 1405هـ/1985م، ج1، ص 73-74.

[10] – قال ابن هشام: “الفعل يجب تغييره إلى فُعِلَ أو يُفْعَلُ… وإنما أريد أن يضم أوله مطلقًا، ويكسر ما قبل آخره في الماضي ويفتح في المضارع”. ابن هشام “شرح شذور الذهب، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد، مطبعة السعادة، مصر، ط10، 1385هـ/1965م، ص 160.

[11] – سورة البقرة، الآية 210، وسورة هود، الآية 44.

[12] – المبرد: المقتضب، تحقيق محمد عبد الخالق عضيمة، عالم الكتب، بيروت، لا.تا، ج1، ص 41 .

[13]  الزمخشري: المفصل في علم العربية، شرح أبياته السيد محمد بدر الدين النعساني، دار الجيل، بيروت، لا.تا، ص 281، والثعالبي: كتاب فقه اللغة وأسرار العربية، منشورات دار مكتبة الحياة، بيروت، لا.تا، ص 231و 242.

[14] – أبو الطيب اللغوي: مراتب النحويين، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، دار نهضة مصر، الفجالة – القاهرة ، 1394هـ/1974م، ص 25. والدئل في كنانة أبو قبيلة من كنانة، سمي باسم دابة يقال لها الدئل بن عرس والثعلب.

[15] – الجوهري: الصحاح، تحقيق أحمد عبد الغفور عطّار، دار العلم للملايين، بيروت، ط3، 1404هـ/ 1984م، ج4، ص 1694، مادة [دأل].

[16] – كما في قوله تعالى: ﴿يَدُ اللهِ مَغْلُولْة﴾ – سورة المائدة، الآية 64 – أي خير الله ممسك. يراجع في تفسيرها، أبو عبيدة معمر بن المثنى: مجاز القرآن، عارضه بأصوله وعلق عليه د. محمد فؤاد سزكين، مكتبة السعادة، مصر، 1954م، ج1، ص 170.

[17] – المجاز غذاء اللغة والروح الذي لا تحيا بدونه ولا قوام لها إلا به، ولولاه ما كنا نرى فيها البهجة والجمال اللذين يتذوقهما كل ناطق بالضاد.

[18] – التشبيه والاستعارة والكناية من مباحث علم البيان، وهو علم يعرف به إيراد المعنى الواحد بطرق مختلفة في وضوح الدلالة عليه… من بلاغة التشبيه – على سبيل المثال – أن تعقيب المعاني به – لاسيما قسم التمثيل منه – يضاعف قواها في تحريك النفوس إلى المقصود بها مدحاً كانت أو ذمًّا، أو افتخارًا أو غير ذلك… ولذلك أسباب، منها: ما يحصل للنفس من الأنس بإخراجها من خفي إلى جلي، كالانتقال ما يحصل لها بالفكرة، إلى ما يعلم بالفطرة، أو بإخراجها ما لم تألفه إلى ما ألفته … أو ما تعلمه إلى ما هي به أعلم،= = كالانتقال من المعقول إلى المحسوس، فإنك قد تعبر عن المعنى بعبارة تؤديه وتبالغ … ينظر، القزويني: الإيضاح في علوم البلاغة، شرح وتعليق وتنقيح د. محمد عبد المنعم خفاجي، دار الكتاب اللبناني، بيروت، ط5، 1400هـ/1980م، ج2، ص 328-331.

[19] – قال الثعالبي في فصل الاستعارة التي أسماها “التشبيه بغير أداة”: وهذه طريقة أنبقة غلب عليها المحدثون المتقدمين فأحسنوا وطرفوا ولطفوا، وأرى أبا نواس السابق إليها في قوله : [من السريع]

تَبْكِي فَتُلْقِي الدُّرَّ مِنْ نَرْجِسٍ                    وَتَلْطُمُ الوَرْدَ بَعُنَّابِ

فشبّه الدمع بالدر والعين بالنرجس والخد بالورد والأنامل بالعناب من غير أن يذكر الدمع والعين والخد والأنامل من غير استعارة بأداة من أدوات التشبيه … الثعالبي: كتاب فقه اللغة وأسرار العربية، ص 243، وأبو نواس: الديوان، ص 242، وقد ورد البيت فيه بشيء من التحريف.

[20] – صفي الدين الحلي: شرح الكافية البديعية في علوم البلاغة ومحاسن البديع، تحقيق د. نسيب نشاوي، مطبوعات مجمع اللغة العربية، دمشق، 1403هـ/1983م، ص 201.

[21] – عمر بن أبي ربيعة: الديوان، شرح محمد محيي الدين عبد الحميد، دار الأندلس، بيروت، 1418هـ/1997م، ص 208.

[22] – تقسم الكناية بوصف ما يطلب منها إلى ثلاثة أقسام، الأول غير صفة ولا نسبة، والثاني صفة والثالث النّسبة … والمطلوب بها صفة قسمان: قريبة وبعيدة، والقريبة ما ينتقل منها إلى المطلوب بها لا بواسطة … ينظر، القزويني: الإيضاح في علوم البلاغة، ج2، ص 457-458.

[23] – يراجع، أسامة بن منقذ: البديع في البديع في نقد الشعر، حققه وقدم له عبد. أ. علي مهنا، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1407هـ/1987م، ص 149، والقزويني: الإيضاح في علوم البلاغة، ج2، ص 456.

[24] – امرؤ القيس: الديوان، دار صادر، بيروت، لا.تا، ص 45. ومعناه: أن فتات المسك يكثير على فراشها، وأنها تكفي أمورها فلا تباشر عملها بنفسها.

[25] – الخنساء: الديوان ، ص 41.

[26] -المبرد: الكامل، حققه وعلق عليه ووضع فهارسه د. محمد أحمد الدالي، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط2، 1413هـ/1993م، مج3، ص 1413.

[27] – صفي الدين الحلي: الديوان، دار صادر، بيروت، لا.تا، ص 695.

[28] – ابن حجة الحموي: خزانة الأدب وغاية الأرب، شرح عصام شعيتو، دار ومكتبة الهلال، بيروت، ط2، 1991م، ج2، ص 265.

[29] – أبو الفرج الأصفهاني: كتاب الأغاني، تحقيق عبد الستار أحمد فراجد، دار الثقافة، بيروت، لا.تا. مج12، ص 253.

[30] – الشريف المرتضى: أمالي المرتضى، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، دار الكتاب العربي، بيروت، ط2، 1387هـ/1967م، مج2، ص 112.

[31] – ينظر، الشريف المرتضى: أمالي المرتضى، مج2، ص 111.

[32] – المرزوقي: شرح ديوان الحماسة، نشر، أحمد أمين وعبد السلام هارون، دار الجيل، بيروت، ط1، 1411هـ/1991م، مج2، ج4، ص 1650، وأبو هلال العسكري: كتاب الصناعتين، تحقيق علي محمد البجاوي ومحمد أبو الفضل إبراهيم، المكتبة العصرية، صيدا – بيروت، 1406هـ/1986م، ص 351، وفيه ورد: “ومهما في “بدل” وما يك في”.

[33] – يراجع، أبو هلال العسكري: كتاب الصناعتين، ص 352، والتبريزي: شرح ديوان الحماسة، عالم الكتب، بيروت، لا.تا، ج4، ص 77، وفيه نسب البيت لليلى الأخيلية.

[34] – ينظر، ابن عبد ربه: العقد الفريد، شرحه وضبطه وعنون موضوعاته ورتب فهارسه أحمد أمين وأحمد الزين وإبراهيم الأبياري، دار الكتاب العربي، بيروت، 1403هـ/9183م، ج1، ص 365، وابن حجة الحموي: ثمرات الأوراق، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، دار الجيل، بيروت، ط3، 1417هـ/1997م، ص 143، وابن عاصم الغرناطي: حدائق الأزاهر، حققه وقدم له أبو همام عبد اللطيف عبد الحليم، المكتبة العصرية، صيدا – بيروت، 1413هـ/1992م، ص 204.

[35] – يراجع، ابن حجة الحموي، خزانة الأدب، ج2، ص 264.

[36] – مجد الدين بن الأثير: النهاية في غريب الحديث والأثر، تحقيق طاهر أحمد الزاوي ومحمود محمد الطناحي، المكتبة العلمية، بيروت، لا.تا، ج3، ص 250. وفيه، يقال: رفع عصاه إذا سار، وألقى عصاه إذا نزل وأقام.

[37] – ابن حجة الحموي: خزانة الأدب، ج2، ص 265.

[38] – حاتم الطائي: الديوان، ص 86، وابن حجة الحموي: ثمرات الوراق، ص 145.

[39] – طبيعة حياة العربي في الصحراء، ونمط حياته جعلا في العصا منافع عدة، منها – على حدّ قول ابن عباس – : “إذا انتهيت إلى رأس بئر فقصر الرِّشا وصلته بالعصا، وإذا أصابني حرّ الشمس غرزتها في الأرض وألقيت عليها ما يظلني، وإذا خفت شيئاَ من هوام= =الأرض قتلته بها، وإذا مشيت ألقيتها على عاتقي وعلقت عليها القوس والكنانة والمخلاق وأقاتل بها السباع من الغنم”. ينظر ، القرطبي: الجامع لأحكام القرآن، دار الكتب العلمية، بيروت، 1413هـ/1993م، مج6، ج11، ص 126.

[40] – الشيخ إبراهيم اليازجي: “أمالي لغوية”، مجلة الطبيب، بيروت، 15 آذار 1884م، ج1، ص 15.

[41] – ينظر، د. عبده الراجحي: فقه اللغة في الكتب العربية، دار النهضة العربية، بيروت، 1979م، ص 74.

[42] – نقلاً عن، Judith Greene: Thinking and Language, edited by Peten Herriot, p. 113-115.

[43] – ذهب العلماء مذاهب متفرقة في قضية العلاقة بين اللغة والفكر، فمنهم من أنكرها، وآخرون قالوا بإثباتها… ينظر، د. نايف خرما: أضواء على الدراسات اللغوية المعاصرة، عالم المعرفة، الكويت، عدد 9، رمضان/ شوال 1398ه/ سبتمبر (أيلول) 1978م، ص 215-218.

[44] – تباينت الأغراض الشّعرية بين علماء العربية وأدبائها تسمية وعددًا، وهي برأي قدامة بن جعفر: المديح والهجاء المراثي والتشبيه والوصف والغزل أو النسيب. قدامة بن جعفر: نقد الشعر، تقحيق وتعليق د. محمد عبد المنعم خفاجي، دار الكتب العلمية، بيروت، لا.تا، ص 184-190.

[45] – علي بن الجهم: الديوان، ص 78.

[46] – يراجع، الكلاعي: إحكام صنعة الكلام، ص 45.

[47] – الحصري: زهر الآداب وثمر الألباب، مفصل ومضبوط ومشروع بقلم المرحوم د. زكي مبارك، دار الجيل، بيروت، ط4، لا.تا، مج1، ج2، ص 357.

[48] – الجاحظ: كتاب الحيوان، مج1، ص 383-384.

[49] – ابن نباته المصري: سرح العيون في شرح رسالة ابن زيدون، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، منشورات المكتبة العصرية، صيدا – بيروت، 1419هـ/1998م، ص 386، والتبريزي: شرح ديوان الحماسة، عالم الكتب، بيروت، لا.تا، ج1، ص 112.

[50] – أبو تمام: الديوان، شرح التبريزي، تحقيق محمد عبده عزام، دار المعارف، مصر، لا.تا، مج2، ص 249.

[51] – المرزباني: الموشح، تحقيق علي محمد البجاوي، دار نهضة مصر، القاهرة، 1965م، ص 501، وعلي ابن ظافر الأزدي: بدائع البدائة، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، المكتبة العصرية، صيدا – بيروت، 1413هـ/1992م، ص 291، والصولي: أخبار أبي تمام، حققه وعلق عليه محمد عبده عزام وخليل محمود عساكر ونظير الإسلام الهندي، منشورات دار الآفاق الجديدة، بيروت، ط3، 1400هـ/1980م، ص 231، وتتمة الحادثة: … ثم أنشد:

لاَ تَعْجَبُوا ضَرْبِي لَهُ مِنْ دُونِهِ      مَثَلاً شَرُوداً في النَّدَى وَالبَاسِ

فاللهُ قَدْ ضَرَبَ الأَقَــل لِنُورِهِ          مَثَلاً مِنَ المِشْكَــاةِ والنِّبْرَاسِ

[52] – د. راشد المبارك: المقولات العلمية بين التغير والثبات، مجلة العربي، الكويت، عدد 377، رمضان 1410هـ/ إبريل (نيسان) 1990م، ص 43.

[53] – ابن جني: الخصائص، حققه محمد علي النجار، دار الهدى للطباعة والنشر، بيروت، ط2، لا.تا، ج1، ص 190-191. وقال أبو عثمان المازني: “وإذا قال العَالِم قولاً متقدماً فللمتعلم الاقتداء به والانتصار له والاحتجاج لخلافه، إن وجد إلى ذلك سبيلاً”.

[54] – أبو تمام: الديوان (شرح التبريزي)، مج2، ص 161.

[55] – ينظر، ابن حزم: رسالة في فضل الأندلس وذكر رجالها، ضمن رسائل ابن حزم، تحقيق د. إحسان عباس، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، ط2، 1987م، ج2، ص 186.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

free porn https://evvivaporno.com/ website