foxy chick pleasures twat and gets licked and plowed in pov.sex kamerki
sampling a tough cock. fsiblog
free porn

الزّجل الأندلسيّ

0

الزّجل الأندلسيّ

سوسن عزّت محمّد(*)

الملخص

إنّ الزجل الأندلسي فنّ استحدثه أهل الأندلس في أواخر القرن الرابع الهجري (العاشر الميلادي)، ويعدُّ ثاني فنّ مستحدث بعد الموشّح، ويتشابه الموشّح والزجل ويختلفان من حيث اللغة، فالعربية الفصحى هي لغة الموشّح والزجل لغته معرّبة.

أمّا أوزان الخليل، فمنها ما كان على أوزان الخليل، ومنها ما هو خارج عنه وقد تطرّق الزجل إلى الأغراض ذاتها التي اشتملت عليها الموشّحات والقصيدة التقليدية. وما زال الزجل موجودًا في عصرنا الحالي لا سيّما في لبنان، وقد تأثّر بالشعر العربي التّقليدي، فنجد التقاءً واضحًا بين أوزان الزجل وعروض الخليل بن أحمد، وقد تطوّر الزجل وتبلورت أشكاله وأوزانه حتّى صار على ما هو عليه اليوم في الفرق الزجليّة والمبارزات الكلاميّة التي تحصل  مع تلك الفرق.

الكلمات المفتاحية: الزجل، أوزان الخليل، القصيدة التقليدية، الموشّح، الأندلس أغراض الزجل.

Abstract

The Andalusian Zajal is an art that was created by the people of Andalusia at the end of the 4rth Hijri century (10nth AD), and it’s considered the 2nd created art after the Muwashah.

There are similarities and differences between the Muwashah and the Zajal in terms of language. Hence, formal Arabic is the language of Muwashah, while Zajal’s is a translated one.

Concerning the meters of Zajal, a part of them were written on the rhymes of Al-Khalil, while others weren’t written on this same rhyme. Also, Zajal has pointed out the same ideas that were involved in Al Muwashahat and in the traditional poem.

Zajal is still present in our current century, especially in Lebanon, and it has been affected by the traditional Arabic poems. Thus, we can find clear common grounds between the rhymes of Zajal and the Aruud of Al- Khalil Ibn Ahmad. That, and the Zajal has evolved and improved in terms of its shapes and rhymes till it reached the way it is present today in Zajal teams and the word duels that happen between them.

Key words: zajal-Alkhalil poetic meter-traditional poem-Muwashah-Alandalus-Zajal purposes.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* طالبة دكتوراه لغة عربيّة جامعة الجنان – قسم اللغة العربية. sawsan.malak.essa@gmail.com

المقدّمة

         تمثّل الأندلس في التّاريخ الإسلامي والغربي حِقبة مزدهرة، وعصرًا مشرقًا بوصفه أرقى البلدان العربية الإسلامية، وقد أنشأ المسلمون بالأندلس على ما يزيد عن ثمانية قرون من الزّمن، حضارة ورقيًا، عرفت بحضارة الأندلس، وقد كان الأدب على اتّصال بالبيئة والحياة الاجتماعيّة والسياسيّة والفكريّة، وقد ظلّ الأدب الاندلسيّ بعد الفتح الإسلامي تقليدًا للأدب المشرقي حتّى عصر الإمارة، وفي عصر الخلافة الأموية بالأندلس، وقد تأثّر بصبغة عامّة والشّعر بصبغة خاصّة بالمجتمع والبيئة الأندلسية، حتّى أصبحت تميّزهم عن غيره وتضفي عليه طابع المحليّة، وقد استطاع أهل الأندلس أن يبتكروا نمطًا جديدًا من الشعر له بناؤه الخاصّ، ولغته المميّزة وإيقاعه المتعدّد، فكان الموشّح والزجل مولودًا جديدًا يضاف إلى نظم الشّعر العربي، وقد زاد في انتشاره وشيوعه انتشار الأمراء والملوك به خاصّة في عهد المرابطين، وارتبط هذا اللون بالموسيقى والغناء، حتّى أنّه ما يزال الشّعراء ينسجون على منواله وما يزال مستمرًا بأشكاله المتعددة في الكثير من البلاد العربية.

         أهمية الموضوع: تنصب أهّمية هذه الدّراسة حول الزجل في الأندلس بوصفه لونًا من ألوان الأدب، التي استحدثها أهل الأندلس رغبة  منهم في التّجديد والتّحرر من نظم القصيدة التّقليدية بالإضافة إلى ابتكار فن ملائم لحياتهم الاجتماعية في تلك الحقبة. لقد تميّز الزّجل من غيره من ضروب الشّعر في أمور عدّة فقد جاء تقليدًا للموشّح لكنه يختلف عنه في اللغة وأحيانًا في الشكل.

         سبب اختياره: اخترت موضوع الزجل في الأدب الأندلسي، وذلك لأنّه بينما كنت أقلّب صفحات كتب عن الأدب الاندلسي لا سيّما مظاهر التّجديد في ذلك الأدب لفتني هذا الموضوع، فقررت أن يكون موضوع البحث عن الزجل الأندلسي، وقد انتقيته لميلي الشديد إلى الزجل الذي يعدُّ من أروع الكنوز الأدبيّة، التي تركها العرب والتي تحلّت بمقوّمات فنية وجمالية كبيرة. هذا من الناحية الذّاتيّة، أمّا السّبب الموضوعي فإنّه لفتني جدًا، بعد اطلاعي على الكتب والرّسائل الجامعيّة، التي تناولت مظاهر التجديد في الأدب الأندلسي بما فيها الموشّح والزّجل.

         الإشكاليّة: تتلخّص إشكالية هذا البحث في مجموعة أسئلة:

1 – هل استطاع الزجل الأندلسي أن يلبّي مشاعر الشّاعر الأندلسي ورغباته؟

2 – إلى أي  مدى كان الزجل مترجمًا للأغراض الشعرية المتعدّدة؟

3 – هل مازال الزجل حاضرًا فعليًا في وقتنا الحالي؟

         خطّة البحث: من خلال هذا الموضوع ارتأيت أن يكون البحث ضمن فصل واحد مقسّم إلى ثلاثة مباحث ومقدمة.

في المقدمة ذكرت تعريف الزجل لغة واصطلاحًا، ثم في المبحث الأوّل تحدّثت عن نشأة الزّجل ومخترعه وبناؤه وأوزانه، وفي المبحث الثاني تحدّثت عن أغراض الزّجل وأبرز الزجالين وفي المبحث الثالث تحدثت عن الزجل بعد الأندلس لاسيّما الزجل اللبناني وأبرز الزّجالين اللبنانيين.

1- الزجل لغة واصطلاحًا: إنّ الزّجل في اللغة الصّوت، ويسمّى الحمام زاجلًا لصوته الرّخيم، قال ابن منظور “في لسان العرب: “إنّ الزّجل بالتّحريك اللعب والجلبة ورفع الصّوت، وخصّ به التّطريب”([1]) وجاء في “العاطل الحالي” للحليّ قوله: “والزجل في اللغة، الصّوت يقال سحاب زجل، إذا كان فيه الرّعد، ويقال لصوت الأشجار، والحديد، والجماد أيضًا زجل فالزّجل في اللغة هو الصّوت بتعدّد مصادره، وقد يكون متخصّصًا  بنوع من الغناء، وقيل في سبب تسمية هذا النّوع زجلًا”([2]) لأنّه لا يلتذ به وتفهم مقاطع أوزانه حتّى يغنى به  ويصوّت. الزّجل في الاصطلاح ضرب من ضروب النّظم يختلف عن القصيدة من جهة الإعراب والقافية، كما يختلف عن الموشّح من جهة الإعراب، ولا يختلف عنه من جانب القافية إلا نادرًا.

ويعرّف أحمد مجاهد الزجل بقوله “شعر عامّي لا يتقيّد بقواعد  اللغة، وخصوصًا الإعراب وصيغ المفردات، وقد نظم على أوزان البحور القديمة، وأوزان أخرى مشتقّة منها([3]) إنّ تعريفات الزّجل لا تختلف عن تعريفات الشّعر، والجدل الدائر حولها هو استخدام اللهجات العاميّة وترك الفصحى، وهو ما عبّر عنه صفي الدين الحلّيّ في كتابه “العاطل الحالي”.

         نشأة الزجل: أكّد دارسو فنّ[1] الزجل قديمًا وحديثًا أن الزجل هو بأتي في المرتبة الثانية في فنون الشعر المستحدثة في الأندلس بعد الموشّح ومن هؤلاء: ابن سعيد صاحب كتاب المغرب، وابن خلدون صاحب كتاب المقدّمة، والمقّري صاحب كتاب نفح الطّيب. وقد أجمعوا أنّ الزجل كان موجودًا قبل ذلك الزّمن، وذلك العهد إلّا أنّه كان خافتًا عديم اللمعان والبريق.([4]) وأوّل من درس فنّ الزّجل من القدامى حسب ما وصل إلينا هو صفيّ الدين الحلّيّ (ت749ه-1348م) في كتابه “العاطل الحلي والمرخص الغالي” الذي فصّل فيه (فنّ الزّجل) ودرسه بإسهاب”([5]).

أمّا بقية المصادر الأندلسية فلم يصل إلينا منها  شيء عن الزجل وخصائصه الفنيّة، إلّا بعض الملاحظات  عن الزجل، ونشأته وتدوينه وبعض الزجالين. أمّا المحدثون من عرب ومستشرقين، فقد اتّفقوا على أنّ هذا الفنّ هو فنّ أندلسي مستحدث، نشأ في الأندلس، ثمّ انتقل إلى المشرق، واختلفوا في علاقة الزجل بالموشّح فمنهم من عدَّ أنّ الزجل نشأ تقليدًا للموشّح ومنهم من يذهب إلى أنّ نشأته ترفع إلى أغانٍ رومانسيّة اسبانيّة، شأنه في ذلك شأن الموشّح، وهذا ما أكّده أنجل  بالنثيا.

وقد تبنّى هذا الرأي من العرب شوقي ضيف، إذ يذهب بالقول”إنهما جميعًا فنّ واحد ذو شقين، شعبة تغلب عليها الفصاحة، وشعبة تغلب عليها العجمة ([6])، وقد اتّفق مؤرخو الأدب الأندلسي على أنّ الموشّح نشأ قبل ظهور الزجل، ومنهم ابن خلدون في كتابه المقدّمة إذ يذهب إلى القول “ولمّا شاع التّوشيح في أهل الأندلس، وأخذ به الجمهور لسلالته وتنميق كلامه وتصريع أجزائه، نسجت العامّة من أهل الأمصار على منواله، ونظموا في طريقته بلغتهم الحضرية من غير أن يلتزموا فيه إعرابًا واستحدثوا فنًّا سمّوه الزّجل([7]).

نستنتج من قول ابن خلدون أنّ الزّجل الأندلسي جاء مقلّدًا للموشّح ، وأهل العامّة في الأندلس هم الذين نسجوا الأزجال على منوال الموشّحات، من دون أن تكون هذه الأزجال شعرًا ملموسًا، فهي تكاد تكون فصيحة لذلك وصفها ابن خلدون بالحضارية، إلّا أنّها ليست معربة. وقد نعتها ابن خلدون في “المقدمة “بالحضرية لاعترافه باختلافها عن اللغة العاميّة . ولا يمكن القول إنّ العوام عندما عجزوا عن نظم الموشّح لجأوا إلى نظمه بعاميّة الأندلس، وسمّوه الزجل وذلك:

1- إنّ الذين أنشأوا الزجل هم المثقفون الذين كانوا ينظمون القصائد الفصيحة.

2- إنّ عامية أهل الأندلس كانت بعيدة بعدًا شديدًا من اللغة الفصحى لاتصالها بلهجات متعددة غير عربية من جهة، واختلاف أصول الأندلسيين من جهة أخرى “فلو كانت لغة الزجل الأندلسي هي لغة العامّة نفسها لما انتشرت أزجال الاندلسيين في العراق وبلاد الشّام واستعذبها المشارقة ونسجوا على منوالها”([8]) . ومن المعروف أنّ الأزجال ظهرت ونشأت قبل أبي بكر بن قزمان، ولكن لم تظهر ملامحها ولا انسكبت معانيها ولا اشتهرت رشاقتها إلّا في زمانه([9]). ونستطيع أن نستخلص أنّ الأزجال التي قيلت قبل ابن قزمان كانت بلغة العامّة تتعدد لهجاتها، أمّا أزجال ابن قزمان وما تلا بعده هي تطوّر للأزجال التي انتشرت في بلاد المشارقة ونسجوا على منوالها. لقد زعم بعض الباحثين أنّ الزّجل الأندلسي نشأ تقليدًا لأغانّ إسبانيّة المعروفة بالأغاني الرومانثية،  شأنها في ذلك شأن الموّشحات ويعود هذا الرأي للمستشرق بالنثيا، إذ يذهب بالقول: “إنّ سعيد بن عبد ربّه صاحب العقد الفريد، كان اوّل من نظم الأزجال وكان معنيًا بكتابات الإغريق، وعلوم الأوائل والفلسفة وكان صعب العشرة يتكلّم لهجة دارجة، واجتهد في تجويد الأزجال يوسف هارون الرمادي شاعر المنصور”([10]). بناء على قول بالنثيا يتّضح أنّ الزجل والموشّح ظهرا معًا ويخلط بينهما مستدلًا بما أورده ابن بسّام، وذلك لكي يرجع كلًا من الموشّح والزّجل إلى أصول شعبة إسبانيّة والنصّ الذي استدلّ عليه بالنثيا، هو من كتاب الزخيرة الذي لم يتحدّث عن أصل الزّجل، إنّما تتحدّث عن أصل الموشّح، وقد حاول كذلك إخفاء حقيقة أنّ الزّجل فنّ أندلسي، استحدثه أهل الأندلس المسلمة، وقد نشأ بعد نشوء الموشّح لا معه ولا قبله، ولم يصل إلينا منه  إلّا ما قد  قيل في زمن ملوك الطوائف (الخامس الهجري)، وقد اتّضحت خصائصه الفنيّة في هذه الحقبة، وما قد قيل قبل ذلك فقد ضاع مع ضياع الموشّح في أوّل ظهوره، أي لم يقوموا بتدوينه لأنّه عدّوه ركيكًا. أمّا في القرن السادس الهجري، ازدهر الزجل وقد أرجح عبد العزيز الأهواني سبب ازدهاره إلى عدم اتقان المرابطين اللغة الفصحى، إذ لم يلق الشعراء منهم تشجيعًا فمالوا إلى الزجل([11])، وينفي محمد عباسة ذلك للأسباب الآتية:

1- المرابطون هم البربر، ولم يكونوا عجمًا، ولا يصحّ القول إنهم لا يتقنون العربية الفصحى.

2- إنّ الذين فتحوا الأندلس، هم من أجداد المرابطين والموحدين، ولغتهم الرّسميّة كانت العربية الفصحى.

وقد ازدهر الزجل في عصر المرابطين وذلك لعدم اتقانهم اللغة العربية، ما أدّى إلى عدم اهتمامهم بالشّعراء الّذين ينظمون قصائد تقليديّة، فشجّعوا الشّعراء الزجالين من جهة كما كان لخروج الزجل إلى الأسواق والطّرقات العامّة حتّى كثر الزجالون وسقط في اللفظ السّوقي.

         مخترع الزجل: اختلف المؤرخون القدامى، عن أوّل زجّال في الأندلس، فقد ذكر صفي الدين الحلّي، أنّ مخترع الزّجل هو يخلف بن راشد وقيل مدغليس([12])، ويذكر ابن حجّة الحموي بعض الآراء، فيقول “قيل إنّ مخترعه ابن غزالة واستخرجه من الموشّح، لأنّ الموشّح مطلع وأغصان وخرجات وكذلك الزجل الفرق بينهما الإعراب في الموشّح، واللحن في الزجل، وقيل يخلف بن راشد، وكان هو إمام الزجل قبل بن قزمان، وكان ينظم الرقيق ومال النّاس إليه” فلما ظهر أبو بكر بن قزمان، ونظم السّهل الرقيق، مال النّاس إليه وصار هو الإمام بعده”([13]). يتّضح لنا مما سبق أنّ هذه الآراء قد أوردها كبار المؤرخين إلّا أنّها ليست دقيقة، لأنّهم لم يحيطونا بالحقائق التاّريخية لأولئك الزّجالين، كما أنّ ابن غزالة ومدغليس عاشا في المرحلة الثالثة من مراحل تطوّر الزجل، فكيف يكون هذان الزجالان مخترعين للزجل؟ ويذكر أن ابن قزمان أوّل من اخترع الزجل، وسبب ذلك أن هذا الأخير”حين كان صغيرًا في المكتب، دخل عليه صبي صغير مثله، فناداه وأجلسه بجانبه، وصار يحييه، فرآه الفقيه على ذلك فضربه، فكتب في أعلى اللوح هذا المقطع:

الملاح أولاد إمارة                        والوحاش أولاد نصاره

وابن  قزمان جا يغفر                   ما قيل له الشّيخ غفاره

فاطلع الفقيه على اللوح، فرأى هذا المطلع فقال: هجوتنا بكلام مزجول يعني مقطعًا يترنم فيقال سمّي زجلًا من هذه الكلمة([14]). لكن هذه الرواية غير صحيحة فابن قزمان يعترف أن هناك زجليين قبله، وذلك حين عاتب المتقدمين قبله بقوله: “لقد رأيت النّاس يلهجون بالمتقدمين، ويعظمون أولئك المتقدمين، ويرون لهم مرتبة العليا، والمقدار الأجزل وهم لا يعرفون الطريق”([15]). لا يفتقر للفطنة ابن قزمان، يقول عنه لسان الدين بن الطيب: “إنّ هذه الطريقة الزجليّة البديعيّة بلغ فيها أبو بكر بن قزمان مبلغًا عظيمًا فهو آية وحجتها البالغة وفارسها المعلم والمبتدئ فيها والمتمم”([16]). وقد قال عنه الحجازي إنّه “كان في أوّل شأنه مثقلًا بالنظم المعرب، فرأى نفسه تقصر على شعراء عصره كابن خفاجة وغيره، فعمد إلى طريقتة لا يمازحه فيها أحد، فصار إمام الزجل المنظوم بكلام عامة النّاس”([17]). فابن قزمان إمام الزجالين في جميع العصور، عاش في عصر المرابطين وأدرك عصر الموحدين، واعترف له المؤرخون بتطويره لهذا الفن، وإبداعه فيه ويعدّ إمام الزجالين بالأندلس على الاطلاق([18]).

         بناء الزجل: اصطلح الزجالة على أقسام أزجالهم بمصطلحات الموشّح فقد تحدّثوا عن المركز والخرجة والمطلع  والبيت، وهي من المصطلحات التي ذكرها الوشّاحون، وهذا دليل آخر على أنّ الزجل تفرّع من الموشّح واستعار منه أقسامه ومصطلحاته وللتشابه الكبير بين الموشّح والزجل، عدّ القدامى مصطلحات التّوشيح قاسمًا مشتركًا بين الفنين، ولدراسة بناء الزجل سنستعين بزجل من أزجال ابن  قزمان وهو من أبسط طرائق نظم الأزجال؛ قال ابن قزمان: ([19])

لس نفيق من ذا الصّدود أبدا

أو نعنق في ذراعي الحبيب

بي نكد بليت أنا وَي عذاب

الوصال يا قد نُسي  بالعتاب

قد نحل جسمي ورقّ وذاب

ورجعت أرقّ من خيط ردا

لس بجسمي ما يطب طبيب

سبحان الله آش هاذا الجمال

يسحر العالم بعينين غزال

وحواجب عرفت باعتدال

فترى وردًا عجيب قد بدا

قد فتح في خدّ مثل الحليب

الحجال بذا المليح تفتخر

في ضيا خد يحير القمر

ذا الديباج لم قط يرى لبشر

نرضى أن نعطي فوادي فدا

في قطيره من وصال الحبيب

سريان لي عند زهر نريد

وهواه في كل ساعة يزيد

كل يوم نصبح لعشقًا جديد

وحبيب قلبي عليّ عدا

فانا من اجل هم كئيب

ذا الطبع في ذي المدينة ردي

الملاح يزيدوا في نكدي

يصلوا للعاشق البلدي

والذي نعشق هجر واعتدى

ولكن الله لكلّ غريب

قلت لو لمّا عتب وجفا

وعطاني من صدود ما كفا

اين أين توعدني قط عن وفا

قل متى تجين ؟ قال غدا

وغدًا للناظرين قريب

هذا الزجل من النماذج التي أكثر من نظمها الزجالون، وهو يتكوّن من القوافي التي نرمز لها بحروف (أ ب ج ح ج أ ب س س س أ ب) ويشبه الموشّح في شكله البسيط لجهة القافية، وعدد المقطوعات إلى حدّ ما، فليس من فرق بين الموشّح والزجل من جهة الشكل ما يتركّب من الموشّح يتركّب منه الزجل كالمطلع والبيت والقفل والخرجة. يتكوّن هذا الزجل من ستّة أبيات وسبعة أقفال وهو زجل تام، المطلع في الزجل الذي مثلنا به هو:

لس نفيق من ذا الصدود أبدًا

أو نعنق في ذراعي الحبيب

ويتكوّن من جزأين مختلفي القافية (أ- ب) وهذه القافية تتكرر بعد الأبيات في جميع أقفال هذه القطعة، وإذا كان المطلع يتكوّن من جزأين مختلفي القافية فالجزءان يتكرران ضروريًا في الأقفال كالزجل:

ورجعن أرق من خيط ردا

لس بجسمي ما يطب طبيب

ويتكوّن المطلع في أغلب الأحيان من جزأين والقفل من جزء واحد، وهذا الشكل جاءت عليه أكثر الأزجال وخاصّة أجزال ابن قزمان، والبيت في الزجل الذي أوردناه يتكوّن من ثلاثة أجزاء مفردة جاءت على قافية واحدة  وهو:

بي نكد بليت وأنا وي عذاب

الوصل يا قد نسي بالعتاب

قد نحل جسمي ورقّ وذاب

والبيت لا يزيد على فقرتين في الأزجال، ويتكوّن البيت من ثلاثة أجزاء في الأزجال الأندلسيّة، وقد يصل إلى أربعة في بعض الأحيان([20])، وينبغي ألا يزيد البيت على هذا العدد وإن تعداه في الأزجال الشاذّة، أمّا البيت الذي يتكوّن من أربعة أجزاء فيجب أن يكون مفردًا، أمّا البيت الذي أجزاؤه مركبة فلا يزيد على ثلاثة أجزاء ويجب أن يكون البيت متفقًا في الوزن وعدد الأجزاء مع بقية الأبيات الأخرى، لكنه لا ينبغي أن تكون جميع الأبيات على قافية واحدة لكلّ بيت قافية معينة([21]).أمّا الخرجة فهي القفل الأخير من الزجل، والقفل الأخير من الزجل في المثال هو:

قل متى تجين ؟ قال غدا

وغدًا للناظرين قريب

جاءت هذه الخرجة معربة وقد بناها ابن قزمان على الحكمة، أمّا إذا كانت بلغة غير معربة أو بالعاميّة فتصدر بألفاظ أنشد، أغني  وغيرها، وذلك في البيت الأخير من الزجل حتّى يتبيّن للسّامع أن الزجل قد أوشك على الانتهاء، وستأتي الخرجة وغالبًا ما تكون بلغة فصيحة، لأنّ الزجل ينظم بلغة غير معربة أمّا ما يشبهها ولا بدّ من تمييز الخرجة ، لذلك يلجأ الزجال الأندلسي إلى نظمها باللغة الفصحى.

         أوزان الزجل: بما أنّ الموشّح هومن الشعر الفصيح، وهو سبب في ظهور الزجل فكان من الطبيعي أن تكون أوزان الزجل من أوزان الشّعر العربي، لكن ليس كلّ أوزان الزجل هي من البحور التي استنبطها الخليل من الشعر، فمنها ما يوافق الأوزان الخليليّة ومنها ما هو فرع، وهو الغالب في الأزجال الأندلسية قال صفي الدين الحلي: “إنّ الزجالين الأوائل جعلوا الأزجال قصائد وأبياتًا مجرّدة في أبحر عروض العرب، وهذه القصائد لما كثرت واختلفت عدلوا عن الوزن الواحد العربي إلى تفريع الأوزان المتنوعة، وتصنيف لزومات القوافي وترتيب الأغصان بعد المطالع، والخرجات بعد الأغصان إلى أن صار فنًا لهم بمفردهم”([22]). من خلال ما ورد نخلص إلى أنّ الأزجال الأولى نظمت على منوال الموشّحات التي ظهرت في القرن الرابع الهجري والتي جاءت على البحور الخليليّة ولم تصل إلينا. ولا نعتقد أنّ الحلي كان يتحدّث عن الشّعر الملحون، لأنّ هذا النّوع من الشّعر لا ينظم على أوزان الخليل، وعلى ضوء ذلك نستخلص أن الأزجال الأولى جاءت على الأعاريض الخليلية قبل ان تتنوع أوزانها([23]). وقد جاء في (المقدمة) أنّ المتأخرين كانوا ينظمون الأزجال على سائر البحور الخمسة عشرة، لكن بلغتهم العاميّة ويسمونه الشعر الزجلي([24]). ويفهم من هذا الكلام أنّ أوزان الأزجال انتقلت من التّفريع إلى الأصل الخليلي عند المتأخرين من الزّجالة، لكننا لا نوافق ابن خلدون على أن الزجل الذي جاء على أوزان الخليل نظم بالعاميّة، لأنّ العاميّة غالبًا ما يبدأ بالنطق بها بسكون وينتهي بسكون، من الصّعب أن تساير البحور الخليليّة التّامّة، بل أكثرها جاء على أجزاء  الأوزان، فلغة الزجل ليست العاميّة الأندلسية وإن تخللتها ألفاظ دارجة بل هي لغة غير معربة.

أغراض الزّجل: تناول الزجل الأغراض الني تناولتها القصيدة التقليديّة، وقد نظموا في الغزل والمدح والخمر والزّهد وغير ذلك من فنون الشّعر العربي القديم:

1- الغزل: جاء الغزل مصاحبًا للهو والمجون ويدلّ هذا على أن بعض هذه الأزجال نظمت في مجالس الأنس، والطرب ومن الأزجال التي انفردت بالغزل العفيف زجل لمدغليس يقول:

قد رحلت أنا وقلبي                 إيش يكون منّي ومنو

ولا يشفقوا عليّ                     ذا الملاح ولا يحنو

قد قسمت أنا وقلبي                 الهوى بلا مناعس

فخرجت أنا للأفكار                 وخرج هو للوساوس

فهو كل حد في راحة              ونحن في حرب داحس

نضربو أخماس في أسداس       من حساب لم نظنو([25])

2- وصف الطبيعة: إنّ الطّبيعة الخلّابة قد فتنت شعراء ووشاحي الأندلس، ما جعلهم يتغنون بجمالها كما في قول أبو علي بن أبي نصر الدباع:

لا شراب إلّا في بستان           والرّبيع قد فاح بنوار

يبكي الغمام ويضحك                أقحوان مع بهار

والمياه مثل الثّعابين                  في ذلك السّوقي دارو

والنّسيم عذري الأنفاس             قد نحل جسم وقد رق

وعشية مليح فتنة                     عنه المسك ينشق

والطيور تحكي المثاني          وتسقها أحسن سياقا

في ثمار يلهون                      لزمان العشق طاقا

فغصن لآخر يقبل                    وقضيت لآخر يعنق

فنجد توظيف التشبيهات والاستعارات العذبة في  وصف الطبيعة مفصّلًا ودقيقًا.

3- الخمريات: ومن الفنون التي تناولها أهل الأندلس في أزجالهم وصف الخمر والتّغنّي بها، وقد كان الأندلسيون يحتسون الخمر في مجالس اللهو والأنس، وقد كان ابن قزمان يتردد على هذه المجالس وله زجل يقرر فيها أن الحياة إنّما هي لهو وشرب عشق ،وما عدا ذلك من الدّنيا لا قيمة له في نظره، ومما قال:

دنيا هي كم تراها فاجتهد واربح زمانك

كلّ يوم وكل ليلة لا تخلى مهر جانك

واسع عليه من قبل أن يجيء الموت  في شأنك

لس ذي عندك مصيبة والدنيا حيَا ؟

ساع دون شريب عندي لا شكل ولا ملاحة

واسِ يوم بلا رقاعة وأش يوم بلا وقاحة

لس عند اللذلذة ولايد الرّاح واحة

حتّى تدخل شقة الكأس بالشّراب بين شفتيا([26])

4- المدح: طرق الزجل موضوع المدح، وقد أكثر منه الزجالون ومزجوه بأكثر من موضوع، وهو بذلك يأتي على طريقة الموشّح والقصيدة التقليدية في هذا الغرض، ونجد الزجل في قصيدة لابن قزمان الذي بنى قصيدة زجليّة مدحيّة من دون ربطها بغرض آخر عندما مدح القاضي ابن الحاج يقول:

وصل المظلوم لحق وانتصف غني ومسكين

يحضر الإنكار والإقرار ويقع الفصل فالحين

اجتمع فيه الثلاثة: الورع والعلم والدين

فيزول الحقّ إذا زال ويدوم الحقّ إذا دام

وترى طالب ومطلوب لس ترى زوار جلاس

إلّا أن كانت ضرورة كلمة كلمتين فلا بأس

مِرآت يا قاضي للجماعة جزاك الله خير عن الناس

إن مذ كنت أت حاكم عرفت شروط الأحكام

أيّ نهار نراك في دارك وأتِ قد جلست للناس

والخصام يعطي ويمنع الزحام وحرب الأنفاس

والمواريث والجنايات والنظر فأموال الأيتام([27])

وقد جاءت معظم أجزال المديح ذكر خصال الممدوح، وصفانه الحميدة وتمجيده، ولم يختلف المديح في هذا الغرض عن القصيدة التقليديّة والموشّح “غير أن الزجالة قد خالفوا الوشاحين في بعض أزجال المديح، فبينما كان الوشاح يختم موشحته بخرجة فصيحة احترامًا للممدوح، كان زجال القرن السّادس الهجري يصدر زجله بمقدمة زجلية ماجنة أحيانًا”([28]). ما يؤكّد أن الشخصية الممدوحة، كانت تتذوق مثل هذه المقدمات في ذك العصر.

5- الهجاء: إنّ الهجاء هو الغرض المناقض للمديح، وقد تطرق الزجالون إلى موضوع الهجاء بقسوة، فشعراء القصيدة التقليدية قد بالغوا في حينما تطرقوا لهذا الغرض، وقد كان الزجالون أشدّ فحشًا منهم، خصوصًا أن ألفاظ الفحش والتهكم أكثر وفرة في العامية منها إلى الفصحى([29])، ونجد نوعان من الهجاء: أهاجي تتسم بروح الخفّة والسّخرية اللاذعة والفكاهة الخفيفة، وهجاء خالص يجنح إلى الفحش والقذف وإيثار التّصريح على التّلميح. ومن الأزجال التي بنيت على الهجاء وحد، زجل الحسن بن أبي الدّباغ، إمام الهجو الذي قاله في طبيب:

إنّ ربت من عداك يشتكي من تلطيخ

وتريد أن يقبر  احمل للمريخ

قد خلف ملك الموت بجميع إيمان

ألا يبرح ساعة من جوارد كان

ويريح روح ويعظم شان

لقد اتسم هذا الزّجل، بخفّة الرّوح والنّكتة البارعة، ومن الهجاء الخالص الذي يجنح إلى الفحش زجل ورد لأبي علي الدباغ، أقدم فيه على هجاء أم شخص، يدعى الجرنيس النيار لما أصابته مصيبة الموت، وكان الدّباغ ماهرًا في الهجاء، فنعتها بأحط النّعوت كالدّعارة والفسوق، من دون أن يحفظ حرمة الميت يقول:

عزوا ابليس ونوح يا كفَار

ماتت أمّ الجرنيس النيار

كل شاطر إن كان  في ذا الجيها

حلف الموت ألا يخليها

وأي رزيا جرت على الشطار

بيها كان الربض يفوح… ك

وتزين قبح المعاصي إليك

متحل ابليس حتى تقع فالعار

خلت أولاد بحل فراغ البوم([30]).

6- التصوّف: من المواضيع التي تناولها فن الزجل، هي التّصوّف فقد كان أبو الحسن الششتري، أوّل من أدخل التّصوّف في الأزجال، ومن أزجال الششتري:

لله لله هاموا الرّجال                          في حبّ الحبيب

الله الله معي حاضر                          في قلبي قريب

إدّلل يا قلبي                                   وافرح حبيبك

واتنعّم بذكر                                   مولاك وقصّ الأثر

واتهنّى وعش                                  مدلل ما بين البشر

دعوني دعوني نذكر                          حبيبي بذكرو نطيب

الله الله معي حاضر                            في قلبي قريب[31]

وقد عبّر الشششتري عن أدقّ المعاني الصوفية ونزل إلى العامّة، فتداولوه في ما بينهم، وأنشدوه في مجالسهم، وقد غلبت الأزجال الصوفيّة في ديوان الششتري على القصائد الصّفيّة، فتكاد تصل إلى المائة وهو عدد كبير، إذا قورن بشعره الصّوفي الذي لا يتجاوز إحدى وأربعين قصيدة، ما يدلّ على غلبة روح الزّجل عليه أكثر من الشّعر([32]).

1- الزجالون: ابن قزمان أبو بكر محمد بن عبد الملك بن قزمان القرطبي المتوفى سنة (533ه – 1160م) إمام الزجالين على الإطلاق([33])، وقد اشتهر بالأزجال في الأندلس ونظم كذلك الموشّحات، عاب على متقدميه أزجالهم ووصفها بالبرودة، ويعدّ ديوانه المطبوع من أنفس الآثار الأدبية في الأندلس، ولم يصل إلينا كاملًا ([34]).

2- مدغليس: عبد الله بن الحاج الزجال المعروف باسم مدغليس (ت554-1160ه) عاش في عصر الموحدين، ولمدغليس قصائد زجلية على أوزان العرب أوردها الحلي في العاطل وله أزجال في كتاب (المغرب)([35]).

– الزجل بعد الأندلس: إنّ الزجل الذي اشتهر في الأندلس وشاع في خارجها خرج منها تمامًا بعد سقوطها، وانتشر في البلاد العربية المشرقية وتفرّق في البلاد العربية بين شعر نبطي محافظ على خصائصه الزجليّة القديمة (في منطقة الخليج خصوصًا، وهو خليط  من الزجل الأندلسي، والشّعر العاميّ العربي القديم الشفهي غير المدوّن المشابه للشعر الفصيح) وشعر وسيط بين النبطي والزّجل اللبناني (في العراق ومصر) وزجل لبناني غير سابقيه إلى حدّ وانبثق في بداياته من الأناشيد السّريانية مع وزنَيْ القرادي والمعنّى، ثمّ تطوّر في أوزان عربية لاحقً، فالشّعر العاميّ المشرقي كان له تأثير أكبر من زجل الأندلس في شعر العامّة في تلك المنطقة، فلا نرى أن الزجل الأندلسي، هو ما أثّر في تكوين الزجل اللبناني تأثيرًا فاعلًا، “فالقرادي والمعنّى يظلان العمود الفقري للزجل اللبناني عند شعراء الزّجل”([36])، ويمكننا القول إنّ الزجل اللبناني منشؤه هو في لبنان أساسًا لا في أي مكان آخر، وقد تكون الأمثال الشعبية العامل الأوّل المساعد لتداول الزجل([37]).

– الزجل اللبناني: انتشر الزجل اللبناني في القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، وتطوّرت معانيه وانضبطت أوزانه وقوافيه، ومردّ هذا إ لى انتشارالمدارس في المدن اللبنانية([38])، وكان النصف الأول من القرن العشرين مرحلة ارتقاء الزجل الكبرى، إذ راحت ملامحه تتبلور بفعل انتشار الثقافة بين اللبنانيين، “فانتظمت أوزانه وتعددت طرقه، وكثر ناظموه ومتذوقوه”([39]). فالزّجل اللبناني يعرف وحدة في الوزن والقافية تمامًا كما هي الحال في الشعر الفصيح، وأوزانه تشبه في نظمها بحور الخليل “كما أن أوزان الزجل أقرب إلى نفوس اللبنانيين من أوزان الشعر الفصيح، لأن اللغة التي ينظم بها أقرب إليهم”([40]).

مراحل الزجل اللبناني: يمكننا تحديد مراحل الزجل اللبناني إلى ثلاث مراحل:

– الأولى: تبدأ مع سليمان الأشلوحي، مرورًا بالقلاعي.

– الثانية: تمتدّ في القرن التّاسع عشر، حتّى أواخره مع حكم الأمير بشير الشهابي، وهذه الحِقبة شهدت انتشار ما يسمّى الغناء البلدي.

– الثالثة: تبدأ تقريبًا في مستهلّ القرن العشرين ،ولا تزال وفيها شهد الزّجل اللبناني نهضته الكبرى، وتأسست الفرق الزجلية وتأثّر الزجل بالشعر العربي العاميّ “وإذا أردنا أن نكون أكثر تحديدًا قلنا أن الزجل اللبناني منذ منتصف خمسينيات القرن العشرين تقريبًا، وصولًا إلى منتصف السبعينيّات عرف عصره الذهبي”([41])، ثمّ ما لبث أن خفت قليلًا خلال الحرب اللبنانيّة، ليعود إلى الانتشار مجددًا بعد نهايتها  وما يزال، وكانت الصحافة الزجلية قد سبقت هذه المرحلة في مرحلة قصيرة إذ بدأت العام 1933 بظهور مجلّة (الزجل اللبناني)، وأخذ المنبر الزجليّ شكله المتعارف عليه في هذه المرحلة، وهو يتألف من أربعة شعراء ثلاثة منهم يستعملون الدّف وواحد منهم يستعمل الدربكة، ويبدأ الحوار الشّعري بين الأربعة ، كلّ اثنين “وصلة” في موضوع أو عدد من المواضيع، على أنغام القرادي ثمّ المعنّى والقصيد ثمّ الموشّح، وأبو الزلف ثمّ العتابا ويكون وراء الشّعراء أربعة رديدة، وأمامهم طاولة عليها ما لذّ وطاب من المأكل والمشرب([42]).

1-نماذج زجلية لبنانية:زغلول الدّامورلّأ

جوزيف الهاشم الملقّب باسم زغلول (1925-2018) شاعر لبناني من أشهر شعراء الزجل، ولد في بلدة البوشرية بقضاء المتن، والده مخايل الهاشم من الدامور ووالدته سيسيليل جرجورة العيراني من عاريا، تلقى علومه في مدرسة جديدة المتن الكبرى([43]).

كان عيوني يفرحو ويكيفو

واليوم لا انضافو ولا عادو يضيّفو

طارو العصافير اللي كانوا بالقفص

مدري عا أيبا غصن راح يضيّفو

يا حلوة الحلوين يا قطرة ندي

كرمالك العصفغور عالشجرة عدي

لا ينشغل بالك ولا تتعقدي

2- طليع حمدان: طليع نجيب حمدان، ولد العام 1944 شاعر لبناني يعرف “بأبو شادي” لقّب بشاعر المنبرين، يعدُّ أحد أبرز شعراء المنبر الزجلي، غنّى في مواضيع مختلفة منها للمغتربين وأخرى للشعب الفلسطيني، ونظم العديد من القصائد التي غناها بعض النجوم والفنانيين العرب. ومنها هذه القصيدة التي ألقيت في مهرجان التبغ في الجنوب:

ذوب يا شمع المنهنه ذوب

وعا شمعدان الشعر دمع سكوب

وعا سكب دمعك بسكب الأفكار

تا يسكر المسكوب عا المسكوب

نحنا صحاب البيت  مش زوار

جينا عا هالأرض الملاني طيوب.

الخاتمة

تعدّدت موضوعات الزجل من غزل، ووصف وهجاء ومدح وقد انتشر الزجل، الذي يعدُّ من مظاهر التجديد في الأدب الأندلسي، ولاقى استحسانًا لسهوله قوله، وقد نُظِم بعضه على أوزان البحور الخليلية، كما أن الزجل انتشر في العالم العربي المشرقي، وظهرت فيه مواصفات خاصة لا سيما في لبنان.

الهوامش

2- صفي الدين الحلي، العاطل الحالي والمرخص الغالي، ص10.

3- أمين القاري، روائع الزجل، 1998، ص5.

4- فوزي عيسى، الشعر الأندلسي في عصر الموحدين، ص441.

5- محمد عباسة، الموشحا ت والأزجال الأندلسية  وأثرها في شعر التروبادور، ص106.

6- شوقي ضيف، الفن ومذاهبه في الشعر العربي، ص454.

7- محمد عباسة، الموشحات والأزجال، ص109.

8- م. س، الموشحات والأزجال، ص109.

9- بالنثيا، تاريخ الفكر الأندلسي، ص156.

10- عبد العزيز الأهواني، الزجل في الأندلس، ص55.

11- ابن حجة الحموي، بلوغ الأمل في فن الزجل، ص52.

12- محمد بن عبد المؤمن، الأدب الأندلسي التطور والتجديد، ص416.

13- ابن قزمان، أبو بكر، الديوان ، ص2.

14- عبد العزيز سالم، الأندلس فصل الحياة العلمية والأدبية بالأندلس، ص204.

15- محمد بن شريفة، تاريخ  الأمثال والأزجال في الأندلس، ص9.

16- ابن قزمان، الديوان زجل، ص629.

17- محمد عباسة، الموشحات والأزجال الأندلسية، ص129.

18- م. س، ص126.

19- م. س، ص12.

20- صفي الدين الحلي، العاطل الحالي والمرخص الغالي، ص170.

21- محمد عباسة، الموشحات والأزجال في الأندلس، ص129.

22- ابن خلدون، المقدمة 3/411.

23- محمد عباسة، الموشّحات والأزجال في الأندلس، ص137.

24- صفي الدين الحلي، العاطل الحالي والمرخص الغالي، ص205.

25- محمد زكريا عناني، في الأدب الأندلسي، ص259.

26- صفي الدين الحلي، العاطل الحالي والمرخص الغالي، ص205.

27- ابن سعيد، المغرب، ج2، ص220.

28- الأهواني، الزجل في الأندلس، ص201.

29- محمد عباسة، الموشحات والأزجال، ص150.

30- مصطفى الشكعة، الأدب الأندلسي، موضوعاته وفنونه، ص460.

31- ابن سعيد، المغرب في حلى المغرب ج1، ص439.

32- م. س. ص440.

33- الششتري، الديوان، ص88.

34- فوزي سعيد، الموشحات والأزجال الأندلسية في عصر الموحدين، ص168.

35- ابن سعيد، المغرب في حلي المغرب، ص100.

36- محمد عباسة، الموشحات والأزجال، ص239.

37- م. س. ص243.

38- روبير خوري، الزجل اللبناني منابر وأعلام، ص10.

39- م. س. ص 17.

40- أمين القاري، روائع الزجل، ص6.

41- م. س. ص 7-8.

42- م. س. ص 12-13.

43- ديزيره نقال ، الزجل والشعر اللبناني العامي، ص48.

44- روبير خوري، موسوعة الشعر العامي اللبناني، ص20.

45- م. س. ص 31.

Arm. Wikipedia. Org -46

47- م. س. ص 24.

المصادر والمراجع

  • ابن حجة الحموي، بلوغ الأمل في فن الزجل، ص2016.

2- ابن خلدون، المقدمة، طبعة كالزمير، باريس 1857.

  • ديزيره نقال، الزجل والشعر اللبناني العامي، 2020.

4- روبير خوري، موسوعة الشعر العامي اللبناني، الذوق منشورات صوت الشاعر ط1، 2008، ص20.

5- الششتري أبو الحسن، الديوان، تحقيق  علي سامي النشار، الإسكندرية 1960.

6- سعيد، المغرب في حلى المغرب ، تحقيق شوقي ضيف ط2، دار المعارف، القاهرة 1964 ج1.

7- شوقي ضيف، الفن ومذاهبه في الشعر العربي، دار المعارف ط7 القاهرة 1969.

8- صفي الدين الحلّيّ، العاطل الحالي والمرخّص الغالي، تحقيق ولهم هونرباخ، فينسبادن 1955.

9- عبد العزيز الأهواني، الزجل الأندلسيّ، القاهرة، 1967.

10- عبد العزيز سالم، الأندلس فصل الحياة العلمية والأدبية بالأندلس، ج2، دار المعارف، مطابع الشعب 1959.

11- فوزي عيسى، الشعر الأندلسي في عصر الموحدين، دار الوفاء للنشر والتوزيع، الإسكندرية ط1، 2007.

12- القاري، أمين، روائع الزجل، بيرو، جروس برس ط1، 1988.

13- ابن قزمان، أبو بكر الديوان، تحقيق كورينطي، المعهد الإسبانيّ العربيّ للثقافة، مدريد 1980.

14- محمد بن شريفة، تاريخ الأمثال والأزجال في الأندلس والمغرب، ج5، منشورات وزارة الثقافة، المغرب 2006.

15- محمد بن عبد المؤمن خفاجي، الأدب الأندلسي التطور والتجديد، دار الجيل، بيروت ط1، 1992.

16- محمد زكريا عناني، الموشّحات الأندلسيّة، عالم المعرفة، الكويت 1980.

17- مصطفى الشكعة، الأدب الأندلسي، دار العلم للملايين، بيروت، لبنان 2014.

الكتب المترجمة

1- أنجل بالنثيا، تاريخ الفكر الأندلسي، ترجمة حسين المؤنس، مكتبة الثقافة الدينية 1955.

[1]

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

free porn https://evvivaporno.com/ website