الألقاب والرّتب في الإمبراطوريّة الرّوسيّة حتّى تاريخ إلغائها عام 1917
د. زياد منصور([1])
المقدّمة
تكتسب اليوم الدراسات المتعلّقة بالرّتب، والمناصب، والألقاب أهمّيّة تاريخيّة كبرى، ليس فقط بالنّسبة إلى روسيا التي تواصل عمليّة تغيير شاملة في مفاهيم منظومة الدولة بُعيد انهيار الاتّحاد السوفيتيّ، بل أيضًا بالنّسبة إلى البلدان العربيّة، ولبنان على وجه التحديد الذي ينوء تحت أثقال هائلة من التقاليد المتوارثة عبر قرون من الزمن، اكتسبها منذ حكم المماليك، والعثمانيّين من بعدهم، وكلّ الذين تعاقبوا على إدارة شؤونه.
إنّه من الأهمّيّة بمكان، الاستفادة من الخبرات المتراكمة عبر القرون في عمليّة تشكيل جهاز الدولة طوال تاريخ روسيا الطويل كدولة عانت كثيرًا في مسار توحيدها، وأيضًا في ما يتعلّق بخصائص نظام الدولة في روسيا الإمبراطوريّة الذي لا يختلف في مضمونه عن الإمبراطوريّات المماثلة في بروسيا، وفرنسا، وإنجلترا؛ وبذا تحتلّ هرميّة الرّتب، والمناصب، والألقاب في مراحل تاريخيّة بحدّ ذاتها أهمّيّة خاصّة، فتَسِمها بسماتها، فتصبح لآليّات التسلسل الوظيفيّ في إدارة الدولة، والجيش أهمّيّة بالغة في سياق التحليل التاريخيّ، والسياسيّ في حِقبات زمنيّة عصيبة مرّت خلالها هذه الإمبراطوريّة، حين كان للرتب والمناصب أهمّيّة تعدو أكثر من كونها رتبًا ومناصب بحدّ ذاتها.
وإن كانت الرّتب، والألقاب لها اعتباراتها، ومكانتها في مجتمعاتنا العربيّة لجهة الوجاهة، والمكانة الاجتماعيّتين، والقيمة التي يعطيها المحيط للفرد والامتيازات التي يحصل عليها بسببها، لكنّ الألقاب، والرّتب لها ديناميّتها الخاصّة، ومساراتها في روسيا القيصريّة، سواء عن طريق أسلوب التناضح[2] والامتصاص؛ أو عن طريق تجميع سلّة من السمات، والأنشطة التي تَسِم عنصر النَّبالة بالتمايز: مثل جَمْع الأراضي والأتباع، وإظهار المهارات القتاليّة، والإنجازات الوطنيّة، أو من خلال مِنْحةٍ من القيصر، وهي بهذا المعنى كانت تُشترى، حيث ظهر في الترتيب الهرميّ للألقاب والرّتب الصادر في العام 1722م، مصطلح جديد “كالنبلاء الفضلاء، وعراقة الأصل والنّسب”، إلى مصطلح السلالة والأصل في العرق، أي إنّ الأرستقراطيّين هم نخبة في الوراثة؛ فهم يرِثون امتيازهم عبر الأجيال، ويرثون الدماء النّبيلة من أجدادهم. (الأرستقراطيّة- مقدّمة قصيرة جدًّا، 2016، صفحة دويل ).
ويُعدّ الترتيب الهرميّ للألقاب، والرّتب الذي أصدره القيصر بطرس الأكبر، بمثابة إطار دال وتوجيهيّ في سياسة هيكلة هرميّة الموظّفين وإعادتها، ورتبهم في فترة الإصلاح البنيويّ الذي أجراه على الصعد والمستويات كافّة، هذه السياسة اعتمدت على أنَّ الارتقاء الوظيفيّ يجب أن يقترن بتغييرات ملموسة في الوضع المادّيّ، والاجتماعيّ للمسؤول، والموظّف على حدّ سواء.
وطوال خمسة قرون من الزمن كانت الدولة الرّوسيّة ترتكز على ثلاثة أشكال إداريّة، وهي: النظام الأوامريّ – أو نظام الالتزام (القرن السادس عشر إلى السابع عشر)، نظام الزمالة “كوليجا” (القرن الثّامن عشر)، الحكوميّ (التاسع عشر – أوائل القرن العشرين)، وبالتالي فإنّ الدراسة تعالج مظاهر تجلّيات الألقاب، والرّتب، والمناصب في منظومة قطاع الخدمة، والوظيفة العامّة للإمبراطوريّة الرّوسيّة([3]).
وتظهر أهمّيّة هذا البحث كونه يتطرّق بالشكل المتاح إلى جوانب في هرميّة منظومة الإدارة الرّوسيّة في مراحل تاريخيّة غامضة بعض الشيء عن الباحث العربيّ، بطريقة ممنهجة تسمح لنا باستحضار “النمذجة” التي كانت سائدة في جهاز الدولة الرّوسيّة، من خلال تتبّع أشكال تطوّره، ومن خلال منظومة معقّدة من الألقاب، والمناصب، والرّتب بمدلولاتها اللغويّة، والسياسيّة، والاجتماعيّة، والعسكريّة([4]).
أمّا الهدف من هذا البحث، فهو كشف النقاب عن هذه الظاهرة في الإمبراطوريّة الرّوسيّة، التي قد تقدّم مادّة تاريخيّة حيويّة تفتقدها المكتبة العربيّة.
لقد تمّ تحديد هذه الأهداف من خلال التعريف، ومحاولة بلورة مفاهيم الألقاب، والرّتب وأهمّيّتها في تاريخ روسيا الحديث، وإيجاد علاقة ترابطيّة بين هذه المفاهيم المتعدّدة، إلى تحديد مكانتها وأهمّيّتها في نظام الخدمة العامّة، وفي الوعي الشعبيّ، وكذلك الكشف عن التحوّلات التي طرأت على هذه المنظومة مع تبدّل العهود، وأشكال تطوّر الحكم.
لقد اعتمدنا على المنهج التحليليّ والوصفيّ المتَّبع في أبحاث تاريخيّة كهذه، مع تحليل منهجيّ للوقائع، لكشف العلاقة بين التاريخيّ والمنطقيّ، وكذلك تمّ الاعتماد على طريقة البحث العلميّ المقارن، من خلال عرض نماذج من الألقاب، والرّتب المتداولة في الدولة الرّوسيّة، والقصد منها تعميم الفائدة التاريخيّة لرسم ملامح تاريخيّة في تاريخ إمبراطوريّة، كانت ولا تزال لها ثقلها وتأثيرها في التاريخ العالميّ كما العربيّ، ويؤمل من البحث أن يقدّم للباحثين في التاريخ الرّوسيّ زادًا من المعلومات النّادرة، لأنّ آثارها ما تزال ماثلة في الأذهان حتّى يومنا الحاضر، على الرغم من أنّه من الصّعوبة بمكان استعراض هذا السلّم الهرميّ في بحث قصير كهذا، ولكثرتها فقد تمّ اختيار بعض منها وهو الأكثر انتشارًا.
لقد تطلّب العمل مع المصادر جهدًا جبّارًا لا يمكن الاستهانة به، حيث تمّ الاعتماد على مؤلّفات مرتبطة بعلوم التّاريخ الرّوسيّ العامّ، وتاريخ الإدارة العامّة وتاريخ الألقاب، والمناصب، ودراسات حول الأزياء الرّسميّة، والشّعارات الوطنيّة، والرّتب العسكريّة، وغالبيّتها باللغة الرّوسيّة التي قمت بترجمتها شخصيًّا. ولإجراء الدراسة تمّ الاعتماد على مؤلّفات لباحثين روس، وعلى الموسوعة الرّوسيّة وما تحتويه من موادّ واسعة في هذا المجال، وعلى مؤلّفات ودراسات روسيّة لباحثين ومؤرّخين معروفين، من بينهم: سباسكي إيفان غيورغييفيتش، أنطونوف، فيسكوفاتوف، كاربوفيتش، إ. كارولينا، ف. سينجاييفسكي، ل. شيبيليف، وغيرهم.
واجهت الباحث صعوبة في الحصول على مصادر باللغة العربيّة لندرة المتخصّصين في التّاريخ الرّوسيّ في لبنان، لذلك حاولت سدّ ذلك النقص بالاعتماد على المصادر، والمراجع الرّوسيّة نجد تفاصيلها في هوامش البحث ومصادره.
يؤكّد الباحث على أنَّ الاستنتاجات، والمقترحات التي توصّل إليها تحتاج إلى تقييم نقديّ، وأحيانًا تحتمل إعادة النّظر في بعض منها، خصوصًا في ظلّ التغييرات القانونيّة، والسياسيّة، والاقتصاديّة التي طرأت على الدولة الرّوسيّة مؤخّرًا. ويعتقد الباحث أنّ محتويات بحثه تتطابق من حيث الحجم مع متطلّبات البحث التاريخيّ، ويحقّق الأهداف والغايات المرجوّة منه.
قُسِّم البحث إلى مقدّمة، وثلاثة مباحث، وخاتمة، وقائمة المراجع، وقاموس للألقاب، والرّتب الواردة فيه، من أجل إنجاز هذا العمل. تناول المبحث الأوّل: الألقاب، والمناصب، والرّتب كظاهرة تاريخيّة – ثقافيّة في روسيا. درس المبحث الثاني: منظومة الألقاب، والرّتب، والوظائف في الإمبراطوريّة الرّوسيّة العسكريّة، والمدنيّة، وألقاب البلاط على اختلافها، وتتبّع المبحث الثالث: تصفية منظومة الألقاب، والمناصب بعد ثورة 1917م.
المبحث الأوّل: الألقاب والمناصب والرّتب كظاهرة تاريخيّة – ثقافيّة في روسيا
الرّتب هي التّسميات اللفظيّة المحدّدة قانونًا التي تؤشّر إلى نوع الوظيفة التي يشغلها الفرد، وتحدّد لحِقبة معيّنة وضعه الوظيفيّ، بينما اللقب هو منصب ممنوح يؤشّر إلى الموقع الاجتماعيّ للطبقات الحاكمة، وطبقة النبلاء والأرستقراطيّين، وتُنسب في أغلب الأحيان لأصحاب النّسب وأبناء الدم – السلالة([5]). كان نظام الألقاب، والرّتب، والوظائف أحد أعمدة الدولة، وعنصرًا مهمًّا في الحياة الاجتماعيّة لروسيا بين القرن الثّامن عشر – أوائل القرن العشرين.
قام جوهر هذا النظام على “الرّتب” – بمعنى ماهيّة رتبة كلّ موظّف حكوميّ وفقًا للترتيب الهرميّ للألقاب والرّتب الذي وضعه بطرس الأكبر وظلّ سائدًا طوال مئتي عام([6]). في عام 1886م، كتب وزير الخارجيّة ألكساندر ألكسندروفيتش بولوفتسوف، وهو أحد مؤسّسي ومنظّمي الجمعيّة التاريخيّة الرّوسيّة، متوجّهًا إلى ألكسندر الثالث: “سيأتي الوقت الذي سيكون فيه من الصعب على المؤرّخ أن يشرح ماهيّة الرّتبة، هذه العادة المتأصّلة منذ ما يزيد على المئة وخمسين عامًا، المتجذّرة في الوعي، والطموح الرّوسيّين (ألسكندروفيتش، 2005)، أضحت ظاهرة “لا يمكن تجاهلها” ([7]).
من الواضح أنّ ما تنبأ به “بولوفتسوف” لا يمكن التشكيك فيه، ذلك أنّ الأخير قدّم نظرة فاحصة لماهيّة هذه الظاهرة. لقد كانت الرّتبة في تلك الحِقبة تعطي الحقّ لمن ينالها، مَلء الوظائف في الخدمة العامّة، وكذلك تمنحه مجموعة من الامتيازات، التي من دونها، لم يكن بالإمكان حتّى للإنسان المتعلّم والنافذ العيش في المجتمع الرّوسيّ من دون الحصول عليها خصوصًا قبل إلغاء العبوديّة عام 1861م، بعد أن تحكّم نظام القنانة (امتلاك عبيد الأرض) الذي ظهر في نهاية القرن السادس عشر، وترسَّخ في القرن السابع عشر، وعرف أشدّ حِقباته في القرن الثّامن عشر. (تروتسكي، صفحة 286)
لقد اخترقت الألقاب إلى حدّ بعيد الوعيّ الاجتماعيّ، وحياة الطبقات الحاكمة، إلى حدّ وجد هذا الأمر انعكاسًا له في المصادر التاريخيّة، والمذكرات، والآداب والفنون: “لقد وصل الأمر إلى حدّ أصبحت معه مخاطبة الأفراد، وفقًا لألقابهم ورتبهم أمرًا إلزاميًّا للدّلالة على مكانتهم، ووضعهم القانونيّ، ورقيّهم الاجتماعيّ والطبقيّ([8]). (سينغايفسكي، 2008)
ويمكن القول إنّ اللقب والرّتبة أصبحا إعلانًا عن علو المكانة الاجتماعيّة، لطبقة أرستقراطيّة قوامها النبلاء، التي كانت تمتاز أسماء أسرهم بإضافة اللاحقة الرّوسيّة “كنياز”، وتُستخدم للدلالة على السلالة والذريّة النّبيلة، جنبًا إلى جنب مع استخدام أنساق من الألقاب كانت تسبق الاسم للدلالة على المكانة الاجتماعيّة.
من محصّلة الإصلاحات التي قام بها بطرس الأكبر أن أضيفت بعض الألقاب بشكل غير منضبط وعشوائيّ. ويمكن القول إنّ أسوأ ما ابتليت به الدولة الرّوسيّة في المراحل اللاحقة كان شراء المناصب والألقاب، فلقد كانت تُمنَح ألقاب “كصاحب السيادة، والسعادة والعطوفة” من دون أن يكون لذلك مبرّراته، أو قد يُمنَح أحد رجال البلاط من النبلاء (دفارينين) “أزرارًا بيضاء” تعلّق على سترته، أو يمُنِح وسام “فارس”، وأحيانًا تلصق خرزة “توت برّيّ” على غمد سيفه، إلخ… لذلك من المتعذّر أن نستقي الكثير من المعطيات عمّا ترمز إليه بعض الألقاب، والأوسمة في الدلائل والمراجع.
كانت كلمة “رتبة” أو (تشين) متعدّدة المعاني، حتّى بداية القرن العشرين في اللغة الرّوسيّة، وهي كانت تؤشّر إلى نظام ما (من هنا كلمة “تشينيتسا” أي خضع، وما إلى ذلك) وهي بهذا المعنى ترمز إلى الشخص الخاضع لهذا النظام، أو ذاك المنصب الذي يشغله هذا الشخص”.
قد نجد في الكثير من الإدارات التي تعتمد في وثائقها على نظام الرّتب والألقاب، في ظروف متعدّدة، وخصوصًا في القرنين الثامن والتاسع عشر، أنّ كلمة “تشيني”، الألقاب لا تعني اللقب بقدر ما تخصّ الأشخاص الذين تقلّدوها؛ على سبيل المثال (الرّتب في الإدارات العسكريّة”. (Евреинов. В.A, 1887)
شهد حلول القرن التّاسع عشر عمليّة فصل واضحة بين الرّتب والألقاب. فأصبحت بعض الرّتب رسميًّا، ألقابًا ذات شأن. إذ تمّ استبدال بعض أسماء الرّتب لدى البلاط بأخرى. على سبيل المثال، استبدل منصب “كامر يونكر” بـ”كاميرغير”، و”باجا”، أصبح “كامر باجا”. لتتحوّل لاحقًا إلى ألقاب فخريّة. ومنذ إصلاحات بطرس الأكبر، بقيت تستعمل في المعاملات الإداريّة، الألقاب المعمول بها في التسلسل الهرميّ، مثل الإشارة إلى: “الأقدميّة في الرّتبة”، “نظام التراتبيّة الوظيفيّة”، “اللقب ذاته”، “اللقب الذي ضدّه”، وما إلى ذلك.
ولعلّه من الأهمّيّة بمكان الإشارة إلى أنّ الألقاب تلك، لم تكن تَمنَح صاحبها أيّ نوع من الامتياز القانونيّ بقدر ما كانت تضطلع بدور مهمّ في تحديد مكانة الشخص وهُويّته داخل بيئته الأرستقراطيّة أو الوظيفيّة، وكذلك مدى حظوته ومكانته لدى الأمير، أو القيصر، أو الإقطاعيّ – النّبيل. وإلى جانب هؤلاء كانت هناك رتب وألقاب تُمنَح للخدم والقيّمين على شؤون القصر من إداريّين، ومستشارين إلخ…
كان ذلك أمر مهين ولا ينمّ عن احترام اعتبارًا من منتصف القرن التاسع عشر، أن يصار إلى تهنئة ضابط حصل على لقب جديد، فالتّرقية إلى رتبة عسكريّة أعلى، كانت أهمّ بكثير من قيمة اللقب الذي كان يلقب به. (Глиноецкий, 1887).([9])
وعلى العكس من ذلك، فإنّ منح رتبة عسكريّة، أو رتبة لموظّف في البلاط (حتّى ولو بفئة وظيفيّة أدنى، أو بدرجة أقلّ من لقبه)، كترقية أحد ما إلى رتبة عقيد، أمرٌ بالغ الدلالة بالنّسبة إلى (مستشار الخاصّ، أو وصيّ خاصّ) وهو شكل من أشكال المكافأة، ونعمة ملكيّة.
بهذا يمكن القول إنَّه ظهرت في روسيا أصناف عدّة من الرّتب، والألقاب منها ما خصّ الطبقة النّبيلة، ومنها ما خص الجند ورؤسائهم، وآخر ملكيّ للبطانة، والأعيان، والحاشية، وموظّفي الدّواوين من غير الجند، وأخرى مدنيّة صنّفت وفق نظام الدرجات، ورابعة دينيّة كنسيّة.
المبحث الثاني: منظومة الألقاب والرّتب والوظائف في الإمبراطوريّة الرّوسيّة العسكريّة والمدنيّة وألقاب البلاط على اختلافها
حدّدت مجموعة القوانين التي صدرت في الإمبراطوريّة الرّوسيّة، طبقة النبلاء على أنّهم طبقة الملاّك والأشراف، والانتماء إليها هو نتيجة لفضائل أولئك الرجال، الذين تميّزوا بالجدارة والكفاءة والتّضحية، من خلال تحويل الخدمة نفسها إلى جدارة ومساعدة الآخرين، وبذلك اكتسبوا إرثًا طيّبًا بفضل أفعالهم النّبيلة. فجميع أولئك النّبلاء “إمّا وُلدوا من عائلات نبيلة، أو أنّهم من الملوك والأمراء الذين بفضل شرفهم، وكرامتهم، وشجاعتهم، وبسالتهم، وتعلّمهم تقلّدوا مرتبة النَّبالة” (Волков، 2003).
لا شكّ في أنّ هذا التّعريف الضبابيّ ينسجم تمامًا مع غموض فكرة “النبلاء” في وعي معاصريها([10]). بالنّسبة إلى روسيا، فقد نشأت هذه الطبقة تاريخيًّا بحلول بداية القرن الثّامن عشر. وشرّعت قانونًا في ميثاق طبقة النبلاء، أو صكّ النَّبالة الصادر عام 1785([11] ).
وبهذه الصفة كان مالك الأرض النّبيل هو السّند، والدّاعم الاجتماعيّ الرّئيس للقيصريّة. وباسم هذا الانتماء الطبقيّ كان يعمل كممثّل، وأداة للسلطة العليا، وهو جامع للضرائب من الفلاّحين، وفيٌّ أمينٌ لموجبات لقبه، ومسؤول عن الحفاظ على السّلم العامّ، إلخ.
لقد كانت الوراثة هي السّمة التي تميّز النّبلاء الرّوس سواء المحلّيّون منهم أم نبلاء البلاط من مستشارين وموظّفين، فلقب “النَّبالة” كان ينتقل وراثييًّا إلى الزوجة والأولاد، والذرّيّة البعيدة نسبيًّا لجهة الذكوريّة (البنات المتزوّجات حصلن على ألقابهن من خلال أزواجهن).
كما كان هناك من النبلاء الفرديّين من غير فئة الأنساب (الذين نالوا مرتبة النَّبالة كمكافأة على تضحياتهم وخدماتهم) خصوصًا قبل العام 1845م، ونشأت هذه الأخيرة في مرحلة صدور الترتيب الهرميّ للألقاب والرّتب. لم يتمّتع هؤلاء بمكانة رفيعة كأقرانهم من الوراثيّين، بل لم يُعدّوا نبلاء حقيقيّين، إذ لم يكن لهم الحقّ في حِيازة الأقنان، ما خلا الحقّ بخدم عاديّين. أمّا حصوله على لقب نبيل إقطاعيّ فقد كان يتمّ فقط بعد التقدّم بطلب رسميّ (أو طلب استرحام) في حال كان آباؤهم، وأجدادهم قد خدموا لمدّة عشرين عامًا في صفوف ضبّاط الخدمة، كما أنّ لقب النّبيل من غير النّسب كان يُمنَح فقط للزوجة دون الأولاد. أمّا بالنّسبة إلى أولادهم فيحقّ لهم حينها لقب أولاد “ضابط في الخدمة”، ومنذ عام 1832م نالوا لقب أنسباء مواطني الشّرف (الفخريّين).
شكّل ميثاق النّبلاء عاملًا زاد بشكل كبير من قوّة النّبلاء، والطبقات العليا، وأجبر الكثير من السكان على العبوديّة، وعزّز سوء النّيّة بين الطبقة الأرستقراطيّة القديمة (الألقاب الممنوحة من خلال الخطوط العائليّة)، والنّبلاء الجدد (أولئك الذين أُعطوا مكانتهم كمكافأة مقابل خدمة الدولة).
إنّ إصدار ميثاق المواطن الفخريّ سواء (الوراثيّ أو الفرديّ) الذي تَمنحُه مجالس المقاطعات، والمدن لعدد من مواطنيها، في 10 نيسان 1832م يهدف إلى تحقيق أمرين: أوّلًا، التّخفيف من عدد النّبلاء الفرديّين (من غير نسب) عن طريق الاستعاضة عنهم بلقب المواطن الفخريّ (المواطن الأسمى)؛ ثانيًا، منحه الحدّ الأدنى من الحقوق (أهمّها الإعفاء من التجنيد، وعقوبة الإعدام، والعقوبة الجسديّة، امتلاك بيوت ريفيّة، ركوب عربات الخيل المزدوجة والرّباعيّة…). وكانت المُواطَنة الفخريّة تُمنَح فقط لتجار الفئة الأوّلى، وذلك بعد عشر سنوات؛ منذ عام 1863م، وبعد عشرين عامًا من العمل والانتساب إلى جمعيّات تجاريّة وصناعيّة، كما مُنِح اللقب للمستشارين، وبقية الأفراد الذين حصلوا على شهادات أكاديميّة، وفنّانين، وخرّيجي جامعات، وعدد من مؤسّسات التعليم العالي، وأولاد النبلاء من غير النّسب، ورجال الكنيسة الأرثوذكسيّة، إلخ.
منذ عام 1892م، أصبح من الممكن الحصول على لقب المواطن الفخريّ، بعد القيام بأعمال، ونشاطات ذات فائدة وطنيّة واجتماعيّة تفيد المجتمع: في هذه الحالة، خلال السنوات العشر الأوّلى كان يُمنَح هؤلاء لقب المُواطَنيّة الفخريّة الفرديّة، وبعد عشرين عامًا – الوراثيّة. في (عام 1858م) سجّل في روسيا، حصول أكثر من واحد وعشرين ألفًا على لقب مواطن فخريّ. (А. П Корелин . – М.:، 1979.).
كانت تتمّ مخاطبة النبلاء ذوي النّسب العريق المتحدّرين من أسر نبيلة، التي كان لها خدماتها الجلّيلة والعظيمة للوطن، بلقب مشترك جمعيّ (سموّكم – عطوفتكم). لم يكن مقبولًا استعمال اللقب الموجّه إلى الشخص بعينه في التخاطب، وهؤلاء بدورهم لم يقدّموا أنفسهم وفق ألقابهم الخاصّة. (Мосолов، 1992)
تجدر الإشارة إلى أنّ قائمة الألقاب الرّوسيّة تتضمّن عناوين متعدّدة فالأمراء هم الأرفع، مثل الأمير (أمير نوفغورود)، والأمير المعظّم (أمير كييف المعظم – فيليكي كيفسكي كنياز)، وأمير فلاديمير المعظّم، وقيصر كلّ الرّوس، وإمبراطور عموم روسيا، وكلّهم يتحدّرون من الأُسر النّبيلة التي حكمت روسيا (أسرة روريك، غادونوف، روريكيون مزعومون، أسرة شويسكي، أسرة فاسا، وأسرة رومانوف).
ماذا عن لغة التّخاطب؟ إذا كان الدّوق النّبيل من أفراد الجيش، أو من رجال الدّين، أو كان سفيرًا، فإنّ رتبته تسبق لقبه. على سبيل المثال، “الجنرال – العقيد الدوق…”. أمّا زوجة الدوق، فدائمًا ما توصف عند تقديمها بالدوقة، أو “دوقة…”. وفي الوثائق القانونيّة، يخاطب الدوق “بالأنبل… دوق.”، وكان يأتي في الدرجة الثانية الماركيز، أو الماركيزة (وهذه غالبًا ما كانت من الأُسر الغنيّة ذات المنشأ الأجنبيّ)، ثمّ الكونت، أو الكونتيسة الذي مُنِح لبعضهم مجاملة، أو لصلة القرابة بنبيل آخر، أو لصغر السّن، وكان البارون والبارونة هما أدنى مراتب النبلاء.
يتمّ استبدال اللقب الخاصّ للنبيل أحيانًا بلقب “غوسبادين” أي السيّد الراعي (سيّدي). وهناك مصادر عدّة لأصل هذه التسمية، ووفقًا لإحداها، فإنّ مصدر الكلمة “الربّ” – ربّ الأسرة، الرّبّ، أي الله، والله – مالك الكون، وكانت تعني “السيّد – الراعي”. (С.И Ожегов .، – 2007).
النّبلاء وحدهم مُنِحوا هذا اللقب، إذ لا يمكن استبداله بلقب آخر، ومع مرور الوقت مُنِح لأشخاص أحرار آخرين، ولكن (ليس لعبد أو رقّ). في بيئة الأقنان والخدم، عادة ما كان يتمّ استبدال السيّد الرّاعي، بكلمة سيّدي المستمدّة من كلمة boyar (البويار)([12]), وهو أعلى الأفراد رتبة في الأرستوقراطيّات المسكوبيّة، لكنّنا نجد في مصدر آخر، أنّها كانت تعني في العصور القديمة، كلمة “المحارب” (Boy).
في المناسبات غير الرّسميّة، غالبًا ما كان يتمّ استبدال لقب “السّيّد الأصليّ” بلقب (صاحب السّيادة، أو النيافة، أو السّعادة). ولم يتمّ استخدام هذا اللقب عادة من دون الإشارة إلى الكنية. (كان هذا ممكنًا فقط في صيغة الجمع، كالقول سيادتكم، سعادتكم…)؛ أمّا استعمال كلمة صاحب السيادة يتمّ من دون الإشارة إلى الاسم الأوّل؛ واستخدام سيّدي كان يسند فقط للاسم المجهول. (Шепелев.، 2007)
إضافة إلى الألقاب الرّسميّة في روسيا ما قبل الثّورة، استخدمت بعض الألقاب للتدليل على الاحترام والتّبجيل، وكانت تتمّ مخاطبة أصحابها عشوائيًّا، مثل: صاحب النّعمة، صاحب الشّرف، الجليل الاحترام، سعادة، حضرة، معالي، عطوفة، فخامة، سيادة، سموّ، جلالة، نيافة، غبطة وما إلى ذلك. في أغلب الأحيان كانت هذه الألقاب يُتوجّه بها إلى ممثّلي فئة التّجار، وإلى أولئك الذين كانت ألقابهم مجهولة.
كان لقب “الأمير” اللقب الوراثيّ الأوحد في روسيا قبل بداية القرن الثّامن عشر، وهو يشير إلى الانتماء إلى الأسر الحاكمة التي كانت تتمتّع في العصور القديمة بأحقيّة الحكم في إقليم، أو مقاطعة معيّنة من البلاد. وبعد إنشاء الدولة المركزيّة الرّوسيّة، وتوحيد العديد من الأسر المالكة الأميريّة، سقطت هيبة اللقب. وما ساهم في حصول ذلك هو السّماح باستخدام اللقب الأميريّ لرؤساء قبائل التتر، والموردوفيّون عندما اعتنقوا الأرثوذكسيّة.
على عكس النّبلاء العاديّين الذين لم يستخدموا لقبهم الخاصّ بهم، كان يطلق على البارونات، لقب السّيّد البارون، أو السيّدة بارونيسا. كما كان لقبهم العامّ من الأشراف.
في العهود التي تعاقبت على الحكم بُعيد عهد بطرس الأكبر، مُنِح لقب “الغراف” فقط لعدد محدود جدًّا، خصوصًا للأشخاص الذين كانوا يحظون باهتمام كاترين الثانية. (Половцов، М 2005)
في القرن الثّامن عشر، كان لقب “الغراف”، أو الكونت أهمّ شأنًا، حتّى من لقب الأشراف والأمراء. وما ساعد على ذلك هو أنّ الكونتات الرّوس الذين كانوا يعمدون إلى التخاطب بين بعضهم باستخدام عبارة (صاحب النيافة)، أو صاحب الغبطة، هو لقب استُخدم تاريخيًّا لمخاطبة العظماء من النبلاء (إذ لم يكن بعد للأمراء لقب موحّد)، ثمّ بعد ذلك ظهر لقب صاحب السعادة (في عهد بطرس الأوّل، وكان هذا اللقب حكرًا على أعضاء مجلس الشيوخ).
في عهد بافل الأوّل، مُنِح لقب صاحب السّمو للأمير الرّوسيّ، ونائب المستشار أ.أ. بيزبارودوكو. في بداية عام 1799م، مُنِح المدّعي العامّ P. V. Lopukhin لقب الأمير الأكبر في آب من عام 1799م، وتمّ منح لقب “إيطاليكا” إلى الفيلد المارشال سوفوروف – ريمنيكي. أ.ب (مع الحقّ بتوريث اللقب إلى أحفاده من “المواليد الذكور والإناث“([13]). أخيرًا مُنِح لقب الأميريّة للبطريرك الأرمنيّ جوزيف أرغوتنسكي، في حين لم يبدأ منح لقب صاحب السّمو للأمراء الوراثيّين إلاّ في الربع الثاني من القرن التاسع عشر، أي في عهد القيصر نيقولاي الأوّل.
كان أعلى لقب أمير من (الدرجة الثالثة) هو لقب الدوق الأكبر، الذي يمنح فقط لمن ينتمي إلى الأسرة الحاكمة (الإمبراطوريّة) (Антонов، 2003). عُرف لقب الدوق الأكبر (أي الأكبر بين آخرين) في روسيا منذ العصور القديمة. ابتداءً من القرن الخامس عشر بعد سقوط الإمبراطوريّة البيزنطيّة، أصبح رئيس الدولة الرّوسيّة يعرف باسم القيصر، وكلمة “قيصر” اقتبست من اسم الإمبراطور الرومانيّ القديم يوليوس قيصر.
وفي شهر تشرين الأوّل 1721م، أصبح يلقب بالإمبراطور، وأتى هذا للتأكيد مرّة أخرى على وراثة مفهوم السّلطة من الإمبراطوريّتين الرّومانيّة والبيزنطيّة، وبهدف رفع مكانة روسيا السياسيّة أمام العالم، كما لم يتخلّوا تمامًا عن ألقاب القيصر والدوق الأكبر، إذ بدأ استخدام كليهما للتّعبير عن حقّهم السياسيّ في حكم أجزاء معيّنة من الإمبراطوريّة (على سبيل المثال، كان الإمبراطور الرّوسيّ يُعدُّ ملك قازان، وأستراخان، وسيبيريا، والقيصر الكبير لسمولينسك، وتفير، وفياتكا، و”وغيرها من الأراضي”).
في كانون الأوّل 1721م، تقرّر أن يطلق على زوجة الإمبراطور اسم صاحبة الجلالة، وذلك تبعًا للمرسوم الخاصّ المتعلّق بالأسرة الإمبراطوريّة في عام 1797م([14]) (Волков.، 2003).
نصّ المرسوم على أنَّ الأسرة الحاكمة تتكوّن من الإمبراطور، الإمبراطورة (الزوجة)، الإمبراطورة الأرملة (الأمّ) وكبار الأمراء: الأبناء، البنات، الأحفاد، أحفاد الأحفاد الذين هم على قيد الحياة أو المتوفّين. وكان الأمير المعظم وهو وريث العرش (عادةً الابن الأكبر للإمبراطور)، يحمل لقب ولي العهد([15]).
من بين جميع الألقاب، فإنّ ألقاب كمثل: سموّ الأمير المعظّم، وأمير الدم الإمبراطوريّ (وحدها كانت تعطي لحامليها حقوقًا قانونيّة مكتسبة – السلالة الملكيّة). فقد جاء في ديباجة الترتيب الهرميّ للألقاب والرّتب: “أنّ أمراء الدم، وأولئك الذين اقترنوا بأميراتنا، تبقى ألقابهم تتفوّق على جميع الأمراء، وكبار الموظّفين في الدولة الرّوسيّة”([16]). (Валуева، 1961)
الأساس القانونيّ لانتقال اللقب إلى الأحفاد، سواء تلك الوراثيّة منها، أو الألقاب الشريفة في البيوت المالكة، فإنّ النّسب يستمرّ عن طريق خطّ الذكور. في حال عدم وجود ورثة فإنّه يمكن نقلها عبر الفروع، ولكن بإذن خاصّ من الإمبراطور. وكان يؤخذ بالحسبان، من ناحية أولى، الرّغبة في الحفاظ على الألقاب القديمة، أو الشهيرة للأسرة الرّوسيّة العريقة عبر التاريخ الرّوسيّ، ومن ناحية أخرى، وجود خلفاء يستحقّون ذلك.
أحد الحقوق المهمّة التي مُنِحت للعائلات الأرستقراطيّة حصريّة امتلاك شعار الأسرة النّبيلة (شعار النَّبالة). هذا الشّعار في حقيقته هو مركّب يحتوي على رموز تؤشّر إلى النّسب، والمزايا، والتضحيات، وواقع الفرع العائليّ الحاليّ. لقد كفل الشّعار للأسرة النّبيلة الحقّ في التّوريث، وانتقال الألقاب الوراثيّة، وأظهر تمايزها من غيرها. (Борисов.В ., 1997).
من أجل تنظيم جميع الأنشطة المتعلّقة بتطوير الشّعارات، والموافقة عليها تمّ في العام 1722م، إنشاء مكتب خاصّ لهذه الشّؤون تحت سلطة مجلس الشّيوخ يهتمّ بشعارات النَّبالة كنظام متماسك للتحديد ليس فقط لصاحبها، ولكن أيضًا للورثة (شعارت النَّبالة درجة القرابة).
وفقًا لقواعد علم الشعارات أو الرايات (Heraldus)([17])، يتألّف شعار النَّبالة من: درع قتاليّ محاط بدروع هي شعارات الممالك، والإمارات، والمناطق التي تمّ ضمّها إلى روسيا في أوقات متعدّدة، خوذة، التيجان الثلاثة فوق رؤوس نسر ذي الرأسين (التاج في الوسط رمز لسلطة الله، التاجان الآخران هما وحدة القوّة الملكيّة والروحيّة في روسيا. في حِقبات أخرى رمزت إلى الخانات للقبيلة الذّهبيّة المهزومة وهي: أستراخان، قازان، وسيبيريا في الأعوام (1556 – 1552م)، المعطف، الرمح (وتزيّنه مزركشات ملوّنة تشكل خلفيّة شعار النَّبالة، وكانت تستخدم ثمانية ألوان: اللون الذهبيّ، والفضّيّ، والأحمر، والسّماويّ (اللازورد)، والأخضر، والأرجوانيّ، والأسود، والأبيض([18]).
ماذا عن الرّتب العسكريّة ووظائف الحاشية؟
قامت منظومة مَنح الرّتب العسكريّة على قاعدة حصريّة عدد الضبّاط وفقًا لجدول الرّتب، واللوائح العسكريّة، وبالتالي فإنّ الحصول على الرّتبة في الجيش بَدءًا من رتبة نقيب، لم يتمّ فقط وفقًا لعدد سنوات الخدمة، ولكن في حالة وجود أماكن شاغرة. لذلك استغرق حصول الضابط على رتبة أرفع مدّة طويلة، على خلاف الوظائف المدنيّة.
ظهرت الرّتب العسكريّة في روسيا قبل غيرها من الرّتب في القطاعات الأخرى، أي قبل إقرار بطرس الأكبر لجدول الترتيب الهرميّ للألقاب والرّتب. (Игнатьев، 1986).
كانت – في الغالب – تُمنَح فقط لعسكريّين من أوروبا الغربيّة الذين كان يتمّ استدعاؤهم للخدمة في روسيا. واعتبارًا من نهاية القرن السابع عشر بدأت تُمنح لقادة الوحدات في الجيش الرّوسيّ. بحلول عام 1672م، تمّ توحيد منظومة الرّتب فعرفت قطعات الجيش، الرّتب التالية: العقيد، المقدّم (مساعد عقيد)، النقيب (قائد سريّة)، الملازم (ضابط مساعد)، معاون (حامل الرّاية)، ومساعد المعاون، وهو ليس ضابطًا). اعتمدت رتبة جنرال لأوّل مرّة في روسيا عام 1667م، بالنّسبة إلى الرتب الأدنى، فقد كانت تنظّمها اللوائح والمراسيم ذات الصلة.
تُعزى أولى محاولات تنظيم الرّتب العسكريّة في روسيا إلى الجنرال أ. ويدي Вейде. (.Глиноецкий، 1887)، وكان نسخة شبيهة لجدول لوائح الرّتب العسكريّة (النمساويّة)، وتبعًا له تمّ تقسيم القادة إلى صفّين: “صفّ الرّتب الأعلى”، “وصفّ الرّتب الأدنى” الذين حصلوا لاحقًا على رتب ضبّاط صفّ (أونتر أوفيتسيري).
غالبيّة ضبّاط الصّفّ الأعلى كانوا ضبّاط جيوش، وفيالق، وفرق، وألوية، وأفواج، وكتائب، وسرايا، أمّا غالبيّة القادة الميدانيّين والإداريّين فكانوا من الجنرالات. احتوت تشكيلات ضبّاط الصّف الأوّل على جنرالات الوحدات القتاليّة، أي جنرال مشاة، جنرال الخيّالة، جنرال فيلدزيميستر (الركن)، عميد، وعقيد، إضافة إلى المفوّض الأعلى (الذي كان مسؤولًا عن تمويل الجيش)، وكان برتبة عقيد، يعاونه اثنين أو ثلاثة ضبّاط، ثمّ هناك رئيس هيئة الأركان العامّة، ويعاونه ضابط برتبة عقيد، جنرال، وهو المراقب، أو المفتّش العامّ (أعلى ضابط قضائيّ عسكريّ)، وجنرال مهندس عامّ. (Евреинов.، 1887)
ابتداءً من العام 1698م، لم يكن هناك فصل واضح بين رتبة اللواء والعميد: إذ إنَّ كلاهما كان يعيّن كقائد للفيلق. بالنّسبة إلى الأفواج، والفرق، والكتائب، كانت توضع تحت إمرة عقيد وما دون. خلاصة القول إنّ مشروع “ويدي”، حدّد الاتّجاه الهادف إلى تطوير منظومة الرّتب العسكريّة، الذي كان له الأثر الأكبر على كامل جدول سلّم الرّتب.
على هذا الأساس وبَدءًا من العام 1699م، “استبدل مصطلح “جنراليسيموس”، بآخر سمّي بمارشال الميدان، أو الأنشيف (الفريق)، الذي كان بمثابة القائد الأعلى للقوّات المسلّحة في الجيش، وتخضع له كامل الوحدات العسكريّة بأمر ملكيّ من القيصر”. على أنّه ظهرت في أوقات لاحقة رتبًا ارتبطت بوظائف محدّدة وواضحة: على سبيل المثال في عام 1703م استحدثت رتبة ملازم ثانٍ (حسب جدول التّسلسل الهرميّ للخدمة، هي رتبة تقع بين رتبة ملازم ومساعد). وبعد ذلك بوقت قليل استحدث في أفواج Preobrazhensky وSemenov ورتبة نقيب (في سلاح المدفعيّة حيث لم يكن هناك حملة رايات. (هنا ينبغي التّمييز بين مفهوم “المبتدئين” في حالتنا، وبين مصطلح “ضابط صفّ”)، وهي مرتبة انتقاليّة بين الجنود والضبّاط، التي أعطيت للجنود المميّزين بشكل خاصّ الذين لم يكن لهم لقب نبيل.
في العام 1712م استحدثت رتبة “شتيك – يونكر”، (حامل الراية) وهي أدنى رتبة في صفوف الضبّاط ([19]).
ظهرت في الميثاق العسكريّ الجديد لعام 1716م، الذي وضع بإشراف مباشر من بطرس الأوّل، سلسلة من الرّتب دفعة واحدة وهي: Generalissimos، Field Marshal وField Marshal – أي الجنرال، الفريق، والفريق أوّل، كما قسّمت الرّتب إلى أربع مجموعات: الجنرالات، وضبّاط الأركان، وصغار الضبّاط، والضبّاط غير المفوّضين. ضمّت لائحة الجنرالات رتبًا، ابتداء من الجنرال نزولًا إلى رتبة عميد، وضمّ مقرّ الأركان ضبّاطا من رتبة عقيد نزولًا إلى رتبة رائد. بالنّسبة إلى صغار الضبّاط من رتبة نقيب إلى ملازم أوّل فملازم ثانٍ، فقد كانوا من الضبّاط غير المفوّضين (أي الضبّاط المبتدئين الذين لم يكونوا ضبّاطًا فعليّين)، أو الضبّاط غير المنتدبين، حيث نجد على أشرطة الكتف اثنين من العلامات النجميّة، في سلاح الخيّالة كانت عبارة عن بوق وذيل، وتعني رتبة ملازم ثان([20]).
بين أعوام 1730 – 1731م ومع إنشاء سلاح الخيّالة الثقيل على النموذج الألمانيّ، р. Cuirasseظهرت رتب جديدة: الكابتن Rittmeiste(الفئة IX)، cornette ضابط موسيقى – ملازم ثانٍ (الفئة XIV)، و Gefreit-Korporal,. من بين الرّتب الأخرى في قوّات الحرس ظهرت رتبة ملازم أوّل وملازم ثانٍ، وهي رتب كانت غير ضروريّة لأنّها لم تتطابق مع المَهَمّات العسكريّة. تمّت قيادة بقيّة الوحدات بواسطة “ضبّاط فعليّين” (VII).
في عام 1731م، تمّ تجزئة رتبة رائد في الجيش (باستثناء قوّات المدفعيّة والهندسة) إلى درجتين – رائد أوّل، ورائد ثانٍ. ومع ذلك يبقى من غير الواضح ما إذا كان ينتمي إلى فئات متعدّدة في جدول الرّتب، أو إلى فئة واحدة.
في عام 1751م، تمّ إدخال رتبة ملازم أوّل في قوّات المدفعيّة والهندسة. في عام 1786م، ألغيت رتبة ملازم ثانٍ في أفواج المشاة المدرعة، وأفواج حملة البنادق (التي أنشئت في 1765م). في عام 1796م، ألغيت رتبة ملازم ثانٍ في أفواج الأجانب، وبقيت رتبة نقيب.
حصلت العديد من التّغييرات في نظام الرّتب العسكريّة في عهد القيصر بافل بيتروفيتش التي كانت تهدف على وجه الخصوص إلى تحقيق قدر أكبر من الاتّساق، والانتظام بين الوحدات العسكريّة في الجيش المتعدّدة.
ألغيت رتبة الملازم وضابط صفّ في قوّات الهندسة، والمدفعيّة في عام 1796م، وحلّ محلّها رتبة ملازم أوّل. في عام 1797م، تمّ القضاء على تجزئة الرّتب بين تخصّصات رئيسة وثانويّة في جميع القوّات، وتمّ استحداث رتبة رئيسة واحدة هي رتبة عقيد في العام نفسه، أعيدت تسمية ملازم المشاة، والملازم في سلاح الفرسان من رتبة ملازم، وملازم أوّل إلى رتبة ضابط نقيب لسلاح الخيّالة والمشاة؛ ثمّ رفعت هذه الرّتبة في جميع قوّات الجيش إلى (الفئة X)، ما لم يكن حاصلاً عليها من ذي قبل.
بالنّسبة إلى جدول الرّتب جرت إعادة تسميّة الرّتب العسكريّة الأعلى: فتمّ استبدال رتبة جنرال مساعد برتبة جنرال ملازم، وأعيد تسمية كلّ جنرالات قوّات الخيّالة، والمدفعيّة، والهندسة، والمشاة في عام 1796م، فأُلغي منصب جنرال الميدان – مايستر، المدرج في الدرجة الثانيّة من جدول الرّتب لتظهر رتبة جنرال المدفعيّة من الفئة الثانية، التي لم تكن موجودة من قبل في الجيش الرّوسيّ. ولكن بالفعل في عام 1798م، في عيد ميلاد الدّوق الأكبر ميخائيل بافلوفيتش، الابن الأصغر لبافل الأوّل، ألغيت رتبة جنرال الميدان، ليمنح رتبة المشير العامّ من أجل التّوريث مدى الحياة. بعد وفاة ميخائيل بافلوفيتش، تمّ استبدال هذا المنصب لبعض الوقت، ولكن في عام 1852م، وبعد تنصيب الدّوق الأكبر ميخائيل نيكولاييفيتش (الابن الأصغر لنيكولاي الأوّل) أعيد اللقب إليه في عام 1856م حتّى وفاته عام 1909م. ومنذ ذلك التّاريخ بقي منصب جنرال الميدان منصبًا لم يجرِ استبداله قطّ استبداله.
لم تكن رتبة الكولونيل العامّ معروفة في الجيش الإمبراطوريّ الرّوسيّ، حيث لم يُعمل بها في ذلك الوقت، كما لم يكن لها رُتبة مماثلة في الدرجة داخل أيّ فرع من أفرُع الجيش، فمن جانبها استخدمت الإمبراطوريّة الرّوسيّة مُسمّيات مُشتقّة من الألمانيّة لرُتب قوّاتها المُسلحة، وإن خضع النظام العسكريّ بأكمله للتقاليد الرّوسيّة، بحيث كانت رُتبة جنرال فيلدمارشال (بالرّوسيّة :(Генерал-фельдмаршал) أعلى رُتب ضبّاط هيئة الأركان في ذلك الوقت، ودونها رُتبة جنرال (رودا فويسك (بالرّوسيّة (Генерал рода войск): أي جنرال فرع، وهي رُتبة أدنى من رُتبة الكولونيل العامّ. من جانبها استمرّت المؤسّسة العسكريّة الرّوسيّة في العمل بهذا النّظام حتّى قيام ثورة أكتوبر عام 1917م، وتكوين الجيش الأحمر، في حين استمرّت الوحدات التّابعة للحركة البيضاء المُنخرطة في معارك الحرب الأهليّة الرّوسيّة في العمل بالنظام العسكريّ الإمبراطوريّ حتّى عام 1923م.
كما كانت تمنح الرّتبة العسكريّة للضبّاط الذين أتمّوا دراستهم العسكريّة بمؤهّلات علميّة تمكّنهم من ممارسة مَهَمّاتهم، وعادة ما تُعطى رتب الضبّاط الأعوان باختلاف مستوياتهم العلميّة، وتمنح أيضًا بصفة الشّرف للضبّاط الذين أمضوا حِقبات زمنيّة كافية تنصّ عليها القوانين، واللوائح العسكريّة شريطة أن تكون لديهم خبرة كافية تمكّنهم من أداء واجباتهم.
إنّ الأشخاص الذين يشكّلون فئة حملة الألقاب هم في الغالب كانوا يشغلون وظائف مدنيّة، وأخرى عسكريّة في آن. لكنّ بعضهم كان من حاشية الملك، ومستشاريه، والمحيطين به، أي من البِطانة الملكيّة. ليس من المعروف ما إذا كان لهؤلاء أيّ واجبات خاصّة في البلاط. على العموم شملت مَهَمّات الحاشية الملكيّة، والعاملين لدى المقرّبين من البلاط، تنفيذ أوامر خاصّة من الإمبراطور، وفي المقام الأوّل في المقاطعات (مراقبة عمليّات التجنيد، التحقيق في انتفاضات، وثورات الفلاّحين، وما إلى ذلك) مرافقة “الشّخصيّات المُهِمّة والرّسميّة الأجنبيّة، الذين يزورون البلاد، والوفود العسكريّة، كما كان من بين مَهَمّاتهم الالتزام، والمشاركة في جميع الزيارات الملكيّة، حيث يحضر ويكون جلالة الملك”، وكذلك المناوبة إلى جانب الإمبراطور في القصر، أو في الاحتفالات خارج القصر. (Зайончковского، 1978 – 2006)
رتب موظّفي الخدمة المدنيّة وألقابهم
كانت العقبة الرئيسة أمام الترقية في المنصب الرّسميّ في روسيا الإمبراطوريّة، تتمثّل في أنّ عدد الوظائف الدنيا تجاوز عدد المناصب العليا بشكل ملحوظ. وكوسيلة ناجعة للتحفيز على الخدمة استخدمت الألقاب في المناصب من دون الحصول على ترقيات. وبعد إصدار التّرتيب الهرميّ للألقاب، والرّتب في نهاية القرن الثّامن عشر، وبداية القرن التاسع عشر، سعى المشترع بالإضافة إلى حلّ مسألة قانونيّة، وشروط التّرقيّات إلى تحديد قوانين ترقية الأشخاص غير النبلاء في الفئة الأوّلى (الدرجة الرابعة عشرة)، ووضع شروط الدخول إلى الخدمة المدنيّة، وكذلك أوضح ماهيّة رتب الموظّفين المدنيّين الأفراد، وتحديد الرّتب، والألقاب لكلّ فئة من الفئات.
في 16 أيلول 1790م وقّعت كاثرين الثانيّة مرسومًا لمجلس الشيوخ: “قواعد الوظيفة العامّة في الدولة”، الذي لخّص بالفعل التّشريعات السابقة في هذا المجال، بحيث لا يمكن الحصول على لقب موظّف في الفئة الأدنى إلاّ عند التّعيين في الوظيفة. بالنّسبة إلى أولئك الذين حصلوا بالفعل على رتبة الفئة الرابعة عشرة، كانت هناك طريقتان للترقية الوظيفيّة (بغض النّظر عن الشغور)، الأولى: المكافأة والحصول على مزايا خاصّة كعلاوة على الأداء الوظيفيّ، وعدد سنوات الخدمة، وضمّ خدمات المهنة التي سبقت. الثانية: وكما جاء في المرسوم: “… لتشجيع الأشخاص الجديرين والقادرين، ولكي لا يقفل الطريق أمامهم ويحرموا كأقرانهم من الترقيات في الوظائف الأخرى… تمنح الرّتب لأولئك الّذين تمّت مكافأتهم، وخدموا لمدّة ثلاث سنوات على الأقلّ في رتبة واحدة، أي قبيل الحصول على الفئة الثامنة. “لكي يتمّ نقلهم إلى رتبة الفئة الثامنة (الذي كان يعطى فقط وراثيًّا لطبقة النبلاء) من الفئة التي سبقت، يحتاج هؤلاء إلى الخدمة ليس ثلاث سنوات، ولكن اثني عشر عامًا. (А.Евреинов، 1887)
حدّد مرسوم الإمبراطور بافل الأوّل الصادر في 9 كانون الأوّل 1799م، مدّة الخدمة العامّة وشروطها بَدءًا من الفئة التاسعة، وما دون حتّى الخامسة (4 و5 و6 و7 سنوات). لقد كان المقصود من ذلك الإشارة إلى أنَّ منح الرّتب الأعلى كان خارج هذه القاعدة، وتعود فقط وفقًا الى تقدير الإمبراطور.
إنّ مرسوم كاثرين الثاني، وبافل الأوّل، اللذان ضمنا على وجه الخصوص إمكانيّة الترقّي إلى الرّتبة التالية بناء على عدد سنوات الخدمة البسيطة، حسم نهائيًّا آليّة الترقّي إلى رتبة أعلى باعتباره حقّ من حقوق موظّفي الخدمة المدنيّة، (مع الإشارة إلى أنّ هذا الحقّ لا يطبّق في حالة أنّ طالب الترقية لا يخضع للتحقيق، ولم تصدر بحقّه أيّ أحكام). في المراحل اللاحقة، وبفعل الحاجة إلى موظّفين في الدولة في أوائل القرن التاسع عشر، وعدم وجود مرشّحين مناسبين لشغل الوظائف الشاغرة، فقد عيّن مجلس الشيوخ في المناصب أناسًا من رتب أدنى، من فئاتهم ودرجاتهم. هذه السابقة وضع القرار الصادر في 2 حزيران 1808م حدًّا لها، وهو القرار الذي ينصّ على أنّه “من الآن فصاعدًا لا يجوز لمجلس الشّيوخ أن يصدر قرارات بالترقيات إلى أيّ من الرّتب قبل خدمة السنوات القانونيّة”. وفي الوقت نفسه، تمّ تأكيد اشتراط تقديم طلبات لمنح الرّتب للخدمات الخاصّة حسب تقدير الإمبراطور نفسه.
مع عمليّة تصنيف الوظائف إلى فئات ودرجات، ازدادت الحاجة إلى تحديد وضع لوائح لهذه الرّتب وتوحيد مسمّياتها في الخدمة المدنيّة. في البداية، كانت الرّتب العسكريّة هي التي تستعمل مكان غيرها، ولكن لم يكن من الممكن تعميم هذه الألقاب والرّتب على نطاق واسع على الرغم من أنّ الموظّفين المدنيّين كانوا شديدي الحماسة للأمر، لأنّ الخدمة العسكريّة كانت تتمّتع بأهمّيّة، وقيمة، وسمعة أكثر من المدنيّة، وكذا رغبة الموظّفين مساواة أنفسهم بالضبّاط. خلال القرن الثّامن عشر كان على الحكومة أن تصدر مرارًا قرارات تحظر على موظّفي الخدمة المدنيّة حمل ألقاب الرّتب العسكريّة، ولكن اتّضح أنّ جاذبيّة الأخيرة كانت كبيرة لدرجة أنّه حتّى في ظلّ حكم نيكولا الأوّل، ظلّ الضبّاط الذين دخلوا الخدمة المدنيّة يلقبّون برتبهم العسكريّة السابقة. لقد كانت الألقاب العسكريّة هي المفضلة حتّى نهاية القرن التاسع عشر، ووفق بعض الشهادات فإنّ “العديد من الموظّفين في الهرم المدنيّ”، كانوا يأمرون خدمهم بأن يطلقوا عليهم لقب “سيّدي الجنرال”. (.Шепелев، 1991)
مع نشر بنود قانون نظام الموظّفين في عام 1801م، تمّ الانتهاء من هيكلة نظام الخدمة المدنيّة في روسيا، لتقسم الوظائف الدائمة إلى فئات، والفئات إلى رتب، والرّتب إلى درجات، ليصبح لكلّ إدارة ملاك يحدّد عدد الوظائف والفئات، كما حدّدت طرق التدرّج، والترقية، والترفّع.
لقد كان الهدف من وراء إصدار مرسوم ألكساندر الأوّل في 6 آب 1809م: “قواعد التدرّج في صفوف الخدمة المدنيّة، والاختبارات العلميّة لتحسين الإنتاج في هيكليّة الدولة من الزمالة ومستشاري الدولة”، هو تعيين موظّفين من أصحاب الكفاءات العلميّة في فروع الخدمة المدنيّة المتعدّدة، بحيث أصبح السبيل الأوحد للحصول على الامتيازات والمكافآت، وعلى الرغم من ذلك لم يشكّل هذا المرسوم عامل تحفيز لرفع المستوى العلميّ في جهاز البيروقراطيّة الوظيفيّة.
في 10 نيسان 1812م، وبتوجيه من ألكساندر الأوّل، تمّ إنشاء لجنة خاصّة مؤلّفة من أربعة وزراء مكلّفين “وضع قواعد عامّة لجميع أقسام الخدمة المدنيّة، وتحديد المؤهّلات المعرفيّة والعلميّة، وتبيان تلك الفئات التي تحتاج إلى إعادة التأهيل…”.
وقد أضيف إلى نظام الرّتب المدنيّة، ألقاب فخريّة عدّة ، مثل وزير دولة لشؤون جلالة القيصر، وعضو مجلس الدولة، وعضو مجلس الشيوخ، أو الوصيّ الفخريّ”. كلّ هذه الألقاب لم يأتِ على ذكرها جدول الرّتب، كما لم تكن مرتبطة رسميًّا بأيّ من الفئات على الرغم من وجود تطابق ضمنيّ بين اللقب والرّتبة، إذ إنّها كلّها كانت تستمدّ أصولها من وظائف متشابهة. (Евреинов، 1887)
في العام 1810م وبفعل تشكيل هذه اللجنة ظهر لقب آخر وهو “عضو في مجلس الدولة”. بالنّسبة إلى غالبيّة أعضاء المجلس (حوالي 40 شخصًا)، أصبح حاملي هذا المنصب من الفئة الثانية، على أنّ جميع أعضاء المجلس “لهم الحقّ بلا منازع في لقاء الإمبراطور من دون أيّ مواعيد مسبقة”، فيما تساوى لقب السيناتور، ولقب العضو الوصيّ، أو النّبيل الفخريّ، الذي استحدث عام 1798م، كمكافأة تمنح لفاعلي الخير، والمتبرّعين من المدنيّين. وكان هناك جمع بين رتبة عضو في مجلس الدولة، وعضو مجلس في الشيوخ (باستثناء وزير الدولة) مدى الحياة. على سبيل المثال كان ل. غوريميكين، عشيّة ثورة شباط يتولّى منصب مستشار سرّيّ من الدرجة الأولى، وسكرتير الدولة، وعضو مجلس الدولة، وعضو مجلس الشيوخ في الوقت نفسه. (Сингаевский، 2008).
جدول الفئات والدرجات
الفئة | اللقب |
I | المستشار الأعلى وأمين السرّ الأوّل – بَدءًا من العام 1773م |
II | أمين السرّ |
III | مستشار سرّيّ – من العام 1724م |
IV | أمين سرّ البلاط الأوّل أوبر تسيرمونيستر (1743 – 1796م)، مسؤول الشؤون الاحتفاليّة والاستقبالات (مصلحة ديوان القصر الملكيّ). |
V | مستشار الشؤون المدنيّة |
VI | مستشار الزمالة، أو المستشار العسكريّ |
VII | مستشار البلاط – تسيرمونيستر قبل 1743م؛ مستشار لشؤون القصر منذ العام 1745م |
VIII | مستشار الشؤون القضائيّة |
IX | مستشار لشؤون الألقاب، والرّتب، والأوسمة، والترقيات |
X | سكرتير المجلس |
XI | مستشار لشؤون البحريّة، والسفن، والتجارة الداخليّة، والخارجيّة قبل 1790م |
XII | سكرتير لشؤون المقاطعات |
XIII | سكرتير لشؤون المناطق البعيدة والنائية – كاتب مجلس الشيوخ حتّى العام 1834م، مدوّن، أو مسجّل السينودوس. |
XIV | مستشارين مساعدين – كاتب العدليّة، مرشّح كاتب العدل، سكرتير المدينة |
ألقاب العاملات في القصور والخيّالة
عرفت الإمبراطوريّة الرّوسيّة مجموعة من الألقاب التي كانت تمُنِح للبِطانة الملكيّة وهؤلاء كانوا يلقّبون بالخدم، وموظّفي الرعاية الخاصّة، وكانوا يشكّلون الجهاز الأصغر في الهرميّة البيروقراطيّة الملكيّة، ولكنّهم في الوقت نفسه، كانوا أكثر الفئات النخبويّة في سلّم الوظائف المدنيّة. (فالعسكريّون كقاعدة عامّة، لا يمكن أن يمنحوا ألقابًا مرتبطة بالبلاط)، وقد تمّ تعليل هذا الأمر لأنّهم كانوا يعدّون البلاط الإمبراطوريّ هو مقرّ إقامة رئيس الدولة. (.Антонов، 2003)
البلاط الإمبراطوريّ هو مقرّ إقامة الإمبراطور، أو القصر الكبير (بولشوي دفوريتس) إلى جانب العديد من القصور التي تعود لعائلات نبيلة، وأخرى يقطنها أفراد من العائلة الإمبراطوريّة الحاكمة، وكان عدد موظّفي القصور والعِذَب محدود جدًّا من أشخاص إمّا لم يدرجوا في سلّم الرّتب والألقاب، أو حصلوا على ألقابهم بمرسوم إمبراطوريّ. قسّمت التشريعات الرّوسيّة موظّفي القصر الكبير إلى فئات ثلاث: موظّفي البلاط، الفرسان، والخيّالة التابعين للقصر (الحرس الإمبراطوريّ)، العاملات (وهن السيّدات والفتيات) اللواتي لديهن ألقابًا إمبراطوريّة تخصّ الحاشية. (Н.Е.Волков، Двор русских императоров в его прошлом и настоящем، 2003)
كانت تتمّ عمليّة إدارة شؤون القصر الإمبراطوريّ واقتصاده المعقّد كافّة من خلال عدد من المكاتب، والدوائر، والدواوين، وكان للديوان الملكيّ الدور الأهمّ، فهو يشرف على كلّ ما يتعلّق بالقيصر، وشؤون الخزانة. في عام 1786م تمّ إلغاء الديوان الملكيّ، واستعيض عنه بالدائرة الملكيّة وفقًا لجدول الوظائف الصادر عام 1841م، حدّدت مَهَمّات هذه الدائرة بالإشراف على كلّ ما يتعلّق بالقصور الإمبراطوريّة، والحدائق، والجنائن الملكيّة، التموين، والمأكل، والبروتوكول، الإشراف على منشآت القصر الملكيّ، وتنظيم احتفالات البلاط وشؤون موظّفي البلاط كافّة. ابتداء من العام 1854م، اهتمّت بتأهيل مباني القصر الملكيّ وترميمها وصيانتها (قاعة العرش، قاعة الاجتماعات، عرش القيصرة، مكتب القيصر). وخلال فترة معيّنة أنيط بها مَهَمّات تأمين كلّ ما يتعلّق بالتجهيزات، والديكور، الزخارف، الثريّات. في العام 1883م، تمّ إعادة تسميتها لتصبح الإدارة العامّة للقصر الملكيّ، وظلّت قائمة حتّى العام 1891م. أمّا المؤسّسة المسمّاة “غوفمارشالسكي” (الأمانة العامّة للإدارة الحكوميّة) التي كانت جزءًا من الدائرة الملكيّة أصبحت مؤسّسة مستقلّة. (Б.И.Антонов, p. 658с.)
وأنيط بالغوف – مارشالسكايا الشؤون المتعلّقة باحتفاليّات الأسرة الملكيّة، وصاحب الجلالة، إضافة إلى الشؤون اليوميّة للقصر الملكيّ، تنظيم الأعياد الرّسميّة، الاهتمام بموائد الإمبراطور وأفراد حاشيته،، وموائد الحرس الملكيّ، والخيّالة (ضبّاط الخدمة)، ضيوف القصر؛ مائدة الأوبر غوفمايسترني (table ober-hofmeisteriny- رئيس الدائرة وموظّفيه)، الفتيات، والخادمات اللواتي يعشن مع العائلة الملكيّة، مائدة قائد سريّة الحرس الملكيّ.
نصّ ميثاق هيئة البلاط الصادر في عام 1796م على أنّه: “يُسمح لأيّ شخص من هؤلاء الموظّفين الكبار في القصر أن يستضيف سبعة أشخاص على أن يتولّى حسن الضيافة، وخدمة المائدة، وفقًا لعدد هؤلاء”. وشملت الفئة الثانيّة موائد مكاتب ضبّاط الحراسة، والأمناء المناوبين، والموظّفين، مناوبي أجنحة القصر، وغرف أفراد البطانة الملكيّة، الوصيفات، وغرف الحرم الملكيّ، والأجنحة العديدة المخصّصة للقيصر وزوجته، وأبنائه وبناته([21]). كما شملت الفئة الثالثة (“غرفة الطعام المشتركة – ستولوفايا”) وهي موائد كبار موظّفي القصر([22]).
تولّى ديوان الإسطبلات كلّ ما يتعلّق بالعربات الملكيّة، والإسطبلات الخاصّة بالقصور، وأعيد تنظيمه في عام 1786م، ليتحوّل إلى دائرة شؤون الإسطبلات. وفي سنة 1891 سمّي بقسم شؤون الإسطبلات التابع للقصر الملكيّ. بالنّسبة إلى الصيد الإمبراطوريّ كان يخضع لجهاز أوبر ماستر (Oberjäger meister)، وهو الديوان المسؤول عن شؤون الصيد الملكيّ، وتمّ تحويله عام 1796م إلى دائرة شؤون الصيد الملكيّ. منذ سنة 1882م، أصبحت الدائرة تسمّى دائرة الصيد الملكيّ.
دخلت ضمن مَهَمّات قسم الشؤون الملكيّة إدارة العديد من المؤسّسات الثقافيّة المُهِمّة: قصر الفنون (الإيرميتاج)، وأكاديميّة الفنون الجميلة، وبعض المسارح، مدرسة الغناء والتراتيل ومدرّسيها، محترفات الزخرفيّات، والمنحوتات، والديكور الدّاخليّ، بعض المتاحف وغيرها. وكان كلّ هذا يتطلّب نفقات عالية مصدرها ميزانيّة الدولة بشكل أساسيّ، وتقدّر بمبالغ هائلة. (Кривошеий.، 1973)
كانت الحاشية في القصور الإمبراطوريّة الرّوسيّة وعلى غرار أيّ بلاط تضمّ مئات الأفراد الذين يحيطون بالقيصر وبحرمه من سيّدات، وفوارس، وأعداد من الكتبة، والخدّام فيما دُعي بالدار الملكيّة، حتّى انعكس ذلك أيضًا في التشريع من خلال منح بعضهم الفئات والدرجات.
هكذا تمّ في سنة 1737م ترفيع موظّفي (Kammerjunker)، وهو مدير الغرفة (جناح الملك أو الملكة)، وموظّفي Kammerherr) ) من الفئتين (VI- (IXإلى (IV- VI). في سنة 1742م أصبحت من الفئتين (IV- V). في عام 1743م، رفّع رئيس شؤون الاحتفاليّات Ober. Caerimönia إلى الفئة V. على أنّه ليس هناك من بيانات دقيقة عن الفئات الوظيفيّة الأخرى ضمن سلّم الرّتب في القرن الثّامن عشر، ومع ذلك في 30 كانون الأوّل 1796م، تمّ منح درجة واحدة لموظّفي الفئة الثانية وهم: مسؤول شؤون الوصيفات (Hofmeister)، مسؤول الشؤون الإداريّة (Oberhofmarschall)، مسؤول الإسطبلات (Stallmeister)، وكذلك أعطيت لرئيس قسم الشؤون الاحتفاليّة (Zermonienmeister)، ودرجتين لكلّ من (Jägermeister) (ماستر في الصيد الملكيّ)، وأخرى لموظّفي قسم الاحتفالات الرئيسة وعددهم 12. (Н.Е.Волков)
دخلت رتبة جديدة ضمن سلّم رواتب العاملين في القصر بعد بتتويج الكسندر الثاني، في 30 آب 1856م، هي أوبر فورسنايدر (Obervorschneider)، أي المسؤول عن تنظيم شؤون ترتيب الموائد. لقد كان لموظّفي القصر الحقّ في الحصول على ألقاب فخريّة تُمنِح لجميع العاملين في القصر الملكيّ. في عام 1881م، كان العدد الإجماليّ للأشخاص الحاصلين على هذه الرّتب 590، وبحلول عام 1914م وصل إلى 897.
قام نيقولا الأوّل في عام 1826م، بتثبيت مجموعة من الآنسات (Fräulein)، وهنّ من خادمات الشرف – وعددهن 36، لتقمن على خدمة الإمبراطورة والأميرات. ونالت بعضهن رتبة أعلى – الوصيفة الأوّلى. وفق التسلسل الهرميّ للبلاط، فإنّ وظيفتهن كانت تعادل تمامًا أوضاع سيّداتهن، وكثيرات منهن كنّ يحضرن إلى القصر ويظهرن فقط في المناسبات الرّسميّة. (А.В.Висковатов، – Факсимильное издание .2007-2008)
كان نظام الحكم عند هذا الأخير يستند إلى ما يقرب من تسعمائة ألف نبيل، إلى جيش من الموظّفين يتراوح عددهم بين 440000 و500000 عيّنهم القيصر، لتحكم روسيا ليس القيصر، بل مجموعة من أكبر الموظّفين ثراء، وهو لا يستطيع معارضتهم لأنّهم كبار ممثّلي النبلاء والملاك العقاريّين. (عبدالله، 2015)
تصفية الألقاب والرّتب في عام 1917م
بعد الإطاحة بالنظام القيصريّ مباشرة، في وقت متأخّر من مساء 1 آذار1917م، أصدر مجلس سوفييت بتروغراد للعمال والجنود الأمر رقم (1)، الموجّه إلى جميع جنود حامية بتروغراد. تمّ التأكيد فيه على ضرورة إنشاء لجان في جميع الوحدات العسكريّة “من الممثّلين المنتخبين من الرّتب الأدنى”. أحد الأحكام الرئيسة للنظام “ما يتعلّق بجميع الخطب السياسيّة”، إذ على الوحدات العسكريّة كافّة أن تخضع إلى “مجلس نوّاب العمال، والجنود، ولجانهم”. تنصّ الفقرة (6) على أنّه “خلال أداء الواجبات الرّسميّة، يجب على الجنود مراعاة الانضبّاط والصرامة العسكريّين، على أنّه خارج الخدمة تنطبق عليهم جميع الحقوق التي يتمتّع بها جميع المواطنين” .
ألغت الفقرة التالية مناشدة الرّتب الأدنى للرتب الأعلى باستعمال ألقاب متداولة (صاحب السعادة، الفخامة، إلخ). وبدلًا من ذلك كان يجب استخدام الألقاب حسب الرّتبة مع إضافة كلمة السيّد، وبعبارة أخرى، أصبحت مخاطبة الضبّاط تتمّ باستخدام مصطلحات كالسيّد العقيد، السيّد اللفتنانت، إلخ. (بيرمان، 1928)
امتدت أحكام الأمر رقم (1) لمجلس بتروغراد السوفيتيّة في 4 آذار، وبأوامر من الإدارات العسكريّة والبحريّة، لتشمل الجيش والبحريّة بالكامل. في الوقت نفسه، تمّ استبدال الرّتب الأدنى (رقيب، مساعد) ومناداتهم “الجندي – سولدات” و”البحّار- ماتروس”. بأمر من القيادة العسكريّة البحريّة، في 16 نيسان، ألغيت جميع الألقاب والرّتب في الأسطول، وجميع الامتيازات، والعلامات البارزة المرتبطة في السابق بالرّتب، والألقاب المتعدّدة، ألغيت التحيّة العسكريّة، وجميع الزينات، والشرائط، وغيرها من علامات التمييز، وجميع تنظيمات الضبّاط، ألغي قانون المراسلين في الجيش. (قوانين الاتّحاد السوفيتيّ 1917)
في 21 آذار 1917م، ألغى أمر الإدارة العسكريّة “كلّ الرّتب والألقاب العسكريّة القيصريّة” من بينها ألقاب الجنرالات، والجنرالات المعاونين و(Flügeladjutant) أي جنرالات البلاط الذين كانوا إلى جانب القيصر.
لقد انعكست كلّ هذه التغييرات في الجيش على موظّفي الخدمة، فتراجعت أهمّيّة المسؤول بشكل حادّ، وأصبح استخدام الألقاب العامّة أمرًا غير مرغوب فيه. على سبيل المثال طالب أ. ف. كيرنسكي، وكان وزيرًا للعدل في الحكومة المؤقّتة([23]) بمخاطبته ليس (كصاحب المعالي والسعادة)، بل “بالسيّد الوزير”. (كليف، 1998)
ومع ذلك، لم تجرؤ الحكومة المؤقّتة أن تمسّ بنظام التّراتبيّة في الوظيفة المدنيّة. وفي آب أعدّت وزارة العدل مشروع مرسوم: “بشأن إلغاء رتب المسؤولين المدنيّين، والأوامر، والأوسمة، والشارات المميّزة.” في منتصف كانون الأوّل، كان هذا المشروع جاهزًا على أن يتمّ الاحتفاظ بالرّتب، والألقاب فقط للعسكريّين. وأشار إلى أنّ تحديد حقوق الموظّفين المدنيّين ومزاياهم من الآن فصاعدًا يصبح حسب وضعهم الوظيفيّ. علاوة على ذلك تمّت المحافظة على السلّم الأخير للدرجات في الخدمة المدنيّة، وكذلك تمّ الأخذ بالحسبان الأقدميّة منذ قرار التعيين في المنصب لدى كلّ فئة، وطالب بإلغاء الألقاب كافّة. ومع ذلك، فإنّ المشروع لم يلقَ موافقة مجلس الدوما ولا الحكومة، كما لم يتمّ إلغاء الألقاب المدنيّة الفخريّة، والألقاب الوراثيّة. حصل ذلك فقط بعد ثورة أكتوبر. (زايونتشوفسكي.أ.ب، 1973)
في 8 تشرين الثاني 1917م، قرّرت اللجنة التنفيذيّة المركزيّة لعموم روسيا إلغاء طبقة النبلاء، وكلّ طبقات المسؤولين المدنيّين، وتمّت الموافقة على المرسوم ذي الصلة الصادر في 10 تشرين الثاني من قبل اللجنة التنفيذيّة المركزيّة، وفي 11 منه تمّ التصديق عليه من قبل مجلس مفوّضي الشعب، وتمّ نشره بتوقيع لينين وسفيردلوف.
وفي ما يلي أهمّ ما جاء في نصّ المرسوم:
“البند. 1. يتمّ إلغاء جميع التقسيمات الطبقيّة الممنوحة، وغير الممنوحة التي كانت سائدة من قبل في روسيا القيصريّة، وكذلك الامتيازات في القيود، والملكيّات العقاريّة، والأراضي، وكذلك جميع الرّتب المدنيّة.
البند. 2. تلغى كلّ الألقاب (النّبيل، التاجر، الحرفيّ، الفلاّح، إلخ)، والألقاب (الملكيّة وألقاب “الغراف”، إلخ) وأسماء المسؤولين المدنيّين (المستشارين السرّيّين والحكوميّين، وما إلى ذلك)، وتستبدل بلقب واحد: “مواطني كلّ روسيا”. (ل.ي.شسيبيلييف، 1991)
في 30 تشرين الثاني 1917م، أرسلت اللجنة العسكريّة برقيّة أمرت فيها جميع الوحدات والمؤسّسات العسكريّة الالتزام بقراراتها، “ريثما تتمّ الموافقة على إقرار قانون حول الجيش من قبل السلطة المركزية، من خلال” المبادئ الإلزاميّة”.
في 3 كانون الأوّل 1917م، وبأمر من منطقة بتروغراد العسكريّة رقم (11)، تمّ إلغاء جميع “الرّتب والألقاب” العسكريّة، على أن يحتفظ الموظّفون برتبهم وألقابهم، وتمّ إلغاء جميع “علامات التمييز”، أي (أشرطة الكتف، الأنواط، علامات التمييز، وما إلى ذلك)، وكذلك الأوسمة.
بعد أسبوعين تقريبًا ألغيت الرّتب والأوامر العسكريّة على المستوى الوطنيّ كافّة بموجب مرسوم مجلس مفوّضي الشعب حول “تحقيق المساواة بين جميع الجنود في الحقوق”، المؤرّخ في 15 كانون أوّل 1917م. وجاء في الديباجة: “امتثالًا لإرادة الشعب، ومن أجل التسريع الحاسم في إلغاء جميع مظاهر بقايا عدم المساواة في الجيش والقضاء عليها”. نصّ المرسوم على إلغاء “جميع الرّتب والألقاب في الجيش، بَدءًا من الإمبراطور وانتهاء بالجنرال”. كما جاء في ديباجة المرسوم: “أنّه تلغى جميع رتب المسؤولين العسكريّين انطلاقًا من اعتبارات سياسيّة بحيث كان الشعب يكره كلمتي “ضابط” و”جنرال عامّ” المرتبطتين بالقيصريّة البائدة، والعالقة في أذهان الشعب، وكذا إلغاء الترتيب الهرميّ للألقاب لدى الضبّاط، والمسؤولين كافّة الذي يعيق إضفاء الطابع الديمقراطيّ على العلاقات داخل الجيش، كما ألغي استخدام الألقاب الخاصّة كلقب “السيّد”، وإلغاء جميع الأوسمة، ليوضع موضع التنفيذ في 16 كانون الثاني.
أخيرًا ألغيت وبموجب مراسيم مجلس مفوّضي الشعب، على التوالي، في 22 تشرين الثاني و14 كانون الأوّل 1917م، ألقاب السناتور، وعضو مجلس الدولة مع حلّ سلطتيهما.
ختامًا ومع حلول منتصف كانون الأوّل 1917م، ألغيت الألقاب، والأزياء الرّسميّة، والأوسمة في روسيا الإمبراطوريّة، التي كانت قائمة منذ أكثر من قرنين. ومع ذلك، فإنّ التخلّي عن الألقاب لم يكن أمرًا سهلًا، إذ إنّه حتّى في الوثائق الرّسميّة للعام 1918م، لعلّك تجد في بعض المعاملات تواقيع مثل “ملازم أوّل سابق من المرتبة الأوّلى”. إلخ. لقد استغرق الأمر بعض الوقت من أجل الوصول إلى هذه المرحلة بسبب التعقيدات، وبسبب الطبيعة التاريخيّة لتطوّر الرّتب، والألقاب التي أدّت دورًا مُهِمّا في حياة روسيا إلى أن أصبحت هذه الظاهرة القانونيّة، والاجتماعيّة، والنّفسيّة من الماضي التاريخيّ.
الخاتمة
إنّه لمن الطبيعيّ أن يجد الباحث عند تحليله للترتيب الهرميّ للألقاب والرّتب في روسيا القيصريّة صعوبة في فهم معانيها، وتتبّع مساراتها باعتبارها منظومة معقّدة، وباعتبارها أصبحت من الماضي، بعد أن تمّ إلغاء نظام الألقاب، والزِّيّ العسكريّ، والأوامر السائدة في الإمبراطوريّة الرّوسيّة عام 1917م، فمنذ ذلك الحين تمّ نسيانها تمامًا.
لكن الأهمّ هو ما توصّل إليه البحث من أنّ الألقاب تلك لم يكن يترتب على بعضها أيّ نوع من الامتياز القانونيّ بقدر ما كانت تضطلع بدور مهمّ للتقرّب من القيصر، والقصر، والأسر النّبيلة، ولمزيد من النفوذ، والحظوة.
ومع ذلك، فقد ظلّت الألقاب الرّسميّة والوراثيّة تتمتّع بقوّة الاستمرار بصورة رسميّة في سجّلات دوائر الأحوال المدنيّة (النفوس) وما يصدر عنها من وثائق، وشهادات، وسواها من الوثائق، والمستندات الرّسميّة، وكذلك في المخاطبات الخاصّة الشفهيّة، والكتابيّة طوال العهود اللاحقة لصدور الترتيب الهرميّ للألقاب في عهد بطرس الأكبر. هكذا، دخلت الألقاب في المجتمع الرّوسيّ خلال العقود القليلة التي رافقت الثورة في طور من الفوضى الجامحة بعدما كانت لها تشريفاتها، والقواعد الناظمة لحملها، وتوارثها، وتدوينها في السجّلات الحكوميّة، والتخاطب بها شفهيًّا وكتابييًّا.
1- الألقاب الأكثر رواجًا كما وردت في البحث.
* كامري وينكير (Kammerjunker) باللغة الألمانيّة: لقب النّبيل الذي يشرف على جناح، أو غرفة في القصر الملكيّ.
* كامرغير (Kammerher): (لقب ورتبة عالية في القصر الملكيّ)، من مسؤوليّاته الإشراف على جناح الأمير، أو غرفة الطعام وسوى ذلك.
* باج (page): فتى من العائلة الملكيّة كان يعيّن ليكون بمثابة الخادم الشخصيّ لسيّد القصر، أو أحد أفراد الأسرة الملكيّة.
* كامر (Kammer ): موظّف يعين للإشراف، والعناية بأحد أفراد الأسرة الملكيّة، لاحقًا دخلت في مَهَمّاته تربية أولاد الأسرة الإمبراطوريّة وتعليمهم.
* مايور (عقيد – major – general): كان يقود وحدة قتاليّة مؤلّفة حوالي 150000.
* جنرال ليتينات (Lieutenant general) العماد.
* جنرال كولونيل (العماد أوّل).
* مارشال: الفريق.
* كوبتسي (تجار الفئة، I-II-III). وفقًا للمرسوم الإمبراطوريّ الصادر في 14 تشرين الثاني 1824، كي يعدّ التاجر من الفئة (III) يجب أن لا يقلّ رأسماله عن 8000 روبل، الفئة (II) 20000 روبل، الفئة (I)، 50000 روبل.
* لقب الغراف أو الكونت، أرفع من لقب أمير في القرن الثّامن عشر.
* بالكوفنيك palkovnik (عقيد).
* بودبالكوفنيك:pod polkovnik (مقدّم).
* باروتشيك: poroushik ملازم، وهي رتبة مساعد نقيب.
* بروبارتشيك:proporchik ملازم ثانٍ (في الجيش الرّوسيّ الإمبراطوريّ هو حامل الراية).
* بودبروبارتشيك: podporoushik حتّى العام 1880م تلميذ ضابط، بعد العام 1903 أصبح يلقّب بيونكر (طالب في الكلّيّة الحربيّة).
* أوبر أوفيتشيري (المجموعة الأصغر في الرّتب): company officers المجموعة الأصغر بين فئة الضبّاط في الجيش الإمبراطوريّ الرّوسيّ، وكانت هذه الفئة تترواح بين الدرجات (IX-XIV) وفق جدول سلّم الرّتب الذي أصدره بطرس الأكبر. ابتدءًا من رتبة ملازم ثانٍ – حامل الراية (بروبارتشيك كورنيت) وصولًا إلى رتبة نقيب قائد سريّة (روت ميستر). فقد يتمّ مخاطبة الضابط بـ (عطوفتك).
* أونتر أوفيتسيري (مجموعة الضبّاط الأعلى رتبًا) Unteroffizier.
* جنرال على المشاة.
* جنرال على الخيّالة.
* جنرال فيلتسيخمايستر (Generalfeldzeugmeister) القائد الأعلى لسلاح المدفعيّة.
* جنرال فيلدمارشال – جنرال برتبة مشير.
* جنرال فيلدمارشال ليتانينت أي نائب المشير.
* برغادير- العميد.
* جنرال كوميساريوس – المفوّض العامّ (المشرف على كلّ شؤون التمويل، وماليّة الجيش)، يعاونه ضبّاط أقلّ رتبة (المفوض الأعلى برتبة عقيد)، ومساعدين عاديّين، جنرال كفارتيرمايستر يوازي رتبة رئيس هيئة الأركان، وجنرال أديوتانت. أي جنرال الخدمة، وجنرال أوديتور Auditor general المراقب وهو أعلى هيئة رقابيّة، وجنرال مهندس.
* شتيك يونكر: رتبة من الدرجة XIII (تلميذ ضابط في سلاح المدفعيّة).
* كافاليريا – سلاح الفروسيّة.
* خارونجي – رافع الراية (أو عازف البوق ذي الراية)
* فيندريك Fähnrich حامل الراية في سلاح المشاة.
* استاندرت estendard حامل الراية للفرسان.
* فانين يونكر Fahnenjunker طالب السنة الثالثة في الكلّيّة الحربيّة.
* شتاب كابتن (النقيب الركن).
2- الفئات وفق الرّتب العسكريّة
* الفئة الأوّلى: الفيلدمارشال (المشير).
* الفئة الثانية: جنرال سلاح المشاة (قبل 1763، وبعد 1796م)؛ جنرال سلاح الفروسيّة ( قبل 1763 وما بعد 1796م)؛ جنرال سلاح العجلات قبل 1763م؛ جنرال أون شيف – القائد الأعلى (1763 – 1796م)؛ جنرال سلاح المدفعيّة ابتداء من 1796م؛ جنرال مهندس ابتداء من 1796م.
* الفئة الثالثة: الجنرال من رتبة عماد، جنرال مساعد، جنرال غريغسكوميسيير لشؤون المال، والتمويل، والتموين حتّى 1808م؛ عقيد قوّات الحرس الملكيّ (1748 – 1798م )؛ مقدّم في قوّات الحرس الجمهوريّ (1748 – 1798م).
* الفئة الرابعة: جنرال برتبة رائد، عقيد في فرقة الحرس (1722 – 1748م)؛ مقدّم في فرقة الحرس (1748 – 1798م)؛ جنرال بيونير (سلاح الهندسة) 1741 – 1796م؛ جنرال قائد سلاح التجهيز والعديد Kiegskommissar ما قبل 1868.
* الفئة الخامسة: عميد (1722 – 1796م)؛ العقيد من الدرجة الأوّلى في قوّات الحرس (1748 – 1798م)؛ مقدّم في قوّات الحرس 1722 – 1748م؛ شتير كريغيس كوميسار (المسؤول عن الرّتب، والزِّيّ العسكريّ، ودفع الرواتب، والتجهيز بالسلاح الفرديّ، والثكنات)؛ جنرال برافيانمايستر، المسؤول عن شؤون التموين والموادّ الغذائيّة (قبل 1864م)؛ مستشار عسكريّ 1763م، وليس كذلك بعد 1812م.
* الفئة السادسة: عقيد في سلاح المشاة؛ عقيد من الدرجة الثانية في فرقة الحرس (1748 – 1798م)؛ عقيد في فرقة الحرس من العام 1798م؛ ضابط التموين قبل 1868م.
* الفئة السابعة: جنرال فيغانميستر المسؤول عن تنظيم الوحدات العسكريّة قبل 1731م؛ مقدّم في سلاح المشاة، أتامان القوزاق من 1884م؛ كوميسار العديد قبل 1886م، في فرق الحرس: ضابط برتبة نقيب ورائد.
* الفئة الثامنة: العقيد من الفئة الأوّلى والفئة الثانية (1731 – 1798م)؛ عقيد في سلاح المشاة (1798 – 1848م): نقيب في سلاح المشاة؛ رائد في سلاح الفروسيّة من(1884 – 1917م)؛ نقيب معاون في فرقة الحرس (من سنة 1798م)؛ عند القوزاق – أتامان (1798 – 1884م)؛ إساؤول القوزاق (مساعد القائد القوزاقيّ) من 1884م.
* الفئة التاسعة: نقيب في المشاة، نقيب معاون في المشاة من 1884م؛ ملازم أوّل في الحرس؛ رائد في سلاح الفروسيّة (1798 – 1884م)؛ رائد معاون في سلاح الفروسيّة: إيساؤول، ومساعد الإساؤول.
* الفئة العاشرة: ملازم مساعد في سلاح المشاة (1730 – 1797م)؛ نقيب معاون في سلاح المشاة (1797 – 1848م)؛ رائد مساعد في سلاح الفروسيّة قبل 1797م، معاون رائد معاون، ملازم في سلاح المدفعيّة (تسايخفارتر)، ملازم من 1848م، تلميذ ضابط، عند القوزاق تلميذ ضابط في القوزاق، سوتنيك من المئة السود.
* الفئة الحادية عشرة – لا شيء.
* الفئة الثانية عشرة: ملازم؛ ملازم أوّل في المشاة؛ ملازم الراية في سلاح الفروسيّة؛ ملازم أوّل في فرقة الحرس، وعند القوزاق (1730 – 1884م)؛ خارونجي عند المئة السود.
* الفئة الثالثة عشرة كلّ الملازمين، وتلاميذ الضبّاط، والملازمين سلاح المدفعيّة – ومساعدي الملازم (1722 – 1797م)
* الفئة الرابع عشرة: فيندريك مساعد في سلاح الهندسة والمدفعيّة (1722 – 1730م)؛ الملازم الثاني (1730 – 1882م)؛ الكورنيت في سلاح الفروسيّة (1731 – 1884م)؛ الخارونجي والمعاون عند القوزاق.
مراجع باللغة العربيّة
* إيناس سعدي عبدالله. (2015م). روسيا 1894 – 1905م. بغداد، دار أشور بنيبال، ط.1، ص.11 – 12.
* الموسوعة السوفيتيّة الكبرى. الأمميّات الثلاث، ترجمة المحامي الياس شاهين، بيروت، دار الفارابيّ، 1955م، ص.38.
* إيهاب عمر. (2015م). الإمبراطوريّة الرّوسيّة. سبارك للنشر والتوزيع. القاهرة. ص.20 – 22.
* بولبتسوف ألكسندر ألسكندروفيتش. (2005م). مذكّرات عضو مجلس الدولة. (غير مترجم، المترجمون) موسكو: تسنتر بوليغراف. (دار الطباعة).
* توني كليف. (1998م). رأسماليّة الدولة في روسيا. مركز الدراسات الاشتراكيّة.
* ريد جون، عشرة أيّام هزّت العالم، دار الفكر الجديد، بيروت 1985م.
* زايونتشوفسكي.أ.ب. (1973م). ااسلطة المطلقة والجيش الرّوسيّ على تخوم القرن التاسع عشر والعشرين، 1881 – 1903م. موسكو.
* ف. ب. سينغايفسكي. (2008م). الألقاب والرّتب والأوسمة والأزياء الرّسميّة في الإمبراطوريّة الرّوسيّة – الاتّحاد السوفيتيّ – روسيا. موسكو: دار باليغون.
* فولكوغونوف ديميتري. ستالين الواقع والأسطورة، ترجمة حازم حجازيّ، دار المشرق للطباعة والنشر والتوزيع، قبرص، نيقوسيا، 1995م. ص.41.
* قوانين الاتّحاد السوفيتيّ 1917م. رقم 9، المادّة، 138. د. ت.
* ل. ي. شسيبيلييف. (1991م). الألقاب والأزياء في الإمبراطوريّة الرّوسيّة. موسكو، دار العلوم.
* ليون تروتسكي. (بلا تاريخ). تاريخ الثورة الرّوسيّة، المجلّد (1). (أكرم دير- الهيثم الأيوبيّ، المترجمون) المؤسّسة العربيّة للدراسات والنشر.
* وليم دويل. (2016م). الأرستقراطيّة – مقدّمة قصيرة جدًّا، المجلّد (1). (زينب عاطف، المترجمون) القاهرة: مؤسّسة هنداويّ.
* ي. ل. بيرمان. (1928م). الحزب الشيوعيّ (البلاشفة) والمسألة العسكريّة، في قرارات مؤتمرات الحزب الشيوعيّ السوفيتيّ، موسكو.
* لوكومت بيرنارد. (2019م). أسرار الكرملين. ترجمة سنا خوري. جروس برس ناشرون. طرابلس، لبنان، ص.12 – 13.
* ناصر زيدان. (2013م). دور روسيا في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من بطرس الأكبر حتّى فلاديمير بوتين. الدار العربيّة للعلوم ناشرون. ص.22 – 23.
* د.شعيب عليّ. بطرس الأكبر- قيصر روسيا. بيروت، دار الفكر العربيّ، 1992م، ط.1، ص.81 – 83.
* دوغين ألكسندر. أسس الجيوبوليتيكا ومستقبل روسيا، ترجمة عماد حاتم، دار الكتاب الجديد، بيروت، 2004م.
مراجع باللغة الرّوسيّة
* А. П Корелин . М. (1979.). Дворянство в пореформенной России. 1861-1904 гг.: Состав, численность, корпоративная организация. Наука.
* А. А Игнатьев. (1986). Пятьдесят лет в строю. М: Воениздат.
* А. А Мосолов. (1992). При дворе последнего императора: записки начальника канцелярии министра двора. Санкт-Петербу́р: Наука.
* А. А. Половцов. (М 2005). Дневник государственного секретаря Половцова: В двух томах. Центрополигра.
* А. В. Евреинов. (1887). Гражданское чинопроизводство в России. Исторический очерк، 256с.
* А.В.Висковатов. – Факсимильное издание .2007-2008). Историческое описание одежды и вооружения российских войск, с рисунками, составленное по высочайшему повелению: в 30 т.: в 60 кн. 1841 – 1862 г.
* Б. И. Антонов. (2003). Императорские ордена в Санкт-Петербурге. СПб: Глагол.
* В.Ильин) Борисов. В . (1997). Родовые гербы России 215.с. Калининград: Янтарный сказ.
* В. А. Евреинов. (1887). Гражданское чинопроизводство в России: Исторический очерк. 256с.
* В.Н Сингаевский. (2008). Титулы, чины, награды, униформа Российской империи, СССр и России. М: АСТ Полигон.
* Глиноецкий. (1887). Исторический очерк развития офицерских чинов и системы чинопроизводства в русской армии. Военный сборник . № 4، С.23-64.
* Е. П Карпович. (2007). Родовые прозвания и титулы в России и слияние иноземцев с русскими. – М.: ЛКИ.
* К.А.Кривошеий . А. В. Кривошеий. (1973). Его значение в истории России начала XX в. (1857-1921 гг. М: Просвещение.
* Л. Е Шепелев. (2007). Чиновный мир России. XVIII — начало XXв. СПб: Искусство России.
* Л.Е .Шепелев. (1991). . Титулы, мундиры, ордена в Российской империи. М: Наука.
* Н. Е Волков. (2003). Двор русских императоров в его прошлом и настоящем. москва: Центрполиграф.
* Н. П .Глиноецкий. (1887). Исторический очерк развития офицерских чинов и системы чинопроизводства в русской армии.4 №، С.23 – 64.
* Н.Е.Волков. (2003). Двор русских императоров в его прошлом и настоящем.. москва: Центрполиграф.
* П. А Дневник. Валуева. (1961). министра внутренних дел 1861 – 1864гг. В двух томах. М: Издательство академии наук СССР.
* П. А. Зайончковского. (1978 – 2006). Справочники по истории дореволюционной России: Библиографический указатель/ Под ред. СПб: Репринтное издание. Альфарет.
* Н.Ю Шведова. С. И Ожегов. (2007). Толковый словарь русского языка:80 000 слов и фразеологических выражений. М: ООО. А. ТЕМП.
[1]– أستاذ مساعد في الجامعة اللبنانيّة – الفرع الثالث- قسم التاريخ. له العديد من المؤلّفات والمقالات المتخصّصة بالتاريخ الرّوسيّ، وشارك في مؤتمرات دوليّة وعربيّة ومحلّيّة عدّة .
[2] – التناضح في منظومة النَّبالة الرّوسيّة والأوروبيّة تعني نيل رتبة النَّبالة بتزكية من نبيل عريق وإظهار محاسن من ينال النَّبالة وهو نبيل غير أصيل… وقد اكتسب النَّبالة اكتسابًا بسبب دور وطنيّ مميّز ومشرّف قام به.
[3] – في 22 شباط 1711 كانت الهرميّة الجديدة للدولة التي تصدر على شكل “اوكازي” أي المراسيم، ويضعها ومجلس الشيوخ الذي كان يتمّ تعيين جميع أعضائه من قبل القيصر بطرس الأوّل من بين أصدقائه، ويتألّف من عشرة أشخاص. جميع التعيينات والاستقالات لأعضاء هذا المجلس كانت توقّع بواسطة مراسيم إمبراطوريّة.
[4] – في 12 كانون الأوّل 1717م، أنشأ بطرس تسعة “كوليجيومات”، أو المجالس التي حلّت محلّ بريكاز. كلّ كوليجيوم، كان له رئيس ونائب رئيس، ولكن بعض النوّاب لم يعيّنوا أبدًا.
[5] – وليام دويل، المصدر السابق، ص.23
[6] – في الرابع من شباط أصدر بطرس الأكبر المرسوم الذي سمّي:” الترتيب الهرميّ للألقاب والرّتب في روسيا” إثر إصلاحات ضخمة قام بها على الصعد كافّة”.
[7] – بولوفتسوف أ.أ. مذكّرات عضو مجلس الدولة، موسكو، 2005، دار تسنرابوليغرا، مجلّدين، ص.603 . غير مترجم للغة العربيّة.
[8] – سينغايفسكي ف.ن. الألقاب، والرّتب، والأوسمة، والزِّيّ الموحّد في الإمبراطوريّة الرّوسيّة، والاتّحاد السوفيتيّ وروسيا. موسكو، دار باليغون، 2008، ص. 272. (غير مترجم للغة العربيّة).
[9] – غليونيتسكي ن. ب. تاريخ تطوّر الرّتب العسكريّة، ونظام التراتبيّة العسكريّة في الجيش الرّوسيّ. مجلّة المقالات العسكريّة، 1887، العدد الرابع، ص. 23 – 64. غ. م.
[10] – كاريلين. أ. ب. النبلاء في مرحلة الإصلاح في روسيا (1861 – 1904م): المكوّنات، الأعداد، المؤسّسات التعاونيّة، موسكو. دار العلوم، 1979، ص. 304 .غ. م
[11] – ميثاق طبقة النبلاء صدر في 24 نيسان 1785م ووقّعته الإمبراطورة كاترين الثانية، وتضمّن 92 مادّة وملحقاتها، وحدّد الحقوق، والحرّيّة، والملكيّة أعطت هذه الوثيقة النبلاء الحقّ في مواصلة الخدمة بمحض إرادتهم، وسمح لهم أيضًا بدخول الخدمة في ولايات أخرى، لاحقًا عقدت لجنة خاصّة لتعديل الوثيقة. وبعد ذلك، وعلى أساس الأحكام القائمة بالفعل، صدرت بشكلها النهائيّ، وتمّ تقسيمها إلى 4 أجزاء: المزايا الشخصيّة؛ اجتماعات، إصلاح المجتمع النّبيل؛ تعليمات لتجميع شهادات المنشأ النّبيل والنّسب.
[12] – من المحتمل أن تكون الكلمة مشتقّة من جمع اللقب البلغاريّ boila (“أي نبيل”)، وbolyare الموثّقة في النقوش بـالبلغاريّة التي تظهر كـ boilades أو boliades في اليونانيّة، التي تظهر في المستندات البيزنطيّة. ويحتمل أن يكون الاشتقاق الرئيس لها من الجذور التركيّة bai (بمعنى “نبيل أو غنيّ”) وär. وقد أشار العنوان إلى الرّوس القدماء باسم быля (بيليا (bylya)
[13] – هذا اللقب مُنِح فقط للفريق سوفوروف ألكساندر فاسيلييفيتش، وهو القائد الأعلى للجيش الأوّل عضو مجلس الدولة، وقد لمع اسمه وتمجّد بفضل الحملة على بولونيا (1769)، وضدّ الأتراك (1773)، وكنتيجة لإنجازاته، ونجاحاته في الحرب ضدّ تركيا منحته الإمبراطورة كاترين الثانية لقب “الغراف” في العام 1788م أقاله القيصر باول الأوّل، وبعد ثلاثة سنوات أعاده إلى منصب قائد الجيش الرّوسيّ في إيطاليا لمحاربة الفرنسيّين، حيث انتصر في معارك عدّة.
[14] – قولكوف. ن. إ. بلاط الإمبراطوريّة الرّوسيّ ماضيه وحاضره. موسكو، سينتربوليغراف، 2003، ص.58 (باللغة الرّوسيّة).غ. م.
[15] – جدول بطرس الأكبر بشأن سلّم جميع الرّتب العسكريّة، والمدنيّة، ورتب القصر الملكيّ. في 4 شباط 1722. وبموجب مرسوم صادر عن بطرس الأوّل الكبير صدر “جدول صفوف يخصّ جميع الرّتب العسكريّة والمدنيّة، ورتب البلاط.
كان جدول الرّتب عملًا تشريعيًّا وافق عليه بطرس الأوّل في 24 كانون الثاني 1722 م، وأنشأ نظام الوظيفة العامّة للمسؤولين العسكريّين، والمدنيّين، والبلاط الملكيّ كافّة، ونظّم العلاقة في ما بينها، وإجراءات الخدمة المدنيّة، وتسلسل الترقيات في الإمبراطوريّة الرّوسيّة.
[16] – مذكّرات فولوييف. ب.أ. وزارة الداخليّة بين الأعوام 1861 – 1864م، مؤلّف من مجلّدين، إصدار أكاديميّة العلوم في الاتّحاد السوفيتيّ، 1961، ص.429. غ. م.
[17] – علم الرايات، أو علم الأعلام هو الدراسة العلميّة لتاريخ، ورمز، واستخدام الأعلام، أو أيّ شيء يتعلّق بالرايات والأعلام بشكل عامّ.
[18] – تاريخ الإمبراطوريّة الرّوسيّة من خلال شعار النَّبالة. https://asm59.ru/ar/why-how-why/do-you-know-why-three-emblems-were-depicted-on-the-emblem-of-the-russian-empire-the-history-of-the-russian-empire-seen-through-her-coat-of-arms.html
[19] أوبير ضبّاط في روسيا: العناوين والألقاب. من هم “أبناء كبار الضبّاط”؟
https://ar.vision1cycling.com/obrazovanie/83689-ober-oficery-v-rossii-zvaniya-tituly-kto-takie-deti-ober-oficerov.html
[20] – الرابط الإلكترونيّ نفسه. https://ar.vision1cycling.com/obrazovanie/83689-ober-oficery-v-rossii-zvaniya-tituly-kto-takie-deti-ober-oficerov.html
[21] – الوصيفات يقمن لدى جلالة الملكة بالعمل نفسه الذى يقوم به الأمناء، والتشريفاتيّة للإمبراطور، وطبيعة عملهنّ أن يستقبلن الزائرات فى تشريفات جلالة الملكة ويحدّدن مواعيد المقابلات، ويوفدن للزيارة، والاستقبال، والتوديع من قبل صاحبة الجلالة.
ولا بدّ من تواجد بعضهن مع جلالة الملكة باستمرار، لذا يتناوبن هذا الشرف، وتختارهن الملكة بنفسها بعد موافقه جلالة الملك، أو يرشّحهنّ القيصر، وتوافق عليهن الملكة، وتعدّهنّ صديقات لها. ويتمّ اختيارهنّ من صديقات جلالة الملكة، أو من العائلات ذات الصلة بالأسرة المالكة. وهناك نوعان من الوصيفات. النوع الأوّل: الوصيفات العاملات وترجع التسمية إلى أنّ اتّصالهنّ الدائم بالملكة. النوع الثاني: وصيفات الشرف وهنّ يعتبرن احتياطيّات في حالة اعتذار وصيفة الشرف، أو تعذّر حضورها.
وهناك المكلّفات، أو الكلفوات “هنّ الخادمات اللواتي يقمن بالخدمة في القصر، يقدّمن القهوة، والمرطبات، ويلبين النداءات، ويكن في خدمة الزائرات، إضافة إلى خادمات، يقمن بأمور النظافة العاديّة من كنس، ونظافة، وغسيل، وغيرها.
[22] – فولكوف المصدر نفسه أعلاه، ص.247.
[23] – حكومة روسيا المؤقّتة، هي هيئة إداريّة قصيرة الأجل تولّت الحكم بقيادة ألكسندر كيرينسكي بعد تنازل نيقولا الثاني إمبراطور الإمبراطوريّة الرّوسيّة عن الحكم في آذار، 1917م. في 14 سبتمبر، تمّ حلّ مجلس الدوما رسميًّا، واستبداله بمجلس الخمسة، وتمّ تغيير اسم البلاد رسميًّا ليصبح جمهوريّة روسيا. ويكيبيديا.