foxy chick pleasures twat and gets licked and plowed in pov.sex kamerki
sampling a tough cock. fsiblog
free porn

مقاربات المجتمع المدني من العقد الاجتماعي حتى يورغن هابرماس

0

 

مقاربات المجتمع المدني من العقد الاجتماعي حتى يورغن هابرماس

Civil Society Approaches from the Social Contract to Jürgen Habermas

Bushra Hassan Reda بشرى حسن رضا([1])

تاريخ الإرسال:20-2-2024                تاريخ القبول:3-3-2024

بشرى حسن رضا

تحميل نسخة PDF

الملخص

هدفت هذه الدراسة الموسومة بـ” مقاربات المجتمع المدني من العقد الاجتماعي حتى يورغن هابرماس)” إلى استعراض المقاربات النّظرية التي واكبت بداية تبلور هذا المفهوم. وقد خلصت إلى مجموعة من النتائج، تجلّت في تبلور نظرية التّعاقد الاجتماعي (Social Contracting Theory) كنظرية معـاديـّة لنظريـة الحقّ الإلهي للملوك في مجـال الحكم. ورأى “آدم فرغسون” (Adam Ferguson)، في المجتمع المدني أداة للتّقليل من تمركز السّلطة والحدّ من الاستبداد، ليسند توماس بين (Thomas Bean) (1791) إلى المجتمع المدني دورًا أكبر من دور الدّولة ليجعله العنصر الذي يتولى الشؤون العامة لكي يتقلص دور الدولة في المجتمع، فيصبح المجتمع المدني أداة للتقليل من تمركز السّلطة والحدّ من الاستبداد.

أمّا هيغل (Hegel)الألماني الذي عاصر مدّة ضعف الدّولة الألمانية، فقد رأى عكس ما جاء به آدم فرغسون، أيّ على الدّولة أن تكون قوية وفوق المجتمع المدني، لكي تحقق تقدم المجتمع الألماني وتضمن التّعددية. ورأت النّظرية الماركسيّة أنّ المجتمعات البشرية تتطوّر من خلال الصّراع الطبقي ضمن نمط الإنتاج الرأسمالي، وهذا الصّراع يتجلّى بين الطبقات البرجوازية الحاكمة، والمالكة لوسائل الإنتاج من جهة والطبقات العاملة المعروفة باسم البروليتاريا وهي الطبقات التي تبيع قوّة عملها من خلال عائد الأجور؛ فالمجتمع المدني هو قاعدة مادية مؤسّسة للدولة.

وتصوّر أنطونيو غرامشي (Antonio Gramsci) المجتمع المدني كمجال اجتماعي، فيه تنشأ وتدور بين الأفراد والجماعات الصّراعات والخلافات ذات الطابع الإيديولوجي. وتشكّل المفاهيم المختلفة للمجتمع المدني، في مفهوم ماكس فيبر، أساس النقاشات الجارية حول أدوار الدول والأسواق المناسبة. ويعدُّ المجتمع المدني عامةً مجالاً إيجابيًّا يساعدنا على التمتّع بالسّلطة والاستقلاليّة. وطوّر يورغن هابرماس مفهوم الخاص بالفعل التّواصليّ، وهو العملية التي يقوم من خلالها الأشخاص بتكوين هوياتهم، وفقًا لقاعدة تعمل من خلالها الأفعال التّواصليّة على نقل المعرفة الثقافيّة، وتجديدها  في سياق عمليّة تحقيق التفاهم المتبادل؛ ثم تقوم بتنسيق العمل نحو التّكامل الاجتماعي والتّضامن.

الکلمات المفتاحية: المجتمع المدني، العقد الاجتماعي، الجدليّة، الصّراع الأيديولوجي، الفعل التواصلي.

Abstract

This study, titled “Civil Society Approaches from the Social Contract to Jürgen Habermas”, aimed to review the theoretical approaches that accompanied the beginning of the crystallization of this concept. It reached a set of results, manifested in the crystallization of the theory of social contracting theory as a theory hostile to the theory of the divine right of kings in the field of government. Adam Ferguson saw civil society as a tool to reduce the concentration of power and limit tyranny, so Thomas Bean (1791) assigned civil society a greater role than the role of the state to make it the element that handles public affairs in order to reduce the role of the state in society, where civil society becomes a tool to reduce the concentration of power and reduce tyranny.

Hegel, a German who lived through the weakness of the German state, saw the opposite of Adam Ferguson’s, namely that the state must be strong and above civil society in order to achieve the progress of German society and ensure pluralism. Marxist theory held that human societies develop through class struggle within the capitalist mode of production, manifested between the bourgeois classes ruling and owning the means of production on the one hand and the working classes known as the proletariat, classes that sell their labor power through wage revenue; civil society is the material base of the state.

Antonio Gramsci envisions civil society as a social sphere, in which ideological conflicts and disagreements arise between individuals and groups. In Max Weber’s concept, different concepts of civil society form the basis of ongoing debates about the roles of states and appropriate markets. Civil society is generally a positive field that helps us enjoy power and autonomy. Jürgen Habermas developed the concept of communicative action, the process by which people form their identities, according to a rule by which actions work communicative on the transfer and renewal of cultural knowledge, in the context of the process of achieving mutual understanding; then coordinates action towards social integration and solidarity.

 

Keywords

Civil society, social contract, dialectics, ideological conflict, communicative action.

 

مقدمة

يُعد مفهوم النّظرية من المفاهيم المتداولة في الخطاب اليومي، ولعل عبارة ما رأيك؟ وما هي وجهة نظرك؟ وما قولك؟ من العبارات الكثيرة المتداولة. فالنّظرية هي عطاء حكم أو التّعبير عن وجهة نظر ما، ما يعني التفكير في قضيةٍ ما، هذا التّصور الاجتماعي لمفهوم النّظرية.

فقد عرّفها ابن منظور أنّها ترتيب أمور معلومة على وجه يؤدي إلى استعلام ما ليس بمعلوم، وقبل النظر طلب علم عن عالم، أمّا لالانر فقد عرّفها أنها إنشاء تأملي للفكر يربط نتائج بمبادئ، وأكد أنّ النّظرية هي بناء فرضي استنباطي يعكس رؤية العالم حول قضية متنازع حولها، كما أنّها تركيب كلّي يسعى إلى تفسير عدد من الظواهر ويسلم بها كفرضيّة (المشاقبة, بسام;، 2014، صفحة 334).

ثمة ملاحظة جديرة بالاهتمام وهي استئثار المنظومة المعرفيّة الغربيّة بمفهوم المجتمع المدني، وكان من تداعيات ذلك الاستئثار، تطبيقات أحاديّة وقليلة الدّراية بالمجتمعات الأخرى، ولا غرابة في ذلك، لطالما أنّنا إزاء نوع متقدم من عولمة المعاني واستعمالاتها، الأمر الذي يقلّل من الإقرار بتباين الثّقافات والحضارات، ومثل هذه القراءة هي وليدة تاريخ معين، وحضارة معينة لذلك تنتج نماذج نظريّة وتحليليّة خاصة، وغير مؤهلة للانطباق على المجتمعات كلّها، ولئن كان مفهوم المجتمع المدني مفهومًا سائدًا إلَّا أنّه لا ينطبق على المجتمعات كلّها بالمعنى والمدّلول نفسه، ولعل هذا ما يدعونا إلى التّفكير في خصوصيّة النّماذج كلّها وتباين التّجارب، الأمر الذي يؤكد عدم وجود قراءة واحدة وأحاديّة، وإنّما هي قراءات متباينة للمشكلة نفسها، بوصف أنّ الظاهرة، مهما كانت هويتها، لا تقرأ إلَّا في سياقها المعرفي والمنهجي، أخذًا بالحسبان أهمّية الخصوصيات، كمعطى حضاري وثقافي واجتماعي.

1        الإطار النّظري والنّظرية العلميّة

نستعرض في هذه الفقرة أهمية الإطار النّظري في مساعدة الباحث على تفسير مادته البحثيّة، ونتطرق إلى تعريف النّظرية العلميّة.

1.1     الإطار النّظري

يشكل الإطار النّظري المرتكز الأساس للبحث العلمي، إذ إنّ النّظريات تضع الباحث على الطريق القويم في بحثه ودراسته، وتُساعده في تحليل المادة البحثيّة وتفسيرها بشكل أدقّ، وذلك بهدف ربط النتائج بما سبق من نظريات وأبحاث وسياسات وممارسات، واستقراء النتائج لاستشراف نظريات وممارسات مستقبليّة.

وتبلورت على مدى العقود الماضية عدّة نظريات قاربت المجتمع المدني؛ ومن بين تلك النّظريات، عمدنا الى استعراض هذا المفهوم في النّظرية الماركسيّة، وماكس فيبر، وانطونيو غرامشي، ويورغن هابرماس.

1.2     تعريف النّظرية العلميّة

تعدُّ عملية التّنظير عماد العلم الحدّيث، والوحدة الأساسيّة في نسق التّفكير العلمي، فلا يوجد علم دون نظريات علمية؛ فالمعرفة التّجريبيّة أو الميدانيّة تستلهم النّظرية العلميّة، كما أن نتائجها قابلة للتحوّل بدورها إلى نظريات علميّة.

وقد تعددت التّعريفات المعطاة لمفهوم النّظرية؛ فهناك فرق بين الاستخدام الشّائع لمفهوم النّظرية الذي يعني كل ما هو نظري وتأملي، وقائم على التّصورات insights، وبين المعنى العلمي الحدّيث للنظرية الذي يربط ما بين الجانب النّظري وبين الواقع التّجريبي والمعاش.

فالنّظرية المنفصلة عن الواقع ما هي في الحقيقة إلّا فلسفة أيّ مجموعة مقولات غير تابعة أو متفاعلة مع الواقع، وأمّا النّظرية العلميّة فهي تلك التي تكون في علاقة جدليّة مع الواقع تتطور به ويتطور بها، ويكون الواقع هو المحكّ العلمي لتأكيد مصداقيتها وعلميتها.

أعطي للنّظرية عدة تعريفات، منها (ابراش، 2009، صفحة 54)، الأول: بناء تصوري يبنيه الفكر ليربط بين مبادئ ونتائج معينة، والثاني: إطار فكري يفسّر مجموعة من الحقائق العلميّة، ويضعها في نسق علمي مترابط، والثالث: تفسير لظاهرة معينة من خلال نسق استنباطي، والرابع: مجموعة من القضايا التي ترتبط معًا بطريقة علميّة منظمة، والتي تعمل على تحديد العلاقات السببيّة بين المتغيرات، والخامس: مجموعة مترابطة من المفاهيم، والتّعريفات والقضايا والتي تكوّن رؤية منظمة للظواهر عن طريق تحديدها للعلاقات بين المتغيرات بهدف تفسير الظواهر والتنبؤ بها.

أمّا أرنولدروس في كتابه (النّظرية والمنهج في العلوم الاجتماعية)، فقد عرّف النّظرية أنّها:” بناء متكامل، يضم مجموعة تعريفات، وافتراضات وقضايا عامة تتعلق بظاهرة معيّنة، إذ يمكن أن تستنبط منها منطقيًّا مجموعة من الفروض القابلة للاختبار” (Ross, A;, 1954, p. 95).

فالنّظرية إذًا، هي ذلك الإطار التّصوري القادر على تفسير عالم الخبرة الواقعيّة، أيّ الظواهر والعلاقات بهدف البحث عن العلل والأسباب والتنبؤ أيضًا، أو كما يقول تيماشف Timasheff أنّ النّظرية بصورة عامة هي مجموعة من القضايا التي تتوافر فيه الشروط الآتية:

  • ينبغي أن تكون المفهومات التي تعبّر عن القضايا محدّدة بدقة.
  • يجب أن تشتق القضايا الواحدة من الأخرى.
  • أن توضع في شكل يجعل من الممكن اشتقاق التّعميمات القائمة اشتقاقًا استنباطيًّا.
  • أن تكون هذه القضايا خصيبة ومثمرة تستكشف الطريق لملاحظات أبعد وتعميمات تنمّي مجال المعرفة(تيماشيف, نيقولا;، 1978، صفحة 37).

إن النّظرية العلميّة إذًا، نظرية نسبية قابلة للتعديل والتّغيير بتطور الاكتشافات العلميّة، وبتطور الحياة الاجتماعيّة والمعرفة الإنسانيّة، وما دام العقل الإنسانيّ في حالة تطور فلا يعقل أن يبقى مقيدًا بنظريات تجاوزها الزّمن وتجاوزتها المعرفة المحصلة حديثًا.

ينبغي على الباحث ربط النّظرية ببحثه الميداني، نظرًا للأهمية الكبيرة التي تجمع بينهما. فالعلاقة بين النّظرية العلميّة والبحث العلمي علاقة متينة، تتصف بالتّفاعليّة، إذ لا يمكن للباحث الاستغناء عنها أو تجاهلها، مثلما لا تستطيع النّظرية تجاوز طرائق البحث العلمي.

2        أبرز الإسهامات النّظرية حول المجتمع المدني

لم تعد فكرة مفهوم المجتمع المدني منحصرة بالسياسة، بل شملت، في الآونة الأخيرة، وسائل الإعلام والعلماء، على نحو متزايد. وربما يعود ذلك إلى سعة مفهوم المجتمع المدني أو غموضه. من هنا نتساءل: ماذا يعني المجتمع المدني في الحقيقة وأين نعثر على أصوله وما هي أهدافه؟

مفهوم المجتمع المدني ليس مفهومًا جديدًا على الإطلاق، فجذوره تعود إلى الفكر اليوناني القديم قبل 2000 عام من عصرنا الحدّيث؛ إذ أطلق الفيلسوف الشهير أرسطو على المجتمع المدني مجتمع المواطنة (koinonia politike)، كما وجدنا لاحقًا المفهوم عند الرّومان (societos civilis)، في اللغة اللاتينية والذي يعني تجمع للأفراد من دون وجود هرميّة مهيمنة، وهذا التّجمع يتكون من أشخاص يتقاسمون وجهات النظر نفسها، وهذا يعني ما نسميه بمجتمع المواطنة أو المجتمع السياسي([2]).

فهم مواطنون ذكور يمتلكون حرية اتخاذ القرار بشكل جماعي، ومتبادل من أجل الدّفاع عن مصالحهم ومن دون تدخل من هيئة حكومية. وتجدر الإشارة هنا إلى أنَّ أجزاءً كبيرة من المجتمع كالنّساء والعبيد على سبيل المثال كانوا مستبعدين من حقّ المشاركة في هكذا مجتمع (إذ نرى إن هذا المفهوم يعني إن الدَّولة والمجتمع هي الظاهرة نفسها).

ولدت فكرة المجتمع المدني خلال عصر التّنوير في القرن السابع عشر والقرن الثامن عشر. ولقد اكتسب المفهوم الطابع الحدّيث في كتابات جون لوك (Johon Locke) * شارل مونتسكيو (Charles de Secondat, baron de Montesquieu) *. هذا الأمر يعني المجتمع الّذي يعيش فيه المواطنون بعضهم مع بعض في تجمع للمواطنين يكون لهم الحقّ في التّعبير، ويجب أن يكون أولئك المواطنون أحرارًا ومستقلين ويتمتعون بحقّ تكوين الجمعيات، والتّعاونيات واتخاذ قرارات بشأن المسائل المهمة في الحياة العامة. أضف إلى ذلك يجب أن يكونوا قارين على تحقيق تعايش يتميز بالتّسامح، والعدالة الاجتماعيّة في ظل احترام كامل للقانون، ولكن من دون أيّ ضغط من الدَّولة. إذ إنّ المؤلفين وعلماء الاجتماع السياسي يصرّون ويركّزون على استقلاليّة المواطنين وتجمعاتهم أمام الدّولة([3]).

2.1     مفهوم المدرسة الكلاسيكيّة للمجتمع المدني

كان مفهوم المجتمع المدني يشــير في الفلســفة اليونانية إلى مجموعة ســياســية تخضــع لقوانين وهذا ما نجده عند أرســطو. إذ يشــير إلى وجود دولة / مدينة تمثّل تجمّعًا ســياســيًّا أعضــائه هم المواطنون الذين يعترفون بقوانين الدولة / المدنية ويتصرفون وفقًا لها([4]).

ولقد تبلور المفهوم لأول مرة في صــيغته الاصطلاحيّة الســياســية في ســياق نظرية التّعاقد الاجتماعي وفي هذه النّظرية بالذّات كان المفهوم يرادف المجتمع الســـياســي، المؤســس بناءً على التعاقد الاجتماعي. يقول جون لوك: فحين “يؤلف عدد من الناس جماعة وافرة ويتخلّى كلّ منهم عن سلطة تنفيذ السُّنة الطبيعيّة التي تخصه، ويتنازل عنها للمجتمع، ينشأ عندنا حينذاك فقط مجتمع سياسي مدني”([5]).

وطرح الفيلسوف آدم فرغسون تساؤلًا حول كيفيّة الحدّ من تمركز السّلطة السياسية، وعن إمكانيات الحدّ منها، من خلال مراحل التّحول الديمقراطي في المجتمع البريطاني. وقد عدّ وجود الحركة الجمعويّة في المجتمع أفضل أداة بمواجهة آليات الاستبداد بالحكم. وهكذا يصبح المجتمع المدني الذي يتجسد في الحركة الجمعوية قناة للتّغلب على سلطة الاستبداد في المرحلة الانتقالية نحو الديمقراطية والبرجوازية([6]). وإذا كان آدم فرغسون قد رأى في المجتمع المدني أداة للتقليل من تمركز السّلطة، والحدّ من الاستبداد فتوماس بين (1791) أسند إليه دورًا أكبر من دور الدولة ليجعله العنصر الذي يتولى الشؤون العامة لكي يتقلص دور الدولة في المجتمع.

وقد دخلت فكرة المجتمع المدني إلى الفلسفة السياسية كتعبير عن وجود علاقة بين قطبين هما المجتمع والسياسة، وذلك من خلال الصّراع داخل فكرة الحقّ الطبيعي، وبعدها فكرة العقد الاجتماعي التي بنيت على أساس الأولى. وفي اللحظة النّظرية التي جعلت الدَّولة فيها تقوم على العقد، بدأت مرحلة نظرية نهايتها عد المجتمع سابقًا على الدَّولة، وقادرًا على تنظيم نفسه خارج الدَّولة، ومصدر شرعيّة الدَّولة ورقيبها، ومع أنَّ هذه المرحلة بدأت بتسويغ الملكيّة المطلقة، إلّا أنّها انتهت بنفي الملكية المطلقة وعدّها نقيضًا لفكرة العقد الاجتماعي وروحه([7]).

ممَّا تقدم يتضح أنَّ عبارة المجتمع المدني استعملت في الفكر الغربي منذ زمن النهضة إلى القرن الثامن عشر، للدّلالة على المجتمعات التي تجاوزت حالة الطبيعة والتي تأسست على عقد اجتماعي وجد بين الأفراد وأفرز الدَّولة، فالعبارة كانت تدل طوال هذه المدّة على المجتمع والدولة معًا، أيّ أنَّ المجتمع المدني بحسب صياغاته الأولى، هو كلّ تجمع بشري خرج من حالة الطبيعة الفطريّة إلى الحالة المدنيّة التي تتمثل بوجود هيئة سياسية قائمة على اتفاق تعاقد، وبهذا المعنى فإنّ المجتمع المدني هو المجتمع المنظم تنظيمًا سياسيًّا؛ وإن مفهوم الأحرار المستقلين، ومن ثمَّ فإنّ المجتمع المدني لا يعرف المراتب الاجتماعيّة ولا التّدرج الاجتماعي، وتركيبه الدّاخلي لا يعرف السّيطرة ولا التبعيّة، والعلاقات داخل المجتمع المدني ليس علاقات بين قوى اجتماعيّة أو طبقات اجتماعيّة ولكنها علاقات بين أحرار متساوين.

نخلص ممَّا تقدم إلى أمرين: الأول إنّ دلالة المفهوم في نظرية التّعاقد كانت تتجه إلى أبعاد الشّحنة الدّينيّة عن المجتمع وبهذا الإطار صِيغت نظرية التّعاقد كاتفاق داخل المجتمع بين أفراده لتأسيس السّلطة بمعيار أرض دنيوي مدني، يلغي المفهوم القديم القائم على الحكم بالحقّ الإلهي. والآخر وهو يعكس محاولة متطورة في اتجاه ضبط عناصر المفهوم، ومكوناته في سياق تطور المجتمع الرأسمالي وتطور مؤسساته، ويتعلق الأمر بوضع المجتمع المدني أمام الدَّولة لصيغة مواثيق جديدة تحمي المجتمع من هيمنة الدَّولة، وتتيح للمؤسسات المدنية التي يكونها الأفراد إمكانيّة إعادة صياغة المجتمع السياسي([8]).

أمّا هيغل الألماني الذي عاصر مدّة ضعف الدّولة الألمانيّة، فهو يرى عكس ما جاء به آدم فرغسون، أي على الدولة أن تكون قوية وفوق المجتمع المدني، لكي تحقق تقدم المجتمع الألماني وتضمن التّعددية([9]). فقد انتقد هيغل نظريّة التّعاقد الاجتماعي في الدّولة وفي هذا الإطار تصبح الدّولة في نظره مستقلة عن المجتمع وهي المجسدة للحرية، بل إنّها «نظام العقل». ويذكر هيغل الانسجام الذي تفرضه نظرية التّعاقد بين الدولة والمجتمع المدني، مؤكدًا عجز هذا الأخير على إقامة وتحقيق العقل والحرية من تلقاء ذاته، ويقتر ح بأن تكون الدولة هي الإطار القوي القادر على تحقيق هذه الغاية([10]).

لا شكّ أن الفضل في التّمييز بين المجتمع المدني والمجتمع السياسي يعود أساسًا إلى هيغل الذي عدّ أنّ المجتمع المدني ليس هو الدّولة إلَّا أنّه وبشكل مفارق لا يمكن أن يتجسد إلَّا من خلالها، فالعلاقة بينهما عالقة وحدة معقدة من الصّراع والتّكامل. إنّه مجتمع يقترن عند هيغل بدلالة الفردانيّة والضرورة ويحيل إلى مجموعة من البنى الفوقية مثل التجمعات المهنيّة، والحرفيّة والأُسريّة الضيقة التي ليس بإمكانها تحقيق حريتها وإرادتها إلَّا في ظل دولة راعية مطلقة تحميها. ويفصل بذلك مهمات المجتمع المدني عن وظائف الدولة، أو بعبارة أدق يضعه مقابلًا لمفهوم (المجتمع السياسي)([11]).

ويمثّل المجتمع المدني لدى جورج هيغل (Georg Wilhelm Feidrich Hegel) *، الحيز الاجتماعي والأخلاقي الواقع بين العائلة والدولة، وهذا يعني أنَّ تشكيل المجتمع المدني يتم بعد بناء الدَّولة، لأنه كفرق أو كاختلاف بين العائلة والدولة يفترض وجود الدولة([12]).

ويعدُّ باريتو أن المفهوم الهيغلي عن المجتمع المدني، هو في أحد جوانبه أرحب من المفهوم الّذي سيصوغه ماركس فيما بعد؛ ومن أحد جوانبه الأخرى أضيق. فرحابته تتجلّى كونه لا يضم دائرة العلاقات الاقتصادية والعلاقات الاجتماعيّة فحسب، بل يضم أيضاً، الإدارة والقضاء ودائرة الشرطة التي سيعزوها ماركس إلى الدَّولة، وهو أضيق، لأن المجتمع المدني لدى هيكل يمثل الحلقة الوسيطة بين الأسرة والدولة، ومن ثمَّ لا يشمل جميع العلاقات والمؤسسات قبل التولية([13]).

أما ألكسيس دو توكفيل (Alexis de Tocqueville) * فقد أشار في كتب الديمقراطية في أمريكا إلى تلك السلسلة اللامتناهية من الجمعيات والنوادي التي ينظم إليها المواطنون بكل عفوية، وربط ضمان الحرية السياسية بالقوانين والعادات، أي الوضعية الأخلاقية والفكرية للشعب. ومن ذلك تظهر أهمية المدنية وأهمية المواطنة كمكانة قانونيّة بوصفها مجموعة أدوار اجتماعيّة ومجموعة من الصفات الأخلاقيّة([14]).

وما انفك توكفيل يعيد مقولة مفادها لا بدَّ للمجتمع من عين فاحصة ومستقلة، هذه العين الفاحصة ليس سوى مجموعة متعددة من الجمعيات المدنية الدائمة واليقظة القائمة على التنظيم الذاتي، وهي الضرورة اللازمة للثورة الديمقراطية.

3        المقاربة الماركسية حول الدولة والمجتمع المدني

اعتمد ماركس في تحليلاته فكرة المراحل المتعاقبة للتطور التاريخي، وربط هذه المراحل بطرق الإنتاج وأكد الدور الرئيس للطبقات والعلاقات الطبقية والصّراع الطبقي بين من يملك وبين من لا يملك، وأكد ماركس أنّ كلّ مرحلة تاريخيّة تتميز بنظام اقتصادي معين، وإن الانتقال من مرحلة تاريخية إلى أخرى ومن نظام اقتصادي إلى آخر يكون بفعل الصّراع الطبقي([15])، وبفعل العلاقة بين قوى الإنتاج (الناس والآلات والتّقنيات) وبين علاقات الإنتاج (العبوديّة، الزراعة، الحرفيّة، الأجر)، ويعتقد أنَّ هذا الصّراع تحكمه قوانين ومقدمات، لذا يقدم ماركس نظريته لفهم تلك القوانين والمقدمات من خلال مبدأين أساسيين قامت عليهما الفلسفة الماركسية هما المادية الجدليّة والمادية التّاريخيّة.

وبحسب ماركس فإنّ الصّراع الطبقي أساس حركة التّاريخ، وهذا الصّراع بين طبقة حاكمة مستغلَّة وطبقة محكومة مستغَلَّة، والطبقة الحاكمة المستغِلَّة سيطرت على الاقتصاد والمجتمع بسبب تراكم رؤوس الأموال بيدها، وذلك يحدث استنادًا لقانون قيمة العمل وفائض القيمة وقانون الأجر الحدّيدي، فقيمة أي سلعة تتحدد من خلال الجهد المبذول فيها، لكن ما يحصل عليه العامل هو مجرد ما يكفي لسد رمقه ويحفظ قدرته على العمل، فالفرق بين أجر العامل وبين ثمن السلعة الَّذي تباع فيه هو ما يسمى فائض القيمة والَّذي يحصل عليه صاحب رأس المال([16]) وهو ما سيدفع بالطبقة العاملة إلى وعي ذاتها (الوعي الطبقي) فتنظم نفسها ضد أصحاب رؤوس الأموال ومن ثمَّ تصبح الثورة عليهم (ثورة البروليتاريا) أمرًا حتميًّا تمهيدًا للوصول إلى السّلطة وإقامة دكتاتورية البروليتاريا.

وتمثّل الدولة في المفهوم الماركسي الطبقة المستغِلة (طبقة أصحاب الأموال) الَّتي تعمل على تحقيق مصالحها الخاصة على حساب المجتمع، ويرى ماركس إن الاقتصاد هو المفسر لكل تجليات الحياة السياسية فهو محدد للسياسة، لذا فإنّ كلّ من السياسة والقانون والفكر هو البنية الفوقية وهذه البنية الفوقية هي انعكاس للبنية التحتية الَّتي هي الاقتصاد، وعليه فالدولة بوصفها بنية فوقية هي انعكاس للاقتصاد أو عنصر تابع لنمط معين من الإنتاج([17]). فالدولة وفقًا لذلك، ليست محايدة بل إنّها تمثل أداة قمع بيد الطبقة المسيطرة ضد الطبقة المحكومة (البروليتاريا) لكن حين تعي البروليتاريا وضعها وتنظم أمرها ستقود ثورتها ضد هذه الطبقة الحاكمة وبعد أن تنتصر ستعلن دكتاتوريتها([18]) لحماية مكتسبات الثورة من خلال منع اندلاع الثورة المضادة، وبعد أن تتلاشى العداوات الطبقية ستظهر الشيوعية الكاملة، وبظهور الشيوعية الكاملة ستتلاشى الدولة لأنها ستفقد سبب وجودها وهنا فحسب فإن المجتمع الشيوعي سيكون بلا دولة وبلا طبقات([19]).

ومن منطلق المادية الجدليّة يرى ماركس أن المجتمع المدني هو فضاء الصّراع الطبقي حول قوى الإنتاج، وفهو يشمل مكونات البنية التحتيّة([20]). لقد استعمل «ماركس» مفهوم المجتمع المدني بمعاني قريبة من الدّلالات الَّتي نجدها للمفهوم في نصوص «هيغل»، وقد كان «ماركس» يعدُّ، مثل «هيغل»، أن المجتمع المدني هو مجال تضارب المصالح الاقتصاديّة حسب القيم البورجوازية([21]).

فالمجتمع المدني عند ماركس، هو مجال للصراع الطبقي، ويشكل كلّ الحياة الاجتماعية قبل نشوء الدَّولة، ويحدد المستوى السياسي، أو الدَّولة بوصفه مستوى تطور العلاقات الاقتصادية، حيث يتطابق المجتمع المدني إذاً في المعالم العريضة مع البنية التحتية، ويشترط مستوى البنية الفوقية، والإيديولوجيا والمؤسسات السياسية([22]).

الشكل رقم (1): المجتمع المدني في رحاب النّظرية الماركسية

الفعل المتصارعون مجال الصّراع الهدف
الصّراع الطبقة البرجوازية الحاكمة و الطبقة العاملة (البروليتاريا) المجتمع المدني وسائل الانتاج

 

4        مقاربة ماكس فيبر (Max weber)

الفعل الاجتماعي عند فيبر هو موضوع علم الاجتماع، لذا فإنّه يعرف علم الاجتماع بأنّه «العلم الَّذي يعمل أو يحاول أن يجد فهمًا تفسيريًّا للفعل الاجتماعي ومن ثمَّ الوصول إلى تفسير علمي لهذا الفعل ومساره وآثاره»([23]) وعلى هذا الأساس فإن وحدة التّحليل عند فيبر هي الفرد الفاعل، إذ كما يقول فيبر «أن الحدّيث عن الفعل يتعلق بالفرد الفاعل (سلوك الفرد الفاعل)، فالفعل هو نتاج السّلوك سواء كان السّلوك واضحًا أم كامنًا، ومن ثمَّ فإن السّلوك هو الَّذي يحدد مسار الفعل»([24])، والَّذي سيحدد كذلك الموقف من السّلطة وآلية التّعامل معها والموقف منها ومن ثمَّ سيحدد درجة شرعيتها ونوع تلك الشَّرعيَّة، كما سيرينا لاحقاً.

ويقسم فيبر الفعل الاجتماعي إلى أربعة أنواع([25]):  فعل عقلاني غائي: يرتبط بتحقيق هدف محدد، وفعل عقلاني قيمي: يرتبط بقيمة معينة أي هو الفعل أو السّلوك الإنسانيّ الَّذي يعتمد على قيمة ما (مثل الأفعال والسّلوك الَّتي تحدث نتيجة لعقيدة دينية أو قيمة أخلاقية)، وفعل عاطفي وجداني: هو الفعل والسّلوك المرتبط بأحاسيس وتأثيرات معينة، والفعل التقليدي وهو الفعل المرتبط بالتعود أي يكون مرتبط بعادة أو تقاليد معينة.

ويعتقد فيبر أنَّ السّلطة هي إمكانية شخص فرض إرادته على مجموعة أشخاص آخرين وحملهم على إطاعته، وتنفيذ إرادته وهذه الطاعة مبنية على عملية ضبط ممارسة([26])، أو بكلمة أدقّ فإن السّلطة هي «مجموعة سيطرة تستعين بتنظيم إداري لفرض إرادتها باستخدام الإجبار المادي المشروع أو التهديد به)([27]).

وترتبط السّلطة بالقدرة على إصدار الأمر وتحقيق الطاعة له وفقًا لقواعد وإجراءات تنظيمية محددة، وهي بخلاف القوة الَّتي تعني لدى فيبر، قيام فرد في ظل علاقة اجتماعية غير متكافئة على حمل الآخرين على تنفيذ رغبته الخاصة وإن كانت خلاف رغباتهم([28]).

واستنادًا إلى تقسيمات فيبر للفعل الاجتماعي فإنه يحدد شرعية كلّ فعل بناءً على قاعدته الَّتي تحكمه سواء عقلانية أم عاطفية أم تقليدية، واستنادًا إلى أسس هذه الشَّرعيَّة يصنف ماكس فيبر السّلطة على أساس السّلوك الاجتماعي إلى ثلاثة أنواع وكما يأتي([29]): السّلطة العقلانية (Rational Authority)، والسّلطة التقليدية (Traditional Authority)، والسّلطة الكارزمية (Charismatic Authority):.

ومن خلال رؤية فيبر حول السّلطة، فإن الدولة بنظره هي مجتمع يمارس بنجاح حق أو شرعية استخدام الإكراه داخل إقليم معين([30])، فذلك يعني أنَّ الدولة مستقلة عن المجتمع وعن الإفراد، فهي تختلف عن غيرها من التنظيمات والمؤسسات الأخرى العاملة في المجال نفسه، فهي تتمتع باستقلاليّة ومركزية تفتقر إليها بقية التنظيمات والمؤسسات([31])، فإنّ استقلاليتها تعني وقوفها على مسافة واحدة من جميع المجتمع فلا تحابي أحدًا ضد أحد ولن تكون وسيلة بيد طرف ضد آخر، فهي الحيز الَّذي يمكن للجميع التنافس فيه بحرية، وهي بذلك تكون الضامن الوحيد للمجتمع من ناحية، وضرورة إيجابية لا يمكن للمجتمع الغنى عنها لضبط حركته من ناحية ثانية، وبذلك تكون الجهة الوحيدة الَّتي تمتلك حقّ الإجبار المادي المشروع.

ولما كانت الدولة تحتكر حق استخدام الإكراه المادي المشروع، فهذا يعني إننا أمام متغيرين هما([32]): (احتكار القوة، الشَّرعيَّة)، فلا يمكن أن تكون هناك دولة من دون أن يكون للسّلطة حقّ استخدام الإكراه أو الإجبار المادي المشروع والَّذي من دونه لا يمكنها حفظ النّظام ولا حمل المجتمع على الطاعة، فالإكراه الشرعي كان وما زال واحدًا من الأدوات الرئيسة لاكتساب السيادة والحفاظ على الحكم سواء من جانب الدُّول أم التجمعات السياسية أم الأفراد([33])، كما أنَّ وجود السّلطة يقترن بالطاعة لها، الطاعة تقترن بالأمر، والأخير بدوره يقترن بالقدرة على الإكراه، والإكراه يقترن بشرط الرضا والقبول وهو ما يعني شرعية السّلطة الحاكمة.

الشكل رقم (2): المجتمع المدني في مقاربة ماكس فيبر

الدولة
مستقلة ممارسة تملك النتيجة
عن الأفراد والمؤسسات الأخرى الإكراه احتكار القوة الطاعة والانقياد لها شرعية السّلطة الحاكمة

5        مقاربة أنطونيو غرامشي حول المجتمع المدني

قدّم أنطونيو غرامشي أفكارًا مفسّرة لحركة الصّراع بين الطبقة العاملة والبرجوازية، ومقترحات لتطوير الأحزاب الشيوعية وسبل نضالها في الأوساط الشّعبيّة. وثمّة أهمية كبيرة لما قدّمه غرامشي لمفهوم المجتمع المدني ولمفهوم الحزب الثوري ولمقولة الهيمنة الثقافية ولبناء الكتلة الشعبية أو التاريخية، ولكيفية العمل للفوز بتأييد الجماهير الشعبية…

وخضعت الماركسية إلى تطور حقيقي على يد الفيلسوف الإيطالي أنطونيو غرامشي (Antonio Gramsci) ولا سيما في مفهومه للمجتمع المدني الّذي يعارض تنظير ماركس، إذ ينظر إلى المجتمع المدني، بوصفه جزءًا من البنية الفوقية، وتنقسم هذه البنية بدورها إلى مجتمع مدني ومجتمع سياسي، وظيفة الأولى الهيمنة عن طريق الثقافة والإيديولوجية، ووظيفة الثانية ـ الدَّولة ـ تعني السيطرة والإكراه.

والجديد في تصور غرامشي للمفهوم هو إن المجتمع المدني ليس مجالًا للمنافسة الاقتصاديّة كما وضح هيغل وماركس كلّ بطريقته الخاصة، بل إنَّه مجال للتنافس الإيديولوجي. بعبارة أخرى إذا كان المجتمع المدني لدى ماركس يتطابق مع البنية التحتيّة فإن تحويل غرامشي للمجتمع المدني من البنية التحتية إلى البنية الفوقية يؤدي حتمًا إلى تعديل حاسم في العلاقات الجدليّة، ومن ثمَّ العلاقات المتبادلة بين البنية التحتية والبنية الفوقية. فالبنية التحتية لدى ماركس هي الهيمنة بينما الغلبة عند غرامشي للبنية الفوقية. إن غرامشي يشاطر ماركس رأيه حين يقول هذا الأخير إن المجتمع المدني هو مسرح التاريخ. لكن المسرح لم يعد في البنية التحتية بل أمسى في البنية الفوقيّة([34]).

على هذا فإنّ المجتمع في فكر غرامشي، هو مجال سياسي أيضًا، إنَّه فضاء تكون الإيديولوجيات المختلفة وانتشارها، والتي تشدّ الجسد الاجتماعي بعضه إلى بعض. وإن تلك المساحة التي تشغلها الأنشطة والمبادرات الفردية والجماعية (الأهلية) التي تقع بين المؤسسات والأجهزة ذات الطبيعة الاقتصادية البحتة من ناحية وأجهزة الدَّولة الرسمية ومؤسساتها من ناحية أخرى([35]).

يعدُّ غرامشي أن المجتمع المدني يتشكّل من مؤسّسات مسمّاة بالخاصة، هي التي تشكّل المجتمع المدني. ومن هذه المؤسّسات يذكر غرامشي الكنيسة والنقابات والمدارس وغيرها. ويدرج، بشكل عام، في المجتمع المدني كافّة أجهزة الهيمنة، وجميع الإيديولوجيات العملية التي تمارس نفوذها: الكنيسة والدين، والمدرسة والتعليم، والصحافة والمعلومات، والأحزاب السياسية، والنقابات… وعمومًا كل أشكال الارتباط الحرّ بين المواطنين.

وبخصوص موقعية الاقتصاد من المجتمع المدني، يعتبر غرامشي أن البنية الاقتصادية ليست من المجتمع المدني، إلّا أنّها معنيّة مباشرة بدوره؛ فالمجتمع المدني، بحسب الجدليّة الغرامشية هو عنصر الوساطة بين هذه البنية الاقتصادية والدولة، إذ يتوسّط المجتمع المدني بين البنية الاقتصادية والدولة بتشريعاتها وبسلطتها في الإكراه.

وتتجلّى وظيفة المجتمع المدني، بحسب غرامشي، بعلاقة وثيقة جدًا وخصوصيّة في المجتمعات الغربيّة، منذ مطلع القرن العشرين بين الدولة والمجتمع المدني. ففي ظلّ دولة مترنّحة في المجتمعات البرجوازية الغربية غداة الحرب العالمية الأولى، سرعان ما اكتُشِفت بنية قوية للمجتمع المدني. فلم تكن الدّولة غير خندق متقدّم، خلفه سلسلة قوية من القلاع والتّحصينات يشكّلها هذا المجتمع المدني وتحمي الدولة. وليست هذه التحصينات التي تعزز الخندق المتقدم للدولة غير تلك المؤسسات أي أجهزة الهيمنة وفاعليتها في خدمة الدولة.

وبحسب غرامشي، فإنّ سياق ثنائية المجتمع المدني/الدولة لا يستنفد دور وفاعلية المجتمع المدني. فثمة سياق آخر لكشف هذه الفاعلية، هو بالأحرى سياق ثالوث: المجتمع المدني/ المجتمع السياسي/ الدولة. ففي هذا الثالوث نجد حجر القاعدة لنظرية غرامشي في السياسة. والمجتمع المدني هو القطب الأساسي في هذا الثالوث وأهم شيء في أصالة غرامشي. فيه يتعرّف المجتمع المدني بوصفه يضمّ العلاقات الاجتماعية جميعها والمنظمات التي لا تشارك في الإنتاج الاقتصادي (المشاريع الرأسمالية) ولا في اشتغال الدولة.

إذاً، تصوّر غرامشي المجتمع المدني كمجال اجتماعي، فيه تنشأ وتدور بين الأفراد والجماعات الصّراعات والخلافات ذات الطابع الإيديولوجي. فهو حقل مفتوح للنقاش والحوار باتجاه خلق إقناع ورضا الطبقات المغلوبة بهيمنة الطبقات السائدة والسّلطة القائمة، أو بخلق الاعتراض على هذه الهيمنة واستبدالها بهيمنة نقيضة.

وبعكس المجتمع المدني، فإنذ المجتمع السياسي هو ميدان القسر، والإرغام، وممارسة القوة التي يمكن أن تكون عسكرية أو قانونية – إدارية، وذلك لتـأمين سيطرة البرجوازية (سيطرة عارية عند الضرورة). ومن ثم، فإن المجتمع السياسي، تبعًا لتعريفه بطابعه القسري، يقابل جانباً معيناً من الدولة، يكمن في وظائفها في الإدارة والقمع، هذه الوظائف التي تخوّلها آلية احتكار العنف الشرعي (وفق تعبير ماكس فيبر). أمّا نظام التعليم الرسمي مثلاً، فلا يقع ضمن المجتمع السياسي كما ورد تعريفه، والذي يعادل تقريباً ما يُسمّى الصلاحيات الملكية للسلطة العامة، أو ما سماه بيير بورديو اليد اليمنى للدولة، مقابل يدها اليسرى والتي تتجلّى في التربية والدولة الاجتماعيّة.

والضلع الثالث لثالوث غرامشي هو الدولة ذاتها. وهي موضوع اجتماعي لا يمكن التخلّي عنه، وموضع إشكالٍ بلا حدود في آن. وتعريفه غير مستقرّ في نظرية غرامشي وعرضة لانزلاقات صعبة في استخدامه. ولكن يبقى للدولة معنيان يمكن التوقف عندهما. المعنى الأول أن الدولة تتمظهر كجهاز متماسك بشكل صارم في المجتمع السياسي، مما يعني أنه مجرد جهاز للإدارة والقمع. والمعنى الثاني أن الدولة هي الوحدة العينية للمجتمع السياسي أي السيطرة، والمجتمع المدني، أي الرضا والهيمنة، ما يعني تكامل الدولة وتماميتها.

وفي هذا السياق، يصف غرامشي الدولة كمجمل الأنشطة السياسية والنّظرية التي بفضلها لا تنجح الطبقة السائدة بتبرير سيطرتها والمحافظة عليها فحسب، بل بالحصول أيضًا على رضا (موافقة) المحكومين الفعّال. ومفهوم الدولة الغرامشي هذا يخدم في كشف وجود علاقات سياسية للسلطة داخل المجتمع المدني بالذات، كما أن هذا المفهوم للدولة يرفض على الفور الفرضية الليبرالية القائلة بالحياد السياسي للمجتمع المدني (رفض فرضية هذا الحياد). وهذا ما يعكس تأكيد غرامشي الجوهر السياسي لكل الحياة الاجتماعية.

إذًا، تصوّر غرامشي المجتمع المدني كمجال اجتماعي، فيه تنشأ وتدور بين الأفراد والجماعات الصّراعات والخلافات ذات الطابع الإيديولوجي. فهو حقل مفتوح للنقاش والحوار باتجاه خلق إقناع ورضا الطبقات المغلوبة بهيمنة الطبقات السائدة والسّلطة القائمة، أو بخلق الاعتراض على هذه الهيمنة واستبدالها بهيمنة نقيضة.

وبعكس المجتمع المدني، فإن المجتمع السياسي هو ميدان القسر، والإرغام، وممارسة القوة التي يمكن أن تكون عسكرية أو قانونية – إدارية، وذلك لتـأمين سيطرة البرجوازية (سيطرة عارية عند الضرورة). ومن ثم، فإن المجتمع السياسي، تبعًا لتعريفه بطابعه القسري، يقابل جانبًا معينًا من الدولة، يكمن في وظائفها في الإدارة والقمع، هذه الوظائف التي تخوّلها آلية احتكار العنف الشرعي (وفق تعبير ماكس فيبر). أما نظام التعليم الرسمي مثلاً، فلا يقع ضمن المجتمع السياسي كما ورد تعريفه، والذي يعادل تقريبًا ما يُسمّى الصلاحيات الملكية للسلطة العامة، أو ما سماه بيير بورديو اليد اليمنى للدولة، مقابل يدها اليسرى والتي تتجلّى في التربية والدولة الاجتماعيّة.

والضلع الثالث لثالوث غرامشي هو الدولة ذاتها. وهي موضوع اجتماعي لا يمكن التخلّي عنه، وموضع إشكالٍ بلا حدود في آن. وتعريفه غير مستقرّ في نظرية غرامشي وعرضة لانزلاقات صعبة في استخدامه. ولكن يبقى للدولة معنيان يمكن التوقف عندهما. المعنى الأول أنّ الدولة تتمظهر كجهاز متماسك بشكل صارم في المجتمع السياسي، ما يعني أنه مجرد جهاز للإدارة والقمع. والمعنى الثاني أن الدولة هي الوحدة العينيّة للمجتمع السياسي أي السيطرة، والمجتمع المدني، أي الرضا والهيمنة، ما يعني تكامل الدولة وتماميتها.

الشكل رقم (3): المجتمع المدني لدى غرامشي

المجتمع المدني
مجال اجتماعي المجتمع السياسي الدولة
الصّراعات والخلافات الإيديولوجية بين الأفراد والجماعات القسر، والارغام وممارسة القوة جهاز متماسك صارم يمارس الإدارة والقمع؛ والسيطرة
المجتمع المدني: الرضا والهيمنة

 

6        مقاربة يورغن هابرماس حول المجتمع المدني

يتناول هابرماس التواصل من منظور السوسيولوجيا بوصفها فعلًا اجتماعيًّا لا فعلًا له صلة بالوعي الإنسانيّ. وبهذا الخصوص يعترف هابرماس بفضل علماء الاجتماع في بلورة هذا المنظور للتواصل، وهو الهم الذي دفعه بوصفه الإشكال الذي اعتزمت فلسفة التّواصل الإجابة عنه، من خلال الإجابة على السؤال: كيف يكون الاندماج الاجتماعي ممكناً؟ إذ يقول: إن تحول المنظور الذي انتقل من الفعل الغائي إلى الفعل التواصلي بدأ مع ميد ودوركهايم، فهؤلاء إلى جانب، ماكس فيبر، ينتمون إلى جيل المؤسسين للسوسيولوجيا الحدّيثة، والإجابة على السؤال: كيف يكون الفعل الاجتماعي التواصلي ممكناً؟ إذ يقول: على الرّغم من أن نظرية التواصل وظيفة حل المسائل ذات الطابع الفلسفي والتي تهم ابستمولوجيا العلوم الاجتماعية وأسسها، فإني أرى لها علاقة وثيقة جداً بالمسائل التي تطرحها نظرية التطور الاجتماعي (سريجي, نادية; وآخرون;، 2020)

وفي هذا السياق نرى أن تطور هابرماس الفكري ارتبط بالمنعطف اللساني لديه، الذي حصل بتأثير غادميرGadmer H.G.  عليه خصوصًا في الاعتقاد بأن منطق العقلانية الاجتماعية يتجلى في اللغة اليومية الطبيعيّة؛ إن هذه الأخيرة هي عماد كل تفاعل اجتماعي سيتحول اهتمامه عندئذ نحو مبحث اللغة والتداول الذي ظل الغائب الأكبر في النّظرية النقدية لمدرسة فرانكفورت مع جيلها الاول، وهذا ما قاده إلى تحويل علم الاجتماع ونظريته الاجتماعية إلى فلسفة للتواصل (سريجي, نادية; وآخرون;، 2020)”

وتأثر هابرماس بعلماء الاجتماع الأمريكيين، كالعالم هربرت ميد، الذي أخذ عنه فكرة “دور الآخر في تشكل الأنا” (علوش, سعيد;، 1986)، إذ يعدُّ ميد الذات عنصرًا نشطًا وليس تبادليًّا سلبيًّا يستقبل الأشياء ويستجيب لها حسب الدّافع. كما ان الذات تتحدد بمفهوم آخر هو الفرد، ويمكن أن يظهر ذلك من خلال العلاقات المتبادلة بينه وبين الأفراد الآخرين (سريجي, نادية; وآخرون;، 2020).

واستفاد منه في معالجته لإخفاقات منهجيات التأويل في تشخيصه للطريقة التي تفرض بها خارجيات المجتمع البنيوية، كالاقتصاد والسياسة وكيف أنها تقتحم العوالم الخاصة بالفاعلين الاجتماعيين باستعمار العالم المعيش (المحمداوي, علي;، 2015)

وعرف هابرماس التّواصليّة، بأنها: تلك الكفاءات التي يتفق فيها المشاركون على تنسيق خططهم العملية بمهارات عقلية، وحين يحصل التوافق الذي يتحدد بالقياس إلى الاعتراف التذاوتي بإعادة الصلاحية، يتميز النشاط التّواصلي أنّ الأنساق البشرية من خلال أن كل فرد يحفز الآخر للفعل بطريقة مشتركة عن طريق الكلام (زوراق، 2015).

كما حدد هابرماس الافعال التّواصليّة، بأنّها تلك الافعال التي تكون فيها مستويات الفعل بالنسبة للفاعلين المنتمين الى العملية التّواصليّة غير مرتبطة بحاجيات السياسة، بل مرتبطة بأفعال التفاهم (سريجي, نادية; وآخرون;، 2020). ولتعزيز تصوره للفعل التواصلي من أجل فهم أفضل للعلاقات الاجتماعيّة داخل المجتمع ذهب إلى أن الفعل التواصلي يتميز عن غيره من الأفعال الأخرى بأنّه لا يسعى للبحث عن الوسائل التي تمكنه من التأثير في الغير بل يبحث عن كيفية التوصل الى تفاهم معه وتوافق متبادل دونما إكراه أو قسر كيفما كان نوعهما (عالي, حسن;، 2013، الصفحات 200-214).

وعرف هابرماس نظرية الفعل التواصلي بأنها، صياغة نظرية لتواصل وبلورة القوانين التي تتحكم فيه، وهذا التواصل هو علاقة موازية حرة بين فئات المجتمع المتعددة ومتباينة العلاقة، تتوخى بناء وعي حر لا تحكمه المؤسسات أو الأيدولوجيات المفروضة من قبل الأنظمة السياسية. إن نظرية الفعل التواصلي لدى هابرماس تكون بصياغة القوانين التي تعمّق التواصل بين الأفراد والمجتمع (ابو النور, حمدي;، 2012).

وقد عاود هابرماس الظهور وبطريقة متفردة ومميزة وبشكل امتدادي وتواصلي مع عمله الأصل، والوجه الثاني لشخصيته التي تجمع بين النّظرية والتطبيق من خلال كتابه “القانون والديمقراطية” بين ما هو كائن وما يجب أن يكون (سريجي, نادية; وآخرون;، 2020). هي نظرية جديدة للقانون والمعايير القانونية والعدالة والديمقراطية تأخذ من جديد نظرية الفعل التواصلي وتجددها وتعيد صياغتها، ونفهم من ذلك أن النشاط التواصلي لا بدّ أن يتجسد في خطاب سياسي ديمقراطي تواصلي يبدأ بالحدّيث عن فضاء عمومي خال من السيطرة يتجه نحو العالم المعيش ويقوم على الحوار المرتكز على الأخلاق ويهدف إلى التفاهم والاتفاق، يقول هابرماس “المنطق النابع من نظرية الفعل التواصلي” وجوهر النّظرية الديمقراطية عند هابرماس هو نظرية المناقشة ومبدأ الحوار الذي هو في حد ذاته لا ينفصل عن التواصل والعقل التواصلي، وتعمد نظرية المناقشة إلى خلق التوازن بين الجانب السياسي والاجتماعي من خلال تحديد الإجراءات وشروط التواصل التي تشارك في التكوين السياسي للرأي والإرادة لخلق التوازن المطلوب بين السّلطة والفضاء العمومي ولذا يربط الديمقراطية بالمفاهيم الثلاثة العقلانية والسّلطة والرأي العام وأخلاقيات التواصل.

وهو يشيد مفهوم الديمقراطية لا يتخلى عن هدفه في بناء نظرية للمجتمع من خلال تقديم نموذج معياري ضمن تصور السياسة المداولاتية وتعدد أشكال التواصل التي من خلالها تتكون إرادة جماعية، فالمجتمع لديه ليس فقط مجموعة إنتاجية بل هو مجتمع يقوم على القيم الثقافية والأخلاقية، ويحاول هابرماس ضبط مفهوم الديمقراطية من خلال الاستئناس بمدلولين الإرادة الشعبية وحقوق الإنسان لمفهوم مصطلح دولة القانون.

وذلك الحيز الوسيط الذي تمارس فيه الديمقراطية التّواصليّة والذي ينشأ بين المجتمع المدني والدولة هو الفضاء العمومي وهو ما يعرف بأنه مقولة مركزية لفهم النسق الديمقراطي التواصلي يقول برهان غليون “أن الفضاء العمومي هو مفتاح الممارسة الديمقراطية عند هابرماس (مصدق، 2005) وهذا يعني أن التواصل يتطلب مجالًا وملعبًا له، وهذا لن يكون إلّا في إطار فضاء مفتوح يضم الجميع من أجل بلورة رأي عام وفي هذا الصدد يقول هابرماس: “إن موضوع الفضاء العمومي هو الجمهور الذي يمثل الدعامة لرأي عام يرتبط بوظيفة نقدية. إنه ما يجمع بين ملايين المواطنين ويقدم الشعور بالمشاركة الفعلية في الحياة السياسية فهو يشترط جمهور من نوع خاص يتمتع بالسيادة والاستقلالية وبالقدرة على بلورة الأفكار والآراء والقيم عن طريق الحوار، فالنشاط التواصلي يجد تجسده بالفعل في النشاط الديمقراطي، وهو ما يحقق مواطنة عالمية وسلم دائم (مقورة, جلول;، مركز كنور الحكمة للنشر والتوزيع، الصفحات 80-99.)

وبحسب نشوي فإنّ نظرية الديمقراطية التشاورية عند هابرماس تأسست على معطيات الفلسفة التداولية حيث كرس لها هابرماس أعماله المتأخرة ابتداء من التسعينيات، وتعد انجازًا مهمّا في ميدان الفلسفة السياسية المعاصرة وتوسيعًا لمجال الفعل التواصلي، إذ لا يمكن فصل التشاور عن هذا الفعل التواصلي. فقد بنى هابرماس نظريته حول”الديمقراطية التشاورية” على أنقاض نقد الدولة الرأسمالية وايديولوجيتها التكنوقراطية، لكنه هنا لا يرى في الرأسمالية أساسًا مرحلة يمكن أن تنحرف فتؤدي إلى كوارث، لكنها عنده ليست شرًّا مستطيرًا وهنا نقطة خلافه مع الرعيل الأول لمدرسة فرانكفورت، وقد ركّز الجيل الأول للمدرسة على ظاهرة الهيمنة التقنيّة والعقل الأداتي السائد في هذا النظام، كما بنى أيضاً نظريته في الديمقراطية من منطلق أساسه نقد للتصورين أو النموذجين الليبرالي والجمهوري (عبد الرحمن, نشوى;، 2011)

هكذا نلاحظ التحول الكبير الذي حصل في فلسفة التواصل لدى هابرماس من تأسيس التواصل على اللغة إلى تأسيسه سياسيًّا، وهو تحول أتى في مطلع التسعينيات من القرن المنصرم، إنّ الفكرة المحورية لمشروع هابرماس في كتابه الديمقراطية التّشاوريّة هي تأسيس الديمقراطية على أساس جماعة متواصلة خالية من أية هيمنة عدا هيمنة أفضل حجة، كما أن مفهوم التشاور المرتبط بالأخلاقيات يعد مفهومًا مركزيًّا لديه، ففي التشاور يعطى لكل عضو في الجماعة الحق في الكلام و الفعل بخصوص القضايا السياسية والمطروحة في الفضاء العمومي، وفي ظل ذلك النقاش العقلاني المؤسس يتشكل الرأي العام و الإرادة السياسية العامة للمواطنين في المجتمع الديمقراطي الذي يؤدي فيه التّشاور دورًا مركزيًّا، هكذا تمثل مساهمات هابرماس في مجال الفلسفة السياسية، وخاصة في نظرية الديمقراطية التشاورية مساهمة نوعية تندرج في اطار نقد أشكال الأنظمة الشمولية كالنازية.

ويبدو لهابرماس أن روح الجماعة وما تحمله من قيم أخلاقية مشتركة هي ما يثبّت عُرى المجتمعات التقليدية. بيد أن التنشئة والمشاركة في الأنشطة الاجتماعية للناس وتسمح لهم باكتساب هويات ودوافع ملائمة للأدوار والواجبات التي تتطلبها مؤسسات المجتمع كي تعمل بسلاسة. فالمجتمعات الحدّيثة معقدة، ومتمايزة، ومتعددة الثقافات؛ فلا يوجد مركز وحيد يتحكم فيها، ولا يربط بينها أي تقليد وحيد مهيمن، أو رؤية عالمية، أو مجموعة من القواعد. ففي هذه المجتمعات، تتشكل للناس هُويات عامة ومجردة؛ ما يعني أنهم لا يرون أنفسهم عمومًا بوصفهم أبناء أو بنات فلان، أو جزءًا من عائلة، أو سلالة، أو كمواطنين بدولة؛ في المقام الأول، فإنهم يرون أنفسهم والآخرين أولًا وأخيرًا أفرادًا وأشخاصًا مستقلين وعقلانيين يمارسون حياتهم بناءً على مبادئ عامة وأسباب محددة تنطبق عليهم.

وتستمر هوياتهم المجردة على الرّغم من أنّ التّغيرات التي تطرأ على الاسم والثقافة والجنسية والعمل وبلد الإقامة وما شابه. كما أن الذاتية الحدّيثة تحيد عن مركزيتها؛ لأن الضغوط المستمرة التي لا مفرّ منها للمشاركة في الخطاب، لا سيما الخطاب ذو البعد الأخلاقي، تتطلب تبنيًا مثاليًّا للأدوار، وتبادلًا للمنظورات مع الآخرين جميعهم، وتطويرًا لما أسماه ميد بالذات الأكبر.

يبدأ برنامج هابرماس للنظرية الديمقراطية والقانونية بالإقرار بأن الأنظمة الاجتماعية الحدّيثة لا تتشكل بالمعايير الأخلاقية فحسب، بل بالمؤسسات السياسية والقوانين أيضًا. فهو يميّز بين نطاقين أساسيين للسياسة: النطاق غير الرسمي، والنطاق الرسمي. ويتألف النطاق السياسي غير الرسمي من شبكة من المصادر التلقائية “الفوضوية” من التواصل والخطاب. لنطلقْ على هذا النطاق “المجتمع المدني”. وتشمل أمثلة المجتمع المدني: المنظمات التطوعية والاتحادات السياسية والإعلام. والعلامات المميزة للمجتمع المدني هي أنه لا يتحول إلى مؤسسة، ولم يُخلق لصنع القرار. وفي المقابل، فالسياسة بمعناها الرسمي تختص بالنطاقات المؤسسية للتواصل والخطاب، وهي مصممة تحديدًا لصنع القرار. وتتضمن الأمثلة البارزة على السياسة الرسمية، البرلمانات ومجالس الوزراء والمجالس المنتخبة والأحزاب السياسية. لاحظ أنه من الخطأ الظنّ بأنّ هذا النطاق السياسي الرسمي مرادف للدولة؛ وذلك لأنّ الدولة ليست مجموعة من المنتديات المؤسسية المسئولة عن وضع السياسات وصنع القرارات فحسب، بل هي أيضًا نظام إداري وكيان بيروقراطي توجهه، على حد قول هابرماس، أداة السّلطة.

هذا المفهوم ثنائي المسار للنطاقين الرسمي وغير الرسمي يعطينا إطارًا أساسيًّا لمفهوم هابرماس عن السياسة. في المجتمع المدني، يشارك أعضاء المجتمع السياسي في الخطاب، ويصلون إلى تفاهم، ويقدمون تنازلات، ويصوغون آراءً حول شئون خاصة وعامة. ويطلق هابرماس على تلك العملية عملية تشكُّل رأي الفرد وإرادته. وفي المقابل، في النطاق السياسي الرسمي يقوم الممثلون المحددون لأعضاء المجتمع السياسي باتخاذ القرارات والموافقة على القوانين وصياغة السياسات وتنفيذها.

استنادًا للصورة التي يرسمها هابرماس، يؤدي النظام السياسي وظيفته جيدًا عندما تستوعب مؤسسات صنع القرار مداخلات المجتمع المدني، وعندما يكون لديه القنوات السليمة التي يمكن للمداخلات الواردة من أدنى (المجتمع المدني والرأي العام) التأثيرُ في مخرجاته (السياسات والقوانين). عمليًّا، تحقق الدول الديمقراطية هذا التوازن أفضل من الأنظمة اللاديمقراطية. وتميل المؤسسات الديمقراطية السليمة إلى وضع سياسات وسَنِّ قوانين متسقة مع الرأي العام المشكل تداوليًّا؛ ومن ثم فإنها عقلانية ومبرَّرة. وهذا أمر منشود بحد ذاته، ومنشود من الناحية الوظيفية أيضًا ما دام أن الحدّاثيين سينزعون إلى الالتزام بالسياسات والقوانين التي يقبلون بأساسها المنطقي. من المرجح أن يكون المجتمع العقلاني مستقرًّا؛ ولذا، فهناك مسوغات أخلاقية وأداتية وجيهة تعلل تفضيل الحدّاثيين العيشَ تحت مظلة مؤسسات ديمقراطية.

ويرفض هابرماس ثلاث فرضيات جمهورية مدنية أساسية، هي: أن الدولة ينبغي أن تجسد قيم المجتمع السياسي، وأن المشاركة في المجتمع هي تفعيل لهذه القيم، وأن الحقوق الذاتية تُسْتَخلص من الفهم الذاتي الأخلاقي للمجتمع وتعتمد عليه.

فمن وجهة نظره، فإن هذه الفرضيات لم تعُد سارية؛ لأن المجتمعات الحدّاثية تتألف من مجموعة كبيرة من التقاليد المتنافسة والرؤى العالمية؛ ولذا، فإن مسألة أيُّ القيم ينبغي أن توصي بها الدولةُ وتتيحها لأفرادها ستكون في حد ذاتها مسألة مثيرة للجدل. جُل ما يمكننا أن نتوقعه هو أن السياسات والقرارات والقوانين يمكن أن يكون لها صدًى لدى الفهم الذاتي الأخلاقي لكلٍّ من مجتمعاتها المختلفة.

وبعد استعراض تلك النّظريات التي قاربت مفهوم الدولة والمجتمع المدني ومنظماته، فإننا نرى أن دراستنا تنسجم مع مقاربة هابرماس الذي يقدّم نسخة حداثية من فكرة سيادة الشعب نُزِعَت منها وجهة النظر القديمة القائلة إن الأفراد يشكلون شخصية مُسلطة عليها الأضواء. “سيادة الشعب لا تتجسد في ذات جمعية، أو في كيان سياسي على غرار تجمع لكل المواطنين”، بل تكمن في أشكال “غير موضوعية” من التواصل والخطاب متداولة في المنتديات والهيئات التشريعية (بين الحقائق والمعايير).

ففي المجتمعات الحدّاثية، حسب هابرماس، يستقر المثال النموذجي في مدى انفتاح الهيئات الرسمية الصانعة للقرار على تأثير المجتمع المدني. عندما تكون المؤسسات السياسية الرسمية منفتحة على الحدّ الصحيح من المدخلات من أدنى، فستميل قراراتها وسياساتها وقوانينها إلى العقلانية وستحظى بالقبول. وبما أن الدول الديمقراطية يجب أن تكون مدمجة في المجتمع المدني بشكل مناسب، فيتعين على المجتمع المدني أن يحظى بالحماية لأجل الديمقراطية. وهنا يأتي دور نظام الحقوق.

الشكل رقم (3): نظرية الفعل التواصلي عند هابرماس

الفعل السياق الهدف
الفعل التواصلي نقل وتجديد المعرفة الثقافية التكامل الاجتماعي والتضامن

 

خلاصة واستنتاج

تحيل الخلفية السـياسـية المؤطرة للمجتمع المدني إلى الأبعاد الفلسـفيّة التي بلورتها نظرية التعاقد الاجتماعي (Social Contracting Theory) كنظرية معـاديـة لنظريـة الحق الإلهي للملوك في مجـال الحكم، ومن هنـا اقترن المجتمع المـدني بـالمجـال الـدنيوي إذ يتخلص مجال الســــياســــة من إرث العصــــور الوســــطى المســــيحي والكنســـي، أي من هيئة المقدس، وتصــــبح الدولة والقوانين والمؤســــســــات نتاج التجربة التاريخية المســــتقلة عن المجال الروحي في صــــورته الدينية، حيث تجاوزت نظرية التعاقد الاجتماعي المنظور الديني. وفي عام 1767، رأى “آدم فرغسون” (Adam Ferguson)، في المجتمع المدني أداة للتقليل من تمركز السّلطة والحدّ من الاستبداد، ليسند توماس بين (Thomas Bean) (1791) إلى المجتمع المدني دورًا أكبر من دور الدولة ليجعله العنصر الذي يتولى الشؤون العامة لكي يتقلص دور الدولة في المجتمع، فيصبح المجتمع المدني أداة للتقليل من تمركز السّلطة والحدّ من الاستبداد.

أمّا هيغل (Hegel)الألماني الذي عاصر مدّة ضعف الدولة الألمانية، فقد رأى عكس ما جاء به آدم فرغسون، أي على الدولة أن تكون قوية وفوق المجتمع المدني لكي تحقق تقدم المجتمع الألماني وتضمن التعددية. وقد انتقد هيغل نظرية التعاقد الاجتماعي في الدولة وفي هذا الإطار تصبح الدّولة في نظره مستقلة عن المجتمع وهي المجسدة للحرية، بل إنّها «نظام العقل». ويذكر هيغل الانسجام الذي تفرضه نظرية التعاقد بين الدولة والمجتمع المدني، مؤكداً عجز هذا الأخير على إقامة وتحقيق العقل والحرية من تلقاء ذاته، ويقترح بأن تكون الدولة هي الإطار القوي القادر على تحقيق هذه الغاية؛ وفي العام 1840 تضمنت نظرية كارل ماركس (Karl Marx)، في نظريته (المادية الجدليّة)- Dialectical materialism، أنّ المجتمع المدني هو فضاء الصّراع الطبقي حول قوى الإنتاج، فهو يشمل مكونات البنية التحتية، وقد استعمل «ماركس» مفهوم المجتمع المدني بمعانٍ قريبة من الدلالات الَّتي نجدها للمفهوم في نصوص «هيغل»، بحيث كان «ماركس» يعدُّ، مثل «هيغل»، أن المجتمع المدني هو مجال تضارب المصالح الاقتصادية حسب القيم البورجوازية، إلَّا أنّ ماركس اختلف مع هيغل في التركيز على مفهوم الصّراع الطبقي داخل المجتمع البورجوازي والذي هيمن على التحليل السوسيو تاريخي للماركسية بحيث همش الصّراع الطبقي مفهوم المجمع المدني.

فقد رأت النّظرية الماركسية بأن المجتمعات البشرية تتطوّر من خلال الصّراع الطبقي ضمن نمط الإنتاج الرأسمالي، وهذا الصّراع يتجلّى بين الطبقات البرجوازية الحاكمة والمالكة لوسائل الإنتاج من جهة والطبقات العاملة المعروفة باسم البروليتاريا وهي الطبقات التي تبيع قوّة عملها من خلال عائد الأجور؛ فالمجتمع المدني هو قاعدة مادية مؤسّسة للدولة.

وتصوّر أنطونيو غرامشي (Antonio Gramsci المجتمع المدني كمجال اجتماعي، فيه تنشأ وتدور بين الأفراد والجماعات الصّراعات والخلافات ذات الطابع الإيديولوجي. فهو حقل مفتوح للنقاش والحوار باتجاه خلق إقناع ورضا الطبقات المغلوبة بهيمنة الطبقات السائدة والسّلطة القائمة، أو بخلق الاعتراض على هذه الهيمنة واستبدالها بهيمنة نقيضة؛ فالمجتمع المدني كفضاء للتنافس الإيديولوجي من أجل الهيمنة. إذًا، تجاوز أنطونيو غرامشي (Antonio Gramsci) النظرة الماركسية للمجتمع المدني الذي أصبح في نظره فضاء للصراع حول الهيمنة الإيديولوجية، يؤدي فيه المثقف العضوي دورًا رياديًّا، كما أصبح مكونًّا من مكونات البنية الفوقية، هذه البنية التي يميز فيها بين المجتمع المدني والسياسي، وظيفة الأول الهيمنة عن طريق الثقافة والإيديولوجيا من خلال الطبقة البورجوازية، ووظيفة الثاني السيطرة والإكراه. وقد أصبح المجتمع المدني في نظر غرامشي مرادفًا للرأي العام الغير الرسمي، أي الَّذي لا يخضع لسلطة الدولة، إذ أصبح المجتمع المدني فضاءً للتنافس الإيديولوجي من أجل الهيمنة.

وتشكّل المفاهيم المختلفة للمجتمع المدني، في مفهوم ماكس فيبر، أساس النّقاشات الجارية حول أدوار الدول والأسواق المناسبة. ويعدُّ المجتمع المدني عامةً مجالاً إيجابيًّا يساعدنا على التمتّع بالسّلطة والاستقلاليّة.

وطوّر يورغن هابرماس مفهوم الخاص بالفعل التّواصليّ، وهو العملية التي يقوم من خلالها الأشخاص بتكوين هوياتهم، وفقًا لقاعدة تعمل من خلالها الأفعال التّواصليّة على نقل وتجديد المعرفة الثقافيّة، في سياق عملية تحقيق التفاهم المتبادل؛ ثم تقوم بتنسيق العمل نحو التكامل الاجتماعي والتضامن.

Bibliography

1-Ross, A;. (1954). Theory and method in the social science. Minnesote: The university press.

2-ابراهيم ابراش. (2009). المنهج العلمي وتطبيقاته. عمّان: دار الشروق.

3-ابو النور, حمدي;. (2012). الأخلاق والتواصل عند يورغن هابرماس. لبنان: التنوير للطباعة.

4-المحمداوي, علي;. (2015). الإشكالية السياسية للحداثة: من فلسفة الذات إلى فلسفة التواصل. بيروت: منشورات ضفاف لبنان.

5-المشاقبة, بسام;. (2014). معجم مصطلحات العلاقات العامة. عمان: دار أسامة للنشر.

6-تيماشيف, نيقولا;. (1978). نظرية علم الاجتماع. القاهرة.

7-حسن مصدق. (2005). يورغن هابرماس مدرسة فرانكفورت، النّظرية النقدية التّواصليّة. بيروت: المركز الثقافي العربي.

8-رشيدة دونان، و وفاء دايب. (2013). إشكالية الغيرية عند يورغن هابرماس. مستغانم: جامعة عبد الحميد بن باديس.

9-زوراق, خ. (2015). العقلانية التّواصليّة، هابرماس نموذجاً. الجزائر: جامعة محمد بو مضياف.

10-سبيلا, محمد;. (2007). الحدّاثة وما بعد الحدّاثة. الدار البيضاء: دار تويقال.

11-سريجي, نادية; وآخرون;. (7 11, 2020). النّظرية التّواصليّة لدى هابرماس. تم الاسترداد من https://hekmah.org: https://hekmah.org/%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%B9%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D8%A7%D8%B5%D9%84%D9%8A-%D9%87%D8%A7%D8%A8%D8%B1%D9%85%D8%A7%D8%B3/

12-عالي, حسن;. (2013). المنظور السوسيولوجي للتواصل عند هابرماس. مجلة الحكمة، 30.

13-عبد الرحمن, نشوى;. (2011). الديمقراطية الرقمية وعلاقاتها بالديمقراطية التشاورية بالتطبيق على ثورة 25 يناير. الحوار المتمدن(3436).

14-عكنان, منى;. (2018). النّظرية الاتصالية عند يورغن هابرماس. شؤون الأوسط مركز الدراسات الاستراتيجية(158).

13-علوش, سعيد;. (1986). المقاربة التداولية. بيروت: مركز الانماء العربي.

14-فينلسون, جيمس;. (2015). يورجن هابرماس: مقدمة قصيرة جدًّا. (احمد الروبي، المحرر) عمان: كلمات للنشر والتوزيع.

مقورة, جلول;. (مركز كنور الحكمة للنشر والتوزيع). 15-هابرماس: النشاط الديمقراطي في خدمة الفاعلية التّواصليّة. مجلة الحكمة.

16-هابرماس, يورغن;. (2002). بعد ماركس. (م. ميلاد, Ed.) سوريا: دار الحوار للنشر والتوزيع.

 

 

 

[1] – طالبة دكتوراه في جامعة الرّوح القدس-الكسليك-لبنان، كلّيةالآداب والعلوم الإنسانيّة- قسم علم النفس والعلوم الاجتماعية- باحثة وناشطة في مجال الخدمة الاجتماعيّة.

PhD student at the Holy Spirit University of Kaslik (USEK), Lebanon, Faculty of arts and science Department: psychology and social science is a researcher and social service activist. Email: Abousaleh1@hotmail.com

 

 

[2]– Nina Cvetek Friedel Daiber, QU’EST-CE QUE LASOCIETE LASOCIETE CIVILE, Universite Heinrich Heine, Dusseldorf, Universite de Trier, Antananarivo, octobre 2009. P6.

* جون لوك، هو فيلسوف تجريبي ومفكر سياسي إنجليزي 1632 ـ 1704.

* شارل لوي دي سيكوندا المعروف باسم مونتسكيو (1689 ـ 1755)، فيلسوف فرنسي صاحب نظرية الفصل بين السلطات.

[3]– Ibid., p6.

[4] – كريم أبو حلاوة، إشكالية نشوء وتطور مفهوم المجتمع المدني في المجتمع المعاصر، مجلة الوحدة، العدد 91، السنة الثامنة أبريل 1992، ص49.

[5]– كمال عبد اللطيف، المجتمع المدني في الوطن العربي ودوره في تحقيق الديمقراطية، بحوث ومناقشات الندوة الفكرية الَّتي نظمها مركز دراسات الوحدة العربيّة، نشر مركز دراسات الوحدة العربيّة، الطبعة الأولى 1992، ص74.

[6]– رحمة بورقية، مواقف: قضايا المجتمع المغربي في محكّ التّحول، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالمحمدية، مطبعة النجاح الجديدة، الطبعة الأولى 2004، ص81.

[7] – عزمي بشارة، المجتمع المدني دراسة نقدية مع إشارة إلى المجتمع المدني العربي، بيروت، مركز دراسات الوحدة العربية، 1998، ص63.

[8]– أحمد شكر الصبيحي، مستقبل المجتمع المدني بالوطن العربي، بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 2000، ص20 ـ 21.

[9] – رحمة بورقية، مواقف: قضايا المجتمع المغربي في محك التحول، مرجع سابق، ص81.

[10]– كمال عبد اللطيف، المجتمع المدني في الوطن العربي ودوره في تحقيق الديمقراطية، مرجع سابق، ص75.

[11]– عن الحبيب الجنحاني وسيف الدين عبد الفتاح إسماعيل، المجتمع المدني وأبعاده الفكرية، دار الفكر المعاصر، طبعة أولى، 2003، ص18 ـ 19.

* جورج فيلهلم فريدريش هيغل، وهو فيلسوف ألماني 1770 ـ 1831 طور المنهج الجدلي. كان لفلسفته أثر عميق على معظم الفلسفات المعاصرة.

[12] – جان مارك بيوتي، فكر غرامشي السياسي، ترجمة جورج الطرابيشي، بيروت: دار الطليعة، 1975، ص158.

[13]– جون مارك بيوتي، المصدر السابق، ص185.

* ألكسيس دو توكفيل (1805 ـ 1859)، مؤرخ ومنظر سياسي فرنسي. اهتم بالسياسة في بعدها التاريخي. أشهر آثاره: «في الديمقراطية الأمريكية»، و «النظام القديم والثورة.

[14]– محمد كرو، المثقفون والمجتمع المدني في تونس، في: أحمد صادق سعد وآخرون، الانتلجنسيا العربية، المثقفون والسلطة، تحرير سعد الدِّين إبراهيم، عمان: منتدى الفكر العربي، 1988، ص311.

[15]– John Scott, fifty key sociologists, op. cit., p.p. 326 – 327.

[16]– Ibid., p. 103.

[17]– إبراهيم براش، علم الاجتماع السياسي، مقاربة إبستمولوجية، مصدر سابق، ص22.

[18] – ماركس وانجلس، البيان الشيوعي، في: ماركس وانجلس، مختارات، ج الأول، دار التقدم، موسكو، د. ت، ص 75 ـ 79.

[19]– Andrew Heywood, Political Ideologies, op. cit., p. 104.

[20]– رحمة بورقية، مواقف: قضايا المجتمع المغربي في محك التحول، مرجع سابق، ص80.

[21] -Abdelkader zghar _ Le concept de société civile et la transition vers Le multipattism dans «changement politique au Maghreb sous la direction» De Michel Camau _ paris du C.N.R.S. 1991 _ Page 218.

[22] -أحمد شكر الصبيحي، المصدر السابق، ص22.

[23]– Max Weber, Economy and Society, op. cit., p. 4.

[24]– Ibid., p. 4.

[25]– Ibid., p. 24 – 25.

[26]– Max Weber, Conceite sociologicos Fundamentais, Tradutor: Artur Morao, Lusofia press, 2010, p. 102.

[27]– Max Weber, From Max Weber: Essays In Sociology, op. cit., p. 78.

[28]– Ibid., p. 102.

[29]– Max Weber, Type of Authority, in: Talcot Parsons (ed), Theories of Society, Vol, 1, New York: The Free Press, 1961, p. 624.

[30]– Max Weber, From Max Weber: Essays In Sociology, op. cit., p. 78.

[31]– Charles Tilly, Reflections on The History of European State  Making, in: Charles Tilly (ed.), The Formation of National State in Europe, Princeton University Press, 1975, p. 70.

[32] -David A. Lake, Building Legitimate State After Civil War, (the workshop on building peace in fragile state), San Diego: University of California, 16 Nov. 2006, p. 10.

[33]– Mujeeb R. Khan, Coercion, in: Mark Bevir (ed.), Encylopedia of Governance, London: Sage Publications, 2007, p.p. 102 – 103, and: Michale Rear, Intervention, Ethnic Conflict and State-Building in Iraq, op. cit., p. 27.

[34]–  بيوتي، مصدر سابق، ص189.

[35]– أحمد شكر الصبيحي، مصدر سابق، ص22.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

free porn https://evvivaporno.com/ website