foxy chick pleasures twat and gets licked and plowed in pov.sex kamerki
sampling a tough cock. fsiblog
free porn

الرّوابط الثّقافيّة بين السُنّة والشّيعة في العهد الفاطمي(297-366ه)

0

 

الرّوابط الثّقافيّة بين السُنّة والشّيعة في العهد الفاطمي(297-366ه)

The Cultural Links between Sunnis and Shiites in the Fatimid  Era

 

M.A Manal Mohsin Salman م.م منال محسن سلمان الشويلي ([1])

Dr. Mohammed Ali Chelonger د.محمد علي چلونگر([2] )

Dr Hameed Reza Pashazanoosh د.حميد رضا پاشازانوس)[3](

تاريخ الإرسال:11-1-  2024                                       تاريخ القبول:17-2-2024                                                                                                 

تحميل نسخة PDF

م.م منال محسن سلمان الشويلي

الملخص: كانّ للسياسية المذهبيّة التي اتبعها الفاطميون والتي تمثلت في فرض المذهب الإسماعيلي بالإجبار والأكراه وسط سكان يتبع أغلب سكانه المذهب السُّنِّي، وتمثلت هذه السياسية في اتخاذ مجموعة من الإجراءات التي اتبعها الفاطميون في المغرب والتي أثارت حفيظة أهل السُنّة ومن بينها، إضافة عبارة حي على خير العمل في الأذان، إذ يخلو الأذان السُّنِّي منها، وإسقاط صلاة التّراويح التي ترتبط بأهل السُنّة في حين يعدُّ الفاطميون هذه الصلاة  بدعة، وكذلك منع إصدار الفتاوي الدّينيّة على وفق المذهب السُّنِّي المالكي، واستخدم الفاطميون الجانب الثّقافي المتمثل في الشّعر، وتأليف الكتب كوسيلة لترسيخ عقائد المذهب الإسماعيلي المتمثلة في العصمة والإمام…..، وشمل ذلك حتى المدارس وحركة التّعليم، كذلك رفض خلافة الخلفاء الثلاث(أبو بكر الصّديق، عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان)، وعدّهم مغتصبي لاستحقاق الإمام علي بن أبي طالب (ع) في إمامة المسلمين وعقد المناظرات بين الطرفين، وهي فتح النّقاش حول عقائد كلّ من الطّرفين.

كان لفقهاء المذهب السُّنِّي دور في الدّفاع عن عقيدتهم، فتعددت أشكال رفضهم لسياسية الفاطميين المذهبيّة من خلال المشاركة في الثّورات ضد الحكم الفاطمي، وهناك من التجأ الى استخدام التّقيّة خوفًا على حياته،  ومعتقداته وإلى المقاومة السّلميّة المتمثلة في استخدام الجانب الثقافي، وانعكس هذا في الكتب والشّعر في موقفهم من الإمامة، ورفضهم لعقائد المذهب الإسماعيلي وكان ردٌ على ما أدعوه  بخصوص خلافة الخلفاء الثّلاث واستحقاقهم لذلك، بالإضافة إلى حضور المجالس التي تغيظ الفاطميون، وحضور مجالس العزاء مثل يوم عاشوراء، والقصد من ذلك إظهار الفرح والسّرور في أيام حزن الفاطميين .

الكلمات المفتاحيّة: الفاطميون، الإسماعيليّة، المغرب، الشيعة، السُنّة .

Abstract

It was a results of the sectarian policy that the Fatimids followed with the Sunnis which was represented in imposing  the Ismaili doctrine by force and force among a population where the majority of the population followed the Sunni sect. The Fatimids followed some measures, including adding the phrase “Live to the best of deeds” in the call to prayer, as the Sunni call to prayer  doesnot contain this phrase. Dropping the Tarawih prayer, which is associated with the Sunnis, while the Fatimids consider it heresy, and preventing the issuance of religious fatwas in accordance with the Sunni Maliki doctrine. The Fatimids also used the cultural aspect represented by poetry and authored  books to consolidate the beliefs of the Ismaili doctrine of infallibility and imamate, and this included even schools and the education movement, and rejected the succession of the three caliphs (Abu Bakr al-Siddiq, Omar ibn al-Khattab and Uthman ibn Affan),, and considering them as usurpers of the right of Ali bin Abi Talib (peace upon him) to lead the Muslims, and holding debates between the two parties, which is tantamount to opening a discussion about the beliefs of both parties.

د. محمد علي چلونگر

Also it was  of the Sunni sect also played a role in defending their faith. There were many forms of their rejection of the Fatimid sectarian policy, through participation in the revolutions against Fatimid rule, There were those who resorted to using taqiyyah for fear of their lives and beliefs. There were those who resorted to peaceful resistance represented by writing books, and this was reflected. In these books and poetry is their position on the Imamate and their rejection of the doctrines of the Ismaili school of thought, and in the poetry it was a response to what they called regarding the succession of the three caliphs and their entitlement to it, in addition to attending the gatherings that angered the Fatimids, and attending mourning gatherings such as the day of Ashura, and the intention from that is not to show joy and happiness in the days of sadness of the Fatimids.

Keywords: Fatimids- Ismailia- Maghreb- sunni –shia

 

المقدمة

عرف المغرب العربي العديد من المذاهب الإسلاميّة بعد دخولها الإسلام ، وقد رُسِّخت لكونها مُثِّلت سياسيًّا، أيّ بمعنى أنّ الدّول التي حكمت بلاد المغرب، حكمتها سياسيًّا ومذهبيًّا، وهنا يكمن سبب قوّة المذاهب الإسلاميّة وانتشارها في المغرب ومن بينها، المذهب السُّنِّي الذي كان الأقوى في المغرب والشّمال الأفريقي، ولكونه أول مذهب تعرف إليه سكان المغرب بعد الفتوحات الإسلاميّة التي حصلت في عهد الخلفاء في العهد الرّاشدي، وتعرّفوا إلى مذهب التّشيع عن طريق العلويين الذين دخلوا المغرب، ودور الأئمة عليهم السّلام في نشر التّشيع في بلاد المغرب والشّمال الأفريقي، ووجود مكانة لأهل البيت(ع) بين البربر وهم سكان المغرب الاصليين ، وأيضًا عن طريق الرّحلات العلميّة من المغرب الى المشرق، وقد ساهمت هذه الرّحلات في تعرف المغاربة على مذهب التّشيع، فمُثِّل هذا المذهب من دولٍ حكمت المغرب والشّمال الأفريقي ومن هذه الدّول،  دولة الأدارسة التي تعدُّ أول دولة شيعيّة حكمت بلاد المغرب، والدّولة الفاطميّة التي كانت تتبع المذهب الإسماعيلي الشيعي، وقد حكم الفاطميون المغرب والشّمال الأفريقي وفقًا لتوجهاتهم المذهبّية وسط سكان يتبع أغلبهم المذهب السُّنِّي  وإن وجد التشيع بينهما، لكن ذلك التّشيع كان حبّ لآل البيت (ع) وليس عقيدتي . 

د. حمید رضا پاشازانوس

وكان للاختلافات الفكريّة بين المذهب الإسماعيلي، والمذهب السُّنِّي دور كبير في تنشيط  الجانب الثّقافي بين الفاطميين وأهل السُنّة، كذلك السياسة المذهبيّة التي اتبعها الفاطميون في المغرب الإسلامي مع أتباع المذهب السُّنِّي الذين يشكلون النّسبة الأكبر في البلاد. ومن بين الإجراءات التي اتبعها عبيد الله المهدي(297-322ه) وهو أول من حكم بلاد المغرب، والشّمال الأفريقي  والتي كانت ضربة لعقائد المذهب السُّنِّي التّغيير في صيغة الأذان بإضافة عبارة حي على خير العمل، في حين يخلو الأذان السُّنِّي منها، وأسقاط صلاة التّراويح (المالكي ،1983: ج2، 152)، إذ إنّ هذه الصلاة ترتبط بأهل السُنّة فقط، وقد فُرِضت هذه الصلاة من عمر بن الخطاب، كذلك من بين الإجراءات التي اتبعوها، مَنع عبيد الله المهدي إصدار الفتاوى الدّينيّة وفق مذهب مالك بن أنس الذي كان هو الأقوى في المغرب، وكذلك منع من تدريس أصول الشّريعة الإسلاميّة وفق المذهب السُّنِّي.

ومنع شيوخ القيروان من إلقاء دروسهم في جامع بن عقبة وأشار الى ذلك ابن الدّباغ : “وكان ربيع القطان يتخذ من الحانوت الذي يبيع فيه القطن مكانًا لتدريس الطلبة خفيّة عن أعين الدّولة الفاطميّة أو للاستفتاء في بعض المسائل الشّرعيّة (الدباغ، 1967: ج3، 30). وکانت مدّة خلافة عبیدالله المهدي الأشد على أهل السُنّة وقد أمر بسبَّ  الخلفاء الأربعة وأزواج الرّسول الکریم محمد (ص) (ابن عذاری،1950: ج1، 159)، وقطع صلاة التّروایح فی شهر رمضان ، إذ عدَّها بدعه، كذلك نادى بترك القياس الذي يعتمد عليه أهل السُنّة في استنباط الأحكام الشّرعيّة والتّمسك بالقرآن،وتفضیل الإمام علي بن أبي طالب(ع) على سائر الصحابة ( حسن، شرف، 1964: 280- 304) ما أثار غضب أهل السُنّة.

وسيطر الفاطميون على المؤسسات العلميّة والثّقافيّة من خلال فرض مذهبهم، وإغلاق المكتبات السُّنِّية، وصادروا كتبهم وأحرقوها، ونكّلوا بعلمائهم، وأغلقوا أيّ مؤسسة علميّة سنيّة لتضييق الخناق عليهم مذهبيًّا (عياض،1967: ج3، 341)، وقد أكثروا من استخدام المساجد والقصور لنشر الفكر الإسماعيلي واستخدموا المساجد التّابعة لأهل السُنّة كمركز لنشر الفكر الإسماعيلي ومن بين هذه المساجد، مسجد الجامع في القيروان (زيتون، 1988: 425).

لم يكن المسجد الجامع الوحيد الذي استخدمه الفاطميون، بل استخدموا مساجد أخرى ومنها: المسجد الجامع في المهديّة عاصمة الفاطميين الذي بناه الخليفة عبيد الله المهدي (ادريس،1985 : 56)…. وشجعوا علماءَهم  ومن انضم اليهم من علماء السُنّة الأحناف، مستغلّين الخلافات التي نشأت بين السُنّة الـأحناف والمالكيّة، وقد ترأس هذه المراكز ما يعرف بداعي الدّعاة لنشر الفكر الإسماعيلي واتباعه فقهيًّا، وأصبح القضاء في عهدهم وفقًا للفقه الإسماعيلي (غالب، 1969: 176).

وأسس عبيد الله المهدي فی العام 298هجریة «دیوان الکشف» ، للتحري عن المخالفين لمذهب الدولة من الفقهاء والمفتين والقضاة والمؤذنين،  وکان یترأس هذا الدّیوان أشخاص مقربین من  عبید المهدي أمثال: أبي جعفر محمد بن أحمد البغدادي، وعمران بن أبي خالد بن سلام (ابن عذاری،1950: ج1، 162)، ويكشف لنا تأسيس هذا الدّيوان مدى تضييق الخناق على أهل السُنّة من الفاطميين وتتبعهم . لم تقتصر السیاسیة المذهبیة في مدّة خلافة عبيد الله المهدي فحسب، بل كانت سياسية كل الخلفاء الفاطميين الذين حكموا البلاد، لكنها كانت الأشد في خلافة عبيد الله المهدي.

ومن بعد هذه الإجراءات  اتجه الفاطمیون الی الجانب الثّقافيّ، وكأنّما واجه أهل السُنّة حربًا سياسيّة وثقافيّة، فقد استخدم الفاطميون الجانب الثقافي المتمثل في الشّعر وتأليف الكتب، كوسيلة من أجل تثبيت مذهبهم، بالإضافة الى المناظرات التي كانت تُعقد بين الطرفين، في ما كان لعلماء السُنّة  دور في مواجهة الفاطميين فكريًّا من أجل الدّفاع عن مذهبهم ، وساهم ذلك الى تنشيط الحياة الفكريّة بين الطرفين، نشير في هذا البحث الى مايلي :

  • كيف تعامل الفاطمیون ثقافیًّا مع أهل السُنّة؟
  • ماهو موقف علماء أهل السُنّة من سياسية الفاطميين المذهبيّة؟
  • كيف قاوم أهل السُنّة الوجود الفاطمي في المغرب ثقافيًّا؟

المناظرات: وهي جزء من المقاومة السّلمیّه التي جرت بین الفاطميين والفقهاء المالکیین، وکان هذا الصّراع طبیعي جدًا فی ظل المجتمع الغالب علی أکثرهم المذهب السُّني، بالإضافه الی اختلاف الأسس ومبادئ الفکر الإسماعیلي عن المذاهب السُّنيّة خصوصًا المذهب المالکي.

ومایمیز هذه المناظرات أنّها کانت مذهبیّة، فکلّ طرف یحاول إثبات صحة معتقداته، وقد کانت مواضیع المناظرات تخصّ عقائد الفکر الإسماعيلي منها ولایة أمیر المؤمنین علی علیه السلام، غدیر خمّ، بالإضافه إلی عقائد تخص المذهب السُّنيّ بخصوص صلاة التّراویح، مکانة الصّحابة، والمواضیع التي تطرق إلیها أبو عبدالله الشّیعي فی ما یخص معتقدات السُنّة فی الاجتهاد والقیاس.

وأغلب هذه المناظرات عُقِدت في عهد أبي عبدالله الشّيعي، والخلیفه الأول أبي عبیدالله المهدي وتحت إشرافهما، وإشراف دعاته وقضاته، فقد حشدت الخلافة الفاطميّه وقتذاك کل أسلحتها لمواجهة  أهل البلاد لها ومقاومتهم فی سبیل نشر مذهبها، وتثبیته وتشدّدت مع المخالفین لتّطبیق مبادئ المذهب، وكانت العقوبات الصّارمة التی تصل إلی حدّ القتل، کما استخدموا سلاح الجدّل العلمي والمناقشة والتي تمثلت بفتح باب المناقشة مع أهل السُنّة، وتعدُّ هذه المناظرات جزء من المقاومة السّلميّة بين أهل السُنّة والفاطميين.

ومن أشهر المناظرات التي جرت بین عبیدالله المهدی، وأبي عثمان سعید بن الحداد، حدیث “غدیر خمّ” : ” من کنت مولاه فعلی مولاه” – فقال عبیدالله  للحداد: “فما للناس لا یکونون عبیدنا ؟ فقال له أبو عثمان : أعزّ الله السید لم یرد ولایة الرّقّ، وإنّما أراد ولایة الدّین، قال: فقال الله عز وجل : ﴿ مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ اللّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُواْ عِبَادًا لِّي مِن دُونِ اللّهِ وَلَكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ * وَلاَ يَأْمُرَكُمْ أَن تَتَّخِذُواْ الْمَلاَئِكَةَ وَالنِّبِيِّيْنَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُم بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ ﴾ (آل عمران :79 ،80) فما لم یجعله الله عزّ وجلّ لنبي لم یجعله لغیر نبي، وعليّ لم یکن نبیًّا، وإنّما کان وزیر النّبي (ص) فقال عبیدالله له: انصرف لا ینالك أحد(التهامي، 2005: 335).

في الحقيقة لا بدّ من بيان أنّ العقيدة الإسماعيليّة لايمكن قبولها بما فيها من معتقدات تضاد العقيدة السّليمة لأئمة أهل البيت عليهم السلام، فقد استخدم الفاطميون أحاديث الرّسول الكريم محمد (ص) كوسيلة  لتقوية نفوذهم في المغرب، فقد أراد الفاطميون أن يكونوا النّاس لهم عبيدًا، وذلك لكونهم من نسب رسول الله (ص) حسب ادعائهم، في ما كان جواب عثمان بن سعيد على ذلك، أنّه ليس المقصود بذلك أن يكون الناس عبيدًا عندكم، وإنّما المقصود بذلك الولاء للدّين الإسلامي واتباعه.

وبيّن عثمان بن سعيد من خلال استناده على آية قرآنيّة، أنّ موالاة الإمام علي بن أبي طالب (ع) وأئمة أهل بيته عليهم السّلام هو شرك وكفر، فإنّ الله جلّ وعلا أنزل الكتاب على الأنبياء فقط، وأنّ الإمام عليّ ليس بنبيّ وإنّما وزير النّبي (ص). فما قاله عبيدالله المهدي في ما يرتبط بهذا الحديث، واستخدامه له  كان  لتقوية نفوذهم في المغرب، فكان جواب عثمان بن سعيد وفق ما ادعاه عبيدالله المهدي في أن يكون الناس عبيدًا لهم، فأئمة اهل البيت (ع) هم وسيلة للتقرّب من الله عز وجل، ولم ندعِّ النّبوة في الإمام علي (ع) وإنّما دعا الرّسول الكريم النّاس الى موالاة الإمام علي (ع) على الحقّ والباطل وتولّي شؤون المسلمين فقط .

وفي مناظرة أخرى حول قيام رمضان (التّراويح) ، فقد أراد أبو عبدالله الشّيعي أن يقنع أهل السُنّة أنّ صلاة التراويح بدعة، ابتدعها عمر بن الخطاب، إذ قال رسول الله (ص) إنّ كلّ بدعة ضلالة، وقد ترأس أهل السُنّة في هذه المناظرة عبدالله بن عمرو المروزي فقال لهم: إني أُمرت أن أُناظركم في قيام رمضان فإن وجبت لكم حجّة رجعنا إليكم وإن وجبت لنا رجعتم إلينا، كما حضر هذه المناظره عثمان بن سعيد ، فقال: ألستم تعلمون وترون أنّ النبي (ص) لم يقم إلّا ليلة واحدة، وأنّ عمر الخطاب هو الذي استنّ القيام، قال عثمان بن سعيد: هذه البدعة من البدع التي يرضاها الله عزّ وجل ويُذم من تركها، فقال : وأين تجد ذلك في كتاب الله عز وجل ؟ فقال ابن عثمان بن سعيد: في قوله تعالى : ﴿…وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا ۖ فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ ۖ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ  (الحديد: 27) (المالكي، 1983: ج2، 58- 60).

أولًا: لقد شرعت هذه الصلاة في عهد عمر بن الخطاب وتعدُّ اجتهادًا شخصيًّا، إذ تخلو السُنّة النبويّة من صلاة التّراويح، ومن الطبيعي أن يأخذ أهل السُنّة بما سنّه عمر بن الخطاب لهم ولازالت هذه الصلاة تقام من قبل أهل السُنّة ‘فكان رد عثمان بن سعيد على إثبات هذه الصلاة باستناده إلى آية قرآنيّة، (ع) يدلّ على وجوب صلاة التّراويح، أمّا الآية القرآنية الآنفة التي استند إليها عثمان بن سعيد في إثبات صحة صلاة التّراويح، إنّما المقصود منها حسب تفسير الطباطبائي : الرّهبانيّة من الرّهبة وهي الخشية، ويطلق عليها عرفًا على انقطاع الإنسان من الناس لعبادة الله خشية منه، وأمّا ابتدعوها: المعنى أنّهم ابتدعوا من عند أنفسهم رهبانيّة من غير أن نشرّع لهم ( الطباطبائي،  1412:ج19، 173).

وفی مناظره أخری جرت بین أبو العباس الشّيعي وسعید الحداد، فقد أثارا قضیة جدلیّة عن العالِم وأنّه أعلم من المتعلم، وذلك للتوصل إلى الطعن بأبي بکر الذی کان یعتمد کثیرًا في قضاء الإمام عليّ علیه سلام وفتاویه، فلم یکن أمام سعید سوی تبیان حقیقة الموقف معتمدًا علی أدلّة القرآن الکریم، ومن الواقع، وقاد الحدیث عن هذه المسأله إلی قضایا أخری لغویّة کالاستفهام عن المقصود بالمحصنات،هل هن المتزوجات،أم العفائف؟ وفی کل ذلك کان سعیدًا یجیب إجابات سدیدة معتمدًا علی آیات من القرآن الکریم والأحادیث (المالکی،1983: ج2، 86-96).

فما لاغبار عليه أن الإمام علي بن أبي طالب (ع) هو أعلم الناس بعد رسول الله (ص)، وقد أشار الى ذلك الرسول الكريم محمد (ص) قائلًا :” أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد المدينة فليدخلها من بابها”، وهذه الصفة هي أحدى شرائط الخليفة الذي يخلف رسول الله (ص) اما فیما یرتبط بعلاقة ابو بكر الصديق مع الإمام علي (ع) فكان ابو بكر يستفتي من أمير المؤمنين علي (ع) في بعض المسائل القضائية، كذلك لم تكن العلاقة عدائية بين الإمام علي(ع) وابو بكر الصديق.

كانت نتائج هذه المناظرات أنّ عارض الفاطميون بوصفهم أصحاب السّلطة، والنّفوذ في البلاد  أهل السُنّة، فقد هددوا خصومهم من أهل السُنّة بالسّجن والتّعذيب ومصادرة ممتلكاتهم. فعلى الرّغم من إتاحة الفاطميين الفرصة من فتح باب النّقاش حول بعض المسائل العقائديّة، لكن لم يخضع أهل السُنّة لمعتقدات المذهب الإسماعيلي، فقد وصل التّشدد الى أقصى حدوده ضد علماء السُنّة  وقد كانت تلك الحقبة أيام الحكم الفاطمي من أصعب الأيام التی مرت آهل السُنّة، إذ عُدَّت من المحن التي خاضها أهل السُنّة مع الفاطميين  وسياستهم التّعسفيّة في فرض مذهبهم ( ابن الدباغ، 1967: ج2، 165).

إنّ عقد هذه الجلسات يعبّر عن فتح باب النّقاش والحريّة في طرح معتقدات الخصم، وتعدُّ جلسة ثقافيّة، لكن لا توجد أيّ منفعة من استخدام القوّة والنّفوذ في فرض معتقدات المذهب الإسماعيلي على أهل السُنّة وإجبارهم على اتباعها، فعجلت هذه السياسية المذهبيّة في نهاية الدّولة الفاطميّة في المغرب.

الحرکة التألیفیّة :

تأليف الكتب: شهد العصر الفاطمي نشاطًا فکریًّا، في مجال تألیف الکتب والعلوم الدّینیّة المتمثلة في علوم القرآن والحدیث وغیرها من الدّراسات اللغویّة، وسبب هذا النّشاط الفکري، هو الصراع المذهبي الذي شهدته البلاد فی العهد الفاطمي، وقد أحكم الفاطميون سیطرتهم بالاعتماد علی بعض المعتقدات الشّيعيّة کالإمامة مثلّا، ولربما سبب اهتمام الفاطميین وادعاهم الإمامة، فمن خلالها یمکن أن یحکموا بلاد المغرب لإضفاء الشّرعیّة علی حکمهم علی أعتبار أنّ الإمامة تعني إمامة المسلمین، فقامت الدولة الفاطميّة على أساس الدّعاية، وقد انتهجت هذا الأسلوب حتى قبل تأسيس دولتهم بالاعتماد على الدّعاة في التّرويج للمذهب الإسماعيلي، كذلك كانوا يحرصون على نشر الفكر الإسماعيلي بين أتباعهم في حلقات يطلق عليها اسم مدارس الدّعوة( حسن ،1958 : 329)، وقد أسست هذه المدارس في المهديّة في عهد الخليفة المهدي والقائم، و في مدينة المنصوريّة في عهد الخليفة المنصور والمعز لدين الله (حسن،  1958: 331) ، أمّا في عهد الخليفة المعز فقد استمر الترويج للفكر الإسماعيلي ، وقد مرت الدّعايّة المنظمة للفکر الاسماعیلی بمرحلتين :

المرحلة الأولى: وفيها كان الخليفة المعزّ يخاطب عامة الناس، ويعتمد على حلقات تعقد في  المساجد، وكان يحضر هذه الحلقات دعاة الإسماعيليّة وعلى رأسهم القاضي النعمان فيقرأ على مسامع الناس برامج خاصة التي ترتبط بالقضايا الفقية والعِقديّة، وهذه الحلقات تكون تحت نظر الخليفة المعزّ، وكانت  تُعقد على الأكثر بعد الانتهاء من صلاة الجمعة أو صلاة العيدين (حسن، شرف، بي تا: 232- 234).

ولم يكتفِ الخليفة المعزّ بذلك، فقد استخدم قصره في المنصورية أمام النّاس لسماع المحاضرات التي كان يلقيها دعاته بحضور القاضي النعمان، وبالطبع إنّ هذه المحاضرات كانت من ضمن الكتب التي ألّفها القاضي النّعمان مثل كتاب دعائم الإسلام (حسن، شرف، بى تا: 234- 235)، وحتى أن هذه المؤلفات التي سنشير اليها، فقد أعلن الخليفة المعزّ الاطلاع على هذه الكتب في مكتبة القصر واستنساخها والتّفقه عليها، وهذا ما أشار اليه القاضي النّعمان في كتابه المجالس والمسايرات ( حسن، شرف، بى تا: 236)، ما يعني أن حتى قصور الخلفاء استخدمت لترويج للمذهب الإسماعيلي في البلاد.

المرحلة الثانية: هذه المرحلة كانت مقتصرة على اتباع المذهب الإسماعيلي، وتشمل الدّعاة الذين يخضعون لبرنامج يُحدِّده الخليفة المعز، يطلع فيه الدّعاة على أسرار المذهب الإسماعيلي أو علم الباطن (حسن ، شرف، بى تا: 235)، وفي بعض الأحيان كان الخليفه المعز يحضر بنفسه هذه المحاضرات فيقرأ على الدّعاة كتب الباطن (حسن، شرف، بى تا: 235).

أولی الفاطميون اهتمامًا کبیرًا لتفسیر القرآن الکریم، وتضمنت مصنفاتهم مسألة التأویل بوصفها من خصائص الفکر الإسماعيلي الشّيعي المهمّة، ویقترب معنی التأویل من التّفسیر والشّرح والبیان، ولایمکن لأيّ شخص أن یفسر آیات القرآن إلّا الإمام الذي یُعدُّ المصدر الثالث للمعرفة بعد القرآن الکریم والسُنّة النبويّة، وقد اعتمد المذهب الإسماعيلي فی التّأویل علی نصوص من القرآن الکریم، ومن هذه النّصوص التي عدّها المذهب الإسماعيلي علی وجوب التأویل فیها ﴿ وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾ (الذاریات،الایة49) فالزّوجیّة تنحصر فی الظاهر والباطن، وبالطبع تفسیر القرآن الکریم عند الإسماعيليّة یختلف عنه عند أهل السُنّة، ورؤیة کل من الطرفین مختلفة للتفسیر. وقد صُنِّفت کتب من فقهاء المذهب الإسماعيلي فی التأویل نذکر منها: کتاب التأویل وتأویل الدعائم للقاضي النعمان، وبرتبط هذان الکتابان بتفسیر القرآن الکریم ظاهرًا وباطنًا.

ومن الذین صنفوا فی هذا المجال نذکر،جعفر بن منصور الیمن، وهو من المعاصرین للنعمان، ابتدأ نشاطه الّدیني فی عهد القائم بأمر الله واستمر حتی عهد المعز لدین الله، ومن الکتب التي صنّفها في هذا المجال،کتاب تأویل سورة النساء:إذ فسّر سورة النّساء اعتمادًا علی التأویل أي المعنی الظاهر والباطن وأشار فی هذا الکتاب بعض الحقائق العرفانیّة ، بالإضافة إلی کتب أخری في الزّکاة (الذهبي،1963:ج1، 28).

وصنف فقهاء الإسماعيليّة عددًا من الکتب فی علم الحدیث، فمن الاختلافات الرئیسة بین المذهبين ، اعتماد أهل السُنّة علی القرآن الکریم والسُنّة النبويّة بخلاف المذهب الشّيعي الذين یعتمدون بالإضافة إلى المصدرين السابقين على الأحادیث التي نُقِلت عن أهل البیت علیهم سلام، ومن هنا یشکّل الحدیث أهمیّة کبیرة عند الشّیعة، وذکرنا أن معتقدات المذهب الإسماعيلي اقتُبِست من المذهب الشّيعي، بوصف أنه إحدی فرق الشّیعة .

وتحتل الأحادیث التي جُمعت عن الرسول الکریم محمد (ص)عن أهل البیت علیهم السلام وفضلهم، وأحقیتهم فی إمامة المسلمین أهمیة کبیرة عند المذهب الإسماعيلي، ویعود السبب فی ذلك، أنها تؤکد استحاق أهل البیت علیهم السلام لإامامة المسلمین وهذا اختیار إلهي، ولکون الفاطميین ادعوا أنّهم من نسل أهل البیت علیهم السلام، ما سیخدمهم فی مسألة إضفاء شرعیّة حکمهم لبلاد المغرب وفي الوقت نفسه لکسب مزیدا من الاتباع .

ومن هذه الاحادیث نذکر منها: الحدیث الذي نقله ابن الهیثم فی کتاب المناظرات: ” فقد ثبت الخبر أنّ الإمام علی بن أبي طالب علیه سلام أخو رسول الله (ص) فقدآخی بینه وبینه،إذ آخی بین أصحابه مرتین وقال له:أنت یاعلي أخي وأنت مني بمنزلة هارون من موسی(بن الهيثم،بي تا : 17)، وحدیث آخر أورده عن فضل الإمام علي علیه سلام من قول رسول الله (ص): “عليٌّ فیکم کسفینة نوح من رکبها نجا ومن تخلف عنها غرق وهلك” (بن الهيثم،1388: 19).

وهناك مجموعة من الأحادیث التي أوردها القاضي النّعمان فی کتابة شرح الاخبار في فضائل الأئمة الأطهار، وقد استخدمها القاضي النّعمان لإثبات فضل الأئمة علیهم السّلام فی إمامة المسلمین وفضل الإمام علی (ع)، نذکر منها، ما نُقل عن رسول الله (ص) وقد قال : ” أنا مدینة العلم وعلي بابها فمن أراد المدینة فلیأتها من بابها (القاضي النعمان،1988: 89)، والمراد بکلمة بابها، أيّ الإمام أمیر المؤمنين (ع)، وقد قال القاضي النعمان: ” أنّ هذا الحدیث مشهور وقد رواه الخاص والعام، وقد أشار فیه الرّسول الکریم محمد (ص) إلی من یتولی ولایة المسلمین بعده، وأشار الی الإمام علي بن أبي طالب (ع) هو الأصلح لإمامة المسلمین بعده، ومکانة الإمام عليّ (ع) عنده(القاضي النعمان،1988: 89)، ومن الأحادیث الأخری التي أوردها القاضي النّعمان تختص بأمیر المؤمنین علي (ع)، قال رسول الله (ص): ” من کنت مولاه فهذا علي مولاه ، اللهم وال من والاه، وعادي من عاداه” (القاضي النعمان،1988: 89).

کل هذه الأحادیث کانت لتأکید أحقیة الإمام عليّ بن أبي طالب بالإمامة، وعصمة أهل البیت علیهم السلام. وقد أشتمل هذا الکتاب علی أربعة أجزاء، وورد فیه فضائل أهل البیت  ومصابهم ومقتلهم علیهم السلام، وتطرق إلی بدء الدّعوة الفاطميّة فی الیمن والشّمال الأفریقي، صفات شیعة أمیر المؤمنین علي بن أبي طالب علیه السلام وکل مایرتبط بحیاة الأئمة علیهم السلام. ومن مؤلفاته الأخری کتاب مختصر الآثار فیما روي عن الائمة الأطهار، ویحتوي هذا الکتاب علی ثمانیة فصول، الرغائب في طلب العلم،الطهارة،الوضوء،الصلاة،الزکاة ،الصوم والحج. ومن أشهر مؤلفاته الفقهیّة کتاب دعائم الإسلام في مسائل الحلال والحرام والقضایا والأحکام، وقد صنف هذا الکتاب وفق سبعة دعائم وهي ،الولایة الطهارة،الصلاة،الزکاة،الصوم ،الحج والجهاد، وبإشراف الخلیفه المعز لدین الله، بالإضافة إلی مؤلفاته الأخری فقد تنوع النشاط الفکري، فلم یقتصر علی جانب واحد، بل شمل فروع المعرفة من فقه وعقیدة وتأویل وتاریخ، وهذا یعود إلی الاختلافات فی العقائد بین الطرفین ،الأمر الذي ساهم في تعزیز هذا الجانب.

ومن کبار فقهاء المذهب الإسماعيلي نذکر، القاضي أبو عبدالله جعفر بن أحمد الأسود بن الهیثم،صاحب کتاب المناظرات، فمنذ صغره اعتنق المذهب ونظرًا لمعرفتة الفقهیّة، کان من المقربین من أبي عبدالله الشّيعي، إذ کان یمدّه بکتب الفقه والفرائض، مایدل علی مکانتة عند الفاطميین، فقد دخل في مناظرات مع فقهاء المالکیّة في مسألة أفضلیة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع)، وأورد أحادیث تخصّ ولایته (عبد الحمید،2008: 171)، ومشارکته فی المناظرات تدل علی مکانته الفقهیّة ومعرفته بأهل البیت (ع).

لم یقتصر النشاط الفکري الفاطمي في مجال تألیف الکتب فحسب، وإنّما شمل حرکة التّعلیم في المدارس،فقد صُنِّف في هذا المجال الطبیب المؤرخ أحمد بن أبراهیم بن خالد الجزار(ت 269 ه)،وقد ألف کتابًا تربویًّا بعنوان سیاسیة الصبیان وتدبیرهم (رافعي،2003: 374)، ووضع عدة نظریات تربویّة ، وصنف کتاب آخر في المجال نفسه بعنوان الجامع للفزاز (رافعي، 2003: 375)، وقد کانت هذه الکتب موجهة إلى الصبیان حرصًا علی نشر الدّین وتبسیط قواعد اللغة، ولکن وفق مبادئ المذهب الإسماعيلي.

على الرّغم من محاولات الفاطميين في فرض المذهب الإسماعيلي بالقوّة والإجبار إلّا أنّ أهل السُنّة لم یستسلمو أمام الفاطميون فواجهوهم ثقافيًّا، من خلال تأليف الكتب،و سياسيًّا بالثورات التي ترأسها أهل السُنّة لمقاومة الوجود الفاطمي.

الشعر: استخدم كل من الفاطميين وأهل السُنّة الشّعر كوسيلة لتعبير عن معتقداتهم، ورفض کل منهما عقائد الطرف الأخر، فقد انعكست في الشّعر التّوجهات العقائديّة للفاطميين والغرض من ذلك هو ترسيخ الحكم الفاطمي وتثبيته سياسيًّا ومذهبيًّا في المغرب والشّمال الأفريقي ، فقد انعكست في اشعارهم معتقدات الشّيعة الإماميّة منها، العصمة والإمامة وكذلك رفض من تولى الخلافة من بعد رسول الله (ص)، وكذلك اعتقادات أهل السُنّة في خصوص الخلافة، واستحاق الخلفاء الراشدين لهذا المنصب  ونجد ذلك في الأشعار التي نقلها القاضي النّعمان في كتاب الأرجوزة المختارة في الإمامة وتفضيله للإمام علي بن أبي طالب (ع) في إمامة المسلمين من دون غيره قائلًا:

فهل له فى الغار من وسيلة         تجعلها لنصبه دليلة؟

وذكركم قعود ببدر               مع النبي والسيوف تفرى

ثم رأيتم هذه فضيلة              لنقض آرائكم العليلة (القاضي النعمان، 1970: 70).

يتساءل الشّاعر في هذه الأبيات هل أنّ حضور أبو بكر الصّديق في الغار دليل على استحقاقه لمنصب إمامة المسلمين من بعد رسول الله (ص) ، فحضور الإمام علي بن أبي طالب (ع) في واقعة بدر، ورفع سيفه مع رسول الكريم محمد (ص) ضد أعداء الدّين، وهذا يناقض موقف أهل السُنّة من امامة أمير المؤمنين علي (ع).

كما تضمنت بعض الأشعار المعتقدات والمرتکزات الأساسیّة عند الشیعة  وهي: مسألة الإمامة واعتقادهم أن الإمامة من حق أهل البیت علیهم السلام وفق الأحادیث التی وردت عن الرسول الکریم محمد (ص)، بالإضافة إلی عصمة الأئمة علیهم السلام التي تعدُّ من المعتقدات الشّيعيّه المهمة ومن المسائل التي لم یتفقوا عليها في ما بينهم، فیقول ابن هانيء الأندلسي فی ما یخص عصمة الإمام من الذّنوب:

من کان سیما القدس فوق جبینه        فأنا الضمین بأنّه لایجهل (ابن هانئ،1980: 286).

تضمن الشّعر في الشّمال الأفریقي هذه المعتقدات، وأشار إلیها الشعراء کوسیلة لنشرها بین السّکان وترسیخ هذه العقیدة. ولا أدلّ علی وجود هذه المعتقدات إلّا ما أورده لها القاضي النعمان أبو حنیفة في «أرجوزته التي بلغت ثلاثمائة وخمسة وسبعین بیتًا» (القاضي النعمان،1970: 71).

أحمده شکرًا علی نعمائه          تعرض المزید من آلائه

والحمد لله الذی قد انتجب        محمدا من خلقه لما انتجب

فخصّه بالوحي والنّبوة           وخص بالأمرة والأخوة

من بعده أبا الحسین والحسن      فسلّم الأمر إلیه إذ ظعن

صلی علیهما الذي اختارهما       واختار من بعدهما آلهما

فاختصهم بالفضل والکرامة        وجعل الحجة والإمامه

فیهم فلم تزل علیهم تقتصر        حتی انتهت الی الإمام المنتظر

یشير الشاعر إلى ذکر الأوصیاء من الأئمه بعد الرسول الکریم محمد (ص)، وأنّ الله جلّ وعلا اختص أهل البیت علیهم السلام بالفضل والکرامة، واقتصرت على غيرهم دون غيرهم وآخرهم الحجة المنتظر (عج).

مقاومة أهل السُنّة للوجود الفاطمي في المغرب

  • موقف علماء أهل السُنّة من الفاطميين:

تباینت مواقف فقهاء المالکیین من الدولة الفاطمية ، فالبعض من فقهاء المالکیة شهروا سلاحهم بوجه الفاطميین واتخذوا طریق المقاومة المسلحة، والبعض الآخر التجأ إلی طریق المقاومة السلمیّة التي تمثلت فی المناظرات وتألیف الکتب كما سبق وذكرنا والبعض منهم استخدموا التّقیّة للحفاظ علی حیاتهم وعقیدتهم، فلذلک هم لم یعدلوا عن مذهبهم السُّنِّي، نذکر منهم،أبو محمد یونس بن محمد الورداني(ت 299 ه)، والفقیه أبو بکر القمودي الذي اتبع طریق المداراة مع الفاطميین.

-الحرکة التألیفة عند أهل السُنّة:

لم يتوقف أهل السُنّة عن عقد الحلقات التدريسيّة، واستمروا بعقدها في بيوتهم والمساجد الصغيرة،حیث کان فقهاء السُنّة يعقدون حلقات تدريسية لتدريس الفقه السني، والغرض من ذلك هو للحفاظ على مذهبهم وتثبيت عقيدتهم، واستمرار انعقاد هذه المجالس دليل على رفضهم للفكر الإسماعيلي، اما موقف الفاطمیون من ذلک ،فکانت تبادر لمنع انعقاد حلقات التدریس وتهددهم بالعقوبات الصارمة (المالکی،1983: ج2، 313) ومن العلماء المالكيّين الذين كانوا يترأسون هذه الحلقات الفقيه المالكي أبي بكر بن اللباد (ت 333ه) فقد امتُحِن أيام الخليفه عبيدالله المهدي وسجن وأمر الخليفة باطلاق سراحه  في ما بعد بشرط ألا يفتي إلّا وفق عقائد الفكر الإسماعيلي.

كذلك ترأس الفقيه المالكي أبو العرب التميمي التدريس في المساجد بالقيروان، فكان يقرأ مؤلفات أهل السُنّة على طلابهم ومن هذه المؤلفات كتاب الإمامة لابن سحنون (المالكى، 1983: ج2، 310)، ومن الفقهاء الذين كان يدرسون في المساجد، الفقيه القطان، فكان يُلقي الدّروس في جامع القيروان وكان يحضر مجلسه عدد من الفقهاء أمثال: أبي الأزهر بن معتب، ومحمد بن أحمد السيوري(عياض، 1967: 321- 324) ومن المواضيع التى تضمنتها ذكر فضل الصحابة، وذلك للرد على الفاطميين في مسألة تفضيل الإمام علي (ع) على الصحابة (عياض، 1967: 278).

وبما أن الإمامة تعدُّ إحدی عقائد المذهب الإسماعيلي، فقد رد فقهاء المالکیّة علی هذه المسألة بتألیف الکتب ، ومن بین الفقهاء،أبو أسحاق ابراهیم بن عبدالله الزبیري-القلانسی(ت 361)، فقد ألف کتاب الإمامة، ومن الفقهاء الذین کتبوا عن الإمامة ،محمد بن سحنون، فألّف هو الآخر کتاب بعنوان الإمامة، (التهامی،349:2005).

وكتب فقيه آخر أبي جعفر محمد بن محمد بن خيرون المعافري، فألف کتاب بعنوان نسب الشّیعة(المالکي، 1983:  ج2: 52-53)، والهدف من الکتابة فی هذه المواضیع، هو التشکیك في نسب الفاطميین وأضعاف نفوذهم الدّینیّ فی المغرب، وفي نفس الوقت اساءت مثل هكذا مؤلفات الى المذهب الشيعي ايضا.

وألّف الفقیه المالکي الأکثر شهرة من بین فقهاء المالکیّة سعید بن الحداد کتاب المقالات (الزبیدی،بی تا: 239-240)، من الواضح استهدف هذا الکتاب المذهب الشّيعي بشکل عام، وفِرق الشیعة ومعتقداتهم، لکون أن ابن الحداد کان الأکثر شهرة بین علماء أهل السُنّة.

وقد ألّف الفقیه المالکي أبو محمد عبدالله بن أبی زید القیرواني کتاب الاقتداء بأهل السُنّة، وفقیه آخر نشط في ميدان التأليف وهو عبدالله بن أبي القاسم بن مسرور التجیبي(ابن الحجاج)(364)، فألّف کتابًا بعنوان،المواقیت ومعرفة النّجوم والأزمان (عیاض، 1967: 342)  کما ألّف أحمد بن عبد الرحمن القصري (ت 322 ه) کتاب بعنوان تجدید الإیمان من شرائع الإسلام، وغیرها من المؤلفات التي کان الهدف منها الحفاط علی مذهبهم في المغرب وترسیخه.

الشعر

ومثلما استخدم الفاطميون الشّعر كوسيلة لتثبيت معتقدات المذهب الإسماعيلي ، كذلك الحال بالنسبة إلى أهل السُنّة، فقد استخدموا الشعر أيضًا كوسيلة للتعبير عن رفضهم للحكم الفاطمي، وقد برز في هذا الميدان كثير من الشّعراء نذكر منهم: أبا القاسم الفزاري وسهل الوراق ……..

فمن شعر أبي قاسم الفزاري في ذم الفاطميون ووصف سلوكهم :

عبدوا ملوكهم وظنوا أنّهم           نالوا بهم سبب النّجاة عموما

وتمكن الشّيطان من خطواتهم       فأراهم عوج الضلال قويما

رغبوا عن الصديق والفاروق      في أحكامهم لا سلموا تسليما

واستبدلوا بهما ابن الأسود نابحا    وأبا قدارة واللعين تميما

تبعوا كلاب جهنم وتأخروا       عمن أصارهم الأله نجوما (المالكي، 1983: ج2،494).

یشیر الشّاعر إلی قوم عبدوا الملوك حتی ظنوا أنّهم ینجون من النّار والعذاب، وتمکّن الشّیطان منهم فأغواهم فزیّن لهم عوجهم حتی ظنوا أنّ عوجهم قویمًا، ترکوا الصدیق وابتعدوا منه.

وللشاعر الوراق قصائد في ذمّ الشّيعة الإسماعيليّة، فقد نظم شعرًا في جور وتعسف الفاطميون مع أهل السُنّة قائلا:

فقد كسا طول البلاد وعرضها          من جوركم ما فاق كل الصفات

قوم أساتهم اليك بقدر ما              أحسنت، لا بل مثله مرات

ما قص فی التنزیل سوءة أمة         إلّا وفيهم ضعفها سوءات(المالكي،1983:ج2،496)

كما نظم أبياتًا تضمنت تكفير الفاطميون وظلمهم قائلا:

الطاعنين على النبي محمد         والقائلين بأسخف المقالات

أنّ الإمام هو النّبي وأنّه           ربّ، تعالى الله ذو العظمات

هدم المساجد وابتناها نزها        لمضارب العيدان والنايات،   ثم يختم القصيدة قائلا:

فعلية ما لبى الحجيج وطوفوا    وعلى ذويه خوالد اللعنات (المالكي،1983: ج2،497-498).

وكان لشعراء أهل السُنّة موقف عندما هدد عبيدالله المهدي علماء المغرب بالانتقام منهم، إذا لم يدخلوا في طاعته بقوله:

فإن تستقيموا أستقم لصلاحكم    وإن تعدلوا عني أر قتلكم عدلا

وأعلوا بسيفي قاهرا لسيوفكم    وأدخلها علوا وأملؤها قتلا (ابن عذاری،1950: ج1،178).

واضح من هذه الأبيات، تهديد عبيد الله المهدي لعلماء السُنّة بالقتل إذا لم يعدلوا عن مذهبهم، ويتبعوا مذهبه الإسماعيلي .

ومن الوسائل الأخرى التي اتبعها اهل السُنّة ضد الفاطميون، هو إظهار الفرح والسّرور في أيام حزن الشّيعة الإسماعيليّة، ومن هذه الأيام هو يوم عاشوراء الذي قُتل فيه الإمام الحسين(ع) في كربلاء، ويعدُّ هذا اليوم عند الشيعة يوم حزن ، إذ يظهر السُنّة سرورهم في هذا اليوم نكاية بالإسماعيليّة. كما كان أهل السُنّة يحضرون المجالس التي كان يمنع الفاطميون من حضورها خشيّة من إثارة الناس ضدهم فيحضرونها نكاية بالإسماعيليّة، ومن تلك المجلس، حضور مسجد السّبت(التهامي،2005: 348) ويحضر هذا المجلس المتصوفة ويقيمون فيه الدروس للقران والذكر، وممن حضره من علماء أهل السُنّة” أبو بكر محمد بن اللباد الفقيه”….. وغيرهم(الدّباغ،1968: ج3، 24).

الخلاصة

الدولة الفاطميّة من الدّول الشّيعيّة التي حكمت المغرب والشّمال الأفريقي في نهاية القرن الثاني الهجري وحتى القرن الثالث الهجري، وقد حكمت البلاد مذهبيًّا وتجلى ذلك من خلال فرض المذهب الإسماعيلي بالإجبار و الاكراه على سكان البلاد .علی الرّغم من السیاسیة المذهبيّة التي اتبعها الفاطميون مع أهل السُنّة ، والاساليب التي اتبعها الفاطميون المتمثلة بالقتل والتنكيل بهم وملاحقتهم ، والتغير في بعض العقائد السنية التي اشرنا اليها ، مع هذا لم يستسلم أهل السُنّة امام محاولات الفاطميون، فقد واجهوهم فكريا من خلال تأليف الكتب واقامة حلقات التدريس في بيوتهم ومساجدهم لتدرس الفقه السني، وكشف عن مدى قوة المذهب السني ونفوذه في المغرب والشّمال الأفريقي وتمسك أهل السُنّة بمذهبهم، ويتضح ذلك من خلال مقاومتهم للوجود الفاطمي في البلاد، كذلك أن المناظرات التي عقدت بين الطرفين لم تحقق أي من النتائج التي كان يطمح اليها الفاطميون في تغير بعض من العقائد السنية فلن يترك اي من علماء السُنّة مذهبهم ، الا القليل منهم خوفا على ارواحهم ويمكن القول أن السياسية المذهبية التي اتبعها الفاطميون عجلت في رحيلهم من المغرب باتجاه مصر. تلك السياسية التي كانت بعيدة عن روح الاسلام ومنهج أهل البيت (ع).

المصادر والمراجع

1-القرآن الكريم

2-التلمساني،أحمد بن محمد المقري(1968): نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب، بيروت دار صادر.

3-السيوطي، جمال الدين (1990): الأمر بالاتباع والنهي عن الابتداع ، تحقيق مشهور حسين سلمان، دار ابن القيم .

4-عبد الوهاب، حسن حسني (1965): ورقات من الحضارة العربية في تونس ،تونس، مكتبة المنارة.

5-الدباغ، أبو زيد عبد الرحمن بن محمد الانصاري (1967): معالم الأيمان في معرفة أهل القيروان، جزء 3، تحقيق محمد الاحمدي أبو النور، تونس، المكتبة العتيقة.

6-ابن عذارى، ابو عبدالله محمد بن محمد (1950): البيان في اخبار الاندلس والمغرب ،بيروت، مكتبة الفلاح.

7-المالكي، أبي بكر عبدالله بن محمد(1983): رياض النفوس في طبقات علماء القيروان وافريقية وزهادهم ونساكهم وسير من أخبارهم وفضائلهم وأوصافهم ،بيروت ، لبنان ، دار العرب الإسلامي .

8-عياض، أبو الفضل عياض بن موسى بن عياض بن عمرو بن موسى السبتي (1968): ترتيب المدارك وتقريب المسالك لمعرفة أعلام مالك ، تحقيق احمد بكير محمود، بيروت ، طرابلس.

9-الهنتاني ،نجم الدين (2004): المذهب المالكي الى منتصف القرن الخامس الهجري ،تونس، تبر الزمان.

10- حسن، إبراهيم حسن، شرف، طه أحمد ، عبيد الله المهدي إمام الشيعة الإسماعيلية  ومؤسس الدولة الفاطمية في بلاد المغرب ، القاهرة، مكتبة النهضة المصرية .

11-مرمول، محمد الصالح (1983): السياسية الداخلية للخلافة الفاطمية في بلاد المغرب الإسلامي، الجزائر، 1983.

12-حسن، إبراهيم حسن(1958): تاريخ الدولة الفاطمية في المغرب ومصر وسورية وبلاد العرب، القاهرة، مكتبة النهضة المصرية .

13-الطبطبائي ، محمد حسين (1412): تفسير الميزان ،ايران، قم، جماعة المدرسين في الحوزة العلمية في قم المقدسة .

14-الزبيدي، الاندلسي ، طبقات النحويين واللغويين ،مصر ، دار المعارف .

-15رافعي، نشيدة، (2003)، الحياة الفكرية والثقافية في المغرب في العصر الفاطمي ،الجزائر، جامعة الجزائر .

16-التهامي، إبراهيم (2005) جهود علماء المغرب في الدفاع عن عقيدة أهل السُنّة، سوريا، دمشق ، مؤسسة الرسالة ناشرون .

17-القاضي النعمان، أبي حنيفة النعمان بن محمد التميمي المغربي (1431) شرح الاخبار في فضائل الائمة الاطهار ،ايران ، مؤسسة الجماعة المدرسين بقم المشرفة .

18-القاضي النعمان، أبي حنيفة النعمان بن محمد التميمي المغربي(1970) الأرجوزة المختارة، كندا تحقيق إسماعيل قربان حسين، معهد الدراسات الإسلاميّة ،جامعة مجيل.

19-الذهبي، شمس الدين محمد (1963) ميزان الاعتدال في نقد الرجال ،تحقيق محمد علي البجاوي، بيروت، دار المعرفة.

20-عبد الحميد، خالدي (2008) العلاقات الثقافية بين المشرق والمغرب الاوسط من الفتح الى نهاية الموحدين ، الجزائر، جامعة الجزائر.

21-ابن هانئ، محمد بن هانئ بن محمد بن سعدون الاندلسي (1980)،ديوان ابن هانئ، دار صادر.

22-ابن الهيثم، جعفر بن أحمد (1388) المناظرات ، ترجمة محمد جاو يدان وامير جوان ايران، قم ، جامعة الاديان والمذاهب.

23-غالب، مصطفى (1969) تاريخ الدعوة الإسماعيلية ،بيروت ، دار الأندلس.

24-زيتون، محمد (1988) القيروان ودورها في الحضارة الإسلاميّة ،القاهرة، دار المنار، ط1.

25-ادريس، عماد الدين (1985) تاريخ الخلفاء الفاطميون بالمغرب، بيروت ، دار الغرب الإسلامي، ط1).

 

 

[1] – مدرس مساعد طالب دكتوراه في قسم التاريخ منال الشویلي– كلية الآداب والعلوم الانسانية -جامعة أصفهان -ايران

PhD student at Isfahan University, Department of History Email :manalshuwaili@gmail.com

[2] – الأستاذ الدكتور محمد علي  چلونگر(الكاتب المسؤول)في قسم التاريخ –كلية الآداب والعلوم الانسانية –جامعة اصفهان – ايران

Mohammad Ali Chelongar(corresponding author)prof .Dr, faculty of Literature and Human Scince ,Department of History, University of Isfahan ,Iran-. Email :m.chelongar@ltr.ui.ac.ir

[3] – الأستاذ المساعد  حميد رضا پاشازانوس في قسم التاريخ –كلية الآداب والعلوم الانسانية –جامعة اصفهان- ايران

Doctor of Isfahan University, Department of History- Email:-h.pasha@ltr.ui.ac.ir

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

free porn https://evvivaporno.com/ website