الأوضاع المعيشيّة للأسرة وعلاقتها بالمطواعيّة النَّفسيّة عند المراهق
“دراسة ميدانيّة على مجموعة من طلّاب التعليم المهنيّ”
Family living conditions and their relationship to psychological resilience among adolescents.
A field study on a sample of vocational education students
Amal Abdallah Abdul-hay أمل عبد الله عبد الحيّ([1])
تاريخ الإرسال:18-4-2024 تاريخ القبول:30-4-2024
ملخص الدّراسة
تُعدُّ مرحلة المراهقة مرحلة تغيّرًا ونموًّا في النواحي كلّها، والأبعاد النّمائيّة كلّها، قد تكون مرحلة أزمة أو قد تكون مرحلة تطوّر وبناء. وحياة المراهق مسيرة ديناميّة أبعد ما تكون عن الجمود، لأنّها تضجّ بالصّراعات الدّاخليّة وبالتناقضات وعدم التوازن. فهو يعيش واقعًا يتّصف بالأزمات والانفصالات، توجّهه الانفصالات عن الأهل نحو الاستقلاليّة فتؤسّس لبنائه كشخصيّة متوازنة مستقلّة ومسؤولة؛ أمّا الأزمات فهي أيضًا محطّات أساسيّة لبناء شخصيّة الإنسان المتميّز والفريد. وتتفاوت الأوضاع المعيشيّة للأسرة وتختلف استجابات وسلوكيّات المراهق لواقعه، فقد تظهر بعض الاضطرابات والسُّلوكيّات المنحرفة أو يكون المراهق مطواعًا قادرًا على تجاوز المحن والشّدائد الّتي يتعرّض لها.
وتعرّف المطواعيّة بوصفها قدرة الفرد على التّعامل مع الشّدائد والمحن في مقابل تجنّب الوقوع في المرض، أو السُّلوكيّات غير المتكيّفة والمعطّلة للنموّ السّليم، وتتضمّن بُعدَين: من ناحية التُعرّض للشدائد والمحن، وفي المقابل النّهوض والخروج بأضرار محدودة مع ظهور نتائج نمائيّة. انطلاقًا من تلك الرؤية، كانت الإشكاليّة الأساسيّة في هذه الدّراسة في محاولة التعرّف على العلاقة بين الأوضاع المعيشيّة للأسرة وبعض الاضطرابات النَّفسيّة والسُّلوكيّات المنحرفة، والوقوف على تبيان دور المطواعيّة عند المراهق في تخطّي الأزمات والمحن الّتي يتعرّض لها.
تكوّنت العيّنة من (305) من مراهقي طلّاب التّعليم المهنيّ الرسميّ في لبنان الموجودين في قضاء الشّمال. تراوحت أعمارهم بين (21-17) سنة. وقد استُخدم في هذه الدّراسة المنهج الوصفيّ الارتباطيّ، واعتمدنا المقاربة الوظيفيّة – البنائيّة فهي الأنسب لدراسة الأوضاع المعيشيّة للأسرة وعلاقتها بظهور بعض الاضطرابات النَّفسيّة والسُّلوكيّة أو بقدرة المراهق بأن يكون مطواعًا. دراستنا هي ميدانيّة مقنّنة في المنهج الكمّيّ وأدواته. وقد أشارت النتائج إلى عدم وجود علاقة دالّة إحصائيًّا بين المستوى المعيشيّ للأسرة، وظهور بعض الاضطرابات النَّفسيّة والسُّلوكيّات المنحرفة لدى مراهقي طلّاب التّعليم المهنيّ الرسميّ، ولكنّ ذلك لم يحل دون ظهور بعض حالات التمرّد، والاكتئاب والعدوان المرتبطة بنمط معيّن من الأوضاع المعيشيّة الأسريّة. كما أوضحت النتائج وجود مستوى مرتفع من المطواعيّة لدى مراهقي طلّاب التّعليم المهنيّ الرسميّ، وغياب دور وسيط للمطواعيّة بين الأوضاع المعيشيّة للأسرة وظهور بعض الاضطرابات النَّفسيّة والسُّلوكيّات المنحرفة.
شكّلت مطواعيّة المراهق اللبنانيّ حاجزًا صلدًا أمام ظهور الاضطرابات النَّفسيّة والسُّلوكيّات المنحرفة، وتبيّن أنّ أحد المقومات الأساسيّة لمطواعيته هو الإيمان بالله.
الكلمات المفتاحيّة: المراهقة – الأوضاع المعيشيّة – الصراع الداخليّ- الأهل- المطواعيّة – أزمة.
Abstract
Adolescence is a stage of change and growth in all aspects and all developmental dimensions. It may be a crisis stage, or it may be a stage of development and construction. And the teenager’s life is a dynamic journey that is far from a standstill, because it is filled with internal conflicts, contradictions, and imbalance. He lives in a reality characterized by crises and separations, directed by separations from parents towards independence, which makes him a balanced, independent, and responsible personality; crises are also basic stations for building a distinct and unique human personality. The family’s living conditions vary and the teenager’s responses and behaviors to reality vary. Some disorders and deviant behaviors may appear, or the teenager could be resilient, able to overcome the adversities to which he is exposed. Resilience is defined as an individual’s ability to cope with adversity and to avoid falling into illness or maladaptive behaviors that disrupt proper development. It includes two dimensions: on the one hand, there is exposure to adversities and hardships, and on the other hand, there is getting up and getting out with limited damage with the appearance of developmental results. Based on this vision, the main problems in the current study were to try to identify the relationship between the living conditions of the family and some mental disorders and deviant behaviors and to identify the role of resilience in adolescents in overcoming the crises and hardships to which he is exposed.
The sample consisted of (305) teenagers of formal vocational education students in Lebanon located in the North District. Their ages ranged from (17-21) years old. The correlative-descriptive approach was used in the present study. We adopted the functional – structural approach, as it is the most appropriate to study the family’s living conditions and their relationship to the emergence of some psychological and behavioral disorders or the ability of a teenager to be resilient. Our study is field codified in terms of quantitative methods and tools. The results indicated that there was no statistically significant correlation between the family’s standard of living and the appearance of certain mental disorders and deviant behaviors in adolescents of students of formal vocational education. However, this did not prevent the emergence of some cases of rebellion, depression, and aggression associated with a certain pattern of family living conditions. The results also showed that there is a high level of resilience among adolescent students of formal vocational education and the absence of an intermediate role of resilience between the living conditions of the family and the emergence of some mental disorders and deviant behaviors.
The resilience of the Lebanese teenager formed a solid barrier to the emergence of mental disorders and deviant behaviors, and it turned out that one of the basic components of this resilience is faith in God.
Key words: adolescent- living conditions – parents- conflict – resilience- crisis
رجال ونساء الغد هم أطفال الأمس وهم المراهقون الّذين يتخبّطون من أجل بناء مستقبلهم وتحقيق ذواتهم. في الواقع لا يوجد تعريف للمراهقة يرضى عنه الجميع: ذكرت (سليم، 2002: 433) تعريف كارل روجز “Carl Rogers” للمراهقة “هي مرحلة نموّ جسديّ وظاهرة اجتماعيّة ومرحلة زمنيّة وحقبة تحوّلات نفسيّة عميقة، وهذه المرحلة تمتدّ من سنّ البلوغ إلى سنّ العشرين”. وتُشير كلّ من (يونس وزعلول، 2012) إلى أنَّ دخول مرحلة المراهقة شبيه بالنفق المظلم المتشعّب والمتعدّد المخارج، يخضع فيه الفرد إلى سلسلة مترابطة من الانفصالات، ترتسم خلالها شخصيّته وتتبلور لتكوين بنيته النَّفسيّة.
لذلك فإنَّ الاهتمام والعناية بالمراهقين منذ الصغر يعدُّ حجر الأساس في تكوين شخصيّة سويّة، واثقة من نفسها قادرة على تقبّل الظروف المتنوّعة والصّدمات المختلفة وتخطّيها، أو بالعكس منحرفة تظهر فيها الاضطرابات النَّفسيّة والسُّلوكيّة، أو المتخبّطة لمدّة معيّنة، ثمّ متجاوزة للمآزم والصّدمات أي ممتلكة القدرة على النهوض من جديد، واستئناف مسيرة النموّ في عمليّة معقّدة يعرّفها النَّفسانيّون بالمطواعيّة.
أوّل من استعمل وطرح مفهوم المطواعيّة Resilience كان روتر (Rutter,1985) الّذي أشار إلى قدرة الأفراد على تجاوز ومواجهة الأوضاع الصّعبة، والصّدمات ثم أصبح هذا المصطلح رائجًا في فرنسا على يد العالم بوريس سيرولينك (Cyrulink,1999). ويعدُّ سيرولنك أنّ أفكاره في التحليل النَّفسيّ ليست جديدة، بل يدين إلى المفكّرين، والمحلّلين السّابقين. ويذكر أنّه تأثّر بأفكار آنا فرويد (Ann Freud)حول الحرمان من العناية الوالديّة، ويعدُّ نفسه أيضًا مكمّلًا لما قدّمه جان بولبي “John Bowlby” في مجال التعلّق العاطفيّ للطفل.(Groskop, 2009)
يعرّف بوريس سيرولينك المطواعيّة (Cyrlink,2018) “أنّها استئناف لمسيرة النموّ بطريقة جديدة بعد الصّدمة، وأنّ الأكثر تعقيدًا هو اكتشاف مقوّمات المطواعيّة أي الأمن _ المحفّز _ العلاقات _ والثقافة”. ويؤكّد “سيرولنك” أنّ المطواعيّة تستمرّ طوال حياة الإنسان وأنّ السنوات الأولى في مرحلة الطفولة هي الأكثر أهمّيّة، وأنّها ترتبط بمفهوم التعلّق وكيفيّة تعلّم الطفل أن يحبّ ويندمج اجتماعيًّا. بالإضافة إلى أنّها متغيّرة ومختلفة حسب المراحل العمريّة، فالمطواعيّة في مرحلة الطفولة ليست كما هي في مرحلة المراهقة أو الرّشد أو مرحلة الشيخوخة، وكذلك الأسباب تختلف من مرحلة إلى أخرى.
تُشكّل الأسرة الحاضنة الأساس في بناء شخصيّة المراهق إذ يؤكّد د.حجازي أنّها “تشكّل أساس الصحّة النَّفسيّة ومنطلقها، منها يستمدّ الإنسان رصيده الوراثيّ الّذي بيَّنْنا آثاره المهمّة. وهي تشكّل مجاله الحيويّ الأوّليّ الّذي يتفاعل مع هذا الرصيد الوراثيّ في وحدة جدليّة متكاملة تحدّد نتائجه مختلف أحوال الصحّة والمرض”. (حجازي،2000: 117)
ثانيًا-أهمية الدّراسة: تحدّد أهميّة الدّراسة كالآتي:
- التعرّف إلى مستوى المطواعيّة الّتي يتمتّع بها المراهق اللبنانيّ الكادح والمهمّش.
- معرفة مقوّمات المطواعيّة ومصدرها.
- قد تُسهم الدّراسة الحاليّة في تزويد الباحثين بمقياس المطواعيّة المقنّن بعد أن تَحقّق من صدقه وثباته، ومقياس الاضطرابات النَّفسيّة والسُّلوكيّات المنحرفة.
- قد تُسهم هذه الدّراسة في وضع برامج إرشاديّة لرفع درجة المطواعيّة لدى الطلّاب في المهنيّات والمدارس.
- قد تُسهم في إنشاء مكاتب للإرشاد النَّفسيّ في المهنيّات تساعد الطلّاب على تخطّي بعض الصّعوبات، والضغوط الّتي يواجهونها في بيئتهم.
- قد تساعد هذه الدّراسة في تعديل وجهة نظر المجتمع إلى فئة الشّباب المهمّش، وشباب الظلّ وضرورة إعطائه فرصة للتّعلم والعمل وعدم وصفهم بالعاجزين عن تحقيق أهدافهم.
ثالثًا– أهداف الدّراسة: تسعى الدّراسة الحاليّة إلى التعرّف إلى تأثير الأوضاع المعيشيّة المضطربة في ظهور الاضطرابات النَّفسيّة، والسُّلوكيّات المنحرفة لدى عيّنة من مراهقي طلّاب التّعليم المهنيّ الرسميّ.
- إعطاء صورة واضحة عن كيفيّة مواجهة المراهق اللبنانيّ للصّراعات والصّدمات.
- توفير صورة واضحة قدر الإمكان عن البيئة الاجتماعيّة الفقيرة، والمتوسّطة الّتي ينتمي إليها المراهق الكادح والمهمّش.
- معرفة مستوى المطواعيّة الّتي يتمتّع بها المراهق اللبنانيّ.
- التعرُّف إلى طبيعة العلاقة بين الأوضاع المعيشيّة للأسرة والمطواعيّة.
- التعرُّف إلى العلاقة بين المطواعيّة وظهور الاضطرابات النَّفسيّة والسُّلوكيّات المنحرفة.
رابعًا-مشكلة الدّراسة: تعدُّ الأسرة الخليّة الأولى في بناء المجتمع، ودعامة أساسيّة من دعائم البناء الاجتماعيّ بوصفها المسؤولة عن تنشئة الأفراد وتكوين شخصيّتهم منذ الصغر. وهذا ما يجعل الاستقرار في الحياة الأسرية سبيلًا لتكوين الشّخصيّة المتّزنة لدى أبنائها، والقادرة على تحقيق التكيّف والتوافق الاجتماعيّ. ولكن ماذا يحدث إذا لم يتوفّر هذا الاستقرار؟ يقول مصطفى حجازي “إنّ انعدام الطمأنينة القاعديّة هي البذرة الأولى للاضطرابات اللاحقة”.
يعدُّ بعض العلماء أنّ مرحلة المراهقة مرحلة نموّ طبيعيّة، أمّا البعض الآخر فيعدُّها مرحلة درامتيكيّة لا تخلو من الأزمات والصّراعات. إنّ مرحلة المراهقة هي مرحلة حسّاسة قد يتجاوزها الفرد من دون حدوث مشكلات خارجة عن المألوف إذا ما توفّرت الظروف الملائمة، ولكن إذا لم تتوفّر هذه الظروف فإنّ عددًا غير قليل من المراهقين قد ينحرف إلى سلوكيّات مستهجنة بهدف إشباع حاجات نفسيّة لم تشبع، أو قد يتعرّض إلى مشكلات نفسيّة وسلوكيّة مختلفة.
مرحلة المراهقة هي المرحلة الأكثر صخبًا وزخمًا في حياة الفرد، تتميّز بتغيّرات جذريّة وعميقة، يدخلها الفرد طفلًا ويخرج منها راشدًا. تشهد المراهقة أزمات مختلفة إضافة إلى ازدواجيّة غير متوازنة بين واقعين: الواقع الخارجيّ الموضوعيّ – الواقع الداخليّ الذاتيّ. تتمثّل المشكلة في هذه الازدواجيّة بين الذاتيّ – الموضوعيّ ما يستدعي من المراهق إيجاد التغيير للوصول مجدّدًا إلى التوازن النَّفسيّ الّذي كان سائدًا في مرحلة الطفولة والّذي تزعزع لمّا سيطرت الصّراعات الداخليّة. فإنّ ترافق كلّ ذلك مع واقع معيشيّ صعب وعدم إمكانيّة إشباع الحاجات النَّفسيّة، تصبح قدرة المراهق على التكيّف والتوازن في تذبذب مستمرَّين، أو قد ينحرف لأنّه يعيش في ظروف اجتماعيّة وثقافيّة واقتصاديّة خاصّة تدفع به إلى الجنوح. تشير مريم سليم “إنّ المراهقة بطبيعتها مرحلة مؤاتية للسلوك الجانح لما فيها من فورة الغرائز (من جنس وعدوان) ولما تبديه من رغبة في التّحرّر من سلطة الكبار والتّمرّد عليها، ولما فيها من عدم استقرار عاطفيّ ومن صعوبة في التكيّف مع التغيّرات الجسميّة، والنَّفسيّة ومع الآخرين”، أو قد يتمتّع بالمطواعيّة ويستطيع التكيّف مع ظروفه الاجتماعيّة بأسلوب جديد.
وبناءً على ما تقدّم يمكننا طرح السؤال الأساسيّ الآتي:
هل الظروف المعيشيّة الّتي يعيشها المراهق الكادح والمهمّش محفّزة للإنجاز أم مثبطة لهمّته وعزيمته؟
ومن هذا السؤال تنبثق الأسئلة الفرعيّة الآتية:
– ما هو مستوى الأوضاع المعيشيّة للأسرة لدى أفراد المجموعة الّتي تجري عليها الدّراسة؟
– ماهو مستوى المطواعيّة التي يتمتّع بها المراهق اللبنانيّ المنتمي إلى مجموعة الدراسة؟
-أية مرجعيّة تساند المراهق وتمنحه القوّة لتجاوز الصّدمة: قريب؟ صديق؟ أستاذ؟ غيره.
– ماهو دور ثقافة المراهق في تخطّي الصّدمة؟
خامسًا: فروض الدّراسة
الفرضيّة العامّة: وجود علاقة بين الأوضاع المعيشيّة، والاضطرابات النَّفسيّة والسّلوكيّات المنحرفة لدى مراهقي طلّاب التّعليم المهنيّ الرّسميّ. ومن هذه الفرضيّة العامّة تنبثق الفرضيّات الجزئيّة الآتية:
- وجود علاقة بين المستوى الاقتصاديّ المتدنّي لدى الأسرة، وظهور بعض الاضطراب النَّفسيّ والسُّلوك المنحرف لدى المراهقين في الأسرة.
- وجود مستوى مرتفع من المطواعيّة لدى مراهقي طلّاب التّعليم المهنيّ الرسميّ.
- لايوجد دور وسيط للمطواعيّة في العلاقة بين الوضع المعيشيّ، وظهور بعض الاضطرابات النَّفسيّة والسُّلوكيّات المنحرفة.
سادسًا: التعريف الإجرائيّ لمتغيّرات الدّراسة:
- تعريف المطواعيّة: هي أن يمتلك الفرد القدرة على النهوض من جديد، والاستمرار بعد مرحلة ركود نسبيّ عانى منها خلال مرحلة معيّنة من حياته. وتختلف المعاناة في معانيها ودلالتها من فرد لآخر. وهي العلامة الّتي يحصل عليها الفرد على مقياس كونور- دايف دسون.
- تعريف الاضطرابات النَّفسيّة والسُّلوكيّة المنحرفة: يتحدّدان من خلال المقياس الموجّه إلى المراهقين بأبعاده الآتية: القلق– الاكتئاب -الغضب – العدوانيّة – التمرّد والعصيان.
- تعريف الأوضاع المعيشيّة: هي الوضع الاقتصاديّ المتدنّي (فقر) وقد تمّ تحديدها من خلال الاستمارة الموجّهة إلى الأهل.
1 – المطواعيّة
أ- أصل كلمة المطواعيّة: ظهر مصطلح “المطواعيّة” العام1626 باللّغة الإنجليزيّة، وهو مشتقّ من الكلمة اللاتينيّة “resilientia”. استخدم الفيلسوف فرنسيس بايكون “Francis Bacon” هذا المصطلح أوّل مرّة في كتابه الأخير “Sylva Sylvarum” أو “التاريخ الطبيعيّ” لوصف كيفيّة ارتداد الصَّدى. تجدر الإشارة إلى أنّ معنى كلمة المطواعيّة باللّغة الإنجليزيّة هو “ارتَدّ”، “تمالك نفسه”، “نهض”؛ الأمر الّذي ينطبق على الكثير من السّياقات.
العام 1942، صادف سكوفيل “Scoville” كلمة المطواعيّة لأوّل مرة في مقال منشور في مجلّة علميّة تُعنى بأمور النَّفس. نشر سكوفيل المسألة المطروحة في المجلّة الأميركيّة لعلم النَّفس. ولا بدّ من الذكر أنّ هذه المجلّة متخصّصة بأعمال الاختصاصيّين الاجتماعيّين النَّفسيّين في بريطانيا العظمى خلال الحرب العالميّة الثّانية.
ب- تعريف مصطلح المطواعيّة: (Rutter, 1985, 1999) قد تصوّر المطواعيّة على أنّها عمليّة ديناميكيّة تنطوي على تفاعل بين كلّ من المخاطر، وعمليّات الحماية الدّاخليّة والخارجيّة للفرد الّتي تعمل على تعديل آثار الأحداث السلبيّة بالنسبة إلى (Garmezy, 1991) فقد حدّد المطواعيّة بأنّها القدرة على التعافي من الأحداث السلبيّة على الرّغم من التعرّض للتوتّر.
ج-عناصر المطواعيّة
– عناصر الحماية قبل الصّدمة: تتمثّل هذه العناصر بوجود ستّة إلى ثمانية أشخاص يتعلّق بهم الطفل. الأمّ بالتأكيد فهي الّتي تحمل وتطبع البصمات الأولى، هي مصدر قوّة مهدّئة. بيد أنّه عندما لايوجد أيّ فرد يتعلّق به الطفل فتلك مأساة. أمّا في حال وجود شخص واحد فقط فهذا إفقار للبيئة الحسيّة الّتي تطمئن الطفل وتعطيه الثقة بالنَّفس للابتعاد من الأمّ واكتشاف العالم والمجتمع. لكن في حال وجود عدد كبير من الأشخاص حول الطفل لا يحدث تعلّق. مثال في بعض المؤسّسات الفوضويّة حيث ينعدم وجود أساس اجتماعيّ، وثقافيّ ويوجد قرابة ثلاثين إلى أربعين فردًا في المحيط الإنسانيّ للطفل، لا يحدث تعلّق. في المقابل عندما يوجد في محيط الطفل ما بين ستّة إلى ثمانية أشخاص فقط، يتعلّم الطفل أن يحبّ بطريقة مختلفة. والأب هو صورة التعلّق الثّانية، لكنّ هذا يعتمد بشكل مدهش على الثقافة لأنّ الأب يُمثّل بشكل مختلف حسب الثقافات، يضاف إليهم الأقرباء. بناءً على ذلك يكتسب الطفل عاملين من عوامل الحماية هما الأمن أو التعلّق الآمن والقدرة على التفكير.
– عوامل المطواعيّة بعد الصّدمة: إنّ وجود شخص وصيّ للفرد المصاب بعد الصّدمة بالقرب منه وحتّى من دون التحدّث إليه يشعره بالأمن، وقد تحقّق من تأثير وجود الوصيّ حتّى على الدماغ فقد كان تصوير الاستقرار النّاجم عن هذا الموجود وقياس التغيّرات البيولوجيّة-العصبيّة، ومشاهدة الصور النّاتجة عن آثار وجود الوصيّ غير اللفظيّ (رجل دين، أخصّائيّ نفسيّ، مدرّب رياضة، فنّان، مغنّي…) وما توفّره أو تقترحه الثقافة. إذ نستطيع القول إنّ دماغ الفرد يهدأ من خلال بيئة منظّمة داخل المجتمع (لعب لفظيّ، لعب سلوكيّ)، عندئذ يتمكّن الفرد من تحديد دور الدّاعم ما قبل اللفظيّ من خلال الثقافة فيبدأ البحث عن معنى ما حدث له، يبحث عن فهم ما حصل معه، وفي هذه اللحظة نعطي الكلمة للروائيّ، للكاتب الصحفيّ، لصنّاع الكلمة أيّ إنّ لديهم وظيفة مهمّة بعد الصّدمة لكي يُطَمئِنوا الناس ويقولوا لهم: “هذه هي الصّدمة، جزء من شروط الوجود الإنسانيّ”. وهكذا نستطيع أن نطلق مسيرة المطواعيّة. (Cyrulink,2017)
د-مقوّمات المطواعيّة: تعتمد المطواعيّة على أربعة عناصر: العلاقات – الأمان- المحفّز – الثقافة.
1-العلاقات: أثبتت الوقائع حقيقة نموّ قنوات التواصل الحسيّة حتّى داخل رحم الأمّ (Lecanuet , 1995)
ويشكّل اللّمس القناة الأساسيّة والحيويّة منذ الأسبوع السّابع، أمّا حاسة الذوق والشمّ فتبدأان العمل منذ الأسبوع الحادي عشر كحاسّة واحدة، منذ اللّحظة الّتي يبتلع فيها الطفل السّائل الأمينوتي المعطّر من مأكل ومشرب الأمّ (Schaal,1987). ومنذ الأسبوع الرابع والعشرين، يحدث الصوت الخارجيّ القويّ اهتزازات في جسد الأمّ ويلامس رأس الطفل (Cyrulink ,1989).
استنادًا إلى ذلك نعدًّ أنّ للبيئة الحسيّة داخل رحم الأمّ تأثيرًا مباشرًا على الطفل، على نموّ حواسه وتفاعله مع البيئة المحيطة قبل وبعد ولادته. وتتنوّع البيئة الحسيّة للطفل استنادًا إلى الحالة النَّفسيّة للأمّ أثناء الحمل وبعده.
2- الأمان: يصرّح سيرولنك (Cyrulink ,2017) أنّ الأمان هو الاحتياج لشخص آخر يحمي من أجل تجربة متعة الاستكشاف. وفي أغلب الأحيان تكون الأمّ هي مصدر الأمان، وتشكّل القاعدة الأساس الّتي ينطلق منها الفرد لاختبار مجاله الحيويّ.
3- المحفّز: بالنسبة إلى سيرولنك (Cyrulink,2016) كلّ شخص لديه توقيته الخاصّ لاستئناف مسيرة نموّه بعد الصّدمة. كما تؤكّد ماري أنو (Anaut, M. 2018) على ضرورة وجود الأهل بالقرب من الأطفال، أو المراهقين الّذين تعرّضوا للصّدمة وضرورة التحلّي بالصبر، واحترام توقيتهم الخاصّ إذا رغبوا بالحديث عمّا جرى معهم، وأن يدركوا أنّ الأهل يستمعون لهم ويفهمونهم. بعض المراهقين يرغبون بالتحدّث إلى محيطهم، ويفضّل آخرون التحدّث إلى اختصاصيّين بدلًا من التحدّث مع أهلهم فيستطيعون إخبارهم تفاصيل ما عاشوه، لأنّه يبدو من المزعج أحيانًا التّطرّق إلى أمر ما مع العائلة. وتضيف قائلة، إنّنا لسنا مطواعين بمفردنا، أو بمقولة أخرى إنّ الفرد سيستمدّ من موارده الخاصّة، من شخصيّته، من آليّاته الدّفاعيّة الذاتيّة مجموعة من العناصر تسمح له بحماية نفسه، فهو سيقوم أيضًا بعمليّة إعداد خاصّة به وسيعتمد على داعميه الخارجيّين، سواء من العائلة أو المجتمع الّذين بإمكانهم مساعدته على التعويض عن بعض الجروح الفرديّة. وأخيرًا المطواعيّة ليست تعبئة الحيل الخاصّة الفرديّة ولكن أيضًا الاستفادة من الداعمين الخارجيّين.
4- الثقافة: يشير سيرولنك (Cyrulink ,2017) إلى أنّ الفرد لايستطيع العبور من المطواعيّة الفرديّة إلى المطواعيّة الجماعيّة، لأنّ هناك مبادلات مستمرّة بين ما نحن عليه وبين عائلتنا وما تهيِّئُه ثقافتنا حولنا، وهذه المبادلات متغيّرة باستمرار. عندما كنّا أطفالًا في المرحلة ما قبل اللفظيّة، كانت هناك تبادلات عاطفيّة – سلوكيّة. فالطفل يحتاج إلى صورة، إلى أمّ، صورة أُمويّة وحتّى الرجال يستطيعون أن يكونوا مصدر أمان، لديهم وظيفة والديّة. لكن ليست هي الحال اليوم، فالتبادلات اختلفت. أثناء مرحلة المراهقة يجب أن يترك المراهق عائلته ليختبر المغامرة الاجتماعيّة والجنسيّة. وهي أيضًا مختلفة باختلاف البلدان والجماعات. إنّها مسيرة مستمرّة إذ إنّ الفرد جزء من الجماعات المحليّة. فالفرد هو تمايز نحتته أو شكّلته الضغوط الإيكولوجيّة والبيولوجيّة. في حين أنّ الفرد أي الفاعل هو فرد معجون بجميع الحوارات المحاطة به، لايوجد انفصال بين الفرد والجماعة. هناك تبادلات مستمرّة ومتفاعلة بين الفرد وواقعه المعاش وخصوصًا القصص الّتي تحيط به.
وانطلاقًا من هذه التبادلات، تتّضح أهميّة أن يروي الفرد ما حدث معه، أي أن يروي الأحداث لنفسه، أن يقصّ إلى شخص ما، بهدف أن يرى كيف يتقبّل المحيط ما حدث معه.
ه- العوامل الّتي تعرقل مسيرة المطواعيّة: يؤكّد سيرولنك (cyrulink,2012) أنّ هناك ثلاثة عوامل تعرقل بشدة استئناف النموّ العصبيّ المطواع:
– العزلة (la solitude): إنّ بيولوجيّة العزلة أصبحت محلَّلة بشكل جيّد، ثلاثة أسابيع من العزلة العاطفيّة واللفظيّة تكفي لإحداث ضُمور حوفي (atrophie limbique) يفسّر الاضطرابات المعرفيّة للذاكرة والعواطف، فتكون هذه المنطقة الدّماغيّة هي دعامة. ويفسّر ارتفاع التلف المناعيّ (dégats immunologiques) والتّغيّرات اللمفاويّة (modification lymphocytaires) بعد فقدان شخص وتيرة أمراض الترمُّل (maladie de veuvage)
– اللاعقلانيّة/ الهراء (le non-sens): إنّ استحالة إعطاء معنى للحدث المحطِّم يجعل المصدوم مشوّشًا، وبليدًا وغير قادر على تبنّي سلوك متناسق لمواجهة الصّدمة ومحاولة الخروج منها. فإنّنا نعطي للحدث المحطّم معنى من خلال دمج معطيات الذاكرة مع أحلام المستقبل. تتيح العقلنة هذا العمل من الصور والكلمات، شرط توافر شريك لتطوير هذا التمثيل وتبادل عواطفه. يجد بعض المصابين صعوبة في القيام بهذا العمل، لكن ليس من النّادر أن تُسكت الأسرة والثقافة الشخص المصدوم.
– الخجل/ العار (la honte): يشكّل هذا الشعور سمًّا للروح، ورادعًا مهمًّا للمطواعيّة، لأنّ الشخص المصاب يضع نفسه وراء العلاقات الّتي تساعد على المطواعيّة.
استنادًا إلى ما سبق، لا توجد سببيّة واحدة، والعوامل الّتي تتدخّل في مسيرة المطواعيّة عديدة وغير متجانسة. هذه الصّعوبة في منهجيّة البحث تتطلّب ربطًا لمختلف التخصّصات بعضها ببعض. ومع ذلك، في العمليّات النظاميّة (systémique) غالبًا ما يكفي التدخّل على نظام فرعيّ واحد لكي يؤدّي التدخّل إلى عمليّة تحسّن للنظام بأكمله.
2- الأسرة
أ- أهميّة الأسرة : يمكن تلخيص أهميّة الأسرة في النقاط الآتية:
- إنّها تمثّل أوّل نموذج مثاليّ للجماعة الّتي يتعامل الطفل مع أفرادها وجهًا لوجه، وهي بدورها الّتي تشكّل سلوكه وتوجّهه وتلقّنه القيم التربويّة والمعايير الاجتماعيّة.
- تنفرد الأسرة بتزويد الطفل بمختلف الخبرات أثناء سنوات تكوينه.
- إنّ الأسرة هي أكثر الجماعات الأوّليّة تماسكًا، وتتمّ فيها عمليات اتّصال، وانتقال القيم والعادات من جيل الآباء إلى جيل الأبناء.
- تحدّد مكانة الطفل بدرجة كبيرة بمكانة الأسرة وثقافتها، فهي تهيّئ المواقف المختلفة وتنمّي قدرات الطفل.
- تعدُّ الأسرة النّسق الاجتماعيّ الأوّل الّذي يزوّد الطفل برصيده الأوّل من القيم والعادات الاجتماعيّة، وتكون دليلًا يرشده في تصرّفاته وتحديد سلوكيّاته، فيتعلّم الحقّ والواجب، والخطأ والصواب.
ب- الشرائح الأسريّة وخصائصها النوعيّة : نشير إلى وجود شرائح أسريّة عدّة في المجتمع. والحديث عن الأسرة بشكل عامّ: الأسرة العربيّة، الأسرة المصريّة، الأسرة اللبنانيّة…الخ يستوجب تحديدًا دقيقًا لكلّ شريحة، أي تحديد خصائصها التكوينيّة وظروفها، واحتياجاتها ومتطلّباتها وإمكاناتها. إذ إنّ ما يصيب شريحة أسريّة معيّنة من مشكلات لا يصيب كلّ الشرائح الأسريّة بنفس الحدّة والشدّة والأضرار. وقد تحدّث عن أربع شرائح أساسيّة من الأسر العربيّة لكلّ منها خصائصها (مهنا وحجازي، 2013) ، نلخصّها على الشكل الآتي:
1– أسر تحالف رأس المال والسياسة ومعها الأسر محدثة النعمة: هذه الأسر تملك سلطة المال والسياسة معًا، وتتوارثهما عبر أجيالها، وتعزّز نفوذها من خلال التحالفات والمصاهرات. إنّها محصّنة ضدّ الأخطار الأمنيّة والاقتصاديّة والصحّيّة وسواها من الأخطار. فهي لا تملك فقط وسائل الحماية الكامنة ضدّ هذه الأخطار، بل إنّها هي المسؤولة عن الكثير من هذه الأخطار لأنّها المستفيد الأكبر منها: إنّها المستفيد الأكبر من الأخطار الاقتصاديّة الّتي تصيب بقيّة الأسر من خلال احتكاراتها، وهيمنتها على السوق وإفلاتها من الضرائب. وهي المستفيدة من أخطار العولمة وأزماتها الاقتصاديّة من خلال خدمتها لرأس المال المعولم، وأربابه من رجال مال وصناعة وسياسة. وبدلًا من رعاية الأبناء ومنحهم الحبّ والحنان والرّعاية والحضور، يعوّض الوالدان غيابهما عن الأبناء برشوتهم ماليًّا ودفعهم إلى الانخراط في الاستهلاك ومتابعة صراعاته، ولا لزوم للجهد الدراسيّ والتحصيل فثروة الآباء حاضرة.
2– أسر النُخب المهنيّة: تُشكّل النسبة المهمّة من القيادات العلميّة والمهنيّة والفكريّة. هي شريحة حقّقت الارتقاء العلميّ والمهنيّ، والانغراس الاجتماعيّ من خلال الجهد التحصيليّ المتميّز. تتّصف الأسرة بالتّماسك وبدرجة جيّدة من النُضج النَّفسيّ للزوجين، كما تحتلّ مكانة اجتماعيّة تتّصف بالتقدير. توفّر هذه الأسر لأبنائها أفضل ظروف الرعاية والتقدير والقبول. كما توفّر أفضل فرص التّغذية والصحّة والتعليم في مدارس جيّدة المستوى. يتمتّع أبناء هذه الشّريحة بالصحّة النَّفسيّة والانتماء إلى الأسرة وعالمها. الأبناء هم أبطال العولمة مهنيًّا، وأبطال تكنولوجيا المعلومات، والاتّصال وهم يشكّلون المرجعيّة للأهل على هذا الصعيد، هم متفوّقون دراسيًّا في المدرسة والجامعة ممّا يهيّئهم لسوق العمل.
3– الأسر الشّعبيّة الكادحة: وتشكّل شريحة واسعة من الأسرة العربيّة. إنّها تتمتّع بمقوّمات العافية النَّفسيّة وبدرجة طيّبة من التّماسك. يتمتّع الزوجان بالتساند والنّضال المشترك من أجل الحفاظ على الأسرة، وحُسن تنشئة الأبناء انطلاقًا من حسّ مميّز بالمسؤوليّة والرغبة بالعطاء، ونجدها في كلّ من الريف والمدينة. وقد يكون الوالدان محدودي التّعليم إلّا أنّهما يكافحان من أجل الوصول إلى العيش الكريم. تتّصف إمكاناتها المادّيّة بالتّواضع ولكن بحسن رعاية الأبناء صحّيًّا وتعليميًّا، ونظرًا لمحدوديّة الإمكانات المادّيّة فإنّ الأبناء يتوجّهون إلى التّعليم الرسميّ الجامعيّ وما قبل الجامعيّ. وهم على الرّغم من اجتهادهم لا يحظون بفرص مناسبة للتّعليم المناسب لتلبية سوق العمل المعولم فهم أبرز ضحاياه. يتعرّض الأبناء لبطالة الجامعيّين المعروفة عربيًّا، ويتعرّضون للتهميش والمعاناة وخيبات الأمل.
4– الأسر المهمّشة والمتصدّعة: أسر هذه الشّريحة ركيكة التكوين من الأساس: الوالدان أمّيّان، الأب غير مؤهّل مهنيًّا، يرتزق من أعمال عابرة حسب الظروف والفرص، ويتذبذب الأب ما بين الكسب والبطالة، كما قد يقع في الإدمان فينفق ما يحصّله على الخمرة والمخدّر. الأمّ أمّيّة بدورها وتفتقر إلى القدرة على تدبير شؤون حياة الأسرة. تعيش الأسرة من دون تخطيط فتنفق مواردها وما تحصل عليه من مساعدات فتقع في الحاجة من جديد. يُعاني أبناء هذه الشريحة من حرمان متعدّد الأبعاد: حرمان مادّيّ من مقوّمات الحياة، حرمان تعليميّ فقد لا يلتحقون بالدّراسة، حرمان عاطفيّ من الحبّ والحنان والرعاية والحماية، وحرمان ثقافيّ ممّا لايمكّنهم من إدارة حياتهم. ليس هناك من متابعة كافية لأوضاعهم الغذائيّة والصحّيّة والتعليميّة.
3- المراهقة والانحراف
أ- مفهوم المراهقة: تعدّ المراهقة مرحلة مرور وعبور، وانتقال من مرحلة الطفولة إلى مرحلة الرّشد وهي مرحلة الاهتمام بالذات والمرآة والجسد على حدّ سواء، واكتشاف الذات والغير والعالم. وتتّخذ المراهقة أبعادًا ثلاثة: بعدًا بيولوجيًّا (البلوغ(، وبعدًا اجتماعيًّا (الشّباب(، وبعدًا نفسيًّا (المراهقة( ومن ثمّ، تبدأ المراهقة “بمظاهر البلوغ، وبداية المراهقة ليست دائمًا واضحة، ونهاية المراهقة تأتي مع تمام النضج الاجتماعيّ، من دون تحديد ما قد وصل إليه الفرد من هذا النضج الاجتماعيّ.”
ب- فئات المراهقين: يرى حجازي أنّ الشّباب ليسوا شريحة واحدة. إنّهم يتوزّعون على أربع فئات لكلّ منها خصائصها وظروفها وإمكاناتها وأزماتها. يستعرض حجازي (حجازي، 2016) بشكل منهجيّ خصائص وخصوصيّات كلّ من هذه الشرائح الأربع وهي على الشكل التّالي:
– الفئة المترفة: هي الفئة الّتي تنعدم فيها الضوابط فقد رُبِّيَت على التراخي في النظام والضبط، مع إفراط في العطاء المادّيّ تعويضًا عن نقص الرعاية النَّفسيّة من قبل الوالدين. إنّها فئة لا تعرف معنى الجهد، ولم يتكوّن لديها هويّة نجاح مستقبليّ. تعتمد اعتمادًا كلّيًّا على الأهل، تعيش من خلال الترف، في حالة من البحث عن اللّذات الآنيّة، والاستعراض الاستهلاكيّ المفرط تعويضًا عن الفراغ العاطفيّ والوجوديّ الّذي تعاني منه. تأخذ كلّ شي من دون أن تعطي شيئًا. تعاني من فراغ داخليّ لذا نجدها في بحث مستمرّ عن اللّذة أو قد تجنح نحو سوء التكيّف (المغامرات وتعاطي المخدّرات).
– الفئة المنغرسة: هي فئة مميّزة في قدرتها وفرصها على بناء مكانة اجتماعيّة مهنيّة. حظيت بالاهتمام والرعاية منذ الصغر وتنعّمت بالاستقرار العائليّ. وهي الفئة الّتي قدّمت لها أفضل فرص التربية والتحصيل. وتمكّنت من تحقيق ذاتها وبناء “هويّة نجاح”. إنّها الفئة الوحيدة الّتي تفلت من الهدر، وتمثّل جيل النّخبة من الشّباب من الجنسين.
– الفئة المهدورة: هي الفئة الطامحة إلى الارتقاء الحياتيّ والاجتماعيّ. تعيش في وضع عائليّ مستقرّ نوعًا ما، ولكنّ وضعها الاجتماعيّ – الاقتصاديّ متواضع وأحيانًا يعانون من ظروف مادّيّة صعبة. تسعى هذه الفئة بكلّ جهد إلى تغيير واقعها. فيجتهد مراهقو هذه الفئة في الدّراسة أملًا في تغيير وضعهم، ويكافحون من أجل بناء هويّة نجاح ومستقبل، ولكنّ نوعيّة التعليم والتوجيه اللَّذَيْن يتلقونهما غير كافيين، ما يضعف فرص العمل أمامهم، وشيئًا فشيئًا، ومع طول الانتظار تفقد هذه الفئة حماسها وتتأخّر عن الدخول في سوق العمل فيسيطر عليها اليأس والإحباط، وقد يصل الإحباط حدّ اليأس من الدّراسة ذاتها، ويبدو أفقها مسدودًا. نحن هنا بصدد فئة الشّباب الّذي يُهدَر مشروعه الوجوديّ في بناء مكانة مرموقة ومنتجة، والأكثر معاناة بسبب التناقض ما بين الطموح والوعي من ناحية، وانعدام الفرص من ناحية ثانية. يسيطر الشّعور بالحرمان من المشاركة والتهميش على هذه الفئة، فهي تعيش أزمة وجوديّة تزيد حدّتها يومًا بعد يوم.
– فئة شباب الظلّ: إنّها الشّريحة الأكبر عددًا في بلاد الهدر، إنّها الشّريحة المهمّشة، المهدورة منذ البداية. تعاني الفقر والحرمان وضعف الإمكانات، المهدور حقّها في الرّعاية الأسريّة عاطفيًّا واجتماعيًّا وتحصيليًّا. يسيطر على أصولها التصدّع الأسريّ على اختلاف درجاته وألوانه (العنف الأسريّ، الطلاق، إهمال الأبناء، عدم القدرة على رعايتهم وعدم الرغبة في رعايتهم أصلًا). هي الفئة المغبونة مادّيًّا إذ تُحرم من الإشباع المناسب لحاجاتها الأساسيّة. تشيّع الأمّيّة في وسطها الأسريّ ما ينعكس على نوعيّة حياتها: لا تخطيط، لا إدارة، استسلام للأقدار، والعيش بناء للّحظة الراهنة. هي الفئة الأكثر تسرّبًا، والأدنى تحصيلًا، لأنّ مقوّمات النجاح المدرسيّ غير متوفّرة أصلًا. إنّها تُحرم من بناء هويّة نجاح مهنيّ وحياتيّ، وفي حال دخولها سوق العمل تكون أنشطتها المهنيّة متواضعة القيمة والمردود، مع حالات بطالة متقطّعة. إنّها الفئة البعيدة كلّ البعد من الانغراس الاجتماعيّ بسبب سوء التكيّف الّذي تعاني منه. إنّها شريحة شباب الظلّ، أي الشّباب المنسيّ والمستغنى عنه، الّذي يعيش في الغربة والغبن بعيدًا من عالم المكانة الاجتماعيّة.
ج – التغيّرات الوجدانيّة وعلاقة الوالدين بالمراهق: تؤكّد أبحاث الروّاد الأوائل في منتصف القرن العشرين (سبيتز، بولبي) كما ذكرته آنو (Anaut, 2014) حاجة الطفل الأساسيّة إلى علاقة عاطفيّة مستقرّة وآمنة لكي ينمو الفرد بشكل متوازن.
فالطفل يجد الدّعم العاطفيّ مع أفراد أسرته (أو بدائلهم). وتنقل العائلة مشاعر قويّة نابعة من الحبّ والعاطفة وكذلك اللامبالاة والعداء، وأحيانًا الكراهية والسيطرة. فالروابط الّتي تربط بين أفراد الأسرة وعلى وجه الخصوص بين الوالدين والأبناء تظهر تنوّعًا كبيرًا في الأشكال والتعبيرات، إذ تقدّم السياقات العائليّة تكوينات متنوّعة سواء من وجهة نظر تكوينها أو من خصوصيّة التبادلات العلائقيّة والعاطفيّة.
د- السُّلوك المنحرف: يدلّ لفظ انحراف على مخالفة أيّ من الأنماط السُّلوكيّة السّويّة والمرغوبة اجتماعيًّا (فعلًا أو تركًا) سواء أكانت تلك الرغبة بنصّ القانون، أو العُرف، أو القيم الثقافيّة السائدة. وهكذا فإنّ الانحراف من المنظور الاجتماعيّ هو السُّلوك المخالف لما ترتضيه الجماعة. ( كاره، (1985
1– التمرّد: هناك العدید من التعریفات الّتي بیّنت مفهوم التمرّد من وجهات نظر مختلفة، غیر أنّها تتّفق في معظمها على أنّه شكل من أشكال الرّفض المعلن تجاه السّلطة المتمثّلة في الأسرة والنظام التعلیميّ والمجتمع. ینطوي مفهوم التمرّد كما جاء في الموسوعة العربیّة على معنى تحدّي الأوضاع السّائدة ورفضها. ويشير “أريكسون ” إلى تأثير خبرات الطفولة غیر السعیدة، أو الظروف الاجتماعیّة المحیطة بالفرد على ما أطلق علیه أزمة الهويّة (Crise d’ identité) تلك الأزمة الّتي تؤدّي إلى اهتزاز كلّ المفاهیم السابقة عن تصوّر ذاته، فیعاني من الإحساس العمیق بالتّفاهة، وعدم التنظیم الشخصيّ، وعدم وجود هدف للحیاة، كما یشعر بعدم الكفاءة، وفقدان الأنا، والاغتراب، وأحیانًا یبحث عن هویّة سلبیّة مضادّة للهویّة الّتي خطّطها الوالدان، ممّا یؤدّي به إلى السُّلوك الجانح المتمرّد.
2– العدوانيّة: يعدُّ السُّلوك العدوانيّ أحد المظاهر السُّلوكيّة المهمّة، والخطيرة المنتشرة في المجتمعات لما يترتّب عليه من آثار سلبيّة تعود على الفرد نفسه وعلى الآخرين. وما لا شكّ فيه أنّ الإنسان يولد ولديه قدر من العدوان الفطريّ الكامن، ويؤدّي دور الدفاع ضدّ أيّ تهديد في حال وجود خطر واقعيّ. كما أنّ ظهور السُّلوك العدوانيّ لدى الإنسان يُعدّ دليلًا على أنّه لم ينضج بعد بالدرجة الكافية الّتي تجعله ينجح في تنمية الضبط الداخليّ اللازم للتوافق المقبول مع نظم المجتمع وأعرافه وقيمه، وأنّه عجز عن تحقيق التكيّف والمواءمة المطلوبة للعيش في المجتمع، وأنّه لم يتعلّم بالدرجة الكافية أنماط السُّلوك اللازمة لتحقيق مثل هذا التكيّف والتوافق.
3– الغضب: انفعال الغضب منتشر في مرحلة المراهقة نظرًا لارتباطه بالتغيّرات الفسیولوجیّة أثناء البلوغ خصوصًا في ظلّ هذا العصر المليء بالمشكلات، والتغييرات المتعاقبة والفجائيّة والّتي قد لايستطيع المراهق التكيّف معها بسهولة، ممّا يوقعه في سلسلة من الإحباطات الّتي تزيد من عدم قدرته على التحكّم في انفعالاته وإخضاعها للسيطرة. ثمّ ينعكس على علاقته بالآخر ويساهم في تمزيق روابط المودّة والمحبّة بين أفراد محيطه.
وتذكر (سليمان،2007) أنّه إذا كان الغضب كانفعال يعاني منه البشر في المراحل العمريّة كافّة ، فإنّ هذا الانفعال يظهر بشدّة لدى المراهقين، فالغضب الحادّ من مخاطر المراهقة المهمّة، وذلك لأنّه يُحيل الفرد إلى كائن جديد في مظهره الداخليّ والخارجيّ. ويظهر ذلك واضحًا في سلوكه الّذي يدلّ على عدم اتّزانه وتعقّله. وأنّ المراهق يعاني من الاضطراب الانفعاليّ فتكون ردود أفعاله الانفعاليّة غير مناسبة للمثير سواءأ كان ذلك بالزيادة أو النقصان.
4- الاضطرابات النَّفسيّة: هي نمط من الأعراض السُّلوكيّة أو النَّفسيّة الّتي تؤثّر على مجالات متعدّدة من الحياة. وتحدث هذه الاضطرابات ألمًا وأسًى للشخص الّذي يعاني من تلك الأعراض. سابقًا لم يكن يوجد تفسير طبيّ للأعراض الجسديّة المرافقة لهذه الاضطرابات، ولكن يؤكّد التشخيص الحاليّ دور الأفكار والمشاعر والسُّلوكيّات غير العاديّة الّتي تحدث استجابة لهذه الأعراض.
- القلق: يعدُّ القلق من أكثر الاضطرابات النَّفسيّة انتشارًا، وقد يكون القاسم المشترك بين مجموعة من الاضطرابات النَّفسيّة الأخرى، وفي بعض الحالات يكون عارضًا من أعراض الأمراض النَّفسيّة. وقد تظهر العديد من اضطرابات القلق في الطفولة، وتميل إلى الاستمرار والتطوّر إذا لم تُعالج. وعلى الرّغم من أنّ العديد من العلماء يعدّه سببًا للأمراض العُصابيّة، إلّا أنّ للقلق العقلانيّ وظيفة مهمّة في الحفاظ على الذات. في ما يلي عرض لمفهوم القلق ووظيفته وأسبابه وبعض وجهات النظر الّتي حاولت تفسيره، أمّا القلق موضوع دراستنا فهو القلق العُصابيّ.
– الاكتئاب: يُعَدُّ الاكتئاب من أكثر الاضطرابات النَّفسيّة انتشارًا في عصرنا الحاليّ، ولقد لوحظ في الآونة الأخيرة تزايد حالات الإصابة بالاكتئاب لدى جميع الأفراد داخل المجتمع، وذلك باختلاف مستوياتهم الثقافيّة والمادّيّة والاجتماعيّة، وباختلاف الفئات العمريّة، ويرجع ذلك إلى ما يحيط بهؤلاء الأشخاص من ضغوط الحياة اليوميّة الّتي يتعرّضون لها سواءأ كانت الضغوط داخليّة أو خارجيّة.
قد يتكيّف الفرد معها في البدء، ولكن قد تشتدّ هذه الضغوط وتستمرّ مرحلة طويلة ممّا يصعّب على الإنسان المواجهة والصمود. فيتعرّض لحدوث خلل على المستوى النَّفسيّ والفيزيولوجيّ، أو قد يفقد الدافع والحافز للاستمرار، فيصاب بنقص في الإنتاجيّة، ويستسلم لواقعه ويدخل في الاكتئاب.
سابعًا: منهج الدّراسة
المنهج الوصفيّ الارتباطيّ هو الأنسب لهذه الدّراسة، لأنّه يهدف إلى معرفة وجود علاقة أو عدمها بين متغيّرين أو أكثر، وإن كانت العلاقة موجودة فهل هي عكسيّة طرديّة أم موجبة؟ تقوم الدّراسة منهجيًّا على الملاحظة والتحليل النَّفسيّ والاجتماعيّ للظواهر المعاشة، وهي تدخل في إطار علم النَّفس الاجتماعيّ العياديّ. ندرس الظواهر(النَّفس- اجتماعيّة) بالطريقة العياديّة اعتمادًا على معطيات التحليل النَّفسيّ، وآليّاته الدفاعيّة في تفسير سلوكيّات المراهق. نحاول أن نرسم فيه صورة نفسانيّة حيّة، متكاملة وشاملة ما أمكن للمراهق الكادح والمهمّش، ونتعرف على الخصائص النوعيّة الّتي يتمتّع بها كلّ مراهق ليستأنف نموّه. ويقدّم لنا علم النَّفس الإيجابيّ معطيات وافرة تساعدنا في فهم مقوّمات المراهق اللبنانيّ الكادح، والمهمّش ومعرفة مكامن القوّة وقدرته على أن يصبح فردًا مطواعًا يتجاوز الصّدمات والمحن. إضافة إلى شموليّة النظرة من خلال الاهتمام بالبُعد “الإنسانيّ” و”البُعد الموضوعيّ الاجتماعيّ الاقتصاديّ”؛ إذ إنّ البيئة الاجتماعيّة الفقيرة والمرضية هي باستمرار في تفاعل جدليّ مع السُّلوك الفرديّ الخاصّ بالمراهق الكادح والمراهق المهمّش. هذه البنية الاجتماعيّة الفقيرة والمتخلّفة ديناميّة على الرّغم من جمودها كذلك البنية النَّفسيّة للمراهق ديناميّة بدورها سواء في خصائصها وملامحها الأساسيّة، أو في أولويّاتها الدفاعيّة الّتي قد تؤدّي إلى الانشطار، أو إلى ظهور الاضطرابات النَّفسيّة والسُّلوكيّات المنحرفة، أو إلى أن يصبح الفرد مطواعًا. بالإضافة إلى ذلك علينا عند صياغة الاستبيان الخاصّ بالأسرة، أن نحدّد بدقّة تعريفًا للفقر، يتبعه تحديد مؤشّر الفقر ورسم خطّ الفقر، واستنادًا إلى ذلك ستساعدنا بيانات استقصاء الحالة المعيشيّة للأسرة في تصنيف الأسر إلى أربعة مستويات: فقيرة جدًّا، فقيرة، متوسّطة دنيا، متوسّطة عليا.كذلك فإنّ المقاربة الوظيفيّة –البنائيّة Functional –structural approach هي الأنسب لدراسة الأوضاع المعيشيّة للأسرة وعلاقتها بظهور الاضطربات النَّفسيّة، والسُّلوكيّة أو بقدرة المراهق على أن يكون مطواعًا.
عيّنة الدراسة
تتكون عيّنة الدّراسة من “305” من طلّاب المدارس والمعاهد الفنّيّة الرسميّة، مستوى البكالوريا الفنّيّة والامتياز الفنّيّ من مختلف المستويات الدراسيّة والمسجّلين للعام الدراسيّ 2020/2021 والّذين تتراوح أعمارهم بين 17-21 سنة. وقد اختيروا باعتماد طبقيّة قاعدة الاستطلاع وفق محكّات محدّدة. واستُبعِد طلّاب السنة الأولى والثانية، وأيضًا الّذين هم دون 17 عامًا، وهذه المدارس والمعاهد الفنّيّة الرسميّة واقعة ضمن قضاء طرابلس، شمالي لبنان. وقُسِّم المستوى الاقتصاديّ للأسرة إلى أربعة مستويات: فقيرة جدًّا – فقيرة- متوسّطة دنيا – متوسّطة عليا.
5 – أدوات الدّراس: استخدمت الدّراسة الحاليّة الأدوات التّالية (انظر الملاحق)
- استمارة استطلاعيّة من إعداد الباحثة (موجّهة للمراهقين).
ب- استبيان موجّه للأهل من إعداد الباحثة.
ج- مقياس المطواعيّة، موجّه للمراهقين، إعداد كونور-دايفدسون (Connor-Davidson resilience scale)
د- مقياس موجّه للمراهقين لقياس الاضطرابات النَّفسيّة والسُّلوكيّات المنحرفة (الجنوح الكامن) من إعداد الباحثة.
ثمّ اللجوء إلى التحليل الإحصائيّ بواسطة SPSS. من أجل اختبار فرضيّات البحث والإجابة عن تساؤلاته بتأكيد أو نفي كلّ فرضيّة على حدة.
5- أ – الاستمارة الاستطلاعيّة: ونهدف من هذه الاستمارة إلى تحديد الطلّاب الّذين تتوافق أعمارهم وأوضاعهم الاجتماعيّة مع متغيّرات الدّراسة.
5- ب – استبيان موجّه للأهل من إعداد الباحثة: بُنِي هذا الاستبيان على محاور أساسيّة، ومحدّدة للتعرّف على الأوضاع المعيشيّة للأسرة ووضعها الاجتماعيّ، والاقتصاديّ إضافة إلى الحصول على البيانات الشخصيّة الخاصّة بالأسرة، وبيانات عن مستواها الاقتصاديّ. ويضمّ هذا الاستبيان المحاور الآتية:
المحور الشخصيّ: تكوين الأسرة (الأمّ، الأب، الأولاد) – أفراد الأسرة – وفاة – المسكن – الإقامة.
المحور الاقتصاديّ: المهنة – الوضع الوظيفيّ – الدّخل – الإنفاق – الادّخار – المديونيّة – الملكيّات – المواصلات.
المحور الاجتماعيّ: الحالة الاجتماعيّة – التعليم.
المحور الصحّيّ: الحالة الصحّيّة لأفراد الأسرة (مرض مزمن، عقليّ، نفسيّ، إعاقة) الاستشفاء – التأمين الصحّيّ.
5– ج – مقياس المطواعيّة: احتوى المقياس في نسخته الأصليّة على 25 بندًا وتتراوح الدرجة على المقياس من 1 إلى 5 درجات ( Connor and Davidson,2003) ويقسم المقياس من حيث أبعاده إلى ثلاثة أبعاد فرعيّة. (الشيخ علي، 2014)
- الصّلابة ( (Hardinessتجسّد قدرة الفرد على تحمّل الإحباط ومواجهة المواقف الصعبة والإيمان بقدرته الداخليّة.
- المصادر (Resourcefulness) أي سيطرة الفرد على المواقف المحبطة الّتي يواجهها والشّعور بالسيطرة على مجريات حياته بشكل عامّ.
- التفاؤل (Optimism) أو النظرة الخيّرة للعالم.
ويتمتّع مقياس المطواعيّة هذا “بثبات الاتّساق الداخليّ” وهو ما توصّل إليه عبر معادلة (Test –retest reliability). ويتمتّع بثبات إعادة الاختبار، وهو موجود في لغات متعدّدة
جدول رقم (1): الأبعاد الخاصّة بمقياس المطواعيّة
العامل | مايقيسه العامل | أرقام العبارات | عدد العبارات |
Ⅰ | الصّلابة | 4-6-7-12-14-16-17-18-19 | 9 |
Ⅱ | المصادر | 1-2-3-5-13-15-22 | 8 |
Ⅲ | التفاؤل | 9-10-11-20-21-23-24-25 | 8 |
- صدق المقياس:تُحقّق من صدق المقياس من خلال احتساب مُعامل الارتباط كرونباخ ألفا، وكانت النتائج على الشكل الآتي:
جدول رقم (2) : قيم مُعامل الارتباط كرونباخ ألفا لمقياس المطواعيّة.
أبعاد المقياس | مُعامل كرونباخ ألفا | عدد الفقرات | أرقام الفقرات |
بُعد المصادر | 0.68 | 8 | 1-2-3-5-13-15-22. |
بُعد الصّلابة | 0.74 | 9 | 4-6-7-12-14-16-17-18-19. |
بُعد التفاؤل | 0.76 | 8 | 9- 10-11-20-21-23-24-25. |
الكلّيّ | 0.82 | 25 |
يُظهر الجدول (2) أنّ قيم مُعامل كرونباخ ألفا بين درجات الطلّاب في كلّ فقرة مع الدرجة الكلّيّة للبُعد، قد تراوحت مابين (0.68 – 0.82 ). كما حُسبت قيم مُعامل كرونباخ ألفا بين درجات الطلّاب في كلّ بُعد مع الدرجة الكلّيّة للمقياس، وقد بلغت قيم مُعامل كرونباخ ألفا الكلّيّ (0.82)
– ثبات المقياس:للتحقّق من ثبات المقياس، احتُسِب مُعامل بيرسون (Pearson correlation) للاتّساق الداخليّ كمؤشّر للثبات، وذلك على مستوى كلّ بُعد من أبعاد المقياس وعلى المستوى الكلّيّ للمقياس.
5- د – مقياس الاضطرابات النَّفسيّة والسُّلوكيّات المنحرفة
أُعِد هذا المقياس لتحقيق هدف الدّراسة، أي التعرّف إلى أنواع الاضطرابات النَّفسيّة (القلق والاكتئاب) والسُّلوكيّات المنحرفة (التمرّد – الغضب – العدوانيّة) لدى طلّاب وطالبات المدارس، والمعاهد الفنّيّة الرسميّة لعيّنة الدّراسة. وقد تطلّب كلّ هذا إعداد أداة مناسبة لعيّنة الدّراسة، وخصوصًا أنّه لا يوجد مقياس بنفس الخصائص. من أجل إعداد هذا المقياس، اعتُمِد على بعض المراجع الخاصّة ببعض المقاييس المعروفة منها:
- مقياس بيك “Beck” للا كتئاب من إعداد “آرون بيك” (1988).
- مقياس الجناح الكامن للمراهقين (2019) من إعداد أ. د/ “آمال عبد السميع باظه”.
- مقياس الاغتراب لدى المراهقين والشّباب (2004) من إعداد “آمال عبد السميع باظه”.
- اختبار الشخصيّة للشّباب الجانحين الّذي صمّمه كارل ف. جسنس (1983).
- وصف المقياس: يتكوّن المقياس من 30 فقرة موزّعة على 5 أبعاد هي: القلق، الاكتئاب، التمرّد، العدوانيّة والغضب. ويجاب عن فقرات هذا المقياس من خلال إجابة خماسيّة ليكرت (Linkert) تتراوح بين: نعم دائمًا (تأخذ خمس درجات)، نعم غالبًا (تأخذ أربع درجات)، أحيانًا (تأخذ ثلاث درجات)، كلّا غالبًا (تأخذ درجتين)، كلّا مطلقًا (تأخذ درجة واحدة).
والجدول الآتي يصف هذه العوامل وأرقام العبارات الّتي تندرج تحت كلّ عامل:
جدول رقم (3): الأبعاد الخاصّة بمقياس الاضطرابات النَّفسيّة والسُّلوكيّات المنحرفة.
العامل | مايقيسه العامل | أرقام العبارات | عدد العبارات |
Ⅰ | القلق | 27-24-21-20-16-11-10-5-2 | 9 |
Ⅱ | الاكتئاب | 29-13-6-4-1 | 5 |
Ⅲ | التمرّد | 22-19-15-9-7-3 | 6 |
Ⅳ | الغضب | 28-26-23-12-8 | 5 |
Ⅴ | العدوانيّة | 30-25-18-17-14 | 5 |
صدق المقياس: تُحقّق من صدق المقياس بطريقتين هما – صدق المحكّمين: عُرِض المقياس على أساتذة متخصّصين بهدف التحقّق من وضوح الفقرات ومدى ملاءمتها للبيئة الّتي تنتمي إليها عيّنة الدّراسة. استنادًا إلى نتائج التحكيم أُخضِعت الصورة الأوّليّة لبعض التعديلات اللازمة، وأجريت بعض التعديلات اللازمة لبعض الفقرات والمصطلحات لتتناسب مع الغرض الّذي أُعدّت له.
– الصّدق التجريبيّ: طُبِّق المقياس على عيّنة تجريبيّة مكوّنة من حوالي 60 طالبًا وطالبة من خارج عيّنة الدّراسة، من مختلف المعاهد والمدارس المهنيّة ومن مختلف المستويات الدراسيّة والتخصّصات. كان في البداية دراسة التّحليل العامليّ (Factor analysis) الّذي على أساسه حُدِّد مدى انتماء كلّ فقرة للبُعد الّذي تندرج تحته. وقد ترواحت مُعامل كرونباخ ألفا (Cronbach’s Alpha) بين فقرات مقياس الاضطرابات النَّفسيّة، والسُّلوكيّات المنحرفة مع الدرجة الكلّيّة بين (0.82 – 0.63).
ثبات المقياس: للتحقّق من ثبات المقياس، احتُسِب مُعامل بيرسون (Pearson correlation) للاتّساق الداخليّ كمؤشّر للثبات، وذلك على مستوى كلّ بُعد من أبعاد المقياس وعلى المستوى الكلّيّ للأبعاد. بالنّسبة لـ بُعد القلق فإنّ قيم مُعاملات الثّبات تراوحت بين (0.70 – 0.51) ممّا يدلّ على ارتباط قويّ وكلّها مُعاملات ذات دلالة إحصائيّة ما عدا الفقرتين 27-2 تشيران إلى ارتباط ضعيف، أمّا بُعد الاكتئاب فإنّ معظم قيم مُعاملات الثّبات تراوحت بين (0.62 -0.58) ممّا يدلّ على ارتباط قويّ وكلّها مُعاملات ذات دلالة إحصائيّة. ما عدا الفقرتين 1 – 29 تشيران إلى ارتباط ضعيف. أمّا بالنّسبة إلى بُعد التمرّد وبُعد الغضب وبُعد العدوانية فإنّ قيم مُعاملات الثّبات في معظم الفقرات تفوق قيمتها 0.5 ممّا يدلّ على ارتباط قويّ وكلّها مُعاملات ذات دلالة إحصائيّة.
– إجراءات الدّراسة: طُبّقت أدوات الدّراسة الحاليّة على مراحل عدّة:
- المرحلة الأولى: توزيع الاستمارة الاستطلاعيّة
طُبِّق الاستمارة الاستطلاعيّة على طلّاب التعليم المهنيّ، والتقنيّ من مستوى البكالوريا الفنّيّة والامتياز الفنّيّ للعام الدراسيّ2020/ 2021 في 7 معاهد ومدرستين، وبلغ عدد الطلّاب الّذين تجاوبوا 850 طالبًا. الهدف من هذه الاستمارة هو تحديد الطلّاب الّذين تتوافق أعمارهم وأوضاعهم الاجتماعيّة مع متغيّرات الدّراسة، وقد استغرق تطبيق هذه الاستمارة مدّة زمنيّة تراوحت بين 4 إلى 5 دقائق في كلّ صفّ وذلك بعد عرض أسباب إجراء هذه الاستمارة، وتأكيد سرّيّة المعلومات الّتي سترد فيها.
- المرحلة الثّانية: تطبيق المقاييس واستمارة الأهل
في هذه المرحلة وُزِّع استبيان الأهل، وشرُحت طريقة تعبئة الاستبيان من الأهل بواسطة الطلّاب في المعاهد والمدارس الفنّيّة الرسميّة جميعها. بلغ عدد الاستبيانات الموزّعة حوالي562. بعد ذلك وُزِّع وشرح المقاييس الخاصّة بالدّراسة على الطلّاب.
- المرحلة الثالثة: التحليل الإحصائيّ
بلغ عدد الاستمارات المستردّة 400 وقد استُبعِد حوالي95 لعدم اكتمال بياناتها، وأصبح العدد النهائيّ للاستبيانات والمقاييس (305)، وهي الّتي حلِّلت بياناتها من خلال استخدام برنامج التحليل الإحصائيّ (SPSS,25) للحصول على الإحصاءات الوصفيّة المختلفة مثل التوزيع التكراريّ، والمتوسّطات الحسابيّة، والانحراف المعياريّ، والنسب المئويّة للمتوسّطات، إضافة إلى إجراء عمليّتَي التّرابط (Correlation)، التّراجع (Regression)، وتحليل التباين الآحادي (Anova) ليصار إلى الإجابة عن أسئلة الدّراسة والتحقّق من فرضيّاتها.
نتائج الدّراسة الميدانيّة
نتائج مقاييس الدّراسة (مقياس المطواعيّة، مقياس الاضطرابات النَّفسيّة والسُّلوكيّات المنحرفة) واستبيان الأهل لدى أفراد العيّنة بشكل عامّ. أظهرت الدّراسة الميدانيّة ما يلي:
– نتائج مقياس المطواعيّة: إنّ نسبة المتوسّطات الحسابيّة لاستجابات أفراد عيّنة الدّراسة على مقياس المطواعيّة، جاءت بدرجة “مرتفعة” على مستوى جميع الأبعاد، جاء في المرتبة الأولى بُعد التّفاؤل بمتوسّط حسابيّ (4.19) وانحراف معياريّ (0.56). وفي المرتبة الثّانية بُعد الصّلابة بمتوسّط حسابيّ (3.56) وانحراف معياريّ (0.73). وجاء في المرتبة الثّالثة بُعد المصادر بمتوسّط حسابيّ (3.39) وانحراف معياريّ (0.51).
– نتائج مقياس الاضطرابات النَّفسيّة والسُّلوكيّات المنحرفة
تُظهر البيانات أنّ المتوسّطات الحسابيّة والانحرافات المعياريّة لمقياس الاضطرابات النَّفسيّة، والسُّلوكيّات المنحرفة جاءت بدرجات متفاوتة على مستوى الأبعاد، جاء في المرتبة الأولى بُعد الاكتئاب بمتوسّط حسابيّ (3.35) وبدرجة “مرتفعة” وانحراف معياريّ (0.68). وفي المرتبة الثّانية بُعد القلق بمتوسّط حسابيّ (2.84) وبدرجة “مرتفعة” وانحراف معياريّ (0.77). وجاء في المرتبة الثّالثة بُعد الغضب بمتوسّط حسابيّ (2.73) وبدرجة “مرتفعة”، وجاء في المرتبة الرّابعة بُعد التمرّد بمتوسّط حسابيّ (2.24) وبدرجة “متوسّطة”. كما احتلّ المرتبة الخامسة بُعد العدوانيّة بمتوسّط حسابيّ (1.83) وبدرجة “متوسّطة”.
- نتائج استبيان الأهل
الخصائص المهمّة الّتي تميّز أهل الطلّاب هي كالآتي:
- 90% من الآباء على قيد الحياة و82.4% من الأمّهات على قيد الحياة.
- 3% من الأهل من المستوى التعليميّ المتوسّط.
- 54% من الآباء لديهم عمل حرّ بالمقابل.
- 51% من الأمّهات عاطلات عن العمل.
- 86% من الأهل لا يستفيدون من المساعدات (صحّيّة، تعليميّة، عينيّة، ماليّة).
- 3% من الأهل في معظم الأحيان لايستطيعون تأمين الحاجات الأساسيّة.
- 2% من الأبناء يشاركون في مصروف المنزل و3.3% من البنات يشاركن في المصروف.
- 9% يتلقّون العلاج في مسشفى عسكريّ بمقابل 21.6% يتلقّون العلاج في المنزل.
نعرض في ما يلي النتائج التي كشفت عنها مختلف التحليلات الإحصائيّة لاختبار مدى تحقّق فروض الدراسة مع مناقشة هذه النتائج:
مناقشة نتائج الفرضيّة الأولى
تنصّ الفرضيّة الأولى على أنّه: لا توجد علاقة ارتباطيّة ذات دلالة إحصائيّة بين الأوضاع المعيشيّة، وبعض الاضطرابات النَّفسيّة والسُّلوكيّات المنحرفة لدى طلّاب التّعليم المهنيّ الرسميّ.
دُرست العلاقة بين المتغيّرين: الأوضاع المعيشيّة (متغيّر مستقلّ) والاضطرابات النَّفسيّة، والسُّلوكيّات المنحرفة (متغيّر تابع) وذلك من خلال دراسة التراجع (regression) بين الأوضاع المعيشيّة والمطواعيّة، ثمّ دراسة التراجع (regression) بين الأوضاع المعيشيّة والمطواعيّة، والاضطرابات النَّفسيّة والسُّلوكيّات المنحرفة، ثمّ دور المطواعيّة كمتغيّر وسيط من خلال إجراء اختبار سوبل (sobel test) على المتغيّرات الثلاثة.
1-بين الأوضاع المعيشيّة (متغيّر مستقلّ) والمطواعيّة (متغيّر تابع). أظهرت التحليلات أنّ قيمة الدلالة الإحصائيّة (sig) الخاصّة بنتائج (ANOVA) تساوي 0.743 هي أكبر من 0.05 ما يدلّ على عدم وجود علاقة بين الأوضاع المعيشيّة والمطواعيّة.
2- بين الأوضاع المعيشيّة والمطواعيّة والاضطرابات النَّفسيّة والسُّلوكيّات المنحرفة.
تبيّن لنا أنّ قيمة الدلالة الإحصائيّة (sig) الخاصّة بنتائج (ANOVA) تساوي 0.215 هي أكبر من(0.05) ما يدلّ على عدم وجود علاقة بين الأوضاع المعيشيّة والمطواعيّة والاضطرابات النَّفسيّة والسُّلوكيّات المنحرفة. (متغيّر تابع).
3- بين الأوضاع المعيشيّة (متغيّر مستقلّ) والاضطرابات النَّفسيّة والسُّلوكيّات المنحرفة (متغيّر تابع).
تبيّن أنّ قيمة الدلالة الإحصائيّة (sig) الخاصّة بنتائج (ANOVA) تساوي (0.091)هي أأأأكبر من (0.05) ممّا يدلّ على عدم وجود علاقة بين الأوضاع المعيشيّة والاضطرابات النَّفسيّة والسُّلوكيّات المنحرفة.
تنصّ الفرضيّة الثانية على أنّه: توجد علاقة دالّة إحصائيًّا بين المستوى الاقتصاديّ المتدنّي لدى الأسرة، وظهور بعض الاضطراب النَّفسيّ والسُّلوك المنحرف لدى طلّاب التّعليم المهنيّ الرسميّ.
للتأكّد من صحّة هذه الفرضيّة أو خطئها، استُخدِمت نتيجة الدلالة الإحصائيّة لتحليل التباين الآحاديّ “ANOVA” الّتي بلغت قيمتها (0.091)، بالإضافة إلى حساب المتوسّطات الحسابيّة والانحرافات المعياريّة لكلّ بُعد من أبعاد مقياس الاضطرابات النَّفسيّة والسُّلوكيّات المنحرفة وللدرجة الكُلّيّة على المقياس، بالإضافة إلى النسب المئويّة لأفراد العيّنة. وأظهرت النتائج عدم وجود علاقة بين المستوى الاقتصاديّ لدى الأسرة والاضطراب النَّفسيّ والسُّلوك المنحرف.
وتوافقت نتائج الدّراسة الحاليّة مع نتيجة دراسة “محمّد عايد” (عايد، 2016) الّتي أجريت على 159 تلميذًا، وتلميذة من الصفّ الأوّل إلى الثّالث الثانويّ، موزّعين على 8 مؤسّسات تربويّة موجودة في المدينة وكان هؤلاء التلاميذ من المشهود لهم بالانحراف والعنف والشّغب؛ وعدم الانضباط داخل الثانويّات والّتي توصّلت إلى عدم وجود أيّ علاقة بين المستوى الاقتصاديّ للأسرة وظهور السُّلوكيّات المنحرفة.
مناقشة نتائج الفرضيّة الثالثة
تنصّ الفرضيّة الثالثة على ما يلي: “وجود مستوى مرتفع من المطواعيّة لدى مراهقي طلّاب التّعليم المهنيّ الرسميّ”.
للتأكّد من صحّة هذه الفرضيّة أو خطئها، احتُسِب المتوسّطات الحسابيّة والانحرافات المعياريّة لكلّ بُعد من أبعاد مقياس المطواعيّة وللدرجة الكُلّيّة على المقياس، بالإضافة إلى النسب المئويّة.
بالعودة إلى مقياس المطواعيّة، يظهر أنّ الفقرات الأكثر تأثيرًا في ارتفاع مستوى المطواعيّة هي على الشكل الآتي:
الرّقم | الفقرة | المتوسّط الحسابيّ | الانحراف المعياريّ | ليس صحيحًا | نادرًا | أحيانًا | نعم غالبًا | نعم دائمًا | |||||
m | s | عدد | % | عدد | % | عدد | % | عدد | % | عدد | % | ||
3 | عندما لا تكون لديّ حلول واضحة لمشاكلي، فإنّ الإيمان بالله والقدر يساعدانني.(بُعد المصادر) | 4.72 | 0.73 | 3 | 1.0 | 8 | 2.6 | 9 | 3.0 | 29 | 9.5 | 251 | 82.3 |
22 | لديّ شعور قويّ بأنّ لي هدفًا في الحياة.(بُعد التفاؤل) | 4.49 | 0.96 | 6 | 2.0 | 14 | 4.6 | 20 | 6.6 | 47 | 15.4 | 215 | 70.5 |
5 | أميل إلى العودة إلى حياتي الطبيعيّة بعد مرض أو إصابة أو ضيق. (بُعد المصادر) | 4.44 | 0.97 | 6 | 2.0 | 14 | 4.6 | 25 | 8.2 | 52 | 17.0 | 205 | 67.2 |
25 | أنا فخور بما حقّقته لغاية الحاضر. (بُعد التفاؤل) | 4.33 | 1.10 | 13 | 4.3 | 10 | 3.3 | 36 | 11.8 | 46 | 15.1 | 194 | 63.6 |
20 | أؤمن بأنّني أستطيع تحقيق أهدافي حتّى مع وجود عقبات (بعد التفاؤل) | 4.40 | 0.92 | 4 | 1.3 | 12 | 3.9 | 32 | 10.5 | 66 | 21.6 | 187 | 61.3 |
24 | أعمل على تحقيق أهدافي بغضّ النظر عن العقبات الّتي تعترض طريقي. (بعد التفاؤل) | 4.37 | 0.90 | 4 | 1.3 | 9 | 3.0 | 34 | 11.1 | 79 | 25.9 | 174 | 57.0 |
23 | أنا أحبّ التحدّيات (بُعد التفاؤل) | 4.21 | 1.05 | 9 | 3.0 | 13 | 4.3 | 45 | 14.8 | 71 | 23.3 | 160 | 52.5 |
15 | أعتبر نفسي شخصًا قويًّا (عند التعامل مع تحدّيات وصعوبات الحياة). (بُعد الصّلابة) | 4.23 | 0.97 | 5 | 1.6 | 13 | 4.3 | 46 | 15.1 | 81 | 26.6 | 157 | 51.5 |
11 | اضطراري للتعامل مع التوتّر قد يجعلني شخصًا أقوى.(بُعد الصّلابة) | 4.00 | 1.76 | 18 | 5.9 | 17 | 5.6 | 48 | 15.7 | 82 | 26.9 | 136 | 44.6 |
12 | أنا لا أستسلم حتّى عندما تبدو الأمور ميؤوسًا منها. (بُعد الصّلابة) | 4.06 | 1.05 | 8 | 2.6 | 17 | 5.6 | 59 | 19.3 | 85 | 27.9 | 134 | 43.9 |
يتّضح من الجدول المختصر لمقياس المطواعيّة رقم (4) العوامل الأكثر تأثيرًا على ارتفاع مستوى المطواعيّة مع ما تمثّله كلّ فقرة من بُعد. فالتوجّه العامّ لهذه الفقرات اتّخذ الميل نحو الإجابة “نعم غالبًا” و”نعم دائمًا”.
في المرتبة الأولى تأتي الفقرة رقم (3) الإيمان بالله وقد بلغ المتوسّط الحسابيّ لهذه الفقرة (4.72) وهي قيمة جيّدة جدًّا إذ إنّ نسبة (82.3 %) من المراهقين أجابوا بـ “نعم دائمًا”. والإيمان بالله مرتبط بعقيدة الشّخص والبيئة الأسريّة الّتي نشأ فيها إذ تحتلّ “الأبعاد الدّينيّة والروحيّة والاجتماعيّة دورًا حيويًّا ومحوريًّا في حياته، وتماسكه واستمراره وصحّته”. (حجازي، 2015: 82). كلّ ذلك يوضّح أهميّة الالتزام الدينيّ والإيمان في حياة المراهق وقدرته، واعتماده عليه في التغلّب على المحن والمصاعب. فعند الشّعور بالضعف والعجز يلجأ المراهق إلى التقرّب إلى الله عبر الصلاة والدّعاء. ولطالما كان الإيمان من العوامل الّتي تساعد الفرد على إعطاء معنى لما يعاني منه أو ما يمرّ به من محن وصعوبات وأزمات. هكذا فإنّ اللجوء إلى “الإيمان” يعدُّ مصدرًا من مصادر القوّة الّتي تؤسّس مطواعيّة المراهق.
ونذكر ما أشار إليه سيرولنك (Cyrulink,2017,39) من أنّ “الدّين ظاهرة إنسانيّة كبرى تبني رؤية العالم، وتنقذ عددًا كبيرًا من الأفراد وتنظّم الثقافات”. فالدّين ظاهرة علائقيّة، في حين أنّ الروحانيّة هي أعجوبة حميمة، وأشار إلى أنّ التعلّق بالله يشكّل ميكانزمًا دفاعيًّا. ويعدُّ “سيرولنك” الإيمان من مقوّمات المطواعيّة.
يتّضح من التحليل العامّ لهذه النتائج أنّ الفقرات السابقة تمتلك القدرة الأكثر تأثيرًا في ارتفاع مستوى المطواعيّة، وهي تعكس مقوّمات المطواعيّة الموجودة عند طلّاب التّعليم المهنيّ الرسميّ. نذكر أنّ مقوّمات المطواعيّة الّتي تحدّث عنها “سيرولنك” هي: العلاقات_ المحفّز _ الأمن _ الثقافة.
وفي الدّراسة الحاليّة تظهر مؤشّرات المطواعيّة واضحة، وتميل إلى الثقة وهي تنشأ نتيجة الشعور بالأمن، إلى الأمل والتفاؤل اللَّذَيْن يعدّان المحفّز لنشوء المطواعيّة. وهكذا فإنّ هذه النتيجة أكّدت ما أقرّ به “سيرولنك” حول مقوّمات المطواعيّة.
جدول رقم (5) : المعدّل العامّ للمطواعيّة
المعدّل العامّ للمطواعيّة | المتوسّط الحسابيّ Mean
|
الانحراف المعياريّ Std.deviation
|
معدّل التفاؤل/ OPT. | 4.197 | 0.561 |
معدّل الصّلابة / HRD. | 3.562 | 0.726 |
معدّل المصادر / RES. | 3.393 | 0.515 |
يتّضح من الجدول رقم (5) أنّ مؤشّر المطواعيّة عالٍ ولايوجد ضعف. فالأبعاد الخاصّة بمقياس المطواعيّة جميعها تفوق قيمتها (3) جميع هذه الأرقام تعكس وضوح مؤشّر المطواعيّة. بالنسبة إلى الانحراف المعياريّ يعدُّ معدّله جيّدًاجدًّا، ففي الأبعاد الثلاثة تفوق قيمته (0.5) ما يدلّ على عدم الانتشار، أي عدم وجود تضارب أو تفاوت في الإجابات، إذ جميعها تأخذ نمطًا واحدًا باتّجاه نعم.
جدول (6) : المتوسّط الحسابيّ لمقياس المطواعيّة
Descriptive Statistics | ||||
N | Mean | |||
المطواعيّة | 303 | 3.8997 | ||
Valid N (listwise) | 301 | |||
- يظهر من الجدول رقم (6) أنّ المتوسّط الحسابيّ لمقياس المطواعيّة بلغ (3.89) وهي قيمة مرتفعة.
استنادًا إلى كلّ ماسبق، فقد تُحقّق من هذه الفرضيّة “وجود مستوى مرتفع من المطواعيّة لدى مراهقي طلّاب التّعليم المهنيّ الرسميّ”. توافقت نتيجة الدّراسة الحاليّة مع دراسة شحرور (2017) الّتي توصّلت إلى وجود مستوى مرتفع من المرونة النَّفسيّة لدى المواطن اللبنانيّ. وعدّت أنّ عوامل كثيرة أدّت دورًا بارزًا في بنائها، أبرزها: المؤثّرات الأسريّة، الدّعم الاجتماعيّ وعامل الالتزام الدينيّ، وعدّت أنّ الثقافة اللبنانيّة تشرّبت المرونة النَّفسيّة حتّى أصبح من عاداتها وتقاليدها النهوض من بعد الأزمات.
توافقت نتيجة الدّراسة الحاليّة مع دراسة الزهيري (2012) فكشفت الدّراسة وجود مستوى مرتفع من المطواعيّة لدى طلبة الجامعة. وكذلك تمايزت النتيجة مع دراسة ديهويم (2015) الّتي أسفرت عن عدم وجود مطواعيّة لدى طلّاب المرحلة الثانويّة.
– مناقشة الفرضيّة الرابعة: تنصّ الفرضيّة الرابعة على أنّه: “لا يوجد دور وسيط للمطواعيّة في العلاقة بين الوضع المعيشيّ وبعض الاضطرابات النَّفسيّة والسُّلوكيّات المنحرفة“.
للتأكّد من صحّة هذه الفرضيّة أو خطئها تمّت دراسة دور المتغيّر الوسيط (المطواعيّة) بين المتغيّرين الأوضاع المعيشيّة (متغيّر مستقلّ) والاضطرابات النَّفسيّة (متغيّر تابع) وذلك من خلال دراسة التراجع (regression) وإجراء اختبار سوبل (sobel test) على المتغيّرات الثلاثة. إضافة إلى حساب المتوسّط الحسابيّ لمستوى المطواعيّة.
استنادًا إلى الرّسم أعلاه فإنّ قيمة p-value بلغت 0.92 أكبر من 0.05 ما يدلّ على عدم وجود دور وسيط للمطواعيّة في العلاقة بين الأوضاع المعيشيّة، والاضطرابات النَّفسيّة والسُّلوكيّات المنحرفة. يمكننا تفسير هذه النتيجة أنّه كلّما ارتفع Coefficient وانخفض Std.deviation ارتفعت قوّة ودور المطواعيّة.
وبما أنّه لايوجد دور وسيط للمطواعيّة، فإنّ ذلك يمنع انتقال تأثير الأوضاع المعيشيّة على الحالة النَّفسيّة والسُّلوكيّة للمراهق. المطواعيّة في الدّراسة الحاليّة شكّلت حاجزًا صلدًا فمنعت ظهور الاضطرابات، وحمت المراهق من أيّ آثار سلبيّة تؤثّر على حالته النَّفسيّة.
توصّلت الدّراسة الحاليّة إلى عدم وجود دور وسيط للمطواعيّة بين الوضع المعيشيّ والاضطرابات النَّفسيّة والسُّلوكيّات المنحرفة.
جدول رقم (7): المتوسّطات الحسابيّة للمطواعيّة والاضطرابات النَّفسيّة والسُّلوكيّات المنحرفة.
Descriptive Statistics | ||
N | Mean | |
الاضطرابات النَّفسيّة | 303 | 2.6001 |
المطواعيّة | 303 | 3.8997 |
Valid N (listwise) | 301 |
يظهر الجدول رقم (7) أنّ المتوسّط الحسابيّ للمطواعيّة بلغ (3.89) في حين بلغ المتوسّط الحسابيّ للاضطرابات النَّفسيّة، والسُّلوكيّات المنحرفة (2.60) ما يدلّ على تفوّق المطواعيّة على الاضطرابات النَّفسيّة في مستويات الأوضاع المعيشيّة جميعها.
توصّلت الدّراسة الحاليّة إلى عدم وجود دور وسيط للمطواعيّة في العلاقة بين الأوضاع المعيشيّة للأسرة، وظهور الاضطرابات النَّفسيّة والسُّلوكيّات المنحرفة. المطواعيّة لا تؤدي دور وسيط بين الأوضاع المعيشيّة، والاضطرابات النَّفسيّة بسب أنّ المطواعيّة قويّة، ولو كانت المطواعيّة عاملًا وسيطًا لكانت أثّرت بالأوضاع المعيشيّة وأثّرت على الاضطرابات النَّفسيّة.
توافقت الدّراسة الحاليّة مع دراسة فانكليستن وآخرين “””Finklestein & al (2020) فكشفت الدّراسة الدَّور المهمّ والفعّال للمطواعيّة الفرديّة، والعائليّة في مواجهة الحالات الاجتماعيّة المتنوّعة الّتي قد تتعرّض لها الأسرة. وأكّدت هذه الدّراسة أنّ مطواعيّة الأسرة هي نتاج جماعيّ لعمليّة مشتركة وتفاعليّة، وأكّدت ضرورة وضع برامج للأسر تهدف إلى زيادة مطواعيّة الأسرة من خلال تعزيز مهاراتهم ، مثل التّواصل العائليّ الإيجابيّ وحلّ المشكلات وتطوير المهارات الاجتماعيّة.
بالإضافة إلى أنّ نتيجة الفرضيّة الرّابعة من الدّراسة الحاليّة تتمايز عن نتائج دراسة (Machell & al.2016)، فكشفت الدّراسة إمكانيّة عدّ أن يكون وجود “الهدف في الحياة” عاملًا للمطواعيّة لدى المراهقين الّذين يعيشون في الفقر. كما أظهرت الدّراسة أنّ وجود “الهدف في الحياة” يُضعف العلاقة بين الفقر وسلوك الشّباب المضادّ للمجتمع.
استنادًا إلى ماسبق نؤكّد أنّ الفرضيّة الرابعة الّتي تنصّ على أنّه: “لا يوجد دور وسيط للمطواعيّة في العلاقة بين الوضع المعيشيّ والاضطرابات النَّفسيّة والسُّلوكيّات المنحرفة” قد تحقّقت.
في ضوء النتائج الّتي توصّلت إليها الدّراسة الحاليّة، يمكن تقديم التوصيات الآتية:
- إجراء المزيد من الدّراسات للتعرّف أكثر إلى خصائص عيّنة المراهقين، وكذلك للتعرّف إلى خصائص الأسرة اللبنانيّة ومقوّمات تماسكها.
- إجراء المزيد من الدّراسات حول الأسرة اللبنانيّة للتحقّق من أهميّة الروابط العائليّة، والاجتماعيّة ودورها في توفير الدّعم النَّفسيّ والاستقرار والطمأنينة والشعور بالأمن.
- وضع برامج وقائيّة ومساندة تساعد المراهقين في تخطّي الصّعوبات والمحن الّتي يعانون منها.
- إعادة تطبيق الأدوات المعتمدة في هذه الدّراسة على عيّنة أخرى من الطلّاب الجامعيّين، وطلّاب المدارس الرسميّة والخاصّة للتحقّق من تطوّر المطواعيّة والإضاءة على نتائج دراستنا.
- إجراء المزيد من الدّراسات عن المطواعيّة من الجانب الثقافيّ، والدينيّ والاجتماعيّ من أجل إثبات كيفيّة تأسيس المطواعيّة.
إنّ البيئة الاجتماعيّة بمفهومها الضيّق أيّ البيئة الأسريّة، وما يدور فيها من علاقات وارتباطات وأزمات وأساليب في التعامل مع الأبناء، وأنواع التعلّق هي أمور تستحقّ الدّراسة.
أخيرًا، إذا كانت هذه الدّراسة قد قدّمت إسهامًا متواضعًا في مسألة التعرّف إلى خصائص المراهق، ومعرفة مصدر هذه المطواعيّة، فإنّنا نأمل أن تكون قد أدّت غايتها، وسدّت ثغرة علميّة، وفتحت الباب أمام الباحثين لإعطاء المشكلات والخصائص النَّفسيّة والسُّلوكيّة نصيبها من الأبحاث، ولأنّ دراسة المطواعيّة عند المراهقين والأطفال تعدُّ من المواضيع الحديثة في علم النَّفس الإيجابيّ.
المراجع
- العربي سليم، مريم (2002):علم نفس النمو ،ص 433،دار النهضة
- حجازي، مصطفى (2000). الصحة النَّفسية: منظور ديناميّ تكامليّ للنموّ في البيت والمدرسة. المركز الثقافيّ العربيّ. بيروت، لبنان – الدار البيضاء، المغرب.
- عويضة، كامل محمد (1996). مدخل إلى علم النَّفس. بيروت: دار الكتب
- -حجازي، مصطفى (2015). الأسرة وصحّتها النَّفسيّة. المقوّمات – الديناميّات – العمليّات. ط1. بيروت: المركز الثقافيّ العربيّ.
- سليمان، سناء محمد (2007). الغضب– أسبابه– أضراره– الوقاية– العلاج . ط ١القاهرة ، مصر: عالم الكتب
- مهنا، كامل وحجازي، مصطفى (2013). تقرير الجمهوريّة اللبنانيّة حول دور المنظّمات الأهليّة في مواجهة المخاطر الّتي تتعرّض لها الأسرة اللبنانيّة. القاهرة : الشبكة العربيّة للمنظّمات الأهليّة.
- معوض، خليل ميخائيل (1971). مشكلات المراهقين في المدن والريف. القاهرة. دار المعارف بمصر.ص 27
- كاره، مصطفى ( 1985 ). مقدّمة في الانحراف الاجتماعيّ. بيروت: معهد الإنماء العربيّ.
- مجاهد، فاطمة محمود إبراهيم علي (2006)، مدى فاعلیّة برنامج إرشادي في التخفیف من حدّة سلوك التمرّد لدى بعض الطلبة والطالبات المراهقين. دراسة مقارنة، مؤتمر المعلوماتیّة ومنظومة التعلیم، الجمعیّة العربيّة لتكنولوجیا التربیة: القاهرة.
a10- الزهيري، لمياء قيس سعدون محمود (2012). المرونة النَّفسيّة وعلاقتها بأحداث الحياة الضاغطة لدى طلبة الجامعة. رسالة ماجستير. جامعة ديالي
- ديهوم، سالمة أنصير(2015). المرونة النَّفسيّة وعلاقتها بالتكيّف الدراسيّ لدى طلّاب المرحلة الثانويّة بالفرع الغربيّ لمدينة زلتين. مجلّة العلوم الإنسانيّة والتطبيقيّة.
المراجع الأجنبية
1-Anaut, M. (2014). Vivre le lien parents-enfant. De la nécessité d’attachement au risque de dépendance. Lyon: chronique sociale.
2-Cyrulnik, B. (2017). Psychotherapie de Dieu. Paris.Odile Jacob.
3- Rutter M. (1985), “Resilience in the face of adversity: Protective factors and resistance to psychiatric disorder”, British Journal of psychiatry, 147, p. 598-611.
4-Cyrulnik B. (1999), Un merveilleux Malheur, Paris, Odile Jacob. Cyrulnik B. (2001), Les Vilains Petits Canards, Paris, Odile Jacob.
5-Cyrulnik, B. (2018, Dec 15) Aprendemos Juntos. V.O. Complète. Résilience : la douleur est inévitable, la souffrance est incertaine. Https://youtu.be/09ugzdoc5JQ
6-Darwin, C. (1898). Preservation of favoured species by means of natural selection. London: John Murray. Cicchetti, D., & Cohen, D. (1995). Developmental psychopathology, Vol. 2: Risk, disorder, and adaptation. New York: John Wiley and Sons
7- Anthony, E. J. (1974). The syndrome of the psychologically invulnerable child. In E. J. Anthony, & C. Koupernik, (Eds.). The child in his family: children at psychiatric risk. New York: Wiley. Kobasa, S. C. (1979). Stressful life events, personality, and health. Journal of Personality and Social Psychology, 37, 1–11.
8- Aprendemos Juntos. V.O. Complète. Résilience : la douleur est inévitable, la souffrance est incertaine. Boris Cyrulnik. Https://youtu.be/09ugzdoc5JQ
9-Tisseron, S. (2007). La Resilience, Que sais-je ? Paris, PUF.
10-Fields, G.S. (1994). Poverty changes in developing countries, New York, St. Martin’s press. P.3.
[1] صعب، رانيا فانوس (2012). استراتيجيّة التعليم المهنيّ والتقنيّ في لبنان. http://developmentdebates.ning.com/
11-Delage, M. (2008). La resilience familiale.Paris : odile Jacob
12-Rutter, M. (1985). Resilience in the face of adversity: Protective factors and resistance to psychiatric disorder. British Journal of Psychiatry, 147, 598–611. https://doi.org/10.1192/bjp.147.6.598
13-Rutter, M. (1999). Resilience concepts and findings: Implications for family therapy. Journal of Family Therapy, 21, 119–144. https://doi.org/10.1111/1467-6427.00108
13-Garmezy, N. (1991). Resilience in children’s adaptation to negative life events and stressed environments. Pediatric Annals, 20, 459–466.
https://doi.org/10.3928/0090-4481-19910901-05
14-Goldenberg, Irene, Goldenberg, Herbert (1996). Family therapy: An overview. Brooks/cole publishing company.
15-Cherry, Kendra (2022). Mental health conditions fall into several major categories.
https://www.verywellmind.com/a-list-of-psychological-disorders-2794776 okk
1– طالبة دكتوراه جامعة القدّيس يوسف في بيروت – كلية الآداب والعلوم الإنسانيّة – قسم علم النّفس.
Doctorant at Saint Joseph University of Beirut Faculté des Arts et des Sciences Humaines – Département de Psychologie Email:amalabdulhay 19@gmail.com