foxy chick pleasures twat and gets licked and plowed in pov.sex kamerki
sampling a tough cock. fsiblog
free porn

قِصصُ الأطفال وتداعيّاتُها التّربويَّة والنّفسيَّة على ذوي الصّعوبات القرائيَّة

0

قِصصُ الأطفال وتداعيّاتُها التّربويَّة والنّفسيَّة على ذوي الصّعوبات القرائيَّة

الأب شربل نبهان الأنطونيّ([1])

تَمهيد

لقد أَصبحت العناية بالطُّفولة في عصرنا الحديث مُهمَّة في ذاتها ولذاتها، وَتعدّ مرحلتها من أهمّ المراحل الّتي تساهم في بناء الإنسان؛ إذ لم يعد الطّفل مجرَّد كائن في طريقه إلى المراهقة، إنَّما كلّ خبرة في الحياة تتّصل به اتّصالًا وَثيقًا، والأدب الّذي يُقدَّم للأطفال هو من أهمّ العناصر في تكوين هذه المرحلة. وَأدب الأطفال نوعٌ من الفنّ الأدبيّ يعتمد بماهيّته على أساليب مِنَ النَّثر والشِّعر، مُؤلَّفةً للأطفالِ والأولاد دون عمر المراهقة أي في المرحلة الثّانية الّتي تبدأ من السّنة السّادسة إلى نهاية السّنة العاشرة، إذ تكثر لدى الطّفل الأسئلة حول الذّات والآخر، وتتّسع قدراته العقليَّة، ويبدأ في التّحليل والتّفكير، وﭐتّخاذ المواقِف([2]). لذا فهو قديمٌ قدم قدرة الإنسان على التّعبير، وحديثٌ حداثة القصَّة الّتي يرويها المعلّمونَ اليوم في فصول الدّراسة وينسجونَ أدبًا يستمتع به الأطفال ويطلق العنان لمخيّلتهم ويساعدهم في توظيف طاقاتهم الإبداعيَّة، ويُنمّي مداركهم في كلّ مجال ويعينهم على التّواصل الفعّال مع محيطهم، بما يحقّق توازنهم.

وأخذَ هذا الفنُّ يتطوّر في بداياتِ القرن السّابع عشر في أوروبّا، ما زاد من طلَب المؤلَّفات المخصَّصة للأطفال بلغاتٍ مختلفةٍ. ولقي كتاب ” إميل” الَّذي كتبه الفرنسي “جان جاك روسّو” عن تربية الطِّفل اهتمامًا واسِعًا، ثمَّ جاءت بعدَه عدّة كتبٍ أخرى تَناولت شؤون حياة الطّفولة وتبنّي السُّلوك الحَسَن. وبذلكَ، أصبح الأدب تربويًّا وتعليميًّا وخُلقيًّا، واختلطَ بالمطالعة الموجّهة الهادفة إلى اكتساب المعارِف وإعداد الطّفل. أمّا بدء العصر الذّهبيّ لأدب الأطفال فكان في القرن الثّامن عشر والقرن التّاسع عشر حين دخل الميدان كبار المؤلِّفين في فرنسا وإنكلترا وألمانيا وإيطاليا والولايات المتّحدة الأميركيّة. وما إن حلّ القرن العشرون حتى كان بِوسع الصِّغار أن يطوفوا العالم، ويجوبوا البحار، ويحلّقوا في الفضاء، بفضل وسائل الإعلام الحديثة وما تخصّهم به. وَكان للكاتب المعروف “مكسيم غوركي” دور بارز في الحركة الأدبيّة في روسيا، وفي توجيه الأدب، بصورة عامّة، وأدب الأطفال، على وجه الخصوص. لقد كتب غوركي للأطفال، وعمل على تأسيس أكبر دار للنّشر، تهتمّ بنشر أدب الأطفال وتوزيعِه ([3]). كَما اعتمدت البلدان الإسكندنافيّة على التّرجمة والاقتباس من ألمانيا. وبعد الحرب العالمية الثّانية ظهر وعي لدى النّاس بأنّ جمهورًا كبيرًا من صغار القرّاء كان ينتظر أدبًا وطنيًّا موجّهًا له. واستمرَّت قاعاتُ المطالعةِ في التَّطور، وأصبحت هذه البلدان الشّمالية تمتلك شبكة جيِّدة من مكتبات الأطفال.

1- إنتشارُ أدب الأطفال

من المعروف أنَّ هذا الأدب مثل كلّ الآداب، ينشأ وينمو ويتطوَّر في مجالاتٍ عديدةٍ منها الأدب التّعليميّ في مجال الشّعرِ، والقصَّة، والمسرح، والأدب الشّعبي، والحكايات الرّمزيَّة الخرافيَّة، والمغامرات، بالإضافة إلى الجغرافيا، والعلوم، ومجال القصص الدّينيَّة وغيرها. غير أنَّنا سنتناول بشكلٍ خاصٍّ قصص الأطفال الّتي تؤدّي إلى الإمتاع والتّأثير في نفوس الصّغار. ولقد كانَت التّربية الاجتماعيَّة عندَ “غوركي” تعني القيام بالعملِ الثَّوري والعَمل على أن يُحرَّر دماغ الطِّفل من أساليب المحاكمة القديمة، وتخليصه من الأوهام، ومن الأعراف والتّقاليد الَّتي كان يَفرضها الصّراع القائم بين الطّبقات آنذاك. ولمّا كان “غوركي” يدعو إلى التّربية الاجتماعيَّة، فقد شدَّدَ كثيرًا على أنَّ هذه التّربية يجب أن تعمل على تحرير الطّفل من النّزعة الفرديّة ومن التّركيز على الذّات ومن ترسيخ الأنانيّة والتّعصّب. لذلكَ، كانَ يُنادي دومًا بأنَ الأطفال يجب أن ينالوا حقّهم المشروع لهم من التّربية بشرط أن تكونَ تربيةً منظّمةً، تَجعلهم ينظرونَ إلى المستقبل لا إلى الماضي. كما أكَّدَ ضرورة شرح أحداث الماضي لهم بصدقٍ ووضوحٍ، ويبيِّن أنّه، لكي يبلغ الإنسان هذا الغرض، لايكفي أن يعرض على الأطفال الوقائع والآراء والنَّظريّات الغابرة عرضًا جافًّا، يُثيرُ الملل والرَّتابة، بل لا بدّ من وصف تطوُّر العمل، وأثره في تحديد الوقائع والمفاهيم والآراء والنَّظريّات. ويجب على الإنسان أن يفسِّر لهم، بلغةٍ معقولةٍ، أنَّ حرِّيَّة الفكر من الأفضل أن تُبنى على أساس من الحرّيّة العامّة الّتي ينبغي توفّرها في العمل الإنساني. ويذكِّر غوركي بأهمّيَّة الاعتماد على العلم والعمل في المجتمع الحديث، وبأنّ المهمّة تنحصر في وضع العلم في خدمة خيال الطِّفل وفي تعويد الصّغار التّفكير في المستقبل، ويقول إِنَّه في وسعنا التَّحدُّث إلى الصِّغار عن الأمور الجدّيَّة بلغةٍ جذّابةٍ ومقبولةٍ، وبعيدةٍ عن الأسلوب التَّقريريّ التَّعليميّ([4]). ولا ينسى “غوركي” ضرورة استخدام الخبرة العمليَّة الّتي يقدّمها النّاس العاديّون الَّذين يجابهون الحياة عمليًّا في مختلف الميادين كالصَّيادين والبحّارة والمهندسين والطّيّارين وغيرهم. ويُعطي الحكاياتِ الشّعبيَّةَ القديمةَ أَهميَّةً كبيرةً في تنمية الفكر والمخيِّلة، وفي إدراك أهمّيَّة الإبداع في الفنّ وفي إغناء اللُّغة. ولم يكتفِ “غوركي” بذلك، بل سألَ الأطفال أنفسهم رأيهم فيما يجب أن يُكتب. وكان أهمّ موضوع اقترح قد حدّد بكلمتين اثنتين: “كلّ شيء”، لهذا نصح غوركي المسؤولين عن دار النّشر الخاصّة بأدب الأطفال أن يرضوا رغائب الصّغار، ويطبعوا سلسلةً من الكتب الأدبيَّة والعلميَّة والجغرافيَّة والشِّعريَّة الَّتي تساعدهم على التَّعلم في أوقات الفراغ، وعلى نشر الفرح والسَّعادة في نفوسهم. إذًا لقد نشأَت قصص الأطفال لتُخاطِب عُقولَ الصّغار، وتُحدِث في نُفوسهم المتعة، وتعمل على تكوين شخصيّاتهم، لذا يجب أن تكون ملائمةً لذوقهم ومستواهم الفكريّ سواء أكانت نثرًا أو شعرًا. وهذا الأدب بالذّات يحتاج إلى إبداعٍ قد لا نجده عند الكبار، ممّا يُعطي كاتِب هذه القصص قدراتٍ كبيرةً.

والغَرض الأساسيُّ للقصَّة هو جَذب القارئ لامتلاك فائدةٍ ما، كما يُمكن أن تُكتب القصص للتّعليم والإخبار، أو لتبديل آراء اجتماعيَّة، ومن هذا النّوع ثمَّة مسلسات التّليفزيون والمسرحيّات الّتي تُعدّ لإثارة القضايا الإنسانيَّة. والجدير ذكرُه أنّ الرّوايات تعرض الأحداثَ الّتي تُؤدّيها الشّخصيّات في أزمنةٍ وأمكنةٍ محدَّدةٍ أحيانًا، وقد تكون غير محدَّدة أحيانًا أخرى. لذلكَ، فإنَّ عمليَّة سرد الأحداث تختلف من قصَّةٍ إلى أُخرى، إذ من الممكن أن نقرأ في بعض القصص أنَّ الأحداثَ تُعرَض للقارئ بحسب تسلسلها الزّمنيّ بينما لا يكون ذلك موجودًا في قصص أُخرى، وللقصَّة عقدة أو أكثَر تبرز في أثناء تسلسل الأحداث، وتتطوَّر وتتفاعل لتجدَ سبيلًا للحلّ في النّهاية. وهُناكَ أنواعٌ جمَّة للقصَّة: منها القصّة الخياليَّة، والقصَّة الواقعيَّة، والقصَّة الّتي يتّحد فيها الخيال مع الواقع، وقد تتضمَّن القصَّة الألغازَ، بالإضافةِ إلى قصص الرّعب، والمغامرات، والأساطير، والرّوايات التّاريخيّة، أو القصص الاجتماعيّة المعبّرة عن التّجارب الشّخصيَّة.

۲قِصصُ الأطفال عندَ العرب

يُعَدُّ العصر الحديث عصرَ أدب الأطفال بوسائله المقروءة والمرئيّة والمسموعة كافّة، مع إرسال أوّل بعثةٍ عربيَّةٍ مصريَّةٍ إلى أوروبّا، إذ أخذت الثّقافةُ العربيَّةُ تتلاقح مع الثّقافات الأوروبيّة وبخاصَّةٍ الإنجليزيّة والفرنسيَّة، والإيطاليّة في ما بعد. وبدأ أدبُ الأطفال يدخل قلوبَ العرب وعقولَهم عن طريق طلبة البعثة العربية المصرية، ونتيجة لاختلاط الأدباء والشّعراء العرب بأدباء وشعراء الغرب. ونذكُرُ أنَّ أوّل من قدّم كتابًا مُتَرْجَمًا عن اللّغة الإنجليزيّة إلى الأطفال هو « رفاعة الطّهطاوي» الّذي كان مسؤولًا عن التّعليم في ذلك الوقت. وكان الطّهطاوي مربيًّا وذا ثقافةٍ عربيَّةٍ إسلاميَّةٍ، فهو قد تخرَّج من الأزهر، ثمَّ ألحقه «محمد علي» بالبعثة العلميّة وقد عُيِّنَ مرشدًا روحيًّا لها. كما ترجمَ الطّهطاوي قِصَصًا تُعدُّ من حكايات الأطفال، وأدخل قراءة القصص منهاجًا في المدارس المصريَّة([5]). وكانَ يَعي ما يفتقر إليه أطفالُ الأُمّة وما يعانونه من فقرٍ وحرمانٍ في هذا المجال؛ فقرٍ إلى التَّسلية الرّفيعة، وقحطٍ في التّرفيه التّراثي. فَاستعان بكتب الأطفال الأجنبيّة وأمر بترجمتها ليقرأها التَّلامذة المصريّون. غيرَ أنَّ أدب الأطفال خفت ضوؤه، بل كاد أن يتلاشى بعد وفاة رفاعة الطّهطاوي؛ إذ تَدَهْوَرَ التَّعليمُ في مصر إلى حدٍّ كبيرٍ، ممّا جعل هذا النَّوع من الأدب يتراجعُ ويكاد يكون من المنسيات تقريبًا.

إذًا؛ يمكننا القول إنّ للعربِ حكاياتٍ كثيرةً على ألسنة البهائم وَالنَّبات والجماد والأفلاك. وكانَت الغاية من تأليف تلك الحكايات وتداولها: معرفة العالم المحيط بهم، ومعرفة تراث الأقدمين، والوقوف على ما كان عند الأجداد من حكمٍ وأمثال، والتَّسلية والتّمكن من اللُّغة، والموعظة والتَّعليم، والتربية الخلقيَّة، وأخذ العِبَر. ومن المعروفِ كما أشَرْنا سابقًا أنَّ بداية القرن العشرين شهدَتْ نهضةً شاملةً عمّت الوطن العربي. ولقد كان من حسن حظّ الأطفال أنّه برز أدباء عرب كرفاعة الطّهطاوي اهتمّوا بالكتابة لهم، ثمَّ ظهر في المرحلة نفسها كامل الكيلاني، وعبد الفتاح شلبي، ومحمد قدري لطفي، وأحمد العجان، ويوسف الحمادي، ومحمد أحمد برانق، ومحمد شفيق عطا، ومحمد سعيد العريان، وأمين دويدار، ومحمود زهران، وعطية الأبراشي. أمّا في سوريا فقد ظهر رضا صافي ونصرت سعيد، وعبد الكريم الحيدري. وبرز في الأقطار العربيّة الأخرى كتّاب آخرون كان معظمهم من المعلِّمين ورجال التَّربية، وقد استفاد هؤلاء الكتّاب والشُّعراء من التُّراث العربي القديم ومنَ التُّراث الإنساني، ومن الدِّراسات التَّربويَّة والنَّفسيَّة الّتي كانت في بداياتها. حيثُ تميَّزت بداية القرن العشرين بما وضع فيها من كتبٍ مبسَّطةٍ للأطفال، ومن أقاصيص متنوّعةٍ استخدمت بهدف تربية الصِّغار وتسليتهم، وحثّهم على المطالعة واكتساب اللُّغة. وكانت الحيوانات من الشَّخصيّات الرّئيسة فيها، لأنَّ الحيوان مصدرٌ للفكاهة عند الصِّغار([6]). ولعلَّ خير مثال في هذا المجال الشّاعر أحمد شوقي، فقد كان من أبرز من تبنّى هذا الاتِّجاه. وأساطيره جاءَت مفعمةً بالنَّقد والسُّخرية اللَّطيفة الَّتي كان يوردها على ألسنة البهائم. وبالعودةِ إلى مجموعة «القصص العلميَّة» لكامل كيلاني([7])، كاتب وأديب مصري، اتَّخذ من أدب الأطفال دربًا له، فَلُقِّبَ برائد أدب الطفل، وقدّم العديد من الأعمال العبقريّة الموجّهة إلى الطفل، وترجمت أعمالُه إلى عدّة لغاتٍ منها: الصّينيّة، والرّوسيّة، والإسبانيّة، والإنجليزيّة والفرنسيّة. وتشتمل مجموعة “القصص العلميَّة” على عشر قصصٍ: أصدقاء الرّبيع، زهرة البرسيم، في الاصطبل، جبارة الغابة، أسرة السّناجيب، أمّ سند وأمّ هند، الصّديقتان، مخاطرات أمّ مازن، العنكب الحزين، النّحلة العاملة، ونذكرُ مضمون بعض هذه القصص:

– زهرة البرسيم: بطلة هذه القصّة أرنبة تدعى «زهرة البرسيم» تعيش مع أبويها وإخوتها، وكانت الأمّ مريضةً والأب يقوم برعاية أبنائه. وفي يومٍ خرج الأب مع أولاده نحو حقل برسيم، وفضَّلت «زهرة البرسيم» البقاء مع أمّها المريضة. وراحت الأمُّ تروي لابنتها قصَّةً قديمةً لابنها البكر «أبو نبهان» وقد خرج من دون أن يستشيرَ أحدًا، فقبضت عليه البومة وافترسته، ثمَّ يقدِّم المؤلِّفُ تعريفًا للبومة وخطرها.

– جبارة الغابة: وتروي القصَّة أنّهُ هبّت عاصفةٌ قويَّةٌ، اقتلعت شجرة بلّوط عتيقة من جذورها فحزنت حيوانات الغابة، وبخاصَّةٍ طيورُها الَّتي كانت تأوي إليها وتنقذها من الأخطار، وراح غرابٌ عجوزٌ يروي قصَّة الشَّجرة العتيقة. ويبدأ المؤلف بشرح حياة شجر البلّوط، ومعاناته في بدء نموّه حتّى يتحوَّل إلى أشجارٍ كبيرةٍ عظيمةٍ، وفي ذلكَ عبرةٌ للقارئ.

– العنكب الحزين: هذه القصَّة تدور على ألسنة ثلاثة أبناء: صفاء وسعاد ورشاد، (وهي أسماء أبناء المؤلِّف)، حيث يرى «صفاء» عنكبة وبيتها الجميل، وتتداخل القصص في ثناياها عن فوائد التَّعلُّم من العناكب، ويذكر «صفاء» قصَّة الصَّيّاد الَّذي تعلَّم صنع الشّباك من العناكب، وقصَّة العنكبة والملك الَّذي تعلَّم منها الصبر، ثم يدور حديث بين الإخوة الثّلاثة مع العنكبة، فتخبرهم أنَّها أنقذت «رشاد» من لسعة حشرةٍ سامّةٍ، ثمَّ راحت تخبرهم عن حياتها وطبيعة حياة العناكب وعندما يعود الإخوة إلى بيتهم، يخبرون الأب بما جرى بينهم وبين العنكبة، فيحضر كتابًا ويطلب من «صفاء» قراءة فصلٍ منه عن بيت العنكبوت. وبذلك، قدَّم الكيلاني مثالًا واقعيًّا لمن يريد الارتقاء بمستوى الطِّفل لغويًا، فقد كان حريصًا على استخدام كلماتٍ ومفرداتٍ وأساليب متطوِّرة، وهي في الوقت نفسه متأصِّلة في اللُّغة، وكان يحرص على تقديم مفرداتٍ جديدةٍ في كلِّ قصصه، ويحرص على شرحها.

٣– تداعيّات قصص الأطفال التّربويّة والنّفسيّة

وبشكلٍ متخصِّصٍ أكثر، فإنَّ قصص الأطفال تعدّ تشكيلًا لغويًّا ينتمي لنوع الأدب، سواء أكان قصَّةً أو شعرًا أو مسرحيَّةً يقدّمُه كاتبٌ تقديمًا جيّدًا في إطارٍ متَّصلٍ بطبيعة الأدب ووظيفته اتّصالًا وثيقًا ويتَّفق مع عالم الطُّفولة اتّفاقًا عميقًا، ويجب أن يراعي أدب الأطفال خصائص مراحل الطُّفولة، ويتدرَّج بها إلى الكمال وذلك عن طريق إشباع احتياجاتهم في إطار المثل والانطباعات السَّليمة.

وعليه، فإنَّ أدب الأطفال في مجموعة الآثار الفنيَّة التي تصوِّر أفكارًا وإحساساتٍ وأخيلةً تتَّفق ومدارك الطّفل، وتتَّخذ أشكال القصَّة والشِّعر المسرحيّ والمقالة والأغنية وغيرها. وهو ليس مجرَّد وسيلة للمتعة بل وسيلة للتَّنمية الدّينيَّة والثَّقافيَّة والارتقاء بالمشاعر والأحاسيس. وإذا كان الأدب نافذةً نطلُّ من خلالها على أنفسنا وعالمنا فلابدَّ أن تكون تلك الإطلالة بالنِّسبة إلى الطِّفل إطلالة ترتقي به وتوجّهه وتعلّمه وتحقِّق له نوعًا من التّوافق النَّفسي والتَّكامل الاجتماعيّ.

وعلى الرَّغم مِن أنَّ أدب الأطفال يتميَّز بالبساطة والسُّهولة غيرَ أنّه لا يعدّ تصغيرًا لأدب الرّاشدين، لأنّ لأدب الأطفال خصائصه التي تسبغها طبيعة الأطفال أنفسهم. فالطّفل ليس مجرَّد رجل صغير كما كان يشاع من قبل إذ إنَّ حاجات الأطفال وقدراتهم وخصائصهم الأخرى تختلف في اتِّجاهاتهم عمّا يميِّز الرّاشدين، فهناك صفات معيّنة تختصّ بها الطُّفولة وحدها وهي تزول أو تنسى عندما يكبر الأطفال لذا الزّاد الثَّقافي أدبيًّا كانَ أو غير أدبيّ هو زاد متميِّز مادامت الطُّفولة مرحلة نموٍّ متميِّزةٍ وهذا الزّاد لا يشكّل بالضّرورة تصغيرًا أو تبسيطًا لزاد الرّاشدين الثّقافي([8]).

وقد يبدو أدب الأطفال سهلًا لكنَّه في الحقيقة على درجةٍ عاليةٍ من الأهميَّة بما يختصّ بترجمة الأفكار إلى مواضيع ذات صبغة طفوليَّة يَفهمها الأطفال وذلك من أجل إيصال هدفٍ معيَّنٍ لهم. فالأطفال يمتلكون مساحةً ضيِّقةً من الانتباه، وغالبًا ما تكون قدرتهم اللُّغويَّة ضعيفةً بخاصَّةٍ إذا كانوا من ذوي الصّعوبات القرائيَّة لذا ينبغي مراعاة المستويات والحاجات والخصائص الطُّفوليَّة من خلال الانتاجات الأدبيَّة المقدّمة لهؤلاء الأطفال، لذا يتوجَّب على الكاتب في أدب الأطفال استخدام الأسلوب المحبَّب لاسيَّما أنَّ هذا الأدب من الفنون الصَّعبة، ويجب أن يتَّسم بالبساطة في الكتابة واللَّفظ والمعنى. ومن ههنا تُسيطر معايير أساسيَّة على أدب الطّفولة، وبخاصَّةٍ في ما يتعلَّق بالنّسيج القصصيّ، والسّرد الّذي يُشكّل العمود الفقري في القصّ، وهو عنصرٌ أساسيٌّ لا يمكن إهماله إذ عليه تُبنى ركائز البناء القصصيّ. لذلك لا يكفي أن يسرد الرّاوي أحداثًا، إنَّما المهمّ كيفَ يسردها، وكيفَ يضعها في نِقاطٍ مفصليَّة من البناء، أي من عناصر المسرى القصصيّ نفسه (الوضع الأوّليّ، العنصر المبدّل، تطوّر الأحداث، العقدة، الحلّ) هذا ويستوجب استخدام الجمل الوصفيَّة أيضًا، لما للوصف من دورٍ في نقل هيئة الحدث والإطار المكانيّ والزّمانيّ، وكيفيَّة توزيع الحدث وخلفيّاته المنطقيَّة أو النّفسيَّة في تتابُعٍ مُحكَم يجذب الطّفل إلى القراءة ([9]). وأدب الأطفال سبيلٌ لا غنًى عنه لتسريع عمليَّة التَّنمية الثَّقافيَّة والاجتماعيَّة ممّا يتطلَّب المزيد من الجهد لتأهيل أدب الأطفال وتدعيمه في التَّربية والمجتمع وَفي مختلف المؤسَّسات. ولهُ طابعه التَّربويّ والقوميّ والشِّعريّ والإيديولوجيّ لمواجهة الغزو الثَّقافيّ والإعلاميّ الاستعماريّ([10]). ولقصص الأطفال دورٌ ثقافيٌّ إذ تقود لاكتساب الأطفال القيم واللُّغة والاتّجاهات وعناصر الثَّقافة الأخرى، إضافةً إلى دورٍ معرفيٍّ من خلال قدرتها على تنمية قدرات الطّفل المعرفيَّة المتمثِّلة بالتَّفكير والتَّخيُّل والتَّذكُّر وتحفيز الأطفال على القراءة. من هُنا كانَ سعي التّربويّين في مرحلة الطّفولة إلى توظيف القصّة التّربويّة الهادفة وتثقيف الطّفل، لأنّهم أدركوا أنَّها تهدف إلى تنمية ميول الأطفال القرائيَّة والتّعرُّف على بعض الحروف والكلمات لإشباع حاجاتهم المعرفيّة. وأيضًا قد تكون القصص المبرمجة إلكترونيًّا من الوسائل المحفّزة على القراءة. بالإضافة إلى ذلك، يمرّ الأطفال خلال سنواتهم المبكرة بمرحلةٍ فكريَّةٍ تُعرَف بمرحلة التّوحُّد، وهي مرحلة لا يستطيع الطّفل فيها أن يضعَ حدًّا بين الأَنا وَاللّا أنا وغالبًا ما يخلط الأطفال الأفكار بالأفعال والآمال بالحقائق، حتّى إنَّ بعضهم يظنّ أنّ لديه أو لدى أبويه القدرة على التّحكُّم بالأحداث، وإنّ هذه الحكايات هي الّتي تجعل الطّفل يعرف بأنّه وُلدَ في عالمٍ فيه الموت والحياة والخير والشّرّ والمغامرة والبطولة، وهذا ما لا يستطيع الطّفل معرفته من خلال تجربته الخاصَّة. كما أنَّ قصص الأطفال في مرحلة الطّفولة تُصبحُ انعكاسًا لعمليَّة تفحُّص الصِّغار لمشاعرهم الدّاخليّة ووعيهم المتزايِد بوجود مشاعر مختلطة ومشوّشة أحيانًا. وهذا كلّه لا ينفي أثر التّشويق الّذي تقدّمه حبكة تلك القصص والرّوايات، وأثَر الأسلوب الّذي يتمّ به إرضاء فُضول الطّفل([11]).

٤- ثقافةُ الأطفال

لم تتعدّ إفادة لفظ الثَّقافة في معاجم قواميـس اللّغة العربية ثلاث دلالات، الأولى تتّصل بصفات المتعلّم كالحذق والفطنة والخفّة([12])؛ والثّانية تتّصل بكونها آلة لتسوية المعوج من الرّماح([13])؛ وأمّا الثّالثة فتتّصل بموضوع الثّقافـة كونها العلوم والمعارف والفنون الّتي يطلب فيها الحذق.([14]) أمّا على المستوى الاصطلاحيّ، فقد باتت لفظة الثَّقافة ممّا يستعصي حصر تعريفها الدّقيق، لضبابية مفهومها وغمـوض دلالتها واتّساع نطاقها ”فهي لم تبـق في عربيتنا مفردة جامدة أسيرة تعريف من الاشتقاق اللّغوي لدينا من نوع (ثقف الرّمح) فتجاوزته لما هو أرحب فكريًا وعقديًا وحضاريًا، فتغـدو وعاء للسّياسة والاقتصاد والتّاريخ والدّين والعادات والتّقاليد والاجتماع، لأنّها طريق مميز لحياة الجماعة ونمط متكامل لحياة أفرادها، فتعريفاتها إذًا تتعدّد بتعدّد مناهج المعرفة المستخدمة في كل تعريف، وتعدّد الزّوايا المنظور منها إليها، ومن الصّعب احتواؤها وبالتّـالي لا يهمّنا الانشغال بها، بقدر ما يهمّنا ما يجمعها من اتّفاقٍ فهي في جلّها تتّفـق على أنّ الثّقافـة هي ذلك المركّب الَّذي يشتمل على المعرفة والعقائد والفنّ والأخلاق والقانون والعادات وغيرها من القدرات التي يكتسبها الإنسان بوصفه عضوًا في المجتمع، وبالتالي فهي ليست ترفًا روحيًا قد يتأجّل، بل هي قوّة تبني الشّخصية الإنسانيّة وتهبُها الصّفات المكتسبة، والمادَّة المكوّنة من المعاني والمضامين والمعارف الَّتي تصنع روح الإنسان وتصقل عقله وتنير بصيرته وتقـوّم موقفه وتهذّب سلوكه.

وما الأطفال في النّهاية إلّا صورة من صور الإنسانيَّة وثمرة تتقاسمها الفطرة والثّقافة. والأطفال في كلِّ مجتمعٍ لهم لغة خاصَّة بهم يتواصلونَ بها مع غيرهم، وقيم ومعايير وألعاب ينفردون بها، فضلًا عن إنتاجاتهم الفنّية والمادّية وكلّ ما هو محبّب لديهم، وهم يتميَّزون بخصوصيّةٍ في ما يفكِّرون به وما يتخيَّلونه من الأشياء، وما يكوّنون من انطباعات في عالمٍ مصغّرٍ ممّا يشكّل لديهم ثقافـةً خاصَّةً، هي ثقافة الأطفال. إنّ الكلام على ثقافة الأطفال ليس كلامًا من قبيل اللّهو الفكري، وإنّما هو ضرورة حياتية، كونها ثقافة جزئية متفرّعة عن ثقافة المجتمع، وهي تنفرد بمجموعة من الخصائص والسّمات العامّة وتشترك في مجموعة أخرى؛ ومادام الأطفال ليسوا مجرّد راشدين صغارًا، فإنّ لهم قدرات عقليّة وجسميّة ونفسيّة واجتماعية ولغويّة خاصة بهم، ومادامـت لهم أنماط سلوك متميّزة، إذ إنّهم يحسّون ويدركــون ويتخيّلون ويفكّرون في دائرة ليست مجرّد دائرة مصغّرة من تلك التي يحس ويدرك ويتخيّـل ويفكّر فيها الرّاشدون، لذا فإنّ ثقافة الأطفال ليست مجرّد تبسيط أو تصغير للثّقافة العامّة في المجتمع، بل هي ذات خصوصية في كلّ عناصرها وانتظامها البنائي([15]).

وما دام الأطفال غير متجانسين في تركيبتهم الاجتماعيّة، ويتباينون بتباين أطوار نمّوهم في شتّى المجالات، فقد تمّ تقسيم الطّفولة إلى مراحل مختلفة، الأمر الذي ترتّب عنه وجود ثقافةٍ فرعيَّةٍ تختصُّ بكلّ مرحلةٍ عمريَّةٍ، تتوافق وسمات وخصائص الأطفال فيها ولكنّها ليست مقطوعـة عن بعضها، فقد تختلف في سمات عامّة، وتشترك في أخرى وقد تختلف هذه الثّقافات الجزئيّـة داخل المجتمع الواحد، وداخل الأسرِ تبعًا للمؤثّرات الثّقافيـة في كلّ بيئة اجتماعيّة، وحتّى لو توفّرت للأطفال في مجتمع واحد ظروف متشابهة فلا يمكن للطّفل أن يتعرّض لكلِّ المؤثّرات الثّقافيّة في ثقافة مجتمعه، بل يتعرّض لجزءٍ منها كما أنّه لا يستطيع أن يستوعب إلاّ جانبًا من الثّقافة. ومن هنا تظهر في ثقافة الطّفل عموميّات وخصوصيّات وبديلات ويختلف الأطفال في قَدر ونوع كلّ من هذه العناصر إلى حدٍّ ما. فأمّا العموميّات فهي تلك الَّتي يشترك فيها أطفال المجتمع، من أفكارٍ عامّةٍ وقيم وعاداتٍ ولغةٍ، وهو ما يسمّى بالعموميّات الثَّقافيَّة، أو النّمط العام للثَّقافة، وسعة العموميّات ورسوخها في مجتمعٍ من المجتمعات يولّدُ اهتماماتٍ ومشاعرً وأهدافًا وطرقًا مشتركةً تقود إلى مزيد من التّماسك الاجتماعي([16]). وأمّا الخصوصيّات فهي تُعْنى ببعض الشّرائح من الأطفال داخل المجتمع تبعًا للانتماء الطّبقي، أو التّخصّص المهني، أو التّواجد الجغرافي، وتتمظهر في شكـل مهاراتٍ وجوانب معرفيَّةٍ. وأمّا البديلات أو ما يسمّى بالمتغيّرات أو الوافدات، وهي مكوّنات ثقافيّة دخيلة على الثّقافة الأمّ، وقد تتموقع بصيغتها الأصلية وتسري بين الأطفال عن طريق التّقليد، لذا وجب الحذر منها والاحتراس والدّقة حين نقلها، وغربلتها بما يتوافق مع سياق الأطفال([17]).

إنّ الثّقافة الطّفلية ترتبط بثقافة المجتمع السّائدة، إذ يمتصّ الطّفل تلك الثّقافة بطرقه الخاصّة بما يلائم اتجاهاته وميوله، وتعدُّ البيئة الثّقافية العامل الأساسي في تكوين شخصية الإنسان وتحديد سلوكه وأسلوبه في الحياة. لذا تتّخذ شخصيّة الطّفل الصّيغة التي تشكّلها المؤثّرات الثّقافية، وهذا يعني أنّ شخصيّة الطّفل تنمو وتتبلور في المناخ الثّقافي للمجتمع، إذ يهيّئ له هذا المناخ فرص النّمو والتّعلّم إذ إنَّ الشَّخصيَّةَ في تكوينها هي عبارة عن عمليَّةٍ يتمّ فيها دمج العناصر الثّقافيَّة المكتسبة مع خصائص الطّفل التّكوينيّة لتشكّلا معا وحدةً وظيفيَّةً متكاملةً( [18]). واستنادًا إلى ما سبق، يمكن القول إنَّ الحديث عن ثقافة الأطفال ليس مقطوعًا عن أدب الأطفال إذ إنّ هذا الأخير هو وسيط وأحد العناصر الأساسيّة التي تشكّل ثقافـة الأطفال، ومرآة لها تعكس مكانتهم في المجتمع، وهو جزء من عملية تثقيف الطّفل. هذه العملية التي لا ينهض بأعبائها النّتاج الأدبي وإنّما هي تقوم على عاتق مؤسّساتٍ اجتماعيَّةٍ وتربويَّةٍ أوّلها وأهمّها الأسرة والمدرسة ووسائط الاتّصال المختلفة؛ الَّتي تحمل فيما تحمله ثقافةً موجّهةً إلى الطّفل يكون الأدب أحد عناصرها.

وبالنّتيجة، إنّ مفهوم ثقافة الطّفل يتّصل بواقعٍ متغيّرٍ يكتسب وصفه وتوصيفه من خلال تفحّص النّظرة والاهتمام بثقافة الطّفل في بلادنا وفي العالم العربي، وكذا معاينة دور كلّ مؤسّسة تحمل أعباء هذه الثّقافة، سواء أكانت اجتماعيّة، أو تربويّة، أو إعلاميَّة، وسواء أكانت رسميّةً أو غير رسميّة، فضلًا عن الفعاليّات التّثقيفيّة أو ما يسمّى بالآليّات عبر الوسائط المتعدّدة لثقافة الأطفال، ووسائل الاتّصال، والتّواصل مع جماهير الأطفال أي الصّورة الّتي يتحقّق بها البناء الثّقافي للأطفال الَّذي يشبه إلى حدٍّ بعيدٍ بناء برجٍ مرتفعٍ، كلّ حجرةٍ تضاف إليه، أساسيّة وضروريّة، وذات أهمّية في تشييده، لا يمكن الاستغناء عنها، والبرج الثّقافي، يحتاج أوّل الأمر إلى أجهزة تربويّة مؤهّلة تأهيلًا جيًّدا، ومن دونها لا يمكن البناء على الإطلاق. ذلك أنَّ الخطر الأكبر في حياة المجتمع يتمثّل في جهل المربّين بالأصول العلميَّة لتربية الطّفل وتثقيفه، ففي تربية الأطفال قانون صارم هو أنّه إذا كنت لا تربّي تربية علمية صحيحة فأنت تربّي تربية خاطئة، والتّربية الخاطئة تؤدّي إلى تدمير الأطفال نفسيًّا وفكريًّا واجتماعيًّا. وبناء على هذا القانون التّربوي فإنّ أيّة تربية نقدّمها للطّفل تلحق به الأذى وتدمّره إذا لم تكن تربية علميّة، أي أنّ هذه التّربية لابدّ أن تقوم على وعيٍ أصيلٍ ينبع من معطيات علم الطّفولة وعالمها([19]). وبما أنَّ الثّقافة المدرسيّة بجملها ترتكز على قراءة قصص الأطفال وتستخدمها وسيلة محفّزة لذوي الصّعوبات القرائيَّة، لأنّ للقصَّةِ دورًا إيجابيًّا في النّموّ الانفعاليّ للطّفل تجعله يُعبِّر عن مشاعره المكبوتة وانفعالاته الضّارّة، وتُخفِّف من حدَّة القلق والتّوتّر. إذ ليسَ خفيًّا بأنَّ الطّفل له شخصيّته المميَّزة وعالمه الخاصّ ومشاكله المعلّقة بانتظار الحلّ، غير أنَّ الوالدين يُحاولانِ مساعدة الطّفل على دُخول عالَم الكبار والحُصول على مكانةٍ مناسبةٍ، ولكن هل من المفيد أن نحسب الطّفل رجلًا كبيرًا؟ لذا فإنَّ الحكاية الشّعبيّة الّتي تمّ استبعادها في أحيانٍ كثيرةٍ من تربية الطّفل المنزليَّة تبقى الحاجة إليها مُلحّة لأنّها تُجسِّد للطّفل المشكلةَ وتصوِّر لهُ أبعادَ الخير والشَّرّ، تاركةً للطّفل حرّيّة الاختيار وأن يقرّر ما يتّخذه من عِبَر. ولكي تلفت القصّة انتباه الطّفل وبخاصَّةٍ ذي الصّعوبات، يجب أن تُسلّيه وتوقظ فضولَه، وتوسِّع مخيّلته، وتُساعده على تطوير عقله، وأن يرى بوضوحٍ انفعالاته، وتُعينه على معرفة مشكلاته مع اقتراح بعض الحلول لها علَّه يتخطّى في ذلك صعوباته القرائيّة ومشاكله النّفسيَّة([20]).

خاتمة

إنّ ثقافة الطّفل هي دعامة التّنمية الشّاملة، التي يصبُو إليها كلُّ مجتمعٍ ويتمنّاها لأطفاله، من أجلِ تطوير المعرفة لديهم، وإروائهم من الينابيع التّراثية والشّعبية الممزوجة بالمعاصرة، وكلّ ذلك يستدعي تخطيطًا تربويًّا يرشد سبل الخطاب الثّقافي للأطفال في المدارس.

فصحيحٌ أنّ الطّفل يولد بقدرة طبيعيّة على الإبداع، لكن ذلك لا يتطوّر تلقائيًّا إن لم تسانده بيئة مساعدة تكشف الملكات الإبداعيّة لديه، وتضعها على المسار المناسب لنموّها، وهذه القدرة على الإبداع قد تختفي، أو تتحوّل إلى أشكالٍ سلبيّةٍ في ظلّ البيئة غير الدّاعمة. كما أنّ الحالة الإبداعيَّة لدى الأطفال تتجلّى بصورٍ مختلفةٍ: قدرات عقليّة أدبيَّة، مهارات حسّيّة، ودور الأسرة، والمدرسة في هذا الجانب، كونهما يُؤدِّيان دورًا مهمًّا في بناء شخصيّة الطّفل، وتحفيز إبداعه، وغرس حبّ البحث، والاطّلاع لديه، ومساعدته بشتّى السّبل المتاحة كي يتغلَّب على مشاكله وصعوباته.

ومن أهمّ العوامل المساعدة على تنمية إبداع الطّفل هو اتّباع خطّةٍ ممنهجةٍ لتقريب الطّفل من هذا الأدب بطواعية، ومحبّة ومن دون إكراه، في عصرٍ بِتنا نلحظ فيه تراجُعًا للدّور التّقليدي للأسرة والمدرسة، نظرًا لحلول وسائل الاتّصال الحديثة وتقنيَّة المعلومات والتّقنيّات المتطوِّرة في نَقل الكفايات والمهارات إلى المتعلِّمين.

فِهرس المصادر والمراجع

  • الكتُب بالعربيَّة
  • بكّار، عبد الكريم (2012): تأسيس عقليَّة الطّفل. دار وجوه للنّشر والتّوزيع. ط 2.
  • الحديدي، علي (2010): في أدب الأطفال. مكتبة أنجلو المصريّة. القاهرة. ط 10.
  • حرب، سهام: نحو معايير جودة لأدب الأطفال في لبنان والعالم العربي. أطروحة في اللّغة العربيّة وآدابها. جامعة القدّيس يوسف. كلّيّة الآداب والعلوم الإنسانيَّة. معهد الآداب الشّرقيّة. بيروت.

4- حلاوة، محمّد (2011): الرّعاية الثّقافيّة وأدب الطّفل. دار المعرفة الجامعيَّة الإسكندريَّة. مصر.

5- زلط، أحمد (1994): أدب الطّفولة بين كامل كيلاني ومحمّد الهراوي. دار المعارف. ط 1.

6- سليم، مريم (2001): أدب الطّفل وثقافته. دار النّهضة العربيَّة. بيروت. ط 1.

7- الصّوفي عبد اللّطيف (2009): فنّ القراءة. دار الوعي للنّشر والتّوزيع. الجزائر. ط 2.

8- عبد الرّازق، جعفر (1992): أسطورة الأطفال والشّعراء. دار الجليل. بيروت. ط 1.

9- عيسى، فوزي (2008): أدب الأطفال، الشّعر – مسرح الطّفل – القصّة. دار الوفاء.الإسكندريّة. ط 1.

10- فتحي،ابراهيم (1986): معجم المصطلحات الأدبيَّة. المؤسّسة العربيّة للنّاشرين المتّحدين. ط 1.

11- القصبي، حامد (1925): التّربية بالقصص. مطبعة النّيل. القاهرة.

12- الكعبي، فاضل (2012): كيفَ نقرأ أدب الأطفال. الأردن. ط 1.

13- كمال الدّين، حسين (2010): أدب الأطفال في المفاهيم والتّطبيق. دار العالم العربي. القاهرة.

14- مارون، يوسف (2011): أدبُ الأطفال بينَ النّظريَّة والتّطبيق. المؤسَّسة الحديثة للكتاب.لبنان. ط 1.

  • الكُتب المعرَّبة
  • بتلهايم، برونو (1985): التّحليل النّفسي للحكايات الشّعبيَّة. ترجمة طلال حرب. دار المروج. بيروت.
  • تاكر، نيكولاس (1990): الطّفل والكتاب دراسة أدبيَّة ونفسيَّة. ترجمة مها حسن بحبوح. سوريا.

[1] – طالب دكتوراه في جامعة القدّيس يوسف، كلّيّة العلوم التّربويّة.

[2]– يوسف مارون(2011): أدبُ الأطفال بينَ النّظريّةِ والتّطبيق. المؤسّسة الحديثة للكتاب. لبنان. ط1. ص 37.

-[3] إبراهيم فتحي (1986): معجم المصطلحات الأدبيَّة. المؤسَّسة العربيّة للنّاشرين المتّحدين. ط١. ص ١٣.

-[4] نيكولاس تاكر (1990): الطّفل والكتاب دراسة أدبيَّة ونفسيَّة. تر مها حسن بحبوح. وزارة الثَّقافة والإرشاد القومي. سوريا. ص ٢۵ – ٢٧.

[5]– حامد القصبي (1925): التّربية بالقصص. مطبعة النّيل.القاهرة. ص ٤۵.

-[6] أحمد زلط (1994): أدب الطُّفولة بين كامل كيلاني ومحمد الهراوي. دار المعارف. ط١. ص ٢٩ – ٣٢.

[7]– كامل كيلاني (1897 – 1959): أديبٌ مصريٌّ من مواليد القاهرة، اشتهر بأعماله المخصَّصة للأطفال، حتّى سمّاهُ النّقّاد “رائد أدب الطّفل”. وله عددٌ من الكُتب في غير أدب الأطفال، منها “مذكّرات الأقطار الشّقيقة”، و”نظرات في تاريخ الإسلام”، و”ملوك الطّوائف”، و”مصارع الخُلفاء”.

[8]– عبد الكريم بكّار (2012): تأسيس عقليَّة الطّفل. دار وجوه للنَّشر والتّوزيع. ط٢. ص ٧٣ – ٧۵.

-[9] سهام حرب: نحو معايير جودة لأدب الأطفال في لبنان والعالَم العربي. ص 390، 391.

[10]– علي الحديدي (2010): في أدب الأطفال. مكتبة الأنجلو المصريَّة. القاهرة. ط١۰. ص 91، 92.

-[11] نيكولاس تاكر (1990): الطّفل والكتاب دراسة أدبيَّة ونفسيَّة. ترجمة مها حسن بحبوح. سوريا. ص ٢٢.

[12]– جعفر عبد الرّازق (1992): أسطورة الأطفال الشّعراء. دار الجليل. بيروت. ط١. ص ١٨.

-[13] عبد اللّطيف الصّوفي (2009): فنّ القراءة. دار الوعي للنّشر والتّوزيع. الجزائر. ط٢. ص ١٦.

-[14]عيسى الشمّاس (2004): أدب الأطفال بين الثّقافة والتّربية. منشورات وزارة الثّقافة. دمشق. ط١. ص ٢٦.

-[15] فاضل الكعبي (2012): كيف نقرأ أدب الأطفال. الأردن. ط١. ص 59.

-[16] فوزي عيسى (2008): أدب الأطفال، الشّعر- مسرح الطّفل – القصّة. دار الوفاء. الإسكندريّة. ط١. ص ٦٦.

[17]– حسين كمال الدّين (2010): أدب الأطفال في المفاهيم والتّطبيق. دار العالم العربي. القاهرة. ص 103.

[18]– حسين كمال الدّين (2010): أدب الأطفال في المفاهيم والتّطبيق. دار العالم العربي. القاهرة. ص 106.

[19]– مريم سليم (2001): أدب الطّفل وثقافته. دار النّهضة العربيّة. بيروت. ط١. ص 51.

[20]– برونو بتلهايم (1985): التّحليل النّفسي للحكايات الشّعبيَّة. ترجمة طلال حرب. دار المروج. بيروت. ط1. ص 15 – 23.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

free porn https://evvivaporno.com/ website