foxy chick pleasures twat and gets licked and plowed in pov.sex kamerki
sampling a tough cock. fsiblog
free porn

الإمامة الإباضيّة في ظل الإسلام

0

الإمامة الإباضيّة في ظل الإسلام

إنعام عيتاني (1)

 

الملخص

إن المذاهب الإسلامية بوصفها مظهرًا روحيًا ودينيًا وتعاملًا اجتماعيًا، اكسبها أهمية كبرى لدى الباحيثين في مسائل التاريخ وقضايا السياسة التي يعرضون لها مكانًا مميزًا في البحوث العلمية والدراسات الفكرية. تعبّر المذاهب عن حالة المجتمعات الإسلامية والخلافات في المسائل التي نشبت بين الفرق الإسلامية المختلفة. وإنطلاقًا من أهمية المذاهب الإسلامية هذه، وبالعودة إلى المكانة التي تحتلها في حياة الشّعوب الإسلاميّة، سنتناول في عرضنا هذا مسألة المذهب الإباضي في الإسلام، والدور الذي أدّته الأحزاب والفرق الدينية أبان الفتح الإسلامي، ابتداءًا من الفتنة في عهد الخليفة عثمان وحتى يومنا هذا.

الكلمات المفتاحية: أصول المذهب الإباضي – الصراع بين الإباضية والخلافة الأموية –  الصراع بين الإباضية والخلافة العباسيّة – نظام الإمامة – مدارس العلوم الدينية الإباضيّة.

Abstract

The Islamic doctrines as a spiritual and religious manifestation and social interaction, it has given it great importance to researchers in matters of history and political issues, for which they place a privileged place in scientific research and intellectual studies. Doctrines reflect the state of Islamic societies and the differences in matters that have been resolved between different Islamic sects. Proceeding from the importance of these Islamic doctrines and returning to the place they occupy in the life of Islamic people. In our presentation, we will address the issue of the Ibadiyya doctrine in Islam and the role played by religious parties and sects during the Islamic conquest starting from the sedition during the reign of Caliph Othman until the present day.

Key Words: The Origins of the Ibadiyya  Doctrine- The conflict between the Ibadiyya and  Umayyad Caliphate – The conflict between the Ibadiyya and Abbasid  Caliphate – Imamate System – Ibadiyya Religious Sciences Schools

1 – مقدمة

أدى خراب سد مأرب في منتصف القرن الخامس الميلادي إلى هجرة العديد من القبائل العربية المستوطنة في اليمن، خاصة قبائل الأزد العربية. فنزلت بعض الأزد في شرق عمان حيث شكل الحيّز الجغرافي مع العوامل السياسيّة والاقتصادية والاجتماعية إلى تبلور المجتمع العماني. كان أزد عمان إبان الفتوحات الإسلامية مكونين من عشائر وبطون أهمها ” بنو معولة بن شمس بن عمر بن غنم بن غالب بن عثمان بن زهران بن كعب بن الحارث بن كعب بن نصر بن عبدالله بن مالك بن نصر بن الأزدي، الحدان بن شمس شقيق معولة بن شمس….هاجر فريق منهم بعد الإسلام إلى البصرة وبقي عدد منهم في عمان”(2). لم يكن سكان عمان من الأزد فقط، بل هنالك قبائل عمانيّة أخرى من أصول يمنيّة وعدنانيّة. لبت هذه القبائل الدعوة إلى الإسلام، فأرسلت الوفود للتعرف إلى الدين الجديد. كان مازن بن غضوبة الطائي أول مسلم عماني يرحل إلى المدينة المنورة للقاء الرسول محمد صلى الله عليه وسلم.

2 – أصول المذهب الإباضي

سافر مازن بن غضوبة من بلدة سمائل إلى المدينة المنورة، والتقى النبي محمد صلى الله عليه وسلم هناك، وأعلن إسلامه. بعث رسول الله محمد عليه السلام عمرو بن العاص إلى عمان لدعوة أهلها للانضمام إلى الدين الحنيف بشكل سلمي. التقى عمرو بن العاص بكل من جيفر وعبد ابني الجلندي لدعوتهما إلى دخول الإسلام. أمّا سبب دخولهم الإسلام، هو السياسة النّبويّة في جمع الزكاة من أموال الأغنياء لتوزيعها على الفقراء من أهل عمان، بدلًا من إرسالها إلى عاصمة الخلافة الإسلاميّة في المدينة المنورة .

لبى أهل عمان النداء وقد أدّوا دورًا بارزًا في نشر الإسلام، ومن أقوال الرّسول في أهل عمان” اللهم اهدهم وأثبهم، اللهم ارزقهم العفاف والكفاف والرضا بما قدرت لهم، اللهم وسّع عليهم في ميرتهم وأكثر خيرهم من بحرهم، اللهم لا تسلط عليهم عدوًا من غيرهم” (3). تسلم إبنا الجلندي دفة الحكم في عمان، بينما استمر عمرو بن العاص في جمع أموال الزكاة والصدقات، حتى وصله خبر وفاة الرّسول محمد صلى الله عليه وسلم، فعاد عمرو بن العاص إلى المدينة المنورة، فدخلت الدولة الإسلاميّة في عصر جديد هو عصر الخلفاء الراشدين.

شارك العمانيون في الفتوحات الإسلامية بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم،”خاصة وأن العمانيين عرفوا بالفضل في الجهاد بالنّفس أو بالمال “(4). قاد والي عمان عثمان بن أبي العاص الثقفي مقاتليه لمحاربة كسرى فارس بطلب من الخليفة عمر بن الخطاب. استطاع العمانيون صدّ الهجمات الفارسية حتى وصلت فتوحاتهم إلى الجهة العراقيّة، وبخاصة البصرة،”التي أصبحت مركزًا للولايات الشرقية “(5).

يعود النّظام الإباضي إلى النصف الثاني من خلافة عثمان بن عفان، وخلافًا للمذهبين الرئيسين الآخرين، السُنّي والشّيعي، فإنّ المذهب الإباضي هو المذهب الوحيد الذي حافظ على نظام الإمامة بعد مقتل الخليفة عثمان بن عفان. اشتدت حدّة الصراع في البصرة في العراق بين رابع الخلفاء الراشدين، علي بن أبي طالب(عليه السلام) ابن عم رسول الله وزوج ابنته فاطمة من جهة، ومعاوية بن أبي سفيان من جهة أخرى. كان من نتائج الحرب الدّامية اللجوء إلى التحكيم في صفين، وقد وافق الإمام علي(عليه السلام) على صيغة التحكيم لدرء الفتنة والحدّ من هدر دماء المسلمين. ناصر الإباضيون الإمام علي بن أبي طالب في حربه ضد معاوية بن أبي سفيان، ” ولم يطعنوا في شرعية علي كخليفة إلا بعد أن تخلى هو نفسه عنها بقبوله التحكيم “(6). كما انشقت عن الإمام علي بن أبي طالب(عليه السلام)  جماعة من أنصاره، عرفوا لاحقًا باسم الخوارج. سعى الخوارج إلى إقناع الإمام علي (عليه السلام) “بالعدول عن قراره: وللوهلة الأولى، توصلوا فعليًا، إلى ثنيه عنه… لكن عليًا نقض إتفاقه مع الخوارج ليتقيّد من جديد، بقرار التحكيم” (7). شكل قبول الإمام علي(عليه السلام)  سياسة التحكيم، بداية الأزمة مع الخوارج، إذ رفضوا التحالف مع الإمام ضد معاوية بن أبي سفيان.

نشأ المذهب الإباضي في العراق إبان الخلاف على الإمامة بين الخليفة علي بن أبي طالب(عليه السلام) ومعاوية بن أبي سفيان على يد الشيخ أبو بلال مرداس بن أدية التميمي، أحد النّاجين من معركة النهروان. جمع الشيخ أبو بلال مرداس أنصاره في منطقة البصرة تحت أسم أهل الدّعوة. وقد انضم عبدالله بن إباض إلى أهل الدعوة، وأبو الشعثاء جابر بن زيد الأزدي العماني. يرفض المذهب الإباضي مبدأي التّعيين والوراثة، “وهم يرون أن تولية أول خليفة بعد وفاة النّبي، أبي بكر الصديق، والخليفة الثاني، عمر بن الخطاب، تجري بالتّعيين، بل باستشارة أهل الحلّ والعقد. وهذا هو الوجه الأول في ما يتعلق بمبدأ الانتخاب “(8). أمّا الاختلاف الحاصل بين الفرقة الإباضيّة والشيعة، إذ تميزت الشيعة “بتعلقها الشديد بخلافة وراثيّة. فلا ينبغي أن يكون الخليفة، الإمام، إلا من قريش، من أهل البيت … ومنصب الإمام، بالنسبة إليها، إلهي، وهي ترفض أن يكون موضع انتخاب….” (9).

3 – الصراع بين الإباضيّة والخلافة الأمويّة

ساعدت الأحداث السياسيّة والاجتماعيّة إبان الحكم الأموي إلى تبني المذهب الإباضي ونشره. وبالنّظر إلى الأوضاع التّاريخيّة، نرى أن اليمن وعمان عانتا من الفقر والظلم وللخلاص من هذه الآفات، تزعّم الإمام عبدالله بن يحي قيادة الثورة ضد الخلافة الأموية. بدأت بوادر الثورة في اليمن لطرد الأمويين، وتعزيز مركزه لنشر الأمن والاستقرار، والحدّ من التّفاوت الاجتماعي بين طبقات المجتمع الإسلامي. توجّه ” صوب العاصمة اليمنيّة صنعاء حيث دارت بينه وبين واليها الأموي معركة شرسة انتهت بهزيمة الوالي الأموي، وفتحت صنعاء ذراعيها للإمام الإباضي وأصبحت مركزًا وعاصمة له” (10).

حكم عبدالله بن يحي حوالى ستة عشر شهرًا، امتاز عهده بالعدل والمساواة بين النّاس، والتّسامح الدّينيّ عبر ممارسة أهل اليمن المذهب السني والجماعة. شنت الدّولة الأمويّة حربها ضد المذهب الإباضي في ” وادي القرى، ولجأ من تبقى منهم إلى المدينة ومنها إلى مكة … وعندما تحركت قوات عبدالله بن يحي من صنعاء لدعم المدافعين عن مكة كانت معركة مكة قد انتهت بهزيمة الإباضيّة وقتل قائدهم الفذّ المختار…..”(11) . قاد عبدالله بن يحي قواته لمقاتلة القوات الأمويّة في مدينة جرش حيث سقط شهيدًا، ما ساعد القوات الأمويّة على التقدم نحو الأراضي اليمنيّة حتى حضرموت، إلا أنّ ” شبام” تميزت “بموقعها الحربي الممتاز، جعل من الصعب على القوات الأموية اقتحامها…..ولهذا طلب القائد الأموي الصلح مع الإمام الإباضي الجديد عبدالله بن سعيد، وهو الذي خلف عبدالله بن يحي بعد مقتله العام 130 ه/747 م” (12). كان من نتائج انتصارات الإباضيّة توسعة رقعة انتشار المذهب الإباضي       ” بعيدًا من السّاحل – خلف سلسلة جبال الحجر ومن ورائها صحراء الربع الخالي” (13) حتى يتسنى لها دعم قواتها لفرض سيطرتها ووصولها إلى المغرب العربي. ازدادت الأمور سوءًا بين الخلفاء والعلماء، فعمت النقمة على الحكام الأمويين وخاصًة الإباضيّة التي عانت من الظلم والاضطهاد.

4 –  الصراع بين الإباضيّة والخلافة العباسيّة

وسّعت الدولة العباسية حدودها إلى بلاد الشّام والعراق. عيّن الخليفة العباسي الأول أبو العباس  السّفاح أخاه جعفر المنصور على العراق، وجناح بن عبادة بن قيس الهنائي على عمان، ثم عزله وعيّن مكانه ابنه محمد بن جناح ” حتى صارت ولاية عمان لهم، فعند ذلك عقدوا الإمامة للجلندي بن مسعود فكانت سببًا لظهور الإسلام وقوة شوكته، وكان عادلًا مرضيًا…..”(14). امتازت ولايته بالعدل، والإحسان، والصدق، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والبصيرة، والمعرفة، والزهد، والعبادة. اشتد النفوذ الإباضي في عهد الجلندي بن مسعود، ما أدى إلى هجرة العديد من أتباع الإباضيّة من اليمن وحضرموت والبصرة إلى عمان ” لتدعيمها وتحقيق استقلال عمان عن الدولة العباسيّة “(15) . شكلت فكرة استقلال عمان استقلالًا تامًا عن الدّولة العباسيّة معضلة جيوسياسية للخلافة العباسيّة ، فقد شكلت منطقة الخليج العربي قوة سياسية واقتصادية، ودينية للخلافة العباسية لتحصين مواصلاتها العسكرية لفتوحاتها الجديدة في الهند وأواسط آسيا. لذلك، لا بدّ من السّيطرة التامة على هذا الممر المائي الحيوي.

أرسلت الدولة العباسيّة “حملة عسكرية بحرية العام 134 هجرية بقيادة خازم بن خزيمة التميمي لضرب الخوارج الصفريّة الذين تجمعوا في جزيرة ابن كاوان بقيادة شيبان بن عبد العزيز اليشكزي”(16) في البحرين. وصلت أفول الصفرية إلى منطقة جلفار الواقعة شمال شرق عمان بعد معارك ضارية. طلبوا الحماية من الجلندي، فلم يسمح لهم الجلندي بالدّخول إلى عمان إلّا في حال اعتناقهم للمذهب الإباضي. غير أن رفضهم، كان سببًا في إشعال الفتن والاقتتال مع الإباضيين في معركة جلفار العام 134 هجرية. أسفرت المعركة عن قتل قائد الصفرية والقائد الإباضي. استغل خازم نتائج الحرب بين الصفرية والإباضية. فأرسل سفنه الى السّاحل العماني لمفاوضة الإباضيين، غير أن الإباضيّة كانت تنظر الى الدولة العباسيّة على أنها دولة ظالمة، فدارت بين الطرفين معارك طاحنة، جرت على جولتين، كانت الغلبة فيها للإباضية. إلا أنّ الجيش العباسي ابتكر خططًا عسكرية جديدة، حيث قام بإضرام النار في منازلهم المصنوعة من السّعف، بالإضافة إلى قتل قائدهم الجلندي بن مسعود. حكم عمان حكام ” أطلق عليهم العمانيون اسم الجبابرة، اتسم عهدهم بشيوع الفساد وتفشي الظلم، ويعبّر أحد المؤرخين العمانيين عن ذلك بقوله: استولت الجبابرة على عمان فأفسدوا فيها وكانوا أهل ظلم وجور”(17). غير أن فقهاء الإباضية وعلماءها استطاعوا عزل ملك الجبابرة من آل الجلندي، وانتخبوا مكانه الإمام الوارث بن كعب الأزدي، تعاقب على حكم عمان عدد من الأئمة الأخيار، فشهدت عمان كثرة الصراعات والنزاعات بين القبائل للسيطرة على الحكم.  لم يقتصر نشاط الدعوة الإباضيّة على عمان، بل تخطتها إلى ” حضرموت واليمن وشمال أفريقيا”(18). هدفت الإباضية الى قيادة المسلمين لتطبيق شرع الله سبحانه وتعالى من خلال مبدأ الشورى في ما يتعلق  باختيار الإمام  بعيدًا من عملية التوريث.

5 – نظام الإمامة

الإباضية مدرسة فكرية “معتدلة من فرق الخوارج، إلّا أّن أصحابها والمنتسبين إليها ينفون عن أنفسهم انتسابهم إلى الخوارج، إذ يعدون مذهبهم مذهبًا اجتهاديًا فقهيًا سنّيًا يقف جنبًا إلى جنب مع مذاهب الشّافعيّة، والحنفيّة، والمالكيّة، والحنابلة……” (19). تستند الإباضيّة إلى خمسة مصادر تشريعيّة: القرآن، السنّة، الإجماع، القياس، الاستدلال. تشكل هذه المصادر مجتمعة روح الدّستور الإباضي. فالإمامة عامود المذهب الإباضي. اختلفت الأمّة الإسلاميّة بعد وفاة رسول الله، وتفرقت إلى ثلاث وسبعين فرقة. اتبعت كلّ فرقة مذهب معين. ينسب المذهب الإباضي الى “الإمام عبدالله بن أباض… هو أقدم المذاهب تاريخًا وأوثقها مصدرًا وأصحها تأويلًا… “(20). فالإمامة فرض والطاعة واجبة للحاكم العادل، أمّا إذا تحول الحاكم إلى مستبد وظالم، فيجب عزله ضمن شروط، ومن هذه الشروط إجماع أربعين عالمًا والخروج من سلطته “وإعلان إمامة الشراء وفي هذه الحالة تصبح الإمامة واجبة” (21) . تنقسم الإمامة إلى أربعة مسالك دينية، وهي:

  • حالة الكتمان، أيّ التّقيّة: تنطلق من عبادة الله وأداء الشّعائر الدّينيّة خفيًة خوفًا من ظلم واضطهاد الحكام.
  • حالة الشّراء أيّ التّضحيّة: يعمل بها في حال ممارسة أسلوب الطغيان والاستبداد من السلطة. يجتمع أربعون عالمًا لاتخاذ القرار للثورة على السّلطة.
  • حالة الظهور، أيّ النصر: يظهر الإمام علنًا لممارسة معتقداته الدّينيّة، ومحاربة الظلم، وإغاثة الملهوف، والتبشير بالمعتقدات الدينية للأحكام الشرعيّة.
  • حالة الدّفاع: أيّ الدّفاع عن النّفس في ظل غياب الإمام. فيستوجب الوضع تعيين إمام يدافع عنهم يسمى إمام الدفاع، ويجب أن يكون إمام الظهور غير إمام الدّفاع لأنّ مهمته محصورة بالدّفاع عن المسلمين الأمنيين.

تتبى الإباضية في دستورها ” مبدأ الاعتدال وترفض مبدأ الخروج: فلا هجوم ولا حرب ضد طرف آخر مالم تتعرض للهجوم” (22). لا يحق للإمام اللجوء إلى غير المسلمين في إمامته، وإذا خالف مبدأ الإمامة استحق العزل أو القتل.

تعتمد خزينة الإمامة على ثلاثة مصادر أساسية للدّخل: المصدر الأول هو الرسوم على صادرات المنتوجات الزراعيّة والحيوانيّة العمانيّة كالتّمور والفواكه والأسماك والمواشي. أمّا المصدر الثاني هو الزكاة. وأخيرًا المصدر الثالث، ضريبة تفرض على التّجار غير المسلمين والأقليات غير العمانيّة، بالإضافة إلى الغنائم من الحروب الأهليّة الدّاخليّة ضد القبائل المعارضة.

6 – مدارس العلوم الدّينيّة الإباضيّة

تعددت النصوص التّاريخيّة حول نشأة المذهب الإباضي، فانقسمت بين عبدالله بن إباض التميمي وجابر بن زيد الأزدي العماني. عاصر عبدالله بن إباض التميمي مرحلة حكم معاوية بن أبي سفيان، وتوفيَّ في أواخر حياة عبدالله الملك بن مروان. ينتمي عبدالله بن إباض التميمي إلى قبيلة تميم، وهي من القبائل المهمّة الموجودة في مدينة البصرة في العراق.

أهتم بالأمور السياسية والتنظيمات العسكرية لتأسيس دولة إسلامية ذات قواعد راسخة مبنية على الكتاب والسُّنة وسيرة الخلفاء الراشدين عبر إقامة حلقات دينية، تضم تلاميذ جابر بن زيد وأنصارهم. كان عبدالله الإباضي على خلاف مع نافع بن الأزرق، مؤسس الأزارقة لحكمه على المسلمين بالكفر، وهي فكرة تتنافى مع قيم الدّين الإسلامي. نشطت الحركة العلمية الدّينيّة، بداية القرن الأول للهجري، فانطلقت من المدينة المنورة عن طريق الأزد الذين نعموا بصحبة رسول الله إلى أنسبائهم من أزد عمان. ويرجح بعض المؤرخين إلى نشأة المذهب الإباضي إلى عدد من علماء الدين، أبرزهم: جابر بن زيد الأزدي العماني، إذ ولد جابر بن زيد العماني في قرية فرق بالقرب من نزوى في عمان، تتلمذ على يد عبدالله بن العباس.، فأسس أول مدرسة إباضيّة في البصرة لنشر علوم الفقه والدين في عمان وقد التحق بها العديد من شباب عمان لتلّقي العلوم الدّينيّة. كذلك، أخذ جابر الأزدي العلم عن صحابة رسول الله، خاصًة أنس بن مالك، وعبدالله بن عمر بن الخطاب وزوجة رسول الله السيدة عائشة أم المؤمنين، ” كان يعمل للرجوع بالدّولة الإسلاميّة إلى نهج أبي بكر وعمر وعثمان في سنى خلافته الأولى، وعلي بن أبي طالب (عليه السلام) قبل التحكيم، وكان يحض تلاميذه على العمل على قيام الإمامة العادلة المبنية على الأصول الصحيحة للإسلام … ” (23).

عاصر الشيخ الجليل العصر الأموي، وحضّ تلاميذه بالإبتعاد عن السياسة والالتزام بالرسالة الدّينيّة العلميّة، وقيام إمامة عادلة وفق الشريعة الإسلاميّة. قاد الحركة الإباضية في السرّ، وذلك لوجود الحجاج بن يوسف الثقفي في البصرة، خاف الحجاج من تعاظم قوة جابر بن زيد، فعمد إلى نفيه، فرجع إلى وطنه عمان، ثم عاد إلى البصرة إذ توفيّ فيها العام ” 93 ه (711 م) “(24).

كان من نتائج نفي جابر بن زيد إقامة علاقة وطيدة مع أهله في عمان، ما ساعده على بث أفكاره ومبادئه لترسيخ دعائم المذهب الإباضي في عمان، ألّف جابر الأزدي موسوعة علمية “عُرِفت باسم الدّيوان أو ديوان جابر… وقيل إن عبدالملك بن مروان وبنيه استولوا على ديوان جابر وحرّموا دراسته ونشره بين الناس، وروى أن العباسيين حرّموا على الناس استنساخه….” (25) .

تضمن الديوان عددًا من الأحاديث النّبويّة المنقولة عن الصحابة وبعض التفاسير الفقهية والدينية، لم تقف الدّعوة الإباضيّة في البصرة، بل نقل تلاميذه مجالس العلم إلى عمان، خاصًة أن الشّعب العُماني، تميّز بنقل السِّير وتفسير الآيات القرآنية والعلوم الدّينية، انطلاقًا من قوله تعالى ﴿ فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون ﴾ (26)،  فجاؤوا بلبنة العلم إلى عمان، فشيدوا صروح المعرفة حيث تتلمذ العديد من العلماء العمانيين الذين برزوا في مجال الحديث والفقه واللغة.

أطلقت أسماء عدة على المذهب الإباضي ومنها: ” الجماعة المسلمة أو المسلمون أو جماعة المسلمين أو أهل الدّعوة، وكانوا يقبلون تسميتهم باسم المحكمة لأنّهم أبوا تحكيم الرجال في الدين، وقالوا لا حكم إلا لله، كما تسموا بأهل الاستقامة، وتسموا باسم الوهيبة نسبة إلى عبدالله بن وهب الراسبى ” (27). لم يقتصر انتشار المذهب الإباضي على عُمان، بل تعدتها إلى اليمن إذ ظهرت الإمامة في اليمن ” على يد طالب الحق، عبدالله بن يحي الكندي العام 129 ه/ 746 م ” (28). وما زالت موجودة إلى اليوم في   ” بلاد المغرب العربي، وخاصة جبل نفوسة في ليبيا وجزيرة جربة في تونس ومنطقة وادي مزاب في جنوب الجزائر “ (29)، نذكر منهم على سبيل المثال: الربيع بن حبيب الفراهيدي الأزدي العُماني البصري، أبو صفره عبدالملك بن أبي صفره…..

أقام ربيع بن حبيب الفراهيدي معظم أيام حياته في البصرة، يتلقى علومه حتى عاد إلى وطنه عمان. يعدُّ كتابه الجامع الصحيح من الكتب المهمذة التي تضمنت شرح المذهب الإباضي في الحديث النّبوي الشريف.

أمّا العالم الثاني، كان أبو صفره عبد الملك بن أبي صفره. ألّف كتاب جامع أبي صفره ” ويحتوي هذا الجامع على أحاديث تتأكد على الإمام التّابعي جابر بن زيد، وقد كانت رواية أبي صفره عن شيخه الربيع بن حبيب عن ضمام بن السائب عن جابر بن زيد ” (30).

تأسست مدرسة العلامة موسى بن أبي جابر بمدينة أزكي في القرن الثالث للهجرة، تخرّج من تلك المدرسة عدد من العلماء الأجلاء لهم مؤلفات عديدة في الفقه والدّين، نذكر منهم على سبيل المثال:

  • الشّيخ موسى بن علي، ألّف جامع أبي علي في الفقه، وهو من كتب الفقه التي تتألف من مجلدين.
  • الشّيخ محمد بن محبوب الرحيلي، ألّف كتاب في أصول الفقه، تضمن سبعين جزءًا.
  • الشّيخ بشير بن محمد بن محبوب، ألّف أربعة كتب، وهي: الخزانة، والمحاربة، وكتاب في التوحيد، والبستان.
  • الشّيخ أبو المؤثر الصلت بن خميس الخروصي، يمتاز كتابه البيان والبرهان بمناقشة مسائل الفقه بالشّرح والتوضيح والإستدلال.
  • الشّيخ أبو الأزهر بن محمد بن جعفر الأزكوي، “طبعت وزارة التراث القومي والثقافة بسلطنة عمان الطبعة الأولى “من كتابه جامع أبن جعفر وهو كتاب في ثلاثة أجزاء”(31).
  • العالم أبو الحوازي، ومن مؤلفاته: جامع أبي الحواري، الدّراية في تفسير خمسمائة آية، رسالة أجاب فيها أباضية حضرموت على مسائل في الفقه، كتاب في الفقه (مفقود)، وليس في متناول الدارسين.

شكل التأليف الجماعي العماني منطلقًا لفن التأليف ضمن موسوعات فقهيّة. ضمت أنواعًا مختلفة ومتنوعة للإفتاء الشّرعي، وبالنظر إلى المكتبة العلمية العمانية، نرى أن العلامة أبي سعيد الكدمي من العلماء الكبار المهمّين الذين ناقشوا قضية الخلافات والأرآء المتضاربة حول الإمامة. إذ تعرضت عمان في أيامه إلى خلاف حول الإمامة بين الإمام راشد بن النصر والإمام الصلت بن مالك، “وما نتج عن ذلك من انقسام الناس إلى طائفتين نزوانيّة ورستاقيّة، واستطاع الإمام أبو سعيد بمحكم آرائه أن يقف أمام الطائفتين وأن يسوّي ما بينهما من خلافات، وأن يقضي على هذا النزاع، ما يدل على آرائه ثبوت قدمه على صرح العلم وعلى سياسته المقنعة التي ناقشت تلك النزعة… ” (32). من هنا، أصدر العلامة أبو سعيد الكدمي كتاب الاستقامة الذي تناول مسألة الانقسام بين الرستاقيّة والنزوانيّة، فانسد باب الفتنة بين الفريقين. أعطى المذهب الإباضي مكانة قوية لعلماء الدين لم يعطِها أي مذهب ديني آخر لأيّ إمام.

 

7 – الخاتمة

شكلت الفتنة في عهد الخليفة عثمان بن عفان منطلقًا للانشقاق العقائدي حول منصب الخلافة، ازدادت حدته في عهد الخليفة علي بن أبي طالب(عليه السلام) ومعاوية بن أبي سفيان، فأدت حركة النّزاع إلى بروز فرقة الخوارج التي عارضت سياسة التحكيم، ونادت باعتماد سياسة تعيين خليفة للمسلمين عن طريق الشورى.

كان من نتائج معركة نهروان انشقاق المسلمين إلى فرقتين. اختارت فرقة منهم البصرة مكانًا لبداية دعوتهم السّرية خوفًا من بطش السلطة الأموية. قاد هذه الفرقة أبو بلال مرداس بن أدية التميمي الذي تبنى آراءًا إسلاميّة وأفكارًا معتدلة. سمي المعتدلون بالقعدة لأنهم رفضوا الجهاد ومحاربة المنشقين من المسلمين، ثم انقسمت القعدة إلى فرقتين: الصفرية والإباضيّة. تعددت الآرآء حول تسمية هذه الفرقة بالإباضيّة، فمنهم يرجع نسبها إلى عبدالله بن إباض ومنهم من يُعدُّ أن جابر بن زيد إمامهم الأكبر ومؤسس الحركة، وأن عبدالله بن إباض هو من التّابعين للإمام جابر بن زيد الأزدي.

تناولت المصادر الإباضيّة فصولًا حول حياة جابر بن زيد ومعتقداته وأفكاره لدعم الحركة الإباضية، وتشير تلك المصادر إلى أنّ أعداد التابعين للحركة الإباضيّة قد إزداد في عهده، فقد شملت جماعات من قبائل الأزد، فوصلت إلى البصرة وعمان وخراسان. اتبع جابر بن زيد التّقيّة الدّينيّة التي ساعدته في ضم العديد من النّاس حوله وتبني آرائه ومبادئه حتى غدت الإباضيّة حركة إسلاميّة ضمت العديد من القبائل والأجناس.

خلف أبو عبيدة مسلم بن أبي كريمة التّميمي العالم الديني جابر بن زيد، واستمر في نشر دعوته سريًا عبر تنظيم حلقات دينيّة، وإنشأ مؤسسة تعليميّة سرية لتعليم وتدريب الدّعاة من المشايخ. فقد أرسلوا إلى دول العالم بغية نشر الدّعوة، وتبيان أسس الحركة الإباضيّة القائمة على الألفة والمحبة والتعاون. استغل مشايخ الإباضيّة الأوضاع السياسية إبان الحكم الأموي لإعلان الإمامة في بعض المناطق، لكن الدولة الأموية حاربتهم وقضت على إمامة اليمن وحضرموت، بينما تولت الدولة العباسيّة القضاء على إمامة عمان، اشتدت أواصر الحركة الإباضيّة زمن عمر بن عبدالعزيز، تميّز عهده بالتّسامح الدّيني ونشر العدل، فعادت الإمامة إلى الظهور.

اهتم الإباضيون بالعلوم الدينية، فتركوا كتابات وفيرة ومتعددة حول أحداث الإمامة وأخبار الأئمة والصراعات المذهبية إبان الحكم الأموي والعباسي، وأخبار الإمامة خلال القرنين الحادي عشر والثاني عشر إذ بلغت الإمامة ذروتها أيام حكم قبيلة بني نبهان الذين عُدُّوا جبابرة. حافظت الإباضية على تعاليم الدين الحنيف، فترك علمائها زخر من المخطوطات الدّينيّة التي تتضمن إرث المذهب الإباضي. حافظت السلطنة العمانية على إرثها، فأصدرت العديد من المراسيم السلطانية بإنشاء المكاتب لجمع وحفظ وتحقيق ونشر المخطوطات، وفتحت المجال أمام العديد من الباحثين العمانيين والأجانب للإطلاع على تلك المخطوطات ودراستها، لتسهيل نشرها والاستفادة من خبرات العلماء السابقين لدراسة المستقبل.

 

8 – الهوامش

 

  • طالبة دكتوراه في التاريخ – الجامعة اللبنانية-  المعهد العالي للدكتوراه في الآداب والعلوم الإنسانية والاجتماعية- قسم التاريخ – لبنان – سن الفيل.

www.inaamitani9@gmail.com

2- وزارة الإعلام، عمان في التاريخ، سلطنة عمان ودار اميل للنشر المحدودة، لندن، 1995،  ص 109.

3- العلامة الشيخ نور الدين عبدالله بن حميد السالمي، تحفة الأعيان بسيرة أهل عمان، الجزء الأول، مكتبة الإستقامة، ص 54 – 55.

4- وزارة الإعلام، عمان في التاريخ، مصدر سبق ذكره، ص 122.

5- المصدر نفسه ، ص 123.

6- حسين غباش، الديمقراطية الإسلامية تقاليد الإمامة والتاريخ السياسي الحديث (1500 – 1970)، ترجمة انطوان حمصي، دار الجديد، 1997، ص 40.

7- المرجع نفسه ، ص 52.

8- المرجع نفسه ، ص 66.

9- المرجع نفسه ص 66.

10- وزارة الإعلام، عمان في التاريخ، مصدر سبق ذكره، ص 211.

11- المصدر نفسه، ص 212.

12- المصدر نفسه. ص212.

13- عبدالحميد الموافي، عمان بناء الدولة الحديثة، مطابع الاهرام التجارية، مصر، 2002، ص 35.

14-  العلامة الشيخ نورالدين عبدالله بن حميد السالمي، تحفة الأعيان بسيرة أهل عمان، مصدر سبق ذكره، ص 88.

15- وزارة الإعلام، عمان في التاريخ، مصدر سبق ذكره، ص 152.

16- محمد العقيلي، الإباضية في عمان وعلاقاتها مع الدولة العباسية في عصرها الأول، تراثنا،                 العدد 60، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، اكتوبر 1984، ص 20.

17- وزارة الإعلام، عمان في التاريخ، مصدر سبق ذكره، ص 153.

18- محمد العقيلي، الإباضية في عمان وعلاقاتها مع الدولة العباسية في عصرها الأول، مصدر سبق ذكره، ص 9.

19- www.ar.m.wikipedia.org

20- العلامة الشيخ نورالدين عبدالله بن حميد السالمي، اللمعة المرضية في أشعة الإباضية،   تراثنا، العدد 18، الطبعة الثانية، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، 1983، ص 8.

21- حسين غباش، الديمقراطية الإسلامية تقاليد الإمامة والتاريخ السياسي الحديث (1500 – 1970)، مرجع سبق ذكره، ص 67.

22- المرجع نفسه ، ص 83.

23- وزارة الإعلام، عمان في التاريخ، مصدر سبق ذكره، ص 209.

24- المصدر نفسه ، ص 234.

25- المصدر نفسه ص234.

26- المصدر نفسه ، ص 209.

27- القرآن الكريم، سورة التوبة، ص 122.

28- وزارة الإعلام، عمان في التاريخ، مصدر سبق ذكره، ص 210.

29- عوض خليفات، نشأة الحركة الإباضية، مطابع دار الشعب، الأردن، 1978، ص 26.

30- وزارة الإعلام، عمان في التاريخ، مصدر سبق ذكره، ص 235.

31- المصدر نفسه ، ص 236.

32- المصدر نفسه ، ص 238.

  • – المصادر والمراجع

1- القرآن الكريم، سورة التوبة.

2- وزارة الإعلام، عمان في التاريخ، سلطنة عمان ودار اميل للنشر المحدودة، لندن، 1995.

3- محمد العقيلي، الإباضية في عمان وعلاقاتها مع الدولة العباسية في عصرها الأول، تراثنا،                 العدد 60، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، اكتوبر 1984.

4- الشيخ نورالدين عبدالله بن حميد السالمي، اللمعة المرضية في أشعة الإباضية،   تراثنا، العدد 18، الطبعة الثانية، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، 1983.

5- العلامة الشيخ نور الدين عبدالله بن حميد السالمي، تحفة الأعيان بسيرة أهل عمان، الجزء الأول، مكتبة الإستقامة.

6- خليفات، عوض، نشأة الحركة الإباضية، مطابع دار الشعب، الأردن، 1978، ص 26.

7- غباش، حسين، الديمقراطية الإسلامية تقاليد الإمامة والتاريخ السياسي الحديث (1500 – 1970)، ترجمة انطوان حمصي، دار الجديد، 1997.

8- الموافي، عبدالحميد، عمان بناء الدولة الحديثة، مطابع الأهرام التجارية، مصر، 2002.

المواقع الإلكترونية

9- www.ar.m.wikipedia.org

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

free porn https://evvivaporno.com/ website