foxy chick pleasures twat and gets licked and plowed in pov.sex kamerki
sampling a tough cock. fsiblog
free porn

البحريّة الإسلاميّة النشأة والتّطوّر

0

البحريّة الإسلاميّة النشأة والتّطوّر

Islamic Navy  

     (beginning of birth and development)

Dr.naser korhani                                  د.نصر قرحاني([1])

ملخص البحث

        يتناول هذا البحث موضوع البحرية الإسلاميّة، منذ بداية نشأتها وتطورها حتى باتت في وقتٍ من الأوقات في أوجّ ازدهارها، فخدمت الرسالة الإسلاميّة من خلال الفتوحات واتساع رقعتها الجغرافيّة.

في طبيعة الحال لم يكن العرب في شبه الجزيرة العربيّة، وقد انطلقت الدّعوة الإسلاميّة وهم يغفلون عن السّفن وعن ركوب البحر، بل كانوا ضالعين في هذا المجال عارفين بالبحر رابطين الإبحار بالمسار الفلكي.

لقد استطاعت البحرية الإسلاميّة أن تساعد الأهداف القائمة على الفتح للمدن والجزر والثّغور البحريّة، فوصل المسلمون إلى مناطق بعيدة بفضل تطور أساطيلهم البحريّة.

الكلمات المفاتيح: الإسلام- البحر- الدولة الإسلاميّة- الدولة الأمويّة- الدولة العباسيّة- المغرب العربي- الميناء- التجارة -الأسطول البحري

ABSTRACT:

This research deals with the issue of the Islamic Navy, from the beginning of its establishment and development until it became at the height of its prosperity at one time, so it served the Islamic message through the conquests and the expansion of its geographical area.

Naturally, the Arabs in the Arabian Peninsula, where the Islamic call was launched, were not ignorant of ships and sea travel. Rather, they were involved in this field, knowing the sea and linking sailing to the astronomical path.

The Islamic navy was able to help the objectives based on the conquest of cities, islands and sea fronts, so the Muslims reached distant areas thanks to the development of their naval fleets.

Keywords: Islam- the sea- Islamic country- Umayyad state- Abbasid Caliphate- The Arab Maghreb- port- commerce- Naval fleet.

 

المقدمة

إنّ البّحر بلا شكّ، آيةٌ من آيات الله سبحانه وتعالى، والتي وضعها في الأرض لتكون للنّاس مُنفعة وله أدوار عديدة في الدّائرة الكونية، وقد استفاد الإنسان ما قبل الحقبة الإسلاميّة منه في التجارة والإبحار وصيد الأسماك، إذ إنّ العديد من الأمم التي سبقت ظهور الدين الإسلاميّ كان لها سفن تجارية وأساطيل بحرية عسكريّة.

ومع ظهور الإسلام في شبه الجزيرة العربية، لم يكن المسلمون يمتلكون السّفن، مع العلم أنّها كانت توجد في بعض الموانئ الواقعة على أطراف الجزيرة العربيّة، ومنها انتقلوا إلى الحبشة هربًا من بطش قبيلة قريش، ولكنّ توسّع رقعة دولة الإسلام وازدياد الفتوحات الإسلاميّة للمدن والبلدان والثّغور لا سيما البحريّة منها، فرض على المسلمين امتلاك اسطول بحري، يكون قادرًا على فتح الجزر البحريّة وقادر على مقارعة كبار الأساطيل في البحر.

توسعت دائرة الفتح الإسلاميّ شرقًا وغربًا، ووصل الفاتحون إلى بلاد المغرب العربي، والذي يمتدّ على مسافةٍ كبيرة على أطراف الشقّ الغربي من البحر الأبيض المتوسط، فهو مقابل الشواطئ الأوروبيّة، وقد تطلّع المسلمون إلى فتح تلك البلاد، فنجحوا في الوصول إلى الأندلس وفتحها، ووصلت تهديداتهم إلى سواحل إيطاليا.

كانت السفن الحربية التي بحوزتهم، تساعدهم في نقل الجند والانتصار في المعارك إذا ما وقعت في البحر، لكن بلا شكّ، فإنّ نشأة البحريّة الإسلاميّة وتطوّرها قد أسهم إلى حدّ كبير في تطوّر واتساع الرقعة الجغرافية للفتح الإسلاميّ.

أولًا: أهداف البحث وأهمّيته

        تكمن أهمية البحث في كشف النّقاب عن بداية نشأة البحرية الإسلاميّة، وبداية انطلاقها، إذ سيساهم في إبراز دور البحر في تحقيق الفتوحات والانتصارات، والدّور النّشط الذي أدته البحري الإسلاميّة، لا سيما في بلاد المغرب العربي المقابلة للشواطئ الأوروبيّة على وجه الخصوص.

ثانيًا: أسباب اختيار البحث

تكمن دوافع اختيار هذا البحث في الرّغبة الكبيرة في التعمّق أكثر بالدّراسات الإسلاميّة، لذلك جاء التركيز على البحرية لما لها من أهمية كبرى في الفتوحات، لا سيما في الوقت الذي كانت فيه تنشط وفي أوجّ ازدهارها، فقد ساعدت في الحفاظ على بلاد الأندلس وشواطئ المغرب العربي والمدن الإسلاميّة في المغرب العربي.

ثالثًا: الإشكاليّة

        من خلال التعرف إلى أهمية البحث وأهدافه وأسباب اختياره تتكون الإشكاليّة الأساس لهذا البحث على الشكل الآتي:

كيف كانت بداية نشأة البحريّة الإسلاميّة، وتطورها، وماهي العوامل التي ساهمت في تفوّقها؟

رابعًا: الفرضيات

  • الفرضيّة الأولى: لم تكن صناعة السّفن أو امتلاكها بالشيء الجديد لدى العرب في شبه الجزيرة العربيّة، بل كانت موجودة وكان العرب يركبون السّفن، ويشقون طريقهم في البحر حيثما كانت وجهتهم بالأخص في سبيل التجارة.
  • الفرضيّة الثانية: أحدث الإسلام تطورًا نوعيًّا من خلال التّشجيع على الملاحة البحريّة، وتوحيد الجزيرة العربية، وبعدما توسعت رقعة الإسلام بدأ الخلفاء المسلمون ينشطون على مستوى البحر.
  • الفرضيّة الثالثة: تطورت البحرية الإسلاميّة في عهد العباسيين، وقد استخدموا الأساطيل البحرية لاستكمال الفتوحات التي قد بدأها الأمويون.

خامسًا: منهجيّة البحث

يعتمد البحث على المنهج الاستقرائي القائم على قراء متمعّنة للوقائع والروايات التاريخيّة، ثم المنهج السردي التحليلي، القائم على سرد الأحداث وتحليلها للوصول إلى النتائج العلميّة المرجوة.

سادسًا: أطر البحث

  • الإطار الزماني: منذ بداية الإسلام وحتى بداية تطور البحرية الإسلاميّة
  • الإطار الموضوعي: دراسة هذا التطور وأحداثه وفاعليته على مستوى الفتح الإسلاميّ وكيفية خدمته للإسلام والدفاع عنه.
  • الإطار المكاني: حدود الدّولة الإسلاميّة على اتساع رقعتها.

سابعًا: الدراسات السابقة

  • البحريّة الإسلاميّة في بلاد المغرب من الفتح الإسلاميّ حتى قيام الدولة الفــــــــاطميّة: سلام جاسم حمد، رسالة ماجستير، جامعة بنها، كلية الآداب – التاريخ والآثار الإسلاميّة والمصرية، 2019م.
  • سالم: عبد العزيز؛ العبادي: مختار أحمد، تاريخ البحرية الإسلاميّة في المغرب والأندلس، يتناول الكتاب النشأة الأولى للجيش البحري الإسلاميّ، وأدواره في نشر الإسلام، ثم يعرج إلى بلاد المغرب الإسلاميّ التي كانت شاهدةً على تطوّر الأسطول البحري الإسلاميّ وهزيمته للأسطول البحري البيزنطي، وهكذا بسط المسلمون سيطرتهم على تلك الجزر البحرية وانتقلوا منها الأندلس.

أوّلًا: البحر والعرب ما قبل الدّعوة الإسلاميّة

كانت العلاقة بين العرب منذ العصور القديمة مع البحر علاقة قويّة، و قد شكّلت هذه العلاقة مرآة الحضارة العربيّة، فمن خلال البحر عبَرَت تجارتهم  نحو المناطق المجاورة جميعها، وكذلك تجارة العالم أجمع، ومن خلاله استطاعوا تصدير الثقافة العربية وما تتألف منه مجتمعاتهم من حضارة، ما عزّز في إغناء تراث الحضارة الإنسانيّة([2])، ومن خلال البحر أيضًا استقبل العرب القدماء الثقافة من العالم، وضافوها إلى حضاراتهم، وامتد النّشاط العربي البحري نحو الصين شرقًا، ووصلوا إلى أوروبا وايسلندا غربًا([3]).

كان يقال عن العرب قديمًا، أنّهم أولاد الصحراء، وأنّهم لا يملكون معرفة بالبحر وركوبه ولا دراية، وقيل إنّهم لم يركبو السفن من قبل قطّ وإنهم راكبو الخيل والإبل فقط، إلّا أنّ الحقائق التّاريخيّة تدحضُ هذه الافتراءات، فقد كان العرب على معرفة واسعة بالبحر، وخاصّةً العرب القاطنين في الخليج و منطقة الجنوب، فقد صعدوا السّفن بها  تجاه البحر الأحمر، ومنه إلى الساحل الشرقي لإفريقيا، فأقاموا عدّة نقاط تجارية ثابتة لهم في تلك المناطق، كما أبحرت السّفن العربيّة في القديم نحو الهند شرقًا ينقلون التّجارة منها وإليها وجلبوا معهم الخشب من هناك ليصنعوا بها سفنهم ([4]).

إنّ أول النّاس من بنى مدينة جدّة الواقعة في ساحل شبه الجزيرة العربية هم العرب العاملون في صيد الحيتان من البحر، واستقرّ ” قضاعة” الابن الثاني لمعد بن عدنان، جدّ النبي محمد صلى الله عليه وسلم فيها، وقد أطلق عليها اسم جدّة نسبة إلى أحد أبنائه وهو (جدّة بن جرم بن ريّان) ، وكان ذلك قبل أن يظهر الإسلام بعدّة قرون([5]).

وكان العرب يستعملون في إبحارهم طريقة اكتشاف الرياح الموسميّة في الرحلات التّجاريّة نحو المحيط الهندي، وقد كانت الحقبة الزمنيّة التي سبقت اكتشاف العرب سرّ الملاحة الموسميّة، قد سبقها عبور السفن القديمة المُستخدمة للملاحة عبر شاطئ البحر في الهند([6]).

هذا وقد امتلك العرب في الجاهليّة علوم الفلك والنجوم، بما يرتبط بها بمطلعها ومغيبها، وكان ذلك قبل ظهور الدّين الإسلاميّ بقرون عديدة ([7])، هذه المعرفة بعلم الأبراج والفلك والنجوم ساقتهم إلى الاهتداء بعلم النجوم في رحلاتهم البحرية الجنوبية، وأطلقوا عدّة أسماء على النجوم منها : (النجم الثابت في الجنوب ) عُرف في ما بعد باسم (غيوم ماجلان ).

ويقال إنّ الملاحة  قد تطوّرت في المنطقة العربيّة، ونشطت بعد الفتح المقدوني لبلاد الهند، وقد أصبحت الصلة أمتن بين  الموانئ جميعها في الجزيرة العربية وبين الموانئ  الواقعة في البحر الأحمر، وبين السواحل الهنديّة من ناحية أخرى، ولكنّ اللافت في الأمر أنّه بعد الفتح المقدوني، وقعت هذه المنطقة تحت الحكم اليوناني، إلّا أنّ العرب كانوا باسطي نفوذهم على التجارة البحرية وحركة الملاحة([8]).

وقد تناول المؤرخ اليوناني (آجاثاركيدس) وصف الملاحة العربيّة، فذكَرَ مهارة عرب  قوم سبأ وقوتهم وبأسهم وشدّتهم، وقال إنّهم يبحرون بواسطة  سفن كبيرة نحو البلاد التي يستوردون منها العطور، فيُنشؤون فيها مستعمرات لهم([9]).

تعاقب على الجزيرة العربية العدد من الدول، التي لم تدّخر جهدًا من أجل السّيطرة على تلك المناطق لموقعها الجغرافي المميّز، وقربها من المياه، ( إغريق وفرس و الدّولة الرومانية)، ولمّا اقترب العصر الميلادي، كان حوض البحر المتوسط يتمتع باستقرار على المستوى السياسي والاقتصادي والعسكري، وكان الرّومان قد تحوّلوا إلى دولة و إمبراطوريّة عظمى. ثم من أجل استيراد المنتوجات من بلاد المشرق بدأت سفنهم تشقّ البحار، وقد نجحوا في الملاحة البحرية في المحيط الهندي والبحر الأحمر، من خلال التعامل مع الرياح الموسمية([10]).

ثانيًا: بدء استخدام البحر من المسلمين

بعد أن بزغ فجر الإسلام، وانتهى العصر الجاهلي، لم تنتهِ عادات العرب وتقاليدهم جميعها، بل ظل البعض منها قائمًا، فبقيَ العرب هنا وهناك يتردّدون بين الحين والآخر على سفنهم، وكانت الحبشة في تلك الأثناء بلادهم الثانية، لأنّها دولةٌ ذات موانئ بحريّة، يذهبون إليها متى أرادوا ويرحلون عنها متى شاؤوا، كذلك الرومان كانوا يبحرون في البحر الأحمر ذهابًا وإيابًا، كما إنّ إحدى السفن الرومانية تحطّمت بالقرب من ميناء جدّة، فاشترت قبيلة قريش أخشاب تلك السفينة، وسقفت بها سطح الكعبة ([11]).

بعد أن انتشرت الدّعوة الإسلاميّة، واشتدّ الأذى والظلم على المسلمين، أَذِن الرسول صلى الله عليه وسلم للمسلمين بالهجرة إلى بلاد الحبشة واجتياز البحر، وهكذا قامت مجموعة من المسلمين مُكوّنة من أحد عشر رجلًا وأربع نساء، بالهجرة عبر ميناء جدّة إلى الحبشة، بواسطة سفينتين تجاريتين تستعدان للإبحار، فصعدوا على متنها، ثم لحقَ بهم مُوفَدُ قريش على إثرهم، وفشل في مهمّته([12]).

وبعد الهجرة النبوّية إلى المدينة المنوّرة، رجعت فئة من المسلمين إليها. وفي السنة السادسة للهجرة، كتب رسول الله ﷺكتابًا إلى ملك الحبشة النجاشيّ ، فبادر الأخير بدوره إلى انتداب وفد أرسله إلى المدينة المنوّرة مؤلف من ستين رجلًا، إلّا أنّ الوفد لم يستطع الوصول بسبب تحطّم السفينة في عرض البحر نتيجة أسباب طبيعيّة([13]).

رجع المسلمون من بلاد الحبشة للمدينة في السنة 7ه، بعد أن أعادهم النجاشيّ عبر سفينتان أبحرتا بهم من أرض الحبشة إلى ميناء ” الجار” في المدينة المنوّرة ([14])، و الذي يقع في الجزيرة العربية خلف ميناء العقبة (إبله) ، ثمّ عقب نزولهم في الميناء ساروا مسافة يوم وليلة حتى وصلوا إلى المدينة([15]).

استطاع العصر إحداث تقدّمًا نوعيًّا في  مجال الملاحة العربية، فقد اهتم بمنطقة الخليج العربي، من خلال إرسال الدعاة إليه، في سعي جدّي لتوحيد الأراضي العربية تحت راية التوحيد . وقد كان اهتمام الرسول محمد ﷺ ومن بعده الخلفاءَ الراشدين بمنطقة الخليج العربي،  وهذا ما يحمل بين طيّاته إشارةً مهمّة على علم المسلمين بأهميّة تلك المنطقة الجيوستراتيجيّة، فما إن استقرّت لهم الأوضاع،  حتى بدأوا بممارسة نشاطهم البحري في منطقة الخليج العربي، وفي السّنة الرابعة عشرة للهجرة، أرسلَ والي البحرين  واسمه “العلاء بن الحضرمي”([16]) حملة عسكريّة بحرية استطاعت تحقيق مهمتها بنجاح ([17])، وفي العام 23ه أرسل “عثمان بن أبي العاص”([18])، والي البحرين وعمان، حملة بحرية ثانية حققت انتصارًا كبيرًا  من خلال الخليج العربي ([19]).

ومع مرور الوقت، كانت الملاحة الإسلاميّة في ازدياد مستمرّ، فمنذ عهد الخليفة عثمان بن عفّان رضي الله عنه (23 هـ/ 35 هـ)، ظهرت السفن العربيّة الإسلاميّة في بلاد الهند، ثم توالى النشاط الملاحي العربي الإسلاميّ الحربي والتّجاري على حدٍّ سواء. فقد أبحرت سفن عربيّة من عمان والبحرين متجهةً إلى مصب “نهر مران”، وقد أُخضِع ملك كابل ليدفع الجزية للمسلمين سنة(44 هـ/ 664 م)  ([20])، ثمّ بعد ذلك  فتح العرب المسلمون بلاد السند أيّام الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك (86 ه)([21])، وظهر في القرن الأول الهجري/ السابع الميلادي مراكز عديدة في البحر لاسيما في مناطق الخليج العربي مثل البحرين ودارين وعمان والإبلة .

ثمّ عقب قيام الأمويين بفتح بلاد السند، بدأت الرحلات البحرية بالانتظام بين السند و ميناء البصرة، ثم في في عام 159ه، إستكمل العباسيون الفتوحات الإسلاميّة،  حيث قام الخليفة المهدي بإرسال حملة بحرية تحت قيادة عبد الملك بن شهاب المسمعي إلى سواحل منطقة الكجرات في الشمال الهندي ([22])، فحققت الحملة نجاحًا باهرًا في مهمتها إلى أن وصلت حدود مدينة (باربد)([23]).

ثالثًا: الملاحة الإسلاميّة في المشرق العربي

يبدأ الطريق البحري في المشرق بدايةّ من البصرة إلى الإبلة وصولًا إلى سيراف([24])، حيث تنقسم الطريق البحرية عند ميناء سيراف إلى اتجاهين: الأول نحو إيران وبلاد السند والسّاحل الهندي، والثاني ينطلق من سيراف إلى ميناء صحار في عمان، فتتزود السفن بما تحتاجه من ماء وطعام، ثم تتابع إبحارها نحو الساحل الهندي، وكان الطريق الأول أطول من الثاني، إلّا أنّ الطريق الأول يتيح للسفن التجارية التوقف في العديد من المحطات البحرية، والتعرف على السكان ورغباتها، وبالتالي يتيح للتجار إمكانية البيع بشكل أفضل، ودرّ الربح الوفير([25]).

رابعًا: الملاحة البحرية نحو الشمال الإفريقي

كانت طريق السفن العربية من حيث اتجاهها نحو الشرق الإفريقي يبدأ من المراكز البحرية المتعددة ، من البصرة أو من سيراف أو من عمان، حيث تنطلق من الخليج العربي باتّجاه عدن ثم إلى البحر الأحمر لتقطعه إلى السواحل الشرقية للبحر الأحمر، عند مدينة  مدغشقر والصومال وزنجبا، وأقصى ما تصل إليه الملاحة العربية هي منطقة سفالة([26]) .

خامسًا: تطوّر البحرية الإسلاميّة وتفوّقها

مع نهاية القرن الثاني للهجرة وبداية القرن الثالث، بدأت القوة البحريّة البيزنطية تتراجع نحو الخلف، حيث لم تعد تلك القوّة ممسكةً في زمام السيطرة العسكرية، في ما كانت بلاد المغرب الإسلاميّ بما تعاقب عليها من دول، تتجه نحو التفوق البحري، نتيجة الجهود المبذولة والمحاولات الحثيثة للسيطرة على كامل المناطق والجزر البحرية التي كانت تقبع تحت الحكم البيزنطي، إذ تركز الاهتمام على البحر المتوسط، وقد استفاد المسلمون من الاضطرابات العديدة التي كانت تقضّ مضاجع الدولة البيزنطية من الداخل، على غرار ما حصل من حرب أهليّة سنة 206-208ه/ 821م-823م، والتي أصابت القوة البحرية البيزنطية بالضعف والتقهقر([27]).

لقد قدمت طبيعة البلاد المغربيّة الجغرافيّة الممتدة على سواحل البحر الأبيض المتوسط  المساعدة الكبيرة للمسلمين في بناء مراسي عديدة للسفن فضلًا عن إقامتهم دورًا لصناعتها، فقد ساعد تعدد المراسي ووفرتها في إضافة نقطة من نقاط القوّة التي حفل بها سجل البحرية الإسلاميّة، فأُنشئت القواعد البحرية لإرساء السفن فيها والإقلاع منها خاصةً في المناطق التي تحتوي في تضاريسها على الخلجان، والتي تنكسر فيها السواحل نحوَ الداخل من اليابسة، فتساعد السفن على الإرساء بأريحيّة بعيدًا من التيارات البحرية التي قد تعيق حركة إرساء السفن وإبحارها، ومن المرافق البحرية المهمّة التي تم أُنشئت هو مرسى تونس([28]).

ومن النقاط القوة التي كانت في جعبة بلاد المغرب الإسلاميّ والتي ساهمت في تفوّق البحرية الإسلاميّة على البحرية البيزنطيّة في القرن الثالث هجري، كان تعدد الدور التي تعنى بإنشاء وصناعة السفن لا سيما الحربية منها، فاحتوَت تونس على دارًا فيها لصناعة السفن، بعد أن أدرك الولاة العرب الذين استلموا الحكم فيها أهمية أن يقام بها دارًا على سواحلها من أجل تزويد الجيش الإسلاميّ وتدعيمه بأسطول بحرية يساعده في عملية الفتوحات وتسريعها، ويعود إنشاء دار صناعة السفن في تونس إلى العهد الأموي وقد بُنِي في سنة 84ه، ثم مع مرور الوقت، أصبحت تونس من الثغور الإسلاميّة المهمّة في بلاد إفريقية، ومنها انطلقت عدّة عمليات جهادية لغزو الجزر في البحر الأبيض المتوسط، وقد جُدِّدت هذه الدّار في القرن الثالث للهجرة عندما سيطرة دولة الأغالبة على المغرب الإسلاميّ، بالتّزامن مع اتجاه حكام هذه الدّولة للعناية بحماية السواحل من الخطر البيزنطي، بالإضافة إلى تطلعاتهم  لنشر الإسلام في كامل جزر البحر المتوسط وصولًا حتى جنوب إيطاليا([29]).

سادسًا: بعض الجزر البحرية التي فتحها المسلمون

        لقد كانت جزيرة صقلية من الجزر المهمّة بالنسبة إلى الروم والتي كانت قاعدة بحرية مهمّة تنطلق منها أساطيلهم البحرية لشنّ الهجمات والغارات على طول الساحل الإفريقي، إذ كانوا يهاجمون سواحل تونس من قواعدهم في جزيرة صقلية، ما تسبب في إرباك وإزعاج المسلمين و وكبّدهم خسائر جسيمة و كبيرة في الأرواح والأموال والسبي،  لذلك كانت ردة فعل المسلمين تتمثّل بشن غارات عكسية ومماثلة، حيث ينزلون إلى جهة البر الصقلي، فيقتُلون ويأسرون من الروم ثمّ يعودون أدراجهم محمّلين بالغنائم، ولم يكن يجول في خاطرهم البقاء فيها أو احتلالها، وإنّما عدُّوا غاراتهم أنّها تأديبيّة للروم، وفي العام 212هـ أصبح زيادة الله بن الأغلب واليًّا على تونس في زمن دولة الأغالبة، وجهز نفسه لغزو جزيرة صقلية، فأعد جيشًا وأسطولًا، وأعطى قيادة هذا الجيش والأسطول لأسد بن الفرات([30])، وتوجه لغزو الأسطول الروميّ، تمكّن المسلمون من فتح جزيرة صقليّة، واستطاعوا تخليص أهالي صقليّة من الإقطاعيات الكبرى التي كانت تُشكل الجرح العميق للصقليين في حقبة ما قبل الإسلام، وقد قضى نظام الإرث الإسلاميّ على إقطاع الملكية الكبيرة، وشهد القرن الثاني عشر وجود أسماء عربيّة كثيرة في العديد من الولايات، ولكن يُشار إلى أنَّ النظم الإسلاميّة لم تستطع إنقاذ صقلية من الإقطاعية الكبيرة؛ إذ عادت هذه الاقطاعيات بعد سقوط المسلمين في الفتح النورمانيّ([31]).

أحكم المسلمون زمن دولة الأغالبة سيطرتهم على صقلية وبذلك يكونوا قد وجهوا ضربة قاسية للخاصر البيزنطيّة من الجهة الغربي، وقد تعاقب على ولايتها عدّة حكام، ثم استتبعوا عملية الفتوحات إلى المناطق والجزر المحيطة بها، فاستولى المسلمون على قلعة الأمين سنة 247ه، كما أحكموا قبضتهم على جزيرة نوطس الواقعة في الجنوب الشرقي من جزيرة صقلية في العام 250ه، كما نجحوا في استلائهم على سرقوسة بعد حصار طويل للحامية البيزنطية فيها، على الرّغم من كل المحاولات البيزنطية لإفشال دخول المسلمين إليها، لكنّ جميع المحاولات بائت بالفشل، ولم تبقى أي منطقة او جزيرة محيطة بجزيرة صقلية إلّا واستولى عليها المسلمون([32]).

خاتمة البحث

لم يكن العرب كما يظن البعض أنهم تخلّفوا عن مواكبة التطور القائم ما قبل الإسلام في المجال البحري، فقد كانوا السّباقين إلى رسم الخطط البحرية وتطوير الملاحة وعلومها إلى جانب درايتهم بعلم الفلك مما أكسبهم مهارات علمية مكّنتهم من إكتشاف الرياح الموسمية قبل غيرهم من الأمم، وبعد الإسلام اعتنى العرب في ظل العهد النبوي والخلافة الراشدة بالبحر وركوبه، حتى بلغ الأمر إلى تشييد الأساطيل البحرية وفتح الجزر والثغور، لنشر الدين الإسلاميّ، ثم فيما بعد تمكن العرب المسلمون من بسط نفوذهم وسلطانهم على الخليج الفارسي وبحر الهند وصولًا إلى بحر الروم، وقطعوا دابر الأساطيل الرومية التي بقيت لفترة من الزمن سيدة البحار.

إن السيطرة البحرية الإسلاميّة على البحر كانت نتيجة عدّة أسباب، ولعلّ أبرزها ما حصل من انقلاب داخل الدولة البيزنطية بفعل الثورة التي قام بها توماس وهو القائد العسكري البيزنطي، فصحيح أنّ الدّولة البيزنطية استطاعت أن تنهي هذه الثورة، لكنّ تبعاتها كانت جسيمة بالنسبة للقوة العسكرية لا سيّما البحرية منها، إذ أفقدتها السيطرة على المياه الإقليمية للمتوسط من الجهتين الشرقية والغربية.

المصادر والمراجع

أولًا: المصادر

  • ابن الأثير: عز الدين علي محمد عبد الواحد ، الكامل في التاريخ، [د.د]،ج3، بيروت، 1965م.
  • الحموي : شهاب الدين أبو عبد الله باقون ، معجم البلدان، بيروت، دار صادر ، بيروت، 1957.
  • الطبري : أبو جعفر محمد بن جرير ، تاريخ الامم والملوك ، الجزء الثالث ،مطبعة بريل ، ليدن ،1879م.

ثانيًا: المراجع

4-حوراني : جورج فاضلو ،العرب والملاحة في المحيط الهندي في العصور القديمة وأوائل العصور الوسطى،ترجمة يعقوب بكر ، مراجعة يحيى الخشاب ،مكتبة الانجلو المصرية ،1958م.

  • فهمي: علي محمد ،البحرية الإسلاميّة في شرق المتوسط من القرن السابع إلى القرن العاشر ميلادي، مطبوعات جامعة الاسكندرية ، [د.ت] .
  • عبد العليم: أنور ، الملاحة وعلوم البحار عند العرب ،عالم المعرفة (سلسلة كتب ي ثقافية شهرية ُيصدرها المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب – الكويت ) ،الكويت ، 1978م.
  • عبد العليم : أنور ، ابن ماجد الملاح ، دار الكتاب العربي ، الاسكندرية ، 1966م.
  • فوزي: حسين ، حديث السندباد القديم ، مطبعة لجنة التأليف والترجمة ، القاهرة ، 1943م.
  • الأنصاري: عبد القدوس ، جدّة مدينة وتاريخ ، مجلّة الفيصل ، العدد 18 ، نوفمبر (تشرين الاول ) 1978م.
  • كراتشوفيسكي: أغناطيوس ، مستشرق روسي ، تاريخ الأدب الجغرافي العربي ، ترجمة صلاح الدين عثمان هاشم ،موسكو ، 1957م.
  • عطية: احمد محمد ، أدب البحر ، دار المعارف ، القاهرة ، 1978م.

ثالثًا: المراجع الإلكترونيّة

[1]–  دكتور محاضر في الجامعة اللبنانية-قسم التاريخ- مُشرف ومناقش في جامعة الجنان-قسم التاريخ

– Lecturer at the Lebanese University – Department of History

Supervisor and discussant at Jinan University – Department of History Email: Dr.naser.korhani@outlook.com

 

 

 

[2]– عطية: احمد محمد ، أدب البحر ، دار المعارف ، القاهرة ، 1978م ، ص 13

[3]– كراتشوفيسكي:  أغناطيوس ، مستشرق روسي ، تاريخ الأدب الجغرافي العربي ، ترجمة صلاح الدين عثمان هاشم ،موسكو ، 1957م، ص 22-23

[4]– عطية ، أحمد محمد ، أدب البحر، المرجع السابق ، ص 13

[5]-الأنصاري: عبد القدوس ، جدّة مدينة وتاريخ ،  مجلّة الفيصل ، العدد 18 ، نوفمبر (تشرين الاول ) 1978م، ص 39-57

[6]– فوزي:  حسين ، حديث السندباد القديم ، مطبعة لجنة التأليف والترجمة ، القاهرة ، 1943م ، ص 16

[7]– عبد العليم : أنور ، ابن ماجد الملاح ، دار الكتاب العربي ، الاسكندرية ، 1966م ، ص36

[8]– عبد العليم: أنور ، الملاحة وعلوم البحار عند العرب ،عالم المعرفة (سلسلة كتب ي ثقافية شهرية ُيصدرها المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب – الكويت ) ،الكويت ، 1978م، ص 18

[9]– فهمي: علي محمد ،البحرية الاسلامية في شرق المتوسط من القرن السابع إلى القرن العاشر ميلادي، مطبوعات جامعة الاسكندرية ، [د.ت] ، ص 362

[10]– حوراني : جورج فاضلو ،العرب والملاحة في المحيط الهندي في العصور القديمة وأوائل العصور الوسطى،ترجمة يعقوب بكر ، مراجعة يحيى الخشاب ،مكتبة الانجلو المصرية ،1958م، ص69-72

[11]– الندوي: سيد سليمان ، الملاحة عند العرب ، ترجمة جلال السعيد الحفناوي، المرجع السابق ، ص 48

[12]– الطبري : أبو جعفر محمد بن جرير ، تاريخ الامم والملوك ، الجزء الثالث ،مطبعة بريل ، ليدن ،1879م ، ص 1182

[13]–  الطبري : المصدر السابق ، ص 1570

[14]– المصدر نفسه: ص 1571

[15]– الندوي : سيد سليمان ، المرجع السابق ، ص 49

1-هو العلاء بن عبد الله الحضرمي، كان أبوه قد سكن مكة، وحالف “حرب بن أمية ” والد أبي سفيان،   كان أول من غزا بلاد فارس في خلافة عمر بن الخطاب، للمزيد أنظر: https://islamstory.com/، تاريخ الدخول: 8/6/2023م، ساعة الدخول: 19,58م.

[17]– الحموي : شهاب الدين أبو عبد الله باقون ، معجم البلدان، بيروت، دار صادر ، بيروت، 1957، ص. 349؛

3- عثمان بن أبي العاص بن بشر بن عبد بن دهمان، من ثقيف: صحابي، من أهل الطائف. أسلم في وفد ثقيف، فاستعمله النبي صلى الله عليه وسلم على الطائف، فبقي في عمله إلى أيام عمر. ثم ولاه عمر ” عمان ” و ” البحرين ” سنة 15 هـ وكتب له أن يستخلف على الطائف من أحب، فاستخلف أخاه الحكم. واستمر في البحرين إلى أن آلت الخلافة لعثمان بن عفان، فعزله، فسكن البصرة إلى أن توفى. له فتوح وغزوات بالهند وفارس. وفي البصرة موضع يقال له ” شط عثمان ” منسوب إليه. وهو الّذي منع ثقيفًا عن الردة: خطبهم فقال: كنتم آخر الناس إسلاما فلا تكونوا أولهم ارتدادا؛ للمزيد يُنظر: مقال بعنوان ( أبي عبد الله عثمان بن أبي العاص بن بشر الثقفي) https://tarajm.com/، تاريخ الدخول: 8/6/2022م، ساعة الدخول: 21,07م.

[19]– ابن الاثير: عز الدين علي محمد عبد الواحد ، الكامل في التاريخ، [د.د]،ج3، بيروت، 1965م،  ص 41

[20]-المصدر السابق نفسه ، ص 389

[21]– المصدر نفسه ، ص ، 426

[22]– الندوي: المرجع السابق ،ص 61

[23]باربد: مدينة في شمال الهند وإسمها الأصلي (بهار بهوت ) توجد الآن بالقرب من مدينة بهبوج ، وهي خربة غير مأهولة بالسكان ، راجع : الندوي المرجع السابق ، ص 61

([24]- الألوسي: عادل محيي الدين ، التاريخ الاسلامي في إفريقيا وجنوب شرق آسيا، مطبعة التعليم العالي، بغداد، 1987م، ص. 141 ـ 143

[25]– المقدسي : البشاري ،المصدر السابق ، ص 474

[26]– محمد : عبد الله النقيرة، انتشار الاسلام في شرقي إفريقيا ومناهضة الغرب له، دار المريخ، الرياض، 1982م، ص. 23.

[27]– سالم: السيد عبد العزيز وأحمد مختار العبادي، تاريخ البحرية الاسلامية في المغرب والأندلس، دار النهضة العربية للطباعة والنشر، بيروت-لبنان،1969م، ص 47

[28]– الإدريسي: أبو عبد الله محمد السبتي، نزهة المشتاق في اختراق الآفاق، طبعة ليدن، 1866م، ص 111-112

[29]– نزح: فوزية محمد عبد الحميد، البحرية الاسلامية في بلاد المغرب في عهد الأغالبة، رسالة ماجستير، جامعة أم القرى، قسم الدراسات العليا، مكة المكرمة، 1984-1985م، ص 73-74

[30]– وُلِد أسد بن الفرات في حرّان من أعمال ديار بكر، سنة 144هـ/761م، ثم قدم القيروان وهو ابن سنتين مع أبيه الذي كان من أعيان الجند في جيش (محمد بن الأشعث الخزاعي) والي إفريقية من قبل الخليفةأبي جعفر المنصور. تلقى (أسد) دراسته الأولى بالقيروان، ثم رحل مع أبيه إلى تونس فأقام بها تسع سنين لزم خلالها الفقيه المعروف (علي بن زياد) وتعلم منه وتفقَّه عليه، وزحف الجيش إلى جزيرة صقلية سنة 212هـ/827م، وخرج لهم صاحب صقلية في مائة ألف وخمسين ألفًا، قال رجل: رأيت أسدًا وبيده اللواء يقرأ سورة (يس) ثم حمل بالجيش حملة عنيفة على صاحب صقلية، حتى سقط أسد بن الفرات شهيدًا سنة 213هـ/828م، وهو يحمل راية النصر ولم يعْرَفْ له قبر، يُنظر: https://www.marefa.org/، (أسد بن الفرات)، تاريخ الدخول: 15/9/2022م، ساعة الدخول : 21,41م.

[31]– الحياري: إيمان، من هو القائد الذي فتح جزيرة صقلية، https://mawdoo3.com/، تاريخ الدخول: 15/9/2022م، ساعة الدخول: 21,50م.

[32]– سالم: المرجع السابق، ص 117-118

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

free porn https://evvivaporno.com/ website