foxy chick pleasures twat and gets licked and plowed in pov.sex kamerki
sampling a tough cock. fsiblog
free porn

لماذا التاريخ؟ نحو أفق ورؤى مستقبلية حديثة… في زمن التحولات

0

لماذا التاريخ؟ نحو أفق ورؤى مستقبلية حديثة… في زمن التحولات

Pourquoi l’Histoire ? Vers un horizon et des visions d’avenir modernes… à l’heure de la transformation

 د ـ عماد غرليDr.imad gorli

الملخص

د. عماد غرلي

نعيش اليوم زمن العودة إلى الحدث والتّاريخ والحنين إلى الحضارة والإهتمام بالمعرفة والتّغيير والتّحول المجتمعي والاّيديولوجي والثقافي. كما أنّ دراسة التّاريخ ليست غاية في ذاتها بل وسيلة لتعميق الوعي ومدّه بخبرات تاريخية تساعده على رؤية الحاضر ومكونّاته التّاريخية، والنّظر إلى التّاريخ وحسن قراءته كحالة تطوّر مستدامة.  لذلك أصبح من الغريب اليوم أن يفصل المرء نفسه عن تاريخه، ويقصي نفسه عن رؤية الحقائق بعيداً عن وعي الحاضر والمستقبل.

وليكون هذا الوعي التّاريخي صحيحاً، يجب أن يكون مصدر قوّة دائمة وعاملاً من عوامل البناء والإنتاج والإبداع، والإنطلاق نحو “التّاريخ الجديد” الذي شكّل ثورة نحو ريادة العلوم الإنسانية والإجتماعية وفق رؤى فلسفية، ممّا جعل من دراسة التّاريخ اليوم دراسة معقّدة متشعّبة متعدّدة المناهي والإهتمامات، إذ تسبّبت التّحولات العميقة التي أحدثتها ثورات المعلومات والاتصالات والعولمة في إعادة هيكلة مختلف أوجه الحياة الاقتصادية والسّياسية والاجتماعية والثقافية…

من هنا اعتقد الكثيرون أنّ التّاريخ يملك مفاتيح فهم عملية التّطور المجتمعي والثقافي والإيديولوجي وبالتّالي أهمّ القوى التي تتحكّم في صناعة المستقبل، وما يحتاجه عالم اليوم ليس تلميع الخريطة القديمة، وانما رؤية جديدة لا تقوم على سرد الحروب وتكون الأحداث التّاريخية محورها الرئيسي، وإنّما على الإنجازات البشرية والعلوم والتكنولوجيا والإقتصاد والتّنوع الثّقافي والفكري ورفع مستوى المسؤولية الشّخصية والإجتماعية وإحترام كرامة الانسان والتّنمية العالمية المستدامة.

وبناءً لذلك إن عمليّات التّغير والتّحول المجتمعية جاءت إستجابة لتعقيد الحياة وتكاثر متطلّباتها، وبسبب عدم توقّف العمليات المجتمعية عن الحراك والتّطور، والتّعاون والتّنافس، فالتّاريخ لا يتوقّف عن الحراك والتّطور أيضاً.

الكلمات المفتاحية: التّاريخ، التّغير، الّتحولات، الحضارة، المعرفة

Résumé

Nous vivons actuellement à une époque de retour aux évènements et à l’histoire, à la nostalgie de la civilisation, à l’intérêt pour la connaissance, au changement sociétal, idéologique et culturel.

L’étude de l’histoire n’est pas une fin en soi, mais un moyen d’approfondir sa conscience et de lui fournir des expériences historiques, lui permettant de comprendre le présent et ses composantes et de percevoir l’histoire comme un état de développement durable.

Pour que la conscience de l’histoire soit vraie et réelle, elle doit être une source de force permanente et un facteur de construction, de production et de créativité, voire un élan vers la « nouvelle histoire » qui a constitué une révolution des sciences humaines et sociales selon des visions philosophiques, la rendant une étude complexe, multiforme, aux intérêts multiples. Sans oublier les profondes transformations induites par les révolutions de l’information, de la communication et de la mondialisation qui ont entraîné la restructuration des divers aspects de la vie sur les plans économique, politique, social et culturel…

En effet, beaucoup de gens pensaient que l’histoire détenait les clés pour comprendre le processus de développement sociétal, culturel et idéologique et les forces indispensables pour la construction de l’avenir. En outre, le monde actuel n’a pas besoin de faire luire l’image d’un ancien monde mais d’une nouvelle vision non pas fondée sur les guerres et les évènements historiques, mais plutôt sur les réalisations humaines dans les domaines de la science, de la technologie, de l’économie, de la diversité culturelle et intellectuelle, sur l’élévation du niveau de responsabilité personnelle et sociale, voire sur le respect de la dignité humaine et sur le développement mondial durable.

De là, les processus de transformation sociétale sont venus répondre à la complexité de la vie et à ses exigences multiples, et puisque ces processus ne cessent de se développer, de coopérer et de rivaliser, l’histoire aussi n’arrêtera plus son mouvement ni son développement.

Mots Clés : Histoire, changement, transformations, civilisation, savoir

Why history? Towards a modern future horizon and visions… in a time of transformation                                                                                                                                  

Summary

We are currently living in a time of returning to events and history, nostalgia for civilization, interests in knowledge, societal, ideological and cultural change.

The study of history is not an objective in itself, but a way to deepen his awareness and provide it historical experiences, enabling to understand the present and its components and to perceive history as a state of sustainable development.

To be true and real, the consciousness of history must be a source of permanent strength and a factor of construction, production and creativity, even an impetus towards the “new history” which constituted a revolution in the human and social sciences according to philosophical visions, making it a complex, multifaceted study with multiple interests. Without forgetting the profound transformations brought by the information, communication and globalization revolutions leading to the restructuring of various aspects of life on the economic, political, social and cultural levels…

Indeed, many people believed that history held the keys to understand the process of societal, cultural and ideological development and the indispensable forces to build the future. Furthermore, the present world does not need to shine the image of an old world but to a new vision based not on wars and historical events, rather on human achievements in the fields of science, technology, economy, cultural and intellectual diversity, on raising the level of personal and social responsibility, even on respect for human dignity and on sustainable global development.

From there, the processes of societal transformation have come to respond to the complexity of life and its multiple demands, and since these processes continue to develop, cooperate and compete, history also will no longer stop its movement nor its development.

Key Words: History, change, transformations, civilization, knowledge

 

المقدّمة

ليس التاريخ بالنسبة للأمم والمجتمعات مجرد ماضٍ انتهى، أو مجرد احداث جامدة. فالتاريخ يحفظ مدخرات الامم والشعوب والمجتمعات في الفكر والثقافة والفلسفة والتجارب، هو “حياة الناس”   (هورس، 1986، ص 6)، وعلى المرء ان ينظر إلى التاريخ ويحسن قراءته كحالة تطور مستدامة. هو العودة المتجددة إلى الحدث والحنين إلى الحضارات القديمة لرؤية الحقائق بوعي والاهتمام بالمعرفة وفق رؤية ترصد الوقائع، وتعمل على التوعية للفرد والمجتمع، فمن خلال الوعي بالتاريخ نعمق الخبرات ونساعد على رؤية الحاضر ومكوناته التاريخية بحقيقة وموضوعية وليكون هذا الوعي التاريخي صحيحاً يجب ان يكون مصدر قوة دائمة وعاملاً من عوامل البناء والانتاج والابداع.

كل هذا جعل دراسة التاريخ اليوم دراسة معقدة، متشعبة، متعددة المناحي والاهتمامات، نتيجة التحولات العميقة التي احدثتها ثورات المعلومات والاتصالات والعولمة وعصر المعرفة في اعادة هيكلة مختلف أوجه الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية. ولهذا يعتقد الكثير من الناس ان التاريخ يملك أسرار هذه التحولات المجتمعية والثقافية والايديولوجية التي اذا تم استغلالها بالطريقة الصحيحة تحولت إلى أهم قوى تتحكم في صنع المستقبل.

فالتجربة التاريخية تشير إلى ان التغير يسبق النزاع احياناً، كون قوى التغير شأن قوى النزاع تسبب أحداث وخلل في موازين القوى القائمة في المجتمع، ولهذا لم تستطع الشعوب ان تتجنب النزاع، ويأتي التغير نتيجة لأفكار جديدة في العلاقات الاجتماعية والمواقف الفكرية والثقافية والتغير الاقتصادي التي تحدث خللاً في توازن القوى التي تقوم عليها المجتمعات.

والمسيرة التاريخية اثبتت هذه التحولات والتغيرات أتت نتيجة لتطورات ذات تأثير في طرق الانتاج وعلاقة الانتاج بالاقتصاد، أو التغير على مستوى الفكر والوعي سواء أكانت رؤية فلسفية تتحدى القوى العقلية المهيمنة أو تكنولوجيا علمية وتطورات تكنولوجية تراكمية أو سياسية بسبب نزعة الانسان الدائمة نحو التحرر والحرية أو اقتصادية أو ايديولوجية.

من هنا كان السؤال، لماذا التاريخ؟ لأنه الأفق وخارطة الطريق منذ القدم وحتى عصرنا الحالي في ضوء ما نعيشه من تحولات وتوقعات، وهو النظريات التي تفسر عملية تطور المجتمعات الانسانية، وكيف يمكن لنا  تطويع عوامل التغير التاريخي لتتجاوب مع الطموحات والوعي الاستراتيجي في زمن التحولات.

  1. ماهيّة التاريخ وكيف نفسره، بين الأهمية والمعرفة التاريخية والاتجاهات الفلسفية

 

1.1 التاريخ مصدر للمعرفة الانسانية

التاريخ هو المصدر الأساسي للمعرفة الإنسانية، و”ارتباط الانسانية التاريخية ليس هو من حيث الأصل والكيان فحسب، بل من حيث التفاعل والتأثير المتبادل ايضاً. فكلما ارتفع الانسان في المراتب الانسانية ارتقت نظرته التاريخية وعزز فعله التاريخي” (زريق، 1985، ص 22 ) وهو سجل العصور أو الذاكرة التي تحفظ أخبارها منذ توصل الإنسان إلى صناعة الكتابة، ولم يكتب التاريخ بنمط واحد عبر العصور وعند مختلف الشعوب، وقد اختلفت المقاربات من خلال دراسة نمط الخطابة الذي انتجه الانسان حول ماضيه، هذا الخطاب خضع لتطور عبر العصور وقد برز على ثلاثة مراحل كبرى:

 

  • مرحلة الحضارات القديمة أو مرحلة الفكر الأسطوري

تميّزت هذه المرحلة بطغيان حضارة الفكر الغيبي وإرتباط الحياة بالآلهة والمعابد وكانت تفسر الأحداث من خلال علاقتها بإرادة هذه الآلهة. لم يسجل في هذه المرحلة اهتماماً واضحاً أو تطوراً للتاريخ، فقد تضمنت الكثير من الأساطير التي تختلط فيها أعمال البشر بأبطال الآلهة. إلّا أنّ التطور الذي حصل في المعرفة الإنسانية هو أنّ هناك رواية تاريخية معتمدة منذ البداية والأسطورة هي صورة من صور التعبير، واستغلال المؤرخ للأسطورة إلى أن نشأ الفكر التاريخي عند اليونانيين القدماء ما دفع المؤرخين إلى الإقرار بأن بداية التاريخ بمفهومه الحديث ظهر مع اليونانيين منذ القرن الخامس ق.م، إذ برزت نهضة ثقافية شملت الكتابة التاريخية ومن أشهر المؤرخين الإغريق هيرودوت الذي جمع أخباره في كتاب سماه “التواريخ” والذي اعتبر أول من كتب التاريخ بشكل منظّم وهادف وبإخضاع العقل في تفسير الأمور المرتبطة بالآلهة والمعابد وربطها مع الجنس البشري، أمّا الحكايات والأساطير فقد دوّنها دون تعليل أو تفسير (ترجمة: خفاجة، 1966، ص 155- 156.).

ومن مؤرخي اليونان ايضاً ثوكيديدس (431- 404ق.م) فقد كانت نظرته للتاريخ أكثر تطوراً من حيث التحقق من المصادر والتقصي العقلاني للتسلسل السببي واعتماده على العقل (بارنز، 1987، ص 51).

أمّا الرومان فقد كانت كتابتهم التاريخية ذات اتجاه انساني لا دخل للقوى الغيبية فيه (بارنز، 1987، ص 47- 61).     

  • مرحلة التفسير الديني للتاريخ

بدأت مرحلة جديدة في هذا العصرمن خلال تأثير الديانة على صناعة المؤرخ، وقد تبدل منذ ظهور المسيحية كديانة سماوية ونبذ الوثنية المتمثلة في ديانة الرومان وانحصر الدين الجديد في الكنيسة ورجال الدين فغدا بذلك لهؤلاء كتاباً للتاريخ وأخذ يأخذ طابعاً دينياً من حيث تفسيره الإلهي وموضوعه الديني، وقد وجّه الفكر إلى مسألة تطور البشرية والخلاص واعتبر لاهوتاً واستمر حتى العصور الوسطى وكانت قد سبقته اليهودية عليه، ويعتبر القديس “أوغستين” في كتابه “مدينة الالهة” (أدهم، 1977، ص 40) أشهر من طرح غوامض التاريخ والذي اعتبر نوعاً من فلسفة التاريخ.

أمّا عند المسلمين فقد نشأ التاريخ في أحضان العلوم الدينية الشرعية وهي ايضاً ذات طابع تاريخي بطبعه متمثلاً بالقرآن الكريم الذي يحمل في ثناياه سور وآيات مرتبطة بالتاريخ وتحمل أحداثا لها هدفاً اخلاقياً تربوياً للعبرة والموعظة، كما أنّ الإسلام “دين تاريخي الروح، يحمل في ذاته فكرة تاريخية عميقة” (مصطفى، 1978، ص 57) وهو منذ ظهوره أحدث تغييراً تاريخياً وانقلاباً في مصير القبائل والشعوب وفي العادات والتقاليد الاجتماعية والاخلاقية ما خلق نوعا من التغير في الرواية التاريخية.

 

  • مرحلة التفسير النقدي للتاريخ

إن القرن التاسع عشر كان ثمرة هذه المرحلة في أوروبا، ولكن ما ساعد على بروز ونضوج هذه المرحلة هي المراحل المتميزة التي ابتدأت منذ القرن السادس عشر وبلورة التفسير العلمي والنقد التاريخي، وكانت أولى هذه المراحل هي الأحداث التي رافقت سقوط القسطنطينية عام ١٤٥٣م وما أحدثتها من تطورات بالغة الأهمية وكان من أبرز نتائجها انتقال أوروبا إلى طور الإبتكار والإبداع تحت مسمى عصر النهضة الأوروبية، وساعد أوروبا الغربية على الاضطلاع على مكونات الثقافة الشرقية (الرومانية اليونانية) بسبب نزوح العلماء وما حملوه من وثائق ومخطوطات ناقلين معهم علومهم وفنونهم (سلطان، 2015، ص 67) ، ما ساعد على انتشار الكتب والتوسع بإتجاه حضارات أخرى في أميركا وآسيا وإفريقيا وتحرر الانسان الأوروبي من بعض أقوال رجال الدين إلى الفكر العقلي والإصلاح الديني والتنقيب وتحقيق النصوص القديمة. كما اتجهت الشعوب الأوروبية نحو الفكر القومي والحدود الجغرافية. هذه الإنتفاضة وضعت الباحث والمؤرخ ضمن قواعد وتقنيات التثبيت والتحري حول النصوص التاريخية الصحيحة.

وفي القرن السابع عشر والثامن عشر دخلت أوروبا فترة حققت العلوم الطبيعية تطوراً بارزاً فيها بسبب توجه العلماء نحو العلوم التجريبية، فكان من نتائج هذه المرحلة الإكتشافات العلمية وترسيخ أُسس التفسير العقلي في قالب فلسفي يرفض الميتافيزيقيا والتفسير اللاهوتي ويؤمن بالتطور والتجديد، من هنا برزت خصوصية الكتابة التاريخية وتأثيرالفلسفة في التاريخ من حيث الخلط بين الفكرتين، ما أدّى إلى توسع مجال التاريخ من كتابة أحوال الكنيسة والدول والملوك، إلى تاريخ المجتمع ليتقاطع مع الإقتصاد والحضارة، وأبرز مثال على ذلك الفيلسوف فولتير. وأصبح التاريخ هو تاريخ الفكر الذي يكشف عن تقدم العقل وأصبحت وحدة الدراسة عند مفكري هذا العصر هي الحضارة، والمؤرخ يجب أن يتحلّى بروح نقدية تحليلية بنّاءة على ما يقبله العقل فقط.

فبرزت إشكالية مهمة هل بالإمكان الإعتماد على العقل فقط في كتابة التاريخ؟

أمّا القرن التاسع عشر فقد تميّزت أوروبا بالعديد من المعطيات التاريخية ومن نضج التراكمات والتطور والتجاوز، فبرز عنصر التاريخ في الواقع الجديد وواكب حركة التطور الفكري والنوعي، واصبحت الكتابة التاريخية تعيش زخماً عقلياً وظهرت عدة اتجاهات اتخذت صبغة المدارس التاريخية.

اصبح القرن التاسع عشر قرن التاريخ وهذا الفرع المعرفي استقل بذاته وكوّن لنفسه منهجاً، وكان أساساً لمدرسته التاريخية المسماة المدرسة المنهجية الوصفانية وصاحب نظرية ومقولة “قرننا قرن التاريخ” عام ١٨٧٦ وتهدف هذه المدرسة إلى وضع أسسس للبحث التاريخي وترمي إلى الوصول إلى الموضوعية المطلقة في مجال البحث وكتابة التاريخ (بارنز، 1987، ص 76- 94).

 

  1. نشأة الاهتمام بالتاريخ وفهم الماضي في عصر المعرفة والثورات العلمية والتكنولوجية

لا يستطيع الإنسان أن يفهم نفسه وحاضره دون أن يفهم الماضي والمعرفة تستوجب التأمل بالبعد الإنساني والحضاري للماضي أيضاً، وتجعل الإنسان أقدرعلى فهم نفسه وأقدر على حسن التصرف في الحاضر والمستقبل بعد أن يأخذ الخبرة والعظة من الماضي واحداثه، والعبرة من الحوادث التي هي “مادة التاريخ” (مؤنس، 2001، ص94 ).

فقد ركزت الدراسات التاريخية في القرن العشرين على ما يخدم المجتمع، وظهور فروع مستقلة في التاريخ الاجتماعي، التاريخ الاقتصادي، إلى جانب التاريخ السياسي، والتاريخ الدبلوماسي والتاريخ العسكري. وقد احرز التاريخ الاقتصادي ودراسة التاريخ الفكري اهتماماً من قبل المؤرخين على الرغم من التناقض الظاهري بينهما إلّا أنّ التطور التاريخي بسبب العوامل السياسية المستجدة في أوروبا وخاصة بعد الحربين الأولى والثانية جعلت استكشاف كل العوامل ومنها الإقتصادية والفكرية في خدمة التطور الحضاري.

من هنا أخذ المؤرخون الجدد على عاتقهم فكرة استخدام التاريخ في فهم الحاضر، وأن كتابته يجب أن تتم “…وحاجات الحاضر ماثلة في ذهن المؤرخ …” (كانادين، م 2006، ص 15 ) وأنّ لكل عصر حاجاته لإظهار الفائدة المرجوة في تلبية مطالبه، وتتم قراءة أحداث التاريخ من خلال البحث التاريخي.

إنّ للبحث أهمية من حيث الإهتمام التاريخي وبنية المعرفة التاريخية من خلال إمكانية تحصيل الحقيقة التاريخية وربطها بالإيديولوجيا والمجتمع، وبالنظر إلى العالم، بالطرائق العلمية، ولاشك أنّ المعرفة التاريخية تقدم نبؤة للمستقبل من خلال مناقشة الزمان التاريخي والمكان التاريخي، وكذلك مناقشة الأطر والإختلافات بين العلوم التاريخية والعلوم الطبيعية، ما يحتم على الدارسين للحصول على النظرية التاريخية إدراك أهميتها في الثقافة والحضارة والمعاصرة، وبالتالي لفهم أنفسنا وفهم الآخرين.

وإنّ تطور النظرة المعرفية التاريخية تؤدي إلى توحد الماضي والحاضر والمستقبل، وتقدم نظرة إيجابية تفاؤلية وصورة واضحة وشمولية للعالم وبالتالي تطرح أفكار فردية واجتماعية تفيد المجتمع على أساس الروح الشمولي لكليهما (الفردي والاجتماعي). بل ان هذه المعرفة قادت الدارسين إلى تبني نظرة جديدة، إلى اتجاه التاريخ، قوامها المزاوجة بين موضوع التاريخ والرؤية المعرفية “الابستمولوجية” (غورفيتش، 1988، ص 226.).

ووظيفة المعرفة تلعب في المجتمع دوراً يشبه دور الذاكرة، من خلال الإمكانيات والشروط الضرورية لإرادة الشعوب من الناحية الثقافية والاجتماعية، من خلال الوعي التاريخي، وهنا لا يكون العقل الفردي هو نتاج هذه التجربة، بل نتاج المجتمع كافة ليتقبلها ويفهمها، وهو ما يؤدي إلى الترابط والإستمرار من جيل إلى جيل أخر، وما يكرس لغة التفاهم والتعاون بين الناس في مختلف ميادين النشاطات الإجتماعية.

من هذا السياق يظهر أنّ الوعي التاريخي والإدراك المعرفي هما حاجة إنسانية وأكاديمية لدراستهما بطريقة متأنية بسبب ترابطهما وتداخلهما، لتلبية حاجة المعرفة التاريخية، على أنّ الذاكرة الإجتماعية للبشرية تلعب دوراً بارزاً في معرفة الماضي، وتقديم العبر والأمثلة للسلوك الإنساني ومآثر الشخصيات والصراعات والتسويات والمواقف، وهو ما يبرز في مؤرخي العهود القديمة والغاية من سرد الأحداث والقصص التاريخية، ويستتبعهم مؤرخو العصور الوسطى والحديثة من تقديم مآثر وإنجازات القدماء مع التأمل في التجربة التاريخية.

إنّ المعرفة التاريخية هي حاجة إنسانية ومعرفية لمواكبة حركة تطور النشاط السياسي والاجتماعي والعلاقات والصراعات بين البشر، ومعرفة التطورات الثقافية والإقتصادية والحضاري على ضوء حاجات المجتمعات (الثابتة والدائمة)، فتنطلق وظيفة المعرفة التاريخية لتطلعنا على عملية التنبؤ بالمستقبل وإستشراقه من خلال التجارب التاريخية، وذلك من خلال الإطلاع على هذه التجارب والقواعد الموجودة والإعتماد عليها وإلى سر طبع الإنسان ودراسة سلوكياته وتطوره الإجتماعي وما هي الوسائل التي كانت تلبي سماته العلمية والفكرية والثقافية؟ وهل اعتمدت كأساس للتطابق العملي بين الماضي والمستقبل من خلال دراسة النشاطات السلوكية للإنسان والمفاهيم التاريخية لكل العصور التي سبقت عصر المؤرخ.

إنّ المعرفة التاريخية في العصر الحديث والمعاصر، تظهر أنّ وظائف التاريخ هي دائمة ثابتة لجهة إمكانية الإستفادة منها في كل عصر من العصور، والمتأمل في الحضارات القديمة يعلم أنّ الأدوات الحياتية والأثريات كانت كلها حاجة مفيدة للإنسان، على الرغم من أنّها فقدت أهميتها في الوقت الحاضر، ولكن المعرفة التاريخية تؤكد على وجود مكانة لها ضمن نسق العلوم والحضارة والثقافة على الرغم من التحولات العلمية والحضارية والاجتماعية الكبرى، ولكن تبقى الأساس الذي اعتمد عليه الإنسان والتي أدّت إلى التطور التاريخي لحياته.

إنّ البحث عن أهمية المعرفة التاريخية يجعلنا نتوقف عند أهمية دراسة كتابة المؤرخين، وهل الكتابة التاريخية  نابعة من أفكار وعواطف وتوقعات الحالة الإجتماعية التي تأثر بها المؤرخ؟ لكن الأمر لا يعكس الرؤية الحقيقية والطبيعية للمؤرخ الذي يسعى دائماً إلى فهم الحقيقة من خلال صياغة المواقف المعقدة والمتناقضة وتقديم البراهين الدقيقة ضمن أهمية المعرفة التاريخية بموضوعية ومعرفة علمية بالإعتماد على الجذور التاريخية من خلال المقارنة بالواقع وتفهم سمة التحولات والتغيرات في المجتمع الإنساني، واستقراء المستقبل انطلاقاً من الجذور الثابتة والحقيقية وبطريقة موضوعية.

وهنا يظهر دور الثقافة والعلوم وتأثيراتها منذ القرن العشرين، وما ظهر من تقدم علمي وتكنولوجي وما استتبعه من تحولات اجتماعية وثقافية منذ منتصف التسعينات في القرن الماضي وقاد العالم إلى عصر المعرفة.

وفي ضوء هذا العصر، بدأت “مراكز البحوث العلمية والتطور التكنولوجية الأمكنة الأكثر قدرة على إحتضان المواهب الفتية وتمكينها من إكتشاف مواهبها، وتدريب القيادات السياسية والاجتماعية والثقافية والإقتصادية المستقبلية، والإسهام في صنع التاريخ” (عبد العزيز 2015، ص 108).

 

  1. 3. الإتجاهات الفلسفية ورؤية التاريخ

إنّ أهمية التاريخ على مدى القرون الماضية هو البحث في المجتمع الإنساني وفي حكايته، من الحروب والتحولات الإجتماعية والثقافية، والتطورات الإقتصادية والتكنولوجية، والإكتشافات والإختراعات العلمية والتقنية إلى مجمل الكوارث الطبيعية والعوامل الجغرافية التي جعلت المجتمعات في سلسلة من الإضطرابات المتتابعة، إضافة إلى العوامل الكثيرة ومنها العوامل المناخية والثروات الطبيعية، والعقائد الدينية، والعلم، والتطور التكنولوجي والإقتصادي وغيرها…

وبما أنّ التاريخ هو السجل لأهم الأحداث التي شهدها العالم، فإنّ النظريات التاريخية ومحاولة تفسيرها وتحديد أسبابها وتبعاتها على حياة الإنسان والمجتمعات الإنسانية حتمت على القول أنّه “لا غنى للإنسان عن دراسة ماضيه، بإعتباره كائناً إجتماعياً، ومن ثمّ ينبغي عليه أن يعرف تاريخ تطوره وتاريخ أعماقه وآثاره” (عثمان، 1965، ص )، وفي ضوء تطور الأحداث التاريخية وأهمية مواكبة تطور التاريخ من خلال تغيير مجرى التاريخ البشري والحضارات وأخبار الأمم والدول في الصعود والهبوط، أمور جعلت فلاسفة التاريخ يتوجهون نحو البحث عما “إذا كان هناك قوة تحرك التاريخ” (عبد العزيز ، 2015، ص 161 ).

لجأ الفيلسوف في فلسفة التاريخ إلى إختصار العلل (الأسباب) الجزئية للأحداث التاريخية إلى علّة واحدة (سبب واحد) أو علّتين على أكثر تقدير (الشيخ، 2000، ص، 24 )، وقد سميت عند البعض بالنظريات الشمولية وقد عملوا على تطويرها وهي تنظر في تاريخ الإنسانية بوصفه ذات سيرة وصيرورة خاصة، وقد ظهر التباين بين فلاسفة التاريخ بسبب الخلفيات الثقافية وتجاربهم الحياتية ومنطلقاتهم العقائدية، مما جعل من الصعب التوصل إلى رؤية واحدة وقادهم إلى إنتاج أكثر من نظرية.

إنّ لكلمة فلسفة (دون الدخول بالمعنى المجرد) نعني بها التأمل التجريدي للظواهر البشرية ومحاولة تفسيرها، أمّا علم التاريخ فهو يقوم على جمع وتحقيق وتدوين وتفسير الأحداث التاريخية. أمّا فلسفة التاريخ فهو “ذلك العلم الذي يحاول أن يكشف القوانين الموجهة لحركة المجتمعات والدول والنهضات وأسباب صعودها وهبوطها” (سلطان، 2005، ص 21 )، ومحاولة معرفة العوامل الأساسية التي تتحكم في سير الوقائع التاريخية والعمل على إستنباط القوانين الثابتة التي تتطور بموجبها الدول والأمم على مر العصور، كما أنّ هناك من يقول أنّ “التاريخ يسير وفق مخطط معين وليس بطريقة عشوائية وأنّ فلسفة التاريخ هي رؤية المفكر للتاريخ أو حكمه عليه” (سلطان، 2005، ص 22 ).

ومع تباين وتعدد النظريات عند فلاسفة التاريخ من حيث الرؤية والإستنتاجات، إلا أنّه لم تأتِ نظرية جديدة تقوض مصداقية أي منها، وعلى الرغم من النظريات المختلفة إلا أنّها تظهر المنطق في كل نظرية. وان فلسفة التاريخ لا تعنى “دراسة الأحداث الماضية أو التدقيق فيها، إنما تعني أن تدقق في الأدوات المنهجية والمصادر المعرفية التي استخدمها المؤرخون في الكتابة التاريخية” (مهورباشة، 2016، ص37).

إنّ نقطة إنطلاق فلسفة التاريخ كانت عند ابن خلدون “في التمييز بين الظاهر والباطن في التاريخ: ففي الظاهر هي أخبار عن الأيام والدول والسوابق من القرون الأولى، وفي باطنه نظر وتحقيق وتعليل للكائنات ومبادئها، دقيق وعلم بكيفيات الوقائع وأسبابها عميق فهو لذلك أصيل في الحكمة عريق وجديد بان بعد في علومها وخليق” (صبحي، 1975، ص 123).

يقول الفيلسوف الإيطالي بينيديتو كروتشه (١٨٦٦-١٩٥٢) أنّ فلسفة التاريخ مزيج من التصور والخيال، وأنّ فلاسفة التاريخ يطلبون كشف النقاب عن التصميم الذي يقوم عليه تأريخ العالم من البداية إلى النهاية…” (صبحي، 1975، ص 125).

وعلى هذا يمكن أن يكون هناك قبول لشروط النظريات في فلسفة التاريخ، وما الذي يحدد مسار التاريخ؟ وقد كان رأي ابن خلدون وجيوفاني فيكو (١٦٦٤-١٧٤٤) (أول من وضع نظرية في فلسفة التاريخ). إنّ مسار التاريخ كعجلة دائرية تخضع للحتمية إذ تتعاقب الحضارات على الدول تعاقباً دورياً بين نشأة وإزدهار وإنحطاط.

كما برزت نظريات متكاملة في فلسفة التاريخ، من الفيلسوف الألماني هيجل الذي أعطى نظريته بعداً ميتافيزيقيا، وأنّ التطور المجتمعي يتم من خلال عملية مستمرة نحو الأمام ونحو نقطة نهائية محددة، فكرة التقدم لا تأتي من خلال تطور العقل والمنطق، بل نتيجة التصادم الأعمى بين العواطف والمشاعر الإنسانية وما يسببه ذلك التصادم من صراع وثورات وحروب (Hegel, 1936, P.23. ). التاريخ هو تقدم الوعي الإنساني نحو الحرية، وأنّه لم يتحقق شيء عظيم في التاريخ من دون إنفعال عاطفي. الأسباب التي تقود نحو عملية التقدم وتحدد مسار العملية التاريخية هي أسباب خاصة تدفعها لتحقيق تنمية ذاتية، ويتحرك (سلوكياً) ضمن عملية عقلانية، وقد إستنتج هيجل أنّه يجب أن لا يُفهم التاريخ كتتابع حضارات ومستويات من الإنجازات المادية، ولكن كتتابع نماذج الوعي التي تجعل الإنسان يتغير ويحقق الكثير من التقدم. ولكن مع اعترافه أخيراً بأهمية الظروف الثقافية والإجتماعية والطبيعية وأثرها في تكوين الوعي الإنساني، إلا أنّه اعتبر أنّ أهم خصائص الإنسان أنّه غير مُسيّر، ويملك الحرية ليصنع حياته (تاريخه) بنفسه.

ولكن التفسير تغير عند كارل ماركس وأخذ بُعداً إقتصادياً لسائر آرائه وفلسفته المادية، وقال: “أنّ التناقضات الأساسية في المجتمع لا تعود إلى طبيعة العلاقات الإجتماعية أو السياسية، وإنما إلى الهياكل الإقتصادية… وأنّ وعي الناس لا يحدد وجودهم، بل على العكس من ذلك، إنّ وجودهم هو الذي يحدد درجة وعيهم، ما يعني أنّ أنماط الإنتاج المادية تقوم بتشكيل السمات الإجتماعية والسياسية والثقافية والروحية لحياة الإنسان” (Feuer, 1959, P 43. ).

ويرى ماركس أنّ التاريخ تحكمه قوانين يدركها العقل الإنساني، وهذه القوانين حتمية، أي أنّها تفرض نفسها لأنّها ناتجة عن حركة التاريخ نفسه (مؤنس، 2001، ص 125)، ويضيف أنّ المفتاح لفهم أيّة حقبة تاريخية أو منظومة إجتماعية يوجد في الإقتصاد.

يُصنع “التقدم في التاريخ، تبعاً لفلسفة هيجل من خلال نماء الوعي الإنساني وحصول الناس على المزيد من الحرية، وينتهي التاريخ حين تقوم الدولة الليبرالية وتصبح الحرية شاملة. أمّا تبعاً لفلسفة ماركس، فإنّ التقدم في التاريخ يصنع من خلال تواصل الصراع بين الطبقة العمالية والطبقة البرجوازية، وأنّ التاريخ يصل محطته النهائية حين تنتهي الطبقية وتزول الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج وتتلاشى الدولة” (عبد العزيز ، 2015، ص 167). وكانت نظرة الفيلسوف فوكوياما وتحليلاته تشير بوضوح إلى إنحيازه إلى هيجل، ويعتبر أن نزوع الإنسان نحو الحريّة يتجاوز أهميته نحو المادية.

كما نظر أوزفالدث شبنجلر إلى التاريخ الإنساني نظرته إلى كائن عضوي فجاءت نظريته ذات بُعد بيولوجي، ورأى أنّ هناك تشابهاً بين قيام الحضارات ونموها ووصولها إلى المجد والقوة، ثمّ إنحدارها، وصورها كأنها عملية بيولوجية شبيهة بالكائنات الحيّة من تطور طبيعي عضوي، وما يمكن أن نتعلمه من التاريخ بناءً على رؤيته أنّ الثقافات عامة والثقافة الغربية خاصة محكوم عليها بالسقوط وعدم النهوض ثانية، وإنّ أيّ ثقافة لا يمكن أن تفهم ثقافة أُخرى، وهنا يقول “إنّ ما لا يستطيع الإنسان أن يتعلّمه لا يستطيع أن يتأثر به” (Dray, 1980, P.102. ).

وقد تأثر أرنولد توينبي كثيراً بأفكار شبلنجر وقدم دراسة عميقة وخصبة لجميع الحضارات التي تناوبت على تاريخ الإنسانية فجاء تفسيره حضارياً ذات طابع ديني وتنبه توينبي إلى حقيقة “التحدّي والإستجابة” التي تعتبر مفتاح نظرته العامة للتاريخ (مؤنس، 2001، ص 193).

ولكن توينبي يختلف بالنظرة التشاؤمية فيما يتعلق بمستقبل الغرب وإستبدال الثقافات بالشعوب، وقال أنّ تلاقح الثقافات يقود إلى تبلور ديانة عالمية جديدة تجمع بين أفضل ما في الديانات الشرقية والغربية ما سيجعل بإمكانها تأسيس نظام ثقافي عالمي جديد. كما يرى تويني أنّ المجتمع يجب أن يقاد من قبل النخبة المثقفة، ويرى أنّ التخلف نتيجة لقيام تلك النخبة بالتخلي عن مسؤولياتها والسماح بإنتقال السلطة إلى أقلية تقوم بإستغلال العامة من الناس وتحويلهم إلى طبقة فقيرة، وأنّ المسيرة التاريخية هي حركة دائرية، وأنّ الإنتقال من مرحلة إلى الأخرى يحدث عبر عملية نمو وتراجع.

كذلك ظهرت نظريات اعتبرت فوضوية في فلسفة التاريخ وادعت النظريات ان التاريخ يعكس سلسلة من الاحداث غير المترابطة، وانه لا يوجد عملية تاريخية أو منطق محدد لحركة التاريخ أو تحديد اسبابه والتنبؤ بتبعاته ويعتبر فريدريك نيتشه وماكس فيبر في مقدمة الفلاسفة الذين آمنو بهذه الآراء وقاموا بتطوير نظرياتهم.

 

  1. التغيرات والتحولات الحضارية والثقافية والمجتمعية والاقتصادية

يعتقد الكثيرون ان التاريخ يملك مفاتيح فهم التغيرات والتحولات والتطور في المجتمعات، وتحديد أهم القوى التي تتحكم في صنع المستقبل، وبسبب هذا الاعتقاد قام العديد من المؤرخين والفلاسفة بكتابة النظريات التي تشرح العملية التاريخية، وتحديد مسارها والعصور التي تمر بها والقوى المؤثرة، والمنطق الذي يحكم حركتها.

فكل مؤرخ هو نتاج للثقافة التي نما في ظلها والايديولوجية التي اسهمت في تحديد مواقفه، الثقافات والبيئات الاجتماعية المختلفة لا تتوقف عن التغير والتحول، ومن الطبيعي ان ينتج كل جيل من المؤرخين سرداً تاريخياً بقلب روح الزمن والأفكار التي تهيمن على ثقافته، على الرغم من محاولة كثير من المؤرخين تجاوز ازمانهم وحضارتهم وثقافتهم.

انّ فهم تلك العمليات وتحليل ما مرت به من تحول عبر التاريخ يجعل بالإمكان تكوين صورة للمسار التاريخي، ودراسته وتحديد دوره في عملية التغير والتحول بشكل عام. وهذا يعني ان المؤرخ هو الوحيد المخول والقادر على وصف ما حدث في الماضي، وان هذه العملية تجعل تجربة الماضي حاضراً في كتاباته وتحديد الظروف والتحولات والتغيرات الحضارية والمجتمعية والايديولوجية والثقافية التي هيمنت عليها.

 

4.1. التاريخ ما بين الحضارة والثقافة

ان مفهوم الحضارة هو حالة مجتمعية متقدمة تتميز برقي الثقافة والعلوم والصناعة ونظام الحكم حتى نصل إلى الترفيه والتي اصبحت بفعل العلم والتكنولوجيا، هذا يعني ان الحضارة تشير إلى مستوى المعيشة التي يتمتع بها كل شعب من خلال ما يتوفر له من أدوات وعلوم وثقافة. كما تظهر الحالة المجتمعية المتقدمة في الانجازات المادية والغير المادية من العلوم والصناعات ونظام الحكم. وان الثقافة هي عنصر من عناصر الحضارة.

وجاءت مكونات الحضارة الانسانية في العلوم والتكنولوجيا، نتيجة لتراكم التطورات المجتمعية في كل العصور، وقد استفادت كل الشعوب من تجارب غيرها، في تطوير وسائل الانتاج والتطور العلمي والانتاجي. وهذا يعني ان انجازات الحضارة تتراكم بفعل جهد الانسان ونشاطاته المختلفة (الثقافية العلمية والاقتصادية وتطويره التكنولوجي). ونتيجة للمثابرة يعمل الانسان على تطويع عناصر بيئته الاقتصادية وعناصر البيئة الطبيعية والاجتماعية لإرادته، وتحقيق التقدم.

كما يعمل التاريخ على رصد معارف الانسان وخبراته المتنوعة وتوفير مقومات العيش المادية من مأكل وملبس ومأوى، وهذا يجعل الحضارة ذات اهتمام خاص بنواحي الحياة المادية، ويجعل الانجازات الحضارية شاملة وملكآ للإنسانية جمعاء. ان حركة التاريخ والحضارة انما هي ” فكرة الحركة فحسب، أي ان الزمن والاشياء في تغير وتحول دائمين، ولهم في ذلك مذاهب شتى” (مؤنس، 1978، ص 149).

والانسان هو صانع التاريخ (كاسيرر، 1997، ص 25) وصنيعة التاريخ بما انه تاريخه حقاً، ويتشكل أيضاً بفعل التاريخ. والانسان صانع الحضارة ونتاجها في الوقت نفسه، من هنا نقول ان التاريخ يحمل مفهوماً حضارياً، كما ان الحضارة تحمل مفهوماً تاريخياً.

الحضارة محصلة مما انجزه الانسان في الماضي وهو ما يصدق على الحضارات القديمة والحضارات المعاصرة من تطور فكري وتكنولوجي بالقدر نفسه، وبالتالي فالتاريخ علم موضوعه الماضي الانساني، هنا نقول ان الماضي عنصر يجمع بين التاريخ والحضارة، ونستنتج ان الحضارة بناء تاريخي يشبه الطبقات الجيولوجية المتراكمة، ويحمل بصمات وآثار الأعمال والتفاعلات المتواصلة والمستمرة بين الحضارات الإنسانية. ونتاج ارتقاء الحضارة في التاريخ هو في العوامل الفكرية والثقافية التي أدت إلى التقارب والتفاعل بين الحضارات، وهو ما سمي بالمفهوم الحضاري في التاريخ أو المحتوى التاريخي في الحضارة. كما ركزت فلسفة التاريخ على أهمية دراسة تاريخ الحضارة، حتى ان المقارنة اصبحت تأخذ بعداً أكثر رسوخاً بين فكرة التاريخ والعلوم التطبيقية (Hook, 1963, P 91.). وهو ما جعل العديد من الفلاسفة يؤكدون على انتاج يعد العلم الأكثر قرباً من الحقيقة كما العلوم التطبيقية.

اما مفهوم الثقافة فهو طريقة الحياة المتبعة في كل مجتمع، وهو أساس الروابط الاجتماعية التي تربط الفرد بالمجتمع، وما تشمل من تقاليد وقيم وأعراف ومعتقدات … وتجسد الثقافة الرابطة التي تجعل المجتمع متماسكاً وشعوراً عاماً بوحدة التاريخ والمصير، وهذا ما يجعل الثقافة كأهم القوى التي تشكل شخصيات الأفراد وتظهر نمط الشعوب في طرق التفكير وهوياتهم الجماعية…

اما عناصر ومكونات الثقافة فهي عناصر معنوية غير حسية ، كونها تتعلق بمنظومة القيم والتقاليد المتعارف عليها وبالقضايا الابداعية والفكرية، والمعتقدات الدينية داخل المجتمع، وهذا يجعل الثقافة عنصراً من عناصر الحضارة الرئيسية، وبإمكان الحضارة انتاج أكثر من ثقافة واحدة.

من هنا نقول ان التجارب التاريخية والواقع الحياتي يشيران إلى أن بإمكان أي دولة ان تضم أكثر من ثقافة واحدة، وبإمكان الثقافة ان تتطور وتقوم بالتأثير في الإقتصاد والحضارة الأم في قيادتها نحو التطور، وأن الثقافة تقوم بزمام المبادرة وبالعمل على تطوير الحضارة ودفعها نحو التقدم.

فالثقافة تدفع الدول نحو التوجيه التاريخي والحركة التاريخية الحضارية من خلال المبادرة نحو التسبب في تطور الأطر الحضارية وتحقيق تقدم اقتصادي وعلمي في المجتمع وهو ما حصل فعلاً في دول مثل سنغافورة وكوريا الجنوبية واليابان والصين وغيرها التي اتجهت نحو الاقتصاد المعرفي، المرتكز على خصوصية ثقافية واجتماعية دفعت بسياسات تلك البلدان نحو التحرر من الثقل الحضاري المادي الموروث باتجاه ثقافة معنوية تحمل في طياتها روح التغيير نحو الأفضل في حركة تاريخية اجتماعية اقتصادية أدت إلى تغيرات وتحولات نحو تطور حضاري اتى نتيجة نمط الإنتاج وتكنولوجيا الإنتاج، وفرض على الثقافة ان تتطور في الإتجاه المطلوب مع نمط الانتاج الجديّ وارتباط هذا الإنتاج بالإقتصاد والتكنولوجيا والثقافة والسياسة والتعليمي وكذلك نشر الوعي والثقافة في الحياة اليومية للفرد والمؤسسة والمجتمع ككل (الهاشيمي، فائزة الغزاوي، 2007، ص 42). لعبت العملية الاجتماعية الثقافية بين الافراد و الجماعات المتباينة داخل المجتمع الواحد، وذلك بعد تبلور العادات والتقاليد والأعراف والإطار السلوكي في المجتمع بعداً ثقافياً، ما جعلها تغدو عملية اجتماعية ثقافية ذات دور اساسي في تكوين المجتمع وتشكيل هويته الجديدة. لقد لعب الانسان دوراً في تشكيل العادات والتقاليد والقيم والسلوكيات والمواقف وطرق التفكير، أي في تكوين الثقافات، كما ان البيئة الطبيعية لعبت دوراً هاماً في تشكيل العناصر الثقافية، ومع تبلور المجتمع الزراعي المستقر واكتشاف فكرة الدين، بدأت العملية المجتمعية الثقافية نفسها تكتسب قدرة نحو التحول التاريخي والتطور الحضاري، وفي ضوء هذه العملية نحو الثبات والميل نحو التغيير فقد شهدت عمليات تطور حضاري وكثرت التحديات وإنتقال المجتمعات نحو التطور من الزراعة إلى الصناعة وتزايد المنافسة الاقتصادية وتنامي الثروة والمال إلى اتساع الفجوة بين الدول الغنية والفقيرة إلى حدوث تطور كبير ونوعي في المجال التكنولوجي. والتكنولوجيا لم تجعل التطور الاقتصادي والعلمي ممكناً فقط، بل حتمي، واصبح من غير الممكن وقف عمليات التحول المجتمعية والثقافية، والتاريخ اصبح المصدر الحقيقي للتغير الذي لا يمكن عكس اتجاهه (Galbraith, 1996 p 12).

 

4.2. عمليات التغير والتحول المجتمعية في التاريخ

ان العمليات المجتمعية هي مسارات تقوم بتنظيم عمليات التطور المجتمعي، ما يجعلها تسهم في توجيه التاريخ وصنع احداثه (عبد العزيز ، 2015، ص 78). ولقد جاء تطور تلك العمليات نتيجة الاستجابة لتعقيدات الحياة ومتطلباتها. والعملية الاجتماعية الاولى التي قام بها الانسان نحو التطور تجلت في التنظيم الأسري ثم العلاقات الاجتماعية بين الأفراد والجماعات المتباينة داخل المجتمع الواحد.

اقتصرت حركة التاريخ في بداية التحول الاجتماعي في العصور القديمة على نجاحات الانسان الأولى في تدجين الحيوانات والتعرف على الادوات البسيطة من نمط النتاج ووسائل النقل، ثم انتقال الانسان نحو القرى إلى الزراعة بهدوء ورتابة وبساطة، والتأمل في اسرار الكون والرغبة في التطور مع ظهور المعتقدات الجديدة وآراء الفلاسفة، هذا ما عجل الانتقال إلى العصور اللاحقة عبر التقدم في النشاطات التجارية وفي العصور الوسطى عبر بروز الاقطاع، لكن التطور المجتمعي قاد إلى عصر الصناعة التي مكنته من تحقيق قفزة حضارية جديدة في تاريخ البشرية نحو التطورات التكنولوجية والاكتشافات العلمية، مع حدوث ثورتي المعلومات والاتصالات والعولمة في أواخر القرن العشرين، واصبح التحول المجتمعي يتحرك بشكل تلقائي بعلمية ديناميكية، ودخلت غالبية المجتمعات الصناعية في منتصف التسعينات من القرن العشرين فترة انتقال وتحول اجتماعي وثقافي، واصبحت التكنولوجيا والمعرفة العلمية أهم ثروات المجتمع الجديد. ومع بروز عصر المعرفة اصبحت المجتمعات تفقد بعض العناصر الاساسية التي تجمعها وتوحدها، واخذ مفهوم المجتمع يفقد دوره المجتمعي في التفرقة الاقتصادية والعزلة الفكرية والتنافس لا التعاون في اجواء سياسات عالمية تحفز الماديات وتحرر الانسان من الحاجة والانتماءات التقليدية واقل حاجة إلى الانتماء إلى الوطن والاعتماد على الدولة أو على الناس والمجتمع وتوظيفه معارفه من أجل الفوائد المادية فقط، ومع الطبيعة الجديدة للإقتصاد نتيجة التراكم المعرفي ومتطلباته والخبرات (باومر، 1988، ص 9) بدأ عصر جديد في الكتابة التاريخية.

 

4.3. تطور العملية الاقتصادية

إنّ التقدم عبر التاريخ لم يأت نتيجة الاستقرار السياسي أو البنية الاجتماعية، بل كان أولاً من خلال الثورة الزراعية وتغير النمط الانتاجي الرعوي والتحول في ثقافة البشرية عن جذورها ومنطق تاريخها الذي ترعرعت عليه وحين استقر الانسان في المجتمعات، ظهر القانون وتنوعت مصادره التي شملت الأعراف والتقاليد والدين والسياسة، ولعب فيها الحاكم السياسي والديني دوراً بارزاً وتمتعت طبقات رجال الدين بالنفوذ والسلطة. كما قامت العملية السياسية بالتعاون مع العملية الاجتماعية الثقافية من اجل ترسيخ العملية الاقتصادية من خلال الدعم والحماية وتحقيق اهداف مصلحية مشتركة.

وفي العصر الصناعي، أصبح القانون من صنع الناس، مسخراً لارادة وحماية حقوقهم وشهد التاريخ البشري تكاثر الاكتشافات العلمية وتسارع عمليات التطور الاقتصادي والتكنولوجي. اما في عصر المجتمع المعرفي، جاءت البحوث العلمية وعمليات التطوير التكنولوجية لخدمة العملية الاقتصادية وتعزيز القوة العسكرية للدول، ومع تسارع وتيرة التنافس الصناعي في المجالات الصناعية والعلمية والتكنولوجية والمعلوماتية، تسارعت عمليات التراكم الرأسمالي والمعرفي، مما خلق فجوات عميقة في المجتمع من النواحي الثقافية والعلمية والاقتصادية التي تفصل الطبقات والفئات الاجتماعية حتى داخل المجتمع الواحد. هذا ما جعل آراء الفلاسفة في عملية التقدم في التاريخ من خلال ديناميكية جعلت من الفلاسفة تحدد المسيرة التاريخية والسعي نحو الوصول لهذه العملية، حيث ان هيجل وجد ان الحرية هي “روح التاريخ” (كانت، 1997، ص 295) والعامل المحرك نحو تحقيق التقدم، ونهاية التاريخ تكون حين يصل المجتمع إلى بناء الدولة اللبرالية.

اما كارل ماركس فيرفض الدولة اللبرالية بوصفها أداة الطبقة البرجوازية، ويرى ان الصراع لن ينتهي وحركة التاريخ لن تتوقف إلا حين تنتهي الطبقية بنهاية الملكية الخاصة لوسائل الانتاج وان العدالة ليست الحرية بل هي روح التاريخ (بالروين، 1995، ص 79). في المقابل يرى ماكس فيبر ان القيم، وقيم العمل بالذات، هي أهم العوامل المحركة للتاريخ، وتحقيق التقدم اساساً في الاشياء المادية العالية التصنيع وليس بالحرية أو العدالة، وهي نظرته اصلاً في التاريخ ، ويعتبر ان التاريخ يسير في حركة فوضوية.

لكن المؤرخ الاميريكي المعاصر بول كينيدي يرى ان التطورات التكنولوجية والتحولات الاجتماعية هي القوى المسؤولة عن تقدم الانسان وهي من اهم عوامل التقدم في التاريخ لكنه لم يقدم نظرية متكاملة بعد ما فشل في الوصول إلى تقدم الانسانية من النواحي الاخرى كالمادية والثقافية…

ان المسيرة التاريخية لفهم التطور الاقتصادي جعلت البعض يبحث عن اسباب أخرى في تحديد اسباب هذه التحولات التاريخية فمنهم من اعتقد ان البيئة الجغرافية تلعب الدور الاهم في التعامل مع التحديات وفي تشكيل الثقافات والقيم والمواقف، وان الجغرافيا والبيئة وفرتا للإنسان الظروف لاكتشاف الحياة ووجهتاه نحو الاستقرار والتحول الاجتماعي والحضاري.

 

  1. نحو رؤية ووعي استراتيجي بالتاريخ في زمن التحولات

اتجه الانسان منذ فجر التاريخ إلى تكوين مجتمعات بهدف التغلب على ظروف الخيال الطبيعية وبدائية الادوات المستعملة من قبله، وقد كانت وتيرة التغير والمسيرة التاريخية بطيئة، لكن نجاحات الانسان في تطوير الادوات والاتجاه نحو الانتاج في عصر الزراعة كانت سبباً مباشرة في رفع وتيرة التحول المجتمعي، وهذا ما حصل في عمليات التطور الاقتصادية والتكنولوجية في أواخر عصر الصناعة. وأدى إلى تعدد القوى المؤثرة في حركة التاريخ والاتجاه نحو التعاون والتنافس بين المجتمعات، وقد تفككت الكثير من العلاقات الاجتماعية على حساب العلاقات الجديدة، لأن العلاقات الاقتصادية تقوم على مصالح دائمة التغير بينما العلاقات الاجتماعية تقوم على القيم والمعتقدات والتقاليد والاخلاق وهي بطبيعتها تميل نحو الثبات في التعامل والهدف.

وقد برزعامل مهم وهو الوعي في التاريخ لاستيعاب حركة التاريخ المتسارعة وادراك مختلف التطورات التي خضعت لها المجتمعات عبر تطورها التاريخي. من هنا ندرك ان التاريخ هو ما نفعله نحن، والاهتمام بالاحداث هي لمعالجة المستقبل عبر النظر لأبعاده القادمة، انطلاقاً من مخزون الذاكرة، فنحلل ونقارن الواقع الحالي بالماضي ونخضعه للتاريخ المتوقع كمستقبل نشارك في صناعته، مع الأخذ في الواقعية في الملاحظات و درجات تطوره وهذا نوع من المعالجة والرؤية في الوعي الاستراتيجي في زمن التحولات المتسارعة في العالم. والتاريخ عديم الجدوى اذا لم نجد فيه حاجتنا ونقرأ مستقبلنا واذا لم يمدنا بالمعرفة التي لا قيمة عملية فيها، فمهمته أن يبين لنا الوسيلة التي تمكننا من جعل الحاضر مستقبلاً أفضل، وذلك لا يكون إلا من خلال النظر إلى الماضي ودراسته وتحليله وتبيان مقاصده، من هنا يأتي استشراق المستقبل، وهو الوعي الجماعي للأمة، والوعي الجماعي يعني التبصر بالخطر المحدق ودراسة القرارات، وادراك المفاسد وحماية الفرد والمجتمع، واقامة موازين تحمي المجتمع تتجانس فيها طموحات الشعوب مع رؤية الدول والحكومات والمؤسسات بضرورة صناعة تاريخها من خلال تعزيز الموجود وايجاد المفقود من مصالح الشعوب. كما ان انعاش الذاكرة التاريخية هو اساس الايمان والعمل، من خلال محارب تآكل المعارف والارث والتراث التي هي اساس لكل تطور معرفي لبلوغ الاهداف ومواكبة الحضارة في عالم يقوم على التغير والنزاع.

 

5.1. تطور الوعي التاريخي الآن

التاريخ لا يستريح بل هو قطار يحمل زاد المستقبل بالوعي الجماعي الحاضر، لهذا تغير المفهوم التقليدي للتاريخ اليوم، فلم يعد العلم الذي يهتم بالماضي فقط بل اصبح علماً يهتم بالانسان واحواله المتبدلة باستمرار ويعيد دراستها بطريقة منهجية، هو علم مستمر باستمرارية الانسان في الحياة والتفاعل المستمر بين الانسان وبيئته. ولقد تخطت الدراسات الحديثة المفاهيم القديمة للتاريخ فاصبح هذا العلم يساعدنا على فهم آليات التطور والتبدل المستمر للانسان، وهذا ما عرف في الدراسات التاريخية بـ “التاريخ الآني” (لوغوف، 2007، ص 367)، وهو ما اصطلح على تسميته بتاريخ الزمن الحاضر، فتنوعت اهتمامات التاريخ من تاريخ الأحداث والسياسة ودراسة الواقع إلى الاهتمام بالتاريخ الاجتماعي والاقتصادي… وقد برزت مظاهر مهمة في المقاربات الجديدة ان كان على مستوى القضايا والمقاربات المطروحة، حيث برز عامل مهم في التاريخ الجديد كبناء الهوية الوطنية (كانادين، م. س، ص 50) وظهرت تأثيراته في بعض العلوم الانسانية كعلم الآثار الجديد والعلوم الاجتماعية في التاريخ الاقتصادي والديمغرافيا التاريخية وتاريخ العلوم والفن… كما في الميادين التي هي خارج نطاقه التفكيري استطاع التاريخ مقاربتها والتطرق اليها كعامل المناخ والطب… تحت تأثير الانتروبولوجيا البنيوية (بن سليمان، 2000، ص 19).

وانطلاقاً من مكانة التاريخ الجديد وبروز مكانة الظواهر الاجتماعية في المسيرة التاريخية، يمكن اعتبار “الوعي التاريخي شكلاً للوعي الاجتماعي “وان يتم تحليله بعناية ويشمل الوعي التاريخي للمجتمع على:

  • إعادة المجتمع انتاج ذاته من خلال معرفته بماضيه وتقييمه.
  • ان ما عرف بمفهوم عفوية الوعي التاريخي يتطلب تفسيراً، في غياب الأحكام والقواعد والأسس في النصوص الكتابية الأولى وهو ما برز في الاساطير، والعادات القديمة، والطقوس والعقائد الدينية والملاحم البطولية… وفي وصف الأحداث بين الأصيل والتخيلي والتسلسل التاريخي، والترابط السببي للأحداث…

كما ان نشأة وصياغة الفهم التاريخي بالأسس والصيغ والانتقال إلى الوعي التاريخي وإلى صياغة المعرفة التاريخية (راكيتوف، 1989، ص 51) دفعت العديد من المفكرين المعنيين بالدراسات المستقبلية إلى التبشير بعصر أكثر رفاهية، تشكل الخدمات فيه محور العملية الانتاجية، وقد اسهمت التحولات التكنولوجية والاجتماعية الثقافية التي حملتها المعرفة والعولمة وشبكة الانترنت والاعلام في تمكين العامل المعرفي من امتلاك ثروات علمية وفنية وقيم ومواقف ثقافية وتقاليد جديدة مرتبطة بثروة المعرفة، ما خلق حضارة المعرفة ونمط جديد في حياة الانسان منها تدويل الاسواق واضعاف الروابط الاسرية والعقائدية والوطنية في المجتمع، مما حتم علينا اظهار الرؤية والاستراتيجية الجديدة للتاريخ في زمن التحولات الكبرى.

 

5.2 رؤية وموقع التاريخ في زمن التحولات

حين يتحرك التاريخ الذي دوماً لا يعرف التوقف ابداً، انما حركته تكون ما بين البطء والسرعة، وتأتي حركته متجانسة مع قادة السياسة والاقتصاد والفكر والدين وغيرهم… الا انهم لا يستطيعون تحقيق اي أمر على الرغم من أهمية مواقعهم خارج أطر حاجة المجتمع. والعمليات المجتمعية هي القوى الحقيقية التي تصنع التاريخ وتوجه مساراته على كافة المستويات والاصعدة. واستمرار التطور في نواحي الحياة المختلفة بعد قيام الثورة الصناعية تسبب في تراجع تأثيرات البيئة والموارد الطبيعية والمواقع الاستراتيجية والدول، وفي احداث تغيرات في حياة مختلف الشعوب. ولقد جاء تطور العمليات استجابة لتعقيدات الحياة وتكاثر متطلباتها، فكما استحوذت العملية الاجتماعية الثقافية على دور المبادر في العصور القديمة في المجتمعات القبلية وبداية عصر الزراعة، ثم كانت السياسة والسلطة والحكم في عصر الزراعة وبوادر بداية عصر الصناعة، في عصرنا الحالي فقد لعبت العملية الاعلامية  دوراً اساسياً في التحول المجتمعي في عصر اقتصاد المعرفة.  فالعملية الاعلامية تمثل القوى الابرز في نقل الاخبار والبرامج الثقافية، وتصنيع الكتب والصحف والافلام، وقد سرعت هذه العملية اداء التجارب مع الحدث ورصدت القرارات والمواقف وتوجهات الرأي العام والعمل على اعادة الصياغة وتشكيل الحدث وبالتالي صناعة الخبر وتحريك الجمهور وتغيير المسار التاريخي للأحداث، من خلال التحكم بنوعية الخبر والصياغة والعرض، والتلاعب بمشاعر الناس، والتأثير على مواقف الرأي العام، وبعد القرن الحادي والعشرين، أصبحت أكثر العمليات المجتمعية نفوذاً وقدرة في التأثير على ثقافات وحياة الأفراد والشعوب، وقلبت بعض المسلمات الفكرية والثقافية رأساً على عقب، وهو ما ظهر من خلال بعض المجتمعات حيث تخلت عن الثقافة التقليدية، وتضاءلت اهمية الفكرة الدينية والايديولوجية، واسهمت العملية الاعلامية في نشر الأفكار الجديدة والقوة والهيمنة وهذا ما اشار اليه ادوار سعيد بقوله: “وإذ تمتد دراسة الثقافة إلى وسائل الاعلام، والثقافة الشعبية، والسياسياتِ الصغرى، وهلمّ جراً، فان التركيز على أنهاج القوة والهيمنة يصبح أكثر حدّةً ودقةً” (سعيد، 1998، ص 127 ).

كما استخدم الاعلام ايضاً في تسخير الشعوب واحكام القبضة على السلطة من خلال الحكام المستبدين ما خلق نوعاً من التطور في الاداء لم يكن موجوداً من قبل، وقد استخدمت لتشكيل المواقف العامة بما يخدم النخب السياسية الحاكمة والاقتصادية المتحكمة في الدول، بالاضافة إلى شبكات التواصل الاجتماعي والمدونات الشخصية كقنوات بالغة التأثير في التعبير وحشد الآراء، ولم يقتصر استخدامها على المطالبات الشعبية وفي التأثير على التفكير السياسي والتقاليد الاجتماعية، بل ايضاً منصات هامة واساسية تستخدمها الشركات للتسويق والتعليم والمكتبات والجمعيات تحت مسميات مختلفة (كنعان، 2014، ص 160).

ومع حلول عصر العولمة وما رافقه من تكامل اقتصادي وحتى ما يسمى بالتلاقح الاقتصادي على المستوى الدولي وشيوع الفكر الديمقراطي، عملت الأقليات العرقية والدينية المضطهدة على اعادة احياء ثقافتها، بعدما اندمجت لفترة معينة في الغالبية العددية، وبرزت دويلات صغيرة وتقسيمات سياسية وتجزئة المجتمعات.

استطاع الاعلام بفضل قدرته الوصول إلى كافة قطاعات الشعب، وتقديم البرامج من خبراء يقومون بتعليل الأحداث السياسية والمعلومات الاقتصادية، وسياسيين مثقفين مما خدم الرسالة الاعلامية وأهدافها، ومن الواضح ان المساهمين في صنع التاريخ من رجال سياسة واقتصاد وفكر واعلام وفلسفة لا يمكن ان يحققوا اهدافهم إلا من خلال العمليات المجتمعية، وقدراتهم في التأثير على حركة التاريخ تعتمد في وعيهم لأهمية تلك العمليات، فعمدوا إلى استعمال الادوات الاعلامية والتحولات في أنماط استخدامها من الأغراض الاجتماعية والتجارية والسياسية (كنعان، 2014، ص 179- 180)، وتحقيق القدرة التنظيمية والدعائية على تأطير القوى الشعبية وتوجيهها لتأييد رؤية معينة.

جاءت التحولات التاريخية نتيجة لفعل العوامل المتغيرة منها الطبيعية والاجتماعية والعلمية والتكنولوجية والاقتصادية (العلي، 2006، ص 60- 63)، ولقد اسهمت الرؤية الجديدة للتاريخ في تحديد مسارات عمليات أخرى كالاعلامية والمعرفية، ولم يعد صنع التاريخ في متناول يد الأفراد مهما عظمت قوتهم، ولا من دول تملك عناصر القدرة العسكرية والاقتصادية، بل اصبحت نتاجاً لفعل عمليات مجتمعية ذات طبيعة ديناميكية لا تخضع لسيطرة سلطة أو قانون أو تقليد أو منطق تاريخي بل حاجات الناس ومصالحها الراضخة تحت تأثير التطور التكنولوجي وثورة المعلومات وعصر المعرفة بعيداً عن الثقافات التقليدية، مما سيخلق أنظمة وافكار لم تكن معروفة بفعل التحول التاريخي. وهذا يعني ان العالم المتحول يفرض على الناس تقبل انظمة لا تحكمها قواعد معروفة ولا توجهها تيارات تغيير محددة، هذا ما يدفع إلى تحرر بعض الأفراد والجماعات من التراث والقيادات التاريخية وربما هذه التحولات تتعارض مع القيم ومفهوم العدالة والاخلاقيات التي كانت سائدة عبر التاريخ. لذلك ان الوعي الاستراتيجي لكل مجتمع لهذه العمليات يعتمد بالدرجة الأولى على فهم طبيعتها، ومعرفة وقراءة هذه التحولات، وكيفية وقدرة تأثيرها على الفرد والمجتمع وبالتالي التأثير على مجرى التاريخ وعمليات صنع المستقبل.

 

  1. اعادة كتابة التاريخ بين الموضوعية والذاتية

حظي التاريخ باهتمام الحكام والملوك والمفكرين والمثقفين، بوصفه سجلاً لانجازاتهم ولتطور المجتمعات الانسانية وما مرت به من أحداث كبيرة، فقد كان هناك احداث وادعاءات في الماضي من غير الممكن اثباتها، لأن اي حديث عن التاريخ يصبح مجالاً لاختلاف الآراء، لهذا فان اي معلومة قد تكون قوية وقد تكون ضعيفة، ولكن ليست حقيقة لا يطالها اي شيء، ولما كانت القوى والافكار التي تقوم بتشكيل التاريخ لا تعمل في معزل عن بعضها البعض، بل كان هناك سجلات في التاريخ تعكس مسلسلاً وهي عملية متواصلة من التغيرات والتحولات المجتمعية والاقتصادية والثقافية…

وفي كل الأوقات دار جدل حول اعادة كتابة التاريخ، وظهرت وجهات نظر متعددة ومتباينة تدعو إلى ذلك، فالبعض “يدعو إلى ذلك من منطق ان احداث التاريخ تتجدد رؤيتنا لها، ومن ثم فعلينا تقييم هذه الاحداث في ضوء تطورالمناهج التاريخية والوعي التاريخي” (الحويري، 2001، ص 234 ). وهذا يعود أولاً إلى ان الاكتشافات الحديثة من خلال اعمال المنقبين والآثاريين غيرت الكثير من بعض الاحداث واحوال الحضارات القديمة ثم في العصور الوسطى حيث  ظهر الكثير من الروايات التاريخية ومن تزييف تاريخي لكثير من الحقائق عبر بعض المؤرخين عن قصد أو غير قصد، كما ان هناك بعض المستشرقين الذين قاموا بكتابة تاريخ الشرق لخدمة الاستعمار أو التبشير على الرغم من اتقانهم أدوات البحث العلمي وفن صناعة التاريخ (عبده، 1989، ص20) ، كما ان عصرنا الحاضر تكثر فيه اساليب الدعاية والترويج للأفكار والثقافات لأجل الغايات الاقتصادية أو الايديولوجية أو السيطرة والفوضى في الدول، وتعدد الوسائل التكنولوجية في عصر المعرفة أدخل التاريخ إلى المنازل وهذا الأمر يتطلب وعياً لهذه الوسائل المقروءة والمسموعة أو المرئية في صورة عملية أو درامية و تمثيلية.

صحيح ان الماضي ولى ولا سبيل لاستعادته، لكن البحث التاريخي لا يسعى للعودة إلى الماضي بقدر ما يسعى إلى استرداده  لصورته الحقيقية في ذلك الوقت للأحداث التي ربما هي مصدر جدل لدى المؤرخين ولكي نحاول رسم صورة أقرب ما تكون إلى الحقيقة الكاملة اذا امكن، ولنتجنب الوقوع في المحظور في عصرنا الحالي، وهذا الأمرلا يمكن حدوثه الا باخفاء الصفات الاخلاقية لبعض المؤرخين، وعدم التبرير للمنتصر الحق التاريخي وان المنهزم مجرم، لأن بالنظر إلى ما قام به المنتصرون والمهزومون في الماضي من افعال لا يمكن تبريرها، فكل من شارك في صنع احداث تاريخية هم قادة مذنبون ولو بدرجات متفاوته، وهذا ينطبق على العالم في القرن الحادي والعشرين مع توجه غالبية الاعلام إلى الخداع وتزييف الحقائق.

ولما كانت كل الحقائق التاريخية موضع شك، لا بد ان تتم عملية تقييمها حتى تصبح ذات أهمية وبالتالي وصفها مع ما نتج من تبعات في اطار يحدد موقعها من حركة التاريخ.

 

الخاتمة

لماذا التاريخ؟ التاريخ هو تلك الصيرورة التي تواكب الانسان في رحلته المستمرة في رحاب الزمن، ساعياً وراء المعرفة منذ عصر الأسطورة حتى عصر العلم وتكنولوجيا المعرفة والمعلومات.

لقد سعى الانسان في رحلته منذ فجر التاريخ باحثاً، فاحصاً، متسائلاً، درس الأحداث ووقائع الماضي والذاكرة والأرث والتراث، وتمكن من مقاربة التاريخ من خلال فكرة التقدم والتطور كأساس يحركه، والسؤال هل للإنسان دور في صناعة التاريخ؟

في “تاريخ التاريخ” تظهر ثلاثية هذا العلم: الانسان والزمان والمكان، وتطور الأمم والثقافات، وتكوّن المدارس المتنوعة في الفكر التاريخي، وتبلور فلسفات هذا العلم، حتى صار التاريخ جزءاً مهماً من ثقافة وحضارة الانسان بين الأمم والشعوب المتنوعة.

هكذا علينا ان نبحث عن التاريخ ونكتبه، بوصفه طريقاً للمعرفة في زمن التحولات نحو وعي جديد، وضمن تحديات كبيرة يواجهها العلماء في عصر المعرفة، تتطلب وعياً ورؤية استراتيجية أكثر انسانية وميلاً وقبولاً للتنوع الحضاري والثقافي الذي يثري المجتمعات ويعزز الانسانية جمعاء.

الهوامش

استاذ محاضر في كلية الآداب والعلوم الانسانية- الجامعة اللبنانية

Professor at the Faculty of Letters and Human Sciences – Lebanese University. Email: ghorlyimad@gmail.com

 

المصادر والمراجع

أولاً: العربية     

  • أدهم، علي، 1977 . تاريخ التاريخ. القاهرة: دار المعارف.
  • بالروين، محمد محمد، 1995. مذاهب فلسفية كبرى. بيروت: دار النهضة العربية.
  • الحواري، محمود، 2001. منهج البحث في التاريخ. مصر: المكتب المصري لتوزيع المطبوعات.
  • ربيع، محمد عبد العزيز، 2015. صنع التاريخ (نظرية في التاريخ وتطور الحضارات). عمان (الاردن): دار اليازوري العلمية للنشر والتوزيع، عمان.
  • زريق، قسطنطين، 1985. نحن والتاريخ (مطالب وتساؤلات في صناعة التأريخ وصنع التاريخ) ، ط 6. بيروت: دار العلم للملايين.
  • سعيد، ادوار، 1998. الثقافة والإمبريالية، ط 2. ترجمة: كمال أبو ديب، بيروت: دار الآدب.
  • سلطان، جاسم محمد، “فلسفة التاريخ” الفكر الإستراتيجي في فهم التاريخ، المنصورة: مؤسسة أم القرى للترجمة والتوزيع، 2005، ط 1.
  • سلطان، جاسم، 2015. نحو وعي استراتيجي بالتاريخ ، ط 1. بيروت: الشبكة العربية للأبحاث والنشر.
  • سليمان، فريد بن، 2000. مدخل إلى دراسة التاريخ. تونس: مركز النشر الجامعي.
  • الشيخ، رأفت، 2000. تفسير مسار التاريخ (نظريات في فلسفة التاريخ). الهرم (القاهرة): عين الدراسات والبحوث الإنسانية والإجتماعية.
  • صبحي، أحمد محمود، 1975. في فلسفة التاريخ. الإسكندرية: مؤسسة الثقافة الجامعية.
  • عثمان، حسن، 1965. منهج البحث التاريخي. القاهرة: دار المعارف.
  • عبده، سمير، 1989. صناعة تزييف التاريخ. دمشق: دار الكتاب العربي.
  • العلي، عبد الستار، 2006. المدخل إلى إدارة المعرفة. دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة.
  • كنعان، علي عبد الفتاح، 2014. الإعلام والمجتمع، ط 1. عمان: دار اليازوري العلمية للنشر والتوزيع.
  • مصطفى، شاكر، التاريخ العربي والمؤرخون (دراسة في تطور علم التاريخ ومعرفة رجاله في الاسلام) ، ج 1. بيروت: دار العلم للملايين.
  • مؤنس،حسين، 1978. “الحضارة”. سلسلة شهرية (عالم المعرفة). الكويت: المجلس الوطني الثقافي والفنون والآداب.
  • مؤنس،حسين، 2001. التاريخ والمؤرخون ” دراسة في علم التاريخ ماهيته وموضوعاته ومذاهبه ومدارسه عند أهل الغرب وأعلام كل مدرسة وبحث في فلسفة التاريخ ومدخل إلى فقه التاريخ”، ط 2. القاهرة: دار الرشاد.
  • مهورباشة، عبد الحليم، 2016. فلسفة التاريخ (مدخل إلى النماذج التفسيرية للتاريخ الإنساني، ط1. بيروت: مركز نماء للبحوث والدراسات.
  • الهاشيمي، عبد الرحمن، فائزة الغزاوي، 2007. المنهج والاقتصاد المعرفي، ط 1.،عمان: دار المسيرة للنشر والتوزيع.

 

ثانياً: المعرّبة 

  • بارنز، هاري المر، 1987. تاريخ الكتابة التاريخية، الجزء الاول والثاني. ترجمة: محمد عبد الرحمن برج. مصر: الهيئة المصرية العامة للكتاب.
  • باومر، فرانكلين، 1988. الفكر الاوروبي الحديث، ج 2. ترجمة: احمد حمدي محمود. القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب.

 

  • راكيتوف، اناتولي، 1989. المعرفة التاريخية. ترجمة: حنا عبود، دمشق: مكتبة الفيحاء.
  • غورفيتش،جورج، 1988. الأطر الاجتماعية للمعرفة. ترجمة: خليل احمد خليل. بيروت: المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر.
  • كاسيرر، أرنست، 1997. في المعرفة التاريخ التاريخية. ترجمة: احمد حمدي محمود، القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب.
  • كانادين، ديفيد، 2006. ما التاريخ الآن؟ ، ط 1، العدد: 1092. ترجمة: قاسم عبده قاسم، الجزيرة (القاهرة): المجلس الاعلى للثقافة.
  • كانت، آمانول، 1997. نظرة في التاريخ العام بالمعنى العلمي (مقال). ترجمة: عبد الرحمن بدوي ومن كتابه، النقد التاريخي،القاهرة: دار النهضة العربية.
  • لوغوف، جاك، 2007. التاريخ الجديد. ترجمة: محمد الطاهر المنصوري، بيروت: المنظمة العربية للترجمة.
  • هورس، جوزف، 1986. قيمة التاريخ، ط3. ترجمة: نسيم نصر، بيروت: منشورات عويدات.
  • هيردوت يتحدث عن مصر. ترجمة: محمد صقر خفاجة. القاهرة: دار القلم.

 

ثالثاً: الاجنبية

  • Dray, William, 1980. Perspectives on History. Routledge and Kegan Paul.
  • Feuer, Lewis S. 1959. Basic Writings on Politics and Philosophy. Ed, Marx and Engels Anchor Books Edition.
  • Galbraith, Kenneth, 1996. The Good Society. Houghton Mifflin.
  • Hegel, George Wilhelm Friedrich, 1936. The philosophy of History. Dover Publications.
  • Hook, Sidney, 1963. Philosophy and History, New York:
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

free porn https://evvivaporno.com/ website