foxy chick pleasures twat and gets licked and plowed in pov.sex kamerki
sampling a tough cock. fsiblog
free porn

رحلة في حضرة –  الاكتئاب النّفسيّ –

0

رحلة في حضرة

–  الاكتئاب النّفسيّ –

د. محمد عبد الأمير جابر([1])

تحت تسمية الأعصبة Néuroses كان يقصد الاضطرابات النّفسيّة التي تعبر عن نفسها من خلال المخاوف المبالغ فيها، والتي يعتقد أنه العوامل النّفسيّة التاريخ حياتيّة كامنة خلفها. وقدعُدَّت الأعصبة الوجه المعاكس للذُهانات Psychoses، التي كان يعتقد أنّها ترجع لعوامل جسديّة.

لكن تُخُلِّيَ عن استخدام مصطلح الأعصبة لصالح تقسيم تمايزي تفريقيّ ضمن مجموعات مختلفة من الاضطرابات. فلم يعد هذا المصطلح مستخدمًا كوحدة تصنيفيّة، ذلك أنّ الاضطرابات النّفسيّة التي كانت تصنف تحت المفهوم العام للأعصبة تختلف في ما بينها من حيث الأسباب والمنشأ والتّطور والاستجابة للعلاج.

ويعدّ التحليل النّفسيّ أو علم الأعصبة. وقد نشأت في مدرسة التحليل النّفسيّ بدءًا من فرويد نظريات عدة حول الأعصبة. والسّمة العامة للأعصبة وفقًا نظرية التّحليل النّفسيّ تمثلت في اعتبار العوامل النّفسيّة وبشكل خاص كبت المخاوف والصعوبات الجنسيّة السببب الكامن خلف نشوء الأعصبة.

ووفقاً لهذه الرؤية فإن الاضطرابات في النمو الطفلي المبكر تظل في اللاشعور كمركب وتسبّب ردود فعل عصابية مختلفة، وذلك حسب نوع الاضطراب وتمثله. وفي المراجع العلمية التشخيصية ثم استخدام مصطلح “الأعصبة” الاجتماعيّ للاضطرابات النّفسيّة. وقد جلب كل من الاتجاه النّفسيّ والاتجاه الاجتماعي رؤى أساسية في الأسباب المرضية للاضطرابات النّفسيّة، الأمر الذي يبرر أهمّية التعاون بين هذين الاتجاهات.

استنادًا إلى ذلك يُعدُّ الفرد وحدة بيولوجية – نفسيّة محددة في نشاطه الحياتي بالظروف الاجتماعيّة وبالبيئة. والوجود الإنساني مرتبط أساسًا بالتناقضات بين الفرد والمحيط. ويمكن النّظر للأعصبة على أنّها اضطرابات في الشّخصيّة ناشئة عن صراع الإنسان مع الواقع المحيط وعن الصّراعات التي تحطم الروابط الاجتماعيّة وتعزله. وتظهر هذه التناقضات بين الفرد وشروط الواقع الاجتماعيّ وعلى أساس هذه التناقضات يمكن أن تشكل الأعراض النّفسيّة والجسديّة في المواقف المشحونة ذاتيًّا بالصراع والتي يمكن اعتبارها “ظواهر تنظيم”(1).

  • العصاب

يطلق العصاب النّفسيّ على مجموعة من الأمراض تشترك في ما بينها في أعراض وليس لها أسباب عضويّة بدنية تؤدي إليها، إنما هي أعراض وظيفيّة تنتج صراعات نفسيّة تتميز بأعراض متباينة تؤثر في الوجدانات والأفكار والوظائف البدنيّة(1). يشير العصاب، أيًّا كان نوعه إلى اضطراب في بعض الوظائف النّفسيّة للفرد. ولهذا الاضطراب عدد من الأعراض تشير إلى قلق الفرد. ولهذا القلق أنواع ومصادر كثيرة تختلف من اضطراب لآخر، هذا من حيث الأعراض. أمّا من حيث أهداف سلوك العصابي فكلها تتمركز حول مصدر قلقه فهو يترقبه، أو ينقله معه أينما حلّ، أو يقوم بمحاولات يظن أنها تساعده على تخفيفه(2).

  • نظرية التحليل النّفسيّ العصاب

يرى فرويد Freud أنّ العوامل الرئيسة التي تحدد ماهية الشّخصيّة، وتسبب الاستجابة العصابيّة، هي مؤثرات بيئية تظهر في الخمس سنوات الأولى من حياة الفرد، وأن أيّ صدمة نفسيّة خلال هذه المدّة، تؤثر على النّمو الجنسيّ للطفل، وتجعله في حالة “تثبيت” ولا يستطيع العبور بعدها للمرحلة التالية، ما يؤثر في ما بعد على حالته النّفسيّة، فتظهر الأمراض النّفسيّة عند تعرضه لأيّ إجهاد أو شدة(3). وقد وصل فرويد من خلال نتائج التحليل النّفسيّ الذي أجراه لمرضاه إلى أنّ عوامل تعين على حدوث التثبيتات منها:

  • الإشباع المسرف في مرحلة معيّنة يجعل الطفل يترك هذا المستوى من النّمو بصعوبة.
  • الإحباط الشّديد في مرحلة معينة يجعل الطفل يجد صعوبة في تخطي هذا المستوى إلى المستوى التالي طلبًا للإشباع الذي كان ينتظر في هذه المرحلة.
  • قد يتسبب الإشباع المسرف والإحباط الشّديد في إحداث التثبيت، لأنّ الطفل في ظل الإشباع المسرف يكون عاجزًا عن مواجهة أقل الإحباطات، مما يكون ميسورًا على الآخرين مواجهته. وكثيرًا ما يكون التناوب بين الإشباع المسرف والإحباط الشديد هو العامل الحاسم وراء التثبيت.

 

وعندما يكون الفرد مثبتًا على مرحلة معينة فإنه يواجه صعوبات العالم الخارجي والإحباط الذي يكشف هذه الصعوبات بأن ينكص إلى المرحلة التي تمثل “فردوسه المفقود” والذي سبق أن نعم فيه بالمتعة في حالة الإشباع الزائد، أو تمثل النقطة التي توقف عندها العطاء العاطفي الذي كان يتلقاه، وعودته إلى هذه المرحلة تعني أنه يريد أن يواصل استمتاعه بالإشباع الزائد أو أنه يريد استئناف تلقي العاطفة(1).

وقد ميّز فرويد بين العصاب الحقيقيّ وبين العصاب النّفسيّ، وأن العصاب الحقيقي يظهر نتيجة حالات جسمية تنشأ من اضطراب الحياة الجنسية للفرد (الإنغماس الزائد)، أما العصاب النّفسيّ فهو سيكولوجي المنشأ، أيّ أنّ العصاب النّفسيّ ينشأ نتيجة صدمة نفسيّة جنسيّة خلال السنوات الأولى. ثم فسر السّلوك العصابيّ على أساس الصراع الأوديبيّ بين الطفل وأحد الوالدين من الجنس الآخر؛ ثم أضاف أن أصل العصاب النّفسيّ هو الصراع بين مكونات الشخصية (الهو، الأنا، الأنا الأعلى)(2).

  • العصاب عند هورني

عدَّت كارين هورني Horney أنّ القلق الأساسيّ سبب العصاب، وهو شعور بالبؤس وسط عالم معادٍ، ويظهر من التفاعل بين مشاعر القلق والكراهية التي تنبعث من إهمال الوالدين للطفل. وتؤكد هورني على أن العصاب ينتج من مشاعر الطفل العدوانيّة نحو الوالدين اللذين ينبذان الطفل. فعندما يشعر الطفل بالنّبذ أو الطرد يتكون لديه دوافع نحو العدوان، ولكنها تهدد الطفل تهديدًا خطيرًا بسبب المحرمات الثقافيّة التي أصبح الطفل يعتنقها كقيمة شخصية، والتي تعارض بكل شدة أي هجوم على الوالدين، وعلى ذلك فالطفل يكبت دوافعه العدوانية. مثل هذا الطفل لم تتح له الفرصة لتوكيد ذاته، ويصبح كثير الشّكوى ويفشل في البحث عن تعبير عن دوافعه الطبيعيّة ويبذل كثيرًا من طاقته في محاربة رغباته الشّريرة(3).

إنّ أكثر ما يميز المرض بالعصاب النّفسيّ أهميّة عن الأسوياء هو جمودهم في السّلوك وفي استجاباتهم للمواقف المختلفة. وترى هورني أن هناك أربعة عوامل تؤدي أدوارًا مهمّة في العصاب النّفسيّ، وهذه العوامل هي: الحاجة الملّحة إلى العدوان، الحاجة الملحة إلى القوة، الخنوع المرضي، الإنزواء المرضي(4).

وفي سعيها لإبراز أسباب نشوء الصراعات داخل الشخصية تولي هورني اهتمامًا للتناقض بين حاجات الفرد الواحد وإمكان تلبيتها في ظل الحضارة القائمة. وتدرس هذه المسائل من وجهة نظر العلاقات بين الناس. وبحسب علاقات الشخصية بالناس المحيطين بها تميز هورني المطالب، الموجهة نحو الناس، أو ضدهم، أو بعيدًا منهم. وكل علاقة من هذه العلاقات تتصف بتعزيز عنصر من عناصر “القلق الأساس” حيث يكون الدور الأساسي في الحالة الأولى، للضعف الإنساني، ولروح العداء، في الحالة الثانية، وللعزلة في الحالة الثالثة. وإن الصراع الناشئ من هذه العلاقات بين الناس هو “صراع أساسي” يشكل نواة العصابات كلها. وإذا كانت مطالب الشخصية نحو الناس وضدهم وبعيدًا منهم، في حال تطورها الطبيعيّ، ليست مطالب متنافرة، لا يستثني أحدها الآخر، فإنّ التّوازن بينها يكون مختلًا في الشّخصية العصابيّة، حيث يسيطر اتجاه من هذه الاتجاهات الثلاثة(1).

  • إريك فروم

يركّز فروم Fromm على أن العصاب غالبًا ما يحدث بسبب الثّقافة التي يحيا فيها الإنسان. يرى فروم أن طبيعة الإنسان ووجدانياته وقلقه نتاج ثقافي. وأنّ أحسن ما في الإنسان وأسوأ ما فيه ليس من خصائص جهاز بيولوجي ثابت ولكن من نتاج عملية اجتماعيّة هي التي تخلق الإنسان.

ويواجه الإنسان مصاعب عصابيّة نتيجة للحاجات الجديدة التي تولدها ثقافته وللقيود والإحباطات التي تثقل بها الثقافة كاهله. فشهوة التسلّط عند الإنسان ورغبته في الخضوع على سبيل المثال ليست حاجات بيولوجية، ولكنها حاجات نمت من خامة الطبيعة البشريّة بعوامل ثقافيّة معيّنة. وإذا كانت الثقافة مريضة وعوامل الهدم فيها هي الغاية من الإحباطات التي يتعرض لها الفرد تؤدي به على أنه يكون هدّاماً لنفسه ولغيره.

وطبقاً لـ فروم فالعصاب دائمًا يحدث نتيجة صراع بين قوتين متضادتين، إنّه يحدث عندما تتصارع دوافعنا الفطريّة السّوية نحو تحقيق الذّات والاستقلال، مع التأثيرات الوالديّة الاجتماعيّة، وكذلك بين الزيادة الجزئية في الرغبات القوية المتعارضة لعزل الذات الحقيقية والنكوص إلى طبيعتنا الحيوانية غير المستقلة.

والعصاب هو إطار تكيفي غير منتج (غير منتج مع التكيف) يشبه إلى حد ما الاعتقادات الشخصية غير الرشيدة(1).

ويعدُّ فروم أن الأسرة – ومن ورائها المجتمع – مسؤولة عن التنشئة السليمة للفرد، والصحة النّفسيّة للفرد رهن بتوفير معادلة متوازنة بالحب والحنان للأسرة. أمّا إذا تعرض الفرد لأسباب خاطئة أو فعالية في التربية، فإن الإنسان يشعر بالوحدة والعجز والاغتراب والعزلة التي تؤدي به دائماً إلى الشّعور بالإنتمائية إلى الغير والتمسك معهم فيستخدم طرقاً للإنتمائ، وتكون في العادة واحدة من ثلاثة: إما السادية- المازوشية، أو الهدم، أو الإنصياع الآلي، وتسمى هذه الطرق بالعمليات الهروبيّة(2).وتتمظهر الآليات النّفسيّة – الاجتماعيّة في كل سلوك إنساني، إذ إنّ “الظواهر التي نلاحظها في الشّخص العصابيّ لا تختلف من ناحية المبدأ عن تلك الظواهر التي نجدها في الشّخص السويّ. كل ما هنالك أنها أشد بروزًا ووضوحًا ومكشوفة أكثر لإدراك الشّخص العصابيّ عما هي عليه لدى الإنسان السّوي الذي ليس على دراية بأية مشكلة(3).

  • الاكتئاب

يعدُّ الاكتئاب من أكثر الظواهر النّفسيّة انتشارًا، ويمكن القول إنّ أيّ شخص قد يتملكه شعور بالحزن أو الضيق، أو يشعر باضطراب يمنعه من ممارسة أنشطة الحياة المعتادة، كالعمل وتناول الطعام والنوم… كل هذه العلامات هي في الغالب دلالة على الاكتئاب النّفسيّ، غير أن هناك خطأ شائعًا نقع فيه حين نتوقع أن الشخص الذي يعاني من الاكتئاب لا بدّ أن تبدو عليه علامات الحزن والأسى الشديد بصورة واضحة للجميع، والجميع يتوقع أن يكون المريض المكتئب في حالة من الحزن الواضح، لكن الواقع أن مظهر الحزن وحده ليس دليلًا على الاكتئاب أو مرادفًا لوجود هذا المرض في كل الأحيان، ولكن الاكتئاب له مظاهر وعلامات أخرى.

ويطلق على الاكتئاب مرض العصر الحاليّ، وهو أحد أكثر الأمراض النّفسيّة انتشارًا، وتؤدي الإصابة بالاكتئاب إلى العزلة وفقدان الاهتمام بالحياة وتزايد احتمالات الانتحار.

وقد عرّفت جمعية الطب النّفسيّ الأميركية الاكتئاب بأنّه مجموعة من الانحرافات لا تنجم عن علّة عضوية أو تلف في المخ بل هي اضطرابات وظيفيّة ومزاجيّة في الشّخصيّة، ترجع إلى الخبرات المؤلمة أو الصدمات الانفعاليّة، أو إلى إضطراب علاقات الفرد مع المحيط الاجتماعيّ الذي يعيش فيه ويتفاعل معه وترتبط بحياة الفرد وخاصة طفولته، وهو محاولة شاذة للتّخلص من صراعات واضطرابات تستهدف حلًا لأزمة نفسيّة ومحاولة لتجنب القلق، قد تفلح في هدفها بقدر قليل أو  كبير أو تكون محاولة خائبة لا تجدي في خفض القلق(1).

الاكتئاب هو حالة انفعالية تتضمن تغيرًا محددًا من المزاج مثل مشاعر الحزن والقلق واللامبالاة، ومفهوماً سالباً عن الذات مع توبيخ الذات وتحقيرها ولومها ووجود رغبات في عقاب الذات مع رغبة في الهروب والموت، وتغيرات في النشاط مثل صعوبة النوم والأكل وتغيرات في مستوى نقص زيادة النّشاط(2). وقد يصحب استجابة الاكتئاب عادة بعض أعراض القلق وأحيانًا الأعراض الهستيرية، وكثيرًا اضطراب الشّخصيّة(3) وتتداخل أعراض الاكتئاب مع أعراض العصاب القهري، فيصاحب الاكتئاب هذيان حاد حول فكرة معينة تلحّ على المريض مضمونها العذاب تكفيرًا عن شعور عميق بالذّنب على الرّغم من إدراك المريض لسخافة الفكرة المسيطرة عليه، مما قد يدفع البعض للإعتقاد بأن مثل هذه الحالة عصاب قهري. الاكتئاب هو حالة وجدانية من الحزن المستمر والتشاؤم وعدم الرّضا والشّعور بالذّنب والعجز واليأس.. وهذه تعدُّ ردات فعل للأحداث الصّادمة والمحيطة التي يواجهها الفرد في حياته اليوميّة.

  • تصنيف الاكتئاب

للاكتئاب أنواع عديدة منها:

  • الاكتئاب الخفيف: ويبدور في شكل شعور بالإجهاد وثبوط العزيمة وعدم الشّعور بلذة الحياة.
  • الاكتئاب البسيط: ويكون المريض في حالة ذهول غير قادر على تحمل المسؤوليّة ويشعر بالذّنب والتفاهة.
  • الاكتئاب الحاد: وهو أشد صور الاكتئاب حدّة، ويشعر المريض بموجة من الحزن والانقباض والرّغبة في البكاء، ويصعب عليه إدراك ما حوله وتبدو عليه البلادة الذّهنيّة، ويفقد الشّهيّة ولا ينام إلاّ قليلًا، ومن الأعراض المألوفة شكوى المريض من كثير من الأمراض الجسمية التي لا وجود لها(4).
  • الاكتئاب العصابي: عادة ما يكون نتيجة لبعض الأزمات الخارجية أو نتيجة لفشل في أداء عمل أو علاقة اجتماعيّة وثيقة. ويعاني المريض من الكراهيّة المكنونة بسبب الرفض الانفعاليّ الذي يكون قد تعرض له في طفولته وبلوغه، وهذه الكراهية المكبوتة تتجه إلى المريض ذاته لأنه لا يستطيع أن يعبر عنها تعبيراً خارجياً ملائماً. وعندما توجه الكراهية داخلياً إلى ذاته فإنه يشعر بعدم الأهمية والكفاءة وقد تصل الكراهية الموجهة داخلياً إلى الانتحار(1).
  • الاكتئاب الذهانيّ: ويكون مصحوبًا باضطرابات عقليّة أكثر شدة مثل الهواجس وتتزايد حالات الانتحار وخاصة عندما يكون مصحوبًا باضطرابات وأزمات نفسيّة أو جسميّة أو اجتماعيّة.

ويمكن التفريق بين الاكتئاب العصابيّ والاكتئاب الذهانيّ في الدرجة، إذ إن مريض الاكتئاب الذّهاني يفقد الاتصال بالواقع الخارجيّ وتصاحب أوهام وهذيان(2).

  • أعراض الاكتئاب: يرى كثير من العلماء أن الأعراض الجوهرية أو الرئيسة للاكتئاب هي العزلة والتّقلب المزاجيّ والشّعور بالذّنب والشّعور باليأس.

العزلة عرض رئيس للاكتئاب من نتائجه الوحدة. كما أن الشّعور بالذّنب والشّعور باليأس كعرضين رئيسيين للاكتئاب. كما يتسم الاكتئاب بالحزن والتشاؤم ووجود أفكار سوداويّة وأفكار انتحاريّة ومحاولات للانتحار وتتجلى الأعراض الشّائعة أو الأساسية للاكتئاب العصابيّ في:

  • الأعراض الجسديّة: انقباض الصدر والشّعور بالضيق – الصداع والتعب والألم خاصة آلام الظهر – ضعف النّشاط العام والضعف الحركيّ – فقدان الشّهية – الضعف الجنسيّ(3) – اضطرابات النّوم – الأعراض الانفعاليّة – اضطراب الجهاز الهضمي – التعرق – إضطرابات البول(4).
  • الأعراض الانفعاليّة: الشّعور بالوحدة – الانسحاب الاجتماعيّ – التردّد – الشّعور بالفشل – التّشاؤوم واجترار الأفكار السوداء – نوبات البكاء – الشّعور باليأس – الكآبة والحزن والغمّ – الشّعور بالنقص – فقدان الإهتمام بالعالم الخارجي – فقدان القدرة على الحب – الميل نحو تأنيب الذات ولومها – مشاعر الخوف – فقدان الأمل(1).
  • الأعراض المعرفيّة: نقص القدرة على التفكير بوضوح – صعوبة الإدراك – توقع الفشل – التقييم الذاتي السلبي للأداء – المبالغة غير المعقولة – الشرود – التردد في إتخاذ القرار(2).
  • الأعراض السّلوكيّة: الشّعور بالإجهاد – نقص التفاعل والتواصل مع الآخرين – الضجر وعدم الاستقرار – نقص الإنتاجيّة في العمل– إنخفاض الصوت أثناء الكلام – ارتسام علامات اليأس – قضم الأظافر – اللامبالاة بالبيئة وبالنفس – عدم الاهتمام بأمور حياته اليومية(3).

3- أسباب الاكتئاب

الأسباب النّفسيّة والاجتماعيّة: وهي الأهم ومنها: التوتر الانفعاليّ والظروف المحزنة والخبرات الأليمة والكوارث القاسية، والانهزام أمام الشدائد – الحرمان (ويكون الاكتئاب استجابة لذلك) وفقد الحب والمساندة العاطفية وفقد حبيب أو فراقه أو فقد ثروة أو فقد المكانة الاجتماعيّة ، والفقر الشديد – الصراعات اللاشعورية – الإحبااط وخيبة الأمل والكبت والقلق – ضعف الأنا الأعلى واتهام الذات والشّعور بالذّنب – والرغبة في عقاب الذّات – الوحدة – الخبرات الصّادمة والتّفسير الخاطئ غير الواقعيّ للخبرات – التربية الخاطئة (التفرقة في المعاملة والتسلط والإهمال…) – عدم التطابق بين مفهوم الذّات الواقعي وبين مفهوم الذات المثالي(4) – سوء التوافق ويكون الاكتئاب شكلًا من أشكال الانسحاب ووجود الكره أو العدوان المكبوت.

 

4- النظريات النّفسيّة في تفسير الاكتئاب

  • نظرية التحليل النّفسيّ Psychonalysis:

يرى فرويد Freud أن العصاب ينشأ نتيجة لصدمة تفسية خلال السنوات الأولى من حياة الإنسان، وهو أساس الصراع الأوديبي (بين الطفل وأحد الوالدين من الجنس الآخر). وفسّر الاكتئاب على أنه نكوص للمرحلة الفمية السارية في التطور الجنسي للشخصية، وأن المكتئب يحمل شعوراً متناقضاً ناحية موضوع الحب الأول (الأم) ونتيجة للإحباط، وعدم الإشباع في مراحل نموه الأولى، يتولّد عنده الإحساس بالحب والكراهية، وعندما يصاب بخيبة الأمل عند نضوجه فإنه ينكص لحاجته الأولية، وبعمليات دفاعية لا شعورية من الإسقاط والإجتياف والنكوص(1). وافترض أن الاكتئاب يشبه الحزن ويختلف عن السوداوية في مسألة اتهام الذات إذ يتغلب العدوان في الحالات التي تقدم على الانتحار إلى الذات، وقد أرجح حالة السوداوية إلى النكوص إلى المرحلة الفمية(2)، إذ يرتد المريض إلى مرحلة الطفولة إلى المرحلة التي لا يستطيع فيها أن يفرق بين نفسيته وبيئته، وبسبب التناقض الوجداني يتحرر جزء من طاقة الليبيدو لتعزيز العدوان الموجه نحو الذات(3).

وقد وضع فرويد عدة افتراضات تشرح تطور الاكتئاب لدى الفرد وهي:

أن يجتاز الفرد مواقف محبطة، أو فقدان ما (الحبيب) – وأن فشل الفرد في حل هذا الفقدان يؤدي إلى اجتياف الموضوع (الشخص المفقود) – بحيث يتماهى معه ويصير هو ذلك الشخص المفقود – أن يصبح ذات الفرد موضوع غضبه ويقوم بمهاجمة ذاته بسبب ذلك الفقد، ويظهر ذلك الغضب المعكوس إضافة إلى الإحساس بالفقدان في شكل الاكتئاب(4).

ويكشف المكتئبون عن تمركز حول الذات ومشاعر متناقصة من الحب والكره في وقت واحد قد تؤدي إلى شلل علاقاتهم مع الآخرين، وتخفض الدوافع العدوانية من قدراتهم على أن يحبوا، وحاجاتهم لقمع العدوانية سلبهم الكثير من طاقاتهم الليبيدية، وفي نهاية الأمر يتم توجيه الدوافع العدوانية داخليًّا أو تُسقَط على الآخرين، ويعبر هؤلاء المرضى عن دوافع فمية قوية ناتجة عن الإحباط الناشئ من قصور الأشياء بين الأم، وعند تعرضهم للإحباط ينكصون إلى أساليبهم أولي في علاقاتهم بموضوع الحب، وتستثار مشاعرهم المتناقضة الموجبة نحو الذات، وكلما تكررت خبرات الإحباط يصبح الإنسان معرضًا للإصابة بالاكتئاب(5).

  • نظرية التعلم السلوكي Behavioroural learining

يذهب النّموذج السّلوكي في تفسير الاكتئاب إلى أنّ الاكتئاب سلوك إجرائي، فالسلوك الاكتئابيّ قد يتكون ويبقى لأن هناك إثباات تنتج عنه، فما قد يلقاه الأشخاص المكتئبون عن المحيطين بهم من اهتمام بهم ورعاية أو دعم قد تعمل على إثابة السلوك الاكتئابيّ ومن ثم تدعيمه. بل إن هذه الاستجابات التي قد يتلقونها من الوسط المحيط بهم، قد تدعم صورتهم عن أنفسهم أنّهم أشخاص عاجزون ولا يستطيعون الإعتماد على أنفسهم، الأمر الذي قد يؤول إلى المزيد من اكتئابهم(1).

إنّ الاكتئاب يحدث نتيجة لانسحاب مصادر التعزيز المعتادة أو غيابها من حياة الفرد، كالزواج والوظيفة أو الثروة، ونتيجة لذلك يقل معدل نشاطه وإذا لم يستشعر الفرد تعزيزًا أو تدعيمًا وتعاطفًا من الآخرين لاستعادة المعدل المعتاد لنشاطه، فإن حالته تزداد تدهورًا حتى ينسحب الفرد ويكتئب(2).

ويرى “ليونسون” و “نيستان” و”شو”، وهم أول من أوضحوا الأسس التّجريبيّة لظاهرة الاكتئاب، وتوصلوا إلى أن حالات البؤس ترجع إلى النقص في التدعيم الإيجابي، أو الزيادة في العقاب ويحدث الاكتئاب عندما تزيد الحساسية للظروف المكروهة أو عندما يرتفع معدل حدوث الظروف المكروهة، خاصة إذا كان الفرد يفتقر إلى المهارات الضرورية التي ينهي بها هذه الأحداث(3).

  • النظرية المعرفية Cogmitiv theory

لقد أكد “بيك” Beck أن الإدراك يؤدي إلى المعرفة والإنفعال عند الأفراد العاديين والاكتئابيّين أيضاً، وخلافاً للإدراكات المعرفية العادية، نجد أن الإدراكات المعرفية للفرد المكتئب تسيطر عليها العمليات المفرطة في الحساسية والمحتوى، وهذه الإدراكات المعرفية تحدد الإستجابات العاطفية في الاكتئاب.

وقد اكتشف “بيك” مفاهيم مشوشة وغير حقيقية يعاني منها الفرد المكتئب، وقد ظهر أيضًا من خلال التداعيات الحرة لمرضى الاكتئابيّين مجموعة من الخصائص الإدراكية السالبة مثل: احترام الذات المنخفض والحرمان ونقد الذات، ولوم الذات، ومطالب الذات، والمشاكل والواجبات المحددة، والأوامر، والهروب من الواقع بالإستغراق في الخيال، والميول والرغبات الإنتحارية، وتكون هذه الإدراكات المشوهة وغير حقيقية لأن المرضى بالاكتئاب يميلون إلى المبالغة في تضخيم أخطائهم والعوائق التي تعترض مسارهم. ويرى المكتئب عالمه وذاته ومستقبله بطريقة سالبة، وكلما أصبح هذا الثالوث (عالمه وذاته ومستقبله) غالبًا أو مسيطرًا كان المريض أكثر اكتئابًا، وتظهر أعراض غير معرفية للاكتئاب، لأن الشخص يشعر بالنّبذ أو يعتقد أنه منبوذ، فيشعر بالحزن، وعندما تكون هذه المشاعر في زيادة مستمرة وتتحدد مع مشاعر الشّعور بالعجز وعدم الإحساس بالقيمة فتزداد رغباته للإنتماء من أجل الهروب من هذا المصير(1). واعتقد “بيك” أن الاكتئاب يعد كاضطراب في التفكير وليس في الوجدان وتتوالى أعراض الاكتئاب طبقاً لفاعلية الأنماط المعرفية السالبة، ويرتبط الوجدان بصفة أساسي مع العنصر المعرفي، بين حدث ما ورد الفعل العاطفي لهذا الحدث لدى الفرد بصورة معرفة أو تفكير تلقائي طارئ يعد محددًا للوجدان الاكتئابيّ الحادث، وعندما تكون المعارف المستدعاة مضطربة في تقديرها للحدث، فإن المشاعر الواردة ستكون غير ملائمة للحدث أو مبالغًا فيها.

إنّ مشاعر البؤس وقطع الرجاء أو الحزن المصاحبة للاكتئاب تتحرك عن طريق ميل الفرد لتفسير خبراته ضمن حدود الحرمان والنقص، والإنهزام، وأن ما يصاحب الاكتئاب من أعراض سلوكية ووجدانية ودافعية تترتب على نمط من التفكير السلبي والتشويه المعرفي الذي يميز المكتئبين عن غيرهم، إذ أن تفكير المكتئبين يقوم على ثلاثية معرفية من الأفكار السلبية والتقويم السلبي للذات وللحياة وأحداثها (الواقع)، وللمستقبل.

فالمكتئب يرى أنه غير كفء، ومخفق وغير قادر على تحقيق أهدافه، كما يرى الحياة قاسية مليئة بالصعاب والعقاب، كما يرى أن أحواله لن تتغير وأنه لا أمل له في تحسين ظروفه.

ومن أهم الأخطاء المعرفية التي يقوم بها المكتئبون والتي تتضح في طريقة تفكيرهم وتفسيرهم للأحداث ما يلي:

  • الوصول إلى استنتاج عام خاطئ من دون وجود دليل كافي.
  • التعليل الانتقائي للوصول إلى نتيجة حاسمة مبنية على عامل واحد مع إغفال العوامل الأخرى.
  • المبالغة في التعميم بناء على حدث واحد.
  • التضخم والتقليل. تضخيم الأحداث السلبية وتحقير شأن الإيجابية.
  • لوم الذات والإحساس بالذّنب والمسؤولية بصفة عامة(2).
  • العوامل النّفسيّة المثيرة للاكتئاب

يرتبط بالاكتئاب عدة عوامل نفسية تعدُّ من العوامل المثيرة له، مثل علاقة الاكتئابيّ بالموضوع والإحساس الشّعوري بالذّنب ثم الأواليات الدفاعية المستخدمة ومراحل التثبيت.

  • العلاقة بالموضوع

يقول “زيور” تقودنا دراسة حالات الاكتئاب إلى المأساة المحورية في الإنسان، أي صراع الحب

 

 

والكراهية الذي يعصف بالوجدان(1).

وصراع الحب والكراهية عند الإنسان يعني ثنائية وجدانية نحو موضوع واحد بمعنى حب الموضوع وكراهيته في نفس الوقت. وهذا الميل المزدودج ambivalence يكون على مستوى العقل حيث يثبّت المريض الشيء وينفيه في آن واحد. وقد يكون الميل المزدوج على مستوى الإرادة إذ يعبّر المريض عن الرغبة ونقيضها، وقد يكون الميل المزدوج على مستوى الإنفعال وهو حب الموضوع وكراهيته في وقت واحد(2).

وصراع الحب والكراهية يمثل الصراع بين نزوتي الحياة (إيروس) التي تضم غرائز الجنس، ونزوة الموت (ثاناتوس) أو التدمير الذي يرمي إلى التحطيم.

إنّ الثنائيّة الوجدانيّة في كل العلاقات الإنسانيّة لها آثارها في الحزن. فمريض الاكتئاب يعيش صراعاً بين الحب والكراهية بما تحتوي من تدمير لموضوع الحب. فالموضوع تارة محبوب وأخرى مكروه، مما يؤدي إلى تعطيل الليبيدو وفقدان الحب، فلا هو محب أو محبوب، ولا هو قادر على الحب.

إنّ فقدان موضوع الحب هو الموقف الأساسي الباعث على الاكتئاب سواء كان المريض لم يعد محبوباً أو لم يعد يشعر أنه محبوب، أو لم يسعه أن يكون محبًّا. وهكذا فإن انقطاع علاقة وثيقة متبادلة من الحب نجدها في أساس كل حالات الاكتئاب(3).

ولذلك يخشى الاكتئابيّ من فقدان الموضوع، فيسعى للتماهي النرجسي به حتى يصبح جزءًا منه فيصبح الموضوع محبوباً لا شعورياً لإستدماجه، ويكون مكروهًا لا شعوريًّا لبعده وضعف ردة فعله. أي كونه سبباً في انقطاع التواصل الوجداني. فالعلاقة بين الاكتئابيّ وموضوعه تتسم بالنرجسيّة إلى حد بعيد، أي أن الاكتئابيّ لا يحب الموضوع في حد ذاته ولذاته أو لما هو في الواقع، بل إنّه في حاجة إليه لكي يحتفظ باتزانه الإنفعالي من حيث تنظيم دفاعاته الغريزية من حب وعدوان(1).

والاكتئاب ليس لمجرد الخوف من فقدان الموضوع، بل لأن المريض لم يستطع الحفاظ على موضوع الحب، لذلك نجد بعض الظواهر السّادية التي تعبر عن الشّعور بالذّنب لكونه لم يستطع الحفاظ على موضوع الحب. والانتحار ما هو إلاّ عدوان على الذات (المحبة) لكونها لم تستطع الحفاظ على المحبوب، أو هو قتل المحبوب المكروه لانقطاع التواصل الوجدانيّ والذي اجتافه من قبل وتماهى به.

وتشير “كلاين” إلى أن الإنتحار في حالات الاكتئاب يكون موجهاً في الأصل إلى موضوع الحب المجتاف، فالانتحار يعني قتل موضوعاته الشريرة، وفي نفس الوقت فالمريض يهدف إلى حماية موضوع الحب الداخلي والخارجي من نزعات الأنا السّادية(2).

  • أواليات الدفاع

إنّ الحركة التبادلية بين الإسقاط Projection  والإجتياف Introjection تبدو كقاعدة عامة ليس فقط لتكوين الأنا ولكن أيضاً لتطوير علاقته بالموضوعات وتكيفه مع الواقع.

والإجتياف عملية نفسية لا شعورية تشير إل تمثل شخص موضوعاً ما بحيث يصبح جزءاً من الأنا أو الأنا الأعلى. والإسقاط هو أوالية لا شعورية من أواليات الأنا الدفاعية بمقتضاها ينسب الشخص إلى غيره ميولاً مستمدة من خبرته الذاتية، يرفض الإعتراف بها لما تسبّبه من ألم وما يتغيره من مشاعر الذنب.

فالإسقاط وسيلة للكبت، أيّ أسلوب لإستبعاد العناصر النّفسيّة المؤلمة عن حيّز الشّعور، والعناصر التي يتناولها الإسقاط يدرها الشخص ثانية بوصفها موضوعات خارجية منقطعة الصلة بالخبرة الذاتية الصادرة عنها(3).

إنّ الذهاني ينفصل اهتمامه عن العالم الخارجي ويصبح عاشقًا لذاته، على العكس من العصابي. فالعصابي لا يفتأ يبحث عن موضوعات يتماهى بها وينقل إليها مشاعره ويدخلها في نطاق اهتمامه، أي يدمجها في ذاته… فالعصابي سريع التأثر والإستثارة، يتأجج في سهولة حباً للعالم أو يدفع إلى كراهية للعالم قاطبة(1).

فالاكتئابيّ الذهاني ينقطع تواصله الوجداني مع موضوع الحب فلم يعد المريض قادرًا على الحب، فينزوي المريض وتنقطع صلته واهتمامه بالعالم الخارجي.

أما في الاكتئاب العصابي يسعى المريض للتماهي النرجسي بالموضوع ليقترب منه في محاولته لنقل مشاعر الحب له، لعله يدركها، لذلك يخشى المريض من فقدان الموضوع؛ وتماهي المكتئب بموضوع الحب لتجنب الآلام النّفسيّة التي قد تؤدي إلى العذاب.

فالذهاني يسقط عدوان على ذلك المحبوب الحاقد الذي لم يبادله الحب فانقطع التّواصل الوجدانيّ، فلم تعد للحياة طعم ويشعر بالفراغ الخارجيّ. أما العصابيّ يسقط عدوانه على ذاته لساديتها نحو الموضوع ولأنها لم تستطع الحفاظ على المحبوب وكسر الحاجز المكاني بينهما نظرًا لتفجر الكراهيّة نحوه، وفشل الاجتياف كأوالية دفاعية فيشعر أنه لا فائدة منه، فيشعر بالفراغ الداخلي.

إن مريض الاكتئاب الذهاني يستخدم الإسقاط كأواليّة دفاعيّة أكثر من الاجتياف لأنه يخاف من الموضوع، بينما مريض الاكتئاب العصابي يستخدم الاجتياف كأوالية دفاعية أكثر من الإسقاط لأنه يخشى على موضوع الحب من دفعاته السادية فيتماهى به خوفاً من فقدانه(2).

 

  • الشّعور بالذّنب

إنّ مشاعر العداء والكراهية التي يصبها مريض الاكتئاب على الموضوع تعتبر إثماً يستحق الشّعور بالذّنب. لهذا يعاقب نفسه، بداية من فقدان الشهية حتى الموت جوعاً، ومروراً بمشاعر الدونية وتحقير الذات على ما اقترفه من ذنب تجاه الموضوع.

إن الشّعور بالذّنب يحدث نتيجة لظهور الكراهية والعدوانية وبعض الميول المرفوضة.وإن الاكتئاب يحدث نتيجة للشعور بالذّنب.

وترى “كلاين” أن الأنا يستخدم الاجتياف حيث يرتبط بأوالية أخرى هي الإصلاح، بمعنى التماهي بالموضوعات الطيبة لرد كل هجوم سادي على الموضوع.

وترى أن الشّعور بالذّنب ينشأ من خلال الإصلاح التي يقوم بها الطفل حيث يبدأ في إصلاح ما شوّهه ويخلص الموضوع من الرذائل التي نسبها إليه.

والدافع للإصلاح هو نتيجة للشعور بالذّنب والمشاعر الاكتئابيّة والقلق الاكتئابيّ فيسعى الطفل لإبطال دفعاته السادية بظهور مشاهر الحب. وتتجه مشاعر الطفل نحو تدوير موضوعات الأذى وتقل دفعاته العدوانية ويطلق العنان لدفعاته الحب ويخف الشّعور بالذّنب(1).

ولأن الموضوع عند الاكتئابيّ محبوب شعورياً ومكروه لا شعوريًّا، ولأن موضوعات الأذى داخلية فإن رد العدوان يعود على الذات في شكل تحقير لها على ما اقترفته.

ويشير التحليل النّفسيّ إلى أن المريض بالاكتئاب يمر بحالة شعور بالذّنب تحت ضغط الأنا الأعلى الذي يقوم بتوبيخ الأنا وتأنبيه على تلك الميول السادية الموجهة للموضوع. “يمثل الاكتئاب إضطهاداً من الأنا الأعلى إذ يعامل الأنا الأعلى بالطريقة التي كان يرغب المريض لا شعورياً معاملة مصادر الإشباع المفقودة بها. من هنا يأتي اتهام الذات الذي يقوم به المريض بالاكتئاب(2).

  • التثبيت:

إنّ الفرد المهيأ للاكتئاب ثبت على مرحلة يتوقف فيها تقديره لذاته على الإشباع الخارجي من الآخرين، وأن شعوره بالذّنب ينكص به إلى هذه المرحلة حيث يصبح في حاجة للإشباع الخارجي(3).

إن دلائل التثبيت على هذه المرحلة يتمثل في الامتناع عن الأكل والشّراهة فيه أو مص الأصابع، وحاجتهم الشديدة للحب ومحاولة التأثير على الآخرين لاستعادة تقديرهم لذواتهم بالتذلل واتهام الآخرين بعدم حبهم لهم بل والثورة على مصادر الحب ومحاولة تحطيمها(4).

هذه السّمات تميز المرحلة الفمية المتأخرة من النمو حيث تمثل أشكال اللذة عند الطفل في العض الذي يمثل التدمير لموضوع الحب. ويستخدم الطفل “الإجتياف” لكل ما هو طيب عند الإشباع “والإسقاط” لمشاعر العدوان عندما يشعر بالجوع، فخصائص المرحلة الفمية هي نفسها الخصائص النّفسيّة عند مريض الاكتئاب. فالعلاقة بالموضوع في هذه المرحلة لدى الطفل والمكتئب تتميز بالثنائية الوجدانيّة، نظرًا لضعف الأنا وعدم تمايزه وظهوره بصورة سلبية. وآواليات الدفاع المستخدمة في الإثنين، فالأول يعضّ الثدي والثاني يدمر الموضوع. تقول “كلاين”: “الإحباطات الفمية هي التي تحول الأم الطيبة المتسامحة إلى أم سيئة شريرة”(1)، بينما وجود موضوع الحب الحقيقي يساعد على تقليل فزع الطفل.

مريض الاكتئاب مثبت على المرحلة الفمية المتأخرة التي تتسم بالثنائية الوجدانية، لذلك يستخدم المريض الإسقاط والإجتياف حيث يتسم الأنا عند مريض الاكتئاب بالضعف والسلبية. وعندما يبدأ المريض في عملية الإصلاح لمشاعر الكراهية تحت ضغط الأنا الأعلى يشعر بالذّنب.

المراجع العربية

1-الواقفي، راضي: مقدمة في علم النفس – عمان 1998 – الشروق.

2-العيسوي، عبد الرحمن: الجديد في الصحة النّفسيّة – الإسكندرية 2001- مكتبة الإسكندرية.

3-الشاذلي عبد الحميد: الصحة النّفسيّة وسيكولوجية الشخصية – الإسكندرية 2001، المكتبة الجامعية.

4-الحسين، أسماء: المدخل إلى الصحة النّفسيّة والعلاج النّفسيّ – الرياض 2002، عالم الكتب.

5-إسماعيل، عزت: اكتئاب النفس – الإسكندرية 1999، وكالة المطبوعات.

6-الحفني، عبد المنعم: موسوعة علم النفس – القاهرة 1994 – مدبولي.

7-جلال، سعد: في الصحة النّفسيّة، الأمراض النّفسيّة والعقلية والإنحرافات السلوكية – القاهرة 1986 – الفكر العربي.

8-حقي، ألفت: الإضطراب النّفسيّ – الإسكندرية 1995 – مكتبة الإسكندرية.

9-زيور، مصطفى: في النفس – القاهرة 1986 – النهضة العربية.

10-زيور، مصطفى: محاضرة في الاكتئاب النّفسيّ – القاهرة 1985 – الأنجلو.

11-زهران، حامد: الصحة النّفسيّة والعلاج النّفسيّ – القاهرة 1997 – عالم الكتب.

12-عكاشة، أحمد: الطب النّفسيّ المعاصر – القاهرة 1998- الأنجلو.

13-عسكر، عبدالله: الاكتئاب النّفسيّ بين النظرية والتطبيق – القاهرة 1988 – الأنجلو.

14-عبدالله، مجدي: علم النفس المرضي – القاهرة 1997 – دار المعرفة.

15-عبداللطيف، إبراهيم: الاكتئاب النّفسيّ – القاهرة 1997 – “دراسات نفسية”، مجلد (7)، عدد (1)، النهضة.

16-فروم، إريك: الإنسان من أجل ذاته، ترجمة محمود منقذ الهاشمي – دمشق 2007 – وزارة الثقافة.

17-فروم: الخوف من الحرية – ترجمة مجاهد عبد المنعم مجاهد – بيروت 1972 – المؤسسة العربيّة للدراسات والنشر.

18-فرويد، سيغموند: النظرية العامة للأمراض العصابية – ترجمة جورج طرابيشي – بيروت 1980 – الطليعة.

19-فرويد: الموجز في التحليل النّفسيّ – ترجمة سامي محمود علي، عبد السلام القفاش – القاهرة 1980 – المعارف.

20-كلاين، ميلاني: التحليل النّفسيّ للأطفال – ترجمة عبد الغني الديدي – بيروت 1994 – دار الفكر اللبناني.

21-ليبين، فاليري: مذهب التحليل النّفسيّ وفلسفة الفرويدية الجديدة – بيروت 1981ـ الفارابي.

22-موسى، رشاد: علم نفس الدعوة بين النظرية والتطبيق – الإسكندرية 1999.

المراجع الأجنبية

-23Champion, A.: Adult Psychological Problemes, An instroduction London: the Falmer Press, 1992, P. 36.

-24Klein, M.: Contribution to Psychonalyses – London – 1948 – Hogarth Press, P. 196.

-25Klein, M.: the Psychamalysis of chidren – London 1949 , Hograth Press, P. 168.

([1]) أستاذ مساعد في الجامعة اللبنانيّة كليّة الآداب والعلوم الإنسانيّة- قسم علم النّفس-drmohamadjaber5@gmail.com-+9613923417~

(1) الحفني، عبد المنعم: موسوعة علم النفس، القاهرة 1994 – مدبولي.

(1) موسى، رشاد: علم نفس الدعوة بين النظرية والتطبيق – الإسكندرية 1999 – المكتب العلمي – ص 43.

(2) الواقفي، راضي: مقدمة في علم النفس – عمان 1998 – الشروق –  25.

(3) عكاشة، أحمد: الطب النفسي المعاصر – القاهرة 1998 – الأنجلو – ص 45.

(1) حقي، ألفت: الإضطراب النفسي – الإسكندرية 1995 – مكتبة الإسكندرية – ص 47.

(2) عكاشة: المرجع السابق – ص 68.

(3) العيسوي، عبد الرحمن: الجديد في الصحة النفسية، الإسكندرية 2001 – منشأة المعارف – ص 131.

(4) الشاذلي، عبد الحميد: الصحة النفسية وسيكولوجية الشخصية – الإسكندرية 2001 – المكتبة الجامعية – ص 85.

(1) ليبين، فاليري: مذهب التحليل النفسي وفلسفة الفرويدية الجديدة – بيروت 1981 – الفارابي – ص 159.

(1) فروم: الإنسان من أجل ذاته: بحث في سيكولوجية الأخلاق – ترجمة منقذ الهاشمي – دمشق 2007، وزارة الثقافة، ص 80، 81.

(2) فروم: الخوف من الحرية، ترجمة مجاهد عبد المنعم مجاهد – بيروت 1972 – المؤسسة العربية للدراسات – ص 111.

(3) المرجع نفسه: ص 114.

(1) ياسين، عطوف محمود: علم النفس العيادي (الإكلينيكي)، بيروت 1981، دار العلم للملايين،  209.

(2) عكاشة، أحمد: الطب النفسي المعاصر  القاهرة 1998، الأنجلو، ص 108.

(3) المرجع نفسه: ص 114.

(4) زهران، حامد: الصحة النفسية والعلاج النفسي – القاهرة 1997، عالم الكتب، ص 429.

(1) عبد اللطيف، إبراهيم: الإكتئاب النفسي، القاهرة 1997، “دراسات نفسية” – عدد (1)، مجلد (7)، ص 39.

(2) عسكر، عبدالله: الإكتئاب النفسي بين النظرية والتطبيق – القاهرة 1988 – الأنجلو – ص 46.

(3) زهران، حامد: الصحة النفسية والعلاج النفسي – مرجع سابق – ص 516.

(4) الحسين، أسماء: المدخل إلى الصحة النفسية والعلاج النفسي – الرياض 2002 – ص 325.

(1) عبدالله، مجدي: علم النفس المرضي – القاهرة 1997 – دار المعرفة – ص 286.

(2) الحسين، أسماء: المرجع السابق، ص 326.

(3) زهران: المرجع السابق، ص 517.

(4) الشاذلي، عبد الحميد: الصحة النفسي وسيكولوجية الشخصية – الإسكندرية 200، المكتبة الجامعية، ص 135.

(1) عسكر، عبدالله: الإكتئاب النفسي بين النظرية والتطبيق، القاهرة 1988، الأنجلو، ص 77.

(2) المرجع نفسه: ص 77.

(3) موسى، رشاد: عالم النفس الدعوة بين النظرية والتطبيق، الإسكندرية 1999، المكتب العلمي، ص 435.

(4) Champion, A.: Adult Psychological Problemes, An instroduction London: the Falmer Press, 1992, P. 36.

(5) إسماعيل، عزت: إكتئاب النفس وأعراضه وأنماطه وأسبابه وعلاجه – الإسكندرية 1999 – وكالة المطبوعات – ص 146.

(1) مكاوي، محمد: فاعلية برنامج للعلاج بالمعنى في خفض مستوى الاكتئئاب – القاهرة 1997 – الفلاح للنشر – ص 51.

(2) القريطي، عبد المطلب: الصحة النفسية – القاهرة 1998، دار الفكر العربي، ص 396.

(3) عسكر: المرجع السابق، ص 47.

(1) موسى، رشاد: علم النفس… مرجع سابق – ص 286.

(2) الحسين، أسماء: المدخل الميسر إلى الصحة النفسية والعلاج النفسي – الرياض 2002 – عالم الكتب، ص 321، 323.

(1) زيور، مصطفى: محاضرة الإكتئاب النفسي –القاهرة 1985 – الأنجلو، ص 12.

(2) فرويد: الموجز في التحليل النفسي – ترجمة سامي محمود علي، عبد السلام القفاش – القاهرة 1980، المعارف – ص 183، 114.

(3) زيور: في النفس – القاهرة 1986 – النهضة العربية – ص 176.

(1) زيور: في النفس – مرجع سابق – ص 14.

(2) Klein, M.: Contribution to Psychonalyses – London – 1948 – Hogarth Press, P. 196.

(3) Klein, M.: the Psychamalysis of chidren – London 1949 , Hograth Press, P. 168.

(1) Jbid: P.165.

(2) زيور: محاضرة الإكتئاب النفسي – مرجع سابق – ص 17، 18.

(1) Klein, M.: the Psychamalysis of children , OP.Cit. P. 380, 381.

(2) جلال، سعد: في الصحة النفسية، الأمراض النفسية والعقلية والإنحرافات السلوكية – القاهرة 1986 – دار الفكر العربي –  233.

(3) المرجع نفسه: ص 232.

(4) المرجع نفسه: ص 233.

(1) Klein, M.: Contribution to Psychanalysis – Op.Cit. P. 231.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

free porn https://evvivaporno.com/ website