foxy chick pleasures twat and gets licked and plowed in pov.sex kamerki
sampling a tough cock. fsiblog
free porn

أفغانستان – أربعون عامًا على الانسحاب السوفيتيّ

0

أفغانستان – أربعون عامًا على الانسحاب السوفيتيّ

دراسة تحليليّة وصفيّة للظروف التي أحاطت بدخول القوّات السوفيتيّة وانسحابها من هناك

د. زياد منصور*

مقدّمة

قبل أربعين عامًا، في 15 شباط 1989، أنهى الاتّحاد السوفيتيّ تواجده العسكريّ في أفغانستان، لقد خدم في تلك البلاد حوالي 620 ألف ضابط، وضابط صفّ، ورقباء وجنود([1]). سقط منهم في تلك الرحاب، وفق الإحصاءات الرسميّة ما ينوف على 15 ألف قتيل، قدّموا أرواحهم، تحت شعار المساعدة الأمميّة للشعب الأفغانيّ الصديق([2])، منفّذين واجبهم العسكريّ بناء على قرار القيادة السوفيتيّة بإدخال هذه القوّات في كانون الأوّل 1979، في ظلّ حملة دعائيّة، وحرب إعلاميّة ضروس خيضت ضدّ غالبيّة دول العالم، حيث إنّ قرارات القيادة السوفيتيّة العليا باتت تستحقّ اليوم بعض مضي هذه العقود الأربعة تقييمًا تاريخيًّا مختلفًا، انطلاقًا من منهجيّة جديدة، خصوصًا بعد أن أجمعت غالبيّة الدراسات التاريخيّة باحتساب هذا القرار أنّه قرار خطأ، وعديم الجدوى، بل تدخّلاً فظًّا في الشؤون الداخليّة لدولة جارة، بحيث لم يساهم فقط في تأجيج الصراع الداخليّ، بل تحوّل إلى حرب أهليّة ضروس، هي من أطول الحروب، والمواجهات التي قلّما عرفها بلد في التاريخ الحديث والمعاصر ليس فقط في آسيا الوسطى، بل في أرجاء العالم أجمع.

تعدّ الحرب الأفغانيّة مشهدًا مؤلمًا من مشاهد التاريخ الوطنيّ الروسيّ، بعد ظهور متلازمة “سمّيت بمتلازمة أفغانستان”، يفضّل الكثير من أفراد الشعب الروسيّ عدم الإتيان على ذكرها. وإن تعدّدت الآراء، وتنوّعت الأبحاث يبقى أنّها ترسو على قاعدتين:

  • الأولى تقول بأنّه من المفيد جدًّا عدم التقليل من هذه النتائج لما تركته من خبرة قتاليّة متراكمة لدى الجيش الروسيّ في مواجهة العصابات، والمنظّمات الإرهابيّة في شمال القوقاز لاحقًا كما في سوريا اليوم، وهي رؤية عسكريّة بحتة تجد هناك من يدفع بها إلى الأمام ويغذّيها بالوقائع والدراسات.
  • الثانية هي مجموعة الدراسات التي خلص إليها غالبيّة من المؤرّخين الروس الذين غاصوا كثيرًا في تقدير الدوافع والكوامن وراء اتّخاذ بعض أركان القيادة الروسيّة، أو قلّة قليلة من أفرادها هذا القرار، الذي أدّى إلى كارثة حقيقيّة في المجتمع الروسيّ، وفي الذهنيّات، والعقليّة الروسيّة، وسقوط الكثير من الدوغمائيّات في هذا المجال، أضف إلى إسهامه بفرض المزيد من العزلة على الاتّحاد السوفيتيّ في حينه، وإجباره على التقهقر، ومن ثَمَّ إسقاطه تحت وطأة هذا الحمل التاريخيّ “الآثم”.

من هنا أهمّيّة هذا البحث الذي تكمن أساسًا في التوقّف على الخلفيّات والأبعاد، واستعراض وجهتي النظر هاتين، وإعادة استخراج ما تسرّب من وثائق كانت ولا تزال حتّى الأمس القريب خارج الضوء، والتوقّف عند هذه التجربة بعد عقود طويلة وهي التي لا تزال تثير نقاشًا حادًّا تاريخيًّا في أساسه داخل روسيّا، خصوصًا بعد التدخّل المشابه في سوريا، والخوف من تكرار شبح أفغانستان الذي يلاحق علماء التاريخ والسيسيولوجيا إلى يومنا هذا، للخروج بتقييم آخر تستفيد منه المكتبة العربيّة التي تأرجحت تحليلات بعض من تناول هذا الموضوع بالوقوف خلف معسكريْن، الأوّل مُدين، ويعدّ ذلك احتلالاً، لم يكن لينتهي إلاّ كما انتهى، والثاني وضعه في إطار الصراع الجيوبوليتكيّ الدامي الذي مكّن الغرب من تحقيق انتصار قاسٍ على خصمه اللدود، دون التوقّف عند التردّدات، والتداعيات.

أمّا الخطّ الثالث الذي اعتمدناه فيستند إلى الاطّلاع على المزيد من الوثائق التي ربّما هي المرّة الأولى التي يتعرّف إليها الباحث العربيّ، وتطلعنا على آليّات اتّخاذ القرار، وكيفيّة تطبيقه في دولة كانت تعدّ ثاني أكبر دولة في العالم.

إنّ الهدف الرئيس من هذا البحث يكمن في أنّه وعلى الرغم من حلول الكثير من الأعمال التاريخيّة الجادّة مكان تلك الموادّ السطحيّة، وغير العميقة التي اعتمدت على كمٍّ من المنتقدين السوداويّين، لكنّنا سوف نميط عنها اللثام كما عن غيرها من المجهول غير المعلوم، ومع ذلك، ومع كلّ الوفرة في المؤلَّفات، والأدبيّات حول هذا الموضوع، يمكننا القول إنّ العديد من جوانب هذه الحرب، والأحداث المتراكمة غير المعلن عنها، تتطلّب استمرار البحث العلميّ الرصين والجادّ، وفهمها من وجهة نظر واقع اليوم وليس الأمس.

انطلاقًا ممّا تقدّم فإنّنا نرى أنّه من المُهِمّ تحليل جوانب عدّة، والإجابة عن أسئلة هي في حدّها إشكاليّات البحث، وأبرزها: الأهمّيّة العلميّة، والتاريخيّة التي تكمن بقراءة الظروف الموضوعيّة التي أحاطت بإدخال القوّات السوفيتيّة إلى هناك، والإجابة عن سؤال: ما هي دوافع هذا القرار… صوابيّته من عدمه؟ وهل هناك حالة قبول فعليّة في أوساط معيّنة داخل المجتمع الروسيّ لقرارات من قبيل: الباعث – الكامن بشأن استخدام القوّات العسكريّة في الخارج، والبعد التاريخيّ لمثل هذه القرارات المشابهة؛ هل يصح فعلًا الكلام عن وجود متلازمة أفغانستان، وهو جانب سوسيو _ تاريخيّ. وصولًا إلى استنتاجات وضعها الباحث نصب عينيه في ختام هذا البحث، إلى المراجع المتعدّدة.

قراءة في الظروف الموضوعيّة التي أحاطت بإدخال القوّات السوفيتيّة إلى أفغانستان:

دوافع هذا القرار، صوابيّته من عدمه – تحليل تاريخيّ؟

بعد وصول الحزب الديمقراطيّ الشعبيّ لأفغانستان (PDPA) إلى السلطة، الذي أعلن قادته تمسّكهم بأفكار الاشتراكيّة الثورويّة، بدأ أيديولوجيّو الاتّحاد السوفيتيّ في عدّ هذا البلد ودودًا وصديقًا، على المدى الطويل بلدًا اشتراكيّا. في 5 كانون الأوّل 1978، تمّ التوقيع على معاهدة الصداقة، وحسن الجوار، والتعاون بين الاتّحاد السوفياتيّ وجمهوريّة أفغانستان الديمقراطيّة في موسكو([3])، لتبدأ الحكومة الأفغانيّة عمليّة الإصلاح الموالي للاتّحاد السوفيتيّ.

استغل الإسلاميّون المتطرّفون الاستياء العارم بين السكان في آذار 1979، محرّضين على الثورة، والتمرّد في هيرات. هذا التمرّد تمّ إجهاضه، لكن الوضع لم يستقرّ، إذ إنّ الظروف تطوّرت بشكل غير مؤات بالنسبة إلى البلدان المجاورة لأفغانستان، فلقد أدّت الثورة الإسلاميّة في إيران إلى إضعاف الموقف الأمريكيّ في المنطقة، وأجبرت الأمريكيّين على البحث عن نقاط ارتكاز جديدة، هذا الأمر عدّه بعض القادة السوفييت تهديدًا حتّى للنفوذ السوفيتيّ في أفغانستان. في الوقت عينه تدهورت العلاقات السوفيتيّة الصينيّة بحدّة بسبب الأحداث في الهند الصينيّة، فلقد أدّى دخول الجيش الفيتناميّ إلى كمبوديا في كانون الثاني1979، والإطاحة بنظام الخمير الحمر الموالي للصين، إلى غزو القوّات الصينيّة لأراضي فيتنام، وتوتر العلاقات بين الاتّحاد السوفياتيّ وجمهوريّة الصين الشعبيّة، لقد كانت الولايات المتّحدة مُهتمّة بالتوجه المعادي للسوفيات في سياسة الصين الخارجيّة، معلنة عن انسحاب القوّات الأمريكيّة من تايوان، واعدين إيّاها بتقديم قروض كبيرة، بما في ذلك شراء الأسلحة. في تشرين الثاني 1979، تمّ التحضير لمفاوضات بشأن التعاون العسكريّ بين الولايات المتّحدة والصين، أمّا الشريك الرئيس السابق لاتّحاد الجمهوريّات الاشتراكيّة السوفياتيّة في العالم العربيّ – مصر، فقد أبرمت في ربيع عام 1979 اتفاقيّة مع إسرائيل، وانتقلت إلى مجال النفوذ الأمريكيّ؛ وما أثار خوف القيادة السوفيتيّة وفق الدعاية الرسميّة في الاتّحاد السوفيتيّ هو توقيع الرئيس الأميركيّ جيمي كارتر في 3 تمّوز 1979 على قرار سرّيّ بشأن المساعدة السرّيّة لمعارضي الحكومة الأفغانيّة([4]).

وبحلول الخريف، تمدّدت المظاهرات المناهضة للحكومة في أفغانستان إلى ثماني مقاطعات، ففي ربيع 1979 بدأ تصعيد الأعمال التخريبيّة في حوالي نصف المقاطعات الأفغانيّة الثمانية والعشرين، واحتشدت المجموعات المعادية للثورة في مناطق باكستان، وشرعت بشنّ الهجمات على المناطق الجنوبية([5])، وفي أيلول 1979 استولى حفيظ الله أمين على السلطة، لكنّه انتهج موقفًا متشدّدًا من الإصلاحات، ومارس ضروبًا من القمع بحقّ خصومه، ما تسبّب في هجرة جماعيّة للأفغان إلى إيران وباكستان، حيث أقيمت هناك مخيّمات للاجئين، وتمّ تشكيل قواعد للمعارضة الأفغانيّة المسلّحة، تمّ فيها تدريب أكثر من 30 ألفًا من المرتزقة([6]).

وبطبيعة الحال، فإنّ المحاولات الجادّة لتنفيذ التحوّلات الاشتراكيّة في البلاد، في مجتمع إقطاعيّ ومحافظ، وأنماط علاقات شديدة التشعّب، وتأثير قويّ من رجال الدين الإسلاميّ، لم يكن مفهومًا في البداية، ليتحوّل إلى حالة حنق وامتعاض، وسخط بين السكان، بدأت معه المظاهرات الواسعة في هيرات، قندهار، كونار، في مقاطعة بارفان، وقاد هذا النضال المسلح أحمد شاه مسعود بحيث انتقلت عناصر كثيرة من الجيش النظاميّ إلى جانب المعارضة، ومع نهاية عام 1979، كان “المجاهدون” بالفعل قادرين على الاستيلاء على كابول والإطاحة بحكومة أمين([7]).

على أنّ بعض المسؤوليّة عن الموقف القائم يتحمّله الجانب السوفيتيّ، فالدبلوماسيّون، وقيادات الحزب، والمستشارون ارتكبوا أخطاء جسيمة وعانوا من سوء تقدير، وسوء تقييم طبيعة الثورة الأفغانيّة كما في وسائل تقديم المساعدات. فالكثيرون منهم واجهوا للمرّة الأولى نظامًا غريبًا عن تقاليدهم، في ظلّ تفكير مختلف وعادات متجذرة، وبالتالي فإنّ التوصيات، والممارسات لم تكن دائمًا تتناسب والواقع الأفغانيّ وتمّ دفع الأفغان وتشجيعهم على استنساخ النمط الحزبيّ القائم في الاتّحاد السوفيتيّ، والتجربة السوفيتيّة بالتحديد([8]).

إضافة إلى ذلك، فإنّ أوضاع حزب الشعب الديموقراطيّ الأفغانيّ لم تكن على ما يرام، إذ تفاقم الصراع بين جناحين:الأوّل هو جناح “خلق” (الشعب)، والثاني “بارتشام” (راية). مثّل “الخلقيّون” التيّار الراديكاليّ، بينما كان “البراتشاميون” اتّباع التيّار المعتدل؛ بالنسبة إلى كلّ من طراقي وأمين([9])، فإنّهما، “كانا ينتميان إلى الخلقيين ممارسين أبشع سياسة قمعيّة بحقّ خصومهم في الحزب، هذا الأمر حظي باهتمام لافت في موسكو، ففي مذكّرة، تحت عنوان: “حول خطّتنا فيما يتعلّق بالحالة في أفغانستان”، وموجهة لكلّ من أندريه غروميكو، وأوستينوف وزير الدفاع، وأندروبوف مسؤول المخابرات، وإلى أعضاء اللجنة المركزيّة للحزب، رأى باناماريوف: إنّ حزب الشعب ليس فقط قليل العدد، لكنّه أصبح ضعيفًا إلى حدّ كبير أيضًا”، وذلك بسبب الانقسام الحادّ في صفوف قيادته… فالقسم الأكبر من البارتشام تمّت تصفيتهم، أو إبعادهم عن مركز القرار، بل تمّ طرد قسم منهم من الجيش، والمخابرات، وموظّفي الدولة، والاستغناء عن خدماتهم، ليجدوا أنفسهم خارج البلاد، لاجئين سياسيّين”([10])، وبدأت تتغلغل مشاعر المعارضة في صفوف العسكريّين، بحيث وجدت لها بؤرة ودعامة في مدينة هيرات إثر التمرّد الذي حصل في 15 آذار 1979، بتمرّد الفرقة السابعة عشرة الذي تمّ القضاء عليه”.

منذ ذلك التاريخ بدأ أمين وطراقي يدركون أنّه بدون تدخّل عسكريّ سوفيتيّ لن يتمكّنوا من البقاء في السلطة، وبدأت تتكرّر بانتظام طلبات القيادة الأفغانيّة لدخول القوّات السوفيتيّة إلى أفغانستان، حيث تمّ تقديم أوّل طلب رسميّ لإرسال قوّات سوفيتيّة بواسطة طراقي في 18 آذار في اتّصال هاتفيّ مع ألكسي كوسيغين وزير الخارجيّة، لكن المكتب السياسيّ للجنة المركزيّة للحزب الشيوعيّ في 17 آذار 1979، ناقش القضايا المتعلّقة بأفغانستان، وأعرب جميع الحاضرين عن معارضتهم تقديم المساعدة العسكريّة ودخول القوّات([11])، وقد تمّ نقل موقف المكتب السياسيّ هذا إلى طراقي، الذي كان قد وصل في زيارة سرّيّة لموسكو في 20 آذار، استقبله في خلالها كوسيغين على الفور. “رُفض طلب طراقي إدخال القوّات: “لقد درسنا مسألة إدخال القوّات من جميع الجوانب، درسنا بعناية هذا الإجراء، وتوصّلنا إلى استنتاج مفاده أنّه إذا أدخلنا ​​قوّاتنا، فإنّ الوضع في بلدك ليس فقط لن يتحسن، ولكن على العكس من ذلك سيكون معقّدًا”([12]).

استقبل برجينيف طراقي في اليوم نفسه، ونقل إليه ما حرفيّته: نحن ندرس بدقّة مسألة دخول القوّات، ونزينه بعناية، وسأخبركم بوضوح ومباشرةً: لا ينبغي القيام بذلك. سيكون ذلك خدمة لأعدائنا، ولكم، ولنا أيضًا… وآمل أن تأخذوا تصوّراتنا، وموقفنا بعين الاعتبار”([13]).

تمّ تعويض هذا الرفض حول إرسال القوّات بتقديم مساعدات عسكريّة، واقتصاديّة كبيرة، في الأعوام 1979 – 1981، اتّخذ قرار بأن يرسل من دون مقابل، وكمساعدات مجانيّة معدّات، ومنشآت خاصّة بقيمة 53 مليون روبل، بما في ذلك 140 منصّة صواريخ، ومدافع الهاون، وآليّات عسكريّة، 48 ألف رشاش، وبندقية أتوماتيكيّة، حوالي 1000 قاذفة قنابل، 680 من قنابل الطائرات، أدوية، ومعدّات بقيمة 50 ألف، وفي غضون أسبوعين سيصار إلى تسليم 1500 عربة عسكريّة([14]). لكن بَدءًا من خريف 1979، بدأت تتشكّل قناعة لدى القيادة السوفيتيّة بأنّ السلطة الجديدة آيلة إلى السقوط، وقد سعت إلى إجراء تبديلات بما فيها العمل على أن يتولى الحكم الشيوعيّون المعتدلون، ولحلّ هذه الإشكاليّة سافر إلى كابول المرشح لعضويّة المكتب السياسيّ باناماريوف([15]) لحلّ هذه القضيّة، ولكنّه لم يستطع إقناع طراقي بأهمّيّة هذا التغيير([16]).

ضعف الحزب في هذا الوقت وأخذ بالانهيار بسبب الخلافات الداخليّة، ووفق ما كان يرد إلى موسكو فإنّ الدور الأساسيّ في حصول ذلك يقع على أمين، الذي استطاع أن يسيطر على مرافق الدولة، وشنّ حملة ضدّ أعضاء الحزب، ومن بينهم بابراك كارمال، واناهيدا راتب زاده، فهجرت الكوادر، وتمّ تصفية البعض واعتقالهم، وخلال تسعة أشهر التي سبقت الإطاحة بطراقي جرى اعتقال أكثر من ألفي عضو في الحزب، وأعدم خمسمائة، وكان بين الضحايا ضباط شاركوا بثورة نيسان.

في 8 تشرين الأوّل، بقرار من أمين تمّ شنق طراقي. لقد كان وقع هذا الخبر كالصاعقة على موسكو. يتذكّر غروميكو: “لقد زاد من تعقيد الموقف اغتيال الأمين العامّ للجنة المركزيّة لحزب الشعب الديمقراطيّ نور الدين طراقي… هذا الفعل الدمويّ كان له تأثير هائل على القيادة السوفيتيّة برمّتها، لقد كان وقع الخبر ثقيلًا على الأمين العامّ ليونيد بريجنيف الذي لم يستطع استيعاب ما حلّ بطراقي، ولم يغفر لمن فعلها”([17]).

إنّ مقتل طراقي عدّ جريمة شنيعة، إذ وفي أوّل تصريح له بعد استيلائه على الحكم، أوضح حفيظ الله أمين أنّ أيّام طراقي معدودة، غامزًا من قناة أنّه مريض، لكن الوقائع أظهرت أنّ موت طراقي كان متعمّدًا على يد ضباط من حرس أمين وبأمر شخصيّ منه([18]). وبغضّ النظر عن الاتّهامات الرسميّة السوفيتيّة بحقّ أمين واتّهامه بأنّه يعمل لمصلحة المخابرات الأميركيّة، والتعاون مع المخابرات الأميركيّة، إلاّ أنّه حتّى الآن لا يزال الكثير من الغموض يدور حول الدوافع التي حدت بالقيادة السوفيتيّة إلى تبديل موقفها، خصوصًا وأنّ قرار إدخال القوّات صدر عن مجموعة ضيّقة جدًّا في القيادة السوفيتيّة وتحديدًا (غروميكو – أندربوف – أوستينوف) حول قرار إدخال القوّات من عدمه فإنّ نقاش الترويكا استمرّ من تشرين الأوّل إلى تشرين الثاني وخلال العشر الأوائل من كانون الأوّل([19]).

إنّ إجراءات الاتّحاد السوفياتيّ لم تكن ناجمة فقط عن التغييرات السياسيّة الأفغانيّة المحلّيّة فقط، ولكن أيضًا لاعتبارات جيوبوليتيكيّة، وخصوصًا الموقف السياسيّ للولايات المتّحدة في صراعها مع إيران([20])، في خريف عام 1979، أدخلت أميركا سفنها، وحاملات الطائرات في الخليج الفارسيّ – لقد ساد انطباع أنّها تعدّ العدّة للتدخّل وغزو إيران. “إذا كانت الولايات المتّحدة تسمح لنفسها بالقيام بذلك على بعد عشرات الآلاف من الكيلومترات بعيدًا عن حدودها، فلماذا يجب أن نخاف حماية مواقعنا في بلد مجاور لنا كأفغانستان؟ هذا كان في صلب تفكير وزير الدفاع أوستينف، كما كتب كيرنيينكو([21]). لقد كان للموقف الصينيّ أيضًا تأثير على القرار إذ قامت الصين عام 1997 بعدوان على فيتنام الاشتراكيّة، وسبقه هجوم مماثل على الهند المجاورة، وأدّى إلى أنّ 36 ألف كيلومترًا مربّعًا من الأراضي الهنديّة بقيت تحت الاحتلال الصينيّ، كما قدّمت دعمها لمجموعات في عدد من دول آسيا، إلى نشاطات عدّها الاتّحاد السوفيتيّ نشاطات معادية في حينه لأفغانستان كتدريب المتمرّدين، وإقامة علاقات وثيقة مع جماعات مؤيّدة للصين مثل جماعة “شولي جاويد”، وجماعة “صورخا” واتّهمها السوفييت بتوحيد جهود هذه المجموعات لقتال الحكومة الشرعيّة، إلخ.

وبحلول كانون الأوّل عام 1979، فإنّ القيادة السوفيتيّة (النواة الضيّقة: بريجنيف، أوستينوف، وأندروبوف، غروميكو) توصّلوا إلى قناعة، بل رأي قاطع بشأن إدخال القوّات إلى أفغانستان. وما قصم ظهر البعير هو قرار مجلس الناتو في 12 منه حول نشر صواريخ أمريكيّة متوسّطة المدى في خمس دول أوروبيّة غربيّة تستهدف دول حلف وارسو، وقبل كلّ شيء الاتّحاد السوفيتيّ. فليس من قبيل المصادفة أن يتّخذ الكرملين قرارًا في 12 كانون الأوّل بشأن إدخال قوّات إلى أفغانستان. القرار السرّيّ اتّخذته مجموع من أعضاء المكتب السياسيّ.

تمّ اتّخاذ القرار ضمن وثيقة تحت عنوان القضيّة “A”، التي صيغت كقرار صادر عن اللجنة المركزيّة للحزب الشيوعيّ، الحرف المشفر “أ” يعني أفغانستان.

نصّ الوثيقة “أ” (A)

* سرّيّ للغاية

ملفّ خاصّ

          ترأس الجلسة الرفيق ليونيد إيليتش برجنيف، وحضور الرفاق سوسلوف، غريشين، كيريلينكو،بيلشيه، أوستينوف، تشيرنينكو، أندروبوف، غروميكو، تيخينوف، باناماريوف. قرار اللجنة المركزيّة رقم 167 1125 تاريخ 12 – 12 – 1979، حول الوثيقة (A).

  • الموافقة على الاعتبارات، والتدابير، والتصوّرات التي وضعها الرفاق (أندربوف – أوستينوف – غرميكو) والسماح لهم بإجراء التعديلات اللازمة التي لا تؤثّر على الطابع المبدئيّ للقرار، التي قد تبرز في سياق هذه التدابير؛ الأسئلة التي تتطلّب قرار اللجنة المركزيّة ترفع فورًا إلى المكتب السياسيّ يجب وضع جميع هذه التدابير تقع على عانق كلّ من (أندروبوف – أوستينوف – غروميكو).
  • تكليف (أندروبوف – أوستينوف – غروميكو) إبلاغ المكتب السياسيّ للجنة المركزيّة بالتقدّم المحرز في تنفيذها، أي بريجنيف، وجميع الأنشطة المخطّط لها.

أمين عام اللجنة المركزيّة ليونيد ايليتش. رقم 997([22])

* في الخامس والعشرين، عند الساعة الثانية عشرة بتوقيت موسكو تلقّت القيادة أمرًا بعبور الحدود الدوليّة.

سرّيّ للغاية

إلى القائد ألأعلى للقوّات الجوّيّة وقوّات الإنزال الجوّيّ

قائد القوّات في قطاع تركستان

نسخة:

القائد الأعلى للقوّات البرّيّة

القائد الأعلى لقوّات الدفاع الجوّيّ

رئيس قوّة التدخّل في هيئة الأركان العامّة، الجنرال تيرميز.

قرار بتنفيذ عبور عدد من وحداتنا القتاليّة وتحليقها فوق الحدود الدوليّة لجمهوريّة أفغانستان الديمقراطيّة، من قبل قوّات الجيش الأربعين وسلاح الجوّ السوفيتيّ. تبدأ العمليّة في 25 كانون الأوّل العام 1979، الساعة 15:00 (بتوقيت موسكو).

د. أوستينوف،

وثيقة رقم 312/ 1/ 030 ..25/ 12/ 1979([23]).

إنّ دخول القوّات إلى أفغانستان بحسب الدعاية الرسميّة تمّ تبريره بالاستناد إلى البند الرابع من اتّفاقيّة الصداقة، وحسن الجوار، والتعاون بين اتّحاد الجمهوريّات الاشتراكيّة السوفياتيّة، وجمهوريّة أفغانستان الديمقراطيّة، التي تمّ التوقيع عليها في موسكو في 5 كانون الأوّل 1978. التي تنصّ على أنّ اتّحاد الجمهوريّات الاشتراكيّة السوفياتيّة وجمهوريّة أفغانستان الديموقراطيّة الشعبيّة وبوحي من “روح التعاون، وتقاليد الصداقة، وحسن الجوار، وكذلك ميثاق الأمم المتّحدة”، اتّفقا، وبعلم الطرفين، على اتّخاذ التدابير المناسبة كلّها لضمان الأمن، والاستقلال ووحدة أراضي كلا البلدين وسيادتهما([24]). ومع ذلك لم تفترض هذه المعاهدة، ولم تنصّ على مشاركة أيّ دولة أجنبيّة، بما في ذلك الاتّحاد السوفياتيّ، أو استخدام القوّة في عمليّة تغيير السلطة في جمهوريّة أفغانستان الديمقراطيّة التي تعدّ حقًّا سياديًّا، ومسألة داخليّة بحتة.

هذا الإجراء، الذي كان من المفترض أن يكون إجراءً طارئًا ومؤقتًا، أدّى إلى حرب استمرّت قرابة ثماني سنوات.

كان الكرملين يدرك تمام الإدراك أنّه من الضروريّ إيجاد تفسير منطقيّ لنشر القوّات السوفيتيّة، إذ لم يكن من السهل شرح السبب الذي أدّى إلى إدخال القوّات، والذي كان من نتيجته إقصاء أمين، وتأليف حكومة بديلة، في 27 كانون الأوّل 1979، أصدر المكتب السياسيّ مذكّرة خاصّة حول: “الخطوات في ما يتعلّق بتطوّر الوضع في أنحاء أفغانستان([25]). أكّد فيها أنّ القوّات السوفيتيّة دخلت إلى هناك بناء على طلب من الحكومة الجديدة، بقيادة بابراك كرمال([26]) لحماية أفغانستان من العدوان الخارجيّ، موضحًا أن ليس للاتّحاد السوفيتيّ أيّ صلة بتشكيل هذه الحكومة، وهذا التوجّه صيغ للاستهلاك الداخليّ كما للخارج.

هكذا في خطاب اللجنة المركزيّة إلى المنظّمات الحزبيّة للحزب الشيوعيّ، تمّ توضيح ما يلي: في أفغانستان، كانت هناك قوى حازمة تشكّلت ضدّ أمين، على الرغم من كلّ الخسائر الفادحة نتيجة للقمع غير المشروع، وغير المبرّر الذي مارسه بإصرار، وأبعدته عن السلطة، وولدت نواة جديدة في قيادة الحزب والحكومة… هذه القيادة التي ترأسها كارمال هي من ناشدت الاتّحاد السوفياتيّ تقديم المساعدة السياسيّة والمادّيّة، بما في ذلك الدعم العسكريّ”، هنا كما نلاحظ تمّت الإشارة إلى السبب الجيوسياسيّ لإدخال القوّات: “تقع أفغانستان على مقربة من حدودنا، وهي متاخمة للجمهوريّات السوفيتيّة في آسيا الوسطى، ولها حدود طويلة مع بلادنا، والصين ليست ببعيدة. لذلك لا بدّ من القلق بشأن أوضاع حدودنا والاهتمام بأمن وطننا الاشتراكيّ…”([27]).

2  – الباعث – الكامن بشأن استخدام القوّات العسكريّة في الخارج والبعد التاريخيّ لهذه الخطوة

في 12 كانون الأوّل 1979، وفي اجتماع للمكتب السياسيّ للجنة المركزيّة للحزب الشيوعيّ، تمّ اتّخاذ قرار أُضفيَ عليه الطابع الرسميّ، وهو قرار سرّيّ للجنة المركزيّة للحزب الشيوعيّ رقم 176/ 125 “حول الوضع في “أ” المتعلّق بإدخال القوّات إلى أفغانستان.

في 20 كانون الأوّل 1979، تمّ نقل “الكتيبة الإسلاميّة” من باغرام إلى كابول، ودخلت ضمن اللواء الأمنيّ الخاصّ لحماية قصر أمين، ما سهّل الاستعدادات لاقتحام قصره، كما وصلت في منتصف شهر كانون الأوّل مجموعتان خاصّتان من الـ “كي جي بي” التابعة للاتّحاد السوفيتيّ.

في 24 كانون 1979، هبطت وحدات من الفرقة 105 المحمولة جوًا من حرس الحدود في مطار باغرام، على بعد 50 كم شمال العاصمة الأفغانيّة كابول، خلال 25 و 26 كانون الأوّل، وصلت الفرقة 105 بأكملها إلى باغرام على متن طائرات نقل عسكريّة.

في 25 كانون الأوّل 1979، بدأ دخول وحدات منفصلة من الجيش الأربعين إلى أفغانستان تدريجيًّا، في 27 منه تعرّض قصر أمين للهجوم (بعد أن تمّ دس السمّ له في الطعام من قِبل عملاء KGB)، واستمرّت العمليّة 40 دقيقة. وخلال العمليّة قُتِل أمين؛ وصل بابراك كرمل إلى كابول في 27 – 28 كانون الأوّل عام 1979. نقل الراديو نداءه إلى شعب أفغانستان معلنًا “المرحلة الثانية من الثورة”. لقد فشلت القيادة السوفيتيّة في إنشاء حكومة أفغانيّة مستقرّة: لقد حافظ الزعيم الجديد كرمال على نفسه فقط بفضل الدعم العسكريّ للاتّحاد السوفيتيّ.

فسَّر الغرب واقعة اغتيال رئيس الدولة، كدليل على الاحتلال السوفيتيّ لأفغانستان، في 3 كانون الثاني 1980، تمّ إرسال برقيّة إلى رئيس مجلس الأمن التابع للأمم المتّحدة، وقع عليها 51 دولة، يطلب فيها عقد اجتماع عاجل للنظر في الوضع في أفغانستان، وآثاره على السلام والأمن الدوليّين. تمّ قَبول الطلب، واستمرّ الاجتماع من 5 إلى 9 كانون الثاني 1980.

في العام 1980 شكّل المكتب السياسيّ لجنة قدّمت اقتراحاتها بشأن التسوية السياسيّة، والأوضاع في أفغانستان. وفي اجتماع المكتب السياسيّ المنعقد في 8 أيّار 1980 تمّت مناقشة هذه الاقتراحات، ورفعت توصية بضرورة أن تباشر القيادة الأفغانيّة بعمليّة التسوية السياسيّة، وقد تمّت المصادقة على التوصية التي تحوّلت إلى قرار. أحد البنود كانت متعلّقا بالتواجد العسكريّ في أفغانستان، وجاء فيه: “على حكومة أفغانستان الشعبيّة أن تعلن في سياق المفاوضات عن انسحاب القوّات السوفيتيّة من بلادها، وقف، مع وضمانة عدم تجدّد أيّ شكل من أشكال التدخّل العسكريّ، والسياسيّ، أو المتعدّد الأشكال في الشؤون الداخليّة، إذ إنّ شروط بقاء القوّات وظروفها قد زال، وخصوصًا تلك التي أجبرت أفغانستان على الطلب من الاتّحاد السوفيتيّ التدخّل. في ما يتعلّق بمسألة خروج القوّات فإنّ الأمر متعلّق بمدى حلّ قضيّة الإجراءات الضامنة، والفاعلة في المفاوضات القائمة بين أفغانستان، وباكستان، وإيران([28]).

رغم هذا فإنّ الأوضاع الداخليّة المتفاقمة لم يتح للقيادة الأفغانيّة إيجاد مخرج سياسيّ للوضع القائم، والتوصل إلى تسوية. استمرّت القوّات السوفيتيّة بالقتال إلى جانب القوّات الحكوميّة، ولكن هذا لم يمكّن الحكومة الأفغانيّة من بسط سيطرتها على كامل أراضيها، أمّا قضيّة الانسحاب فقد طرحت أكثر من مرّة، ولكنّها لم تبصر النور، فقط بعد وصول غورباتشوف إلى الحكم تمّ تحديد مواعيد نهائيّة لعمليّة الخروج.

في جلسة المكتب السياسيّ للجنة المركزيّة بتاريخ 13 تشرين الثاني 1986، أعلن غورباتشف ما يلي: نحن نقاتل في أفغانستان منذ ستّ سنوات، وإذا لم نحدث تغييرًا في كيفيّة إنجاز المَهَمّات، سنبقى نقاتل ثلاثين وأربعين عامًا دون جدوى، وهذا سيضع ظلاًّ على قدرتنا في التأثير على الأمور، ونحن لم نجد المفاتيح الفعليّة اللازمة لحلّ هذه الأزمة([29]). لقد طالب غورباتشوف بإصدار قرار حول انسحاب القوّات المحدودة من هناك في غضون سنة، أو سنتين كحدّ أقصى، في هذه الجلسة فإنّ وزير الدفاع الجديد المارشال أوخرومييف قدّم وصفًا للوضع القائم، حول أسباب عدم نجاح وإخفاقات القوّات هناك، فقال: لا يوجد حتّى ولو قطعة صغيرة من تلك البلاد إلاّ ووطأها جنودنا، ورغم ذلك فإنّ القسم الأكبر من البلاد يقع تحت سيطرة المجاهدين، والمشكلة الحاصلة، أنّه لا يتمّ تعزيز هذه الانتصارات العسكريّة بموقف سياسيّ واضح من الأفغان، في الوسط، والعاصمة فإنّ السلطة موجودة، ولكن لا وجود لها في الأطراف. نحن نسيطر على كابول، والضواحي المحيطة بها، ولكنّنا لا نستطيع تثبيت السلطة في المناطق التي نحتلّها، لقد خسرنا الصراع مع الشعب الأفغانيّ. قوّاتنا تقاتل منذ خمس سنوات، وبإمكانها الإمساك بالوضع إلى هذا الوقت، ولكن عند هذه الحدود الوعرة وخلفها وشروط القتال القاسية، فقد تستمرّ لخمسين ألف سنة. ليس باستطاعة قوّاتنا إقفال كلّ القنوات، والمعابر عند الحدود المُعدّة لتهريب كلّ شيء تريد، أكرّر على هذا المستوى نستطيع التحكّم بالوضع، ولكن في نهاية المطاف علينا التوصل إلى استنتاج ما([30])؟

بعد كلمة وزير الدفاع، كانت كلمة غروميكو، الذي قال: “علينا أن نخرج من الأولويّات عند تقديم المساعدات إلى أفغانستان، نحن لا يمكن ومهما اشتدّت الظروف أن نخسر أفغانستان، ونفقد نفوذنا هناك، وها نحن منذ ستين عامًا نعيش وإيّاهم في حالة حسن جوار وسلام، وإذا خسرنا الآن أفغانستان فستذهب بعيدًا عنا، وهذا يعني ضربة قويّة لسياستنا([31]).

من الواضح تمامًا ما استعرضناه أنّه لا يوجد موقف موحّد بشأن التواجد في أفغانستان، وغياب سياسة موحّدة، ومنسجمة لدى القيادة، وهذا ما أثّر على اتّخاذ القرار وتأجيله إلى العام 1998.

ما نودّ إيراده في هذا الصدد، التوقّف عند ما جاء في جلسة تقييميّة لمجلس نواب الشعب في الاتّحاد السوفياتيّ مستعرضين قرار المؤتمر بشأن هذه الأحداث:

* مؤتمر نواب الشعب في الاتّحاد السوفياتيّ

قرار بتاريخ 24 كانون الأوّل 1989 رقم 982 – 1.

بشأن التقييم السياسيّ لقرار إدخال القوّات العسكريّة السوفيتيّة إلى أفغانستان في نهاية عام 1979.

لقد رأى المؤتمر أنّ هذا القرار يستحقّ تقييمًا أخلاقيًّا وسياسيًّا، ولذلك قرّر، ما يلي:

يكلّف المؤتمر اللجنة الدستوريّة عند إعداد مسوّدة الدستور الجديد للاتّحاد السوفياتيّ مراعاة الاقتراح الداعي إلى تحديد المبادئ الرئيسة لاتّخاذ القرارات بشأن استخدام فرق القوّات المسلّحة في الاتّحاد السوفيتيّ، اللذين يشار إليهما في الفقرتين 13 و14 من المادّة 113، والمادّة 13، المادّة 119 من الدستور الحاليّ للاتّحاد السوفياتيّ، وربطها بتطوير لوائح مجلس الدفاع لاتّحاد الجمهوريّات الاشتراكيّة السوفياتيّة.

          يعهد إلى المجلس الأعلى للاتّحاد السوفياتيّ النظر في إنشاء لجنة تختصّ بشؤون القوّة العسكريّة المحدودة للقوّات السوفيتيّة التي عملت في أفغانستان. تكليف مجلس وزراء الاتّحاد السوفياتيّ وضع برنامج الدولة الهادف إلى معالجة القضايا المتعلّقة بحياة الأفراد العسكريّين السابقين ومعاناتهم، وغيرهم من الأشخاص الذين كانوا جزءًا من الفرقة العسكريّة السوفيتيّة المحدودة في أفغانستان، وكذلك عائلات الجنود الذين سقطوا.

رئيس مجلس السوفيت الأعلى ميخائيل سيرغييفيتش غورباتشوف([32]).

لا شكّ في أنّه عند وصول غورباتشوف للسلطة في سنة 1985، بدأ هذا الأخير بإعادة النظر بسياسة الاتّحاد السوفياتيّ في أفغانستان، وعبّر عن قلقه خلال مؤتمر الحزب الشيوعيّ في أذار 1986 بوصفه لأفغانستان بـ”الجرح النازف”. أعطى الرئيس غورباتشوف الجيش السوفياتيّ مهلة سنة لينتصر بالحرب في أفغانستان، وعندما فشل الجيش بالمَهَمَّة، قرّر المكتب السياسيّ للحزب الشيوعيّ السوفياتيّ في اجتماع له في تشرين الثاني 1986 الانسحاب من أفغانستان، وجرى الانسحاب في إطار اتّفاقيّات جنيف بوساطة الأمم المتّحدة، وتمهيدًا لانسحابهم خفّض السوفيات من نفقاتهم هناك، وبدأوا بتعزيز النظام الأفغانيّ بقيادة الرئيس نجيب الله.

وكانت نواة استراتيجيّتهم للقيام بذلك هو برنامج “المصالحة الوطنيّة”، التي تنطوي على الاعتراف بسلطة القادة المسلّحين في مناطق متعدّدة من البلاد طالما أنّهم يؤيّدون الحكومة، أو على الأقلّ لا يحاربونها، وأصبحت هذه الميليشيّات أقوى من الإدارة الحكوميّة وخصوصًا في شمال أفغانستان حيث تحمي خطّ إمدادات السوفيات إلى العاصمة كابول (Kābul).

اشتركت المعارضة، أو ما سمّي بالمجاهدين في بادئ الأمر بالثورات المحلّيّة العفويّة نسبيًّا، لكن سرعان ما استحوذت عليها المنظّمات الحزبيّة السياسيّة – العسكريّة في باكستان وإيران. وبعد الانسحاب السوفياتيّ من البلاد سيطرت هذه المنظّمات على الأرض والسكان.

كانت الغالبيّة العظمى من المقاتلين أفغان، لكنّ بعض البشتون Pashtuns([33]) الباكستانيّون شاركوا في القتال أيضًا، كما شارك العرب في القتال ابتداءً من منتصف الثمانينيّات من بينهم بعض الإسلاميّين المتطرّفين مثل أسامة بن لادن، وكذلك بعض المصريّين الذين ارتبطوا باغتيال الرئيس المصريّ أنور السادات عام 1981. شكّل هؤلاء المقاتلون تنظيم القاعدة في اجتماع لهم في شرق أفغانستان عام 1988([34])، كما كان هناك مجنّدين سوفييت من طاجيكستان ويعرفون لغات القبائل الأفغانيّة، ولكن في أفغانستان يعيش مليونان من الطاجيك ومليون أوزبكيّ و400 ألف تركمانيّ، كذلك فإنّ القرغيز من قيرغيزستان التي لها حدود مع صين، لقد كانت فكرة القتال غير مبرّرة، وغير مقنعة وأدّى العامل النفسي دوره إلى حدّ بعيد.

وهناك عوامل أخرى مرتبطة بعدم شعبيّة فكرة المساعدة الأمميّة، فقد قوبل الجنود بكره شديد من القبائل، ما أدّى إلى تدهور في المعنويّات، وانتشار الإدمان بين الجنود، ومن أجل ذلك كانت تباع الأسلحة للأعداء للحصول على المخدِّرات، وهي ظاهرة انتشرت في الجيش الروسيّ في حرب الشيشان عام 1996، إلاّ أنّ المسألة الأهمّ كانت فقدان المبادرة الاستراتيجيّة بفعل الخلافات بين الأفغان الموالين للسوفييت أنفسهم ما جعل التكلفة باهظة.

2- 1 ما هي نتائج الحرب بالنسبة إلى الاتّحاد السوفيتيّ وروسيّا لاحقًا

بالنسبة إلى الاتّحاد السوفيتيّ، فإنّ نتائج هذه الحرب بات معروف عنها، أنّها اقتصاديّة، وبشريّة، وسياسيّة. فعلى المستوى الاقتصاديّ فقد تكبّد الاتّحاد السوفيتيّ خسائر فادحة، ليس فقط في محاولته لتلبيّة الاحتياجات العسكريّة، ولكن أيضًا الاقتصاديّة، وما سمّي المساعدة الإنسانيّة لأفغانستان، كانت غالبًا ما تقدّم مجانًا، أو ضمن شروط تفضيليّة، ما عجّل بإفلاس الاقتصاد السوفيتيّ.

على المستوى العسكريّ ظهرت الخسائر البشريّة والمادّيّة الهائلة، فلقد خضع للخدمة العسكريّة في أفغانستان 620 ألف ضابط، وصف ضابط، ورتيب وجنديّ. بما في ذلك خضع للخدمة هناك 525,2 ألفًا من قوّات حرس الحدود وغيرها؛ ومن وحدات الاستخبارات (KGB) حوالي 90 ألفًا، من وزارة الشؤون الداخليّة حوالي 5 آلاف، من بين هؤلاء جميعًا، حوالي 546 ألفًا شاركوا مباشرة في الأعمال القتاليّة، بالإضافة إلى ذلك، عمل حوالي 21 ألفًا بين موظّفين وعمال خدمة للأعمال الحربيّة، تمّ تقليد 86 شخصًا وسام بطل الاتّحاد السوفيتيّ جرّاء الشجاعة، والبطولة التي أظهروها خلال الحرب (28 بُعَيْد استشهادهم)، تمّ منح مائتي ألف من أفراد القوّات المسلّحة أوسمة متنوّعة، إضافة إلى ميداليّات وأوسمة متعدّدة، بما في ذلك: 130 نالوا وسام لينين، 972 وسام الراية الحمراء 520،52 نالوا وسام النجمة الحمراء، مجموع الخسائر البشريّة للقوّات المسلّحة السوفيتيّة 14453 شخصًا، كما وقع في الأسر، أو فقد خلال العمليّات القتاليّة 417 من عديد القوّات المسلّحة، تمّ تحرير 79 منهم من الأسر، وعادوا إلى ربوع الوطن في عام 2004. بلغت الخسائر الصحّيّة  685469 شخصًا، من بينهم: أصيب 53753 شخصًا بجروح، أو تشويه، أو أصيبوا بعاهات دائمة، وقطع أطراف وبترها، وشلل دائم أقعدتهم نهائيًّا أي نسبة (11.44%)؛ كما أصيب بأمراض متعدّدة 415،932 شخصًا أي ما نسبته (88.56%).

كما لا يمكن أن نسقط من الحسبان الخسائر الفادحة التي تكبّدها الشعب الأفغانيّ، وبلغت بين الأعوام 1978 – 1989 حوالي المليوني شخص؛ فقط حوالي 25 ألف شخص أصبحوا ضحايا للألغام المضادّة للمشاة، أجبر ملايين الناس على الفرار من البلاد. في العام 1980 بلغ عدد النازحين ما يقرب من الخمسة ملايين إنسان توجّهوا نحو إيران وباكستان، إلى الآن يوجد حوالي المليونين في باكستان وحدها، 45% يعيشون في مخيّمات اللجوء القسريّ، حوالي المليون يعيشون في إيران، دون احتساب أولئك الذين توجّهوا إلى بلدان أوروبا الغربيّة، والاتّحاد السوفيتيّ السابق وروسيا.

على المستوى الدوليّ اهتزت صورة الاتّحاد السوفيتيّ كبلد مناصر لسياسة السلم، والعلاقات الطيّبة بين الشعوب، وأخيرًا كان هناك تآكلًا للنظام السياسيّ برمته، وتدمير أسس السلام العرقيّ والقوميّ، والأمن القوميّ، والسلامة الإقليميّة في نهاية المطاف. لذلك، أدّت أفغانستان دورًا رئيسًا في انهيار الاتّحاد السوفياتيّ، وبعده، النظام العالميّ بأسره.

في السنوات الثلاثين الأخيرة التي انقضت منذ خروج القوّات السوفيتيّة من أفغانستان، تغيّر العالم جذريًّا، فلم يعد الاتّحاد السوفيتيّ موجودًا ولا حلف وارسو كذلك، وانهار النظام الاشتراكيّ العالميّ، كما انهار العالم الثنائيّ القطب، سقط الكثير من الدوغمائيّات، والاعتبارات بما فيها النظام الإيديولوجيّ الذي دفع الاتّحاد السوفيتيّ نحو هذه الحرب العبثيّة القاتلة، وعلى الرغم من ذلك لا تزال الحرب مستعرة بقوّة، وظهرت إلى الواجهة قوى متطرّفة متمثّلة بطالبان وغيرها.

ونتيجة لكلّ ذلك، لقد أضحى التاريخ الروسيّ أمام تجربة مرّة، تقوم على أهمّيّة إدراك أنّ اتّخاذ القرارات السياسيّة بشأن استخدام القوّات المسلحة دون مشاركة نشطة في تطوير الخطط من قبل المتخصّصين العسكريّين يؤدّي إلى عواقب وخيمة. لقد كان للخسائر السياسيّة، والاقتصاديّة، والمعنويّة التي عانت منها روسيّا ولا تزال تأثيرًا سلبيًّا على الاقتصاد وعلى الحياة الاجتماعيّة والسياسيّة، وأصبحت حافزًا لولادة الاضطرابات، وانهيار الاتّحاد السوفيتيّ.

إنّ هذا الدرس الأفغانيّ هو عبرة ليس لروسيّا وحدها، ولكن أيضًا للسياسيّين الغربيّين، والعرب الذين ينغمسون في أوهام إمكانيّة تحقيق الأهداف من خلال ضربات دقيقة وتدخّلات قصيرة الأجل دون عواقب سلبيّة على بلدانهم، واليوم يبدو أنّ روسيّا تتّجه حذرة نحو مستنقعات عدّة في سوريا، وليبيا، والسودان تحت شعار استعادة الوهج التاريخيّ الذي فقدته إثر الهزيمة الأفغانيّة.

أمّا العبرة الثانية فهي تشير إلى أهمّيّة فهم العلاقة بين السياسة، والاستراتيجيّة العسكريّة، وفهم التاريخ، إنّ الموقف السياسيّ المتمثّل في تقديم المساعدة الدوليّة إلى الشعب الأفغانيّ، ومواجهة الأعمال المحتملة المناهضة لأفغانستان من أراضي الدول المجاورة، كان يستدعي خطوات مماثلة تجاه هذه الدول.

على أن العديد من الشخصيات السياسيّة والعسكريّة المشاركة في تلك الأحداث يشهد بأنّه إذا كانت قيادة البلاد قد حدّدت أهدافًا واقعيّة ومَهَمّات قابلة للتحقيق أمام الجيش، مقيّدة بإغلاق حدود أفغانستان، والتحكم في الطرق الرئيسة لإيصال الأسلحة من باكستان، وإيران من دون التدخّل في الشؤون الداخليّة للجمهوريّة، لكانت النتائج أكثر فاعليّة من التدخّل نفسه.

وهكذا، فإنّ نتيجة الحرب غير المعلنة، والضَعف الشديد للموقف السوفيتيّ في المنطقة كان محدّدًا مسبقًا بسبب عدم الكفاءة في إدارة الدولة، ما أدّى إلى اتّخاذ قرارات سياسيّة خطأ سواء في نشر القوّات خلال الحرب غير المعلنة، أو الانسحاب والخروج منها. إذًا كيف كانت نتائج هذه الحرب غير المعلنة في الحقائق والأرقام:

  • بدأت قوّات الجيش الأربعين في عبور حدود الدولة في 25 كانون الأوّل 1979. بحلول منتصف كانون الثاني 1980، تمّ نقل 4 فرق، 5 ألوية منفصلة، 4 أفواج منفصلة، 4 أفواج طيران قتاليّة، 3 أفواج من طائرات الهليكوبتر، لواء خطّ أنابيب، ولواء دعم مادّيّ موحّد من قبل قيادة الجيش الأربعين. بالإضافة إلى ذلك، كانت أعمال القوّات السوفيتيّة في أفغانستان مدعومة بالطيران المتمركز في إقليم تركستان العسكريّ.
  • بحلول عام 1985، بلغ إجماليّ عدد القوّات السوفيتيّة في أفغانستان 108.8 آلاف، بينهم 73 ألفًا في الوحدات القتاليّة.
  • خدم 525.2 ألف عسكريّ في الوحدات العسكريّة التابعة للقوّة المحدودة من القوّات السوفيتيّة في أفغانستان، وحوالي 90 ألفًا خدموا في وحدات قوّات الحدود وغيرها من تشكيلات الكي جي بي في الاتّحاد السوفيتيّ، حوالي 5 آلاف من وزارة الشؤون الداخليّة في الاتّحاد السوفيتيّ؛ المشاركين مباشرة في الأعمال العدائيّة وصل إلى 21 ألف شخص عملوا كأعضاء في هذه القوّة([35]).
  • من بين القتلى والجرحى – 664 مستشارًا عسكريًّا، ومتخصّصًا، ومترجمًا كانوا في عداد القوّات المسلّحة الأفغانيّة([36]).
  • بلغت الخسائر في المعدّات العسكريّة: 103 طائرات، و317 طائرة هليكوبتر، و147 دبابة، و1314 مركبة قتال مشاة، وناقلات جنود مدرعة، و433 بندقيّة وقذيفة هاون، 11309 مركبة، و11369 وحدة من المعدّات الهندسيّة، و1138 محطّة إرسال لاسلكيّ إذاعيّ، ومركبات القيادة والموظّفين([37]).
  • تكلفة صيانة الجيش الأربعين حوالي 7.5 مليار روبل سنويًّا.
  • كانت المساعدات العسكريّة السوفيتيّة النقديّة لأفغانستان كبيرة، وهي كالتالي: أحجام المساعدات في 1980 – 1989، بلغت حوالي 9.1 مليار روبل، منها (بملايين روبل): 1980 – 267.6؛ 1981 – 231.5؛ 1982 – 277.9؛ 1983 – 221.4؛ 1984 – 366.3؛ 1985 – 516.3؛ 1986 – 579.1؛ 1987 – 1063.4؛ 1988 – 1629.0؛ 1989 – 3972.0.
  • بالنسبة إلى العام 1990، طلب الجانب الأفغانيّ تسليم معدّات عسكريّة بقيمة 6.4 مليار روبل. تمّ تخصيصه بـ1.8 مليار روبل فقط.
  • أثناء انسحاب القوّات، خلقت القيادة السوفيتيّة احتياطًا لمدّة ثلاثة أشهر من الموارد المادّيّة الأساسيّة للوحدات الأفغانيّة. على وجه الخصوص، تمّ تسليم أكثر من 85 ألف طنّ من الذخيرة، والغذاء، والسيّارات، ووقود الديزل، والديزل الخام، والموادّ الأخرى، منها 13269 من ذخيرة المدفعيّة، 3570 كانت من الطيران، 2774 طنًّا من الموادّ الغذائيّة([38])، بالإضافة إلى ذلك، من بقايا العلاوة الحاليّة، نقلت أجزاء من الجيش الأربعين إلى الجانب الأفغانيّ، عند سحبه، 55.5 ألف طنًّا من الموارد المادّيّة، بما في ذلك الذخيرة – 15000، طعام – 3000، وقود وموادّ تشحيم، 37500 طنّ.
  • تلقى الجانب الأفغانيّ أيضًا 990 وحدة من العربات المدرّعة، وحوالي 3000 مركبة و142 قطعة مدفعيّة، و82 قذيفة هاون، و43 وحدة مدفعيّة صاروخيّة، و231 بندقيّة مضادّة للطائرات، و14443 قطعة سلاح صغير، و1706 قاذفة صواريخ، وأنواع أخرى من المعدّات والأسلحة العسكريّة.

في خلاصة هذا المبحث، هناك ما يدعونا إلى الاستنتاج أنّه في الوعي التاريخيّ، والثقافيّ أصبح المصطلح التقليديّ لكلمة “Afgan” (افغان)، ليس فقط تعبير عن هُويّة، أو تحديد لنقطة معيّنة في الفضاء الجغرافيّ (المكانيّة)، أو في عامل الزمن، لقد اتّخذ هذا المفهوم إطارًا يحتوي على مجموعة كاملة من العناصر التاريخيّة، والجيوسياسيّة، الإيديولوجيّة، الثقافيّة، الإثنوغرافيّة، الروحانيّة، البديهيّة، وصور تعبيريّة أخرى لها رمزيّتها في الذاكرة، والوجدان الروسيّين،. يتمّ تنفيذ هذا المجمع اللفظيّ بعناصره كافّة في النصوص، والأبحاث التي تناولت هذا الموضوع منذ حصوله وحتّى يومنا هذا وفي المقام الأوّل على مستوى المواضيع، والمشاكل، والدوافع.

لا شكّ في أنّ روسيّا اليوم تروّج لمواقف من قبيل أنّ ما جرى في الشيشان وداغستان، وسوريا وليبيا هو استمرار للمخطّط عينه على يد المجموعات نفسها التي تحاول اليوم إقامة ردائف للدولة الإسلاميّة، ودولة طالبان في أفغانستان، هو جزء من مخطّط لإقامة جمهوريّة إسلاميّة كبرى تشمل الأقاليم ذات الأغلبيّة المسلمة في روسيّا، لذلك تعدّ روسيّا المورد الرئيس للسلاح لتحالف المعارضة بقيادة أحمد شاه مسعود، كما تضع فرقة مسلّحة ترابط على الحدود الطاجيكيّة الأفغانيّة لمنع امتداد ما تعدّه خطرًا أصوليًّا يهدّدها مباشرة، كما تعدّ أنّ الخطر الأكبر يكمن بعدّ أفغانستان، وباكستان المورد الأكبر للمخدِّرات إلى السوق الروسيّة المترامية الأطراف، فهي تنتج 40 % من الأفيون المنتج، وتهرّبه إلى الداخل الروسيّ، وبالتالي فإنّ هذا الخطر الداهم تجب مجابهته بجهود دوليّة، ولا بأس من تورّط أميركيّ في المستنقع الأفغانيّ.

3- متلازمة أفغانستان

ظهر مفهوم “متلازمة الحرب”، للمرّة الأولى في نهاية القرن التاسع عشر، مع بداية القرن العشرين لوحظ أنّه من بين 44000 جنديّ بريطانيّ شاركوا في الحرب العالميّة الأولى، عاد حوالي 40٪ منهم إلى وطنهم مصابين بمتلازمة ما بعد الصدمة، لقد تمّ تسجيل مثل هذا الاضطراب خلال الحرب العالميّة الثانية في كلا الجانبين، في حرب فيتنام، خسر الأمريكيّون حوالي 70 ألف جنديّ وضابط، وبعد انتهاء هذه الحرب انتحر ضُعف هذا العدد([39]).

ومنذ ذلك التاريخ، ظهر لأوّل مرّة هذا المصطلح في العديد من أنواع العلوم الإنسانيّة الذي تتوقّف عنده أيضًا ليس فقط العلوم النفسيّة، بل العلوم التاريخيّة، باحتسابه يتسلّل رويدًا رويدًا تحت مسمّى “متلازمة الإجهاد اللاحق للصدمة”، لأنّه يصيب المقاتلين السابقين المشاركين في الأعمال العدائيّة والحربيّة غالبًا، مع خصوصيّة فريدة لهذه المتلازمة، أنّها تتطوّر مع مرور الزمن والسنوات، ونتائجها تدرس بعناية من قبل المؤرّخين في محاولة منهم لربطها بنتائج حدث ما، أو حرب وقعت هنا وهناك، ونحن لسنا بصدد مناقشة الآثار النفسيّة لهذه المتلازمة، بل تبيان أثرها التاريخيّ باحتسابه ظهر عند حوالي 40% من الجنود السوفييت في أفغانستان، أكثر من 10 بالمئة من بينهم أقدموا على الانتحار ولكن من حيث المبدأ.

يبدو أنّ الحرب هي عنصر جذّاب للغاية للبعض، وعندما أجري بحث في الفترة الواقعة بين 1986 – 1997، فإنّ ما يقرب من 40% من الذين شاركوا في الأعمال القتاليّة في أفغانستان، قالوا إنّهم مستعدّون للقتال في أيّ جيش يمنحهم هذه الفرصة، ويزودهم بالأسلحة. ووفقًا للدراسة عينها فإنّ حوالي 10% من القوّة الاستكشافيّة الفرنسيّة، المؤلّف من جنود من جميع الجنسيّات، هم مقاتلون سابقون من روسيّا، وضباط روس، وأوكرانيّون، وبيلاروس([40]). ولا شكّ في أنّ هذا يدفعنا إلى الاستنتاج أنّ لحرب أفغانستان نتائج ظهرت صورتها بجلاء في أكثر من محطّة حيث يشارك المرتزقة الروس في أعمال قتاليّة في سوريا والعراق، وبعض البلدان الأفريقيّة، والشرق الأوسط، وغيرها من المناطق في العالم.

لقد كان للمشاركة في الحرب تأثيره الكبير ليس فقط على الوضع الدوليّ، بل الداخليّ أيضًا، ما أدّى إلى توتّر العلاقة بين الكتلتين العسكريّتين، والسياسيّتين الرئيستين، والأنظمة، الاجتماعيّة اللتين ينتميان إليها في وقت واحد، كما كان لها أيضًا أثر على الوضع الداخليّ حيث نشأت حركة قويّة مناهضة للحرب، وإن لم تستطع إحداث تغيير جذريّ في عقليّة الأمّة الروسيّة. تحت هذه “المتلازمة الأفغانيّة” – بالمعنى الواسع للمفهوم، بعد أن خاض الحرب لسنوات عديدة، وبعد أن تكبّد خسائر بشريّة ومادّيّة هائلة، لم يكن الاتّحاد السوفيتيّ بقادر على تحقيق الأهداف هناك، وكانت النتيجة سيطرة المشاعر الشوفينيّة على قسم كبير من الفئات الشعبيّة، على الرغم من تأثّر الروس إلى حدّ كبير بالهزيمة في أفغانستان، رغم الدعاية التي قالت في سبعينيّات القرن الماضي، أنّ الاتّحاد السوفيتيّ حقّق التكافؤ الاستراتيجيّ العسكريّ، لكن أدّت المتلازمة هذه، إلى اهتزاز أركان المجتمع الروسيّ غير المتجانس وأسسه من نواحٍ كثيرة، إلى تعديل معيّن في السياسة الخارجيّة، والتوجّهات القيميّة لـ”للسوفييت العاديّين”، فاستجابت سلطة الحزب إلى حدّ ما للمواقف في المجتمع، فتمكّنت آلة الدولة ككلّ من مواجهة هذه الأزمة، مع الأخذ في الحسبان بشكل عمليّ الأخطاء، وتنفيذ عدد من التحوّلات والإصلاحات، بما في ذلك الإصلاحات في الجيش، وتأمين السكن للضباط، وعائلات القتلى والأسرى، هكذا كان النظام السياسيّ قادر إلى حين على مقاومة الاضطرابات الخطيرة المرتبطة بالحرب “القذرة” في أفغانستان، والهزيمة المخزية فيها.

لا شكّ في أنّ دخول القوّات السوفيتيّة إلى أفغانستان، رغم الحملات الإيديولوجيّة لتبريره بضرورة حماية الحدود الجنوبيّة للاتّحاد السوفياتيّ، ومنع الاختراق الأمريكيّ إلى دولة مجاورة، كان هناك ما يبرّره، من ناحية أخرى، لم تكن النتيجة فقط الفشل في تحقيق الأهداف العسكريّة، والإيديولوجيّة، والجيوسياسيّة التي تمّ تحديدها في عام 1979، (من نافل القول إنّ أكثر من 120 دولة في العالم في عام 1980، أعضاء في الأمم المتّحدة وقفت بشكل حازم في كلّ المؤتمرات ضدّ هذا التدخّل الذي وصفته بالفظّ)([41])، ومع انهيار اتّحاد الجمهوريّات الاشتراكيّة السوفياتيّة، فإنّ الجانب الجيوسياسيّ في أعقاب الحرب الأفغانيّة لم يسقط، بل تفاقم إلى درجة كبيرة خصوصًا في المناطق الجنوبيّة من الاتّحاد السوفيتيّ السابق. إذا كان الحديث في عام 1979 افتراضيًّا حول التهديد بتحويل الدول الصديقة المحايدة إلى موطئ قدم للنفوذ السياسيّ العدائيّ، فإنّ الحديث اليوم بات أكثر من واقعيّ عن انتشار إيديولوجيّة أصوليّة متشدّدة ليس فقط في أفغانستان، بل في جمهوريّات آسيا الوسطى، وشرق القوقاز، وأيضًا في عدد من الأراضي الروسيّة، وهذا الموضوع يحتاج إلى بحث علميّ منفصل.

تجلّت عواقب الحرب الأفغانيّة على الحياة الداخليّة في الاتّحاد السوفيتيّ في أشكال شتّى، إذ تلقّى الروس في جميع المراحل معلومات شحيحة عن طبيعتها، حتّى عام 1987، كان يتمّ دفن توابيت الزنك بشكل شبه سرّيّ (الحمولة  200 – رمز لنعوش القتلى العسكريّين)، وكان يحظر الإشارة إلى مكان مقتل الجنديّ. وبدأت تتصاعد تدريجيًّا وصولًا إلى العام 1989 حيث بدأت تتسرّب المعطيات الحقيقيّة إلى المجتمع الروسيّ وتّتسع دائرتها، إلى هذه الفترة كان يتمّ تنميط صورة المحاربين الأمميّين وتمجيدها لتبدأ مرحلة عدم القدرة على إعطاء الحرب تلك الصورة الإيجابيّة، إنَّ التحوّل في المزاج العامّ تنامى تدريجيًّا، وبدأت تظهر مفاعيله في بعض الصحف في مرحلة متقدّمة، حتّى أدركت قيادة غورباتشوف أنّ إدخال القوّات إلى أفغانستان كان “خطأ سياسيًّا بامتياز”، وفقط في أيّار 1988 – شباط 1989 حصل الانسحاب الكامل. كان التحوّل يتمّ من خلال حركة نشطة في المؤتمر الأوّل لنواب الشعب في اتّحاد الجمهوريّات الاشتراكيّة السوفياتيّة، التي كان لها تأثير كبير على إحداث هذا التبدّل، كالقول مثلًا: “إنّ الطيّارين السوفييت كانوا يطلقون النار على جنودهم في أفغانستان كي لا يستسلموا للأسر([42]). منذ ذلك الوقت – وخصوصًا بعد المؤتمر الثاني لنواب الشعب، عندما تمّ اعتماد التقرير السياسيّ، والتصويت على قرار سحب القوّات السوفيتيّة من أفغانستان([43])، بدأت وسائل الإعلام بالتركيز على تغطية الحرب الأفغانيّة معتمدة التحليل الواقعيّ بديلًا عن التمجيد، والتضخيم ما انعكس تحوّلًا سلبيًّا تجاه الحرب.

لقد أدّت الأزمات الاجتماعيّة العالمية العميقة الناجمة عن “البيريسترويكا”، وخصوصًا انهيار الاتّحاد السوفيتيّ، والأزمة الاقتصاديّة، وتغيير النظام الاجتماعيّ، والصراع الأهليّ الدامي على مشارف الاتّحاد السوفياتيّ السابق، إلى انقراض الاهتمام بالحرب الأفغانيّة المنتهية بالفعل، وكذا بالمقاتلين “الأفغان” الذين عادوا منها ليجدوا أنفسهم أنّ الحاجة قد انتفت إليهم، ليس فقط من قبل السلطات، ولكن أيضًا من المجتمع ككلّ، الذي انتصبت أمامه الكثير من القضايا والأولويّات الملحّة. فلم يتمّ حلّ مشاكل المشاركين في هذه الحرب، ولا أزمات عائلات الضحايا، ولا أوضاع الجرحى، وبقي البعض في الأسر كما بقيت القرارات حبرًا على ورق، ولم يستطع المجتمع نسيان الحرب الأفغانيّة، ولا التبرؤ منها، وفي الوقت نفسه يخشى أولئك الذين يمثّلون هذه الذكرى الحيّة، والمؤلمة أن تجعلهم على الهامش، وهذا هو معنى “المتلازمة الأفغانيّة” الشامل.

فالمشاركون في هذه الحرب باتوا لا يحظون بشعبيّة كما حربهم، وهذه المجموعات تشعر أنّها منبوذة كلّيًّا، فليس من قبيل المصادفة أن يكون تصوّر الحرب الأفغانيّة سواء من جانب المشاركين أنفسهم، وأولئك الذين لم يعرفوا معنى الحرب متناقضة تقريبًا، لذلك، ووفق استطلاع أجري في كانون 1989، تمّ في خلاله استبيان خمسة عشر ألف مواطن، نصفهم من الذين شاركوا في هذه الحرب، نجد أنّ 35% من المشاركين عدّوا أنّها كانت واجبًا أمميًّا، 10% من غير المشاركين لم يروها كذلك؛ وهناك 19% عدّوا أنّ الحرب هي تقويض لمفهوم الواجب الأمميّ، بينما هناك 30% لم يقتنعوا بذلك؛ والأهمّ من ذلك هو التقييم المتطرّف – الراديكاليّ لهذه الأحداث، فهناك من عدّها أنّها “عارنا”، 17% من “المقاتلين الأفغان” و46٪ من غير الأفغان، وكذلك 17% من “الأفغان” قالوا: “أنا فخور بذلك!”، بينما فقط 6٪. تنوّعت إجاباتهم، وكانت غير واضحة، المُهِمّ في هذا الاستطلاع أنّ 19% تعادلت إجاباتهم عادّين المشاركة في الحرب، “كانت خطوة صعبة، ولكنها قسرّيّة”([44]).

في الوقت عينه، حاولت قوى سياسيّة متعدّدة، ولا تزال، استخدام هذه الفئة النشطة اجتماعيًّا لمصالحهم الخاصّة، محاولين اجتذابهم إلى معسكراتهم، سواء المعسكر “الليبراليّ”، أو “الديمقراطيّ”، أو معسكر الوطنيّين القوميّين من مشارب متعدّدة، والشيوعيّين السابقين بتعدّد أجنحتهم، كما أنّ هذه المحاولات أظهرتها مجموعات، وهياكل إرهابيّة، وقادة في الجريمة المنظّمة، وتقوم الأطراف المتنازعة في جميع “النقاط الساخنة” في العالم بتجنيدهم في صفوفها، علمًا أنّ المشاركين في هذه الحرب الذين وحّدتهم البيوغرافيا، والسيَر المشتركة، هم من فئات اجتماعيّة غير متجانسة للغاية.

إنّ هذا الأساس الموحّد يسمح لنا بالتحدّث عن “الأفغان” ليس فقط كطائفة اجتماعيّة قائمة بذاتها، ولكن أيضًا كجماعة لها قالب اجتماعيّ، ونفسي مشترك من السكان، بالنسبة إلى “الأفغان أنفسهم”، شكّلت الحرب صدمة نفسيّة أكبر بكثير من التصوّر المحيط للمجتمع بأسره. ولفهم الحالة الاجتماعيّة والنفسية لـ”الأفغان”، فإنّ فئة “المتلازمة الأفغانيّة” بالمعنى الضيّق لها أهمّيّة خاصّة، هذا ما يسمّى بلغة الأطباء متلازمة الإجهاد اللاحق للصدمة، وبلغة المحاربين القدامى أنفسهم تبدو كما يلي: “لم يخرج بعد من حلقة الحرب”.

لقد انتشرت عشرات حالات الانتحار بين قدامى المحاربين الشباب، ويسود في أوساط هؤلاء حالة من الغضب عندما لا تهتمّ المؤسّسات الرسميّة بمن شارك في النزاعات المسلّحة، وبمشاكلهم الملحّة. وفي الوقت نفسه، يمكن القول إنّ “فيروس المتلازمة الأفغانيّة يعيش في كلّ واحد فيهم، فاعتبارًا من تشرين الثاني 1989، كان هناك 3700 من قدامى المحاربين في الحرب الأفغانيّة في السجون، وسجَّل عدد حالات الطلاق، والنزاعات الأسرّيّة الحادّة حوالي 75% في عائلات “الأفغان”، وأكثر من ثلثي المحاربين القدامى لم يكونوا راضين عن عملهم، وكثيرًا ما لجأوا إلى استبدال مكان عملهم، 90% مدينين للجامعات، ويعانون من ضَعف الأداء الأكاديميّ في الموادّ، 60% يعانون من الإدمان على الكحول والمخدِّرات، وسجّلت حالات انتحار، أو محاولات انتحار([45]). وفقًا لمعطيات الصحفيّ ف. بوجروف، المستندة إلى معطيات حصل عليها من جمعيّة موسكو لمنظّمات المحاربين القدامى للحروب المحلّيّة، والنزاعات العسكريّة، التي تأسّست عام 1998، في أواخر التسعينيّات فإنّ 3% من الأفغان أقدموا على الانتحار سنويًّا([46])، أمّا اليوم فهناك العديد من النقاط الساخنة، يتمّ فيها توظيف كلّ هذه المهارات، والخبرات التي اكتسبها “الأفغان” في حربهم، ولم يمض شيء على الانتهاء من متلازمة أفغانستان، حتّى بتنا أمام متلازمات عدّة، ومنها: كاراباخ، بريدنيستروفييه، أبخازيا، طاجيكستان، الشيشان، سوريا، إلخ. وفقًا لبعض الخبراء فإنّ متلازمة الشيشان، هي أسوأ بكثير من المتلازمة الأفغانيّة([47])، وتظهر ذلك الإحصاءات، والبيانات المتاحة للعام 1995، أنّ ما يصل إلى 12% من المشاركين السابقين في الأعمال العدائيّة في النزاعات المسلّحة المحلّيّة في السنوات الأخيرة يرغبون في تكريس حياتهم للخدمة العسكريّة بموجب عقد في أيّ جيش متحارب (الارتزاق): “لقد أصبح لدى هؤلاء الأشخاص وجهات نظرهم المنحرفة بشأن القتل، والسرقة، والعنف”، ويشير أ. أليكساندروفسكي، رئيس المركز الفيدراليّ العلميّ، والمنهجيّ إلى الطبّ النفسيّ ما وراء الحدود: هؤلاء لا ينضمّون إلى صفوف المقاتلين في بلدان العالم فحسب، ولكن أيضًا في الهياكل الإجراميّة”([48]).

خاتمة واستنتاجات

ذكرنا آنفًا في 14 نيسان1988، وفي جنيف، وقّعت حكومتا باكستان وأفغانستان، بمشاركة الولايات المتّحدة والاتّحاد السوفياتيّ، “اتّفاقات لتسوية الوضع في جمهوريّة أفغانستان” كضامنة للحلّ. حدّدت هذه الدول، الجدول الزمنيّ لانسحاب الوحدة السوفيتيّة – بين 15 أيّار1988 إلى 15 شباط 1989، وغادرت القوّات السوفيتيّة في عام 1989، من دون أن تحقّق شيئًا. واليوم من المستحيل إلقاء اللوم على الجنود الذين أقسموا بالولاء للاتّحاد السوفيتيّ، والوفاء لأوامر القادة، فقد أدّوا واجباتهم البطوليّة، لكن أخطاء القادة السوفييت المسنّين (ما فوق الثمانين ما عدا أندربوف في حينه 62 عامًا، وتُوفِّيَ باكرًا)، أصبحت من الماضي، لكن الأوهام حول هذه الحرب كلّفت الاتّحاد السوفيتيّ أثمانًا باهظة، لقد تكبّد الاتّحاد السوفياتيّ في هذه الحرب كما ذكرنا آنفًا خسائر مادّيّة، وسياسيّة، ومعنويّة، وأخلاقيّة كبيرة.

من الناحية الماليّة، كلّفت الحرب الاتّحاد السوفياتيّ حوالي 70 – 80 مليار دولار، علاوة على ذلك، دمّر “المجاهدون” عددًا كبيرًا من الأسلحة، والمعدّات العسكريّة.

الحرب لم تصل إلى أيّ من الأهداف، ولم تحقّق المَهَمّة التي وضعت لها، والتي بدأت من أجلها. لقد انهار النظام الاشتراكيّ، بعد ثلاث سنوات من مغادرة الاتّحاد السوفيتيّ لأفغانستان. لم يكن من الممكن أيضًا منع وجود الأمريكيّين في أفغانستان، منذ عام 2001، بعد هزيمة نظام طالبان، تمتلك الولايات المتّحدة قوّة قِوامها 14000 جنديّ في هذا البلد (140 ألفًا في 2014). لقد قرر الرئيس ترامب خفض عدد القوّات إلى 7 آلاف، صحيح أنّ الولايات المتّحدة لا تبني قواعد صاروخيّة تستهدف روسيّا في أفغانستان. (وهي ما كان شيوخ المكتب السياسيّ للحزب الشيوعيّ وعلى رأسهم بريجنيف يخافون منه)!!

لقد أدان المجتمع الدوليّ الحرب في أفغانستان بشدّة (بما في ذلك الولايات المتّحدة، والصين، ودول منظّمة المؤتمر الإسلاميّ، وباكستان، وإيران حتّى بعض الدول الاشتراكيّة)، لقد دمّرت الحرب الصداقة التقليديّة القديمة بين الشعبيّن، وحولت معظم السكان إلى أعداء، كما استثارت الحرب اضطرابات وفتن دائمة، ومواجهة عسكريّة في أفغانستان بين القوى الداخليّة والخارجيّة المتعدّدة، والمستمرّة منذ ما يقرب من 40 عامًا.

وأضعفت الحرب تأثير الاتّحاد السوفياتيّ على حركة عدم الانحياز، التي تمثّل نهاية “عهد الانفراج” في السبعينيّات، وأدّت إلى زيادة الضغط الاقتصاديّ والتكنولوجيّ على الاتّحاد السوفياتيّ من الغرب، وتفاقمت ظاهرة الأزمة المستمرّة في الاتّحاد السوفياتيّ نفسه، كما ساهمت الحرب في هزيمة الاتّحاد السوفيتيّ في “الحرب الباردة”، وفي المواجهة العسكريّة الاستراتيجيّة العالميّة بين القوّتين العظيمتين، والنظم الاجتماعيّة، والسياسيّة، والكتل العسكريّة.

وأدّت الحرب إلى التخلّي عن نظام اتّفاقات يالطا – بوتسدام، وتدمير التوازن الاستراتيجيّ للقوّات لصالح الغرب، وانهيار نظام الأمن الأوروبيّ الذي تشكّل لعقود من الزمان، وانهيار النظام الاشتراكيّ العالميّ، ومنظّمة حلف وارسو العسكريّة، وانهيار الاتّحاد السوفيتيّ، وتدمير جيشه.

أسهمت الحرب في اندلاع حرب مذهبيّة – عرقيّة، وطائفيّة في أفغانستان، تشكّلت القاعدة في الصراع ضدّ الاتّحاد السوفياتيّ، واتّخذ أسامة بن لادن الخطوات الأولى على طريق الإرهاب. كما تمّ تنظيم أولى خلايا حركة طالبان، من هنا، انتشر سرطان الإرهاب المتطرّف في جميع أنحاء العالم.

ومن النتائج أنّه بعد انسحاب القوّة المحدودة من القوّات السوفيتيّة من أفغانستان حدث شيء هائل، ألا وهو زيادة إنتاج الهيروين ونموّ صادراته.

بمعنى آخر فإمّ الحرب الأفغانيّة أدّت إلى تغيير جذريّ، وإعادة توزيع للعالم كلّه وتقسيمه، وليس لصالح الاتّحاد السوفيتيّ.

يظهر الصراع الأفغانيّ، ودروسه مرّة أخرى، ويثبت أنّه من المستحيل حلّ المشكلات السياسيّة في عالم عصريّ شديد التعقيد بأساليب عسكريّة واضحة، لا يمكن حلّها إلاّ بالوسائل السلميّة. وإذا قرّر شخص ما التصرّف دون مراعاة للحقائق، وبدون تحليل علميّ لعواقب قرار ما، فمن الواضح أنّ هذا محكوم عليه بالفشل، وهو محفوف بالانفجارات العالميّة، والكارثة العالميّة.

عند دراسة أحداث الحرب الأفغانيّة، كقاعدة عامّة فإنّه لا توجد مساحة للأدبيّات التاريخيّة الأفغانيّة، بمعنى نشهد غياب أيّ دراسة للمجتمع الأفغانيّ، وتقاليده، وتاريخه، وثقافته، وإيديولوجيّته في ظروف الحرب، وصراع القوى العظمى، فمن بدون معرفة مفصّلة بهذه الأشياء، من الصعب للغاية فهم العديد من الأنماط والأحداث؛ ثانيًا، لا توجد دراسة ومقاربة لمعسكر المجاهدين على أساس المصادر الأوليّة: الوثائق، والموادّ، ومذكّرات المشاركين في جماعات المعارضة المسلّحة. ففي الأدب السوفياتيّ، والمذكّرات، والأبحاث التاريخيّة تمّ تحليل المجاهدين على أساس الموادّ “المستهلكة” المعروفة، أو على أساس ما توفّره الصحافة الغربيّة، أو بناء لمعلومات استخباريّة من المخابرات الأميركيّة، والروسيّة. وغنيّ عن القول إنّ المجاهدين في هذه الموادّ غالبًا ما أظهروا بشكل لا يرتقي إلى مستوى الإنسانية، بل الوحشيّة والبربريّة؛ ثالثًا، لا نجد كلامًا عن تأثير المساحة الباكستانيّة، والهنديّة، والإيرانيّة في الصراع فهي غائبة تمامًا تقريبًا، وتنتفي معلومات عن سياسات القيادة الباكستانيّة، وعن دعمها المجاهدين، وعن الوضع في المحافظات التي كان المجاهدون فيها، وما إلى ذلك.

إنّ أيّ بحث لا يأخذ هذه القضايا الثلاثة في الحسبان، سيكون هناك صعوبة في عدّه بحثًا تاريخيًّا ناقصًا، وغير ذي جدوى أساسيّة، وغير مثبت علميًّا لتاريخ الحرب الأفغانيّة.

4- المراجع باللغة العربيّة

– أبادي عليّ رضا، أفغانستان في التاريح المعاصر، المركز القوميّ للترجمة، مراجعة السباعيّ محمّد السباعيّ، القاهرة، 2007.

– الأرشيف الروس، الوثيقة 33، الملفّ الثاني.

– الأرشيف الروسيّ للتاريخ الروسيّ الحديث، الملفّ، 89، القائمة 34، الوثيقة 8، الورقة 4.

– الأرشيف الروسيّ، القائمة 14، الوثيقة 41، الورقة 4.

– الأرشيف الروسيّ، القائمة 14، الوثيقة 41، الورقة الأولى.

– تيبليتسكي ليونيد بوريسوفيتش. تاريخ العلاقات السوفيتيّة – الأفغانيّة، موسكو، 1988.

– صديق محمّد نقيبالله، التنصير في أفغانستان دراسة وصفيّة تحليليّة، الجامعة الإسلاميّة العالميّة، باكستان، كلّيّة أصول الدين، 2006.

– الطالب عبد إبراهيم، الغزو الأجنبيّ للإفغانستان في القرون الثلاثة الأخيرة، ط.1، 2009.

– العامريّ عبّود صلاح، تاريخ أفغانستان وتطوّرها السياسيّ، العربيّ للنشر والتوزيع، القاهرة، 2012  .

– عبد العزيز محمّد، القضيّة الأفغانيّة: حلقة الاقتتال المفرغة، مركز الحضارة للدراسات السياسيّة، من دون تاريخ، ص.605 – 617 .

– فريدمان روبرت، موسكو والشرق الأوسط: السياسيّة السوفياتيّة منذ غزو أفغانستان، مجلّة الدراسات الفلسطينيّة، المجلّد ٢، العدد ٨ (خريف ١٩٩١)، ص 182.

– فولكوف.ي، كيفوركيان.أ،ميخائيلينكو.أ، بولونسكي.أ،سفيتوزاروف.ف، الحقيقة حول أفغانستان – وثائق، حقائق، شواهد، دار وكالة نوفوستي، موسكو 1980.

– لينديسفارن نانسي (Nancy Lindisfarne)، أفغانستان القرنان التاسع عشر والعشرون، ترجمة بثينة الناصريّ، من دون تاريخ.

– ميخائيل ريشيتنيكوف. “هل يمكن بالفعل معالجة متلازمة أفغانستان”، حديث إلى إذاعة الحرّيّة، 15 شباط، 2019، س.15,00.

– النملة بن إبراهيم عليّ، الجهاد والمجاهدون في أفغانستان – وقفات تقويم، مكتبة العبيكان، الرياض، 1994.

المجلاّت والصحف والدراسات

– الأرشيف الدولة الروسيّة للتاريخ الحديث (РГАНИ)، الوثيقة 26. البرقيّة 3، م.89، الفئة 14.

– الأرشيف الرسميّ في التاريخ الروسيّ الحديث الملفّ 89، القائمة 14، الوثيقة 27، الورقة 5.

– الأرشيف الروسيّ الوثيقة 25، البرقيّة 3 – 4. الملفّ 89، الفئة 14.

– التقرير الصادر عن المؤتمر الثاني لنوّاب الشعب في اتّحاد الجمهوريّات الاشتراكيّة السوفياتيّة، 12 – 24 كانون الأوّل 1989، المجلّد الرابع، موسكو 1989.

– الحوار المتمدّن – العدد: 5812 – 2018 / 3 / 11 – 01:15 . المحور: ملفّ الذكرى المئويّة لانطلاق ثورة أكتوبر الاشتراكيّة في روسيّا.

– روسيّا والاتّحاد السوفيتيّ في حروب القرن العشرين: دراسة إحصائيّة، موسكو، برس، 2001.

– صحيفة كومسمولسكايا برافدا، ما بعد أفغانستان//.21 كانون الأوّل، 1989.

– الغزو السوفياتيّ لأفغانستان ونشوء الإرهاب، دروس وعبر – ترجمة السوريّ الجديد.

– كومسمولسكايا برافدا، 25 نيسان 1995، مقالة تحت عنوان: أحبّ وسامح؛ صحيفة “ترود” (العمل)، 19 أيلول 1995، الإنسان الأكثر سلامة في هذه الحرب – مجنون؛ كومسمولسكايا برافد: رأي طبيب نفسيّ، مقالة تحت عنوان: بماذا يتميّز المقاتل الروسيّ عن المقاتل الشيشانيّ في لج المعركة؛ صحيفة الازفستيا// بودينوفسك، 25 آذار 1997؛ ماكسيموفا إيلا: انتهت الحرب. تناسوا// الازفستيا 1979، 7 تشرين الأوّل.

المراجع باللغة الروسيّة مترجمة

  • Афанасьев А.А. Афганистан: почему это произошло // Коммунист Вооруженных Сил. 1991. № С. 73.

أفاناسييف أ.أ. أفغانستان: لماذا حصل هذا// شيوعيّ القوّات المسلّحة، 1991، العدد 12، ص.73.

  • Афганистан в нашей судьбе. – М.: Изд-во Агентства печати «Новости», 1989. – 165 с.

أفغانستان بما هو مكتوب لنا. إصدارات وكالة نوفوستي، 1998، ص.156.

  • Александровский Ю. А. Указ. соч. С. 327–328

ألكساندروفسكي.ي.أ، مختارات، ص.327 – 328.

  • Громов Б.В. Ограниченный контингент. Советские войска в Афганистане. –М.: Прогресс, 1994.–с.46.

غروموف ب.ف. القوّة الروسيّة المحدودة. القوّات السوفيتيّة في أفغانستان. موسكو، 1994،ص.64.

  • Гай Д., Снегирев В. Вторжение: Неизвестные страницы необъявленной войны. – М.: СП (ИКПА),1990. – с.380.

غاي.د، سنيغيريف ف. التدخّل: صفحات مجهولة لحرب غير معلنة، موسكو، 1990، ص.380.

  • Жовер В. «Да, ЦРУ появилось в Афганистане до русских…» // Нувель Обсерватер (Франция). 13 января: интернет-ресурс: http://www.inosmi.ru.

جوفير .ف. “أجل المخابرات الميركية ظهرت في أفغانستان قبل الروس…” مجلة نوفيل أوبسرفوتور،13 كانون الثاني، 1998.

  • Ляховский А.Трагедия и доблестьАфгана,М., 1998. C. 135.

لياخوفسكي أ. المأساة والشجاعة في أفغانستان، موسكو، ص.135.

  • Марчук Н.И. «Необъявленная» война в Афганистане: официальная версия и уроки правды. – М.: Луч,1993.

مراتشوك.ن.إ، الحرب غير المعلنة في أفغانستان:  لموقف الرسميّ ودروس الحقيقة، موسكو، دار لوتش (السهم)،1993.

  • Марчук Н.И. Война в Афганистане: «интернационализм» в действии // Советская внешняя политика в годы «холодной войны». 1945 – 1985. – М.: Международные отношения, 1995. – С.453 – 459.

مراتشوك نيقولاي إيفانوفيتش. الحرب في أفغانستان:” الأمميّة” في السلوك// السياسة الخارجيّة السوفيتيّة في ومن “الحرب الباردة”- 1945 – 1985. موسكو، مجلّة العلاقات الدوليّة، 1995، ص.453 – 459.

  • Некрасов В.М. Афганистан вчера и сегодня// Военное образование. 2003. 17 февраля. С. 2.

نيكراسوف.ف.م، أفغانستان أمس واليوم// الشامل في العلوم العسكريّة،2003.

  • Пихоя Р.Г. Советский Союз: История власти (1945 – 1991). М.: РАГС, 1998. С. 393.

بيخويا ر.غ. الاتّحاد السوفيتيّ: تاريخ السلطة (1945 – 1991)، موسكو، المركز الأكاديميّ الحكوميّ، 1998، ص.393.

  • Россия и СССР в войнах ХХ века: Статистическое исследование. М.: ОЛМА – ПРЕСС, 2001. С. 36.

روسيّا والاتّحاد السوفيتيّ في حروب القرن العشرين: دراسة إحصائيّة، موسكو، أولم ا- برس، 2001، ص.36.

 

* أستاذ مساعد في الجامعة اللبنانيّة – الفرع الثالث – قسم التاريخ. له العديد من المؤلّفات والمقالات المتخصّصة في التاريخ الرّوسيّ.

[1] – Россия и СССР в войнах ХХ века: Статистическое исследование. М.: ОЛМА – ПРЕСС, 2001. С. 36.

روسيّا والاتّحاد السوفيتيّ في حروب القرن العشرين: دراسة إحصائيّة، موسكو، أولما – برس، 2001، ص.36. (باللغة الروسيّة).

[2] – Там же. С. 538.  انظر المصدر نفسه، ص. 538

[3]– Пихоя Р.Г. Советский Союз: История власти (1945—1991). М.: РАГС, 1998. С. 393.

بيخويا ر.غ. الاتّحاد السوفيتيّ: تاريخ السلطة (1945 – 1991)، موسكو، المركز الأكاديميّ الحكوميّ، 1998، ص.393.

[4] – Жовер В. «Да, ЦРУ появилось в Афганистане до русских…» // Нувель Обсерватер (Франция). 1998. 13 января: интернет-ресурс: http://www.inosmi.ru.

جوفير .ف. “أجل المخابرات الأميركيّة ظهرت في أفغانستان قبل الروس…” مجلّة نوفيل أوبسرفوتور، 13 كانون الثاني، 1998.

[5] – الحقيقة حول أفغانستان. وثائق، حقائق، شواهد. دار نشر وكالة نوفوستي، موسكو 1980، ص.55.

[6] – Афанасьев А.А. Афганистан: почему это произошло // Коммунист Вооруженных Сил. 1991. № 12. С. 73.

– أفاناسييف أ.أ. أفغانستان: لماذا حصل هذا// شيوعيّشيوعيّ القوّات المسلحة،1991، العدد 12، ص.73.

[7] – Некрасов В.М. Афганистан вчера и сегодня // Военное образование. 2003. 17 февраля. С. 2.

[8] – Марчук Н.И. «Необъявленная» война в Афганистане: официальная версия и уроки правды. – М.: Луч,1993

[9] – وقع خلاف في أفغانستان بين الرئيس نور محمّد طراقي، وبين رئيس وزرائه حفيظ الله أمين حول الحكم، وعندما سافر نور محمّد لحضور مؤتمر عدم الانحياز في هافانا عاصمة كوبا مرّ بموسكو، وطلب منه هناك قتل حفيظ الله، ثمّ اجتمع السفير الروسيّ مع الرئيس نور محمّد وأرسلا وراء حفيظ الله ليقتلوه، فأطلق كلّ منهما النار على الآخر، ولكن نجا كلاهما من الآخر، وفي 14 أيلول 1979 اعتقل نور محمّد طراقي، وتسلّم رئيس الحكومة حفيظ الله أمين رئاسة جمهوريّالجمهوريّة إضافة إلى رئاسة الوزراء، ثمّ بعد شهر أعلن عن وفاة الرئيس نور محمّد طراقي. كتاب الموسوعة التاريخيّة، تأليف مجموعة من المؤلّفين. https://al-maktaba.org/book/32634/4783#p1

[10] – Российский государственный архив новейшей истории (РГАНИ). Ф. 89. Оп. 14.

الأرشيف الرسميّ في التاريخ الروسيّ الحديث الملف. 89، القائمة 14، الوثيقة 27، الورقة 5.

[11] – Громов Б.В. Ограниченный контингент. Советские войска в Афганистане. –М.: Прогресс, 1994.–с.46.

غروموف ب.ف. القوّة الروسيّة المحدودة. القوّات السوفيتيّة في أفغانستان. موسكو، 1994، ص. 64.

[12] – الأرشيف الدولة الروسيّة للتاريخ الحديث (РГАНИ)، الوثيقة 26.برقيّةالبرقيّة، 3، م.89، الفئة.14.

[13] – الأرشيف الروسيّ الوثيقة 25، برقيّةالبرقيّة 3 – 4. الملف 89، الفئة.14.

[14] – الأرشيف الروسيّ. المصدر السابق، و.30، ب.3.

[15] – قيادة الحزب الشيوعيّ بعد نيكيتا خروشوف، ضمّت كلّ من: ليونيد بريجنيف، ألكسي كوسيغين، ميخائيل سوسلوف مسؤول عن الدائرة الإيديولوجيّة في الحزب، يوري أندروبوف تسلّم في سنة 1967 رئاسة جهاز أمن الدولة (الـ كي. جي. بي.)، ثمّ أصبح في سنة 1973عضوًا كامل العضوية في المكتب السياسيّ للحزب الشيوعيّ، إلى جانب وزير الخارجيّة أندريه غروميكو، قسطنطين تشيرنينكوز.

[16] – Гай Д., Снегирев В. Вторжение: Неизвестные страницы необъявленной войны. – М.: СП (ИКПА), 1990. – 380 с.

– غاي. د، سنيغيريف ف. التدخّل: صفحات مجهولة لحرب غير معلنة، موسكو، 1990، ص.380.

[17]– Афганистан в нашей судьбе. – М.: Изд-во Агентства печати «Новости», 1989. – 165 с.

أفغانستان بما هو مكتوب لنا. إصدارات وكالة نوفوستي، 1998، ص.156.

[18] – الحقيقة حول أفغانستان- وثائق،حقائق-شواهد، مصدر سابق،ص.137 .

[19] – Корниенко Г.М. Холодная война. Свидетельство ее участника. – М.: Олма-Пресс, 2001. – с.415 كيريينكو غينادي ميخايلوفيتش.الحرب الباردة. شهادات بعض المشاركين. موسكو،2001، ص.415..

[20] – أبرم الاتّحاد السوفيتيّ في كانون الأوّل الأوّلالأوّل 1978 معاهدة صداقة وتعاون مع جمهوريّة أفغانستان الديمقراطية التي واجهت، منذ إعلانها، مقاومة الأوساط الإسلامية. وفي شباط 1979، اغتيل السفير الأميركي في كابول بعد أن كان هدف عملية اختطاف، وتوسع التمرد الذي قام به المجاهدون الإسلاميون، واضطر الاتّحاد السوفيتيّ إلى زيادة عدد مستشاريه العسكريّين في أفغانستان. وكان نظام شاه إيران قد سقط، في الفترة نفسها، على يد الثورة الإسلامية، الأمر الذي ضاعف مخاوف الأميركيين والغربيين عمومًا. وقام حفيظ الله أمين بالانقلاب على حكم محمد نور طراقي، وتزايدات تدخّلات باكستان، والصين الشعبيّة والولايات المتّحدة في شؤون أفغانستان الداخليّة، ما أثار قلق القيادة السوفيتيّة، التي دعمت وصول بابراك كارمال إلى سدة الرئاسة، وقررت زيادة عدد قوّاتها في أفغانستان ليصل تعدادها، في نهاية كانون الثاني 1980 إلى نحو 85000 جندي سوفيتيّ، وذلك إثر قرار اتخذه المكتب السياسيّ للحزب الشيوعيّ في الاتّحاد السوفيتيّ، في 29 كانون الأوّل الأوّلالأوّل 1979، بالتدخّل العسكريّ في هذا البلد.

المصدر: الحوار المتمدن-العدد: 5812 – 2018 / 3 / 11 – 01:15 . المحور: ملف الذكرى المئوية لانطلاق ثورة أكتوبر الاشتراكيّة في روسيّا

[21] – كيرنيينكو، أنظر المصدر عينه،ص.243.

[22] – تمّ التوقيع على الوثيقة من قِبل جميع أعضاء المكتب السياسيّ للجنة المركزيّة للحزب الشيوعيّ، أمّا توقيع رئيس الوزراء كوسيغين فلم يكن موجودًا الذي غاب عن حضور هذه الجلسة. برقيّةالبرقيّة رقم 1 الوثيقة 70 الأرشيف الروسيّ.

[23] -Ляховский А.Трагедия и доблестьАфгана,М., 1998. C. 135.

لياخوفسكي أ. المأساة والشجاعة في أفغانستان، موسكو، ص.135.

[24] – تيبليتسكي ليونيد بوريسوفيتش. تاريخ العلاقات السوفيتيّة – الأفغانيّة، موسكو، 1988، ص.266.

[25] – الأرشيف الروسيّ، الوثيقة 33، الملفّ الثاني.

[26] – أرسل الاتّحاد السوفيتيّ 40 ألفًا من جنوده لدعم نظام بابراك كارمل الشيوعيّ في كابول، الذي قام بانقلاب اغتيل فيه الرئيس حفيظ الله أمين الذي وصف بأنّه “عميل للأمريكيّين”. جاء كارمل إلى السلطة بعد انقلابات عدّة شهدتها أفغانستان على إثر سقوط الملكيّة، ففي يوليو 1973: حدث انقلاب عسكريّ قام به نور الدين تراقي، الذي أعلن جمهوريّة أفغانستان الديمقراطيّة، وفي 1978م قتل محمّد داود، ثمّ وقع انقلاب على تراقي بقيادة رئيس الوزراء حفيظ الله أمين سنة 1979م. وقد لقي التدخّل إدانة دوليّة خصوصًا من قبل الولايات المتّحدة تجسّدت في مقاطعة الألعاب الأولمبيّة التي جرت في موسكو في 19 يوليه 1980م. ثمّ انسحبت القوّات السوفيتيّة التي بلغ عددها في أفغانستان 110 آلاف جنديّ بموجب اتّفاق جنيف – الذي وقع في 14 إبريل 1988م – في 15 فبراير 1989م، فانسحبت بعد أن فقدت 15 ألف جنديّ. المصدر، https://al-maktaba.org/book/32634/4788

[27] – المصدر نفسه، الوثيقة 33، الملفّ 18.

[28] – الأرشيف الروسيّ للتاريخ الروسيّ الحديث، الملفّ، 89، القائمة 34، الوثيقة 8، الورقة 4.

[29] – الأرشيف الروسيّ، القائمة 14، الوثيقة 41، الورقة الأولى.

[30] – المرجع أعلاه نفسه.

[31] – الأرشيف الروسيّ، القائمة 14، الوثيقة 41، الورقة 4.

[32]– URL: http://www.agitclub.ru/vybory/gor89/post1.htm

[33] – يصل عدد الجماعات العرقيّة التي تتكوّن منها أفغانستان إلى حوالى ٢٥ جماعة أهمّها خمس جماعات، وهي: البوشتون، والطاجيك،

والأوزبك، والهذارة، والإيماك. يبلغ عدد الباشتون حوالي نصف السكان 60%، وهم على المذهب الحنفيّ، عددهم 17 مليونًا، أمّا الطاجيك فيكوّنون ٢٥ % من السكان، أمّا الأوزبك فتتراوح نسبتهم بين 5% إلى 10% من السكان، ويتركّزون على حدود أوزبكستان. أمّا الجماعات الشيعيّة فتعدّ الهزارة من أكبرهم، ويتركّزون فى وسط البلاد، ويشكّلون نحو 10% من عدد السكان. ويكوِّن الإيماك 10% من السكان ويتركّزون فى غرب أفغانستان. أمّا بالنسبة إلى المذهب، فيشكّل الحنفيّون السنة 85% من السكان، والباقي من الإسماعيليّين. المصدر: رالف ماجنوس، مشكلة أفغانستان، (ترجمة صليب بطرس). 290 – 291 روفائيل مسيحة، القاهرة، 1985.

 

[34] – الغزو السوفياتيّ لأفغانستان ونشوء الإرهاب، دروس وعبر، ترجمة السوريّ الجديد، 28 آب،2016، الناشر /newsyrian.net/ar/content/ ، Microsoft ® Encarta

 

[35]– Россия и СССР в войнах ХХ века: Статистическое исследование. М.: ОЛМА-ПРЕСС, 2001. С. 536. روسيّا والاتّحاد السوفيتيّ في حروب القرن العشرين: دراسة إحصائيّة، موسكو، برس،2001، ص.536.

[36] – روسيّا والاتّحاد السوفيتيّ في حروب القرن العشرين: دراسة إحصائيّة، موسكو، برس،2001، ص.536.

[37] – المصدر نفسه، الصفحة نفسها.

[38] – المصدر نفسه أعلاه. روسيّا في حروب القرن العشرين.

[39] ميخائيل ريشيتنيكوف. “هل يمكن بالفعل معالجة متلازمة أفغانستان”، حديث إلى إذاعة الحرّيّة، 15 شباط، 2019، س.15,00.

[40] – انظر ريتشنيكوف، المصدر نفسه.

[41] Марчук Н.И. Война в Афганистане: «интернационализм» в действии// Советская внешняя политика в годы «холодной войны». 1945 – 1985. – М.: Международные отношения, 1995. С.453 – 459.

مراتشوك نيقولاي إيفانوفيتش. الحرب في أفغانستان: “الأمميّة” في السلوك// السياسة الخارجيّة السوفيتيّة في ومن “الحرب الباردة” – 1945-1985 . موسكو، مجلّة العلاقات الدوليّة، 1995، ص. 453 – 459.

[42] – انظر التقرير الصادر عن المؤتمر الأوّل لنواب الشعب في اتّحاد الجمهوريّات الاشتراكيّة السوفياتيّة، 25 أيّار – 9 حزيران 1989، المجلّد الثاني، موسكو 1989، ص. 343 – 350.

[43] – انظر التقرير الصادر عن المؤتمر الثاني لنواب الشعب في اتّحاد الجمهوريّات الاشتراكيّة السوفياتيّة، 12 – 24 كانون الأوّل 1989، المجلّد الرابع، موسكو 1989، ص.432 – 454، 616.

[44] – После Афганистана //Комсомольская правда. 1989. 21 декабря .

ما بعد أفغانستان// صحيفة كومسمولسكايا برافدا. 1989. 21 كانون الأوّل.

[45] – هذه المعطيات أوردها الدكتور محمّد محمّد الأمين في عام 1993، وهو مدير مؤسّسة الخدمات النفسيّة لمتقاعدي الحروب.

[46] – المصدر السابق، ص. 25.

[47] – كومسمولسكايا برافدا، 25 نيسان 1995، مقالة تحت عنوان: أحبّ وسامح؛ صحيفة “ترود” (العمل)، 19 أيلول 1995، الإنسان الأكثر سلامة في هذه الحرب – مجنون؛ كومسمولسكايا برافد: رأي طبيب نفسيّ، مقالة تحت عنوان: بماذا يتميّز المقاتل الروسيّ عن المقاتل الشيشانيّ في لج المعركة؛ صحيفة الازفستيا// بودينوفسك، 25 آذار 1997؛ ماكسيموفا إيلا: انتهت الحرب .تناسوا// الازفستيا 1979،7 تشرين الأوّل.

[48] -Александровский Ю. А. Указ. соч. С. 327 – 328.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

free porn https://evvivaporno.com/ website