foxy chick pleasures twat and gets licked and plowed in pov.sex kamerki
sampling a tough cock. fsiblog
free porn

“البيئة” في مجموعة أسامة العيسة القصصيَّة “رسول الإله إلى الحبيبة” من رؤية “النَّقد البيئيّ” ومنظور “الماركسيَّة البيئيَّة”

0

“البيئة” في مجموعة أسامة العيسة القصصيَّة “رسول الإله إلى الحبيبة” من رؤية “النَّقد البيئيّ” ومنظور “الماركسيَّة البيئيَّة”

د. خليل عبد القادر عيسى([1])

ملخص البحث بالعربية

يسعى هذا البحث إلى رصد “البيئة” في مجموعة العيسة القصصيَّة “رسول الإله إلى الحبيبة”؛ لذا يجيب عن سؤال رئيس واحد: ما هي رؤية الكاتب أسامة العيسة إلى البيئة، إلى أرضها وإنسانها، وحيوانها ونباتها وجمادها، في المجموعة القصصيَّة؟ وللإجابة عن هذا السؤال ينتهج الباحث رؤية “النَّقد البيئيّ” ومنظور “الماركسيَّة البيئيَّة” المرتكزة على أسس ثلاثة: اتجاه الفوقيَّة البشريَّة، والسيطرة، واستغلال البشر للبشر. تتمثَّل حدود البحث في دراسة 5 قصص من أصل 18 قصة في المجموعة القصصيَّة. خلص البحث إلى أنَّ الكاتب أسامة العيسة امتلك وعيًا كبيرًا بالتغييرات القسريَّة والقاسية والممنهجة التي تعرضت لها “البيئة” والتي كانت فاعلاً ومحرّكًا رئيسًا في قصصه، بفعل فوقيَّة المحتل، واستغلاله، وسيطرته فاتَّخذت هذا التَّغييرات أشكالاً عديدة.

كلمات مفتاحيَّة: النَّقد البيئيّ، رسول الإله إلى الحبيبة، الماركسيَّة البيئيَّة.

“Environment” in “The Messenger of God to the Beloved” story collection pursues the vision of “Ecocriticism” and the perspective of “Eco-Marxist”

Abstract

This study was conducted to observe the “Environment” in “The Messenger of God to the Beloved” story collection. Five of eighteen stories in the collection were used as subject of the study. The main study question was: What is the vision of the writer (Osama al-Ayasa) about “environment” including land, human beings, animals, plants and its’ space in the collection of stories?

To answer this question, the researcher pursues the vision of “Ecocriticism”’ and the perspective of “Eco-Marxist” based on three principles: the direction of human metaphysics, domination, and human exploitation. The study concluded that the writer (Osama al-Ayasa) had a great awareness of the forced, cruel and systematic changes to the “Environment”, which were the main actors and engine in his stories, due to the superiority, exploitation and control of the occupier, taking these changes in many forms.

Keywords: Ecocriticism, Messenger of God to the Beloved, Eco-Marxist.

القسم الأوّل: الإطار النَّظريّ

كثيرة هي نظريّات النَّقد الأدبيّ في مرحلة ما بعد الحداثة([1]) التي حاولت الخروج على تقاليد النَّقد قبل تلك المرحلة، والتي اتَّجهت إلى التَّخلي عن مفهوم النَّص المغلق والتَّأويلات المحايثة، وموضوعة الشكلانيَّة، واتَّجهت إلى ربط النَّص بمحيطه، تبحث عن النَّص في العالم، وعن العالم في النَّص، إنتاجًا وتأويلاً([2])؛ ومن هذه النَّظريات، على سبيل المثال لا الحصر: التفكيكيَّة، والنَّقد الثَّقافيّ، والنَّقد التَّكوينيّ، والنَّقد النَّسويّ، ونظريَّة ما بعد الاستعمار، والنَّقد البيئيّ الذي تفتقر إليه المكتبة العربيَّة، بحسب علم الباحث، لدراسات وأبحاث تنبني عليه؛ وتفيد من مرتكزاته، وما هو متوفّر من هذه الدراسات والأبحاث يَنصبُّ في إطار التَّنظير لا التطبيق إلا في القليل النَّادر. بدأ النَّقد البيئيّ الإيكولوجيّ Ecocriticism([3]) “كحركة مستقلة أو كمدرسة في النقد الأدبيّ، في أوائل التسعينيّات من القرن العشرين، من بؤرة تجمّع النقاد الأمريكيين الذين يتعاملون مع الأدب الأمريكي حصرًا، وقد أسّسوا جمعية دراسة الأدب والبيئة Association for the study of Literature and Environment = ASEL ومجلة دراسات بينية في الأدب والبيئة Interdisciplinary Studies in Literature and Environment = ISLE كنوع من الدّعم الجاد لتقوية نظريتهم، ومحاولة لإثبات نتائجهم وإمكانية التثبت منها”([4]).  وتعدُّ دراسة جوزيف ميكر (Joseph Meeker) “كوميديا البقاء على قيد الحياة” The Comedy of Survival أول دراسة إيكولوجيَّة تؤرخ لمصطلح الإيكولوجيَّة في العام 1970م([5]). وكذلك تعدُّ دراسة “القرية والمدينة” The Country and The City لريموند ويليامز (Raymond Williams) من الدراسات الرائدة في هذا الميدان([6]). ويعدُّ ويليام روكيرت (William Rueckert) أوَّل مَن استعمل مصطلح “النَّقد البيئيّ” لدراسة العلاقات الموجودة بين الأدب والبيئة، بما فيها المكان، والطبيعة، والأرض، والحياة، وذلك في أواخر سنوات السبعين من القرن العشرين الميلادي، وبالتحديد في سنة 1978م في مقال بعنوان “الأدب وعلم البيئة: تجربة في النَّقد البيئيّ”، ثم أيقظت شيرل غلوتفيلتي (Cheryll Glotfelty) الاهتمام به مجددًا في دراسة استقصائيَّة مع هارولد فروم (Harold Fromm) بعنوان “مجموعة مختارة من النَّقد البيئيّ: أعلام في أدب علم البيئة” سنة 1966م. ثم اهتمت مجموعة من الأعلام النقديَّة بالنَّقد البيئيّ ككارل كروبر (Karl Kroeber)، وروبرت ماكفارلين (Robert Macfarlane)، ولورنس بويل (Lawrence Buell)، وتيموثي كلارك (Timothy Clark)، ولويز ويستلنغ (Luise Westling)، ودافيد كارتر (David Karter)، وغريغوري جرارد (Gregory Garrard)، وغيرهم([7]).

ومن الاتجاهات التي برزت في حقل النَّقد البيئيّ: المذهب النَّسويّ البيئيّ Ecofeminism وعلم التبيؤ الاجتماعيّ Social Ecology والماركسية البيئويَّة Eco-Marxist وغيرها([8]). أما النَّسوية البيئيَّة أو الإيكولوجيَّة Environmental Feminism فلها تاريخ طويل يمتد، ربّما، إلى عبادة آلهة ما قبل التاريخ، وهو خطاب سياسي منبثق من ارتباط وثيق بين استغلال الطبيعة وطبيعة المرأة، وتلاعب بالمرأة وغير البشريّ([9]). ولعل الحاضنة الأساسيَّة لظهور الدراسات التنظيريَّة التي تناولها النَّقد البيئيّ، منذ نشأته، هو التفكير الذي انطلق وفق مفهوم “ما بعد الإنسان”([10]) الذي يزعزع، وبصورة جذرية، مزاعم القائلين بهيمنة الإنسان على صور الحياة المتعدّدة، ويزيل الأوهام حول انفصال الإنسان عن بقية أجزاء الطبيعة([11])؛ فالنَّقد البيئيّ يهدف، وهو يحاول أنْ يقدِّم فهمًا جديدًا للأدب، تبيانَ أنَّ استبعاد الطبيعة، لا سيما ما هو غير بشري، كان من بين الدّعامات المهمة التي أسست عليها الدّراسات الأدبية هُويتها كمبحث علمي؛ وهو نقد ثنائي الأجندة: فمن جهة يُعنى بالظواهر الطبيعية التي عادة ما تعالجها الجغرافيا وعلم الأحياء كاشفًا اللثام عن كون تلك الظواهر وليدة القوى الثقافيّة والتاريخيّة وعن كونها محملة بالمعنى والمجاز، ومن جهة ثانية يدرس ما تتسبب فيه الثقافة من فصل بيننا وبين الطبيعة وتميز بين الإنسان وغيره من الكائنات([12])؛ وهذا يؤشر بوضوح إلى أنَّ البيئة ليست قضيَّة علميَّة فقط، إنَّما هي قضيَّة ثقافيَّة أيضًا، فهي تُعنى بواجبات الفرد والجماعة نحو البيئة التي يعيشون فيها، والاهتمام بمواردها وعناصرها المُحيطة بالإنسان؛ وبهذا المفهوم فإنَّ النَّقد البيئيَّ يحمل رسالة أخلاقيَّة وفنيَّة في وقت واحد؛ فهو لا يقتصر على الجوانب الفنيَّة فقط، وإنَّما يركز على الأفعال الإنسانيَّة المنافية للتعاليم الأخلاقيَّة([13]).

يرى ميرلو – بونتي (Merleau-Ponty) اللغة والأدب، بحسب ويستلنغ (Westling)([14]) مشهدًا طبيعيًّا مغمورًا بالكلمات؛ لذا ذهب غلوتفيلتي (Glotfelty) إلى تعريف النَّقد البيئيّ بأنَّه “دراسة العلاقة بين الأدب والبيئة المادّيَّة”([15])، وهو الذي تتمثل فيه علاقات الإنسان ببيئته المادية في الأدب([16])، وهو الذي يدرس العلاقة بين الطبيعة والثقافة، والمكان والبيئة والطبيعة والأرض في النُّصوص والخطابات الإبداعيَّة والأدبيَّة والثقافيَّة([17])؛ وبذا يغطي النَّقد البيئيّ مجموعة واسعة من القضايا التي تتصل بالدَّاخل الإنسانيّ والخارج السياقيّ/ اللإنسانيّ على مدى التَّاريخ الثَّقافي البشريّ([18]). والأرض هي “المكان” الذي كان دائمًا ذا أهمية مركزية لدراسات الأدب البيئيّ لأنَّه يعكس الترابط بين الحياة البشريَّة/ التاريخ والبيئات الماديَّة؛ لذا عُدَّ طبقة نقديَّة بعد إضافته إلى الثالوث االمدروس: العرق، والطبقة، والجنس([19]).

بسبب حداثة المصطلح لم يتفق النُّقاد على مفهوم محدّد وواضح للنَّقد البيئيّ، لكنه – في مضمونه – يؤوّل إلى عقد ترابطات نصيَّة وخطابيَّة بين الأدب والطبيعة والأرض والمكان والبيئة في ضوء قراءات متنوعة قد تكون ثقافيَّة، أو تفكيكيَّة، أو تأويليَّة، أو نفسيَّة، أو اجتماعيَّة، أو تاريخيَّة، أو جماليَّة، أو تخييليَّة…([20]). يُعدُّ النَّقد البيئيّ من ضمن حقل الدِّراسات الثَّقافيّة التي تعني دراسة الأشكال التي تتفاعل فيها الكائنات مع بعضها في إطار بيئيّ معيّن يَضمُّ “الأرض” وما عليها من ظواهر متعدّدة إلى جانب الثلاثيّة الخاصة بالكائنات “الإنسان، والحيوان، والنَّبات”([21])؛ لذا يهتمّ هذا النَّقد بمعالجة العلاقة بين الأدب وغيره من أنواع الثقافة والمباحث التي تهتمّ بالعالم الطبيعيّ، من جهة، ويركِّز على الطريقة التي يتفاعل بها البشر مع العالم غير الإنساني، والطريقة التي يؤطّر بها البشر الطبيعة ويُعدُّون أنفسهم مراكز الكون، ومن ثَمَّ يهمّشون الطبيعة ويستغلّونها، من جهة ثانية([22])؛ وهو ما يزيد الاهتمام برفع الوعي بالقضايا البيئية([23]).

إنّ اهتمام الغربيّين بهذا النَّقد، بسبب حضور البيئة في أدبيات السياسة، وظهور تيارات وأحزاب سياسيَّة بيئيَّة لها حضورها الجماهيري تدافع عن البيئة وتوليها اهتمامًا كبيرًا، وتكوين منظمة السَّلام الأخضر، أشاع مصطلح النَّقد البيئيّ في أدبيَّات النَّقد الأوروبيّ ثم الأمر يكيّ أخيرًا([24])، لكن ذلك لا يعني أنَّ التراث العربيّ لم يحفل بالبيئة التي شكّلت مرتكزًا واضحًا في الأدب العربيّ، فظواهرها المتعددة في الأدب ولا سيما الشّعر يعدُّ احتفاءً واضحًا به، وإذا كان من النَّادر أنْ تجد شاعرًا لم يذكر مظهرًا من مظاهر البيئة في شعره فإنَّ من النَّادر أنْ تجد ناقدًا لم يشر إليها أيضًا([25]).

ولا يُقصد بالبيئة وصفها الخارجي فحسب، بل يعني الإحساس بها، والدّخول في جمالياتها بما تعكسه في نفس المبدع، وبما تؤثر في أحاسيسه ورؤاه بحيث يغدو المبدع جزءًا من البيئة([26])؛ وعليه يأتي هذا البحث ليرصد رؤية الكاتب أسامة العيسة للبيئة التي انطبعت في نفسه أدبًا مبدعًا في خمس قصص من مجموعته القصصيَّة “رسول الإله إلى الحبيبة”، دفعة واحدة، من أصل 18 قصة، من زاوية “النَّقد البيئيّ” ومنظور “الماركسيَّة البيئيَّة”؛ كون الأوّل منهجًا جديدًا نسبيًّا في القراءة والتَّحليل والتَّقويم([27])، وكون الثَّانية تُشكِّل منظورًا ملائمًا لطبيعة الموضوع المبحوث، لأنها ترى أنَّ سبب المشكلات البيئيَّة تعود إلى ثلاثة مرتكزات مهمة هي([28]): اتجاهات الفوقيَّة البشريَّة، وأنظمة السيطرة، واستغلال البشر للبشر؛ وهو الأمر الذي كان محط اهتمام الإيكولوجيين حين نظروا إلى فنّ الشعوب المحلّيَّة وفكرها بشهادتهم على أشكال الظلم البيئيّ المتعددة كالاستيلاء على الأراضي، وممارسات العمل الاستغلاليَّة، والتَّهميش العرقيّ([29]).

ولعل ما يميّز هذا البحث أنَّه يجمع بين نظريَّة “ما بعد حداثيَّة = النَّقد البيئيّ” ومنظور “ما قبل حداثيّ = الماركسيَّة” لكنَّ هذا المنظور يعدُّ ظاهرة من ظواهر القرن العشرين([30]) حين تلتقي البيئة بالماركسيَّة فتظهر “الماركسيَّة البيئيَّة” على هذا النَّحو؛ ولا تناقض في هذا لأنَّ “النَّقد البيئيّ” نمط تحليل سياسيّ صريح مثلما تستدعي مقارنته بالنَّقد النَّسويّ والماركسيّ([31]).

واختار الباحث هذين الإطارين، في دراسة هذه القصص الخمسة، عندما تبدَّت له “البيئة”، بما تَضمُّه من أرض وإنسان وحيوان ونبات وجماد، فاعلاً مُهمًّا ومُحرِّكًا رئيسًا في أحداثها حين تسبب الاحتلال، بدافع الفوقيَّة والاستغلال والسيطرة، في إحداث تغييرات قاسية وقسريَّة وقهريَّة عليها، وحين تبدَّت رؤية كاتبها أسامة العيسة ناضجة وعميقة وواعية تكشف ما يُحاك لهذه البيئة من تدمير وإهلاك، وهذا القصص هي: بين القدسيْن، رسول الإله إلى الحبيبة، والمسخوطة، وأيام حلمي الثَّمانية، والخِنَّوص الأزرق، على التَّرتيب.

أهمية البحث

تكمن أهمية البحث في أنَّه يرصد رؤية الكاتب أسامة العيسة تجاه “البيئة” في مجموعته القصصيَّة “رسول الإله إلى الحبيبة” في ضوء نظريَّة “النَّقد البيئيّ” ومنظور “الماركسيَّة البيئيَّة”.

أسئلة البحث

يطرح البحث سؤالاً رئيسًا واحدًا، وهو: ما هي رؤية الكاتب أسامة العيسة للبيئة، بأرضها وإنسانها وحيوانها ونباتها وجمادها، في مجموعة أسامة العيسة القصصيَّة “رسول الإله إلى الحبيبة”.

منهج البحث

ينتهج الباحث، للإجابة عن سؤال البحث، نظريَّة “النَّقد البيئيّ” وفق منظور الماركسيَّة المرتكزة على ثلاثة أسس: اتجاه الفوقية البشرية، والسيطرة، واستغلال البشر للبشر.

الدّراسات السّابقة

قليلة جدًّا، حدّ النُّدرة، الدّراسات والأبحاث العربية التي ترتكز إلى “النَّقد البيئيّ” في تحليل مضمون الأعمال الأدبيَّة، وما وصل إليه الباحث في هذا الخصوص كان الآتي:

  1. “تتساقط الغزلان كالذباب… قراءة لقصة الغزلان على ضوء النَّقد البيئيّ” لنجود الربيعي ونشر في مجلة ذوات عدد 60، ص 144 – 152.

قدمت الكاتبة والأكاديمية نجود الربيعي لقراءتها البيئية لقصة الغزلان لإبراهيم الكوني، مُتصوِّف الصحراء، بالحديث عن نشوء وعي جديد بالمخاطر التي تحلّ بالبيئة وتسرُّب هذا الوعي إلى الكتابات الأدبيَّة، وخصوصًا القصة والرواية، والأعمال الفنيَّة التي تُظهِر الرغبة الحقيقية لإيقاف التَّدمير، والفوضى التي تعصف بالبيئة وتوازناتها. ثم تقف عند النَّقد البيئيّ وظهوره الذي تزامن مع ظهور اتجاهات نقديَّة عديدة أخذت تنظر إلى النُّصوص الأدبيَّة وفق سياقات ثقافيَّة متعدّدة، حيث نشأ هذا النَّقد كنظريَّة جديدة لقراءة الكتابة عن الطبيعة كرد فعل على تزايد تدمير الإنسان للطبيعة.

بعد ذلك تَلِجُ الربيعي في قصة الغزلان وفق منظور النَّقد البيئيّ حيث جعل الروائي والقاصّ إبراهيم الكوني، مُتصوِّف الصحراء، من “الغزلان” التي تتعرض للانقراض بسبب أفعال الإنسان، وسياسته في التعامل مع الطبيعة محورًا تدور حوله قصته التي عنونها بـ”قصة الغزلان” إذ تتعرض هذه الحيوانات للصيد العشوائيّ، والإبادة الجماعيَّة ليس لغرض سدّ الحاجة الغذائيَّة وحسب، بل لوازع القتل المجانيّ لمجرّد القتل الغزير مستخدمًا التكنولوجيا الحديثة من سيّارات اللاندروفر السريعة وبندقية الصيد التي تمتاز بدقة القنص في تدمير الطبيعة، وكائناتها بدلًا من الخرطوش، وكذا قطع الأشجار لتحويل الأراضي لأماكن سكنيَّة فتتغيّر الطبيعة الدّيمغرافيَّة للطبيعة، ويؤدّي هذا إلى هلاك أنواع وأصناف عدّة من الحيوانات والحشرات والنَّباتات كانت تقدم خدمة للإنسان.

  1. “نسق النَّسويَّة البيئيَّة في رواية حديقة حياة للطفية الدليميّ” لإيمان السطاني وزياد العلي ورواء الجنابي، ونشر في مجلة Route Educational & Social Science Journal([32]).

عدَّ الباحثون بحثهم رائدًا في مجاله كونه لم يُسبق بدراسة على وفق نسق النَّسويَّة البيئيَّة في الوطن العربي. ويُقدِّم البحث محورين: الأول تأصيليّ من ناحية نشأته، وتعريفه، وأعلامه، ونظريته، والثَّاني تطبيقي يتناول بالدّراسة، والتَّحليل رواية (حديقة حياة) في ضوء هذا النَّسق. وينبني بحثهم على مرتكزين([33]):

  • أنَّ الطبيعة هي الحاضنة الأولى، والأمّ الحنون، وأنّ المرأة غالبًا ما تُصوَّر بأنّها رديف الطبيعة، وحارسة الحياة، وراعية الخصب.
  • أنَّ كلاًّ من المرأة والبيئة قد عرض لهما التهميش، والإقصاء بسبب هيمنة الفوقيَّة الذكوريَّة على المرأة والبيئة.

في المحور الأول يشرع الباحثون بتوضيح أربعة مفاهيم ذات علاقة بمصطلح نسق النَّسويَّة البيئيَّة وهي: الدراسات الثَّقافيَّة، والنَّسويَّة وتمثلاتها والنَّقد النَّسويّ، والبيئة وتمثلاتها والنَّقد البيئيّ، والنَّسويَّة البيئيَّة بوصفها مفهومًا ثقافيًّا مركبًا.

يُقسّم الباحثون الدّراسات البيئيَّة باتجاهين: العلمية (البايولوجيَّة) والثقافية (الإيكولوجيَّة)؛ ولكلٍ اتجاه أنماطه ومناهجه الخاصَّة بالدّراسة، والاتجاه الثَّاني يعني دراسة الأشكال التي تتتفاعل فيها الكائنات مع بعضها في إطار بيئيٍّ معيّن يضمُّ الأرض إلى جانب الثُّلاثيّة الخاصّة بالكائنات: الإنسان، والحيوان، والنبات.

امتدت الدّراسة البيئية إلى دراسات اللغة والأدب، ونقده فنشأ فرع في علم اللغة يعرف باللغويّات البيئيَّة حيث اهتم هؤلاء اللغويّون بشبكة العلاقات بين اللغة والبيئة، ورأوا أنَّ الكلمات لا تفهم بمفردها، بل تفهم في سياقها الطبيعيّ البيئيّ. أمّا الأدب البيئيّ، فأدب واسع صار وثيقة تعالج الضرر الذي حاق بالمنظومة الطبيعية أخلاقيًّا وأدبيًّا، ونشر الوعي، وتشكيل حركة تنوير عالمية لنظر في البيئة لإعادة صحة كوكب الأرض وما عليه.

يبدأ نسق النَّسويَّة البيئيَّة سيرورته في رواية حديقة حياة للطفيّة الدّليمي من عتبة العنوان المركب من نسقين: النَّسق البيئيّ الأول/ الحديقة، والنَّسق النَّسويّ الآخر/ حياة فشكَّل الأول البؤرة المركزية للرواية بالتعاضد مع بطلتها حياة. وتوظف الروائيَّة تقاويم بيئيّة: دورة النخيل، وأقداح أزهار البرتقال والمشمش، ومواسم نضج القطاف وجني الثمار، وكذلك صورة المطر والأشجار المزهوة بمائه، وتلك العواصف التي تهزّ أغصان الأشجار وأوراقها، ومن ثَمَّ انجلائها وظهور ألوان الشفق، وزوال العتمة، وتبدّد الظلام، ونشر الضوء صفحاته من جديد ليس بكونه حشوًا سرديًّا لوصف ما يحدث حول الشخصيات داخل الرواية، بل من زاوية عقد مقارنة صوفيَّة بين مظاهر الطبيعة وهي في تقلباتها وتعدّد أنوائها، وبين الحالة النَّفسيَّة للشخصيَّة الإنسانيَّة، وهي تتقلّب عليها الأنواء النَّفسيَّة، وتتناوب الأحداث والأقدار.

أخيرًا، حملت الرواية أنساقًا نسويَّة بيئيَّة واضحة، لم تقف عند حدود الطبيعية، بل تجاوزتها إلى الحدود الفلسفيّة، من ناحية تناول فلسفة الإنسان والموجودات وكيف يشكلون جميعًا همًّا كونيًّا موحدًا، وقد مارست بطلة الرواية وحديقتها الأثر الأبرز، والمحور الأظهر في تقديم الشخصيات وإدارة الأحداث تراتبها؛ لتقدّم قراءة وجوديَّة تعزّز الوعي الكونيّ.

  1. “أهمية النَّقد الأدبيّ البيئيّ في الدّراسات النَّقديَّة” لمحمد أبو الفضل بدران، وهي قراءة جاءت ضمن ورقة مقدمة للمؤتمر الدولي الرابع للغة العربيَّة في دبي.

يوضح الباحث بداية أنَّ مصطلح النَّقد الأدبيّ البيئيّ غير موجود صراحًا في التُّراث العربي النَّقديّ على الرّغم من أنَّ البيئة تُشكِّل مرتكزًا واضحًا في الأدب العربيّ، ثم يحدد هدف بحثه بإلقاء الضوء على المفاهيم المعاصرة لدراسة النَّص من خلال مصطلحي “النَّص الأدبيّ” و”النَّقد الأدبيّ البيئيّ”، وفي محاولة لتأصيل النّقد الأدبيّ البيئيّ من خلال سبر أغواره في التُّراث العربيّ، وفي الأدبيَّات العربيَّة المعاصرة. يعتقد بدران أنَّ بحثه ربما يعين الباحث على فهم ظواهر أدبيَّة واجتماعيَّة لم يجد لها تفسيرًا مقنعًا في النصوص كالأساطير التي دأبت على جعل الخلود كامنًا في عشبة كما في جلجامش، أو سرًّا في عين الحياة كما في الخضر، أو ظاهرة اختفاء الآلهة في معبودات على هيئة الحيوانات، والطيور، والنباتات، أو أصنام، أو كواكب… إلخ؛ وربما النَّقد الأدبيّ البيئيّ سيكون مُعينًا على تجلية خوافيها وفهم نشوئها وتطورها من خلال النّصوص الأدبيَّة. ثم يطرح الباحث مجموعة من الافتراضات النَّظرية والتساؤلات منها: هل يصلح المنهج النَّقدي البيئيّ لتحليل الأجناس الأدبيَّة كلها كالرواية؟ ولماذا لم يتبلور النَّقد الأدبيّ البيئيّ منهجًا نقديًّا مستقلاً؟ وكيف سكت نقادنا عن تراثهم النَّقدي في احتفائه بالبيئة؟… إلخ. ثم يعرض لتعريفات النَّقد الأدبيّ البيئيّ. بعد ذلك يعرض نماذج لتطبيق هذا النقد على أدبنا العربي، ومنها الرواية النوبيَّة والقصيدة العربيَّة كقصيدة زهور لأمل دنقل التي يقول في مطلعها:

زهور

وسلال من الورد

ألمحها بين إغفاءة وإفاقة

وعلى كل باقة

اسم حاملها في بطاقة

تتحدث لي الزهرات الجميلة

أن أعينها اتسعت.. دهشة

لحظة القطف

لحظة القصف

لحظة إعدامها في الخميل!

حيث تبدو مفردات القصيدة بيئيَّة منذ العنوان “زهور” بكل دلالات هذه الكلمة من أرض ونبات وجذور واقتلاع، وتصحو الذَّات المبدعة بين الإغفاءة والإفاقة ليبدأ التَّوحد والشكوى المتبادلة بين الشَّاعر والزهور، وكأنَّ ما آل إليه الشاعر قد آلت إليه الزهور؛ فيُلمح بناء على ذلك أنسنة الزهور وبَيْئَئَة الشَّاعر؛ فالشاعر لا يصف قطف الزهور قدر وصفه ذاته المقطوفة فالأمر لديهما متشابه، وتبدو الانزياحات اللغوية نحو المجاز في علاقة تبادل الشّاعر والزهور ليصلا معًا إلى لحظة التوحد. يرى بدران أخيرًا أنَّ النَّقد الأدبيّ البيئيّ في حاجة إلى منهجَة قابلة للتطبيق في تراث الإنسانيَّة؛ فربما يكشف النَّقد الأدبيّ البيئيّ مخبوء النَّص الأدبيّ بما يعين المتلقي على فهمه، وربما يُسهم في انتشار وعيٍّ بيئيٍّ يرى البيئة مُشكِّلة تيارات الإبداع والتَّلقي؛ فالطَّبيعة ليست شيئًا يكتشفه العقل، بل ما يعمله العقل. وعليه، يأتي هذا البحث ليضيف لَبِنَةً في جدار الدراسات والأبحاث العربيَّة التي تُطبِّقُ منهج النَّقد البيئيّ على النصوص الأدبية العربيَّة فيسدَّ فراغًا كبيرًا تعاني منه المكتبة العربيَّة في هذا الجانب، إذ يطبِّق الباحث هذا المنهج على مجموعة من قصص أسامة العيسة في مجموعته القصصيَّة “رسول الإله إلى الحبيبة” حيث كانت البيئة عاملاً حاسمًا ومؤثرًا فيها من ناحية سيطرة الاحتلال عليها والعبث بها وبتوازناتها والقضاء على مقوماتها.

القسم الثاني: التطبيق

النَّقد البيئيّ من منظور الماركسيَّة البيئيَّة في بعض قصص أسامة العيسة([34])

تفتتح المجموعة القصصيَّة “رسول الإله إلى الحبيبة”([35]) قصصها بقصة “بين القُدسيْن” التي تتمحور أحداثها حول قرية لفتا([36]) المهجَّرة، وتبدأ من فكرة إطلاق ألقاب مستمدة من البيئة الفلسطينيَّة، بحيوانها ونباتها، على أشخاص لتصبح أسماء عائلات في ما بعد كلقب: ضبعو، وأبو نمل، وأبو قمل، وصرصور، وبغل، وجحش، وبامية، وكوسا، وجزرة، وبطيخ؛ وفي إطلاق هذه الألقاب، من وجهة نظر بيئيَّة، نوع من “التمييز النوعي” حين تُعامل الحيوانات والبشر بشكل مختلف إذ إنَّ الثقافة تشكِّل قراءتنا للحيوانات، أما تفسير المستشرقين لإطلاقها في “الأراضي المقدَّسة” فهو لأنَّها ثقافة متداولة منذ زمن أبطال الكتاب المقدَّس([37]). ثم يعرض القاصّ لما تعرَّضت له البيئة اللفتاويَّة، ذات الطبيعة الوادعة، من تغييرات كبيرة ممنهجة تعزز فكرة فوقيَّة الاحتلال، وسيطرته، واستغلاله طالت كل شيء في لفتا، بشرًا ومعمارًا وأرضًا وحيوانًا ونباتًا، فعلى مستوى البشر هَجَّرَ الاحتلال أهل لفتا من أرضهم وبيوتهم وأحلّ مكانهم غرباء آتين من مختلف أصقاع الأرض محدثًا خلخلة في التركيبة السكانيَّة وتغييرًا ديمغرافيًّا يمحو كل بقيَّة من أصحابها وأهلها وسكّانها.

دمَّر المحتلُّ في عمليَّة هضم طويلة لإرث الفلسطينيين المعماري، بعض بيوت لفتا الحجريَّة المُعتَنى بداخلها برسومات الدهان، وألوان البلاط التقليدي، وإسمنت الأرضيّات، ورقَّمها، وأحاط كل بيت بسياج شوكي مع وضع لافتة تشير إلى ملكيَّة دولة إسرائيل بما لا يسمح لأحد بالدخول إليها واقعًا من يفعل ذلك تحت مساءلة القانون. لم يكتف بتدمير بعض البيوت، بل أنشأ بيوتًا على أنقاضها على الطِّراز الأوروبي ليبدو المكان أوروبيًّا ساقطًا من السماء، وحوَّل جامع القرية إلى مَطْهَرَة لليهوديّات المتديّنات ليتطهّرنَ من الطَّمث لمحو قداسة المكان عنه. والذي خوى من بيوت لفتا تخلَّعت أبوابه وشبابيكه وصار مكانًا آمنًا يسكنه الحمام والعصافير، ومكانًا هادئًا للمتنزهين والفضوليين والمستوطنين الطامعين والمتشردين والفنانين البوهيميين والمتأملين في اليوغا؛ وفي ذلك تغيير مقصود لطبيعة القاطنين في هذه البيوت بعد أن كانت آهلة بأهلها وسكانها الأصليين حيث دَخَلَها من لا صلة له بها ولا علاقة، ومن هو غريب عنها في طباعه وتصرفاته وقيمه. بعد التهجير والهدم والتغيير في المعالم العمرانيَّة جيَّر الاحتلال ما تبقى من مشهد لفتا الطبيعي ليكون جزءًا من “التراث اليهودي” في “الأرض الموعودة” وتحويله لمحميَّة طبيعيَّة، ما عنى مصادرة حق أهاليها من الإفادة منها بناءً وزراعة وحصادًا في مقابل السماح لليهود واليهوديّات بالسباحة في عين الماء التي تصبّ في بركة تحيط بها غابة من أشجار التين.

لم يقتصر الأمر على التجيير فقط، بل وصل إلى سرقة بعض أشجار لفتا وزرعها في مدن ومستوطنات أخرى، من ناحية؛ وقَطْع الأشجار ليقيم محطة مركزيَّة للحافلات والكثير من المنشآت العامة والحيويَّة والحكوميَّة إلى جانب مجمع شرطة المسكوبيَّة([38])، ويفتح شارعًا واسعًا يفضي إلى ما تبقى منها، من ناحية أخرى.

حرص الاحتلال للفتا والمالحة وعين كارم وصوبا والقسطل وبيت محسير والبقعة والطالبية ودير ياسين وصطاف وغيرها من قرى وتجمعات عربيَّة فلسطينيَّة على تغيير واقعها وتَمدِينها ليجعلها جزءًا من “القدس الغربيَّة”؛ وفي هذا تقسيم للقدس وشطرها إلى جزءين لم يكونا كذلك إلا بفعل الاحتلال، فلم تعرف القدس إلا قدسًا واحدة لا شرقيَّة ولا غربيَّة، ولكن الاحتلال اقتطع منها شطرًا لتكون عاصمة له من باب السيطرة والاستغلال.

تحمل القصة إشارات بيئيَّة ترتبط بالأرض وساكنيها كتعمُّد الاحتلال تغيير أسماء الأمكنة الفلسطينيَّة لمحو الذاكرة الجمعيَّة مع مرور الزمن فـ”برج العرب” صار اسمها “روميما”. كما أشاع مصطلح “الاشتاحيم” بمعنى سكان مناطق الضفة الغربيَّة وغزة؛ وهو مُسمَّى إسرائيلي بحت، وكأنَّ الفلسطينيين مجرد قاطنين أو عابري سبيل ليسوا متجذّرين في أرضهم.

مارس الاحتلال سياسة التفريق بين سكان الأرض الواحدة بألوان الهُويَّة ولون لوحات المركبات في سياسة تمييز عنصريَّة؛ تمييز لون هُويَّة أهل الضفة وغزَّة عن أهل القدس وفلسطين التاريخيَّة؛ فلون الأولى برتقالي قبل أن تصبح خضراء بعد قدوم السلطة الوطنيَّة الفلسطينيَّة، والثانية زرقاء؛ وصار اللون فارقًا في كلّ شيء من حيث السماح بالدّخول بتصاريح، أو من دونها داخل فلسطين التاريخيَّة، ومن حيث أجرة العمل وحريَّة حركة التنقل… إلخ.

أما قصة “رسول الإله إلى الحبيبة([39]) فتدور أحداثها حول جانب مهم من جوانب الصراع الفلسطينيّ الإسرائيليّ متصل اتصالًا مباشرًا بعلم الحفريات الأثريَّة (Archaeological Excavations) الذي يُجيِّره الاحتلال لإثبات وجوده فيبحث عن نقوش وآثار تعطيه حقًّا لاحتلال أرض الفلسطينيّين؛ لذا يقود دكتور إيال، عالم الآثار في سلطة الآثار الإسرائيليَّة التي مثَّلت، ولا تزال، سيفًا مصلتًا على رقاب الفلسطينيين تمنعهم من التحكم بمواردهم الأثريَّة إدارةً، أو زيارةً، أو بناءً، أو تغييرًا، أو استفادةً، حفريات أثريَّة في “كيبوتس مَغين”([40]) القريب من قطاع غزة باحثًا عن أيّ بقايا أثريَّة تُشرعِن وجود الاحتلال.

يبدأ العبث بالبيئة الفلسطينيَّة بإقامة “حي رحافيا”([41]) العلمانيّ على أرض عربيَّة كانت تُسمَّى جنزاريا، وهو نبات محلّيّ ينمو في القدس، وقد صمم الحيّ المهندس المعماريّ اليهوديّ الألمانيّ ريتشارد كوفمان ليكون قطعة ألمانيَّة في قلب القدس وليكون أحد أكثر الأحياء الفاخرة فيها. في الحي مقاهٍ، وسكانه مثقفون، وصحافيون، وأكاديميون من اليهود الألمان والعلمانيين وأساتذة الجامعات ورجال الأعمال والسياسيين المحافظين على نمط الحياة الأوروبيَّة الألمانيَّة والكارهين للمتديّنين؛ وفي هذا تغيير إحلالي طال المكان الفلسطيني حين سكنه من ليس أهله أو تربطهم به صلة، وصبغه بطابع أوروبي متمدن جدًّا؛ واستكمالاً لعمليَّة الإحلال الممنهجة سمَّى المحتلّ معظم شوارع “رَحَافيا” بأسماء علماء وشعراء من العصر الذَّهبيّ للثقافة اليهوديَّة في إسبانيا لإضفاء طابع ثقافي غريب عن المكان ولا يرتبط به([42]).

ولأن هذا المكان شكّل “رئة” القدس، كونه يشمل مساحات واسعة غربي القدس، فقد تركَّزت فيه معظم المؤسسات الصهيونيَّة مثل الوكالة اليهوديَّة، والمنظمة الصهيونيَّة العالميَّة، والصندوق القوميّ اليهوديّ، وأجزاء من متحف إسرائيل وغيرها، كما سكنه وعاش فيه العديد مِن زعماء العصابات الصهيونيَّة ودَوْلَة إسرائيل لاحقًا، مثل: ديفيد بن غوريون، والزعيم الصهيونيّ آرثر روبين، وغولدا مائير، وأخيرًا نتنياهو. وتكريسًا للفوقيَّة البشريَّة فقد كان ينظر إيال، كما كلّ محتلّ بشكل عام، إلى الفلسطينيين الذين يعملون في “رَحَافيا” وغيرها بدونيَّة، ويتّهمهم بالكسل والزوغان والبطء في تنفيذ الأعمال، وينفي عنهم انحدارهم من حضارات شرقيَّة؛ فهم في نظره، ليسوا أصحاب حضارة أصلاً. شكَّلت المقامات والأضرحة وقبور القدّيسين وجهًا مهمًا من أوجه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي في جانبه الميثولوجيّ، حين استغل المحتلّ والمستوطنون قوتهم وتحكُّمهم بالأرض الفلسطينيَّة ليحوّلوا بعض المقامات العربيَّة والإسلاميَّة إلى مقامات مُقَدّسة لهم، ولتصبح، فيما بعد، بُؤَرَ قتلٍ متبادل كما حصل في محيط “قبر يوسف” شرق مدينة نابلس في بداية انتفاضَة الأقْصَى، وكما يحصل حول المسجد الأقصى وقبة الصخرة (جبل الهيكل/ هيكل سليمان) في عُرف الاحتلال([43])، وكما يحصل حول الحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل الذي توجد فيه أضرحة لأبي الأنبياء إبراهيم، وأبنائه وزوجته سارة، وزوجات الأبناء، مثل رِفقة زوجة اسحق، ولائقة زوجة يعقوب؛ وقسمت أوقات الدّخول إليه بين الفلسطينيين والمتدينين المستوطنين([44]).

لم يكن اهتمام إيال وسلطة الآثار بهذه الأضرحة إلا للبحث عن كتابات عبريَّة تثبت وجود المحتلّ على هذه الأرض؛ فإيال لا يعرف متى أُنشئت هذه الأضرحة التي تحمل أسماء أنبياء ذُكِروا في العهد القديم، وشيوخًا، وصوفيّين، وصحابة، ممن شاركوا في الفتوحات الإسلاميَّة، وأناسًا عاديّين غير معروفين وبناها فلسطينيون جيلاً بعد جيل، وتكاد تكون معظم القرى والبلدات الفلسطينيَّة أقيمت بجانب أو حول هذا النوع مِن قبور الأولياء؛ وهذا ما كان يزيد من شغف إيال، لمعرفة مقدار ما شكلته المزارات والمقامات والأضرحة، طوال قرون مِن النسيج الثقافيّ للفلسطينيين، فلها أقاموا الاحتفالات، والمواسم، والموالد، والاحتفالات الأخرى، ونظموا الأذكار، والأغانيّ الشَّعبيَّة، والأشعار، والأدعية، والتعاويذ، وألفوا الحكايات، والأساطير عن الأولياء، وضربوا الأمثلة بهم، وارتبط كثير من ممارساتهم بهؤلاء الأولياء والقديسين؛ وهو ما دفع الاحتلال ومستوطنيه إلى نسج روايات وحكايات غير تلك المتداولة فلسطينيًا في محاولة لإيجاد مرجعيَّة ثقافيَّة لهذه الجماعات لأهداف سياسيَّة واستيطانيَّة، فبنوا مستوطنات حول قبور مفترضة لأنبياء العهد القديم التي سرعان ما تحوّلت إلى مدنٍ استيطانيَّة، مثل مستوطنة (تكواع) شرق بَيْت لَحْم([45])، وضريح (قبر راحيل) على مشارف مدينة بَيْت لَحْم([46]) الذي تحوَّل، بقوة الحديد والنار، إلى قلعة عسكريَّة، تحوي كنيسًا بوصف “راحيل” جَدَّتهم، وتقتل الأطفال والشبَّان المحتجين على محاصرة مدينتهم ومنازلهم. وإمعانًا في فرض السيطرة الدينيَّة على المكان الفلسطيني، واستغلاله حوَّل المستوطنون قبور علمانيين إلى أضرحة ومقامات تأخذ الطابع اليهوديّ، ومعظم هذه الأضرحة الجديدة تقع على الطرق المؤدية إلى المستوطنات، أو في أماكن قُتل فيها مستوطنون أو جنود، فأنشأوا أبنية تشبه الأبنية الفلسطينيَّة التقليديَّة للمقامات، وسرعان ما سيَّجوا الأَرْض التي تحيط بها لتتحول بعد ذلك إلى مستوطنات صغيرة، وإن كانت شكلاً هيَ مقامات أو قبور. كما حوّلوا مقامات إسلاميَّة ومسيحيَّة ودرزيَّة إلى مقامات يهوديَّة، يقدمون لها النذور، ويوقدون فيها الشّموع.

أمَّا قصة “المسخوطة” فمركز أحداثها أرض فلسطينيَّة بجانب سكة حديد القدس – يافا تُسمَّى “وادي النّسور”، وكان يُعرف باسم “المسخوطة أو المخسوفة”([47]) استولى عليها الاحتلال وسمَّاها “وادي الورود” واستغلّها ليقيم عليها حديقة حيوانات توراتيَّة على امتداد شاسع متوسّعًا فيها على حساب أراضي قرية “الولجة” المجاورة، وسيطر بالقوة على “عين يالو” وحوَّلها حديقة وطنيَّة وغيَّر اسمها إلى “عين ياعيل”. كما حوَّل الاحتلال المَعْلَم الأبرز في القرية، وهو المسجد، إلى ملهى ومئذنته إلى برج لتربية الحمام؛ في طمس ممنهج للأماكن الدينيَّة وتغيير معالمها. بنى الاحتلال الكثير من المؤسسات والمنشآت مثل الاستاد الرئيس في القدس، ومحطة القطارات، والمجمع التجاريّ الشّهير (كينيون المالحة) ومكاتب لوكالات الأنباء ووسائل الإعلام؛ ليؤسرل المكان. كذلك تتطرق القصة إلى قضيَّة خطيرة تمس الدّيمغرافيا الفلسطينيَّة، من ناحية، والبنية الاقتصاديَّة للفلسطينيين، من ناحية ثانية، وهي قضيَّة بناء مستوطنات على الأراضي الفلسطينيَّة وخلق فرص عمل للفلسطينيين “العمل الأسود” لترسيخ إلحاق الاقتصاد الفلسطينيّ وتبعيته للاقتصاد الإسرائيليّ، ودفعهم إلى ترك عملهم الأساسيّ في ميدان الزراعة ما ألحق ضربات موجعة في القطاع الزراعي، وحوّل الاهتمام مما هو منتج إلى ما هو تبعيّ.

كما تتطرق القصة إلى قرية “المالحة”، إحدى قرى القدس التي تشكل امتدادها التي كانت هدفًا للاحتلال فسمَّاها “منحات” ولكنَّ اسمها العربي غلب عليها. وبفعل الفوقيَّة والسيطرة والاستغلال والقوة هَجّر الاحتلال أهل المالحة، وهَدَّم بيوتها ومنازلها، ومقام الزعبي وأبي الشعر، وأعطى بعض البيوت الحجريَّة الفخمة التي بقيت ليهود من العراق وكردستان وتونس، وحوَّل واحدًا من المنازل كنيسًا لطائفة العراقيين؛ ما شكَّل استحواذًا من المستوطنين الجدد، وهم يهود عرب عاشوا في بلاد عربيَّة مولدًا ونشأة وحياة اجتماعيَّة واقتصاديَّة، على أرض السكان الأصليين وبيئتهم.

تتمحور أحداث قصة “أيام حلمي الثمانيَّة” حول قَتْل الطفل حلمي شوشة، من قرية حوسان، بدم بارد، وطريقة وحشيَّة، على يد المستوطن اليهودي الأمريكي المتعصب ناحوم كورمان([48])، وهو عائد من مدرسته، مجسدًا النزعة الفوقيَّة والعنصريَّة القاتمة، حيث ركله كورمان وأوقعه أرضًا ووضع بسطاره على رقبته وضربه بمسدسه على رأسه ليفقد الوعي، ويدخل في غيبوبة، ويستشهد بعدها بسبب نزيف في الدّماغ بعد تمزق شريان الحبل الشوكيّ مُتذرِّعًا بأنَّ حلمي كان يرشق السيارات الإسرائيليَّة بالحجارة على الطريق الالتفافيّ. حصلت عمليَّة قتل حلمي شوشة البشعة عند الشارع الالتفافي الاستيطاني، حيث كان يعود إلى منزله مرورًا بالقرب منه، وهو شارع يمر من أمام قرية حوسان ويرتبط بشارع 60 الاستيطانيّ([49]).

لقد عمد الاحتلال، بفعل السيطرة والاستغلال إلى شقِّ طرق التفافيَّة واستيطانيَّة ضخمة تربط المستوطنات بعضها ببعض على حساب الأراضي الزراعيَّة الفلسطينيَّة عابثًا بالأرض والبيئة الفلسطينيتين، ومقطِّعًا أوصال الجغرافيا الفلسطينيَّة لتَحُول دون تشكيل وحدة كيانيَّة سياسيَّة قابلة للحياة؛ فهو لم يسمح للفلسطينيين، أصحاب الأرض، بالاقتراب من هذه الطرق الالتفافيَّة، أو البناء على الأراضي المحاذية لها بحجة خطرها على أمن المركبات الإسرائيليَّة العابرة لها ما منعهم من الانتفاع من أراضيهم. وإمعانًا في العبث بالجغرافيا الفلسطينيَّة، سيطرةً واستغلالاً، حَزَّمَ الاحتلالُ جنوبَ القدس بمستوطنات يقطنها مستوطنون متطرفون معظمهم من أمريكا ومتشربون أفكار غولدشتاين مرتكب مجزرة الحرم الإبراهيمي كمستوطنة “بيتار” و”تكواع” و”أفرات” هادفًا من ذلك إلى محاصرة القدس بكتل استيطانيَّة كبيرة وتجمعًات سكانيَّة مهولة، جنوبًا، وشمالاً، وشرقًا، وغربًا، التي تحوّل بعضها إلى مدن كبيرة تقطِّع أوصال الأرض الفلسطينيَّة التاريخيَّة. لم يكتف كورمان، وهو نموذج لكلّ المستوطنين والاحتلال، بالقتل والترهيب أسلوبًا لدفع الفلسطينيين إلى ترك أرضهم، بل اعتاد فتح المياه العادمة نحو الأراضي المزروعة في حوسان لتموت الأشجار، وتخرب المزروعات، وتدمّر المحاصيل، في تدمير ممنهج للبيئة الزراعيَّة الفلسطينيَّة؛ ما يؤدّي حتمًا إلى تدمير اقتصاد الفلسطينيين القائم على الزراعة كونهم فلاحين يعتاشون من أرضهم.

بيئة حوسان بيئة غنيَّة بالعيون الكثيرة والوديان؛ فكانت مَطمعًا للمستوطنين في المستوطنات القريبة منها كـ”وادي قدِّيس” و”عين الكنيسة”؛ فالأول سَيطرت عليه مستوطنة قريبة من حوسان أتى منها كرومان فأصبح ضمن حدودها، والثانية يطمع بها المستوطنون ليضمّوها كما فعلوا مع أراضٍ لأهل حوسان ضُمَّت لمستوطنة “بيتار”، ومُنِعَ أصحابها من دخولها إلا بتصريح خاص، وضمن ترتيبات أمنيَّة تفرضها الجهات الأمنيَّة في المستوطنة، وقد يُمنعون من دخولها من كورمان وأمثاله.

أمَّا قصة “الخِنَّوص الأزرق” فتدور أحداثها حول الخَنَانيص/ الخنازير البريَّة وجدار الفصل الذي عَزَّز مشكلة وجودها؛ فقد ظهرت هذه الخنازير في المناطق ذات الكثافة السكانيَّة بشكل ملحوظ حين أتى بها الاحتلال ونشرها فيها، ولكنَّها تكاثرت وازداد عددها بشكل كبير في تلك الأمكنة بسبب “جدار الفصل” الذي بناه الجيش الإسرائيليّ، كأفعى طويلة ممتدة على مساحات واسعة من الأراضي الفلسطينيَّة، فحاصر الخنازير البريَّة إلى جانب حيوانات بريَّة أخرى ما أخلَّ بالتوازن البيئيّ المعروف في كل المناطق التي مر بها الجدار؛ ولم تترك “سلطة الطبيعة الإسرائيليَّة” مجالاً للتخلُّص من خطر هذه الخنازير إذ حَظَرت صيدها وفق رؤيتها لحماية الحياة البريَّة، وللرقابة الشديدة على بنادق الصيد مُضيِّقة بذلك على الفلسطينيين حتى من التَّحكم في بيئتهم وتوزانها. شكَّلتْ الخنازير البريَّة خطرًا كبيرًا على حياة الإنسان الفلسطيني ومزروعاته لقدرتها الهائلة على تخريبها وخصوصًا الزيتون الذي يُعدُّ عنصرًا مُهِمًّا وحيويًّا في إقامة أَوَد الاقتصاد الفلسطينيين، كما يرمز إلى تجذرهم في هذه الأرض؛ لذا كان شجر الزيتون مُستهدفًا طوال الوقت من الاحتلال ومستوطنيه فدأبوا جميعًا على مهاجمته أينما كان والقضاء عليه تقطيعًا وحرقًا، وتوجيه الخنازير البريَّة نحوه لتقضي عليه. لم يعرف الفلسطيني طريقة مناسبة للتعامل مع الخنازير البريَّة والتخلص من عبئها عليه وعلى مزروعاته، خصوصًا بعد انتشار مرض إنفلونزا الخنازير، فلجأ إلى قتلها من دون أن يعرف كيف يتخلص من جثثها؛ فظهرت الحشرات وقطعان الذباب الأزرق بكميات كبيرة عليها ما شكَّل ضررًا على البيئة، وخطرًا على الإنسان الفلسطيني؛ وعمليَّة القتل الكبيرة والمطاردة المستمرة للخنازير البريَّة أدَّى إلى نقصان عددها وهروبها إلى مناطق لا تُقتَلُ فيها.

النتائج

تبيَّن للباحث وفي إجابة عن سؤال البحث الرئيس “ما هي رؤية الكاتب أسامة العيسة للبيئة، بأرضها وإنسانها وحيوانها ونباتها وجمادها، في مجموعته القصصيَّة “رسول الإله إلى الحبيبة؟”” وبعد الاعتماد على نظريَّة “النَّقد البيئيّ” من منظور الماركسيَّة البيئيَّة بمرتكزاتها الثلاثة: الفوقيه البشريَّة، وأنظمة السيطرة، واستغلال البشر للبشر. إنَّ أسامة العيسة يتمتع بوعي كبير وعميق وناضج لما يحدث للبيئة الفلسطينيَّة من تغييرات جذريَّة وقسريَّة وقاسية وقهريَّة، وربما يكون من الكتَّاب الفلسطينيين القلائل الذين جعلوا من البيئة محور أعمالهم الأدبيَّة ومحور أحداثها بهذا الشكل وهذا الوضوح؛ فكانت الفاعل الرئيس والمحرك الأساسي والمهم في أحداث مجموعته القصصيَّة. لقد تعرَّضت البيئة الفلسطينيَّة، بفعل المرتكزات الثلاثة المذكورة آنفًا، لتغييرات فظَّة ممنهجة من الاحتلال الإسرائيلي الذي بسط سيطرته، واستغلّ ما احتلّ، وتعامل بفوقيَّة مع الإنسان الفلسطيني صاحب الأرض فاعتدى عليها، وعبث بملامحها، وغيَّر تفاصيلها.

تظهر هذه التغييرات بأشكال عديدة في هذه القصص الخمسة من هدم لبيوت الفلسطينيين الذين هُجّروا من أرضهم وتغيير معالم بيوتهم، أو اقتلاع أشجارهم وسرقتها، أو إقامة منشآت حكوميَّة احتلاليَّة حيويَّة في أراضي الفلسطينيين المسروقة منهم، أو إلحاق الطبيعة الفلسطينيَّة بـ”الأرض الموعودة” وتحويلها إلى محميّات طبيعيَّة وحدائق توراتيَّة وحدائق حيوانات عامة تحرّم على أصحابها الدّخول إليها أو الاستفادة منها، وكذا السّيطرة على عيونها العذبة وينابيعها المُهمّة، أو السيطرة على مقامات الأنبياء والأولياء وأضرحتهم وبناء مستوطنات حولها مستندين إلى ادّعاءات توراتيه لا صحة لها ولا اكتشافات أثريَّة حفريَّة تؤيّدها، أو استجلاب الاحتلال لسكانٍ غرباء عن هذه الأرض وإحلالهم مكان أصحابها الفلسطينيين الأصليين عابثين بطبيعة الديمغرافيا السكانيَّة، أو استجلاب الخنازير البريَّة وإطلاقها في محاصيل الفلسطينيّين ومزورعاتهم وخصوصًا شجر الزيتون، إلى جانب فتح المياه العادمة عليها للقضاء على اقتصادهم الزراعي وإلحاقهم باقتصاد الاحتلال، أو بناء جدار فصل عنصري قضى على التواصل الجغرافي، وأخلَّ بالتوازن البيئي حوله مؤثرًا في حركة الإنسان والحيوان معًا، أو إنشاء طرق التفافيَّة قضمت الأراضي ومنعت الاستفادة ما حوّلها بناءً وزراعةً بحجج أمنيَّة واهية، أو تغيير أسماء الأماكن والمواقع الفلسطينيَّة وعبرنتها لمحوها من ذاكرة الفلسطينيين، أو السيطرة على المعالم الدينيَّة البارزة وتحويل بعضها إلى ملاهٍ ومآذنها لأبراج إلى أبراج لتربية الحمام.

الهوامش

[1] – أستاذ مساعد في اللغويّات بدائرة اللغة العربيّة في كلّيّة الآداب، جامعة بيت لحم – فلسطين.

([1]) يعدُّ مصطلح “ما بعد الحداثة” من المصطلحات المهمّة التي “شاعت وسادت منذ الخمسينيّات الميلادية، ولم يهتد أحد بعد إلى تحديد مصدره؛ فهناك من يعيد المفردة إلى المؤرخ البريطاني آرنولد توينبي في العام 1954م.، وهناك من يربطها بالشاعر والنَّاقد الأمريكي تشارلس أولسون في الخمسينيّات الميلاديّة، وهناك من يحيلها إلى ناقد الثقافة ليزلي فيدلر ويحدّد زمانها في العام 1965م. على أنَّ البحث عن أصول المفردة أفضى إلى اكتشاف استخدامها قبل هذه التواريخ بكثير، كما في استخدام جون واتكنز تشابمان لمصطلح “الرسم ما بعد الحداثيّ” في عقد 1870م.، وظهور مصطلح “ما بعد الحداثة” عند رودلف بانفتر في العام 1917م؛ وربما تعود صعوبة التحديد هذه كونه مفهومًا نقديًّا وفكريًّا في آن فحركة “ما بعد الحداثة” حركة ناشطة فاعلة في الفضاءات الثقافيَّة الغربيَّة السياسيَّة، والاقتصاديَّة، والتعليميَّة، والاجتماعيَّة، والفلسفيَّة، والاخلاقيَّة، والنَّفسيَّة، والمعرفيَّة، والانثروبولوجيَّة، وغيرها كافّة”؛ لذا عدَّ حمداوي مصطلح “ما بعد الحداثة” من المصطلحات الأكثر التباسًا وإثارة في مرحلة ما بعد الحداثة نفسه؛ حيث اختلف حوله نقاد ودارسو “ما بعد الحداثة” نظرًا إلى تعدّد مفاهيمه ومدلولاته من ناقد إلى آخر، وتناقضت، وتعدّدت، وتداخلت تلك المفاهيم. انظر: البازعي، مسعد؛ والرويلي، ميجان: دليل الناقد الأدبي، ط3، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء – المغرب، 2002، ص223؛ وحمداوي، جميل: نظريات النَّقد الأدبي والبلاغة في مرحلة ما بعد الحداثة، كتاب إلكترونيّ من موقع إلكترونيّ https://tinyurl.com/w272ygz، د. ت، ص17.

([2]) الملجمي، علوي أحمد: “النقد الثقافي وسيميائيّات الثقافة المفهوم وآليّات المقاربة”، مجلّة ذخائر للعلوم الإنسانيّة، العدد الثاني، سنة 1439هـ/ 2017م، ص43.

([3]) يعود تاريخ النَّقد الأيكولوجيّ بوصفه عنوانًا لموضوع في مكتبة الكونجرس منذ عام 2002. انظر:

Buell, L., Heise, U. K. and Thornber, K., “Literature and Environment”, Annual Review of Environment and Resources, Issue 36, 2011, p. 433. Retrieved from: https://ssrn.com/abstract=1955082 or http://dx.doi.org/10.1146/annurev-environ-111109-144855 .

([4]) Tošić, J., “Ecocriticism: Interdisciplinary study of literature and environment”, Facta universitatis-series: Working and Living Environmental Protection, Issue 3 (1), 2006, p. 43.

([5]) Buell et. al., “Literature…”, p. 418.

([6]) جرارد، جرج: النَّقد البيئويّ، ترجمة: عزيز صبحي جابر، ط1، هيئة أبو ظبي للثقافة والتراث (كلمة)، أبو ظبي، 2009، ص11.

([7]) حمداوي: نظريات النَّقد الأدبي… ص297-299.

([8]) Garrard, G., Ecocriticism, (1st ed.) Routledge, London & New York, 2004, pp. 14-32.

([9]) Buell et. al., “Literature…”, p. 424.

([10]) بحسب مترجم الجزء الذي كتبه Westling في كتاب Nature in Literary and Cultural Studies: Transatlantic Conversations on Ecocriticism عبد الرحمن طعمة فإنَّ مفهوم “ما بعد الإنسان = Posthuman” “مفهوم خاص برز في أدب الخيال العلمي، والفنون المعاصرة، وعلوم التنبوء بالمستقبل على جهة العموم، وهو مفهوم يبحث في قضايا الأخلاق والعدالة واللغة، وإمكانية التواصل مع الأجناس المغايرة… إلخ. ويقع بهذا المضمون في صميم الأنظمة الاجتماعية بتنوعاتها وتداخلاتها البينية والبيوطيقا (الأخلاقيات البيولوجية) وما ينشأ عنها من فروع في البحث العلمي”. انظر حاشية الترجمة رقم 1 في: ويسلنج، ل.: “الأدب والبيئة ومسألة ما بعد الإنسان”. ترجمة: عبد الرحمن طعمة، مجلّة فصول، المجلد 26/ 2، العدد 102، سنة 2018، ص382.

([11]) Westling, L., “Literature, the environment, and the question of the posthuman” In Nature in Literary and Cultural Studies: Transatlantic Conversations on Ecocriticism, Edited by Catrin Gersdorf and Sylvia Mayer, Rodopi, New York, 2006, p. 25.

([12]) Moran, J., Interdisciplinarity, Routledge, London & New York, 2002, p. 171.

([13]) الربيعي، نجود: “تتساقط الغزلان كالذباب؛ قراءة لقصة الغزلان على ضوء النقد البيئي”، مجلة ذوات، عدد 60، سنة 2020، ص147. موقع إلكتروني https://tinyurl.com/vrppb9e

([14]) Westling, “Literature, the environment …”, p. 25.

([15]) Glotfelty, C., & Fromm, H., The Ecocriticism Reader Landmarks in Literary Ecology, University of Georgia Press, Athens-Georgia, 1996, p. xviii.

([16]) Tošić, “Ecocriticism: Interdisciplinary …”, p. 44.

([17]) يوب، محمد: “المنهج الإيكولوجي والمقاربة النَّقديَّة”، الرأي برس (موقع إلكتروني) 4/3/2016  https://tinyurl.com/untxn6v.

([18]) Dreese, D. N., Ecocriticism: creating self and place in environmental and American Indian literature, New York: Peter Lang, 2002, p. 4. & Garrard, Ecocriticism, p. 5.

([19]) Buell et. al., “Literature …”, p. 420.

([20]) حمداوي، نظريات النَّقد الأدبي … ص298.

([21]) السلطاني، إيمان مطر؛ والعلي، زياد طارق؛ والجنابيّ، رواء جليل: “نسق النسويَّة البيئيَّة في رواية حديقة حياة للطفيَّة الدليميّ”، مجلّة Route Educational & Social Science Journal، مجلّد 6، عدد 2، سنة 2019، ص631.

([22]) Atashi, L., “An Ecocritical Reading of Melville,s “Bartleby the Scrivener”, International Letters of Social and Humanistic Science, Vol. 73, 2016, p. 8, Retrieved from https://doi.org/10.18052/www.scipress.com/ILSHS.73.7

([23]) Moran, Interdisciplinarity, p. 171.

([24]) بدران، محمّد: “أهمّيَّة النَّقد الأدبيّ البيئيّ في الدِّراسات النَّقديَّة”، المؤتمر الدَّوليّ الرَّابع للغة العربيَّة، دبي، 2015، ص193، والربيعيّ: “تتساقط الغزلان كالذباب… ص146.

([25]) بدران، “أهمّيَّة النَّقد الأدبيّ…” ص193.

([26]) المصدر السابق، ص194.

([27]) حمداوي، جميل، نظريات النَّقد الأدبيّ… ص301.

([28]) Garrard, Ecocriticism, pp. 28-29.

([29]) Buell et. al., “Literature …”, 429.

([30]) Selden, R., Widdowson, P., & Brooker, Peter, A Reader’s Guide to Contemporary Literary Theory, (5th ed.), Pearson Education Limited, United Kingdom, 2005, p. 82.

([31]) Garrard, Ecocriticism, p. 3.

([32]) السلطانيّ وزملاؤها: “نسق النَّسويّة…”، ص626-652.

([33]) أشار Garrard لهذين المرتكزين في كتابه “النقد البيئويّ” تحت عنوان “المذهب النَّسويّ البيئويّ = Ecofeminism”. انظر:

Garrard, Ecocriticism, pp. 23-24.

([34]) أسامة العيسة من مواليد بيت لحم، له عديد المؤلَّفات الروائيَّة والقصصيَّة والمقاليَّة، فمن أعماله الروائيَّة: المسكوبيَّة (2010)، وقبلة بيت لحم الأخيرة (2013)، ومجانين بيت لحم (2014)، ووردة أريحا (2017)، وقط بئر السبع (2017)، وجسر على نهر الأردن (2018). ومن أعماله القصصيَّة: رسول الإله إلى الحبيبة (2017). حصل العيسة على المركز الأوّل في جائزة فلسطين للصحافة والإعلام، فئة القصّة الصحافيَّة العام 2011، وجائزة العودة التقديريَّة للتأريخ الشفويّ عن بحث حكايات من برّ القدس العام 2008. أمّا روايته (المسكوبيَّة) ففازت بالجائزة العربيَّة للإبداع الثقافيّ عن فئة الرواية (2013)، وفازت رواية (مجانين بيت لحم) بجائزة الشيخ زايد للكتاب عن فئة الآداب سنة 2015. حصل الباحث على هذه المعلومات من المؤلّف مباشرة.

([35]) صدرت الطبعة الأولى من هذه المجموعة عن دار الفسائل بالقدس سنة 2017. تتكوّن هذه المجموعة من 18 قصّة في 230 صفحة من القطع الصَّغير، وكانت قصّة “رسول الإله إلى الحبيبة” أطولها إذ امتدّت في 42 صفحة.

([36]) تقع لفتا في الشمال الغربيّ من القدس بنحو ميلين، تقع في نحو منتصف الطريق بين شعفاط ودير ياسين تقريبًا، بلغت مساحتها 8743 دونمًا وعدد سكانها 2550 نسمة سنة 1945، ويرجّح أنّها تقوم على قرية “نفتوح” وهو اسم لفتا الكنعانيّ بمعنى فتح العربيَّة، وسماها البيزنطيّون “نفتو”. انظر: الدباغ، مصطفى مراد: بلادنا فلسطين، دار الهدى، كفر قرع، 1991، ج8، قسم 2، ص102-103.

([37]) العيسة، أسامة: رسول الإله إلى الحبيبة، ط1، الفسائل، القدس، 2017، ص5.

([38]) المسكوبيَّة أو المجمّع الروسيّ في القدس، يقع هذا المبنى ضمن أرض مساحتها سبعين دونمًا، بين شارع يافا وشارع الأنبياء، على بعد مئات الأمتار من سور القدس، ليشكل جزءًا من مجمع روسيّ مبني على الطراز الكلاسيكيّ، شيّدته الجمعيّة الإمبراطوريّة الأرثوذكسيّة الفلسطينيّة في العام 1864، لخدمة الحجّاج الروس إلى الأرض المقدّسة. وضعت الشرطة البريطانيَّة يدها على المجمع الروسيّ فور احتلال القدس، وحوّلت نزل الرجال فيه إلى مقرّ لاستخباراتها، أمّا النزل الخاصّ بالنساء فحوّلته إلى سجن القدس المركزيّ، قبل أن يصبح متحفًا لتخليد ذكرى أعضاء التنظيمات في العام 1948، وقعت المسكوبيّة ضمن ما أصبح يعرف بالقدس الغربيَّة، واشترى الاحتلال الإسرائيليّ هذه المباني من الاتّحاد السوفياتيّ في العام 1964، في ما عرف وقتها بـ”صفقة البرتقال” إذ سَدَّدت إسرائيل الجزء الأكبر من الثمن بصفقات تصدير برتقال يافا إلى الاتّحاد السوفياتيّ في زمن البريطانيين تحوّل جزء من المبنى، ليكون مركزًا للشرطة وتوقيف المعتقلين المنتظرين للمحاكمة، وكان يعرف بالسجن المركزي. في العام 1967، وبعد الاحتلال الإسرائيلي للضِّفة الغربية، تحوّلت الدرة الروسية إلى مركز اعتقال وتحقيق، يضم عددًا من الزنازين الضيقة، التي يفصل بينها ممر صغير، وتستخدم للتحقيق مع الأسرى الفلسطينيين، وغالبيتهم من مدينة القدس. انظر: خاطر، ترنيم: “مبنى المسكوبية معلمٌ روسي حوّله الاحتلال إلى رمزٍ للوحشية”، (8/6/2018) موقع إلكتروني https://tinyurl.com/sj26dy9

([39])  سمَّى القاصُّ مجموعته القصصيَّة باسم هذه القصة تغليبًا، وهي أطول قصة في المجموعة، وتمتد في 40 صفحة.

([40]) “كيبوتس مغين” هو مقام الشيخ نوران، في خربة مَعين بمحاذاة تل جمة، وشمال تل الفارعة، كما يخبره الكتاب الَّذي معه عن أسماء الأماكن العربيَّة ونظيرتها العبريَّة. مغين كانت مستوطنة بيزنطيَّة متأخرة، وإسلاميَّة مُبكرة. المَقَام عبارة عن مبنى حجري، أمامه ساق شجرة ميتة، ويعلوه بُرْجٌ عسكري قديم. وراء الجدار الخلفي للمقام أشجار الصبّار، وحوله وعلى مساحات واسعة نبتت أزهار الربيع الملونة بكثافة، بالإضافة إلى مقبرة إسلاميَّة. لم يتبنَ اليهود الشيخ نوران، ولم يحولوه إلى قديس لهم، ولكن جعلوا المقام تحت سيطرتهم، وأبقوه بوصفه ثكنة رابط فيها الجَيْش المصريّ قبل دحره، في حرب 1948، ليذكّروا الأجيال الجديدة مِن أبناء الكيبوتس والنقب، والإسرائيليين عمومًا، والزوّار، بمآثر أجدادهم، وبعمليَّة (أساف) ضدّ الجَيْش المصريّ، خلال ما يسميها الإسرائيليون المرحلة الثالثة من حرب الاستقلال. قبر الشيخ نوران أقيم في أواخر القرن التاسع عشر في أعلى نقطة بالمنطقة مِن حِجَارَة خِربة بيزنطيَّة بالجوار. يشرف المقام على وادٍ قريب يحمل مياه جبل الخليل، وجبال النقب، ويصب في البحر الأبيض المتوسط، وفي كل منطقة يحمل اسمًا، مثل وادي غَزّة، ووادي الشلالة، ووادي الشريعة، كما هو الحال في المكان الَّذي يقف عليه الآن. كان هذا الوادي أيضًا موطنًا للذئاب والضِباع، وأنواع عديدة مِن الحيوانات، ويمتاز بغطائه النباتي الكثيف، وأشجاره مثل: الجميز، والكينا، والسرو، والأشجار الحرجيَّة، والأَثْل. انظر: العيسة، رسول الإله… ص64-67 بتصرف. رورو

([41]) بُني “حي رحافيا” على أرض مشتراة من بطريرك الروم الأرثوذكس في القدس من قبل شركة فلسطين لتطوير الأراضي  (PLDC)ضمن عمليَّة تسريب العقارات عام 1921 وانْتُهي من بناء أول منزل فيها الحي عام 1924، وأُعطِي الاسم التوراتي “رحافيا” وتعدّ أولى مناطق الاستيطان اليهوديّ في مدينة القدس. انظر:

Even-Or (Orenstein), S., “A Crown for Jerusalem”, JNF, 1996, Retrieve+d from https://www.jewishvirtuallibrary.org/rehavia-and-makor-haim.

([42]) طال التغيير البيئي للاحتلال أسماء الأماكن والمواقع الفلسطينيَّة فشكل بن غوريون، مؤسس دولة إسرائيل، لجنة لعبرنة أسمائها التي ناقشت 2500 اقتراح لإطلاق أسماء على المواقع، اختارت منها 503 أسماء، منها 175 اسمًا، هيَ ترجمة مِن العربيَّة إلى العبريَّة، و150 اسمًا اختيرت لقربها مِن اللفظ العربي، و50 اسمًا لشخصيات توراتيَّة، و30 اسمًا حُدِّث، و8 أسماء لم تتغير، و120 اسمًا تاريخيًا. انظر: العيسة، رسول الإله… ص64؛ وهي عملية ممنهجة مدروسة لمحو كل مسمَّى فلسطيني، أو تحريفه، أو تغييره.

([43]) قدَّم آثاريون غربيّون تصوّرات عمَّا كان عليه الهيكل على تلّة موريا، عندما بدؤوا عمليّات البحث الأثري الكبيرة والواسعة مستهدين بالعهد القديم كوثيقة تاريخيَّة، وكذلك مشاركة شخصيات توراتيَّة، مستدعاة من العهد القديم، في تأجيج الصراع حول هذا المكان المقدس كـ”النبيَّة خَلْدَة” التي كانت تتعبد في “جبل الهيكل” وتنبأت بـ”خراب الهيكل” وصار اسمها يتردّد في الحكومة، وفي التنظيمات المتطرفة، ومكاتب رؤساء الموساد، والشاباك، والشرطة، والمخابرات العسكريَّة؛ في استدعاء للرموز الدينيَّة لأغراض سياسيَّة والسيطرة على المسجد الأقصى المكان المحتل المقدس عند المسلمين قبل الفلسطينيين زاعمين أنَّه عندما بنى عمر بن الخطاب المسجد الأقْصَى، بناه مكان “الهيكل” المدمر، الَّذي تبنوا تقديسه؛ والحكومة الإسرائيليَّة والجماعات المتطرفة قررت الدخول إلى “جبل الهيكل” لاعتقادهم أنّه النقطة الأضعف، وهي المصلى المرْوانيّ، الَّذي يمكن الدخول إليه مما يعرف بالبوابة الثلاثيَّة في جداره الجنوبي؛ بوابة “النبيَّة خَلْدَة”. انظر: العيسة، رسول الإله… ص58 – 59 بتصرّف.

([44]) حسب العهد القديم، فإن إبراهيم، وبعد وفاة زوجته سارة، اشترى مغارة المكفيلة مِن عفرون بن صوحار الحثّي بأربعمائة شيقل كنعاني؛ وهو ما عدَّه المستوطنون اليهود، وهم يلوحون بالعهد القديم، أقدم صك ملكيَّة في التاريخ. قُسِّم المسجد بين المسلمين واليهود، ويُعِدُّ اليهود أن المسجد مبني على المغارة المشتراة واكتسبت قُدْسيتها من دفن سارة فيها أولاً، ثمّ باقي العائلة الإبراهيميَّة، وبالقرب مِن أضرحة سارة ورفقة ولائقة، وهي أضرحة وقبور أمويَّة ومملوكيَّة وفاطميَّة، يقدسها الفلسطينيون وسُفكت من أجله الكثير مِن الدماء، وأبرز مجزرة وقعت فيه تلك التي فعلها الإرهابي باروخ غولدشتاين يَوْم 25 شباط 1994، عندما فتح النار على المصلين فجرًا، فقتل نحو أربعين منهم؛ وقُسِّم الحرم الإبراهيم بعدها بين اليهود والفلسطينيين في زيارته في أوقات معينة خلال العام. انظر: العيسة، رسول الإله… ص62-63 بتصرف.

([45]) بُنيت مستوطنة (تكواع) في منطقة يعتقد المستوطنون أنَّ عاموس، وهو أحد شخوص العهد القديم، دُفن فيها، ويعدّونه نبيًّا، على الرُّغم مِن أن الكتاب المقدس يشير إلى أنَّ عاموس كان راعي غنم. انظر: العيسة، رسول الإله… ص56.

([46]) يُقدّس هذا الضَّريح من المسلمين والمسيحيين، الَّذين تبنّوا “راحيل” وأدخلوها في موروثهم الدّينيّ، على طريقة إعادة التدوير الدينيَّة، والثقافيَّة، والأسطوريَّة، التي تُعرف بها الأَرْض المُقدَّسة، ولم يكونوا يدركون أنَّهُ سيأتي يَوْمٌ تتحوّل فيه راحيل، إلى مثار خلاف سياسيّ يتّخذ شكلاً دمويًّا. وقد عملت الحكومات المتعاقبة منذ “توحيد القدس” وإعلانها عاصمة موحّدة لأبد الأبد، في حزيران 1967 وضمن خطّة مدروسة، للسيطرة عليه وتحويله إلى كنيس يهوديّ. انظر: العيسة، رسول الإله… ص61.

([47]) يعود تسميتها بالمسخوطة أو المخسوفة لاعتقاد شعبي يؤمن أنَّ بعض الصخور الصوَّانية في هذا المكان متحولة من أناس سخطهم الله بسبب تنظيف براز طفل برغيف خبز. انظر: العيسة، رسول الإله… ص109.

([48]) هو مسؤول الأمن في مستوطنة “هيدار بيتار”، طويل القامة، يضع على رأسه طاقيَّة المتدينين اليهود المعروفة بـ”الكيبا”. كان لئيمًا وعصبيًّا ومُستفزًا دائمًا، ولم يبال بقتل حلمي شوشة. وكان يتعامل مع العمّال الفلسطينيّين بغلظة شديدة، ويعيب على زملائه المستوطنين معاملتهم من دون خشونة. وكان يهدد الفلسطينيين، ويتوعدهم بالطرد تارة، وبارتكاب مجازر بحقهم مثلما فعل غولدشتاين في الحرم الإبراهيمي الشريف بمدينة الخليل. انظر: العيسة، رسول الإله… ص141+151 بتصرف.

([49]) يربط شارع 60 المستوطنات الإسرائيليَّة الرئيسة المتناثرة في الهضبة الفلسطينيَّة الوسطى ومستوطنة هيدار بيتار المقامة على أراضي قرية حوسان وقرى مجاورة: انظر: العيسة، رسول الإله… ص141.

المصادر والمراجع باللغة العربيَّة

البازعي، مسعد؛ والرويلي، ميجان (2002). دليل الناقد الأدبي. ط. 3. الدار البيضاء – المغرب: المركز الثقافي العربي. ص. 223.

بدران، م. (2015). “أهميَّة النَّقد الأدبيّ البيئيّ في الدِّراسات النَّقديَّة”. دبي: المؤتمر الدَّولي الرَّابع للغة العربيَّة. ص. 193-203.

الدباغ، مصطفى مراد (1991). بلادنا فلسطين. كفر قرع: دار الهدى. ج. 8. قسم 2. ص. 102-103.

جرارد، ج. (2009). النَّقد البيئويّ. ترجمة: عزيز صبحي جابر. ط. 1. أبو ظبي: هيئة أبو ظبي للثقافة والتراث (كلمة). ص. 11، 17، 13-20، 25-26، 51-52، 56، 66-67.

حمداوي، جميل (د. ت.). نظريّات النَّقد الأدبيّ والبلاغة في مرحلة ما بعد الحداثة. كتاب إلكترونيّ من موقع إلكترونيّ https://tinyurl.com/w272ygz ص. 269-302.

خاطر، ترنيم (8/6/2018). “مبنى المسكوبيّة معلمٌ روسيّ حوّله الاحتلال إلى رمزٍ للوحشيّة”. موقع إلكترونيّ https://tinyurl.com/sj26dy9

الربيعيّ، ن. (2020). “تتساقط الغزلان كالذباب؛ قراءة لقصّة الغزلان على ضوء النقد البيئيّ”. مجلّة ذوات. عدد 60. ص. 144-152. موقع إلكترونيّ https://tinyurl.com/vrppb9e

السلطانيّ، إ. ن مطر؛ والعليّ، زياد طارق؛ والجنابيّ، ورواء جليل (2019). “نسق النَّسويَّة البيئيَّة في رواية حديقة حياة للطفيَّة الدليميّ”. مجلّة Route Educational & Social Science Journal. مجلّد 6، عدد 2، ص. 626-652.

العيسة، أسامة (2017). رسول الإله إلى الحبيبة. ط. 1. القدس: الفسائل. ص. 5-23، 41-82، 105-115، 140-166، 202-212.

الملجميّ، ع. أ. (2017). “النقد الثقافيّ وسيميائيّات الثقافة المفهوم وآليّات المقاربة”. مجلّة ذخائر للعلوم الإنسانيّة. عدد 2. ص. 41-59.

ويسلنج، ل. (2018). “الأدب والبيئة ومسألة ما بعد الإنسان”. ترجمة: عبد الرحمن طعمة. مجلّة فصول. المجلّد 26/2. العدد 102. ص366-386.

يوب، محمّد (4/3/2016). “المنهج الإيكولوجيّ والمقاربة النَّقديَّة”. موقع إلكترونيّ https://tinyurl.com/untxn6v

المصادر والمراجع الأجنبيّة

Atashi, L. (2016). “An Ecocritical Reading of Melville, s “Bartleby the Scrivener”. International Letters of Social and Humanistic Science. Vol. 73. Pp. 7-16. Retrieved from https://doi.org/10.18052/www.scipress.com/ILSHS.73.7

Buell, L., Heise, U. K. and Thornber, K.  (2011). “Literature and Environment”. Annual Review of Environment and Resources. (36) Pp. 417-440. Retrieved from: https://ssrn.com/abstract=1955082 or http://dx.doi.org/10.1146/annurev-environ-111109-144855 

Dreese, D. N. (2002). Ecocriticism: creating self and place in environmental and American Indian literature. New York: Peter Lang. P. 4.

Even-Or (Orenstein), S. (1996). “A Crown for Jerusalem”. JNF, 1996. Retrieved from https://www.jewishvirtuallibrary.org/rehavia-and-makor-haim.

Garrard, G. (2004). Ecocriticism. (1st ed.). London & New York: Routledge. Pp. 3, 27-28, 136.

Glotfelty, C., & Fromm, H. (1996). The Ecocriticism Reader Landmarks in Literary Ecology. Athens-Georgia: University of Georgia Press. P. xviii.

Moran, J. (2002). Interdisciplinarity. London & New York: Routledge. P. 171.

Selden, R., Widdowson, P., & Brooker, Peter (2005). A Reader’s Guide to Contemporary Literary Theory. (5th ed.). United Kingdom: Pearson Education Limited. P. 82.

Tošić, J. (2006). “Ecocriticism: Interdisciplinary study of literature and environment”. Facta universitatis-series: Working and Living Environmental Protection. 3 (1). Pp. 43-50.

Westling, L. (2006). “Literature, the environment, and the question of the posthuman” In Nature in Literary and Cultural Studies: Transatlantic Conversations on Ecocriticism. Edited by Catrin Gersdorf and Sylvia Mayer. New York: Rodopi. Pp. 25-47.

 

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

free porn https://evvivaporno.com/ website