العلوم الإنسانيّة بين الماضي والمستقبل: قضايا وتحدّيات وآفاق

 

العلوم الإنسانيّة بين الماضي والمستقبل: قضايا وتحدّيات وآفاق

المقدمة

مع التقدم السّريع للعلوم والتكنولوجيا، تمرُّ العلوم الإنسانية اليوم  بأزمة واضحة. ويتَّهم البعض المشتغلين بالعُلوم الإنسانية بتمسُّكهم بالماضي وابتعادهم عن هواجس المستقبل. في حين يتمّ الحُكم على التخصصات الأخرى بأنَّها واقعيَّةٌ وعمليَّةٌ في آنٍ واحد، فضلًا عن أنَّها الأكثر اعتماداً في مجتمع يتَّسم اليوم بحجمٍ كبيرٍ من التغيرات الجذرية والإجراءات المعقّدة، ويتسم أيضًا بثورة معلوماتية.

يشير بعض مثقّفي عصرنا، أمثال رولان بارت، وكلود ليفي ستروس، وإدغار موران وغيرهم، إلى وفرة المعارف وضرورة ربطها فيما بينها، حيث قال إدجار موران: ” إنّ التفكير في عالم اليوم، لا يمكن عتقه من التأمل  في التاريخ العالمي”.

كي نخرج من التقوقع في “الحسابات التي تطمس الحقائق البشرية” وحتى لا نسرف في الانطواء ضمن الهويّات العرقية، فإنّ العلوم الإنسانية مدعوةٌ إلى التغلب على هذه الأزمة، ومواجهة المواقف الأكثر تعقيدًا.  كما أنّ ظهورَ أيديولوجيات جديدة، واختلاف تنظيم و توزيع القطاعات الاقتصادية والسياسية، واختفاء و / أو ولادة بعض التيارات الفكرية، بالإضافة إلى تغيُّر متطلِّبات الشباب وتوقعاتهم، وتبدل المهن، وأزمة سوق العمل، كل ذلك خلق تحدياتٍ حاسمةً تواجه العلوم الإنسانية اليوم، والتي تتطلب موقفاً ثابتاً يتماشى مع طموحات العصر واحتياجاته.

الإشكالية

يهدف هذا المؤتمر -المتعدّد الاختصاصات- إلى تسليط الضوء على الإمكانات المتصاعدة للعلوم الإنسانية وقدرتها على إعادة الاتصال بالماضي، ومواجهة مفارقات الحاضر والاستعداد للمستقبل.  لذلك، تتناول  العلوم الإنسانية أفكاراً وجوديةً حول القيم السائدة في مجتمعاتنا. ألا يحثنا التدهور  المتسارع للنزعة  الإنسانية على إعادة النظر في وضع العلوم الإنسانية التي من شأنها إعادة احياء ذاكرتنا الجماعية و تراثنا الفكري و رؤانا؟ ألا يبدو مجدياً أن نعيد النظر في مسارنا المعتم و أن نتوقف بشكل خاص عند تطور العلوم الإنسانية مع الوقت لتلبية تطلعات الإنسان الجديدة و التوفيق بين هذه المعارف؟

 

محاور المؤتمر

المحور الأول: العلوم الإنسانيّة ديوان الذاكرة الجماعيّة

• أهمية التاريخ في حفظ التراث وذاكرة الشّعوب والحضارات والأديان.
• التاريخ في الأدب المعاصر (يستوحي عددٌ كبيرٌ من الكتاب المعاصرين من التاريخ لاستشراف الحاضر، ولتحديد تصور أفضل للمستقبل).
• الشّخصيات التّاريخيّة في الآداب والفنون.
• مكانة علم الآثار على الصعيد الوطني والدّوليّ (علاقة علم الآثار بالمحيّط الاجتماعي والسياسي والاقتصادي / دور علم الآثار في تحديد الهويّة الوطنيّة).
• دور الأساطير في العلوم الإنسانيّة.
• الإرث الاجتماعي- الثقافي في علم النفس.

 

المحور الثاني: العلوم الإنسانيّة في مواجهة الحاضر

• الاقتراض اللغوي ودوره من منظور اجتماعي، ثقافي، حضاري…
• الانفتاح البشري على معظم اللغات الأممية.

– أثر العولمة في العلوم الإنسانيّة، (التّجديد الوثائقي في التّاريخ، والابتكارات في مجال علم الآثار والجغرافيا، وما إلى ذلك).

– التّاريخ والمنهجيّة الحديثة.

– نظرة العلوم الإنسانيّة تجاه المجتمع الحالي والفرد:

• الأدب والمجتمع.
• التحليل النفسي ودوره في المجتمع.
• التاريخ والكوسموبوليتية ومجتمع التعددية الثقافية.

–  علاقة العلوم الإنسانيّة بالعلوم الطبيعيّة (الكيمياء ، الجيومورفولوجيا ، الهندسة الوراثية والآثار…)

– الفلسفة في الأزمنة الراهنة.

 

المحور الثالث: تعزيز العلوم الإنسانيّة ومستقبلها

• الطرائق الحديثة في تدريس اللغات، والأدب، والتّاريخ والجغرافيّا، وعلم الآثار….
• مناهج جديدة للنقد الأدبي.
• العلوم الإنسانيّة ومتطلبات سوق العمل.
• العلوم الإنسانيّة واستشراف المستقبل.
• علم النفس ودوره في صياغة إنسان المستقبل.

الخلاصة

جمعت هذه الأبحاث التي تبنت، بطرق متعددة، علاقات بين اللغة (اللغات)، والفن (الفنون)، والرّسائل، والهوية (الهويات)، والتاريخ، والثقافة، والتّراث والأساطير ضمن تكوينات اجتماعيّة وتاريخيّة وجيوسياسيّة متعددة الأبعاد.

هذه المقالات هي استجابة لدعوة المساهمة في مؤتمر “العلوم الإنسانيّة بين الماضي والمستقبل: قضايا وتحديات وآفاق. “وكان الهدف العام لهذا المؤتمر متعدد التّخصصات، لجهة المحتوى على وجه الخصوص، “تسليط الضوء على القوة المتعالية للعلوم الإنسانيّة وقدرتها على إعادة الاتصال بالماضي، ومواجهة مفارقات الحاضر، والاستعداد للمستقبل، وإعادة النّظر في علاقتنا مع ذاكرتنا الجماعيّة، ومع تراثنا الثّقافي ومع حضارتنا”. “الأساطير التأسيسيّة “.

تستجيب المساهمات المقترحة والمحتفظ بها في هذا المجلد بشكل مناسب لمختلف محاور المشكلة العالميّة للمؤتمر، ما يجعل من الممكن فهرسة مكانة العلوم الإنسانيّة في مجتمع “يمر بأزمة” يتّسم اليوم بالتّعقيد، وبمدى التّغييرات. وذلك من خلال عدم تجانس عدد الطلاب وتطور توقعاتهم، من خلال غزو التكنولوجيا الرّقميّة، من خلال تحول المهن وسوق العمل بفضل/بسبب الاستخدام المتزايد للذكاء الاصطناعي والروبوتة، من خلال إعادة التنظيم، وإعادة توزيع القوى الاقتصادية والسياسيّة في الشمال كما في الجنوب، من خلال ظهور أيديولوجيات جديدة، من خلال اختفاء و/ أو ميلاد قوى معينة، وما إلى ذلك. يسلط هذا العمل الضوء أيضًا على التوترات وتأثيرات العولمة على العلوم الإنسانية، والتي تواجه تحديات كبيرة ويجب أن تواجه مطالب وتوقعات متعددة. يندرج هذا العمل ضمن ديناميكيّة البحث في مركز الأبحاث في كليّة الآداب والعلوم الإنسانية في الجامعة اللبنانية والمعهد الفرنسي للدّراسات الشّرقيّة. كفاعلين اجتماعيين ومدرسين وباحثين، فإن السؤال حول مستقبل العلوم الإنسانيّة والاجتماعيّة يعود إلينا باستمرار كسؤال حول دستور الإنسانيّة، وعن أنفسنا وعن مجتمعاتنا. تعدّ وجهات النّظر المعتمدة لتجميع الأبحاث (العلوم الإنسانيّة في مواجهة الأحداث الجارية؛ العلوم الإنسانية الضامنة للذاكرة الجماعية؛ تعزيز العلوم الإنسانيّة ومستقبلها) جزءًا من الأسئلة النظرية والمؤسسيّة المتعلقة بمجال واسع، ما يوفر أفقًا وسبل جديدة للتفكير والتدخل في سياقات متنوعة تمامًا. ستكون الأولوية حاليًا لإظهار الأهمية الاجتماعية والعلمية لهذه الأسئلة، وتوفير معايير مرجعية من حيث التوجهات النظرية وطرق البحث، وإعادة التفكير في الأنظمة المؤسسية والأكاديميّة والتعليمية، ومراجعة/ تحديث البرامج والمعايير، وإيجاد سبل للتدخل في تدريب المعلمين والطلبة في العلوم الإنسانية في ظل الثورة الرقمية التي نشهدها حاليًّا.

Colloque international pluridisciplinaire

Introduction

Avec le progrès effréné des sciences et de la technologie, les sciences humaines traversent “une crise”. Certains accusent les spécialistes en sciences humaines de s’accrocher au passé et de se détourner des préoccupations de l’avenir alors que d’autres disciplines sont jugées à la fois pragmatiques, pratiques et ainsi plus accréditées dans une société marquée aujourd’hui par l’ampleur des mutations, par la complexité et par le bombardement informationnel.                                          Les grands penseurs de l’époque tels que Roland Barthes, Claude Lévi-Strauss, Edgard Morin et bien d’autres ont souligné le débordement des connaissances, la pluralité des savoirs et leur nécessaire articulation : « La réflexion sur le monde d’aujourd’hui, dit Edgard Morin, ne peut s’émanciper d’une réflexion sur l’histoire universelle ». Loin de sombrer dans l’abîme de la pensée appauvrissante et déconstructive et pour sortir de l’enfermement dans « des calculs qui masquent les réalités humaines » et du recroquevillement sur des identités raciales, les sciences humaines sont appelées à surmonter « la crise » et à affronter les situations les plus complexes. En effet, l’émergence de nouvelles idéologies, la réorganisation et la redistribution du pouvoir économique et politique, la disparition et/ou la naissance de certaines puissances, l’hétérogénéité de la population estudiantine et l’évolution de leurs attentes, le marché du travail en crise, l’aménagement de l’espace, sont des défis cruciaux auxquelles les sciences humaines sont confrontées aujourd’hui et qui sollicitent une prise de position solide à la hauteur des ambitions et des exigences du siècle.

Problématique

Ce colloque pluridisciplinaire vise à mettre en exergue le pouvoir transcendantal des sciences humaines et leur capacité de renouer avec le passé, de faire face aux paradoxes du présent et de préparer l’avenir. Ainsi, entament-elles à cet égard des réflexions existentielles sur les valeurs en vogue dans nos sociétés. La décadence galopante de l’humanité ne devrait-elle pas nous inciter à revoir le statut des sciences humaines censées ressusciter notre mémoire collective, notre patrimoine culturel et nos mythes fondateurs ? Ne serait-il pas intéressant de réviser notre parcours sans repères et de nous attarder sur l’évolution des sciences humaines à travers le temps pour répondre aux nouvelles attentes de l’homme et réconcilier les savoirs ?

Axes du colloque 

Axe 1 : Les sciences humaines garantes de la mémoire collective 

-Le fonctionnement de la mémoire individuelle et collective dans la littérature.

-L’Histoire dans la littérature contemporaine : un grand nombre d’écrivains modernes réécrivent l’Histoire pour rétablir le présent et du coup pour mieux cerner l’avenir.

-Les grandes figures historiques dans les lettres et les arts.

-Le statut de l’archéologie aux échelles nationales et internationales.

-Les mythes en sciences humaines.

-L’héritage socioculturel en sciences humaines.

Axe 2 : Les sciences humaines confrontées à l’actualité :

-Les contacts des langues dans une perspective sociohistorique, sociolinguistique, socioculturel…

-La dénationalisation des langues.

-L’impact de la mondialisation sur les sciences humaines : le renouvellement documentaire en   histoire, les innovations dans le domaine de la géo-archéologie etc.

-Les regards des sciences humaines portés sur la société actuelle et sur l’individu :

-Littérature et société.

-Diagnostic de la société libanaise.

-Rôle de la psychologie dans la réparation individuelle et transgénérationnelle.

-Histoire, cosmopolitisme et multiculturalisme.

– Les réflexions sur le rapport des sciences humaines avec les sciences naturelles : le rapport de l’archéologie avec le génie génétique et les technologies du virtuel etc.

 

Axe 3 : La promotion des sciences humaines et leur avenir

-Les nouvelles méthodologies d’enseignement des lettres, des langues, de l’archéologie, de la géographie, de   la psychologie…

-Les nouvelles approches des critiques littéraires.

-L’employabilité en sciences humaines.

–L’aptitude des sciences humaines à prédire l’avenir.

-L’accompagnement psycho-social de l’individu du demain.

-Le devenir des sciences humaines dans un monde médiatisé.

Conclusion

Se trouvent ici réunis des textes, qui de multiples manières, construisent des relations entre langue(s), art(s), lettres, identité(s), H/histoire, culture et patrimoine au sein des configurations sociohistoriques et géopolitiques multidimensionnelles. Ceux-ci répondent à un appel à contribution, pour le colloque « Les Sciences Humaines entre le passé et l’avenir : Enjeux, Défis et Perspectives ». L’objectif global de ce colloque pluridisciplinaire était, en termes de contenu notamment,

« De mettre en exergue le pouvoir transcendantal des sciences humaines et leur capacité à renouer avec le passé, à faire face aux paradoxes du présent, à préparer l’avenir, et à reconsidérer notre rapport avec notre mémoire collective, avec notre patrimoine culturel et avec nos mythes fondateurs. »

Les contributions proposées et retenues dans ce volume répondent pertinemment aux divers axes de la problématique globale du colloque permettant ainsi d’indexer la place des sciences humaines dans une société « en crise » marquée aujourd’hui par la complexité, par l’ampleur des mutations, par l’hétérogénéité de la population estudiantine et par l’évolution de leurs attentes, par l’envahissement du numérique, par la transformation des métiers et du marché de travail grâce/à cause de l’usage accrue de l’intelligence artificielle et de la robotisation, par la réorganisation et la redistribution des pouvoirs économique et politique au Nord comme au Sud, par l’émergence de nouvelles idéologies, par la disparition et/ou naissance de certaines puissances, etc. Cet ouvrage souligne également les tensions et les impacts de la mondialisation sur les sciences humaines qui sont donc confrontées à d’importants défis et doivent faire face à des demandes ainsi qu’à des attentes multiples.

Ce travail s’inscrit dans la dynamique de recherche, de centre de recherche, à la faculté des lettres et des sciences humaines, de l’Université Libanaise. En tant qu’acteurs sociaux, enseignants et chercheurs, la question sur l’avenir des sciences humaines et sociales nous revient constamment comme une interrogation sur la constitution de l’humain, sur nous-mêmes et sur nos sociétés. Les perspectives adoptées pour le regroupement des contributions (Les sciences humaines confrontées à l’actualité ; Les sciences humaines garantes de la mémoire collective ; La promotion des sciences humaines et leur avenir) s’inscrivent dans des interrogations théoriques et institutionnelles relatives à un large champ, apportant de nouvelles pistes de réflexion et d’intervention dans des contextes assez divers. La priorité serait actuellement, de montrer la pertinence sociale et scientifique de ces questionnements, de fournir des repères en matière d’orientations théoriques et des méthodes de recherche, de repenser les dispositifs institutionnels, académiques et pédagogiques, de réviser/d’actualiser les programmes et les référentiels, et de trouver des pistes d’intervention en matière de formation des enseignants et des étudiants en sciences humaines au vu de la révolution numérique que nous sommes en train de vivre.

 

 

-أستاذ دكتور في الجامعة اللبنانية- كلّيّة الآداب والعلوم الإنسانيّة قسم اللغة الفرنسيّة-[1]

Professeur à l’Université Libanaise – Faculté des Arts et des Sciences Humaines, Département de Langue Française Email: dalia1081@yahoo.fr

– أستاذ دكتور في الجامعة اللبنانية- كلّيّة الآداب والعلوم الإنسانيّة قسم اللغة الفرنسيّة -[2]

Professeur à l’Université Libanaise – Faculté des Arts et des Sciences Humaines, Département de Langue Française Email: Sanaa.hoteit@hotmail.fr

– أستاذ دكتور في الجامعة اللبنانية- كلّيّة الآداب والعلوم الإنسانيّة قسم الآثار[3]

Professeur à l’Université Libanaise – Faculté des Arts et des Sciences Humaines, Département d’Archéologie . Email: maha.elmasri@ul.edu.lb

– وسام خليل أستاذ محاضر ورئيس قسم الفنون والآثار سابقًا. في كلية الآداب والعلوم الإنسانية/الجامعة اللبنانية -[4]

lecturer and former head of the Department of Arts and Archeology. At the Faculty of Arts and Human Sciences – Lebanese University. Email: wissam.khalil@ul.edu.lb